لسان العرب

فصل القاف
قتد: القَتادُ: شَجَرٌ شاكٍ صُلْب لَهُ سِنْفَة وجَنَاةٌ كَجَناة السَّمُر ينبُتُ بِنَجْد وتِهامَةَ، وَاحِدَتُهُ قَتادة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْقَتَادَةُ ذَاتُ شَوْك، قَالَ: وَلَا يُعَدُّ مِنْ العِضاهِ. وَقَالَ مَرَّةً: الْقَتَادُ شَجَرٌ لَهُ شَوْك أَمثالُ الإِبَر وَلَهُ وُرَيْقة غَبْرَاءُ وَثَمَرَةٌ تَنْبُتُ مَعَهَا غَبْرَاءُ كأَنها عَجْمة النَّوَى. والقتادُ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ، وَهُوَ الأَعظم. وَقَالَ عَنِ الأَعراب القُدُمِ: القَتادُ لَيْسَتْ بِالطَّوِيلَةِ تَكُونَ مِثْلَ قِعْدةِ الإِنسان لَهَا ثمرةٌ مِثْلُ التُّفَّاح. قَالَ وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: مِنَ الْعِضَاهِ القَتادُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: فأَما القَتادُ الضِّخامُ فإِنه يَخْرُجُ لَهُ خَشَبٌ عِظَامٌ وشَوكة حَجْنَاءُ قَصِيرَةٌ، وأَما الْقَتَادُ الْآخَرُ فإِنه يَنْبُتُ صُعُداً لَا يَنْفَرِشُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ قُضْبان مُجْتَمِعَةٌ كُلُّ قَضِيبٍ مِنْهَا ملآنُ مَا بينَ أَعلاه وأَسْفَلِه شَوْكاً. وَفِي الْمَثَلِ: مِنْ دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتادِ؛ وَهُوَ صِنْفَانِ: فالأَعظم هُوَ الشَّجَرُ الَّذِي لَهُ شَوْكٌ، والأَصغر هُوَ الَّذِي ثَمَرَتُهُ نَفَّاخَةٌ كَنَفَّاخَةِ العُشر. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِبل قَتادِيَّةٌ تأْكل القَتادَ. والتَّقْتِيدُ: أَن تَقْطع القَتادَ ثُمَّ تُحْرِقَ شَوْكَه ثُمَّ تَعْلِفَه الإِبل فَتَسْمَنَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْجَدْبِ؛ قَالَ:
يَا رَبُّ سَلّمني مِنَ التَّقْتِيدِ
قَالَ الأَزهري: والقتادُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ لَا تأْكله الإِبل إِلا فِي عَامِ جَدْبٍ فِيجِيءُ الرَّجُلُ وَيُضْرِمُ فِيهِ النَّارَ حَتَّى يَحْرِقَ شَوْكَهُ ثُمَّ يُرْعِيَهُ إِبله، وَيُسَمَّى ذَلِكَ التَّقْتِيدَ. وَقَدْ قُتِّدَ القَتادُ إِذا لُوِّحَتْ أَطرافُه بِالنَّارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ إِبله وسَقْيَه لِلنَّاسِ أَلبانَها فِي سنَةِ الْمَحْلِ:
وَتَرَى لَهَا زَمَنَ القَتادِ عَلَى الشَّرى ... رَخَماً، وَلَا يَحْيا لَها فُصُلُ
قَوْلُهُ: وَتَرَى لَهَا رخَماً عَلَى الشَّرى يَعْنِي الرَّغْوَة شبَّهها فِي بِيَاضِهَا بِالرَّخَمِ، وَهُوَ طَيْرٌ أَبيض، وَقَوْلُهُ: لَا يَحْيَا لَهَا فُصُلٌ لأَنه يُؤْثِرُ بأَلبانها أَضيافَه وَيَنْحَرُ فُصْلانها وَلَا يَقْتَنِيها إِلى أَن يَحْيا الناسُ. وقَتِدَتِ الإِبلُ قَتَداً، فَهِيَ قَتادَى وقَتِدَةٌ: اشْتَكَتْ بطونَها مِنْ أَكلِ القَتادِ كَمَا يُقَالُ رَمِثَةٌ وَرَماثى. والقَتَدُ والقِتْدُ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: خَشَبُ الرَّحْلِ، وَقِيلَ: القَتَدُ مِنْ أَدوات الرَّحْلِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ أَداتِه، وَالْجَمْعُ أَقْتادٌ وَأَقْتُدٌ وقُتود؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
قُطِرَتْ وأَدْرَجَها الوَجِيفُ، وضَمَّها ... شَدُّ النُّسُوعِ إِلى شُجُورِ الأَقْتُدِ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيرانَةٍ أُجُدِ
وَقَالَ الرَّاجِزِ:
كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا، ... أَقتادَ رَحْلِي أَو كُدُرّاً مُحْنِقا
وقُتائِدةُ: ثَنِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: اسْمُ عَقَبة؛ قَالَ عَبْدُ منافٍ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيِّ:
حَتَّى إِذا أَسْلَكُوهم فِي قُتائدةٍ ... شَلًّا، كَمَا تَطْرُدُ الجمَّالَةُ الشُّرُدا
أَي أَسلكوهم فِي طَرِيقٍ فِي قُتائدة. والشُّرُد: جَمْعُ شَرُودٍ مِثْلُ صَبُورٍ وصُبُرٍ. والشَّرَد، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ: جَمْعُ شَارِدٍ مِثْلُ خَادِمٍ وخَدَم. قَالَ: وَجَوَابُ إِذا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ شَلًّا كأَنه قَالَ شَلُّوهم شَلًّا، وَقِيلَ: قَتَائِدَةُ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ.

(3/342)


وتَقْتَدُ «1» : اسْمُ مَاءٍ، حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ بِالْقَافِ وَالْكَافِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ بَيْتُ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ، قَالَ:
تَذَكَّرَتْ تَقْتَدَ بَرْدَ مَائِهَا
وَقِيلَ: هِيَ رَكِيةٌ بِعَيْنِهَا، ونَصب بَرْدَ لأَنه جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ تَقْتَدَ.
قترد: قَتْرَد الرجلُ: كثُر لبَنُه وأَقِطُه. وَعَلَيْهِ قِتْرِدَةُ مالٍ أَي مالٌ كَثِيرٌ. والقِتْرِدُ: مَا تَرَك «2» القومُ فِي دَارِهِمْ مِنَ الوَبَرِ والشَّعَرِ والصوفِ. والقِتْرِدُ: الرَّدِيءُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَرَجُلٌ قِتْرِدٌ وقُتارِدٌ ومُقَتْرِدٌ: كَثِيرُ الغنمِ والسِّخالِ.
قثد: القَثَدُ: الْخِيَارُ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ القِثَّاءِ، وَاحِدَتُهُ قَثَدَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ القِثَّاء. التَّهْذِيبِ: القَثَدُ خِيَارُ باذْرَنْق؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ القِثَّاء المُدَوَّرُ؛ قَالَ خَصِيب الْهُذَلِيُّ:
تُدْعَى خُثَيْمُ بنُ عَمْروٍ فِي طوائِفِها، ... فِي كلِّ وجْهِ رَعِيلٍ ثُمَّ يُقْتَثَدُ
أَي يُقْطَع كَمَا يُقْطَعُ القَثَدُ وَهُوَ الْخِيَارُ، وَيُرْوَى يَفْتَنِدُ أَي يَفْنَى مِنَ الفَنَد وَهُوَ الْهَرَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يأْكل القِثَّاءِ أَو القَثَدَ بالمُجاجِ
؛ القَثَدُ، بِفَتْحَتَيْنِ: نَبْتٌ يُشْبِهِ القِثَّاء، والمُجاجُ: العسل.
قثرد: أَبو عَمْرٍو: القِثْرِدُ قُمَاشُ الْبَيْتِ؛ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: القِثْرِدُ والقُثارِدُ وَهُوَ الْقَرْنَشُوشُ؛ قاله ابن الأَعرابي.
قحد: القَحَدَةُ، بِالتَّحْرِيكَ: أَصل السَّنَامِ، وَالْجَمْعُ قِحادٌ مِثْلَ ثَمَرةٍ وثِمارٍ، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ المَأْنَتَيْنِ مِنْ شحْمِ السَّنامِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّنَامُ. وقَحَدَتِ الناقَةُ وأَقْحَدَتْ: صَارَتْ مِقْحاداً؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: صَارَتْ لَهَا قَحَدَة، وَقِيلَ: الإِقْحادُ أَن لَا يزالَ لَهَا قَحَدَةٌ وإِن هُزِلَتْ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَعْظُمَ قَحَدَتُها بَعْدَ الصِّغَرِ وَكُلُّ ذَلِكَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. وَنَاقَةٌ مِقْحاد: ضَخْمة القَحَدَة؛ قَالَ:
المُطْعِم القومِ الخِفافِ الأَزْواد، ... مِن كلِّ كَوْماءَ شَطُوطٍ مِقْحاد
الْجَوْهَرِيُّ: بَكْرَةٌ قَحْدَةٌ وأَصله قَحِدَةٌ فَسُكِّنَتْ؛ مِثْلَ عَشْرَة وعَشِرة. وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ: المِقْحادُ النَّاقَةُ العظيمةُ السَّنَامِ، وَيُقَالُ لِلسَّنَامِ القَحَدَة. والشَّطُوطُ: الْعَظِيمَةُ جَنَبَتَي السَّنَامِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: فَقُمْتُ إِلى بَكْرَةٍ قَحِدَةٍ أُريد أَن أُعَرْقِبها
؛ القَحِدَةُ: العَظيمة السَّنَامِ. وَيُقَالُ: بَكْرَةٌ قَحِدَة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، ثُمَّ تُسَكَّنُ تَخْفِيفًا كفَخِذ وفَخْذ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَعرابي: المَحْفِدُ أَصل السَّنَامِ، بِالْفَاءِ؛ وَعَنْ أَبي نَصْرٍ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: المَحْتِدُ والمَحْقِدُ والمَحْفِدُ والمَحْكِدُ كلُّه الأَصل، قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ فِي كِتَابِ أَبي تُرَابٍ الْمَحْقِدِ مَعَ الْمَحْتِدِ. شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والقَحَّادُ الرجلُ الفَرْدُ الَّذِي لَا أَخ لَهُ وَلَا وَلَدَ. يُقَالُ: وَاحِدٌ قاحِدٌ وصاخِدٌ وَهُوَ الصُّنْبُورُ. قَالَ الأَزهري: رَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ هَذَا الْحَرْفَ بِالْفَاءِ فَقَالَ: وَاحِدٌ فَاحِدٌ؛ قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وواحدٌ قاحِدٌ إِتباع. وَبَنُو قُحَادَة: بَطْنٌ، مِنْهُمْ أُم يزيدَ بنِ القُحادِيَّةِ أَحد فُرْسَانِ بَنِي يربوعٍ. والقَمَحْدُوَةُ، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ: مَا خَلْفَ الرأْسِ، وَالْجَمْعُ قَماحِدُ.
__________
(1) . قوله [تقتد] هو بهذا الضبط لياقوت ونسب للزمخشري ضم التاء الثانية
(2) . قوله [والقترد ما ترك إلخ] ذكره المؤلف هنا تبعاً للجوهري قال في القاموس والكل تصحيف والصواب بالثاء المثلثة كما صرح به أَبو عَمْرٍو وَابْنُ الأَعرابي وغيرهما.

(3/343)


قدد: القَدُّ: الْقَطْعُ المستأْصِلُ والشَّقُّ طُولًا. والانْقِدادُ: الِانْشِقَاقُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الْقَطْعُ الْمُسْتَطِيلُ، قَدَّه يَقُدُّه قَدَّا. والقَدُّ: مَصْدَرُ قَدَدْتُ السَّيْرَ وغيرَه أَقُدُّهُ قَدَّا. والقَدُّ: قَطْعُ الْجِلْدِ وشَقُّ الثَّوْبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وضربَه بِالسَّيْفِ فقَدَّه بِنِصْفَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ إِذا اعْتَلى قَدَّ وإِذا اعترَض قطَّ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ وَإِذَا تَقاصَر قَطَّ
أَي قَطَعَ طُولًا وَقَطَعَ عَرْضاً. واقْتَدَّه وقَدَّدَه، كَذَلِكَ، وَقَدِ انقدَّ وتقَدَّدَ. والقِدُّ: الشَّيْءُ المَقْدُودُ بِعَيْنِهِ. والقِدَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ. والقِدَّةُ: الفِرْقَةُ والطريقةُ مِنَ النَّاسِ مُشْتُقٌّ مِنْ ذَلِكَ إِذا كَانَ هوَى كلِّ واحِدٍ عَلَى حِدة. وَفِي التَّنْزِيلِ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
. وتَقَدَّدَ القومُ: تَفَرَّقوا قِدداً وَتَقَطَّعُوا. قَالَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ حِكَايَةً عَنِ الْجِنِّ: كُنَّا فِرَقاً مُخْتَلِفَةً أَهواؤنا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
، قَالَ: قِدَداً مُتَفَرِّقِينَ أَي كُنَّا جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِينَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: وأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ، هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
، وَقَالَ غَيْرُهُ: قِدَدًا جَمْعُ قِدّة مِثْلَ قِطَعٍ وقِطْعَةٍ. وَصَارَ الْقَوْمُ قِدَدًا: تفرَّقت حَالَاتُهُمْ وأَهواؤهم. والقدِيدُ: اللَّحْمُ المُقَدَّدُ. وَالْقَدِيدُ: مَا قُطِعَ مِنَ اللَّحْمِ وشُرِّرَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا قُطِعَ مِنْهُ طُوَالًا. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ: كَانَ يَتَزَوَّدُ قدِيدَ الظِّباءِ وَهُوَ مُحْرِم
، الْقَدِيدُ: اللَّحْمُ المَمْلُوحُ المُجَفَّف فِي الشَّمْسِ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والقدِيدُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ أَيضاً. والتَّقْدِيدُ: فِعْلُ القَدِيد. والقِدُّ: السَّيْرُ الَّذِي يُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ. والقِدُّ، بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعْقِ:
فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّياطِ، وكُنتُمُ ... يُصَبُّ عليكُمْ بالقَنا كلَّ مَرْبَعِ
فأَجابه بَعْضُ بَنِي أَسد:
أَعِبْتُمْ عَلَيْنَا أَن نُمَرِّنَ قِدَّنا؟ ... ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ
وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ. والقِدُّ: الْجِلْدُ أَيضاً تُخْصَفُ بِهِ النِّعالُ. والقِدُّ: سُيور تُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ فَطِيرٍ غيرِ مَدْبُوغٍ، فَتُشَدُّ بِهَا الأَقتاب وَالْمَحَامِلُ، والقِدَّةُ أَخص مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقابُ قَوْسِ أَحدِكم وَمَوْضِعُ قِدِّه فِي الْجَنَّةِ خيرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا
، القِدّ، بِالْكَسْرِ: السَّوط وَهُوَ فِي الأَصل سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، أَي قدْرُ سَوْطِ أَحَدِكم وقدرُ الْمَوْضِعِ الذِي يَسَعُ سوطَه مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا. والمِقَدَّةُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقَدُّ بِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ القِدُّ النعْلَ سُمِّيَتْ قِدّاً لأَنها تُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ، قَالَ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
كَسِبْتِ اليَماني قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّد
بِالْجِيمِ وقِدُّه بِالْقَافِ، وَقَالَ: القِدُّ النَّعْلُ لَمْ تُجَرَّدْ مِنَ الشَّعْرِ فَتَكُونَ أَليَن لَهُ، وَمَنْ رَوَى قَدّه لَمْ يُحَرَّد، أَراد مِثالَه لَمْ يُعَوَّجِ، وَالتَّحْرِيدُ: أَن تَجْعَلَ بَعْضَ السَّيْرِ عَرِيضًا وَبَعْضَهُ دَقِيقًا. وقَدَّ الكلامَ قَدًّا: قَطَعَهُ وَشَقَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرَةَ: نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ
أَي يُقْطَع ويُشَقَّ لِئَلًا يَعْقِرَ الحديدُ يَدَهُ، وَهُوَ شَبِيهُ نَهْيِهِ أَن يُتعاطَى السيفُ مَسْلُولًا. والقَدُّ: الْقَطْعُ طُولًا كَالشَّقِّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، يَوْمَ السَّقيفَةِ: الأَمر بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كَقَدِّ الأُبْلُمَة
أَي

(3/344)


كَشَقِّ الْخُوصَةِ نِصْفَيْنِ. واقَتَدَّ الأُمورَ: اشتقَّها وَمَيَّزَهَا وَتَدَبَّرَهَا، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وقَدَّ المُسافِرُ المفازَةَ وقَدَّ الفَلاةَ والليلَ قَدًّا: خَرَقهما وَقَطَعَهُمَا. وقَدَّتْه الطرِيقُ تَقُدُّه قَدًّا: قطعَتْه. والمَقَدُّ، بِالْفَتْحِ: القاعُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي. والمَقَدُّ: مَشْقُ القُبُلِ. والقَدُّ: القامةُ. والقَدُّ: قَدْرُ الشَّيْءِ وَتَقْطِيعُهُ، وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ وقُدُود، وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أُتِيَ بِالْعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيراً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَمِيصًا فَوَجَدُوا قميصَ عبدِ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُقَدَّدُ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ إِياه
أَي كَانَ الثوبُ عَلَى قَدْرِه وطولهِ. وَغُلَامٌ حسنُ القَدِّ أَي الِاعْتِدَالِ وَالْجِسْمِ. وَشَيْءٌ حسَن القَدِّ أَي حسنُ التَّقْطِيعِ. يُقَالُ: قُدَّ فلانٌ قَدَّ السَّيْفِ أَي جُعِلَ حسَنَ التَّقْطِيعِ، وَقَوْلُ النَّابِغَةُ:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ ... فِي المَجْدِ، لَيْسَ غُرابُها بِمُطارِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُمَا رَجُلَانِ مِنْ أَسد. والقَدُّ: جِلْدُ السَّخْلَةِ، وَقِيلَ: السخلةُ الماعِزةُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ المَسْكُ الصَّغِيرُ فَلَمْ يُعَيِّنِ السَّخْلَةَ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَقُدٌّ، وَالْكَثِيرُ قِدادٌ وأَقِدَّةٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة أَرسَلَت إِلى رسولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، بِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْن وقَدٍّ
، أَراد سِقاءً صَغِيرًا مُتَّخَذًا مِنْ جِلْدِ السَّخْلَةِ فِيهِ لَبن، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَانُوا يأْكلون القَدَّ
، يُرِيدُ جِلْدَ السخلةِ فِي الجَدْب. وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَجْعَلُ قدَّك إِلى أَدِيمِك أَي مَا يَجْعَلُ الشَّيْءَ الصَّغِيرَ إِلى الْكَبِيرِ، وَمَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ: أَي شَيْءٍ يَحْمِلُكَ عَلَى أَن تجعلَ أَمرَكَ الصَّغِيرَ عَظِيمًا، يُضْرَبُ «3» لِلرَّجُلِ يَتَعَدَّى طَوْرَه أَي مَا يَجْعَلُ مَسْكَ السَّخْلَةِ إِلى الأَديم وَهُوَ الْجِلْدُ الْكَامِلُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: القَدُّ هَاهُنَا الْجِلْدُ الصَّغِيرُ أَي مَا يَجْعَلُ الْكَبِيرَ مِثْلَ الصَّغِيرِ. وَفِي حَدِيثِ أُحد:
كَانَ أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القِدِّ
، إِن رُوِيَ بِالْكَسْرِ فَيُرِيدُ بِهِ وَتَرَ الْقَوْسِ، وإِن رُوِيَ بِالْفَتْحِ فَهُوَ المَدُّ وَالنَّزْعُ فِي الْقَوْسِ. وَمَا لَهُ قَدٌّ وَلَا قِحْفٌ، القَدُّ الجِلدُ والقِحْفُ الكِسْرَةُ مِنَ القَدَح، وَقِيلَ: القَدُّ إِناء مِنْ جُلُودٍ، والقِحْفُ إِناء مِنْ خَشَبٍ. والقُدادُ: الحَبْنُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، إِنا لَنَعْرِفُ الصِّلاءَ بالصِّناب والفَلائقَ والأَفْلاذَ والشِّهادَ بالقُدادِ
، والقُدادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ، وقَدْ قُدَّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي جَوَابٍ: رُبَّ آكلِ عَبِيطٍ سَيُقَدُّ عَلَيْهِ وشارِبِ صَفْوٍ سَيَغَصُّ بِهِ
، هُوَ مِنَ القُدادِ وَهُوَ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ، وَيَدْعُو الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ فِيقُولُ: حَبَناً قُداداً. والحَبَنُ: مَصْدَرُ الأَحْبَنِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ السِّقْيُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَعَلَهُ اللَّه حَبَناً وقُداداً
، والحَبَنُ: الِاسْتِسْقَاءُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مُتَقَدِّدَةٌ إِذا كَانَتْ بَيْنَ السِّمَن والهُزال، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سَمِينَةً فَخَفَّتْ، أَو كَانَتْ مَهْزُولَةً فابتدأَت فِي السِّمْنِ، يُقَالُ: كَانَتْ مَهْزُولَةً فتَقَدَّدَتْ أَي هُزِلَتْ بعضَ الْهُزَالِ. وَرُوِيَ عَنِ الأَوزاعي فِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: لَا يُقْسَمُ مِنَ الغنيمةِ للعبدِ وَلَا للأَجيرِ وَلَا للقَدِيدِيِّينَ
، فالقَدِيدِيون هُمْ تُبَّاعُ العسكرِ والصُّناعُ كالحدَّادِ والبَيْطارِ، مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ، صَانَهُ اللَّه تَعَالَى، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ، وَقِيلَ: هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وفتح الدال، كأَنهم لِخِسَّتِهِمْ يَكْتَسُونَ القَدِيدَ وَهُوَ مِسحٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ التَّقَدُّدِ والتفرُّقِ لأَنهم يَتَفَرَّقون فِي الْبِلَادِ لِلْحَاجَةِ
__________
(3) . قوله" يضرب إلخ" في مجمع الأمثال للميداني يضرب في أخطاء القياس.

(3/345)


وتَمزُّقِ ثِيَابِهِمْ وتصغيرُهُم تحقيرٌ لشأْنهم. ويُشتَمُ الرَّجُلُ فِيقَالُ لَهُ: يَا قَدِيدِيُّ وَيَا قُدَيْدِيُّ. والمَقَدُّ: المكانُ المستوِي. والقُدَيْدُ: مُسَيْحٌ صَغِيرٌ. والقُدَيْدُ: رَجُلٌ. والمِقْدَادُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ، يَا مِقْدادُ، زائِرُكُم، ... يَا وَيْلَ قَدٍّ عَلَى مَنْ تُغْلَقُ الدارُ!
أَراد بِقَوْلِهِ يَا وَيْلَ قَدٍّ: يَا وَيل مِقْدادٍ فَاقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ حُرُوفِهِ كَمَا قَالَ الحُطَيْئَةُ" مِنْ صُنْع سلَّامِ" وإِنما أَراد سُلَيْمَانُ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ الأَعشى:
إِلا كخارِجَةَ المُكَلِّفِ نفسَه
أَراد: كَخَيْرَجَانَ مَلِكِ فَارِسَ، فَسَمَّاهُ خَارِجَةَ. والقُدَيْدُ: اسْمُ مَاءٍ بِعَيْنِهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: وقُدَيْدٌ ماءٌ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ مُصَغَّرٌ وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: وقُدَيدٌ مَوْضِعٌ وَبَعْضُهُمْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ جَهْمَةَ اللَّيْثِيِّ وذُكِرَ قَيسُ بْنُ ذُرَيْح فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا مِنَّا وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونَ بمكة وذويها مِنْ قُدَيْد وسَرف وَحَوْلَ مَكَّةَ فِي بَوَادِيهَا كُلِّهَا. وقُدَيْدٌ: فَرَسُ عَبْس بنِ جَدَّانِ. وقُدْقُداء: مَوْضِعٌ، عَنِ الْفَارِسِيِّ، قَالَ:
عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ قُدْقُداءَ ومَوْرِدٍ
وَقَدْ تُفتح. وَذَهَبَتِ الْخَيْلُ بِقِدَّان، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. والقَيْدُودُ: النَّاقَةُ الطويلةُ الظَّهْرِ، يُقَالُ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ القَوْدِ مِثْلَ الكَيْنُونَةِ مِنَ الكَوْنِ، كأَنها فِي مِيزَانِ فَيْعُولٍ وَهِيَ فِي اللَّفْظِ فَعْلُولٌ، وإِحدى الدَّالَيْنِ مِنَ الْقَيْدُودِ زَائِدَةٌ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصحاب التَّصْرِيفِ: إِنما أَراد تَثْقِيلَ فَيْعُولٍ بِمَنْزِلَةِ حَيدٍ وحَيْدُوْدٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تُرِكَ عَلَى لَفْظِ كُوْنُونة فَلَمَّا قَبُحَ دُخُولُ الْوَاوَيْنِ والضماتِ حَوَّلُوا الْوَاوَ الأُولى يَاءً لِيُشَبِّهُوهَا بفَيْعُولٍ، ولأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِنَاءٌ عَلَى فُوعُولٍ حَتَّى إِنهم قَالُوا فِي إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوزاً فِرَارًا مِنَ الْوَاوِ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَنْ أَبي عَمْرٍو: المَقْدِيُّ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، ضَرْب مِنَ الشَّرَابِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ. قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ رَجاء بْنَ سلَمَة يَقُولُ: المَقَدِّيُّ طِلاءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بِمَا قُدّ بِنِصْفِينِ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الأَشربة: المَقَدِّيُّ هُوَ طِلَاءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نصفُه تَشْبِيهًا بِشَيْءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ، وقَدْ تُخَفَّفُ دَالُهُ. وَقَدْ، مُخَفَّفٌ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّوَقُّعُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ حَرْفٌ لَا يَدْخُلُ إِلَّا عَلَى الأَفعال، قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ جَوَابٌ لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ الْخَبَرَ أَو لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ شَيْئًا، تَقُولُ: قَدْ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ أَخبره وَهُوَ لَا يَنْتَظِرُهُ لَمْ يَقُلْ قَدْ مَاتَ وَلَكِنْ يَقُولُ مَاتَ فُلَانٌ، وَقِيلَ: هِيَ جَوَابُ قَوْلِكَ لَمَّا يَفْعَلْ فِيقُولُ قَدْ فعَل، قَالَ النَّابِغَةُ:
أَفِدَ التَّرَحُّلُ، غَيْرَ أَنَّ رِكابَنا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحالِنا، وكأَنْ قَدِ
أَي وكأَن قَدْ زَالَتْ فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ. التَّهْذِيبِ: وَقَدْ حَرْفٌ يوجَبُ بِهِ الشيءُ كَقَوْلِكَ قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَالْخَبَرُ أَن تَقُولَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَأُدْخِلَ قَدْ تَوْكِيدًا لِتَصْدِيقِ ذَلِكَ، قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ فِي مَوْضِعٍ تُشْبِهُ رُبَّمَا وَعِنْدَهَا تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكِّ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ والأَلف فِي الْفِعْلِ كَقَوْلِكَ، قَدْ يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ. وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْفِعْلُ الْمَاضِي لَا يَكُونُ حَالًا إِلا بِقَدْ مُظْهَرًا أَو مُضْمَرًا، وَذَلِكَ مِثْلُ قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ، لَا

(3/346)


تَكُونُ حَصِرَتْ حَالًا إِلا بإِضمار قَدْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً، الْمَعْنَى وَقَدْ كُنْتُمْ أَمواتاً وَلَوْلَا إِضمار قَدْ لَمْ يَجُزْ مِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ، أَلا تَرَى أَن قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ يُوسُفَ: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ، الْمَعْنَى فَقَدْ كَذَبَتْ. قَالَ الأَزهري: وأَما الْحَالُ فِي الْمُضَارِعِ فَهُوَ سَائِغٌ دُونَ قَدْ ظَاهِرًا أَو مُضْمَرًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ:
إِذا قِيلَ: مَهْلًا، قَالَ حاجِزُهُ: قَدِ
فَيَكُونُ جَوَابًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ وكأَنْ قَدِ، وَالْمَعْنَى أَي قَدْ قَطَعَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ قَدْك أَي حَسْبُك لأَنه قَدْ فَرَغَ مِمَّا أُريد مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لرَدْعِكَ وزَجْرِك، وَتَكُونُ قَدْ مَعَ الأَفعال الْآتِيَةِ بِمَنْزِلَةِ رُبَّمَا، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه، ... كأَنّ أَثوابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصادِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَبِيدِ بْنِ الأَبرص. وَتَكُونَ قَدْ مِثْلَ قَطْ بِمَنْزِلَةِ حَسْبُ، يَقُولُونَ: مَا لَكَ عِنْدِي إِلا هَذَا فَقَدْ أَي فَقَطْ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَزَعَمَ أَنه بَدَلٌ فَتَقُولُ قَدْيِ وَقَدْنِي، وأَنشد:
إِلى حَمامَتِنا ونِصْفُه فَقَدِ
وَالْقَوْلُ فِي قَدْني كَالْقَوْلِ فِي قَطْني، قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ قَدْكَ بِمَعْنَى حَسْبُكَ فَهُوَ اسْمٌ، تَقُولُ قَدِي وقَدْني أَيضاً، بِالنُّونِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَن هَذِهِ النُّونَ إِنما تُزادُ فِي الأَفعال وِقايةً لَهَا، مِثْلَ ضَرَبني وشَتَمَني، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ إِن النُّونَ فِي قَوْلِهِ قَدْني زِيدَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وجعَل نُونَ الوقايَةِ مَخْصُوصَةً بِالْفِعْلِ لَا غَيْرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وإِنما تُزَادُ وِقايَةً لِحَرَكَةٍ أَو سُكُونٍ فِي فِعْلٍ أَو حَرْفٍ كَقَوْلِكَ فِي مِنْ وعَنْ إِذا أَضفتهما إِلى نَفْسِكَ مِنِّي وعَنِّي فَزِدْتَ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى نُونُ مِنْ وَعَنْ عَلَى سُكُونِهَا، وَكَذَلِكَ فِي قَدْ وَقَطْ تَقُولُ قَدْنِي وَقَطْنِي فَتَزِيدُ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى الدَّالُ وَالطَّاءُ عَلَى سُكُونِهِمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ زَادُوهَا فِي لَيْتَ فَقَالُوا لَيْتَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ التَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي ضَرَبَ ضَرَبَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ الْبَاءِ عَلَى فَتْحَتِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي اضْرِبْ اضْرِبْنِي أَيضاً أَدخلوا نُونَ الْوِقَايَةِ عَلَيْهِ لِتَبْقَى الْبَاءُ عَلَى سُكُونِهَا، وأَراد حُمَيْدٌ بالخُبَيْبَينِ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وأَخاه مُصْعَبًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالشَّاهِدُ فِي الْبَيْتِ أَنه يُقَالُ قَدْني وقَدِي بِمَعْنًى، وأَما الأَصل قَدِي بِغَيْرِ نُونٍ، وَقَدْنِي بِالنُّونِ شاذٌّ أُلحقت النُّونُ فِيهِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ، قَالَ: فالأَمر فِيهِ بِعَكْسِ مَا قَالَ وأَن قَدْنِي هُوَ الأَصل وَقَدِي حُذِفَتِ النُّونُ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي صِفَةِ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ باللَّه مِنْهَا، فِيقَالُ: هَلِ امْتَلَأْتِ؟ فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى إِذا أُوعِبُوا فِيهَا قَالَتْ قَدْ قَدْ أَي حَسْبي حَسْبي، وَيُرْوَى بِالطَّاءِ بَدَلَ الدَّالِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ التَّلْبِيَةِ:
فَيَقُولُ قَدْ قَدْ
بِمَعْنَى حَسْبُ، وَتَكَرَارُهَا لتأْكيد الأَمر، وَيَقُولُ الْمُتَكَلِّمُ: قَدِي أَي حَسْبِي، والمخاطِب: قَدْكَ أَي حَسْبُكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: قَدْكَ يَا أَبا بَكْرٍ.
قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ بِمَنْزِلَةِ مَا فيُنفى بِهَا، سُمِعَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ يَقُولُ:
قَدْ كنتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه
وإِن جَعَلْتَ قَدْ اسْمًا شَدَّدْتَهُ فَتَقُولُ: كَتَبْتُ قَدّاً حَسَنَةً وَكَذَلِكَ كَيْ وَهُوَ وَلَوْ لأَن هَذِهِ الْحُرُوفَ لَا دَلِيلَ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا، فِيجِبُ أَن يُزَادَ فِي أَواخرها مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا ويُدْغَمَ، إِلا فِي الأَلف فإِنك

(3/347)


تَهْمِزُهَا وَلَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِلَا أَو مَا ثُمَّ زِدْتَ فِي آخِرِهِ أَلفاً هَمَزْتَ لأَنك تُحَرِّكُ الثَّانِيَةَ والأَلف إِذا تَحَرَّكَتْ صَارَتْ هَمْزَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَوْ سَمَّيْتَ بِقَدْ رَجُلًا لَقُلْتَ: هَذَا قَدٌّ، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْهُ إِنما يَكُونُ التَّضْعِيفُ فِي الْمُعْتَلِّ كَقَوْلِكَ فِي هُوَ اسمَ رَجُلٍ: هَذَا هُوٌّ، وَفِي لَوْ: هَذَا لَوٌّ، وَفِي فِي: هَذَا فِيٌّ، وأَما الصَّحِيحُ فَلَا يُضَعَّفُ فَتَقُولُ فِي قَدٍ: هَذَا قَدٌ ورأَيت قَداً وَمَرَرْتُ بِقَدٍ، كَمَا تَقُولُ: هَذِهِ يَدٌ ورأَيت يَداً ومررت بِيَدٍ.
قرد: القَرَدُ، بِالتَّحْرِيكَ: مَا تَمَعَّطَ مِنَ الوَبَرِ والصوفِ وتَلَبَّدَ، وَقِيلَ: هُوَ نُفايَةُ الصُّوفِ خاصَّةً ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْوَبَرِ وَالشَّعْرِ والكَتَّان، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أُسَيِّدُ ذُو خُرَيِّطَةٍ نَهاراً، ... مِنَ المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ
يَعْنِي بالأُسَيِّدِ هُنَا سُوَيْداءَ، وَقَالَ مِنَ المُتَلَقِّطي قَرَدَ القُمامِ لِيثْبِتَ أَنها امرأَة لأَنه لَا يَتَتَبَّعُ قَرَدَ القُمامِ إِلا النِّسَاءُ، وَهَذَا البيتُ مُضَمَّنٌ لأَن قَوْلَهُ أُسَيِّدٌ فَاعِلٌ بِمَا قَبْلَهُ، أَلا تَرَى أَن قَبْلَهُ:
سَيَأْتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي، ... ويُدْخِلُ رأْسَهُ تحتَ القِرامِ
أُسَيِّدُ. ........
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَلِكَ أَنه لَوْ قَالَ أُسَيِّدُ ذُو خُرَيِّطَةٍ نَهَارًا وَلَمْ يُتْبِعْهُ مَا بَعْدَهُ لَظُنَّ رَجُلًا فَكَانَ ذَلِكَ عَارًا بِالْفَرَزْدَقِ وَبِالنِّسَاءِ، أَعني أَن يُدْخِلَ رأْسَه تحتَ القِرامِ أَسودُ فَانْتَفَى مِنْ هَذَا وبَرّأَ النِّسَاءَ مِنْهُ بأَن قَالَ مِنَ المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ، وَاحِدَتُهُ قَرَدَة. وَفِي الْمَثَلِ: عَكَرَتْ عَلَى الغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فَلَمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً؛ وأَصله أَن تَتْرُكَ المرأَة الْغَزَلَ وَهِيَ تَجِدُ مَا تَغْزِلُ مِنْ قُطْنٍ أَو كَتَّانٍ أَو غَيْرِهِمَا حَتَّى إِذا فَاتَهَا تَتَبَّعَتِ القَرَدَ فِي القُماماتِ مُلْتَقِطَةً، وعَكَرَتْ أَي عَطَفَتْ. وقَرِدَ الشعرُ وَالصُّوفُ، بِالْكَسْرِ، يَقْرَدُ قَرَداً فَهُوَ قَرِدٌ، وتَقَرَّدَ: تَجَعَّدَ وانعَقَدَتْ أَطرافُه. وتَقَرَّدَ الشعرُ: تَجَمَّعَ. وقَرِدَ الأَدِيمُ: حَلِمَ. والقَرِدُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي تَرَاهُ فِي وجهِهِ شِبْهُ انعقادٍ فِي الوهمِ يُشَبَّه بالشَّعَرِ القَرِدِ الَّذِي انعَقَدَتْ أَطرافه. ابْنُ سِيدَهْ: والقَرِدُ مِنَ السَّحَابِ المتَعَقِّدُ المُتَلَبِّدُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ شُبِّهَ بالوبَرِ القَرِدِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا رأَيتَ السحابَ مُلتَبِداً وَلَمْ يَملاسَّ فَهُوَ القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ. وسحابٌ قَرِدٌ: وَهُوَ الْمُتَقَطِّعُ فِي أَقطار السَّمَاءِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ذُرِّي الدَّقيقَ وأَنا أُحَرِّكُ لكِ لِئَلَّا يَتَقَرَّد
أَي لِئَلَّا يَرْكَبَ بَعضُهُ بَعْضًا؛ وَفِيهِ:
أَنه صَلَّى إِلى بعِيرٍ مِنَ المَغْنَمِ فَلَمَّا انْفَتَلَ تَنَاوَلَ قَرَدَةً مِنْ وبرِ الْبَعِيرِ
أَي قِطْعَةً مِمَّا يُنْسَلُ مِنْهُ. والمُتَقَرِّدُ: هَناتٌ صغارٌ تَكُونُ دُونَ السَّحَابِ لَمْ تَلْتَئِمْ بَعْدُ. وَفَرَسٌ قَرِدُ الخَصِيلِ إِذا لَمْ يَكُنْ مُسْتَرْخِياً، وأَنشد:
قَرِد الخَصِيلِ وَفِي العِظامِ بَقِيَّةٌ
والقُرادُ: مَعْرُوفٌ وَاحِدُ القِرْدانِ. والقُرادُ: دُوَيبَّةٌ تَعَضُّ الإِبل؛ قَالَ:
لقدْ تَعَلَّلْتُ عَلَى أَيانِقِ ... صُهْبٍ، قَلِيلاتِ القُرادِ اللَّازِقِ
عَنَى بالقُراد هَاهُنَا الْجِنْسَ فَلِذَلِكَ أَفرد نَعْتَهَا وذكَّرَه. وَمَعْنَى قَلِيلات: أَنَّ جُلودَها مُلْسٌ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا قُرادٌ إِلا زَلِقَ لأَنها سِمانٌ مُمْتَلِئَةٌ، وَالْجَمْعُ أَقْردَة وقِرْدانٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

(3/348)


وأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرَزْدَقِ ناخِساً، ... وقُرْدُ اسْتِها بَعْدَ المنامِ يُثِيرُها
قُرْد فِيهِ: مُخَفَّفٌ مِنْ قُرُدٍ؛ جَمَعَ قُراداً جَمْعَ مِثالٍ وقَذالٍ لِاسْتَوَاءِ بِنَائِهِ مَعَ بِنَائِهِمَا. وبعيرٌ قَرِدٌ: كَثِيرُ القِرْدانِ؛ فأَما قَوْلُ مُبَشِّرُ بْنُ هُذَيْلِ بْنِ زَافِرٍ «4» الْفَزَارِيِّ:
أَرسَلْتُ فِيهَا قَرِداً لُكالِكَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَن القَرِدَ هَاهُنَا الكثيرُ القِرْدانِ. قَالَ: وأَما ثَعْلَبٌ فَقَالَ: هُوَ الْمُتَجَمِّعُ الشَّعْرِ، وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ لأَنه إِذا تَجَمَّعَ وَبَرُهُ كَثُرَتْ فِيهِ القِرْدانُ. وقَرَّده: انْتَزَعَ قِرْدانَه وَهَذَا فِيهِ مَعْنَى السَّلْبِ، وَتَقُولُ مِنْهُ: قَرِّدْ بعيركَ أَي انْزِعْ مِنْهُ القِرْدان. وقَرَّده: ذلَّله وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه إِذا قُرِّدَ سكَنَ لِذَلِكَ وذَلَّ، والتقريدُ: الخِداعُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَن الرَّجُلُ إِذا أَراد أَن يأْخذ الْبَعِيرَ الصَّعْبَ قَرَّده أَولًا كأَنه يَنْزعُ قِرْدانه؛ قَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ الْقَعْقَاعِ:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لَا أَلْسَ فِيهِمُ، ... وَهُمْ يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا
قَالَ ابْنَ الأَعرابي: يَقُولُ لَا يَسْتَنْبِذُ إِليهم «5» أَحد؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لَعَمْرُكَ مَا قُرادُ بَني كُلَيْبٍ، ... إِذا نُزِعَ القُرادُ، بِمُسْتَطاع
وَنَسَبَهُ الأَزهري للأَخطل. والقَرُودُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَا يَنْفِرُ عِنْدَ التَّقْرِيد. وقُرادا الثَّدْيَيْنِ: حَلَمتاهما؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَقِيلَ هُوَ لِمِلْحَةَ الجَرْمي:
كأَنَّ قُرادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُما، ... بِطِينٍ منَ الجَوْلانِ، كُتَّابُ أَعْجَمِ
إِذا شِئتَ أَن تَلْقى فَتى الباسِ والنَّدى، ... وَذَا الحَسَبِ الزَّاكِي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ
فَكُنْ عُمَراً تَأْتي، وَلَا تَعْدوَنَّه ... إِلى غيرِه، واسْتَخْبرِ الناسَ وافْهَمِ
وأُم القِرْدانِ: الموضع بلين الثُّنَّة وَالْحَافِرِ وأَنشد بَيْتَ مِلْحَةَ الْجَرْمِيِّ أَيضاً وَقَالَ: عَنَى بِهِ حَلَمَتي الثَّدْيِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنه لَحَسَنُ قُرادَيِ الصدرِ، وأَنشد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ وَنَسَبَهُ لِابْنِ مَيَّادَةَ يَمْدَحُ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: كُتَّابَ أَعجما؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْقَرَادَانِ مِنَ الرَّجُلِ أَسفل الثُّنْدُوَة. يُقَالُ: إِنهما مِنْهُ لَطِيفَانِ كأَنهما فِي صَدْرِهِ أَثر طِينِ خَاتَمٍ خَتَمَهُ بَعْضُ كتَّاب الْعَجَمِ، وَخَصَّهُمْ لأَنهم كَانُوا أَهل دَواوِينَ وَكِتَابَةٍ. وأُمُّ القِرْدانِ فِي فِرْسِن الْبَعِيرِ: بَيْنَ السُّلاميَاتِ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قُرادِ الزَّوْرِ الحَلَمةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْجِلْدِ الْمُخَالِفِ لِلَوْنِ الحَلَمة. وقُرادا الْفَرَسِ: حَلَمَتَانِ عَنْ جانِبَيْ إِحْلِيلِه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُقَرِّدُ فُلَانًا إِذا خَادَعَهُ مُتَلَطِّفًا؛ وأَصله الرَّجُلُ يَجِيءُ إِلى الإِبل لَيْلًا لِيَرْكَبَ مِنْهَا بَعِيرًا فِيخَافُ أَن يَرْغُوَ فَيَنْزِعُ مِنْهُ القُراد حَتَّى يستأْنس إِليه ثُمَّ يَخْطِمُه، وإِنما قِيلَ لِمَنْ يَذِلُّ قَدْ أُقْرِدَ لأَنه شُبِّهَ بِالْبَعِيرِ يُقَرَّدُ أَي يُنْزَعُ مِنْهُ الْقُرَادُ فَيَقْرَدُ لِخَاطِمِهِ وَلَا يُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمْ يَرَ بِتَقْريدِ المحرمِ البعيرَ بَأْساً
؛ التقريدُ نَزْعُ القِرْدانِ مِنَ الْبَعِيرِ، وَهُوَ الطَّبُّوعُ الَّذِي يَلْصَقُ بِجِسْمِهِ. وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
قَالَ لِعِكْرِمَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ: قُمْ فَقَرِّدْ هَذَا الْبَعِيرَ، فَقَالَ: إِني مُحْرِمٌ، فَقَالَ: قُمْ فَانْحَرْهُ فَنَحَرَهُ، فَقَالَ: كَمْ نَرَاكَ الْآنَ قَتَلْتَ مِنْ قُرادٍ وحَمْنانة؟
ابْنُ
__________
(4) . قوله [زافر] كذا في الأَصل بدون هاء تأنيث.
(5) . قوله [لا يستنبذ إليهم] كذا بالأصل بدون ضبط ولعل الأظهر لا يستذلهم

(3/349)


الأَعرابي: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سَكَتَ ذَلًّا وأَخْرَدَ إِذا سَكَتَ حَيَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِيَّاكُمْ والإِقْرادَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الإِقرادُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنْكُمْ أَميراً أَو عَامِلًا فيأْتيه المِسْكينُ والأَرملة فِيقُولُ لَهُمْ: مكانَكم، ويأْتيه «1» الشريفُ وَالْغَنِيُّ فَيُدْنِيهِ وَيَقُولُ: عَجِّلُوا قَضَاءَ حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُقْرِدين.
يُقَالُ: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سَكَتَ ذُلًّا، وأَصله أَن يَقَعَ الغُرابُ عَلَى الْبَعِيرِ فَيَلْتَقِطَ القِرْدانَ فَيَقِرَّ وَيَسْكُنَ لِمَا يَجِدُهُ مِنَ الرَّاحَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ لَنَا وحْشٌ فإِذا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَقرَدَ
أَي سكَنَ وذَلَّ. وأَقْرَدَ الرجلُ وقَرِدَ: ذَلَّ وخَضَع، وَقِيلَ: سَكَتَ عَنْ عِيٍّ. وأَقرَدَ أَي سَكَنَ وتَماوَت؛ وأَنشد الأَحمر:
تقولُ إِذا اقْلَوْلى عَلَيْهَا وأَقْرَدَتْ ... أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ يَذْكُرُ امرأَة إِذا عَلَاهَا الْفَحْلُ أَقرَدَتْ وَسَكَنَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَن يَكُونَ فِعْلُهُ دَائِمًا مُتَّصِلًا. والقَرَدُ: لَجْلَجَة فِي اللِّسَانِ؛ عَنِ الهَجَريّ، وَحُكِيَ: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لَوْلَا قَرَدٌ فِي لِسَانِكَ، وَهُوَ مِنْ هَذَا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يَسْكُتُ عَنْ بَعْضِ مَا يُريدُ الكلامَ بِهِ. أَبو سَعِيدٍ: القِرْديدَةُ صُلْبُ الْكَلَامِ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: اسْتَوْقَحَ الكلامُ فَلَمْ يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً مِنْهُ فركِبْتُه وَلَمْ أَزُغْ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا. وقرِدَت أَسنانُه قَرَداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ بالدُّرْدُر. وقَرِدَ العِلْكُ قَرَداً: فَسَد طعمُه. والقِرْد: مَعْرُوفٌ. وَالْجَمْعُ أَقرادٌ وأَقْرُد وقُرودٌ وقِرَدَةٌ كَثِيرَةٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ*
: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ خَاسِئِينَ خَبَرًا آخَرَ لِكُونُوا والأَوَّلُ قِرَدَةً، فَهُوَ كَقَوْلِكَ هَذَا حُلْو حَامِضٌ، وإِن جَعَلْتَهُ وَصْفًا لقِرَدَة صَغُرَ مَعْنَاهُ، أَلا تَرَى أَن القِرْد لذُّلِّه وصَغارِه خَاسِئٌ أَبداً، فَيَكُونُ إِذاً صِفَةً غَيْرَ مُفيدَة، وإِذا جَعَلْتَ خَاسِئِينَ خَبَرًا ثَانِيًا حَسُنَ وأَفاد حَتَّى كأَنه قَالَ كُونُوا قِرَدَةً كُونُوا خَاسِئِينَ، أَلا تَرَى أَن لأَحد الِاسْمَيْنِ مِنَ الِاخْتِصَاصِ بِالْخَبَرِيَّةِ مَا لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الصِّفَةُ بَعْدَ الْمَوْصُوفِ، إِنما اخْتِصَاصُ الْعَامِلِ بِالْمَوْصُوفِ ثُمَّ الصفةُ بَعْدُ تَابِعَةٌ لَهُ. قَالَ: وَلَسْتُ أَعني بِقَوْلِي كأَنه قَالَ كُونُوا قِرَدَةً كُونُوا خَاسِئِينَ أَن الْعَامِلَ فِي خَاسِئِينَ عَامِلٌ ثَانٍ غَيْرُ الأَوّل، مَعَاذَ اللَّهِ أَن أُريد ذَلِكَ إِنما هَذَا شَيْءٌ يُقَدَّر مَعَ الْبَدَلِ، فأَما فِي الْخَبَرَيْنِ فإِن الْعَامِلَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَامِلٌ لَمَا كَانَا خَبَرَيْنِ لِمُخْبَرٍ عَنْهُ وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَامِلٌ لَمَا كَانَا خَبَرَيْنِ لِمُخْبَرٍ عَنْهُ وَاحِدٍ، وإِنما مُفَادُ الْخَبَرِ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا؛ قَالَ: وَلِهَذَا كَانَ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ أَن الْعَائِدَ عَلَى المبتدإِ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا وإِنما أُريد أَنك مَتَى شِئْتَ بَاشَرْتَ كُونُوا أَيَّ الِاسْمَيْنِ آثَرْتَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصِّفَةُ، ويُؤْنِسُ لِذَلِكَ أَنه لَوْ كَانَتْ خَاسِئِينَ صِفَةً لِقِرَدَةٍ لَكَانَ الأَخلقُ أَن يَكُونَ قِرْدَةً خَاسِئَةً، فأَنْ لَمْ يُقْرأْ بِذَلِكَ البتةَ دلالةٌ عَلَى أَنه لَيْسَ بِوَصْفٍ وإِن كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ خَاسِئِينَ صِفَةً لِقِرَدَةٍ عَلَى الْمَعْنَى، إِذ كَانَ الْمَعْنَى إِنما هِيَ هُمْ فِي الْمَعْنَى إِلا أَن هَذَا إِنما هُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ بَلِ الْوَجْهُ أَن يَكُونَ وَصْفًا لَوْ كَانَ عَلَى اللَّفْظِ فَكَيْفَ وَقَدْ سَبَقَ ضَعْفُ الصِّفَةِ هُنَا؟ والأُنثى قِرْدَة وَالْجَمْعُ قِرَدٌ مِثْلُ قِرْبَةٍ وقِرَبٍ. والقَرَّادُ: سائِسُ القُرُودِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنه لأَزْنى مِنْ قِرْدٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُ
__________
(1) . قوله [مكانكم ويأتيه] كذا بالأَصل وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه ...

(3/350)


قِرْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وقَرَدَ لِعِيَالِهِ قَرْداً: جَمَعَ وكسَبَ. وقَرَدْتُ السَّمْنَ، بِالْفَتْحِ، فِي السِّقاءِ أَقْرِدُه قَرْداً: جَمَعْتُهُ. وقَرَدَ فِي السقاءِ قَرْداً: جَمَعَ السمْنَ فِيهِ أَو اللَّبن كَقَلَدَ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَعرفه وَلَمْ أَسمعه إِلا لأَبي عُبَيْدٍ. وَسَمَعَ ابْنُ الأَعرابي: قَلَدْتُ فِي السِّقَاءِ وقَرَيْتُ فِيهِ؛ والقَلْدُ: جَمْعُك الشَّيْءَ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ لبَن وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: جَاءَ بِالْحَدِيثِ عَلَى قَرْدَدِه وَعَلَى قَنَنِهِ وَعَلَى سَمْتِهِ إِذا جَاءَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ. والتِّقْرِدُ الكَرَوْيا، وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ الأَبزار، وَاحِدَتُهُا تِقْرِدَة. والقَرْدَدُ مِنَ الأَرض: قُرْنَةٌ إِلى جَنْبِ وَهْدة؛ وأَنشد:
مَتَّى مَا تَزُرْنا، آخِرَ الدَّهْرِ، تَلْقَنا ... بِقَرْقَرَةٍ مَلْساءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ
الأَصمعي: القَرْدَدُ نَحْوُ القُفِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ القُرْدودة مَا أَشرَف مِنْهَا وغلُظَ وَقَلَّمَا تَكُونُ القراديدُ إِلا فِي بَسْطَةٍ مِنَ الأَرض وَفِيمَا اتَّسَعَ مِنْهَا، فتَرى لَهَا مَتْنًا مُشْرِفًا عَلَيْهَا غَلِيظًا لَا يُنْبِتُ إِلا قَلِيلًا؛ قَالَ: وَيَكُونُ ظَهْرُهَا سِعَتُهُ دَعْوَةً «1» وبُعْدُها فِي الأَرض عُقْبَتَيْن وأَكثر وأَقل، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا حدَبٌ ظهرُها وأَسنادها. وَقَالَ شَمِرٌ: القُرْدُودة طَرِيقَةٌ مُنْقَادَةٌ كقُرْدُودةِ الظَّهْرِ. والقَرْدَدُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: وغلُظَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ دَالُهُ مُلْحِقة لَهُ بِجَعْفَرٍ وَلَيْسَ كَمَعدّ لأَن ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَعَلّ مِنْ أَول وَهْلَةٍ، وَلَوْ كَانَ قَرْدَدٌ كَمَعدّ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ الْمَثَلَانِ لأَن مَا أَصله الإِدغام لَا يُخَرَّجُ عَلَى الأَصل إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، قَالَ: وَجَمْعُ القَرْدَدِ قرادِدُ ظَهَرَتْ فِي الْجَمْعِ كَظُهُورِهَا فِي الْوَاحِدِ. قَالَ: وَقَدْ قَالُوا: قَراديدُ فأَدخلوا الْيَاءَ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. والقُرْدُودُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وَغَلُظَ مِثْلُ القَرْدَدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَعَلَى هَذَا لَا مَعْنَى لِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ إِن القَراديدَ جَمْعُ قَرْدَد. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القَرْدَد الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الْمُرْتَفِعُ وإِنما أُظْهِرَ التَّضْعِيفُ لأَنه مُلْحَق بِفَعْلَل والمُلْحَق لَا يُدْغم، وَالْجَمْعُ قَرادِدُ. قَالَ: وَقَدْ قَالُوا قَرَادِيدُ كَرَاهِيَةَ الدَّالَيْنِ. وفي الحديث:
لَجَؤوا إِلى قَرْدَدٍ
؛ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض كأَنهم تَحَصَّنُوا بِهِ. وَيُقَالُ للأَرض الْمُسْتَوِيَةِ أَيضاً: قَرْدد؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَسِّ الْجَارُودِ «2» . قطَعْتُ قَرْدَداً.
وقُرْدُودَةُ الثَّبَجِ: مَا أَشرَفَ مِنْهُ. وقُرْدُودَةُ الظَّهْرِ: مَا ارتَفَعَ مِنْ ثبَجِه. الأَصمعي: السِّيساءُ قُرْدودَةُ الظَّهْرِ. أَبو عمرو: السِّيساءُ مِنَ الفرَسِ الحارِكُ وَمِنَ الحمارِ الظَّهْرُ. أَبو زَيْدٍ: القِرْديدَةُ الْخَطُّ الَّذِي وسَطَ الظَّهْرِ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: القُرْدودَةُ هِيَ الْفِقَارَةُ نَفْسُهَا. وَقَالَ: تَمْضِي قُرْدُودَةُ الشتاءِ عَنَّا، وَهِيَ جَدْبَتُه وشِدَّتُه. وقُرْدودَةُ الظَّهْرِ: أَعلاهُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ. وأَخذه بِقَرْدَةِ عُنُقِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كَقَوْلِكَ بِصُوفِه، قَالَ: وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْكَبْنَ ثِنْيَ لاحِبٍ مَدْعُوقِ، ... نَابِي القَرادِيدِ مِنَ البُؤوقِ
القَراديدُ: جَمْعُ قُرْدُودَةٍ، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الناتئُ فِي وَسَطِهِ. التَّهْذِيبِ: القَرْدُ لُغَةٌ فِي الكَرْدِ، وَهُوَ الْعُنُقُ، وَهُوَ
__________
(1) . قوله [سعته دعوة] كذا بالأصل ولعله غلوة.
(2) . قوله [قس الجارود] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس قيس بن الجارود، بياء بعد القاف مع لفظ ابن وفي نسخة من النهاية قس والجارود

(3/351)


مَجْثَمُ الهامةِ عَلَى سالفةِ العُنُق؛ وأَنشد:
فَجَلَّلَه عَضْبَ الضَّريبةِ صارِماً، ... فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الضَّريبةِ والقَرْدِ
التَّهْذِيبِ: وأَنشد شَمِرٌ فِي القَرْدِ القصِير:
أَو هِقْلَةِ مِنْ نَعامِ الجوِّ عارَضَها ... قَرْدُ العِفاءِ، وَفِي يافُوخِه صَقَعُ
قَالَ: الصقَعُ القَرَعُ. والعِفاءُ: الرِّيشُ. والقَرْدُ: القصيرُ. وَبَنُو قَرَدٍ: قَوْمٌ مِنْ هُذَيْلٍ مِنْهُمْ أَبو ذُؤَيْبٍ. وذُو قَرَدٍ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ذِي قَرَد؛ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ: مَاءٌ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَيْبَرَ؛ وَمِنْهُ غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ وَيُقَالُ ذو القَرَد.
قرصد: التَّهْذِيبُ: ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ القَرْصَدُ القِصْرِيُّ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَفَهْ؛ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
قرمد: القَرْمَد: كُلُّ مَا طُلِيَ بِهِ؛ زَادَ الأَزهري: للزينة كالجَصِّ [كالجِصِ] والزعفرانِ. وَثَوْبٌ مُقَرْمَدٌ بالزعفرانِ وَالطِّيبِ أَي مَطْلِيٌّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ هَناً:
رَابِي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَد
وَذَكَرَ البُشتي أَن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ قَالَ لِشَيْخٍ مِنْ غَطَفان: صِفْ لِيَ النِّسَاءَ، فَقَالَ: خُذْها مَلِيسَةَ القَدَمَيْنِ مُقَرْمَدَةَ الرُّفْغَيْنِ؛ قَالَ الْبُشْتِيُّ: المُقَرْمَدَة الْمُجْتَمَعُ قَصَبها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ مَعْنَى الْمُقَرْمَدَةِ الرُّفَغَيْنِ الضَّيِّقَتُهما وَذَلِكَ لالتِفافِ فَخِذَيْها واكْتِنازِ بادَّيْها؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
رَابِي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَدِ
إِنه الضيِّقُ؛ وَقِيلَ: المطليُّ كَمَا يُطْلَى الْحَوْضُ بِالْقَرْمَدِ. ورُفْغا المرأَة: أُصول فَخِذَيْها. والقَرْمَدُ: الآجُرُّ، وَقِيلَ: القَرْمَدُ والقِرْمِيدُ حِجَارَةٌ لَهَا خُروقٌ يُوقَدُ عَلَيْهَا حَتَّى إِذا نَضِجَتْ بُنِيَ بِهَا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ رُومِيٌّ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ قَدِيمًا. وَقَدْ قُرمِدَ البِناءُ. قَالَ الْعَدَبَّسُ الْكِنَانِيُّ: القَرْمَدُ حِجَارَةٌ لَهَا نَخاريبُ، وَهِيَ خُرُوقٌ يُوقَدُ عَلَيْهَا حَتَّى إِذا نَضِجت قُرْمِدَتْ بِهَا الحِياض والبِرَك أَي طُلِيَتْ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ [بِالْعَبِيرِ مُقَرْمَدِ] قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ المُقَرْمَدُ الْمَطْلِيُّ بِالزَّعْفَرَانِ، وَقِيلَ: المُقَرْمَدُ المُضَيَّق، وَقِيلَ: الْمُقَرْمَدُ المُشَرَّف. وَحَوْضٌ مُقَرْمَد إِذا كَانَ ضَيِّقًا، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ أَيضاً وَقَالَ: أَي ضُيِّقَ بالمِسْك. وَبِنَاءٌ مُقَرْمَدٌ: مَبْنِيٌّ بالآجُرِّ أَو الْحِجَارَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
يَنْفي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَعِلُ
قَالَ: الْقَرَامِيدُ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ آجُرُّ الْحَمَّامَاتِ، وَقِيلَ: هِيَ بِالرُّومِيَّةِ قِرْمِيدى. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِطَوابيقِ الدارِ القَرامِيدُ، وَاحِدُهَا قِرْمِيدٌ. والقَرْمَدُ: الصخُورُ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:
حَرَجاً كَمِجْدَلِ هاجِرِيٍّ، لَزَّه ... تَذْوابُ طَبْخِ أَطِيمَةٍ لَا تَخْمُدُ
قُدِرَتْ عَلَى مِثْلٍ، فَهُنَّ تَوائِمٌ ... شَتَّى، يُلائِمُ بَيْنَهُنَّ القَرْمَدُ
قَالَ: القَرْمَدُ خَزَفٌ يُطْبَخُ. والحَرَجُ: الطَّوِيلَةُ. والأَطِيمَةُ: الأَتُّون وأَراد تَذْوابَ طَبْخِ الآجُرِّ. والقِرْمِيدُ: الأُرْوِيَّةُ. والقُرْمُودُ: ذَكَرَ الوُعُول. الأَزهري: القرامِيدُ والقراهِيدُ أَولادُ الوُعُول، وَاحِدُهَا قُرْمُودٌ؛ وأَنشد لِابْنِ الأَحمر:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجاءِ ذِي عَلَق ... يَنْفي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ

(3/352)


والقِرْمِيدُ: الآجُرُّ، وَالْجَمْعُ القَرامِيدُ. والقُرْمودُ: ضَرْب مِنْ ثَمَرِ العِضاه. التَّهْذِيبُ: وقُرْمُوطٌ وقُرْمُودٌ ثَمرُ الغَضا. وقَرْمَدَ الكِتابَ: لغة في قَرْمَطَه.
قرهد: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: اللَّيْثُ: القُرْهُدُ الناعمُ التارُّ الرَّخْصُ؛ قَالَ الأَزهري: إِنما هُوَ الفُرْهُدُ، بِالْفَاءِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَالْقَافُ، فِيهِ تَصْحِيفٌ: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً: القرامِيدُ والقراهِيدُ أَولاد الوُعول.
قسد: القِسْوَدُّ: الغليظُ الرقبةِ القويُّ؛ وأَنشد:
ضَخْمَ الذَّفارى قاسِياً قِسْوَدَّا
قشد: القِشْدَة، بِالْكَسْرِ: حَشِيشَةٌ كَثِيرَةُ اللبَن والإِهالَة. والقِشْدة: الزُّبْدَة الرَّقِيقَةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ ثُفْل السمْن، وَقِيلَ: هُوَ الثُّفْلُ الَّذِي يَبْقَى أَسفل الزُّبْدِ إِذا طُبِخَ مَعَ السَّوِيقِ لِيُتَّخَذَ سَمْنًا. وَاقْتَشَدَ السَّمْنَ: جَمَعَهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا طَلَعَتِ البَلْدَةُ أُكِلَتِ القِشْدة. قَالَ: وَتُسَمَّى القشدةُ الإِثْرَ والخُلاصةَ [الخِلاصةَ] والأُلاقَةَ، قَالَ: وَسُمِّيَتْ أُلاقَةً لأَنها تَلِيقُ بالقِدْر تَلْزَقُ بأَسفلها يصفَّى السَّمْنُ وَيَبْقَى الإِثر مَعَ شِعْرٍ وَعُودٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِن كَانَ، وَيَخْرُجُ السَّمْنُ صَافِيًا مُهَذَّبًا كأَنه الحَلُّ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ لِثُفْلِ السَّمْنِ: القِلْدَةُ والقِشْدَةُ والكُدادَةُ.
قصد: الْقَصْدُ: اسْتِقَامَةُ الطَّرِيقِ. قَصَد يَقْصِدُ قَصْدًا، فَهُوَ قاصِد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ
؛ أَي عَلَى اللَّهِ تَبْيِينُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ والدعاءُ إِليه بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ، وَمِنْهَا جَائِرٌ أَي وَمِنْهَا طَرِيقٌ غَيْرُ قَاصِدٍ. وطريقٌ قَاصِدٌ: سَهْلٌ مُسْتَقِيمٌ. وسَفَرٌ قاصدٌ: سَهْلٌ قَرِيبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَفَرًا قَاصِدًا أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قَالَ أَبو اللِّحَامِ التَّغْلِبِيُّ، وَيُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، والأَول الصَّحِيحُ:
عَلَى الحَكَمِ المأْتِيِّ، يَوْمًا إِذا قَضَى ... قَضِيَّتَه، أَن لَا يَجُورَ ويَقْصِدُ
قَالَ الأَخفش: أَراد وَيَنْبَغِي أَن يَقْصِدَ فَلَمَّا حَذَفَهُ وأَوقع يَقْصِدُ مَوْقِعَ يَنْبَغِي رَفَعَهُ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمَرْفُوعِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَفَعَهُ لِلْمُخَالَفَةِ لأَن مَعْنَاهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ فَخُولِفَ بَيْنَهُمَا فِي الإِعراب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ عَلَى الْحَكَمِ المرْضِيِّ بِحُكْمِهِ المأْتِيِّ إِليه لِيَحْكُمَ أَن لَا يَجُورَ فِي حُكْمِهِ بَلْ يَقْصِدُ أَي يَعْدِلُ، وَلِهَذَا رَفَعَهُ وَلَمْ يَنْصِبْهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَن لَا يَجُورَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لأَنه يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: عَلَيْهِ أَن لَا يَجُورَ وَعَلَيْهِ أَن لَا يَقْصِدَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ بَلِ الْمَعْنَى: وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يَقْصِدَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الأَمر أَي وَلْيَقْصِدْ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ؛ أَي لِيُرْضِعْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَصدَ القصدَ تَبْلُغُوا
أَي عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ مِنَ الأَمور فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَهُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ المؤَكد وَتَكْرَارُهُ للتأْكيد. وَفِي الحديث:
كان صلاتُه قَصْداً وخُطبته قَصْداً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ هَدْياً قَاصِدًا
أَي طَرِيقًا مُعْتَدِلًا. والقَصْدُ: الاعتمادُ والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ لَهُ وأَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، وَهُوَ قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وَكَوْنُهُ اسْمًا أَكثر فِي كَلَامِهِمْ. والقَصْدُ: إِتيان الشَّيْءِ. تَقُولُ: قصَدْتُه وقصدْتُ لَهُ وقصدْتُ إِليه بِمَعْنًى. وَقَدْ قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وَقَالَ:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ ... كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَصَدْتُ قَصْدَه: نَحَوْتُ نَحْوَهُ.

(3/353)


والقَصْد فِي الشَّيْءِ: خلافُ الإِفراطِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الإِسراف وَالتَّقْتِيرِ. وَالْقَصْدُ فِي الْمَعِيشَةِ: أَن لَا يُسْرِفَ وَلَا يُقَتِّر. يُقَالُ: فُلَانٌ مُقْتَصِدٌ فِي النَّفَقَةِ وَقَدِ اقْتَصَدَ. وَاقْتَصَدَ فُلَانٌ فِي أَمره أَي اسْتَقَامَ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
؛ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالسَّابِقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا عالَ مُقْتَصِدٌ وَلَا يَعِيلُ
أَي مَا افْتَقَرَ مَنْ لَا يُسْرِفُ فِي الإِنفاقِ وَلَا يُقَتِّرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ
وَاقْصِدْ بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ عَلَى نفسِك. وَقَصَدَ فُلَانٌ فِي مَشْيِهِ إِذا مَشَى مُسْتَوِيًا، وَرَجُلٌ قَصْد ومُقْتَصِد وَالْمَعْرُوفُ مُقَصَّدٌ: لَيْسَ بِالْجَسِيمِ وَلَا الضئِيل. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
الجُرَيْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَطوف بِالْبَيْتِ مَعَ أَبي الطُّفَيْلِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحد رأَى رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرِي، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ورأَيته؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَكَيْفَ كان صفته؟ قال: كَانَ أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً
؛ قَالَ: أَراد بِالْمُقَصَّدِ أَنه كَانَ رَبْعة بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ وَلَا ناقِص فَهُوَ قَصْد، وأَبو الطُّفَيْلِ هُوَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسقع. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقَصَّدُ مِنَ الرِّجَالِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَهُوَ الرَّبْعَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المقصَّد مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ بِجَسِيمٍ وَلَا قَصِيرٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا النَّعْتُ فِي غَيْرِ الرِّجَالِ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْمَقْصِدِ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ وَلَا جَسِيمٍ كأَنَّ خَلْقه يجيءُ بِهِ القَصْدُ مِنَ الأُمور والمعتدِلُ الَّذِي لَا يَمِيلُ إِلى أَحد طَرَفَيِ التَّفْرِيطِ والإِفراط. والقَصْدَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْعَظِيمَةُ الهامةِ الَّتِي لَا يَرَاهَا أَحد إِلَّا أَعجبته. والمَقْصَدَةُ: الَّتِي إِلى القِصَر. وَالْقَاصِدُ: الْقَرِيبُ؛ يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ لَيْلَةٌ قَاصِدَةٌ أَي هَيِّنَةُ السَّيْرِ لَا تَعَب وَلَا بُطء. والقَصِيدُ مِنَ الشِّعْر: مَا تمَّ شَطْرُ أَبياته، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَطْرَا بِنْيَتِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَمَالِهِ وَصِحَّةِ وَزْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كَانَ مَا قَصُر مِنْهُ وَاضْطَرَبَ بناؤُه نَحْوَ الرمَل والرجَز شِعْرًا مُرَادًا مَقْصُودًا، وَذَلِكَ أَن مَا تمَّ مِنَ الشِّعْر وَتَوَفَّرَ آثرُ عِنْدَهُمْ وأَشَدُّ تَقَدُّمًا فِي أَنفسهم مِمَّا قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا مَا طَالَ ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مَقْصُودًا، وإِن كَانَ الرَّمَلُ وَالرَّجَزُ أَيضاً مُرَادَيْنِ مَقْصُودَيْنِ، وَالْجَمْعُ قَصَائِدُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: قَصِيدَة. الْجَوْهَرِيُّ: القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدة كسَفِين جَمْعُ سَفِينَةٍ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ قصائدُ وقصِيدٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: فإِذا رأَيت الْقَصِيدَةَ الْوَاحِدَةَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْقَصِيدُ بِلَا هَاءٍ فإِنما ذَلِكَ لأَنه وُضِعَ عَلَى الْوَاحِدِ اسمُ جِنْسٍ اتِّسَاعًا، كَقَوْلِكَ: خَرَجْتُ فإِذا السَّبُعُ، وَقَتَلْتُ الْيَوْمَ الذِّئْبَ، وأَكلت الْخُبْزَ وَشَرِبْتُ الْمَاءَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ احْتَفَلَ لَهُ فَنَقَّحَهُ بِاللَّفْظِ الجيِّد وَالْمَعْنَى الْمُخْتَارِ، وأَصله مِنَ الْقَصِيدِ وَهُوَ الْمُخُّ السَّمِينُ الَّذِي يَتَقَصَّد أَي يَتَكَسَّرُ لِسِمَنِه، وَضِدُّهُ الرِّيرُ والرَّارُ وَهُوَ الْمُخُّ السَّائِلُ الذَّائِبُ الَّذِي يَمِيعُ كَالْمَاءِ وَلَا يتقصَّد، وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ السِّمَنَ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ فَتَقُولُ: هَذَا كَلَامٌ سَمِينٌ أَي جَيِّد. وَقَالُوا: شِعْرٌ قُصِّدَ إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ الشِّعْرُ التامُّ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ جَعَلَهُ مِنْ بَالِهِ فَقَصَدَ لَهُ قَصْداً وَلَمْ يَحْتَسِه حَسْياً عَلَى مَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ، بَلْ رَوَّى فِيهِ خَاطِرَهُ وَاجْتَهَدَ فِي تَجْوِيدِهِ وَلَمْ يقتَضِبْه اقْتِضَابًا فَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْقَصْدِ وَهُوَ الأَمُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لَهَا؟ ... زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لَهَا
أَراد قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:

(3/354)


يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابْنُ بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ مِنَ الْقَصِيدِ والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وَوَاصَلَ عَمَلَ الْقَصَائِدِ؛ قَالَ:
قَدْ وَرَدَتْ مِثلَ الْيَمَانِي الهَزْهاز، ... تَدْفَعُ عَنْ أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ عَلَى مُقْصِدِنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يُرَادُ بِهِ هاهنَا مُفَعِّل لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ، يَدُلُّ عَلَى أَنه لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مُحْسِن ومُجْمِل وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى تَكْثِيرٍ لأَنه لَا تَكْرِيرَ عَيَّنَ فِيهِ أَنه قَرَنَهُ بالرَّجَّاز وَهُوَ فعَّال، وفعَّال مَوْضُوعٌ لِلْكَثْرَةِ. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ الأَخفش: وَمِمَّا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الشِّعْرِ الْبَيْتَانِ المُوطَآن لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيْتٌ وَالْبَيْتَانِ المُوطَآن، وَلَيْسَتِ الْقَصِيدَةُ إِلا ثَلَاثَةُ أَبيات فَجَعَلَ الْقَصِيدَةَ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الأَخفش جَوَازٌ، وَذَلِكَ لِتَسْمِيَتِهِ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات قَصِيدَةً، قَالَ: وَالَّذِي فِي الْعَادَةِ أَن يُسَمَّى مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات أَو عَشَرَةٍ أَو خَمْسَةَ عَشَرَ قِطْعَةً، فأَما مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فإِنما تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ قَصِيدَةً. وَقَالَ الأَخفش: الْقَصِيدُ مِنَ الشِّعْرِ هُوَ الطَّوِيلُ وَالْبَسِيطُ التَّامُّ وَالْكَامِلُ التَّامُّ وَالْمَدِيدُ التَّامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ وَالرَّجَزُ التَّامُّ وَالْخَفِيفُ التَّامُّ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَغَنَّى بِهِ الرُّكْبَانُ، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ يَتَغَنَّوْنَ بِالْخَفِيفِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ الْمَدِيدُ التامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ يُرِيدُ أَتم مَا جَاءَ مِنْهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَعني الضَّرْبَيْنِ الأَوّلين مِنْهَا، فأَما أَن يَجِيئَا عَلَى أَصل وَضْعِهِمَا فِي دَائِرَتَيْهِمَا فَذَلِكَ مَرْفُوضٌ مُطَّرَحٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصل [ق ص د] وَمَوَاقِعُهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ والنهودُ والنهوضُ نَحْوَ الشَّيْءِ، عَلَى اعْتِدَالٍ كَانَ ذَلِكَ أَو جَوْر، هَذَا أَصله فِي الْحَقِيقَةِ وإِن كَانَ قَدْ يُخَصُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِقَصْدِ الِاسْتِقَامَةِ دُونَ الْمَيْلِ، أَلا تَرَى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ تَارَةً كَمَا تَقْصِدُ الْعَدْلَ أُخرى؟ فَالِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ شَامِلٌ لَهُمَا جَمِيعًا. والقَصْدُ: الْكَسْرُ فِي أَيّ وَجْهٍ كَانَ، تَقُولُ: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه، وَقِيلَ: هُوَ الْكَسْرُ بِالنِّصْفِ قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ عَلَى ثَفِناتِها ... عَلَى قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ
شَبَّهَ صَوْتَ النَّاقَةِ بِالْمَزَامِيرِ؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة مِنْهُ، وَالْجَمْعُ قِصَد. يُقَالُ: الْقَنَا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مَكْسُورٌ. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ: تَكَسَّرَتْ. ورُمْحٌ أَقصادٌ وَقَدِ انْقَصَدَ الرمحُ: انْكَسَرَ بِنِصْفَيْنِ حَتَّى يَبِينَ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ قِصْدة، وَرُمْحٌ قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشْتَقُّوا لَهُ فِعْلًا قَالُوا انْقَصَدَ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ قَصِدَ إِلا أَنَّ كُلَّ نَعْتٍ عَلَى فَعِلٍ لَا يَمْتَنِعُ صُدُورُهُ مِنِ انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِقَيْسِ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها ... تَذَرُّعُ خُرْصانٍ [خِرْصانٍ] بأَيدي الشَّواطِبِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا
يُرِيدُ أَمشي إِليهم عَلَى كِسَرِ الرِّماحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ المُداعَسَةُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّدَتْ
أَي تَكسَّرَت وَصَارَتْ قِصَداً أَي قِطَعًا. والقِصْدَةُ، بِالْكَسْرِ: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْكَسَرَ؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قَالَ الأَخفش: هَذَا أَحد مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ. وقَصَدَ لَهُ قِصْدَةً مِنْ عَظْم وَهِيَ الثُّلُثُ أَو الربُع مِنَ الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ. وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وَقَدِ

(3/355)


انقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ. والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، وَاحِدَتُهُ قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وهمْ تَرَكُوكمْ لَا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ ... هُزالًا، وَكَانَ العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: أَراد ذَا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ: المُخَّةُ إِذا خَرَجَتْ مِنَ الْعَظْمِ، وإِذا انْفَصَلَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا أَو خَرَجَتْ قِيلَ: انقَصَدَتْ. أَبو عُبَيْدَةَ: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وَهُوَ دُونَ السَّمِينِ وَفَوْقَ الْمَهْزُولِ. اللَّيْثُ: القَصِيدُ الْيَابِسُ مِنَ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَ أَبي زُبَيْدٍ:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحمَ ... قَصِيداً مِنْهُ وغَيرَ قَصِيدِ
وَقِيلَ: القَصِيدُ السَّمِينُ هَاهُنَا. وَسَنَامُ الْبَعِيرِ إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قَالَ الْمُثَقِّبُ:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابْنُ شُمَيْلٍ: القَصُودُ مِنَ الإِبل الجامِسُ المُخِّ، وَاسْمُ المُخِّ الجامِس قَصِيدٌ. وَنَاقَةٌ قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سَمِينَةٌ مُمْتَلِئَةٌ جَسِيمَةٌ بِهَا نِقْيٌ أَي مُخٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً، ... قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ الْيَابِسُ؛ قَالَ الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ الَّتِي قَدْ عَلِمْتُمُ، ... يَكُنْ زادُكُمْ فِيهَا قَصِيدُ الأَباعِرِ
والقَصَدَةُ: العُنُقُ، وَالْجَمْعُ أَقْصادٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ: وَهَذَا نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني أَن يَكُونَ أَفعالٌ جَمْعَ فَعَلَةٍ إِلا عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ وَالْمَعْرُوفُ القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: كُلُّ ذَلِكَ مَشْرَةُ العِضاهِ وَهِيَ بَراعيمُها وَمَا لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وَقَدْ أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصْدُ يَنْبُتُ فِي الْخَرِيفِ إِذا بَرَدَ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَلَا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا ... عَلَيْهَا ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
اللَّيْثُ: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تُخْرِجُ بَعْدَ الْقَيْظِ الْوَرَقَ فِي الْعِضَاهِ أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فَسَمَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَصَدة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القَصَدَةُ مِنْ كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ أَن يَظْهَرَ نَبَاتُهَا أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ. الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الْقَتْلُ عَلَى الْمَكَانِ، يُقَالُ: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مَكَانَهُ. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ مكانَه. وأَقْصَدَتْه حَيَّةٌ: قَتَلَتْهُ؛ قَالَ الأَخطل:
فإِن كنْتِ قَدْ أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي ... بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ وَلَا يَدري
أَي ولا يخْتُلُ [يخْتِلُ] . وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها
؛ أَقْصَدْتُ الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بِسَهْمٍ فَلَمْ تُخْطئْ مَقاتلَه فَهُوَ مُقْصَد؛ وَفِي شِعْرِ حميد ابن ثَوْرٍ:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا، ... إِنْ خَطَأً مِنْهَا وإِنْ تَعَمُّدا
والمُقْصَدُ: الَّذِي يَمْرَضُ ثُمَّ يَمُوتُ سَرِيعًا. وتَقَصَّدَ الكلبُ وَغَيْرُهُ أَي مَاتَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسابِ وضُرِّجَتْ ... بِدَمٍ، وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُحامُها

(3/356)


وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: الْعَصَا؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً ... رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه بِهَا يُقْصَدُ الإِنسانُ وَهِيَ تَهدِيهِ وتَؤُمُّه، كَقَوْلِ الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلادِ ... صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.
قعد: القُعُودُ: نقيضُ القيامِ. قَعَدَ يَقْعُدُ قُعوداً ومَقْعَداً أَي جَلَسَ، وأَقْعَدْتُه وقَعَدْتُ بِهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: قَعَدَ الإِنسانُ أَي قَامَ وَقَعَدَ جلَس، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والمَقْعَدَةُ: السافِلَةُ. والمَقْعَدُ والمَقْعَدَةُ: مَكَانُ القُعودِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: ارْزُنْ فِي مَقْعَدِكَ ومَقْعَدَتِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا: هُوَ مِنِّي مَقْعَدَ القابلةِ أَي فِي القربِ، وَذَلِكَ إِذا دَنَا فَلَزِقَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ، يُرِيدُ بِتِلْكَ المَنَزلة وَلَكِنَّهُ حَذَفَ وأَوصل كَمَا قَالُوا: دَخَلْتُ الْبَيْتَ أَي فِي الْبَيْتِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَرْفَعُهُ يَجْعَلُهُ هُوَ الأَول عَلَى قَوْلِهِمْ أَنت مِنِّي مَرأًى ومَسْمَعٌ. والقِعْدَةِ، بِالْكَسْرِ: الضَّرْبُ مِنَ القُعود كالجِلْسَة، وَبِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَهَا نَظَائِرُ وسيأْتي ذِكْرُهَا؛ الْيَزِيدِيُّ: قَعَد قَعْدَة وَاحِدَةً وَهُوَ حَسَنُ القِعْدة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُقْعَدَ عَلَى الْقَبْرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَراد القُعودَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَقِيلَ: أَراد الإِحْدادَ والحُزْن وَهُوَ أَن يُلَازِمَهُ وَلَا يَرْجِعَ عَنْهُ؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ احْتِرَامَ الميتِ وتهويِلَ الأَمرِ فِي القُعود عَلَيْهِ تَهَاوُنًا بالميتِ والمَوْتِ؛ وَرُوِيَ
أَنه رأَى رَجُلًا مُتَّكِئًا عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تؤْذِ صاحبَ الْقَبْرِ.
والمَقاعِدُ: موضِعُ قُعُودِ النَّاسِ فِي الأَسواق وَغَيْرِهَا. ابْنُ بُزُرج: أَقْعَدَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ كَمَا يُقَالُ أَقام؛ وأَنشد:
أَقْعَدَ حَتَّى لَمْ يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا؛ ... وَلَا غَداً، وَلَا الَّذِي يَلي غَدا
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا تَقَعَّدني عَنْ ذَلِكَ الأَمر إِلا شُغُلٌ أَي مَا حَبَسَنِي. وقِعْدَة الرَّجُلِ: مِقْدَارُ مَا أَخذ مِنَ الأَرض قُعُودُه. وعُمْقُ بِئرِنا قِعدَةٌ وقَعْدَة أَي قَدْرُ ذَلِكَ. وَمَرَرْتُ بماءٍ قِعْدَةَ رَجُلٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ قَالَ: وَالْجَرُّ الْوَجْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا حَفَرْتُ فِي الأَرض إِلا قِعْدَةً وقَعْدَة. وأَقْعَدَ البئرَ: حَفَرَهَا قَدْرَ قِعْدة، وأَقعدها إِذا تَرَكَهَا عَلَى وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَنْتَهِ بِهَا الْمَاءُ. والمُقْعَدَةُ مِنَ الْآبَارِ: الَّتِي احتُفِرَتْ فَلَمْ يَنْبُط مَاؤُهَا فَتُرِكَتْ وَهِيَ المُسْهَبَةُ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ الأَصمعي: بئرٌ قِعْدَة أَي طُولُهَا طُولُ إِنسان قَاعِدٍ. وَذُو القَعْدة: اسْمُ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِي شوَّالًا وَهُوَ اسْمُ شَهْرٍ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقْعد فِيهِ وَتَحُجُّ فِي ذِي الحِجَّة، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لقُعُودهم فِي رِحَالِهِمْ عَنِ الْغَزْوِ وَالْمِيرَةِ وَطَلَبِ الكلإِ، وَالْجَمْعُ ذَوَاتُ القَعْدَةِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ شعب: قَالَ يُونُسُ: ذواتُ القَعَداتِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَن تَقُولَ ذواتُ القَعْدَة. وَالْعَرَبُ تَدْعُو عَلَى الرَّجُلِ فَتَقُولُ: حَلَبْتَ قَاعِدًا وشَرِبْتَ قَائِمًا؛ تَقُولُ: لَا مَلَكْتَ غَيْرَ الشَّاءِ الَّتِي تُحْلَبُ مِنْ قُعُودٍ وَلَا مَلَكْتَ إِبلًا تَحْلُبُها قَائِمًا، مَعْنَاهُ: ذَهَبَتْ إِبلك فصرتَ تَحْلِبُ الْغَنَمَ لأَن حَالِبَ الْغَنَمِ لَا يَكُونُ إِلا قَاعِدًا، وَالشَّاءُ مَالُ الضَّعْفَى والأَذلَّاءِ، والإِبلُ مَالُ الأَشرافِ والأَقوياء وَيُقَالُ: رَجُلٌ قَاعِدٌ عَنِ الْغَزْوِ، وَقَوْمٌ قُعَّادٌ وَقَاعِدُونَ.

(3/357)


والقَعَدُ: الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ، وَقِيلَ: القَعَد الَّذِينَ لَا يَمْضُون إِلى الْقِتَالِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَبِهِ سُمِّيَ قَعَدُ الحَرُورِيَّةِ. وَرَجُلٌ قَعَدِيٌّ مَنْسُوبٌ إِلى القَعَد كَعَرَبِيٍّ وَعَرَبٍ، وَعَجَمِيٍّ وعجَم. ابْنُ الأَعرابي: القَعَدُ الشُّراةُ الَّذِينَ يُحَكِّمون وَلَا يُحارِبون، وَهُوَ جَمْعُ قَاعِدٍ كَمَا قَالُوا حَارِسٌ وحَرَسٌ. والقَعَدِيُّ مِنَ الْخَوَارِجِ: الَّذِي يَرى رأْيَ القَعَد الَّذِينَ يَرَوْنَ التَّحْكِيمَ حَقًّا غَيْرَ أَنهم قَعَدُوا عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ؛ وَقَالَ بَعْضُ مُجَّان المُحْدَثِين فِيمَنْ يأْبى أَن يَشْرَبَ الْخَمْرَ وَهُوَ يَسْتَحْسِنُ شُرْبَهَا لِغَيْرِهِ فَشَبَّهَهُ بِالَّذِي يَرَى التَّحْكِيمَ وَقَدْ قَعَدَ عَنْهُ فَقَالَ:
فكأَنِّي، وَمَا أُحَسِّنُ مِنْهَا، ... قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
وتَقَعَّدَ فُلَانٌ عَنِ الأَمر إِذا لَمْ يَطْلُبْهُ. وتقاعَدَ بِهِ فُلَانٌ إِذا لَمْ يُخْرِجْ إِليه مِنْ حَقِّه. وتَقَعَّدْتُه أَي رَبَّثْتُه عَنْ حَاجَتِهِ وعُقْتُه. وَرَجُلٌ قُعَدَةٌ ضُجَعَة أَي كَثِيرُ الْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ. وَقَالُوا: ضَرَبَهُ ضَرْبَةَ ابنَةِ اقْعُدِي وقُومي أَي ضَرْبَ أَمَةٍ، وَذَلِكَ لِقُعُودِهَا وَقِيَامِهَا فِي خِدْمَةِ مَوَالِيهَا لأَنها تُؤْمَرُ بِذَلِكَ، وَهُوَ نَصُّ كَلَامِ ابْنِ الأَعرابي. وأُقْعِدَ الرجلُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ، وَبِهِ قُعاد أَي دَاءٌ يُقْعِدُه. وَرَجُلٌ مُقْعَدٌ إِذا أَزمنه دَاءٌ فِي جَسَدِهِ حَتَّى لَا حراكَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الحُدُود:
أُتيَ بامرأَة قَدْ زَنَتْ فَقَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنَ المُقْعَد الَّذِي فِي حائِطِ سَعْد
؛ المُقْعَد الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى الْقِيَامِ لزَمانة بِهِ كأَنه قَدْ أُلزِمَ القُعُودَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ القُعاد الَّذِي هُوَ الدَّاءُ الَّذِي يأْخذ الإِبل فِي أَوراكها فَيُمِيلُهَا إِلى الأَرض. والمُقْعَداتُ: الضَّفادِع؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
توَجَّسْنَ واسْتَيْقَنَّ أَنْ ليْسَ حاضِراً، ... عَلَى الماءِ، إِلا المُقْعَداتُ القَوافِزُ
والمُقْعَداتُ: فِراخُ القَطا قَبْلَ أَن تَنْهَضَ لِلطَّيَرَانِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى مُقْعَداتٍ تَطْرَحُ الرِّيحَ بالضُّحَى ... عَلَيْهِنَّ رَفْضاً مِن حَصادِ القُلاقِلِ
والمُقْعَدُ: فَرْخُ النسْرِ، وَقِيلَ: فَرْخُ كلِّ طَائِرٍ لَمْ يَسْتَقِلَّ مُقْعَدٌ. والمُقَعْدَدُ: فَرْخُ النَّسْرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَما قَوْلُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنصاري:
أَبو سليمانَ وَرِيشُ المُقْعَدِ، ... ومُجْنَأٌ مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ،
وضالَةٌ مِثلُ الجَحِيمِ المُوْقَدِ
فإِن أَبا الْعَبَّاسِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْمُقْعَدُ فَرْخُ النَّسْرِ وَرِيشُهُ أَجوَد الرِّيشِ، وَقِيلَ: الْمُقْعَدُ النَّسْرُ الَّذِي قُشِبَ لَهُ حَتَّى صِيدَ فَأُخِذ رِيشُه، وَقِيلَ: الْمُقْعَدُ اسْمُ رجل كان يَرِيشُ السِّهام، أَي أَنا أَبو سُلَيْمَانَ وَمَعِي سِهَامٌ رَاشَهَا الْمُقْعَدُ فَمَا عُذْرِي أَن لَا أُقاتل؟ والضالَةُ: مِنْ شَجَرِ السِّدْر، يُعْمَلُ مِنْهَا السِّهَامُ، شَبَّهَ السِّهَامَ بِالْجَمْرِ لِتَوَقُّدِهَا. وقَعَدَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ، وَمَا قَعَّدَك واقْتعدك أَي حَبَسَك. والقَعَدُ: النَّخْلُ، وَقِيلَ النَّخْلُ الصِّغار، وَهُوَ جَمْعُ قَاعِدٍ كَمَا قَالُوا خَادِمٌ وخَدَمٌ. وقَعَدَت الفَسِيلَة، وَهِيَ قَاعِدٌ: صَارَ لَهَا جِذْعٌ تَقْعُد عَلَيْهِ. وَفِي أَرض فُلَانٍ مِنَ الْقَاعِدِ كَذَا وَكَذَا أَصلًا ذَهَبُوا إِلى الجِنس. والقاعِدُ مِنَ النَّخْلِ: الَّذِي تَنَالُهُ الْيَدُ. وَرَجُلٌ قِعْدِيٌّ وقُعْدِيٌّ: عَاجِزٌ كأَنه يُؤثِرُ القُعود. والقُعْدَة: السرجُ وَالرَّحْلُ تَقْعُد عَلَيْهِمَا. والقَعْدَة، مَفْتُوحَةٌ: مَرْكَبُ الإِنسان والطِّنْفِسَةُ الَّتِي يَجْلِسُ

(3/358)


عَلَيْهَا قَعْدَة، مَفْتُوحَةٌ، وَمَا أَشبهها. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القُعْداتُ الرحالُ والسُّرُوجُ. والقُعَيْداتُ: السُّروجُ وَالرِّحَالُ. والقُعدة: الْحِمَارُ، وجمْعه قُعْدات؛ قَالَ عروةُ بن معديكرب:
سَيْباً عَلَى القُعُداتِ تَخْفِقُ فَوْقَهُم ... راياتُ أَبْيَضَ كالفَنِيقِ هِجانِ
اللَّيْثُ: القُعْدَةُ مِنَ الدوابِّ الَّذِي يَقْتَعِدُه الرَّجُلُ لِلرُّكُوبِ خَاصَّةً. والقُعْدَةُ والقَعُودَةُ والقَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا اتَّخَذَهُ الرَّاعِي لِلرُّكُوبِ وحَمْلِ الزادِ والمتاعِ، وَجَمْعُهُ أَقْعِدَةٌ وقُعُدٌ وقِعْدانٌ وقَعَائِدُ. واقْتَعَدَها: اتَّخَذَهَا قَعُوداً. قَالَ أَبو عبيدة: وَقِيلَ القَعُود مِنَ الإِبل هُوَ الَّذِي يَقْتَعِدُه الرَّاعِي فِي كُلِّ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ رَخْتْ وَبِتَصْغِيرِهِ جَاءَ الْمَثَلُ: اتَّخَذُوه قُعَيِّدَ الْحَاجَاتِ إِذا امْتَهَنوا الرجلَ فِي حَوَائِجِهِمْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
مَعْكُوسَةٌ كقَعُودِ الشَّوْلِ أَنَطَفَها ... عَكْسُ الرِّعاءِ بإِيضاعٍ وتَكْرارِ
. وَيُقَالُ: نِعْمَ القُعْدَةُ هَذَا أَي نِعْمَ المُقْتَعَدُ. وَذَكَرَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ مَنْ يَقُولُ: قَعُودَةٌ للقلوصِ، وَلِلذَّكَرِ قَعُودٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدَ الْكِسَائِيِّ مِنْ نَوَادِرِ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ وَكَلَامُ أَكثر الْعَرَبِ عَلَى غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ قَلُوصٌ للبكْرة الأُنثى وللبكْر قَعُود مِثْلُ القَلُوصِ إِلى أَن يُثْنِيا ثُمَّ هُوَ جَمَل؛ قَالَ الأَزهري: وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ قَوْلُ مَنْ شَاهَدْتُ مِنَ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ الْقَعُودُ إِلا البكْر الذَّكَرَ، وَجَمْعُهُ قِعْدانٌ ثُمَّ القَعَادِينُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَلَمْ أَسمع قَعُودَة بِالْهَاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. والقَعُود مِنَ الإِبل: هُوَ الْبَكْرُ حِينَ يُرْكَب أَي يُمَكّن ظَهْرُهُ مِنَ الرُّكُوبِ، وأَدنى ذَلِكَ أَن يأْتي عَلَيْهِ سَنَتَانِ، وَلَا تَكُونُ الْبَكْرَةُ قَعُودًا وإِنما تَكُونُ قَلُوصاً. وَقَالَ النَّضْرُ: القُعْدَةُ أَن يَقْتَعِدَ الرَّاعِي قَعوداً مِنْ إِبله فَيَرْكَبُهُ فَجَعَلَ القُعْدة والقَعُود شَيْئًا وَاحِدًا. والاقْتِعادُ: الرُّكُوبُ. يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّاعِي: نستأْجرك بِكَذَا وَعَلَيْنَا قُعْدَتُك أَي عَلَيْنَا مَرْكَبُكَ، تَرْكَبُ مِنَ الإِبل مَا شِئْتَ وَمَتَى شِئْتَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
لَمْ يَقْتَعِدْها المُعْجِلون
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يُذِلُّه الشيطانُ كَمَا يُذلُّ الرَّجُلُ قَعُودَهُ مِنَ الدَّوَابِّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: القَعُودُ مِنَ الدوابِّ مَا يَقْتَعِدُه الرَّجُلُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَلَا يَكُونُ إِلا ذَكَرًا، وَقِيلَ: القَعُودُ ذَكَرٌ، والأُنثى قَعُودَةٌ؛ وَالْقَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا أَمكن أَن يُركب، وأَدناه أَن تَكُونَ لَهُ سَنَتَانِ ثُمَّ هُوَ قَعود إِلى أَنْ يُثْنِيَ فَيَدْخُلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ ثُمَّ هُوَ جَمَلٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَجَاءٍ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَّقِياً حَتَّى يَكُونَ أَذَلَّ مِنْ قَعُودٍ، كلُّ مَنْ أَتى عَلَيْهِ أَرْغاه
أَي قَهَره وأَذَلَّه لأَن الْبَعِيرَ إِنما يَرْغُو عَنْ ذُلٍّ وَاسْتِكَانَةٍ. والقَعُود أَيضاً: الْفَصِيلُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: القَعُودُ مِنَ الذُّكُورِ والقَلوص مِنَ الإِناث. قَالَ الْبُشْتِيُّ: قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِابْنِ المَخاض حِينَ يَبْلُغُ أَن يَكُونَ ثَنِيًّا قَعُودٌ وَبَكْرٌ، وَهُوَ مِنَ الذُّكُورِ كَالْقَلُوصِ مِنَ الإِناث؛ قَالَ الْبُشْتِيُّ: لَيْسَ هَذَا مِنَ القَعُود التي يقتعدها الراعي فَيَرْكَبُهَا وَيَحْمِلُ عَلَيْهَا زَادَهُ وأَداته، إِنما هُوَ صِفَةٌ لِلْبَكْرِ إِذا بَلَغَ الأَثْنَاءَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَخطأَ الْبُشْتِيُّ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ يَعْقُوبَ ثُمَّ أَخطأَ فِيمَا فَسَّرَهُ مِنْ كِيسه أَنه غَيْرُ الْقُعُودِ الَّتِي يَقْتَعِدُهَا الرَّاعِي مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، فأَما يَعْقُوبُ فإِنه قَالَ: يُقَالُ لِابْنِ الْمَخَاضِ حَتَّى يبلغ أَن يكون ثنيا قعود وبَكر وهو الذُّكُورِ كالقَلوص، فَجَعَلَ

(3/359)


الْبُشْتِيُّ حَتَّى حِينَ وَحَتَّى بِمَعْنَى إِلى، وأَحد الخطأَين مِنَ الْبُشْتِيِّ أَنه أَنَّث الْقَعُودَ وَلَا يَكُونُ الْقَعُودُ عِنْدَ الْعَرَبِ إِلا ذَكَرًا، وَالثَّانِي أَنه لَا قَعُودَ فِي الإِبل تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ غَيْرَ مَا فَسَّرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ، قَالَ: ورأَيت الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْقَعُودَ الْبَكْرَ مِنَ الإِبل حِينَ يُركب أَي يُمَكَّنُ ظَهْرُهُ مِنَ الرُّكُوبِ، قَالَ: وأَدنى ذَلِكَ أَن يأْتي عَلَيْهِ سَنَتَانِ إِلى أَن يُثْنِيَ فإِذا أَثنى سُمِّيَ جَمَلًا، وَالْبَكْرُ والبَكْرَة بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُدْرِكَا، وَلَا تَكُونُ الْبَكْرَةَ قَعُودًا. ابْنُ الأَعرابي: البَكر قَعود مِثْلُ القَلوص فِي النُّوقِ إِلى أَن يُثْنِيَ. وقاعَدَ الرجلَ: قَعَدَ منه. وقَعِيدُ الرجلِ: مُقاعِدُه. وَفِي حَدِيثِ الأَمر بِالْمَعْرُوفِ:
لَا يَمْنَعُه ذَلِكَ أَن يَكُونَ أَكِيلَه وشَرِيبَه وقَعِيدَه
؛ القَعِيدُ الَّذِي يُصَاحِبُكَ فِي قُعودِكَ، فَعِيلٌ بمعى مُفَاعِلٍ؛ وقعِيدا كلِّ أَمرٍ: حَافِظَاهُ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَفرد كَمَا تَقُولُ لِلْجَمَاعَةِ هُمْ فَرِيقٌ، وَقِيلَ: الْقَعِيدُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ والمؤَنث بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَهُمَا قَعِيدَانِ، وفَعِيلٌ وَفَعُولٌ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، كَقَوْلِهِ: أَنا رَسُولُ رَبِّكِ، وَكَقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ؛ وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: مَعْنَاهُ عَنِ الْيَمِينِ قَعِيدٌ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَاحِدِ عَنْ صَاحِبِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
نحْنُ بِمَا عِنْدَنا، وأَنتَ بِمَا ... عِنْدَك راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
وَلَمْ يَقُلْ راضِيان وَلَا راضُون، أَراد: نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا رَاضُونَ وأَنت بِمَا عِنْدَكَ راضٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِني ضَمِنْتُ لمنْ أَتاني مَا جَنَى ... وَأَتَى، وَكَانَ وكنتُ غيرَ غَدُورِ
وَلَمْ يَقُلْ غدُوَرينِ. وقَعِيدَةُ الرَّجُلِ وقَعِيدَةُ بيِته: امرأَتُه؛ قَالَ الأَشعَرُ الجُعْفِيُّ:
لَكِنْ قَعِيدَةُ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ، ... بادٍ جنَاجِنُ صَدْرِها وَلَهَا غِنَى
وَالْجَمْعُ قَعائدُ. وقَعِيدَةُ الرجلِ: امرأَته. وَكَذَلِكَ قِعادُه؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوفى الْخُزَاعِيُّ فِي امرأَته:
مُنَجَّدَةٌ مثلُ كَلْبِ الهِراش، ... إِذا هَجَعَ الناسُ لَمْ تَهْجَعِ
فَلَيْسَتْ بِتارِكَةٍ مَحْرَماً، ... وَلَوْ حُفَّ بالأَسَلِ المُشْرَعِ
فَبِئْسَتْ قِعادُ الفَتَى وحدْهَا، ... وبِئْسَتْ مُوَفِّيَةُ الأَرْبَعِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مُنَجَّدَةٌ مُحَكَّمَةٌ مُجَرَّبَةٌ وَهُوَ مِمَّا يُذَمُّ بِهِ النساءُ وتُمْدَحُ بِهِ الرِّجَالُ. وتَقَعَّدَتْه: قَامَتْ بأَمره؛ حكاه ثعلب وابن الأَعرابي. والأَسَلُ: الرِّماحُ. وَيُقَالُ: قَعَّدْتُ الرجلَ وأَقْعدْتُه أَي خَدَمْتُه وأَنا مُقْعِدٌ لَهُ ومُقَعِّدٌ؛ وأَنشد:
تَخِذَها سرِّيَّةً تُقَعِّدُه
وَقَالَ الْآخَرُ:
وليسَ لِي مُقْعِدٌ فِي البيتِ يُقْعِدُني، ... وَلَا سَوامٌ، وَلَا مِنْ فِضَّةٍ كِيسُ
والقَعِيدُ: مَا أَتاك مِنْ وَرَائِكَ مِنْ ظَبْيٍ أَو طَائِرٍ يُتَطَّيرُ مِنْهُ بِخِلَافِ النَّطِيح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
وَلَقَدْ جَرَى لهُمُ، فَلَمْ يَتَعَيَّفُوا، ... تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
الوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشجرةِ، شبَّه التَّيْسَ مِنْ ضُمْرِه

(3/360)


به، ذَكَرُهُ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَابِ السَّانِحِ والبارِحِ وَهُوَ خِلَافُ النَّطِيح. والقَعِيدُ: الجرادُ الَّذِي لَمْ يَسْتَوِ جَنَاحَاهُ بَعْدُ. وثَدْيٌ مُقْعَدٌ: ناتِئٌ عَلَى النَّحْرِ إِذَا كَانَ ناهِداً لَمْ يَنْثَنِ بَعْدُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
والبَطنُ ذُو عُكَنٍ لطيفٌ طَيُّهُ، ... والإِتْبُ تَنْفُجُه بِثَدْيٍ مُقْعَدِ
وقَعَدَ بَنُو فلانٍ لِبَنِي فُلَانٍ يَقْعُدون: أَطاقوهم وجاؤُوهم بأَعْدادِهم. وقَعَدَ بِقِرْنِهِ: أَطاقَه. وقَعَدَ لِلْحَرْبِ: هَيَّأَ لَهَا أَقرانَها؛ قَالَ:
لأُصْبِحَنْ ظَالِمًا حَرْباً رَباعِيَةً، ... فاقعُدْ لَهَا، ودَعَنْ عنْكَ الأَظانِينا
وَقَوْلُهُ:
سَتَقْعُدُ عبدَ اللهِ عَنَّا بِنَهْشَل
أَي سَتُطيقها وتَجِيئُها بأَقْرانها فَتَكْفينا نَحْنُ الْحَرْبَ. وقَعَدَتِ المرأَةُ عَنِ الْحَيْضِ والولدِ تَقْعُدُ قُعوداً، وَهِيَ قَاعِدٌ: انْقَطَعَ عَنْهَا، وَالْجَمْعُ قَواعِدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: هُنَّ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ الأَزواج. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة قاعِدٌ إِذا قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ، فإِذا أَردت القُعود قُلْتَ: قَاعِدَةٌ. قَالَ: وَيَقُولُونَ امرأَة واضِعٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا خِمَارٌ، وأَتانٌ جامِعٌ إِذا حَمَلَتْ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْقَوَاعِدُ مِنْ صِفَاتِ الإِناث لَا يُقَالُ رِجَالٌ قواعِدُ، وَفِي حَدِيثِ
أَسماءَ الأَشْهَلِيَّة: إِنا مَعاشِرَ النساءِ محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعِدُ بيوتِكم وحوامِلُ أَولادِكم
؛ الْقَوَاعِدُ: جَمْعُ قاعِدٍ وَهِيَ المرأَة الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ، هَكَذَا يُقَالُ بِغَيْرِ هَاءٍ أَي أَنها ذَاتُ قُعُودٍ، فأَما قَاعِدَةٌ فَهِيَ فَاعِلَةٌ مِنْ قَعَدَتْ قُعُودًا، وَيُجْمَعُ عَلَى قَوَاعِدَ أَيضاً. وَقَعَدَتِ النَّخْلَةُ: حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ أُخرى. والقاعِدَةِ: أَصلُ الأُسِّ، والقَواعِدُ: الإِساسُ، وقواعِد الْبَيْتِ إِساسُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ
؛ وَفِيهِ: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: القَواعِدُ أَساطينُ الْبِنَاءِ الَّتِي تَعْمِدُه. وقَواعِدُ الهَوْدَج: خَشَبَاتٌ أَربع مُعْتَرِضَةٌ فِي أَسفله تُركَّبُ عِيدانُ الهَوْدَج فِيهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوَاعِدُ السَّحَابِ أُصولها الْمُعْتَرِضَةُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ شُبِّهَتْ بِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ؛ قَالَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سأَل عَنْ سَحَابَةٍ مَرَّت فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ قواعِدَها وبواسِقَها؟
وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بِالْقَوَاعِدِ مَا اعْتَرَضَ مِنْهَا وسَفَل تَشْبِيهًا بِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِذَا قامَ بكَ الشَّرْ فاقْعُدْ، يفسَّر عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الشَّرَّ إِذا غَلَبَكَ فَذِلَّ لَهُ وَلَا تَضْطَرِبْ فِيهِ، وَالثَّانِي أَن مَعْنَاهُ إِذا انْتَصَبَ لَكَ الشرُّ وَلَمْ تَجِدْ مِنْهُ بُدًّا فانتِصبْ لَهُ وجاهِدْه؛ وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ. والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: الجبانُ اللئيمُ القاعدُ عَنِ الْحَرْبِ والمكارِمِ. والقُعْدُدُ: الْخَامِلُ. قَالَ الأَزهري: رَجُلٌ قُعْددٌ وقَعْدَدٌ إِذا كَانَ لَئِيمًا مِنَ الحَسَبِ. المُقْعَدُ والقُعْدُدُ: الَّذِي يَقْعُدُ بِهِ أَنسابه؛ وأَنشد:
قَرَنْبَى تَسُوفُ قَفَا مُقْرِفٍ ... لَئِيمٍ، مآثِرُهُ قُعْدُد
وَيُقَالُ: اقْتَعَدَ فُلَانًا عَنِ السخاءِ لؤْمُ جِنْثِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فازَ قدْحُ الكَلْبيِّ، واقتَعَدَتْ مَغْراءَ ... عَنْ سَعْيِهِ عُرُوقُ لَئِيمِ
وَرَجُلٌ قُعْدُدٌ: قَرِيبٌ مِنَ الجَدِّ الأَكبر وَكَذَلِكَ قعدَد. والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: أَملك الْقَرَابَةِ فِي النَّسَبِ.

(3/361)


والقُعْدُدُ؛ القُرْبَى. والمِيراث القُعْدُدُ: هُوَ أَقربُ القَرابَةِ إِلى الْمَيِّتِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قُعْدُدٌ مُلْحَقٌ بجُعْشُمٍ، وَلِذَلِكَ ظَهَرَ فِيهِ الْمَثَلَانِ. وَفُلَانٌ أَقْعَد مِنْ فُلَانٍ أَي أَقرب مِنْهُ إِلى جَدِّهِ الأَكبر، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الأَعرابي بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ: فُلَانٌ أَقْعَدُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَقلُّ آبَاءً. والإِقْعادُ: قِلَّةُ الْآبَاءِ والأَجداد وَهُوَ مَذْمُومٌ، والإِطْرافُ كَثَرتُهم وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَقِيلَ: كِلَاهُمَا مَدْحٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ ذُو قُعْدد إِذا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْقَبِيلَةِ وَالْعَدَدُ فِيهِ قِلَّةٌ. يُقَالُ: هُوَ أَقْعَدُهم أَي أَقربهم إِلى الْجَدِّ الأَكبر، وأَطْرَفُهم وأَفْسَلُهم أَي أَبعدهم مِنَ الْجَدِّ الأَكبر. وَيُقَالُ: فُلَانٌ طَرِيفٌ بَيِّنُ الطَّرافَة إِذا كَانَ كَثِيرَ الْآبَاءِ إِلى الْجَدِّ الأَكبر لَيْسَ بِذِي قُعْدُد؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَعِيدُ النَّسَبِ ذُو قُعْدد إِذا كَانَ قَلِيلَ الآباءِ إِلى الْجَدِّ الأَكبر؛ وَكَانَ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ أَقعَدَ بَنِي الْعَبَّاسِ نَسَبًا فِي زَمَانِهِ، وَلَيْسَ هَذَا ذَمًّا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ قُعْدُدُ بَنِي هَاشِمٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُمْدَحُ بِهِ مِنْ وَجْهٍ لأَن الْوَلَاءَ للكُبر وَيُذَمُّ بِهِ مِنْ وَجْهٍ لأَنه مِنْ أَولادِ الهَرْمَى ويُنسَب إِلى الضَّعْفِ؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه:
دَعاني أَخي والخيلُ بيْني وبيْنَه، ... فَلَمَّا دَعاني لَمْ يَجِدْني بِقُعْدُدِ
وَقِيلَ: الْقُعْدُدُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الجبانُ القاعِدُ عَنِ الحربِ والمكارِمِ أَيضاً يَتَقَعَّد فَلَا يَنْهَضُ؛ قَالَ الأَعشي:
طَرِفُونَ ولَّادُونَ كلَّ مُبارَكٍ، ... أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهمَ القُعْدُدِ
وأَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَمِرُونَ ولَّادُونَ كلَّ مُبارَكٍ، ... طَرِفُونَ......
وَقَالَ: أَمرون أَي كَثِيرُونَ. وَالطَّرِفُ: نَقِيضُ القُعدد. ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَن هَذَا الْبَيْتَ أَنشده المَرْزُبانيُّ فِي مُعْجَمِ الشُّعَرَاءِ لأَبي وجْزَةَ السَّعْدِيِّ فِي آلِ الزُّبَيْرِ. وأَما القُعدد الْمَذْمُومُ فَهُوَ اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ، والقُعْدُد مِنَ الأَضداد. يُقَالُ لِلْقَرِيبِ النَّسَبِ مِنَ الْجَدِّ الأَكبر: قُعْدُدٌ، وَلِلْبَعِيدِ النَّسَبِ مِنَ الْجَدِّ الأَكبر: قُعْدُدٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الْبُعَيْثِ:
لَقًى مُقْعَدُ الأَسبابِ مُنْقَطَعٌ بِهِ
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه قَصِيرُ النَّسَبِ مِنَ الْقُعْدُدِ. وَقَوْلُهُ منقَطَعٌ بِهِ مُلْقًى أَي لَا سَعْيَ لَهُ إِن أَراد أَن يَسْعَى لَمْ يَكُنْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ بُلْقَةٍ أَي شَيْءٌ يَتَبَلَّغُ بِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُقْعَدُ الحَسَبِ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرَفٌ؛ وَقَدْ أَقْعَدَه آباؤُه وتَقَعَّدُوه؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَهْجُو رَجُلًا:
ولكِنَّه عَبْدٌ تَقَعَّدَ رَأْيَه ... لِئامُ الفُحولِ وارْتخاضُ المناكِحِ «3»
أَي أَقعد حَسَبَهُ عَنِ الْمَكَارِمِ لؤْم آبَائِهِ وأُمهاته. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ وَرِثَ فُلَانٌ بالإِقْعادِ، وَلَا يُقَالُ وَرِثه بِالْقُعُودِ. والقُعادُ والإِقْعادُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبل وَالنَّجَائِبَ فِي أَوراكها وَهُوَ شِبْهُ مَيْل العَجُزِ إِلى الأَرض، وَقَدْ أُقْعِدَ الْبَعِيرُ فَهُوَ مُقْعَدٌ. والقَعَدُ: أَن يَكُونَ بِوَظِيفِ الْبَعِيرِ تَطامُنٌ واسْتِرْخاء. والإِقعادُ فِي رِجْلِ الْفَرَسِ: أَن تُفْرَشَ «4» جِدًّا فلا تَنْتَصِبَ. والمُقْعَدُ: الأَعوج، يُقَالُ مِنْهُ: أُقعِدَ الرجلُ، تَقُولُ: مَتَى أَصابك هَذَا القُعادُ؟ وجملٌ أَقْعَدُ: فِي وظِيفَيْ رِجْلَيْهِ كَالِاسْتِرْخَاءِ. والقَعِيدَةُ: شَيْءٌ تَنْسُجُه النِّسَاءُ يُشْبِهُ العَيْبَةَ
__________
(3) . قوله [وارتخاض] كذا بالأَصل، ولعله مصحف عن ارتخاص من الرخص ضد الغلاء أو ارتحاض بمعنى افتضاح.
(4) . وقوله [تفرش] في الصحاح تقوس.

(3/362)


يُجْلَسُ عَلَيْهِ، وَقَدِ اقْتَعَدَها؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
رَفَعْنَ حَوَايَا واقْتَعَدْنَ قَعائِداً، ... وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِراقِ المُنَمَّقِ
والقَعِيدَةُ أَيضاً: مِثْلُ الغِرارَةِ يَكُونُ فِيهَا القَدِيدُ والكعكُ، وَجَمْعُهَا قَعائِدُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ صَائِدًا:
لَهُ مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجاتٌ ... قَعائِدُ، قَدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
وَالضَّمِيرُ فِي كَسْبِهِنَّ يَعُودُ عَلَى سِهَامٍ ذَكَرَهَا قَبْلَ الْبَيْتِ. ومُعَذْلَجاتٌ: مَمْلُوَءَاتٌ. والوشِيقُ: مَا جَفَّ مِنَ اللَّحْمِ وَهُوَ القَدِيدُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:
تُعْجِلُ إِضْجاعَ الجَشِير القاعِدِ
قَالَ: القاعِدُ الجُوالقُ الممتلئُ حَبًّا كأَنه مِنَ امْتِلَائِهِ قَاعِدٌ. والجَشِيرُ: الجُوالِقُ. والقَعِيدَةُ مِنَ الرَّمْلِ: الَّتِي لَيْسَتْ بمُسْتَطِيلة، وَقِيلَ: هِيَ الحبْل اللاطِئُ بالأَرض، وقيل: وهو مَا ارْتَكَم مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: إِذا كَانَ بَيْتٌ مِنَ الشِّعْر فِيهِ زِحافٌ قِيلَ لَهُ مُقْعَدٌ؛ والمُقْعَدُ مِنَ الشِّعْرِ: مَا نَقَصَتْ مِنْ عَرُوضِه قُوَّة، كَقَوْلِهِ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيرٍ ... تَرْجُو النساءُ عَوَاقِبَ الأَطْهارِ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِقواء نُقْصَانُ الْحُرُوفِ مِنَ الْفَاصِلَةِ فَيَنْقُص مِنْ عَرُوضِ الْبَيْتِ قُوَّةٌ، وَكَانَ الْخَلِيلُ يُسَمِّي هَذَا المُقْعَدَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَنِ الْخَلِيلِ وَهَذَا غَيْرُ الزِّحَافِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي الشِّعْرِ وَالزِّحَافُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ قَعَدَ فُلَانٌ يَشْتُمُني بِمَعْنَى طَفِقَ وجَعَل؛ وأَنشد لِبَعْضِ بَنِي عَامِرٍ:
لَا يُقْنِعُ الجارِيَةَ الخِضابُ، ... وَلَا الوِشاحانِ، وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقيَ الأَركابُ، ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعابُ
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: حَدَّدَ شَفْرَتَه حَتَّى قَعدتْ كأَنها حَربَةٌ أَي صَارَتْ. وَقَالَ: ثَوْبَكَ لَا تَقْعُدُ تَطِيرُ بِهِ الريحُ أَي لَا تَصِيرُ الريحُ طَائِرَةً بِهِ، وَنَصَبَ ثَوْبَكَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي احْفَظْ ثَوْبَكَ. وَقَالَ: قَعَدَ لَا يَسْأْلُه أَحَدٌ حَاجَةً إِلا قَضَاهَا وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ فإِن عَنَى بِهِ صَارَ فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهَا هَذِهِ النَّظَائِرُ وَاسْتَغْنَى بِتَفْسِيرِ تِلْكَ النَّظَائِرِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ، وإِن كَانَ عَنَى الْقُعُودَ فَلَا مَعْنَى لَهُ لأَن الْقُعُودَ لَيْسَتْ حَالٌ أَولى بِهِ مِنْ حَالٍ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ قَعَدَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحد إِلا يسبه، وقعد لَا يسأَله سَائِلٌ إِلا حَرَمَهُ؟ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُخْبَرُ بِهِ مِنْ أَحوال الْقَاعِدِ، وإِنما هُوَ كَقَوْلِكَ: قَامَ لَا يُسأَلُ حاجَةً إِلا قَضَاهَا. وقَعِيدَكَ اللهَ لَا أَفعلُ ذَلِكَ وقِعْدَك [قَعْدَك] ؛ قَالَ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعيني مَلامَةً، ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفؤَادِ فَيِيجَعَا
وَقِيلَ: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعيدَكَ اللهَ أَي كأَنه قاعدٌ مَعَكَ يَحْفَظُ عَلَيْكَ قَوْلَكَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ قِعْدكَ اللَّهَ أَي اللهُ مَعَكَ؛ قَالَ وأَنشد غَيْرُهُ عَنْ قُرَيْبَةَ الأَعرابية:
قَعِيدَكِ عَمْرَ اللَّهِ، يَا بِنْتَ مالِكٍ، ... أَلم تَعْلَمِينا نِعْمَ مَأْوى المُعَصِّبِ
قَالَ: وَلَمْ أَسمع بَيْتًا اجْتَمَعَ فِيهِ العَمْرُ والقَعِيدُ إِلا هَذَا. وَقَالَ ثعلب: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعِيدَكَ اللهَ أَي نَشَدْتُكَ اللهَ. وَقَالَ: إِذا قُلْتَ قَعِيدَكُما اللَّهَ جاءَ مَعَهُ الِاسْتِفْهَامُ وَالْيَمِينُ، فَالِاسْتِفْهَامُ كَقَوْلِهِ: قَعِيدَكما اللهَ أَلم يَكُنْ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

(3/363)


قَعِيدَكما اللهَ الَّذِي أَنْتُما لَهُ، ... أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَيْنِ المُنادِيا؟
والقَسَمُ: قَعِيدَكَ اللهَ لأُكْرِمَنَّكَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عَلْيا مُضَر تَقُولُ قَعِيدَك لَتَفْعَلَنَّ كَذَا؛ قَالَ القَعِيدُ الأَب؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: القَعِيد المُقاعِدُ؛ وأَنشد بَيْتَ الفرزدق:
قَعيدَكُما اللهَ الَّذِي أَنتما لَهُ
يَقُولُ: أَينما قعدت فأَنت مقاعد لله أَي هُوَ مَعَكَ. قَالَ: وَيُقَالُ قَعِيدَك اللَّهَ لَا تَفْعل كَذَا، وقَعْدَكَ اللَّهَ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وأَما قِعْدَكَ فَلَا أَعْرِفُه. وَيُقَالُ: قَعَدَ قَعْدًا وَقُعُودًا؛ وأَنشد:
فَقَعْدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ يَمِينٌ لِلْعَرَبِ وَهِيَ مَصَادِرُ اسْتُعْمِلَتْ مَنْصُوبَةً بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، وَالْمَعْنَى بِصَاحِبِكِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ كُلِّ نَجْوَى، كَمَا يُقَالُ: نَشَدْتُكَ اللَّهُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ وَجَعَ فِي بَيْتِ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قَالَ: قَعِيدَك اللهَ وقَعدك [قِعدك] اللَّهَ اسْتِعْطَافٌ وَلَيْسَ بِقَسَمٍ؛ كَذَا قَالَ أَبو عَلِيٍّ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه لَيْسَ بِقَسَمٍ كَوْنُهُ لَمْ يُجَبْ بجوابِ القَسَم. وقَعِيدَكَ اللهَ بِمَنْزِلَةِ عَمْرَكَ اللهَ فِي كَوْنِهِ يَنْتَصِبُ انْتِصَابَ الْمَصَادِرِ الْوَاقِعَةِ مَوْقِعَ الْفِعْلِ، فَعَمْرَكَ اللهَ وَاقِعٌ مَوْقِعَ عَمَّرَك اللهُ أَي سأَلْتُ اللهَ تَعْمِيرَك، وَكَذَلِكَ قِعْدَكَ اللهَ تَقْديره قَعَّدْتُك اللهَ أَي سأَلت اللَّهَ حِفْظَكَ مِنْ قَوْلِهِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
أَي حَفِيظٌ. والمُقْعَدُ: رجلٌ كَانَ يَرِيشُ السِّهَامَ بِالْمَدِينَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبو سُلَيْمان ورِيشُ المُقْعَدِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُقْعدانُ شَجَرٌ يَنْبُتُ نَبَاتَ المَقِرِ وَلَا مَرَارَةَ لَهُ يخرج في وَسَطِهِ قَضِيبٌ بِطُولِ قَامَةٍ وَفِي رأْسه مِثْلُ ثَمَرَةِ العَرْعَرَة صُلْبة حَمْرَاءُ يَتَرَامَى بِهِ الصِّبْيَانُ وَلَا يَرْعَاهُ شَيْءٌ. وَرَجُلٌ مُقْعَدُ الأَنف: وَهُوَ الَّذِي فِي مَنْخِرِه سَعة وقِصَر. والمُقْعَدَةُ: الدَّوْخَلَّةُ مِنَ الخُوصِ. وَرَحًى قاعِدَةٌ: يَطْحَنُ الطاحِنُ بِهَا بالرَّائِدِ بيَدِه. وَقَالَ النَّضْرُ: القَعَدُ العَذِرَةُ والطَّوْفُ.
قفد: القَفْدُ: صَفْعُ الرَّأْس بِبَسْطِ الْكَفِّ مِنْ قِبَلِ القَفا. تَقُولُ: قَفَدَه قَفْداً صَفَعَ قَفَاهُ بِبَطْنِ الْكَفِّ. والأَقْفَدُ: الْمُسْتَرْخِي الْعُنُقِ مِنَ النَّاسِ وَالنَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ الْعُنُقِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قُلْتُ لأُمية مَا حَطأَني حَطْأَةً، فَقَالَ: قَفَدَني قفْدَةً
؛ القَفْدُ صَفْعُ الرأْس بِبَسْطِ الْكَفِّ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا. وَالْقَفَدُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ: أَن يَمِيلَ خُفُّ الْبَعِيرِ مِنَ الْيَدِ أَو الرِّجْلِ إِلى الْجَانِبِ الإِنسي؛ قَفِدَ، فَهُوَ أَقْفَدُ، فإِن مَالَ إِلى الوحْشِيّ، فَهُوَ أَصْدَفُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعْيُنُهُمْ، ... قُفْدِ الأَكُفِّ، لِئامٍ غيرِ صُيَّابِ
وَقِيلَ: القَفَدُ أَن يُخْلَقَ رأْس الكفِّ والقَدَمِ مَائِلًا إِلى الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ. وَقِيلَ: القَفَدُ فِي الإِنسان أَن يُرى مُقَدَّمُ رِجْلِهِ مِنْ مؤَخَّرِها مِنْ خَلْفِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْهِ عَباءةٌ ... كَساها مَعَدَّيْهِ مُقاتَلَة الدَّهْرِ

(3/364)


وَهُوَ فِي الإِبل يُبْسُ الرجْلَيْنِ مِنْ خِلقَةٍ، وَفِي الْخَيْلِ ارْتِفَاعٌ مِنَ العُجايَةِ وأَلْيَة الْحَافِرِ وانتصابُ الرُّسْغِ وإِقبْالُه عَلَى الْحَافِرِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا فِي الرِّجْلِ. قَفِدَ قَفَداً، وَهُوَ أَقْفَدُ وَهُوَ عَيْبٌ؛ وَقِيلَ: الأَقفد مِنَ النَّاسِ الَّذِي يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مِنْ قِبَلِ الأَصابع وَلَا تَبْلُغُ عَقِبَاهُ الأَرض، وَمِنَ الدوابِّ المُنْتَصِبُ الرسْغِ فِي إِقبال عَلَى الْحَافِرِ. يُقَالُ: فَرَسٌ أَقْفَدُ بَيِّنُ القَفَدِ وَهُوَ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ؛ قَالَ: وَلَا يَكُونُ القَفَدُ إِلا فِي الرِّجْلِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: القَفَدُ يُبْس يَكُونُ فِي رُسْغِه كأَنه يَطَأُ عَلَى مُقَدَّمِ سُنْبُكِه. وَعَبْدٌ أَقْفَدُ كَزُّ اليَدَيْنِ والرجلين قصير الأَصابع. قال اللَّيْثُ: الأَقفد الَّذِي فِي عَقِبِهِ اسْتِرْخَاءٌ مِنَ النَّاسِ؛ والظَّلِيم أَقفد، وامرأَة قَفْداءُ. والأَقْفَدُ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّعِيفُ الرِّخْوُ المفاصلِ؛ وقَفِدَتْ أَعضاؤه قَفَداً. والقَفَدانَةُ: غِلافُ المُكْحُلَةُ يُتَّخَذ مِنْ مَشاوِبَ وَرُبَّمَا اتُّخِذَ مِنْ أَديم. والقَفَدانَة والقَفَدان: خَريطة مِنْ أَدَم تُتَّخَذُ لِلْعِطْرِ، بِالتَّحْرِيكِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ خَرِيطَةُ العَطَّار؛ قَالَ يَصِفُ شِقْشِقَة الْبَعِيرِ:
فِي جَوْنَةٍ كَقَفَدانِ العَطَّار
عَنَى بِالْجَوْنَةِ هَاهُنَا الْحَمْرَاءَ. والقَفَدُ: جِنْسٌ مِنَ العِمَّة. واعْتَمَّ القَفَدَ والقَفْداءَ إِذا لَوَى عِمامَته عَلَى رأْسه وَلَمْ يَسْدُلْها؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَن يَعْتَمَّ عَلَى قَفْدِ رأْسِه وَلَمْ يُفَسِّرِ القَفْد. التَّهْذِيبُ: والعِمَّة القَفْداءُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ غَيْرُ المَيْلاءِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: كَانَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعْتَمُّ الْقَفْدَاءَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ الَّذِي قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ يَعْتَمُّ الْمَيْلَاءَ.
قفعد: القَفَعْدَد: القَصِيرُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
قفند: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ القَفَنَّدُ: الشديد الرأْس.
قلد: قَلَد الماءَ فِي الحَوْضِ وَاللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ والسمْنَ فِي النِّحْي يَقْلِدهُ قَلْداً: جَمَعَهُ فِيهِ؛ وَكَذَلِكَ قَلَد الشرابَ فِي بَطْنِه. والقَلْدُ: جَمْعُ الْمَاءِ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ: قَلَدْتُ أَقْلِدُ قَلْداً أَي جَمَعْتُ مَاءً إِلى مَاءٍ. أَبو عَمْرٍو: هُمْ يَتَقالَدون الْمَاءَ ويتَفَارطُون ويَتَرَقَّطون ويَتَهاجَرون ويتفارَصُونَ وَكَذَلِكَ يَترافَصُون أَي يَتَنَاوَبُونَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنه قَالَ لِقَيِّمِه عَلَى الْوَهْطِ: إِذا أَقَمْتَ قِلْدَكَ مِنَ الْمَاءِ فاسقِ الأَقْرَبَ فالأَقرب
؛ أَراد بِقِلْدِه يَوْمَ سَقْيِه مَالَهُ أَي إِذا سَقَيْتَ أَرْضَك فأَعْطِ مَنْ يَلِيكَ. ابْنُ الأَعرابي: قَلَدْتُ اللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ وقَرَيْتُه: جَمَعْتُهُ فِيهِ. أَبو زَيْدٍ: قَلَدْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وقَلَدْت اللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ أَقْلِدُه قَلْداً إِذا قَدَحْتَ بقدَحِكَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ صَبَبْتَه فِي الْحَوْضِ أَو فِي السِّقَاءِ. وقَلَدَ مِنَ الشَّرَابِ فِي جَوْفِهِ إِذا شَرِبَ. وأَقْلَدَ البحرُ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ: ضَمَّ عَلَيْهِمْ أَي غَرَّقهم، كأَنه أُغْلِقَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ فِي جَوْفِهِ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
تُسَبِّحُه النِّينانُ والبَحْرُ زاخِراً، ... وَمَا ضَمَّ مِنْ شَيءٍ، وَمَا هُوَ مُقْلِدُ
وَرَجُلٌ مِقْلَدٌ: مَجْمَعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَانِي جَرادٍ فِي وِعَاءٍ مِقْلَدَا
والمِقْلَدُ: عَصاً فِي رأْسها اعْوِجاجٌ يُقْلَدُ بِهَا الكلأُ كَمَا يُقْتَلَدُ القَتُّ إِذا جُعِلَ حِبَالًا أَي يُفْتَلُ، وَالْجَمْعُ المَقالِيدُ. والمِقْلَدُ: المنْجَلُ يَقْطَعُ بِهِ القتُّ؛ قَالَ الأَعشى:

(3/365)


لَدَى ابنِ يزيدٍ أَو لَدَى ابْنِ مُعَرِّفٍ، ... يَقُتُّ لَهَا طَوْراً، وطَوْراً بمِقْلَدِ
والمِقْلَدُ: مِفتاح كالمِنْجَلِ، وَقِيلَ: الإِقْليدُ مُعَرَّبٌ وأَصله كِلِيذ. أَبو الْهَيْثَمِ: الإِقْلِيدُ المِفْتاحُ وَهُوَ المِقْلِيدُ. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ ابْنِ أَبي الحُقَيْق:
فَقُمْتُ إِلى الأَقالِيدِ فأَخذْتُها
؛ هِيَ جَمْعُ إِقْلِيد وَهِيَ المفاتِيحُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلشَّيْخِ إِذا أَفْنَدَ: قَدْ قُلِّدَ حَبلَه فَلَا يُلْتَفَتُ إِلى رأْيه. والقَلْدُ: إِدارَتُك قُلْباً عَلَى قُلْبٍ مِنَ الحُليِّ وَكَذَلِكَ لَيُّ الحَديدةِ الدَّقِيقَةِ عَلَى مِثْلِهَا. وقَلَدَ القُلْبَ عَلَى القُلْبِ يَقْلِدُه قَلْداً: لَوَاهُ وَكَذَلِكَ الجَرِيدة إِذا رَقَّقَها وَلَوَاهَا عَلَى شَيْءٍ. وَكُلُّ مَا لُوِيَ عَلَى شيءٍ، فَقَدْ قُلِدَ. وسِوارٌ مَقْلودٌ، وَهُوَ ذُو قُلْبَينِ مَلْوِيَّيْنِ. والقَلْدُ: لَيُّ الشيءِ عَلَى الشَّيْءِ؛ وسوارٌ مَقْلُودٌ وقَلْدٌ: مَلْوِيٌّ. والقَلْدُ: السِّوارُ المَفْتُولُ مِنْ فِضَّةٍ. والإِقْلِيدُ: بُرَة النَّاقَةِ يُلْوَى طَرَفَاهَا. والبرَةُ الَّتِي يُشَدُّ فِيهَا زِمَامُ النَّاقَةِ لَهَا إِقليد، وَهُوَ طَرَفها يُثْنى عَلَى طَرَفِهَا الْآخَرِ ويُلْوَى لَياً حَتَّى يَسْتَمْسِك. والإِقْلِيدُ: المِفتاحُ، يَمَانِيَةٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الْمِفْتَاحُ وَلَمْ يَعْزُهَا إِلى الْيَمَنِ؛ وَقَالَ تبَّعٌ حِينَ حَجَّ الْبَيْتَ:
وأَقَمْنا بِهِ مِنَ الدَّهْر سَبْتاً، ... وجَعَلْنا لِبابِهِ إِقْلِيدَا
سَبْتاً: دَهْراً وَيُرْوَى سِتًّا أَي سِتَّ سِنِينَ. والمِقْلدُ والإِقْلادُ: كالإِقْلِيدِ. والمِقْلادُ: الخِزانةُ. والمَقالِيدُ: الخَزائِنُ؛ وقَلَّدَ فلانٌ فُلَانًا عَمَلَا تَقْلِيداً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ*
؛ يَجُوزُ أَن تَكُونَ المَفاتيحَ وَمَعْنَاهُ لَهُ مَفَاتِيحُ السَّمَاوَاتِ والأَرض، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الْخَزَائِنَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ أَن كُلَّ شَيْءٍ مِنْ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ فَاللَّهُ خَالِقُهُ وَفَاتِحُ بَابِهِ؛ قَالَ الأَصمعي: المقالِيدُ لَا واحدَ لَهَا. وقَلَدَ الحبْلَ يَقْلِدُه قَلْداً: فَتلَه. وكلُّ قُوَّةٍ انْطَوَتْ مِنَ الحبْلِ عَلَى قُوَّةٍ، فَهُوَ قَلْدٌ، وَالْجَمْعُ أَقْلادٌ وقُلُودٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وحَبْلٌ مَقْلُودٌ وقَلِيدٌ. والقَلِيدُ: الشَّريطُ، عَبْدِيَّة. والإِقْلِيدُ: شَرِيطٌ يُشَدُّ بِهِ رأْس الجُلَّة. والإِقْلِيدُ: شَيْءٌ يَطُولُ مِثْلُ الْخَيْطِ مِنَ الصُّفْر يُقْلَدُ عَلَى البُرَة وخَرْقِ القُرْط «5» ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَهُ الْقُلَادُ يُقْلَدُ أَي يُقَوّى. والقِلادَة: مَا جُعِل فِي العُنُق يَكُونُ للإِنسان والفرسِ والكلبِ والبَدَنَةِ الَّتِي تُهْدَى ونحوِها؛ وقَلَّدْتُ المرأَةَ فَتَقَلَّدَتْ هِيَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قِيلَ لأَعرابي: مَا تَقُولُ فِي نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: قلائِدُ الْخَيْلِ أَي هنَّ كِرامٌ وَلَا يُقَلَّدُ مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا سَابِقٌ كَرِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَلِّدُوا الخيلَ وَلَا تُقَلِّدُوها الأَوتارَ
أَي قَلِّدُوها طلبَ أَعداء الدِّينِ والدفاعَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُقَلِّدُوها طَلَبَ أَوتارِ الْجَاهِلِيَّةِ وذُحُولها الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ، والأَوتار: جَمْعُ وِتر، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الدَّمُ وَطَلَبُ الثأْر، يُرِيدُ اجْعَلُوا ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا فِي أَعناقها لُزومَ الْقَلَائِدِ لِلأَعْناقِ؛ وَقِيلَ: أَراد بالأَوتار جَمْعَ وَتَرِ القَوْس أَي لَا تَجْعَلُوا فِي أَعناقها الأَوتار فتختَنِقَ لأَن الْخَيْلَ رُبَّمَا رَعَتِ الأَشجار فَنَشِبَتِ الأَوتارُ بِبَعْضِ شُعَبِها فَخَنَقَتْها؛ وَقِيلَ إِنما نَهَاهُمْ عَنْهَا لأَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن تَقْلِيدَ الْخَيْلِ بالأَوتار يَدْفَعُ عَنْهَا الْعَيْنَ والأَذى فيكون كالعُوذةِ
__________
(5) . قوله [وخرق القرط] هو بالراء في الأَصل وفي القاموس وخوق بالواو، قال شارحه أي حلقته وشنفه، وفي بعض النسخ بالراء.

(3/366)


لَهَا، فَنَهَاهُمْ وأَعلمهم أَنها لَا تَدْفَعُ ضَرَراً وَلَا تَصْرِفُ حَذراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَيْلى قَضِيبٌ تحتَه كَثِيبُ، ... وَفِي القِلادِ رَشَأٌ رَبِيبُ
فإِما أَن يَكُونَ جَعَلَ قِلاداً مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ فِعالَةً عَلَى فِعالٍ كَدِجاجَةٍ ودِجاجٍ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَالْكَسْرَةُ الَّتِي فِي الْجَمْعِ غَيْرُ الْكَسْرَةِ الَّتِي فِي الْوَاحِدِ، والأَلف غَيْرَ الأَلف. وَقَدْ قَلَّدَه قِلاداً وتَقَلَّدَها؛ وَمِنْهُ التقلِيدُ فِي الدِّينِ وتقليدُ الوُلاةِ الأَعمالَ، وتقليدُ البُدْنِ: أَن يُجْعَلَ فِي عُنُقِها شِعارٌ يُعْلَمُ بِهِ أَنها هَدْي؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
حَلَفتُ بِرَبِّ مكةَ والمُصَلَّى، ... وأَعْناقِ الهَديِّ مُقلَّداتِ
وقَلَّدَه الأَمرَ: أَلزَمه إِياه، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: وتقلِيدُ البدَنَةِ أَن يُجْعَلَ فِي عُنُقِهَا عُرْوةُ مَزادة أَو خَلَقُ نَعْل فيُعْلم أَنها هَدْيٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانُوا يُقَلِّدُون الإِبل بِلِحاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَيَعْتَصِمُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَعدائهم، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، فأُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بأَن لَا يُحِلُّوا هَذِهِ الأَشياء الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ إِلى اللَّهِ ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ. وتَقَلَّدَ الأَمرَ: احْتَمَلَهُ، وَكَذَلِكَ تَقَلَّدَ السَّيْفَ؛ وَقَوْلُهُ:
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحَا
أَي وَحَامِلًا رُمْحاً؛ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِ الْآخَرِ:
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارِدَا
أَي وَسَقَيْتُهَا مَاءً بَارِدًا. ومُقَلَّدُ الرَّجُلِ: مَوْضِعُ نِجاد السَّيْفِ عَلَى مَنْكِبَيْه. والمُقَلَّدُ مِنَ الْخَيْلِ: السابِقُ يُقَلَّدُ شَيْئًا لِيُعْرَفَ أَنه قَدْ سَبَقَ. والمُقَلَّدُ: مَوْضِعٌ. ومُقَلَّداتُ الشِّعْرِ: البَواقِي عَلَى الدَّهْرِ. والإِقْلِيدُ: العُنُقُ، وَالْجَمْعُ أَقْلاد، نادِر. وَنَاقَةٌ قَلْداءُ: طَوِيلَةُ العُنُق. والقِلْدَة: القِشْدة وَهِيَ ثُفْلُ السَّمْنِ وَهِيَ الكُدادَةُ. والقِلْدَةُ: التَّمْرُ والسوِيقُ يُخَلَّصُ بِهِ السَّمْنُ. والقِلْدُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الحُمَّى: يومُ إِتْيانِ الرِّبْع، وَقِيلَ: هُوَ وَقْتُ الحُمَّى المعروفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يُخْطِئُ، وَالْجَمْعُ أَقلاد؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ قَوافِلُ جُدَّة قِلْداً. وَيُقَالُ: قَلَدتْه الحُمَّى أَخَذَته كُلَّ يَوْمٍ تَقْلِدُه قَلْداً. الأَصمعي: القِلْدُ المَحْمومُ يومَ تأْتيه الرِّبْع. والقِلْدُ: الحَظُّ مِنَ الْمَاءِ. والقِلْدُ: سَقْيُ السَّمَاءِ. وَقَدْ قَلَدَتْنا وَسَقَتْنَا السَّمَاءُ قَلْداً فِي كُلِّ أُسْبوع أَي مَطَرَتْنا لِوَقْتٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه اسْتَسْقَى قَالَ: فَقَلَدَتْنا السَّمَاءُ قَلْداً كُلَّ خَمْسَ عشْرةَ لَيْلَةً
أَي مَطَرَتْنا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، مأْخوذ مِنْ قِلْدِ الحُمَّى وَهُوَ يومُ نَوْبَتِها. والقَلْدُ [القِلْدُ] : السَّقْيُ. يُقَالُ: قَلَدْتُ الزرعَ إِذا سَقَيْتَه. قَالَ الأَزهري: فالقَلْدُ الْمَصْدَرُ، والقِلْدُ الِاسْمُ، والقِلْدُ يومُ السَّقْيِ، وَمَا بَيْنَ القِلْدَيْنِ ظِمْءٌ، وَكَذَلِكَ القِلْد يومُ وِرْدِ الحُمَّى. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ سقَى إِبِلَهُ قلْداً وَهُوَ السَّقْيُ كُلَّ يَوْمٍ بِمَنْزِلَةِ الظَّاهِرَةِ. وَيُقَالُ: كَيْفَ قَلْد نَخْلِ بَنِي فُلَانٍ؟ فَيُقَالُ: تَشْرَبُ فِي كُلِّ عشْرٍ مَرَّةً. وَيُقَالُ: اقْلَوَّدَه النعاسُ إِذا غَشِيَهُ وغَلبه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والقومُ صَرْعَى مِن كَرًى مُقْلَوِّد

(3/367)


والقِلد: الرُّفْقَة مِنَ الْقَوْمِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ. وصَرَّحَتْ بِقِلندان أَي بِجِدٍّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وقُلُودِيَّةُ «1» مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعُبَةُ والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَةُ والوَهْدَةُ والقَلْدَةُ والهَرْتَمَةُ والحَثْرَمة [الحِثْرَمة] [الحَثْرِمة] [الحِثْرِمة] والعَرْتَمَةُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبَةُ مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشَّارِبِينَ بِحيال الوَتَرة.
قلعد: اقْلَعَدَّ الشعَر كاقْلَعَطَّ: جَعُد، وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ قَلْعَطَ إِن شَاءَ اللَّهُ.
قمد: اللَّيْثُ: القُمُدُّ: القويُّ الشديدُ. وَيُقَالُ: إِنه لَقُمُدٌّ قُمْدُدٌ وامرأَة قُمُدَّةٌ. والقُمُودُ: شِبه العُسُوِّ مِنْ شدّةِ الإِباءِ. يُقَالُ: قَمَدَ يَقْمُدُ قَمْداً وقُمُوداً: جَامِعٌ فِي كُلَّ شَيْءٍ. ابْنُ سِيدَهْ: قَمَدَ يَقْمُدُ قَمْداً وقُمُوداً: أَبَى وَتَمَنَّعَ. والأَقْمَدُ: الضخْمُ العُنقِ الطوِيلُها، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ عَامَّةً؛ وامرأَة قَمْداءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ونحنُ، إِنْ نُهْنِهَ ذَوْدُ الذَّوّاد، ... سَواعِدُ القومِ وقُمْدُ الأَقْماد
أَي نَحْنُ غُلْبُ الرِّقاب. وذكَرٌ قُمُدٌّ: صُلْبٌ شديدُ الإِنْعاظِ؛ وَقِيلَ: القُمُدُّ اسْمٌ لَهُ. وَرَجُلٌ قُمْدٌ وقُمُدٌّ وقُمْدُدٌ وقمُدَّانٌ وقمُدَّانِيٌّ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ صُلْب، والأُنثى قُمُدَّانَةٌ وقُمُدَّانِيَّةٌ. والقَمْدُ: الإِقامةُ فِي خَيْرٍ أَو شَرٍّ. والقُمُدُّ: الْغَلِيظُ مِنَ الرِّجَالِ. واقْمَهَدَّ الْبَعِيرُ: رَفَعَ رأْسه، بِزِيَادَةِ الْهَاءِ، وسيأْتي ذكره.
قمحد: القَمَحْدُوَةُ: الهَنَةُ النَّاشِزَةُ فَوْقَ الْقَفَا، وَهِيَ بَيْنَ الذُّؤَابَةِ وَالْقَفَا مُنْحَدِرَةٌ عَنِ الْهَامَةِ إِذا اسْتَلْقَى الرَّجُلُ أَصابت الأَرض مِنْ رأْسه، قَالَ: وَالْجَمْعُ قَماحِدُ؛ قَالَ:
فإِنْ يُقْبِلُوا نَطْعُنْ ثُغُورَ نُحُورِهْم، ... وإِنْ يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعالي القَماحِدِ
والقَمَحْدُوَةُ أَيضاً: أَعْلى القَذالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: صَحَّتِ الْوَاوُ فِي قَمَحْدُوَة لأَن الإِعراب لَمْ يَقَعْ فِيهَا وَلَيْسَتْ بِطَرَف، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عَرْقُوَة. أَبو زَيْدٍ: القَمَحْدُوَةُ مَا أَشرف عَلَى الْقَفَا مِنْ عظْم الرأْسِ والهامةُ فَوْقَهَا، والقَذالُ دونَها مِمَّا يَلِي المَقَدَّ. الأَزهري: القَمَحْدُوَةُ مؤَخَّرُ القَذالِ وَهِيَ صَفْحَةُ مَا بَيْنَ الذؤَابة وفَأْسِ القَفا، ويُجْمَعُ قَماحِيدَ وقَمَحْدُوات.
قمعد: اقْمَعَدَّ الرجلُ: كاقْمَعَطَّ؛ قَالَ الأَزهري: كَلَّمْتُهُ فاقْمَعَدَّ اقْمِعْداداً. والمُقْمَعِدُّ: الَّذِي تُكَلِّمُهُ بِجُهْدِكَ فَلَا يَلِينُ لَكَ وَلَا يَنْقَادُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي عَظُمَ أَعلى بَطْنِهِ واسْتَرْخَى أَسْفَلُه.
قمهد: اقْمَهَدَّ الرجلُ اقْمِهْداداً إِذا رَفَعَ رأْسه؛ وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. واقْمَهَدَّ أَيضاً: مَاتَ؛ قَالَ:
فإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدّ مكانِيا
الأَزهري: المُقْمَهِدُّ المُقِيمُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَا يَبْرَحُ؛ وَاسْتَشْهَدَ هُوَ أَيضاً بِقَوْلِهِ:
فإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدّ
والقَمْهَدُ: الرَّجُلُ اللئيمُ الأَصل الْقَبِيحُ الْوَجْهِ. والاقْمِهْدادُ: شِبْهُ ارْتِعادٍ فِي الفَرْخِ إِذا زَقَّه أَبواه فَتَرَاهُ يَكْوَهِدُّ إِليهما ويَقْمَهِدُّ نحوهما.
قند: القَنْدُ والقَنْدَةُ والقِنْدِيدُ كُلُّهُ: عُصارة قصَب السُّكَّر إِذا جَمُدَ؛ وَمِنْهُ يُتَّخَذُ الفانيذُ. وَسَوِيقٌ مَقْنُودٌ ومُقَنَّدٌ: مَعْمُولٌ بالقِنْدِيدِ، قَالَ ابْنُ مقبل:
__________
(1) . وقوله [وقلودية] كذا ضبط بالأَصل وفي معجم ياقوت بفتحتين فسكون وياء مخففة.

(3/368)


أَشاقَكَ رَكْبٌ ذُو بَناتٍ ونِسْوَةٍ ... بِكِرْمانَ يَعْتَفْنَ السَّوِيقَ المُقَنَّدا «1»
والقَنْدُ: عسَل قصَب السُّكَّرِ. والقِنْدِدُ: حَالُ الرَّجُلِ، حَسَنة كَانَتْ أَو قَبِيحَةً. والقِنْدِيدُ: الوَرْسُ الجَيِّدُ. والقِنْدِيدُ: الْخَمْرِ. قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِثْلُ الإِسْفَنْطِ [الإِسْفِنْطِ] ؛ وأَنشد:
كأَنها فِي سَياعِ الدَّنِّ قِنْدِيدُ
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ؛ وَقِيلَ: القِنْدِيدُ عَصِيرُ عِنَبٍ يُطْبَخُ وَيُجْعَلُ فِيهِ أَفواهٌ مِنَ الطِّيبِ ثُمَّ يُفْتَقُ، عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَيُقَالُ إِنه لَيْسَ بخمرٍ. أَبو عَمْرٍو: هِيَ القِنْدِيدُ والطَّابَةُ والطَّلَّةُ والكَسِيسُ والفَقْدُ وأُمُّ زَنْبَق وأُمُّ لَيْلَى والزَّرْقاءُ لِلْخَمْرِ. ابْنُ الأَعرابي: القنادِيدُ الخُمُورُ، والقناديدُ الْحَالَاتُ، الْوَاحِدُ مِنْهَا قِنْدِيد. والقِنْدِيدُ أَيضاً: العَنْبَرُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الأَعشى:
بِبابِلَ لَمْ تُعْصَرْ فسالَتْ سُلافَةٌ، ... تُخالِطُ قِنْديداً ومِسْكاً مُخَتَّما
وقَنْدَةُ الرِّقاعِ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَبو القُنْدَينِ: كُنْية الأَصمعي؛ قَالُوا: كُنِّيَ بِذَلِكَ لِعِظَمِ خُصْيَيْه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُحْكَ لَنَا فِيهِ أَكثر مِنْ ذَلِكَ وَالْقَضِيَّةُ تُؤْذن أَن القُنْد الخُصْية الْكَبِيرَةُ. وَنَاقَةٌ قِنْدَأْوَةٌ وَجَمَلٌ قِنْدَأْوٌ أَي سرِيعٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ: رَجُلٌ قِنْدَأْوةٌ وسِنْدَأْوَةٌ وَهُوَ الْخَفِيفُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ مِنَ النُّوق الجَرِيئةُ. شَمِرٌ: قِنْدَاوة يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. أَبو الْهَيْثَمِ: قِنْدَاوَةٌ فِنْعَالَةٌ، وَكَذَلِكَ سِنْداوَةٌ وعِنْداوَةٌ. اللَّيْثُ: القِنْدَأْوُ: السيءُ الخُلُق وَالْغِذَاءِ؛ وأَنشد:
فجاءَ بِهِ يُسَوِّقُه، ورُحْنا ... بِهِ فِي البَهْم قِنْدَأْواً بَطِينا
وقَدُومٌ قِنْدَأْوَةٌ أَي حَادَّةٌ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ: فندأْوة، بِالْفَاءِ. أَبو سَعِيدٍ: فَأْسٌ فِنْدَأْوَةٌ وقِنْدَأْوَةٌ أَي حَدِيدَةٌ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: قَدُومٌ قِندأْوة حادّة.
قندد: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: القِنْدِدُ حالُ الرَّجُلِ. والقِنْدِيدُ: الخمر.
قنفد: القُنْفُدُ: لُغَةٌ فِي القُنْفُذِ؛ حَكَاهَا كَرَاعٌ عَنْ قُطْرُبٍ.
قهد: القَهْدُ: النَّقِيُّ اللوْنِ. والقَهْدُ: الأَبيض، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ البِيضَ مِنْ أَولاد الظِّباءِ والبَقَر. والقَهْدُ: مِنْ أَولاد الضأْنِ يَضْرِبُ إِلى الْبَيَاضِ، وَيُقَالُ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ قَهد أَيضاً. والساجِسِيَّةُ: غَنَمٌ تَكُونُ بِالْجَزِيرَةِ؛ وأَنشد:
نَقُودُ جِيادَهُنَّ ونَفْتَلِيها، ... وَلَا نَعْدُو التُّيُوسَ وَلَا القِهادا
وَقِيلَ: القِهادُ شاءٌ حِجازية سُكُّ الأَذناب؛ وأَنشد الأَصمعي لِلْحُطَيْئَةِ:
أَتَبْكي أَن يُساقَ القَهْدُ فِيكُم؟ ... فَمَنْ يَبْكي لأَهْلِ السَّاجِسيِّ؟
وَقِيلَ: القَهْدُ الصَّغِيرُ مِنَ الْبَقَرِ اللطيفُ الْجِسْمِ؛ وَيُقَالُ: الْقَهْدُ الْقَصِيرُ الذَّنَبِ، وَقِيلَ: القَهْدُ غَنَمٌ سُود باليمن وَهِيَ الْخُرُفُ «2» والقَهْدُ: ضَرْبٌ مِنَ الضأْن يَعْلُوهُنَّ حُمْرَةٌ وتَصْغُر آذَانُهُنَّ، وَقِيلَ: الْقَهْدُ مِنَ الضأْن الصَّغِيرُ الأُحَيْمِر الأُكَيْلِفُ الوجهِ مِنْ شاءِ الْحِجَازِ. وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: القَهد الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ.
__________
(1) . قوله [يعتفن] في الأساس يسقين.
(2) . قوله [وهي الخرف] كذا في الأَصل بالخاء المعجمة والراء. وفي القاموس الخذف قال شارحه بفتح الخاء وسكون الذال المعجمتين وآخره فاء، هكذا في النسخ وفي بعضها خرف بالراء بدل الذال ومثله في اللسان وكل ذلك ليس بوجه والصواب الحذف بالمهملة ثم المعجمة محركة كما هو نص الصاغاني.

(3/369)


وَالْقَهْدُ: الجُؤْذَرُ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وساقَ النِّعاجَ الخُنْسَ، بَيْني وبينَها ... بِرَعْنِ أَشاءٍ، كلُّ ذِي جُدَدٍ قَهْد
وَقِيلَ: القَهْدُ وَلَدُ الضأْن إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ قِهاد. الْجَوْهَرِيُّ: القَهْد مِثْلُ القَهْب وَهُوَ الأَبيض الكَدِر. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَبيض وقَهْب وقَهْد بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
لمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنازَعَ شِلْوَه ... غُبْسٌ كواسِبُ، لَا يُمَنُّ طَعامُها
وصَف بَقَرَةً وَحْشِيَّةً أَكلت السباعُ ولدَها فَجَعَلَهُ قَهْداً لِبَيَاضِهِ. التَّهْذِيبُ: قَهَد فِي مَشْيِهِ إِذا قَارَبَ خَطْوَه وَلَمْ يَنْبَسِطْ فِي مَشْيِهِ، وَهُوَ مِنْ مَشْيِ القِصار. والقَهْدُ: النَّرْجِسُ إِذا كَانَ جُنْبذاً لَمْ يَتَفَتَّحْ، فإِذا تَفَتَّح فَهِيَ التفاتيحُ والتفاقيحُ والعُيون. والقِهادُ: اسم موضع.
قهمد: القَهْمَدُ: اللَّئِيمُ الأَصل الدنِيءُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّمِيمُ الوجه.
قود: القَوْدُ: نَقِيضُ السَّوْق، يَقُودُ الدابَّة مِنْ أَمامِها ويَسُوقُها مِنْ خَلْفِها، فالقَوْدُ مِنْ أَمام والسَّوْقُ مِنْ خَلْف. قُدْتُ الْفَرَسَ وَغَيْرَهَ أَقُودهُ قَوْداً ومَقادَة وقَيْدُودة، وَقَادَ البعيرَ واقْتادَه: مَعْنَاهُ جَرَّه خَلْفَهُ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
اقْتادوا رَواحِلَهم
؛ قَادَ الدابةَ قَوْداً، فَهِيَ مَقُودة ومَقْوُودَة؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ وَهِيَ تَمِيمِيَّةٌ، واقْتادَها والاقْتِيادُ والقَوْدُ وَاحِدٌ، واقْتادَهُ وقادَهُ بِمَعْنًى. وقَوَّدَهُ: شدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. والقَوْدُ: الْخَيْلُ، يُقَالُ: مَرَّ بِنَا قَوْد. الْكِسَائِيُّ: فَرَسٌ قَوُودٌ، بِلَا هَمْزٍ، الَّذِي يَنْقَادُ، وَالْبَعِيرُ مِثْلُهُ، والقَوْد مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تُقادُ بِمَقاوِدِها وَلَا تُرْكَبُ، وَتَكُونُ مُودَعَة مُعَدّة لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إِليها. يُقَالُ: هَذِهِ الخيلُ قَوْدُ فُلَانٍ القائِد، وَجَمْعُ قَائِدِ الْخَيْلِ قادَة وقُوَّاد، وَهُوَ قَائِدٌ بَيِّن القِيادة، والقائِدُ وَاحِدُ القُوَّاد والقادةِ؛ وَرَجُلٌ قَائِدٌ مِنْ قَوْمٍ قُوَّد وقُوَّاد وَقَادَةٍ. وأَقاده خَيْلًا: أَعطاه إِياها يَقُودها، وأَقَدْتُك خَيْلًا تَقُودُها. والمِقْوَدُ والقِيادُ: الْحَبْلُ الَّذِي تَقُودُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْمِقْوَدُ الْحَبْلُ يُشَدُّ فِي الزِّمام أَو اللِّجامِ تُقاد بِهِ الدابَّة. والمِقْوَدُ: خَيْط أَو سَيْرٌ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ أَو الدَّابَّةِ يُقَادُ بِهِ. وَفُلَانٌ سَلِسُ القِياد وصَعْبُه، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَمَنِ اللَّهِج باللذةِ السَّلِس القِيادِ للشَّهْوَةِ
، وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ القِيادَ فِي اليعاسِيب فَقَالَ فِي صِفاتها: وَهِيَ مُلوك النَّحْلِ وقادَتُها. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
فَانْطَلَقَ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَتَقاودان حَتَّى أَتَوْهُم
أَي يَذْهبان مُسْرِعَين كأَن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُودُ الآخرَ لسُرْعَتِه. وأَعطاه مَقادَتَه: انقادَ لَهُ. والانقيادُ: الخُضوعُ. تَقُولُ: قُدْتُهُ فانقادَ واستقادَ لِي إِذا أَعطاك مَقادتَه، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قُرَيْشٌ قادَة ذادَة
أَي يَقُودونَ الجُيُوشَ، وَهُوَ جَمْعُ قائِدٍ. وَرُوِيَ
أَنَّ قُصَيّاً قَسَمَ مَكارِمَه فأَعْطى قَوْدَ الجُيُوشِ عبدَ منافٍ، ثُمَّ وَلِيَها عبدُ شَمْسٍ، ثُمَّ أُمية بْنُ حَرْبٍ، ثُمَّ أَبو سفيان.
وفرس قَؤُود: سَلِسٌ مُنْقادٌ. وبعير قَؤُود وقيِّدٌ وقَيْدٌ، مِثْلُ مَيْت، وأَقْوَدُ: ذَلِيلٌ مُنْقاد، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ القِيادةُ. وَجَعَلْتُهُ مَقادَ المُهْرِ أَي عَلَى الْيَمِينِ لأَن الْمُهْرَ أَكثر مَا

(3/370)


يُقادُ عَلَى الْيَمِينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ جَعَلُوا السَّبِيَّةَ عَنْ يمينٍ ... مَقادَ المُهْرِ، واعْتَسَفُوا الرِّمالا
وَقَادَتِ الريحُ السحابَ عَلَى المَثَل؛ قَالَتْ أُم خَالِدٍ الْخَثْعَمِيَّةُ:
لَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه، ... يُقادُ إِلى أَهلِ الغَضا بِزِمامِ
وأَقادَ الغَيثُ؛ فَهُوَ مُقِيدٌ إِذا اتَّسَعَ؛ وَقَوْلَ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْغَيْثَ:
سَقاها، وإِن كانتْ عَلَيْنا بَخِيلَةً، ... أَغَرُّ سِماكِيٌّ أَقادَ وأَمْطَرَا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَقاد اتَّسَع، وَقِيلَ: أَقاد أَي صَارَ لَهُ قَائِدٌ مِنَ السَّحَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ أَيضاً:
لَهُ قائدٌ دُهْمُ الرَّبابِ، وخَلْفَه ... رَوايا يُبَجِّسْنَ الغَمَامَ الكَنَهْوَرا
أَراد: لَهُ قائدٌ دُهْمٌ رَبابُه فَلِذَلِكَ جَمَع. وأَقادَ: تقدَّم وَهُوَ مِمَّا ذَكَرَ كأَنه أَعطَى مَقادَتَه الأَرضَ فأَخَذَتْ مِنْهَا حَاجَتَهَا؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَتْلَع يَسْمُو بِتَلِيلٍ قَوَّاد
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: مُتَقَدّم. وَيُقَالُ: انقادَ لِي الطَّرِيقُ إِلى مَوْضِعِ كَذَا انقِياداً إِذا وَضَح صَوْبُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي ماءٍ وَرَدَه:
تَنَزَّلَ عَنْ زَيْزَاءَةِ القُفِّ، وارْتَقَى ... عَنِ الرَّمْلِ، فانقادَتْ إِليه الموارِدُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سأَلتُ الأَصمعي عَنْ مَعْنَى وانقادتْ إِليه المَواردُ، قَالَ: تتابَعَتْ إِليه الطُّرُقُ. والقائدةُ مِنَ الإِبلِ: الَّتِي تَقَدَّمُ الإِبِلَ وتَأْلَفُها الأَفْتاءُ. والقَيِّدَةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُقادُ للصَّيْدِ يُخْتَلُ بِهَا، وَهِيَ الدَّرِيئة. والقائدُ مِنَ الجَبَل: أَنْفُه. وَقَائِدُ الْجَبَلِ: أَنْفُه. وكلُّ مستطيلٍ مِنَ الأَرضِ: قائدٌ. التَّهْذِيبُ: والقِيادَةُ مَصْدَرُ القائدِ. وكلُّ شيءٍ مِنْ جَبَلٍ أَو مُسَنَّاةٍ كَانَ مُسْتَطِيلًا عَلَى وَجْهِ الأَرض، فَهُوَ قائدٌ وَظَهَرَ مِنَ الأَرض يَقُودُ ويَنْقادُ ويَتَقاوَدُ كَذَا وَكَذَا مَيْلًا. والقائدَةُ: الأَكمَةُ تمتدُّ عَلَى وَجْهِ الأَرض. والقَوْداءُ: الثَّنِيَّةُ الطويلةُ فِي السماءِ؛ وَالْجَبَلُ أَقْوَدُ. وَهَذَا مَكَانٌ يَقُودُ مِنَ الأَرض كَذَا وَكَذَا ويقتادُه أَي يُحاذِيه. والقائدُ: أَعظم فُلْجانِ الحَرْثِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ لأَنها أَكثر مِنَ الْيَاءِ فِيهِ. والأَقْوَدُ: الطويلُ العُنُق وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبلِ وَالنَّاسِ والدوابِّ. وَفَرَسٌ أَقْوَدُ: بَيِّن القَوَد؛ وَنَاقَةٌ قَوْداءُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيلُ
القَوْداءُ: الطَّوِيلَةُ؛ وَمِنْهُ رَمْلٌ مُنْقادٌ أَي مُسْتطِيلٌ؛ وَخَيْلٌ قُبٌّ قُودٌ، وَقَدْ قَوِد قَوَداً. والأَقْوَدُ: الجبَلُ الطَّوِيلُ. والقَيْدُود: الطَّوِيلُ، والأُنثى قَيْدُودة. وَفَرَسٌ قَيْدُودٌ: طَوِيلَةُ العُنُق فِي انْحِنَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يوصَفُ بِهِ الْمُذَكَّرُ. والقَيادِيدُ: الطِّوالُ مِنَ الأُتُن، الْوَاحِدُ قَيْدُود؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو أَزْمَلٍ وُسِقَتْ ... لَهُ الفَرائِشُ، والقُبُّ القَيادِيدُ
والأَقْوَدُ مِنَ الرِّجَالِ: الشديدُ العنُق، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ الْتِفَاتِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ عَلَى الزَّادِ: أَقود لأَنه لَا يتَلَفَّتُ عِنْدَ الأَكل لِئَلَّا يَرَى إِنساناً فَيَحْتَاجُ أَن يَدْعُوَه. وَرَجُلٌ أَقْوَدُ: لَا يَتَلَفَّتُ؛ التَّهْذِيبُ: والأَقود مِنَ النَّاسِ الَّذِي إِذا أَقبَل عَلَى الشَّيْءِ بِوَجْهِهِ لَمْ

(3/371)


يَكَدْ يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ؛ وأَنشد:
إِنَّ الكَريمَ مَنْ تَلَفَّتَ حَوْلَه، ... وإِنَّ اللئِيمَ دَائِمُ الطَّرْفِ أَقْوَدُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَقْوَدُ مِنَ الْخَيْلِ الطويلُ العُنُق العظيمُه. والقَوَدُ: قَتْلُ النفْسِ بالنفسِ، شاذٌّ كالحَوَكَة والخَوَنَة؛ وَقَدِ استَقَدْتُه فأَقادني. الْجَوْهَرِيُّ: القَوَدُ القِصاصُ. وأَقَدْتُ القاتِلَ بِالْقَتِيلِ أَي قَتَلْتُه بِهِ. يُقَالُ: أَقاده السُّلْطَانُ مِنْ أَخيه. وَاسْتَقَدْتُ الْحَاكِمَ أَي سأَلته أَن يُقِيدَ القاتلَ بِالْقَتِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَتَلَ عَمْداً، فَهُوَ قَوَدٌ
؛ القَوَدُ: القِصاصُ وقَتْلُ القاتِلِ بَدَلُ الْقَتِيلِ؛ وَقَدْ أَقَدْتُه بِهِ أُقِيدُه إِقادة. اللَّيْثُ: القَوَدُ قتْلُ القاتِلِ بِالْقَتِيلِ، تَقُولُ: أَقَدْتُه، وإِذا أَتى إِنسانٌ إِلى آخَرَ أَمْراً فانتَقَم مِنْهُ بِمثْلِها قِيلَ: استقادَها مِنْهُ؛ الأَحمر: فإِن قَتَلَهُ السلطانُ بِقَود قِيلَ: أَقاد السلطانُ فُلَانًا وأَقَصَّه. ابْنُ بُزُرج: تُقَيِّدُ أَرضٌ حَمِيضَة، سمِّيت تُقَيِّد لأَنها تُقَيِّدُ مَا كَانَ بِهَا مِنَ الإِبل تَرْتعِيها لِكَثْرَةِ حَمْضِها وخُلَّتِها.
قيد: القَيْدُ: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَقْيادٌ وقُيودٌ، وَقَدْ قَيَّدَه يُقَيِّدُه تَقْييداً وقَيَّدْتُ الدابَّة. وَفَرَسٌ قَيْدُ الأَوابِد أَي أَنه لِسُرْعَتِهِ كأَنه يُقَيِّدُ الأَوابد وَهِيَ الحُمُرُ الوحشيَّةُ بِلَحَاقِهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ نَكِرَةٌ وإِن كَانَ بِلَفْظِ الْمَعْرِفَةِ؛ وأَنشد قَوْلَ إِمرئ الْقَيْسِ:
وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيرُ فِي وكَناتِها ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابدِ هَيْكَلِ
الوكَناتُ: جَمْعُ وَكْنَةٍ لِوَكْرِ الطائِر. والمُنْجَرِدُ: القصيرُ الشَّعَرِ. والأَوابِدُ: الوحْشُ. يُقَالُ: تأَبَّدَ أَي تَوَحَّشَ والهَيْكَلُ: الْعَظِيمُ الخَلْقِ؛ وأَنشد أَيضاً لإِمرئ الْقَيْسِ:
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابِدِ لاحَه ... طِرادُ الهَوادِي كلَّ شأْوٍ مُغَرِّبِ
قَالَ ابْنُ حني: أَصله تَقْيِيدُ الأَوابد ثُمَّ حَذَفَ زِيَادَتَيْهِ فَجَاءَ عَلَى الْفِعْلِ؛ وإِن شِئْتَ قُلْتَ وَصَفَ بِالْجَوْهَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
فَلَوْلَا اللَّهُ والمُهْرُ المُفَدَّى، ... لَرُحْتَ وأَنتَ غِرْبالُ الإِهابِ
وضَعَ غربالُ موضِعَ المُخَرَّقِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ الجَوادِ الَّذِي يَلْحَق الطرائدَ مِنَ الْوَحْشِ: قَيْد الأَوابِدِ؛ مَعْنَاهُ أَنه يَلْحَقُ الْوَحْشَ لجَوْدته وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْفَوَاتِ بِسُرْعَتِهِ فكأَنها مُقَيَّدَة لَهُ لَا تَعْدُو.
وَقَالَتِ امرأَة لعائشة، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: أَأُقَيِّدُ جَمَلي؟
أَرادت بِذَلِكَ تَأْخِيذَها إِياه مِنَ النساءِ سِواها،
فقالت لها عائشة بعد ما فَهِمَت مُرَادَهَا: وجْهِي مِنْ وجْهِك حَرَامٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَرادت أَنها تَعْمَلُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا يَمْنَعُهُ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ فكأَنها تَرْبِطه وتُقَيِّدُه عَنْ إِتيان غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَيَّدَ الإِيمانُ الفَتْك
؛ مَعْنَاهُ أَنَّ الإِيمانَ يمنع عن الفَتْك بِالْمُؤْمِنِ كَمَا يَمْنَعُ ذَا العَيْثِ عَنِ الفَسادِ قَيْدُه الَّذِي قُيِّدَ بِهِ. ومُقَيِّدَةُ الحِمار: الحُرَّةُ لأَنها تَعْقِلُه فكأَنها قَيْدٌ لَهُ؛ قَالَ:
لَعمْرُكَ مَا خَشِيتُ عَلَى عَدِيٍّ ... سُيُوفَ بَني مُقَيِّدَة الحِمارِ
ولكِني خَشِيتُ عَلَى عَدِيٍّ ... سُيُوفَ القَوْمِ أَو إِيَّاكَ حارِ
عَنَى بِبَنِي مُقَيِّدَة الحِمارِ العَقارِبَ لأَنها هُنَاكَ تَكُونُ.

(3/372)


والقَيْدُ: مَا ضَمَّ العَضُدَتَيْنِ المؤَخَّرَتَيْنِ مِنْ أَعلاهما مِنَ القِدِّ. والقَيْدُ: القِدُّ الَّذِي يَضُمُّ العَرْقُوَتَيْنِ مِنَ القَتبِ. وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالقَيْد والغُلّ. وقَيْدُ الرَّحْل: قِدٌّ مَضْفُور بَيْنَ حِنْوَيْهِ مِنْ فَوْقُ، وَرُبَّمَا جُعِلَ لِلسَّرْجِ قَيْدٌ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ أُسِرَ بعضُه إِلى بَعْضٍ. وقُيُودُ الأَسنان: لِثاتُها؛ قال الشاعر:
لَمُرْتَجَّةُ الأَرْدافِ، هِيفٌ خُصُورُها، ... عِذابٌ ثَناياها، عِجافٌ قُيُودُها
يعني اللِّثاتِ وقلَّة لَحْمِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَقُيُودُ الأَسنانِ عُمورها وَهِيَ الشرُفُ السابِلةُ بَيْنَ الأَسنان؛ شُبِّهَتْ بالقُيودِ الْحُمْرِ مِنْ سِمات الإِبلِ. قَيْدُ الْفَرَسِ: سِمَة فِي أَعناقها؛ وأَنشد:
كُومٌ عَلَى أَعناقِها قَيْدُ الفَرَسْ، ... تَنْجُو إِذا الليلُ تَدانَى والتَبَسْ
الْجَوْهَرِيُّ: قَيْدُ الفَرَسِ سِمَة تَكُونُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ عَلَى صُورَةِ القَيْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمَرَ أَوْس بْنَ عبدِ اللَّهِ الأَسْلَمِي أَن يَسِمَ إِبله فِي أَعناقِها قَيدَ الفَرَسِ
؛ هِيَ سِمَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَصُورَتُهَا حَلْقَتان بَيْنَهُمَا مَدَّةٌ. وَهَذِهِ أَجمالٌ مقاييدُ أَي مُقَيَّدات. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِبل مَقايِيدُ مُقَيَّدة، حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لأَنه إِذا ثَبَتَتْ مُقَيَّدة فَقَدْ ثَبَتَتْ مقايِيدُه. قَالَ: وَالْقَيْدُ مِنْ سِماتِ الإِبل وَسْمٌ مُسْتَطِيلٌ مِثْلُ الْقَيْدِ فِي عُنُقِهِ وَوَجْهِهِ وَفَخْذِهِ؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وقَيْدُ السَّيْفِ: هُوَ الْمَمْدُودُ فِي أُصول الْحَمَائِلِ تُمْسِكُه البَكَرات. وقَيَّد العِلم بِالْكِتَابِ: ضَبَطَه؛ وَكَذَلِكَ قَيَّدَ الْكِتَابَ بالشَّكْل: شَكَلَه، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وتَقْييدُ الْخَطِّ: تَنْقِيطُهُ وإِعجامه وشَكْلُه. والمُقَيَّدُ مِنَ الشِّعْرِ: خلافُ المُطْلَق؛ قَالَ الأَخفش: المُقَيَّدُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إِمَّا مُقَيَّد قَدْ تمَّ نَحْوُ قَوْلِهِ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
قَالَ: فإِن زِدْتَ فِيهِ حَرَكَةً كَانَ فَضْلًا عَلَى الْبَيْتِ، وإِما مُقَيَّد قَدْ مُدَّ عَلَى مَا هُوَ أَقصر مِنْهُ نَحْوُ فَعُولْ فِي آخِرِ المُتَقارَب مُدَّ عَنْ فَعُلْ، فَزِيَادَتُهُ عَلَى فَعُلٍ عِوَضٌ لَهُ مِنَ الْوَصْلِ. وَهُوَ منِّي قِيدَ رُمْحٍ، بِالْكَسْرِ، وقادَ رُمْح أَي قَدْرَه. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
حِينَ مَالَتِ الشمسُ قِيدَ الشِّراكِ
؛ الشِّرَاكُ أَحدُ سُيُور النَّعْلِ الَّتِي عَلَى وَجْهِهَا، وأَراد بِقِيدِ الشِّراكِ الْوَقْتَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لأَحد أَن يَتَقَدَّمه فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، يَعْنِي فَوْقَ ظِلِّ الزَّوَالِ فَقَدَّرَهُ بِالشِّرَاكِ لِدِقَّتِهِ وَهُوَ أَقل مَا تَبِينُ بِهِ زِيَادَةُ الظِّلِّ حَتَّى يُعْرَفَ مِنْهُ مَيْلُ الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ أُخرى:
حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمح.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقابُ قَوْسِ أَحدِكم مِنَ الجنةِ أَو قِيدُ سَوْطِه خيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
والقَيِّدُ: الَّذِي إِذا قُدْتَه ساهَلَكَ؛ قَالَ:
وشاعِرِ قَوْمٍ قَدْ حَسَمْتُ خِصاءَه، ... وكانَ لَهُ قَبْلَ الخِصاءِ كَتِيتُ
أَشَمُّ خَبُوطٌ بالفراسِنِ مُصْعَبٌ، ... فأَصْبَحَ مِنِّي قَيِّداً تَرَبوتُ
والقِيادُ: حَبْلٌ تُقادُ بِهِ الدَّابَّةُ. والقَيِّدَةُ: الَّتِي يُسْتَترُ بِهَا مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ تُرْمَى؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَابْنُ قَيْدٍ: مِنْ رُجَّازِهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وقَيْد: اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِبَنِي تَغْلِبَ؛ عَنِ الأَصمعي.

(3/373)


والمُقَيَّدُ: مَوْضِعُ القَيْدِ مِنْ رِجْل الْفَرَسِ وَالْخَلْخَالِ مِنَ المرأَة. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: الدَّهْناءُ مُقَيَّد الْجَمَلِ
؛ أَرادت أَنها مُخْصِبَة مُمْرِعَة وَالْجَمَلُ لَا يَتَعدّى مَرْتَعَه. والمُقَيَّدُ هَاهُنَا: الموضِعُ الَّذِي يُقَيَّدُ فِيهِ أَي أَنه مكانٌ يَكُونُ الْجَمَلُ فِيهِ ذَا قَيْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَيَّدَ الإِيمانُ الفَتْك
أَي أَن الإِيمان يمنع عن الفتك كَمَا يَمْنَعُ القَيْدُ عَنِ التَّصَرُّفِ، فكأَنه جَعَلَ الفَتْكَ مُقَيَّداً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ: قَيْدُ الأَوابد.