لسان العرب فصل الواو
وَأَدَ: الوَأْدُ والوَئِيدُ: الصوتُ الْعَالِي الشديدُ كَصَوْتِ
الْحَائِطِ إِذا سَقَطَ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ المَعْلُوط:
أَعاذِل، مَا يُدْرِيك أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ، ... لأَخْفافِها، فَوْقَ
المِتانِ، وئِيدُ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ وَرَوَاهُ
يَعْقُوبُ فَديدُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: خَرَجْتُ أَقْفُو آثَارَ الناسِ يومَ الْخَنْدَقِ فسمعتُ
وئيدَ الأَرض خَلْفِي.
الوئيدُ: شِدَّةُ الوطءِ عَلَى الأَرض يُسْمَعُ كالدَّوِيّ مِنْ بُعد.
وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَأْدَ قوائمِ الإِبلِ ووئيدَها. وَفِي حَدِيثِ
سَوَادِ بْنِ مطرف: وأْدَ الذِّعْلِبِ الوجناء
أَي صوتَ وَطْئِها على الأَرض. ووَأْدُ الْبَعِيرِ: هَدِيرُه؛ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. ووأَدَ المَوْءُودةَ، وَفِي الصِّحَاحِ وأَدَ ابنتَهُ
يَئِدُها وأْداً: دَفَنها فِي الْقَبْرِ وَهِيَ حَيَّةٌ؛ أَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
مَا لَقِيَ المَوْءُودُ مِنْ ظُلْمِ أُمّه، ... كَمَا لَقِيَتْ ذُهْلٌ
جَمِيعًا وعامِرُ
أَراد مِنْ ظُلْمِ أُمِّهِ إِياه بالوأْدِ. وامرأَة وئيدٌ ووئيدةٌ:
مَوْءُودةٌ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: وَإِذَا
الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ إِذا
وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ دَفَنَهَا حِينَ تَضَعُهَا وَالِدَتُهَا حَيَّةً
مَخَافَةَ الْعَارِ وَالْحَاجَةِ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَلا
تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإِيَّاكُمْ «4» . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَإِذا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ
يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ
عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ. وَيُقَالُ: وأَدَها الوائدُ
يَئِدُها وأْداً، فَهُوَ وائدٌ، وَهِيَ موءُودةٌ ووئيدٌ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
الوئيدُ فِي الْجَنَّةِ
أَي الموءُودُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. ومنهم من
__________
(3) . قوله [وهيد وهاد] في شرح القاموس كلاهما مبني على الكسر.
(4) . الآية
(3/442)
كان يَئِدُ البَنِين عند المَجاعةِ،
وَكَانَتْ كِنْدَةُ تَئِدُ البناتِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَعْنِي
جَدَّهُ صَعْصَعَةَ بْنَ نَاجِيَةَ:
وجَدّي الَّذِي مَنَعَ الوائداتِ، ... وأَحْيا الوئيدَ فَلَمْ يُوأَدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ وَأْدِ البناتِ
أَي قَتلِهِنَّ. وَفِي حَدِيثِ الْعَزْلِ:
ذَلِكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
تِلْكَ المَوْءُودةُ الصُّغْرَى
؛ جَعَلَ العَزْلَ عَنِ المرأَة بِمَنْزِلَةِ الوأْد إِلا أَنه خَفِيٌّ
لأَنَّ مَنْ يَعْزِلُ عَنِ امرأَته إِنما يَعْزِلُ هرَباً مِنَ
الْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا الموءُودة الصُّغْرَى لأَن وأْدَ
البناتِ الأَحياء الموءُودةُ الْكُبْرَى. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَنْ
خَفَّفَ هَمْزَةَ الموءُودة قَالَ مَوْدةٌ كَمَا تَرَى لِئَلَّا
يُجْمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ. وَيُقَالُ: تَوَدّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ
وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعتْ إِذا غَيَّبَته وذهبَت بِهِ؛ قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ؛ هُمَا لُغَتَانِ، تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ وتَوَأْدَتْ عَلَى
الْقَلْبِ. والتؤْدةُ، سَاكِنَةٌ وَتُفْتَحُ: التَّأَنِّي
والتَّمَهُّلُ والرَّزانةُ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ رَزِينٍ وتؤْدةٍ، ... إِذا مَا الحُبى مِن
طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ
وَقَدِ اتَّأَدَ وتَوَأَّدَ، والتَّوْآدُ مِنْهُ. وَحَكَى أَبو
عَلِيٍّ: تَيْدَكَ بِمَعْنَى اتَّئدْ، اسْمٌ لِلْفِعْلِ كَرُوَيْد
وكأَنّ وَضْعَه غُيِّرَ لِكَوْنِهِ اسْمًا لِلْفِعْلِ لَا فِعْلًا،
فَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ كَمَا كَانَتْ فِي التُّؤدة،
وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ قُلِبَتْ مَعًا قَلْبًا لِغَيْرِ
عِلَّةٍ. قَالَ الأَزهري: وأَما التُّؤدةُ بِمَعْنَى التأَنِّي فِي
الأَمر فأَصلها وُأَدَةٌ مِثْلُ التُّكَأَةِ أَصلها وُكَأَةٌ
فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اتَّئدْ يَا فَتَى،
وَقَدِ اتَّأَدَ يَتَّئِدُ اتِّئاداً إِذا تَأَنَّى فِي الأَمر؛ قَالَ:
وَثَلَاثِيهِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لَا يَقُولُونَ وَأَدَ يَئِدُ
بِمَعْنَى اتَّأَدَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ إِيتَأَدَ وتَوَأَّدَ،
فإِيتَأَد عَلَى افتَعَلَ وتَوَأَّدَ عَلَى تَفَعَّل. والأَصل فِيهِمَا
الوأْد إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا مِنْ الأَوْدِ وَهُوَ الإِثقالُ،
فَيُقَالُ آدَني يَؤودني أَي أَثقلني، والتَّأَوُّد مِنْهُ. وَيُقَالُ:
تَأَوَّدَتِ المرأَة فِي قِيَامِهَا إِذا تَثَنَّتْ لِتَثَاقُلِهَا؛
ثُمَّ قَالُوا: تَوَأَّدَ واتَّأَدَ إِذا تَرَزَّنَ وتمَهَّلَ،
وَالْمَقْلُوبَاتُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرَةٌ. ومَشى مَشْياً
وَئِيدًا أَي عَلَى تُؤَدَةٍ؛ قَالَتِ الزَّبَّاءُ:
مَا للجِمالِ مَشْيُها وئِيدا؟ ... أَجَنَدَلًا يَحْمِلْنَ أَم
حَدِيدَا؟
واتَّأَدَ فِي مَشْيِهِ وتَوَأَّدَ فِي مَشْيِهِ، وَهُوَ افتَعَلَ
وتَفَعَّل: مِنَ التُّؤَدة، وأَصل التَّاءِ فِي اتَّأَدَ وَاوٌ.
يُقَالُ: اتَّئدْ فِي أَمرك أَي تَثَبَّت.
وَبَدَ: الوَبْدُ: الحاجةُ إِلى الناسِ. والوَبَدُ، بِالتَّحْرِيكِ:
شِدَّةُ العَيْشِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ رَجُلٌ
وَبَدٌ أَي سَيِءُ الْحَالِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ
كَقَوْلِكَ رَجُلٌ عَدْلٌ ثُمَّ يُجْمَعُ فَيُقَالُ أَوبادٌ كَمَا
يُقَالُ عُدول، عَلَى تَوَهُّمِ النَّعْتِ الصَّحِيحِ. والوَبَدُ:
الفقرُ والبُؤْسُ. والوبَدُ: سُوء الْحَالِ مِنْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ
وَقِلَّةِ الْمَالِ. وَرَجُلٌ وبَدٌ أَي فَقِيرٌ؛ وَقَوْمٌ أَوْبادٌ
وَقَدْ وَبِدَتْ حالُه تَوْبَدُ وَبَداً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَوْ عالَجْنَ مِنْ وَبَدٍ كِبالا
وأَما مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِ عَمْرُو بْنُ الْعَدَّاءِ
الْكَلْبِيُّ:
سَعَى عِقالًا فلَمْ يَتْرُكْ لَنا سَبَداً، ... فَكَيْفَ لَوْ قَد
سَعَى عَمْرٌو عِقالَيْن؟
لأَصْبَحَ الحَيُّ أَوباداً وَلَمْ يَجِدُوا، ... عندَ التَّفرُّقِ فِي
الهَيْجا، جِمالَيْن
فَعَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذَوِي أَوباد وجَمَع الْمَصْدَرَ عَلَى
التَّنَوُّعِ. والعِقالُ هُنَا: صدقةُ عَامٍ، وَقَوْلُهُ جِمالين
يُرِيدُ قَطِيعَين مِنَ الجِمال، وأَراد جِمَالًا هَاهُنَا
(3/443)
وجِمالًا هَاهُنَا، وَذَلِكَ أَن أَصحاب
الإِبل يَعْزِلُونَ الإِناث عَنِ الذُّكُورِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
عَهِدْتُ بِهَا سَراةَ بَنِي كلابٍ، ... وَرِثْتُهُمُ الحياةَ
فأَوْبَدُوني «5»
والمُسْتَوْبِدُ: مِثْلُ الوَبَدِ. ووَبِدَ الثَّوبُ وَبَداً:
أَخْلَقَ. والوَبَدُ: العَيْب. ووَبِدَ عَلَيْهِ وبَداً: غَضِبَ مِثْلَ
وَمِدَ. والوَبَدُ: الحرُّ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ كالوَمَدِ.
والوَبِدُ: الشديدُ العَيْنِ. وإِنه لَوَبَدٌ أَي شديدُ الإِصابةِ
بِالْعَيْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَوبَّدَ أَموالهم: تعَيَّنَها
لِيُصِيبَهَا بِالْعَيْنِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وإِنه لَيَتَوَبَّدُ أَموالَ
النَّاسِ أَي يُصِيبُهَا بِعَيْنِهِ فَيُسْقِطُهَا. والوَبْد،
بِسُكُونِ الْبَاءِ: النُّقْرة فِي الصَّفاة يَسْتَنْقِعُ فِيهَا
الْمَاءُ، وَهِيَ أَظهر مِنَ الوَقْر، والوَقْرُ أَظهر مِنَ الوَقْبِ.
وتد: الوتِدُ، بِالْكَسْرِ، والوَتْدُ والوَدُّ: مَا رُزَّ فِي الحائِط
أَو الأَرض مِنَ الْخَشَبِ، وَالْجَمْعُ أَوتادٌ؛ قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: وَالْجِبالَ أَوْتاداً
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه كَانَتْ لَهُ حبالٌ وأَوتاد يُلْعب
لَهُ بِهَا. ووَتَدَ الوَتِدُ وَتْداً وتِدَةً وَوَتَّدَ كِلَاهُمَا:
ثَبَتَ، ووَتَدْتُه أَنا أَتِدُه وَتْداً وتِدَةً وَوَتَدْتُه:
أَثْبَتُّه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ أَسداً:
يُقَصِّمُ أَعْناقَ المَخاضِ، كأَنَّما ... بِمَفْرَجِ لَحْيَيْهِ
الرِّتاجُ المُوَتَّدُ
وَيُقَالُ: تِدِ الوَتِدَ يَا واتِدُ، والوَتِدُ مَوْتُود. وَيُقَالُ
للوتِد: وَدٌّ، كأَنهم أَرادوا أَن يَقُولُوا ودِدٌ فَقَلَبُوا إِحدى
الدَّالِّينَ تَاءً لِقُرْبِ مخرجِهما؛ وَقَوْلُهُ:
وعَز ودٌّ خَاذِلٌ وَدَّيْنِ
الوَدُّ: الوتِدُ إِلا أَنه أَدغم التَّاءَ فِي الدَّالِ فَقَالَ وَدّ.
والمِيتَدُ والمِيتَدةُ: المِرْزَبَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا
الوتِدُ. ووَتِدٌ واتِدٌ: ثَابِتُ رأْس مُنْتَصِبٌ؛ ذَهَبَ أَبو
عُبَيْدٍ إِلى أَنه مِنْ بَابِ شِعْرٌ شاعِرٌ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى وَتِدَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ:
وإِنما يُحْمَلُ الشَّيْءُ عَلَى النَّسَبِ إِذا عُدِمَ الْفِعْلُ،
وإِذا أَمرت قُلْتَ: تِدْ وَتَدَك بالميتَدةِ، وَهِيَ المُدُقُّ.
الأَصمعي: يُقَالُ وَتِدٌ واتِد كَمَا يُقَالُ شُغْلٌ شاغِلٌ؛ وَقَوْلُ
أَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
لاقَتْ عَلَى الماءِ جُذَيلًا واتِدا، ... وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُها
المَواعِدَا
إِنما شُبِّهَ الرَّجُلُ بالجِذْل لِثَبَاتِهِ. وجُذَيْل: تَصْغِيرُ
جِذْل، وَهُوَ الرَّاعِي المُصْلِحُ الحَسَنُ الرِّعْية. يُقَالُ: هُوَ
جذْلُ مالٍ كَمَا يُقَالُ صَدَى مالٍ وبِلْو مالٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِن
جُذَيلًا اسْمُ رَجُلٍ. والواتِد: الثابتُ. وَالضَّمِيرُ فِي لَاقَتْ
ضَمِيرُ الإِبل وإِن لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ، لأَن الْبَيْتَ
أَول الْقَصِيدَةِ وإِنما أَضمرها لِفَهْمِ الْمَعْنَى. وَيُقَالُ:
وَتَّدَ فُلَانٌ رِجلَه فِي الأَرض إِذا ثَبَّتَها؛ وَقَالَ بَشَّارٌ:
ولَقَد قُلْتُ، حِينَ وَتَّدَ في الأَرْضِ: ... ثَبِيرٌ أَرْبي عَلَى
ثَهلانِ
وَوَتَّدَ الرجلُ: أَنعَظَ. والأَوتادُ فِي الشِّعْرِ عَلَى
ضَرْبَيْنِ: أَحدهما حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ وَالثَّالِثُ سَاكِنٌ
نَحْوَ [فَعُو وَعِلُنْ] وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ العروضِيون
الْمَقْرُونَ لأَن الْحَرَكَةَ قَدْ قَرَنَتِ الْحَرْفَيْنِ،
وَالْآخَرُ ثَلَاثَةُ أَحرف مُتَحَرِّكٌ ثُمَّ سَاكِنٌ ثُمَّ
مُتَحَرِّكٌ وَذَلِكَ [لَاتُ] مِنْ مَفْعُولَاتٍ وَهُوَ الَّذِي
يُسَمِّيهِ الْعَرُوضِيُّونَ الْمَفْرُوقَ لأَن الْحَرْفَ قَدْ فَرَّقَ
بَيْنَ الْمُتَحَرِّكِينَ، وَلَا يَقَعُ فِي الأَوتاد
__________
(5) . قوله [ورثتهم] كذا بالأَصل ولعله ورشتهم
(3/444)
زِحَافٌ لأَنَّ اعْتِمَادَ الْجُزْءِ إِنما
هُوَ عَلَيْهَا، إِنما يَقَعُ فِي الأَسْباب لأَن الْجُزْءَ غَيْرُ
مُعْتَمِدٍ عَلَيْهَا. وأَوتادُ الأَرض: الْجِبَالُ لأَنها
تُثَبِّتُهَا. وأَوتاد الْبِلَادِ: رُؤساؤها. وأَوتادُ الفَمِ: أَسنانه
عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ:
والفَرّ حَتَّى نَقِدَتْ أَوتادُها «1»
اسْتَعَارَ النَّقَدَ لِلْمَوْتِ وإِنما هُوَ للأَسنان. وَوَتَّدَ فِي
بَيْتِهِ: أَقام وَثَبَتَ. وَوَتَّدَ الزّرْعُ: طَلَع نَبَاتُهُ
فَثَبَتَ وقَوِيَ. والوَتِدُ والوَتِدَةُ مِنَ الأُذن: الهُنَيَّةُ
النَّاشِزَةُ فِي مُقدّمها مِثْلُ الثُّؤْلُول تَلي أَعْلى العارِض
مِنَ اللِّحْيَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ المُنْتبر مِمَّا يَلِي الصُّدْغ.
الصِّحَاحُ: والوَتِدانِ فِي الأُذنين اللَّذَانِ فِي بَاطِنِهِمَا
كأَنهما وَتِدٌ، وَهُمَا العَيْران أَيضاً. ووَتِدُ النَّعل: النَّاتئُ
مِنْ أُذُنها. والوَتِدُ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ. وليلَة الوَتِدَةِ
لِبَنِي تَمِيمٍ عَلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ.
وجد: وجَد مَطْلُوبَهُ وَالشَّيْءُ يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً،
بِالضَّمِّ، لُغَةٌ عَامِرِيَّةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي بَابِ
الْمِثَالِ؛ قَالَ لَبِيدٌ وَهُوَ عَامِرِيٌّ:
لَوْ شِئْت قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ، ... تَدَعُ الصَّوادِيَ
لَا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ فِي رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً ... قَضَّ [قِضَ] الأَباطِحِ،
لَا يَزالُ ظَلِيلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِجَرِيرٍ وَلَيْسَ لِلَبِيدٍ كَمَا
زَعَمَ. وَقَوْلُهُ: نَقَعَ الفؤادُ أَي روِيَ. يُقَالُ نَقَعَ الماءُ
العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فِيهِمَا، وَالْمَاءُ الناقعُ
العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: الْعَطْشَانُ. وَالْغَلِيلُ: حَرُّ
الْعَطَشِ. والرَّضَفُ: الْحِجَارَةُ المرضوفةُ. والقِلاتُ: جَمْعُ
قَلْت، وَهُوَ نُقْرَةٌ فِي الْجَبَلِ يُستَنْقَعُ فِيهَا مَاءُ
السَّمَاءِ. وَقَوْلُهُ: قَضّ [قِضّ] الأَباطِحِ، يُرِيدُ أَنها أَرض
حَصِبةٌ وَذَلِكَ أَعذب لِلْمَاءِ وأَصفى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ
قَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حَذَفُوهَا مِنْ
يَوْجُد؛ قَالَ: وَهَذَا لَا يكادُ يوجَدُ فِي الْكَلَامِ،
وَالْمَصْدَرُ وَجْداً وجِدَةً ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً
وإِجْداناً؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
وآخَر مُلْتاث، يَجُرُّ كِساءَه، ... نَفَى عَنْهُ إِجْدانُ الرِّقِين
المَلاوِيا
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بَدَل الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ
الْمَكْسُورَةِ كَمَا قَالُوا إِلْدةٌ فِي وِلْدَة. وأَوجَده إِياه:
جَعَلَه يَجِدُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ كَذَا
وَكَذَا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التَّهْذِيبُ: يُقَالُ وجَدْتُ فِي المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً
ووِجْداناً وجِدَةً أَي صِرْتُ ذَا مَالٍ؛ ووَجَدْت الضَّالَّة
وِجْداناً. قَالَ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الوِجْدانُ فِي الوُجْد؛
وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ:
أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ
؛ مِن وَجَدَ الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده اللَّهُ مطلوبَه أَي أَظفره
بِهِ. والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: الْيَسَارُ والسَّعةُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ
وُجْدِكُمْ
؛ وَقَدْ قُرِئَ بِالثَّلَاثِ، أَي مِنْ سَعَتكم وَمَا مَلَكْتُمْ،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ مَسَاكِنِكُمْ. والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده اللَّهُ أَي أَغناه. وَفِي أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
الواجدُ، هُوَ الْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ. وَقَدْ وجَدَ يَجِدُ
__________
(1) . قوله [والفر] كذا بالأَصل
(3/445)
جِدة أَي اسْتَغْنَى غِنًى لَا فَقْرَ
بَعْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه
أَي القادرِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ. وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَوْجَدَني بَعْدَ فَقْرٍ أَي أَغناني، وآجَدَني بَعْدَ ضَعْفٍ
أَي قَوَّانِي. وَهَذَا مِنْ وَجْدِي أَي قُدْرتي. وَتَقُولُ: وجَدْت
فِي الغِنى وَالْيَسَارِ وجْداً ووِجْداناً «1» وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
الواجدُ الَّذِي يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ. ووُجِدَ الشيءُ
عَنْ عدَم، فَهُوَ مَوْجُودٌ، مِثْلُ حُمّ فَهُوَ مَحْمُومٌ؛ وأَوجَدَه
اللَّهُ وَلَا يُقَالُ وجَدَه، كَمَا لَا يُقَالُ حَمّه. ووَجَد
عَلَيْهِ فِي الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غَضِبَ. وَفِي حَدِيثِ الإِيمان:
إِني سَائِلُكَ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ
أَي لَا تَغْضَبْ مِنْ سُؤَالِي؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَمْ يَجِدِ الصائمُ عَلَى المُفْطر
، وَقَدْ تكرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا
وَمَصْدَرًا وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَ صَخْرِ الْغَيِّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ ... وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فَهَذَا فِي الْغَضَبِ لأَن صَخْرَ الْغَيِّ أَيأَسَ الحَمامَة مِنْ
وَلَدِهَا فَغَضِبَتْ عَلَيْهِ، ولأَن الْحَمَامَةَ أَيْأَسته مِنْ
وَلَدِهِ فغَضِبَ عَلَيْهَا. ووَجَدَ بِهِ وَجْداً: فِي الحُبِّ لَا
غَيْرَ، وإِنه ليَجِدُ بِفُلَانَةٍ وَجْداً شَدِيدًا إِذا كَانَ
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شَدِيدًا. وَفِي الْحَدِيثِ، حَدِيثِ
ابْنِ عُمر وعُيينة بْنِ حِصْن: وَاللَّهِ مَا بَطْنُهَا بِوَالِدٍ
وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدٍ
أَي أَنه لَا يُحِبُّهَا؛ وَقَالَتْ شَاعِرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ وَكَانَ
تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهَا فَعُنِّنَ عَنْهَا:
مَنْ يُهْدِ لِي مِن ماءِ بَقْعاءَ شَرْبةً، ... فإِنَّ لَهُ مِنْ ماءِ
لِينةَ أَرْبعَا
لَقَدْ زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني ... وَجَدْتُ مَطايانا
بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني ... بَكَيْتُ، فَلَمْ
أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تَقُولُ: مَنْ أَهدى لِي شَرْبَةً مِنْ ماءِ بَقْعاءَ عَلَى مَا هُوَ
بِهِ مِنْ مَرارة الطَّعْمِ فإِن لَهُ مِنْ ماءِ لِينةَ عَلَى مَا هُوَ
بِهِ مِنَ العُذوبةِ أَربعَ شَرَبَاتٍ، لأَن بَقْعَاءَ حَبِيبَةٌ
إِليَّ إِذ هِيَ بَلَدِي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الَّذِي تَزَوَّجَنِي مِنْ أَهلها غَيْرُ مأْمون عَلَيَّ؛ وإِنما
تِلْكَ كِنَايَةٌ عَنْ تَشَكِّيهَا لِهَذَا الرَّجُلِ حِينَ عُنِّنَ
عَنْهَا؛ وَقَوْلُهَا: لَقَدْ زَادَنِي حُبًّا لِبَلْدَتِي بَقْعَاءَ
هَذِهِ أَن هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَزَوَّجَنِي مِنْ أَهل لِينَةَ
عُنِّنَ عَنِّي فَكَانَ كَالْمَطِيَّةِ الظَّالِعَةِ لَا تَحْمِلُ
صَاحِبَهَا؛ وَقَوْلُهَا: فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبِيَّ «2» تَقُولُ: هَلْ
مِنْ رَجُلٍ يُبَلِّغُ صاحِبَتَيَّ بِالرَّمْلِ أَن بَعْلِي ضَعُفَ
عَنِّي وَعُنِّنَ، فأَوحشني ذَلِكَ إِلى أَن بَكَيْتُ حَتَّى قَرِحَتْ
أَجفاني فَزَالَتِ الْمَدَامِعُ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْجَفْنُ
الدَّامِعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الأَبيات قرأْتها عَلَى
أَبي الْعَلَاءِ صَاعِدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ
بِالْفُصُوصِ. ووجَد الرجلُ فِي الحزْن وَجْداً، بِالْفَتْحِ، ووَجِد؛
كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: حَزِنَ. وَقَدْ وَجَدْتُ فُلَانًا
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وَذَلِكَ فِي الْحُزْنِ. وتَوَجَّدْتُ لِفُلَانٍ
أَي حَزِنْتُ لَهُ. أَبو سَعِيدٍ: تَوَجَّد فُلَانٌ أَمر كَذَا إِذا
شَكَاهُ، وَهُمْ لَا يَتَوَجَّدُون سَهَرَ لِيلِهِمْ وَلَا يَشْكون مَا
مسهم من مشقته.
وحد: الواحدُ: أَول عَدَدِ الْحِسَابِ وَقَدْ ثُنِّيَ؛ أَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
فَلَمَّا التَقَيْنا واحِدَيْنِ عَلَوْتُه ... بِذي الكَفِّ، إِني
للكُماةِ ضَرُوبُ
وَجُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
__________
(1) . قوله [وجداً ووجداناً] واو وجداً مثلثة، أفاده القاموس.
(2) . البيت
(3/446)
فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ واحِدِينا
التَّهْذِيبُ: تَقُولُ: وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ إِلى عَشَرَةٍ
فإِن زَادَ قُلْتَ أَحد عَشَرَ يَجْرِي أَحد فِي الْعَدَدِ مَجْرَى
وَاحِدٍ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاحِدٌ اثْنَانِ
ثَلَاثَةٌ وَلَا يُقَالُ فِي أَحد عَشَرَ غَيْرُ أَحد، وللتأْنيث
وَاحِدَةٌ، وإِحدى فِي ابْتِدَاءِ الْعَدَدِ تَجْرِي مَجْرَى وَاحِدٍ
فِي قَوْلِكَ أَحد وَعِشْرُونَ كَمَا يُقَالُ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ،
فأَما إِحدى عَشْرَةَ فَلَا يُقَالُ غَيْرُهَا، فإِذا حَمَلُوا الأَحد
عَلَى الْفَاعِلِ أُجري مَجْرَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقَالُوا:
هُوَ حَادِي عِشْريهم وَهُوَ ثَانِي عِشْرِيهِمْ، وَاللَّيْلَةُ
الحاديةَ عشْرَةَ وَالْيَوْمُ الْحَادِيَ عشَر؛ قَالَ: وَهَذَا
مَقْلُوبٌ كَمَا قَالُوا جَذَبَ وَجَبَذَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَحَادِيَ عَشَرَ مقلوبٌ موضِع الْفَاءِ إِلى اللَّامِ لَا
يُسْتَعْمَلُ إِلا كَذَلِكَ، وَهُوَ فاعِل نُقِلَ إِلى عَالِفٍ
فَانْقَلَبَتِ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ الأَصل يَاءً لِانْكِسَارِ مَا
قَبْلَهَا. وَحَكَى يَعْقُوبُ: مَعِي عَشَرَةٌ فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ
أَي صَيِّرْهُنَّ لِي أَحد عَشَرَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ
قَوْلَهُ فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ، مِنَ الْحَادِي لَا مِنْ أَحد، قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَظَاهِرُ ذَلِكَ يُؤْنِسُ بأَن الْحَادِيَ فَاعِلٌ،
قَالَ: وَالْوَجْهُ إِن كَانَ هَذَا الْمَرْوِيُّ صَحِيحًا أَن يَكُونَ
الْفِعْلُ مَقْلُوبًا مِنْ وحَدْت إِلى حَدَوْت، وَذَلِكَ أَنهم لَمَّا
رأَوا الْحَادِيَ فِي ظَاهِرِ الأَمر عَلَى صُورَةِ فَاعِلٍ، صَارَ
كأَنه جارٍ عَلَى حَدَوْتُ جَرَيانَ غازٍ عَلَى غَزَوْتُ؛ وإِحدى
صِيغَةٌ مَضْرُوبَةٌ للتأْنيث عَلَى غَيْرِ بِنَاءِ الْوَاحِدِ
كَبِنْتٍ مِنَ ابْنٍ وأُخت مِنْ أَخ. التَّهْذِيبُ: والوُحْدانُ جَمْعُ
الواحِدِ وَيُقَالُ الأُحْدانُ فِي مَوْضِعِ الوُحْدانِ. وَفِي حَدِيثِ
الْعِيدِ:
فَصَلَّيْنَا وُحداناً
أَي مُنْفَرِدِينَ جَمْعُ وَاحِدٍ كَرَاكِبٍ ورُكْبان. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أَوْ لَتُصَلُّنّ وُحْداناً.
وَتَقُولُ: هُوَ أَحدهم وَهِيَ إِحداهنّ، فإِن كَانَتِ امرأَة مَعَ
رِجَالٍ لَمْ يَسْتَقِمْ أَن تَقُولَ هِيَ إِحداهم وَلَا أَحدهم وَلَا
إِحداهنّ إِلّا أَن تَقُولَ هِيَ كأَحدهم أَو هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ.
وَتَقُولُ: الجُلوس والقُعود وَاحِدٌ، وأَصحابي وأَصحابك وَاحِدٌ.
قَالَ: والمُوَحِّدُ كالمُثَنِّي والمُثَلِّث. قَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ: تَقُولُ هَذَا الحاديَ عَشَرَ وَهَذَا الثانيَ عَشَرَ
وَهَذَا الثالثَ عَشَرَ مَفْتُوحٌ كُلُّهُ إِلى الْعِشْرِينَ؛ وَفِي
المؤَنث: هَذِهِ الحاديةَ عَشْرة والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى الْعِشْرِينَ
تَدْخُلُ الْهَاءُ فِيهَا جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: وَمَا ذَكَرْتُ
فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الأَلفاظ النَّادِرَةِ فِي الأَحد
وَالْوَاحِدِ والإِحدى وَالْحَادِي فإِنه يَجْرِي عَلَى مَا جَاءَ عَنِ
الْعَرَبِ وَلَا يُعَدَّى مَا حُكِيَ عَنْهُمْ لِقِيَاسٍ مُتَوَهَّمٍ
اطِّرَادُهُ، فإِن فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّوَادِرَ الَّتِي لَا
تَنْقَاسُ وإِنما يَحْفَظُهَا أَهل الْمَعْرِفَةِ الْمُعْتَنُونَ بِهَا
وَلَا يَقِيسُونَ عَلَيْهَا؛ قَالَ: وَمَا ذَكَرْتُهُ فإِنه كُلُّهُ
مَسْمُوعٌ صَحِيحٌ. وَرَجُلٌ وَاحِدٌ: مُتَقَدِّم فِي بَأْس أَو عِلْمٍ
أَو غَيْرِ ذَلِكَ كأَنه لَا مِثْلَ لَهُ فَهُوَ وَحْدَهُ لِذَلِكَ؛
قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
أَقْبَلْتُ لَا يَشْتَدُّ شَدِّيَ واحِدٌ، ... عِلْجٌ أَقَبُّ
مُسَيَّرُ الأَقْرابِ
وَالْجَمْعُ أُحْدانٌ ووُحْدانٌ مِثْلُ شابٍّ وشُبّانٍ وَرَاعٍ
ورُعْيان. الأَزهري: يُقَالُ فِي جَمْعِ الْوَاحِدِ أُحْدانٌ والأَصل
وُحْدان فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا؛ قَالَ
الْهُذَلِيُّ:
يَحْمِي الصَّريمةَ، أُحْدانُ الرجالِ لَهُ ... صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ
بالليلِ هَمّاسُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ:
طارُوا إِليه زَرافاتٍ وأُحْدانا
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى أَفراداً، وَهُوَ أَجود لِقَوْلِهِ
زَرَافَاتٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بِهِ الشُّجْعَانُ الَّذِينَ
لَا نَظِيرَ لَهُمْ فِي البأْس؛ وأَما قَوْلُهُ:
(3/447)
لِيَهْنِئ تُراثي لامْرئٍ غيرِ ذِلّةٍ، ...
صَنابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَريعاتُ مَوتٍ رَيِّثاتُ إِفاقةٍ، ... إِذا مَا حُمِلْنَ، حَمْلُهُنَّ
خَفِيفُ
فإِنه عَنَى بالأُحْدانِ السِّهَامَ الأَفْراد الَّتِي لَا نَظَائِرَ
لَهَا، وأَراد لامْرئٍ غَيْرِ ذِي ذِلّةٍ أَو غَيْرِ ذَلِيلٍ.
والصَّنابِرُ: السِّهامُ الرِّقاقُ. والحَفِيف: الصوتُ. والرَّيِّثاتُ:
البِطاءُ. وَقَوْلُهُ: سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتُ إِفاقة، يَقُولُ:
يُمِتْنَ مَن رُميَ بِهِنَّ لَا يُفيق مِنْهُنَّ سَرِيعًا،
وَحَمْلُهُنَّ خَفِيفٌ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُنَّ. وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفْراداً ووِحاداً؛ قَالَ:
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعددت الدَّرَاهِمَ أَفراداً ووِحاداً، ثُمَّ
قَالَ: لَا أَدري أَعْدَدْتُ أَمن العَدَد أَم مِنَ العُدّة. والوَحَدُ
والأَحَدُ: كَالْوَاحِدِ هَمْزَتُهُ أَيضاً بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ،
والأَحَدُ أَصله الْوَاوُ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ
أَنه سُئِلَ عَنْ الْآحَادِ: أَهي جَمْعُ الأَحَدِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ
اللَّهِ لَيْسَ للأَحد جَمْعٌ، وَلَكِنْ إِن جُعلت جمعَ الْوَاحِدِ،
فَهُوَ مُحْتَمَلٌ مِثْلَ شاهِد وأَشْهاد. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ
تَثْنِيَةٌ وَلَا لِلِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِهِ. وَقَالَ أَبو
إِسحاق النَّحْوِيُّ: الأَحَد أصله الوحَد، قال غَيْرُهُ: الْفَرْقُ
بَيْنَ الْوَاحِدِ والأَحد أَن الأَحد شَيْءٌ بُنِيَ لِنَفْيِ مَا
يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، وَالْوَاحِدُ اسْمٌ لِمُفْتَتَحِ
الْعَدَدِ، وأَحد يَصْلُحُ فِي الْكَلَامِ فِي مَوْضِعِ الْجُحُودِ
وَوَاحِدٌ فِي مَوْضِعِ الإِثبات. يُقَالُ: مَا أَتاني مِنْهُمْ أَحد،
فَمَعْنَاهُ لَا وَاحِدٌ أَتاني وَلَا اثْنَانِ؛ وإِذا قُلْتَ جَاءَنِي
مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَمَعْنَاهُ أَنه لَمْ يأْتني مِنْهُمُ اثْنَانِ،
فَهَذَا حدُّ الأَحَد مَا لَمْ يُضَفْ، فإِذا أُضيف قَرُبَ مِنْ
مَعْنَى الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ أَنك تَقُولُ: قَالَ أَحد الثَّلَاثَةِ
كَذَا وَكَذَا وأَنت تُرِيدُ وَاحِدًا مِنَ الثَّلَاثَةِ؛ والواحدُ
بُنِيَ عَلَى انْقِطَاعِ النَّظِيرِ وعَوَزِ الْمِثْلِ، والوحِيدُ
بُنِيَ عَلَى الوَحْدة وَالِانْفِرَادِ عَنِ الأَصحاب مِنْ طَرِيقِ
بَيْنُونته عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُمْ: لَسْتَ فِي هَذَا الأَمر بأَوْحَد
أَي لَسْتُ بِعَادِمٍ فِيهِ مِثْلًا أَو عِدْلًا. الأَصمعي: تَقُولُ
الْعَرَبُ: مَا جاءَني مِنْ أَحد وَلَا تَقُولُ قَدْ جاءَني مِنْ أَحد،
وَلَا يُقَالُ إِذا قِيلَ لَكَ مَا يَقُولُ ذَلِكَ أَحد: بَلى يَقُولُ
ذَلِكَ أَحد. قَالَ: وَيُقَالُ: مَا فِي الدَّارِ عَريبٌ، وَلَا
يُقَالُ: بَلَى فِيهَا عَرِيبٌ. الْفَرَّاءُ قَالَ: أَحد يَكُونُ
لِلْجَمْعِ وَالْوَاحِدِ فِي النَّفْيِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ
؛ جُعِل أَحد فِي مَوْضِعِ جَمْعٍ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
؛ فَهَذَا جَمْعٌ لأَن بَيْنَ لَا تَقَعُ إِلا عَلَى اثْنَيْنِ فَمَا
زَادَ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَنتم حَيّ وَاحِدٌ وَحَيٌّ
واحِدون، قَالَ: وَمَعْنَى وَاحِدِينَ وَاحِدٌ. الْجَوْهَرِيُّ:
الْعَرَبُ تَقُولُ: أَنتم حَيٌّ وَاحِدٌ وَحَيٌّ وَاحِدُونَ كَمَا
يُقَالُ شِرْذِمةٌ قَلِيلُونَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
فَضَمَّ قَواصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ، ... فَقَدْ رَجَعوا كَحَيٍّ
واحِدينا
وَيُقَالُ: وحَّدَه وأَحَّدَه كَمَا يُقَالُ ثَنَّاه وثَلَّثه. ابْنُ
سِيدَهْ: وَرَجُلٌ أَحَدٌ ووَحَدٌ ووَحِدٌ ووَحْدٌ ووَحِيدٌ
ومُتَوَحِّد أَي مُنْفَرِدٌ، والأُنثى وَحِدةٌ؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ
فِي التَّذْكِرَةِ، وأَنشد:
كالبَيْدانةِ الوَحِدهْ
الأَزهري: وَكَذَلِكَ فَريدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ. وَرَجُلٌ وحِيدٌ: لَا
أَحَدَ مَعَهُ يُؤنِسُه؛ وَقَدْ وَحِدَ يَوْحَدُ وَحادةً ووَحْدةً
وَوَحْداً. وَتَقُولُ: بَقِيتُ وَحيداً فَريداً حَريداً بِمَعْنًى
وَاحِدٍ. وَلَا يُقَالُ: بَقِيتُ أَوْحَدَ وأَنت تُرِيدُ فَرْداً،
وَكَلَامُ الْعَرَبِ يَجِيءُ عَلَى مَا بُنِيَ عَلَيْهِ وأُخذ
عَنْهُمْ، وَلَا يُعَدّى بِهِ موضعُه وَلَا يَجُوزُ أَن
(3/448)
يَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ أَهل
الْمَعْرِفَةِ الرَّاسِخِينَ فِيهِ الَّذِينَ أَخذوه عَنِ الْعَرَبِ
أَو عَمَّنْ أَخذ عَنْهُمْ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ وَالثِّقَةِ.
وواحدٌ ووَحَد وأَحَد بِمَعْنًى؛ وَقَالَ:
فلَمَّا التَقَيْنا واحدَيْن عَلَوْتُهُ
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ وَحِدَ فُلَانٌ يَوْحَدُ أَي بَقِيَ
وَحْدَهُ؛ وَيُقَالُ: وَحِدَ وَوَحُدَ وفَرِدَ وفَرُدَ وفَقِهَ وفَقُهَ
وسَفِهَ وسَفُهَ وسَقِمَ وسَقُمَ وفَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ.
ابْنُ سِيدَهْ: وحِدَ ووحُدَ وَحَادَةً وحِدةً ووَحْداً وتَوَحَّدَ:
بَقِيَ وَحْدَهُ يَطَّرد إِلى الْعَشَرَةِ؛ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ: وَكَانَ رَجُلًا مُتوحّداً
أَي مُنْفرداً لَا يُخالِط النَّاسَ وَلَا يُجالِسهم. وأَوحد اللَّهُ
جَانِبَهُ أَي بُقِّي وَحْدَه. وأَوْحَدَه للأَعْداء: تَرَكَهُ.
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: الوَحْدة فِي مَعْنَى التوَحُّد. وتَوَحَّدَ
برأْيه: تَفَرَّدَ بِهِ، وَدَخَلَ الْقَوْمُ مَوْحَدَ مَوْحَدَ وأُحادَ
أُحادَ أَي فُرادى وَاحِدًا وَاحِدًا، مَعْدُولٌ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ
سِيبَوَيْهِ: فَتَحُوا مَوْحَد إِذ كَانَ اسْمًا مَوْضُوعًا لَيْسَ
بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ. ويقال: جاؤوا مَثْنَى مَثنى ومَوْحَدَ
مَوْحد، وكذلك جاؤوا ثُلاثَ وثُناءَ وأُحادَ. الْجَوْهَرِيُّ:
وَقَوْلُهُمْ أُحادَ وَوُحادَ ومَوْحَد غَيْرُ مَصْرُوفَاتٍ
لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي ثُلاثَ. ابْنُ سِيدَهْ: مَرَرْتُ بِهِ
وحْدَه، مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُغَيّر عَنْ
الْمَصْدَرِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ إِفْراداً وإِن لَمْ
يُتَكَلَّمْ بِهِ، وأَصله أَوْحَدْتُه بِمُروري إِيحاداً ثُمَّ حُذِفت
زِيَادَاتُهُ فجاءَ عَلَى الْفِعْلِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: عَمْرَكَ
اللَّهَ إِلَّا فَعَلْتَ أَي عَمَّرتُك اللَّهَ تَعْمِيرًا. وَقَالُوا:
هُوَ نسيجُ وحْدِه وعُيَيْرُ وحْدِه وجُحَيْشُ وحْدِه فأَضافوا إِليه
فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ وأَما ابْنُ الأَعرابي
فَجَعَلَ وحْدَه اسْمًا وَمَكَّنَهُ فَقَالَ جَلَسَ وحْدَه وَعَلَا
وحْدَه وجلَسا عَلَى وحْدَيْهِما وَعَلَى وحْدِهما وَجَلَسُوا عَلَى
وَحْدِهم، وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَحْد فِي كُلِّ شَيْءٍ مَنْصُوبٌ
جَرَى مَجْرَى الْمَصْدَرِ خَارِجًا مِنَ الْوَصْفِ لَيْسَ بِنَعْتٍ
فَيَتْبَعَ الِاسْمَ، وَلَا بِخَبَرِ فَيَقْصِدَ إِليه، فَكَانَ
النَّصْبُ أَولى بِهِ إِلا أَن الْعَرَبَ أَضافت إِليه فَقَالَتْ: هُوَ
نَسيجُ وحْدِه، وَهُمَا نَسِيجا وحْدِهما، وَهُمْ نُسَجاءُ وحدِهم،
وَهِيَ نَسِيجةُ وحدِها، وهنَّ نَسَائِجُ وحْدِهنَّ؛ وَهُوَ الرَّجُلُ
الْمُصِيبُ الرأْي. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَريعُ وحْدِه، وَكَذَلِكَ
صَرْفُه، وَهُوَ الَّذِي لَا يُقَارِعُهُ فِي الْفَضْلِ أَحد. قَالَ
أَبو بَكْرٍ: وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ فِي جَمِيعِ كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا
فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، تَقُولُ: لَا إِله إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ، وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَحْدَهُ؛ وَبِالْقَوْمِ وحدي. قال:
وَفِي نَصْبِ وَحْدَهُ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ
الْبَصْرِيِّينَ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقَالَ يُونُسُ:
وَحْدَهُ هو بمنزلة عنده، وقال هِشَامٌ: وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى
الْمَصْدَرِ، وَحَكَى وَحَدَ يَحِدُ صَدَر وَحْدَه عَلَى هَذَا
الْفِعْلِ. وَقَالَ هِشَامٌ وَالْفَرَّاءُ: نَسِيجُ وحدِه وعُيَيْرُ
وحدِه وواحدُ أُمّه نَكِرَاتٌ، الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَن الْعَرَبَ
تَقُولُ: رُبَّ نَسِيجِ وحدِه قَدْ رأَيت، وَرُبَّ وَاحِدِ أُمّه قَدْ
أَسَرْتُ؛ وَقَالَ حَاتِمٌ:
أَماوِيّ إِني رُبَّ واحِدِ أُمِّه ... أَخَذْتُ، فَلَا قَتْلٌ
عَلَيْهِ، وَلَا أَسْرُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ووصْفِها عُمَرَ، رَحِمَهُ
اللَّهُ: كَانَ واللهِ أَحْوذِيّاً نَسِيجَ وحدِه
؛ تَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ فِي رأْيه وَجَمِيعِ أُموره؛
وَقَالَ:
جاءَتْ بِهِ مُعْتَجِراً بِبُرْدِه، ... سَفْواءُ تَرْدي بِنَسيجِ
وحدِه
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَنْصِبُ وَحْدَهُ فِي الْكَلَامِ كُلِّهِ لَا
تَرْفَعُهُ وَلَا تَخْفِضُهُ إِلا فِي ثَلَاثَةِ أَحرف: نَسِيجُ وحده،
وعُيَيْر وحده، وجُحَيْش وَحْدِهِ؛ قَالَ: وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ
إِنما
(3/449)
نَصَبُوا وَحْدَهُ عَلَى مَذْهَبِ
الْمَصْدَرِ أَي تَوَحَّد وحدَه؛ قَالَ: وَقَالَ أَصحابنا إِنما
النصْبُ عَلَى مَذْهَبِ الصِّفَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ
يَدْخُلُ الأَمران فِيهِ جَمِيعًا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: أَما نَسِيجُ
وَحْدِهِ فَمَدْحٌ وأَما جُحَيْشُ وَحْدِهِ وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ
فَمَوْضُوعَانِ مَوْضِعَ الذَّمِّ، وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يُشاوِرانِ
أَحداً وَلَا يُخالِطانِ، وَفِيهِمَا مَعَ ذَلِكَ مَهانةٌ وضَعْفٌ؛
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ نَسِيجُ وَحْدِهِ أَنه لَا ثَانِيَ
لَهُ وأَصله الثَّوْبُ الَّذِي لَا يُسْدى عَلَى سَداه لِرِقّة
غَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نسيجُ وَحْدِهِ
وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ ورجلُ وَحْدِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هَذَا
رَجُلٌ لَا وَاحِدَ لَهُ كَمَا تَقُولُ هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ. وَفِي
حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وَحْدِهِ؟
الْجَوْهَرِيُّ: الوَحْدةُ الِانْفِرَادُ. يُقَالُ: رأَيته وَحْدَهُ
وَجَلَسَ وَحْدَهُ أَي مُنْفَرِدًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عِنْدَ أَهل
الْكُوفَةِ عَلَى الظَّرْفِ، وَعِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ عَلَى
الْمَصْدَرِ فِي كُلِّ حَالٍ، كأَنك قُلْتَ أَوحدته برؤْيتي إِيحاداً
أَي لَمْ أَرَ غَيْرَهُ ثُمَّ وضَعْت وَحْدَهُ هَذَا الْمَوْضِعَ.
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرُ، وَهُوَ أَن
يَكُونَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا كأَنك قُلْتَ رأَيت رَجُلًا
مُنْفَرِدًا انْفِرَادًا ثُمَّ وَضَعْتَ وَحْدَهُ مَوْضِعَهُ، قَالَ:
وَلَا يُضَافُ إِلا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ،
وَهُوَ مَدْحٌ، وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ وَجُحَيْشُ وَحْدِهِ، وَهُمَا
ذَمٌّ، كأَنك قُلْتَ نَسِيجُ إِفراد فَلَمَّا وَضَعْتَ وَحْدَهُ
مَوْضِعَ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ جَرَرْتَهُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: رُجَيْلٌ
وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ رأَيته
وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ عِنْدَ أَهل الْكُوفَةِ وَعِنْدَ
أَهل الْبَصْرَةِ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ قَالَ: أَما أَهل الْبَصْرَةِ
فَيَنْصِبُونَهُ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ عِنْدَهُمُ اسْمٌ وَاقِعٌ
مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ الْمُنْتَصِبِ عَلَى الْحَالِ مِثْلَ جَاءَ
زَيْدٌ رَكْضاً أَي رَاكِضًا. قَالَ: وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ مَنْ
يَنْصِبُهُ عَلَى الظَّرْفِ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ يُونُسَ. قَالَ:
وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِالْكُوفِيِّينَ كَمَا زَعَمَ
الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وَهَذَا الْفَصْلُ لَهُ بَابٌ فِي كُتُبِ
النَّحْوِيِّينَ مُسْتَوْفًى فِيهِ بَيَانُ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ:
والوحْد خفِيفٌ حِدةُ كلِّ شَيْءٍ؛ يُقَالُ: وَحَدَ الشيءُ، فَهُوَ
يَحِدُ حِدةً، وكلُّ شَيْءٍ عَلَى حِدةٍ فَهُوَ ثَانِي آخَرَ. يُقَالُ:
ذَلِكَ عَلَى حِدَتِه وَهُمَا عَلَى حِدَتِهما وَهُمْ عَلَى حِدَتِهم.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ ودَفْنِ أَبيه: فَجَعَلَهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدةٍ
أَي مُنْفَرِدًا وحدَه، وأَصلها مِنَ الْوَاوِ فَحُذِفَتْ مَنْ أَولها
وَعُوِّضَتْ مِنْهَا الْهَاءُ فِي آخِرِهَا كعِدة وزِنةٍ مِنَ الوعْد
والوَزْن؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
اجْعَلْ كلَّ نَوْعٍ مِنْ تَمْرِكَ عَلَى حِدةٍ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحِدةُ الشَّيْءِ تَوَحُّدُه وَهَذَا الأَمر
عَلَى حِدته وَعَلَى وحْدِه. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: قُلْنَا هَذَا
الأَمر وحْدينا، وَقَالَتَاهُ وحْدَيْهِما، قَالَ: وَهَذَا خِلَافٌ
لِمَا ذَكَرْنَا. وأَوحده النَّاسُ تَرَكُوهُ وَحْدَهُ؛ وَقَوْلُ أَبي
ذؤَيب:
مُطَأْطَأَة لَمْ يُنْبِطُوها، وإِنَّها ... لَيَرْضَى بِهَا
فُرَّاطُها أُمَّ واحِدِ
أَي أَنهم تَقَدَّمُوا يَحْفِرونها يَرْضَوْن بِهَا أَن تَصِيرَ أُمّاً
لِوَاحِدٍ أَي أَن تَضُمَّ وَاحِدًا، وَهِيَ لَا تَضُمُّ أَكثر مِنْ
وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ السُّكَّرِيِّ. والوحَدُ
مِنَ الوَحْش: المُتَوَحِّد، وَمِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُعْرَفُ
نَسَبُهُ وَلَا أَصله. اللَّيْثُ: الوحَدُ الْمُنْفَرِدُ، رَجُلٌ وحَدٌ
وثَوْر وحَد؛ وَتَفْسِيرُ الرَّجُلِ الوَحَدِ أَن لَا يُعرف لَهُ أَصل؛
قَالَ النَّابِغَةُ:
بِذي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وحَدِ
وَالتَّوْحِيدُ: الإِيمان بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَاللَّهُ الواحِدُ الأَحَدُ: ذُو الْوَحْدَانِيَّةِ والتوحُّدِ. ابْنُ
سِيدَهْ: وَاللَّهُ الأَوحدُ والمُتَوَحِّدُ وذُو الوحْدانية، وَمِنْ
صِفَاتِهِ الْوَاحِدُ الأَحد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ:
الْفَرْقُ
(3/450)
بَيْنَهُمَا أَن الأَحد بُنِيَ لِنَفْيِ
مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، تَقُولُ مَا جاءَني أَحد،
وَالْوَاحِدُ اسْمٌ بُنِيَ لِمُفْتَتَح الْعَدَدِ، تَقُولُ جَاءَنِي
وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَلَا تَقُولُ جَاءَنِي أَحد؛ فَالْوَاحِدُ
مُنْفَرِدٌ بِالذَّاتِ فِي عَدَمِ الْمِثْلِ وَالنَّظِيرِ، والأَحد
مُنْفَرِدٌ بِالْمَعْنَى؛ وَقِيلَ: الْوَاحِدُ هُوَ الَّذِي لَا يتجزأُ
وَلَا يُثَنَّى وَلَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا
مِثْلَ وَلَا يَجْمَعُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ إِلا اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى
الْوَاحِدُ، قَالَ: هُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَحْدَهُ
وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ آخَرُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما اسْمُ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ أَحد فإِنه لَا يُوصَفُ شَيْءٌ بالأَحدية غَيْرُهُ؛ لَا
يُقَالُ: رَجُلٌ أَحَد وَلَا دِرْهَمٌ أَحَد كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ
وحَدٌ أَي فَرْدٌ لأَن أَحداً صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ الَّتِي اسْتَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ وَلَا يَشْرَكُهُ فِيهَا
شَيْءٌ؛ وَلَيْسَ كَقَوْلِكِ اللَّهُ وَاحِدٌ وَهَذَا شَيْءٌ وَاحِدٌ؛
وَلَا يُقَالُ شَيْءٌ أَحد وإِن كَانَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ قَالَ:
إِن الأَصل فِي الأَحَد وحَد؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ
الْكِسَائِيُّ: مَا أَنت مِنَ الأَحد أَي مِنَ النَّاسِ؛ وأَنشد:
وَلَيْسَ يَطْلُبُني فِي أَمرِ غانِيَةٍ ... إِلا كَعَمرٍو، وَمَا
عَمرٌو مِنَ الأَحَدِ
قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ مَا هُوَ مِنَ الإِنسان، تُرِيدُ مَا هُوَ مِنَ
النَّاسِ، أَصبت. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ
؛ فإِن أَكثر الْقُرَّاءِ عَلَى تَنْوِينِ أَحد. وَقَدْ قرأَه
بَعْضُهُمْ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ وقرئَ بإِسكان الدَّالِ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ
، وأَجودها الرَّفْعُ بإِثبات التَّنْوِينِ فِي الْمُرُورِ وإِنما
كُسِرَ التَّنْوِينُ لِسُكُونِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ مِنَ اللَّهِ،
وَمَنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيضاً.
وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: هُوَ اللَّهُ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ
ذِكْرِ اللَّهِ الْمَعْلُومِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؛ الْمَعْنَى:
الَّذِي سأَلتم تَبْيِينَ نَسَبِهِ هُوَ اللَّهُ، وأَحد مَرْفُوعٌ
عَلَى مَعْنَى هُوَ اللَّهُ أَحد، وَرُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَن الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: انْسُبْ لَنَا ربَّك، فأَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ.
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنّ لِلَّهِ نَسَباً انْتَسَبَ
إِليه وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ نَفْيُ النَّسَبِ عَنِ اللهِ تَعَالَى
الواحدِ، لأَن الأَنْسابَ إِنما تَكُونُ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَاللَّهُ
تَعَالَى صِفَتُهُ أَنه لَمْ يَلِدْ وَلَدًا يُنْسَبُ إِليه، وَلَمْ
يُولَدْ فَيَنْتَسِبُ إِلى ولد، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَلَا
يَكُونُ فَيُشَبَّهُ بِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنِ افْتِرَاءِ
الْمُفْتَرِينَ، وتقدَّس عَنْ إِلحادِ الْمُشْرِكِينَ، وَسُبْحَانَهُ
عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
قَالَ الأَزهري: وَالْوَاحِدُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى،
مَعْنَاهُ أَنه لَا ثَانِيَ لَهُ، وَيَجُوزُ أَن يُنْعَتَ الشَّيْءُ
بأَنه وَاحِدٌ، فأَما أَحَد فَلَا يُنْعَتُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ
تَعَالَى لِخُلُوصِ هَذَا الِاسْمِ الشَّرِيفِ لَهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ.
وَتَقُولُ: أَحَّدْتُ اللَّهَ تَعَالَى ووحَّدْته، وَهُوَ الواحدُ
الأَحَد. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِرَجُلٍ
ذَكَرَ اللَّهَ وأَومَأَ بإِصْبَعَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَحِّدْ أَحِّدْ
أَي أَشِرْ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: وأَما قَوْلُ النَّاسِ:
تَوَحَّدَ اللَّهُ بالأَمر وَتَفَرَّدَ، فإِنه وإِن كَانَ صَحِيحًا
فإِني لَا أُحِبُّ أَن أَلْفِظَ بِهِ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي
الْمَعْنَى إِلا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي التَّنْزِيلِ أَو فِي
السُّنَّة، وَلَمْ أَجد المُتَوَحِّدَ فِي صِفَاتِهِ وَلَا
المُتَفَرِّدَ، وإِنما نَنْتَهِي فِي صِفَاتِهِ إِلى مَا وَصَفَ بِهِ
نَفْسَهُ وَلَا نُجاوِزُه إِلى غَيْرِهِ لمَجَازه فِي الْعَرَبِيَّةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بالوَحْدانيَّةِ لأَحَدٍ غَيْرِهِ،
شَرُّ أُمَّتي الوَحْدانيُّ المُعْجِبُ بِدِينِهِ المُرائي بعَمَلِه
، يُرِيدُ بالوحْدانيِّ المُفارِقَ لِلْجَمَاعَةِ المُنْفَرِدَ
بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الوَحْدةِ والانفرادِ، بِزِيَادَةِ
الأَلف وَالنُّونِ لِلْمُبَالَغَةِ. والمِيحادُ: مِنَ الواحدِ
كالمِعْشارِ، وَهُوَ جُزْءٌ وَاحِدٌ كَمَا أَن المِعْشارَ عُشْرٌ،
والمَواحِيدُ جَمَاعَةُ المِيحادِ؛ لَوْ رأَيت أَكَماتٍ مُنْفَرِداتٍ
كُلُّ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٌ مِنَ
(3/451)
الأُخرى كَانَتْ مِيحاداً ومواحِيدَ.
والمِيحادُ: الأَكمة المُفْرَدةُ. وَذَلِكَ أَمر لَسْتُ فِيهِ بأَوْحَد
أَي لَا أُخَصُّ بِهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي لَسْتُ عَلَى حِدةٍ.
وفلانٌ واحِدُ دَهْرِه أَي لَا نَظِيرَ لَهُ. وأَوحَدَه اللَّهُ:
جَعَلَهُ وَاحِدَ زَمَانِهِ؛ وفلانٌ أَوْحَدُ أَهل زَمَانِهِ وَفِي
حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: للهِ
أُمٌّ «3» حَفَلَتْ عَلَيْهِ ودَرَّتْ لَقَدْ أَوْحَدَت بِهِ
أَي ولَدَتْه وحِيداً فَرِيداً لَا نَظِيرَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أُحْدان
مِثْلُ أَسْوَدَ وسُودان؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فباكَرَه، والشمسُ لَمْ يَبْدُ قَرْنُها، ... بِأُحْدانِه
المُسْتَوْلِغاتِ، المُكَلِّبُ
يَعْنِي كلابَه الَّتِي لَا مِثْلَهَا كِلَابٌ أَي هِيَ وَاحِدَةُ
الْكِلَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ: لَسْتَ فِي هَذَا الأَمر
بأَوْحَد وَلَا يُقَالُ للأُنثى وَحْداء. وَيُقَالُ: أَعْطِ كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَة أَي عَلَى حِيالِه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ
مِنَ الْوَاوِ كَمَا قُلْنَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: اقْتَضَيْتُ كُلَّ
دِرْهَمٍ عَلَى وَحْدِه وَعَلَى حِدته. تَقُولُ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ
ذاتِ حِدَتِهِ وَمِنْ ذَاتِ نَفْسه وَمِنْ ذَاتِ رأْيه وَعَلَى ذَاتِ
حِدَتِهِ وَمِنْ ذِي حِدَتِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَوَحَّده اللَّهُ
بعِصْمته أَي عَصَمه وَلَمْ يَكِلْه إِلى غَيْرِهِ. وأَوْحَدَتِ الشاةُ
فَهِيَ مُوحِدٌ أَي وَضَعَتْ واحِداً مِثْلَ أَفَذَّتْ. وَيُقَالُ:
أَحَدْتُ إِليه أَي عَهِدْتُ إِليه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْدِ الَّذِي أَحَدُوا
يُرِيدُ بالعَهْدِ الَّذِي عَهِدُوا؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي
الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ:
لقدْ بَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ
قَالَ: أَقام أَحداً مَقَامَ مَا أَو شيءٍ وَلَيْسَ أَحد مِنَ الإِنس
وَلَا مِنَ الْجِنِّ، وَلَا يتكَلَّمُ بأَحَد إِلا فِي قَوْلِكِ مَا
رأَيت أَحداً، قَالَ ذَلِكَ أَو تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مِنَ الْجِنِّ
والإِنس وَالْمَلَائِكَةِ. وإِن كَانَ النَّفْيُ فِي غَيْرِهِمْ
قُلْتَ: مَا رأَيت شَيْئًا يَعْدِلُ هَذَا وَمَا رأَيت مَا يَعْدِلُ
هَذَا، ثُمَّ العَربُ تُدْخِلُ شَيْئًا عَلَى أَحد وأَحداً عَلَى
شَيْءٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ
أَزْواجِكُمْ «4» وقرأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: وَإِنْ فَاتَكُمْ أَحد مِنْ أَزواجكم
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وقالتْ: فلَوْ شَيءٌ أَتانا رَسُوله ... سِواكَ، ولكنْ لَمْ نَجِدْ لكَ
مَدْفَعا
أَقام شَيْئًا مُقَامَ أَحَدٍ أَي لَيْسَ أَحَدٌ مَعْدُولًا بِكَ.
ابْنُ سِيدَهْ: وَفُلَانٌ لَا وَاحِدَ لَهُ أَي لَا نَظِيرَ لَهُ.
وَلَا يَقُومُ بِهَذَا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي كِرِيمُ الآباءِ
والأُمهاتِ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: لَا يَقُومُ
بِهَذَا الأَمرِ إِلا ابْنُ إِحداها أَي الْكَرِيمُ مِنَ الرِّجَالِ؛
وَفِي النَّوَادِرِ: لَا يَسْتَطِيعُهَا إِلا ابْنُ إِحْداتها يَعْنِي
إِلا ابْنُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُهُ:
حَتَّى اسْتثارُوا بيَ إِحْدَى الإِحَدِ، ... لَيْثاً هِزَبْراً ذَا
سِلاحٍ مُعْتَدِي
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي بأَنه وَاحِدٌ لَا مِثْلَ لَهُ؛ يُقَالُ:
هَذَا إِحْدَى الإِحَدِ وأَحَدُ الأَحَدِين وواحِدُ الآحادِ. وَسُئِلَ
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: ذَلِكَ
أَحَدُ الأَحَدِين؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هَذَا أَبلغ الْمَدْحِ.
قَالَ: وأَلف الأَحَد مَقْطُوعَةٌ وَكَذَلِكَ إِحدى، وَتَصْغِيرُ أَحَد
أُحَيْدٌ وَتَصْغِيرُ إِحْدَى أُحَيدَى، وَثُبُوتُ الأَلِف فِي أَحَد
وإِحْدى دَلِيلٌ عَلَى أَنها مَقْطُوعَةٌ، وأَما أَلِف اثْنا واثْنَتا
فأَلِف وَصْلٍ، وَتَصْغِيرُ اثْنا ثُنَيَّا وَتَصْغِيرُ اثْنَتا
ثُنَيَّتا. وإِحْدَى بناتِ طَبَقٍ: الدّاهِيةُ، وَقِيلَ: الحَيَّةُ
__________
(3) . قوله [لله أم إلخ] هذا نص النهاية في وحد ونصها في حفل:
لِلَّهِ أُمٌّ حَفَلَتْ لَهُ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ
أَيْ جَمَعَتِ اللبن في ثديها له.
(4) . الآية
(3/452)
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَلَوِّيها حَتَّى
تَصِيرَ كالطَّبَق. وبَنُو الوَحَدِ: قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَغْلِب؛
حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
فَلَوْ كُنتُمُ مِنَّا أَخَذْنا بأَخْذِكم، ... ولكِنَّها الأَوْحادُ
أَسْفَلُ سافِلِ
أَراد بَنِي الوَحَد مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ أَحَداً. وَقَوْلُهُ: أَخَذْنا بأَخْذِكم أَي أَدْرَكْنا
إِبلكم فَرَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وبَنُو
الوَحِيدِ بطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ
بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعةَ. والوَحِيدُ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ عَنْ
كُرَاعٍ. وَالْوَحِيدُ: نَقاً مِنْ أَنْقاء الدَّهْناءِ؛ قَالَ
الرَّاعِي:
مَهارِيسُ، لاقَتْ بالوَحِيدِ سَحابةً ... إِلى أُمُلِ الغَرّافِ ذاتِ
السَّلاسِلِ
والوُحْدانُ: رِمال مُنْقَطِعَةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى إِذا هَبَطَ الوُحْدانُ، وانْكَشَفَتْ ... مِنْه سَلاسِلُ
رَمْلٍ بَيْنَها رُبَدُ
وَقِيلَ: الوُحْدانُ اسْمُ أَرض. والوَحِيدانِ: ماءانِ فِي بِلَادِ
قَيْس مَعْرُوفَانِ. قَالَ: وآلُ الوَحِيدِ حيٌّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ.
وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: أَنه رَأَى أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ يَقُولُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا
حَدْراها
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ هَلْ أَحد رأَى مِثْلَ هَذَا؟
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
هِيَ هَذِهِ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى؛ وَقِيلَ: أَعظُكم
أَنْ تُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: ذَرْنِي وَمَنْ
خَلَقْتُ وَحِيداً
؛ أَي لَمْ يَشْرَكْني فِي خَلْقِهِ أَحَدٌ، وَيَكُونُ وَحِيدًا من
صِفَةِ الْمَخْلُوقِ أَي ومَنْ خَلَقْتُ وحْدَه لَا مَالَ لَهُ وَلَا
وَلد ثُمَّ جَعَلْت لَهُ مَالًا وَبَنِينَ. وَقَوْلُهُ: لَسْتُنَّ
كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ
، لَمْ يَقُلْ كَواحِدة لأَن أَحداً نَفْيٌ عَامٌّ لِلْمُذَكَّرِ
وَالْمُؤَنَّثِ وَالْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ.
وخد: الوَخْدُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل، وَهُوَ سَعَةُ الخَطْو فِي
الْمَشْيِ، وَمِثْلُهُ الخَدْيُ لُغَتَانِ. يُقَالُ: وخَدَتِ الناقةُ
تَخِدُ وخْداً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَما وَخَدَتْ بِمِثْلِكِ ذاتُ غَرْبٍ، ... حَطُوطٌ فِي الزِّمامِ،
وَلَا لَحُونُ
وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي النَّاقَةِ:
وَخُود مِنَ اللَّائي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحَى، ... قَرِيضَ الرُّدافَى
بالغِناءِ المُهَوِّدِ
ووخَدَ الْبَعِيرُ يَخِدُ وَخْداً وَوَخَداناً: أَسْرَعَ ووَسَّع
الخَطْو؛ وَقِيلَ: رَمَى بِقَوَائِمِهِ كَمَشْيِ النَّعَامِ؛ وَبَعِيرٌ
واخِدٌ وَوَخَّادٌ وَظَلِيمٌ وَخّاد. ووَخْدُ الفرسِ: ضرْبٌ مِنْ
سَيْرِهِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ وَلَمْ يَحُدَّه. وَفِي حَدِيثِ وَفَاةِ
أَبي ذَرٍّ:
رأَى قَوْمًا تَخِدُ بِهِمْ رَواحِلُهم
؛ الوَخْدُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل سَرِيعٌ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ
ذَكَرَ وخْدةَ، هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ: قَرْيَةٌ
مِنْ قُرَى خَيْبَر الحَصِينة بِهَا نخل.
ودد: الودُّ: مَصْدَرُ المودَّة. ابْنُ سِيدَهْ: الودُّ الحُبُّ
يَكُونُ فِي جَمِيعِ مَداخِل الخَيْر؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. ووَدِدْتُ
الشيءَ أَوَدُّ، وَهُوَ مِنَ الأُمْنِيَّة؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا
أَفضل الْكَلَامِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَدَدْتُ ويَفْعَلُ مِنْهُ
يَوَدُّ لَا غَيْرَ؛ ذَكَرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوَدُّ
أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ
أَي يَتَمَنَّى. اللَّيْثُ: يُقَالُ: وِدُّكَ وَوَدِيدُكَ كَمَا
تَقُولُ حِبُّكَ وحَبِيبُك. الْجَوْهَرِيُّ: الوِدُّ الوَدِيدُ،
وَالْجَمْعُ أَوُدٌّ مِثْلُ قِدْحٍ وأَقْدُحٍ وذِئْبٍ وأَذْؤُبٍ؛
وَهُمَا يَتَوادّانِ وَهُمْ أَوِدّاء. ابْنُ سِيدَهْ: وَدَّ الشيءَ
وُدًّا وَوِدًّا وَوَدّاً وَوَدادةً وَوِداداً وَوَداداً ومَوَدَّةً
ومَوْدِدةً: أَحَبَّه؛ قَالَ:
(3/453)
إِنَّ بَنِيَّ لَلئامٌ زَهَدَهْ، ... مَا
ليَ فِي صُدُورِهْم مِنْ مَوْدِدَهْ
أَراد مِنْ مَوَدّة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَاءَ الْمَصْدَرُ فِي مَوَدّة
عَلَى مَفْعَلة وَلَمْ يُشَاكِلْ بَابَ يَوْجَلُ فِيمَنْ كَسَرَ
الْجِيمَ لأَن وَاوَ يَوْجَلُ قَدْ تَعْتَلُّ بِقَلْبِهَا أَلفاً
فأَشبهت وَاوَ يَعِدُ فَكَسَرُوهَا كَمَا كَسَرُوا المَوْعِد، وإِن
اخْتَلَفَ الْمَعْنَيَانِ، فَكَانَ تَغْيِيرُ ياجَل قَلْبًا
وَتَغْيِيرُ يَعِدُ حَذْفًا لَكِنَّ التَّغْيِيرَ يَجْمَعُهُمَا.
وَحَكَى الزجاجي عن الكسائي: ودَدْتُ الرَّجُلَ، بِالْفَتْحِ.
الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ وَدِدْتُ لَوْ تَفْعَل ذَلِكَ ووَدِدْتُ لَوْ
أَنك تَفْعَلُ ذَلِكَ أَوَدُّ وُدًّا وَوَدًّا وَوَدادةً، وَوِداداً
أَي تَمَنَّيْتُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَدِدْتُ وَدادةً [وِدادةً] لَوْ أَنَّ حَظِّي، ... مِنَ الخُلَّانِ،
أَنْ لَا يَصْرِمُوني
ووَدِدْتُ الرَّجُلَ أَوَدُّه وَدًّا إِذا أَحببته. والوُدُّ والوَدُّ
والوِدُّ: المَوَدَّة؛ تَقُولُ: بودِّي أَن يَكُونَ كَذَا؛ وأَما
قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَيُّها العائِدُ المُسائِلُ عَنّا، ... وبِودِّيكَ لَوْ تَرَى
أَكْفاني
فإِنما أَشبع كَسْرَةَ الدَّالِ لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الْبَيْتُ
فَصَارَتْ يَاءً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
؛ مَعْنَاهُ لَا أَسأَلكم أَجراً عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ
وَلَكِنِّي أُذكركم الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى؛ والمودّةَ
مُنْتَصِبَةٌ عَلَى اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الأَوّل لأَن
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى لَيْسَتْ بأَجر؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِي
التَّمَنِّي:
وددتُ وِدَادَةً لَوْ أَن حَظِّي
قَالَ: وأَختارُ فِي مَعْنَى التَّمَنِّي: وَدِدْت. قَالَ: وَسَمِعْتُ
وَدَدْتُ، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ: وَسَوَاءٌ قُلْتَ
وَدِدْتُ أَو وَدَدْتُ الْمُسْتَقْبَلُ مِنْهُمَا أَوَدُّ ويَوَدُّ
وتَوَدُّ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنكر الْبَصْرِيُّونَ
ودَدْتُ، قَالَ: وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ
عَلِمْنَا أَن الْكِسَائِيَّ لَمْ يَحْكِ ودَدْت إِلا وَقَدْ سَمِعَهُ
وَلَكِنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ لَا يَكُونُ حُجَّةً. وَقُرِئَ:
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمنُ وُدّاً ووَدّاً.
قَالَ الْفَرَّاءُ: وُدًّا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قَالَهُ
بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ. ابْنُ الأَنباري: الوَدُودُ فِي أَسماءِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، المحبُّ لِعِبَادِهِ، مِنْ قَوْلِكَ وَدِدْت
الرَّجُلَ أَوَدّه وِدًّا ووِداداً وَوَداداً. قَالَ ابْنُ الأَثير:
الْوَدُودُ فِي أَسماءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُول،
مِنَ الْوُدِّ الْمَحَبَّةِ. يُقَالُ: وَدِدْتُ الرَّجُلَ إِذا
أَحببته، فَاللَّهُ تَعَالَى مَوْدُود أَي مَحْبوب فِي قُلُوبِ
أَوليائه؛ قَالَ: أَو هُوَ فَعُول بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَي يُحبّ
عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ بِمَعْنَى يَرْضى عَنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنّ أَبا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ
؛ هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ تَقْدِيرُهُ كَانَ ذَا وُدّ لِعُمَرَ
أَي صَدِيقًا، وإِن كَانَتِ الْوَاوُ مَكْسُورَةً فَلَا يُحْتَاجُ إِلى
حَذْفِ فإِن الوِدّ، بِالْكَسْرِ، الصَّدِيقُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: فإِنْ وافَق قَوْلٌ عَمَلًا فآخِه وأَوْدِدْه
أَي أَحْبِبْه وصادِقْه، فأَظهر الإِدغام للأَمر عَلَى لُغَةِ
الْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِتَعَلُّمِ الْعَرَبِيَّةِ فإِنها تَدُلُّ عَلَى المُروءةِ
وَتَزِيدُ فِي الموَدّةِ
؛ يُرِيدُ مَوَدَّةَ الْمُشَاكَلَةِ؛ وَرَجُلٌ وُدٌّ ومِوَدّ وَوَدُودٌ
والأُنثى وَدُودٌ أَيضاً، والوَدُودُ: المُحِبُّ. ابْنُ الأَعرابي:
الموَدَّةُ الْكِتَابَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ
أَي بالكُتُب؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَعْدَدْتُ للحَرْبِ خَيْفانةً، ... جَمُومَ الجِراءِ وَقاحاً
وَدُوداً
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَدُوداً أَنها باذلةٌ مَا
عِنْدَهَا مِنَ الجَرْي؛ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ ودُوداً إِلا عَلَى
ذَلِكَ لأَن الْخَيْلَ بهائمُ وَالْبَهَائِمُ لَا ودَّ لَهَا فِي
غَيْرِ نَوْعِهَا. وتوَدَّدَ إِليه: تَحَبَّبَ. وتوَدَّده: اجْتَلَبَ
ودَّه؛
(3/454)
عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَقولُ: توَدَّدْني إِذا مَا لَقِيتَني ... بِرِفْقٍ، ومَعْروفٍ مِن
القَوْلِ ناصِعِ
وَفُلَانٌ وُدُّكَ ووِدُّكَ وَوَدُّكَ، بِالْفَتْحِ، الأَخيرة عَنِ
ابْنِ جِنِّي، ووَديدُك وَقَوْمٌ وُدٌّ ووِدادٌ وأَوِدَّاءُ وأَوْدادٌ
وأَوِدٌّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، وَأَوُدٌّ؛ قَالَ
النَّابِغَةُ:
إِني، كأَني أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَه ... بعضُ الأَوُدّ حَديثاً،
غيرَ مَكْذوبِ
قَالَ: وَذَهَبَ أَبو عُثْمَانَ إِلى أَن أَوُدّاً جَمْعٌ دَلَّ عَلَى
وَاحِدِهِ أَي أَنه لَا وَاحِدَ لَهُ. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
بعضُ الأَوَدّ، بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ قَالَ: يُرِيدُ الَّذِي هُوَ أَشدُّ
وُدًّا؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: أَراد الأَوَدِّين الْجَمَاعَةَ.
الْجَوْهَرِيُّ: وَرِجَالٌ وُدَداءُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ
وَالْمُؤَنَّثُ لِكَوْنِهِ وَصْفًا دَاخِلًا عَلَى وَصْفٍ
لِلْمُبَالَغَةِ. التَّهْذِيبُ: والوَدُّ صَنَم كَانَ لِقَوْمِ نُوحٍ
ثُمَّ صَارَ لِكلب وَكَانَ بِدُومةِ الْجَنْدَلِ وَكَانَ لِقُرَيْشٍ
صَنَمٌ يَدْعُونَهُ وُدّاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْمِزُ فَيَقُولُ أُدٌّ؛
وَمِنْهُ سُمِّي عَبدُ وُدٍّ، وَمِنْهُ سُمِّي أُدُّ بنُ طَابِخَةَ؛
وأُدَد: جَدُّ مَعَدِّ بْنِ عدنانَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ أَهل
الْمَدِينَةِ: وَلَا تَذَرُنَّ وُدًّا، بِضَمِّ الْوَاوِ، قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ: أَكثر القرَّاء قرؤوا وَدًّا
، مِنْهُمْ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ
وَالْكِسَائِيُّ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وقرأَ نَافِعٌ
وُدًّا، بِضَمِّ الْوَاوِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَوَدٌّ وَوُدٌّ صَنَمٌ.
وَحَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ مَفْتُوحًا لَا غَيْرَ. وَقَالُوا: عَبْدُ
وُدّ يَعْنُونَهُ بِهِ، وَوُدٌّ لُغَةٌ فِي أُدّ، وَهُوَ وُدُّ بْنُ
طَابِخَةَ؛ التَّهْذِيبُ: الوَدّ، بِالْفَتْحِ، الصنَمُ؛ وأَنشد:
بِوَدِّكِ، مَا قَوْمي عَلَى مَا تَرَكْتِهِمْ، ... سُلَيْمَى إِذا
هَبَّتْ شَمالٌ وَريحُها
أَراد بِوَدّكِ «1» فَمَنْ رَوَاهُ بِوَدّكِ أَراد بِحَقِّ صنمكِ
عليكِ، وَمَنْ ضَمَّ أَراد بالمَوَدّة بَيْنِي وبينكِ؛ وَمَعْنَى
الْبَيْتِ أَيّ شَيْءٍ وجَدْتِ قَوْمِي يَا سُلَيْمَى عَلَى تركِكِ
إِياهم أَي قَدْ رَضِيتُ بِقَوْلِكِ وإِن كُنْتِ تَارِكَةً لَهُمْ
فاصدُقي وَقُولِي الْحَقَّ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الْمَعْنَى
أَيّ شَيْءٍ قَوْمِي فَاصْدُقِي فَقَدْ رَضِيتُ قَوْلَكِ وإِن كُنْتِ
تَارِكَةً لِقَوْمِي. ووَدّانُ: وادٍ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
قِفُوا خَبِّرُوني عَنْ سُلَيْمَانَ إِنَّني، ... لِمَعْرُوفِه مِنْ
أَهلِ وَدّانَ، طالِبُ
وَوَدٌّ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: والوَد فِي قَوْلِ امْرِئِ
الْقَيْسِ:
تُظْهِرُ الوَدَّ إِذا مَا أَشْجَذَتْ، ... وتُوارِيهِ إِذا مَا
تَعْتَكِرْ «2»
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ:
والوَدُّ الوَتِدُ بِلُغَةِ تَمِيمٍ، فإِذا زَادُوا الْيَاءَ قَالُوا
وتيدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنها لُغَةٌ
تَمِيمِيَّةٌ، قَالَ: لَا أَدري هَلْ أَراد أَنه لَا يُغَيِّرُهَا
هَذَا التَّغْيِيرَ إِلا بَنُو تَمِيمٍ أَم هِيَ لُغَةٌ لِتَمِيمٍ
غَيْرُ مُغَيَّرَةٍ عَنْ وَتِدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَدُّ،
بِالْفَتْحِ، الوَتِدُ فِي لُغَةِ أَهل نَجْدٍ كأَنهم سكَّنوا التَّاءَ
فأَدغموها فِي الدَّالِ. ومَوَدّةُ: اسْمُ امرأَة؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي، وأَنشد:
مَوَدّةُ تَهْوى عُمْرَ شَيْخٍ يَسُرُّه ... لَهَا الموتُ، قَبْلَ
اللَّيْلِ، لَوْ أَنَّها تَدْري
يَخافُ عَلَيْهَا جَفْوةَ الناسِ بَعْدَه، ... وَلَا خَتَنٌ يُرْجَى
أَوَدُّ مِنَ القَبْرِ
وَقِيلَ: إِنها سُمِّيَتْ بالموَدّة الَّتِي هِيَ المَحبة.
__________
(1) . قوله [أراد بودّك إلخ] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [تعتكر] يروى أيضاً تشتكر.
(3/455)
ورد: وَرْدُ كُلِّ شَجَرَةٍ: نَوْرُها،
وَقَدْ غَلَبَتْ عَلَى نَوْعِ الحَوْجَم. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الوَرْدُ نَوْرُ كُلِّ شَجَرَةٍ وزَهْرُ كُلِّ نَبْتَة، وَاحِدَتُهُ
وَرْدة؛ قَالَ: وَالْوَرْدُ بِبِلَادِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، رِيفِيَّةً
وبَرِّيةً وجَبَليّةً. ووَرَّدَ الشجرُ: نَوَّرَ. وَوَرَّدت
الشَّجَرَةُ إِذا خَرَجَ نَوْرُها. الْجَوْهَرِيُّ: الوَرد،
بِالْفَتْحِ، الَّذِي يُشمّ، الْوَاحِدَةُ وَرْدَةٌ، وَبِلَوْنِهِ
قِيلَ للأَسد وَرْدٌ، وَلِلْفَرَسِ ورْد، وَهُوَ بَيْنَ الكُمَيْت
والأَشْقَر. ابْنُ سِيدَهْ: الوَرْد لَوْنٌ أَحمر يَضْرِبُ إِلى صُفرة
حَسَنة فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ فَرَس وَرْدٌ، وَالْجَمْعُ وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وَقَدْ وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صَارَ
وَرْداً. وَفِي الْمُحْكَمِ: وَقَدْ وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قَالَ
الأَزهري: وَيُقَالُ ايرادَّ يَوْرادُّ عَلَى قِيَاسِ ادْهامَّ
واكْماتَّ، وأَصله اوْرادَّ صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا
قَبْلَهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكانَتْ
وَرْدَةً كَالدِّهانِ
؛ أَي صَارَتْ كَلَوْنِ الوَرْد؛ وَقِيلَ: فَكَانَتْ وَرْدة كلونِ فرسٍ
وَرْدةٍ؛ وَالْوَرْدُ يَتَلَوَّنُ فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ خِلَافَ
لَوْنِهِ فِي الصَّيْفِ، وأَراد أَنها تَتَلَوَّنُ مِنَ الْفَزَعِ
الأَكبر كَمَا تَتَلَوَّنُ الدِّهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ. وَاللَّوْنُ
وُرْدةٌ، مِثْلُ غُبْسة وشُقْرة؛ وَقَوْلُهُ:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤْوةٌ، ... تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ
فِيهَا تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤْوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا ذَلِكَ لأَن وَرْدًا صِفَةٌ وجؤوة مَصْدَرٌ،
وَالْحُكْمُ أَن تَقَابَلَ الصِّفَةُ بِالصِّفَةِ وَالْمَصْدَرُ
بِالْمَصْدَرِ. ووَرَّدَ الثوبَ: جَعَلَهُ وَرْداً. وَيُقَالُ:
وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا عَالَجَتْهُ بِصَبْغِ الْقُطْنَةِ
الْمَصْبُوغَةِ. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها عِنْدَ غُروب
الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ طُلوع الشَّمْسِ، وَذَلِكَ عَلَامَةُ
الجَدْب. وَقَمِيصٌ مُوَرَّد: صُبِغَ عَلَى لَوْنِ الْوَرْدِ، وَهُوَ
دُونَ المضَرَّجِ. والوِرْدُ: مِنْ أَسماءِ الحُمَّى، وَقِيلَ: هُوَ
يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يَوْمُ الحُمَّى إِذا أَخذت صَاحِبَهَا
لِوَقْتٍ، وَقَدْ وَرَدَتْه الحُمَّى، فَهُوَ مَوْرُودٌ؛ قَالَ أَعرابي
لِآخَرَ: مَا أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ «1» فَقَالَ: الرُّحَضاءُ.
وَقَدْ وُرِدَ عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمّ فَاعِلُهُ. وَيُقَالُ:
أَكْلُ الرُّطَبِ مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والوِرْدُ
ووُردُ الْقَوْمِ: الْمَاءُ. والوِرْدُ: الْمَاءُ الَّذِي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الإِبل الوارِدة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لَمْ يَنْدَهِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
يَا عَمْرُو عَمْرَ الْمَاءِ وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قَوْلَ جَرِيرٍ فِي الْمَاءِ:
لَا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لَمْ يَعْرِفُوا بَرَدى، ... إِذا تكَشَّفَ
عَنْ أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نَهْرُ دِمَشْقَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى. والوِرْدُ:
العَطَشُ. والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ
مَوْرِداً أَي وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطَّرِيقُ إِلى الْمَاءِ.
والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ
الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسْمٌ مِنْ وِرْدِ يومِ الوِرْدِ. وَمَا وَرَدَ
مِنْ جَمَاعَةِ الطَّيْرِ والإِبل وَمَا كَانَ، فَهُوَ وِرْدٌ.
تَقُولُ: وَرَدَتِ الإِبل وَالطَّيْرُ هَذَا الماءَ وِرْداً،
وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛ وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ مِنْ قراءَة الْقُرْآنِ وِرْداً مِنْ هَذَا.
ابْنُ سِيدَهْ: ووَرَدَ الماءَ وَغَيْرَهُ وَرْداً ووُرُوداً
__________
(1) . قوله [إفراق المورود] في الصحاح قال الأَصمعي: أفرق المريض من
مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول الأَعرابي هذا ثم قال:
يَقُولُ مَا عَلَامَةُ بُرْءِ المحموم؟ فقال العرق.
(3/456)
وَوَرَدَ عَلَيْهِ: أَشرَفَ عَلَيْهِ،
دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه، ... وضَعْنَ عِصِيَّ
الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
مَعْنَاهُ لَمَّا بَلَغْنَ الْمَاءَ أَقَمْنَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ
وارِدٌ مِنْ قَوْمٍ وُرّادٌ، وورَّادٌ مِنْ قومٍ وَرّادين، وَكُلُّ
مَنْ أَتى مَكَانًا مَنْهَلًا أَو غَيْرَهُ، فَقَدْ وَرَدَه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَرِدُونَهَا مَعَ الْكُفَّارِ
فَيَدْخُلُهَا الْكُفَّارُ وَلَا يَدْخلُها الْمُسْلِمُونَ؛
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ آيَةٌ كَثُرَ اخْتِلَافُ
الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا، وَحَكَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَن الْخَلْقَ
جَمِيعًا يَرِدُونَ النَّارَ فَيَنْجُو الْمُتَّقِي ويُتْرَك
الظَّالِمُ، وَكُلُّهُمْ يَدْخُلُهَا. والوِرْد: خِلَافُ الصَدَر.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا الوُرُودَ وَلَمْ نَعْلَمِ
الصُّدور، وَدَلِيلُ مَن قَالَ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ
نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا.
وَقَالَ قَوْمٌ: الْخَلْقُ يَرِدُونها فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ
بَرْداً وَسَلَامًا؛ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ:
إِنّ وُروُدَها لَيْسَ دُخولها وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوِيَّةٌ
جِدًّا لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ ورَدْنا مَاءَ كَذَا وَلَمْ يَدْخُلوه.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ
. وَيُقَالُ إِذا بَلَغْتَ إِلى الْبَلَدِ وَلَمْ تَدْخله: قَدْ
وَرَدْتَ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبو إِسحاق: وَالْحُجَّةُ
قَاطِعَةٌ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها؛ قَالَ: فَهَذَا، وَاللَّهُ
أَعلم، دليلُ أَن أَهل الْحُسْنَى لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ. وَفِي
اللُّغَةِ: وَرَدَ بَلَدَ كَذَا وَمَاءَ كَذَا إِذا أَشرف عَلَيْهِ،
دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ، قَالَ: فالوُرودُ، بالإِجماع، لَيْسَ
بِدُخُولٍ. الْجَوْهَرِيُّ: ورَدَ فُلَانٌ وُروُداً حَضَر، وأَورده
غَيْرُهُ واسْتَوْرَده أَي أَحْضَره. ابْنُ سِيدَهْ: توَرَّدَه
واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كَمَا قَالُوا: عَلَا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
ووارَدَه: وَرَدَ مَعَه؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلًا، إِنَّما ... مَوْتُكَ، لَوْ وارَدْتُ،
وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي مُشاةً عِطاشاً، وَالْجَمْعُ أَوْرادٌ.
والوِرْدُ: الوُرّادُ وَهُمُ الَّذِينَ يَرِدُون الْمَاءَ؛ قَالَ
يَصِفُ قَلِيبًا:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِيباً سُكّا، ... يَطْمُو إِذا الوِرْدُ
عَلَيْهِ الْتَكّا
وَكَذَلِكَ الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ مِنَ الْمَاءِ. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاةُ الماءِ، وَقِيلَ: الجادّةُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، فِي دَأَياتِها، ... مَوارِدُ مِنْ خَلقاءَ
فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
وَيُقَالُ: مَا لَكَ توَرَّدُني أَي تقدَّم عَلَيَّ؛ وَقَالَ فِي
قَوْلِ طَرَفَةَ:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هُوَ المتقدِّم عَلَى قِرْنِه الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ شَيْءٌ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا البَرازَ فِي المَوارِدِ
أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الْمَاءِ، وَاحِدُهَا مَوْرِدٌ، وَهُوَ
مَفْعِلٌ مِنَ الوُرُودِ. يُقَالُ: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً
إِذَا حَضَرْتَهُ لِتَشْرَبَ. والوِرد: الْمَاءُ الَّذِي تَرِدُ
عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَخذ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي
(3/457)
أَورَدَني المَوارِدَ
؛ أَراد الْمَوَارِدَ المُهْلِكةَ، وَاحِدُهَا مَوْرِدة؛ وَقَوْلُ أَبي
ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الْقَبْرَ:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا ... وليسَ بِهَا أَدْنَى
ذِفافٍ لِوارِدِ
اسْتَعَارَ الإِيرادٍ لإِتْيان الْقَبْرِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا
مَاءٌ، وكلُّ مَا أَتَيْتَه فَقَدْ وَرَدْتَه؛ وَقَوْلُهُ:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ، ... وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هُنَا يُرِيدُ أَن يَخْرُجَ إِذا ضُرِب بِهِ. وأَوْرَدَ
عَلَيْهِ الخَبر: قصَّه. والوِرْدُ: القطيعُ مِنَ الطَّيْرِ.
والوِرْدُ: الجَيْشُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ دَقَّ مِن أَعناقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وَقَوْلُ جَرِيرٍ أَنشده ابْنُ حَبِيبٍ:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، عَلَى أَنَّ وِرْدَها، ... إِذا ذِيدَ لَمْ
يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قَالَ: الوِرْدُ هَاهُنَا الْجَيْشُ، شَبَّهَهُ بالوِرْدِ مِنَ الإِبل
بِعَيْنِهَا. والوِرْدُ: الإِبل بِعَيْنِهَا. والوِرْدُ: النَّصِيبُ
مِنَ الْقُرْآنِ؛ تَقُولُ: قرأْتُ وِرْدِي. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ كَانَا يقرآنِ القرآنَ مِنْ أَوَّله
إِلى آخِرِهِ ويَكْرهانِ الأَورادَ
؛ الأَورادُ جَمْعُ وِرْدٍ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْجُزْءُ، يُقَالُ:
قرأْت وِرْدِي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تأْويل الأَوراد أَنهم كَانُوا
أَحْدثوا أَنْ جَعَلُوا الْقُرْآنَ أَجزاء، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِيهِ
سُوَر مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ التأْليف، جَعَلُوا
السُّورَةَ الطَّوِيلَةَ مَعَ أُخرى دُونَهَا فِي الطُّولِ ثُمَّ
يَزيدُون كَذَلِكَ، حَتَّى يُعَدِّلوا بَيْنَ الأَجزاءِ ويُتِمُّوا
الْجُزْءَ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ سُورة مُنْقَطِعَةٌ وَلَكِنْ تَكُونُ
كُلُّهَا سُوَراً تَامَّةً، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا الأَوراد.
وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ كلَّ ليلةٍ وِرْد مِنَ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ أَي
مقدارٌ مَعْلُومٌ إِما سُبْعٌ أَو نِصْفُ السُّبُعِ أَو مَا أَشبه
ذَلِكَ. يُقَالُ: قرأَ وِرْده وحِزْبه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والوِرْد:
الْجُزْءُ مِنَ اللَّيْلِ يَكُونُ عَلَى الرَّجُلِ يُصَلِّيهِ.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كَانَتْ مُقْبِلَةً عَلَى السبَلة. وَفُلَانٌ
وَارِدُ الأَرنبة إِذا كَانَ طَوِيلَ الأَنف. وَكُلُّ طَوِيلٍ:
وَارِدٌ. وتَوَرَّدَتِ الْخَيْلُ الْبَلْدَةَ إِذا دَخَلَتْهَا
قَلِيلًا قَلِيلًا قِطْعَةً قِطْعَةً. وشَعَر وَارِدٌ: مُسْتَرْسِلٌ
طَوِيلٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وَعَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهَا وارِدٌ، ... حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ
مُسْبَكِرْ
وَكَذَلِكَ الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الأَنف إِذا
طَالَ يَصِلُ إِلى الْمَاءِ إِذا شَرِبَ بِفِيهِ لِطُولِهِ،
وَالشَّعَرُ مِنَ المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وَشَجَرَةٌ واردةُ الأَغصان
إِذا تَدَلَّتْ أَغصانُها؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ نَخْلًا أَو
كَرْمًا:
يُلْقَى نَواطِيرُه، فِي كُلِّ مَرْقَبَةٍ، ... يَرْمُونَ عَنْ وارِدِ
الأَفنانِ مُنْهَصِر «2»
. أَي يَرْمُونَ الطَّيْرَ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَرْسَلُوا
وارِدَهُمْ
أَي سابِقَهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ
حَبْلِ الْوَرِيدِ
؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: الوَرِيدُ عِرْق تَحْتَ اللِّسَانِ، وَهُوَ
فِي العَضُد فَلِيقٌ، وَفِي الذِّرَاعِ الأَكْحَل، وَهُمَا فِيمَا
تَفَرَّقَ مِنْ ظَهْرِ الكَفِّ الأَشاجِعُ، وَفِي بَطْنِ الذِّرَاعِ
الرَّواهِشُ؛ وَيُقَالُ: إِنها أَربعة عُرُوقٍ فِي الرأْس، فَمِنْهَا
اثْنَانِ يَنْحَدِران قُدّامَ الأُذنين، وَمِنْهَا الوَرِيدان فِي
العُنق. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الورِيدان
__________
(2) . قوله [يلقى] في الأَساس تلقى
(3/458)
تَحْتَ الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ
غَلِيظَانِ عَنْ يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْرِ ويَسارِها. قَالَ:
والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وَكُلُّ عِرْق يَنْبِضُ،
فَهُوَ مِنَ الأَوْرِدةِ الَّتِي فِيهَا مَجْرَى الْحَيَاةِ.
والوَرِيدُ مِنَ العُرُوق: مَا جَرَى فِيهِ النَّفَسُ وَلَمْ يجرِ
فِيهِ الدّمُ، والجَداوِلُ الَّتِي فِيهَا الدِّماءُ كالأَكْحَلِ
والصَّافِن، وَهِيَ العُروقُ الَّتِي تُفْصَدُ. أَبو زَيْدٍ: فِي
العُنُق الوَرِيدان وَهُمَا عِرْقان بَيْنَ الأَوداج وَبَيْنَ
اللَّبَّتَيْنِ، وَهُمَا مِنَ الْبَعِيرِ الْوَدَجَانِ، وَفِيهِ
الأَوداج وَهِيَ مَا أَحاطَ بالحُلْقُوم مِنَ الْعُرُوقِ؛ قَالَ
الأَزهري: وَالْقَوْلُ فِي الْوَرِيدَيْنِ مَا قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ.
غَيْرُهُ: والوَرِيدانِ عِرْقان فِي العُنُق، وَالْجَمْعُ أَوْرِدَةٌ
ووُرودٌ. وَيُقَالُ للغَضْبَانِ: قَدِ انْتَفَخَ وَرِيدُهُ.
الْجَوْهَرِيُّ: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه مِنْ
الوَتِين، قَالَ: وَهُمَا وَرِيدَانِ مُكْتَنِفَا صَفْقَي العُنُق
مِمَّا يَلي مُقَدَّمه غَلِيظان. وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ:
مُنْتَفِخة الوَرِيدِ
، هُوَ العرقُ الَّذِي فِي صَفْحة العُنق يَنْتَفِخُ عِنْدَ الغضَب،
وَهُمَا وريدانِ؛ يَصِفُها بِسُوءِ الخَلُق وَكَثْرَةِ الْغَضَبِ.
والوارِدُ: الطَّرِيقُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وهْمٍ، صُواهُ قَدْ مَثَلْ
يَقُولُ: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا فِي طَرِيقٍ صادِرٍ، وَكَذَلِكَ
المَوْرِدُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَمِيرُ المؤمِنينَ عَلَى صِراطٍ، ... إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ
مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ فِي وَرْدةٍ أَي فِي هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، وَالطَّاءُ أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: بَزْماوَرْد. ووَرْد:
بَطْنٌ مِنْ جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ طَرَفَةُ:
مَا يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ، ... صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ
وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عِنْدَ حُنَيْن؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ «1» :
رَكَضْنَ الخَيْلَ فِيهَا، بَيْنَ بُسٍّ ... إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ
بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسْمَانِ وَكَذَلِكَ وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ:
دَوابُّ مَعْرُوفَةٌ. وَوَرْدٌ: اسْمُ فَرَس حَمْزة بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، رَضِيَ الله عنه.
وسد: الوِساد والوِسادَةُ: المِخَدَّةُ، وَالْجَمْعُ وسائِدُ وَوُسُدٌ.
ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: الوِسادُ المُتَّكَأُ وَقَدْ تَوَسَّد
ووَسَّدَه إِياه فَتَوسَّد إِذا جعَله تَحْتَ رأْسه، قَالَ أَبو
ذُؤَيْبٍ:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ، ... وسُرْبِلْت
أَكْفاني، ووُسِّدْتُ سَاعِدِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لعدِيّ بْنِ حَاتِمٍ: إِنَّ وِسادَكَ إِذَنْ لَعَرِيضٌ
؛ كَنى بالوِسادِ عَنِ النَّوْمِ لأَنه مَظِنَّته، أَراد أَن نَوَّمَكَ
إِذَنْ كَثِيرٌ، وكَنى بِذَلِكَ عَنْ عِرَضِ قَفَاهُ وعِظَمِ رأْسه،
وَذَلِكَ دَلِيلُ الغَباوَةِ؛ وَيَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الأُخرى:
إِنك لَعَريضُ القَفا، وَقِيلَ: أَراد أَنَّ مَنْ تَوَسَّدَ
الْخَيْطَيْنِ الْمُكَنَّى بِهِمَا عَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
لَعَرِيضُ الْوِسَادِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدرْداء: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِني أُريد أَن أَطلب الْعِلْمَ
وأَخشَى أَن أُضَيَّعَه، فَقَالَ: لأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ خَيْرٌ
لَكَ مِنْ أَن تَتَوسَّدَ الْجَهْلَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن شُرَيحاً الْحَضْرَمِيَّ ذُكر عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله
__________
(1) . قوله [ابن] كتب بهامش الأَصل كذا يعني بالأَصل ويحتمل أن يكون
ابن مرداس أو غيره
(3/459)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ
لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لِقَوْلِهِ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
وَجْهَانِ: أَحدهما مَدْحٌ وَالْآخِرُ ذَمٌّ، فَالَّذِي هُوَ مَدْحٌ
أَنه لَا يَنَامُ عَنِ الْقُرْآنِ وَلَكِنْ يَتَهَجَّد بِهِ، وَلَا
يَكُونُ القرآنُ مُتَوَسَّداً مَعَهُ بَلْ هُوَ يُداوِمُ قِراءتَه
ويُحافِظُ عَلَيْهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَوَسَّدوا الْقُرْآنَ واتْلُوه حَقَّ تُلاوته
، وَالَّذِي هُوَ ذَمٌّ أَنه لَا يقرأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْفَظُهُ
وَلَا يُديمُ قِرَاءَتَهُ وإِذا نَامَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ
الْقُرْآنِ شَيْءٌ، فإِن كَانَ حَمِدَه فَالْمَعْنَى هُوَ الأَوّل،
وإِن كَانَ ذمَّه فَالْمَعْنَى هُوَ الْآخَرُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ:
وأَشبههما أَنه أَثْنَى عَلَيْهِ وحَمِدَه. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ
آخَرَ:
مَنْ قرأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوسَّداً
لِلْقُرْآنِ.
يُقَالُ: تَوَسَّدَ فُلَانٌ ذِراعه إِذا نَامَ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ
كالوِسادة لَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وسَّدَ فلانٌ فُلَانًا
وِسادة، وتَوَسَّد وِسادة إِذا وضَع رأْسه عَلَيْهَا، وَجَمْعُ
الوِسادِة وسَائِدُ. والوِسادُ: كُلُّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الرأْس وإِن
كَانَ مِن تُرَابٍ أَو حِجَارَةٍ؛ وَقَالَ عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ:
فَبِتْنا وِسادانا إِلى عَلَجانةٍ ... وحِقْفٍ، تَهَادَاهُ الرِّياحُ
تَهادِيا
وَيُقَالُ لِلْوِسَادَةِ: إِسادة كَمَا قَالُوا للوِشاحِ: إِشاح. وَفِي
الْحَدِيثِ:
إِذا وُسِّدَ الأَمرُ إِلى غَيْرِ أَهله فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ
أَي أُسْنِدَ وجُعِلَ فِي غَيْرِ أَهله؛ يَعْنِي إِذا سُوِّدَ وشُرِّفَ
غيرُ الْمُسْتَحِقِّ لِلسِّيَادَةِ وَالشَّرَفِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ
السِّيَادَةِ أَي إِذا وُضعت وِسادةُ المُلْك والأَمر وَالنَّهْيِ
لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِمَا، وَتَكُونُ إِلى بِمَعْنَى اللَّامِ.
والتوسِيد: أَن تَمُدَّ الثِّلَامَ «1» طُولًا حَيْثُ تَبْلُغُهُ
الْبَقَرُ. وأَوْسَدَ فِي السَّيْرِ: أَغَذَّ. وأَوْسَدَ الكلبَ:
أَغْراه بالصَّيْدِ مِثْلُ آسَدَه.
وصد: الوَصِيدُ: فِناءُ الدَّارِ وَالْبَيْتِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الوَصِيدُ والأَصيدُ لُغَتَانِ مِثْلُ الوِكافِ
والإِكافِ وَهُمَا الفِناءُ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ يُونُسُ والأَخفش.
والوَصِيدةُ: بيتٌ يُتخذ مِنَ الْحِجَارَةِ لِلْمَالِ فِي الْجِبَالِ.
والوِصادُ: المُطْبَقُ. وأَوْصَدَ البابَ وآصَدَه: أَغْلَقَه، فَهُوَ
مُوصَدٌ، مِثْلُ أَوجَعَه، فَهُوَ موجَع. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْغَارِ: فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الكَف فأَوْصَدَه
أَي سَدَّه، مِنْ أَوْصَدْت الْبَابَ إِذا أَغلَقْتَه، وَيُرْوَى:
فأَوْطَدَه، بِالطَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وأَوصَد القِدْرَ:
أَطْبَقَها، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا جَمِيعًا الوِصادُ؛ حَكَاهُ
اللِّحْيَانِيُّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّها عَلَيْهِمْ
مُؤْصَدَةٌ، وَقُرِئَ مُوصَدة، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ أَبو
عُبَيْدَةَ: آصَدْتُ وأَوْصَدْتُ إِذا أَطْبَقْتَ، وَمَعْنَى مُؤْصَدةٌ
أَي مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِصادُ والأَصِيدُ
هُمَا بِمَنْزِلَةِ المُطْبَق. يُقَالُ: أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الإِصادَ
والوِصادَ والأَصِيدةُ. والوَصِيدة كالحظيرةِ تُتَّخَذُ لِلْمَالِ إِلا
أَنها مِنَ الْحِجَارَةِ والحَظِيرةُ مِنَ الغِصنَة. تَقُولُ مِنْهُ:
اسْتَوْصَدْتُ فِي الْجَبَلِ إِذا اتَّخَذْتَ الوَصيدة. والمُوَصَّدُ:
الخِدْرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وعُلِّقْتُ لَيْلَى، وهْيَ ذاتُ مُوَصَّدٍ، ... وَلَمْ يَبْدُ
لِلأَتْرابِ مِن ثَدْيِها حَجْمُ
وَوَصَدَ النَّسَّاجُ بعضَ الخَيْطِ فِي بَعْضٍ وَصْداً وَوَصَّدَه:
أَدْخَلَ اللُّحْمَةَ في السَّدَى. الوصَّادُ: الحائِكُ. وَفِي
النَّوَادِرِ: وَصَدْتُ بِالْمَكَانِ أَصِدُ ووَتَدْتُ أَتِدُ إِذا
ثَبَتَّ. وَيُقَالُ: وَصَدَ الشيءُ ووَصَبَ أَي ثَبَتَ، فَهُوَ واصِدٌ
ووَاصِبٌ، وَمِثْلُهُ الصَّيْهَدُ. والصَّيْهَبُ: الحرُّ الشديدُ.
والوصيدُ: النباتُ المتقاربُ الأُصولِ. ووَصَّدَه: أَغراه؛
__________
(1) . قوله [الثلام] كذا بالأَصل.
(3/460)
وأَوصَدَ الْكَلْبَ بالصَّيْدِ كَذَلِكَ.
والتوصِيدُ: التحذيرُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
ومُرْهَقٍ سالَ إِمْتاعاً بِوَصْدتِه، ... لَمْ يَسْتَعِنْ، وحَوامِي
المَوْتِ تَغْشاه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنه إِنما
عَنَى به خُبْتَه سَراوِيله، أَو غَيْرَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ
لَمْ يَسْتَعِنْ أَي لَمْ يَحْلِق عانتَه.
وطد: وَطَدَ الشيءَ يَطِدُه وَطْداً وطِدةً، فَهُوَ مَوْطودٌ ووطَيدٌ:
أَثْبَتَه وثَقَّلَه، والتوطِيدُ مِثْلُهُ؛ وَقَالَ يَصِفُ قَوْمًا
بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ:
وهُمْ يَطِدُونَ الأَرضَ، لَولاهُمُ ارْتَمَتْ ... بِمَنْ فَوْقَها،
مِنْ ذِي بَيانٍ وأَعْجَما
وتَوَطَّدَ أَي تَثَبَّتَ. والواطِدُ: الثابتُ، والطادِي مَقْلُوبٌ
مِنْهُ؛ الْمُحْكَمُ: وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ وأَحسبه لَكذَّاب
بَنِي الحِرْمازِ:
وأُسُّ مَجْدٍ ثابِتٌ وطِيدُ، ... نالَ السمَاءَ دِرْعُها المَدِيدُ
وَقَدِ اتَّطَدَ ووَطَّدَ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً: مَهَّدَها. وَلَهُ
عِنْدُهُ وطِيدَةٌ أَي مَنْزِلَةٌ ثَابِتَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. ووَطَّدَ
الأَرضَ: رَدَمَها لِتَصْلُبَ. والمِيطَدَةُ: خَشَبَةٌ يُوَطَّدُ بِهَا
الْمَكَانُ مِنْ أَساسِ بناءٍ أَو غَيْرِهِ لِيَصْلُب، وَقِيلَ:
المِيطَدةُ خَشَبَةٌ يُمْسَكُ بِهَا المِثْقَب. والوطائدُ: قواعدُ
البُنْيانِ. وَوطَدَ الشيءُ وَطْداً: دامَ ورَسا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن زيادَ بْنَ عَدِيٍّ أَتاه فَوَطَده إِلى الأَرض،
وَكَانَ رَجُلًا مَجْبُولًا، فَقَالَ عبدُ اللَّهِ: اعْلُ عَنِّي،
فَقَالَ: لَا، حَتَّى تُخْبِرَني مَتَى يَهْلِكُ الرَّجُلُ وَهُوَ
يَعْلَمُ، قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إِمام إِنْ أَطاعَه أَكفَرَه،
وإِن عَصاه قتَله.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الوَطْدُ غمْزُك الشيءَ إِلى الشَّيْءِ وإِثباتُك
إِياه؛ يُقَالُ مِنْهُ: وطَدْتُه أَطِدُه وَطْداً إِذا وَطِئتَه
وغَمَزْتَه وأَثبتَّه، فَهُوَ مَوْطُود؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فالْحَقْ بِبَجْلَةَ ناسِبْهُمْ وكُنْ مَعَهُمْ، ... حَتَّى يُعِيرُوك
مَجْداً غيرَ مَوطُودِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
فَوَطدَه إِلى الأَرض
أَي غَمَزَه فِيهَا وأَثْبَتَه عَلَيْهَا وَمَنَعَهُ مِنَ الْحَرَكَةِ.
وَيُقَالُ: وَطَدْتُ الأَرضَ أَطِدُها إِذا دُستَها لتتَثلَّب؛
وَمِنْهُ حَدِيثِ
الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ يَوْمَ الْيَمَامَةَ لِخَالِدِ بْنِ
الْوَلِيدِ: طِدْني إِليك
أَي ضُمَّني إِليك واغْمِزْني. ووَطَدَه إِلى الأَرض: مِثْلُ رَهَصَه
وغَمَزَه إِلى الأَرض. وَالطَّادِي: الثابتُ مِنْ وَطَد يَطِدُ
فَقُلِبَ مِنْ فاعِل إِلى عالِف؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
مَا اعْتادَ حُبُّ سُلَيْمى حَيْنَ مُعْتادِ، ... وَلَا تَقَضَّى
بَواقي دَيْنِها الطادِي
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرادُ بِهِ الواطِدُ فأَخر الْوَاوَ وقَلَبَها
أَلفاً. وَيُقَالُ: وطَّدَ اللهُ للسلطانِ مُلْكَه وأَطَّدَه إِذا
ثَبَّتَه. الْفَرَّاءُ: طادَ إِذا ثَبَت، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَدَ
إِذا حَمُق، ووَطَدَ إِذا سارَ. وَقَدْ وطَدْتُ عَلَى بَابِ الْغَارِ
الصَّخْرَ إِذا سَدَّدَتْهُ بِهِ ونَضَّدْته عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْغَارِ: فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ
فَأَوْطَدَه
أَي سَدَّه بِالْهَدْمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ وإِنما
يُقَالُ وطَدَه، قَالَ: وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ
فَأَوْصَدَه، بِالصَّادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وعد: وعَدَه الأَمر وَبِهِ عِدةً ووَعْداً ومَوْعِداً ومَوْعِدةً
ومَوْعوداً ومَوْعودةً، وَهُوَ مِنَ المَصادِرِ الَّتِي جاءَت عَلَى
مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ وَالْمَكْذُوبَةِ؛
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَمِمَّا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ مَجْمُوعًا
مُعْمَلًا قَوْلَهُ:
(3/461)
مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ
والوَعْدُ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَجْمُوعَةِ، قَالُوا: الوُعودُ؛
حَكَاهُ ابْنُ جني. وقوله تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ*
؛ أَي إِنجازُ هَذَا الوَعْد أَرُونا ذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: الوَعْدُ
والعِدةُ يَكُونَانِ مَصْدَرًا وَاسْمًا، فأَما العِدةُ فَتُجْمَعُ
عِدات والوَعْدُ لَا يُجْمَعُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وعَدْتُ عِدةً،
وَيَحْذِفُونَ الْهَاءَ إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوكَ
عِدى الأَمرِ الَّذِي وَعَدُوا
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري وَغَيْرُهُ: الْفَرَّاءُ يَقُولُ: عِدةً
وعِدًى؛ وأَنشد:
وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ
وَقَالَ أَراد عِدَةَ الأَمر فَحَذَفَ الْهَاءَ عِنْدَ الإِضافة،
قَالَ: وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعِدةُ
الوَعْدُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَيُجْمَعُ عَلَى عِداتٍ
وَلَا يُجْمَعُ الوَعْدُ، وَالنِّسْبَةُ إِلى عِدَةٍ عِدِيٌّ وإِلى
زِنةٍ زنيٌّ، فَلَا تردَّ الْوَاوُ كَمَا تردُّها فِي شيةَ.
وَالْفَرَّاءُ يَقُولُ: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كَمَا يُقَالُ شِيَوِيٌّ؛
قَالَ أَبو بَكْرٍ: الْعَامَّةُ تُخَطِئُ وَتَقُولُ أَوعَدَني فُلَانٌ
مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ واعَدْنا
مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً
، ويقرأُ: وَعَدْنا. قرأَ
أَبو عَمْرٍو: وَعَدْنَا
، بِغَيْرِ أَلف، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ
وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَاعَدْنَا، بالأَلف؛ قَالَ أَبو
إِسحاق: اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ. وإِذ وَعَدْنَا،
بِغَيْرِ أَلف، وَقَالُوا: إِنما اخْتَرْنَا هَذَا لأَن الْمُوَاعَدَةَ
إِنما تَكُونُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ فَاخْتَارُوا وَعْدَنَا، وَقَالُوا
دَلِيلُنَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ
وَعْدَ الْحَقِ
، وَمَا أَشبهه؛ قَالَ: وَهَذَا الذي ذكروه لَيْسَ مِثْلَ هَذَا. وأَما
وَاعَدْنَا هَذَا فَجَيِّدٌ لأَن الطَّاعَةَ فِي الْقَبُولِ
بِمَنْزِلَةِ الْمُوَاعَدَةِ، فَهُوَ مِنَ اللَّهِ وَعْدٌ، وَمِنْ
مُوسَى قَبُول واتّباعٌ فَجَرَى مَجْرَى الْمُوَاعِدَةِ قَالَ
الأَزهري: مَنْ قرأَ وَعَدْنَا، فَالْفِعْلُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ
قرأَ وَاعَدْنَا، فَالْفِعْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ مُوسَى.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي التَّنْزِيلِ: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ
لَيْلَةً
، وَقُرِئَ
وَوَعَدْنَا
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: فَوَاعَدْنَا مِنِ اثْنَيْنِ وَوَعَدْنَا مِنْ
وَاحِدٍ؛ وَقَالَ:
فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ، ... أَو الرُّبى بَيْنَهُمَا أَسْهَلا
قَالَ أَبو مُعَاذٍ: وَاعَدْتُ زَيْدًا إِذا وعَدَك ووَعَدْته.
وَوَعَدْتُ زَيْدًا إِذا كَانَ الْوَعْدُ مِنْكَ خَاصَّةً.
والمَوْعِدُ: مَوْضِعُ التواعُدِ، وَهُوَ المِيعادُ، وَيَكُونُ
المَوْعِدُ مَصْدَرَ وعَدْتُه، وَيَكُونُ المَوْعِدُ وَقْتًا للعِدةِ.
والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسْمٌ للعِدةِ. والميعادُ: لَا يَكُونُ إِلا
وَقْتاً أَو مَوْضِعًا. والوَعْدُ: مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ. وَالْعِدَةُ:
اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ وَكَذَلِكَ المَوْعِدةُ. قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ
. والميعادُ والمُواعَدةُ: وَقْتُ الْوَعْدِ وَمَوْضِعُهُ. قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الموعِدُ لأَن مَا كَانَ فَاءُ الْفِعْلِ
مِنْهُ وَاوًا أَو يَاءً ثُمَّ سَقَطَتَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَحْوُ
يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن المَفْعِل مِنْهُ
مَكْسُورٌ فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ جَمِيعًا، وَلَا تُبالِ
أَمنصوباً كَانَ يَفْعَلُ مِنْهُ أَو مَكْسُورًا بَعْدَ أَن تَكُونَ
الْوَاوُ مِنْهُ ذَاهِبَةً، إِلا أَحْرُفاً جاءَت نَوَادِرَ، قَالُوا:
دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وَفُلَانُ ابْنُ مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسْمٌ
رَجُلٍ أَو مَوْضِعٍ، ومَوْهَبٌ اسْمُ رَجُلٍ، ومَوزنٌ مَوْضِعٌ؛ هَذَا
سَمَاعٌ وَالْقِيَاسُ فِيهِ الْكَسْرُ فإِن كَانَتِ الْوَاوُ مِنْ
يَفْعَلُ مِنْهُ ثَابِتَةً نَحْوُ يَوْجَلُ ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ
فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، فإِن أَردت بِهِ الْمَكَانَ وَالِاسْمَ
كَسَرْتَهُ، وإِن أَردت بِهِ الْمَصْدَرَ نَصَبْتَ قُلْتَ مَوْجَلٌ
(3/462)
ومَوْجِلٌ ومَوْجَعٌ ومَوْجِعٌ، فإِن كَانَ
مَعَ ذَلِكَ مُعْتَلَّ الْآخَرِ فَالْفِعْلُ مِنْهُ مَنْصُوبٌ ذَهَبَتِ
الْوَاوُ فِي يَفْعَلُ أَو ثَبَتَتْ كَقَوْلِكَ المَوْلى والمَوْفى
والمَوْعَى مَنْ يَلِي ويَفِي ويَعِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ
فِي اسْتِثْنَائِهِ إِلا أَحرفاً جاءَت نَوَادِرَ، قَالُوا دَخَلُوا
مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قَالَ: مَوْحَدُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وإِنما
هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَدْلِ
وَالصِّفَةِ كأُحادَ، وَمِثْلُهُ مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ
ومَرْبَعَ وَرُبَاعَ. قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مَوْحَدَ فَتَحُوهُ
لأَنه لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ وإِنما هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ
وَاحِدٍ، كَمَا أَن عُمَرَ مَعْدُولٌ عَنْ عَامِرٍ. وَقَدْ تَواعَدَ
الْقَوْمُ واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قَبُولُ الْوَعْدِ، وأَصله
الاوْتِعادُ قَلَبُوا الْوَاوَ تَاءً ثُمَّ أَدغموا. وَنَاسٌ
يَقُولُونَ: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ، فَهُوَ مُؤْتَعِدٌ، بِالْهَمْزِ،
كَمَا قَالُوا يأْتَسِرُ فِي ائْتِسار الجَزُور. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فَهُوَ مُوتَعِدٌ، مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ،
وَكَذَلِكَ إِيتَسَر ياتَسِرُ، فَهُوَ موتَسِرٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ،
وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وأَصحابه يُعِلُّونه عَلَى حَرَكَةٍ
مَا قَبْلَ الْحَرْفِ الْمُعْتَلِّ فَيَجْعَلُونَهُ يَاءً إِن
انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا، وأَلفاً إِن انْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا،
وَوَاوًا إِذا انْضَمَّ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ
بِالْهَمْزِ لأَنه لَا أَصل لَهُ فِي بَابِ الْوَعْدِ واليَسْر؛
وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ سِيبَوَيْهِ وجميعُ النَّحْوِيِّينَ
الْبَصْرِيِّينَ. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كَانَ
أَكثر وعْداً مِنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا
أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا
؛ قَالَ: المَوْعِدُ العَهْد؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي
؛ قَالَ: عَهْدي. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ
؛ قَالَ: رِزْقُكُمُ الْمَطَرُ، وَمَا تُوعَدُونَ: الجنةُ. قَالَ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
؛ إِنه يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَفَرَسٌ واعِدٌ: يَعِدُك جَرْيًا بَعْدَ
جَرْيٍ. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ بِالنَّبَاتِ. وسَحاب واعِدٌ:
كأَنه يَعِدُ بِالْمَطَرِ. وَيَوْمٌ واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛ قَالَ
الأَصمعي: مَرَرْتُ بأَرض بَنِي فُلَانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بِهَا
فرأَيتها واعِدةً إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وَتَمَامُ نَبْتِهَا فِي أَول
مَا يَظْهَرُ النَّبْتُ؛ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ كُرَاعٍ:
رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه ... لُعاعٌ، تَهاداهُ
الدَّكادِكُ، واعِدُ
وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ وَالْمَاشِيَةِ إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا
وإِقبالها: وَاعَدَ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها، ... يَسُوءُ شُنَّاءَ العِدى كِبارُها؟
وَيُقَالُ: يَوْمُنا يَعِدُ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ
أَوَّلُه بِحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وَهَذَا غُلَامٌ تَعِدُ مَخايِلُه
كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ جَلْداً وصَرامةً. والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ:
التَّهَدُّدُ، وَقَدْ أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
الوَعْدُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَفِي الْخَيْرِ الوَعْدُ والعِدةُ، وَفِي الشَّرِّ الإِيعادُ
والوَعِيدُ، فإِذا قَالُوا أَوْعَدْتُه بِالشَّرِّ أَثبتوا الأَلف مَعَ
الْبَاءِ؛ وأَنشد لِبَعْضِ الرُّجاز:
أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ ... رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ
المَناسِمِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تقديرهُ أَوعدني بِالسِّجْنِ وأَوعَدَ رِجْلِي
بالأَداهم وَرِجْلِي شَثْنة أَي قَوِيَّةٌ عَلَى القَيْد. قَالَ
الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ وعدْتُ الرجلَ خَيراً وَوَعَدْتُهُ
شَرًّا، وأَوْعَدْتُه خَيْرًا وأَوعَدْتُه شَرًّا، فإِذا لَمْ
يَذْكُرُوا الْخَيْرَ قَالُوا: وَعَدْتُهُ وَلَمْ يُدْخِلُوا أَلفاً،
وإِذا لَمْ يَذْكُرُوا الشَّرَّ قَالُوا: أَوعدته وَلَمْ يُسْقِطُوا
الأَلف؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:
(3/463)
وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه،
... لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي
وإِذا أَدخلوا الْبَاءَ لَمْ يَكُنْ إِلا فِي الشَّرِّ، كَقَوْلِكَ:
أَوعَدْتُه بِالضَّرْبِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَوعَدْتُه خَيْرًا،
وَهُوَ نَادِرٌ؛ وأَنشد:
يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني ... فَضْلًا طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ
قَالَ الأَزهري: هُوَ الوَعْدُ والعِدةُ فِي الخَيْر وَالشَّرِّ؛ قَالَ
الْقَطَامِيُّ:
أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ، ... وَلَا تَعِداني الخَيْرَ،
والشرُّ مُقْبِلُ
وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ:
وَلَا تَعُدَّانِي الشَّرَّ، وَالْخَيْرُ مُقبل
وَيُقَالُ: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قَالَ الأَعشى:
فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فُلَانٌ يَتَّعِدُ إِذا وَثِق بِعِدَتكَ؛ وَقَالَ:
إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي، ... واسْتَبْشِرِي
بِنوالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
أَبو الْهَيْثَمِ: أَوْعَدْتُ الرَّجُلَ أُوعِدُه إِيعاداً
وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً. ووَعِيدُ الفحْل:
هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
دخَلَ حائِطاً مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فإِذا فِيهِ جَمَلان
يَصْرِفان ويُوعِدانِ
؛ وعِيدُ فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يَصُولَ؛ وَقَدْ
أَوْعَد يُوعدُ إِيعاداً.
وغد: الوَغْدُ: الخفِيف الأَحمقُ الضعيفُ العقْلِ الرذلُ الدنيءُ،
وَقِيلَ: الضَّعِيفُ فِي بَدَنِهِ وقَدْ وَغُدَ وَغَادَةً. وَيُقَالُ:
فُلَانٌ مِنْ أَوْغادِ الْقَوْمِ وَمِنْ وغْدانِ الْقَوْمِ وَوِغْدانِ
الْقَوْمِ أَي مِنْ أَذِلَّائِهِمْ وضُعفائِهِمْ. والوَغْدُ:
الصَّبِيُّ. والوَغْدُ: خادِمُ القومِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَخْدمُ
بِطَعَامِ بَطْنِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: وغُد الرجلُ، بِالضَّمِّ،
وَالْجَمْعُ أَوْغادٌ ووُغْدانٌ ووِغْدانٌ. ووَغَدَهُم يَغِدُهمَ
وغْداً: خدَمهم؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ لأُمّ الهيثم: أَوَيُقال
لِلْعَبْدِ وَغْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَنْ أَوْغَدُ مِنْهُ؟ والوَغْدُ: ثَمَر
الباذِنجانِ. والوَغْد: قِدْحٌ مِنْ سِهَامِ المَيْسِرِ لَا نَصِيبَ
لَهُ. وَواغَدَ الرجلَ: فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ، وخَصّ بَعْضُهُمْ بِهِ
السَّيْرَ، وَذَلِكَ أَن تَسِيرَ مِثْلَ سَيْرِ صَاحِبِكَ.
والمُواغَدةُ والمُواضخَة: أَنْ تَسِيرَ مِثْلَ سَيْر صاحِبِكَ،
وَتَكُونُ الْمُوَاغَدَةُ لِلنَّاقَةِ الْوَاحِدَةِ لأَن إِحدى
يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا تُواغِدُ الأُخرى. وواغَدَت النَّاقَةُ
الأُخرى: سارَتْ مِثْلَ سَيْرِهَا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مُواغِد جاءَ لَهُ ظَباظِبُ
يَعْنِي جَلَبَةً، وَيُرْوَى:
مُواظِباً جاءَ لَهَا ظَباظِبُ
وفد: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى
الرَّحْمنِ وَفْداً
؛ قِيلَ: الوَفْدُ الرُّكبان المُكَرَّمُون. الأَصمعي: وفَدَ فُلَانٌ
يَفِدُ وِفادةً إِذا خَرَجَ إِلى مَلِكٍ أَو أَمير. ابْنُ سِيدَهْ:
وفَدَ عَلَيْهِ وإِليه يَفِدُ وَفْداً وَوُفُوداً ووَفادةً وإِفادةً،
عَلَى الْبَدَلِ: قَدِمَ، فَهُوَ وافِدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ:
وَسَمِعْنَاهُمْ يُنْشِدُونَ بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
إِلَّا الإِفادةَ فاسْتَوْلَتْ رَكائِبُنا، ... عِنْدَ الجَبابِيرِ
بِالبَأْساءِ والنِّعَم
وأَوْفَدَه عَلَيْهِ وهُمُ الوَفْدُ والوُفُودُ؛ فأَما الوَفْدُ
فَاسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ جَمْعٌ؛ وأَما الوُفُودُ فَجَمْعُ وافِدٍ،
وَقَدْ أَوْفَدَه إِليه. وَيُقَالُ: وفَّدَه الأَميرُ إِلى الأَمير
الَّذِي فوقَه. وأَوْفَدَ فُلَانٌ إِيفاداً إِذا أَشْرَف.
الْجَوْهَرِيُّ: وَفَدَ فُلَانٌ عَلَى الأَمير أَي وَرَدَ رَسُولًا،
(3/464)
فَهُوَ وافِدٌ. وَجَمْعُ الوَفْدِ أَوْفادٌ
ووُفُودٌ. وأَوفَدتُه أَنا إِلى الأَمير: أَرْسَلْتُه. والوافِدُ مِنَ
الإِبل: مَا سبقَ سائِرَها. وَقَدْ تَكَرَّرَ الوَفْدُ فِي الْحَدِيثِ،
وَهُمُ الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ فَيرِدُونَ الْبِلَادَ، وَاحِدُهُمْ
وافِدٌ، وَالَّذِينَ يَقْصِدُونَ الأُمراء لِزِيَارَةٍ واسْتِرْفَادٍ
وانْتجاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وفْدُ اللهِ ثلاثةٌ.
وَفِي حَدِيثِ الشَّهِيدِ:
فإِذا قُتل فَهُوَ وافِدٌ لسَبْعِينَ يشْهَدُ لَهُمْ
؛ وَقَوْلُهُ:
أَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهمْ.
وتَوَفَّدَتِ الإِبلُ وَالطَّيْرُ: تسابَقَتْ. وأَوْفَدَ الشيءَ:
رَفَعَه. وأَوْفَدَ هُوَ: ارْتَفَع. وأَوْفَدَ الرِّيمُ: رَفَعَ رأْسَه
ونصَب أُذنيه؛ قَالَ تميم ابن مُقْبِلٍ:
تَراءَتْ لَنَا يَوْمَ السِّيارِ بِفاحِمٍ ... وسُنَّة رِيمٍ خافَ
سَمْعاً فَأَوْفَدَا «2»
. وَرَكَبٌ مُوفِدٌ: مُرْتَفِعٌ. وَفُلَانٌ مُسْتَوْفِدٌ فِي قِعْدَتِه
أَي مُنْتَصِبٌ غَيْرُ مُطَمَئِنٍّ كَمُسْتَوْفِزٍ. وأَمْسَيْنا عَلَى
أَوْفادٍ أَي عَلَى سَفَرٍ قَدْ أَشْخَصَنا أَي أَقْلَقَنا. والإِيفادُ
عَلَى الشَّيْءِ: الإِشرافُ عَلَيْهِ. والإِيفادُ أَيضاً: الإِسْراعُ،
وَهُوَ فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر. والوَفْدُ: ذِروْة الحَبْلِ مِنَ
الرَّمْل الْمُشْرِفِ. والوَافِدان اللَّذَانِ فِي شِعْرِ الأَعشى:
هَمَّا النَّاشِزانِ مِنَ الخَدَّينِ عِنْدَ المضْغ، فإِذا هَرِمَ
الإِنسانُ غابَ وافِداهُ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: مَا أَحْسَنَ مَا
أَوْفَدَ حارِكُه أَي أَشْرَفَ؛ وأَنشد:
تَرَى العِلافيَّ عَلْيها مُوفِدَا، ... كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها
مُشَيَّدَا
أَي مُشْرِفاً. والأَوْفادُ: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَقَالَ:
فَلوْ كُنْتمُ منَّا أَخَذتمْ بِأَخْذنا، ... ولكِنَّما الأَوْفادُ
أَسفَلَ سافِلِ «3»
ووافِدٌ: اسْمٌ. وَبَنُو وَفْدانَ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ؛ أَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
إِنَّ بَني وَفْدانَ قَوْمٌ سُكُّ، ... مِثْلُ النَّعامِ، والنَّعامُ
صُكُ
وقد: الوَقُودُ: الحطَب. يُقَالُ: مَا أَجْوَدَ هَذَا الوَقُودَ للحطَب
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
. الوَقَدُ: نَفْسُ النَّارِ. وَوَقَدَتِ النَّارُ تَقِدُ وَقْداً
وقِدةً ووَقَداناً وَوُقُوداً، بِالضَّمِّ، ووَقُوداً عَنْ
سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ: والأَكثر أَن الضَّمَّ لِلْمَصْدَرِ وَالْفَتْحَ
لِلْحَطَبِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَصْدَرُ مَضْمُومٌ وَيَجُوزُ فِيهِ
الْفَتْحُ وَقَدْ رَوَوْا: وَقَدت النَّارُ وَقُودًا، مِثْلُ قَبِلْتُ
الشيءَ قَبُولًا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَصْدَرِ فَعُولٌ، وَالْبَابُ
الضَّمُّ. الْجَوْهَرِيُّ: وقَدَتِ النارُ تَقِدُ وُقُوداً،
بِالضَّمِّ، ووَقَداً وقِدَةً ووَقِيداً ووَقْداً ووَقَداناً أَي
تَوَقَّدَتْ. والاتِّقادُ: مِثْلُ التَّوَقُّد. والوَقُود،
بِالْفَتْحِ: الْحَطَبُ، وَبِالضَّمِّ: الاتِّقادُ. الأَزهري: قَوْلُهُ
تَعَالَى: النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ
، مَعْنَاهُ التَّوَقُّدُ فَيَكُونُ مَصْدَرًا أَحسن مِنْ أَن يَكُونَ
الْوَقُودُ الْحَطَبَ. قَالَ يَعْقُوبُ: وَقُرِئَ:
النَّارِ ذاتِ الوُقود.
وَقَالَ تَعَالَى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ*
، وَقِيلَ: كأَنَّ الوَقُودَ اسْمٌ وُضِعَ موضِعَ الْمَصْدَرَ.
اللَّيْثُ: الوَقود مَا تَرَى مِنْ لَهَبِهَا لأَنه اسْمٌ، والوُقُود
الْمَصْدَرُ. وَيُقَالُ: أَوقَدْتُ النَّارَ واستَوْقَدْتُها إِيقاداً
واسْتِيقاداً. وَقَدْ وقَدَتِ النارُ وتَوقَّدَتْ واستَوْقَدتِ
اسْتِيقاداً، والموضع
__________
(2) . قوله [السيار] كذا بالأَصل
(3) . قوله [فلو إلخ] تقدم في وحد بلفظ [فَلَوْ كُنْتُمُ مِنَّا
أَخَذْنَا بأخذكم ولكنها الأَوحاد إلخ] وفسره هناك فقال: وَقَوْلُهُ
أَخَذْنَا بِأَخْذِكُمْ أَيْ أَدْرَكْنَا إِبِلَكُمْ فَرَدَدْنَاهَا
عَلَيْكُمْ.
(3/465)
مَوْقِد مِثْلُ مَجْلِس، والنارُ مُوقَدة.
وتَوَقَّدَتْ واتَّقَدَتْ واسْتَوْقَدَتْ، كُلُّهُ: هاجَتْ؛
وأَوْقَدَها هُوَ ووَقَّدَها واسْتَوْقَدَها. والوَقُود: مَا تُوقَدُ
بِهِ النَّارُ، وَكُلُّ مَا أُوقِدَتْ بِهِ، فَهُوَ وَقُود.
والمَوْقِدُ: مَوْضِعُ النَّارِ، وَهُوَ المُسْتَوقَدُ. ووَقَدَتْ بِك
زِنادي: دُعَاءٌ مِثْلُ وَرِيَتْ. وزَنْدٌ مِيقاد: سَرِيعُ الوَرْيِ.
وقَلْبٌ وَقَّادٌ ومُتَوَقِّدٌ: ماضٍ سَرِيعُ التَّوَقُّدِ فِي
النَّشاطِ والمَضاءِ. وَرَجُلٌ وقَّاد: ظَرِيفٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
وتَوَقَّدَ الشيءُ: تَلأْلأَ؛ وَهِيَ الوقَدَى؛ قَالَ:
مَا كانَ أَسْقى لِناجُودٍ عَلَى ظَمَإٍ ... مَاءً بِخَمْرٍ، إِذا
ناجُودُها بَرَدا
مِنَ ابنِ مامةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ بِهِ ... زَوُّ المَنِيَّةِ،
إِلَّا حَرَّةً [حِرَّةً] وقَدا
وكَوْكَبٌ وقَّادٌ: مُضِيءٌ. ووَقْدةُ الَحرِّ: أَشَدُّه. والوَقْدةُ:
أَشدُّ الحَرِّ، وَهِيَ عَشَرَةُ أَيام أَو نِصْفُ شَهْرٍ. وَكُلُّ
شَيْءٍ يَتَلأْلأُ، فَهُوَ يَقِدُ، حَتَّى الْحَافِرُ إِذا تلأْلأَ
بَصِيصه. قَالَ تَعَالَى: كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ
مُبارَكَةٍ
؛ وقرئَ: تُوقَدُ وتَوَقَّدُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَنْ قرأَ يُوقَد
ذَهَبَ إِلى الْمِصْبَاحِ، وَمَنْ قرأَ تُوقَدُ ذَهَبَ إِلى الزُّجاجة،
وَكَذَلِكَ مَنْ قرأَ تَوقَّدُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مَنْ قرأَ تَوقَّدُ
فَمَعْنَاهُ تَتَوَقَّدُ وَرَدَّهُ عَلَى الزُّجَاجَةِ، وَمَنْ قرأَ
يُوقَدُ أَخرجه عَلَى تَذْكِيرِ النُّورِ، وَمَنْ قرأَ تُوقَدُ فَعَلَى
مَعْنَى النَّارِ أَنها تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ:
أَوقَدْتُ للصِّبا نَارًا أَي تَركْتُه وودَّعْتُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَحَوْتُ وأَوْقَدْتُ لِلَّهْوِ نارَا، ... ورَدَّ عَلَيَّ الصِّبا مَا
اسْتَعارا
قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَبْعَدَ
اللَّهُ دارَ فُلَانٍ وأَوْقَدَ نَارًا إِثْرَه؛ وَالْمَعْنَى لَا
رَجَعَه اللَّهُ وَلَا ردَّه. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه
قَالَ: مَرَدَ عَلَيْهِمْ أَبْعَده اللَّهُ وأَسْحقه وأَوقد نَارًا
أَثَرَه. قَالَ وَقَالَتِ الْعُقَيْلِيَّةُ: كَانَ الرَّجُلُ إِذا
خِفْنا شَرَّه فتحوَّل عَنَّا أَوقَدْنا خَلْفَه نَارًا، فَقُلْتُ
لَهَا: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لِتَحوُّل ضَبُعِهم «4» . مَعَهُمْ أَي
شَرِّهم. والوَقِيدِيَّةُ: جِنْسٌ مِنَ المِعْزَى ضِخامٌ حُمْر؛ قَالَ
جَرِيرٌ:
وَلَا شَهِدَتْنا يَوْمَ جَيْشِ مُحَرِّقٍ ... طُهَيَّةُ فُرْسانُ
الوقِيدِيَّةِ الشُّقْر
والأَعْرَفُ الرُّقَيْدِيَّةُ «5» . وَوَاقِدٌ ووَقَّاد ووَقْدانُ:
أَسْماءٌ.
وَكَدَ: وَكَّدَ العَقْدَ والعَهْدَ: أَوثَقَه، وَالْهَمْزُ فِيهِ
لُغَةٌ. يُقَالُ: أَوْكَدْتُه وأَكَّدْتُه وآكَدْتُه إِيكاداً،
وَبِالْوَاوِ أَفصح، أَي شَدَدْتُه، وتَوَكَّدَ الأْمر وتأَكَّدَ
بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: وَكَّدْتُ اليَمِينَ، والهمْزُ فِي العَقْد
أَجْوَدُ، وَتَقُولُ: إِذا عَقَدْتَ فأَكِّدْ، وإِذا حَلَفْتَ
فَوَكِّدْ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: التوكيدُ دَخَلَ فِي الْكَلَامِ
لإِخراج الشَّكّ وَفِي الأَعْدادِ لإِحاطةِ الأَجْزاء، وَمِنْ ذَلِكَ
أَن تَقُولَ؛ كلَّمني أَخوك، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ كَلَّمَكَ هُوَ أَو
أَمَر غُلَامَهُ بأَن يُكَلِّمَكَ، فإِذا قُلْتَ كَلَّمَنِي أَخوك
تَكْليماً لَمْ يَجُزْ أَن يَكُونَ الْمُكَلِّمُ لَكَ إِلَّا هُوَ.
ووَكَّدَ الرَّحْلَ والسَّرْجَ تَوْكِيدًا: شَدَّه. والوكائِدُ:
السُّيورُ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا، وَاحِدُهَا وِكادٌ وإِكادٌ.
والسُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا القَرَبُوس تُسَمَّى: المَياكِيدَ
وَلَا تُسَمَّى التَّواكِيدَ. ابن دريد: الوكائِدُ
__________
(4) . قوله [ضبعهم إلخ] كذا بالأَصل بصيغة الجمع
(5) . قوله [الرقيدية] كذا ضبط بالأَصل وتابعه شارح القاموس
(3/466)
السُّيور الَّتِي يُشدُّ بِهَا
الْقَرَبُوسُ إِلى دَفَّتَيِ السَّرج، الواحدِ وِكَادٌ وإِكاد؛ وَفِي
شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
تَرَى العُلَيْفِيَّ عَلَيْهِ مُوكَدَا
أَي مُوثَقاً شدِيدَ الأَسْرِ، وَيُرْوَى مُوفَدا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
والوِكادُ: حَبَلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَقَرُ عِنْدَ الحَلْب. ووكَدَ
بِالْمَكَانِ يَكِدُ وُكُوداً إِذا أَقام بِهِ. وَيُقَالُ: ظَلَّ
مُتَوَكِّداً بأَمر كَذَا ومُتَوكِّزاً ومتَحَرِّكاً أَي قائِماً
مُسْتَعِدًّا. وَيُقَالُ: وَكَدَ يَكِدُ وَكْداً أَي أَصابَ. وَوَكَدَ
وَكْدَه: قَصَدَ قَصْدَه وفَعَلَ مثلَ فِعْلِه. وَمَا زالَ ذاكَ وَكْدي
أَي مُرادي وهَمِّي. وَيُقَالُ: وكَدَ فُلَانٌ أَمراً يَكِدُه وَكْداً
إِذا مارَسَه وقَصَده؛ قَالَ الطرمَّاح:
ونُبِّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَةً ... فَقِيرَةَ أُمّ
السُّوءِ أَنْ لَمْ يَكِدْ وَكْدي
مَعْنَاهُ: أَن لَمْ يَعْمَلْ عَمَلي وَلَمْ يَقْصِدْ قَصْدي وَلَمْ
يُغْنِ غَنائي. وَيُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ وُكْدي، بِضَمِّ الْوَاوِ،
أَي فِعْلي ودَأْبي وقَصْدي، فكأَنّ الوُكْدَ اسْمٌ، والوَكْد المصدرُ.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَذَكَرَ طَالِبَ الْعِلْمِ: قَدْ أَوْكَدَتاه يَداه
وأَعْمَدَتاه رِجلاهُ
؛ أَوْكَدتاه: حَمَلتاه. وَيُقَالُ: وَكدَ فُلَانٌ أَمراً يَكِدُه
وَكْداً إِذا قَصَدَهُ وَطَلَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُه المَنْعُ وَلَا
يَكِدُه الإِعْطاءُ
أَي لَا يَزِيدُه الْمَنْعُ ولا يَنْقُصُه الإِعطاء.
وَلَد: الوَلِيدُ: الصَّبِيُّ حِينَ يُولَدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
تُدْعَى الصَّبِيَّةُ أَيضاً وَلِيدًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ
لِلذَّكَرِ دُونَ الأُنثى، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ غلامٌ
مَوْلُودٌ وَجَارِيَةٌ مَوْلودةٌ أَي حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّه،
وَالْوَلَدُ اسْمٌ يَجْمَعُ الْوَاحِدَ وَالْكَثِيرَ وَالذَّكَرُ
والأُنثى. ابْنُ سِيدَهْ: ولَدَتْهُ أُمُّهُ وِلَادَةً وإِلادةً عَلَى
الْبَدَلِ، فَهِيَ والِدةٌ عَلَى الْفِعْلِ، ووالِدٌ عَلَى النَّسَبِ؛
حَكَاهُ ثَعْلَبٌ فِي المرأَة. وَكُلُّ حَامِلٍ تَلِدُ، وَيُقَالُ لأُم
الرَّجُلِ: هَذِهِ وَالِدَةٌ. وَوَلَدَتِ المرأَةُ وِلاداً ووِلادة
وأَوْلَدَتْ: حَانَ وِلادُها. والوالدُ: الأَب. والوالدةُ: الأُم،
وَهُمَا الْوَلَدَانِ؛ والوَلدُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. ابْنُ
سِيدَهْ: الوَلَدُ والوُلْدُ، بِالضَّمِّ: مَا وُلِدَ أَيًّا كَانَ،
وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى،
وَقَدْ جَمَعُوا فَقَالُوا أَولادٌ ووِلْدةٌ وإِلْدةٌ، وَقَدْ يَجُوزُ
أَن يَكُونَ الوُلْدُ جَمْعَ وَلَد كَوُثْن ووَثَنٍ، فإِن هَذَا مِمَّا
يُكَسَّرُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ لاعتِقاب المِثالين عَلَى
الْكَلِمَةِ. والوِلْد، بِالْكَسْرِ: كالوُلْد لُغَةٌ وَلَيْسَ
بِجَمْعٍ لأَنَّ فَعَلًا لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّر عَلَى فِعْل. والوَلَد
أَيضاً: الرَّهْطُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِوَلَدِ الظَّهْرِ. ووَلَدُ
الرَّجُلِ: وَلَدَهُ فِي معْنًى. ووَلَدُه: رَهْطُهُ فِي مَعْنَى.
وتَوالَدُوا أَي كَثُرُوا، ووَلَد بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيُقَالُ فِي
تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً
؛ أَي رهْطُه. وَيُقَالُ: وُلْدُه، والوِلْدَةُ جَمْعُ الأَولاد «1» ؛
قَالَ رؤْبة:
سَمْطاً يُرَبِّي وِلْدةً زَعابِلا
قَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ إِبراهيم: مالُه ووُلْدُه، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبي عَمْرٍو، وَكَذَلِكَ قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ، وَرَوَى
خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ ووُلْدُه أَيضاً، وقرأَ ابْنُ إِسحاق مالُه
وَوِلْدُه، وَقَالَ هُمَا لُغَتَانِ: وُلْد ووِلْد. وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: الوَلَدُ والوُلْدُ وَاحِدٌ، مثل العَرَب
__________
(1) . قوله [والولدة جمع الأَولاد] عبارة القاموس الولد، محركة، وبالضم
والكسر والفتح واحد وجمع وقد يجمع على أولاد وولدة وألدة بكسرهما وولد
بالضم
(3/467)
والعُرْب، والعَجَم والعُجْم وَنَحْوَ
ذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ وأَنشد:
وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعاشِراً ... قَدْ ثَمَّرُوا مَالًا ووُلْدا
قَالَ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مِنْ أَمثال بَنِي
أَسَد: وُلْدُكَ مَنْ دَمَّى «1» . عَقِبَيْكَ؛ وأَنشد:
فَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ فِي بَطْنِ أُمِّه، ... ولَيْتَ فُلَانًا كانَ
وُلْدَ حِمارِ
فَهَذَا وَاحِدٌ. قَالَ: وقَيْس تَجْعَلُ الوُلدْ جُمَعًا والوَلَد
وَاحِدًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فِي الوَلَد الوِلْدُ والوُلْدُ.
قَالَ: وَيَكُونُ الوُلْدُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ
الوُلْدُ جَمْعَ الوَلَد مِثْلَ أَسَد وأُسْد، وَيُقَالُ: مَا أَدْري
أَيُ وَلَدِ الرجل هُوَ أَيْ أَيُّ الناسِ هُوَ. والوَليدُ:
الْمَوْلُودُ حِينَ يُولَدُ، وَالْجَمْعُ وِلْدانٌ وَالِاسْمُ
الوِلادةُ والوُلُودِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ثَعْلَبٌ:
الأَصل الوَلِيدِيَّةُ كأَنه بَنَاهُ عَلَى لَفْظِ الوَلِيد، وَهِيَ
مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعالَ لَهَا، والأُنثى وَلِيدَةٌ،
وَالْجَمْعُ وِلْدانٌ وولائِدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
واقِيةً كَواقِيَةِ الْوَلِيدِ
؛ هُوَ الطِّفْل فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، أَي كَلاءَةً وحِفْظاً
كَمَا يُكْلأُ الطِّفْلُ؛ وَقِيلَ: أَراد بِالْوَلِيدِ مُوسَى، عَلَى
نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً
؛ أَي كَمَا وَقَيْتَ مُوسَى شَرَّ فِرْعَوْنٍ وَهُوَ في حِجْرِه
[حَجْرِه] فُقْنِي شَرَّ قَوْمِي وأَنا بَيْنَ أَظهرهم. وَفِي
الْحَدِيثِ:
الوليدُ فِي الْجَنَّةِ
؛ أَي الَّذِي مَاتَ وَهُوَ طفل أَو سقْطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا
يَعْنِي فِي الغَزْو. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الوليدةُ عَلَى
الْجَارِيَةِ والأَمة، وإِن كَانَتْ كَبِيرَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَصَدَّقَتْ أُمِّي عَلَيَّ بِوَليدة
يَعْنِي جَارِيَةً. ومَوْلِدُ الرَّجُلِ: وقتُ وِلادِه. ومَوْلِدُه:
الْمَوْضِعُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ. وولَدته الأُم تَلِدُه مَوْلِداً.
ومِيلادُ الرَّجُلِ: اسْمُ الْوَقْتِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ. وَفِي
حَدِيثِ الِاسْتِعَاذَةِ:
وَمِنْ شرِّ والِدٍ وَمَا وَلَد
؛ يَعْنِي إِبليس وَالشَّيَاطِينَ، هَكَذَا فُسِّرَ. وَقَوْلُهُمْ فِي
الْمَثَلِ: هُمْ فِي أَمرٍ لَا يُنادَى وَلِيدُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
نُرَى أَصله كأَنَّ شِدَّةً أَصابتهم حَتَّى كَانَتِ الأُمُّ تَنْسَى
ولِيدَها فَلَا تُنَادِيهِ وَلَا تذْكُره مِمَّا هُمْ فِيهِ، ثُمَّ
صَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شِدّة، وَقِيلَ: هُوَ أَمر عَظِيمٌ لَا يُنَادَى
فِيهِ الصِّغار بَلِ الجِلَّةُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي مَوْضِعِ
الْكَثْرَةِ والسَّعة أَي مَتَى أَهوى الْوَلِيدُ بِيَدِهِ إِلى شَيْءٍ
لَمْ يُزْجَرْ عَنْهُ لِكَثْرَةِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ مُزَرِّدٍ الثَعْلَبِيِّ:
تَبَرَّأْتُ مِن شَتْمِ الرِّجالِ بِتَوْبةٍ ... إِلى اللَّهِ مِنِّي،
لَا يُنادَى ولِيدُها
قَالَ: هَذَا مَثْلٌ ضَرَبَهُ مَعْنَاهُ أَي لَا أَرْجِعُ وَلَا
أُكَلَّمُ فِيهَا كَمَا لَا يُكَلَّمُ الولِيدُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي
يُضْرَبُ لَهُ فِيهِ المَثلُ. وَقَالَ الأَصمعي وأَبو عُبَيْدَةَ فِي
قَوْلِهِمْ: هُوَ أَمرٌ لَا يُنادَى وَلِيدُه، قَالَ أَحدهما: أَي هُوَ
أَمرٌ جليلٌ شديدٌ لَا يُنادَى فِيهِ الوَليدُ وَلَكِنْ تَنَادَى فِيهِ
الجِلَّةُ، وَقَالَ آخَرُ: أَصله مِنَ الْغَارَةِ أَي تَذْهَلُ الأُمُّ
عَنِ ابْنِهَا أَن تُنادِيَه وتَضُمَّه وَلَكِنَّهَا تَهْرُبُ عَنْهُ،
وَيُقَالُ: أَصله مِنْ جَرْيِ الْخَيْلِ لأَن الْفَرَسَ إِذا كَانَ
جَوَادًا أَعْطَى مِنْ غَيْرِ أَن يُصاحَ بِهِ لَاسْتَزَادَتِهِ، كَمَا
قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:
__________
(1) . قوله [ولدك من دمى إلخ] هذا كما في شرح القاموس مع متنه ضبط نسخ
الصحاح، قال قال شيخنا: والتدمية للذكر على المجاز وضبط في نسخ القاموس
ولدك محركة وبكسر الكاف خطاباً لأُنثى؛ أَي من نفست به، وصير عقبيك
ملطخين بالدم فهو ابنك حقيقة لا من اتخذته وتبنيته وهو من غيرك
(3/468)
وأَخْرَجَ مِنْ تحتِ العَجاجةِ صَدْرَه،
... وهَزَّ اللِّجامَ رأْسُه فَتَصَلْصَلا
أَمامَ هَوِيٍّ لَا يُنادَى وَلِيدُه، ... وشَدٍّ وأَمرٍ بالعِنانِ
لِيُرْسَلا
ثُمَّ قِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ أَمر عَظِيمٍ وَلِكُلِّ شَيْءٍ كَثِيرٍ.
وَقَوْلُهُ: أَمامَ يُرِيدُ قُدّام، والهَوِيُّ: شِدَّةُ السُّرْعَةِ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: ويقال جاؤوا بطَعامٍ لَا يُنادَى وليدُه، وَفِي
الأَرض عشبٌ لَا يُنادى وليدُه أَي إِن كَانَ الْوَلِيدُ فِي مَاشِيَةٍ
لَمْ يضُرَّه أَين صَرَفها لأَنها فِي عُشْب، فَلَا يُقَالُ لَهُ:
اصْرِفْهَا إِلى مَوْضِعِ كَذَا لأَن الأَرض كُلَّهَا مُخْصِبة، وإِن
كَانَ طعامٌ أَو لَبَنٌ فَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُبَالِي كَيْفَ أَفسَدَ
فِيهِ، وَلَا مَتَى أَكَل، وَلَا مَتَى شرِب، وَفِي أَيِّ نواحيهِ
أَهْوَى. وَرَجُلٌ فِيهِ وُلُودِيَّةٌ؛ والولوديَّة: الْجَفَاءُ
وَقِلَّةُ الرّفْق وَالْعِلْمِ بالأُمور، وَهِيَ الأُمّية. وَفَعَلَ
ذَلِكَ فِي وَلِيدِيَّتِه أَي فِي الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا
وَلِيدًا. وشاةٌ والدةٌ ووَلُودٌ: بَيِّنةُ الوِلادِ، ووالدٌ،
وَالْجَمْعُ وُلْدٌ. وَقَدْ وَلَّدْتُها وأَوْلَدَتْ هِيَ، وَهِيَ
مُولِدٌ، مِنْ غَنم مَوالِيدَ ومَوالِدَ. وَيُقَالُ: ولَّد الرَّجُلُ
غَنَمه تَوْلِيدًا كَمَا يُقَالُ: نَتَّجَ إِبله. وَفِي حَدِيثِ
لَقِيطٍ: مَا وَلَّدْتَ يَا رَاعِيَ؟
يُقَالُ: وَلَّدْت الشاةَ تولِيداً إِذا حضَرْت وِلادتها فعالَجْتها
حِينَ يُبَيَّنُ الْوَلَدُ مِنْهَا. وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ:
مَا ولَدَت؟ يَعْنُونَ الشَّاةَ؛ وَالْمَحْفُوظُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ
عَلَى الْخِطَابِ لِلرَّاعِي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَبْرصِ والأَقْرَعِ:
فأَنتج هَذَا ووَلَّد هَذَا.
اللَّيْثُ: شَاةٌ والِدٌ وَهِيَ الْحَامِلُ وإِنها لَبَيِّنَةُ
الوِلادِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَعطَى شَاةً وَالِدًا
أَي عُرِف مِنْهَا كثرةُ النِّتاجِ. وأَما الوِلادَةُ، فَهِيَ وَضْعُ
الوالِدة ولَدها. والمُوَلِّدَة: القابلةُ؛ وَفِي حَدِيثِ
مُسافِعٍ: حَدَّثَتْنِي امرأَة مِنْ بَنِي سُلَيْم قَالَتْ: أَنا
وَلَّدْت عامّةَ أَهل دِيارِنا
أَي كُنْتُ لَهُمْ قَابِلَةً؛ وتَوَلَّدَ الشَّيْءُ مِنَ الشَّيْءِ.
واللِّدةُ: التِّرْبُ، وَالْجَمْعُ لِداتٌ ولِدُون؛ قَالَ
الْفَرَزْدَقُ:
رأَيْنَ شُرُوخَهُنَّ مُؤزَّراتٍ، ... وشَرْخَ لِدِيَّ أَسنانَ
الهِرامِ
الْجَوْهَرِيُّ: وَلِدَةُ الرَّجُلِ تِرْبُه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ
الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ أَوله لأَنه مِنَ الولادة، وهما لِدان.
ابْنُ سِيدَهْ: والولِيدةُ والمُوَلَّدَةُ الْجَارِيَةُ المولودةُ
بَيْنَ الْعَرَبِ؛ غَيْرُهُ: وَعَرَبِيَّةٌ مُولَّدَةٌ، وَرَجُلٌ
مُوَلَّدٌ إِذا كَانَ عَرَبِيًّا غَيْرُ مَحْضٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ:
المُوَلَّدة الَّتِي وُلِدَتْ بأَرض وَلَيْسَ بِهَا إِلا أَبوها أَو
أُمها. والتَّلِيدَةُ: الَّتِي أَبوها وأَهلُ بيتِها وَجَمِيعُ مَنْ
هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْهَا بأَرْض وَهِيَ بأَرْض أُخرى. قَالَ: والقِنّ
مِنَ الْعَبِيدِ التَّلِيدُ الَّذِي وُلِدَ عِنْدَكَ. وَجَارِيَةٌ
مُوَلَّدةٌ: تُولَدُ بَيْنَ الْعَرَبِ وتَنْشَأُ مَعَ أَولادِهم
ويَغْذونها غِذَاءَ الوَلَد ويُعلّمُونها مِنَ الأَدب مِثْلَ مَا
يُعَلِّمون أَولادَهم؛ وَكَذَلِكَ المُوَلَّد مِنَ الْعَبِيدِ؛ وإِن
سُمِّي المُوَلَّد مِنَ الْكَلَامِ مُوَلَّداً إِذا اسْتَحْدَثُوهُ
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا مَضَى. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَن رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً وَشَرَطُوا أَنها
مُوَلَّدَةٌ فَوَجَدَهَا تَلِيدةً
؛ الْمُوَلَّدَةُ: الَّتِي وُلِدَتْ بَيْنَ الْعَرَبِ ونشأَت مَعَ
أَولادهم وتأَدّبت بآدابهم. والتليد: الَّتِي وُلِدَتْ بِبِلَادِ
الْعَجَمِ وَحَمَلَتْ فنشأَت بِبِلَادِ الْعَرَبِ. والتَّليدةُ مِنَ
الْجَوَارِي: هِيَ الَّتِي تُولَدُ فِي مِلْكِ قُومٍ وَعِنْدَهُمْ
أَبواها. والوَلِيدةُ: الْمَوْلُودَةُ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَغُلَامٌ
وَلِيدٌ كَذَلِكَ. وَالْوَلِيدُ: الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ.
وَالْوَلِيدُ: الْغُلَامُ حِينَ يُسْتَوصَف قَبْلَ أَن يَحْتَلِمَ،
الجمعُ ولْدانٌ وَوِلْدَةٌ؛ وَجَارِيَةٌ وَلِيدةٌ. وَجَاءَنَا بِبيِّنة
مُوَلَّدة: لَيْسَتْ بِمُحَقَّقَةٍ. وَجَاءَنَا بِكِتَابٍ
(3/469)
مُوَلَّد أَي مُفْتَعَل. والمُوَلَّد:
المُحْدَثُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ المُوَلَّدُونَ مِنَ
الشُّعَرَاءِ إِنما سُمُّوا بِذَلِكَ لِحُدُوثِهِمْ. والوَليدةُ:
الأَمَةُ والصَّبيَّةُ بينةُ الولادةِ؛ والوَلِيدِيَّة، وَالْجَمْعُ
الولائِدُ. وَيُقَالُ للأَمَة: وَلِيدَةٌ، وإِن كَانَتْ مُسِنَّة.
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الوَلِيدُ الشابُّ، والولائِدُ الشوابُّ مِنَ
الْجَوَارِي، والوَلِيدُ الْخَادِمُ الشَّابُّ يُسَمَّى ولِيداً مِنْ
حِينِ يُولَدُ إِلى أَن يَبْلُغَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ
نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً
. قَالَ: وَالْخَادِمُ إِذا كَانَ شَابًّا وَصيفٌ. والوَصِيفةُ:
وَلِيدَةٌ؛ وأَمْلَحُ الخَدمِ الوُصَفاءُ والوَصائِفُ. وخادِمُ أَهلِ
الْجَنَّةِ: وَلِيدٌ أَبداً لَا يَتَغَيَّرُ عَنْ سِنِّهِ. وَحَكَى
أَبو عَمْرٍو عَنْ ثَعْلَبٍ قَالَ: وَمِمَّا حَرَّفَتْهُ النَّصَارَى
أَن فِي الإِنجيل يَقُولُ اللَّهُ تعالى مخاطباً لعيسى، عَلَى
نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَنت نَبيِّي وأَنا
وَلَدْتُك أَيْ ربَّيْتُك، فَقَالَ النَّصارَى: أَنْتَ بُنَيِّي وأَنا
وَلَدْتُك، وخَفَّفوه وَجَعَلُوا لَهُ وَلَدًا، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوَّاً كَبِيرًا. الأُمويُّ: إِذا وَلَدَتِ
الغَنَمُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ قِيلَ: قَدْ وَلَّدْتُها
الرُّجَيْلاءَ، مَمْدُودٌ، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً؛ وَقَوْلُ
الشَّاعِرِ:
إِذا مَا وَلَّدُوا شَاةً تَنَادَوْا: ... أَجَدْيٌ تَحْتَ شاتِك أَمْ
غُلامُ؟
قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: وَلَّدوا شَاةً رَمَاهُمْ بأَنهم
يأْتون الْبَهَائِمَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ:
نَتَّجَ فُلَانٌ ناقتَه إِذا ولدَت ولَدَها وَهُوَ يَلِي ذَلِكَ
مِنْهَا، فَهِيَ مَنتُوجَةٌ، وَالنَّاتِجُ للإِبل بِمَنْزِلَةِ
الْقَابِلَةِ للمرأَة إِذا وَلَدَتْ، وَيُقَالُ فِي الشاءِ:
وَلَّدْناها أَي وَلِينا وِلادَتها، وَيُقَالُ لِذَوَاتِ الأَظْلاف
والشَّاءِ وَالْبَقَرِ: وُلِّدتِ الشاةُ والبقَرة، مَضْمُومَةُ
الْوَاوِ مَكْسُورَةُ اللَّامِ مُشَدَّدَةٌ. وَيُقَالُ أَيضاً: وضَعَت
في موضع وُلِّدَتْ.
وَمَدَ: الوَمَدُ: نَدًى يَجِيءُ فِي صمِيم الحرِّ مِنْ قِبلِ البَحْرِ
مَعَ سُكُونِ رِيح، وَقِيلَ: هُوَ الحَرُّ أَيّاً كَانَ مَعَ سُكُونِ
الرِّيح. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِذا سَكَنَتِ الرِّيحُ مَعَ شِدَّةِ
الْحَرِّ فَذَلِكَ الوَمَدُ. وَفِي حَدِيثُ
عُتْبَة بْنِ غَزْوان: أَنه لَقِيَ المُشْركينَ فِي يَوْمِ وَمَدَةٍ
وعكاكٍ
؛ الوَمَدةُ: نَدًى مِنَ الْبَحْرِ يَقَعُ عَلَى النَّاسِ فِي شِدَّةُ
الْحَرِّ وَسُكُونُ الرِّيح. اللَّيْثُ: الوَمَدَةُ تَجِيءُ فِي
صَمِيمِ الْحَرِّ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ حَتَّى تَقَعَ عَلَى النَّاسِ
لَيْلًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ يَقَعُ الوَمَدُ أَيامَ الخَريف
أَيضاً. قَالَ: والوَمَدُ لَثْقٌ ونَدًى يَجيءُ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ
إِذا ثارَ بُخاره وهَبَّت بِهِ الرِّيحُ الصَّبا، فَيَقَعُ عَلَى
الْبِلَادِ المُتاخِمةِ لَهُ مِثْلَ نَدى السَّمَاءِ، وَهُوَ يُؤْذِي
النَّاسَ جِدّاً لنَتْنِ رائحَته. قَالَ: وَكُنَّا بِنَاحِيَةِ
الْبَحْرِينِ إِذا حَلَلنا بالأَسْيافِ وهَبَّتِ الصَّبا بَحْريّةً
لَمْ نَنْفَكْ مِنْ أَذى الوَمَدِ، فإِذا أَصْعَدْنا فِي بِلَادِ
الدَّهْناءِ لَمْ يُصِبْنا الوَمَدُ. وَقَدْ وَمِدَ اليومُ ومَداً
فَهُوَ وَمِدٌ، وليلةٌ وَمِدةٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي اللَّيْلِ،
وَقَدْ وَمِدَت الليلةُ، بِالْكَسْرِ، تَوْمَدُ وَمَداً. وَيُقَالُ:
لَيْلَةٌ ومِدٌ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ
امرأَة:
كأَنَّ بَيْضَ نَعامٍ فِي مَلاحِفِها، ... إِذا اجْتَلاهُنَّ قَيْظاً
ليلةٌ وَمِدُ
الوَمَدُ والوَمَدةُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ حَرِّ اللَّيْلِ.
ووَمِدَ عَلَيْهِ وَمَداً: غَضِبَ وحَمِيَ كَوَبِدَ.
وَهَدَ: الوَهْدُ «2» والوَهْدَةُ: المطمئنُّ من الأَرض
__________
(2) . قوله [الوهد] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس بضم الواو وسكون
الهاء، وذكر بدله صاحب القاموس وهدان بضم فسكون
(3/470)
وَالْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ كأَنه
حُفْرَةٌ، والوَهْدُ يَكُونُ اسْمًا لِلْحُفْرَةِ، وَالْجَمْعُ أَوهُدٌ
ووَهْدٌ ووِهادٌ. والوَهْدةُ: الهُوّةُ تَكُونُ فِي الأَرض؛ ومكانٌ
وهْدٌ وأَرض وهْدةٌ: كذلك الوَهْدةُ: النُقْرة المُنْتَقِرةُ فِي
الأَرض أَشدّ دُخُولًا فِي الأَرض مِنَ الْغَائِطِ وَلَيْسَ لَهَا
حَرْفٌ، وعَرْضُها رُمْحان وَثَلَاثَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا.
وأَوهَدُ: مِنْ أَسماءِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، عَادِيَّةٌ، وَعَدَّهُ
كُرَاعٌ فَوْعَلَا، وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَن تَكُونَ
الْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةً. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعبةُ
والنُّونةُ والثُّومةُ والهَزْمةُ والوَهْدةُ والقِلْدةُ والهَرْتَمةُ
والعَرْتَمةُ والحِثْرِمةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبةُ مَشَقُّ
مَا بَيْنَ الشَّارِبِينَ بِحيالِ الوَتَرةِ، والله أَعلم.
(3/471)
|