لسان العرب

ح: قَالَ الْخَلِيلُ: الْحَاءُ حَرْفٌ مَخْرَجُهُ مِنَ الْحَلْقِ، وَلَوْلَا بُحَّةٌ فِيهِ لأَشبه الْعَيْنَ، وَقَالَ: وَبَعْدَ الْحَاءِ الْهَاءُ وَلَمْ يأْتَلفا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَصلية الْحُرُوفِ، وَقَبُحَ ذَلِكَ عَلَى أَلسنة الْعَرَبِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا، لأَن الْحَاءَ فِي الْحَلْقِ بِلِزْقِ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْحَاءُ وَالْهَاءُ، وَلَكِنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَتَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مَعْنًى عَلَى حِدَةٍ؛ كَقَوْلِ لَبِيدٍ:
يَتمادَى فِي الَّذِي قلتُ لَهُ، ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي: حَيَّ هَلْ
وَكَقَوْلِ الْآخَرِ: هَيْهَاهُ وحَيَهلَه، وإِنما جَمَعَهَا مِنْ كَلِمَتَيْنِ: حَيَّ كَلِمَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَمَعْنَاهُ هلمَّ، وَهَلْ حِثِّيثَى، فَجَعَلَهُمَا كَلِمَةً وَاحِدَةً؛ وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: إِذا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ، فحيَّهَلًا بعُمَرَ يَعْنِي إِذا ذُكِرُوا، فَأْتِ بِذِكْرِ عُمَرَ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الحَيْهَلَةُ شَجَرَةٌ، قَالَ: وسأَلنا أَبا خَيْرَةَ وأَبا الدُّقَيْشِ وعدَّةً مِنَ الأَعراب عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَصلًا ثَابِتًا نَطَقَ بِهِ الشُّعَرَاءُ، أَو رِوَايَةً مَنْسُوبَةً مَعْرُوفَةً، فَعَلِمْنَا أَنها كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ وُضِعَتْ للمُعاياةِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: حَيَّهَلا بَقْلَةٌ تُشْبِه الشُّكاعَى، يُقَالُ: هَذِهِ حَيَّهَلا، كَمَا تَرَى، لَا تُنَوَّنُ فِي حيَّ وَلَا فِي هَلَا، الْيَاءُ مِنْ حَيَّ شَدِيدَةٌ والأَلف مِنْ هَلَا مَنْقُوصَةٌ مِثْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قُلْتُ لِلْخَلِيلِ: مَا مِثْلُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ أَن يُجْمَعَ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ فَتَصِيرَ مِنْهُمَا كَلِمَةٌ؟ قَالَ: قَوْلُ الْعَرَبِ عَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ قَيْسٍ، عَبْدٌ كَلِمَةٌ وَشَمْسٌ كَلِمَةٌ؛ فَيَقُولُونَ: تَعَبْشَمَ الرَّجُلُ وتَعَبْقَسَ، وَرَجُلٌ عَبْشَمِيٌّ وعَبْقَسِيٌّ. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: لَمْ نَسْمَعْ بأَسماءِ بُنِيَتْ مِنْ أَفعال إِلَّا هَذِهِ الأَحرف: الْبَسْمَلَةُ وَالسَّبْحَلَةُ وَالْهَيْلَلَةُ وَالْحَوْقَلَةُ؛ أَراد أَنه يُقَالُ: بَسْمَلَ إِذا قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَحَوْقَلَ إِذا قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قوَّة إِلا بِاللَّهِ، وَحَمْدَلَ إِذا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وجَعْفَلَ جَعْفَلَةً مِنْ جُعِلْتُ فِدَاءَكَ، والحَيْعَلَةُ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَحرف أَعني حَمْدَلَ وجَعْفَلَ وحَيْعَلَ عَنْ غَيْرِ الْفَرَّاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فُلَانٌ يُبَرْقِل عَلَيْنَا، ودَعْنا مِنَ التَّبَرْقُلِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ وَلَا يَفْعَلَ، ويَعِدَ وَلَا يُنْجِز، أُخذ مِنَ البَرْقِ والقَوْل.

(2/403)


باب الهمزة
أحح: أَحّ: حِكَايَةً تَنَحْنَحَ أَو تَوَجَّعَ. وأَحَّ الرجلُ: رَدَّدَ التَّنَحْنُحَ فِي حَلْقِهِ، وَقِيلَ: كأَنه تَوَجُّعٌ مَعَ تَنَحْنُح. والأُحاحُ، بِالضَّمِّ: العَطَشُ. والأُحاحُ: اشْتِدَادُ الْحَرِّ، وَقِيلَ: اشْتِدَادُ الْحُزْنِ أَو العَطش. وَسَمِعْتُ لَهُ أُحاحاً وأَحِيحاً إِذا سَمِعْتُهُ يَتَوَجَّعُ مِنْ غَيْظٍ أَو حُزْنٍ؛ قَالَ:
يَطْوي الحَيازِيمَ عَلَى أُحاحِ
والأُحَّة: كالأُحاحِ. والأُحاحُ والأَحِيحُ والأَحِيحَةُ: الْغَيْظُ والضِّغْنُ وَحَرَارَةُ الْغَمِّ؛ وأَنشد:
طَعْناً شَفَى سَرائر الأُحاحِ
الْفَرَّاءُ: فِي صَدْرِهِ أُحاحٌ وأَحِيحَةٌ مِنَ الضِّغْن، وَكَذَلِكَ مِنَ الْغَيْظِ وَالْحِقْدِ، وَبِهِ سُمِّيَ أُحَيْحَةُ بْنُ الجُلاحِ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الأَوْسِ، مصغَّر. وأَحَّ الرجلُ يَؤُحُّ أَحّاً: سَعَلَ؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ رَجُلًا بَخِيلًا إِذا سُئِلَ تَنَحْنَحَ وسَعَلَ:
يَكادُ مِنْ تَنَحْنُحٍ وأَحِّ، ... يَحْكي سُعالَ النَّزِقِ الأَبَحِ
وأَحَّ القومُ يَئِحُّونَ أَحّاً إِذا سَمِعْتَ لَهُمْ حَفِيفًا عِنْدَ مَشْيِهِمْ، وَهَذَا شاذٌّ.
أزح: أَزَحَ يأْزِحُ أُزُوحاً وتَأَزَّحَ: تَباطَأَ وتَخَلَّف وتَقَبَّضَ وَدَنَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ؛ وأَنشد الأَزهري:
جَرَى ابنُ لَيْلى جَرْيَةَ السَّبُوحِ، ... جِرْيَةَ لَا كابٍ وَلَا أَزُوحِ
وَيُرْوَى: أَنُوحِ. وَرَجُلٌ أَزُوحٌ: مُتَقَبِّضٌ دَاخِلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. والأَزُوحُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يستأْخر عَنِ الْمَكَارِمِ، والأَنُوحُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَزُوحٌ أَنُوحٌ لَا يَهَشُّ إِلى النَّدَى، ... قَرى مَا قَرى للضّرْسِ بَيْنَ اللَّهازِم
الْجَوْهَرِيُّ: الأَزُوحُ الْمُتَخَلِّفُ. التَّهْذِيبُ: الأَزُوحُ الثَّقِيلُ الَّذِي يَزْحَرُ عِنْدَ الحمْل، وَقَالَ شَمِرٌ: الأَزوحُ كالمُتَقاعِس عَنِ الأَمر؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ أَكُ عِنْدَ مَحْمِلها أَزُوحاً، ... كَمَا يَتقاعَسُ الفَرَسُ الحَزَوَّرْ
يَصِفُ حِمالَةً احْتَمَلَهَا. الأَصمعي: أَزَحَ الإِنسانُ وَغَيْرُهُ يَأْزِحُ أُزُوحاً وأَرَزَ يَأْرِزُ أُرُوزاً إِذا تقبَّض وَدَنَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، وأَزَحَتْ قَدَمُه إِذا زلَّت، وَكَذَلِكَ أَزَحَتْ نعلُه؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
تَزِلُّ عَنِ الأَرضِ أَزْلامُه، ... كَمَا زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَه
أشح: التَّهْذِيبُ: أَبو عَدْنَانَ: أَشِحَ الرجلُ يَأْشَحُ، وَهُوَ رَجُلٌ أَشْحانُ أَي غَضْبَانُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ وأَظن قولَ الطِّرِمَّاح مِنْهُ:
عَلَى تُشْحَةٍ مِنْ ذائدٍ غيرِ واهِنِ
أَراد على أُشْحةٍ، فقلبت الْهَمْزَةَ تَاءً، كَمَا قِيلَ: تُراث وَوُرَّاثٌ، وتُكْلان وأُكْلان؛ وأَصله أُراث أَي عَلَى غَضَبٍ، مِنْ أَشِحَ يَأْشَحُ.
أفح: أَفِيحٌ، مَوْضِعٌ «2» قَرِيبٌ مِنْ بِلَادِ مَذْحِجٍ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِل:
وَقَدْ جَعَلْنَ أَفِيحاً عَنْ شَمائِلها، ... بانتْ مَناكِبُه عَنْهَا، وَلَمْ تَبِنِ
__________
(2) . قوله [أَفيح موضع] ضبطه المجد بوزن أمير وزبير.

(2/404)


أكح: الأَوْكَحُ: التُّرَابُ، عَلَى فَوْعَلٍ، عِنْدَ كُرَاعٍ، وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ أَفْعَل.
أمح: الأَزهري: قَالَ فِي النَّوَادِرِ: أَمَحَ الجُرْحُ يأْمِحُ أَمَحاناً ونَبَذَ وأَزَّ وذَرِبَ ونَتَعَ ونَبَغَ إِذا ضَرَب بوجع.
أنح: أَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنُوحاً: وَهُوَ مِثْلُ الزَّفِيرِ يَكُونُ مِنَ الْغَمِّ وَالْغَضَبِ والبِطْنَةِ والغَيْرَةِ، وَهُوَ أَنُوح؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
سَقَيْتُ بِهِ دارَها إِذْ نَأَتْ، ... وصَدَّقَتِ الخالَ فينَا الأَنُوحا
الْخَالُ: المتكبِّر. وَفَرَسٌ أَنُوحٌ إِذا جَرَى فَزَفَر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
جِرْيَةَ لَا كابٍ وَلَا أَنُوحِ
والأُنُوحُ: مِثْلُ النَّحِيطِ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ صَوْتٌ مَعَ تَنَحْنُح. وَرَجُلٌ أَنُوحٌ: كَثِيرُ التَّنَحْنُحِ. وأَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنوحاً إِذا تأَذَّى وزَحَر مِن ثقلٍ يَجِدُهُ مِن مَرَضٍ أَو بُهْرٍ، كأَنه يَتَنَحْنَحُ وَلَا يُبِينُ، فَهُوَ آنِحٌ. وَقَوْمٌ أُنَّحٌ مِثْلُ رَاكِعٍ ورُكَّع؛ قَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيُّ:
تَلاقَيْتُهُمْ يَوْماً عَلَى قَطَرِيَّةٍ، ... وللبُزْلِ، مِمَّا فِي الخُدورِ، أَنِيحُ
يَعْنِي مِنْ ثِقَلِ أَردافهن. والقَطَرِيَّة: يُرِيدُ بِهَا إِبلًا مَنْسُوبَةً إِلى قَطَرٍ، مَوْضِعٍ بِعَمَّانَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
يَمْشِي قَلِيلًا خَلْفَها ويَأْنِحُ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَطَرِيِّ بْنِ الفُجاءَة قَالَ يَصِفُ نِسْوَةً: ثِقَالُ الأَرداف قَدْ أَثقلت البُزْلَ فَلَهَا أَنِيحٌ فِي سَيْرِهَا؛ وَقَبْلَهُ:
ونِسْوَةِ شَحْشاحٍ غَيُورٍ نَهَبْنَه، ... عَلَى حَذَرٍ يَلْهُونَ، وَهْوَ مُشِيحُ
والشَّحْشاحُ والشَّحْشَحُ: الغَيُور. والمُشِيحُ: الجادُّ فِي أَمره، والحَذِرُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رأَى رَجُلًا يَأْنِحُ بِبَطْنِهِ
أَي يُقِلُّه مُثْقَلًا بِهِ مِنَ الأُنُوحِ، وَهُوَ صَوْتٌ يُسْمَعُ مِنَ الْجَوْفِ مَعَهُ نَفَسٌ وبُهْرٌ ونَهِيجٌ، يَعْتَري السمينَ مِنَ الرِّجَالِ. والآنِحُ، عَلَى مِثَالِ فاعِلٍ، والأَنُوحُ والأَنَّاحُ، هَذِهِ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: الَّذِي إِذا سُئل تَنَحْنَحَ بُخلًا، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَالْهَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ أَو بَدَلٌ، وَكَذَلِكَ الأُنَّحُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَزُّ المُحَيَّا أُنَّحٌ إِرْزَبُ
وَقَالَ آخَرُ:
أَراكَ قَصِيراً ثائِرَ الشَّعْرِ أُنَّحاً، ... بَعِيدًا عَنِ الخيراتِ والخُلُقِ الجَزْلِ
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةٍ أَزح: الأَزُوحُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يستأْخر عَنِ الْمَكَارِمِ، والأَنُوحُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد:
أَزُوحٌ أَنُوحٌ لَا يَهَشُّ إِلى النَّدَى، ... قَرى مَا قَرى للضّرْسِ بَيْنَ اللَّهازِمِ
أيح: أَيْحَى: كَلِمَةٌ «1» تُقَالُ لِلرَّامِي إِذا أَصاب، فإِذا أَخطأَ قِيلَ: بَرْحَى. الأَزهري فِي آخِرِ حَرْفِ الْحَاءِ فِي اللَّفِيفِ: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِبَيَاضِ الْبَيْضَةِ الَّتِي تؤْكل: الآحُ، وَلِصُفْرَتِهَا: الماحُ، والله أَعلم.