لسان العرب

فصل الطاء المهملة
طأر: مَا بِهَا طُؤْرِيٌّ أَي أَحَدٌ.
طبر: ابْنُ الأَعرابي: طَبَرَ الرجلُ إِذا قَفَزَ، وطَبَرَ إِذا اختبأَ. ووَقَعُوا فِي طَبَارِ أَي دَاهِيَةٍ؛ عَنْ يَعْقُوبَ واللِّحياني. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي بَنَاتِ طَبَارِ وطَمَارِ إِذا وَقَعَ فِي دَاهِيَةٍ. والطُّبَّار: ضَرْبٌ مِنَ التِّينِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وحَلَّاهُ فَقَالَ: هُوَ أَكبر تِينٍ رَآهُ الناسُ أَحمر كُمَيْتٌ أَنَّى تَشَقَّقَ؛ وإِذا أُكل قُشِرَ لِغلَظِ لِحائه فَيَخْرُجُ أَبيضَ فَيَكْفِي الرجلَ مِنْهُ الثلاثُ والأَربع، تملأُ التينةُ مِنْهُ كَفَّ الرَّجُلِ، ويُزَبَّبُ أَيضاً، وَاحِدَتُهُ طُبَّارَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ الضَّرِف الطُّبَّارُ، وَهُوَ عَلَى صُورَةِ التِّينِ إِلا أَنه أَرق. وطَبَرِيَّةُ: اسْمُ مَدِينَةٍ.
طثر: الطَّثْرَةُ: خُثُورَةُ اللَّبَنِ الَّتِي تَعْلُو رأْسه مِثْلَ الرَّغْوَةِ إِذا مُحِضَ فَلَا تَخْلُصُ زُبْدَتُه، والمُثَجَّجُ مثلُ المُطَثَّرِ، والكَثْأَةُ نَحْوٌ مَنِ الطَّثْرَةِ، وَكَذَلِكَ الكَثْعَة، وَقِيلَ: الطَّثْرَةُ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ الْقَلِيلُ الرَّغْوَةِ، فَتِلْكَ الرَّغْوَةُ الطَّثْرَة تَكُونُ لِلَبَنِ الْحَلِيبِ أَو الْحَامِضِ أَيهما كَانَ. يُقَالُ: سَقَانِي طَثْرَةَ لَبَنِهِ، وَهِيَ شِبْهُ الزُّبْدِ الرَّقِيقِ وَاللَّبَنُ أَكثف مِنَ الزُّبْدِ،
__________
(3) . قوله: [رَجُلٌ مَا يَضِيرُكَ عَلَيْهِ إلخ] كذا بالأَصل

(4/495)


وإِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ زُبْدٌ لَمْ نُسَمِّه طَثْرَةً إِلا بِزُبدة. الأَصمعي: إِذا عَلا اللبنَ دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه، فَهُوَ مُطَثَّر. يُقَالُ: خُذْ طَثْرَةَ سِفَائِك. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّثْرَةُ خُثُورَةُ اللَّبَنِ وَمَا عَلَاهُ مِنَ الدَّسَمِ والجُلْبَةِ؛ طَثَر اللبنُ يَطْثُر طَثْراً وطُثُوراً وطَثَّرَ تَطْثِيراً. والطَّاثِرُ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ؛ ولبن خاثِرٌ طاثِرٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنهم لَفِي طَثْرَةِ عَيْشٍ إِذا كَانَ خَيْرُهم كَثِيرًا. وَقَالَ مَرَّةً: إِنهم لَفِي طَثْرَةٍ أَي فِي كَثْرَةٍ مِنَ اللَّبَنِ والسَّمْن والأَقِطِ؛ وأَنشد:
إِنَّ السَّلاءَ الَّذِي تَرْجِينَ طَثْرَتَهُ، ... قَدْ بِعْتُه بأُمُورٍ ذاتِ تَبْغِيلِ
والطَّثْرُ: الخيرُ الْكَثِيرُ، وَبِهِ سُمِّيَ ابنُ الطَّثَرِيَّة. والطَّثْرَةُ: مَا عَلَا الماءَ مِنَ الطُّحْلب. والطَّثْرَةُ: الحَمْأَةُ تَبْقَى أَسفلَ الْحَوْضِ والماءُ الغليظُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِلُ المَشِيَّا، ... مَاءً مِنَ الطَّثْرَة أَحْوَذِيَّا
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
أَصْدَرَها، عَنْ طَثْرَةِ الدَّآثي، ... صاحبُ لَيْلٍ خَرِشُ التَّبْعَاثِ
فَقِيلَ: الطَثْرَة مَا عَلَا الأَلبان مِنَ الدَّسَمِ، فَاسْتَعَارَهُ لِمَا عَلَا الماءَ مِنَ الطُّحْلُبِ، وَقِيلَ: هُوَ الطُّحْلُبُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: الحَمْأَةُ. وَرَجُلٌ طَيْثَارَةٌ: لَا يُبَالِي عَلَى مَنْ أَقدم، وَكَذَلِكَ الأَسد. وأَسد طَيْثَارٌ: لَا يُبَالِي عَلَى مَا أَغار. والطِّثَارُ: البَقُّ، وَاحِدَتُهَا طَثْرَةٌ. والطَّيْثَارُ: الْبَعُوضُ والأَسد. وطَثْرَةُ: بَطْنٌ مِنَ الأَزد. والطَّثْرَةُ: سَعَةُ الْعَيْشِ؛ يُقَالُ: إِنهم لَذَوو طَثْرَة. وَبَنُو طَثْرَةَ: حَيٌّ مِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ الْجَوْهَرِيُّ: يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ الشَّاعِرُ قُشَيْرِيٌّ وأُمه طَثَرِيَّة. وطَيْثَرَةُ: اسم.
طحر: الأَزهري: الطَّحْرُ قَذْفُ الْعَيْنِ بقَذاها. ابْنُ سِيدَهْ: طَحَرَت العَيْنُ قَذَاهَا تَطْحَرُه طَحْراً رَمَتْ بِهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
بِمُقْلَةٍ لَا تَغَرُّ صادِقَةٍ، ... يَطْحَرُ عَنْهَا القَذَاةَ حاجِبُها
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بمقلة تتعلق بتراقب فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ هُوَ:
تُرَاقِبُ المُحْصَدَ المُمَرَّ، إِذا ... هاجِرَةٌ لَمْ تَقِلْ جَنادِبُها
المُحْصَدُ: السَّوْطُ. والمُمَرُّ: الَّذِي أُجيد فَتْلُهُ، أَي تُرَاقِبُ السَّوْطَ خَوْفًا أَن تُضْرَبَ بِهِ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ الَّتِي لَمْ تَقِلْ فِيهِ جَنادِبُها، مِنَ الْقَائِلَةِ، لأَن الْجُنْدَبَ يُصَوِّتُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَقَوْلُهُ لَا تَغَرُّ أَي لا تَلْحَقُهَا غِرَّةٌ فِي نَظَرِهَا أَي هِيَ صَادِقَةُ النَّظَرِ. وَقَوْلُهُ يَطْحَرُ عَنْهَا القذاةَ حاجِبُها أَي حاجِبُها مُشْرِفٌ عَلَى عَيْنِهَا فَلَا تَصِلُ إِليها قَذاةٌ. وطَحَرَتِ العينُ الغَمَصَ ونحوَه إِذا رمتْ بِهِ؛ وَعَيْنٌ طَحُورٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
طَحُورانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَراهما، ... كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمّ فَرْقَدِ
وطَحَرَتِ العينُ العَرْمَضَ: قَذَفَتْهُ؛ وأَنشد الأَزهري يَصِفُ عَيْنَ مَاءٍ تَفُورُ بِالْمَاءِ:
تَرَى الشُّرَيْرِيغَ يَطْفُو فَوْقَ طاحِرَةٍ، ... مُسْحَنْطِراً ناظِراً نحوَ الشَّناغِيبِ

(4/496)


الشُّرَيرِيغ: الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ. وَالطَّاحِرَةُ: الْعَيْنُ الَّتِي تَرْمِي مَا يُطرح فِيهَا لِشِدَّةِ جَمْزَةِ مَائِهَا مِنْ مَنْبَعِها وَقُوَّةِ فَوَرَانِهِ. وَالشَّنَاغِيبُ وَالشَّغَانِيبُ: الأَغصان الرَّطْبَةُ، وَاحِدُهَا شُنْغُوب وشُغْنُوب. قَالَ: والمُسْحَنْطِرُ المُشْرِفُ الْمُنْتَصِبُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْسٌ طَحُورٌ ومِطْحَرٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِطْحَرَةٌ، إِذا رَمَتْ بِسَهْمِهَا صُعُداً فَلَمْ تَقْصِد الرَّمِيَّةَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُبْعِدُ السهمَ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
شَرِقَاتٍ بالسَّمِّ مِنْ صُلَّبِيٍّ، ... ورَكُوضاً مِنَ السَّرَاءِ طَحُورَا
الْجَوْهَرِيُّ: الطَّحُورُ الْقَوْسُ الْبَعِيدَةُ الرَّمْيِ. ابْنُ سِيدَهْ: المِطْحَرُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، السَّهْمُ الْبَعِيدُ الذَّهَابِ. وَسَهْمٌ مِطْحَرٌ. يُبْعِدُ إِذا رَمى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَرَمَى فَأَنْفَذَ صاعِدِيّاً مِطْحَراً ... بالكَشْحِ، فاشْتَمَلَت عَلَيْهِ الأَضْلُعُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَطْحَرَ سَهْمَهُ فَصَّهُ جِدّاً، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ: صَاعِدِيًّا مُطْحَراً، بِالضَّمِّ. الأَزهري: وَقِيلَ المِطْحَرُ مِنَ السِّهَامِ الَّذِي قَدْ أُلْزِقَ قُذَذُهُ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: فإِنك تَطْحَرُها
أَي تُبْعِدُها وتُقْصِيها، وَقِيلَ: أَراد تَدْحَرُها، فَقَلَبَ الدَّالَ طَاءً، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والدَّحْرُ الإِبعاد، والطَّحْرُ الْجِمَاعُ والتَّمَدُّدُ. وقِدْحٌ مِطْحَرٌ إِذا كَانَ يُسْرِعُ خروجُه فَائِزًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ قِدْحاً:
فَشَذَّبَ عَنْهُ النِّسْعَ ثُمَّ غَدَا بِهِ ... مُحَلًّى مِنَ اللَّائي يُفَدِّينَ مِطْحَرَا
وقَنَاةٌ مِطْحَرَةٌ: مُلْتَوِيَةٌ فِي الثِّقافِ وَثَّابَةٌ. الأَزهري: القَنَاةُ إِذا الْتَوَتْ فِي الثِّقافِ فَوَثَبَتْ، فَهِيَ مِطْحَرَةٌ. الأَصمعي: خَتَنَ الخاتنُ الصَّبِيَّ فأَطْحَرَ قُلْفَته إِذا استأَصلها. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ، اخْتِنْ هَذَا الغلامَ وَلَا تَطْحَرْ أَي لَا تَسْتأْصلْ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ طَحَرَه طَحْراً، وَهُوَ أَن يَبْلُغ بِالشَّيْءِ أَقْصاه. ابْنُ سِيدَهْ: طَحَرَ الحَجَّامُ الخِتانَ وأَطْحَرَه استأْصله. وطَحَرَت الرِّيحُ السَّحَابَ تَطْحَرُه طحْراً، وَهِيَ طَحُورٌ: فرّقَتْه فِي أَقطار السَّمَاءِ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ مَا فِي السَّمَاءِ طَحْرَةٌ وَلَا غَيَايَةٌ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ الْبَاهِلِيِّ: مَا فِي السَّمَاءِ طَحَرَةٌ وطَخَرَةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شيءٌ من غَيْم. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّحْرورُ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، اللَّطْخُ مِنَ السَّحَابِ القليلُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ قِطَعٌ مستدقَّة رِقَاقٌ. يُقَالُ: مَا في السماء طَحْرةٌ وطَخْرَةٌ، وَقَدْ يُحَرَّكُ لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ؛ وطُحْرُورةٌ وطُخْرورةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّحْرُ والطُّحَارُ النَّفَسُ الْعَالِي، وَفِي الصِّحَاحِ: والطَّحِيرُ النفَس الْعَالِي. ابْنُ سِيدَهْ: والطَّحِيرُ مِنَ الصَّوْتِ مثلُ الزَّحِير أَو فوقَه؛ طَحَرَ يَطْحَرُ طَحِيراً، وَقَيَّدَهُ الْجَوْهَرِيُّ يَطْحِرُ، بِالْكَسْرِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّحْرُ عِنْدَ المَسَلَّة. وَفِي حَدِيثِ النَّاقَةِ القَصْواء:
فَسمِعنا لَهَا طَحِيراً
؛ هو النَّفَسُ الْعَالِي. وَمَا فِي النِّحْيِ طَحْرَةٌ أَي شَيْءٌ. وَمَا عَلَى العُرْيانِ طَحْرَةٌ أَي ثَوْبٌ. الأَزهري: قَالَ الْبَاهِلِيُّ مَا عَلَيْهِ طَحُورٌ أَي مَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ «1» . وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهِ طُحْرُورٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا عَلَى فُلَانٍ طَحْرةٌ إِذا كَانَ عَارِيًا. وطِحْرِبةٌ مِثْلُ طِحْرِيةٍ، بِالْبَاءِ وَالْيَاءِ جَمِيعًا. وَمَا عَلَى الإِبلِ طَحْرَةٌ أَي شيءٌ من وَبَرٍ
__________
(1) . قوله: [طَحُورٌ أَي مَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ] هكذا بالأَصل مضبوطاً

(4/497)


إِذا نَسَلَت أَوْبَارُها. والطُّحْرُورُ: السحابةُ. والطَّحَارِيرُ: قِطَعُ السحابِ الْمُتَفَرِّقَةُ، وَاحِدَتُهَا طُحْرُورَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ الطَّحَارِيرُ والطَّخارِيرُ لِقَزَعِ السَّحَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: الطَّحُورُ السريعُ. وحَرْبٌ مِطْحَرَةٌ: زَبُونٌ.
طحمر: طَحْمَرَ. وَثَبَ وَارْتَفَعَ. وطَحْمَرَ القَوْسَ: شَدَّ وَتَرَهَا. وَرَجُلٌ طُحَامِرٌ وطَحْمَرِيرٌ: عظيمُ الْجَوْفِ. وَمَا فِي السَّمَاءِ طَحْمَرِيرةٌ أَي شيءٌ مِنْ سَحَابٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي بَابِ مَا لَا يُتَكَلَّم بِهِ إِلا فِي الجَحْد. الْجَوْهَرِيُّ: مَا عَلَى السَّمَاءِ طَحْمَريرةٌ وطَخْمَرِيرةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شَيْءٌ من غيم. وطَحْمَرَ السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمَه.
طخر: الطَّخْرُ: الغيمُ الرَّقِيقُ. والطُّخْرور والطُّخْرورةُ: السحابةُ، وَقِيلَ: الطَّخَارِيرُ مِنَ السَّحَابِ قِطَعٌ مُسْتَدِقّة رِقَاق، واحدُها طُخْرُورٌ وطُخْرُورَةٌ. والطَّخَارِيرُ: سحاباتٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ. والناسُ طَخارِيرُ إِذا تفرَّقوا. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَنِي طَخَارِيرُ أَي أُشَابَةٌ مِنَ النَّاسِ مُتَفَرِّقُونَ. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّخْرُورُ مثلُ الطُّحْرُورِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا كَاذِبِ النّوْءِ وَلَا طُخْرُورِه، ... جُونٌ تَعِجُّ المِيثُ مِنْ هَدِيرِه
وَالْجَمْعُ الطَّخارِيرُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِنَّا إِذا قَلّت طَخَارِيرُ القَزَعْ، ... وصَدَرَ الشارِبُ مِنها عَنْ جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ
وَمَا عَلَى السَّمَاءِ طَخَرٌ وطَخَرَةٌ وطُخْرُورٌ وطُخْرُورةٌ أَي شيءٌ مِنْ غَيْمٍ. وَمَا عَلَيْهِ طُخْرُورٌ وَلَا طُحْرورٌ أَي قطْعَةٌ مِنْ خرْقة، وأَكثر ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي طَحَرَ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ جَلْداً وَلَا كَثِيفاً: إِنه لَطُخْرُورٌ وتُخْرُور بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والناسُ طَخَارِيرُ أَي مفْترقون. وأَتانٌ طُخارِيَّةٌ: فارِهةٌ عَتِيقةٌ. والطاخرُ: الغيمُ الأَسْود.
طخمر: مَا عَلَى السَّمَاءِ طَحْمَرِيرةٌ وطَخْمَرِيرةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شَيْءٌ من غيم.
طرر: طَرَّهم بِالسَّيْفِ يطُرُّهم طَرًّا، والطَّرُّ كالشَّلّ، وطَرّ الإِبلَ يطُرُّها طَرّاً: سَاقَهَا سَوْقًا شَدِيدًا وطردَها. وطَرَرْت الإِبلَ: مِثْلُ طَرَدْتها إِذا ضمَمْتها مِنْ نَوَاحِيهَا. قَالَ الأَصمعي: أَطَرَّه يُطِرُّه إِطْرَاراً إِذا طرَدَه؛ قَالَ أَوس:
حَتَّى أُتِيحَ لَهُ أَخُو قَنَص ... شَهْمٌ، يُطِرُّ ضَوارِياً كُثَبَا
وَيُقَالُ: طَرَّ الإِبلَ يَطُرّها طَرّاً إِذا مَشَى مِنْ أَحد جَانِبَيْهَا ثُمَّ مِنَ الجانبِ الْآخَرِ ليُقوِّمَها. وطُرَّ الرجلُ إِذا طُرِدَ. وقولُهم جاؤوا طُرّاً أَي جَمِيعًا؛ وَفِي حَدِيثِ قُسّ:
ومَزاداً لمَحْشَر الخلقِ طُرّا
أَي جَمِيعًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَو الْحَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا مَرَرْتُ بِهِمْ طُرّاً أَي جَمِيعًا؛ قَالَ: وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلا حَالًا وَاسْتَعْمَلَهَا خَصِيبٌ النَّصْرَانِيُّ المُتَطبِّب فِي غَيْرِ الْحَالِ، وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَنت؟ فَقَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ إِلى طُرِّ خَلْقِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْبأَني بِذَلِكَ أَبو الْعَلَاءِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رأَيت بَنِي فُلَانٍ بِطُرٍّ إِذا رأَيتهم بأَجْمَعِهم. قَالَ يُونُسُ:

(4/498)


الطُّرُّ الجماعُة. وقولُهم: جَاءَنِي القومُ طُرّاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. يُقَالُ: طَرَرْتُ القومَ أَي مَرَرْتُ بِهِمْ جَمِيعًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: طُرّاً أُقيم مُقامَ الْفَاعِلِ وَهُوَ مَصْدَرٌ، كَقَوْلِكَ: جَاءَنِي الْقَوْمُ جَمِيعًا. وطَرَّ الحديدةَ طَرّاً وطُرُوراً: أَحَدَّها. وسِنانٌ طَرِيرٌ ومَطْرُورٌ: مُحَدَّد. وطَرَرْت السِّنانَ: حَدَّدْته. وسَهْمٌ طَرِيرٌ: مَطْرُورٌ. ورجلٌ طَرِيرٌ: ذُو طُرّةٍ وهيئةٍ حسنَةٍ وجَمال. وَقِيلَ: هُوَ المُستقبل الشَّبَابَ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَجُلٌ جَمِيلٌ طَرِيرٌ. وَمَا أَطَرَّه أَي مَا أَجْمَلَه وَمَا كَانَ طَرِيراً وَلَقَدْ طَرَّ. وَيُقَالُ: رأَيت شَيْخًا جَمِيلًا طَرِيراً. وَقَوْمٌ طِرارٌ بَيِّنُو الطَّرَارةِ، والطَّرِيرُ: ذُو الرُّواء والمَنْظَرِ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَقِيلَ الْمُتَلَمِّسُ:
ويُعْجِبُك الطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيه، ... فيُخْلِفُ ظَنَّكَ الرجلُ الطَّرِيرُ
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
يَا رُبَّ ثَوْرٍ برِمالِ عالِجِ، ... كأَنه طُرَّةُ نجمٍ خارِجِ،
فِي رَبْرَبٍ مِثْلَ مُلاءِ الناسجِ
وَمِنْهُ يُقَالُ: رَجُلٌ طَرِيرٌ. وَيُقَالُ: اسْتَطَرَّ إِتْمام الشَّكِيرِ «2» .... الشَّعْرِ أَي أَنبته حَتَّى بَلَغَ تمامَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ إِبلًا أَجْهَضَتْ أَولادَها قَبْلَ طُرُور وبَرها:
والشَّدَنِيَّات يُساقِطْنَ النُّعَرْ، ... خُوصَ العُيونِ مُجْهَضات مَا اسْتَطَرْ،
مِنْهُنَّ إِتمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ، ... بِحاجبٍ وَلَا قَفاً وَلَا ازْبأَرْ،
مِنْهُنَّ سِيسَاءُ وَلَا اسْتَغْشَى الوَبَرْ
اسْتَغْشَى: لَبِسَ الوَبَرَ، أَي وَلَا لَبِسَ الوبَرَ. وطَرَّ حَوْضَه أَي طَيّنَه. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: إِذا طَرَرْتَ مَسْجِدَكَ بِمَدَرٍ فِيهِ رَوْثٌ فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَه السماءُ
، أَي إِذا طَيَّنْته وزَيَّنْته، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ طَرِيرٌ أَي جَمِيلُ الْوَجْهِ. وَيَكُونُ الطَّرُّ الشَّقَّ والقَطْعَ؛ وَمِنْهُ الطَّرَّارُ. والطَّرُّ: الْقَطْعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّذِي يَقْطَعُ الهَمَايِينَ: طَرَّارٌ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَطُرُّ شارِبَه
؛ أَي يَقُصُّهُ. وَحَدِيثُ
الشَّعْبِيِّ: يُقْطَعُ الطَّرَّار
، وَهُوَ الَّذِي يَشُقُّ كُمَّ الرجلِ ويَسُلّ مَا فِيهِ، مِنَ الطَّرّ وَهُوَ الْقَطْعُ والشَّقُّ. يُقَالُ: أَطَرَّ اللهُ يَدَ فلانٍ وأَطَنَّهَا فَطَرَّتْ وطَنَّتْ أَي سَقَطَتْ. وَضَرَبَهُ فأَطَرَّ يدَه أَي قَطَعَهَا وأَنْدَرَهَا. وطَرَّ البُنيانَ: جَدَّده. وطَرَّ النبتُ والشاربُ والوَبَرُ يَطُرُّ، بِالضَّمِّ، طَرّاً وطُرُوراً: طلَع ونبَت؛ وَكَذَلِكَ شعرُ الْوَحْشِيِّ إِذا نَسَلَه ثُمَّ نَبَتَ؛ وَمِنْهُ طَرَّ شاربُ الغلامِ فَهُوَ طارٌّ. والطُّرَّى: الأَتانُ. والطُّرَّى: الحِمارُ النَّشِيطُ. اللَّيْثُ: الطُّرَّةُ طُرّةُ الثوبِ، وَهِيَ شِبْهُ عَلَمين يُخاطانِ بِجَانِبَيِ البُرْدِ عَلَى حاشيتِه. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّرَّةُ كُفّةُ الثوبِ، وَهِيَ جانِبُه الَّذِي لَا هُدْبَ لَهُ. وَغُلَامٌ طارٌّ وطَرِيرٌ: كَمَا طَرَّ شاربُه. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ طَرَّ شاربُه، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ طُرَّ شاربُه، والأَول أَفصح. اللَّيْثُ: فَتًى طارٌّ إِذا طَرَّ شاربُه. والطَّرُّ: مَا طلَع مِنَ الوَبَر وشعَرِ الحِمار بَعْدَ النُّسول. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه قَامَ مِنْ جَوْزِ اللَّيْلِ وَقَدْ طُرَّت النجومُ
أَي أَضاءت؛ وَمِنْهُ سَيْفٌ مَطْرُور أَي صَقِيل، وَمَنْ رَوَاهُ بفتح
__________
(2) . هنا بياض بالأَصل، وبهامشه مكتوباً بخط الناسخ: كذا وجدت وبإزائه مكتوباً ما نصه: العبارة صحيحة كتبه محمد مرتضى انتهى

(4/499)


الطَّاءِ أَراد: طلَعت، مِنْ طَرَّ النباتُ يَطِرّ [يَطُرّ] إِذا نَبَتَ؛ وَكَذَلِكَ الشاربُ. وطُرَّةُ المَزادةِ والثوبِ: عَلَمُهما، وَقِيلَ: طُرَّةُ الثَّوْبِ موضعُ هُدْبه، وَهِيَ حَاشِيَتُهُ الَّتِي لَا هُدْبَ لَهَا. وطُرَّةُ الأَرض: حاشيتُها. وطُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: حرفُه. وطُرّةُ الْجَارِيَةِ: أَن يُقْطَع لَهَا فِي مُقَدِّم نَاصِيَتِهَا كالعَلَم أَو كالطُّرّة تَحْتَ التَّاجِ، وَقَدْ تُتّخذ الطُّرَّة مِنْ رامِكٍ [رامَكٍ] ، وَالْجَمْعُ طُرَرٌ وطِرَارٌ، وَهِيَ الطُّرُورُ. وَيُقَالُ: طَرَّرَتِ الجاريةُ تَطْرِيراً إِذا اتخَذَت لِنَفْسِهَا طُرَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهْدى أُكَيْدِرُ دُومةَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُلَّةً سِيَراءَ فأَعطاها عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عمرُ: أَتُعْطِينِيها وَقَدْ قلتَ أَمْسِ فِي حُلَّةِ عُطارِدٍ مَا قلتَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ أُعْطِكَها لتَلْبَسَها وإِنما أَعْطَيتُكَها لِتُعْطِيَها بَعْضَ نسائِكَ يَتّخِذْنها طُرَّاتٍ بَيْنَهُنَّ
؛ أَراد يُقَطِّعْنَهَا وَيَتَّخِذْنَهَا سُيوراً؛ وَفِي النِّهَايَةِ أَي يُقَطّعنها وَيَتَّخِذْنَهَا مَقانِع، وطُرّات جمعُ طُرّة؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ؛ يتخذْنها طُرّات أَي قِطَعاً، مِنَ الطَّرّ، وَهُوَ الْقَطْعُ. والطُّرَّةُ مِنَ الشَّعْرِ: سُمِّيَتْ طُرّةً لأَنها مَقْطُوعَةٌ مِنْ جُمْلَتِهِ. والطَّرَّةُ، بِفَتْحِ الطَّاءِ: المرّةُ، وَبِضَمِّ الطَّاءِ: اسمُ الشَّيْءِ الْمَقْطُوعِ بِمَنْزِلَةِ الغَرْفةِ والغُرْفة؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَنباري. والطُّرّتَانِ مِنَ الْحِمَارِ وَغَيْرِهِ: مَخَطُّ الجَنْبين؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَامِيًا رمَى عَيْراً وأُتُناً:
فَرَمَى فأَنْفَذَ مِنْ نَحُوصٍ عائطٍ ... سَهْماً، فأَنْفَذَ طُرّتيهِ المَنْزَعُ
والطُّرّة: النَّاصِيَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّرّتَانِ مِنَ الْحِمَارِ خطَّان أَسْوَدانِ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا أَبو ذُؤَيْبٍ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ أَيضاً؛ وَقَالَ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
يَنْهَشْنه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَمِي، ... عَبْل الشَّوَى بالطُّرّتَيْنِ مُولّع
وطُرّةُ مَتْنِه: طريقتُه؛ وَكَذَلِكَ الطُّرّةُ مِنَ السَّحَابِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
بَعِيد الغَزاةِ، فَمَا إِنْ يَزالُ ... مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحَا
قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ بالطُّرّتين إِلى الشَّعَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَن الشَّعَر لَا يَكُونُ مُضْطَمِراً وإِنما عَنَى ضُمْرَ كَشْحَيه، يَمْدَحُ بِذَلِكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَيَجُوزُ أَيضاً أَن تَكُونَ طُرَّتاه بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُضْطَمِراً، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ؛ إِذا جعلتَ فِي مُفَتّحةً ضَمِيرًا وَجَعَلْتَ الأَبواب بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ الضَّمِيرِ، وَلَمْ تَكُنْ مُفَتّحةً الأَبوابُ مِنْهَا عَلَى أَن تُخْلِيَ مُفَتَّحَةً مِنْ ضَمِيرٍ. وطُرَرُ الوادِي وأَطْرارُه: نواحِيه، وَكَذَلِكَ أَطْرارُ البلادِ وَالطَّرِيقِ، وَاحِدُهَا طُرٌّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الواحدةُ طُرّةٌ. وطُرّةُ كُلِّ شَيْءٍ: ناحيتُه. وطُرّةُ النهرِ وَالْوَادِي: شفيرُه. وأَطْرارُ البلادِ: أَطرافُها. وأَطَرّ أَي أَدَلّ. وَفِي الْمَثَلِ: أَطِرِّي إِنك ناعِلةٌ، وَقِيلَ: أَطِرِّي اجْمَعي الإِبل، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَدِلِّي: فإِن عَلَيْكِ نَعْلين، يُضْرَبُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ عَلَى لَفْظِ التأْنيث لأَن أَصل الْمَثَلِ خُوطِبَت بِهِ امرأَة فَيَجْرِي عَلَى ذَلِكَ. التَّهْذِيبِ: هَذَا الْمَثَلُ يُقَالُ فِي جَلادةِ الرجلِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَي ارْكَب الأَمرَ الشَّدِيدَ فإِنك قَوِيٌّ عَلَيْهِ. قَالَ: وأَصل هَذَا أَن رَجُلًا قَالَهُ لِرَاعيةٍ لَهُ، وَكَانَتْ تَرْعَى فِي السُّهولة وَتَتْرُكُ

(4/500)


الحُزُونة، فَقَالَ لَهَا: أَطِرِّي أَي خُذي فِي أَطْرارِ الْوَادِي، وَهِيَ نَوَاحِيهِ، فإِنَّكِ ناعِلةٌ: فإِن عَلَيْكِ نَعْلَيْنِ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَطِرِّي أَي خُذي أَطْرارَ الإِبل أَي نواحيها، يقول: حُوطِيها مِنْ أَقاصيها وَاحْفَظِيهَا، يُقَالُ طِرِّي وأَطِرِّي؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَحسبه عَنى بالنَّعْلَين غِلَظَ جِلْدِ قَدَمَيْها. وجَلَبٌ مُطِرٌّ: جَاءَ مِنْ أَطْرار الْبِلَادِ. وغَضَبٌ مُطِرٌّ: فِيهِ بعضُ الإِدْلالِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ. وَقَوْلُهُمْ: غَضَبٌ مُطِرٌّ إِذا كَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَفِيمَا لَا يُوجِبُ غَضَباً؛ قَالَ الحُطيئة:
غَضِبْتُمْ عَلَينا أَن قَتَلْنا بِخَالِدٍ، ... بَني مالِكٍ، هَا إِنَّ ذَا غَضَبٌ مُطِرْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَطَرَّ يُطِرُّ إِذا أَدَلَّ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ مُطِرّاً أَي مُسْتَطِيلًا مُدِلًّا. والإِطْرارُ: الإِغْراءُ. والطَّرَّةُ: الإِلْقاحُ مِنْ ضَرْبة وَاحِدَةٍ. وطَرَّتْ يَدَاهُ تَطِرّ وتَطُرُّ: سقطَتْ، وتَرَّت تَتِرّ [تَتُرّ] وأَطَرَّها هُوَ وأَتَرَّها. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فنشَأَت طُرَيْرةٌ مِنَ السَّحَابِ
، وَهِيَ تَصْغِيرُ طُرَّةٍ، وَهِيَ قِطْعة مِنْهَا تَبْدُو مِنَ الأُفُق مُسْتَطِيلَةٌ. والطُّرَّةُ: السحابةُ تَبْدُو مِنَ الأُفُق مُسْتَطِيلَةً؛ وَمِنْهُ طُرَّةُ الشعَرِ والثوبِ أَي طَرَفُه. والطَّرُّ: الخَلْسُ، والطَّرُّ: اللَّطْمُ؛ كِلْتَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وَتَكَلَّمَ بِالشَّيْءِ مِنْ طِرَارِه إِذا اسْتَنْبَطَه مِنْ نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَتْ صَفِيّةُ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَنْ فِيكُنَّ مِثْلي؟ أَبي نَبِيٌّ وعَمِّي نَبِيٌّ وزَوْجِي نَبِيٌّ؛ وَكَانَ عَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَلِكَ، فَقَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْسَ هَذَا الكلامُ مِنْ طِرارِكِ.
والطَّرْطَرةُ: كالطَّرْمذة مَعَ كَثْرَةِ كَلَامٍ. وَرَجُلٌ مُطَرْطِرٌ: مِنْ ذَلِكَ. وطَرْطَر: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلا رُبَّ يَوْمٍ صالحٍ قَدْ شَهِدْته، ... بِتاذِفَ ذاتِ التَّلِّ مِنْ فَوقِ طَرْطَرَا
وَيُقَالُ: رأَيت طُرّة بَنِي فُلَانٍ إِذا نَظَرْتَ إِلَى حِلَّتِهم مِنْ بَعِيدٍ فآنَسْتَ بيوتَهم. أَبو زَيْدٍ: والمُطَرَّةُ العادةُ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُخَفَّفَةُ الرَّاءِ. أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْطَلُ والطَّرّةُ والقُرُبُ الْخَاصِرَةُ، قَيَّدَهُ فِي كِتَابِهِ بِفَتْحِ الطَّاءِ. الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ للطَّبقِ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ الطِّرِّيانُ بِوَزْنِ الصِّلِّيان، وَهِيَ فِعْليان مِنَ الطَّرّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ طُرْطُرْ إِذا أَمَرْتَه بِالْمُجَاوَرَةِ لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ والدوامِ عَلَى ذَلِكَ. والطُّرْطُورُ: الوَغْدُ الضعيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْجَمْعُ الطَّراطِيرُ؛ وأَنشد:
قَدْ عَلِمتْ يَشْكُرُ مَنْ غُلامُها، ... إِذا الطَّراطِيرُ اقْشَعَرَّ هامُها
وَرَجُلٌ طُرْطُورٌ أَي دَقِيقٌ طَوِيلٌ. والطُّرْطورُ. قَلَنْسوة للأَعراب طويلة الرأْس.
طزر: الطَّزَرُ: النَّبْت الصَّيْفيّ، بلغة بعضهم.
طعر: طَعَرَ المرأَة طَعْراً: نَكَحَهَا، وَقِيلَ: هُوَ بِالزَّايِ والراءُ تَصْحِيفٌ. ابْنُ الأَعرابي: الطَّعْرُ إِجْبارُ الْقَاضِي الرجلَ عَلَى الحُكْم.
طغر: الطَّغْرُ: لُغَةٌ فِي الدَّغْر، طَغَرَه ودَغَرَه: دَفَعَه. وطَغَرَ عَلَيْهِمْ ودَغَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الطُّغَرُ، وجمعُه طِغْرانٌ، لِطَائِرٍ معروف.
طفر: الطَّفْرُ: وَثْبةٌ فِي ارْتِفَاعٍ كَمَا يَطْفِرُ الإِنسانُ حَائِطًا أَي يَثبُه. والطَّفْرَةُ: الوَثْبَةُ؛ وَقَدْ طَفَرَ

(4/501)


يَطْفِرُ طَفْراً وطُفوراً: وَثَبَ فِي ارْتِفَاعٍ. وطَفَرَ الحائطَ: وَثَبَه إِلى مَا وَرَاءَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَطَفَرَ عَنْ راحلتِه
؛ الطَّفْرُ: الوُثوبُ. والطَّفْرةُ مِنَ اللَّبَنِ: كالطَّثْرة، وَهُوَ أَن يكثُف أَعلاه ويَرِقَّ أَسفلُه، وَقَدْ طَفَرَ. وطَيْفُورٌ: طُوَيْئرٌ صَغِير. وطَيْفُورٌ: اسْمٌ. وأَطْفَرَ الراكبُ بعيرَه إِطْفَاراً إِذا أَدخل قَدَمَيْهِ فِي رُفْغَيه إِذا رَكِبَه، وَهُوَ عَيْبٌ لِلرَّاكِبِ، وَذَلِكَ إِذا عَدَا البعيرُ.
طمر: طَمَرَ البئرَ طَمْراً: دفَنها. وطَمرَ نَفْسه وطَمَرَ الشَّيْءَ: خَبَأَه حَيْثُ لَا يُدْرى. وأَطْمَرَ الفرسُ غُرْمولَه فِي الحِجْر: أَوْعَبَه. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ عُقَيلِيّاً يَقُولُ لَفَحل ضَرَبَ نَاقَةً: قَدْ طَمَرَها، وإِنه لكثيرُ الطُّمُور، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذا وُصِفَ بِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ يُقَالُ إِنه لكثيرُ الطُّمُور. والمَطْمُورةُ: حفيرةٌ تَحْتَ الأَرض أَو مكانٌ تَحْتَ الأَرض قَدْ هُيِّئَ خَفيّاً يُطْمَرُ فِيهَا الطعامُ والمالُ أَي يُخْبأُ، وَقَدْ طَمَرْتها أَي مَلأْتها. غَيْرُهُ: والمطَامِيرُ حُفَرٌ تُحْفر فِي الأَرض تُوسّع أَسافِلُها تُخْبأُ فِيهَا الحبوبُ. وطَمَرَ يَطْمِر طَمْراً وطُمُوراً وطَمَرَاناً: وَثَبَ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الوُثُوب إِلى أَسفل، وَقِيلَ: الطُّمورُ شبْهُ الْوُثُوبِ فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَمْدَحُ تأَبط شَرًّا:
وإِذا قَذَفْتَ لَهُ الْحَصَاةَ رأَيتَه، ... يَنْزُو، لِوَقْعَتِها، طُمُورَ الأَخْيَلِ
وطَمَرَ فِي الأَرض طُمُوراً: ذَهَبَ. وطَمَرَ إِذا تَغيّبَ وَاسْتَخْفَى؛ وطَمَرَ الفرسُ والأَخْيَل يَطْمِرُ فِي طيرَانه. وَقَالُوا: هُوَ طامِرُ بنُ طَامِرٍ لِلْبَعِيدِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُعْرفُ وَلَا يُعْرف أَبوه وَلَمْ يُدْرَ مَن هُوَ. وَيُقَالُ لِلْبُرْغُوثِ: طَامِر بْنُ طامِر؛ مَعْرِفَةٌ عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ الأَخفش. الطامِرُ: الْبُرْغُوثُ، والطوامرُ: الْبَرَاغِيثُ. وطمَرَ إِذا عَلا، وطَمَر إِذا سَفَل. والمَطْمُور: الْعَالِي والمَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. وطَمَارِ وطَمَارُ: اسمٌ لِلْمَكَانِ المرتفع؛ يقال: انْصَبَّ عَلَيْهِمْ فلانٌ مِنْ طَمَارِ مِثَالِ قَطَامِ، وَهُوَ المكانُ الْعَالِي؛ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ سَلَامٍ الْحَنَفِيُّ:
فإِن كُنْتِ لَا تَدْرِينَ مَا الموتُ، فانْظُرِي ... إِلى هانئٍ فِي السُّوق وابنِ عقيلِ
إِلى بَطَلٍ قَدْ عَقَّر السيفُ وجْهَه، ... وآخَرَ، يَهْوِي مِنْ طَمَارِ، قَتِيلِ
قَالَ: ويُنْشدُ مِنْ طَمَارَ وَمِنْ طَمَارِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، مُجرًى وَغَيْرَ مُجْرًى. ويُروى: قَدْ كَدَّحَ السيفُ وجهَه. وَكَانَ عُبَيد اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ قَدْ قَتَل مُسْلَم بنَ عَقِيلِ بْنِ أَبي طَالِبٍ وَهَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ المُرَاديّ ورمَى بِهِ مِنْ أَعلى الْقَصْرِ فوقَع فِي السُّوق، وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ قَدْ نَزل عِنْدَ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ، وأَخْفَى أَمْرَه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ وَقَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى مَا أَخفاه هَانِئٌ، فأَرْسل إِلى هانئ فأَحْضره وأَرسل إِلى دَارِهِ مَنْ يأْتيه بِمُسْلَمِ بْنِ عَقِيلٍ، فَلَمَّا أَتَوْه قَاتَلَهم حَتَّى قُتِل ثُمَّ قَتَل عبيدُ اللَّهِ هَانِئًا لإِجارتِه لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرّف: مَنْ نامَ تحتَ صَدَفٍ مائلٍ وَهُوَ يَنْوِي التوكُّل فَلْيَرْمِ نفْسه مِنْ طَمَارِ
؛ هُوَ الْمَوْضِعُ الْعَالِي، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ، أَي لَا يَنْبَغِي أَن يُعَرِّضَ نفسَه لِلْمَهَالِكِ وَيَقُولُ قَدْ تَوَكّلْت. والطُّمَّرُ والطِّمَّوْرُ: الأَصل. يُقَالُ: لأَرُدّنّه إِلى طُمَّرِه أَي إِلى أَصله. وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى مِطْمار أَبيه أَي جَاءَ يُشْبهه فِي خَلْقِه وخُلُقِه؛ قَالَ أَبو وَجْزة

(4/502)


يَمْدَحُ رَجُلًا:
يَسْعَى مَساعِيَ آباءٍ له سَلَفَتْ، ... مِنْ آلِ قَيْرٍ عَلَى مِطْمارِهمْ طَمَرُوا «1»
. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ أَبي نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَقول لِابْنِ دَأْب إِذا حدَّث: أَقِم المِطْمَرَ أَي قَوِّم الحديثَ ونَقِّح أَلفاظَه واصْدُقْ فِيهِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الأُولى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، الخَيْطُ الَّذِي يُقَوَّم عَلَيْهِ البناءُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي بَنَاتِ طَمَارِ مَبنية أَي فِي دَاهِيَةٍ، وَقِيلَ: إِذا وَقَعَ فِي بَليَّة وشِدَّة. وَفِي حَدِيثِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
فَيَقُولُ الْعَبْدُ عِنْدِي العَظائمُ المُطَمَّراتُ
؛ أَي المخبّآتُ مِنَ الذُّنُوبِ والأُمورُ المُطَمِّراتُ، بِالْكَسْرِ: المُهْلِكاتُ، وَهُوَ مِنْ طَمَرت الشيءَ إِذا أَخْفَيْتَه، وَمِنْهُ المَطْمورةُ الحَبْسُ. وطَمِرَت يَدُه: وَرِمَت. والطِّمِرُّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، والطِّمْرِيرُ والطُّمْرورُ: الفرسُ الجَوادُ، وَقِيلَ: المُشَمَّر الخَلْق، وَقِيلَ: هُوَ المستفزُّ للوَثْبِ والعَدْوِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: المستعدُّ للعَدْوِ، والأُنثى طِمِرَّةٌ؛ وَقَدْ يُسْتَعَارُ للأَتان؛ قَالَ:
كأَنّ الطِّمِرّةَ ذاتَ الطِّمَاح ... مِنْهَا، لِضَبْرتِه، فِي عِقَال
يَقُولُ: كأَنَّ الأَتانَ الطِّمِرّة الشديدةَ العَدْوِ إِذا ضَبَرَ هَذَا الفرسُ وَرَآهَا معقولةٌ حَتَّى يُدْرِكها. قَالَ السَّيْرَافِيُّ: الطِّمِرُّ مُشْتَقٌّ مِنَ الطُّمُور، وَهُوَ الوَثْب، وإِنما يَعْنِي بِذَلِكَ سُرْعَتُهُ. والطِّمِرَّة منَ الْخَيْلِ: المُشْرفةُ؛ وَقَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
سَمْحَج سَمْحة الْقَوَائِمِ حَقْباء ... مِنَ الجُونِ، طُمِّرَتْ تَطْمِيرا
قَالَ: أَي وُثِّقَ خَلْقُها وأُدْمِج كأَنها طُوِيَتْ طَيَّ الطَّوامِير. والطُّمْرور: الَّذِي لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، لُغَةٌ فِي الطُّمُلولِ. والطِّمْرُ: الثَّوْبُ الخلَقُ، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ الكِساءَ الباليَ مِنْ غَيْرِ الصُّوف، وَالْجَمْعُ أَطْمارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يجاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تحسَبُ أَطْمارِي عليَّ جُلَبا
والطُّمْرورُ: كالطِّمْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
رُبَّ ذِي طِمْرَين لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرّه
؛ يَقُولُ: رُبَّ ذِي خَلَقَين أَطاعَ اللَّهَ حَتَّى لَوْ سأَل اللَّهَ تَعَالَى أَجابه. والمِطْمَرُ: الزِّيجُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ البَنَّائين. والمِطْمَرُ والمِطْمارُ: الْخَيْطُ الَّذِي يُقدِّر بِهِ البَنّاء البِناءَ، يُقَالُ لَهُ التَّرْقال بِالْفَارِسِيَّةِ. والطُّومارُ: واحدُ المَطامِير «2» . ابْنُ سِيدَهْ: الطامُورُ والطُّومارُ الصحيفةُ، قِيلَ: هُوَ دَخِيل، قَالَ: وأُراه عَرَبِيًّا مَحْضًا لأَن سِيبَوَيْهِ قَدِ اعْتَدَّ بِهِ فِي الأَبنية فَقَالَ: هُوَ مُلْحَقٌ بفُسْطاط، وإِن كَانَتِ الْوَاوُ بَعْدَ الضَّمَّةِ، فإِنما كَانَ ذَلِكَ لأَن مَوْضِعَ الْمَدِّ إِنما هُوَ قُبَيل الطرَف مُجاوِراً لَهُ، كأَلِفِ عِمادٍ وَيَاءِ عَمِيد وَوَاوِ عَمُود، فأَما واوُ طُومار فَلَيْسَتْ لِلْمَدِّ لأَنها لَمْ تُجاوِر الطرَف، فَلَمَّا تَقَدَّمَتِ الْوَاوُ فِيهِ وَلَمْ تُجَاوِرْ طَرَفَهُ قَالَ: إِنه مُلْحق، فَلَوْ بَنَيْتَ عَلَى هَذَا مِنْ سأَلت مثلَ طُومار ودِيماسٍ لَقُلْت سُوآل وسِيآل، فإِن خَفَّفْتَ الْهَمْزَةَ أَلقيت حَرَكَتَهَا عَلَى
__________
(1) . قوله: [من آل قير] كذا في الأَصل
(2) . قوله: [والطومار واحد المطامير] هكذا في الأَصل والمناسب أَن يقول والمطمار واحد المطامير أو يقول والطومار واحد الطوامير

(4/503)


الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَلَمْ تَخْشَ ذَلِكَ فَقُلْتَ سُوَال وسِيَال، وَلَمْ تُجْرِهما مُجْرى وَاوِ مَقْرُوءة وَيَاءِ خَطِيئة فِي إِبدالك الْهَمْزَةَ بَعْدَهُمَا إِلى لَفْظِهِمَا وإِدغامك إِيَّاهما فِيهِمَا، فِي نَحْوِ مَقْرُوّة وخَطِيّة، فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَلْ سُوّال وَلَا سِيّال أَعْنِي لتقدُّمِها وبُعْدها عَلَى الطَّرفِ ومشابهةِ حَرْفِ الْمَدِّ. والطُّمْرُورُ: الشِّقْراق. ومَطامِيرُ: فرسُ القَعْقاع ابن شَوْرٍ.
طمحر: ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا فِي السَّمَاءِ طَمْحَرِيرةٌ وَمَا عَلَيْهَا طِهْلِئَة وَمَا عَلَيْهَا طَحْرةٌ أَي مَا عَلَيْهَا غَيم. وطَمْحَر السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمه. والمُطْمَحِرُّ: المُمْتلئ. وشَرِبَ حَتَّى اطْمَحَرَّ أَي امْتَلأَ وَلَمْ يَضْرُرْه، وَالْخَاءُ لُغَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والمُطْمَحِرُّ: الإِناء الْمُمْتَلِئُ. وَرَجُلٌ طُماحِرٌ: عَظِيمُ الجوفِ كطُحامِر. وَمَا عَلَى رأْسه طَمْحَرَةٌ وطِحْطِحةٌ أَي ما عليه شعرة.
طمخر: رَجُلٌ طَمَخْرِيرٌ: عَظِيمُ الْجَوْفِ. والطُّماخِرُ: البعيرُ. وشَرِبَ حَتَّى اطْمَخَرَّ أَي امتلأَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَمْتلئ مِنَ الشَّرَابِ وَلَا يَضُرّه، والحاء المهملة لغة.
طنبر: الطُّنْبُور: الطِّنْبَارَ مَعْرُوفٌ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ دَخِيلٌ، أَصله دُنْبَهِ بَرَهْ أَي يُشْبِه أَلْيةَ الحَمَل، فَقِيلَ: طُنْبور. اللَّيْثُ: الطُّنْبُورُ الَّذِي يُلْعب بِهِ، مُعَرَّبٌ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ في لفظ العربية.
طنثر: الطَّنْثرةُ: أَكْلُ الدَّسَمِ حَتَّى يَثْقُلَ عَنْهُ جسمُه، وقد تطَنْثَر.
طهر: الطُّهْرُ: نَقِيضُ الحَيْض. والطُّهْر: نَقِيضُ النَّجَاسَةِ، وَالْجَمْعُ أَطْهار. وَقَدْ طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: طَهَر وطَهُر، بِالضَّمِّ، طَهارةً فِيهِمَا، وطَهَّرْته أَنا تَطْهِيرًا وتطَهَّرْت بِالْمَاءِ، وَرَجُلٌ طاهِر وطَهِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حَتَّى ... خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: جَاءَ طاهِرٌ عَلَى طَهُر كَمَا جَاءَ شاعرٌ عَلَى شَعُر، ثُمَّ استغنَوْا بِفَاعِلٍ عَنْ فَعِيل، وَهُوَ فِي أَنفسهم وَعَلَى بَالٍ مَنْ تَصَوَّرَهُمْ، يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ تسكيرُهم شَاعِرًا عَلَى شُعَراء، لَمّا كَانَ فاعلٌ هُنَا وَاقِعًا مَوْقِعَ فَعِيل كُسِّر تكسِيرَه لِيَكُونَ ذَلِكَ أَمارةً وَدَلِيلًا عَلَى إِرادته وأَنه مُغْنٍ عَنْهُ وبَدَلٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ لأَن طَهِيراً قَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ؛ قَالَ:
فإِن بَنِي، لِحْيان إِمَّا ذَكَرْتُهُمْ، ... نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ
قَالَ: كَذَا رَوَاهُ الأَصمعي بَالطَّاءِ وَيُرْوَى ظَهِيرُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وسيُذكر فِي مَوْضِعِهِ، وَجَمْعُ الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وثيابٌ طَهارَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا طَهْرانَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ، ... وأَوْجهُهم، عِنْدَ المَشَاهِد، غُرّانُ
وَجَمْعُ الطَّهِر طهِرُونَ وَلَا يُكسّر. والطُّهْر: نَقِيضُ الْحَيْضِ، والمرأَة طاهِرٌ مِنَ الْحَيْضِ وطاهِرةٌ مِنَ النَّجَاسَةِ وَمِنَ العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ وَرِجَالٌ طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابْنُ سِيدَهْ: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغْتَسَلَتْ مِنَ الْحَيْضِ وغيرِه، وَالْفَتْحُ أَكثر عِنْدَ ثَعْلَبٍ، واسمُ أَيام طُهْرها «1» ... وطَهُرت المرأَة، وَهِيَ طاهرٌ: انْقَطَعَ عَنْهَا الدمُ ورأَت
__________
(1) . هنا بياض في الأَصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار

(4/504)


الطُّهْر، فإِذا اغْتَسَلَتْ قِيلَ: تَطَهَّرَت واطَّهَّرت؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
. وَرَوَى
الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
؛ وَقُرِئَ: حَتَّى يَطَّهَّرْن؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَالْقِرَاءَةُ يطَّهَّرن لأَن مَنْ قرأَ يَطْهُرن أَراد انْقِطَاعَ الدَّمِ، فإِذا تَطَهَّرْن اغْتَسَلْنَ
، فصَيَّر مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفًا، وَالْوَجْهُ أَن تَكُونَ الْكَلِمَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُريد بهما جَمِيعًا الْغُسْلَ وَلَا يَحِلُّ المَسِيسُ إِلا بِالِاغْتِسَالِ، ويُصَدِّق ذَلِكَ قراءةُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: حَتَّى يَتَطَهَّرْن
؛ وقال ابْنُ الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هُوَ الْكَلَامُ، قَالَ: وَيَجُوزُ طَهُرت، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، وَقَدْ تَطَهَّرت المرأَةُ وَاطَّهَرَتْ، فإِذا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قِيلَ: طَهُرت تَطْهُر، فَهِيَ طاهرٌ، بِلَا هَاءٍ، وَذَلِكَ إِذا طَهُرَت مِنَ المَحِيض. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
؛ فإِن مَعْنَاهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ، نَزَلَتْ فِي الأَنصار وَكَانُوا إِذا أَحْدَثوا أَتْبَعُوا الْحِجَارَةَ بِالْمَاءِ فأَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
؛ أَي أَحَلُّ لَكُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
؛ يَعْنِي مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ؛ قَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ أَنهنّ لَا يَحْتَجْنَ إِلى مَا يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدُّنْيَا بَعْدَ الأَكل وَالشُّرْبِ، وَلَا يَحِضْن وَلَا يَحْتَجْنَ إِلى مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ، وهُنَّ مَعَ ذَلِكَ طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كُلَّهَا لأَن مُطَهَّرة أَبلغ فِي الْكَلَامِ مِنْ طَاهِرَةٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ
؛ قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ طَهِّراهُ مِنْ تَعْلِيقِ الأَصْنام عَلَيْهِ؛ الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ
، يَعْنِي مِنَ الْمَعَاصِي والأَفعال المُحَرَّمة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً
؛ مِنَ الأَدْناس وَالْبَاطِلِ. وَاسْتَعْمَلَ اللِّحْيَانِيُّ الطُّهْرَ فِي الشَّاةِ فَقَالَ: إِن الشَّاةَ تَقْذَى عَشْراً ثُمَّ تَطْهُر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا طَريفٌ جِدّاً، لَا أَدْرِي عَنِ الْعَرَبِ حَكَاهُ أَمْ هُوَ أَقْدَمَ عَلَيْهِ. وتَطَهَّرت المرأَة: اغْتَسَلَتْ. وطَهَّره بِالْمَاءِ: غَسَلَه، واسمُ الْمَاءِ الطَّهُور. وكلُّ مَاءٍ نَظِيفٍ: طَهُورٌ، وَمَاءٌ طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ بِهِ، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وَلَيْسَ كلُّ طاهرٍ طَهوراً. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوراً
؛ فإِن الطَّهُورَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الطاهرُ المُطَهِّرُ، لأَنه لَا يَكُونُ طَهوراً إِلا وَهُوَ يُتَطهّر بِهِ، كالوَضُوء هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوضَّأُ بِهِ، والنَّشُوق مَا يُسْتَنْشق بِهِ، والفَطُور مَا يُفْطَر عَلَيْهِ منْ شَرَابٍ أَو طَعَامٍ.
وسُئِل رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، عن مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُور مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُه
؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه طَاهِرٌ يُطَهِّر. وَقَالَ
الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كلُّ مَاءٍ خَلَقَه اللَّهُ نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ أَو نَابِعًا مِنْ عَيْنٍ فِي الأَرض أَو بحْرٍ لَا صَنْعة فِيهِ لآدَميٍّ غَيْرَ الاسْتِقاء، وَلَمْ يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طعمُه مِنْهُ، فَهُوَ طَهُور، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ مَاءِ وَرْدٍ أَو وَرَقٍ شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل مِنْ كَرْم فإِنه، وإِن كَانَ طَاهِرًا، فَلَيْسَ بطَهُور.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الطُّهور، بِالضَّمِّ، التطهُّرُ، وَبِالْفَتْحِ: الماءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ كالوَضُوء. والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّهور، بِالْفَتْحِ، يَقَعُ عَلَى الْمَاءِ والمَصْدر مَعًا، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْحَدِيثُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا، وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّطَهُّرُ. وَالْمَاءُ الطَّهُور، بِالْفَتْحِ: هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الحدَث ويُزِيل النجَسَ لأَن فَعُولًا

(4/505)


مِنْ أَبنية المُبالَغة فكأَنه تَنَاهى فِي الطَّهَارَةِ. والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل فِي الوُضوء والغُسْل. والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ ويُتَطَهَّر بِهِ. والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، وَالْجَمْعُ المَطَاهِرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الْقَطَا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآجِي ... فِي أَساقٍ كالمَطاهِرْ
وكلُّ إِناء يُتَطَهَّر مِنْهُ مِثْلُ سَطْل أَو رَكْوة، فَهُوَ مِطْهَرةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، وَالْفَتْحُ أَعلى. والمِطْهَرَةُ: الْبَيْتُ الَّذِي يُتَطَهّر فِيهِ. والطَّهارةُ، اسمٌ يَقُومُ مَقَامَ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ: الاستنجاءُ والوُضوءُ. والطُّهارةُ: فَضْلُ مَا تَطَهَّرت بِهِ. والتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عَنِ الإِثم وَمَا لَا يَجْمُل. وَرَجُلٌ طاهرُ الثِّيَابِ أَي مُنَزَّه؛ وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذِكْرِ قَوْمِ لُوطٍ وقَوْلِهم فِي مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ*
؛ أَي يتنزَّهُون عَنْ إِتْيان الذُّكُورِ، وَقِيلَ: يَتَنَزَّهُونَ عَنْ أَدْبار الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ قالهُ قَوْمُ لُوطٍ تهكُّماً. والتطَهُّر: التنزُّه عَمَّا لَا يَحِلُّ؛ وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرون أَي يتنزَّهُون مِنَ الأَدناسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
السِّواكُ مَطْهرةٌ لِلْفَمِ.
وَرَجُلٌ طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طَاهِرَةٌ، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ أَي لَيْسَ بِذِي دَنَسٍ فِي الأَخْلاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ طَاهِرُ الثِّياب إِذا لَمْ يَكُنْ دَنِسَ الأَخْلاق؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
؛ مَعْنَاهُ وقَلْبَك فَطهِّر؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه، ... لَيْسَ الكَريمُ عَلَى القَنا بِمُحَرَّمِ
أَي قَلْبَه، وَقِيلَ: مَعْنَى وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، أَي نَفْسَك؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الْغَادِرَ دَنِسُ الثِّياب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ لِلْغَادِرِ دَنِسُ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَثِيَابُكَ فقَصِّر فإِن تَقْصِيرَ الثِّيَابِ طُهْرٌ لأَن الثَّوْبَ إِذا انْجرَّ عَلَى الأَرض لَمْ يُؤْمَنْ أَن تصيبَه نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه مِنَ النَّجَاسَةِ؛ والتَّوْبةُ الَّتِي تَكُونُ بإِقامة الْحَدِّ كالرَّجْمِ وَغَيْرِهِ: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يَقُولُ: عَملَك فأَصْلِح؛
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يَقُولُ: لَا تَلْبَسْ ثِيابَك عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا عَلَى فجُورٍ وكُفْرٍ
؛ وأَنشد قَوْلَ غَيْلَانَ:
إِني بِحَمْد اللَّهِ، لَا ثوبَ غادِرٍ ... لَبِستُ، وَلَا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع
اللَّيْثُ: والتوبةُ الَّتِي تَكُونُ بإِقامة الحُدُود نَحْوِ الرَّجْم وَغَيْرِهِ طَهُورٌ للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، وَقَدْ طَهّرَه الحدُّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
؛ يَعْنِي بِهِ الكِتَابَ لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ عَنَى بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وكلُّه عَلَى المَثَل، وَقِيلَ: لَا يمسُّه فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلا الْمَلَائِكَةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ
؛ أَي أَن يَهدِيَهم. وأَما قَوْلُهُ: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فَالْهَاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْحَاءِ فِي طَحَره؛ كَمَا قَالُوا مدَهَه فِي مَعْنَى مَدَحَه. وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سَمَّاهُ الْمُسْلِمُونَ تَطْهِيرًا لأَن النَّصَارَى لَمَّا تَرَكُوا سُنَّةَ الخِتانِ

(4/506)


غَمَسُوا أَوْلادَهم فِي مَاءٍ صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ الْمَوْلُودِ وَقَالُوا: هَذِهِ طُهْرَةُ أَوْلادِنا الَّتِي أُمِرْنا بِهَا، فأَنْزل اللَّهُ تَعَالَى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه لَا صِبْغَةَ النَّصَارَى، فالخِتانُ هُوَ التطهِيرُ لَا مَا أَحْدَثَه النَّصَارَى مِنْ صِبْغَةِ الأَوْلادِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي فِي الْمَكَانِ القَذِر، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُه مَا بَعْدَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ خَاصٌّ فِيمَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، فأَما إِذا كَانَ رَطْباً فَلَا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثُمَّ يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ فإِنَّ بَعْضَهَا يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ تُصِيب الثَّوْبَ أَو بعضَ الْجَسَدِ، فإِن ذَلِكَ لَا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي إِسناد هَذَا الْحَدِيثِ مَقالٌ.
طور: الطَّوْرُ: التارَةُ، تَقُولُ: طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ أَي تَارَةً بَعْدَ تَارَةٍ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ السَّلِيم:
تُراجِعُه طَوْراً وطَوْراً تُطَلِّقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ:
تُطَلِّقُه طَوْراً وطَوْراً تُراجِعُ
وَالْبَيْتُ لِلنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ:
تَناذَرها الراقُونَ مِنْ سُوءِ سَمِّها، ... تُطَلِّقُه طَوْراً وطَوْراً تُراجِعُ
وَقَبْلَهُ:
فبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ... مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنيابِها السُّمُّ ناقعُ
يُرِيدُ: أَنه بَاتَ مِنْ تَوَعُّدِ النُّعْمَانِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ حَلَف للنُّعْمان أَنه لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بهِجاءٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا:
فإِن كنتُ، لَا ذُو الضِّغْنِ عَنِّي مُكَذَّبٌ، ... وَلَا حَلِفي عَلَى البراءةِ نافعُ
وَلَا أَنا مأْمونٌ بِشَيْءٍ أَقُولُه، ... وأَنْتَ بأَمْرٍ لَا محالَة واقعُ
فإِنكَ كالليلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكي، ... وإِن خِلْتُ أَن المُنْتأَى عنكَ واسِعُ
وَجَمْعُ الطَّوْرِ أَطْوارٌ. والناسُ أَطْوَارٌ أَي أَخْيافٌ عَلَى حَالَاتٍ شتَّى. والطَّوْر: الحالُ، وَجَمْعُهُ أَطْوارٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً
؛ مَعْنَاهُ ضُرُوباً وأَحوالًا مُخْتَلِفَةً؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَطْواراً أَي خِلَقاً مختلفة كلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خَلَقَكُمْ أَطْواراً
، قَالَ: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عظْماً؛ وَقَالَ الأَخفش: طَوْراً عَلَقَةً وطَوْراً مُضْغَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد اختلافَ المَناظِر والأَخْلاقِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والمرْءُ يَخْلَقُ طَوْراً بعْدَ أَطْوارِ
وَفِي حَدِيثِ سَطِيحٍ:
فإِنّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهاريرُ
الأَطْوارُ: الحالاتُ المختلفةُ والتاراتُ والحدودُ، واحدُها طَوْرٌ، أَي مَرّةً مُلْكٌ ومَرَّةً هُلْكٌ ومَرّةً بُؤْسٌ ومَرّةً نُعْم. والطَّوْرُ والطَّوارُ «1» : مَا كَانَ عَلَى حَذْوِ الشَّيْءِ أَو بِحِذائِه. ورأَيت حَبْلًا بطَوارِ هَذَا الْحَائِطِ أَي بِطُوله. وَيُقَالُ: هَذِهِ الدَّارُ عَلَى طَوَارِ هَذِهِ الدَّارِ أَي حائطُها متصلٌ بحائطها عَلَى نَسق واحدٍ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَكُلُّ شَيْءٍ ساوَى شَيْئًا، فَهُوَ طَوْرُه
__________
(1) . قوله: [والطور والطوار] بالفتح والضم

(4/507)


وطُوَارُه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي الطَّوَارِ بِمَعْنَى الحَدِّ أَو الطُّولِ:
وطَعْنَة خَلْسٍ، قَدْ طَعَنْتُ، مُرِشّة ... كعطِّ الرداءِ، مَا يُشَكُّ طَوَارُها
قَالَ: طَوارُها طُولُها. وَيُقَالُ: جَانِبَا فَمِها. وطَوَارُ الدارِ وطِوَارُها: مَا كَانَ مُمْتدّاً معَها مِنَ الفِنَاء. والطَّوْرةُ: فِنَاءُ الدَّارِ. والطَّوْرةُ: الأَبْنِيةُ. وَفُلَانٌ لَا يَطُورُني أَي لَا يَقْرَبُ طَوَارِي. وَيُقَالُ: لَا تَطُر حَرَانا أَي لَا تَقْرَبْ مَا حَوْلَنا. وَفُلَانٌ يَطُورُ بِفُلَانٍ أَي كأَنه يَحُوم حَوالَيْه ويَدْنُو مِنْهُ. وَيُقَالُ: لَا أَطُورُ بِهِ أَي لَا أَقْرَبُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وَاللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَر سَمِيرٌ
أَي لَا أَقْرَبُه أَبداً. والطَّوْرُ: الحدُّ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَعَدَا طَوْرَه أَي جاوَزَ حَدَّه وقَدْرَه. وَبَلَغَ أَطْوَرَيْهِ أَي غايةَ مَا يُحاوِلُه. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم فِي بُلُوغِ الرَّجُلِ النهايةَ فِي العِلْم: بَلَغَ فلانٌ أَطْوَرِيه، بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَي أَقْصاه. وَبَلَغَ فُلَانٌ فِي الْعِلْمِ أَطْوَرَيْهِ أَي حدَّيْه: أَولَه وآخرَه. وَقَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: بَلَغَ فُلَانٌ أَطورِيه، بِخَفْضِ الرَّاءِ، غايتَه وهِمَّتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: بَلَغْتُ مِنْ فُلَانٍ أَطْوَرَيْه أَي الجَهْدَ والغَايةَ فِي أَمْرِه. وَقَالَ الأَصمعي: لَقِيتُ مِنْهُ الأَمَرِّينَ والأَطْوَرِينَ والأَقْوَرِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: رَكِبَ فُلَانٌ الدَّهْرَ وأَطْوَرَيه أَي طَرَفَيْه. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيذ:
تعَدَّى طَوْرَه
أَي حَدَّه وحالَه الَّذِي يَخُصُّه ويَحِلُّ فِيهِ شُرْبُه. وطارَ حَوْلَ الشَّيْءِ طَوْراً وطَوَرَاناً: حَامَ، والطّوَارُ مَصْدَرُ طارَ يَطُورُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا بالدارِ طُورِيٌّ وَلَا دُورِيٌّ أَي أَحدٌ، وَلَا طُورَانِيٌّ مِثلُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدة لَيْسَ بِهَا طُورِيُ
والطُّورُ: الجبَلُ. وطُورُ سِينَاءَ [سَينَاءَ] : جَبل بِالشَّامِ، وَهُوَ بالسُّرْيانية طُورَى، والنسبُ إِليه طُورِيٌّ وطُورانِيٌّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ
؛ الطُّورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الجَبلُ، وَقِيلَ: إِن سَيناء حِجَارَةٌ، وَقِيلَ: إِنه اسْمُ الْمَكَانِ، وحَمَامٌ طُورانِيٌّ وطُورِيٌّ مَنْسُوبٌ إِليه، وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى جبل يقال لَهُ طُرْآن نَسَبٌ شَاذٌّ، وَيُقَالُ: جَاءَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ
؛ أَقْسَم اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، قَالَ: وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِمَدْيَنَ الَّذِي كَلّم اللهُ تَعَالَى مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْهِ تَكْلِيمًا. والطُّورِيُّ: الوَحْشِيُّ: مِنَ الطَّيرِ والناسِ؛ وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
أَعارِيبُ طُورِيّون، عَنْ كُلِّ قَريةٍ، ... حِذارَ الْمَنَايَا أَو حِذَارَ المقَادِرِ
قَالَ: طُورِيّون أَي وَحْشِيّون يَحِيدُون عَنِ القُرَى حِذارَ الْوَبَاءِ والتَّلَفِ كأَنهم نُسِبُوا إِلى الطُّورِ، وَهُوَ جَبَلٌ بِالشَّامِ. وَرَجُلٌ طُورِي أَي غَرِيبٌ.
طير: الطَّيَرانُ: حركةُ ذِي الجَناح فِي الْهَوَاءِ بِجَنَاحِهِ، طارَ الطائرُ يَطِيرُ طَيْراً وطَيراناً وطَيْرورة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَكُرَاعٍ وَابْنِ قُتَيْبَةَ، وأَطارَه وطيَّره وطارَ بِه، يُعَدى بِالْهَمْزَةِ وَبِالتَّضْعِيفِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ. الصِّحَاحُ: وأَطارَه غيرُه وطيَّره وطايَرَه بِمَعْنًى. والطَّيرُ: مَعْرُوفٌ اسْمٌ لِجَماعةِ مَا يَطِيرُ، مُؤَنَّثٌ، وَالْوَاحِدُ طائِرٌ والأُنثى طائرةٌ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ التَّهْذِيبُ: وقَلَّما يَقُولُونَ طَائِرَةً للأُنثى؛ فاَّما قَوْلُهُ أَنشده

(4/508)


الْفَارِسِيُّ:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا فِي نُحورِهمْ، ... وبِيضاً تقِيضُ البَيْضَ مِنْ حيثُ طائرُ
فإِنه عَنى بالطائرِ الدِّماغَ وَذَلِكَ مِنْ حيثُ قِيلَ لَهُ فرخٌ؛ قَالَ:
ونحنُ كَشَفْنا، عَنْ مُعاوِيةَ، الَّتِي ... هِيَ الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق
عَنى بالفرْخ الدماغَ كَمَا قُلْنَا. وَقَوْلُهُ مُنَقْنِق إِفراطاً مِنَ الْقَوْلِ: وَمِثْلُهُ قولُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهَامِ، بَيْنهُمُ، ... نَزْوُ القُلاتِ، زَهاها قالُ قالِينا
وأَرضٌ مَطَارةٌ: كَثيرةُ الطَّيْرِ. فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كهَيْئَةِ الطَّيْرِ فأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِرًا بإِذن اللَّهِ
؛ فإِن مَعْنَاهُ أَخلُق خَلْقاً أَو جِرْماً؛ وَقَوْلُهُ: فأَنفخ فِيهِ، الْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلى الطَّيْرِ، وَلَا يَكُونُ مُنْصَرِفًا إِلى الْهَيْئَةَ لِوَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الهَيْئَةَ أُنثى وَالضَّمِيرَ مُذَكَّرٌ، وَالْآخَرُ أَنَّ النَّفْخَ لَا يَقَعُ فِي الْهَيْئَةِ لأَنها نوْعٌ مِنْ أَنواع العَرَضِ، والعَرَضُ لَا يُنْفَخُ فِيهِ، وإِنما يَقَعُ النَّفْخُ فِي الجَوْهَر؛ قَالَ: وَجَمِيعُ هَذَا قَوْلُ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الطائرُ اسْمًا للجَمْع كَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ، وجمعُ الطَّائِرِ أَطْيارٌ، وَهُوَ أَحدُ مَا كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ مثلُه؛ فأَما الطُّيُورُ فَقَدْ تَكُونُ جمعَ طَائِرٍ كساجِدٍ وسُجُودٍ، وَقَدْ تَكُونُ جَمْعَ طَيْرٍ الَّذِي هُوَ اسمٌ للجَمع، وَزَعَمَ قُطْرُبٌ أَن الطَّيْرَ يقَعُ لِلْوَاحِدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ إِلا أَن يَعْني بِهِ المصدرَ، وَقُرِئَ: فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ
، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الناسُ كلُّهم يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ طائرٌ وأَبو عُبَيْدَةَ معَهم، ثُمَّ انْفَرد فأَجازَ أَن يُقَالَ طَيْر لِلْوَاحِدِ وَجَمَعَهُ عَلَى طُيُور، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ ثِقَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الطائرُ جمعُه طَيرٌ مِثْلُ صاحبٍ وصَحْبٍ وَجَمْعُ الطَّيْر طُيُورٌ وأَطْيارٌ مِثْلُ فَرْخ وأَفْراخ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طائرٍ
؛ قَالَ: كلُّ حَرَكَةٍ مِنْ كَلِمَةٍ أَو جارٍ يَجْرِي، فَهُوَ طائرٌ مَجازاً، أَرادَ: عَلَى رِجْل قَدَرٍ جَارٍ، وقضاءٍ ماضٍ، مِنْ خيرٍ أَو شرٍّ، وَهِيَ لأَوَّلِ عابِرٍ يُعَبّرُها، أَي أَنها إِذا احْتَمَلَتْ تأْوِيلَين أَو أَكثر فَعَبَّرَهَا مَنْ يَعْرِفُ عَباراتها، وقَعَتْ عَلَى مَا أَوّلَها وانْتَفَى عَنْهَا غيرُه مِنَ التأْويل؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
الرُّؤْيا عَلَى رِجْل طائرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ
أَي لَا يستقِرُّ تأْوِيلُها حَتَّى تُعَبَّر؛ يُرِيد أَنها سَرِيعةُ السقُوط إِذا عُبِّرت كَمَا أَن الطيرَ لَا يستَقِرُّ فِي أَكثر أَحوالِه، فَكَيْفَ مَا يَكُونُ عَلَى رِجْلِه؟ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ وَالنَّسَّابَةِ: فَمِنْكُمْ شَيْبةُ الحمدِ مُطْعِم طَيْر السماءِ لأَنه لَمَّا نَحَرَ فِدَاءَ ابنهِ عبدِ اللهِ أَبي سيِّدِنا رَسُولِ اللَّهِ، [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] مائةَ بَعِيرٍ فَرّقَها عَلَى رُؤُوس الجِبالِ فأَكَلَتْها الطيرُ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: تَرَكَنَا رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلَّا عِنْدَنا مِنْهُ عِلْمٌ
، يَعْنِي أَنه اسْتَوْفَى بَيانَ الشَّرِيعةِ وَمَا يُحتاج إِليه في الدِّين حَتَّى لَمْ يَبْقَ مُشْكِلٌ، فضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا، وَقِيلَ: أَراد أَنه لَمْ يَتْرك شَيْئًا إِلا بَيَّنه حَتَّى بَيَّن لَهُمْ أَحكامَ الطَّيْرِ وَمَا يَحِلّ مِنْهُ وَمَا يَحْرُم وَكَيْفَ يُذْبَحُ، وَمَا الَّذِي يفْدِي مِنْهُ المُحْرِمُ إِذا أَصابه، وأَشْباه ذَلِكَ، وَلَمْ يُرِدْ أَن فِي الطيرِ عِلْماً سِوى ذَلِكَ عَلَّمهم إِيّاه ورَخّصَ لَهُمْ أَن يَتَعاطَوا زَجْرَ الطَّيْرِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي:

(4/509)


هُوَ مِنَ التَّطَوُّعِ المُشَامِ لِلتَّوْكِيدِ لأَنه قَدْ عُلِم أَن الطَّيَرانَ لَا يَكُونُ إِلا بالجَناحَيْنِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ بِجناحَيْه مُفِيداً، وَذَلِكَ أَنه قَدْ قالوا:
طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها
وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ:
طارُوا إِليه زَرَافاتٍ ووُحْدانا
وَمِنْ أَبيات الْكِتَابِ:
وطِرْتُ بمُنْصُلي فِي يَعْمَلاتٍ
فَاسْتَعْمَلُوا الطَّيَرانَ فِي غَيْرِ ذِي الْجَنَاحِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ
؛ عَلَى هَذَا مُفِيدٌ، أَي لَيْسَ الغرَضُ تَشْبِيهَه بِالطَّائِرِ ذِي الجناحَيْنِ بَلْ هُوَ الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ. والتَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ والذهابُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم فِي الدَّارِ والمرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وشِقَّةٌ فِي الأَرض
أَي كأَنها تفَرَّقَتْ وتقَطَّعَتْ قِطَعاً مِنْ شِدّة الغَضَبِ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه
أَي تَفَرَّقَتْ فَصَارَتْ قِطَعاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَقَدْنا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ
أَي ذُهِبَ بِهِ بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَهُ أَحَدٌ. والاسْتِطارَةُ والتَّطايُرُ: التفرُّقُ والذهابُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهُهُ: فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي
أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن وقَسّمتها فِيهِنَّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ الْهَمْزَةُ أَصلية، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وتطايَرَ الشيءُ: طارَ وتفرَّقَ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛ وأَصله أَن الطَّيرَ لَا يَقَع إِلا عَلَى شَيْءٍ سَاكِنٍ مِنَ المَوَاتِ فضُرِبَ مثَلًا للإِنسان ووَقارِه وسكُونِه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنَّ على رؤوسِهم الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا مِنْ هَيْبةٍ، وأَصله أَن الغُراب يقَعُ عَلَى رأْسِ البَعيرِ فَيَلْتَقِطُ مِنْهُ الحَلَمَةَ والحَمْنانة، فَلَا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه لئلَّا يَنْفِر عَنْهُ الغُرابُ. ومن أَمثالهم في الخصْب وكثرةِ الْخَيْرِ قَوْلُهُمْ: هُوَ فِي شَيْءٍ لَا يَطِيرُ غُرَابُه. وَيُقَالُ: أُطِيرَ الغُرابُ، فَهُوَ مُطارٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقِدٍّ سَوْرةٌ ... فِي المَجْدِ، لَيْسَ غرابُها بمُطارِ
وَفُلَانٌ ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لَا حَرَكَةَ لَهُ مِنْ وَقارِه، حَتَّى كأَنه لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طائرٌ لَسَكَنَ ذَلِكَ الطائرُ، وَذَلِكَ أَن الإِنسان لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طائرٌ فَتَحَرَّكَ أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذَلِكَ الطائرُ وَلَمْ يسْكُن؛ وَمِنْهُ قَوْلِ
بَعْضِ أَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا
أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن وَلَا نَتَحَرَّكَ خَشْيةً مِنْ نِفارِ ذَلِكَ الطَّيْرِ. والطَّيْرُ: الاسمُ مِنَ التَّطَيّر، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُ اللهِ، كَمَا يُقَالُ: لَا أَمْرَ إِلَّا أَمْرُ اللَّهِ؛ وأَنشد الأَصمعي، قَالَ: أَنشدناه الأَحْمر:
تَعَلَّمْ أَنه لَا طَيرَ إِلَّا ... عَلَى مُتَطيِّرٍ، وَهُوَ الثُّبورُ
بَلَى شَيءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شيءٍ، ... أَحايِيناً، وباطلُه كَثِيرُ
وَفِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ؛ وصَفَهم بالسُّكون وَالْوَقَارِ وأَنهم لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ طَيْشٌ وَلَا خِفَّةٌ. وَفِي فُلَانٍ طَيْرةٌ وطَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ وطَيْشٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

(4/510)


وحِلْمُك عِزٌّ، إِذا مَا حَلُمْت، ... وطَيْرتُك الصابُ والحَنْظَلُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ازجُرْ أَحْناءَ طَيْرِك أَي جوانبَ خِفّتِك وطَيْشِك. والطائرُ: مَا تيمَّنْتَ بِهِ أَو تَشاءَمْت، وأَصله فِي ذِي الْجَنَاحِ. وَقَالُوا لِلشَّيْءِ يُتَطَيَّرُ بِهِ مِنَ الإِنسان وغيرِه. طائرُ اللهِ لَا طائرُك، فرَفَعُوه عَلَى إِرادة: هَذَا طائرُ اللَّهِ، وَفِيهِ مَعْنَى الدُّعَاءِ، وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ أَيضاً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَاهُ فِعْلُ اللهِ وحُكْمُه لَا فِعْلُك وَمَا تَتخوّفُه؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ طَيْرُ اللهِ لَا طَيْرُك وطَيْرَ اللَّهِ لَا طَيرَك وطائرَ اللَّهِ لَا طائرَك وصباحَ اللهِ لَا صَباحَك، قَالَ: يَقُولُونَ هَذَا كلَّه إِذا تَطَيَّرُوا مِنَ الإِنسانِ، النصبُ عَلَى مَعْنَى نُحِبّ طائرَ اللَّهِ، وَقِيلَ بِنَصْبِهِمَا عَلَى مَعْنَى أَسْأَلُ اللهَ طائرَ اللهِ لَا طائِرَك؛ قَالَ: والمصدرُ مِنْهُ الطِّيَرَة؛ وجَرَى لَهُ الطائرُ بأَمرِ كَذَا؛ وَجَاءَ فِي الشَّرِّ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ
؛ الْمَعْنَى أَلا إِنَّما الشُّؤْم الَّذِي يَلْحَقُهم هُوَ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ فِي الْآخِرَةِ لَا مَا يَنالُهم فِي الدُّنْيا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طائرُهم حَظُّهم قَالَ الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمْ طَيرُ النُّحوسِ بأَشْأَم
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
زَجَرْت لَهُمْ طَيْرَ الشمالِ، فإِن تَكُن ... هَواكَ الَّذِي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وَقَدْ تَطَيَّر بِهِ، وَالِاسْمُ الطيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطُّورةُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الطائرُ عِنْدَ الْعَرَبِ الحَظُّ، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ البَخْتَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الطائرُ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمُ العمَلُ، وطائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الَّذِي قُلِّدَه، وَقِيلَ رِزْقُه، والطائرُ الحَظُّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ العَلاء الأَنصارية: اقْتَسَمْنا الْمُهَاجِرِينَ فطارَ لَنَا عثمانُ بْنُ مَظْعُون
أَي حَصَل نَصِيبنا مِنْهُمْ عثمانُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
رُوَيْفِعٍ: إِنْ كَانَ أَحَدُنا فِي زَمَانِ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيَطِير لَهُ النَّصْلُ وللآخَر القِدْح
؛ مَعْنَاهُ أَن الرجُلين كَانَا يَقْتَسِمانِ السَّهْمَ فَيَقَعُ لأَحدهما نَصْلُه وَلِلْآخَرِ قِدْحُه. وطائرُ الإِنسانِ: مَا حصَلَ لَهُ فِي علْمِ اللَّهِ مِمَّا قُدّرَ لَهُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بالمَيْمونِ طائِرُه
؛ أَي بالمُبارَكِ حَظُّه؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله مِنَ الطَّيْرِ السانحِ والبارِحِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
؛ قيل حَظُّه، وَقِيلَ عَمَلُه، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَا عَمِل مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ أَلْزَمْناه عُنُقَه إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا وإِن شَرًّا فَشَرًّا، وَالْمَعْنَى فِيمَا يَرَى أَهلُ النَّظَرِ: أَن لِكُلِّ امْرِئٍ الخيرَ والشرَّ قَدْ قَضاه اللَّهُ فَهُوَ لازمٌ عُنُقَه، وإِنما قِيلَ للحظِّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ طائرٌ لِقَوْلِ الْعَرَبِ: جَرَى لَهُ الطائرُ بِكَذَا مِنَ الشَّرِّ، عَلَى طَرِيقِ الفَأْلِ والطِّيَرَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا كَانَ لَهُ سَبَبًا، فخاطَبَهُم اللهُ بِمَا يَسْتَعْمِلُونَ وأَعْلَمَهم أَن ذَلِكَ الأَمرَ الَّذِي يُسَمّونه
بِالطَّائِرِ يَلْزَمُه؛ وَقُرِئَ طائرَه وطَيْرَه، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا قِيلَ: عملُه خيرُه وشرُّه، وَقِيلَ: شَقاؤه وسَعادتُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي هَذَا كُلِّهِ أَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدمَ عَلِم قبْل خَلْقِه ذُرِّيَّتَه أَنه يأْمرهم بِتَوْحِيدِهِ وطاعتِه وَيَنْهَاهُمْ عَنْ معْصيته، وعَلِم المُطِيعَ مِنْهُمْ والعاصيَ الظالمَ لِنفْسه، فكتَبَ مَا علِمَه مِنْهُمْ أَجمعين وَقَضَى بِسَعَادَةِ مَنْ عَلِمَه مُطِيعاً، وشَقاوةِ مَنْ عَلِمَه عَاصِيًا، فَصَارَ لكلِّ مَنْ عَلِمه مَا هُوَ صائرٌ إِليه عِنْدَ حِسَابِه، فَذَلِكَ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ
؛ أَي مَا طار له بَدْأً فِي عِلْم اللَّهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ

(4/511)


وعِلْمُ الشَّهادةِ عِنْدَ كَوْنِهم يُوافقُ علْمَ الْغَيْبِ، والحجةُ تَلْزَمهُم بِالَّذِي يَعْمَلُونَ، وَهُوَ غيرُ مُخالف لِمَا عَلِمَه اللهُ مِنْهُمْ قَبْلَ كَوْنِهم. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَطَرْتُ الْمَالَ وطَيَّرْتُه بينَ القومِ فطارَ لكلٍّ مِنْهُمْ سَهْمُه أَي صارَ لَهُ وَخَرَجَ لَدَيْه سَهْمُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يذكرُ ميراثَ أَخيه بَيْنَ ورَثَتِه وحِيازةَ كُلِّ ذِي سهمٍ مِنْهُ سَهْمَه:
تَطيرُ عَدائِد الأَشْراكِ شَفْعاً ... ووَتْراً، والزَّعامةُ لِلْغُلام
والأَشْرَاكُ: الأَنْصباءُ، واحدُها شِرْكٌ. وَقَوْلُهُ شَفْعًا وَوَتْرًا أَي قُسِم لَهُمْ لِلذَّكَرِ مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وخَلَصَت الرِّياسةُ والسِّلاحُ لِلذُّكُورِ مِنْ أَولاده. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ ثَمُودَ وتَشاؤُمهم بِنَبِيّهم الْمَبْعُوثِ إِليهم صالحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
؛ مَعْنَاهُ مَا أَصابَكم مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَمِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ اطَّيَّرْنا تَشَاءَمْنا، وَهُوَ فِي الأَصل تَطَيَّرنا، فأَجابَهم اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: طائِرُكُمْ مَعَكُمْ
؛ أَي شُؤْمُكم معَكم، وَهُوَ كُفْرُهم، وَقِيلَ للشُؤْم طائرٌ وطَيْرٌ وطِيَرَة لأَن الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شأْنها عِيافةُ الطَّيْرِ وزَجْرُها، والتَّطَيُّرُ بِبَارِحها ونَعِيقِ غُرابِها وأَخْذِها ذَاتَ اليَسارِ إِذا أَثارُوها، فَسَمَّوُا الشُّؤْمَ طَيْراً وَطَائِرًا وطِيرَةً لتشَاؤُمهم بِهَا، ثُمَّ أَعْلَم اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى لِسَانِ
رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن طِيَرَتَهم بِهَا باطِلَةٌ. وَقَالَ: لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هامةَ
؛ وَكَانَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتفاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ
، وأَصْلُ الفَأْلِ الكلمةُ الحسَنةُ يَسْمعُها عَلِيلٌ فَيَتأَوَّلُ مِنْهَا مَا يَدُلّ عَلَى بُرْئِه كأَن سَمِع مُنَادِيًا نَادَى رَجُلًا اسْمُهُ سَالِمٌ، وَهُوَ عَليل، فأَوْهَمَه سلامَتَه مِنْ عِلّته، وَكَذَلِكَ المُضِلّ يَسْمع رَجُلًا يَقُولُ يَا واجدُ فيَجِدُ ضَالَّتَهُ؛ والطِّيَرَةُ مُضادّةٌ للفَأْلِ، وَكَانَتِ العربُ مَذهبُها فِي الفَأْلِ والطِّيَرَةِ واحدٌ فأَثبت النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الفَأْلَ واسْتَحْسَنه وأَبْطَلَ الطِّيَرَةَ ونَهَى عَنْهَا. والطِّيَرَةُ مِنِ اطَّيَّرْت وتطَيَّرت، وَمِثْلُ الطِّيَرة الخِيَرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ تطَيَّرْت مِنَ الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الطِّيَرَةُ، بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، مِثَالُ العِنَبةِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ الياءُ، وَهُوَ مَا يُتَشاءمُ بِهِ مِنَ الفَأْل الردِيء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُحِبُّ الفأْلَ ويَكْرَهُ الطِّيَرَةَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ مصدرُ تطَيَّر طِيَرَةً وتخَيَّر خِيَرَةً، قَالَ: وَلَمْ يَجِئْ مِنَ الْمَصَادِرِ هَكَذَا غَيْرُهُمَا، قَالَ: وأَصله فِيمَا يُقَالُ التطَيُّرُ بِالسَّوَانِحِ والبوارِح مِنَ الظبَاءِ والطَّيْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَصُدُّهم عَنْ مقاصِدِهم فنَفاه الشرْعُ وأَبْطَلَه وَنَهَى عَنْهُ وأَخْبَر أَنه لَيْسَ لَهُ تأْثيرٌ فِي جَلْب نَفْع وَلَا دَفْع ضَرَرٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثَلَاثَةٌ لَا يَسْلَم مِنْهَا أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ والحَسَدُ: والظنُّ، قِيلَ: فَمَا نصْنعُ؟ قَالَ: إِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، وإِذا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وإِذا ظَنَنْتَ فَلَا تُصَحِّحْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ
؛ أَصله تَطَيّرنا فأُدْغمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ واجْتُلِبَت الأَلفُ لِيصحَّ الابتداءُ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنّا إِلَّا ... وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُه بالتَّوَكُّل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ مَقْطُوعًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُسْتَثْنَى أَي إِلا قَدْ يَعْتَرِيه التَّطيُّرُ ويَسْبِقُ إِلى قَلْبه الكراهةُ، فَحُذِفَ اخْتِصَارًا وَاعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ؛ وَهَذَا كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
مَا فِينَا إِلا مَنْ هَمَّ أَوْ لَمَّ إِلا يَحْيَى بْنَ زكَرِيّا
، فأَظْهَر الْمُسْتَثْنَى، وَقِيلَ: إِن قولَه
وَمَا مِنَّا إِلا
مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَدْرَجَه فِي الْحَدِيثِ،

(4/512)


وإِنما جَعَل الطِّيَرَة مِنَ الشِّرك لأَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن الطَّيْرَ تجْلُب لَهُمْ نَفْعًا أَو تَدْفَعُ عَنْهُمْ ضرَراً إِذا عَمِلُوا بِمُوجَبه، فكأَنهم أَشركوه مَعَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ، وقولُه: وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهبُه بِالتَّوَكُّلِ مَعْنَاهُ أَنه إِذا خَطَرَ لَهُ عارضُ التَّطيُّرِ فَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَسَلَّمَ إِليه وَلَمْ يَعْمَلْ بِذَلِكَ الخاطرِ غفَره اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يُؤاخِذْه بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إياكَ وطِيراتِ الشَّباب
؛ أَي زلَّاتهم وعَثَراتهِم؛ جَمْعُ طِيرَة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الحَدِيد السَّرِيعِ الفَيْئَةِ: إِنه لَطَيُّورٌ فَيُّورٌ. وَفَرَسٌ مُطارٌ: حديدُ الفُؤاد ماضٍ. والتَّطايُر والاسْتِطارةُ: التفرُّق. واسْتَطارَ الغُبارُ إِذا انْتَشر فِي الْهَوَاءِ. وغُبار طَيَّارٌ ومُسْتَطِير: مُنْتَشر. وصُبْحٌ مُسْتَطِير. ساطِعٌ مُنْتَشِرٌ، وَكَذَلِكَ البَرْق والشَّيْب والشرُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
. واسْتَطارَ الفجرُ وَغَيْرُهُ إِذا انْتَشَرَ فِي الأُفُق ضَوءُهُ، فَهُوَ مُسْتَطِير، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِقُ البيّنُ الَّذِي يُحَرِّم عَلَى الصَّائِمِ الأَكلَ والشربَ والجماعَ، وَبِهِ تَحُلُّ صَلَاةُ الْفَجْرَ، وَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وأَما الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، بِاللَّامِ، فَهُوَ المُسْتَدقّ الَّذِي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان، وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود وَلَا يُحَرِّم عَلَى الصَّائِمِ شَيْئًا، وَهُوَ الصُّبْحُ الْكَاذِبُ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ السُّجُودِ وَالصَّلَاةِ ذكرُ الْفَجْرِ المُسْتَطِير، هُوَ الَّذِي انْتَشَرَ ضَوْءُهُ واعْتَرض فِي الأُفُقِ خِلَافَ الْمُسْتَطِيلِ؛ وَفِي حَدِيثِ
بَنِي قُرَيْظَةَ:
وهانَ عَلَى سَراةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ، بالبُوَيْرةِ، مُسْتَطِيرُ
أَي مُنْتَشِرٌ مُتَفَرِّقٌ كأَنه طارَ فِي نَوَاحِيهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ثارَ غضبُه: ثارَ ثائِرُه وطارَ طائِرُه وفارَ فائِرُه. وَقَدِ اسْتطارَ البِلى فِي الثَّوْبِ والصَّدْعُ فِي الزُّجاجة: تَبَيّن فِي أَجزائهما. واسْتَطارَت الزُّجاجةُ: تَبَيَّنَ فِيهَا الانصداعُ مِنْ أَوّلها إِلى آخِرِهَا. واسْتطارَ الحائطُ: انْصدَع مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ؛ واسْتطارَ فِيهِ الشَّقّ: ارْتَفَعَ. وَيُقَالُ: اسْتطارَ فلانٌ سَيْفَه إِذَا انْتَزَعه مِنْ غِمْدِه مُسْرعاً؛ وأَنشد:
إِذا اسْتُطِيرَتْ مِنْ جُفون الأَغْمادْ، ... فَقَأْنَ بالصَّقْع يَرابِيعَ الصادْ
واسْتطارَ الصَّدْعُ فِي الْحَائِطِ إِذا انْتَشَرَ فِيهِ. واسْتطارَ البَرْقُ إِذا انْتَشَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ. يُقَالُ: اسْتُطِيرَ فلانٌ يُسْتَطارُ اسْتِطارةً، فَهُوَ مُسْتَطار إِذا ذُغِرَ؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
مَتَى مَا تَلْقَني، فَرْدَينِ، تَرْجُفْ ... رَوانِفُ أَلْيَتَيكَ وتُسْتطارا
واسْتُطِير الفرسُ، فَهُوَ مُسْتَطارٌ إِذا أَسْرَع الجَرْيَ؛ وَقَوْلُ عَدِيٍّ:
كأَنَّ رَيِّقَه شُؤْبُوبُ غادِيةٍ، ... لَمَّا تَقَفَّى رَقِيبَ النَّقْعِ مُسْطارا
قِيلَ: أَراد مُسْتَطاراً فَحَذَفَ التَّاءَ، كَمَا قَالُوا اسْطَعْت واسْتَطَعْت. وتَطايَرَ الشيءُ: طَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خُذْ مَا تَطايَرَ مِنْ شَعرِك
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ شَعرِ رأْسِك
؛ أَي طَالَ وَتَفَرَّقَ. واسْتُطِير الشيءُ أَي طُيِّر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا الغُبارُ المُسْتطارُ انْعَقّا
وكلبٌ مُسْتَطِير كَمَا يُقَالُ فَحْلٌ هائِجٌ. وَيُقَالُ أَجْعَلَت الكلبةُ واسْتطارت إِذا أَرادت الفحلَ. وَبِئْرٌ مَطارةٌ: واسعةُ الفَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

(4/513)


كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها، ... هُوِيّ الرِّيحِ فِي جَفْرٍ مَطارِ
وطَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ إِذا أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ وَقَدْ طَيَّرَت هِيَ لَقَحاً ولَقاحاً كَذَلِكَ أَي عَجِلت باللِّقاح، وَقَدْ طارَتْ بِآذَانِهَا إِذا لَقِحَتْ، وإِذا كَانَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ حَمْل، فَهِيَ ضامِنٌ ومِضْمان وضَوامِنُ ومَضامِينُ، وَالَّذِي فِي بَطْنِهَا ملقوحةٌ وَمَلْقُوحٌ؛ وأَنشد:
طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح، ... فِي الهَيْجِ، قَبْلَ كلَبِ الرِّياحِ
وطارُوا سِراعاً أَي ذَهَبُوا. ومَطارِ ومُطارٌ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ؛ وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْزَةَ مُطاراً، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهَكَذَا أَنشد، هَذَا الْبَيْتَ:
حَتَّى إِذا كَانَ عَلَى مُطار
وَالرِّوَايَتَانِ جَائِزَتَانِ مَطارِ ومُطار، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَطَرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مُطار وَادٍ فِيمَا بَيْنَ السَّراة وَبَيْنَ الطَّائِفِ. والمُسْطارُ مِنَ الْخَمْرِ: أَصله مُسْتَطار فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وتَطايَرَ السحابُ فِي السَّمَاءِ إِذا عَمّها. والمُطَيَّرُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرود؛ وَقَوْلُ العُجَير السَّلُولِيِّ:
إِذا مَا مَشَتْ، نَادَى بِمَا فِي ثِيابها، ... ذَكِيٌّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطيَّرُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُطَيَّر هُنَا ضربٌ مِنْ صَنْعَتِهِ، وَذَهَبَ ابْنُ جِنِّي إِلى أَن المُطَيَّر الْعُودُ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بَدَلًا مِنَ المَنْدليِّ لأَن الْمَنْدَلِيَّ العُود الْهِنْدِيُّ أَيضاً، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ عَنِ المُطَرَّى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبني؛ وَقِيلَ: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَنْدَليّ مَنْسُوبٌ إِلى مَنْدَل بَلَدٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ الْعُودُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَة:
أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى، ... إِذا نِمْنا، أَلمَّ بِنَا فَزارا
كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، بَاتُوا ... بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قِمَارا
وقِمار أَيضاً: مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ العُود. وطارَ الشَّعْرُ: طالَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه ... سَلِيمُ رِماحٍ، لَمْ تَنَلْه الزَّعانِفُ
طِيرِي أَي اعْلَقي بِهِ. ومِخْراق: كَرِيمٌ لَمْ تَنَلْهُ الزَّعَانِفُ أَي النِّسَاءُ الزَّعَانِفُ، أَي لَمْ يَتزوّج لَئِيمَةً قَطُّ. سَلِيم رِماح أَي قَدْ أَصابته رماحٌ مِثْلُ سَلِيم الْحَيَّةِ. والطائرُ: فَرَسُ قَتَادَةَ بْنِ جَرِيرٍ. وَذُو المَطارة: جَبَلٌ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنانِ فَرسه فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَطِير عَلَى مَتْنِه
؛ أَي يُجْرِيه فِي الْجِهَادِ فَاسْتَعَارَ لَهُ الطَيرانَ. وَفِي حَدِيثِ
وابِصَة: فَلَمَّا قُتل عُثْمَانُ طارَ قَلْبي مَطارَه
أَي مَالَ إِلى جِهَةٍ يَهواها وَتَعَلَّقَ بِهَا. والمَطارُ: مَوْضِعُ الطيَرانِ.