لسان العرب فصل العين المهملة
عبر: عَبَرَ الرُؤيا يَعْبُرُها عَبْراً وعِبارةً وعبَّرها: فسَّرها
وأَخبر بما يؤول إِليه أَمرُها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنْ
كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ
؛ أَي إِن كُنْتُمْ تعْبُرون الرُّؤْيَا فَعَدَّاهَا بِاللَّامِ، كما
قال: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ؛ أَي رَدِفَكم؛ قَالَ
الزَّجَّاجُ: هَذِهِ اللَّامُ أُدْخِلت عَلَى الْمَفْعُولِ للتَّبْيين،
وَالْمَعْنَى إِن كُنْتُمْ تَعْبُرون وَعَابِرِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ
بِاللَّامِ فَقَالَ: لِلرُّؤْيَا، قَالَ: وَتُسَمَّى هَذِهِ اللَّامُ
لامَ التَّعْقِيبِ لأَنها عَقَّبَت الإِضافةَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
أَوصَل الْفِعْلَ بِاللَّامِ، كَمَا يُقَالُ إِن كُنْتَ لِلْمَالِ
جَامِعًا. واسْتعْبَرَه إِياها: سأَله تَعْبِيرَها. وَالْعَابِرُ:
الَّذِي يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ فيَعْبُره أَي يَعْتَبِرُ بَعْضَهُ
بِبَعْضٍ حَتَّى يَقَعَ فهمُه عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: عبَر
الرؤْيا واعتَبَر فُلَانٌ كَذَا، وَقِيلَ: أُخذ هَذَا كُلُّهُ مِنَ
العِبْرِ، وَهُوَ جانبُ النَّهْرِ، وعِبْرُ الْوَادِي وعَبْرُه؛
الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: شَاطِئُهُ وَنَاحِيَتُهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ
الذُّبْيَانِيُّ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ:
وَمَا الفُراتُ إِذا جاشَت غَوارِبهُ، ... ترْمي أَواذِيُّه
العِبْرَينِ بالزَّبَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَخَبَرُ مَا النَّافِيَةِ فِي بَيْتٍ بَعْدَهُ،
وَهُوَ:
يَوْمًا، بأَطيبَ مِنْهُ سَيْبَ نافلةٍ، ... وَلَا يَحُول عطاءُ
الْيَوْمِ دُون غَدِ
والسَّيْب: العطاءُ. وَالنَّافِلَةُ: الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
نافِلَةً. وَقَوْلُهُ:
(4/529)
وَلَا يَحُول عطاءُ الْيَوْمِ دون غد إِذا
أَعْطى الْيَوْمَ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَن يُعْطِي فِي غدٍ.
وغواربُه: مَا عَلَا مِنْهُ. والأَوَاذيُّ: الأَمواج، واحدُها آذِيٌّ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي ذَلِكَ العِبر أَي فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ.
وعَبَرْت النهرَ وَالطَّرِيقَ أَعْبُره عَبْراً وعُبوراً إِذا
قَطَعْتَهُ مِنْ هَذَا العِبْر إِلى ذَلِكَ العِبر، فَقِيلَ لِعَابِرِ
الرُّؤْيَا: عَابِرٌ لأَنه يتأَمل ناحيَتي الرُّؤْيَا فَيَتَفَكَّرُ
فِي أَطرافها، ويتدبَّر كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا وَيَمْضِي بِفِكْرِهِ
فِيهَا مِنْ أَول مَا رأَى النَّائِمُ إِلى آخِرِ مَا رأَى. وَرُوِيَ
عَنْ
أَبي رَزِين الْعَقِيلِيِّ: أَنه سَمِعَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الرُّؤْيا عَلَى رِجْل طَائِرٍ، فإِذا
عُبِّرت وقَعَت فَلَا تَقُصَّها إِلا عَلَى وادٍّ أَو ذِي رَأْيٍ
، لأَن الوادَّ لَا يُحبّ أَن يَسْتَقْبِلَكَ فِي تَفْسِيرِهَا إِلا
بِمَا تُحِبّ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْعِبَارَةِ لَمْ يَعْجَل
لَكَ بِمَا يَغُمُّك لَا أَن تَعْبِيرَه يُزِيلُها عَمَّا جَعَلَهَا
اللَّهُ عَلَيْهِ، وأَما ذُو الرأْي فَمَعْنَاهُ ذُو الْعِلْمِ
بِعِبَارَتِهَا، فَهُوَ يُخْبِرُك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرِهَا أَو
بأَقْرَب مَا يَعْلَمُهُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ أَن يَكُونَ فِي
تَفْسِيرِهَا موعظةٌ تَرْدَعُك عَنْ قَبِيحٍ أَنت عَلَيْهِ أَو يَكُونَ
فِيهَا بُشْرَى فَتَحْمَد اللَّهَ عَلَى النِّعْمَةِ فِيهَا. وَفِي
الْحَدِيثِ: الرُّؤْيَا لأَول عَابِرٍ؛ الْعَابِرُ: النَّاظِرُ فِي
الشَّيْءِ، والمُعْتَبِرُ: الْمُسْتَدِلُّ بِالشَّيْءِ عَلَى
الشَّيْءِ. وَفِي الحَديث:
لِلرُّؤْيَا كُنًى وأَسماءٌ فكنُّوها بكُناها واعتَبروها بأَسمائها.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: كَانَ يَقُولُ إِني أَعْتَبرُ الْحَدِيثَ
؛ الْمَعْنَى فِيهِ أَنه يُعَبِّر الرُّؤْيَا عَلَى الْحَدِيثِ
ويَعْتَبِرُ بِهِ كَمَا يَعْتبرها بِالْقُرْآنِ فِي تأْويلها، مِثْلُ
أَن يُعَبِّر الغُرابَ بِالرَّجُلِ الْفَاسِقِ، والضِّلَعَ بالمرأَة،
لأَن
النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، سَمَّىَ الغُرابَ فَاسِقًا
وَجَعَلَ المرأَة كالضِّلَع
، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكُنَى والأَسماء. وَيُقَالُ: عَبَرْت
الطَّيْرَ أَعْبُرها إِذا زجَرْتها. وعَبَّر عمَّا فِي نَفْسِهِ:
أَعْرَبَ وَبَيَّنَ. وعَبّر عَنْهُ غيرُه: عيِيَ فأَعْرَب عَنْهُ،
وَالِاسْمُ العِبْرةُ «3» . والعِبارة والعَبارة. وعَبّر عَنْ فُلَانٍ:
تكلَّم عَنْهُ؛ وَاللِّسَانُ يُعَبّر عَمَّا فِي الضَّمِيرِ. وعَبَرَ
بِفُلَانٍ الماءَ وعَبَّرَهُ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمِعْبَرُ:
مَا عُبِرَ بِهِ النَّهْرُ مِنْ فُلْكٍ أَو قَنْطَرة أَو غَيْرِهِ.
والمَعْبَرُ: الشطُّ المُهَيّأُ للعُبور. قَالَ الأَزهري:
والمِعْبَرَةُ سَفِينَةٌ يُعْبَرُ عَلَيْهَا النَّهْرُ. وَقَالَ ابْنُ
شُمَيْلٍ: عَبَرْت مَتاعي أَي باعَدْته. وَالْوَادِي يَعْبرُ السيلَ
عَنّا أَي يُباعِدُه. والعُبْرِيّ مِنَ السِّدْر: مَا نَبَتَ عَلَى
عِبْر النَّهْرِ وعَظُم، مَنْسُوبٌ إِليه نَادِرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا
لَا ساقَ لَهُ مِنْهُ، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا قارَب العِبْرَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ: العُبْرِيّ والعُمْرِيُّ مِنْهُ مَا شَرِبَ
الْمَاءَ؛ وأَنشد:
لَاثَ بِهِ الأَشاءُ والعُبْرِيُ
قَالَ: وَالَّذِي لَا يَشْرَبُ يَكُونُ بَرِّيّاً وَهُوَ الضالُ. قَالَ
وَإِنْ كَانَ عِذْياً فَهُوَ الضَّالُّ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للسدْر
وَمَا عظُم مِنَ الْعَوْسَجِ العُبْريّ. والعُمْرِيُّ: القديمُ مِنَ
السِّدْرِ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْت، إِذا تَخَوَّفْتَ العَواطِي، ... ضُروبَ السدْرِ عُبْرِيّاً
وَضَالَا
وَرَجُلٌ عابرُ سبيلٍ أَي مَارُّ الطَّرِيقِ. وعَبرَ السبيلَ
يَعْبُرُها عُبوراً: شَقَّها؛ وَهُمْ عابرُو سبيلٍ وعُبّارُ سَبِيلٍ،
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
؛ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَن تَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ فِي
الْمَسْجِدِ وبيتُه بالبُعد فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيَخْرُجُ
مُسْرِعاً. وَقَالَ الأَزهري: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
، مَعْنَاهُ إِلا مُسَافِرِينَ، لأَن
__________
(3) . قوله: [والاسم العبرة] هكذا ضبط في الأَصل وعبارة القاموس وشرحه:
والاسم العبرة، بالفتح كما هو مضبوط في بعض النسخ وفي بعضها بالكسر
(4/530)
الْمُسَافِرَ يُعْوِزُه الْمَاءُ، وَقِيلَ:
إِلا مَارِّينَ فِي الْمَسْجِدِ غَير مُرِيدين الصَّلَاةَ. وَعَبَرَ
السَّفَر يعبُره عَبراً: شَقّة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والشِّعْرَى
العَبور، وَهُمَا شِعْريانِ: أَحدُهما الغُمَيصاء، وَهُوَ أَحدُ
كوكَبَي الذِّرَاعَيْنِ، وأَما العَبور فَهِيَ مَعَ الجوْزاء تكونُ
نيِّرةً، سُمّيت عَبوراً لأَنها عَبَرت المَجَرَّةَ، وَهِيَ
شَامِيَّةٌ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن الأُخرى بَكَتْ عَلَى إِثْرِها
حَتَّى غَمِصَت فسُمّيت الغُمَيْصاءَ. وَجَمَلٌ عُبْرُ أَسفارٍ
وَجِمَالٌ عُبْرُ أَسفارٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ
وَالْمُؤَنَّثُ مِثْلُ الفُلك الَّذِي لَا يَزَالُ يُسافَر عَلَيْهَا،
وَكَذَلِكَ عِبْر أَسفار، بِالْكَسْرِ. وَنَاقَةٌ عُبْر أَسْفارٍ
وسفَرٍ وعَبْرٌ وعِبْرٌ: قويَّةٌ عَلَى السَّفَرِ تشُقُّ مَا مَرَّتْ
بِهِ وتُقْطعُ الأَسفارُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الْجَرِيءُ
عَلَى الأَسفَارِ الْمَاضِي فِيهَا الْقَوِيُّ عَلَيْهَا. والعِبَارُ:
الإِبل الْقَوِيَّةُ عَلَى السَّيْرِ. والعَبَّار: الْجَمَلُ
الْقَوِيُّ عَلَى السَّيْرِ. وعَبَر الكتابَ يعبُره عَبْراً: تدبَّره
فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِقِرَاءَتِهِ. قَالَ الأَصمعي:
يُقَالُ فِي الْكَلَامِ لَقَدْ أَسرعت اسْتِعبارَك لِلدَّرَاهِمِ أَي
اسْتِخْرَاجَكَ إِياها. وعَبَرَ المتاعَ وَالدَّرَاهِمَ يَعْبُرُهَا:
نَظر كَمْ وزْنُها وَمَا هِيَ، وعبَّرها: وزنَها دِينَارًا دِينَارًا،
وَقِيلَ عَبَّرَ الشيءَ إِذا لَمْ يُبَالِغْ فِي وَزْنِهِ أَو
كَيْلِهِ، وَتَعْبِيرُ الدَّرَاهِمِ وزنُها جُمْلَةً بَعْدَ
التَّفَارِيقِ. والعِبْرة: الْعَجَبُ. واعْتَبَر مِنْهُ: تَعَجَّبَ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصارِ
؛ أَي تَدَبَّرُوا وانظُروا فِيمَا نَزَلَ بقُرَيْظةَ وَالنَّضِيرِ،
فقايِسوا فِعالَهم واتّعِظُوا بِالْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: كَانَتْ عِبَراً
كلُّها
؛ العِبَرُ: جمعُ عِبْرة، وَهِيَ كالمَوْعِظة مِمَّا يَتّعِظُ بِهِ
الإِنسان ويَعمَلُ بِهِ ويَعتبِر لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
والعِبْرة: الاعتبارُ بِمَا مَضَى، وَقِيلَ: العِبْرة الِاسْمُ مِنَ
الِاعْتِبَارِ. الْفَرَّاءُ: العَبَرُ الِاعْتِبَارُ، قَالَ:
وَالْعَرَبُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَعبَرُ الدُّنْيَا
وَلَا يَعْبُرها أَي مِمَّنْ يَعْتَبِرُ بِهَا وَلَا يَمُوتُ سَرِيعًا
حَتَّى يُرْضيَك بِالطَّاعَةِ. والعَبورُ: الْجَذَعَةُ مِنَ الْغَنَمِ
أَو أَصغر؛ وعيَّنَ اللِّحْيَانِيُّ ذَلِكَ الصِّغَرَ فَقَالَ:
الْعَبُورُ مِنَ الْغَنَمِ فَوْقَ الفَطيم مِنْ إِنَاثِ الْغَنَمِ،
وَقِيلَ: هِيَ أَيضاً الَّتِي لَمْ تَجُز عامَها، وَالْجَمْعُ
عَبَائِرُ. وَحُكِيَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لِي نَعْجَتَانِ وَثَلَاثُ
عبائرَ. والعَبِير: أَخْلاطٌ مِنَ الطِّيبِ تُجْمَع بِالزَّعْفَرَانِ،
وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ
عِنْدَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَروس، ... فِي الصَّيْفِ، رَقْرَقْت فِيهِ
العَبيرا
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وسِرْب تَطَلَّى بالعَبير، كأَنه ... دِماءُ ظِبَاءٍ بِالنُّحُورِ
ذَبِيحُ
ابْنُ الأَعرابي: العبيرُ الزَّعْفَرَانَةُ، وَقِيلَ: العبيرُ ضرْبٌ
مِنَ الطِّيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتَعْجَزُ إِحْداكُنّ أَن تَتَّخِذَ تُومَتينِ ثُمَّ تَلْطَخَهما
بِعَبِيرٍ أَو زَعْفَرَانٍ؟
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَن الْعَبِيرَ غيرُ الزَّعْفَرَانِ؛
قَالَ ابْنُ الأَثير: العَبيرُ نوعٌ مِنَ الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمع
مِنْ أَخْلاطٍ. والعَبْرة: الدَّمْعة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْهَمِل
الدَّمْعُ وَلَا يُسْمَعَ الْبُكَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ الدَّمْعَةُ
قَبْلَ أَن تَفيض، وَقِيلَ: هِيَ تردُّد الْبُكَاءِ فِي الصَّدْرِ،
وَقِيلَ: هِيَ الْحُزْنُ بِغَيْرِ بُكَاءٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛
وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
(4/531)
وإِنّ شِفائي عَبْرةٌ لَوْ سَفَحْتُها
الأَصمعي: وَمِنْ أَمثالهم فِي عِنَايَةِ الرَّجُلِ بأَخيه وإِيثارِه
إِياه عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُمْ: لَكَ مَا أَبْكِي وَلَا عَبْرَةَ
بِي؛ يُضْرَب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَشْتَدُّ اهْتِمَامُهُ بشأْن أَخيه،
ويُرْوَى: وَلَا عَبْرَة لِي، أَي أَبكي مِنْ أَجْلِك وَلَا حُزْن لِي
فِي خَاصَّةِ نَفْسِي، وَالْجَمْعُ عَبَرات وعِبَر؛ الأَخيرة عَنِ
ابْنِ جِنِّي. وعَبْرةُ الدمعِ: جرْيُه. وعَبَرَتْ عينُه واسْتَعْبَرت:
دمَعَتْ. وعَبَر عَبْراً واسْتَعْبَر: جرَتْ عَبْرتُه وَحَزِنَ.
وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: عَبِر الرجلُ يعبَرُ عَبَراً إِذا
حَزِنَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه ذكَرَ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَعْبَر فَبَكَى
؛ هُوَ استفْعل مِنَ العَبْرة، وَهِيَ تحلُّب الدَّمْعِ. وَمِنْ دُعاء
الْعَرَبِ عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ سَهِر وعَبِر. وامرأَة عابرٌ
وعَبْرى وعَبِرةٌ: حَزِينَةٌ، والجمع عَبارى؛ قال الحرث بْنُ وعْلةَ
الجَرْمي، وَيُقَالُ هُوَ لِابْنِ عَابِسٍ الْجَرْمِيِّ:
يَقُولُ لِيَ النَّهْديُّ: هَلْ أَنتَ مُرْدِفي؟ ... وَكَيْفَ ردافُ
الفَرِّ؟ أُمُّك عابرُ
أَي ثَاكِلٌ
يُذَكّرُني بالرُّحْمِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ... وَقَدْ كَانَ فِي
نَهْدٍ وجَرْمٍ تدارُ
أَي تُقَاطَعُ
نجوْت نَجَاءً لَمْ يَرَ الناسُ مثلَه، ... كأَني عُقابٌ عِنْدَ
تَيْمَنَ كاسِرُ
والنَّهْديّ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَهْد يُقَالُ لَهُ سَلِيط، سأَل الحرث
أَن يُرْدِفَه خَلْفه لينجُوَ بِهِ فأَبى أَن يُرْدِفَه، وأَدركت بَنُو
سَعْدٍ النَّهْدِيّ فَقَتَلُوهُ. وعينٌ عَبْرى أَي بَاكِيَةٌ. وَرَجُلٌ
عَبرانُ وعَبِرٌ: حزِينٌ. والعُبْرُ: الثَّكْلى. والعُبْرُ: الْبُكَاءُ
بالحُزْن؛ يُقَالُ: لأُمِّه العُبْرُ والعَبَرُ. والعَبِرُ
والعَبْرانُ: الْبَاكِي. والعُبْر والعَبَر: سُخْنةُ الْعَيْنِ مِنْ
ذَلِكَ كأَنه يَبْكي لِمَا بِهِ. والعَبَر، بِالتَّحْرِيكِ: سُخنة فِي
الْعَيْنِ تُبكيها. ورأَى فُلَانٌ عُبْرَ عَيْنِهِ فِي ذَلِكَ الأَمر
وأَراه عُبْرَ عَيْنِهِ أَي مَا يُبْكِيهَا أَو يُسْخِنها. وعَبَّر
بِهِ: أَراه عُبْرَ عَيْنِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومِنْ أَزْمَة حَصَّاءَ تَطْرَحُ أَهلَها ... عَلَى مَلَقِيَّات
يُعَبِّرْنَ بالغُفْر
وَفِي حَدِيثِ
أُمْ زَرْعٍ: وعُبْر جارتِها
أَي أَن ضَرَّتَها تَرَى مِنْ عِفَّتِها مَا تَعْتَبِرُ بِهِ، وَقِيلَ:
إِنها تَرَى مِنْ جَمالِها مَا يُعَبِّرُ عَيْنَهَا أَي يُبكيها.
وامرأَة مُسْتَعْبِرة ومُسْتَعْبَرَة: غَيْرُ حَظِيَّةٍ؛ قَالَ
القُطامي:
لَهَا روْضة فِي الْقَلْبِ لَمْ تَرْعَ مِثْلَها ... فَرُوكٌ، وَلَا
المُسْتَعْبِرات الصَّلائف
والعُبْر، بِالضَّمِّ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ غَلَبَ
عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ. والعُبْر: جَمَاعَةُ الْقَوْمِ؛
هُذَلِيَّةٌ عَنْ كُرَاعٍ. وَمَجْلِسٌ عِبْر وعَبْر: كَثِيرُ الأَهل.
وَقَوْمٌ عَبِير: كَثِيرٌ. والعُبْر: السَّحَائِبُ الَّتِي تَسِيرُ
سَيْرًا شَدِيدًا. يُقَالُ: عَبَّرَ بِفُلَانٍ هَذَا الأَمرُ أَي
اشْتَدَّ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
مَا أَنا والسَّيْرَ فِي مَتْلَفٍ، ... يُعَبِّرُ بالذَّكَر الضَّابِط
وَيُقَالُ: عَبَرَ فُلَانٌ إِذا مَاتَ، فَهُوَ عَابِرٌ، كأَنه عَبَرَ
سبيلَ الْحَيَاةِ. وعبَرَ القومُ أَي مَاتُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنْ نَعْبُرْ فإِنَّ لَنَا لُمَاتٍ، ... وإِنْ نَعْبُرْ فَنَحْنُ
عَلَى نُذُور
(4/532)
يقول: إِن متنا قلنا أَقرانٌ، وإِن بَقينا
فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كأَن لَنَا فِي إِتيانه
نَذْرًا. وَقَوْلُهُمْ: لُغَةٌ عابِرَة أَي جَائِزَةٌ. وَجَارِيَةٌ
مُعْبَرَة: لَمْ تُخْفَض. وأَعبَر الشَّاةَ: وفَّر صُوفَهَا. وَجَمَلٌ
مُعْبَر: كَثِيرُ الوبَر كأَن وَبَرَهُ وُفِّر عَلَيْهِ وإِن لَمْ
يَقُولُوا أَعْبَرْته؛ قَالَ:
أَو مُعْبَرُ الظَّهْر يُنْبى عَنْ وَلِيَّتِهِ، ... مَا حَجَّ رَبُّه
فِي الدُّنْيَا وَلَا اعْتَمَرَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَبَرَ الكَبشَ تَرَكَ صُوفَهُ عَلَيْهِ
سَنَةً. وأَكْبُشٌ عُبرٌ إِذا تَرَكَ صُوفَهَا عَلَيْهَا، وَلَا أَدري
كَيْفَ هَذَا الْجَمْعُ. الْكِسَائِيُّ: أَعْبَرْت الْغَنَمَ إِذا
تَرَكْتَهَا عَامًا لَا تُجزّها إِعْباراً. وَقَدْ أَعْبَرْت الشَّاةَ،
فَهِيَ مُعْبَرَة. والمُعْبَر: التَّيْسُ الَّذِي تُرِكَ عَلَيْهِ
شَعْرُهُ سَنَوَاتٌ فَلَمْ يُجَزَّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازم
يَصِفُ كَبْشًا:
جَزيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرة، ... حديثُ الخِصَاء وارمُ
العَفْل مُعْبَرُ
أَي غَيْرُ مَجْزُوزٍ. وَسَهْمٌ مُعْبَرٌ وعَبِرٌ: مَوْفُور الرِّيشِ
كالمُعْبَر مِنَ الشَّاءِ والإِبل. ابْنُ الأَعرابي: العُبْرُ مِنَ
النَّاسِ القُلْف، وَاحِدُهُمْ عَبُورٌ. وَغُلَامٌ مُعْبَرٌ: كادَ
يَحْتلم وَلَمْ يُخْتَن بَعْدُ؛ قَالَ:
فَهْوَ يُلَوِّي باللِّحاءِ الأَقْشَرِ، ... تَلْويَةَ الخاتِن زُبَّ
المُعْبَرِ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَن، قارَب الِاحْتِلَامَ أَو لَمْ
يُقارِب. قَالَ الأَزهري: غُلَامٌ مُعْبَرٌ إِذا كادَ يحتلم ولم
يُخْتَن. وقالوا فِي الشَّتْمِ: يَا ابْنَ المُعْبَرَة أَي العَفْلاء،
وأَصله مِنْ ذَلِكَ. والعُبْرُ: العُقاب، وَقَدْ قِيلَ: إِنه العُثْرُ،
بِالثَّاءِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَنَاتُ عِبْرٍ:
الْبَاطِلُ؛ قَالَ:
إِذا مَا جِئْتَ جَاءَ بناتُ عِبْرٍ، ... وإِن ولَّيْتَ أَسْرَعْنَ
الذَّهابا
وأَبو بناتِ عِبْرٍ: الكَذَّاب. والعُبَيْراءُ، مَمْدُودٌ: نَبْتٌ؛
عَنْ كُرَاعٍ حَكَاهُ مَعَ الغُبَيْراء. والعَوْبَرُ: جِرْوُ الفَهْد؛
عَنْ كُرَاعٍ أَيضاً. والعَبْرُ وَبَنُو عَبْرَة، كِلَاهُمَا:
قَبِيلَتَانِ. والعُبْرُ: قَبِيلَةٌ. وعابَرُ بنُ أَرْفَخْشَذ بْنِ
سَامِ بْنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. والعِبْرانية: لُغَةُ
الْيَهُودِ. والعِبْري، بِالْكَسْرِ: العِبْراني، لُغَةُ الْيَهُودِ.
عبثر: العَبَوْثَرانُ والعَبَيْثَرانُ: نَبَاتٌ كالقَيْصوم فِي
الغُبْرة إِلا أَنه طَيِّب للأَكل، لَهُ قُضْبان دِقاق طَيِّبُ
الرِّيحِ، وَتُفْتَحُ الثَّاءُ فِيهِمَا وَتُضَمُّ أَربع لُغَاتٍ.
وَقَالَ الأَزهري: هُوَ نَبَاتٌ ذَفِرُ الرِّيحِ؛ وأَنشد:
يَا رِيَّها إِذا بَدَا صُناني، ... كأَنني جَاني عَبَيْثَرَانِ
قَالَ الأَزهري: شَبَّهَ ذَفَرَ صُنانه بذَفَر هَذِهِ الشَّجَرَةِ.
والذَّفَر: شِدَّةُ ذَكَاءِ الرَّائِحَةِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو
خَبِيثَةٌ، وأَما الدَّفَر، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَلَا يَكُونُ
إِلا لِلْمُنْتِنِ. وَالْوَاحِدَةُ عَبَوْثَرانة وعَبَيْثَرانة، فإِذا
يَبِسَتْ ثَمَرَتُهَا عَادَتْ صَفْرَاءَ كَدْراء. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: ذاتُ حَوْذَان وَعَبَيْثَران
، وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مِنْ نَبَاتِ الْبَادِيَةِ.
وَيُقَالُ: عَبَوْثَران، بِالْوَاوِ وَتَفْتَحُ الْعَيْنُ وَتُضَمُّ.
وعَباثِرُ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ فِي أَنه جَمْعُ اسْمٍ لِلْوَاحِدِ
كحَضَاجر؛ قَالَ كُثَيِّر:
ومَرّ فأَرْوى يَنْبُعاً فَجُنُوبَه، ... وَقَدْ جِيدَ مِنْهُ حَيْدَةٌ
فَعَباثِرُ
وعَبْثَرٌ: اسْمٌ. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي عَبَيْثَرانِ شَرٍّ
(4/533)
وعَبَوْثَران شَرٍّ وعُبَيْثَرة شَرٍّ إِذا
وَقَعَ فِي أَمر شَدِيدٍ. قَالَ: والعَبَيثرانُ شَجَرَةٌ طَيِّبَةُ
الرِّيحِ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ لَا يَكادُ يَتَخلص مِنْهَا مَنْ
شَاكَهَا، يُضْرَبُ مَثَلًا لكل أَمر شديد.
عبجر: العَبَنْجَر: الغليظ.
عبسر: العُبْسور مِنَ النُّوق: السَّرِيعَةُ. الأَزهري: العُبْسور
الصلْبة.
عبقر: عَبْقَر: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ كَثِيرُ الْجِنِّ. يُقَالُ فِي
الْمَثَلِ: كأَنهم جِنُّ عَبْقَر؛ فأَما قَوْلُ مَرَّار بْنِ مُنْقِذٍ
العَدَوي:
هَلْ عَرَفْتَ الدارَ أَم أَنكرتَهَا ... بَيْنَ تِبْراكٍ فَشَمَّيْ
عَبَقُرْ؟
وَفِي الصِّحَاحِ: فَشَسَّيْ عَبَقُرْ، فإِن أَبا عُثْمَانَ ذَهَبَ
إِلى أَنه أَراد عَبْقَر فَغَيَّرَ الصِّيغَةَ؛ وَيُقَالُ: أَراد
عبَيْقُر فَحَذَفَ الْيَاءَ، وَهُوَ وَاسِعٌ جِدًّا؛ قَالَ الأَزهري:
كأَنه تَوَهَّمَ تَثْقِيلَ الرَّاءِ وَذَلِكَ أَنه احْتَاجَ إِلى
تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ، فَلَوْ تَرَكَ الْقَافَ عَلَى
حَالِهَا مَفْتُوحَةً لَتَحَوَّلَ الْبِنَاءُ إِلى لَفْظٍ لَمْ يَجِئْ
مِثْلُهُ، وَهُوَ عَبَقَر، لَمْ يَجِئْ عَلَى بِنَائِهِ مَمْدُودٌ
وَلَا مُثَقَّل، فَلَمَّا ضَمَّ الْقَافَ تَوَهَّمَ بِهِ بِنَاءَ
قَرَبوسٍ وَنَحْوِهِ وَالشَّاعِرُ يَجُوزُ لَهُ أَن يَقْصِر [يَقْصُر]
قَرْبُوسَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ فَيَقُولُ قَرَبُس، وأَحسن مَا
يَكُونُ هَذَا الْبِنَاءُ إِذا ذَهَبَ حَرْفُ الْمَدِّ مِنْهُ أَن
يُثْقِلَ آخِرَهُ لأَن التَّثْقِيلَ كَالْمَدِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
إِنه لَمَّا احْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ
وتَوَهَّمَ تَشْدِيدَ الرَّاءِ ضَمَّ الْقَافَ لِئَلَّا يَخْرُجَ إِلى
بِنَاءٍ لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ فأَلحقه ببناءٍ جَاءَ فِي المَثَل،
وَهُوَ قَوْلِهِمْ هُوَ أَبْردُ مِنْ عَبَقُرٍّ، وَيُقَالُ: حَبَقُرٍّ
كأَنهما كَلِمَتَانِ جُعِلَتا وَاحِدَةً لأَن أَبا عَمْرِو بْنَ
الْعَلَاءِ يَرْوِيهِ أَبرد مِنْ عَبِّ قُرٍ؛ قَالَ: والعَبُّ اسْمٌ
للبَرَد الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ المُزْن، وَهُوَ حَبُّ الغَمام،
فَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْحَاءِ. والقُرُّ: البَردُ؛ وأَنشد:
كأَنَّ فَاهَا عَبُّ قُرٍ باردٌ، ... أَو ريحُ مِسْكٍ مَسَّه تَنْضاحُ
رِكْ
وَيُرْوَى:
كأَنَّ فَاهَا عَبْقَرِيٌّ بَارِدٌ
والرِّكُّ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ، وتَنْضاحُهُ: ترشُّشه. الأَزهري:
يُقَالُ إِنه لأَبْرَدُ مِنْ عَبَقُرٍّ وأَبرد مِنْ حَبَقُرٍّ وأَبرد
مِنْ عَضْرَسٍ؛ قَالَ: والحَبَقُرُّ والعَبَقُرُّ والعَضْرَسُ
البَرَدُ. الأَزهري: قَالَ الْمُبَرِّدُ عَبَقُرٌّ والعَبَقُرُّ
البَرَد. الْجَوْهَرِيُّ: العَبْقَرُ مَوْضِعٌ تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه
مِنْ أَرض الْجِنِّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ومَنْ فادَ مِنْ إِخوانِهِم وبَنِيهِمُ، ... كُهُول وشُبَّان كجنَّةِ
عَبْقَرِ
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السبيلِ عليهمُ ... بَهيّاً مِنَ السُّلَّافِ،
لَيْسَ بِجَيْدَر
أَي قَصِيرٌ؛ وَمِنْهَا:
أَقي العِرضَ بِالْمَالِ التِّلادِ، وأَشْتَري ... بِهِ الحمدَ، إِن
الطالبَ الْحَمْدَ مُشْتَري
وَكَمْ مُشْتَرٍ من ماله حُسْنَ صِيته ... لِآبائِهِ فِي كُلِّ مَبْدًى
ومَحْضَرِ
ثُمَّ نَسَبُوا إِليه كُلَّ شَيْءٍ تَعَجَّبُوا مِنْ حِذْقِهِ أَو
جَوْدة صَنْعَتِهِ وَقُوَّتِهِ فَقَالُوا: عَبْقَرِيٌّ، وَهُوَ وَاحِدٌ
وَجَمْعٌ، والأُنثى عَبْقَرِيَّةٌ؛ يُقَالُ: ثِيَابٌ عَبْقَرِيَّةٌ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ العَبْقرُ مَوْضِعٌ
صَوَابُهُ أَن يَقُولَ عَبْقَرٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ لأَنه اسْمُ
عَلَمٍ لِمَوْضِعٍ؛ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنّ صَليلَ المَرْوِ، حِينَ تشدُّهُ، ... صَليلُ زُيُوفٍ
يُنْتَقَدْنَ بعَبْقَرا
(4/534)
وَكَذَلِكَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
حَتَّى كأَنَّ رِياض القُفِّ أَلْبَسَها، ... مِنْ وشْيِ عَبْقَر،
تَجْليلٌ وتَنْجِيدُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: عَبْقَر قَرْيَةٌ تَسْكُنُهَا الْجِنُّ فِيمَا
زَعَمُوا، فكلَّما رأَوا شَيئاً فَائِقًا غَرِيبًا مِمَّا يَصْعُبُ
عملُه ويَدِقُّ أَو شَيْئًا عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ نَسَبُوهُ إِليها
فَقَالُوا: عَبْقَرِيٌّ، اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى سُمِّيَ بِهِ
السَّيِّدُ وَالْكَبِيرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَسْجُدُ عَلَى عَبْقَرِيٍ
؛ وَهِيَ هَذِهِ البُسُط الَّتِي فِيهَا الأَصْباغ والنُّقوش، حَتَّى
قَالُوا ظُلْمٌ عَبْقَرِيٌّ، وَهَذَا عبقريُّ قَوْمٌ لِلرَّجُلِ
الْقَوِيِّ، ثُمَّ خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا تعارَفوه: فقال
عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ
؛ وقرأَه بَعْضُهُمْ: عَباقِريّ، وَقَالَ: أَراد جَمْعَ عَبْقَرِيٍّ،
وَهَذَا خطأٌ لأَن الْمَنْسُوبَ لَا يُجْمَعُ عَلَى نِسْبَتِهِ ولا
سيما الرُّبَاعِيُّ، لَا يُجْمَع الخَثْعَمِيُّ بالخَثاعِمِيّ وَلَا
المُهَلَّبِيُّ بالمَهالِبِيّ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا أَن
يَكُونَ نُسِب إِلى اسْمٍ عَلَى بِنَاءِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ تَمَامِ
الِاسْمِ نَحْوَ شَيْءٍ تَنْسُبُهُ إِلى حَضاجِر فَتَقُولُ حضاجِرِيّ،
فَيُنْسَبُ كَذَلِكَ إِلى عباقِر فَيُقَالُ عباقِرِيّ، والسراويلُ
وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ حُذَّاق
النَّحْوِيِّينَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِيِّ؛ قَالَ
الأَزهري: وَقَالَ شِمْرٌ قُرِئَ
عباقَريّ
، بِنَصْبِ الْقَافِ، وكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى عباقِر. قَالَ
الْفَرَّاءُ: العَبْقَرِيّ الطنافِس الثخانُ، وَاحِدَتُهَا عَبقريّة،
والعَبْقَرِيّ الدِّيبَاجُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يَسْجُدُ عَلَى عَبْقَرِيّ.
قِيلَ: هُوَ الدِّيبَاجُ، وَقِيلَ: البسُط المَوْشِيّة، وَقِيلَ:
الطَّنَافِسُ الثِّخَانُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الزَّرابيّ، وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ عِتاقُ الزَّرَابِيِّ، وَقَدْ قَالُوا
عَباقِر مَاءٌ لِبَنِي فَزَارَةَ؛ وأَنشد لِابْنِ عَنمة:
أَهْلي بِنَجْدٍ ورحْلي فِي بيوتكمُ، ... عَلَى عباقِرَ مِنْ غَوْريّة
العلَم
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَبْقَرِيّ والعَباقري ضَرْبٌ مِنَ الْبُسُطِ،
الْوَاحِدَةُ عَبْقَرِيّة. قَالَ: وعَبْقَر قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ
تُوَشَّى فِيهَا الثِّيَابُ وَالْبُسُطُ، فَثِيَابُهَا أَجود
الثِّيَابِ فَصَارَتْ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْسُوبٍ إِلى شَيْءٍ رَفِيعٍ،
فَكُلَّمَا بَالَغُوا فِي نَعْتِ شَيْءٍ مُتَناهٍ نَسَبُوهُ إِليه،
وَقِيلَ: إِنما يُنْسَب إِلى عَبْقَر الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْجِنِّ،
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَا وَجَدْنَا أَحداً يَدْرِي أَين هَذِهِ
الْبِلَادُ وَلَا مَتَى كَانَتْ. وَيُقَالُ: ظُلْمٌ عَبْقَرِيّ ومالٌ
عَبْقَرِيّ وَرَجُلٌ عَبْقَرِيّ كَامِلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قصَّ رُؤيا رَآهَا وَذَكَرَ عمرَ فِيهَا فَقَالَ: فَلَمْ أَرَ
عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه
؛ قَالَ الأَصمعي: سأَلت أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنِ
العَبْقَرِيّ، فَقَالَ: يُقَالُ هَذَا عَبْقَرِيُّ قومٍ، كَقَوْلِكَ
هَذَا سيدُ قَوْمٍ وَكَبِيرُهُمْ وَشَدِيدُهُمْ وقويُّهم وَنَحْوِ
ذَلِكَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما أَصل هَذَا فِيمَا يُقَالُ أَنه
نُسِبَ إِلى عَبْقَر، وَهِيَ أَرض يَسْكُنُهَا الجنُّ، فَصَارَتْ
مَثَلًا لِكُلِّ مَنْسُوبٍ إِلى شَيْءٍ رَفِيعٍ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
بِخَيْلٍ عَلَيْهَا جِنَّةٌ عَبْقَريةٌ، ... جَديرون يَوْمًا أَن
يَنالوا فيَسْتَعْلُوا
وَقَالَ: أَصل العَبْقَرِيّ صفةٌ لِكُلِّ مَا بُولِغَ فِي وَصْفِهِ،
وأَصله أَن عَبْقَرَ بَلَدٌ يُوشَّى فِيهِ البسُط وغيرُها، فنُسب كُلُّ
شَيْءٍ جَيِّدٍ إِلى عَبْقَر. وعَبْقَريُّ القومِ: سيدُهم، وَقِيلَ:
العَبْقَريّ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، والعَبْقَريّ:
الشَّدِيدُ، والعَبْقَرِيُّ: السَّيِّدُ مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ
الْفَاخِرُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْجَوْهَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وأَما عَبَقُرٌ فَقِيلَ أَصله عَبَيْقُرٌ، وَقِيلَ: عَبَقُور
فَحُذِفَتِ الْوَاوُ، وَقَالَ: وَهُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ نَفْسُهُ.
(4/535)
والعَبْقَرُ والعَبْقَرةُ مِنَ النِّسَاءِ:
المرأَة التَّارَّةُ الْجَمِيلَةُ؛ قَالَ:
تَبَدَّلَ حِصْنٌ بأَزواجه ... عِشاراً، وعَبقرةً عَبْقَرا
أَراد عَبْقَرَةً عَبْقَرَةً فأَبدل مِنَ الْهَاءِ أَلفاً لِلْوَصْلِ،
وعَبْقَر: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عِصَامٍ: عينُ الظَّبْية العَبْقَرةِ
؛ يُقَالُ: جَارِيَةٌ عَبْقَرةٌ أَي ناصِعَةُ اللَّوْنِ، وَيَجُوزُ أَن
تَكُونَ واحدةَ العَبْقَرِ، وَهُوَ النرْجِسُ تُشَبَّهُ بِهِ
الْعَيْنُ. والعَبْقَرِيّ: البساطُ المُنَقّش. والعَبْقَرةُ: تَلأْلُؤُ
السَّرَابِ. وعَبْقَرَ السرابُ: تَلأْلأَ. والعَبَوْقَرة: اسْمُ
مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْهَجَرِيُّ: هُوَ جَبَلٌ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ
مِنَ السَّيالة قَبْلَ مَللٍ بِمَيْلَيْنِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
أَهاجَك بالعَبَوْقَرةِ الدِّيارُ؟ ... نَعَمْ مِنَّا مَنازِلُها
قِفارُ
والعَبْقَرِيّ: الْكَذِبُ الْبَحْتُ. كَذِبٌ عَبْقَرِيٌّ وسُمَاقٌ أَي
خَالِصٌ لَا يَشوبُه صِدْق. قَالَ اللَّيْثُ: والعَبْقَرُ أَول مَا
يَنْبُتُ مِنْ أُصول الْقَصَبِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ غضٌّ رَخْصٌ قَبْلَ
أَن يَظْهَرَ مِنَ الأَرض، الْوَاحِدَةُ عَبْقَرة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كَعَبْقَراتِ الحائرِ المَسْحور
قَالَ: وأَولادُ الدهاقِين يُقَالُ لَهُمْ عَبْقر، شبَّههمِ لتَرارتِهم
ونَعْمتِهم بالعَبْقَر؛ هَكَذَا رأَيت فِي نُسَخِ التَّهْذِيبِ، وَفِي
الصِّحَاحِ: عُنْقُرُ القَصَب أَصْلُه، بِزِيَادَةِ النُّونِ، وَهَذَا
يَحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ، والله أَعلم بالصواب.
عبهر: العَبْهَرُ: الْمُمْتَلِئُ شِدَّةً وغِلَظاً. وَرَجُلٌ عَبْهَرٌ:
مُمْتَلِئُ الْجِسْمِ. وامرأَة عَبْهَرٌ وعَبْهَرة. وقَوْس عَبْهَر:
مُمْتَلِئَةُ العَجْس؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ قَوْسًا:
وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها، ... تأْوِي طوائفُها بعَجْسٍ
عَبْهَر
والعَبْهَرَةُ: الرقيقةُ الْبَشَرَةِ الناصعةُ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ:
هِيَ الَّتِي جَمَعَتِ الحُسْنَ وَالْجِسْمَ والخُلُق، وَقِيلَ: هِيَ
الْمُمْتَلِئَةُ، جَارِيَةٌ عَبْهَرة؛ وأَنشد الأَزهري:
قَامَتْ تُرائِيكَ قَواماً عَبْهَرَا ... مِنْهَا، ووَجْهاً وَاضِحًا
وبَشَرَا،
لَوْ يَدْرُج الذَّرُّ عَلَيْهِ أَثّرا
والعَبْهرة: الْحَسَنَةُ الخَلْق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَبْهَرَةُ الخَلْقِ لُبَاخِيَّةٌ، ... تَزِينُهُ بالخُلُقِ الظَّاهِرِ
وَقَالَ:
مِنْ نِسْوةٍ بِيضِ الوُجوهِ، ... نَواعِمٍ غِيدٍ عَباهِرْ
والعَبْهر والعُباهِر: الْعَظِيمُ، وقيلَ: هُمَا النَّاعِمُ الطَّوِيلُ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ الأَزهري: مِنَ الرِّجَالِ. والعَبْهر:
الياسمينُ، سُمِّيَ بِهِ لنَعْمتِه. والعَبْهَر: النَّرْجِسُ، وَقِيلَ:
هُوَ نَبْتٌ، وَلَمْ يُحَلِّ. الْجَوْهَرِيُّ: العَبْهَر
بِالْفَارِسِيَّةِ بُسْتان أَفْرُوز.
عتر: عتَرَ الرُّمْحُ وَغَيْرُهُ يَعْتِر عَتْراً وعتَراناً: اشْتَدَّ
وَاضْطَرَبَ وَاهْتَزَّ؛ قَالَ:
وَكُلُّ خَطِّيٍّ إِذا هُزَّ عَتَرْ
والرُّمْحُ العاترُ: الْمُضْطَرِبُ مِثْلُ العاسِل، وَقَدْ عَتَرَ
وعَسَلَ وعَرَتَ وعَرَصَ. قَالَ الأَزهري: قَدْ صَحَّ عَتَر وعرتَ
ودلَّ اختلافُ بِنَائِهَا عَلَى أَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ
الْآخَرِ. وعَتَر الذكَرُ يَعْتِر عَتْراً وعُتُوراً: اشْتَدَّ
إِنعاظُه وَاهْتَزَّ؛ قَالَ:
تَقُولُ إِذْ أَعْجَبَها عُتُورُه،
(4/536)
وغابَ في فقْرتِها جُذْمورُه: ...
أَسْتَقْدِرُ اللهَ وأَسْتَخِيرُه
والعُتُر: الفروجُ المُنْعِظة، وَاحِدُهَا عاتِرٌ وعَتُور. والعَتْر
والعِتْر: الذَّكَر. وَرَجُلٌ مُعَتَّر: غليظٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ.
والعَتَّار: الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، وَالْفَرَسُ الْقَوِيُّ عَلَى
السَّيْرِ، وَمِنَ الْمَوَاضِعِ الوَحْش الْخَشِنُ؛ قَالَ
الْمُبَرِّدُ: جَاءَ فِعْوَل مِنَ الأَسماء خِرْوَع وعِتْوَر، وَهُوَ
الْوَادِي الْخَشِنُ التُّرْبَةِ. والعِتْر: العَتِيرة، وَهِيَ شَاةٌ
كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ مِثْلُ ذِبح
وذَبِيحة. وعَتَرَ الشاةَ وَالظَّبْيَةَ وَنَحْوَهُمَا يَعْتِرُها
عَتْراً، وَهِيَ عَتِيرة: ذَبَحها. والعَتِيرةُ: أَول مَا يُنْتَج
كَانُوا يَذْبَحُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ؛ فأَما قَوله:
فَخَرَّ صَرِيعاً مثلَ عاتِرَة النُّسُكْ
فإِنه وَضَعَ فَاعِلًا مَوْضِعَ مَفْعُولٍ، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَقَدْ
يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَإِنَّمَا هِيَ
مَعْتُورةٌ، وَهِيَ مِثْلُ عِيشَة رَاضِيَةٍ وإِنما هِيَ مَرْضِيّة.
والعِتْر: الْمَذْبُوحُ. والعِتْر: مَا عُتِرَ كالذِّبْح. والعِتْرُ:
الصَنم يُعْتَرُ لَهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فَزَلّ عَنْهَا وأَوْفى رأْس مَرْقَبَةٍ، ... كناصِبِ العِتْر دَمَّى
رأْسَه النُّسُكُ
وَيُرْوَى: كمَنْصِب العِتْر؛ يُرِيدُ كَمَنْصِبِ ذَلِكَ الصَّنَمِ أَو
الْحَجَرِ الَّذِي يُدَمَّى رأْسُه بِدَمِ العَتِيرة، وَهَذَا
الصَّنَمُ كَانَ يُقَرَّب لَهُ عِتْرٌ أَي ذِبْح فَيُذْبَحُ لَهُ
ويُصيب رأْسه مِنْ دَمِ العِتْر؛ وقول الحرث بْنِ حِلِّزة يَذْكُرُ
قَوْمًا أَخذوهم بِذَنْبِ غَيْرِهِمْ:
عَنَناً بَاطِلًا وظُلْماً، كَمَا تُعْتَرُ ... عَنْ حَجْرة الرَّبِيضِ
الظِّبَاءُ
مَعْنَاهُ أَن الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: إِن
بَلَغَتْ إِبلي مِائَةً عَتَرْت عَنْهَا عَتِيرةً، فإِذا بَلَغَتْ
مِائَةً ضَنَّ بِالْغَنَمِ فَصَادَ ظَبْيًا فَذَبَحَهُ؛ يَقُولُ
فَهَذَا الَّذِي تَسَلُوننا اعتراضٌ وَبَاطِلٌ وَظُلْمٌ كَمَا يُعْتَر
الظبيُ عَنْ رَبِيض الْغَنَمِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ
اللَّيْثِ: قَوْلُهُ كَمَا تُعْتَر يَعْنِي العَتِيرة فِي رَجَبٍ،
وَذَلِكَ أَن الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ إِذا طَلَبَ
أَحدُهم أَمراً نَذَرَ لَئِنْ ظَفِرَ بِهِ ليذبَحَنَّ مِنْ غَنَمِهِ
فِي رَجَبٍ كَذَا وَكَذَا، وَهِيَ العَتائر أَيضاً فَإِذَا ظَفر بِهِ
فَرُبَّمَا ضَاقَتْ نفسُه عَنْ ذَلِكَ وضَنّ بِغَنَمِهِ، وَهِيَ
الرَّبِيض، فيأْخذ عددَها ظِبَاءً، فَيَذْبَحُهَا فِي رَجَبٍ مَكَانَ
تِلْكَ الْغَنَمِ، فكأَن تِلْكَ عتائرُه، فَضَرَبَ هَذَا مَثَلًا،
يَقُولُ: أَخَذْتمونا بذنبِ غيرِنا كَمَا أُخِذَت الظباءُ مكانَ
الْغَنَمِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: لَا فَرَعةَ وَلَا عَتِيرَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَتِيرة هِيَ الرَّجَبِيَّة، وَهِيَ
ذَبِيحَةٌ كَانَتْ تُذْبَح فِي رَجَبٍ يتَقَرَّب بِهَا أَهلُ
الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الإِسلام فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى
نُسخَ بَعْدُ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيم قَالَ: سَمِعْتُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ إِنّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ
عَامٍ أَضْحاةً وعَتِيرَةً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَدِيثُ الأَول أَصح، يُقَالُ مِنْهُ:
عَتَرْت أَعْتِرُ عَتْراً، بِالْفَتْحِ، إِذا ذَبح العَتِيرة؛ يُقَالُ:
هَذِهِ أَيام تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: العَتيرةُ
فِي الْحَدِيثِ شَاةٌ تُذْبَح فِي رَجَبٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي
يُشْبِه مَعْنَى الْحَدِيثِ ويَلِيق بِحُكْمِ الدِّين، وأَما العَتِيرة
الَّتِي كَانَتْ تَعْتِرُها الْجَاهِلِيَّةُ فَهِيَ الذَّبِيحَةُ
الَّتِي كَانَتْ تُذْبَح للأَصنام ويُصَبُّ دَمُها عَلَى رأْسها.
وعِتْرُ الشَّيْءِ: نصابُه، وعِتْرةُ المِسْحاة: نِصابُها، وَقِيلَ:
هِيَ الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ فِيهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الحافِرُ
بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: عِتْرتُها خشبتُها الَّتِي تُسَمَّى يَدَ
المِسْحاة.
(4/537)
وعِتْرةُ الرَّجُلِ: أَقْرِباؤه مِنْ ولدٍ
وغيرهِ، وَقِيلَ: هُمْ قومُهُ دِنْياً، وَقِيلَ: هُمْ رَهْطُهُ
وَعَشِيرَتُهُ الأَدْنَون مَنْ مَضى مِنْهُمْ ومَن غَبَر؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَحْنُ عِتْرةُ رسولِ
الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا
وبَيْضَتُه الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ، وإِنما جِيبَت العرَبُ عَنَّا
كَمَا جِيَبت الرَّحَى عَنْ قُطْبها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لأَنهم مِنْ قُرَيْشٍ؛ وَالْعَامَّةُ تَظُنُّ
أَنها ولدُ الرَّجُلِ خَاصَّةً وأَن عترة رسولِ الله، صلى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولدُ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ هَذَا
قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وَقَالَ الأَزهري، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِي
حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِني تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَينِ خَلْفي: كتابَ
اللَّهِ وعتْرتي فإِنهما لن يتفرّقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الْحَوْضَ
؛ وَقَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحق وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ورفعَه
نحوَه زيدُ بْنُ أَرقم وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَفِي بَعْضِهَا:
إِنِّي تاركٌ فِيكُمُ الثَّقَليْن: كتابَ اللَّهِ وعِتْرَتي أَهلَ
بَيْتِي
، فَجَعَلَ الْعِتْرَةَ أَهلَ الْبَيْتِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ
وَغَيْرُهُ: عِتْرةُ الرَّجُلِ وأُسْرَتُه وفَصِيلتُه رَهْطُهُ
الأَدْنَون. ابْنُ الأَثير: عِتْرةُ الرَّجُلِ أَخَصُّ أَقارِبه.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العِتْرة ولدُ الرَّجُلِ وَذُرِّيَّتُهُ
وعَقِبُه مِنْ صُلْبه، قَالَ: فعِتْرةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولدُ فَاطِمَةَ البَتُول، عَلَيْهَا السَّلَامُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ قَالَ: العِتْرةُ ساقُ الشَّجَرَةِ، قَالَ:
وعِتْرةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عبدُ
الْمَطَّلِبِ وَوَلَدُهُ، وَقِيلَ: عِتْرتُه أَهل بَيْتِهِ الأَقربون
وَهُمْ أَولاده وعليٌّ وأَولاده، وَقِيلَ: عِتْرتُه الأَقربون
والأَبعدون مِنْهُمْ، وَقِيلَ: عِتْرةُ الرَّجُلِ أَقرباؤُه مِنْ
وَلَدِ عَمِّهِ دِنْياً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ شاوَرَ أَصحابَه فِي أَسَارَى
بِدْرٍ: عتْرتُك وقَوْمُك
؛ أَراد بِعِتْرتِه العباسَ وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ،
وَبِقَوْمِهِ قُرَيشاً. وَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ أَن عتْرتَه أَهلُ
بَيْتِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ حُرّمَت عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ
وَالصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَهُمْ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ
لَهُمْ خُمُسُ الخُمُسِ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ الأَنفال. والعِتْرُ،
بِالْكَسْرِ: الأَصل، وَفِي الْمَثَلِ: عادَتْ إِلى عِتْرِها لَمِيس
أَي رَجَعَتْ إِلى أَصلها؛ يُضْرَب لِمَنْ رَجَعَ إِلى خُلُق كَانَ
قَدْ تَرَكَهُ. وعِتْرة الثَّغْرِ: دِقَّةٌ فِي غُروبِه ونقاءٌ وماءٌ
يَجْرِي عَلَيْهِ. يُقَالُ: إِن ثَغْرَهَا لَذُو أُشْرة وعِتْرةٍ.
والعِتْرةُ: الرِّيقةُ الْعَذْبَةُ. وعِتْرةُ الأَسنان: أُشَرُها.
والعِتْرُ: بَقْلَةٌ إِذا طَالَتْ قُطِعَ أَصلها فَخَرَجَ مِنْهُ
اللَّبن؛ قَالَ البُرَيْق الْهُذَلِيُّ:
فَمَا كنتُ أَخْشَى أَن أُقِيمَ خِلافَهم، ... لِستّة أَبياتٍ، كَمَا
نَبَتَ العِتْرُ
يَقُولُ: هَذِهِ الأَبيات مُتَفَرِّقَةٌ مَعَ قِلَّتِهَا كَتَفَرُّقِ
العِتْر فِي مَنْبِته، وَقَالَ: لِسِتَّةِ أَبيات كَمَا نَبَتَ، لأَنه
إِذا قُطع نبتَ مِنْ حَوَالَيْهِ شُعَبٌ سِتٌّ أَو ثَلَاثٌ؛ وَقَالَ
ابْنُ الأَعرابي: هُوَ نَبَاتٌ مُتَفَرِّقٌ، قَالَ: وإِنما بَكَى قومَه
فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَخشى أَن يَمُوتُوا وأَبقى بَيْنَ سِتَّةِ أَبيات
مِثْلِ نَبْتِ العِتْر؛ قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا الشاعرُ لَمْ يَبْكِ
قَوْمًا ماتُوا كَمَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وإِنما هَاجَرُوا إِلى
الشَّامِ فِي أَيام مُعَاوِيَةَ فاستأْجرهم لِقِتَالِ الرُّومِ، فإِنما
بَكَى قَوْمًا غُيَّباً مُتَبَاعِدِينَ؛ أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا:
فإِن أَكُ شَيْخًا بالرَّجِيع وصِبْية، ... ويُصْبِحُ قومِي دُونَ
دارِهمُ مِصْر
فَمَا كُنْتُ أَخشى......
والعِتْر إِنما يَنْبُتُ مِنْهُ سِتٌّ مِنْ هُنَا وَسِتٌّ مِنْ
هُنَالِكَ لَا
(4/538)
يَجْتَمِعُ مِنْهُ أَكثر مِنْ سِتٍّ
فَشَبَّهَ نفسَه فِي بَقَائِهِ مَعَ سِتَّةِ أَبيات مَعَ أَهله
بِنَبَاتِ العِتْر وَقِيلَ: العِتْر الغَضّ، وَاحِدَتُهُ عِتْرة،
وَقِيلَ: العِتْرُ بقلةٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ فِي جِرْم
الْعَرْفَجِ شاكةٌ كَثِيرَةُ اللبَن، ومنَبْتُها نجدٌ وَتِهَامَةُ،
وَهِيَ غُبَيراء فَطحاء الْوَرَقِ كأَن وَرِقَهَا الدراهمُ، تَنْبُتُ
فِيهَا جِراءٌ صغارٌ أَصغر مِنْ جِراء الْقُطْنِ، تُؤْكَلُ جِرَاؤُهَا
مَا دَامَتْ غَضَّةً؛ وَقِيلَ: العِتْر ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ،
وَقِيلَ: العِتْر شَجَرٌ صِغَار، وَاحِدَتُهَا عِتْرةٌ، وَقِيلَ:
العِتْر نَبْتٌ يَنْبُتُ مِثْلَ المَرْزَنْجوش مُتَفَرِّقًا، فإِذا
طَالَ وقُطِعَ أَصله خَرَجَ مِنْهُ شَبِيهُ اللَّبَنِ، وَقِيلَ: هُوَ
المَرْزَنْجوش، قِيلَ: إِنه يُتَداوَى بِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: لَا بأْس للمُحْرِم أَن يَتَداوى بالسَّنا والعِتْر
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُهْدِي إِليه عتْرٌ فَسُرَّ بِهَذَا النَّبْتِ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يُفْلغُ رأْسي كَمَا تُفْلغُ العِتْرةُ
؛ هِيَ وَاحِدَةُ العِتْرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرَةُ الْعَرْفَجِ؛ قَالَ
أَبو حَنِيفَةَ: العِتْرُ شَجَرٌ صِغَارٌ لَهُ جِرَاء نَحْوَ جِراء
الخَشْخَاش، وَهُوَ المَرزَنجوش. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي مِنْ
رَبِيعَةَ: العِتْرةُ شُجَيرة تَرْتفعُ ذِرَاعًا ذَاتُ أَغصان
كَثِيرَةٍ وَوَرَقٍ أَخضر مُدَوّر كَوَرَقِ التَّنُّوم، والعِتْرة:
قثَّاء اللَّصَف، وَهُوَ الكَبَر، والعِتْرة: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ
وِجَارِ الضَّبِّ فَهُوَ يُمَرّسُها فَلَا تَنْمِي، وَيُقَالُ: هُوَ
أَذلُّ مِنْ عِتْرة الضَّبِّ. والعِتْر المُمَسَّكُ: قلائدُ يُعْجَنَّ
بِالْمِسْكِ والأَفاويهِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. والعِتْرةُ
والعِتْوارةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ. وعِتْوَارة وعُتْوارة؛
الضمُّ عَنْ سِيبَوَيْهِ: حَيٌّ مِنْ كِنَانَةَ؛ وأَنشد:
مِن حَيّ عِتْوارٍ ومَنْ تَعَتْوَرا
قَالَ الْمُبَرِّدُ: العَتْوَرةُ الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ، وَبَنُو
عِتْوارة سُمِّيَتْ بِهَذَا لِقُوَّتِهَا في جميع الحيوان، وَكَانُوا
أُولِي صَبْرٍ وخُشونةٍ فِي الْحَرْبِ. وعِتْر: قَبِيلَةٌ. وعاتِرُ:
اسْمُ امرأَة. ومِعْتَر وعُتَير: اسْمَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ
العِتْر، وَهُوَ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ القِبْلة.
عثر: عَثَر يعثِرُ ويَعْثُرُ عَثْراً وعِثَاراً وتَعَثَّرَ: كَبا؛
وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى عَثِرَ فِي ثَوْبِهِ يعْثَرُ عِثَاراً
وعَثُر وأَعْثَره وعَثَّره؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فخرجْتُ أُعْثَرُ فِي مَقادِم جَبَّتِي، ... لَوْلَا الحَياءُ
أَطَرْتُها إِحْضارا
هَكَذَا أَنشده أُعْثَر عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
قَالَ: وَيُرْوَى أَعْثُر، والعَثْرةُ: الزلَّةُ، وَيُقَالُ: عَثَرَ
بِهِ فرسُهُ فَسَقَطَ، وتَعَثّر لِسانُه: تَلَعْثَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرةٍ
؛ أَي لَا يَحْصُلُ لَهُ الحِلم وَيُوصَفُ بِهِ حَتَّى يَرْكَبَ
الأُمور وتَنْخَرِقَ عَلَيْهِ ويَعْثُر فِيهَا فَيَعْتَبِرُ بِهَا
ويَسْتَبين مَوَاضِعَ الخطإِ فَيَجْتَنِبُهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ بَعْدَهُ:
وَلَا حليمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبة.
والعَثْرة: الْمَرَّةُ مِنَ العِثار فِي الْمَشْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبْدَأْهم بالعَثْرة
؛ أَي بِالْجِهَادِ وَالْحَرْبِ لأَن الْحَرْبَ كثيرةُ العِثَار،
فَسَمَّاهَا بالعَثْرة نفسِها أَو عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي بِذِي
العَثْرة، يَعْنِي: ادْعُهم إِلى الإِسلام أَوّلًا أَو الجزْيةِ، فإِن
لَمْ يُجيبُوا فَبِالْجِهَادِ. وعَثَرَ جَدُّه يَعْثُر ويَعْثِر:
تَعِسَ، عَلَى الْمَثَلِ. وأَعْثَره اللَّهُ: أَتْعَسَه، قَالَ
الأَزهري: عَثرَ الرَّجُلُ يَعْثُرُ عَثْرَةً وعَثَر الْفَرَسُ
عِثَاراً، قَالَ: وعُيوب الدَّوَابِّ تَجِيءُ عَلَى فِعَال مِثْلُ
العِضَاضِ والعِثَار والخِرَاط والضِّرَاح والرِّمَاح وَمَا
شَاكَلَهَا. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ عَاثُورًا أَي شِدَّةً.
والعِثَارُ والعاثورُ: مَا عُثِر بِهِ. وَوَقَعُوا فِي عاثورِ شرٍّ أَي
فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ شرٍّ وَشِدَّةٍ، عَلَى الْمَثَلِ أَيضاً.
والعاثورُ:
(4/539)
مَا أَعدّه ليُوقع فِيهِ آخرَ. والعاثُور
مِنَ الأَرضين: المَهْلَكة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومَرْهوبةِ العاثورِ تَرْمي بِرَكْبِها ... إِلى مِثْله، حَرْف بَعِيد
مَناهِلُه
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدَةَ كَثيرَة العَاثُورِ
يَعْنِي المَتَالفَ، وَيُرْوَى: مَرْهُوبة العاثُور، وَهَذَا الْبَيْتُ
نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِرُؤْبَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ
لِلْعَجَّاجِ، وأَول الْقَصِيدَةِ:
جَاريَ لَا تَسْتَنكِرِي عَذِيرِي
وَبَعْدَهُ:
زَوْرَاء تَمْطُو فِي بلادٍ زُورِ
والزَّوْرَاءُ: الطَّرِيقُ المُعْوَجّة، وَذَهَبَ يَعْقُوبُ إِلى أَن
الْفَاءَ فِي عَافُور بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ فِي عَاثُور، وَلِلَّذِي
ذَهَبَ إِليه وَجْهٌ، قَالَ: إِلَّا أَنَّا إِذا وَجَدْنَا لِلْفَاءِ
وَجْهًا نَحْمِلُهَا فِيهِ عَلَى أَنه أَصل لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ
بِكَوْنِهَا بَدَلًا فِيهِ إِلَّا عَلَى قُبْحٍ وضَعْفِ تجويزٍ
وَذَلِكَ أَنه يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُمْ وَقَعُوا فِي عَافُور.
فَاعُولًا مِنَ العَفْر، لأَن الْعَفْرَ مِنَ الشِّدَّةِ أَيضاً،
وَلِذَلِكَ قَالُوا عِفْرِيتٌ لِشَدَّتِهِ. والعَاثُورُ: حُفْرَةٌ
تُحْفَرُ للأَسد لِيَقَعَ فِيهَا لِلصَّيْدِ أَو غَيْرِهِ.
والعَاثُورُ: الْبِئْرُ، وَرُبَّمَا وُصِفَ بِهِ؛ قَالَ بَعْضُ
الْحِجَازِيِّينَ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً، ... وذكْرُكِ لَا
يَسْرِي إِليَّ كَما يَسْرِي؟
وَهَلْ يَدَعُ الوَاشونَ إِفْسَادَ بَيْنِنَا، ... وحَفْرَ الثَّأَى
العَاثُورِ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي؟
وَفِي الصِّحَاحِ: وحَفْراً لَنَا العَاثُورَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
يَكُونُ صِفَةً وَيَكُونُ بَدَلًا. الأَزهري: يَقُولُ هَلْ أَسْلُو
عَنْكَ حَتَّى لَا أَذكرك لَيْلًا إِذا خَلَوْتُ وأَسْلَمْتُ لِمَا
بِي؟ والعَاثُورُ ضَرْبُهُ مَثَلًا لِمَا يُوقِعُهُ فِيهِ الواشِي مِنَ
الشَّرِّ؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَهَلْ تَفْعَلُ الأَعداءُ إِلَّا كَفِعْلِهِمْ، ... هَوَان السَّرَاة
وابتغَاء العَواثِرِ؟
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ عَاثُورٍ وَحَذْفُ الْيَاءِ لِلضَّرُورَةِ،
وَيَكُونُ جَمْعَ خَدٍّ عَاثر. والعَثْرُ: الإِطلاع عَلَى سِرّ
الرَّجُلِ. وعَثَر عَلَى الأَمر يَعْثُرُ عَثْراً وعُثُوراً: اطَّلَعَ.
وأَعْثَرْتُه عَلَيْهِ: أَطلعته. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ
؛ أَي أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ غيرَهم، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ؛ وَقَالَ
تَعَالَى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ مَعْنَاهُ فإِن اطّلعَ عَلَى أَنهما قَدْ خَانَا. وَقَالَ اللَّيْثُ:
عَثَرَ الرجلُ يَعْثُرُ عُثُوراً إِذا هَجَمَ عَلَى أَمر لَمْ يَهْجِمْ
عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وعَثَرَ العِرْقُ، بِتَخْفِيفِ الثَّاءِ: ضَرَب؛
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعِثْيَرُ، بِتَسْكِينِ الثَّاءِ،
والعِثْيَرَةُ: العَجَاجُ السَّاطِعُ؛ قَالَ:
تَرَى لَهُمْ حَوْلَ الصِّقَعْلِ عِثْيرَه
يَعْنِي الْغُبَارَ، والعِثْيَرَاتُ: التُّرَابُ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ.
وَلَا تَقُلْ فِي العِثْيَر التُّرَابِ عَثْيَراً لأَنه لَيْسَ فِي
الْكَلَامِ فَعْيَل، بِفَتْحِ الْفَاءِ، إِلَّا ضَهْيَد، وَهُوَ
مَصْنُوعٌ، مَعْنَاهُ الصُّلْب الشَّدِيدُ. والعَيْثَر: كالعِثْيَر،
وَقِيلَ: هُوَ كلُّ مَا قَلَبْتَ مِنْ تُرَابٍ أَو مَدَرٍ أَو طِينٍ
بأَطراف أَصابع رِجْلَيْكَ، إِذا مَشَيْتَ لَا يُرَى مِنَ الْقَدَمِ
أَثر غَيْرُهُ، فَيُقَالُ: مَا رأَيت لَهُ أَثَراً وَلَا عَيْثَراً.
والعَيْثَرُ والعَثْيَرُ: الأَثر الْخَفِيُّ، مِثَالُ الغَيْهَب. وَفِي
الْمَثَلِ: مَا لَهُ أَثَرٌ وَلَا عَثْيَرٌ، وَيُقَالُ: وَلَا
عَيْثَرٌ، مِثَالُ فَيْعَلٍ، أَي لَا يَعْرِفُ رَاجِلًا فَيَتَبَيَّنَ
أَثره ولا فارساً فيُثِيرُ الغبارَ فَرَسُهُ، وَقِيلَ: العَيْثَر أَخفى
(4/540)
مِنَ الأَثر. وعَيْثَرَ الطيرَ: رَآهَا
جَارِيَةً فَزَجَرَهَا؛ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاء
التَّمِيمِيُّ:
لَعَمْرُ أَبيك يَا صَخْرُ بنَ لَيْلى، ... لَقَدْ عَيْثَرْتَ طَيركَ
لَوْ تَعِيفُ
يُرِيدُ: لَقَدْ أَبصرتَ وعاينتَ. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ أَبي عَمْرِو
بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ: بُنِيَتْ سَلْحُون مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ
فِي ثَمَانِينَ أَو سَبْعِينَ سَنَةً، وبُنِيَتْ بَرَاقش ومَعِين
بِغُسَالَةِ أَيديهم، فَلَا يُرَى لسَلْحِين أَثر وَلَا عَيْثَرٌ،
وَهَاتَانِ قَائِمَتَانِ؛ وأَنشد قَوْلَ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
دَعانا مِنْ بَراقِشَ أَو مَعينٍ، ... فَأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بِنَا
مَلِيعُ
ومَليعٌ: اسْمُ طَرِيقٍ. وَقَالَ الأَصمعي: العَيْثَرُ تَبَعٌ لأَثَرٍ.
وَيُقَالُ: العَيْثَرُ عَيْنُ الشَّيْءِ وَشَخْصُهُ فِي قَوْلِهِ: مَا
لَهُ أَثَرٌ وَلَا عَيْثر. وَيُقَالُ: كَانَتْ بَيْنَ الْقَوْمِ
عَيْثَرَةٌ وغَيْثَرَةٌ وكأَن العَيْثَرة دُونَ الغَيْثرةِ. وَتَرَكْتُ
الْقَوْمَ فِي عَيْثرَةٍ وغَيْثرةٍ أَي فِي قِتَالٍ دُونَ قِتَالٍ.
والعُثْر: العُقَاب؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
مَا كَانَ بَعْلًا أَو عَثَريّاً فَفِيهِ العُشْر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنَ النَّخْلِ الَّذِي يَشْرَبُ
بِعُرُوقِهِ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ يَجْتَمِعُ فِي حُفَيْرَةٍ، وَقِيلَ:
هُوَ العِذْي [العَذْي] ، وَقِيلَ: مَا يُسْقَى سَيْحاً، والأَول
أَشهر، قَالَ الأَزهري: والعَثْرُ والعَثَرِيّ العِذْيُ، وَهُوَ مَا
سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الزَّرْعِ مَا
سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ وَالْمَطَرِ وأُجري إِليه الْمَاءُ مِنَ
المَسَايل وحُفر لَهُ عَاثُورٌ أَيْ أَتِيٌّ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ
إِليه، وَجَمْعُ الْعَاثُورِ عَواثير؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ
العَثَّرِي، بِتَشْدِيدِ الثَّاءِ، وردَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ فَقَالَ:
إِنما هُوَ بِتَخْفِيفِهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ
هَذَا يُقَالُ فُلَانٌ وَقَعَ فِي عَاثورِ شرٍّ وعَافور شَرٍّ إِذا
وَقَعَ فِي وَرْطة لَمْ يَحْتَسِبْهَا وَلَا شعرَ بِهَا، وأَصله
الرَّجُلُ يَمْشِي فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فيَتَعَثَّر بِعاثور
المَسِيل أَو فِي خَدٍّ خَدَّه سيلُ الْمَطَرِ فَرُبَّمَا أَصابه
مِنْهُ وَثءٌ أَو عَنَتٌ أَو كَسْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن قُرَيْشًا أَهل أَمانة مَنْ بَغاها العَوَاثيرَ كبَّه اللَّهُ
لمُنْخُرَيْه
، وَيُرْوَى: العَواثر، أَي بَغَى لَهَا الْمَكَايِدَ الَّتِي يُعْثَر
بِهَا كَالْعَاثُورِ الَّذِي يَخُدُّ فِي الأَرض فَيَتَعَثَّر بِهِ
الإِنسان إِذا مَرَّ لَيْلًا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ فربما
أَعْنَتَهُ. والعَواثِر: جَمْعُ عَاثُورٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الوعْث
الخَشِن لأَنه يُعْثَر فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحُفْرَةَ الَّتِي
تُحْفَر للأَسد، وَاسْتُعِيرَ هُنَا للوَرْطة والخُطَّة المُهْلِكة.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَما عَواثِر فَهِيَ جَمْعُ عاثِرٍ، وَهِيَ
حِبالَة الصَّائِدِ، أَو جَمْعُ عَاثِرَةٍ، وَهِيَ الْحَادِثَةُ
الَّتِي تَعْثُر بِصَاحِبِهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: عَثَر بِهِمُ الزمانُ
إِذا أَخْنَى عَلَيْهِمْ. والعُثْر والعَثَر: الْكَذِبُ؛ الأَخيرة عَنِ
ابْنِ الأَعرابي: وَعثَرَ عَثْراً: كَذَب؛ عَنْ كُرَاعٍ. يُقَالُ:
فُلَانٌ فِي العَثْر وَالْبَائِنِ؛ يُرِيدُ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
والعَاثِر: الكَذّاب. والعَثَرِيّ: الَّذِي لَا يَجِدّ فِي طَلَبِ
دُنْيَا وَلَا آخِرَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ العَثَّرِيُّ
عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَبغض النَّاسِ إِلى اللَّهِ تَعَالَى العَثَرِيّ
؛ قِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ فِي أَمر الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمر
الْآخِرَةِ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ عَثَرِيًّا إِذا جَاءَ فَارِغًا،
وَجَاءَ عَثَّريًّا أَيضاً، بِشَدِّ الثَّاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ
عَثَرِيّ النَّخْلِ، سُمِّيَ بِهِ لأَنه لَا يَحْتَاجُ فِي سَقْيِهِ
إِلى تَعَبٍ بدالِيَة وَغَيْرِهَا، كأَنه عَثَر عَلَى الْمَاءِ عَثْراً
بِلَا عَمَلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فكأَنه نُسِبَ إِلى العَثْر، وحركةُ
الثَّاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ. وَقَالَ مُرَّةُ: جَاءَ رائِقاً
عَثَّرِيًّا أَي فَارِغًا دُونَ شَيْءٍ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ:
(4/541)
وَهُوَ غَيْرُ العَثَرِي الَّذِي جَاءَ فِي
الْحَدِيثِ مخففَ الثَّاءِ، وَهَذَا مُشَدَّدُ الثَّاءِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بأَرض تُسَمَّى عَثِرةً فَسَمَّاهَا خَضِرةً
؛ العَثِرةُ مِنَ العِثْيَرِ، وَهُوَ الغُبار، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ،
وَالْمُرَادُ بِهَا الصَّعِيدُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ. وَوَرَدَ
فِي الْحَدِيثِ:
هِيَ أَرض عِثْيَرةٌ.
وعَثَّر: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: هِيَ أَرض مَأْسَدَةٌ
بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ عَلَى فَعَّل، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا
خَضَّمٌ وبَقَّمٌ وبَذَّرٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ ... بِبَطْنِ عَثَّرَ،
غِيلٌ دونَه غِيلُ
وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمى:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصطادُ الرجالَ، إِذا ... مَا الليثُ كَذّبَ عَنْ
أَقرانه صَدَقا
وعَثْر، مُخَفَّفَةٌ: بَلَدٌ بِالْيَمَنِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي آخِرِ
هَذِهِ التَّرْجَمَةِ للأَعشى:
فبَاتَتْ، وَقَدْ أَوْرَثَتْ في الفُؤاد ... صَدْعاً يُخَالِط
عَثَّارَها «4» .
عجر: العَجَر، بِالتَّحْرِيكِ: الحَجْم والنُّتُوُّ. يُقَالُ: رَجُلٌ
أَعْجَرُ بَيِّن العَجَر أَي عَظِيمُ الْبَطْنِ. وعَجِر الرجلُ،
بِالْكَسْرِ، يعْجَر عَجَراً أَي غلُظ وسَمِن. وتَعَجَّر بطنُه:
تَعَكَّنَ. وعَجِر عَجَراً: ضَخُم بطنُه. والعُجْرةُ: مَوْضِعُ
العَجَر.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه طَافَ ليلةَ
وقعةِ الْجَمَلِ عَلَى القَتْلى مَعَ مَوْلاه قَنْبَرٍ فَوَقَفَ عَلَى
طلحةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ صَريع، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
عَزَّ عَلَيَّ أَبا مُحَمَّدٍ أَن أَراك مُعَفَّراً تَحْتَ نُجُومِ
السَّمَاءِ؛ إِلى اللَّهِ أَشكو عُجَرِي وبُجَرِي
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: مَعْنَاهُ هُمُومِي وأَحزاني، وَقِيلَ:
مَا أُبْدِي وأُخْفِي، وَكُلُّهُ عَلَى المَثَل. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
وَيُقَالُ أَفضيت إِليه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَطلعتُه مِنْ ثِقتي
بِهِ عَلَى مَعَايِبي. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِن مِنَ النَّاسِ مَنْ
أُحَدِّثه بعُجَرِي وبُجَري أَي أُحدثه بمَساوِيَّ، يُقَالُ هَذَا فِي
إِفشاء السِّرِّ. قَالَ: وأَصل العُجَر العُرُوق الْمُتَعَقِّدَةُ فِي
الْجَسَدِ، والبُجَر الْعُرُوقُ الْمُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْنِ
خَاصَّةً. وَقَالَ الأَصمعي: العُجْرَة الشَّيْءُ يَجْتَمِعُ فِي
الْجَسَدِ كالسِّلعة، والبُجْرة نَحْوُهَا، فَيُرَادُ: أَخْبرته
بِكُلِّ شَيْءٍ عِنْدِي لَمْ أَستر عَنْهُ شَيْئًا مِنْ أَمري. وَفِي
حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: إِن أَذكُرْه أَذكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَه
؛ الْمَعْنَى إِنْ أَذكُرْه أَذكر مَعايِبَه الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا
إِلَّا مَن خَبَرَه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُجَر جمع عُجْرة، هو
الشَّيْءُ يَجْتَمِعُ فِي الْجَسَدِ كالسِّلعة والعُقْدة، وَقِيلَ:
هُوَ خَرَز الظَّهْرِ، قَالَ: أَرادت ظاهرَ أَمره وباطنَه وَمَا
يُظْهِرُه ويُخفيه. والعُجْرَة: نَفْخَة فِي الظَّهْرِ، فإِذا كَانَتْ
فِي السُّرَّةِ فَهِيَ بُجْرة، ثُمَّ يُنْقَلانِ إِلى الْهُمُومِ
والأَحزان. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: العُجَر فِي الظَّهْرِ والبُجر فِي
الْبَطْنِ. وعَجَرَ الفرسُ يَعْجِرُ إِذا مدَّ ذَنَبَهُ نَحْوَ عَجُزِه
فِي العَدْو؛ وقال أَبو زيد:
وهَبَّتْ مَطاياهُمْ، فَمِنْ بَيْنِ عاتبٍ، ... ومِنْ بَيْنِ مُودٍ
بالبَسِيطَةِ يَعْجِرُ
أَي هَالِكٌ قَدْ مَدَّ ذَنَبَهُ. وعَجَر الفرسُ يَعْجِرُ عَجْراً
وعَجَرَاناً وعاجَرَ إِذا مَرَّ مَرّاً سَرِيعًا مِنْ خَوْفٍ
وَنَحْوِهِ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ عاجِر، وَهُوَ الَّذِي يَعْجِر
بِرِجْلَيْهِ كقِماص الحِمار، وَالْمَصْدَرُ العَجَران؛ وعَجَرَ
الحمارُ يَعْجِر عَجْراً: قَمصَ؛ وأَما قول
__________
(4) . قوله: [يخالط عثارها] العثار ككتان: قرحة لا تجف، وقيل: عثارها
هو الأَعشى عثر بها فابتلى وتزود منها صدعاً في الفؤاد، أَفاده شارح
القاموس
(4/542)
تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
أَما الأَداةُ ففِينا ضُمَّرٌ صُنُعٌ، ... جُرْدٌ عَواجِرُ بالأَلْبادِ
واللُّجُمِ
فإِنها رُوِيَتْ بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ فِي اللُّجُمِ، وَمَعْنَاهُ
عَلَيْهَا أَلبادها ولحمُها، يَصِفُهَا بالسِّمَن وَهِيَ رافعةٌ
أَذنابها مِنْ نَشَاطِهَا. وَيُقَالُ: عَجَرَ الرِّيقُ عَلَى أَنيابه
إِذا عَصَبَ بِهِ ولزِقَ كَمَا يَعْجِرُ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ عَلَى
رأْسه؛ قَالَ مُزَرِّد بْنُ ضِرَارٍ أَخو الشَّمَّاخِ:
إِذ لَا يَزَالُ يابِساً لُعابُه ... بالطَّلَوَان، عَاجِرًا أَنْيابُه
والعَجَرُ: الْقُوَّةُ مَعَ عِظَم الْجَسَدِ. وَالْفَحْلُ الأَعْجَرُ:
الضَّخْم. وعَجِرَ الفرسُ: صلُب لحمُه. وَوَظِيفٌ عَجِرٌ وعَجُرٌ،
بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا: صُلْبٌ شَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ الْحَافِرُ؛
قَالَ المَرَّارُ:
سَلِط السُّنْبُكِ ذِي رُسْغٍ عَجِرْ
والأَعْجَر: كُلُّ شَيْءٍ تَرَى فِيهِ عُقَداً. وكِيسٌ أَعْجَر
وهِمْيان أَعْجَر: وهو الْمُمْتَلِئُ. وبَطْنٌ أَعْجرُ: مَلآن،
وَجَمْعُهُ عُجْر؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
أَبَنِي زَبِيبةَ، مَا لِمُهْرِكُمُ ... مُتَخَدِّداً، وبُطونكُمْ
عُجْر؟
والعُجْرة، بِالضَّمِّ: كُلُّ عُقْدَةٍ فِي الْخَشَبَةِ، وَقِيلَ:
العُجْرة الْعُقْدَةُ فِي الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا أَو فِي عُرُوقِ
الْجَسَدِ. والخَلَنْج فِي وشْبِه عُجَر، وَالسَّيْفُ فِي فِرِنْدِه
عُجَر؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
فأَوَّلُ مَنْ لاقَى يجُول بسَيْفهِ ... عَظِيم الْحَوَاشِي قَدْ شَتا،
وَهُوَ أَعْجَرُ
الأَعْجَر: الْكَثِيرُ العُجَر. وَسَيْفٌ ذُو مَعْجَرٍ: فِي مَتْنِه
كَالتَّعْقِيدِ. والعَجِير: الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ، يُقَالُ
لَهُ عَجِير وعِجِّير، وَقَدْ رُوِيَتْ بِالزَّايِ أَيضاً. ابْنُ
الأَعرابي: العَجِير، بِالرَّاءِ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ، والقَحُول
والحَرِيك وَالضَّعِيفُ والحَصُور العِنِّين، والعَجِير العِنِّين مِنَ
الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ. الْفَرَّاءُ: الأَعْجَر الأَحْدَب، وَهُوَ
الأَفْزَرُ والأَفْرَصُ والأَفْرَسُ والأَدَنّ والأَثْبَج. والعَجّارُ:
الَّذِي يأْكل العَجاجِير، وَهِيَ كُتَلُ الْعَجِينِ تُلقى عَلَى
النَّارِ ثُمَّ تُؤْكَلُ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا قُطِّع العَجين
كُتَلًا عَلَى الخِوَان قَبْلَ أَن يُبْسَطَ فَهُوَ المُشَنَّق.
والعَجاجِيرُ والعَجّارُ: الصِّرِّيعُ الَّذِي لَا يُطاق جنبُه فِي
الصِّراع المُشَغْزب لِصَريعه. والعَجْرُ: لَيُّك عُنُقِ الرَّجُلِ.
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: عَجَر عُنُقَهُ إِلى كَذَا وَكَذَا يَعْجِره
إِذا كَانَ عَلَى وَجْهٍ فأَراد أَن يَرْجِعَ عَنْهُ إِلى شَيْءٍ
خَلْفَهُ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، أَو أَمَرْته بِالشَّيْءِ فَعَجَر
عُنُقَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَن يَذْهَبَ إِليه لأَمرك. وعَجَر عنقَه
يَعْجِرها عَجْراً: ثَنَاهَا. وَعَجَر بِهِ بَعِيرُه عَجَراناً: كأَنه
أَراد أَن يَرْكَبَ بِهِ وَجْهًا فَرَجَعَ بِهِ قِبَل أُلَّافِه
وأَهِله مِثْلَ عكَر بِهِ؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ
الشَّاعِرِ:
فَلَوْ كُنتَ سَيْفًا كَانَ أَثْرُكَ عُجْرَةً، ... وَكُنْتَ دَداناً
لَا يُؤَيِّسُه الصَّقْل
يَقُولُ: لَوْ كنتَ سَيْفًا كُنْتَ كَهاماً بِمَنْزِلَةِ عُجْرَةِ
التِّكَّة. كَهاماً: لَا يَقْطَعُ شَيْئًا. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ
عَجَرْت عَلَيْهِ وحَظَرْت عَلَيْهِ وحَجَرْت عَلَيْهِ بِمَعْنًى
وَاحِدٍ. وعَجَر عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ أَي شَدَّ عَلَيْهِ. وعُجِرَ
عَلَى الرَّجُلِ: أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي أَخذ مَالِهِ. وَرَجُلٌ
مَعْجورٌ عَلَيْهِ: كَثُر سُؤَالُهُ حَتَّى قلَّ، كمَثْمودٍ.
الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ بالعُجرِ والبُجَرِ أَي جَاءَ بِالْكَذِبِ،
وَقِيلَ: هُوَ الأَمر الْعَظِيمُ. وَجَاءَ بالعَجارِيّ والبَجاريّ،
وَهِيَ
(4/543)
الدَّوَاهِي. وعَجَرَه بِالْعَصَا وبَجَرَه
إِذا ضَرَبه بِهَا فَانْتَفَخَ مَوْضِعُ الضَّرْبِ مِنْهُ.
والعَجارِيُّ: رؤوس الْعِظَامِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ومِنْ عَجارِيهنَّ كلَّ جِنْجِن
فَخَفَّفَ ياءَ العَجارِي، وَهِيَ مُشَدَّدَةٌ. والمِعْجَر والعِجارُ:
ثَوْبٌ تَلُفُّه المرأَة عَلَى اسْتِدَارَةِ رأْسها ثُمَّ تَجَلْبَبُ
فَوْقَهُ بجلِبابِها، وَالْجَمْعُ المَعاجرُ؛ وَمِنْهُ أُخذ
الاعْتِجارُ، وَهُوَ لَيُّ الثَّوْبِ عَلَى الرأْس مِنْ غَيْرِ إِدارة
تَحْتَ الحنَك. وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ: الاعْتِجارُ لَفُّ
الْعِمَامَةِ دُونَ التَّلَحِّي.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه
دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ مُعْتَجِراً بعمامةٍ سَوْداءَ
؛ الْمَعْنَى أَنه لَفَّها عَلَى رأْسه وَلَمْ يَتَلَحَّ بِهَا؛
وَقَالَ دُكَيْنٌ يَمْدَحُ عَمْرَو بْنَ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيَّ
أَمِيرَ الْعِرَاقِ وَكَانَ رَاكِبًا عَلَى بَغْلَةٍ حَسْنَاءَ فَقَالَ
يَمْدَحُهُ بَدِيهًا:
جَاءَتْ بِهِ، مُعْتَجِراً بِبُرْدِه، ... سَفْواءُ تَرْدِي بنَسِيج
وَحْدِه
مُسْتَقْبِلًا خَدَّ الصَّبَّا بخدِّه، ... كالسَّيفِ سُلَّ نَصْلُه
مِنْ غِمْدِه
خَيرُ أَميرٍ جَاءَ مِنْ مَعَدِّه، ... مِنْ قَبْلِهِ، أَو رَافِداً
مِن بَعْدِه
فَكُلُّ قَلْسٍ قادِحٌ بِزَنْدِه، ... يَرْجُون رَفْعَ جَدِّهم
بِجَدِّه
«5» . فَإِنْ ثَوَى ثَوى النَّدَى فِي لَحْدِه، ... واخْتَشَعَتْ
أُمَّتُه لِفَقْدِه
فَدَفَعَ إِليه البغلةَ وثيابَه والبُرْدة الَّتِي عَلَيْهِ.
والسَّفْواء: الخَفِيفةُ الناصِيةِ، وَهُوَ يُسْتَحَبُّ فِي البِغال
وَيُكْرَهُ فِي الْخَيْلِ. والسَّفْواء أَيضاً: السَّرِيعَةُ.
وَالرَّافِدُ: هُوَ الَّذِي يَلي المَلِك وَيَقُومُ مَقَامَهُ إِذا
غَابَ. والعِجْرة، بِالْكَسْرِ: نَوْعٌ مِنَ العِمَّة. يُقَالُ:
فُلَانٌ حسَنُ العِجْرة. وَفِي حَدِيثِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ: وَجَاءَ وَهُوَ
مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ مِنْهُ إِلَّا
عَيْنَيْهِ ورِجْلَيْه
؛ الاعْتِجارُ بِالْعِمَامَةِ: هُوَ أَن يَلُفَّها عَلَى رأْسِه ويردَّ
طَرَفَهَا عَلَى وَجْهِهِ وَلَا يَعْمَلَ مِنْهَا شَيْئًا تَحْتَ
ذَفَنِه. والاعْتِجارُ: لِبسة كالالْتِحافِ؛ قَالَ الشاعر:
فما لَيْلى بِتَاشِزَة القُصَيْرَى، ... وَلَا وَقْصاءَ لِبْستُها
اعْتجِارُ
والمِعْجَر: ثوبٌ تَعْتَجِر بِهِ المرأَة أَصغَر مِنَ الرِّدَاءِ
وأَكبر مِنَ المِقْنَعة. والمِعْجر والمَعاجِرُ: ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ
الْيَمَنِ. والمِعْجَر: مَا ينْسَج مِنَ اللِّيف كالجُوالقِ.
والعَجْراء: الْعَصَا الَّتِي فِيهَا أُبَنٌ؛ يُقَالُ: ضَرَبَهُ
بعَجْراءَ مِنْ سَلَمٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَيَّاشِ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ لَمَّا بَعَثَه إِلى الْيَمَنِ: وقَضيب
ذُو عُجَرٍ كأَنه مِنْ خَيزُرانٍ
أَي ذُو عُقَدٍ. وَكَعْبُ بْنُ عُجْرة: مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ. وعاجِرٌ وعُجَيرٌ والعُجَير وعُجْرة، كُلُّهَا:
أَسماء. وَبَنُو عُجْرة: بَطْنٌ مِنْهُمْ. والعُجَير: مَوْضِعٍ؛ قَالَ
أَوس بْنُ حَجَرٍ:
تَلَقَّيْنَني يَوْمَ العُجَيرِ بمنْطِقٍ، ... ترَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ
مِنْهُ وضالُها
عجهر: عَنْجَهورُ: اسْمُ امرأَة، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ العَجْهرةِ،
وَهِيَ الجفاء.
عدر: العَدْرُ والعُدْرُ: الْمَطَرُ الْكَثِيرُ. وأَرض مَعْدُورةٌ:
مَمْطُورَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ شَمِرٌ: واعْتَدَرَ المطرُ، فَهُوَ
مُعْتَدِرٌ؛ وأَنشد:
مُهْدَوْدِراً مُعْتَدِراً جُفالا
__________
(5) . قوله [قلس] هكذا هو في الأَصل ولعله ناس أو نحوه
(4/544)
والعادِرُ: الكذابُ، قَالَ: وَهُوَ
العاثِرُ أَيضاً. وعَدِرَ الْمَكَانَ عَدَراً واعْتَدَرَ: كَثُرَ
مَاؤُهُ. والعُدْرةُ: الجُرْأَة والإِقدام. وعُدّار: اسْمٌ.
والعَدَّار: الملَّاح. والعَدَرُ: القَيْلَةُ الكَبِيرةُ؛ قَالَ
الأَزهري: أَراد بِالْقَيْلَةِ الأَدَرَ، وكأَن الْهَمْزَةَ قُلِبَتْ
عَيْنًا فَقِيلَ: عَدِرَ عَدَراً: والأَصل أَدِرَ أَدَراً.
عذر: العُذْر: الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْتَذر بِهَا؛ وَالْجَمْعُ
أَعذارٌ. يُقَالُ: اعْتَذَر فُلَانٌ اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرة
[مَعْذِرة] مِنْ دَيْنهِ فعَذَرْته، وعذَرَه يَعْذُرُهُ [يَعْذِرُهُ]
فِيمَا صَنَعَ عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرة [مَعْذِرة] ،
والاسم المعذَرة [المعذِرة] «1» . وَلِي فِي هَذَا الأَمر عُذْرٌ
وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ مِنَ الذَّنْبِ؛ قَالَ الجَمُوح
الظَّفَرِيُّ:
قَالَتْ أُمامةُ لَمَّا جِئْتُ زائَرها: ... هلَّا رَمَيْتَ بَبَعْض
الأَسْهُم السُّودِ؟
لِلَّهِ دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ، ... لولا حُدِدْتُ، وَلَا
عُذْرَى لِمَحْدودِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورد الْجَوْهَرِيُّ نِصْفَ هَذَا الْبَيْتِ:
إِني حُدِدْتُ، قَالَ وَصَوَابُ إِنشاده: لَوْلَا؛ قَالَ: والأَسْهُم
السُّود قِيلَ كِنَايَةٌ عَنِ الأَسْطر الْمَكْتُوبَةِ، أَي هلَّا
كتبْتَ لِي كِتَابًا، وَقِيلَ: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ
مُقْلَتيه، فَقَالَ: قَدْ رَمَيتُهم لَوْلَا حُدِدْتُ أَي مُنِعت.
وَيُقَالُ: هَذَا الشِّعْرُ لِرَاشِدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَكَانَ
اسْمُهُ غاوِياً، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، رَاشِدًا؛ وَقَوْلُهُ: لَوْلَا حُدِدْتُ هُوَ عَلَى إِرادة
أَن تَقْدِيرَهُ لَوْلَا أَن حُدِدْتُ لأَنَّ لَوْلَا الَّتِي
مَعْنَاهَا امتناعُ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ هِيَ مَخْصُوصَةٌ
بالأَسماء، وَقَدْ تَقَعُ بَعْدَهَا الأَفعال عَلَى تَقْدِيرِ أَن،
كَقَوْلِ الْآخَرِ:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لَا أُحِبّها، ... فقلتُ: بَلى، لَوْلَا
يُنازِعُني شَغْلي
وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ وشاهدُ العِذْرةِ مِثْلُ الرِّكبةِ والجِلْسةِ
قولُ النَّابِغَةُ:
هَا إِنّ تَا عِذْرة إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ، ... فإِن صاحِبَها قَدْ
تاهَ فِي البَلَدِ «2»
. وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قَالَ الأَخطل:
فَإِنْ تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ، ... فَقَدْ
أَعْذَرَتْنا فِي طِلابكمُ العُذْر
وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كَانَ مِنْهُ مَا يُعْذَرُ
بِهِ، وَالصَّحِيحُ أَن العُذْرَ الِاسْمُ، والإِعْذار الْمَصْدَرُ،
وَفِي الْمَثَلِ: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ وَيَكُونُ أَعْذَرَ
بِمَعْنَى اعْتَذَر اعْتِذَارًا يُعْذَرُ بِهِ وَصَارَ ذَا عُذْرٍ
مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يُخَاطِبُ بِنْتَيْهِ وَيَقُولُ: إِذا
متُّ فنُوحا وابْكِيا عَلَيَّ حَوْلًا:
فقُوما فقُولا بِالَّذِي قَدْ عَلِمْتُما، ... وَلَا تَخْمِشَا وَجْهاً
وَلَا تَحْلِقا الشَّعَرْ
وَقُولَا: هُوَ المَرْءُ الَّذِي لَا خَلِيلَه ... أَضاعَ، وَلَا خَانَ
الصديقَ، وَلَا غَدَرْ
إِلى الحولِ، ثُمَّ اسمُ السلامِ عَلَيْكُمَا، ... ومَنْ يَبْكِ
حَوْلًا كامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ
أَي أَتى بعُذْر، فَجَعَلَ الاعْتِذارَ بِمَعْنَى الإِعْذارِ،
والمُعْتَذِرُ يَكُونُ مُحِقّاً وَيَكُونُ غَيْرَ مُحِقٍّ؛ قَالَ
الْفَرَّاءُ: اعْتَذَرَ الرَّجُلُ إِذا أَتى بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا
لَمْ يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد:
وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعتذر
__________
(1) . قوله: [والاسم المعذرة] مثلث الذال كما في القاموس
(2) . في ديوان النابغة:
ها إِنّ ذي عِذْرةٌ إِلَّا تكن تفعت ... فإِنّ صاحبها مشاركُ النَّكَد
(4/545)
أَي أَتى بعُذْرٍ. وَقَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ
لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ
أَخْبارِكُمْ
؛ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا
يَعْنِي أَنه لَا عُذْرَ لَهُمْ، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها الكذبُ.
واعتذرَ رجلٌ إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ:
عَذَرْتُكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ؛ يَقُولُ: عَذَرْتُك دُونَ أَن تَعْتَذِرَ
لأَنّ المُعْتَذِرَ يَكُونُ مُحِقّاً وَغَيْرَ مُحِقٍّ؛ والمُعَذِّر
أَيضاً: كَذَلِكَ. واعْتَذَرَ منْ ذَنْبِهِ وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قَالَ
أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنك منها والتعَذّر بعد ما ... لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها
وَتَعَذَّرَ: اعْتَذَرَ واحتجَّ لِنَفْسِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنّ يَدَيْها، حِينَ يُفْلَقُ ضَفْرُها، ... يَدَا نَصَفٍ غَيْرَى
تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ
وعَذَّرَ فِي الأَمر: قَصَّر بَعْدَ جُهْد. والتَّعْذِيرُ فِي الأَمر:
التقصيرُ فِيهِ. وأَعْذَرَ: قَصَّر وَلَمْ يُبالِغ وَهُوَ يُرِي أَنه
مُبالِغٌ. وأَعْذَرَ فِيهِ: بالَغَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ العُمْرِ سِتِّينَ سَنَةً
؛ أَي لَمْ يُبْقِ فِيهِ مَوْضِعًا للاعْتِذارِ، حَيْثُ أَمْهَلَه
طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَعْتَذِر. يُقَالُ: أَعْذَرَ
الرَّجُلُ إِذا بَلَغ أَقْصى الغايةِ فِي العُذْر. وَفِي حَدِيثِ
المِقْداد: لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِليك
أَي عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عَنْكَ الْجِهَادَ
ورَخّصَ لَكَ فِي تَرْكِهِ لأَنه كَانَ قَدْ تَناهَى فِي السِّمَنِ
وعَجَزَ عَنِ الْقِتَالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مِمَّا عِنْدَهُ
وَلَا يَرْفَعْ يَدَهُ وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذَلِكَ يُخَجِّلُ
جَلِيسَه
؛ الإِعْذارُ: الْمُبَالَغَةُ فِي الأَمر، أَي ليُبالِغْ فِي الأَكل؛
مِثْلُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِنه كَانَ إِذا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ كانَ آخرَهم أَكْلًا
؛ وَقِيلَ: إِنما هُوَ
وليُعَذِّرْ
مِنَ التَّعْذِيرِ التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ فِي الأَكل لِيَتَوفَّرَ
عَلَى الْبَاقِينَ ولْيُرِ أَنه بالغَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فَكُنَّا نُعَذِّرُ
؛ أَي نُقَصِّر ونُرِي أَننا مُجْتَهِدُونَ. وعَذّرَ الرَّجُلُ، فَهُوَ
مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ وَلَمْ يأْت بِعُذرٍ. وعَذَّرَ: لَمْ يَثْبُتْ
لَهُ عُذْرٌ. وأَعْذَرَ: ثَبَتَ لَهُ عُذْرٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ
، بِالتَّثْقِيلِ؛ هُمُ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ وَلَكِنْ
يتكلَّفُون عُذْراً. وَقُرِئَ:
المُعْذِرون
بِالتَّخْفِيفِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ عُذْرٌ، قرأَها ابْنُ
عَبَّاسٍ ساكنةَ الْعَيْنِ وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَذَا
أُنْزِلَت. وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ المُعَذِّرِينَ. قَالَ الأَزهري:
ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلى أَن المُعْذِرينَ الَّذِينَ لَهُمُ
العُذْر؛ والمُعَذِّرِينَ، بِالتَّشْدِيدِ: الَّذِينَ يَعْتذِرون بِلَا
عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ، فكأَنَّ
الأَمرَ عِنْدَهُ أَن المُعَذِّرَ، بِالتَّشْدِيدِ، هُوَ المُظْهِرُ
للعُذْرِ اعْتِلَالًا مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ لَهُ فِي العُذْر وَهُوَ
لَا عُذْرَ لَهُ، والمُعْذِر الَّذِي لَهُ عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ
الَّذِي لَيْسَ بمُحقٍّ عَلَى جِهَةِ المُفَعِّل لأَنه المُمَرِّض
والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَالَ الأَزهري: وقرأَ
يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ وَحْدَهُ:
وَجَاءَ المُعْذِرُون
، سَاكِنَةَ الْعَيْنِ، وقرأَ سائرُ قُرّاء الأَمْصارِ:
الْمُعَذِّرُونَ
، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ، قَالَ: فَمَنْ قرأَ
الْمُعَذِّرُونَ
فَهُوَ فِي الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التَّاءُ فِي الذَّالِ
لِقُرْب المَخْرَجين، وَمَعْنَى المُعْتَذِرُون الَّذِينَ
يَعْتَذِرُون، كَانَ لَهُمْ عُذْرٌ أَو لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ هَاهُنَا
شَبِيهٌ بأَنْ يَكُونَ لَهم عُذْرٌ، وَيَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ
المُعِذِّرُون، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون
فأُسكنت التَّاءُ وأُبدل مِنْهَا ذَالٌ وأُدغمت فِي الذَّالِ ونُقِلَت
حَرَكَتُهَا إِلى الْعَيْنِ فَصَارَ الْفَتْحُ فِي الْعَيْنِ أَوْلى
الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ الْعَيْنَ
(4/546)
جَرّه لِالتقاء السَّاكِنَيْنِ، قَالَ:
وَلَمْ يُقْرَأْ بِهَذَا، قَالَ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المُعَذِّرُون
الَّذِينَ يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لَهُمْ عُذْراً وَلَا عُذْرَ
لَهُمْ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فَفِي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كَانَ
المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُعَذِّر، فَهُمْ لَا
عُذْرَ لَهُمْ، وإِذا كَانَ المُعَذِّرُون أَصلهم المُعْتَذِرُون
فأُلْقِيَت فتحةُ التَّاءِ عَلَى العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت
فِي الذَّالِ الَّتِي بَعْدَهَا فَلَهُمْ عُذْرٌ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ
سَلَامٍ الجُمَحِي: سأَلت يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ: وَجاءَ
الْمُعَذِّرُونَ
، فَقُلْتُ لَهُ: المُعْذِرُون، مُخَفَّفَةً، كأَنها أَقْيَسُ لأَن
المُعْذِرَ الَّذِي لَهُ عُذْرٌ، والمُعَذِّر الَّذِي يَعْتَذِر وَلَا
عُذْر لَهُ، فَقَالَ يُونُسُ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ
كِلَا الْفَرِيقَيْنِ كَانَ مُسيِئاً جَاءَ قَوْمٌ فَعذَّرُوا وجَلَّحَ
آخَرُونَ فَقَعَدُوا. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ: وَجاءَ
الْمُعَذِّرُونَ
، قَالَ: مَعْنَاهُ المُعْتَذِرُون. يُقَالُ: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً
فِي مَعْنَى اعْتَذَرَ، وَيَجُوزُ عِذَّرَ الرَّجُلُ يَعِذِّر، فَهُوَ
مُعِذِّر، وَاللُّغَةُ الأُولى أَجودهما. قَالَ: وَمِثْلُهُ هَدّى
يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى يَهِدِّي؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى؛ وَمِثْلُهُ
قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ
يَخَصِّمُون
، بِفَتْحِ الْخَاءِ، قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ المُعَذِّرُون
بِمَعْنَى المُقَصِّرِينَ عَلَى مُفَعِّليِن مِنَ التَّعْذير وَهُوَ
التَّقْصِيرُ. يُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ قِيَامَ تَعْذِيرٍ فِيمَا
اسْتَكْفَيْتُه إِذا لَمْ يُبالغْ وقَصَّرَ فِيمَا اعْتُمِدَ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثُ:
أَن بَنِي إِسرائيل كَانُوا إِذا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي نَهاهُم
أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم اللَّهُ بالعِقاب، وَذَلِكَ إِذا لَمْ
يُبالِغُوا فِي نَهْيِهم عَنِ الْمَعَاصِي، وداهَنُوهم وَلَمْ
يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بِالْمَعَاصِي حَقَّ الإِنْكارِ
، أَي نَهَوْهم نَهْياً قَصَّروا فِيهِ وَلَمْ يُبالغُوا؛ وضَعَ
المصدرَ مَوْضِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ حَالًا، كَقَوْلِهِمْ: جَاءَ
مَشْياً. وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:
وتَعاطى مَا نَهَيْتُ عَنْهُ تَعْذِيراً.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه
قَالَ: لَنْ يَهْلِكَ الناسُ حَتَّى يُعذِرُوا مِنْ أَنفسهم
؛ يُقَالُ: أَعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ إِذا أَمْكَن مِنْهَا، يَعْنِي
أَنهم لَا يَهْلِكون حَتَّى تَكْثُرَ ذُنُوبُهُمْ وَعُيُوبُهُمْ،
فيُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهم وَيَسْتَوْجِبُوا الْعُقُوبَةَ وَيَكُونَ
لِمَنْ يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قَامُوا بعُذْرِه فِي ذَلِكَ،
وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ عَذَرْته، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ،
وَحَقِيقَةُ عَذَرْت مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وَفِيهِ
لُغَتَانِ؛ يُقَالُ أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا كَثُرَتْ عيوبُه
وَذُنُوبُهُ وَصَارَ ذَا عَيْبٍ وَفَسَادٍ. قَالَ الأَزهري: وَكَانَ
بَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَذَر يَعْذِرُ بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَعْرفه
الأَصمعي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل:
فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ، ... فَقَدْ عَذَرَتْنا فِي
كِلاب وَفِي كَعَبِ «1»
. وَيُرْوَى: أَعْذَرَتْنا أَي جَعَلَتْ لَنَا عُذْراً فِيمَا
صَنَعْنَاهُ؛ وَهَذَا كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَنْ يَهْلِك عَلَى اللَّهِ إِلا هَالِكٌ
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: مَن يَعْذِرُني مِنْ فُلَانٍ؛ قَالَ ذُو
الإِصْبَع العَدْوانيّ:
عَذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَانَ، ... كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ
بَغَى بَعْضٌ عَلَى بَعْضِ، ... فَلَمْ يَرْعَوْا عَلَى بَعْضِ
فَقَدْ أَضْحَوْا أَحادِيثَ، ... بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ
يَقُولُ: هاتِ عُذْراً فِيمَا فَعَل بعضُهم بِبَعْضٍ مِنَ التباعُد
والتباغُض وَالْقَتْلِ وَلَمْ يَرْعَ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ، بَعْدِ ما
كَانُوا حيَّةَ الأَرض الَّتِي يَحْذَرُها كلُّ أَحد، فَقَدْ صَارُوا
أَحاديثَ لِلنَّاسِ يَرْفَعُونَهَا ويخفضونها، ومعنى
__________
(1) . هذا البيت في صفحة 545 مرويّ في صورة تختلف عما هو عليه في هذه
الصفحة، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأَخطل
(4/547)
يَخْفِضُونَهَا يُسِرّونها، وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ
إِلى ابْنِ مُلْجَم:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ
يُقَالُ: عَذِيرَك مِن فُلَانٍ، بِالنَّصْبِ، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك،
فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، يُقَالُ: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن
يَعْذِرني، ونصبُه عَلَى إِضمار هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛
وَيُقَالُ: مَا عِنْدَهُمْ عَذِيرةٌ أَي لَا يَعْذِرون، وَمَا
عِنْدَهُمْ غفيرةٌ أَي لَا يَغْفِرُون. والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛
يُقَالُ: مَن عَذِيرِي مِن فُلَانٍ أَي مَن نَصِيرِي. وعَذِيرُ
الرَّجُلِ: مَا يَرُومُ وَمَا يُحاوِلُ مِمَّا يُعْذَرُ عَلَيْهِ إِذا
فَعَلَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يُخَاطِبُ امرأَته:
جارِيَ لَا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي، ... سَيْرِي، وإِشْفاقي عَلَى
بَعِيرِي
يُرِيدُ يَا جَارِيَةُ فَرَخَّمَ، وَيُرْوَى: سَعْيِي، وَذَلِكَ أَنه
عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فكانَ يرُمُّ رَحْل نَاقَتِهِ لِسَفَرِهِ
فَقَالَتْ لَهُ امرأَته: مَا هَذَا الَّذِي ترُمُّ؟ فَخَاطَبَهَا
بِهَذَا الشِّعْرِ، أَي لَا تُنْكِري مَا أُحاوِلُ. والعَذِيرُ:
الْحَالُ؛ وأَنشد:
لَا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي
وَجَمْعُهُ عُذُرٌ مِثْلُ سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خُفِّفَ فَقِيلَ
عُذْر؛ وَقَالَ حَاتِمٌ:
أَماوِيَّ قَدْ طَالَ التجنُّبُ والهجْرُ، ... وَقَدْ عَذَرَتْنِي فِي
طِلابِكُمُ العُذْرُ
أَماوِيَّ إِن الْمَالَ غادٍ ورائحٌ، ... ويَبْقَى مِنَ الْمَالِ
الأَحاديثُ والذِّكْرُ
وَقَدْ عَلِمَ الأَقوامُ لَوْ أَن حَاتِمًا ... أَرادَ ثَراءَ المالِ،
كَانَ لَهُ وَفْرُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
وَقَدْ عَذَرَتْنِي فِي طِلَابِكُمُ عُذْرُ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعرابيين تَمِيمِيًّا وَقَيْسِيًّا
يَقُولَانِ: تَعَذَّرْت إِلى الرَّجُلِ تَعَذُّراً، فِي مَعْنَى
اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قَالَ الأَحْوَص بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنصاري:
طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ، ... فَلَمْ يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ
يَتَعَذَّرُ
أَي يَعْتَذر؛ يَقُولُ: أَنعم عَلَيْهِ نِعْمَةً لَمْ يَحْتَجْ إِلى
أَن يَعْتذر مِنْهَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ
يَتَعَذَّر أَي يَذْهَبُ عَنْهَا. وتَعَذَّر: تأَخَّر؛ قَالَ امْرُؤُ
الْقَيْسِ:
بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ مِنْهُ، يَمُنّه ... أَخُو الجَهْدِ، لَا
يَلْوِي عَلَى مَنْ تَعَذَّرا
والعَذِيرُ: العاذرُ. وعَذَرْته مِنْ فُلَانٍ أَي لُمْت فُلَانًا
وَلَمْ أَلُمْه؛ وعَذِيرَك إِيَّايَ مِنْهُ أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك
إِيَّايَّ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: يُقَالُ أَما تُعذرني مِنْ
هَذَا؟ بِمَعْنَى أَما تُنْصِفُني مِنْهُ. يُقَالُ: أَعْذِرْني مِنْ
هَذَا أَي أَنْصِفْني مِنْهُ. وَيُقَالُ: لَا يُعْذِرُك مِنْ هَذَا
الرَّجُلِ أَحدٌ؛ مَعْنَاهُ لَا يُلْزِمُه الذَّنْبَ فِيمَا تُضِيفُ
إِليه وَتَشْكُوهُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: مَنْ يَعْذِرُني
مِنْ فُلَانٍ أَي مَنْ يَقُومُ بعُذْرِي إِن أَنا جَازَيْتُهُ بسُوءِ
صَنِيعِهِ، وَلَا يُلْزِمُني لوْماً عَلَى مَا يَكُونُ مِنِّي إِليه؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِفك:
فاسْتَعْذَرَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيّ وَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ
يَعْذِرُني مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ
سَعْدٌ: أَنا أَعْذِرُك مِنْهُ
، أَي مَنْ يَقُومُ بعُذري إِن كافأْته عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ فَلَا
يلومُني؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استعذرَ أَبا
بَكْرٍ مِنْ عَائِشَةَ، كَانَ
(4/548)
عَتَبَ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ فَقَالَ لأَبي
بَكْرٍ: أَعْذِرْني مِنْهَا إِن أَدَّبْتُها
؛ أَي قُمْ بعُذْري فِي ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ مُعَاوِيَةَ؟ أَنا أُخْبِرُه
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ
يُخْبِرُنِي عَنْ نَفْسِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ يَعْذرني مِنْ هَؤُلَاءِ الضَّياطِرة؟
وأَعْذر فُلَانٌ مِنْ نفسه أَي أَتى من قبَل نَفْسِهِ. قَالَ: وعَذّر
يُعذّر نَفْسَهُ أَي أَتي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ قَالَ يُونُسُ: هِيَ
لُغَةُ الْعَرَبِ. وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر: لَمْ يَسْتَقِمْ.
وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر إِذا صَعُبَ وَتَعَسَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يتعَذَّر فِي مَرَضِهِ
؛ أَي يَتَمَنَّعُ وَيَتَعَسَّرُ. وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذُنُوبُهُ
وَعُيُوبُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
قَالُوا مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ
؛ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ بَنِي إِسرائيلَ وعَظُوا الَّذِينَ
اعتدَوْا فِي السَّبْتِ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ؟ فَقَالُوا،
يَعْنِي الْوَاعِظِينَ:
مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ
، فَالْمَعْنَى أَنهم قَالُوا: الأَمرُ بِالْمَعْرُوفِ واجبٌ عَلَيْنَا
فَعَلَيْنَا موعظةُ هَؤُلَاءِ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، وَيَجُوزُ
النَّصْبُ فِي مَعْذِرة فَيَكُونُ الْمَعْنَى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً
بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى رَبِّنَا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ عَلَى مَفْعِلة
مِنْ عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الِاعْتِذَارِ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرُ
بْنُ أَبي سُلْمَى:
عَلَى رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم، ... فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو
سَنُعْذَر
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ
وأَنشد: سَتَمْنَعُكُمْ، وَصَوَابُهُ: فَتَمْنَعُكُمْ، بِالْفَاءِ،
وَهَذَا الشِّعْرُ يُخَاطِبُ بِهِ آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان»
وَسُلَيْمٌ هُوَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ، وَهَوَازِنُ
بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفة بْنِ قَيْس عَيْلان،
وَغَطَفَانُ هُوَ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ،
وَكَانَ بَلَغَ زُهَيْرًا أَن هَوَازِنَ وَبَنِي سُلَيْمٍ يُرِيدُونَ
غَزْوَ غَطَفَانَ، فذكَّرهم مَا بَيْنَ غَطَفَانَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ
الرَّحِم، وأَنهم يَجْتَمِعُونَ فِي النَّسَبِ إِلى قَيْسٍ؛ وَقَبْلَ
الْبَيْتِ:
خُذُوا حظَّكم يَا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا ... أَواصِرَنا، والرِّحْمُ
بِالْغَيْبِ يُذْكَرُ
فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى مَا نَسُومُكم ... لَمِثْلانِ، بَلْ أَنتم إِلى
الصُّلْح أَفْقَرُ
مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى رِسْلِكم أَي عَلَى مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا
قَلِيلًا. وَقَوْلُهُ: سَنُعْدِي وَرَاءَكُمْ أَي سَنُعْدِي الْخَيْلَ
وَرَاءَكُمْ. وَقَوْلُهُ: أَو سَنُعْذَرُ أَي نأْتي بالعُذْر فِي
الذبِّ عَنْكُمْ وَنَصْنَعُ مَا نُعْذَر فِيهِ. والأَوَاصِرُ:
الْقَرَابَاتُ. والعِذَارُ مِنَ اللِّجَامِ: مَا سَالَ عَلَى خَدِّ
الْفَرَسِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وعِذَارُ اللِّجَامِ مَا وَقَعَ مِنْهُ
عَلَى خَدي الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: عذَارُ اللِّجَامِ السَّيْرانِ
اللَّذَانِ يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ القَفا، وَالْجَمْعُ عُذُرٌ. وعَذَرَه
يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وَقِيلَ: عَذَّره
جَعَلَ لَهُ عِذَاراً لا غير؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فإِني إِذا مَا خُلّةٌ رَثَّ وصلُها، ... وجَدَّتْ لصَرْمٍ
وَاسْتَمَرَّ عِذارُها
لَمْ يُفَسِّرْهُ الأَصمعي، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ عِذَار
اللِّجَامِ، وأَن يَكُونَ مِنَ التَعَذُّر الَّذِي هُوَ الِامْتِنَاعُ؛
وَفَرَسٌ قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الفَقْرُ أَزْيَنُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ عِذَارٍ حسَنٍ عَلَى خَدِّ فَرَسٍ
؛ العِذَارانِ مِنَ الْفَرَسِ: كالعارِضَين مِنْ وَجْهِ الإِنسان،
ثُمَّ سُمِّيَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّجَامِ
عِذاراً بِاسْمِ مَوْضِعِهِ. وعَذَرْت الفرس بالعِذَار
__________
(2) . قوله: [وهم سليم وغطفان] كذا بالأَصل، والمناسب وهوازن بدل
وغطفان كما يعلم مما بعد
(4/549)
أَعْذِره وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه.
والعِذَاران: جَانِبَا اللِّحْيَةِ لأَن ذَلِكَ مَوْضِعُ الْعِذَارِ
مِنَ الدَّابَّةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذَا التَّلَهْوُقِ ... يَغْشَى عِذَارَي
لحْيَتي ويَرْتَقي
وعِذَارُ الرَّجُلِ: شعرُه النَّابِتُ فِي مَوْضِعِ العِذَار.
والعِذَارُ: اسْتِوَاءُ شَعْرِ الْغُلَامِ. يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ
عِذَارَه أَي خطَّ لِحْيَتِهِ. والعِذَارُ: الَّذِي يضُمّ حبلَ
الْخِطَامِ إِلى رأْس الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ. وأَعْذَرَ النَّاقَةَ:
جَعَلَ لَهَا عِذَاراً. والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سُمِّيَ
بِذَلِكَ لأَنه مَوْضِعُ العِذَار مِنَ الدَّابَّةِ. وعَذَّرَ الغلامُ:
نَبَتَ شعرُ عِذَاره يَعْنِي خَدَّهُ. وخَلَعَ العِذَارَ أَي
الْحَيَاءَ؛ وَهَذَا مَثَلٌ لِلشَّابِّ المُنْهَمِك فِي غَيِّه،
يُقَالُ: أَلْقَى عَنْهُ جِلْبابَ الْحَيَاءِ كَمَا خلَع الفرسُ
العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قَالَ الأَصمعي: خلَع فُلَانٌ مُعَذَّرَه
إِذا لَمْ يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد بالمُعَذَّر الرَّسن ذَا
العِذَارين، وَيُقَالُ لِلْمُنْهَمِكِ فِي الْغَيِّ: خلَع عِذَارَه؛
وَمِنْهُ كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: اسْتَعْمَلْتُك
عَلَى الْعِرَاقَيْنِ فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ
العِذَارِ؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عَزَمَ عَلَى الأَمر: هُوَ شَدِيدُ
العِذَار، كَمَا يُقَالُ فِي خِلَافِهِ: فُلَانٌ خَليع الْعِذَارِ
كَالْفَرَسِ الَّذِي لَا لِجَامَ عَلَيْهِ، فَهُوَ يَعِيرُ عَلَى
وَجْهِهِ لأَن اللِّجَامَ يُمْسِكُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: خَلَعَ
عِذارَه أَي خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ وَانْهَمَكَ فِي الْغَيِّ.
والعِذَارُ: سِمةٌ فِي مَوْضِعِ العِذَار؛ وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي
التَّذْكِرَةِ: العِذَارُ سِمةٌ عَلَى الْقَفَا إِلى الصُّدْغَين.
والأَول أَعرف. وَقَالَ الأَحمر: مِنَ السِّمَاتِ العُذْرُ. وَقَدْ
عُذِرَ الْبَعِيرُ، فَهُوَ مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سِمَةٌ كالعِذار؛
وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ أَبي
عُبَيد يَصِفُ أَياماً لَهُ مَضَتْ وطِيبَها مِنْ خَيْرٍ وَاجْتِمَاعٍ
عَلَى عَيْشٍ صَالِحٍ:
إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا، ... وإِذ نَحْنُ فِي
حالٍ مِنَ العَيْشِ صالحِ
وَذُو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه، ... يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام
اللَّقائِحِ
قَالَ الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الْكَثِيرَةُ. والمُيَسِّر: الَّذِي
قَدْ جَاءَ لبنُه. وَذُو حَلَقٍ: يَعْنِي إِبلًا مِيسَمُها الحَلَقُ:
يُقَالُ: إِبلٌ محَلَّقة إِذا كَانَ سِمَتُها الحَلَق. والأَخْطَارُ:
جَمْعُ خِطْر، وَهِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ. والعَواذِيرُ: جَمْعُ
عاذُور، وَهُوَ أَن يَكُونَ بَنُو الأَب مِيسَمُهم وَاحِدًا، فإِذا
اقْتَسَمُوا مَالَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَعْذِرْ عَنِّي،
فيخُطّ فِي المِيسَم خَطًّا أَو غَيْرَهُ لِتُعْرَفَ بِذَلِكَ سِمَةُ
بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَيُقَالُ: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي سِمْه
بِغَيْرِ سِمَة بَعِيرِي لِتَتَعَارَفَ إِبلُنا. والعاذُورُ: سِمَةٌ
كَالْخَطِّ، وَالْجَمْعُ العَواذِيرُ. والعُذْرةُ: الْعَلَامَةُ.
والعُذْر: الْعَلَّامَةُ. يُقَالُ: أَعْذِر عَلَى نَصِيبِكَ أَي
أَعْلِمْ عَلَيْهِ. والعُذْرةُ: النَّاصِيَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الخُصْلة
مِنَ الشَّعْرِ وعُرْفُ الْفَرَسِ وَنَاصِيَتُهُ، والجمعُ عُذَر؛
وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ
وَقَالَ طَرَفَةُ:
وهِضَبّات إِذا ابْتَلَّ العُذَرْ
وَقِيلَ: عُذْر الْفَرَسِ مَا عَلَى المِنْسَج مِنَ الشَّعْرِ،
وَقِيلَ: العُذْرة الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى كَاهِلِ الْفَرَسِ.
والعُذَرُ: شَعَرَاتٌ مِنَ الْقَفَا إِلى وَسَطِ الْعُنُقِ. والعِذار
مِنَ الأَرض: غِلَظٌ يَعْتَرِضُ فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ، وَكَذَلِكَ هُوَ
مِنَ الرَّمْلِ، وَالْجَمْعُ عُذْرٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لِذِي
الرُّمَّةِ:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، ... عِذارَينِ مِنْ جَرْداءَ
وعْثٍ خُصُورُها
(4/550)
أَي حَبْلين مُسْتَطِيلَيْنِ مِنَ
الرَّمْلِ، وَيُقَالُ: طَرِيقَيْنِ؛ هَذَا يَصِفُ نَاقَةً يَقُولُ:
كَمْ جَاوَزَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ مِنْ رَمْلَةٍ عَاقِرٍ لَا تَنْبُتُ
شَيْئًا، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا عَاقِرًا كالمرأَة الْعَاقِرِ.
والأَلاءُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ وإِنما يَنْبُتُ فِي
جَانِبَيِ الرَّمْلَةِ، وَهُمَا العِذَارانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا.
وجَرْداء: مُنْجَرِدة مِنَ النَّبْتِ الَّذِي تَرْعَاهُ الإِبل.
والوَعْثُ: السَّهْلُ. وخُصورُها: جَوَانِبُهَا. والعُذْرُ: جَمْعُ
عِذار، وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الأَرض. وعِذارُ الْعِرَاقِ: مَا
انْفَسَح عَنِ الطَّفِّ. وعِذارا النَّصْلِ: شَفْرَتاه. وعِذارا
الحائطِ وَالْوَادِي: جَانِبَاهُ. وَيُقَالُ: اتَّخَذَ فُلَانٌ فِي
كَرْمِهِ عِذاراً مِنَ الشَّجَرِ أَي سِكّة مُصْطَفَّةٌ. والعُذْرة:
البَظْر؛ قَالَ:
تَبْتَلُّ عُذْرتُها فِي كُلِّ هاجِرةٍ، ... كَمَا تَنَزَّل
بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ
والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الْجِلْدَةُ يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ.
وعَذَرَ الغلامَ وَالْجَارِيَةَ يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما:
خَتَنَهما؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي فتْيَةٍ جَعَلُوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ، ... حَاشايَ، إِنِّي
مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
والأَكثر خَفَضْتُ الْجَارِيَةَ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور
والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كُلُّهُ: طَعَامُ
الْخِتَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْوَلِيمَةُ فِي الإِعْذار حقٌ
؛ الإِعْذار: الْخِتَانُ. يُقَالُ: عَذَرته وأَعْذَرته فَهُوَ
مَعْذُورٌ ومُعْذَرٌ، ثُمَّ قِيلَ لِلطَّعَامِ الَّذِي يُطْعم فِي
الْخِتَانِ إِعْذار. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا إِعْذارَ عامٍ وَاحِدٍ
؛ أَي خُتِنّا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَكَانُوا يُخْتَنُونَ لِسِنٍّ
مَعْلُومَةٍ فِيمَا بَيْنَ عَشْرِ سِنِينَ وخمسَ عَشْرَةَ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
وُلِدَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعْذوراً مَسْروراً
؛ أَي مَخْتُونًا مَقْطُوعَ السُّرَّةِ. وأَعْذَرُوا لِلْقَوْمِ:
عَمِلوا ذَلِكَ الطَّعَامَ لَهم وأَعَدّوه. والإِعْذارُ والعِذارُ
والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة. وعَذَّرَ الرجلُ: دَعَا
إِليه. يُقَالُ: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان وَنَحْوِهِ. أَبو زَيْدٍ:
مَا صُنِع عِنْدَ الْخِتَانِ الإِعْذار، وَقَدْ أَعْذَرْت؛ وأَنشد:
كُلَّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ: ... الخُرْس والإِعْذار
والنَّقِيعَهْ
والعِذَار: طَعَامُ البِنَاء وأَن يَسْتَفِيدَ الرجلُ شَيْئًا جَدِيدًا
يُتَّخَذُ طَعَامًا يَدْعُو إِليه إِخوانه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ:
العُذْرة قُلْفةُ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَقُل إِن ذَلِكَ اسْمٌ لَهَا
قَبْلَ الْقَطْعِ أَو بَعْدَهُ. والعُذْرة: البَكارةُ؛ قَالَ ابْنُ
الأَثير: العُذْرة مَا لِلْبِكْر مِنَ الِالْتِحَامِ قَبْلَ
الِافْتِضَاضِ. وَجَارِيَةٌ عَذْراء: بِكْرٌ لَمْ يمسَّها رَجُلٌ؛
قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها،
مِنْ قَوْلِكَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الأَمرُ، وَجَمْعُهَا عَذارٍ وعَذارى
وعَذْراوات وعَذارِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَحارى. وَفِي الْحَدِيثِ فِي
صِفَةِ الْجَنَّةِ:
إِن الرَّجُلَ لَيُفْضِي فِي الغَداةِ الْوَاحِدَةِ إِلى مِائَةِ
عَذْراء
؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صدرُها مِنْ شِدَّةِ الجَدْب؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ إِنه لَمْ يَجد امرأَتَه عَذْراءَ
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لأَن العُذْرةَ قَدْ تُذْهِبُها الحيضةُ
والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: مَا لَكَ ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ
أَي مُلاعَبتِهنّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى
وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها. والاعْتذارُ:
(4/551)
الاقْتِضاضُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَبو
عُذْر فُلَانَةٍ إِذا كَانَ افْتَرَعَها وَاقْتَضَّهَا، وأَبو
عُذْرَتها. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَنت بِذِي عُذْرِ هَذَا الكلامِ أَي
لسْتَ بأَوَّلِ مَنِ اقْتضّه. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لِلْجَارِيَةِ
عُذْرتانِ إِحداهما الَّتِي تَكُونُ بِهَا بِكْرًا والأُخرى فِعْلُها؛
وَقَالَ الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَهَا عُذْرتانِ إِحداهما
مَخْفِضُها، وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَفْضِ مِنَ الْجَارِيَةِ، والعُذْرةُ
الثَّانِيَةُ قضّتُها، سُمِّيَتْ عُذْرةً بالعَذْر، وَهُوَ الْقَطْعُ،
لأَنها إِذا خُفِضت قُطِعَتْ نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت انْقَطَعَ
خاتمُ عُذْرتِها. والعاذُورُ: مَا يُقْطع مِنْ مَخْفِض الْجَارِيَةِ.
ابْنُ الأَعرابي: وَقَوْلُهُمُ اعْتَذَرْت إِليه هُوَ قَطْعُ مَا فِي
قَلْبِهِ. وَيُقَالُ: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انْقَطَعَتْ.
والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عَنْ حَاجَتِهِ وقطعُه عَمَّا أَمْسَك فِي
قَلْبِهِ. واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ وَمَرَرْتُ بِمَنْزِلٍ
مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
شُهُورُ الصَّيْفِ، واعْتَذَرَتْ إِلَيْهِ ... نِطَاف الشيِّطَين مِن
الشِّمال
وتَعَذَرَّ الرَّسْمُ واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قَالَ أَوس:
فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت، ... فمَعْقُلة إِلى مَطارِ
فوَاحِف
وَقَالَ ابْنُ ميّادةَ وَاسْمُهُ الرَّمَّاحُ بْنُ أَبرد «1» :
مَا هاجَ قَلْبك مِنْ مَعَارِفِ دِمْنَةٍ، ... بالبَرْقِ بَيْنَ
أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ
لَعِبَتْ بِهَا هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ ... قَفْراً تَعَذَّر،
غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ
البَرْق: جَمْعُ بَرْقَةٍ، وَهِيَ حِجَارَةٌ ورملٌ وَطِينٌ
مُخْتَلِطَةٌ. والأَصالِفُ والفَدافِدُ: الأَماكن الْغَلِيظَةُ
الصُّلْبَةُ؛ يَقُولُ: دَرَسَتْ هَذِهِ الْآثَارُ غَيْرَ الأَوْرَقِ
الهامِد، وَهُوَ الرَّمَادُ؛ وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ يَمْدَحُ بِهَا
عَبْدَ الْوَاحِدِ بن سليمان ابن عَبْدِ الْمَلِكِ وَيَقُولُ فِيهَا:
مَنْ كَانَ أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ
عَبْدِ الواحدِ
سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه، ... بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ
«2»
. نُصِرَ أَي أُمْطِر. وأَرض مَنْصُورَةٌ: مَمْطُورَةٌ. والمُشَرَّعُ:
شَرِيعَةُ الْمَاءِ. ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وَكَذَلِكَ أَرضٌ
واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ فِي
الِاعْتِذَارِ بِمَعْنَى الدُّرُوس:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ، ... لِلَّهِ دَرُّك أَيَّ
العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟
هَلْ أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟ ... أَمْ هَلْ لِقَلْبِك عَنْ
أُلَّافِه وطَرُ؟
أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ، فَقَدْ جَعَلَتْ ... أَطْلالُ إِلْفِك
بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟
ضِعْفُ الشَّيْءِ: مثلهُ؛ يَقُولُ: عِشْت عمرَ رَجُلَيْنِ وأَفناه
الْعُمُرُ. وَقَوْلُهُ: أَم هَلْ لِقَلْبِكَ أَي هَلْ لِقَلْبِكَ
حَاجَةٌ غَيْرَ أُلَّافِه أَي هَلْ لَهُ وَطَرٌ غَيْرَهُمْ.
وَقَوْلُهُ: أَم كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ؛ الْآيَاتُ: الْعَلَامَاتُ،
وأَطْلالُ إِلْفك قَدْ دَرَسَت، وأُخِذ الاعْتِذارُ مِنَ الذَّنْبِ
مِنْ هَذَا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي عَلَى
ذَنْبِهِ. والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، مِنْ قَوْلِهِمُ:
اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. والمَعاذِرُ: جَمْعُ مَعْذِرة.
وَمِنْ أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
؛ قِيلَ: الْمَعَاذِيرُ الحُجَجُ، أَي
__________
(1) . قوله: [ابن أَبرد] هكذا في الأَصل
(2) . قوله:
[سبقت أَوائله أواخره]
هو هكذا في الأَصل والشطر ناقص
(4/552)
لَوْ جادَلَ عَنْهَا وَلَوْ أَدْلى بِكُلِ
حُجَّةٍ يَعْتَذِرُ بِهَا؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعاذير
السُّتور بِلُغَةِ الْيَمَنِ، وَاحِدُهَا مِعْذارٌ، أَي وَلَوْ أَلْقى
مَعاذِيرَهُ
. وَيُقَالُ: تَعَذَّرُوا عَلَيْهِ أَي فَرُّوا عَنْهُ وَخَذَلُوهُ.
وَقَالَ أَبو مَالِكٍ عَمْرُو ابن كِرْكِرَة: يُقَالُ ضَرَبُوهُ
فأَعْذَروه أَي ضَرَبُوهُ فأَثْقَلُوه. وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي
أُشْرف بِهِ عَلَى الْهَلَاكِ. وَيُقَالُ: أَعْذَرَ فُلَانٌ فِي ظَهْرِ
فُلَانٍ بالسيَاط إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فِيهِ، وشَتَمه فبالغَ
فِيهِ حَتَّى أَثَّر بِهِ فِي سبِّه؛ وَقَالَ الأَخطل:
وَقَدْ أَعْذَرْن فِي وَضَحِ العِجَانِ
والعَذْراء: جامِعةٌ تُوضَعُ فِي حَلْق الإِنسان لَمْ تُوضَعْ فِي
عُنُقِ أَحد قَبْلَهُ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ مِنْ حَدِيدٍ يعذَّب بِهِ
الإِنسانُ لِاسْتِخْرَاجِ مَالٍ أَو لإِقرارٍ بأَمر. قَالَ الأَزهري:
والعَذَارى هِيَ الْجَوَامِعُ كالأَغْلال تُجْمَع بِهَا الأَيدي إِلى
الأَعناق. والعَذْراء: الرَّمْلَةُ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ. ورَمْلة
عَذْراء: لَمْ يَرْكَبْها أَحدٌ لِارْتِفَاعِهَا. ودُرَّة عَذْراءُ.
لَمْ تُثْقب. وأَصابعُ العَذارَى: صِنْف مِنَ العِنَب أَسود طِوَالٌ
كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع العَذارى المُخَضَّبَةِ.
والعَذْراء: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، أُراها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها لَمْ تُنْكَ.
والعَذْراءُ: برْجٌ مِنْ بُرُوجِ السَّمَاءِ. وَقَالَ النَّجَّامون:
هِيَ السّنْبُلة، وَقِيلَ: هِيَ الجَوْزاء. وعَذْراء: قَرْيَةٌ
بِالشَّامِ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ أَرض بِنَاحِيَةِ دِمَشْقَ؛
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها لَمْ تُنْكَ
بِمَكْرُوهٍ وَلَا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال الأَخطل:
ويا مَنَّ عَنْ نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ ... بنَا العِيسُ عَنْ
عَذْراءَ دارِ بَنِي الشَّجْب
والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشْتَدَّ غَمُّ الْحَرِّ، وَهِيَ تَطْلُعُ
بَعْدَ الشِّعْرى، وَلَهَا وَقْدة وَلَا رِيحَ لَهَا وتأْخذ بالنفَس،
ثُمَّ يطلُع سُهَيلٌ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: العُذْرة كواكبُ فِي آخِرِ
المَجَرَّة خَمْسَةٌ. والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ فِي الْحَلْقِ؛
وَرَجُلٌ مَعْذورٌ: أَصابَه ذَلِكَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يَا فَرَزْدَقُ كَيْنَها، ... غَمْزَ الطَّبِيبِ
نَغانِغَ المَعْذُورِ
الكَيْنُ: لَحْمُ الْفَرْجِ. والعُذْرة: وَجَعُ الْحَلْقِ مِنَ
الدَّمِ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ أَيضاً يُسَمَّى عُذْرة، وَهُوَ قَرِيبٌ
مِنَ اللَّهاةِ. وعُذِرَ، فَهُوَ مَعْذورٌ: هاجَ بِهِ وجعُ الحلقِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى صَبِيًّا أُعْلِقَ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرةِ
؛ هُوَ وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يهيجُ مِنَ الدَّمِ، وَقِيلَ: هِيَ قُرْحة
تَخْرُجُ فِي الحَزْم الَّذِي بَيْنَ الْحَلْقِ والأَنف يَعْرِض
لِلصِّبْيَانِ عِنْدَ طُلُوعِ العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى خِرْقةٍ
فَتَفْتِلُها فَتْلًا شَدِيدًا، وتُدْخِلُها فِي أَنْفِه فتطعَن ذَلِكَ
الموضعَ، فينفجرُ مِنْهُ دمٌ أَسْودُ رُبَّمَا أَقْرحَه، وَذَلِكَ
الطعنُ يُسَمَّى الدَّغْر. يُقَالُ: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا
غَمَزَت حلْقَه مِنَ العُذْرة، إِن فَعَلَتْ بِهِ ذَلِكَ، وَكَانُوا
بَعْدَ ذَلِكَ يُعَلِّقون عَلَيْهِ عِلاقاً كالعُوذة. وَقَوْلُهُ:
عِنْدَ طُلُوعِ العُذْرة؛ هِيَ خمسةُ كواكبَ تَحْتَ الشِّعْرى
العَبُور، وَتُسَمَّى العَذارى، وَتَطْلُعُ فِي وَسَطِ الْحَرِّ،
وَقَوْلُهُ: مِنَ العُذْرة أَي مِنْ أَجْلِها. والعاذِرُ: أَثرُ
الجُرْح؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُزاحِمُهم بِالْبَابِ إِذ يَدْفَعُونَني، ... وبالظهرِ، مِنِّي مِنْ
قَرَا الْبَابِ عاذِرُ
تَقُولُ مِنْهُ: أَعْذَرَ بِهِ أَي تَرَكَ بِهِ عاذِراً، والعَذِيرُ
مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وَهُوَ الإِبداء.
يُقَالُ: قَدْ ظَهَرَ عاذِره، وَهُوَ دَبُوقاؤه.
(4/553)
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ. والعاذِرُ
والعَذِرةُ: الْغَائِطُ الَّذِي هُوَ السَّلح. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَرِهَ السُّلْت الَّذِي يُزْرَعُ بالعَذِرة
؛ يُرِيدُ الغائطَ الَّذِي يُلْقِيهِ الإِنسان. والعَذِرةُ: فِنَاءُ
الدَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: أَنه عاتَب قَوْمًا فَقَالَ: مَا لَكَمَ لَا تُنَظِّفُون
عَذِراتِكم؟
أَي أَفْنِيَتكم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبّ النَّظافةَ فَنَظِّفُوا عَذِراتكم وَلَا
تَشَبَّهوا بِالْيَهُودِ.
وَفِي حَدِيثِ
رُقَيقة: وَهَذِهِ عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك
، وَقِيلَ: العَذِرةُ أَصلها فِناءُ الدَّارِ، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما
سُمِّيَتْ عَذِراتُ النَّاسِ بِهَذَا لأَنها كَانَتْ تُلْقَى
بالأَفْنِية، فكُنِيَ عَنْهَا بِاسْمِ الْفَنَاءِ كَمَا كُنِيَ
بِالْغَائِطِ وَهِيَ الأَرض الْمُطْمَئِنَّةُ عَنْهَا؛ وَقَالَ
الْحُطَيْئَةُ يَهْجُو قَوْمَهُ وَيَذْكُرُ الأَفنية:
لعَمْرِي لَقَدْ جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم ... قِباحَ الوُجوهِ
سَيِّئِي العَذِراتِ
أَراد: سَيِّئِينَ فَحَذَفَ النُّونَ للإِضافة؛ وَمَدَحَ فِي هَذِهِ
الْقَصِيدَةِ إِبِلَهُ فَقَالَ:
مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها، ... إِذا النارُ أَبْدَتْ
أَوْجُهَ الخفِراتِ
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: بِئْسَ الرَّجُلُ أَنت تَمْدَحُ إبِلَكَ
وَتَهْجُو قومَك وَفِي الْحَدِيثِ:
اليهودُ أَنْتَنُ خَلْقِ اللَّهِ عَذِرةً
؛ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الفِناءَ وأَن يَعْنِيَ بِهِ ذَا بطونِهم،
وَالْجَمْعُ عَذِرات؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَّرْتُهَا لأَن
الْعَذِرَةَ لَا تُكَسَّرُ؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة مِنْ ذَلِكَ
عَلَى المثَل، كَقَوْلِهِمْ بَرِيءُ الساحةِ. وأَعْذَرَت الدارُ أَي
كَثُرَ فِيهَا العَذِرةُ. وتعَذَّرَ مِنَ العَذِرَة أَي تلَطَّخ.
وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة. والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ
الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ الْقَوْمُ. وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ مَا
يُخْرَجُ مِنْهُ فيُرْمَى بِهِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ العَذِرة والعَذِبة. والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِمِسْكِينٍ الدَّارِمِيِّ:
ومُخاصِم خاصَمْتُ فِي كَبَدٍ، ... مِثْلِ الدِّهان، فَكَانَ لِيَ
العُذْرُ
أَي قاوَمْتُه فِي مزلّةٍ فَثَبَتَتْ قَدَمِي وَلَمْ تَثْبُتْ قدمُه
فَكَانَ النُّجْحُ لِي. وَيُقَالُ فِي الْحَرْبِ: لِمَنِ العُذْرُ؟ أَي
النَّجْحُ وَالْغَلَبَةُ. الأَصمعي: لَقِيتُ مِنْهُ عاذُوراً أَي
شَرًّا، وَهُوَ لُغَةٌ فِي العاثُور أَو لُثْغَةٍ. وَتَرَكَ المطرُ
بِهِ عاذِراً أَي أَثراً. والعواذِيرُ: جَمْعُ العاذِرِ، وَهُوَ
الأَثر. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عاذِرٌ
أَي أَثر. والعاذِرُ: العِرْقُ الَّذِي يخرُج مِنْهُ دمُ
الْمُسْتَحَاضَةِ، وَاللَّامُ أَعرف «3» . والعاذِرةُ: المرأَة
الْمُسْتَحَاضَةُ، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِنْ إِقامة
العُذْر؛ وَلَوْ قَالَ إِن العاذِرَ هُوَ الْعِرْقُ نَفْسُهُ لأَنه
يَقُومُ بِعُذْرِ المرأَة لَكَانَ وَجْهًا، وَالْمَحْفُوظُ الْعَاذِلُ،
بِاللَّامِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً
عُذْراً أَوْ نُذْراً
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: العُذْرُ والنُّذْر وَاحِدٌ، قَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يُثَقِّل، قَالَ أَبو جَعْفَرٍ: مَن
ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كَمَا تَقُولُ رُسُل فِي رُسْل؛
وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: عُذْراً أَوْ نُذْراً
، فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ فالمُلْقِيات
ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنهما نُصِبَا
عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ ذِكْراً، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ
أَن تنصِبَهما بِقَوْلِهِ ذِكْراً؛ الْمَعْنَى فَالْمُلْقِيَاتِ إِن
ذَكَرَتْ عُذْرًا أَو نُذْرًا، وَهُمَا اسْمَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ
الإِعْذار والإِنْذار، وَيَجُوزُ تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
__________
(3) . يريد أن العاذل، باللام، أعرف من العاذر، بالراء
(4/554)
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عاتَبَك عَلَى
أَمر قَبْلَ التقدُّم إِليك فِيهِ: وَاللَّهِ مَا استْتَعْذَرْتَ
إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لَمْ تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ
والإِنذارَ. والاستعذارُ: أَن تَقُولَ لَهُ أَعْذِرْني مِنْكَ. وحمارٌ
عَذَوَّرٌ: واسعُ الْجَوْفِ فحّاشٌ. والعَذَوَّرُ أَيضاً: السيء الخلُق
الشَّدِيدُ النفْس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حُلْو حَلال الْمَاءِ غَيْرُ عَذَوّر
أَي مَاؤُهُ وحوضُه مُبَاحٌ. ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: وَاسْعٌ عَرِيضٌ،
وَقِيلَ شَدِيدٌ؛ قَالَ كَثِيرُ بْنُ سَعْدٍ:
أَرَى خَاليَ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني ... كَرِيماً، إِذا مَا
ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا
ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذَلِكَ فِي الإِبل. وعُذْرة: قَبِيلَةٌ
مِنَ الْيَمَنِ؛ وَقَوْلُ زَيْنَبَ بِنْتِ الطَّثَرِيَّةَ تَرْثِي
أَخاها يَزِيدَ:
يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظَالِمًا، ... وكلُّ الَّذِي حَمَّلْتَه
فَهُوَ حامِلُهْ
إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كَانَ عَذَوَّراً ... عَلَى الحَيِّ، حَتَّى
تَسْتَقلَّ مَراجِلُه
قَوْلُهُ: وَيُنْجِيكَ ظَالِمًا أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ
حَماكَ ومَنَعَ مِنْكَ. والعَذوَّر: السَّيِّءُ الْخُلُقِ، وإِنما
جعلَتْه عَذوَّراً لِشِدَّةِ تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه عَلَى
تَعْجِيلِ قِراهم حَتَّى تَسْتَقِلَّ الْمَرَاجِلُ عَلَى الأَثافيّ.
والمَراجلُ: الْقُدُورُ، واحدها مِرْجَل.
عذفر: جَمَلٌ عُذافِرٌ وعَذَوْفَرٌ: صُلْبٌ عَظِيمٌ شَدِيدٌ، والأُنثى
بِالْهَاءِ. الأَزهري: العُذافِرةُ النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الأَمِينةُ
الوَثِيقة الظَّهِيرةُ وَهِيَ الأَمُون. والعُذافِرُ: الأَسد
لِشِدَّتِهِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وعُذافِرٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وعُذافرٌ:
اسْمُ كَوْكَبِ الذَّنَبِ. قَالَ الأَصمعي: العُذافِرةُ النَّاقَةُ
الْعَظِيمَةُ، وَكَذَلِكَ الدَّوسَرة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
عُذَافِرة تَقَمَّصُ بالرُّدَافَى، ... تَخَوَّنَها نزُولي وارْتِحالي
وفي قصيدة كَعْبٍ: وَلَنْ يَبْلُغَهَا إِلا عُذافِرة؛ هِيَ النَّاقَةُ
الصُّلْبة القوية.
عذمهر: بَلَدٌ عَذَمْهَرٌ: رَحْبٌ واسع.
عرر: العَرُّ والعُرُّ والعُرَّةُ: الجربُ، وَقِيلَ: العَرُّ،
بِالْفَتْحِ، الْجَرَبُ، وَبِالضَّمِّ، قُروحٌ بأَعناق الفُصلان.
يُقَالُ: عُرَّت، فَهِيَ مَعْرُورة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بَعْدَ عَرِّه
أَي جَرَبِه، وَيُرْوَى غَرّه، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَقِيلَ: العُرُّ
داءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فَيَتَمَعَّطُ عَنْهُ وَبَرُه حَتَّى يَبْدُوَ
الجلدُ ويَبْرُقَ؛ وَقَدْ عَرَّت الإِبلُ تَعُرُّ وتَعِرُّ عَرّاً،
فَهِيَ عَارَّةٌ، وعُرَّتْ. واستعَرَّهم الجربُ: فَشَا فِيهِمْ.
وَجَمَلٌ أَعَرُّ وعارٌّ أَي جَرِبٌ. والعُرُّ، بِالضَّمِّ: قُرُوحٌ
مِثْلُ القُوَباء تَخْرُجُ بالإِبل مُتَفَرِّقَةً فِي مَشَافِرِهَا
وَقَوَائِمِهَا يَسِيلُ مِنْهَا مثلُ الْمَاءِ الأَصفر، فتُكْوَى
الصِّحاحُ لِئَلَّا تُعْدِيها المِراضُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: عُرَّت
الإِبلُ، فَهِيَ مَعْرُورة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فحَمَّلْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ وتَرَكْتَه، ... كذِي العُرِّ يُكْوَى
غيرُه، وَهْوَ راتِعْ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فَقَدْ غَلِطَ لأَن
الجرَب لَا يُكْوى مِنْهُ؛ وَيُقَالُ: بِهِ عُرَّةٌ، وَهُوَ مَا
اعْتَراه مِنَ الْجُنُونِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ويَخْضِدُ فِي الآرِيّ حَتَّى كأَنما ... بِهِ عُرَّةٌ، أَو طائِفٌ
غيرُ مُعْقِب
(4/555)
وَرَجُلٌ أَعَرُّ بيّنُ العَرَرِ
والعُرُورِ: أَجْرَبُ، وَقِيلَ: العَرَرُ والعُرُورُ الجرَبُ نَفْسُهُ
كالعَرِّ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
خَلِيلي الَّذِي دَلَّى لِغَيٍّ خَلِيلَتي ... جِهاراً، فكلٌّ قَدْ
أَصابَ عُرُورَها
والمِعْرارُ مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يُصِيبُهَا مِثْلُ العَرّ وَهُوَ
الْجَرَبُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ التَّوَّزِيّ؛ وَاسْتَعَارَ
العَرّ وَالْجَرَبَ جَمِيعًا لِلنَّخْلِ وإِنما هُمَا فِي الإِبل.
قَالَ: وَحَكَى التَّوَّزِيُّ إِذا ابْتَاعَ الرَّجُلُ نَخْلًا
اشْتَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ: لَيْسَ لِي مِقْمارٌ وَلَا
مِئْخارٌ وَلَا مِبْسارٌ وَلَا مِعْرارٌ وَلَا مِغْبارٌ؛ فالمِقْمارُ:
البيضاءُ البُسْر الَّتِي يَبْقَى بُسْرُها لَا يُرْطِبُ، والمِئْخارُ:
الَّتِي تُؤَخِّرُ إِلى الشِّتَاءِ، والمِغْبارُ: الَّتِي يَعْلُوها
غُبارٌ، والمِعْرار: مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سأَل آخَرَ عَنْ مَنْزِلِهِ فأَخْبَره أَنه يَنْزِلُ
بَيْنَ حَيّين مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ: نَزَلْتَ بَيْنَ المَعَرّة
والمَجَرّة
؛ المَجرّةُ
الَّتِي فِي السَّمَاءِ البياضُ الْمَعْرُوفُ،
والمَعَرَّة
مَا وراءَها مِنْ نَاحِيَةِ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ؛ سُمِّيَتْ
مَعَرّة لِكَثْرَةِ النُّجُومِ فِيهَا، أَراد بَيْنَ حَيَّيْنِ
عَظِيمَيْنِ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ. وأَصل المَعَرَّة: مَوْضِعُ العَرّ
وَهُوَ الجرَبُ وَلِهَذَا سَمَّوا السماءَ الجَرْباءَ لِكَثْرَةِ
النُّجُومِ فِيهَا، تَشْبِيهًا بالجَرَبِ فِي بَدَنِ الإِنسان. وعارَّه
مُعارّة وعِراراً: قاتَلَه وَآذَاهُ. أَبو عَمْرٍو: العِرارُ القِتالُ،
يُقَالُ: عارَرْتُه إِذا قَاتَلْتَهُ. والعَرَّةُ والمَعُرَّةُ:
الشِّدَّةُ، وَقِيلَ: الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ. والمَعَرَّةُ: الإِثم.
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْ الْجَرَبِ، أَي يُصِيبُكُمْ مِنْهُمْ أَمر
تَكْرَهُونه فِي الدِّيات، وَقِيلَ: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه
كَجِنَايَةِ العَرِّ وَهُوَ الْجَرَبُ؛ وأَنشد:
قُلْ لِلْفوارِس مِنْ غُزَيّة إِنهم، ... عِنْدَ الْقِتَالِ، مَعَرّةُ
الأَبْطالِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحاق بْنِ يَسَارٍ: المَعَرَّةُ الغُرْم؛
يَقُولُ: لَوْلَا أَن تُصِيبُوا مِنْهُمْ مُؤْمِنًا بِغَيْرِ عِلْم
فتَغْرموا دِيَته فأَما إِثمه فإِنه لَمْ يخْشَه عَلَيْهِمْ. وَقَالَ
شَمِرٌ: المَعَرّةُ الأَذَى. ومَعَرَّةُ الجيشِ: أَن يَنْزِلُوا
بِقَوْمٍ فيأْكلوا مِنْ زُروعِهم شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ وَهَذَا
الَّذِي أَراده
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إِني أَبْرَأُ
إِليك مِنْ مَعَرّةِ الجَيْش
، وَقِيلَ: هُوَ قِتَالُ الْجَيْشِ دُونَ إِذْن الأَمير. وأَما
قَوْلُهُ تعالى: لَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ
بِغَيْرِ عِلْمٍ
؛ فالمَعَرَّةُ الَّتِي كَانَتْ تُصِيب الْمُؤْمِنِينَ أَنهم لَوْ
كَبَسُوا أَهلَ مَكَّةَ وَبَيْنَ ظَهْرانَيْهم قومٌ مُؤْمِنُونَ لَمْ
يَتَمَيَّزُوا مِنَ الكُفّار، لَمْ يأْمنوا أَن يَطَأُوا
الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَقْتُلُوهُمْ، فَتَلْزَمُهُمْ
دِيَاتُهُمْ وَتَلْحَقُهُمْ سُبّةٌ بأَنهم قَتَلُوا مَنْ هُوَ عَلَى
دِينِهِمْ إِذ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ بِهِمْ. يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى: لَوْ تميزَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الكُفّار لسَلّطْناكم
عَلَيْهِمْ وَعَذَّبْنَاهُمْ عَذَابًا أَلِيماً؛ فَهَذِهِ المَعَرّةُ
الَّتِي صانَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهَا هِيَ غُرْم الدِّيَاتِ
ومَسَبّة الكُفار إِياهم، وأَما مَعَرّةُ الجيشِ الَّتِي تبرّأَ
مِنْهَا عُمر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهِيَ وطْأَتُهم مَنْ مَرُّوا
بِهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَو معاهَدٍ، وإِصابتُهم إِياهم فِي حَرِيمِهم
وأَمْوالِهم وزُروعِهم بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ. والمَعَرّة:
كوكبٌ دُونَ المَجَرَّة. والمَعَرّةُ: تلوُّنُ الْوَجْهِ مِن
الْغَضَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَاءَ أَبو الْعَبَّاسِ بِهَذَا
الْحَرْفِ مُشَدَّدَ الرَّاءِ، فإِن كَانَ مِنْ تَمَعّرَ وجهُه فَلَا
تَشْدِيدَ فِيهِ، وإِن كَانَ مَفْعَلة مِنَ العَرّ فَاللَّهُ أَعلم.
وحِمارٌ أَعَرُّ: سَمينُ الصَّدْرِ والعُنُقِ، وَقِيلَ: إِذا كَانَ
السِّمَنُ فِي صَدْرِهِ وعُنُقِه أَكثرَ مِنْهُ فِي سَائِرِ
(4/556)
خَلْقِهِ. وعَرَّ الظليمُ يَعِرُّ عِراراً،
وعارَّ يُعارُّ مُعارَّةً وعِراراً، وَهُوَ صَوْتُهُ: صاحَ؛ قَالَ
لَبِيدٌ:
تحَمَّلَ أَهُلها إِلَّا عِرَاراً ... وعَزْفاً بَعْدَ أَحْياء حِلال
وزمَرَت النعامةُ زِماراً، وَفِي الصِّحَاحِ: زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ
زِماراً. والتَّعارُّ: السَّهَرُ والتقلُّبُ عَلَى الْفِرَاشِ لَيْلًا
مَعَ كَلَامٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: أَنه كَانَ إِذا تعارَّ مِنَ اللَّيْلِ،
قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّ النبيِّين
، وَلَا يَكُونُ إِلا يَقَظَةً مَعَ كلامٍ وصوتٍ، وَقِيلَ: تَمَطَّى
وأَنَّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَانَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ
يَجْعَلُهُ مأْخُوذاً مِنْ عِرارِ الظَّلِيمِ، وَهُوَ صَوْتُهُ، قَالَ:
وَلَا أَدري أَهو مِنْ ذَلِكَ أَم لَا. والعَرُّ: الغلامُ. والعَرّةُ:
الْجَارِيَةُ. والعَرارُ والعَرارة: المُعجَّلانِ عَنْ وَقْتِ
الْفِطَامِ. والمُعْتَرُّ: الْفَقِيرُ، وَقِيلَ: المتعَرِّضُ
لِلْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ أَن يَسأَل. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فإِن فِيهِمْ قانِعاً
ومُعْتَرًّا.
عَراه واعْتَراه وَعَرَّهُ يعُرُّه عَرّاً واعْتَرَّه واعْتَرَّ بِهِ
إِذا أَتاه فَطَلَبَ مَعْرُوفَهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها، ... ثُمَّ تَعُرُّ الماءَ
فِيمَنْ يَعُرُّ
أَي تأْتي الْمَاءَ وَتَرِدُهُ. القَفُّور: مَا يُوجَدُ فِي القَفْر،
وَلَمْ يُسْمَع القَفّورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ
أَحمر. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَكَلَ وأَطْعَمَ القانعَ والمُعْتَرَّ.
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: القانعُ الَّذِي يسأْل،
والمُعْتَرُّ الَّذِي يُطِيف بِكَ يَطْلُب مَا عِنْدَكَ، سأَلَك أَو
سَكَتَ عَنِ السُّؤَالِ. وَفِي حَدِيثِ
حَاطِبُ بْنُ أَبي بَلْتَعة: أَنه لَمَّا كَتَب إِلى أَهل مَكَّةَ
كِتَابًا يُنْذِرُهم فِيهِ بِسَيْرِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِليهم أَطْلَع اللهُ رسولَه عَلَى الْكِتَابِ،
فَلَمَّا عُوتِبَ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا عَريراً فِي أَهل
مَكَّةَ فأَحْبَبْت أَن أَتقربَ إِليهم ليحْفَظُوني فِي عَيْلاتي
عِنْدَهُمْ
؛ أَراد بِقَوْلِهِ
عَريراً
أَي غَريباً مُجاوِراً لَهُمْ دَخيلًا وَلَمْ أَكن مِنْ صَميمهم وَلَا
لِي فِيهِمْ شُبْكَةُ رَحِمٍ. والعَرِيرُ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ،
وأَصله مِنْ قَوْلِكَ عَرَرْته عَرّاً، فأَنا عارٌّ، إِذا أَتيته
تَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ، واعْتَرَرْته بِمَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، أَعطاه سَيْفاً مُحَلًّى فنزَعَ عُمَرُ الحِلْيةَ
وأَتاه بِهَا وَقَالَ: أَتيتك بِهَذَا لِمَا يَعْرُرُك مِنْ أُمور
النَّاسِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَصل فِيهِ يَعُرُّك، ففَكّ الإِدغامَ، وَلَا
يَجِيءُ مِثْلُ هَذَا الاتساعِ إِلا فِي الشَّعَرِ، وَقَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: لَا أَحسبه مَحْفُوظًا ولكنه عِنْدِي: لِمَا يَعْرُوك،
بِالْوَاوِ، أَي لِمَا يَنُوبُك مِنْ أَمر النَّاسِ وَيَلْزَمُكَ مِنْ
حَوَائِجِهِمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَوْ كَانَ مِنَ العَرّ لَقَالَ
لِمَا يعُرُّك. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: قَالَ لَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ جَاءَ
يَعُودُ ابنَه الحَسَنَ: مَا عَرَّنا بِكَ أَيّها الشَّيْخُ؟
أَي مَا جَاءَنَا بِكَ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: عُرَّ فَقْرَه بفِيه
لَعَلَّهُ يُلْهِيه؛ يَقُولُ: دَعْه ونَفْسَه لَا تُعِنْه لَعَلَّ
ذَلِكَ يَشْغَلُه عَمَّا يَصْنَعُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ
خَلِّه وغَيِّه إِذا لَمْ يُطِعْكَ فِي الإِرشاد فَلَعَلَّهُ يَقَعُ
فِي هَلَكة تُلْهيه وَتَشْغَلُهُ عَنْكَ. والمَعْرورُ أَيضاً:
الْمَقْرُورُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ. وَرَجُلٌ
مَعْرورٌ: أَتاه مَا لَا قِوَام لَهُ مَعَهُ. وعُرّا الْوَادِي:
شاطِئاه. والعُرُّ والعُرّةُ: ذَرْقُ الطَّيْرِ. والعُرّةُ أَيضاً:
عَذِرةُ النَّاسِ والبعرُ والسِّرْجِينُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: أَعَرَّت
الدارُ. وعَرَّ الطيرُ يَعُرُّ عَرَّةً: سَلَحَ. وَفِي الْحَدِيثِ
إِيَّاكم ومُشارّةَ النَّاسِ فإِنها تُظْهِرُ
(4/557)
العُرّةَ
، وَهِيَ القذَر وعَذِرة النَّاسِ، فاستعِير للمَساوِئِ والمَثالب.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه كَانَ يُدْمِلُ أَرْضَه بالعُرّة فَيَقُولُ: مِكْتَلُ
عُرّةٍ مكْتَلُ بُرٍّ.
قَالَ الأَصمعي: العُرّةُ عَذِرةُ النَّاسِ، ويُدْمِلُها: يُصْلِحها،
وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه كَانَ يَحْمِل مكيالَ عُرّةٍ إِلى أَرض لَهُ بِمَكَّةَ.
وعَرَّ أَرْضه يَعُرُّها أَي سَمَّدَها، والتَّعْرِيرُ مِثْلُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ لَا يَعُرُّ أَرْضَه
أَي لَا يُزَبِّلُها بالعُرَّة. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُلْ سَبْعَ
تَمَراتٍ مِنْ نَخْلةٍ غيرِ مَعْرورةٍ
أَي غَيْرِ مُزَبَّلة بالعُرّة، وَمِنْهُ قِيلَ: عَرَّ فلانٌ قومَه
بشرٍّ إِذا لَطَّخَهُمْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَكُونُ
عَرَّهُمْ بشرٍّ مِنَ العَرّ وَهُوَ الجَربُ أَي أَعْداهم شرُّه؛
وَقَالَ الأَخطل:
ونَعْرُرْ بِقَوْمٍ عُرَّةً يَكْرَهُونَهَا، ... ونَحْيا جَمِيعًا أَو
نَمُوت فنُقْتَل
وفلانٌ عُرّةٌ وعارُورٌ وعارُورةٌ أَي قَذِرٌ. والعُرّةُ: الأُبْنةُ
فِي العَصا وَجَمْعُهَا عُرَرٌ. وجَزورٌ عُراعِرٌ، بِالضَّمِّ، أَي
سَمِينة. وعُرَّةُ السَّنَامِ: الشحمةُ العُليا، والعَرَرُ: صِغَرُ
السَّنَامِ، وَقِيلَ: قصرُه، وَقِيلَ: ذهابُه وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ
الإِبل، جَمَلٌ أَعرُّ وَنَاقَةٌ عَرَّاءُ وَعَرَّةٌ؛ قَالَ:
تَمَعُّكَ الأَعَرّ لاقَى العَرّاء
أَي تَمَعَّك كَمَا يَتَمَعَّكُ الأَعَرُّ، والأَعَرُّ يُحِبُّ
التمعُّكَ لِذَهَابِ سَنَامِهِ يَلْتَذُّ بِذَلِكَ؛ وَقَالَ أَبو
ذُؤَيْبٍ:
وَكَانُوا السَّنامَ اجتُثَّ أَمْسِ، فقومُهم ... كعرّاءَ، بَعْدَ
النَّيّ، راثَ رَبِيعُها
وعَرَّ إِذا نَقَصَ. وَقَدْ عَرَّ يَعَرُّ: نَقَصَ سنامُه. وكَبْشٌ
أَعَرُّ. لَا أَلْية لَهُ، وَنَعْجَةٌ عَرّاء. قَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ: الأَجَبُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ حادِثٍ،
والأَعَرُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ خلْقة. وَفِي كِتَابِ
التأْنيث وَالتَّذْكِيرِ لِابْنِ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ عارُورةٌ إِذا
كان مشؤوماً، وَجَمَلٌ عارُورةٌ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَنَامٌ، وَفِي
هَذَا الْبَابِ رَجَلٌ صارُورةٌ. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ شَرًّا
وعَرّاً وأَنت شرٌّ مِنْهُ وأَعَرُّ، والمَعَرَّةُ: الأَمر الْقَبِيحُ
الْمَكْرُوهُ والأَذى، وَهِيَ مَفْعلة مِنَ العَرّ. وعَرَّه بشرٍّ أَي
ظلَمه وَسَبَّهُ وأَخذ مالَه، فَهُوَ مَعْرُورٌ. وعَرَّه بِمَكْرُوهٍ
يعُرُّه عَرّاً: أَصابَه بِهِ، وَالِاسْمُ العُرَّة. وعَرَّه أَي
سَاءَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَا آيبٌ سَرَّكَ إِلا سرَّني ... نُصحاً، وَلَا عَرَّك إِلا عَرَّني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ وَلَيْسَ
لِلْعَجَّاجِ كَمَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَهُ يُخَاطِبُ بِلَالَ
بْنَ أَبي بُرْدَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:
أَمْسى بِلالٌ كالرَّبِيعِ المُدْجِنِ ... أَمْطَرَ فِي أَكْنافِ
غَيْمٍ مُغْيِنِ،
ورُبَّ وَجْهٍ مِنْ حِرَاءٍ مُنْحَنِ
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
يَا قَوْمَنا لَا تَعُرُّونا بداهيَةٍ، ... يَا قومَنا، واذكُروا
الآباءَ والقُدمَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عُرَّ فلانٌ إِذا لُقِّبَ بِلَقَبٍ يعُرُّه؛
وعَرَّه يعُرُّهُ إِذا لَقَّبه بِمَا يَشِينُه؛ وعَرَّهم يعُرُّهم:
شانَهُم. وَفُلَانٌ عُرّةُ أَهله أَي يَشِينُهم. وعَرَّ يعُرُّ إِذا
صادَفَ نَوْبَتَهُ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، والعُرَّى: المَعِيبةُ
مِنَ النِّسَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: العَرَّةُ الخَلّةُ الْقَبِيحَةُ.
وعُرّةُ الجربِ وعُرّةُ النِّسَاءِ: فَضيحَتُهنّ وسُوءُ
(4/558)
عشْرتهنّ. وعُرّةُ الرِّجَالِ: شرُّهم. قال
إِسحق: قُلْتُ لأَحمد سَمِعْتُ سُفْيَانَ ذكَر العُرّةَ فَقَالَ:
أَكْرَهُ بيعَه وشراءَه، فَقَالَ أَحمد: أَحْسَنَ؛ وَقَالَ ابْنُ
رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ، وإِن احْتَاجَ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ أَهْون
لأَنه يُمْنَحُ. وكلُّ شيءٍ باءَ بشيءٍ، فَهُوَ لَهُ عَرَار؛ وأَنشدَ
للأَعشى:
فَقَدْ كَانَ لَهُمْ عَرار
وَقِيلَ: العَرارُ القَوَدُ. وعَرارِ، مِثْلُ قَطَامِ: اسْمُ بَقَرَةٍ.
وَفِي الْمَثَلِ: باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ، وَهُمَا بَقَرَتَانِ
انْتَطَحَتَا فَمَاتَتَا جَمِيعًا؛ بَاءَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ؛ يُضْرَب
هَذَا لِكُلِّ مُسْتَوِيَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيُّ
فِيمَنْ أَجراهما:
باءَتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق مَعًا، ... فَلَا تَمَنَّوا أَمانيَّ
الأَباطِيل
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَقَالَ الْآخَرُ فِيمَا لَمْ يُجْرِهما:
باءَتْ عَرارِ بكَحْلَ فِيمَا بَيْنَنَا، ... والحقُّ يَعْرفُه ذَوُو
الأَلْباب
قَالَ: وكَحْل وعَرارِ ثورٌ وَبَقَرَةٌ كَانَا فِي سِبْطَينِ مِنْ
بَنِي إِسرائيل، فعُقِر كَحْل وعُقِرت بِهِ عَرارِ فَوَقَعَتْ حَرْبٌ
بَيْنَهُمَا حَتَّى تَفانَوْا، فضُربا مَثَلًا فِي التَّسَاوِي.
وتزوّجَ فِي عَرارة نِساءٍ أَي فِي نساءٍ يَلِدْن الذُّكُورَ، وَفِي
شَرِيَّةِ نِسَاءٍ يَلِدْنَ الإِناث. والعَرَارةُ: الشِّدَّةُ؛ قَالَ
الأَخطل:
إِن العَرارةَ والنُّبُوحَ لِدارِمٍ، ... والمُسْتَخِفُّ أَخُوهمُ
الأَثْقالا
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ للأَخطل وَذَكَرَ عَجُزَهُ:
والعِزُّ عِنْدَ تكامُلِ الأَحْساب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَدْرُ الْبَيْتِ للأَخطل وَعَجُزُهُ
لِلطِّرِمَّاحِ، فَإِنَّ بَيْتَ الأَخطل كَمَا أَوردناه أَولًا؛
وَبَيْتُ الطِّرِمَّاحِ:
إِن الْعَرَارَةَ وَالنُّبُوحَ لِطَيِءٍ، ... وَالْعِزُّ عِنْدَ
تَكَامُلِ الأَحساب
وَقَبْلَهُ:
يَا أَيها الرَّجُلُ الْمُفَاخِرُ طَيِّئًا، ... أَعْزَبْت لُبَّك
أَيَّما إِعْزاب
وفي حديث
طاووس: إِذا اسْتَعَرَّ عَلَيْكُمْ شيءٌ مِنَ الغَنم
أَي نَدَّ واسْتَعْصَى، مِنَ العَرارة وَهِيَ الشِّدَّةُ وَسُوءُ
الْخُلُقِ، والعَرَارةُ: الرِّفْعة والسُودَدُ. وَرَجُلٌ عُراعِرٌ:
شَرِيفٌ؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
خَلَعَ المُلوكَ، وسارَ تَحْتَ لِوائِه ... شجرُ العُرا، وعُراعِرُ
الأَقْوامِ
شَجَرُ الْعُرَا: الَّذِي يَبْقَى عَلَى الْجَدْبِ، وَقِيلَ: هُمْ
سُوقة النَّاسِ. والعُراعِرُ هُنَا: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: هُوَ
لِلْجِنْسِ، وَيُرْوَى عَراعِر، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ عُراعِر،
وعَراعِرُ الْقَوْمِ: ساداتُهم، مأْخوذ مِنْ عُرْعُرة الْجَبَلِ،
والعُراعِرُ: السَّيِّدُ، وَالْجَمْعُ عَراعِرُ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ
الْكُمَيْتُ:
مَا أَنْتَ مِنْ شَجَر العُرا، ... عِنْدَ الأُمورِ، وَلَا العَراعِرْ
وعُرْعُرة الْجَبَلِ: غِلَظُهُ وَمُعْظَمُهُ وأَعلاه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
كَتَبَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ إِلى الْحَجَّاجِ: إِنا نَزَلْنَا
بعُرْعُرةِ الْجَبَلِ والعدوُّ بحَضِيضِه
؛ فعُرْعُرتُه رأْسه، وحَضِيضُه أَسفلُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنه قَالَ: أَجْمِلوا فِي الطَلب
فَلَوْ أَن رِزْقَ أَحدِكم فِي عُرْعُرةِ جبلٍ أَو حَضِيض أَرض لأَتاه
قَبْلَ أَن يَمُوتَ.
وعُرْعُرةُ كُلِّ شيءٍ، بِالضَّمِّ: رأْسُه وأَعلاه. وعَرْعَرةُ
الإِنسان: جلدةُ رأْسِه. وعُرْعرةُ السنامِ: رأْسُه وأَعلاه
(4/559)
وغارِبُه، وَكَذَلِكَ عُرْعُرةُ الأَنف
وعُرْعُرةُ الثورِ كَذَلِكَ؛ والعراعِرُ: أَطراف الأَسْمِنة فِي قَوْلِ
الْكُمَيْتِ:
سَلَفي نِزار، إِذْ تحوّلت ... المَناسمُ كالعَراعرْ
وعَرْعَرَ عينَه: فقأَها، وَقِيلَ: اقْتَلَعَهَا؛ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. وعَرْعَرَ صِمامَ الْقَارُورَةِ عَرْعرةً:
اسْتَخْرَجَهُ وَحَرَّكَهُ وَفَرَّقَهُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي:
عَرْعَرْت القارورةَ إِذا نَزَعْتَ مِنْهَا سِدادَها، وَيُقَالُ إِذا
سَدَدْتها، وسِدادُها عُرعُرُها، وعَرعَرَتُها وِكاؤها. وَفِي
التَّهْذِيبِ: غَرْغَرَ رأْسَ الْقَارُورَةِ، بِالْغَيْنِ
الْمُعْجَمَةِ، والعَرْعَرةُ التَّحْرِيكُ والزَّعْزعةُ، وَقَالَ
يَعْنِي قَارُورَةً صفْراء مِنَ الطِّيبِ:
وصَفْراء فِي وَكْرَيْن عَرْعَرْتُ رأْسَها، ... لأُبْلِي إِذا
فارَقْتُ فِي صاحبِي عُذْرا
وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ العَذْراء: عَرَّاء. والعَرْعَر: شجرٌ يُقَالُ
لَهُ الساسَم، وَيُقَالُ لَهُ الشِّيزَى، وَيُقَالُ: هُوَ شَجَرٌ
يُعْمل بِهِ القَطِران، وَيُقَالُ: هُوَ شَجَرٌ عَظِيمٌ جَبَليّ لَا
يَزَالُ أَخضرَ تُسَمِّيهِ الفُرْسُ السَّرْوُ. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: للعَرْعَر ثمرٌ أَمثال النَّبْقِ يَبْدُو أَخضر ثُمَّ
يَبْيَضُّ ثُمَّ يَسْوَدُّ حَتَّى يَكُونَ كالحُمَم ويحلُو فَيُؤْكَلُ،
وَاحِدَتُهُ عَرْعَرةٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. والعَرَارُ: بَهارُ
البَرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَهُوَ النَّرْجِسُ البَرِّي؛ قَالَ الصِّمَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْقُشَيْرِيُّ:
أَقولُ لصاحِبي والعِيسُ تَخْدِي ... بِنَا بَيْنَ المُنِيفة
فالضِّمَارِ
«4» : تمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرَارِ نَجْدٍ، ... فَمَا بَعْدَ
العَشِيَّة مِن عَرارِ
أَلا يَا حَبّذا نَفَحاتُ نَجْدٍ، ... ورَيّا رَوْضه بَعْدَ القِطَار
شهورٌ يَنْقَضِينَ، وَمَا شَعَرْنا ... بأَنْصافٍ لَهُنَّ، وَلَا
سِرَار [سَرَار]
وَاحِدَتُهُ عَرارة؛ قَالَ الأَعشى:
بَيْضاء غُدْوَتها، وصَفْراء ... العَشِيّة كالعَراره
مَعْنَاهُ أَن المرأَة الناصعةَ الْبَيَاضِ الرقيقةَ الْبَشَرَةِ
تَبْيَضّ بِالْغَدَاةِ بِبَيَاضِ الشَّمْسِ، وتَصْفَرّ بِالْعَشِيِّ
بِاصْفِرَارِهَا. والعَرَارةُ: الحَنْوةُ الَّتِي يَتَيَمّن بِهَا
الفُرْسُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَرى أَن فرَس كَلْحَبةَ اليَرْبوعي
سُمِّيَتْ عَرَارة بِهَا، وَاسْمُ كَلْحَبَةَ هُبَيرة بْنُ عَبْدِ
مَنَافٍ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ فِي فَرَسِهِ عَرَارَةَ هَذِهِ:
تُسائِلُني بَنُو جُشَمَ بنِ بكْرٍ: ... أَغَرّاءُ العَرارةُ أَمْ
يَهِيمُ؟
كُمَيتٌ غيرُ مُحْلفةٍ، وَلَكِنْ ... كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ بِهِ
الأَدِيمُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: تُسَائِلُنِي بَنُو جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ أَي عَلَى
جِهَةِ الِاسْتِخْبَارِ وَعِنْدَهُمْ مِنْهَا أَخبار، وَذَلِكَ أَن
بَنِي جُشَمَ أَغارت عَلَى بَلِيٍّ وأَخذوا أَموالهم، وَكَانَ
الكَلْحَبةُ نَازِلًا عِنْدَهُمْ فقاتَلَ هُوَ وابنُه حَتَّى رَدُّوا
أَموال بَلِيٍّ عَلَيْهِمْ وقُتِلَ ابنُه، وَقَوْلُهُ: كُمَيْتٌ غَيْرُ
مُحْلِفَةٍ، الْكُمَيْتُ الْمُحْلِفُ هُوَ الأَحَمُّ والأَحْوى وَهُمَا
يَتَشَابَهَانِ فِي اللَّوْنِ حَتَّى يَشُكّ فِيهِمَا البَصِيران،
فَيَحْلِفُ أَحدُهما أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ، وَيَحْلِفَ الآخرُ أَنه
كُمَيت أَحْوَى، فَيَقُولُ الْكَلْحَبَةُ: فرسِي لَيْسَتْ مِنْ
هَذَيْنِ اللَّوْنَيْنِ وَلَكِنَّهَا كَلَوْنِ الصِّرْف، وَهُوَ صِبْغٌ
أَحمر تُصْبَغُ بِهِ الْجُلُودُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ
إِنشاده أَغَرّاءُ العَرادةُ، بِالدَّالِ، وَهُوَ اسْمُ فَرَسِهِ،
وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي فَصْلِ عرد، وأَنشد
__________
(4) . قوله: [والعيس تخدي] في ياقوت: تهوي بدل تخدي
(4/560)
الْبَيْتَ أَيضاً، وَهَذَا هُوَ
الصَّحِيحُ؛ وَقِيلَ: العَرَارةُ الجَرادةُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ
الْفَرَسُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
عَرارةُ هَبْوة فِيهَا اصْفِرارُ
وَيُقَالُ: هُوَ فِي عَرارة خيرٍ أَي فِي أَصل خَيْرٍ. والعَرَارةُ:
سوءُ الْخُلُقِ. وَيُقَالُ: رَكِبَ عُرْعُرَه إِذا ساءَ خُلُقه، كَمَا
يُقَالُ: رَكِبَ رَأْسَه؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
يَذْكُرُ امرأَة:
ورَكِبَتْ صَوْمَها وعُرْعُرَها
أَي سَاءَ خُلُقها، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ رَكِبَتِ القَذِرَ
مِنْ أَفْعالها. وأَراد بعُرْعُرها عُرَّتَها، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ
عُرَّةُ النَّعَامِ. وَنَخْلَةٌ مِعْرارٌ أَي محْشافٌ. الْفَرَّاءُ:
عَرَرْت بِكَ حَاجَتِي أَي أَنْزَلْتها. والعَرِيرُ فِي الْحَدِيثِ:
الغَرِيبُ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وبَلْدة لَا يَنالُ الذئْبُ أَفْرُخَها، ... وَلَا وَحَى الوِلْدةِ
الدَّاعِين عَرْعارِ
أَي لَيْسَ بِهَا ذِئْبٌ لبُعْدِها عَنِ النَّاسِ. وعِرَار: اسْمُ
رَجُلٍ، وَهُوَ عِرَار بْنُ عَمْرُو بْنُ شَاسٍ الأَسدي؛ قَالَ فِيهِ
أَبوه:
وإِنَّ عِرَاراً إِن يَكُنْ غيرَ واضحٍ، ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ
ذَا المَنكِب العَمَمْ
وعُرَاعِر وعَرْعَرٌ والعَرَارةُ، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ؛ قَالَ امْرُؤُ
الْقَيْسِ:
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بعد ما كَانَ أَقْصرَا، ... وحَلَّت سُلَيْمى بَطْنَ
ظَبْيٍ فعَرْعَرَا
وَيُرْوَى: بَطْنَ قَوٍّ؛ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ يَقُولُ: سَمَا شوقُك أَي
ارْتَفَعَ وَذَهَبَ بِكَ كلَّ مَذْهَبٍ لِبُعْدِ مَن تُحِبُّه بعد ما
كَانَ أَقصر عَنْكَ الشَّوْقُ لقُرْب المُحِبّ ودُنوِّه؛ وَقَالَ
النابغة:
زيدُ بن زيد حاضِرٌ بعُراعِرٍ، ... وَعَلَى كُنَيْب مالِكُ بْنُ حِمَار
وَمِنْهُ مِلْحٌ عُراعِرِيّ. وعَرْعارِ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ،
صِبْيانِ الأَعراب، بُنِيَ عَلَى الْكَسْرَةِ وَهُوَ مَعْدُولٌ مِنْ
عَرْعَرَة مِثْلُ قَرْقارٍ مِنْ قَرْقَرة. والعَرْعَرة أَيضاً: لُعْبةٌ
للصبيان؛ قال النابعة:
يَدْعُو ولِيدُهُم بِهَا عَرْعارِ
لأَن الصَّبِيَّ إِذا لَمْ يَجِدْ أَحداً رفَع صوتَه فَقَالَ:
عَرْعارِ، فإِذا سَمِعُوه خَرَجُوا إِليه فلَعِبوا تِلْكَ اللُّعْبَةَ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنْ بَنَاتِ
الأَربع، وَهُوَ عِنْدِي نَادِرٌ، لأَن فَعالِ إِنما عَدَلَتْ عَنِ
افْعل فِي الثُّلَاثِيِّ ومَكّنَ غيرُه عَرْعار فِي الِاسْمِيَّةِ.
قَالُوا: سَمِعْتُ عَرْعارَ الصِّبْيَانِ أَي اختلاطَ أَصواتهم، وأَدخل
أَبو عُبَيْدَةَ عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ فَقَالَ: العَرْعارُ
لُعْبةٌ لِلصِّبْيَانِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: عَرْعارُ لُعْبَةٌ
لِلصِّبْيَانِ فأَعْرَبه، أَجراه مُجْرَى زَيْنَبَ وسُعاد.
عزر: العَزْر: اللَّوْم. وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه.
والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ: ضَرْبٌ دُونَ الْحَدِّ لِمَنْعِه الجانِيَ
مِنَ المُعاودَة ورَدْعِه عَنِ الْمَعْصِيَةِ؛ قَالَ:
وَلَيْسَ بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ ... عليَّ، إِذا مَا كنتُ غَيرَ
مُرِيبِ
وَقِيلَ: هُوَ أَشدُّ الضَّرْبِ. وعَزَرَه: ضَربَه ذَلِكَ الضَّرْب.
والعَزْرُ: الْمَنْعُ. والعَزْرُ: التَّوْقِيفُ عَلَى بَابِ الدِّين.
قَالَ الأَزهري: وَحَدِيثُ سَعْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَن التَّعْزِيرَ هُوَ
التَّوْقِيفُ عَلَى الدِّينِ لأَنه قَالَ: لَقَدْ رأَيْتُني مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَنَا
طعامٌ إِلَّا الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثُمَّ أَصبَحتْ بَنُو سَعْدٍ
تُعَزِّرُني
(4/561)
عَلَى الإِسلام، لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً
وخابَ عَمَلي؛ تُعَزِّرُني عَلَى الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عَلَيْهِ،
وَقِيلَ: تُوَبِّخُني عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ. والتَّعْزِيرُ:
التوقيفُ عَلَى الْفَرَائِضِ والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب،
وَلِهَذَا يُسَمَّى الضربُ دُونَ الْحَدِّ تَعْزيراً إِنما هُوَ
أَدَبٌ. يُقَالُ: عَزَرْتُه وعَزَّرْتُه، فَهُوَ مِنَ الأَضداد،
وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فَهُوَ نحْوُ الضِّدِّ. والعَزْرُ:
النَّصْرُ بِالسَّيْفِ. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه وقوَّاه
وَنَصَرَهُ. قال الله تعالى: تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ
، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَزَّرْتُمُوهُمْ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَي لِتَنْصُروه بِالسَّيْفِ، وَمَنْ نَصَرَ
النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ نَصَرَ اللَّهَ
عزَّ وَجَلَّ. وَعَزَّرْتُمُوهُمْ
: عَظَّمْتموهم، وَقِيلَ: نصَرْتُموهم؛ قَالَ إِبراهيم بْنُ السَّريّ:
وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم، وَذَلِكَ أَن
العَزْرَ فِي اللُّغَةِ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ، وتأْويل عَزَرْت
فُلَانًا أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرْدَعُه
عَنِ الْقَبِيحِ، كَمَا أَنَّ نَكَّلْت بِهِ تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا
يَجِبُ أَن يَنْكَل مَعَهُ عَنِ المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم
نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عَنْهُمْ أَعداءَهم، وَلَوْ كَانَ
التَّعْزيرُ هُوَ التَّوْقِير لَكَانَ الأَجْوَدُ فِي اللُّغَةِ
الاستغناءَ بِهِ، والنُّصْرةُ إِذا وَجَبَتْ فالتعظيمُ داخلٌ فِيهَا
لأَن نُصْرَةَ الأَنبياء هِيَ الْمُدَافَعَةُ عنهم والذب عن دِينِم
وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قَالَ: وَيَجُوزُ تَعْزِرُوه، مِنْ عَزَرْتُه
عَزْراً بِمَعْنَى عَزَّرْته تَعْزِيرًا. وَالتَّعْزِيرُ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ بِاللِّسَانِ
وَالسَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ
وأَنْصُرُه
؛ التَّعْزيرُ هَاهُنَا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مَرَّةً بَعْدَ
مَرَّةٍ، وأَصل التَّعْزِيرِ: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قَدْ
رَدَدْتَ عَنْهُ أَعداءَه وَمَنَعْتَهُمْ مِنْ أَذاه، وَلِهَذَا قِيلَ
للتأْديب الَّذِي هُوَ دُونَ الْحَدِّ: تَعْزير، لأَنه يَمْنَعُ
الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذَّنْبَ. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً: نكَحَها.
وعَزَرَه عَنِ الشَّيْءِ: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ
إِذا حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، وَالْجَمْعُ العَزائرُ؛
يَقُولُونَ: هَلْ أَخذتَ عَزيرَ هَذَا الْحَصِيدِ؟ أَي هَلْ أَخذت
ثَمَنَ مَرَاعِيهَا، لأَنهم إِذا حَصَدُوا بَاعُوا مراعِيَها.
والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وَفَوْقَ الدِّق كالثُّمام
والصَّفْراء والسَّخْبر، وَقِيلَ: أُصول مَا يَرْعَوْنَه مِنْ سِرّ
الكلإِ كالعَرفَج والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر
وَالطَّرِيفَةِ والسَّبَطِ، وَهُوَ سِرُّ مَا يَرْعَوْنَه. والعَيزارُ:
الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
ومَحالةٌ عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وَقَدْ عَيْزَرَها صاحِبُها؛
وأَنشد:
فَابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا، ... صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً
عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الْخَفِيفُ الرُّوحِ
النشيطُ، وَهُوَ اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وَهُوَ الرِّيشَةُ «5»
. والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنْ
أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
والعَيزارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ عَيزارةٌ.
والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الْجَبَلِ؛ عَنْ أَبي حنيفة. وعازَرٌ [عازِرٌ]
وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ يُكْنَى أَبا
العَيزار؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبو العَيزار كُنْيَةُ طَائِرٍ
طَوِيلِ الْعُنُقِ تَرَاهُ أَبداً فِي الْمَاءِ الضَّحْضاح يُسَمَّى
السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:
__________
(5) . قوله: [وهو الريشة] كذا بالأَصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش
ككتف النشيط الخفيف، والأنثى وريشة
(4/562)
أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسْمُ نَبِيٍّ.
وعُزَيرٌ: اسْمٌ يَنْصَرِفُ لِخِفَّتِهِ وإِن كَانَ أَعجميّاً مِثْلَ
نُوحٍ وَلُوطٍ لأَنه تَصْغِيرُ عَزْر. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ
العَزْوَرةُ والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وَفِي
الْحَدِيثِ ذِكْرُ عَزْوَر، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الزَّايِ
وَفَتْحِ الْوَاوِ، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وَعَلَيْهَا الطَّرِيقُ مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ، وَيُقَالُ فيه عَزُورا.
عسر: العسْر والعُسُر: ضِدُّ اليُسْر، وَهُوَ الضَّيِّقُ والشدَّة
وَالصُّعُوبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ
عُسْرٍ يُسْراً
، وَقَالَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْراً
؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قرأَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا يَغْلِبُ
عُسْرٌ يُسْرَينِ؛ وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ومُرادِه مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ: قَالَ
الْفَرَّاءُ الْعَرَبُ إِذا ذَكَرَتْ نَكِرَةً ثُمَّ أَعادتها
بِنَكِرَةٍ مِثْلِهَا صَارَتَا اثْنَتَيْنِ وإِذا أَعادتها
بِمَعْرِفَةٍ فَهِيَ هِيَ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: إِذا كَسَبْت دِرْهماً
فأَنْفِقْ دِرْهماً فَالثَّانِي غَيْرُ الأَول، وإِذا أَعَدْتَه
بالأَلف وَاللَّامِ فَهِيَ هِيَ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: إِذا كَسَبْتَ
دِرْهَمًا فأَنْفِق الدِّرْهَمَ فَالثَّانِي هُوَ الأَول. قَالَ أَبو
الْعَبَّاسِ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لأَن اللَّهَ
تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ العُسْر ثُمَّ أَعاده بالأَلف وَاللَّامِ
عُلِمَ أَنه هُوَ، وَلَمَّا ذَكَرَ يُسْرًا ثُمَّ أَعاده بِلَا أَلف
وَلَامٍ عُلِم أَن الثَّانِي غَيْرُ الأَول، فَصَارَ الْعُسْرُ
الثَّانِي الْعُسْرَ الأَول وَصَارَ يُسْرٌ ثانٍ غَيْرَ يُسرٍ بدأَ
بذِكْرِه، وَيُقَالُ: إِن اللَّهَ جلَّ ذِكْرُه أَراد بالعُسْر فِي
الدُّنْيَا عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنه يُبْدِلهُ يُسْراً فِي الدُّنْيَا
وَيُسْرًا فِي الْآخِرَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم. قَالَ
الْخَطَّابِيُّ: العُسْرُ بَيْنَ اليُسْرَينِ إِمّا فَرَجٌ عاجلٌ فِي
الدُّنْيَا، وإِما ثوابٌ آجِلٌ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر أَنه كَتَبَ إِلى أَبي عُبَيْدَةَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: مَهْمَا
تنزلْ بامرِئٍ شَدِيدةٍ يَجْعَلِ اللَّهُ بعدَها فَرَجاً فإِنه لَنْ
يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ.
وَقِيلَ: لَوْ دخلَ العُسْرُ جُحْراً لَدَخَل اليُسْرُ عَلَيْهِ؛
وَذَلِكَ أَن أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، كَانُوا فِي ضِيقٍ شَدِيدٍ فأَعْلَمَهم اللَّهُ أَنه
سيَفْتَحُ عَلَيْهِمْ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الفُتوحَ
وأَبْدَلَهم بالعُسْر الَّذِي كَانُوا فِيهِ اليُسْرَ، وَقِيلَ فِي
قَوْلِهِ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، أَي للأَمر السَّهْلِ الَّذِي
لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا الْمُؤْمِنُونَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى
؛ قَالُوا: العُسْرَى العذابُ والأَمرُ العَسِيرُ. قَالَ الْفَرَّاءُ:
يَقُولُ الْقَائِلُ كَيْفَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرى؟
وَهَلْ فِي العُسْرَى تَيْسيرٌ؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهَذَا فِي
جَوَازِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ؛ والبِشارةُ فِي الأَصل تَقَعُ على
المُفَرِّحِ السَّارِّ، فإِذا جمعتَ كلَّ أَمرٍ فِي خَيْرٍ وَشَرٍّ
جَازَ التبشيرُ فِيهِمَا جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: وَتَقُولُ قابِلْ
غَرْبَ السَّانِيَةِ لِقَائِدِهَا إِذا انْتَهَى الغَرْب طَالِعًا مِنَ
الْبِئْرِ إِلى أَيدي الْقَابِلِ، وتَمَكَّنَ مِنْ عَراقِيها، أَلا
ويَسِّر السانيةَ أَي اعْطِفْ رأْسَها كَيْ لَا يُجاوِر المَنْحاة
فَيَرْتَفِعَ الغرْبُ إِلى المَحالة والمِحْورِ فَيَنْخَرِقُ، ورأَيتهم
يُسَمُّون عَطْفَ السانيةِ تَيْسِيراً لِمَا فِي خِلَافِهِ مِنَ
التَّعْسير؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَبي تُذَكِّرُنِيهِ كلُّ نائبةٍ، ... والخيرُ والشرُّ والإِيسارُ
والعُسُرُ
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ العُسُر لُغَةً فِي العُسْر، كَمَا قَالُوا:
القُفُل فِي القُفْل، والقُبُل فِي القُبْل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ
احْتَاجَ فَثَقَّلَ، وَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ إِتباعُ الضمِّ الضمَّ.
قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: كُلُّ اسْمٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف أَوله
مَضْمُومٌ وأَوسطُه سَاكِنٌ، فَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثَقِّلُه
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَفِّفُهُ، مِثْلُ عُسْر وعُسُر وحُلْم وحُلُم.
والعُسْرةُ والمَعْسَرةُ والمَعْسُرةُ والعُسْرَى: خِلَافَ
(4/563)
المَيْسَرة، وَهِيَ الأُمور الَّتِي
تَعْسُر وَلَا تَتَيَسَّرُ، واليُسْرَى مَا اسْتَيْسَرَ مِنْهَا،
والعُسْرى تأْنيث الأَعْسَر مِنَ الأُمور. والعرَبُ تَضَعُ المَعْسورَ
مَوْضِعَ العُسْرِ، والمَيْسورَ موضعَ اليُسْر، ويجعل الْمَفْعُولَ فِي
الْحَرْفَيْنِ كَالْمَصْدَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَعْسورُ
كالعُسْر، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى مِثَالِ
مَفْعُولٍ. وَيُقَالُ: بلغْتُ مَعْسورَ فلانٍ إِذا لَمْ تَرْفُقْ بِهِ.
وَقَدْ عَسِرَ الأَمرُ يَعْسَر عَسَراً، فَهُوَ عَسِرٌ، وعَسُرَ
يَعْسُر عُسْراً وعَسارَةً، فَهُوَ عَسِير: الْتاثَ. وَيَوْمٌ عَسِرٌ
وعَسِيرٌ: شديدٌ ذُو عُسْرٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ
غَيْرُ يَسِيرٍ
. وَيَوْمٌ أَعْسَر أَي مَشْؤُومٌ؛ قَالَ مَعْقِلٌ الْهُذَلِيُّ:
ورُحْنا بقومٍ مِنْ بُدالة قُرّنوا، ... وَظَلَّ لَهُمْ يومٌ مِنَ
الشَّرِّ أَعْسَرُ
فسَّر أَنه أَراد بِهِ أَنه مشؤوم. وَحَاجَةٌ عَسِير وعَسِيرة:
مُتَعَسِّرة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَنْتَحِي لِلْحَاجَةِ العَسِيرِ، ... إِذ الشَّبابُ لَيّنُ
الكُسورِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي تَعَسُرُ عَلَى غيري؛ وقوله:
إِذ الشاب لَيِّنُ الْكُسُورِ
أَي إِذ أَعضائي تُمَكِّنُني وتُطاوِعُني، وأَراد قَدِ انْتَحَيْتُ
فَوَضَعَ الْآتِي مَوْضِعَ الْمَاضِي. وتعسَّر الأَمر وتعاسَرَ،
واسْتَعْسَرَ: اشْتَدَّ والْتَوَى وَصَارَ عَسِيراً. واعْتَسَرْت
الكلامَ إِذا اقْتَضَبْته قَبْلَ أَن تُزَوِّرَه وتُهَيِّئَه؛ وَقَالَ
الْجَعْدِيُّ:
فَذَرْ ذَا وعَدِّ إِلى غيرِه، ... فشَرُّ المَقالةِ مَا يُعْتَسَرْ
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ اعْتِسارِ الْبَعِيرِ ورُكوبه قَبْلَ
تَذْلِيلِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَتِ الإِبلُ عُسارَياتٍ وعُسارَى،
تَقْدِيرُ سُكارَى، أَي بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ. وأَعْسَرَ الرجلُ:
أَضاق. والمُعْسِر: نَقِيضُ المُوسِر. وأَعْسَر، فَهُوَ مُعْسِر: صَارَ
ذَا عُسْرَةٍ وقلَّةِ ذاتِ يَدٍ، وَقِيلَ: افْتَقَرَ. وَحَكَى كُراع:
أَعْسَرَ إِعْساراً وعُسْراً، وَالصَّحِيحُ أَن الإِعْسارَ المصدرُ
وأَن العُسْرة الِاسْمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ
فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
؛ والعُسْرةُ: قِلّة ذَاتِ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ الإِعْسارُ.
واسْتَعْسَرَه. طَلَبَ مَعْسورَه. وعَسَرَ الغريمَ يَعْسِرُه ويَعْسُره
عُسْراً وأَعْسَرَه: طَلَبَ مِنْهُ الدَّيْنَ عَلَى عُسْرة وأَخذه
عَلَى عُسْرة وَلَمْ يرفُق بِهِ إِلى مَيْسَرَتِه. والعُسْرُ: مَصْدَرٌ
عَسَرْتُه أَي أَخذته عَلَى عُسْرة. والعُسْر، بِالضَّمِّ: مِنَ
الإِعْسار، وَهُوَ الضِّيقُ. والمِعْسَر: الَّذِي يُقَعِّطُ عَلَى
غَرِيمِهِ. وَرَجُلٌ عَسِرٌ بيِّن العَسَرِ: شَكسٌ، وَقَدْ عاسَرَه؛
قَالَ:
بِشْرٌ أَبو مَرْوانَ إِن عاسَرْتَه ... عَسِرٌ، وَعِنْدَ يَسارِه
مَيْسورُ
وتَعَاسَرَ البَيِّعان: لَمْ يتَّفِقا، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَانِ. وَفِي
التَّنْزِيلِ: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى
. وأَعْسَرت المرأَةُ وعَسَرَتْ: عَسُرَ عَلَيْهَا وِلادُها، وإِذا
دُعِيَ عَلَيْهَا قِيلَ: أَعْسَرت وآنَثَتْ، وإِذا دُعِيَ لَهَا قِيلَ:
أَيْسَرَت وأَذْكَرَتْ أَي وَضَعَتْ ذَكَراً وتيسَّر عَلَيْهَا
الولادُ. وعَسَرَ الزمانُ: اشْتَدَّ عَلَيْنَا. وعَسَّرَ عَلَيْهِ:
ضَيَّق؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وعَسَر عَلَيْهِ مَا فِي بَطْنِهِ: لَمْ
يَخْرُجْ. وتَعَسَّر: التَبَسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ،
وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ لُغَةٌ. قَالَ ابْنُ المُظَفَّرِ: يُقَالُ
لِلْغَزَلِ إِذا الْتَبَسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ قَدْ
تغَسَّر، بَالْغَيْنِ، وَلَا يُقَالُ بِالْعَيْنِ إِلَّا تحشُّماً؛
قَالَ
(4/564)
الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ
الْمُظَفَّرِ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَيْهِ، سَمِعْتُهُ مِنْ
غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وعَسَرَ عَلَيْهِ عُسْراً وعَسَّرَ: خالَفَه.
والعُسْرَى: نَقِيضُ اليُسْرَى. وَرَجُلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ. يَعْمَلُ
بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فإِن عَمِل بِيَدِهِ الشِّمال خَاصَّةً، فَهُوَ
أَعْسَرُ بَيِّنُ العَسَر، والمرأَة عَسْراء، وَقَدْ عَسَرَتْ عَسَراً
«1» ؛ قَالَ:
لَهَا مَنْسِمٌ مثلُ المَحارةِ خُفُّه، ... كأَن الحَصى، مِن خَلْفِه،
خَذْفُ أَعْسَرا
وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَعْسَرُ وامرأَة عَسْراء إِذا كَانَتْ قوّتُهما فِي
أَشْمُلِهما ويَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَمَالِهِ مَا
يعمَلُه غيرُه بِيَمِينِهِ. وَيُقَالُ للمرأَة عَسْراء يَسَرَةٌ إِذا
كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدَيْهَا جَمِيعًا، وَلَا يُقَالُ أَعْسَرُ
أَيْسَرُ وَلَا عَسْراء يَسْراء للأُنثى، وَعَلَى هَذَا كَلَامُ
الْعَرَبِ. وَيُقَالُ مِنَ اليُسر: فِي فُلَانٍ يَسَرة. وَكَانَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَعْسَرَ يَسَراً. وَفِي
حَدِيثِ
رَافِعِ بْنِ سَالِمٍ: إِنا لِنَرْتَمِيَ فِي الجَبّانةِ وَفِينَا قومٌ
عُسْرانٌ يَنْزِعُونَ نَزْعاً شدِيداً
؛ العُسْرانُ جَمْعُ الأَعْسَر وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدِهِ
اليُسْرَى كأَسْودَ وسُودانٍ. يُقَالُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدُّ رَمْياً
مِنَ الأَعْسَرِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزَّهْري: أَنه كَانَ يَدَّعِمُ عَلَى عَسْرائِه
؛ العَسْراء تأْنيث الأَعْسَر: الْيَدُ العَسْراء، وَيُحْتَمَلُ أَنه
كَانَ أَعْسَرَ. وعُقابٌ عَسْراءُ: رِيشُها مِنَ الْجَانِبِ الأَيْسر
أَكثر مِنَ الأَيمن، وَقِيلَ: فِي جَنَاحِهَا قَوادِمُ بيضٌ.
والعَسْراء: القادمةُ الْبَيْضَاءُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وعَمَّى عليه الموتَ يأْتي طَرِيقَه ... سِنانٌ، كَعَسْراء العُقابِ،
ومِنْهَبُ
ويروى: يأْبى طريقه يعني عُيَيْنة. ومِنْهَبٌ: فَرَسٌ يَنْتَهِبُ
الْجَرْيَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِهَذَا الْفَرَسِ. وحَمامٌ أَعْسَرُ:
بجناحهِ مِنْ يَسارِه بياضٌ. والمُعاسَرةُ: ضدُّ المُياسَرة،
والتعاسُر، ضِدُّ التياسُر، والمَعْسورُ: ضِدُّ المَيْسور، وَهُمَا
مَصْدَرَانِ، وَسِيبَوَيْهِ يَقُولُ: هُمَا صِفَتَانِ وَلَا يَجِيءُ
عِنْدَهُ المصدرُ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ أَلْبَتَّةَ، ويتأَول
قَوْلَهُمْ: دَعْه إِلى مَيْسورِه وإِلى مَعْسورِه. يَقُولُ: كأَنه
قَالَ دَعْهُ إِلى أَمر يُوسِرُ فِيهِ وإِلى أَمر يُعْسِرُ فِيهِ،
ويتأَول الْمَعْقُولَ أَيضاً. والعَسَرةُ: القادمةُ الْبَيْضَاءُ،
وَيُقَالُ: عُقابٌ عَسْراء فِي يدِها قَوادِم بِيضٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرةِ
؛ هُوَ جَيْشُ غَزْوَةِ تَبوك، سُمِّيَ بِهَا لأَنه نَدَبَ الناسَ إِلى
الغَزْوِ فِي شِدَّةِ الْقَيْظِ، وَكَانَ وَقْتَ إِيناع الثَّمَرَةِ
وطِيب الظِّلال، فعَسُر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وشقَّ. وعَسَّرَني فلانٌ
وعَسَرَني يَعْسِرْني عَسْراً إِذا جَاءَ عَنْ يَسارِي. وعَسَرْتُ
الناقةَ عَسْراً إِذا أَخذتها مِنَ الإِبل. واعْتَسَرَ النَّاقَةَ:
أَخذَها رَيِّضاً قَبْلَ أَن تُذَلَّلَ بخَطْمِها ورَكِبَها، وَنَاقَةٌ
عَسِيرٌ: اعْتُسِرت مِنَ الإِبل فرُكِبَت أَو حُمِلَ عَلَيْهَا وَلَمْ
تُلَيَّنْ قَبْلُ، وَهَذَا عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وَكَذَلِكَ
نَاقَةٌ عَيْسَرٌ وعَوْسَرانةٌ وعَيْسَرانةٌ؛ وَبَعِيرٌ عَسِيرٌ
وعَيْسُرانٌ «2» . وعَيْسُرانيٌّ. قَالَ الأَزهري: وَزَعَمَ اللَّيْثُ
أَن العَوْسَرانيّة والعَيْسَارنِيَّة مِنَ النُّوقِ الَّتِي تُركَب
قَبْلَ أَن تُراضَ؛ قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَ
اللَّيْثُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَجَمَلٌ عَوْسَرانيّ. والعَسِيرُ:
النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ تُرَضْ. والعَسِيرُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ
تَحْمِل سَنَتها. والعَسِيرةُ: النَّاقَةُ إِذا اعْتاطت فَلَمْ
تَحْمِلْ عامها، وفي
__________
(1) . قوله: [وقد عسرت عسراً] كذا بالأَصل بهذا الضبط. وعبارة شارح
القاموس؛ وقد عسرت، بالفتح، عسراً، بالتحريك، هكذا هو مضبوط في سائر
النسخ انتهى. وعبارة المصباح: ورجل أَعسر يعمل بيساره، والمصدر عسر من
باب تعب
(2) . قوله: [وعيسران] هو بضم السين وما بعده بضمها وفتحها كما في شرح
القاموس
(4/565)
التَّهْذِيبِ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ
اللَّيْثُ: العَسِيرُ النَّاقَةُ الَّتِي اعْتَاطَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ
سَنَتَهَا، وَقَدْ أَعْسَرتْ وعُسِرَت؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
وعَسِيرٍ أَدْماءَ حادرةِ العينِ ... خَنُوفٍ عَيْرانةٍ شِمْلال
قَالَ الأَزهري: تفسيرُ اللَّيْثِ للعَسِير أَنها النَّاقَةُ الَّتِي
اعْتَاطَتْ غيرُ صَحِيحٍ، والعَسِيرُ مِنِ الإِبل، عِنْدَ الْعَرَبِ:
الَّتِي اعْتُسِرت فرُكِبَت وَلَمْ تَكُنْ ذُلِّلَت قَبْلَ ذَلِكَ
وَلَا رِيضَت، وَكَذَا فَسَّرَهُ الأَصمعي؛ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
ورَوْحَةِ دُنْيا بَيْنَ حَيَّيْنِ رُحْتُها، ... أَسِيرُ عَسِيراً أَو
عَروضاً أَرُوضُها
قَالَ: العَسِيرُ الناقةُ الَّتِي رُكِبَت قَبْلَ تَذْلِيلِهَا.
وعَسَرت الناقةُ تَعْسِر عَسْراً وعَسَراناً، وَهِيَ عاسِرٌ وعَسيرٌ:
رَفَعت ذَنبها فِي عَدْوِها؛ قَالَ الأَعشى:
بِناجِيةٍ، كأَتان الثَّمِيل، ... تُقَضِّي السُّرَى بَعْدَ أَيْنٍ
عَسِيرَا
وعَسَرَت، فَهِيَ عاسِرٌ، رفَعَت ذَنَبَهَا بَعْدَ اللَّقَاحِ.
والعَسْرُ: أَن تَعْسِرَ النَّاقَةُ بِذَنَبِهَا أَي تَشُولَ بِهِ.
يُقَالُ: عَسَرت بِهِ تَعْسِر عَسْراً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا هِيَ لَمْ تَعْسِرْ بِهِ ذَنَّبَتْ بِهِ، ... تُحاكي بِهِ سَدْوَ
النَّجاءِ الهَمَرْجَلِ
والعَسَرانُ: أَن تَشولَ الناقةُ بِذَنَبِهَا لتُرِي الفحلَ أَنها
لَاقِحٌ، وإِذا لَمْ تَعْسِرْ وذنَّبَت بِهِ فَهِيَ غيرُ لَاقِحٍ.
والهَمَرْجَلُ: الْجَمَلُ الَّذِي كأَنه يدحُو بِيَدَيْهِ دَحْواً.
قَالَ الأَزهري: وأَما العاسِرةُ مِنَ النُّوقِ فَهِيَ الَّتِي إِذا
عَدَتْ رَفَعَتْ ذَنَبَهَا، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ نَشَاطِهَا،
والذِّئب يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِلَّا عَواسِرَ، كالقِداحِ، مُعِيدة ... بِاللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ
مُتَغَضِّفِ
أَرَادَ بالعَواسِر الذئابَ الَّتِي تَعْسِرُ فِي عَدْوِها وتُكَسِّر
أَذنابها. وَنَاقَةٌ عَوْسَرانِيَّة إِذا كَانَ مِنْ دَأْبِها
تَكْسِيرُ ذنبِها ورَفْعُه إِذا عَدَتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الطِّرِمَّاحِ:
عَوْسَرانِيّة إِذا انْتَقَضَ الخِمْسُ ... نَفاضَ الفَضِيض أَيَّ
انْتِفاض
الفَضِيضُ: الْمَاءُ السَّائِلُ؛ أَراد أَنها تَرْفَعُ ذَنَبَهَا مِنَ
النَّشَاطِ وتعدُو بَعْدَ عَطَشِهَا وَآخِرُ ظَمَئِهَا فِي الْخَمْسِ.
والعَسْرَى والعُسْرَى: بَقْلة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ
الْبَقْلَةُ إِذا يَبِسَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا مَنعاها الماءَ إِلا ضَنانَةً ... بأَطْرافِ عَسْرى، شَوْكُها
قَدْ تَخَدَّدا
والعَيْسُرانُ: نَبْتٌ. والعَسْراء: بِنْتُ جَرِيرِ بْنِ سَعِيدٍ
الرِّياحِيّ. واعْتَسَرَه: مِثْلُ اقْتَسَرَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أُناسٌ أَهْلَكُوا الرُّؤَساءَ قَتْلًا، ... وقادُوا الناسَ طَوْعاً
واعْتِسارا
قَالَ الأَصمعي: عَسَرَه وقَسَرَه واحدٌ. واعْتَسرَ الرجلُ مِنْ مالِ
وَلَدِهِ إِذا أَخذ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ كَارِهٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: يَعْتَسِرُ الوالدُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
أَي يأْخذُه مِنْهُ وَهُوَ كَارِهٌ، مِنْ الاعْتِسارِ وَهُوَ
الاقْتِسارُ والقَهْر، وَيُرْوَى بِالصَّادِ؛ قَالَ النَّضْرُ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ بِالسِّينِ وَقَالَ: مَعْنَاهُ وَهُوَ كارهٌ؛
وأَنشد:
مُعْتَسِر الصُّرْم أَو مُذِلّ
والعُسُرُ: أَصحابُ البُتْرِيّة فِي التقاضِي والعملِ. والعِسْرُ:
قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْجِنِّ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ
(4/566)
ابْنُ أَحمر:
وفِتْيان كجِنّة آلِ عِسْرِ
إِنّ عِسْرَ قَبِيلَةٌ مِنَ الْجِنِّ، وَقِيلَ: عِسْر أَرض تَسْكُنُهَا
الْجِنُّ. وعِسْر فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ: مَوْضِعٌ:
كأَنّ عليهمُ بِجُنوبٍ عِسْر
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ العَسِير، هو بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ
السِّينِ، بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ لأَبي أُمَيَّة
الْمَخْزُومِيِّ سَمَّاهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، بِيَسِيرة، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
عسبر: العُسْبرُ: النَّمِرُ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والعُسْبُور
والعُسْبُورةُ: وَلَدُ الْكَلْبِ مِنَ الذِّئْبَةِ. والعِسْبارُ
والعِسْبارةُ: وَلَدُ الضَّبْعِ مِنَ الذِّئْبِ، وَجَمْعُهُ عَسابِرُ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِسْبارةُ وَلَدُ الضَّبْعِ، الذكرُ والأُنثى
فِيهِ سواءٌ. والعِسْبارُ: ولدُ الذئبِ؛ فأَما قول الكميت:
وتَجَمَّع المُتَفَرِّقُون ... مِنَ الفَراعِل والعَسابِرْ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ العُسْبُر، وَهُوَ النَّمِرُ، وَقَدْ يَكُونُ
جَمْعَ عِسْبار، وَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِلضَّرُورَةِ. والفُرْعُلُ:
وَلَدُ الضَّبْعِ مِنَ الضِّبْعان، قَالَ ابْنُ بَحْر: رَماهم بأَنهم
أَخْلاطٌ مُعَلْهَجُون. والعُسْبُرة والعُسْبُورة: الناقةُ
النَّجِيبَةُ، وَقِيلَ: السَّرِيعَةُ مِنَ النَّجَائِبِ؛ وأَنشد:
لَقَدْ أَرانِيَ، والأَيَّامُ تُعْجِبُني، ... والمُقْفِراتُ بِهَا
الخُورُ العسابِيرُ
قَالَ الأَزهري: وَالصَّحِيحُ العُبْسُورة، الباء قيل السِّينِ، فِي
نَعْتِ النَّاقَةِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ
أَصحابه. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ عُسْبُرٌ وعُسْبُورٌ شديدة سريعة.
عسجر: العَيْسَجُور: النَّاقَةُ الصُّلْبة، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ
السَّرِيعَةُ القَوِيَّة، وَالِاسْمُ العَسْجَرة. والعَيْسَجُور:
السِّعلاة، وعَسْجَرتُها خُبْثُها، وإِبل عَساجِيرُ: وَهِيَ
الْمُتَتَابِعَةُ فِي سَيْرِهَا. والعَسْجَرُ: المِلْحُ. وعَسْجَرَ
عَسْجَرَةً إِذا نَظَرَ نَظَرًا شَدِيدًا. وعَسْجَرَت الإِبلُ:
اسْتَمَرَّتْ فِي سَيْرِهَا. والعَيْسَجُور: الناقةُ الْكَرِيمَةُ
النَّسَبِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُنْتَج قَطُّ، وهو أَقوى لها.
عسقر: الأَزهري: قَالَ الْمُؤَرِّجُ رَجُلٌ مُتَعَسْقرٌ إِذا كَانَ
جَلْداً صبُوراً؛ وأَنشد:
وصِرْتَ مَمْلُوكًا بقاعٍ قَرْقَرِ، ... يَجْرِي عَلَيْكَ المُورُ
بالتَّهَرْهُرِ
يَا لَك مِنْ قُنْبُرةٍ وقُنْبُرِ ... كنْت عَلَى الأَيَّامِ فِي
تعَسْقُرِ
أَي صَبْرٍ وجَلادةٍ. والتَّهَرْهُرُ: صَوَّتَ الرِّيحِ، تَهَرْهَرت
وهَرْهَرت واحدٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَنْ رَوَى هَذَا عَنِ
الْمُؤَرِّجِ وَلَا أَثق به.
عسكر: العَسْكَرةُ: الشِّدَّةُ وَالْجَدْبُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
ظلَّ فِي عَسْكَرةٍ مِنْ حُبِّها، ... ونأَتْ شَحْطَ مَزارِ
المُدَّكِرْ
أَي ظَلَّ فِي شِدَّةٍ مِنْ حُبّها، وَالضَّمِيرُ فِي نأَت يَعُودُ
عَلَى مَحْبُوبَتِهِ، وَقَوْلُهُ: شَحْطَ مَزارِ المُدَّكر أَراد يَا
شحطَ مَزَارِ المُدّكر. والعَسْكَرُ: الْجَمْعُ، فَارِسِيٌّ؛ قَالَ
ثَعْلَبٌ: يُقَالُ العَسْكَرُ مُقْبِلٌ ومُقْبِلون، فَالتَّوْحِيدُ
عَلَى الشَّخْصِ، كأَنك قُلْتَ: هَذَا الشَّخْصُ مُقْبِلٌ، وَالْجَمْعُ
عَلَى جَمَاعَتِهِمْ، وَعِنْدِي أَن الإِفراد عَلَى اللَّفْظِ
وَالْجَمْعَ عَلَى الْمَعْنَى.
(4/567)
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَسْكر الكثيرُ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: عَسْكَرٌ مِنْ رِجَالٍ وَخَيْلٍ
وَكِلَابٍ. وَقَالَ الأَزهري: عَسْكَرُ الرجلِ جماعةُ مالِه ونَعَمِه؛
وأَنشد:
هَلْ لَك فِي أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ، ... تُعِينُ مِسْكِيناً
قَلِيلًا عَسْكَرُهْ؟
عَشْرُ شِيَاهٍ سَمْعُه وبَصَرُهْ، ... قَدْ حدَّثَ النَّفسَ بِمصْرٍ
يَحْضُرُهُ
وعَساكِرُ الهَمِّ: مَا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَتَتَابَعَ. وإِذا
كَانَ الرجلُ قليلَ الْمَاشِيَةِ قِيلَ: إِنه لَقَلِيلُ العَسْكَرِ.
وعَسْكَرُ الليلِ: ظُلْمَتُهُ؛ وأَنشد:
قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُ بَنِي العجَّاجِ، ... كأَنها عَسْكَرُ لَيْلٍ
داجِ
وعَسْكَرَ الليلُ: تَراكَمَتْ ظُلْمتُه. وعَسْكَرَ بِالْمَكَانِ:
تجمَّع. والعَسْكَر: مُجْتَمَعُ الْجَيْشِ. والعَسْكَرانِ: عرفةُ
ومِنى. والعَسْكَرُ: الجَيْش؛ وعَسْكَرَ الرجلُ، فَهُوَ مُعَسْكِرٌ،
وَالْمَوْضِعُ مُعَسْكَرٌ، بِفَتْحِ الْكَافِ. والعَسْكَرُ
والمُعَسْكَر: مَوْضِعَانِ. وعَسْكَر مُكْرَم: اسْمُ بَلَدٍ معروف،
وكأَنه معرب.
عشر: العَشَرة: أَول العُقود. والعَشْر: عَدَدُ الْمُؤَنَّثِ،
والعَشَرةُ: عَدَدُ الْمُذَكَّرِ. تَقُولُ: عَشْرُ نِسْوة وعَشَرةُ
رِجَالٍ، فإِذا جاوَزْتَ العِشْرين اسْتَوَى الْمُذَكَّرُ
وَالْمُؤَنَّثُ فَقُلْتَ: عِشْرون رَجُلًا وعِشْرون امرأَة، وَمَا
كَانَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلى العَشَرة فَالْهَاءُ تَلْحَقُهُ فِيمَا
واحدُه مُذَكَّرٌ، وَتُحْذَفُ فِيمَا واحدُه مُؤَنَّثٌ، فإِذا جاوَزْتَ
العَشَرة أَنَّثْت المذكرَ وَذَكَّرْتَ الْمُؤَنَّثَ، وَحَذَفْتَ
الْهَاءَ فِي الْمُذَكَّرِ فِي العَشَرة وأَلْحَقْتها فِي الصَّدْر،
فِيمَا بَيْنَ ثلاثةَ عشَر إِلى تِسْعَةَ عشَر، وَفَتَحْتَ الشِّينَ
وَجَعَلْتَ الِاسْمَيْنِ اسْمًا وَاحِدًا مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ،
فإِذا صِرْت إِلى الْمُؤَنَّثِ أَلحقت الْهَاءَ فِي الْعَجُزِ
وَحَذَفْتَهَا مِنَ الصَّدْرِ، وأَسكنت الشِّينَ مِنْ عَشْرة، وإِن
شِئْتَ كَسَرْتها، وَلَا يُنْسَبُ إِلى الِاسْمَيْنِ جُعِلا اسْمًا
وَاحِدًا، وإِن نَسَبْتَ إِلى أَحدهما لَمْ يُعْلَمْ أَنك تُرِيدُ
الآخر، فإن اضطُرّ إِلَى ذَلِكَ نَسَبْتَهُ إِلَى أَحدهما ثُمَّ
نَسَبْتَهُ إِلَى الْآخَرِ، وَمَنْ قَالَ أَرْبَعَ عَشْرة قَالَ:
أَرْبَعِيٌّ عَشَرِيٌّ، بِفَتْحِ الشِّينِ، ومِنَ الشَّاذِّ فِي
الْقِرَاءَةِ:
فانْفَجَرَت مِنْهُ اثْنَتَا عَشَرة عَيْناً
، بِفَتْحِ الشِّينِ؛ ابْنُ جِنِّي: وجهُ ذَلِكَ أَن أَلفاظ الْعَدَدِ
تُغَيَّر كَثِيرًا فِي حَدِّ التَّرْكِيبِ، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا فِي
البَسِيط: إِحْدى عَشْرة، وَقَالُوا: عَشِرة وعَشَرة، ثُمَّ قَالُوا
فِي التَّرْكِيبِ: عِشْرون؟ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ ثَلَاثُونَ فَمَا
بَعْدَهَا مِنَ الْعُقُودِ إِلى التِّسْعِينَ، فَجَمَعُوا بَيْنَ
لَفْظِ الْمُؤَنَّثِ وَالْمُذَكَّرِ فِي التَّرْكِيبِ، وَالْوَاوُ
لِلتَّذْكِيرِ وَكَذَلِكَ أُخْتُها، وَسُقُوطُ الْهَاءِ للتأْنيث،
وَتَقُولُ: إِحْدى عَشِرة امرأَة، بِكَسْرِ الشِّينِ، وإِن شِئْتَ
سَكَّنْتَ إِلى تسعَ عَشْرة، والكسرُ لأَهل نَجْدٍ والتسكينُ لأَهل
الْحِجَازِ. قَالَ الأَزهري: وأَهل اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ لَا
يَعْرِفُونَ فَتْحَ الشِّينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَرُوِيَ عَنِ
الأَعمش أَنه قرأَ:
وقَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَشَرة
، بِفَتْحِ الشِّينِ، قَالَ: وَقَدْ قرأَ القُرّاء بِفَتْحِ الشِّينِ
وَكَسْرِهَا، وأَهل اللُّغَةِ لَا يَعْرِفُونَهُ، وَلِلْمُذَكَّرِ
أَحَدَ عَشَر لَا غَيْرَ. وعِشْرون: اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِهَذَا
الْعَدَدِ، وَلَيْسَ بِجَمْعِ العَشَرة لأَنه لَا دَلِيلَ عَلَى
ذَلِكَ، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النُّونَ قُلْتَ: هَذِهِ عِشْرُوك
وعِشْرِيَّ، بِقَلْبِ الْوَاوِ يَاءً لِلَّتِي بَعْدَهَا فَتُدْغَمُ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَكّن الْعَيْنَ
فَيَقُولُ: أَحَدَ عْشَر، وَكَذَلِكَ يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ عْشَر
(4/568)
إِلا اثْنَيْ عَشَر فإِن الْعَيْنَ لَا
تُسَكَّنُ لِسُكُونِ الأَلف وَالْيَاءِ قَبْلَهَا. وَقَالَ الأَخفش:
إِنما سكَّنوا الْعَيْنَ لَمَّا طَالَ الِاسْمُ وكَثُرت حركاتُه،
والعددُ منصوبٌ مَا بَيْنَ أَحَدَ عَشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ فِي
الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ، إِلا اثْنَيْ عَشَرَ فإِن اثْنَيْ
وَاثْنَتَيْ يُعْرَبَانِ لأَنهما عَلَى هِجَاءَيْن، قَالَ: وإِنما
نُصِبَ أَحَدَ عَشَرَ وأَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ وعَشَرة،
فأُسْقِطَت الواوُ وصُيِّرا جَمِيعًا اسْمًا وَاحِدًا، كَمَا تَقُولُ:
هُوَ جَارِي بَيْتَ بَيْتَ وكِفّةَ كِفّةَ، والأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ
وكِفَّةٌ لِكِفَّةٍ، فصُيِّرَتا اسْمًا وَاحِدًا. وَتَقُولُ: هَذَا
الْوَاحِدُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلى الْعَاشِرِ فِي
الْمُذَكَّرِ، وَفِي الْمُؤَنَّثِ الْوَاحِدَةُ وَالثَّانِيَةُ
وَالثَّالِثَةُ وَالْعَاشِرَةُ. وَتَقُولُ: هُوَ عاشرُ عَشَرة
وغَلَّبْتَ الْمُذَكَّرَ، وَتَقُولُ: هُوَ ثالثُ ثَلاثةَ عَشَرَ أَي
هُوَ أَحدُهم، وَفِي الْمُؤَنَّثِ هِيَ ثالثةُ ثَلاثَ عَشْرة لَا
غَيْرُ، الرَّفْعُ فِي الأَول، وَتَقُولُ: هُوَ ثالثُ عَشَرَ يَا
هَذَا، وَهُوَ ثالثَ عَشَرَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَكَذَلِكَ إِلى
تِسْعَةَ عَشَرَ، فَمَنْ رَفَعَ قَالَ: أَردت هُوَ ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ
فأَلْقَيت الثَّلَاثَةَ وتركتُ ثَالِثَ عَلَى إِعرابه، ومَن نَصَب
قَالَ: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَشَرَ فَلَمَّا أَسْقَطْت الثلاثةَ
أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ لِيُعْلَمَ أَن هَاهُنَا شَيْئًا
مَحْذُوفًا، وَتَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ: هِيَ ثالثةُ عَشْرةَ وَهِيَ
ثالثةَ عَشْرةَ، وتفسيرُه مِثْلُ تَفْسِيرِ الْمُذَكَّرِ، وَتَقُولُ:
هُوَ الْحَادِي عَشَر وَهَذَا الثَّانِي عَشَر والثالثَ عَشَرَ إِلى
العِشْرِين مَفْتُوحٌ كُلُّهُ، وَفِي الْمُؤَنَّثِ: هَذِهِ الحاديةَ
عَشْرةَ والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى الْعِشْرِينَ تَدْخُلُ الْهَاءُ
فِيهَا جَمِيعًا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِذا أَدْخَلْتَ فِي الْعَدَدِ
الأَلفَ واللامَ فأَدْخِلْهما فِي الْعَدَدِ كلِّه فَتَقُولُ: مَا
فَعَلَتِ الأَحَدَ العَشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، وَالْبَصْرِيُّونَ
يُدْخِلون الأَلفَ وَاللَّامَ فِي أَوله فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَتِ
الأَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهمٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَيالٍ عَشْرٍ
؛ أَي عَشْرِ ذِي الحِجَّة. وعَشَرَ القومَ يَعْشِرُهم، بِالْكَسْرِ،
عَشْراً: صَارَ عاشرَهم، وَكَانَ عاشِرَ عَشَرةٍ. وعَشَرَ: أَخذَ
وَاحِدًا مِنْ عَشَرة. وعَشَرَ: زَادَ وَاحِدًا عَلَى تِسْعَةٍ.
وعَشَّرْت الشَّيْءَ تَعْشِيراً: كَانَ تِسْعَةً فَزِدْتُ وَاحِدًا
حَتَّى تَمَّ عَشَرة. وعَشَرْت، بِالتَّخْفِيفِ: أَخذت وَاحِدًا مِنْ
عَشَرة فَصَارَ تِسْعَةً. والعُشورُ: نُقْصَانُ، والتَّعْشيرُ
زِيَادَةٌ وتمامٌ. وأَعْشَرَ القومُ: صَارُوا عَشَرة. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَذْهَبُ الْعَرَبِ إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن
يُجْمِلُوهما؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
توهَّمْتُ آياتٍ لَهَا، فَعرَفْتُها ... لِسِتَّةِ أَعْوامِ، وَذَا
العامُ سابِعُ «3»
. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ثَلاثٌ واثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ، ... وثالِثةٌ تَميلُ إِلى السِّهَام
وَقَالَ آخَرُ:
فسِرْتُ إِليهمُ عِشرينَ شَهْراً ... وأَرْبعةً، فَذَلِكَ حِجّتانِ
وإِنما تَفْعَلُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الحِسَاب فِيهِمْ. وثوبٌ عُشارِيٌّ:
طُولُهُ عَشْرُ أَذرع. وَغُلَامٌ عُشارِيٌّ: ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ،
والأُنثى بِالْهَاءِ. وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ، مَمْدُودَانِ: اليومُ
الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: التَّاسِعُ. قَالَ الأَزهري:
وَلَمْ يُسْمَعْ فِي أَمثلة الأَسماء اسْمًا عَلَى فاعُولاءَ إِلا
أَحْرُفٌ قَلِيلَةٌ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ،
والسارُوراءُ
__________
(3) . قوله: [توهمت آيات إلخ] تأمل شاهده
(4/569)
السَّرَّاءُ، والدَّالُولاء الدَّلال.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخابُوراءُ مَوْضِعٌ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِهِ
تاسُوعاء. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ: لَئِنْ
سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ
؛ قَالَ الأَزهري: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ عدّةٌ مِنَ التأْويلات أَحدُها
أَنه كَرِه مُوَافَقَةَ الْيَهُودِ لأَنهم يَصُومُونَ اليومَ العاشرَ،
وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: صُوموا التاسِعَ والعاشِرَ وَلَا
تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ
؛ قَالَ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ يَحْتَمِلُ
أَن يَكُونَ التاسعُ هُوَ الْعَاشِرَ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه تأَول
فِيهِ عِشْر الوِرْدِ أَنها تِسْعَةُ أَيام، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ
اللَّيْثُ عَنِ الْخَلِيلِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الصَّوَابِ.
والعِشْرون: عَشَرة مُضَافَةٌ إِلى مِثْلِهَا وُضِعَت عَلَى لَفْظِ
الْجَمْعِ وكَسَرُوا أَولها لِعِلَّةٍ. وعَشْرَنْت الشَّيْءَ:
جَعَلْتُهُ عِشْرينَ، نَادِرٌ لِلْفَرْقِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ
عَشَرْت. والعُشْرُ والعَشِيرُ: جُزْءٌ مِنْ عَشَرة، يَطَّرِدُ هَذَانِ
الْبِنَاءَانِ فِي جَمِيعِ الْكُسُورِ، وَالْجَمْعُ أَعْشارٌ وعُشُورٌ،
وَهُوَ المِعْشار؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا
آتَيْناهُمْ
؛ أَي مَا بلَغ مُشْرِكُو أَهل مَكَّةَ مِعْشارَ مَا أُوتِيَ مَن
قَبْلَهم مِنَ القُدْرة والقُوّة. والعَشِيرُ: الجزءُ مِنْ أَجْزاء
العَشرة، وَجَمْعُ العَشِير أَعْشِراء مِثْلُ نَصِيب وأَنْصِباء، وَلَا
يَقُولُونَ هَذَا فِي شَيْءٍ سِوَى العُشْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
تِسعةُ أَعْشِراء الرِّزْق فِي التِّجَارَةِ وجُزْءٌ مِنْهَا فِي
السَّابِياء
؛ أَراد تِسْعَةَ أَعْشار الرِّزْقِ. والعَشِير والعُشْرُ: واحدٌ
مِثْلٌ الثَّمِين والثُّمْن والسَّدِيس والسُّدْسِ. والعَشِيرُ فِي
مِسَاحَةِ الأَرَضين: عُشْرُ القَفِيز، والقَفِيز: عُشْر الجَرِيب.
وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ بَلَغَ ابنُ عَبَّاسٍ أَسْنانَنا مَا عاشَرَه
مِنَّا رجلٌ
، أَي لَوْ كانَ فِي السِّنِّ مِثْلَنا مَا بَلَغَ أَحدٌ مِنَّا عُشْرَ
عِلْمِهِ. وعَشَر القومَ يَعْشُرُهم عُشْراً، بِالضَّمِّ، وعُشُوراً
وعَشَّرَهم: أَخذ عُشْرَ أَموالهم؛ وعَشَرَ المالَ نَفْسَه وعَشَّرَه:
كَذَلِكَ، وَبِهِ سُمِّي العَشّار؛ وَمِنْهُ العاشِرُ. والعَشَّارُ:
قَابِضُ العُشْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ عُمَرَ لِابْنِ
هُبَيْرة وَهُوَ يُضرَب بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسِّيَاطِ: تَاللَّهِ إِن
كُنْتَ إِلا أُثَيّاباً فِي أُسَيْفاط قَبَضَهَا عَشّاروك. وَفِي
الْحَدِيثِ:
إِن لَقِيتم عاشِراً فاقْتُلُوه
؛ أَي إِن وَجَدْتُمْ مَن يأْخذ العُشْر عَلَى مَا كَانَ يأْخذه أَهل
الْجَاهِلِيَّةِ مُقِيمًا عَلَى دِينه، فَاقْتُلُوهُ لكُفْرِه أَو
لِاسْتِحْلَالِهِ لِذَلِكَ إِن كَانَ مُسْلِمًا وأَخَذَه مُسْتَحِلًّا
وَتَارِكًا فَرْضَ اللَّهِ، وَهُوَ رُبعُ العُشْر، فأَما مَنْ
يَعْشُرهم عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فحَسَنٌ جَمِيلٌ.
وَقَدْ عَشَر جماعةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ وَالْخُلَفَاءِ
بَعْدَهُ، فَيَجُوزُ أَن يُسمَّى آخذُ ذَلِكَ: عَاشِرًا لإِضافة مَا
يأْخذه إِلى العُشْرِ كرُبع العُشْرِ ونِصْفِ العُشْرِ، كَيْفَ وَهُوَ
يأْخذ العُشْرَ جَمِيعَهُ، وَهُوَ مَا سَقَتْه السَّمَاءُ. وعُشْرُ
أَموالِ أَهل الذِّمَّةِ فِي التِّجَارَاتِ، يُقَالُ: عَشَرْت مالَه
أَعْشُره عُشْراً، فأَنا عاشرٌ، وعَشَّرْته، فأَنا مُعَشِّرٌ وعَشَّارٌ
إِذا أَخذت عُشْرَه. وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عُقُوبَةِ
العَشّار مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التأْويل. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ عَلَى المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور عَلَى الْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى
؛ العُشُورُ: جَمْع عُشْرٍ، يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ أَموالهم
لِلتِّجَارَاتِ دُونَ الصَّدَقَاتِ، وَالَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ
ذَلِكَ، عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وقتَ الْعَهْدِ،
فإِن لَمْ يُصالَحُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إِلا الجِزْيةُ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِن أَخَذُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذا
دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا مِنْهُمْ إِذا دَخَلُوا بِلادَنا
لِلتِّجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احْمَدُوا اللَّهَ إِذْ رَفَعَ عَنْكُمُ العُشورَ
؛ يَعْنِي مَا كَانَتِ المُلوكُ تأْخذه مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن
(4/570)
وَفْدَ ثَقِيف اشْتَرَطُوا أَن لَا
يُحشَرُوا وَلَا يُعْشَروا وَلَا يُجَبُّوا
؛ أَي لَا يُؤْخَذُ عُشْرُ أَموالهم، وَقِيلَ: أَرادوا بِهِ الصدقةَ
الْوَاجِبَةَ، وإِنما فَسَّح لَهُمْ فِي تَرْكِهَا لأَنها لَمْ تَكُنْ
وَاجِبَةً يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِمْ، إِنما تَجِب بِتَمَامِ الحَوْل.
وَسُئِلَ جابرٌ عَنِ اشْتِرَاطِ ثَقِيف: أَن لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِمْ
وَلَا جهادَ، فَقَالَ: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون ويُجاهدون إِذا
أَسلموا، وأَما حَدِيثِ
بَشِيرِ بْنِ الْخَصَّاصِيَّةِ حِينَ ذَكر لَهُ شَرَائِعَ الإِسلام
فَقَالَ: أَما اثْنَانِ مِنْهَا فَلَا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما
لِي ذَوْدٌ هُنَّ رِسْلُ أَهلي وحَمولتُهم، وأَما الْجِهَادُ فأَخافُ
إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ نفسِي، فكَفَّ يَدَهُ وَقَالَ: لَا صدقةَ وَلَا
جهادَ فبِمَ تدخلُ الْجَنَّةَ؟
فَلَمْ يَحْتَمِل لِبَشِيرٍ مَا احْتَمَلَ لِثَقِيفٍ؛ ويُشْبِه أَن
يَكُونَ إِنما لَمْ يَسْمَعْ لَهُ لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قِيلَ
لَهُ، وثَقِيفٌ كَانَتْ لَا تَقْبَلُهُ فِي الْحَالِ وَهُوَ وَاحِدٌ
وَهُمْ جَمَاعَةٌ، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم ويُدَرِّجَهم عَلَيْهِ
شَيْئًا فَشَيْئًا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
النِّسَاءِ لَا يُعشَرْنَ وَلَا يُحْشَرْن
: أَي لَا يُؤْخَذُ عُشْرُ أَموالهن، وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ العُشْرُ
مِنْ حَلْيِهِنّ وإِلا فَلَا يُؤخذ عُشْرُ أَموالهن وَلَا أَموالِ
الرِّجَالِ. والعِشْرُ: وِرْدُ الإِبل اليومَ العاشرَ. وَفِي
حِسَابِهِمْ: العِشْر التَّاسِعُ فإِذا جَاوَزُوهَا بِمِثْلِهَا
فظِمْؤُها عِشْران، والإِبل فِي كُلِّ ذَلِكَ عَواشِرُ أَي تَرِدُ
الْمَاءَ عِشْراً، وَكَذَلِكَ الثَّوَامِنُ وَالسَّوَابِعُ
وَالْخَوَامِسُ. قَالَ الأَصمعي: إِذا وَرَدَتِ الإِبل كلَّ يَوْمٍ
قِيلَ قَدْ وَرَدَتْ رِفْهاً، فَإِذَا وَرَدَتْ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا،
قِيلَ: وَرَدَتْ غِبًّا، فإِذا ارْتَفَعَتْ عَنِ الغِبّ فَالظِّمْءُ
الرِّبْعُ، وَلَيْسَ فِي الْوِرْدِ ثِلْث ثُمَّ الخِمْس إِلى العِشْر،
فإِذا زَادَتْ فَلَيْسَ لَهَا تَسْمِيَةُ وِرْد، وَلَكِنْ يُقَالُ:
هِيَ تَرِدُ عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً إِلى العِشرَين،
فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، فإِذا جَاوَزَتِ العِشْرَيْنِ
فَهِيَ جَوازِئُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا زَادَتْ عَلَى العَشَرة
قَالُوا: زِدْنا رِفْهاً بَعْدَ عِشْرٍ. قَالَ اللَّيْثُ: قُلْتُ
لِلْخَلِيلِ مَا مَعْنَى العِشْرِين؟ قَالَ: جَمَاعَةُ عِشْر، قُلْتُ:
فالعِشْرُ كَمْ يَكُونُ؟ قَالَ: تِسعةُ أَيام، قُلْتُ: فعِشْرون لَيْسَ
بِتَمَامٍ إِنما هُوَ عِشْران وَيَوْمَانِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنَ
العِشْر الثَّالِثِ يَوْمَانِ جَمَعْتُهُ بالعِشْرين، قُلْتُ: وإِن
لَمْ يَسْتَوْعِبِ الْجُزْءَ الثَّالِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلا تَرَى
قَوْلَ أَبي حَنِيفَةَ: إِذا طَلَّقها تَطْلِيقَتَيْنِ وعُشْرَ
تَطْلِيقَةٍ فإِنه يَجْعَلُهَا ثَلَاثًا وإِنما مِنَ الطَّلْقَةِ
الثَّالِثَةِ فِيهِ جُزْءٌ، فالعِشْرون هَذَا قِيَاسُهُ، قُلْتُ: لَا
يُشْبِهُ العِشْرُ «4» . التطليقةَ لأَن بَعْضَ التَّطْلِيقَةِ
تَطْلِيقَةٌ تَامَّةٌ، وَلَا يَكُونُ بَعْضُ العِشْرِ عِشْراً
كَامِلًا، أَلا تَرَى أَنه لَوْ قَالَ لامرأَته أَنت طَالِقٌ نِصْفَ
تَطْلِيقَةٍ أَو جُزْءًا مِنْ مِائَةِ تَطْلِيقَةٍ كَانَتْ تَطْلِيقَةً
تَامَّةً، وَلَا يَكُونُ نِصْفُ العِشْر وثُلُث العِشْرِ عِشْراً
كَامِلًا؟ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعِشْرُ مَا بَيْنَ الوِرْدَين،
وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَيام لأَنها تَرِدُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ،
وَكَذَلِكَ الأَظْماء، كُلُّهَا بِالْكَسْرِ، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ
العِشْر اسْمٌ إِلا فِي العِشْرَينِ، فإِذا وَرَدَتْ يَوْمَ العِشْرِين
قِيلَ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَر يَوْمًا، فإِذا
جَاوَزَتِ العِشْرَينِ فَلَيْسَ لَهَا تَسْمِيَةٌ، وَهِيَ جَوازِئُ.
وأَعْشَرَ الرجلُ إِذا وَرَدت إِبلُه عِشْراً، وَهَذِهِ إِبل عَواشِرُ.
وَيُقَالُ: أَعْشَرْنا مُذْ لَمْ نَلْتقِ أَي أَتى عَلَيْنَا عَشْرُ
لَيَالٍ. وعَواشِرُ الْقُرْآنِ: الآيُ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا العَشْرُ.
والعاشِرةُ: حَلْقةُ التَّعْشِير مِنْ عَواشِر الْمُصْحَفِ، وهي لفظة
مولَّدة.
__________
(4) . [قوله: قُلْتُ لَا يُشْبِهُ الْعِشْرُ إلخ] نقل شارح القاموس عن
شيخه أن الصحيح أن القياس لا يدخل اللغة وما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد
البيان والإيضاح لا للقياس حتى يرد ما فهمه الليث
(4/571)
وعُشَار، بِالضَّمِّ: مَعْدُولٌ مِنْ
عَشَرة. وَجَاءَ الْقَوْمُ عُشارَ عُشارَ ومَعْشَرَ مَعْشَرَ وعُشار
ومَعْشَر أَي عَشَرة عَشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ وثُناءَ
ثُناءَ ومَثْنى مَثْنى؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمع أَكثرُ
مِنْ أُحاد وثُناء وثُلاث ورُباع إِلا فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
وَلَمْ يَسْتَرِيثوك حَتَّى رَمَيْت، ... فَوْقَ الرِّجَالِ، خِصَالًا
عُشَارا
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ذَهَبَ الْقَوْمُ عُشَارَياتٍ وعُسَارَياتٍ
إِذا ذَهَبُوا أَيادِيَ سَبَا مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ.
وَوَاحِدُ العُشاريَات: عُشارَى مِثْلُ حُبارَى وحُبَارَيات.
والعُشَارة: القطعةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَوْمٌ عُشَارة وعُشَارات؛
قَالَ حَاتِمُ طَيِّءٍ يَذْكُرُ طَيِّئًا وتفرُّقَهم:
فصارُوا عُشَاراتٍ بِكُلِّ مكانِ
وعَشَّر الْحِمَارُ: تابَعَ النَّهِيقَ عَشْرَ نَهَقاتٍ وَوَالَى
بَيْنَ عَشْرِ تَرْجِيعات فِي نَهِيقه، فَهُوَ مُعَشِّرٌ، ونَهِيقُه
يُقَالُ لَهُ التَّعْشِير؛ يُقَالُ: عَشَّرَ يُعَشِّرُ تَعْشِيراً؛
قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
وإِنِّي وإِن عَشَّرْتُ مِنْ خَشْيةِ الرَّدَى ... نُهاقَ حِمارٍ،
إِنني لجَزُوعُ
وَمَعْنَاهُ: إِنهم يَزْعُمُونَ أَن الرَّجُلَ إِذا وَرَدَ أَرضَ
وَباءٍ وضَعَ يدَه خَلْفَ أُذنهِ فنَهَق عَشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار
ثُمَّ دَخَلَهَا أَمِنَ مِنَ الوَباء؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ: فِي أَرض
مالِكٍ، مَكَانَ قَوْلِهِ: مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَى، وأَنشد: نُهاق
الْحِمَارِ، مَكَانَ نُهاق حِمَارٍ. وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَشْرَ
نَعَبَاتٍ. وَقَدْ عَشَّرَ الحِمارُ: نَهَقَ، وعَشَّرَ الغُرابُ:
نَعَقَ، مِنْ غَيْرِ أَن يُشْتَقّا مِنَ العَشَرة. وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: اللهمَّ عشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ لِكُلِّ خُطْوة
عَشْرَ حَسَنَاتٍ. والعَشِيرُ: صَوْتُ الضَّبُع؛ غَيْرُ مُشْتَقٍّ
أَيضاً؛ قَالَ:
جاءَتْ بِهِ أُصُلًا إِلى أَوْلادِها، ... تَمْشي بِهِ مَعَهَا لهمْ
تَعْشِيرُ
وناقة عُشَراء: مصى لِحَمْلِهَا عَشَرةُ أَشهر، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ،
والأَولُ أَولى لِمَكَانِ لَفْظِهِ، فإِذا وَضَعَتْ لِتَمَامِ سَنَةٍ
فَهِيَ عُشَراء أَيضاً عَلَى ذَلِكَ كالرائبِ مِنَ اللَّبَنِ «1» .
وَقِيلَ: إِذا وَضَعت فَهِيَ عائدٌ وَجَمْعُهَا عَوْدٌ؛ قال الأَزهري:
وَالْعَرَبُ يُسَمُّونَهَا عِشَاراً بعد ما تَضَعُ مَا فِي بُطُونِهَا
لِلُزُومِ الِاسْمِ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا يُسَمُّونَهَا لِقَاحاً،
وَقِيلَ العُشَراء مِنِ الإِبل كَالنُّفَسَاءِ مِنَ النِّسَاءِ،
وَيُقَالُ: نَاقَتَانِ عُشَراوانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ صَعْصعة بْنُ نَاجِيَةَ: اشْتَرَيْت مَوءُودةً بناقَتَينِ
عُشَرَاوَيْنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ اتُّسِعَ فِي هَذَا حَتَّى قِيلَ لكل حامل
عُشَراء وأَكثر مَا يُطْلَقُ عَلَى الْخَيْلِ والإِبل، وَالْجَمْعُ
عُشَراواتٌ، يُبْدِلون مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث وَاوًا، وعِشَارٌ
كَسَّرُوه عَلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالُوا: رُبَعة ورُبَعاتٌ ورِباعٌ،
أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كَمَا أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى
فُعْلَة، شَبَّهُوهَا بِهَا لأَن الْبِنَاءَ وَاحِدٌ ولأَن آخِرَهُ
عَلَامَةُ التأْنيث؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العِشَارُ مِنَ الإِبل الَّتِي
قَدْ أَتى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشهر؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ
تَعَالَى: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها
لِاشْتِغَالِهِمْ بأَنْفُسِهم وَلَا يُعَطِّلُها قومُها إِلا فِي حَالِ
الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: العِشارُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى النُّوقِ حتى
يُتْتج بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال
__________
(1) . قوله: [كالرائب من اللبن] في شرح القاموس في مادة راب ما نصه:
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ إِذا خَثُرَ اللَّبَنُ، فَهُوَ الرَّائِبُ ولا
يَزَالُ ذَلِكَ اسْمُهُ حَتَّى يُنْزَعَ زُبْدُهُ، وَاسْمُهُ عَلَى
حَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشَرَاءِ مِنَ الإِبل وَهِيَ الْحَامِلُ
ثُمَّ تضع وهي اسمها
(4/572)
الْفَرَزْدَقُ:
كَمْ عَمَّة لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ ... فَدْعاء، قَدْ حَلَبَتْ
عَلَيّ عِشَارِي
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَيْسَ للعِشَارِ لَبَنٌ وإِنما سَمَّاهَا عِشاراً
لأَنها حَدِيثَةُ الْعَهْدِ بالنِّتاج وَقَدْ وَضَعَتْ أَولادها.
وأَحْسَن مَا تَكُونُ الإِبل وأَنْفَسُها عِنْدَ أَهلها إِذا كَانَتْ
عِشَاراً. وعَشَّرَت الناقةُ تَعْشِيراً وأَعْشَرَت: صَارَتْ عُشَراء،
وأَعْشَرت أَيضاً: أَتى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشهر مِنْ نِتَاجِهَا.
وامرأَة مُعْشِرٌ: مُتِمٌّ، عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَنَاقَةٌ
مِعْشارٌ: يَغْزُر لبنُها لَيَالِيَ تُنْتَج. ونَعتَ أَعرابي نَاقَةً
فَقَالَ: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ مَا تَقَدَّمَ،
ومِشكارٌ تَغْزُر فِي أَول نَبْتِ الرَّبِيعِ، ومِغْبارٌ لَبِنةٌ
بَعْدَ مَا تَغْزُرُ اللَّوَاتِي يُنْتَجْن مَعَهَا؛ وأَما قَوْلُ
لَبِيدٍ يَذْكُرُ مَرْتَعاً:
هَمَلٌ عَشائِرُه عَلَى أَوْلادِها، ... مِن رَاشِحٍ مُتَقَوّب وفَطِيم
فإِنه أَراد بالعَشائِر هُنَا الظباءَ الحدِيثات الْعَهْدِ
بِالنِّتَاجِ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هُنَا فِي هَذَا
الْمَعْنَى جَمْعُ عِشَار، وعَشائرُ هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، كَمَا
يُقَالُ جِمال وجَمائِل وحِبَال وحَبائِل. والمُعَشِّرُ: الَّذِي
صَارَتْ إِبلُه عِشَاراً؛ قَالَ مَقّاس بْنُ عَمْرٍو:
ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنِّبٌ، ... إِذا مَا تلاقَيْنا براعٍ
مُعَشِّر
والعُشْرُ: النُّوقُ الَّتِي تُنْزِل الدِّرَّة الْقَلِيلَةَ مِنْ
غَيْرِ أَن تَجْتَمِعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَلُوبٌ لعُشْرِ الشُّولِ فِي لَيْلةِ الصَّبا، ... سَريعٌ إِلى
الأَضْيافِ قَبْلَ التأَمُّلِ
وأَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء. والعِشْرُ: قِطْعَةٌ تنكَسِرُ مِنَ
القَدَح أَو البُرْمة كأَنها قِطْعَةٌ مِنْ عَشْر قِطَعِ، وَالْجَمْعُ
أَعْشارٌ. وقَدَحٌ أَعْشارٌ وقِدْرٌ أَعْشَارٌ وقُدورٌ أَعاشِيرُ:
مكسَّرَة عَلَى عَشْرِ قِطَعٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي
عَشِيقَتِهِ:
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي ... بِسَهْمَيكِ فِي أَعْشارِ
قَلْب مُقَتَّلِ
أَراد أَن قَلْبَهُ كُسِّرَ ثُمَّ شُعِّبَ كَمَا تُشَعَّبُ القِدْرُ؛
قَالَ الأَزهري: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَعجب إِليّ مِنْ هَذَا
الْقَوْلِ، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: أَراد
بِقَوْلِهِ بسَهْمَيْكِ هَاهُنَا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، وَهُمَا
المُعَلَّى والرَّقيب، فللمُعَلَّى سَبْعَةُ أَنْصِباء وَلِلرَّقِيبِ
ثَلَاثَةٌ، فإِذا فَازَ الرَّجُلُ بِهِمَا غلَب عَلَى جَزورِ المَيْسرِ
كُلِّهَا وَلَمْ يَطْمَعْ غيرُه فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَهِيَ تُقْسَم
عَلَى عَشَرة أَجزاء، فَالْمَعْنَى أَنها ضَربت بِسِهَامِهَا عَلَى
قَلْبِهِ فَخَرَجَ لَهَا السَّهْمَانِ فغَلبته عَلَى قَلْبه كلِّه
وفَتَنته فَمَلَكَتْه؛ وَيُقَالُ: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها،
وَجَعَلَ أَبو الْهَيْثَمِ اسْمَ السَّهْمِ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةَ
أَنْصِباء الضَّرِيبَ، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ ثَعْلَبٌ الرَّقِيب؛
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَعْضُ الْعَرَبِ يُسمّيه الضَّرِيبَ
وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ الرَّقِيبَ، قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِي
هَذَا الْبَيْتِ هُوَ الصَّحِيحُ. ومُقَتَّل: مُذَلَّل. وقَلْبٌ
أَعْشارٌ: جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ كَمَا قَالُوا رُمْح
أَقْصادٌ. وعَشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه. وعَشَّرْت القَدَحَ
تَعْشِيراً إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ وَقِيلَ: قِدْرٌ أَعشارٌ
عَظِيمَةٌ كأَنها لَا يَحْمِلُهَا إِلا عَشْرٌ أَو عَشَرةٌ، وَقِيلَ:
قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فَلَمْ يُشْتَقَّ مِنْ شَيْءٍ؛ قَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: قِدر أَعشارٌ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ ثُمَّ
جُمِع كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عُشْراً.
(4/573)
والعواشِرُ: قوادمُ رِيشِ الطَّائِرِ،
وَكَذَلِكَ الأَعْشار؛ قَالَ الأَعشى:
وإِذا مَا طَغَا بِهَا الجَرْيُ، فالعِقْبانُ ... تَهْوِي كَواسِرَ
الأَعْشارِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ إِن الْبَيْتَ:
إِن تَكُنْ كالعُقَابِ فِي الجَوّ، فالعِقْبانُ ... تَهْوِي كَواسِرَ
الأَعْشار
والعِشْرَةُ: الْمُخَالَطَةُ؛ عاشَرْتُه مُعَاشَرَةً، واعْتَشَرُوا
وتَعاشَرُوا: تَخَالَطُوا؛ قَالَ طَرَفة:
ولَئِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا مَرَّةَ، ... لَعَلَى عَهْد حَبيب مُعْتَشِرْ
جَعَلَ الحَبيب جَمْعًا كالخَلِيط والفَرِيق. وعَشِيرَة الرَّجُلِ:
بَنُو أَبيه الأَدْنَونَ، وَقِيلَ: هُمُ الْقَبِيلَةُ، وَالْجَمْعُ
عَشَائر. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَمْ يُجْمَع
جَمْعَ السَّلَامَةِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَشِيرَةُ الْعَامَّةُ
مِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، والعَشِيرُ
الْقَبِيلَةُ، والعَشِيرُ المُعَاشِرُ، والعَشِيرُ: الْقَرِيبُ
وَالصَّدِيقُ، وَالْجَمْعُ عُشَراء، وعَشِيرُ المرأَة: زوجُها لأَنه
يُعاشِرها وتُعاشِرُه كَالصَّدِيقِ والمُصَادِق؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ
جُؤَيَّةَ:
رأَتْه عَلَى يَأْسٍ، وَقَدْ شابَ رَأْسُها، ... وحِينَ تَصَدَّى
لِلْهوَانِ عَشِيرُها
أَراد لإِهانَتِها وَهِيَ عَشِيرته.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُنّ
أَكْثَرُ أَهل النَّارِ، فَقِيلَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
لأَنَّكُنّ تُكْثِرْن اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ
؛ العَشِيرُ: الزَّوْجُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَبِئْسَ الْمَوْلى
وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ
؛ أَي لَبِئْسَ المُعاشِر. ومَعْشَرُ الرَّجُلِ: أَهله. والمَعْشَرُ:
الْجَمَاعَةُ، مُتَخَالِطِينَ كَانُوا أَو غَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ ذُو
الإِصبع العَدْوانيّ:
وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زيْدٌ عَلَى مِائَةٍ، ... فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ
طُرّاً فكِيدُوني
والمَعْشَر والنَّفَر والقَوْم والرَّهْط مَعْنَاهُمُ: الْجَمْعُ، لَا
وَاحِدَ لَهُمْ مِنْ لَفْظِهِمْ، لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. قَالَ:
والعَشِيرة أَيضاً الرِّجَالُ والعالَم أَيضاً لِلرِّجَالِ دُونَ
النِّسَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَعْشَرُ كُلُّ جَمَاعَةٍ أَمرُهم
وَاحِدٌ نَحْوَ مَعْشر الْمُسْلِمِينَ ومَعْشَر الْمُشْرِكِينَ.
والمَعاشِرُ: جماعاتُ النَّاسِ. والمَعْشَرُ: الْجِنُّ والإِنس. وَفِي
التَّنْزِيلِ: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ*
. والعُشَرُ: شَجَرٌ لَهُ صَمْغٌ وَفِيهِ حُرّاقٌ مِثْلُ الْقُطْنِ
يُقْتَدَح بِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُشر مِنِ العِضاه وَهُوَ
مِنْ كِبَارِ الشَّجَرِ، وَلَهُ صَمْغٌ حُلْوٌ، وَهُوَ عَرِيضُ
الْوَرَقِ يَنْبُتُ صُعُداً فِي السَّمَاءِ، وَلَهُ سُكّر يَخْرُجُ
مِنْ شُعَبِه وَمَوَاضِعِ زَهْرِه، يُقَالُ لَهُ سُكّرُ العُشَر، وَفِي
سُكّرِه شيءٌ مِنْ مَرَارَةٍ، وَيَخْرُجُ لَهُ نُفّاخٌ كأَنها شَقاشِقُ
الْجِمَالِ الَّتِي تَهْدِرُ فِيهَا، وَلَهُ نَوْرٌ مِثْلُ نُورِ
الدِّفْلى مُشْربٌ مُشرق حَسَنُ المنظَر وَلَهُ ثَمَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
مَرْحب: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ بارَزَه فَدَخَلَتْ بَيْنَهُمَا
شجرةٌ مِنْ شَجَرِ العُشر.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَيْرٍ: وقُرْصٌ بُرِّيٌّ بلبنٍ عُشَريّ
أَي لَبَن إِبلٍ تَرْعَى العُشَرَ، وَهُوَ هَذَا الشَّجَرُ؛ قَالَ ذُو
الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
كأَنّ رِجْلَيه، مِمَّا كَانَ مِنْ عُشَر، ... صَقْبانِ لَمْ
يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
الْوَاحِدَةُ عُشَرة وَلَا يُكْسَرُ، إِلا أَن يُجْمَعَ بِالتَّاءِ
لِقِلَّةِ فُعَلة فِي الأَسماء. وَرَجُلٌ أَعْشَر أَي أَحْمَقُ؛ قَالَ
الأَزهري: لَمْ يَرْوِه
(4/574)
لِي ثقةٌ أَعتمده. وَيُقَالُ لِثَلَاثٍ
مِنْ لَيَالِي الشَّهْرِ: عُشَر، وَهِيَ بَعْدَ التُّسَع، وَكَانَ أَبو
عُبَيْدَةَ يُبْطِل التُّسَعَ والعُشَرَ إِلا أَشياء مِنْهُ
مَعْرُوفَةً؛ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَالطَّائِفِيُّونَ
يَقُولُونَ: مِنْ أَلوان الْبَقَرِ الأَهليّ أَحمرُ وأَصفرُ وأَغْبَرُ
وأَسْودُ وأَصْدأُ وأَبْرَقُ وأَمْشَرُ وأَبْيَضُ وأَعْرَمُ وأَحْقَبُ
وأَصْبَغُ وأَكْلَفُ وعُشَر وعِرْسِيّ وَذُو الشَّرَرِ والأَعْصم
والأَوْشَح؛ فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ والعنقِ والظهرِ وسائرُ
جَسَدِهِ أَحمر، والعُشَرُ: المُرَقَّع بِالْبَيَاضِ والحمرةِ،
والعِرْسِيّ: الأَخضر، وأَما ذُو الشَّرَرِ فَالَّذِي عَلَى لَوْنٍ
وَاحِدٍ، فِي صدرِهِ وعنُقِه لُمَعٌ عَلَى غَيْرِ لَوْنِهِ. وسَعْدُ
العَشِيرة: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ
مَذْحِجٍ. وَبَنُو العُشَراء: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَبَنُو عُشَراء:
قَوْمٌ مَنْ بَنِي فَزارةَ. وَذُو العُشَيْرة: مَوْضِعٌ بالصَّمّان
مَعْرُوفٌ يُنْسَبُ إِلى عُشَرةٍ نَابِتَةٍ فِيهِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
صَعْل يَعُودُ بِذِي العُشَيْرة بَيْضَه، ... كالعَبْدِ ذِي الفَرْوِ
الطَّوِيلِ الأَصْلَمِ
شبَّهه بالأَصْلم، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الأُذن، لأَن الظَّلِيمَ لَا
أُذُنَين لَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَزْوَةِ العُشَيرة.
وَيُقَالُ: العُشَيْر وذاتُ العُشَيرة، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ بَطْنِ
يَنْبُع. وعِشَار وعَشُوراء: مَوْضِعٌ. وتِعْشار: مَوْضِعٌ بالدَّهناء،
وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
غَلَبُوا عَلَى خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَنَا إِبلٌ لَمْ تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها ... بتِعْشارَ مَرْعاها
قَسَا فصَرائمُهْ
عشزر: العَشَنْزَرُ: الشَّدِيدُ الخلْق الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛
قَالَ الشَّاعِرُ:
ضَرْباً وطَعْناً نَافِذًا عَشَنْزَرا
والأُنثى بِالْهَاءِ. قَالَ الأَزهري: العَشَنْزَرُ والعَشَوْزَنُ مِنَ
الرِّجَالِ الشَّدِيدُ. وسَيْرٌ عَشَنْزَرٌ: شَدِيدٌ. والعَشَنْزَرُ:
الشَّدِيدُ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الزحف الكليني:
ودُونَ لَيْلى بلَدٌ سَمَهْدَرُ، ... جَدْبُ المُنَدَّى عَنْ هَوانا
أَزْوَرُ،
يُنْضِي الْمَطَايَا خِمْسُه العَشَنْزَرُ
المُنَدَّى: حَيْثُ يُرْتَعُ، والأُنثى عَشَنْزَرة؛ قَالَ حَبِيبُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بالأَعلم الْهُذَلِيِّ فِي صِفَةِ
الضَّبُعِ:
عَشَنْزَرة جَواعِرُها ثَمانٌ، ... فُوَيْقَ زِماعِها وَشْمٌ حُجُولُ
أَراد بالعَشَنْزَرَة الضبُعَ، وَلَهَا جاعِرَتانِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ
جَاعِرَةٍ أَربعة غُضونٍ وَسَمَّى كُلَّ غَضْنٍ مِنْهَا جاعِرةً
بِاسْمِ مَا هِيَ فِيهِ. والزِّمَاعُ، بِكَسْرِ الزَّايِ: جَمْعُ
زَمَعة وَهِيَ شَعَرَاتُ مُجْتَمِعَاتٍ خَلْفَ ظِلْف الشَّاةِ
وَنَحْوِهَا. والوَشْمُ: خُطُوطٌ تُخالِف مُعْظَمَ اللَّوْنِ.
والحُجول: جَمْعُ حِجْل لِلْبَيَاضِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جمعَ
حِجْلٍ، وأَصله الْقَيْدُ. وقَرَبٌ عَشَنْزَرٌ: مُتْعِبٌ. وضبُعٌ
عَشَنْزَرَة: سَيِّئَةُ الخلُق. والعَشَنْزَر: الشَّدِيدُ، وَهُوَ
نَعْتٌ يَرْجِعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلى الشِّدَّةِ.
عصر: العَصْر والعِصْر والعُصْر والعُصُر؛ الأَخيرة عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ: الدَّهْرُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْعَصْرِ
إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَصْرِ
الدهرُ، أَقسم اللَّهُ تَعَالَى بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
الْعَصْرِ
مَا يَلِي الْمَغْرِبَ مِنَ النَّهَارِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ
سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ
(4/575)
النَّهَارِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي
العُصُر:
وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ فِي العُصُر الْخَالِي؟
وَالْجَمْعُ أَعْصُرٌ وأَعْصار وعُصُرٌ وعُصورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والعَصْر قَبْل هَذِهِ العُصورِ ... مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ
والعَصْران: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. والعَصْر: اللَّيْلَةُ. والعَصْر:
الْيَوْمُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وَلَنْ يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وَلَيْلَةٌ، ... إِذا طَلَبَا أَن
يُدْرِكا مَا تَيَمَّما
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا جَاءَ مُثْنى: اللَّيْلُ
وَالنَّهَارُ، يُقَالُ لَهُمَا العَصْران، قَالَ: وَيُقَالُ العَصْران
الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ وأَنشد:
وأَمْطُلُه العَصْرَينِ حَتَّى يَمَلَّني، ... ويَرضى بنِصْفِ
الدَّيْنِ، والأَنْفُ راغمُ
يَقُولُ: إِذا جَاءَ فِي أَول النَّهَارِ وعَدْتُه آخِرَهُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
حافظْ عَلَى العَصْرَيْنِ
؛ يُرِيدُ صلاةَ الْفَجْرِ وَصَلَاةَ الْعَصْرِ، سَمَّاهُمَا
العَصْرَينِ لأَنهما يَقَعَانِ فِي طَرَفَيِ العَصْرَين، وَهُمَا
اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، والأَشْبَهُ أَنه غلَّب أَحد الِاسْمَيْنِ
عَلَى الْآخَرِ كالعُمَرَيْن لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْقَمَرَيْنِ
لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ،
قِيلَ: وَمَا العَصْران؟ قَالَ: صلاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وصلاةٌ
قَبْلَ غُرُوبِهَا
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ صلَّى العَصْرَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
، وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ذَكِّرْهم بأَيَّام اللَّهِ واجْلِسْ
لَهُمُ العَصْرَيْن
أَي بَكَرَةً وَعَشِيًّا. وَيُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ
العَصْران. والعَصْر: الْعَشِيُّ إِلى احْمِرَارِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةُ
العَصْر مُضَافَةٌ إِلى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ؛ قَالَ:
تَرَوَّحْ بِنَا يَا عَمْرو، قَدْ قَصُرَ العَصْرُ، ... وَفِي
الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ والأَجْرُ
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الصَّلَاةُ الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ،
وَذَلِكَ لأَنها بَيْنَ صلاتَي النَّهَارِ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ،
قَالَ: والعَصْرُ الحَبْسُ، وَسُمِّيَتْ عَصْراً لأَنها تَعْصِر أَي
تَحْبِس عَنِ الأُولى، وَقَالُوا: هَذِهِ العَصْر عَلَى سَعة
الْكَلَامِ، يُرِيدُونَ صَلَاةَ العَصْر. وأَعْصَرْنا: دَخَلْنَا فِي
العَصْر. وأَعْصَرْنا أَيضاً: كأَقْصَرْنا، وَجَاءَ فلانٌ عَصْراً أَي
بَطيئاً. والعِصارُ: الحِينُ؛ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى عِصارٍ
مِنَ الدَّهْرِ أَي حِينٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ نَامَ فلانٌ
وَمَا نَامَ العُصْرَ أَي وَمَا نَامَ عُصْراً، أَي لَمْ يَكَدْ
يَنَامُ. وَجَاءَ وَلَمْ يَجِئْ لِعُصْرٍ أَي لَمْ يَجِئْ حِينَ
الْمَجِيءِ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ وذِمَّتَه ... عَلَهاً، وَمَا يَدْعُون مِنْ عُصْر
أَراد مِنْ عُصُر، فَخَفَّفَ، وَهُوَ الْمَلْجَأُ. والمُعْصِر: الَّتِي
بَلَغَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا وأَدركت، وَقِيلَ: أَول مَا أَدركت
وَحَاضَتْ، يُقَالُ: أَعْصَرَت، كأَنها دَخَلَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا؛
قَالَ مَنْصُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
جَارِيَةٌ بسَفَوانَ دارُها ... تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قَدْ أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها
وَالْجَمْعُ مَعاصِرُ ومَعاصِيرُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتِ
الْحَيْضَ لأَنّ الإِعصارَ فِي الْجَارِيَةِ كالمُراهَقة فِي الغُلام،
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الْغَوْثِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: المُعْصِرُ
هِيَ الَّتِي رَاهَقَتِ العِشْرِين، وَقِيلَ: المُعْصِر سَاعَةَ
(4/576)
تَطْمِث أَي تَحِيضُ لأَنها تُحْبَسُ فِي
الْبَيْتِ، يُجْعَلُ لَهَا عَصَراً، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَدْ
وَلَدَتْ؛ الأَخيرة أَزْديّة، وَقَدْ عَصَّرَت وأَعْصَرَت، وَقِيلَ:
سُمِّيَتِ المُعْصِرَ لانْعِصارِ دَمِ حَيْضِهَا وَنُزُولِ مَاءِ
تَرِيبَتِها لِلْجِمَاعِ. وَيُقَالُ: أَعْصَرَت الْجَارِيَةُ
وأَشْهَدَت وتَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت. قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ
لِلْجَارِيَةِ إِذا حَرُمت عَلَيْهَا الصلاةُ ورأَت فِي نَفْسِهَا
زيادةَ الشَّبَابِ قَدْ أَعْصَرت، فَهِيَ مُعْصِرٌ: بَلَغَتْ عُصْرةَ
شبابِها وإِدْراكِها؛ يقال بَلَغَتْ عَصْرَها وعُصورَها؛ وأَنشد:
وفَنَّقَها المَراضِعُ والعُصورُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لَمْ يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا
خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِليه مِنْ حُسْنِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المُعْصِرُ الْجَارِيَةُ أَول مَا تَحِيضُ
لانْعِصار رَحِمها، وإِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر لِلْمُبَالَغَةِ
فِي خُرُوجِ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ. وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه
مِمَّا لَهُ دُهْن أَو شَرَابٌ أَو عَسَلٌ يَعْصِرُه عَصْراً، فَهُوَ
مَعْصُور، وعَصِير، واعْتَصَرَه: اسْتَخْرَجَ مَا فِيهِ، وَقِيلَ:
عَصَرَه وَليَ عَصْرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، واعْتَصَره إِذا عُصِرَ لَهُ
خَاصَّةً، واعْتَصَر عَصِيراً اتَّخَذَهُ، وَقَدِ انْعَصَر وتَعَصَّر،
وعُصارةُ الشَّيْءِ وعُصارهُ وعَصِيرُه: مَا تحلَّب مِنْهُ إِذا
عَصَرْته؛ قَالَ:
فإِن العَذَارى قَدْ خَلَطْنَ لِلِمَّتي ... عُصارةَ حِنَّاءٍ مَعًا
وصَبِيب
وَقَالَ:
حَتَّى إِذا مَا أَنْضَجَتْه شَمْسُه، ... وأَنى فَلَيْسَ عُصارهُ
كعُصارِ
وَقِيلَ: العُصارُ جَمْعُ عُصارة، والعُصارةُ: مَا سالَ عَنِ العَصْر
وَمَا بَقِيَ مِنَ الثُّفْل أَيضاً بَعْدَ العَصْر؛ وَقَالَ
الرَّاجِزُ:
عُصارة الخُبْزِ الَّذِي تَحَلَّبا
وَيُرْوَى: تُحُلِّبا؛ يُقَالُ تَحَلَّبت الْمَاشِيَةُ بقيَّة
الْعُشْبِ وتَلَزَّجَته أَي أَكلته، يَعْنِي بَقِيَّةَ الرَّطْب فِي
أَجواف حُمْرِ الْوَحْشِ. وَكُلُّ شَيْءٍ عُصِرَ مَاؤُهُ، فَهُوَ
عَصِير؛ وأَنشد قَوْلَ الرَّاجِزِ:
وَصَارَ مَا فِي الخُبْزِ مِنْ عَصِيرِه ... إِلى سَرَار الأَرض، أَو
قُعُورِه
يَعْنِي بِالْعَصِيرِ الخبزَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الرَّطْب فِي بُطُونِ
الأَرض ويَبِسَ مَا سِوَاهُ. والمَعْصَرة: الَّتِي يُعْصَر فِيهَا
الْعِنَبُ. والمَعْصَرة: مَوْضِعُ العَصْر. والمِعْصارُ: الَّذِي
يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ ثُمَّ يُعْصَر حَتَّى يتحلَّب مَاؤُهُ.
والعَواصِرُ: ثَلَاثَةُ أَحجار يَعْصِرون الْعِنَبَ بِهَا يَجْعَلُونَ
بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَوْلُهُمْ: لَا أَفعله مَا دَامَ
لِلزَّيْتِ عاصِرٌ، يَذْهَبُ إِلى الأَبَدِ. والمُعْصِرات: السَّحَابُ
فِيهَا الْمَطَرُ، وَقِيلَ: السَّحَائِبُ تُعْتَصَر بِالْمَطَرِ؛ وَفِي
التَّنْزِيلِ: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ مَاءً ثَجَّاجاً
. وأُعْصِرَ الناسُ: أُمْطِرُوا؛ وَبِذَلِكَ قرأَ بَعْضُهُمْ:
فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُون
؛ أَي يُمْطَرُون، وَمَنْ قرأَ: يَعْصِرُونَ
، قَالَ أَبو الْغَوْثِ: يستغِلُّون، وَهُوَ مِن عَصر الْعِنَبِ
وَالزَّيْتِ، وَقُرِئَ:
وَفِيهِ تَعْصِرُون
، مِنَ العَصْر أَيضاً، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ العَصَر
وَهُوَ المَنْجاة والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا كَانَ وَقَّافاً بِدَارٍ مُعَصَّرٍ
(4/577)
وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغاثٍ، ... وَلَقَدْ كَانَ عُصْرة
المَنْجود
أَي كَانَ ملجأَ الْمَكْرُوبِ. قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحداً
مِنَ القُرَّاء الْمَشْهُورِينَ قرأَ
يُعْصَرون
، وَلَا أَدري مِنْ أَين جَاءَ بِهِ اللَّيْثُ، فإِنه حَكَاهُ؛
وَقِيلَ: المُعْصِر السَّحَابَةُ الَّتِي قَدْ آنَ لَهَا أَن تصُبّ؛
قَالَ ثَعْلَبٌ: وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّحَابَةُ المُعْصِر الَّتِي تتحلَّب
بِالْمَطَرِ ولمَّا تَجْتَمِعْ مِثْلُ الْجَارِيَةِ المُعْصِر قَدْ
كَادَتْ تَحِيضُ وَلَمَّا تَحِضْ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ
قَوْمٌ: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذَوَاتُ الأَعاصِير، وَهُوَ
الرَّهَج والغُبار؛ وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وكأَنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْتَها ... تُرْبَ الفَدافِدِ
وَالْبِقَاعِ بمُنْخُلِ
وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَن قَالَ: المُعْصِراتُ الرِّياحُ
وَزَعَمُوا أَن مَعْنَى مِن، مِنْ قَوْلِهِ: مِنَ المُعْصِرات، مَعْنَى
الْبَاءِ الزَّائِدَةِ «2» . كأَنه قَالَ: وأَنزلنا بالمُعْصِرات مَاءً
ثَجَّاجًا، وَقِيلَ: بَلِ المُعْصِراتُ الغُيُومُ أَنفُسُها؛ وَفَسَّرَ
بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عَنْ مُتَوَضِّحٍ، ... كنَوْرِ الأَقاحي،
شافَ أَلوانَها العَصْرُ
فَقِيلَ: العَصْر الْمَطَرُ مِنَ المُعْصِرات، والأَكثر والأَعرف: شافَ
أَلوانها القَطْرُ. قَالَ الأَزهري: وقولُ مَنْ فَسَّر المُعْصِرات
بالسَّحاب أَشْبَهُ بِمَا أَراد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَن الأَعاصِير
مِنَ الرِّيَاحِ ليستْ مِن رِياح الْمَطَرِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ
تَعَالَى أَنه يُنْزِل مِنْهَا مَاءً ثَجَّاجًا. وَقَالَ أَبو إِسحق:
المُعْصِرات السَّحَائِبُ لأَنها تُعْصِرُ الْمَاءَ، وَقِيلَ:
مُعْصِرات كَمَا يُقَالُ أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ،
وَكَذَلِكَ صارَ السحابُ إِلى أَنْ يُمْطِر فيُعْصِر؛ وَقَالَ البَعِيث
فِي المُعْصِرات فَجَعَلَهَا سَحَائِبَ ذَوَاتِ الْمَطَرِ:
وَذِي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبا، والمعْصِراتُ
الدَّوالِحُ
والدوالحُ: مِنْ نَعْتِ السَّحَابِ لَا مِنْ نَعْتِ الرِّيَاحِ، وَهِيَ
الَّتِي أَثقلها الْمَاءُ، فَهِيَ تَدْلَحُ أَي تَمِشي مَشْيَ
المُثْقَل. والذِّهابُ: الأَمْطار، وَيُقَالُ: إِن الْخَيْرَ بِهَذَا
الْبَلَدِ عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل ويُقطَّع. والإِعْصارُ: الرِّيحُ
تُثِير السَّحَابَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِيهَا نارٌ، مُذَكَّر.
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ
، والإِعْصارُ: رِيحٌ تُثِير سَحَابًا ذَاتَ رَعْدٍ وَبَرْقٍ، وَقِيلَ:
هِيَ الَّتِي فِيهَا غُبَارٌ شَدِيدٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الإِعْصارُ
الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ مِنَ الأَرض وتُثِير الْغُبَارَ
فَتَرْتَفِعُ كَالْعَمُودِ إِلى نَحْوِ السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي
تُسَمِّيها النَّاسُ الزَّوْبَعَة، وَهِيَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَا يُقَالُ
لَهَا إِعْصارٌ حَتَّى تَهُبّ كَذَلِكَ بِشِدَّةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْعَرَبِ فِي أَمثالها: إِن كنتَ رِيحاً فَقَدْ لَاقَيْتَ إِعْصاراً؛
يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَلْقَى قِرْنه فِي النَّجْدة
وَالْبَسَالَةِ. والإِعْصارُ والعِصارُ: أَن تُهَيِّج الرِّيحُ
التُّرَابَ فَتَرْفَعُهُ. والعِصَارُ: الْغُبَارُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ
الشَّمَّاخُ:
إِذا مَا جَدَّ واسْتَذْكى عَلَيْهَا، ... أَثَرْنَ عَلَيْهِ مِنْ
رَهَجٍ عِصَارَا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الإِعْصارُ الرِّيحُ الَّتِي تَسْطَع فِي
السَّمَاءِ؛ وَجَمْعُ الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
وَبَيْنَمَا المرءُ فِي الأَحْياء مُغْتَبِطٌ، ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ
تَعْفوه الأَعاصِيرُ
__________
(2) . قوله: [الزائدة] كذا بالأَصل ولعل المراد بالزائدة التي ليست
للتعدية وإن كانت للسببية
(4/578)
والعَصَر والعَصَرةُ: الغُبار. وَفِي
حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ امرأَة مرَّت بِهِ
مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِعْصار، فَقَالَ:
أَينَ تُرِيدين يَا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فَقَالَتْ: أُريدُ المَسْجِد
؛ أَراد الغُبار أَنه ثارَ مِنْ سَحْبِها، وَهُوَ الإِعْصار، وَيَجُوزُ
أَن تَكُونَ العَصَرة مِنْ فَوْحِ الطِّيب وهَيْجه، فَشَبَّهَهُ بِمَا
تُثِير الرِّيَاحُ، وَبَعْضُ أَهل الْحَدِيثِ يَرْوِيهِ عُصْرة
والعَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَوْ كَانَ فِي أَمْلاكنا واحدٌ، ... يَعْصِر فِينَا كَالَّذِي
تَعْصِرُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَي يُتَّخَذُ فِينَا الأَيادِيَ،
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَي يُعْطِينا كَالَّذِي تُعْطِينا، وَكَانَ أَبو
سَعِيدٍ يَرْوِيهِ: يُعْصَرُ فِينَا كَالَّذِي يُعْصَرُ أَي يُصابُ
مِنْهُ، وأَنكر تَعْصِر. والاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ الْعَطِيَّةِ.
واعْتَصَرَ مِنَ الشَّيْءِ: أَخَذَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وإِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ، ... وأَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ
والمُعْتَصِر: الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ ويأْخذ مِنْهُ. وَرَجُلٌ
كَريمُ المُعْتَصَرِ والمَعْصَرِ والعُصارَةِ أَي جَوَاد عِنْدَ
المسأَلة كَرِيمٌ. والاعْتِصارُ: أَن تُخْرِجَ مِنْ إِنسان مَالًا
بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قَالَ:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى وَلَمْ يَعْتَصِرْ
وَكُلُّ شَيْءٍ منعتَه، فَقَدْ عَصَرْتَه. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ: أَنه سُئِلَ عَنِ العُصْرَةِ للمرأَة، فَقَالَ: لَا أَعلم
رُخِّصَ فِيهَا إِلا لِلشَّيْخِ المَعْقُوفِ المُنْحَنِي
؛ العُصْرَةُ هَاهُنَا: مَنْعُ الْبِنْتِ مِنَ التَّزْوِيجِ، وَهُوَ
مِنْ الاعْتِصارِ المَنْع، أَراد لَيْسَ لأَحد منعُ امرأَة مِنَ
التَّزْوِيجِ إِلا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْقَفُ لَهُ بِنْتٌ وَهُوَ
مُضْطَرٌّ إِلى اسْتِخْدَامِهَا. واعْتَصَرَ عَلَيْهِ: بَخِلَ عَلَيْهِ
بِمَا عِنْدَهُ وَمَنَعَهُ. واعْتَصَر مالَه: اسْتَخْرَجَهُ مِنْ
يَدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَضَى أَن
الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ ولَدَه فِيمَا أَعطاه وَلَيْسَ للولَد أَن
يَعتَصِرَ مِنْ وَالِدِهِ، لِفَضْلِ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ
؛ قَوْلُهُ
يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ
أَي لَهُ أَن يَحْبِسَهُ عَنِ الإِعطاء وَيَمْنَعَهُ إِياه. وَكُلُّ
شَيْءٍ مَنَعْتَهُ وَحَبَسْتَهُ فَقَدِ اعْتَصَرْتَه؛ وَقِيلَ:
يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ. واعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها،
وَالْمَعْنَى أَن الْوَالِدَ إِذا أَعطى وَلَدَهُ شَيْئًا فَلَهُ أَن
يأْخذه مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فِي مَالِهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما عَدَاهُ بِعَلَى لأَنه فِي مَعْنَى
يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَيَعُودُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
المُعْتَصِرُ الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ يأْخذ مِنْهُ
وَيَحْبِسُهُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِ يُغاثُ
النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي كَلَامٍ لَهُ: قومٌ يَعْتَصِرُونَ
الْعَطَاءَ ويَعِيرون النِّسَاءَ؛ قَالَ: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه
بِثَوَابِهِ. تَقُولُ: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثَوَابَهُ أَو الشَّيْءَ
نَفسَه. قَالَ: والعاصِرُ والعَصُورُ هُوَ الَّذِي يَعْتَصِرُ
ويَعْصِرُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذنه. قَالَ
العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرَّجُلُ مَالَ وَلَدِهِ
لِنَفْسِهِ أَو يُبْقِيَهُ عَلَى وَلَدِهِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ
اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فُلَانٍ إِلا أَن يَكُونَ قَرِيبًا لَهُ. قَالَ:
وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ أَيْضاً اعْتَصَرَ مَالَ أَبيه إِذا أَخذه.
قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ عاصِرٌ إِذا كَانَ مُمْسِكًا، وَيُقَالُ:
هُوَ عَاصِرٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: الاعْتِصَارُ عَلَى
وَجْهَيْنِ: يُقَالُ اعْتَصَرْتُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا إِذا أَصبتَه
مِنْهُ، وَالْآخَرُ أَن تَقُولَ أَعطيت فُلَانًا عَطِيَّةً
فاعْتَصَرْتُها أَي رَجَعْتُ فِيهَا؛ وأَنشد:
نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ مَضَى فَاعْتَصَرْتُه، ... وللنِّحْلَةُ الأُولى
أَعَفُّ وأَكْرَمُ
(4/579)
فَهَذَا ارْتِجَاعٌ. قَالَ: فأَما الَّذِي
يَمْنَعُ فإِنما يُقَالُ لَهُ تَعَصَّرَ أَي تَعَسَّر، فَجَعَلَ
مَكَانَ السِّينِ صَادًا. وَيُقَالُ: مَا عَصَرك وثَبَرَكَ وغَصَنَكَ
وشَجَرَكَ أَي مَا مَنَعَك. وَكَتَبَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى المُغِيرَةِ: إِنَّ النِّسَاءَ
يُعْطِينَ عَلَى الرَّغْبة والرَّهْبة، وأَيُّمَا امرأَةٍ نَحَلَتْ
زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لَهَا
أَي تَرْجِعَ. وَيُقَالُ: أَعطاهم شَيْئًا ثُمَّ اعْتَصَره إِذا رَجَعَ
فِيهِ. والعَصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والعُصْرُ والعُصْرَةُ: المَلْجَأُ
والمَنْجَاة. وعَصَرَ بِالشَّيْءِ واعْتَصَرَ بِهِ: لجأَ إِليه. وأَما
الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر بِلَالًا أَن يُؤَذِّنَ
قَبْلَ الْفَجْرِ لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ
؛ فإِنه أَراد الَّذِي يُرِيدُ أَن يَضْرِبَ الْغَائِطَ، وَهُوَ
الَّذِي يَحْتَاجُ إِلى الْغَائِطِ ليَتَأَهَّبَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ
دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ مِنَ العَصْر أَو العَصَر، وَهُوَ المَلْجأُ
أَو المُسْتَخْفَى، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِ يُغاثُ
النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
: إِنه مِنْ هَذَا، أَي يَنْجُون مِنَ الْبَلَاءِ ويَعْتَصِمون
بالخِصْب، وَهُوَ مِنَ العُصْرَة، وَهِيَ المَنْجاة. والاعْتِصَارُ:
الِالْتِجَاءُ؛ وَقَالَ عَدِي بْنُ زَيْدٍ:
لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ، ... كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ
اعْتِصَارِي
والاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بِالطَّعَامِ فَيَعْتَصِر
بِالْمَاءِ، وَهُوَ أَن يَشْرَبَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، ويُسْتَشْهد
عَلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْتِ، أَعني بَيْتَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ.
وعَصَّرَ الزرعُ: نَبَتَتْ أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ مِنَ
العَصَر الَّذِي هُوَ الملجأُ والحِرْز؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، أَي
تَحَرَّزَ فِي غُلُفِه، وأَوْعِيَةُ السُّنْبُلِ أَخْبِيَتُه
ولَفائِفُه وأَغْشِيَتُه وأَكِمَّتُه وقبائِعُهُ، وَقَدْ قَنْبَعَت
السُّنبلة وَهِيَ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ صَمْعَاءُ، ثُمَّ تَنْفَقِئُ.
وَكُلُّ حِصْن يُتحصن بِهِ، فَهُوَ عَصَرٌ. والعَصَّارُ: الْمَلِكُ
الملجأُ. والمُعْتَصَر: العُمْر والهَرَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي،
وأَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَني ... حِلْمِي، ويَسَّرَ قائِدِي
نَعْلِي
مُعْتَصَري: عُمْرِي وهَرَمي، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ فِي
الشَّبَابِ مِنَ اللَّهْوِ أَدركته ولَهَوْت بِهِ، يَذْهَبُ إِلى
الاعْتِصَار الَّذِي هُوَ الإِصابة لِلشَّيْءِ والأَخذ مِنْهُ، والأَول
أَحسن. وعَصْرُ الرجلِ: عَصَبته ورَهْطه. والعُصْرَة: الدِّنْية،
وَهُمْ مَوَالِينَا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ؛ قَالَ
الأَزهري: وَيُقَالُ قُصْرَة بِهَذَا الْمَعْنَى، وَيُقَالُ: فُلَانٌ
كَرِيمُ العَصِير أَي كِرِيمُ النَّسَبِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَجَرَّدَ مِنْهَا كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ، ... لِعَوْهَجٍ أوِ
لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها
وَيُقَالُ: مَا بَيْنَهُمَا عَصَرٌ وَلَا يَصَرٌ وَلَا أَعْصَرُ وَلَا
أَيْصَرُ أَي مَا بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ وَلَا قَرَابَةٌ. وَيُقَالُ:
تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك وعَشِيرتك. والمَعْصُور: اللِّسان
الْيَابِسُ عَطَشًا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ ... أَفَاوِيق، مِنْهَا
هَلَّةٌ ونُقُوعُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَيام أَعْرَقَ بِي عَامُ المَعَاصِيرِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، وَهَذَا مِنَ
الجَدْب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا التَّفْسِيرُ.
والعِصَارُ: الفُسَاء؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قَامَ لَهُ ... تَحْتَ الخَمِيلِ
عِصَارٌ ذُو أَضَامِيمِ
وأَصل العِصَار: مَا عَصَرَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنَ التُّرَابِ فِي
(4/580)
الْهَوَاءِ وَبَنُو عَصَر: حَيّ مِنْ
عَبْدِ الْقَيْسِ، مِنْهُمْ مَرْجُوم العَصَريّ. ويَعْصُرُ وأَعْصُرُ:
قَبِيلَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ لأَنه مِثْلُ
يَقْتُل وأَقتل، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنْهَا باهِلَةُ. قَالَ
سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا باهِلَةُ بْنُ أَعْصُر وإِنما سُمِّيَ بِجَمْعِ
عَصْرٍ، وأَما يَعْصُر فَعَلَى بَدَلِ الْيَاءِ مِنَ الْهَمْزَةِ،
وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ أَنه إِنما
سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
أَبُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه ... كَرُّ اللَّيَالِي،
واخْتِلافُ الأَعْصُرِ
وعَوْصَرة: اسْمٌ. وعَصَوْصَر وعَصَيْصَر وعَصَنْصَر، كُلُّهُ:
مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
لَوْ عُصْرَ مِنْهُ البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ
يُرِيدُ عُصِرَ، فَخَفَّفَ. والعُنْصُرُ والعُنْصَرُ: الأَصل
وَالْحَسَبُ. وعَصَرٌ: مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
سَلَكَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي
مَسِيرِه إِليها عَلَى عَصَرٍ
؛ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ، جَبَلٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَوَادِي الفُرْع،
وَعِنْدَهُ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم.
عصفر: الأَزهري: العُصْفُر نَبَاتٌ سُلافَتُه الجِرْيالُ، وَهِيَ
مُعَرَّبَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: العُصْفُر هَذَا الذي يصبغ به، ومنه
رِيفِيٌّ وَمِنْهُ بَرِّيٌّ، وَكِلَاهُمَا نبتٌ بأَرض الْعَرَبِ.
وَقَدْ عَصْفَرْت الثَّوْبَ فتَعَصْفَرَ. والعُصْفور: السيِّد.
والعُصُفور: طَائِرٌ ذَكَرٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والعُصْفور:
الذَّكَرُ مِنَ الْجَرَادِ. والعُصْفور: خَشَبَةٌ فِي الْهَوْدَجِ
تجمَع أَطراف خَشَبَاتٍ فِيهَا، وَهِيَ كَهَيْئَةِ الإِكاف، وَهِيَ
أَيضاً الْخَشَبَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي الرَّحْل يُشَدّ بها رؤوس
الأَحْناء. والعُصْفور: الْخَشَبُ الَّذِي تشدُّ به رؤوسُ الأَقْتاب.
وعُصْفورُ الإِكاف عِنْدَ مُقَدَّمِهِ فِي أَصل الدَّأْيةِ، وَهُوَ
قِطْعَةُ خَشَبَةٍ قَدْرُ جُمْعِ الْكَفِّ أَو أُعَيْظِم مِنْهُ
شَيْئًا مشدودٌ بَيْنَ الحِنْوَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ؛ وَقَالَ
الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ الغَبِيط أَو الْهَوْدَجَ:
كُلُّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه، ... قَانِئُ اللَّوْنِ حَدِيث الزِّمام
يَعْنِي أَنه شُكَّ فَشَدَّ العُصْفور مِنَ الْهَوْدَجِ فِي مَوَاضِعَ
بِالْمَسَامِيرِ. وعُصْفورُ الإِكاف: عُرْصُوفُه عَلَى الْقَلْبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدْ حرَّمت الْمَدِينَةَ أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلا لِعُصْفورِ
قَتَبٍ أَو شَدَّ مَحالةٍ أَو عَصا حديدةٍ
؛ عُصْفورُ القتَبِ: أَحدُ عِيدانِه، وَجَمْعُهُ عَصافِيرُ. قَالَ:
وعصافِير الْقَتَبِ أَربعة أَوْتادٍ يُجْعَلْن بين رؤوس أَحناء
الْقَتَبِ فِي رأْس كُلِّ حِنْوٍ وَتِدَانِ مَشْدُودَانِ بالعَقَب أَو
بِجُلُودِ الإِبل فِيهِ الظَّلِفات. والعُصْفور: عَظُمَ نَاتِئٌ فِي
جَبين الْفَرَسِ، وَهُمَا عُصْفورانِ يَمْنَةً ويَسْرة. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: عُصْفور النَّاصِيَةِ أَصلُ منبتِها، وَقِيلَ: هُوَ العُظيم
الَّذِي تَحْتَ نَاصِيَةِ الْفَرَسِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ. والعُصْفور:
قُطَيْعة مِنَ الدِّمَاغِ تَحْتَ فَرْخ الدِّمَاغِ كأَنه بائِنٌ،
بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّمَاغِ جُلَيْدةٌ تَفْصِلها؛ وأَنشد:
ضَرْباً يُزيلُ الْهَامَ عَنْ سَرِيرِهِ، ... عَنْ أُمّ فَرْخ الرَّأْس
أَو عُصْفوره
والعُصْفور: الشِّمْراخُ السَّائِلُ مِنْ غُرّة الْفَرَسِ لَا يَبْلُغُ
الخَطْمَ. والعَصافِيرُ: مَا عَلَى السَّناسِن مِنَ الْعَصَبِ
والعُصْفورُ: الْوَلَدُ، يَمَانِيَةٌ. وتَعَصْفَرت عُنُقُه
تَعَصْفُراً: الْتَوَتْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا جَاعَ: نَقَّت
عَصافيرُ بَطْنِه، كَمَا يُقَالُ: نَقَّت ضفادعُ بَطْنِهِ. الأَزهري:
العَصافيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ لَهُ صُورَةٌ كَصُورَةِ العُصْفور،
يُسَمُّونَ هَذَا
(4/581)
الشَّجَرَ: مَنْ رَأَى مِثْلي. وأَما مَا
رُوي
أَن النُّعْمَانَ أَمَرَ لِلنَّابِغَةِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ مِنْ
عَصافِيرِه
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَظنّه أَرادَ مِن فَتايا نُوقِه؛ قَالَ
الأَزهري: كَانَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ نجائبُ يُقَالُ لَهَا
عَصافير النُّعْمَانِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْجَمَلِ ذِي
السَّنَامَيْنِ عُصْفورِيٌّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَصافيرُ
المُنْذِرِ إِبلٌ كَانَتْ لِلْمُلُوكِ نَجَائِبُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ
ثَابِتٍ: فَمَا حَسَدْت أَحداً حَسَدي لِلنَّابِغَةِ حِينَ أَمَرَ لَهُ
النعمانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ برِيشِها مِنْ عَصافِيرِه
وحُسَامٍ وآنِيةٍ مِنْ فِضَّةٍ؛ قَوْلُهُ: بِرِيشِهَا كَانَ عَلَيْهَا
رِيشٌ لِيُعْلَمَ أَنها من عطايا الملوك.
عصمر: العُصْمورُ: الدُّولابُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الضَّادِ. وَقَالَ
اللَّيْثُ: العَصامير دلاءُ المَنْجَنون، وَاحِدُهَا عُصْمور. ابْنُ
الأَعرابي: العُصْمورُ دَلْوُ الدُّولاب. والصُّمْعُورُ: الْقَصِيرُ
الشجاع.
عصنصر: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: عَصَنْصَر موضع.
عضر: عَضْرٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ.
والعاضِرُ: المانِعُ، وَكَذَلِكَ الغاضِرُ، بالعين والغين، وعَضَرَ
بِكَلِمَةٍ أَي باحَ بها.
عضمر: العَضَمَّرُ: الْبَخِيلُ الضّيِّق. والعُضْمورُ: دَلْوُ
المَنْجَنون. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: العُصْمور، بِالصَّادِّ
الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
عطر: العِطْرُ: اسْمٌ جَامِعٌ للطِّيب، وَالْجَمْعُ عُطورٌ.
وَالْعَطَّارُ: بائعُه، وحِرْفَتُه العِطَارةُ. وَرَجُلٌ عاطرٌ وعَطِرٌ
ومِعْطِير ومِعْطارٌ وامرأَة عَطِرةٌ ومِعْطيرٌ ومُعَطَّرة:
يَتَعَهَّدَانِ أَنفُسهما بِالطِّيبِ ويُكْثِران مِنْهُ، فإِذا كَانَ
ذَلِكَ مِنْ عادتِها، فَهِيَ مِعْطار ومِعْطارة؛ قَالَ:
عُلِّقَ خَوْداً طَفْلةً مِعْطارَهْ، ... إِياكِ أَعْني، فاسْمَعِي يَا
جارهْ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ على مِفْعال فإِنّ كَلَامَ الْعَرَبِ
والمجتمعَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ هَاءٍ، فِي الْمُذَكَّرِ والمؤَنث، إِلا
أَحْرُفاً جَاءَتْ نوادِرَ قيلَ فِيهَا بِالْهَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهَا،
وَقِيلَ: رَجلٌ عَطِرٌ وامرأَة عَطِرة إِذا كَانَا طَيّبَيْنِ رِيحَ
الجِرْم، وإِن لَمْ يَتَعَطَّرا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ
عاطِرٌ، وَجَمْعُهُ عُطُرٌ، وَهُوَ المُحِبُّ للطِّيب. وعَطِرت
المرأَة، بِالْكَسْرِ، تَعْطَرُ عَطَراً: تَطيّبتْ. وامرأَة عَطِرة
مَطِرةٌ بَضّة مَضّة، قَالَ: والمَطِرة الْكَثِيرَةُ السِّواك. أَبو
عَمْرٍو: تَعَطَّرت المرأَةُ وتأَطَّرت إِذا أَقامت فِي بَيْتِ
أَبَوَيْها وَلَمْ تَتَزَوَّجْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَكْرَهُ تَعَطُّرَ النِّسَاءِ وتشبُّهَهُنَّ بِالرِّجَالِ
؛ أَراد العِطْرَ الَّذِي تَظْهَرُ ريحُه كَمَا يَظْهَرُ عِطْرُ
الرِّجَالِ، وَقِيلَ: أَراد تَعَطُّلَ النِّسَاءِ، بِاللَّامِ، وَهِيَ
الَّتِي لَا حَلْيَ عَلَيْهَا وَلَا خِضابَ، وَاللَّامُ وَالرَّاءُ
يَتَعَاقَبَانِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: المرأَةُ إِذا اسْتَعْطَرت ومَرَّت عَلَى الْقَوْمِ
ليَجِدُوا رِيحَها
أَي اسْتَعْمَلَتِ العِطْرَ وَهُوَ الطِّيبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبِ بْنِ الأَشرف: وَعِنْدِي أَعْطَرُ العربِ
أَي أَطْيَبُها عِطْراً. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ بَطْني
أَعْطِري «3» . وسائرِي فذَرِي؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ يُعْطِيك مَا لا
تَحْتَاجُ إِليه، كأَنه فِي التمثُّل رَجُلٌ جَائِعٌ أَتى قَوْمًا
فَطَيَّبُوهُ. وَنَاقَةٌ عَطِرةٌ ومِعْطارةٌ وعَطّارةٌ إِذَا كَانَتْ
نافِقةً فِي السُّوقِ تَبِيعُ نفسَها لحُسْنها. أَبو حَنِيفَةَ:
المُعْطِرات مِنِ الإِبل الَّتِي كأَنَّ عَلَى أَوبارِها صِبْغاً مِنْ
حُسْنها، وأَصله مِنِ العطْرِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ بْنُ مُنْقِذٍ:
هِجاناً وحُمْراً مُعْطِراتٍ كأَنها ... حَصى مَغْرةٍ، أَلْوانُها
كالمَجاسِد
__________
(3) . قوله: [بطني أعطري] هكذا في الأَصل، والذي في الأَمثال: عطري،
بفتح العين وتشديد الطاء. وفي شرح القاموس وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ
يُقَالُ: بَطْنِي عطري؛ هكذا في سائر النسخ، والذي في أمهات اللغة:
أعطري وسائري فذري
(4/582)
وناقةٌ مِعْطارٌ ومُعْطِرٌ: شَدِيدَةٌ؛
ابْنِ الأَعرابي: ومِعْطِيرٌ: حَمْرَاءُ طَيِّبَةُ العَرَق؛ أَنشد أَبو
حَنِيفَةَ:
كَوْماء مِعْطِير كَلَوْنِ البَهْرَمِ
قَالَ الأَزهري: وقرأْت فِي كِتَابِ الْمَعَانِي لِلْبَاهِلِيِّ:
أَبكي عَلَى عَنْزَيْنِ لَا أَنْساهُما، ... كأَنَّ ظِلَّ حَجَرٍ
صُغْراهما،
وصالغٌ مُعْطِرةٌ كُبْراهُما
قَالَ: مُعْطِرة حَمْرَاءُ. قَالَ عَمْرٌو: مأْخوذ مِنِ العِطْر،
وجَعَلَ الأُخْرى ظِلَّ حَجَرٍ لأَنها سَوْداء، وَنَاقَةٌ عَطِرة
ومِعْطارٌ ومُعْطِرة وعِرْمِسٌ أَي كَرِيمَةٌ؛ وأَما قَوْلُ
الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كمُدُقِّ المِعْطِير
فإِنه يُرِيدُ الْعَطَّارَ. وعُطَيْرٌ وعُطْرانُ: اسمان.
عظر: عَظِرَ الرَّجُلُ: كَرِهَ الشيءَ، وَلَا يَكَادُونَ
يَتَكَلَّمُونَ بِهِ. والعِظَارُ: الامتِلاء مِنَ الشَّرَابِ.
وأَعْظَرَه الشرابُ: كَظّه وثَقُل فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ الإِعْظارُ.
والعُظُرُ: جَمْعُ عَظُورٍ، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ مِنْ أَيّ الشَّرَابِ
كَانَ. وَرَجُلٌ عِظْيَرٌّ: سَيِّءُ الخلُق وَقِيلَ مُتظاهِرٌ «1» ...
مَرْبُوعٌ. وعِظْيَرٌ، مُخَفَّفُ الرَّاءِ: غَلِيظٌ قَصِيرٌ، وَقِيلَ:
قَصِيرٌ، وَقِيلَ: كَزٌّ مُتَقَارِبُ الأَعضاء، وَقِيلَ: العِظْيَرُ
الْقَوِيُّ الْغَلِيظُ؛ وأَنشد:
تُطَلِّحُ العِظْيَرَ ذَا اللَّوْثِ الضَّبِثْ
والعَظارِيُّ: ذكورُ الْجَرَادِ؛ وأَنشد:
غَدَا كالعَمَلَّس، فِي حُذْلِه ... رُؤوسُ العَظارِيّ كالعُنْجُدِ
العَمَلّس: الذِّئْبُ. وحُذْلُه: حُجْزة إِزاره. والعُنْجُد:
الزَّبِيبُ.
عفر: العَفْرُ والعَفَرُ: ظَاهِرُ التُّرَابِ، وَالْجَمْعُ أَعفارٌ.
وعَفَرَه فِي التُّراب يَعْفِره عَفْراً وعَفَّره تَعْفِيراً فانْعَفَر
وتَعَفَّرَ: مَرَّغَه فِيهِ أَو دَسَّه. والعَفَر: التُّرَابُ؛ وَفِي
حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحمدٌ وَجْهَه بَيْنَ أَظْهُرِكم؟
يُرِيدُ بِهِ سجودَه فِي التُّرابِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِهِ:
لأَطَأَنّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَو لأُعَفِّرَنّ وجْهَه فِي التُّرَابِ
؛ يُرِيدُ إِذلاله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
وسارَ لبَكْرٍ نُخْبةٌ مِنْ مُجاشِعٍ، ... فَلَمَّا رَأَى شَيْبانَ
والخيلَ عَفّرا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَراد تَعَفَّر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ أَراد عَفّرَ جَنْبَه، فَحَذَفَ
الْمَفْعُولَ. وعَفَرَه واعْتَفَرَه: ضرَبَ بِهِ الأَرض؛ وَقَوْلُ أَبي
ذُؤَيْبٍ:
أَلْفَيْتُ أَغْلَب مِنْ أُسْد المُسَدِّ حَدِيدَ ... النَّابِ،
أَخْذتُه عَفْرٌ فتَطْرِيحُ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: عَفْر أَي يَعْفِرُه فِي التُّرَابِ. وَقَالَ
أَبو نَصْرٍ: عَفْرٌ جَذْب؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُ أَبي نَصْرٍ
هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَذَلِكَ أَن الْفَاءَ مُرَتِّبة، وإِنما
يَكُونُ التَّعْفِير فِي التُّرَابِ بَعْدَ الطَّرْح لَا قَبْلَهُ،
فالعَفْرُ إِذاً هَاهُنَا هُوَ الجَذْب، فإِن قُلْتَ: فَكَيْفَ جَازَ
أَن يُسمّي الْجَذْبَ عَفْراً؟ قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ لِتَصَوُّرِ
مَعْنَى التَّعْفِير بَعْدَ الجَذْب، وأَنه إِنما يَصِير إِلى العَفَر
الَّذِي هُوَ التُّرَابُ بَعْدَ أَن يَجْذِبَه ويُساوِرَه؛ أَلا تَرَى
مَا أَنشده الأَصمعي:
وهُنَّ مَدّا غَضَنَ الأَفِيق «2»
. فسَمَّى جلودَها، وَهِيَ حيةٌ، أَفِيقاً؛ وإِنما الأَفِيقُ الْجِلْدُ
مَا دَامَ فِي الدِّبَاغِ، وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ جِلْدٌ وإِهاب
وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ يَصِيرُ إِلى الدباغ
سَمَّاه
__________
(1) . كذا بياض بالأَصل
(2) . قوله: [وهن مدا إلخ] هكذا في الأَصل
(4/583)
أَفِيقاً وأَطلق ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ
وُصُولِهِ إِليه عَلَى وَجْهِ تُصَوِّرِ الْحَالِ الْمُتَوَقَّعَةِ.
ونحوٌ مِنْهُ قولُه تَعَالَى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً؛
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا مَا ماتَ مَيْتٌ مِن تمِيمٍ، ... فسَرَّك أَن يَعِيشَ، فجِئْ
بزادِ
فَسَمَّاهُ مَيْتًا وَهُوَ حَيٌّ لأَنه سَيموت لَا مَحَالَةَ؛
وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى أَيضاً: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ
مَيِّتُونَ؛ أَي إِنكم سَتَمُوتُونَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
قَتَلْتَ قَتِيلًا لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَه، ... أُقَلِّبُه ذَا
تُومَتَيْنِ مُسَوَّرا
وإِذ جاز أَن يسمي الجَذْبُ عَفْراً لأَنه يَصِيرُ إِلى العَفْر،
وَقَدْ يُمْكِنُ أَن لَا يَصِيرَ الجذبُ إِلى العَفْر، كَانَ تسميةُ
الحيِّ مَيْتًا لأَنه مَيِّتٌ لَا مَحَالَةَ أَجْدَرَ بِالْجَوَازِ.
واعْتَفَرَ ثَوْبَه فِي التُّرَابِ: كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: عَفّرْت
فُلَانًا فِي التُّرَابِ إِذا مَرَّغْته فِيهِ تَعْفِيراً. وانْعَفَرَ
الشَّيْءُ: تَتَرَّبَ، واعْتَفَرَ مِثْلَهُ، وَهُوَ مُنْعَفِر
الْوَجْهِ فِي التُّرَابِ ومُعَفَّرُ الْوَجْهِ. وَيُقَالُ:
اعْتَفَرْتُه اعْتِفاراً إِذا ضَرَبْتَ بِهِ الأَرض فمَغَثْتَه؛ قَالَ
الْمَرَّارُ يَصِفُ امرأَة طَالَ شعرُها وكَثُفَ حَتَّى مسَّ الأَرض:
تَهْلِك المِدْراةُ فِي أَكْنافِه، ... وإِذا مَا أَرْسَلَتْه
يَعْتَفِرْ
أَي سَقَطَ شَعْرُهَا عَلَى الأَرض؛ جعَلَه مِنْ عَفَّرْته فاعْتَفَر.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ عَلَى أَرضٍ تُسَمَّى عَفِرةً فسماَّها خَضِرَةً
؛ هُوَ مِنَ العُفْرة لَوْنِ الأَرض، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالثَّاءِ
وَالدَّالِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
يَعْدُو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ، عَيْشُهما ... لَحْمٌ، مِنَ
الْقَوْمِ، مَعْفُورٌ خَراذِيلُ
المَعْفورُ: المُترَّبُ المُعَفَّرُ بِالتُّرَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العافِر الوجْهِ فِي الصَّلَاةِ
؛ أَي المُترّب. والعُفْرة: غُبْرة فِي حُمْرة، عَفِرَ عَفَراً، وَهُوَ
أَعْفَرُ. والأَعْفَر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي تَعْلو بياضَه
حُمْرَةٌ، وَقِيلَ: الأَعْفَرُ مِنْهَا الَّذِي فِي سَراتِه حُمْرةٌ
وأَقرابُه بِيضٌ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الظِّبَاءِ العُفْر،
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ القفافَ وَصَلَابَةَ الأَرض. وَهِيَ
حُمْر، والعُفْر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّتِي تَعْلُو بياضَها حُمْرَةٌ،
قِصار الأَعناق، وَهِيَ أَضعف الظِّبَاءِ عَدْواً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَكُنَّا إِذا جَبّارُ قومٍ أَرادَنا ... بكَيْدٍ، حَمَلْناه عَلَى
قَرْنِ أَعْفَرا
يَقُولُ: نَقْتُلُهُ ونَحْمِل رأْسَه عَلَى السِّنَان، وكانت تكون
الأَسِنَّة فِيمَا مَضَى مِنَ الْقُرُونِ. وَيُقَالُ: رَمَانِي عَنْ
قَرْن أَعْفَرَ أَي رَمَانِي بِدَاهِيَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ
أَحمر:
وأَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عَنْ قَرْنِ أَعْفَرا
وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَتَّخِذُونَ القُرونَ مكانَ الأَسِنّة فَصَارَ
مَثَلًا عِنْدَهُمْ فِي الشِّدَّةِ تَنْزِلُ بِهِمْ. وَيُقَالُ
لِلرَّجُلِ إِذا بَاتَ ليلَته فِي شِدَّةٍ تُقْلِقُه: كنتَ عَلَى قَرْن
أَعْفَرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَني وأَصْحابي عَلَى قَرْنِ أَعْفَرا
وثَرِيدٌ أَعْفَرُ: مُبْيَضٌّ، وَقَدْ تعافَرَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ «1»
... هُمْ وَوَصَفَ الحَرُوقة فَقَالَ: حَتَّى تعافرَ مِنْ نَفْثها أَي
تَبَيَّض. والأَعْفَرُ: الرَّمْل الأَحمر؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:
وجَرْدَبَت فِي سَمِلٍ عُفَيْر
يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ أَعْفَر عَلَى تَصْغِيرِ التَّرْخِيمِ
أَي مَصْبُوغٍ بِصِبْغ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ. والأَعْفَر:
__________
(1) . كذا بياض في الأَصل
(4/584)
الأَبْيضُ وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ
الْبَيَاضِ. وماعِزةٌ عَفْراء: خَالِصَةُ الْبَيَاضِ. وأَرض عَفْراء:
بَيْضَاءُ لَمْ تُوطأْ كقولهم فيها بيحان اللَّوْنِ «1» . وَفِي
الْحَدِيثِ:
يُحْشَرُ الناسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرض عَفْراء.
والعُفْرُ مِنْ لَيالي الشَّهْرِ: السابعةُ والثامنةُ والتاسعةُ،
وَذَلِكَ لِبَيَاضِ الْقَمَرِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُفْرُ مِنْهَا
البِيضُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ؛ وَقَالَ أَبو رِزْمَةَ:
مَا عُفُرُ اللَّيالي كالدَّآدِي، ... وَلَا تَوالي الخيلِ كالهَوادِي
تَوَالِيهَا: أَواخرها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ عُفر اللَّيَالِي كالدَّآدِي
؛ أَي اللَّيَالِي المقمرةُ كَالسُّودِ، وَقِيلَ: هُوَ مثَل. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذا سَجَدَ جَافَى عَضُدَيْهِ حَتَّى يُرى مِنْ خَلْفِهِ
عُفْرَة إِبْطَيْهِ
؛ أَبو زَيْدٍ والأَصمعي: العُفْرَةُ بَيَاضٌ وَلَكِنْ لَيْسَ
بِالْبَيَاضِ النَّاصِعِ الشَّدِيدِ. وَلَكِنَّهُ كَلَوْنِ عَفَر
الأَرض وَهُوَ وَجْهُهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
كأَني أَنظر إِلى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ وَمِنْهُ قِيلَ للظِّباء عُفْر إِذا كَانَتْ أَلوانها كَذَلِكَ،
وإِنما سُميت بعَفَر الأَرض. وَيُقَالُ: مَا عَلَى عَفَرِ الأَرض
مِثْلَهُ أَي مَا عَلَى وَجْهِهَا. وعَفَّر الرجلُ: خلَط سُودَ غنمِه
وإِبلِه بعُفْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فِي الضَّحِيَّةِ: لَدَمُ عَفْرَاء أَحَبُّ إِليّ
مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ
والتَّعْفِير: التَّبْيِيضُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة شَكَتْ إِليه قِلَّةَ نَسْل غَنَمِهَا وإِبلها ورِسْلِها
وأَن مَالَهَا لَا يَزْكُو، فَقَالَ: مَا أَلوانُها؟ قَالَتْ: سُودٌ.
فَقَالَ: عَفِّرِي
أَي اخْلِطيها بِغَنَمٍ عُفْرٍ، وَقِيلَ: أَي اسْتَبْدِلي أَغناماً
بِيضًا فإِن الْبَرَكَةَ فِيهَا. والعَفْراءُ مِنَ اللَّيَالِي:
لَيْلَةُ ثلاثَ عشْرة. والمَعْفُورةُ: الأَرض الَّتِي أُكِل نبتُها.
واليَعْفور واليُعْفور: الظَّبْيُ الَّذِي لَوْنُهُ كَلَوْنِ العَفَر
وَهُوَ التُّرَابُ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّبْيُ عَامَّةً، والأُنثى
يَعْفورة، وقيل: اليَعْفور الخِشْف [الخَشْف] ، سُمِّيَ بِذَلِكَ
لِصِغَرِهِ وَكَثْرَةِ لُزوقِه بالأَرض، وَقِيلَ: اليَعْفُور وَلَدُ
الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَقِيلَ: اليَعَافيرُ تُيُوس الظِّبَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا جَرَى اليَعْفُورُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الخِشْف [الخَشْف] ، وَهُوَ وَلَدُ
الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَقِيلَ: تَيْس الظِّبَاءِ، وَالْجَمْعُ
اليَعافِرُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. واليَعفور أَيضاً: جُزْءٌ مِنْ
أَجزاء اللَّيْلِ الْخَمْسَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: سُدْفة وسُتْفة
وهَجْمة ويَعْفور وخُدْرة؛ وَقَوْلُ طَرَفَةُ:
جَازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنا، ... آخرَ اللَّيْلِ، بيَعْفورٍ
خَدِرْ
أَراد بشخصِ إِنسانٍ مِثْلِ اليَعْفور، فالخَدِرُ عَلَى هَذَا
الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الْقَطِيعِ، وَقِيلَ: أَراد باليَعْفُورِ
الْجُزْءَ مِنْ أَجزاء اللَّيْلِ، فالخَدِرُ عَلَى هَذَا المُظْلِمُ.
وعَفَّرت الْوَحْشِيَّةَ ولدَها تُعَفِّرُه: قَطَعَتْ عَنْهُ الرَّضاعَ
يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ، فإِن خَافَتْ أَنْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ رَدَّتْهُ
إِلى الرِّضَاعِ أَياماً ثُمَّ أَعادته إِلى الفِطام، تَفْعَلُ ذَلِكَ
مَرَّاتٍ حَتَّى يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ التَّعْفير،
وَالْوَلَدُ مُعَفَّر، وَذَلِكَ إِذا أَرادت فِطامَه؛ وَحَكَاهُ أَبو
عُبَيْدٍ فِي المرأَة وَالنَّاقَةِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والأُمُّ
تَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا الإِنْسِيّ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ
يَذْكُرُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً وولدَها:
لمُعَفَّر قَهْدٍ، تَنَازَعُ شِلْوَه ... غُبْسٌ كَواسِبُ مَا يُمَنُّ
طَعامُها
قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ المُعَفَّر فِي بَيْتِ لَبِيدٍ
إِنه وَلَدُهَا الَّذِي افْتَرَسَتْه الذئابُ الغُبْسُ فعَفَّرته فِي
التُّرَابِ أَي مَرَّغَتْهُ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَه بِمَعْنَى
الْبَيْتِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والتَّعْفِيرُ فِي الفِطام أَن
تَمْسَحَ المرأَةُ ثَدْيَها بِشَيْءٍ مِنَ التراب تنفيراً للصبي.
__________
(1) . قوله: [بيحان اللون] هو هكذا في الأَصل
(4/585)
وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَقِيتُ
فُلَانًا عَنْ عُفْر، بِالضَّمِّ، أَي بَعْدِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لأَنها
تُرْضِعُهُ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ تَبْلو بِذَلِكَ صَبْرَه،
وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد لَبِيدٌ بِقَوْلِهِ: لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ.
أَبو سَعِيدٍ: تَعَفَّر الوحشيُّ تَعَفُّراً إِذا سَمِن؛ وأَنشد:
ومَجَرُّ مُنْتَحِر الطَّلِيِّ تَعَفَّرتْ ... فِيهِ الفِراءُ بجِزْع
وادٍ مُمْكِنِ
قَالَ: هَذَا سَحَابٌ يَمُرُّ مَرًّا بَطِيئًا لِكَثْرَةِ مَائِهِ
كأَنه قَدِ انْتَحَر لِكَثْرَةِ مَائِهِ. وطَلِيُّه: مَناتحُ مَائِهِ،
بِمَنْزِلَةِ أَطْلاءِ الْوَحْشِ. وتَعَفَّرت: سَمِنَت. والفِراءُ:
حُمُر الْوَحْشِ. والمُمْكِنُ: الَّذِي أَمكن مَرْعاه؛ وَقَالَ ابْنُ
الأَعرابي: أَراد بالطَّلِيّ نَوْءَ الحمَل، ونَوءُ الطَّلِيّ والحمَلِ
واحدٌ عِنْدَهُ. قَالَ: وَمُنْتَحِرٌ أَراد بِهِ نَحْرَهُ فَكَانَ
النَّوْءُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مِنَ الْحَمْلِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ
وَادٍ مُمْكِن يُنْبِت المَكْنان، وَهُوَ نبتٌ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ.
واعْتَفَرَه الأَسد إِذا افْتَرَسَه. وَرَجُلٌ عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ
ونِفْرِيةٌ وعُفارِيةٌ وعِفْرِيتٌ بَيِّنُ العَفارةِ: خَبِيثٌ مُنْكَر
داهٍ، والعُفارِيةُ مِثْلُ العِفْريت، وَهُوَ وَاحِدٌ؛ وأَنشد
لِجَرِيرٍ:
قَرَنْتُ الظالمِين بمَرْمَرِيسٍ، ... يَذِلّ لَهَا العُفارِيةُ
المَرِيدُ
قَالَ الْخَلِيلُ: شَيْطَانٌ عِفْرِيةٌ وعِفْريتٌ، وَهُمُ العَفارِيَةُ
والعَفارِيت، إِذا سَكّنْتَ الْيَاءَ صَيَّرت الْهَاءَ تَاءً، وإِذا
حَرَّكَتْهَا فَالتَّاءُ هَاءٌ فِي الْوَقْفِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنّه كَوْكَبٌ فِي إِثْرِ عِفْرِية، ... مُسَوّمٌ فِي سوادِ
اللَّيْلِ مُنْقَضِب
والعِفْرِيةُ: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَول دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ ورَحْمة ثُمَّ مُلْكٌ أَعْفَرُ
؛ أَي مُلْكٌ يُسَاسُ بالدَّهاء والنُّكْر، مِنْ قَوْلِهِمْ
لِلْخَبِيثِ المُنْكَر: عِفْر. والعَفارةُ: الخُبْث والشَّيْطنةُ؛
وامرأَة عِفِرَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ
أَنَا آتِيكَ بِهِ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العِفْرِيت مِنَ الرِّجَالِ النافذُ فِي الأَمر
الْمُبَالِغُ فِيهِ مَعَ خُبْثٍ ودَهاءٍ، وَقَدْ تَعَفْرَت، وَهَذَا
مِمَّا تَحَمَّلُوا فِيهِ تَبْقِيةَ الزائدَ مَعَ الأَصل فِي حَالِ
الِاشْتِقَاقِ تَوْفِيةً لِلْمَعْنَى وَدَلَالَةً عَلَيْهِ. وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: امرأَة عِفْرِيتةٌ ورجلٌ عِفرِينٌ وعِفِرّينٌ
كَعِفْرِيت. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَالَ عِفْرِية فَجَمْعُهُ
عَفارِي كَقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِ الطاغوت طَواغِيت وطَواغِي، وَمَنْ
قَالَ عِفْرِيتٌ فَجَمْعُهُ عَفارِيت. وَقَالَ شَمِرٌ: امرأَة عِفِرّة
وَرَجُلٌ عِفِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ امرأَة
غَيْرِ مَحْمُودَةِ الصِّفَةِ:
وضِبِرّة مِثْل الأَتانِ عِفِرّة، ... ثَجْلاء ذَاتُ خواصِرٍ مَا
تَشْبَعُ
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْخَبِيثِ عفَرْنى أَي عِفْرٌ، وَهُمُ
العَفَرْنَوْنَ. والعِفْرِيت مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الْمَبَالِغُ.
يُقَالُ: فُلَانٌ عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ وعِفرِيةٌ نِفْرِية. وَفِي
الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُبْغِضُ العِفْرَيةَ النِّفْرِيةَ الَّذِي لَا يُرْزَأُ
فِي أَهلٍ وَلَا مالٍ
؛ قِيلَ: هُوَ الدَّاهِي الخبيثُ الشِّرِّيرُ، وَمِنْهُ العِفْرِيت،
وَقِيلَ: هُوَ الجَمُوع المَنُوع، وَقِيلَ: الظَّلُوم. وَقَالَ
الزَّمَخْشَرِيُّ: العِفْر والعِفْريةُ والعِفْرِيت والعُفارِيةُ
الْقَوِيُّ المُتَشيْطِن الَّذِي يَعْفِر قِرْنَه، وَالْيَاءُ فِي
عِفْرِيةٍ وعُفارِيةٍ للإِلحاق بِشِرْذِمَةٍ وعُذافِرة، وَالْهَاءُ
فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالتَّاءُ فِي عِفْرِيتٍ للإِلحاق
بِقِنْدِيل. وَفِي كِتَابِ أَبي مُوسَى: غَشِيَهم يومَ بَدْرٍ لَيْثاً
عِفِرِّيّاً أَي قَوِيّاً دَاهِيًا. يُقَالُ: أَسدٌ عِفْرٌ وعِفِرٌّ
(4/586)
بِوَزْنِ طِمِرّ أَي قَوِيٌّ عَظِيمٌ.
والعِفْرِيةُ المُصَحَّحُ والنِّفْرِية إِتباع؛ الأَزهري: التَّاءُ
زَائِدَةٌ وأَصلها هَاءٌ، وَالْكَلِمَةُ ثُلاثِيّة أَصلها عِفْرٌ
وعِفْرِية، وَقَدْ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً،
وَمِمَّا وَضَعَ بِهِ ابنُ سِيدَهْ مِنْ أَبي عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ
سَلَّامٍ قَوْلُهُ فِي الْمُصَنَّفِ: العِفْرِية مِثَالُ فِعْلِلة،
فَجَعَلَ الْيَاءَ أَصلًا، وَالْيَاءُ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ
الأَربعة. والعُفْرُ: الشُّجَاعُ الجَلْدُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ
الشَّدِيدُ، وَالْجَمْعُ أَعْفارٌ وعِفارٌ؛ قَالَ:
خَلَا الجَوْفُ مِنْ أَعْفارِ سَعْدٍ فَمَا بِهِ، ... لمُسْتَصْرِخٍ
يَشْكُو التُّبولَ، نَصِيرُ
والعَفَرْنى: الأَسَدُ، وَهُوَ فَعَلْنى، سُمِّيَ بِذَلِكَ
لِشِدَّتِهِ. ولَبْوةٌ عَفَرْنى أَيضاً أَي شَدِيدَةٌ، وَالنُّونُ
للإِلحاق بِسَفَرْجَلٍ. وَنَاقَةٌ عَفَرناة أَي قَوِيَّةٌ؛ قال عمر ابن
لجإِ التَّيْمِيُّ يَصِفُ إِبلًا:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها ... غُلْبَ الذَّفارى
وعَفَرْنَياتِها
الأَزهري: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ عَفَرْنى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ
وَقَبْلَ هَذِهِ الأَبيات:
فوَرَدَتْ قَبْل إِنَى ضَحَائِها، ... تفَرّش الْحَيَّاتِ فِي
خِرْشائِها
تُجَرُّ بالأَهْونِ مِنْ إِدْنائِها، ... جَرَّ العجوزِ جانِبَيْ
خِفَائِها
قَالَ: وَلَمَّا سَمِعَهُ جَرِيرٌ يُنْشِدُ هَذِهِ الأُرجوزة إِلى أَن
بَلَغَ هَذَا الْبَيْتَ قَالَ لَهُ: أَسأْت وأَخْفَقْتَ قَالَ لَهُ
عُمَرُ: فَكَيْفَ أَقول؟ قَالَ: قُلْ:
جرَّ الْعَرُوسِ الثِّنْيَ مِنْ رِدائِها
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنت أَسْوَأُ حَالًا مِنِّي حَيْثُ تَقُولُ:
لَقَوْمِي أَحْمى للحَقِيقَة مِنْكُم، ... وأَضْرَبُ للجبّارِ، والنقعُ
ساطِعُ
وأَوْثَقُ عِنْدَ المُرْدَفات عَشِيّةً ... لَحاقاً، إِذا مَا جَرَّدَ
السيفَ لامِعُ
وَاللَّهِ إِن كُنَّ مَا أُدْرِكْنَ إِلا عِشاءً مَا أُدْرِكْن حَتَّى
نُكِحْنَ، وَالَّذِي قَالَهُ جَرِيرٌ: عِنْدَ المُرْهَفات، فَغَيَّرَهُ
عُمَر، وَهَذَا الْبَيْتُ هُوَ سَبَبُ التَّهاجي بَيْنَهُمَا؛ هَذَا
مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَدْ تَرَى قَافِيَةَ هَذِهِ الأُرجوزة
كَيْفَ هِيَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم. وأَسد عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ
وعُفارِيةٌ وعِفْرِيت وعَفَرْنى: شديد قويّ، ولَبُوءَة عِفِرْناة إِذا
كَانَا جَرِيئين، وَقِيلَ: العِفِرْناة الذَّكَرُ والأُنثى؛ إِما أَن
يَكُونَ مِنَ العَفَر الَّذِي هُوَ التُّرَابُ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ
العَفْر الَّذِي هُوَ الاعتِفَار، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْقُوَّةِ
والجلَدِ. وَيُقَالُ: اعْتَفَرَه الأَسد إِذا فَرَسَه. وليثُ
عِفِرِّينَ تُسَمِّي بِهِ العربُ دُوَيْبّة مأْواها التُّرَابُ
السَّهْلُ فِي أُصول الحِيطان، تُدَوِّرُ دُوّارةً ثُمَّ تَنْدَسّ فِي
جَوْفِهَا، فإِذا هِيجَت رَمَتْ بِالتُّرَابِ صُعُداً. وَهِيَ مِنَ
المُثُل الَّتِي لَمْ يَجِدْهَا سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما
عِفِرِّين فَقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِعِلًّا كطِمِرٍّ وحِبِرٍّ
فكأَنه أَلحق عَلَمَ الْجَمْعِ كالبِرَحِين والفِتَكْرِين إِلا أَن
بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَذَلِكَ أَن هَذَا يُقَالُ فِيهِ البِرَحُون
والفِتَكْرون، ولم يسمع في عِفِرِّين فِي الرَّفْعِ، بِالْيَاءِ،
وإِنما سُمِعَ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: ليثُ
عِفِرِّينَ، فَيَجُوزُ أَن يُقَالَ فِيهِ فِي الرَّفْعِ هَذَا
عِفِرُّون، لَكِنْ لَوْ سُمِعَ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ بِالْيَاءِ
لَكَانَ أَشبه بأَن يَكُونَ فِيهِ النَّظَرُ، فأَما وَهُوَ فِي
مَوْضِعِ الْجَرِّ فَلَا تُسْتَنْكرُ فِيهِ الْيَاءُ. ولَيْثُ
عِفِرِّين: الرجلُ الْكَامِلُ ابْنُ الخَمْسِين، وَيُقَالُ:
(4/587)
ابْنُ عَشْر لَعّابٌ بالقُلِينَ، وابن
عشْرين باعي نَسِّينَ «2» . وَابْنُ الثَّلاثين أَسْعى الساعِينَ،
وَابْنُ الأَرْبَعِين أَبْطَشُ الأَبْطَشِين، وَابْنُ الْخَمْسِينَ
لَيْثُ عِفِرِّين، وَابْنُ السِّتِّين مُؤْنِسُ الجَلِيسِين، وَابْنُ
السَّبْعِين أَحْكمُ الحاكِمينَ، وَابْنُ الثَمَانِينَ أَسرعُ
الحاسِبين، وَابْنُ التِّسْعِين وَاحِدُ الأَرْذَلين، وَابْنُ
الْمِائَةِ لَا جَا وَلَا سَا؛ يَقُولُ: لَا رَجُلٌ وَلَا امرأَة وَلَا
جِنٌّ وَلَا إِنس. وَيُقَالُ: إِنه لأَشْجَع مِنْ لَيْثِ عِفِرِّين،
وَهَكَذَا قَالَ الأَصمعي وأَبو عَمْرٍو فِي حِكَايَةِ الْمَثَلِ
وَاخْتَلَفَا فِي التَّفْسِيرِ، فَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الأَسد،
وقال أَبو عمر: هُوَ دابّةٌ مِثْلُ الحِرْباء تَتَعَرَّضُ لِلرَّاكِبِ،
قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى عِفِرِّين اسْمِ بَلَدٍ؛ وَرَوَى أَبو
حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي أَنه دَابَّةٌ مِثْلُ الحِرْباء يَتَصَدّى
لِلرَّاكِبِ ويَضْرِبُ بِذَنَبِهِ. وعِفِرِّين: مَأْسَدة، وَقِيلَ
لِكُلِّ ضَابِطٍ قَوِيٍّ: لَيْثُ عِفِرِّين، بِكَسْرِ الْعَيْنِ،
وَالرَّاءُ مُشَدَّدَةٌ. وَقَالَ الأَصمعي: عِفِرِّين اسْمُ بَلَدٍ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِفِرُّون بَلَدٌ. وعِفْرِيةُ الدِّيكِ: رِيشُ
عُنُقِه، وعِفْريةُ الرأْس، خَفِيفَةٌ عَلَى مثال فِعْلِلة، وعَفْراة
[عِفْراة] الرأْس: شَعْرُهُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِنسان شَعْرُ
النَّاصِيَةِ، وَمِنَ الدَّابَّةِ شعرُ الْقَفَا؛ وقيل: العِفْرِيةُ
والعِفْراة [العَفْراة] الشَّعَرَاتُ النَّابِتَاتُ فِي وَسَطِ الرأْس
يَقْشَعرِرن عِنْدَ الْفَزَعِ؛ وَذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي خُطْبَةِ
كِتَابِهِ فِيمَا قَصَدَ بِهِ الْوَضْعَ مِنْ أَبي عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ
بْنَ سَلَّامٍ قَالَ: وأَي شَيْءٍ أَدلّ عَلَى ضَعْفِ المُنَّة
وَسَخَافَةِ الجُنَّة مِنْ قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ
الْمُصَنَّفِ: العِفْرِية مِثَالُ فِعْلِلَة، فَجَعَلَ الْيَاءَ أَصلًا
وَالْيَاءُ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة. والعُفْرة،
بِالضَّمِّ: شَعْرَةُ القَفا مِنَ الأَسد وَالدِّيكِ وَغَيْرِهِمَا
وَهِيَ الَّتِي يُرَدِّدُها إِلى يافوخِه عِنْدَ الهِراش؛ قَالَ:
وَكَذَلِكَ العِفْرِية والعِفْراة، فِيهِمَا بِالْكَسْرِ. يُقَالُ:
جَاءَ فُلَانٌ نَافِشًا عِفْرِيَته إِذا جَاءَ غَضْبان. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: يُقَالُ جَاءَ ناشِراً عِفْرِيَته وعِفْراتَه أَي نَاشِرًا
شعرَه مِنَ الطَّمَع والحِرْص والعِفْر، بِالْكَسْرِ: الذَّكَرُ
الْفَحْلُ مِنَ الْخَنَازِيرِ. والعُفْر: البُعْد. والعُفْر: قلَّة
الزِّيَارَةِ. يُقَالُ: ما تأْتينا إِلا عن عُفْرٍ أَي بَعْدَ قِلَّةِ
زِيَارَةٍ. والعُفْرُ: طولُ الْعَهْدِ. يُقَالُ: مَا أَلقاه إِلا عَنْ
عُفْرٍ وعُفُرٍ أَي بَعْدَ حِينٍ، وَقِيلَ: بَعْدَ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ؛
قَالَ جَرِيرٌ:
دِيارَ جميعِ الصَّالِحِينَ بِذِي السِّدْرِ، ... أَبِيني لَنا، إِن
التحيةَ عَنْ عُفْرِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَلَئِنْ طَأْطَأْتُ فِي قَتْلِهمُ، ... لَتُهاضَنَّ عِظامِي عَنْ
عُفُرْ
عَنْ عُفُرٍ أَي عَنْ بُعْد مِنْ أَخوالي، لأَنهم وإِن كَانُوا
أَقْرِباءَ، فَلَيْسُوا فِي القُرْب مِثْلَ الأَعمام؛ وَيَدُلُّ عَلَى
أَنه عَنَى أَخوالَه قولُه قَبْلَ هَذَا:
إِنَّ أَخوالي جَمِيعًا مِنْ شَقِرْ، ... لَبِسُوا لِي عَمَساً جِلْدَ
النَّمِرْ
العَمَسُ هَاهُنَا، كالحَمَسِ: وَهِيَ الشِّدَّةُ. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وأَرى الْبَيْتَ لِضِبَابِ بْنِ وَاقِدٍ الطُّهَوِي؛ وأَما
قَوْلُ الْمَرَّارِ:
عَلَى عُفُرٍ مِنْ عَنْ تَناءٍ، وإِنما ... تَداني الهَوَى مِن عَن
تَناءٍ وَعَنْ عُفْرِ
وَكَانَ هَجَرَ أَخاه فِي الحبْس بِالْمَدِينَةِ فَيَقُولُ: هَجَرْتُ
أَخي عَلَى عُفْرٍ أَي عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْحَيِّ وَالْقَرَابَاتِ أَي
وَعَنْ غَيْرِنَا، وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لِي أَن أَهجره وَنَحْنُ
عَلَى هذه الحالة.
__________
(2) . قوله: [باعي نسين] كذا بالأَصل
(4/588)
وَيُقَالُ؛ دخلتُ الْمَاءَ فَمَا
انْعَفَرَتْ قَدَمايَ أَي لَمْ تَبْلُغا الأَرضَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ:
ثانِياً بُرْثُنَه مَا يَنْعَفِر
وَوَقَعَ فِي عَافُورِ شَرٍّ كعاثورِ شَرٍّ، وَقِيلَ هِيَ عَلَى
الْبَدَلِ أَي فِي شِدَّةٍ. والعَفارُ، بِالْفَتْحِ: تلقيحُ
النَّخْلِ وإِصلاحُه. وعَفَّرَ النَّخْلَ: فَرَغَ مِنْ
تَلْقِيحِهِ. والعَفَرُ: أَولُ سَقْية سُقِيها الزرعُ. وعَفْرُ
الزَّرْع: أَن يُسْقَى سَقْية يَنْبُتُ عَنْهُ ثُمَّ يُتْرَك
أَياماً لَا يُسْقَى فِيهَا حَتَّى يَعْطَشَ، ثُمَّ يُسْقَى
فَيَصْلُحُ عَلَى ذَلِكَ، وأَكثر مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بخِلْف
الصَّيفِ وخَضْراواته. وعَفَرَ النخلَ وَالزَّرْعَ: سَقاهما
أَوَّلَ سَقْيةٍ؛ يَمَانِيَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: عَفَرَ
الناسُ يَعْفِرون عَفْراً إِذا سَقَوا الزَّرْعَ بَعْدَ طَرْح
الْحَبِّ. وَفِي حَدِيثِ
هِلَالٍ: مَا قَرِبْتُ أَهْلي مُذْ عَفَّرْنَ النخلَ.
وَرُوِيَ أَن رَجُلًا جَاءَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِني مَا قَرِبْتُ أَهْلي مُذْ عَفار
النَّخْلِ وَقَدْ حَمَلَتْ، فلاعَنَ بَيْنَهُمَا
؛ عَفارُ النَّخْلِ تلقيحُها وإِصلاحُها؛ يُقَالُ: عَفَّرُوا
نخلَهم يُعَفِّرون، وَقَدْ رُوِيَ بِالْقَافِ؛ قَالَ ابْنُ
الأَثير: وَهُوَ خطأٌ. ابْنُ الأَعرابي: العَفارُ أَن يُتْرك
النخلُ بَعْدَ السَّقْيِ أَربعين يَوْمًا لَا يُسْقَى لِئَلَّا
ينتفِضَ حملُها، ثُمَّ يُسْقَى ثُمَّ يُتْرَكُ إِلى أَن يَعْطَشَ،
ثُمَّ يُسقَى، قَالَ: وَهُوَ مِنْ تَعْفِير الْوَحْشِيَّةِ ولدَها
إِذا فَطَمَتْه، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. والعَفَّارُ: لَقَّاحُ
النَّخِيلِ. وَيُقَالُ: كُنَّا فِي العَفارِ، وَهُوَ بِالْفَاءِ
أَشهرُ مِنْهُ بِالْقَافِ. والعَفارُ: شجرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ
الزنادُ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ
الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها؛ إِنها
المَرْخُ والعَفارُ وَهُمَا شَجَرَتَانِ فِيهِمَا نارٌ لَيْسَ فِي
غَيْرِهِمَا مِنَ الشَّجَرِ، ويُسَوَّى مِنْ أَغصانها الزنادُ
فيُقْتَدَحُ بِهَا. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتهما فِي
الْبَادِيَةِ والعربُ تَضْرِبُ بِهِمَا الْمَثَلَ فِي الشَّرَفِ
الْعَالِي فَتَقُولُ: فِي كُلِّ الشَّجَرِ نَارٌ. واسْتَمْجَدَ
المَرْخُ والعَفار أَي كَثُرَتْ فِيهِمَا عَلَى مَا فِي سَائِرِ
الشَّجَرِ. واسْتَمجَدَ: اسْتَكْثَر، وَذَلِكَ أَن هَاتَيْنِ
الشَّجَرَتَيْنِ مِنْ أَكثرِ الشَّجَرِ نَارًا، وزِنادُهما أَسرعُ
الزِّنَادِ وَرْياً، والعُنَّابُ مِنْ أَقلّ الشَّجَرِ نَارًا
وَفِي الْمَثَلِ: اقْدَحْ بِعَفارٍ «1» . أَو مَرْخ ثُمَّ اشدُدْ
إِن شئْتَ أَو أَرْخ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني بعضُ أَعراب
السَّرَاةِ أَن العَفَارَ شَبِيةٌ بِشَجَرَةِ الغُبَيراء
الصَّغِيرَةِ، إِذا رأَيتها مِنْ بَعِيدٍ لَمْ تَشُكَّ أَنها
شَجَرَةُ غُبَيراء، ونَوْرُها أَيضاً كنَوْرِها، وَهُوَ شَجَرٌ
خَوَّار وَلِذَلِكَ جَادَ للزِّناد، وَاحِدَتُهُ عَفارةٌ.
وعَفَارةُ: اسْمُ امرأَة، مِنْهُ؛ قَالَ الأَعشى:
باتَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارهْ، ... يَا جَارَتَا، مَا أَنْتِ جارهْ
والعَفِيرُ: لحمٌ يُجَفَّف عَلَى الرَّمْلِ فِي الشَّمْسِ،
وتَعْفِيرُه: تَجْفِيفُه كَذَلِكَ. والعَفِيرُ: السويقُ المَلتوتُ
بِلَا أُدْمٍ. وسَويقٌ عَفِير وعَفَارٌ: لَا يُلَتُّ بأُدْم،
وَكَذَلِكَ خُبز عَفِير وعَفار؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. يُقَالُ:
أَكلَ خُبزاً قَفاراً وعَفاراً وعَفِيراً أَي لَا شَيْءَ مَعَهُ.
والعَفارُ: لُغَةٌ فِي القَفار، وَهُوَ الْخَبْزُ بِلَا أُدم.
والعَفِير: الَّذِي لَا يُهْدِي شَيْئًا، الْمُذَكَّرُ
وَالْمُؤَنَّثُ فِيهِ سَوَاءٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وإِذا الخُرَّدُ اعْتَرَرْن من المَحلِ، ... وصارَتْ مِهْداؤهُنَّ
عَفِيرا
__________
(1) . قوله: [وَفِي الْمَثَلِ اقْدَحْ بِعَفَارٍ إلخ] هكذا في
الأَصل. والذي في أمثال الميداني: اقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخٍ ثم
اشدد بعد أو أرخ. قال المازني: أَكثر الشجر ناراً المرخ ثم العفار
ثم الدفلى، قال الأَحمر: يقال هذا إِذا حَمَلَتْ رَجُلًا فَاحِشًا
على رجل فاحش فلم يلبثا أَن يقع بينهما شر. وقال ابن الأَعرابي:
يضرب للكريم الَّذِي لَا يَحْتَاجُ أَن تَكُدَّهُ وَتُلِحَّ
عَلَيْهِ
(4/589)
قَالَ الأَزهري: العَفِيرُ مِنَ النِّسَاءِ
الَّتِي لَا تُهْدِي شَيْئًا؛ عَنِ الْفَرَّاءِ، وأَورد بَيْتَ
الْكُمَيْتِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَفِيرُ مِنَ النِّسَاءِ
الَّتِي لَا تُهْدِي لِجَارَتِهَا شَيْئًا. وَكَانَ ذَلِكَ فِي
عُفْرةِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ وعُفُرَّتِهما أَي فِي أَولهما.
يُقَالُ: جَاءَنَا فُلَانٌ فِي عُفُرَّةِ الْحَرِّ، بِضَمِّ
الْعَيْنِ وَالْفَاءُ لُغَةٌ فِي أُفُرَّة الْحَرِّ وعُفْرةِ
الْحَرِّ أَي فِي شِدَّتِهِ. ونَصْلٌ عُفارِيّ: جيِّد. ونَذِيرٌ
عَفِيرٌ: كَثِيرٌ، إِتباع. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَلَيْهِ
العَفارُ والدَّبارُ وسوءُ الدارِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. ومَعافِرُ:
قَبِيلَةٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَعافِر بْنُ مُرّ فِيمَا
يَزْعُمُونَ أَخو تَمِيمِ بْنِ مُرّ، يُقَالُ: رَجُلٌ مَعافِريّ،
قَالَ: وَنُسِبَ عَلَى الْجَمْعِ لأَن مَعافِر اسْمٌ لِشَيْءٍ
وَاحِدٍ، كَمَا تَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي كِلَابٍ أَو مِنَ
الضِّباب كِلابيّ وضِبابيّ، فأَما النَّسَبُ إِلى الْجَمَاعَةِ
فإِنما تُوقِع النَّسَبَ عَلَى وَاحِدٍ كَالنَّسَبِ إِلى مَسَاجِدَ
تَقُولُ مَسْجِدِيّ وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه. ومَعافِر: بَلَدٌ
بِالْيَمَنِ، وَثَوْبٌ مَعافِريّ لأَنه نُسِبَ إِلى رَجُلِ اسْمُهُ
مَعافِر، وَلَا يُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وإِنما هُوَ معافِر
غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي الرَّجَزِ الْفَصِيحِ
مَنْسُوبًا. قَالَ الأَزهري: بُرْدٌ مَعافِريّ مَنْسُوبٌ إِلى
معافِر اليمنِ ثمن صَارَ اسْمًا لَهَا بِغَيْرِ نِسْبَةٍ،
فَيُقَالُ: مَعافِر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بعَث مُعاذاً إِلى اليمَن وأَمره أَن يأْخذ مِنْ كُلِّ حالِمٍ
دِينَارًا أَو عِدْلَه مِنَ المَعافِرِيّ
، وَهِيَ بُرُودٌ بِالْيَمَنِ مَنْسُوبَةٌ إِلى مَعافِر، وَهِيَ
قَبِيلَةٌ بِالْيَمَنِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ بُرْدانِ
مَعافِريّانِ.
وَرَجُلٌ مَعافِريٌّ: يَمْشِي مَعَ الرُّفَق فَيَنَالُ فَضْلَهم.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري أَعربي هُوَ أَم لَا؛ وَفِي
الصِّحَاحِ: هُوَ المُعافِرُ بِضَمِّ الْمِيمِ، ومَعافِرُ،
بِفَتْحِ الْمِيمِ: حيٌّ مِنْ هَمْدانَ لَا يَنْصَرِفُ فِي
مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ لأَنه جَاءَ عَلَى مِثَالِ مَا لَا
يَنْصَرِفُ مِنَ الْجَمْعِ، وإِليهم تُنْسَبُ الثِّيَابُ
المَعافِريَّة. يُقَالُ: ثَوْبٌ مَعافِريٌّ فَتَصْرِفُهُ لأَنك
أَدخلت عَلَيْهِ يَاءَ النِّسْبَةِ وَلَمْ تَكُنْ فِي الْوَاحِدِ.
وعُفَيْرٌ وعَفَار ويَعْفور ويَعْفُرُ: أَسماء. وَحَكَى
السِّيرَافِيُّ: الأَسْود بْنُ يَعْفُر ويُعْفِر ويُعْفُر، فأَما
يَعْفُر ويُعْفِر فأَصْلانِ، وأَما يُعْفُر فَعَلَى إِتباع
الْيَاءِ ضَمَّةَ الْفَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى إِتباع الْفَاءِ
مِنْ يُعْفُر ضَمَّةَ الْيَاءِ مِنْ يُعْفُر، والأَسود بْنُ
يَعْفُر الشَّاعِرُ، إِذا قُلْتَه بِفَتْحِ الْيَاءِ لَمْ
تَصْرِفْهُ، لأَنه مِثْلُ يَقْتُل. وَقَالَ يُونُسُ: سَمِعْتُ
رُؤْبَةَ يَقُولُ أَسود بْنُ يُعْفُر، بِضَمِّ الْيَاءِ، وَهَذَا
يَنْصَرِفُ لأَنه قَدْ زَالَ عَنْهُ شبَهُ الْفِعْلِ. ويَعْفَورٌ:
حمارُ النبي، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ عُبادة: أَنه خَرَجَ عَلَى حِمارِه يَعْفور ليعودَه
؛ قِيلَ: سُمِّيَ يَعْفوراً لِكَوْنِهِ مِنَ العُفْرة، كَمَا
يُقَالُ فِي أَخْضَر يَخْضور، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ تَشْبِيهاً
فِي عَدْوِه باليَعْفور، وَهُوَ الظَّبْيُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اسْمَ حِمَارِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
عُفَيْر
، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَرْخِيمٍ لأَعْفَر مِنَ العُفْرة، وَهِيَ
الغُبْرة وَلَوْنُ التُّرَابِ، كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ
أَسْوَد سُوَيْد، وَتَصْغِيرُهُ غَيْرُ مُرَخَّمٍ: أُعَيْفِر
كأُسَيْودِ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ
لِلْحِمَارِ الْخَفِيفِ فِلْوٌ ويَعْفورٌ وهِنْبِرٌ وزِهْلِق.
وعَفْراء وعُفَيرة وعَفارى: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. وعُفْر
وعِفْرَى: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَقَدْ لاقَى المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ ... حَدِيثٌ، إِن عَجِبْتَ
لَهُ، عَجِيبُ
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقَاع:
غَشِيتُ بِعِفْرَى، أَو بِرجْلَتِها، رَبْعَا ... رَماداً
وأَحْجاراً بَقِينَ بِهَا سُفْعا
(4/590)
عفزر: العَفْزَر: السابقُ السَّرِيعُ.
وعَفْزرُ: اسْمٌ أَعجمي، وَلِذَلِكَ لَمْ يَصرفه امْرُؤُ الْقَيْسِ
فِي قَوْلِهِ:
أَشِيمُ بُروقَ المخزْنِ أَيْنَ مُصابُه، ... وَلَا شيءَ يَشْفِي
مَنْكِ يَا ابنةَ عَفْزَرا
وَقِيلَ: ابنةُ عَفْزَرَ قَينةٌ كَانَتْ فِي الدَّهْرِ الأَول لَا
تَدُومُ عَلَى عَهْدٍ فَصَارَتْ مَثَلًا، وَقِيلَ: قَيْنةٌ كَانَتْ
فِي الحِيرة وَكَانَ وَفْدُ النُّعْمان إِذا أَتَوْه لَهَوا بِهَا.
وعَفَزّرانُ: اسْمَ رَجُلٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَجُوزُ أَن
يَكُونَ أَصله عَفَزّر كشَعَلّعٍ وعَدَبَّسٍ ثُمَّ ثُنِّيَ
وَسُمِّيَ بِهِ، وَجُعِلَتِ النُّونُ حَرْفَ إِعرابه، كَمَا حَكَى
أَبو الْحَسَنِ عَنْهُمْ مِنِ اسْمِ رَجُلٍ خَليلان؛ وَكَذَلِكَ
ذَهَبَ أَيضاً فِي قَوْلِهِ:
أَلا يَا ديارَ الحَيِّ بالسَّبُعان
إِلى أَنه تثنبة سبُع، وَجُعِلَتِ النُّونُ حِرَفَ الإِعراب،
والعَفْزرُ: الْكَثِيرُ الجَلَبة فِي الْبَاطِلِ. وعَفْزَرٌ: اسْمُ
رجل.
عقر: العَقْرُ والعُقْرُ: العُقْم، وَهُوَ اسْتِعقْامُ الرَّحِم،
وَهُوَ أَن لَا تَحْمِلَ. وَقَدْ عَقُرَت المرأَة عَقَارةً
وعِقارةً وعَقَرت تَعْقِر عَقْراً وعُقْراً وعَقِرَت عَقاراً،
وَهِيَ عاقرٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَمِمَّا عدُّوه شَاذًّا مَا
ذَكَرُوهُ مِنْ فَعُل فَهُوَ فاعِلٌ، نَحْوُ عَقُرَت المرأَة
فَهِيَ عاقِرٌ، وشَعُر فَهُوَ شاعرٌ، وحَمُض فَهُوَ حامِضٌ،
وطَهُرَ فَهُوَ طاهِرٌ؛ قَالَ: وأَكثر ذَلِكَ وعامَّتُه إِنما هُوَ
لُغات تداخَلَت فَتَركَّبَت، قَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَن
تعتَقِد، وَهُوَ أَشَبهُ بحِكمةِ الْعَرَبِ. وَقَالَ مرَّة: لَيْسَ
عاقرٌ مِنْ عَقُرَت بِمَنْزِلَةِ حامِضٍ مِنْ حَمُض وَلَا خاثرٍ
مِنْ خَثُر وَلَا طاهِرٍ مِنْ طَهُر وَلَا شاعِرٍ مِنْ شَعُر لأَن
كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ هَذِهِ هُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ، وَهُوَ جارٍ
عَلَى فَعَل، فَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَمَّا يَجْرِي عَلَى فَعُل،
وَهُوَ فَعِيل، وَلَكِنَّهُ اسمٌ بِمَعْنَى النَّسَبِ بِمَنْزِلَةِ
امرأَة حائضٍ وطالِقٍ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَجَمْعُهَا عُقَّر؛
قَالَ:
وَلَوْ أَنَّ مَا فِي بَطْنِه بَيْنَ نِسْوَةٍ ... حَبِلْنَ،
وَلَوْ كَانَتْ قَواعِدَ عُقّرا
وَلَقَدْ عَقُرَت، بِضَمِّ الْقَافِ، أَشدَّ العُقْر وأَعْقَر
اللهُ رَحِمَها، فَهِيَ مُعْقَرة، وعَقُر الرجلُ مِثْلُ المرأَة
أَيضاً، وَرِجَالٌ عُقَّرٌ وَنِسَاءٌ عُقَّرٌ. وَقَالُوا: امرأَة
عُقَرة، مِثْلُ هُمَزة؛ وأَنشد:
سَقَى الكِلابيُّ العُقَيْليَّ العُقُرْ
والعُقُر: كُلُّ مَا شَرِبه «2» . الإِنسان فَلَمْ يُوَلَدْ لَهُ،
فَهُوَ عُقْرٌ لَهُ. وَيُقَالُ: عَقَر وعَقِر إِذا عَقُر فَلَمْ
يُحْمَل لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَزَوَّجُنَّ عاقِراً فإِني مُكاثِرٌ بِكُمُ
؛ العاقرُ: الَّتِي لَا تَحْمِلُ. وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ:
العُقْرُ اسْتِبْراءُ المرأَة لتُنْظَرَ أَبِكْرٌ أَم غَيْرُ
بِكْرٍ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُعْرَفُ. وَرَجُلٌ عاقرٌ وعَقِيرٌ:
لَا يُولَدُ لَهُ بَيْن العُقْر، بِالضَّمِّ، وَلَمْ نَسْمَعْ فِي
المرأَة عَقِيراً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي يأْتي
النِّسَاءَ فيُحاضِنُهنّ ويُلامِسهُنّ وَلَا يُوَلَدُ لَهُ.
وعُقْرةُ الْعِلْمِ: النِّسْيانُ: والعُقَرة: خَرَزَةٌ تشدُّها
المرأَة عَلَى حِقْوَيْها لِئَلَّا تَحْبَل. قَالَ الأَزهري:
وَلِنِسَاءِ الْعَرَبِ خرزةٌ يُقَالُ لَهَا العُقَرة يَزْعُمْن
أَنها إِذا عُلِّقَت على حِقْوِ [حَقْوِ] المرأَة لَمْ تَحْمِلْ
إِذا وُطِئت. قَالَ الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي العُقَرة
خرزةٌ تعلَّق عَلَى الْعَاقِرِ لتَلِدَ. وعَقُر الأَمرُ عُقْراً:
لَمْ يُنْتِجْ عاقِبةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَمْدَحُ بِلَالَ
بْنَ أَبي بُرْدَةَ:
أَبوكَ تَلافَى الناسَ والدِّينَ بعد ما ... تَشاءَوْا، وبَيْتُ
الدِّين مُنْقطِع الكَسْر
__________
(2) . قوله: [وَالْعُقُرُ كُلُّ مَا شَرِبَهُ إلخ] عبارة شارح
القاموس العقر، بضمتين، كل ما شربه إِنسان فلم يولد له، قال:
[سَقَى الْكِلَابِيُّ الْعُقَيْلِيَّ الْعُقُرْ] قال الصاغاني:
وقيل هو العقر بالتخفيف فثقله للقافية
(4/591)
فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ
... ورَدَّ حُروباً قَدْ لَقِحْن إِلى عُقْرِ
الضَّمِيرُ فِي شدَّ عَائِدٌ عَلَى جَدِّ الْمَمْدُوحِ وَهُوَ أَبو
مُوسَى الأَشعري. والتَّشائِي: التبايُنُ والتَّفَرُّق. والكَسْرُ؛
جَانِبُ الْبَيْتِ. والإِصَارُ: حَبْل قَصِيرٌ يُشَدُّ بِهِ أَسفلُ
الْخِبَاءِ إِلى الْوَتِدِ، وإِنما ضَرَبَهُ مَثَلًا. وأَذْرُح:
مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وردَّ حُروباً قَدْ لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ
أَي رَجَعْن إِلى السُّكُونِ. وَيُقَالُ: رَجَعَت الحربُ إِلى
عُقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. وعَقْرُ النَّوَى: صَرْفُها حَالًا بَعْدَ
حَالٍ. والعاقِرُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا لَا يُنْبِت، يُشَبَّه
بالمرأَة، وَقِيلَ: هِيَ الرَّمْلَةُ الَّتِي تُنْبِت جَنَبَتَاها
وَلَا يُنْبِت وَسَطُها؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، ... عِذَارَيْنِ عَنْ
جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها
وخَصَّ الأَلاء لأَنه مِنْ شَجَرِ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: الْعَاقِرُ
رَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا؛ قَالَ:
أَمَّا الفُؤادُ، فَلَا يَزالُ مُوكَّلًا ... بِهَوَى حَمامةَ، أَو
بِرَيّا العاقِر
حَمامَةُ: رَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَو أَكَمَة، وَقِيلَ: العاقِرُ
الْعَظِيمُ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: الْعَظِيمُ مِنَ الرَّمْلِ
لَا يُنْبِتُ شَيْئًا؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا
فإِنه فَسَّرَهُ فَقَالَ: العاقِرُ الَّتِي لَا مِثْلَ لَهَا.
والدَّمُوك هُنَا: البَكَرة الَّتِي يُسْتقى بِهَا عَلَى السانِية،
وعَقَرَه أَي جَرَحَه، فَهُوَ عَقِيرٌ وعَقْرَى، مثَّل جَرِيحٍ
وجَرْحَى والعَقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَقَرَه يَعْقِره عَقْراً
وعَقَّره. والعَقِيرُ: المَعْقورُ، وَالْجَمْعُ عَقْرَى، الذَّكَرُ
والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ. وعَقَر الفرسَ والبعيرَ بِالسَّيْفِ
عَقْراً: قَطَعَ قَوَائِمَهُ؛ وَفَرَسٌ عَقِيرٌ مَعْقورٌ، وَخَيْلٌ
عَقْرى؛ قَالَ:
بسِلَّى وسِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ ... كِرامٍ، وعَقْرَى مِنْ
كُمَيْتٍ وَمِنْ وَرْدِ
وناقةٌ عَقِيرٌ وَجَمَلٌ عَقِير. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، لَمَّا تَزَوَّجَتْ
رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَسَتْ
أَباها حُلَّةً وخَلَّقَتْه ونَحَرَتْ جَزُورًا، فَقَالَ: مَا
هَذَا الحَبِيرُ وَهَذَا العَبِيرُ وَهَذَا العَقِيرُ؟
أَي الْجَزُورُ الْمَنْحُورُ؛ قِيلَ: كَانُوا إِذا أَرادوا نَحْرَ
الْبَعِيرِ عَقَرُوه أَي قَطَعُوا إِحدى قَوَائِمِهِ ثُمَّ
نَحرُوه، يفْعل ذَلِكَ بِهِ كَيْلا يَشْرُد عِنْدَ النَّحْر؛ وَفِي
النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بحِمارٍ عَقِيرٍ
أَي أَصابَه عَقْرٌ وَلَمْ يَمُتْ بَعْدُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ
ابْنُ الأَثير. وعَقَرَ النَّاقَةَ يَعْقِرُها ويَعْقُرها عَقْراً
وعَقَّرَها إِذا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ حَتَّى تَسْقُطَ فَنَحَرَها
مُسْتمكناً مِنْهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعِيل مَصْرُوفٌ عَنْ
مَفْعُولٍ بِهِ فإِنه بِغَيْرِ هَاءٍ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ:
وَهُوَ الْكَلَامُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا يُقَالُ
بِالْهَاءِ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
ويومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطِيَّتي
فَمَعْنَاهُ نَحَرْتُهَا. وعاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه فِي عَقْر
الإِبل، كَمَا يُقَالُ كارَمَه وفاخَرَه. وتعاقَر الرجُلان: عَقَرا
إِبِلَهما يَتَباريَان بِذَلِكَ ليُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لَهَا؛
وَلَمَّا أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ قَوْلَهُ:
فَمَا كَانَ ذَنْبُ بنِي مَالِكٍ، ... بأَنْ سُبَّ مِنْهُمْ غُلامٌ
فَسَبْ
بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ ... يَقُطُّ العِظامَ ويَبْرِي
العَصَبْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يُرِيدُ مُعاقرةَ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَبي
(4/592)
الْفَرَزْدَقِ وسُحَيم بْنِ وَثِيل
الرِّيَاحِيِّ لَمَّا تَعاقَرَا بِصَوْأَر، فَعَقَرَ سُحَيْمٌ
خَمْسًا ثُمَّ بدَا لَهُ، وعَقَر غالبٌ أَبو الْفَرَزْدَقِ
مِائَةً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تأْكلوا مِنْ تَعاقُرِ الأَعراب فإِني لَا
آمَنُ أَن يَكُونَ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ عَقْرُهم الإِبل، كَانَ الرَّجُلَانِ
يَتَباريانِ فِي الْجُودِ وَالسَّخَاءِ فيَعْقِر هَذَا وَهَذَا
حَتَّى يُعَجِّزَ أَحدُهما الْآخَرَ، وَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ
رِيَاءً وسُمْعة وتفاخُراً وَلَا يَقْصِدُونَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ
تَعَالَى، فشبَّهه بِمَا ذُبح لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَا عَقْرَ فِي الإِسلام
: قَالَ ابْنُ الأَثير: كَانُوا يَعْقِرون الإِبل عَلَى قُبُورِ
المَوْتَى أَي يَنْحَرُونها وَيَقُولُونَ: إِن صاحبَ الْقَبْرِ
كَانَ يَعْقِر للأَضياف أَيام حَيَاتِهِ فنُكافِئُه بِمِثْلِ
صَنِيعه بَعْدَ وَفَاتِهِ. وأَصل العَقْرِ ضَرْبُ قَوَائِمِ
الْبَعِيرِ أَو الشَّاةِ بِالسَّيْفِ، وَهُوَ قَائِمٌ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
وَلَا تَعْقِرنّ شَاةً وَلَا بَعِيراً إِلَّا لِمَأْكَلة
، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مُثْلة وتعذيبٌ لِلْحَيَوَانِ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الأَكوع: وَمَا زِلْتُ أَرْمِيهم وأَعْقِرُ بِهِمْ
أَي أَقتُلُ مَرْكُوبَهُمْ؛ يُقَالُ: عَقَرْت بِهِ إِذا قَتَلْتَ
مَرْكُوبَهُ وَجَعَلْتَهُ رَاجِلًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَعَقَرَ حَنْظَلةُ الرَّاهِبُ بأَبي سُفْيَان بْنِ حَرْب
أَي عَرْقَبَ دَابّته ثُمَّ اتُّسِعَ فِي العَقْر حَتَّى
اسْتُعْمِلَ فِي القَتْل وَالْهَلَاكِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه قَالَ لمُسَيْلِمةَ الْكَذَّابِ: وإِن أَدْبَرْتَ
ليَعْقرَنَّك اللَّهُ
أَي ليُهْلِكَنّك، وَقِيلَ: أَصله مِنْ عَقْر النَّخْلِ، وَهُوَ
أَن تُقَطَّعَ رُؤُوسُهَا فتَيْبَس؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم زَرْعٍ: وعَقْرُ جارِتها
أَي هلاكُهَا مِنَ الْحَسَدِ وَالْغَيْظِ. وَقَوْلُهُمْ: عَقَرْتَ
بِي أَي أَطَلْت جَبْسِي كأَنك عَقَرْت بَعِيرِي فَلَا أَقدر عَلَى
السَّيْرِ، وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
قَدْ عَقَرَتْ بالقومِ أُمُّ خَزْرج
وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَن الشَّمْسَ والقَمَرَ ثَوْرانِ عَقِيران فِي النَّارِ
؛ قِيلَ لَمَّا وصَفَهما اللَّهُ تَعَالَى بالسِّبَاحة فِي
قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، ثُمَّ
أَخبر أَنه يَجْعَلُهُمَا فِي النَّارِ يُعَذِّب بِهِمَا أَهْلَها
بِحَيْثُ لَا يَبْرَحانِها صَارَا كأَنهما زَمِنان عَقِيران. قَالَ
ابْنُ الأَثير: حَكَى ذَلِكَ أَبو مُوسَى، وَهُوَ كَمَا تَرَاهُ.
ابْنُ بُزُرْجَ: يُقَالُ قَدْ كَانَتْ لِي حَاجَةٌ فعَقَرَني
عَنْهَا أَي حَبَسَنِي عَنْهَا وعاقَنِي. قَالَ الأَزهري: وعَقْرُ
النَّوَى مِنْهُ مأْخوذ، والعَقْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي
الْقَوَائِمِ. عَقَرَه إِذا قَطَعَ قائِمة مِنْ قَوَائِمِهِ. قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى فِي قضيَّة ثَمُودَ: فَتَعاطى فَعَقَرَ
؛ أَي تعاطَى الشقِيُّ عَقْرَ الناقةِ فَبَلَغَ مَا أَراد، قَالَ
الأَزهري: العَقْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ كَشْفُ عُرْقوب الْبَعِيرِ،
ثُمَّ يُجْعَل النَّحْرُ عَقْراً لأَن ناحِرَ الإِبل يَعْقِرُها
ثُمَّ يَنْحَرُهَا. والعَقِيرة: مَا عُقِرَ مِنْ صَيْدٍ أَو
غَيْرِهِ. وعَقِيرةُ الرَّجُلِ: صوتُه إِذا غَنّى أَو قَرَأَ أَو
بَكى، وَقِيلَ: أَصله أَن رَجُلًا عُقِرَت رجلُه فَوَضَعَ
العَقِيرةَ عَلَى الصَّحِيحَةِ وبكَى عَلَيْهَا بأَعْلى صَوْتِهِ،
فَقِيلَ: رَفَعَ عَقِيرَته، ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى صُيِّر
الصوتُ بالغِنَاء عَقِيرة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قِيلَ لكل مَن
رفع صوته عَقِيرة وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالْغِنَاءِ. قَالَ:
والعَقِيرة الساقُ الْمَقْطُوعَةُ. قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ فِيهِ
هُوَ رَجُلٌ أُصِيبَ عُضْوٌ مِنْ أَعضائه، وَلَهُ إِبل اعْتَادَتْ
حُداءَه، فَانْتَشَرَتْ عَلَيْهِ إِبلُه فَرَفَعَ صوتَه بالأَنِينِ
لِمَا أَصابه مِنَ العَقْرِ فِي بَدَنِهِ فتسمَّعت إِبلُه
فحَسِبْنه يَحْدو بِهَا فَاجْتَمَعَتْ إِليه، فَقِيلَ لِكُلِّ مِنْ
رَفْعِ صَوْتَهُ بِالْغِنَاءِ: قَدْ رَفَعَ عَقِيرته. والعَقِيرة:
مُنْتَهَى الصَّوْتِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ واسْتَعْقَرَ الذئبُ رَفَع
صوتَه بِالتَّطْرِيبِ فِي العُواء؛ عَنْهُ أَيضاً؛ وأَنشد:
فَلَمَّا عَوَى الذئبُ مُسْتَعْقِراً، ... أَنِسْنا بِهِ والدُّجى
أَسْدَفُ
(4/593)
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَطْلُبُ شَيْئًا
يَفْرِسُه وَهَؤُلَاءِ قومٌ لُصوصٌ أَمِنُوا الطَّلَبَ حِينَ عَوَى
الذِّئْبُ. والعَقِيرة: الرَّجُلُ الشَّرِيفُ يُقْتَل. وَفِي
بَعْضِ نُسَخِ الإِصلاح: مَا رأَيت كَالْيَوْمِ عَقِيرَةً وَسْطَ
قَوْمٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ مَا رأَيت كَالْيَوْمِ
عَقِيرةً وَسْطَ قَوْمٍ، لِلرَّجُلِ الشَّرِيفِ يُقْتَل،
وَيُقَالُ: عَقَرْت ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِذا أَدْبَرْته فانْعَقَر
واعْتَقَر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
عَقَرْتَ بَعِيري يَا إمْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
والمِعْقَرُ مِنَ الرِّحالِ: الَّذِي لَيْسَ بِواقٍ. قَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: لَا يُقَالُ مِعْقر إِلَّا لِمَا كَانَتْ تِلْكَ
عَادَتَهُ، فأَمّا مَا عَقَر مَرَّةً فَلَا يَكُونُ إِلَّا
عَاقِرًا؛ أَبو زَيْدٍ: سَرْجٌ عُقَرٌ؛ وأَنشد للبَعِيث:
أَلَدُّ إِذا لاقَيْتُ قَوْماً بِخُطَّةٍ، ... أَلَحَّ عَلَى
أَكتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ
وعَقَرَ القَتَبُ وَالرَّحْلُ ظَهْرَ النَّاقَةِ، والسرجُ ظهرَ
الدَّابَّةِ يَعْقِرُه عَقْراً: حَزَّه وأَدْبَرَه. واعْتَقَر
الظهرُ وانْعَقَرَ: دَبِرَ. وسرجٌ مِعْقار ومِعْقَر ومُعْقِرٌ
وعُقَرَةٌ وعُقَر وعاقورٌ: يَعْقِرُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ،
وَكَذَلِكَ الرَّحْلُ؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ مِعْقَر إِلَّا لِمَا
عَادَتْهُ أَن يَعْقِرَ. وَرَجُلٌ عُقَرة وعُقَر ومِعْقَر: يَعقِر
الإِبل مِنْ إِتْعابِه إِيّاها، وَلَا يُقَالُ عَقُور. وَكَلْبٌ
عَقُور، وَالْجَمْعُ عُقْر؛ وَقِيلَ: العَقُور لِلْحَيَوَانِ،
والعُقَرَة للمَواتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَمْسٌ مَن قَتَلَهُنّ، وَهُوَ حَرامٌ، فَلَا جُناح عَلَيْهِ.
العَقْرب والفأْرة والغُراب والحِدَأُ والكلبُ العَقُور
؛ قَالَ: هُوَ كُلُّ سَبْعٍ يَعْقِر أَي يَجْرَحُ وَيَقْتُلُ
وَيَفْتَرِسُ كالأَسد وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ والفَهْد وَمَا
أَشبهها، سَمَّاهَا كَلْبًا لِاشْتِرَاكِهَا فِي السَّبُعِيَّة؛
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِر،
وَلَمْ يُخَصَّ بِهِ الْكَلْبُ. والعَقُور مِنْ أَبنية
الْمُبَالَغَةِ وَلَا يُقَالُ عَقُور إِلَّا فِي ذِي الرُّوحِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِكُلِّ جارحٍ أَو عاقرٍ مِنَ
السِّبَاعِ كَلْبٌ عَقُور. وكَلأُ أَرضِ كَذَا عُقَارٌ وعُقَّارٌ:
يَعْقِر الْمَاشِيَةَ ويَقْتُلُها؛ وَمِنْهُ سمِّي الْخَمْرُ
عُقَاراً لأَنه يَعْقِرُ العَقْلَ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي.
وَيُقَالُ للمرأَة: عَقْرَى حَلْقى، مَعْنَاهُ عَقَرها اللَّهُ
وحَلَقها أَي حَلَقَ شَعَرها أَو أَصابَها بِوَجَعٍ فِي حَلْقِها،
فعَقْرى هَاهُنَا مَصْدَرٌ كدَعْوى فِي قَوْلِ بَشِير بْنِ
النِّكْث أَنشده سِيبَوَيْهِ:
وَلَّتْ ودَعْواها شديدٌ صَخَبُهْ
أَي دعاؤُها؛ وَعَلَى هَذَا قَالَ: صَخَبُه، فَذُكِّرَ، وَقِيلَ:
عَقْرى حَلْقى تَعْقِرُ قَوْمَهَا وتَحْلِقُهم بشُؤْمِها
وتستأْصلهم، وَقِيلَ: العَقْرى الْحَائِضُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قِيلَ لَهُ
يَوْمَ النَّفْر فِي صَفِيَّة إِنها حائضٌ فَقَالَ: عَقْرَى حَلقى
مَا أُراها إِلَّا حابِسَتَنا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ
عَقْرى
عَقَرَها اللهُ؛ وحَلْقى خَلَقَها اللهُ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ
عَقَرَهَا اللَّهُ يَعْنِي عَقَرَ جسدَها،
وحَلْقى
أَصابَها اللَّهُ تَعَالَى بوجعٍ فِي حَلْقِها؛ قَالَ: وأَصحاب
الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ
عَقْرى حَلْقى
، وإِنما هُوَ عَقْراً وحَلْقاً، بِالتَّنْوِينِ، لأَنهما
مَصْدَرَا عَقَرَ وحَلَقَ؛ قَالَ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ
الْعَرَبُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ إِرادة
لِوُقُوعِهِ. قَالَ شَمِرٌ: قُلْتُ لأَبي عُبَيْدٍ لِمَ لَا
تُجِيزُ عَقْرى؟ فَقَالَ: لأَنّ فَعْلى تَجِيءُ نَعْتًا وَلَمْ
تَجِئْ فِي الدُّعَاءِ. فَقُلْتُ: رَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ
الْعَرَبِ مُطَّيْرى، وعَقْرى أَخَفّ مِنْهُ، فَلَمْ يُنْكِرْه؛
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا ظاهرُه الدُّعَاءُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ
بِدُعَاءٍ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ فِي مَذْهَبِهِمْ مَعْرُوفٌ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: عَقَّرْته إِذا قُلْتَ لَهُ عَقْراً وَهُوَ
مِنْ بَابِ سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
هُمَا صِفتان للمرأَة الْمَشْؤُومَةِ أَي أَنها تَعْقِرُ
(4/594)
قومَها وتَحْلِقُهم أَي تستأْصِلُهم، مِنْ
شُؤْمِهَا عَلَيْهِمْ، ومحلُّها الرَّفْعُ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ
أَي هِيَ عَقْرى وحَلْقى، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَا مَصْدَرَيْنِ
عَلَى فَعْلى بِمَعْنَى العَقْر والحَلْق كالشَّكْوى للشَّكْوِ،
وَقِيلَ: الأَلف للتأْنيث مِثْلُهَا فِي غَضْبى وسَكْرى؛ وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ أُمُّك عَقْرى، وَلَمْ
يُفَسِّرْهُ، غَيْرَ أَنه ذَكَرَهُ مَعَ قَوْلِهِ أُمك ثاكِلٌ
وأُمُّك هابِلٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الدُّعَاءِ: جَدْعاً لَهُ
وعَقْراً، وَقَالَ: جَدَّعْتُه وعَقَّرْته قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ؛
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ العَواقِر
والنَّواقِر؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، قَالَ: والعواقِرُ مَا يَعْقِرُ،
والنَّواقِرُ السهامُ الَّتِي تُصيب. وعَقَرَ النَّخْلَةَ عَقْراً
وَهِيَ عَقِرةٌ: قُطِعَ رأْسها فَيَبِسَتْ. قَالَ الأَزهري:
وعَقْرُ النَّخْلة أَنْ يُكْشَطَ لِيفُها عَنْ قَلْبها وَيُؤْخَذَ
جَذَبُها فإِذا فُعِلَ ذَلِكَ بِهَا يَبِسَتْ وهَمَدت. قَالَ:
وَيُقَالُ عَقَر النَّخْلَةَ قَطَع رأْسَها كلَّه مَعَ الجُمّار،
فَهِيَ مَعْقورة وعَقِير، وَالِاسْمُ العَقَار. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بأَرضٍ تُسَمَّى عَقِرة فَسَمَّاهَا خضِرَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنه كرِه لَهَا اسْمَ العَقْر لأَن
العاقِرَ المرأَةُ الَّتِي لَا تَحْمِلُ، وَشَجَرَةٌ عَاقِرٌ لَا
تَحْمِلُ، فَسَمَّاهَا خَضِرة تَفَاؤُلًا بِهَا؛ وَيَجُوزُ أَن
يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ نَخْلَةٌ عَقِرةٌ إِذا قَطَعَ رأْسها
فَيَبِسَتْ. وَطَائِرٌ عَقِرٌ وعاقِرٌ إِذا أَصاب ريشَه آفةٌ
فَلَمْ يَنْبُتْ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ، ... رَفَعَ القَوادِمَ
كالعَقِير الأَعْزلِ
قَالَ: شبَّه النَّسْرَ، لَمَّا تَطَايَرَ ريشُه فَلَمْ يَطِرْ،
بِفَرَسٍ كُشِفَ عُرْقُوبَاهُ فَلَمْ يُحْضِرْ. والأَعْزَلُ
الْمَائِلُ الذَّنَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِيمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ: لَيْسَ عَلَى زانٍ عُقْرٌ
أَي مَهْر وَهُوَ للمُغْتَصَبةِ مِنَ الإِماء كمَهْرِ الْمِثْلِ
للحُرَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَعْطاهم عُقْرَها
؛ قَالَ: العُقْرُ، بِالضَّمِّ، مَا تُعْطاه المرأَة عَلَى وَطْءِ
الشُّبْهَةِ، وأَصله أَن وَاطِئَ البِكْر يَعْقِرها إِذا
اقْتَضَّها. فسُمِّيَ مَا تُعْطاه للعَقْرِ عُقْراً ثُمَّ صَارَ
عَامًّا لَهَا وَلِلثَّيِّبِ، وَجَمْعُهُ الأَعْقارُ. وَقَالَ
أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ: العُقْرُ الْمَهْرُ. وَقَالَ ابْنُ
الْمُظَفَّرِ: عُقْرُ المرأَة ديةُ فَرْجِهَا إِذَا غُصِبَت
فَرْجَها. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عُقْرُ المرأَة ثَوابٌ تُثابُه
المرأَةُ مِنْ نِكَاحِهَا، وَقِيلَ: هُوَ صَدَاقُ المرأَة، وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مَهْرُ المرأَة إِذا وُطِئت عَلَى شُبْهَةٍ
فَسَمَّاهُ مَهْراً. وبَيْضَةُ العُقْرِ: الَّتِي تُمْتحنُ بِهَا
المرأَةُ عِنْدَ الاقْتِضاض، وَقِيلَ: هِيَ أَول بَيْضَةٍ تبِيضُها
الدَّجَاجَةُ لأَنها تَعْقِرها، وَقِيلَ: هِيَ آخِرُ بَيْضَةٍ
تَبِيضُهَا إِذا هَرِمَت، وَقِيلَ: هِيَ بَيْضَةُ الدِّيك
يَبِيضُهَا فِي السَّنَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: يَبِيضُهَا
فِي عُمُرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلى الطُّول مَا هِيَ، سميِّت
بِذَلِكَ لأَن عُذْرةَ الْجَارِيَةِ تُخْتَبَرُ بِهَا. وَقَالَ
اللَّيْثُ: بَيْضةُ العُقْر بَيْضةُ الدِّيك تُنْسَبُ إِلى العُقْر
لأَن الْجَارِيَةَ الْعَذْرَاءَ يُبْلى ذَلِكَ مِنْهَا بِبَيْضة
الدِّيك، فَيُعْلَمُ شأْنها فتُضْرَبُ بيضةُ الدِّيكِ مَثَلًا
لِكُلِّ شَيْءٍ لَا يُسْتَطَاعُ مسُّه رَخاوةً وضَعْفاً، ويُضْرَب
بِذَلِكَ مَثَلًا لِلْعَطِيَّةِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي لَا
يَرُبُّها مُعْطِيها بِبِرّ يَتْلُوهَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي
الْبَخِيلِ يُعْطِي مَرَّةً ثُمَّ لَا يَعُودُ: كَانَتْ بيْضَة
الدِّيك، قَالَ: فإِن كَانَ يُعْطِي شَيْئًا ثُمَّ يَقْطَعُهُ
آخِرَ الدَّهْرِ قِيلَ لِلْمَرَّةِ الأَخيرة: كَانَتْ بَيْضةَ
العُقْر، وَقِيلَ: بَيْضَةُ العُقْر إِنما هُوَ كَقَوْلِهِمْ:
بَيْض الأَنُوق والأَبْلق العَقُوق، فَهُوَ مَثَلٌ لِمَا لَا
يَكُونُ. وَيُقَالُ لِلَّذِي لَا غَنَاء عِنْدَهُ: بَيْضَة
الْعُقْرِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ
بَيْضَة الْعُقْرِ، مَعْنَاهُ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا
ثَانِيَةَ لَهَا. وبَيْضةَ الْعُقْرِ، مَعْنَاهُ كَانَ ذَلِكَ
مَرَّةً وَاحِدَةً لَا ثَانِيَةَ لَهَا. وبَيْضة العُقْر:
الأَبْترُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. وعُقْرُ الْقَوْمِ وعَقْرُهم:
مَحَلّتُهم
(4/595)
بَيْنَ الدارِ والحوضِ. وعُقْرُ الْحَوْضِ
وعُقُره، مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا: مؤخَّرُه، وَقِيلَ: مَقامُ
الشَّارِبَةِ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني لبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهل اليَمَنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: عُقْرُ الْحَوْضِ، بِالضَّمِّ، مَوْضِعُ
الشَّارِبَةِ مِنْهُ، أَي أَطْرُدُهم لأَجل أَن يَرِدَ أَهلُ
الْيَمَنِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنما يُهْدَمُ الحَوْضُ مِنْ عُقْرِه
أَي إِنما يُؤْتَى الأَمرُ مِنْ وَجْهِهِ، وَالْجَمْعُ أَعقار،
قال:
يَلِدْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ كأَنَّها ... نِساءُ النَّصارى،
أَصْبَحَتْ وَهِيَ كُفَّلُ
ابْنُ الأَعرابي: مَفْرَغُ الدَّلْو مِنْ مُؤَخَّرِه عُقْرُه،
وَمِنْ مُقَدَّمِه إِزَاؤُهُ. والعَقِرةُ: الناقةُ الَّتِي لَا
تَشْرَبْ إِلَّا مِنَ العُقْرِ، والأَزِيَة: الَّتِي لَا تَشْرَبُ
إِلَّا مِنَ الإِزاءِ؛ وَوَصَفَ امْرُؤُ الْقَيْسِ صَائِدًا
حَاذِقًا بِالرَّمْيِ يُصِيبُ المَقاتل:
فَرماها فِي فَرائِصِها ... بإِزاءِ الحَوْضِ، أَو عُقُرِهْ
والفرائِصُ: جَمْعُ فَرِيصة، وَهِيَ اللُّحْمَةُ الَّتِي تُرْعَدُ
مِنَ الدَّابَّةِ عِنْدَ مَرْجِعِ الْكَتِفِ تَتَّصِلُ
بِالْفُؤَادِ. وإِزاءُ الْحَوْضِ: مُهَراقُ الدَّلْوِ ومصبُّها
مِنَ الْحَوْضِ. وناقةٌ عَقِرةٌ: تَشْرَبُ مِنْ عُقْرِ الْحَوْضِ.
وعُقْرُ الْبِئْرِ: حَيْثُ تَقَعُ أَيدي الْوَارِدَةِ إِذا
شَرِبَتْ، وَالْجَمْعُ أَعْقارٌ. وعُقْرُ النَّارِ وعُقُرها:
أَصلها الَّذِي تأَجَّجُ مِنْهُ، وَقِيلَ: مُعْظَمُهَا
وَمُجْتَمَعُهَا وَوَسَطُهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ
النِّصَالَ:
وبِيض كالسلاجِم مُرْهَفات، ... كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيج
الْكَافُ زَائِدَةٌ. أَراد بِيضَ سَلاجِم أَي طِوَالٌ. والعُقْر:
الْجَمْرُ. وَالْجَمْرَةُ: عُقْرة. وبَعِيجٌ بِمَعْنَى مَبْعُوجٍ
أَي بُعِج بِعُودٍ يُثارُ بِهِ فشُقَّ عُقْرُ النَّارِ وفُتِح؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ
وَقَالَ: قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ السُّيُوفَ، وَالْبَيْتُ
لِعَمْرِو ابن الدَّاخِلِ يَصِفُ سِهَامًا، وأَراد بالبِيضِ
سِهاماً، والمَعْنِيُّ بِهَا النصالُ. والظُّبَةُ: حدُّ النَّصْلِ.
وعُقْرُ كلِّ شَيْءٍ: أَصله. وعُقْرُ الدَّارِ: أَصلُها، وَقِيلَ:
وسطها، وهو مَحلّة للقوم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا غُزِيَ قومٌ فِي عُقرِ دَارِهِمْ إلَّا ذَلُّوا
؛ عقْر الدَّارِ؛ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: أَصلُها؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
عُقْرُ دارِ الإِسلام الشامُ
أَي أَصله وَمَوْضِعُهُ، كأَنه أَشار بِهِ إِلى وَقْتِ الفِتَن أَي
يَكُونُ الشأْم يومئذٍ آمِناً مِنْهَا وأَهلُ الإِسلام بِهِ
أَسْلَمُ. قَالَ الأَصمعي: عُقْرُ الدَّارِ أَصلُها فِي لُغَةِ
الْحِجَازِ، فأَما أَهل نَجْدٍ فَيَقُولُونَ عَقْر، وَمِنْهُ
قِيلَ: العَقَارُ وَهُوَ الْمَنْزِلُ والأَرض والضِّيَاع. قَالَ
الأَزهري: وَقَدْ خَلَطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ عُقْر الدَّارِ
وعُقْر الْحَوْضِ وَخَالَفَ فِيهِ الأَئمة، فَلِذَلِكَ أَضربت عَنْ
ذِكْرِ مَا قَالَهُ صَفْحًا. وَيُقَالُ: عُقِرَت رَكِيّتُهم إِذا
هُدِمت. وَقَالُوا: البُهْمَى عُقْرُ الكلإِ. وعُقَارُ الكلإِ أَي
خيارُ مَا يُرْعى مِنْ نَبَاتِ الأَرض ويُعْتَمَد عَلَيْهِ
بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ. وَهَذَا الْبَيْتُ عُقْرُ الْقَصِيدَةِ أَي
أَحسنُ أَبياتها. وَهَذِهِ الأَبيات عُقارُ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ
أَي خيارُها؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَنشدني أَبو مَحْضة
قَصِيدَةً وأَنشدني مِنْهَا أَبياتاً فَقَالَ: هَذِهِ الأَبيات
عُقَارُ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ أَي خِيارُها. وتَعَقَّرَ شحمُ
النَّاقَةِ إِذا اكْتَنَزَ كلُّ موضعٍ مِنْهَا شَحْماً. والعَقْرُ:
فَرْجُ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا
بَيْنَ قَوَائِمِ الْمَائِدَةِ. قَالَ الْخَلِيلُ: سَمِعْتُ
أَعرابيّاً مِنْ أَهل الصَّمّان يَقُولُ: كُلُّ فُرْجة تَكُونُ
بَيْنَ شَيْئَيْنِ
(4/596)
فَهِيَ عَقْرٌ وعُقْر، لُغَتَانِ، ووضَعَ
يَدَيْهِ عَلَى قَائِمَتَيِ الْمَائِدَةِ وَنَحْنُ نتغدَّى،
فَقَالَ: ما بنيهما عُقْر. والعَقْرُ والعَقارُ: الْمَنْزِلُ
والضَّيْعةُ؛ يُقَالُ: مَا لَهُ دارٌ وَلَا عَقارٌ، وَخَصَّ
بَعْضُهُمْ بالعَقار النخلَ. يُقَالُ لِلنَّخْلِ خَاصَّةً مِنْ
بَيْنِ الْمَالِ: عَقارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن بَاعَ دَارًا أَو عَقاراً
؛ قَالَ: العَقارُ، بِالْفَتْحِ، الضَّيْعة وَالنَّخْلُ والأَرض
وَنَحْوُ ذَلِكَ. والمُعْقِرُ: الرجلُ الْكَثِيرُ العَقار، وَقَدْ
أَعْقَر.
قَالَتْ أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عِنْدَ
خُرُوجِهَا إِلى الْبَصْرَةِ: سَكَّنَ اللَّهُ عُقَيْراكِ فَلَا
تُصْحِريها
أَي أَسكَنَكِ اللَّهُ بَيْتَك وعقَارَك وسَتَرَكِ فِيهِ فَلَا
تُبْرِزيه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ مصغَّر مُشْتَقٌّ مِنْ
عُقْرِ الدَّارِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَسمع بعُقَيْرى
إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كأَنها
تَصْغِيرُ العَقْرى عَلَى فَعْلى، مِنْ عَقِرَ إِذا بَقِيَ
مَكَانَهُ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يتأَخر فَزِعًا أَو أَسَفاً أَو
خَجِلًا، وأَصله مِنْ عَقَرْت بِهِ إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنك
عَقَرْت رَاحِلَتَهُ فَبَقِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى البَراحِ،
وأَرادت بِهَا نَفْسَهَا أَي سكِّني نفْسَك الَّتِي حقُّها أَن
تَلْزَمَ مَكَانَهَا وَلَا تَبْرُز إِلى الصَّحْرَاءِ، مِنْ
قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ
تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى. وعَقَار الْبَيْتِ: متاعُه
ونَضَدُه الَّذِي لَا يُبْتَذلُ إِلَّا فِي الأَعْيادِ
وَالْحُقُوقِ الْكِبَارِ؛ وَبَيْتٌ حَسَنُ الأَهَرةِ والظَّهَرةِ
والعَقارِ، وَقِيلَ: عَقارُ الْمَتَاعِ خيارُه وَهُوَ نَحْوُ
ذَلِكَ لأَنه لَا يُبْسَطُ فِي الأَعْيادِ والحُقوقِ الْكِبَارِ
إِلَّا خيارُه، وَقِيلَ: عَقارُه مَتَاعُهُ ونَضَدُه إِذا كَانَ
حَسَنًا كَبِيرًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَعَثَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ حِينَ أَسلم النَّاسُ ودَجا الإِسلام
فهجَمَ عَلَى بَنِي عَلِيِّ بْنِ جُنْدب بِذَاتِ الشُّقُوق،
فأَغارُوا عَلَيْهِمْ وأَخذوا أَموالهم حَتَّى أَحْضَرُوها
المدينةَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ، فَقَالَتْ وفُودُ بَنِي
العَنْبرِ: أُخِذْنا يَا رسولُ اللَّهِ، مُسْلِمين غَيْرَ
مُشْرِكِينَ حِينَ خَضْرَمْنا النَّعَمَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَيْهِمْ ذَرارِيَّهم
وعَقَار بُيوتهم
؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: رَدَّ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَرارِيَّهمْ لأَنه لَمْ يَرَ أَن يَسْبِيهَم
إِلَّا عَلَى أَمر صَحِيحٍ وَوَجَدَهُمْ مُقِرّين بالإِسلام،
وأَراد بعَقارِ بُيُوتِهِمْ أَراضِيَهم، وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَّطَ
مَنْ فَسَّرَ عَقارَ بُيُوتِهِمْ بأَراضيهم، وَقَالَ: أَراد
أَمْتِعةَ بُيُوتِهِمْ مِنَ الثِّيَابِ والأَدوات. وعَقارُ كُلِّ
شَيْءٍ: خِيَارُهُ. وَيُقَالُ: فِي الْبَيْتِ عَقارٌ حسنٌ أَي
مَتَاعٌ وأَداة. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ الْمَالِ العُقْرُ
، قَالَ: هُوَ بِالضَّمِّ، أَصل كُلِّ شَيْءٍ، وَبِالْفَتْحِ
أَيضاً، وَقِيلَ: أَراد أَصل مالٍ لَهُ نماءٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ
للبُهْمَى: عُقْرُ الدَّارِ أَي خيرُ مَا رَعَت الإِبل؛ وأَما
قَوْلُ طُفَيْلٍ يَصِفُ هَوَادِجَ الظَّعَائِنِ:
عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيرُ تَخْطِفُ زَهْوَه ... وعالَيْن أَعْلاقاً
عَلَى كُلِّ مُفْأَم
فإِنَّ الأَصمعي رَفَعَ الْعَيْنَ مِنْ قَوْلِهِ عُقار، وَقَالَ:
هُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ، وأَبو زَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي رَوياه
بِالْفَتْحِ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُيَيْنَةَ بْنِ
بَدْرٍ. وَفِي الصِّحَاحِ والعُقارُ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ أَحمر؛
قَالَ طُفَيْلٌ: عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيْرُ (وأَورد الْبَيْتَ) .
ابْنُ الأَعرابي: عُقارُ الكلإِ البُهْمى؛ كلُّ دَارٍ لَا يَكُونُ
فِيهَا بُهْمى فَلَا خَيْرَ فِي رَعْيِهَا إِلَّا أَن يَكُونَ
فِيهَا طَرِيفة، وَهِيَ النَّصِيّ والصِّلِّيان. وَقَالَ مَرَّةً:
العُقارُ جَمِيعُ الْيَبِيسِ. وَيُقَالُ: عُقِرَ كلأُ هَذِهِ
الأَرض إِذَا أُكِلَ. وَقَدْ أَعْقَرْتُكَ كلأَ موضعِ كَذَا
فاعْقِرْه أَي كُلْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَقطع حُصَيْنَ بْنَ مُشَمّت نَاحِيَةَ كَذَا وَاشْتَرَطَ
عَلَيْهِ أَن لَا
(4/597)
يَعْقِرَ مَرْعَاهَا
أَي لَا يَقْطعَ شَجَرَهَا. وعاقَرَ الشيءَ مُعاقرةً وعِقاراً:
لَزِمَه. والعُقَارُ: الْخَمْرُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عاقَرت
العَقل وعاقَرت الدَّنّ أَي لَزِمَتْه؛ يُقَالُ: عاقَرَه إِذا
لازَمَه وَدَاوَمَ عَلَيْهِ. وأَصله مِنْ عُقْر الْحَوْضِ.
والمُعاقَرةُ: الإِدمان. والمُعاقَرة: إِدْمانُ شُرْبِ الْخَمْرِ.
ومُعاقَرةُ الْخَمْرِ: إِدْمانُ شُرْبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعاقرُوا
أَي لَا تُدْمِنُوا شُرْبَ الْخَمْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَدْخُلُ الجنةَ مُعاقر خَمْرٍ
؛ هُوَ الَّذِي يُدْمِنُ شُرْبَهَا، قِيلَ: هُوَ مأْخوذ مِنْ عُقْر
الْحَوْضِ لأَن الْوَارِدَةَ تُلَازِمُهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ
عُقَاراً لأَن أَصحابها يُعاقِرُونها أَي يُلَازِمُونَهَا،
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَعْقِرُ شارِبَها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي
لَا تَلْبَثُ أَن تُسكر.، ابْنُ الأَنباري: فُلَانٌ يُعاقِرُ
النبيذَ أَي يُداوِمهُ، وأَصله مِنْ عُقْر الْحَوْضِ، وَهُوَ أَصله
وَالْمَوْضِعُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الشَّارِبَةُ، لأَن
شَارِبَهَا يُلَازِمُهَا مُلازمةَ الإِبل الواردةِ عُقْرَ
الْحَوْضِ حَتَّى تَرْوى. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: مُعاقَرةُ
الشَّرَابِ مُغالبَتُه؛ يَقُولُ: أَنا أَقوى عَلَى شُرْبِهِ،
فَيُغَالِبُهُ فَيَغْلِبُهُ، فَهَذِهِ المُعاقَرةُ. وعَقِرَ الرجلُ
عَقَراً: فجِئَه الرَّوْعُ فدَهشَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَن يَتَقَدَّمَ
أَو يتأَخر. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لمَّا مَاتَ قرأَ أَبو بَكْرٍ: رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، حِينَ صَعِدَ إِلى مِنْبره فَخَطَبَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ
وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ قَالَ: فعَقِرْت حَتَّى خَرَرتْ إِلى
الأَرض
؛ وَفِي الْمُحْكَمِ:
فعَقِرْت حَتَّى مَا أَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ
، وَفِي النِّهَايَةِ:
فَعقِرْت وأَنا قَائِمٌ حَتَّى وَقَعْتُ إِلَى الأَرض
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ عَقِر وبَعِل وَهُوَ مِثْلُ
الدَّهَشِ، وعَقِرْت أَي دَهِشْت. قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقَرُ،
بِفَتْحَتَيْنِ، أَن تُسْلِمَ الرجلَ قَوائِمُه إِلى الْخَوْفِ
فَلَا يَقْدِرُ أَن يَمْشِيَ مِنَ الفَرَق والدَّهَش، وَفِي
الصِّحَاحِ؛ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يُقَاتِلَ. وأَعْقَرَه غيرُه:
أَدْهَشَه. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: أَنه عَقِرَ فِي مَجْلِسِهِ حِينَ أُخْبِر أَن
مُحَمَّدًا قُتِل.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا رأَوا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَقَطَتْ أَذْقانُهم عَلَى صُدُورِهِمْ
وعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ.
وظَبْيٌ عَقِيرٌ: دَهِشٌ؛ وَرَوَى بَعْضُهُمْ بَيْتَ المُنَخَّل
الْيَشْكُرِيِّ:
فلَثَمتُها فتنَفَّسَت، ... كتنَفُّسِ الظَّبْيِ العَقِيرْ
والعَقْرُ والعُقْر: القَصْرُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ:
الْقَصْرُ الْمُتَهَدِّمُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: البنَاء
الْمُرْتَفِعُ. قَالَ الأَزهري: والعَقْرُ الْقَصْرُ الَّذِي
يَكُونُ مُعْتَمداً لأَهل الْقَرْيَةِ؛ قَالَ لَبِيدُ بْنُ
رَبِيعَةَ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
كعَقْر الهاجِرِيّ، إِذا ابْتَناه ... بأَشْباهٍ حُذِينَ عَلَى
مِثَالِ «3»
. وَقِيلَ: العَقْرُ الْقَصْرُ عَلَى أَي حَالٍ كَانَ. والعَقْرُ:
غيْمٌ فِي عَرْض السَّمَاءِ. والعَقْرُ: السَّحَابُ الأَبيض،
وَقِيلَ: كُلُّ أَبيض عَقْرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: العَقْر غَيْمٌ
ينشأُ مِنْ قِبَل الْعَيْنِ فيُغَشِّي عَيْنَ الشَّمْسِ وَمَا
حَوَالَيْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العَقْرُ غَيْمٌ ينشأَ فِي
عَرْضِ السَّمَاءِ ثُمَّ يَقْصِد عَلَى حِيَالِه مِنْ غَيْرِ أَن
تُبْصِرَه إِذا مَرَّ بِكَ وَلَكِنْ تَسْمَعَ رَعْدَهُ مِنْ
بَعِيدٍ؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
وإِذا احْزَأَلَّتْ فِي المُناخِ رأَيْتَها ... كالعَقْرِ،
أَفْرَدَها العَماءُ المُمْطِرُ
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العَقْرُ فِي هَذَا الْبَيْتِ القصرُ، أَفرده
الْعَمَاءُ فَلَمْ يُظلِّلْه وأَضاء لِعَينِ النَّاظِرِ لإِشراق
نُورِ
__________
(3) . قوله: [إِذا ابتناه كذا في الأَصل وياقوت. وفي الصحاح وشارح
القاموس إِذا بناه
(4/598)
الشَّمْسِ عَلَيْهِ مِنْ خَلَلِ
السَّحَابِ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العَقْر الْقِطْعَةُ مِنَ
الْغَمَامِ، ولكلٍّ مَقَالٌ لأَن قِطَعَ السَّحَابِ تشبَّه
بِالْقُصُورِ. والعَقِيرُ: البَرْق، عَنْ كُرَاعٍ. والعَقّار
والعِقّيرُ: مَا يُتَداوى بِهِ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ. قَالَ
الأَزهري: العَقاقِير الأَدْوية الَّتِي يُسْتَمْشى بِهَا. قَالَ
أَبو الْهَيْثَمِ: العَقّارُ والعَقاقِرُ كُلُّ نَبْتٍ يَنْبُتُ
مِمَّا فِيهِ شفاءٌ، قَالَ: وَلَا يُسمى شَيْءٌ مِنَ العَقاقِير
فُوهاً، يَعْنِي جميع أَفواه الطِّيبِ، إِلا مَا يُشَمُّ وَلَهُ
رَائِحَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَقاقِيرُ أُصول الأَدْوِية.
والعُقّارُ: عُشْبة تَرْتَفِعُ قَدَرَ نِصْفِ الْقَامَةِ وثمرُه
كَالْبَنَادِقِ وَهُوَ مُمِضٌّ البتَّة لَا يأْكله شَيْءٌ، حَتَّى
إِنك تَرَى الْكَلْبَ إِذا لابَسَه يَعْوي، وَيُسَمَّى عُقّار
ناعِمَةَ؛ وناعِمةُ: امرأَة طَبَخَتْهُ رَجَاءَ أَن يَذْهَبَ
الطَّبْخُ بِغائِلته فأَكلته فَقَتَلَهَا. والعَقْر وعَقاراء
والعَقاراء، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ؛ قَالَ حميد ابن ثَوْرٍ يَصِفُ
الْخَمْرَ:
رَكُودُ الحُمَيّا طَلّةٌ شابَ ماءَها، ... بِهَا مِنْ عَقاراءِ
الكُرومِ، ربِيبُ
أَراد مِنْ كُرومِ عَقاراء، فَقَدَّمَ وأَخّر؛ قَالَ شَمِرٌ:
وَيُرْوَى لَهَا مِنْ عُقارات الْخُمُورِ، قَالَ: والعُقارات
الْخُمُورُ. رَبيب: مَن يَرُبُّها فيَمْلِكُها. قَالَ: والعَقْر
مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرِ:
كَرِهْتُ العَقْرَ، عَقْرَ بَنِي شُلَيْلٍ، ... إِذا هَبَّتْ
لِقارِيها الرِّياح
والعُقُور، مِثْلُ السُّدُوس، والعُقَير والعَقْر أَيضاً:
مَوَاضِعُ؛ قَالَ:
ومِنَّا حَبِيبُ العَقْرِ حِينَ يَلُفُّهم، ... كَمَا لَفَّ
صِرْدانَ الصَّرِيمة أَخْطَبُ
قَالَ: والعُقَيْر قَرْيَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ بِحِذَاءِ
هَجَرَ. والعَقْر: مَوْضِعُ بِبَابِلَ قُتِلَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ
الْمُهَلَّبِ يَوْمَ العَقْر. والمُعاقَرةُ: المُنافرةُ والسِّبابُ
والهِجاء والمُلاعنة، وَبِهِ سمَّى أَبو عبيد كِتَابَ المُعاقرات.
ومُعَقِّر: اسْمُ شَاعِرٍ، وَهُوَ مُعَقِّر بْنُ حِمَارٍ
البارِقيِّ حَلِيفُ بَنِي نُمَيْرٍ. قَالَ: وَقَدْ سَمَّوْا
مُعَقِّراً وعَقّاراً وعُقْرانَ.
عقفر: العَنْقَفِير: الدَّاهِيَةُ مِنْ دَوَاهِي الزَّمَانِ؛
يُقَالُ: غُول عَنْقَفِير، وعَقْفَرَتُها دَهاؤها ونُكْرُها،
وَالْجَمْعُ العَقافير. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالعَنْقَفِير
والسِّلْتِمِ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَا سَوْداء عَنْقَفِير
؛ العَنْقَفِيرُ: الدَّاهِيَةُ. وعقْفَرَتْه الدَّوَاهِي
وعَقْفَرَت عَلَيْهِ حَتَّى تَعَقْفَر أَي صَرَعَتْه وأَهلكته.
وَقَدِ اعْقَنْفَرت عَلَيْهِ الدَّوَاهِي، تؤخَّرُ النُّونُ عَنْ
مَوْضِعِهَا فِي الْفِعْلِ لأَنها زَائِدَةٌ حَتَّى يَعْتَدِلَ
بِهَا تصريفُ الْفِعْلِ. وامرأَة عَنْقَفِيرٌ: سَلِيطة غالبة
بالشرّ.
عكر: عَكَر عَلَى الشَّيْءِ يَعْكِرُ عَكْراً واعتَكر: كَرَّ
وَانْصَرَفَ؛ وَرَجُلٌ عَكَّارٌ فِي الْحَرْبِ عَطَّافٌ كَرَّارٌ،
والعَكْرة الكَرّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنتم العَكّارُون لَا الْفَرَّارُونَ
أَي الكَرّارون إِلى الحَرْب وَالْعَطَّافُونَ نَحْوَهَا. قَالَ
ابْنُ الأَعرابي: العَكّار الَّذِي يُوَلِّي فِي الْحُرُوبِ ثُمَّ
يَكُرُّ رَاجِعًا. يُقَالُ: عَكَرَ واعْتَكَر بِمَعْنًى وَاحِدٍ،
وعَكَرْت عَلَيْهِ إِذا حَمَلْت، وعَكَرَ يَعْكِرُ عَكْراً: عطَفَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا فَجر بامرأَة عَكْوَرةً
أَي عَكَرَ عَلَيْهَا فتَسَنَّمها وغَلَبَها عَلَى نَفْسِهَا.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ يَوْمَ أُحُدٍ: فَعَكَرَ عَلَى إِحداهما فنزَعَها
فسَقَطَتْ ثَنيَّتُه ثُمَّ عكَرَ عَلَى
(4/599)
الأُخرى فَنَزَعَهَا فَسَقَطَتْ ثنيتُه
الأُخرى،
يَعْنِي الزِّرَدَتَيْن اللَّتَيْنِ نَشِبَتا فِي وَجْهَ رَسُولِ
اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعَكَرَ بِهِ
بَعِيرُه، مِثْلُ عَجَرَ بِهِ، إِذا عَطَفَ بِهِ عَلَى أَهله
وغلَبَه. وتعاكَرَ القومُ: اخْتَلَطُوا. واعْتَكَروا فِي
الْحَرْبِ: اخْتَلَطُوا. واعْتَكَرَ العَسْكَرُ: رَجَعَ بَعْضُهُ
عَلَى بَعْضٍ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى عَدِّه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا أَرادُوا أَن يَعُدّوه اعْتَكَرْ
واعْتَكَرَ اللَّيْلُ: اشْتَدَّ سَوَادُهُ وَاخْتَلَطَ
وَالْتَبَسَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وأَعْسِف الليلَ إِذا اللَّيْلُ اعْتَكَرْ
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: عَادَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْث
أَبا العُرْيان الأَسدي فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فأَنشده:
تَقارُبُ المَشْي وسُوءٌ فِي البَصْر، ... وكَثْرةُ النِّسْيان
فِيمَا يُدَّكَرْ
وقلّةُ النَّوْمِ، إِذا اللّيلُ اعْتَكَرْ، ... وتَرْكِيَ
الحَسْناءَ فِي قُبْل الطُّهَرْ
واعْتَكَر الظلامُ: اخْتَلَطَ كأَنه كَرَّ بعضُه عَلَى بَعْضٍ مِنْ
بُطْء انجلائه. وفي حديث
الحرث بْنِ الصِّمّة: وَعَلَيْهِ عَكَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
أَي جَمَاعَةٌ، وأَصله مِنَ الاعْتِكار وَهُوَ الِازْدِحَامُ
وَالْكَثْرَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عمرو ابن مُرّة: عِنْدَ اعْتِكارِ الضَّرَائِرِ
أَي اختلاطِها؛ والضرائرُ: الأُمورُ الْمُخْتَلِفَةُ، أَي عِنْدَ
اخْتِلَاطِ الأُمور، وَيُرْوَى: عِنْدَ اعْتِكَالِ الضَّرَائِرِ،
وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. واعْتَكَر الْمَطَرُ: اشْتَدَّ
وكَثُر. واعْتَكَرت الريحُ: جَاءَتْ بِالْغُبَارِ. واعْتَكر
الشَّبابُ: دَامَ وَثَبَتَ حَتَّى يَنْتَهِيَ مُنْتَهَاهُ،
واسْبَكَرَّ الشَّبابُ إِذا مَضَى عَنْ وَجْهِهِ وطالَ. وطعامٌ
مُعْتَكِرٌ أَي كَثِيرٌ. وتعاكَرَ القومُ: تَشاجَرُوا فِي
الْخُصُومَةِ. والعَكَرُ: دُرْدِيُّ كُلِّ شَيْءٍ. وعَكَرُ الشرابِ
وَالْمَاءِ وَالدُّهْنِ: آخرُه وخائرُه، وَقَدْ عَكِرَ، وشرابٌ
عَكِرٌ. وعَكِرَ الماءُ والنبيذُ عَكَراً إِذا كَدِرَ. وعَكَّرَه
وأَعْكَرَه: جَعَلَهُ عَكِراً. وعَكَّرَه وأَعْكَرَه: جَعَلَ فِيهِ
العَكَر. ابْنُ الأَعرابي: العَكَرُ الصَّدَأُ عَلَى السَّيْفِ
وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد لِلْمُفَضَّلِ:
فصِرْت كالسَّيْفِ لَا فِرِنْدَ لَهُ، ... وَقَدْ عَلاه الخَبَاطُ
والعَكَرُ
الخَباطُ: الغُبار. ونَسَق بالعَكَرِ، عَلَى الْهَاءِ «1» ، فكأَنه
قَالَ: وَقَدْ عَلَاهُ يَعْنِي السيفَ، وعَكّره الغبارُ. قَالَ:
وَمَنْ جَعَلَ الْهَاءَ للخَباط فَقَدْ لَحَنَ لأَن الْعَرَبَ لَا
تُقَدِّمُ الْمُكَنَّى عَلَى الظَّاهِرِ، وَقَدْ عَكِرت
المِسْرَجةُ، بِالْكَسْرِ، تَعْكَرُ عَكَراً إِذا اجْتَمَعَ فِيهَا
الدُّرْدِيُّ. والعَكَرةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ:
العَكَرة السِّتُّونَ مِنْهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَكَرةُ
مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلى الْمِائَةِ. وَقَالَ الأَصمعي:
العَكَرةُ الْخَمْسُونَ إِلى السِّتِّينَ إِلى السَبْعِينَ،
وَقِيلَ: العَكَرة الكثيرُ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: العَكَرُ مَا
فَوْقَ خَمْسِمِائَةٍ مِنَ الإِبل، والعَكرُ جَمْعُ عَكَرة، وَهِيَ
الْقَطِيعُ الضَّخْمُ مِنَ الإِبل. يُقَالُ: أَعْكَرَ الرّجلُ إِذا
كَانَتْ عِنْدَهُ عَكَرةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِرَجُلٍ لَهُ عَكَرةٌ فَلَمْ يَذْبَحْ لَهُ شَيْئًا
؛ العَكَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلى
السَبْعِينَ إِلى الْمِائَةِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
لَمّا رَأَى نَعْمان حلَّ بِكِرْفِئٍ ... عَكِرٍ، كَمَا لَبَجَ
النُّزولَ الأَرْكُبُ
جَعَلَ لِلسَّحَابِ عَكَراً كَعَكَرِ الإِبل، وإِنما عَنَى بذلك
__________
(1) . قوله: [وَنَسَقٌ بِالْعَكَرِ عَلَى الْهَاءِ إلخ] هكذا في
الأَصل، وظاهر أنه معطوف على الخباط
(4/600)
قِطَع السَّحَابِ وقَلَعَه، والقطعةُ
عَكَرة وعَكْرة. وَرَجُلٌ مُعْكِرٌ: عِنْدَهُ عَكَرة. والعَكَرةُ:
أَصل اللِّسَانِ كالعَكَدة، وَجَمْعُهَا عَكَرٌ. والعِكْر،
بِالْكَسْرِ: الأَصل مِثْلُ العِتْر، وَرَجَعَ فلانٌ إِلى عِكْرِه؛
قَالَ الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمعَدٍّ عِكْرُها، ... دَلَجُ الليلِ وتَأْخاذُ
المِنَحْ
وَيُقَالُ: بَاعَ فُلَانٌ عِكْرة أَرضِه أَي أَصلَها، وَفِي
الصِّحَاحِ: بَاعَ فُلَانٌ عِكْرَه أَي أَصلَ أَرضه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ،
تَناهَى أَهلُ الضَّلَالَةِ قَلِيلًا ثُمَّ عَادُوا إِلى عِكْرِهم
عِكْرِ السَّوْءِ
أَي أَصل مَذْهَبِهِمُ الرَّدِيءِ وأَعمالهم السُّوءِ. وَمِنْهُ
الْمَثَلُ: عَادَتْ لِعِكْرِها لَمِيس؛ وَقِيلَ: العِكْر العادةُ
والدَّيْدَنُ؛ وَرُوِيَ عَكَرهم، بِفَتْحَتَيْنِ، ذَهَابًا إِلى
الدَّنَسِ والدَّرِن، مِنْ عَكَر الزَّيْتِ، والأَول الْوَجْهُ.
والعَكَرْكَرُ: اللَّبَنُ الْغَلِيظُ؛ وأَنشد:
فَجَعَّهم باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ، ... غَضّ لَئِيم المُنْتَمى
والعُنْصُرِ
وعاكِرٌ وعُكَيرٌ ومِعْكَر وعَكَّار: أَسماء.
عكبر: العِكْبِرُ: شَيْءٌ تَجِيءُ بِهِ النَّحْل عَلَى أَفخاذها
وأَعضادها فَتَجْعَلُهُ فِي الشَّهْدِ مَكَانَ الْعَسَلِ.
والعَكابرُ: الذُّكُورُ من اليرابيع.
عمر: العَمْر والعُمُر والعُمْر: الْحَيَاةُ. يُقَالُ قَدْ طَالَ
عَمْرُه وعُمْرُه، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، فإِذا أَقسموا
فَقَالُوا: لَعَمْرُك فَتَحُوا لَا غَيْرُ، وَالْجَمْعُ أَعْمار.
وسُمِّي الرَّجُلُ عَمْراً تَفَاؤُلًا أَن يَبْقَى. وَالْعَرَبُ
تَقُولُ فِي القسَم: لَعَمْرِي ولَعَمْرُك، يَرْفَعُونَهُ
بِالِابْتِدَاءِ وَيُضْمِرُونَ الْخَبَرَ كأَنه قَالَ: لَعَمْرُك
قَسَمِي أَو يَمِينِي أَو مَا أَحْلِفُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي:
وَمِمَّا يُجِيزُهُ الْقِيَاسُ غَيْرَ أَن لَمْ يَرِدْ بِهِ
الِاسْتِعْمَالُ خَبَرُ العَمْر مِنْ قَوْلِهِمْ: لَعَمْرُك
لأَقومنّ، فَهَذَا مبتدأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ، وأَصله لَوْ أُظهر
خَبَرُهُ: لَعَمْرُك مَا أُقْسِمُ بِهِ، فَصَارَ طولُ الْكَلَامِ
بِجَوَابِ الْقَسَمِ عِوَضاً مِنَ الْخَبَرِ؛ وَقِيلَ: العَمْرُ
هَاهُنَا الدِّينُ؛ وأَيّاً كَانَ فإِنه لَا يُسْتَعْمَلُ فِي
القسَم إِلا مَفْتُوحًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
؛ لَمْ يقرأْ إِلا بِالْفَتْحِ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ أَبو خِرَاشٍ فِي
الطَّيْرِ فَقَالَ:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيْرِ المُرِنّة عُذْرةً ... عَلَى خالدٍ،
لَقَدْ وَقَعْتَ عَلَى لَحْمِ «1»
. أَي لَحْمِ شَرِيفٍ كَرِيمٍ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَعَمْرُكَ
أَي لَحَيَاتُكَ. قَالَ: وَمَا حَلَفَ اللَّهُ بِحَيَاةِ أَحد إِلا
بِحَيَاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: النَّحْوِيُّونَ يُنْكِرُونَ هَذَا
وَيَقُولُونَ مَعْنَى لعَمْرُك لَدِينُك الَّذِي تَعْمُر وأَنشد
لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيْلًا، ... عَمْرَكَ اللهَ
كَيْفَ يَجْتَمِعان؟
قَالَ: عَمْرَك اللهَ عِبَادَتَكَ اللهَ، فَنَصَبَ؛ وأَنشد:
عَمْرَكِ اللهَ سَاعَةً، حَدِّثِينا، ... وذَرِينا مِن قَوْلِ مَن
يُؤْذِينا
فأَوْقَع الفعلَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ عَمْرَك
اللَّهَ. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ: لَعَمْرُك إِنهم وعَيْشِك
وإِنما يُرِيدُ العُمْرَ. وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: أَضْمَر لَهُ
مَا رَفَعَه لَعَمْرُك المحلوفُ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ
الأَيْمان يَرْفعها جَوَابَاتُهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَى
لَعَمْرُ اللَّهِ وعَمْر اللَّهِ أَحْلِفُ بِبَقَاءِ اللَّهِ
ودوامِه؛ قَالَ: وإِذا
__________
(1) . قوله: [عذرة] هكذا في الأَصل
(4/601)
قُلْتَ عَمْرَك اللهَ فكأَنك قُلْتَ
بِتَعْمِيرِك اللَّهَ أَي بإِقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ؛ وَقَوْلُ
عُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
عَمْرَك اللهَ كَيْفَ يَجْتَمِعَانِ
يُرِيدُ: سأَلتُ اللَّهَ أَن يُطيل عُمْرَك لأَنه لَمْ يُرِد
الْقَسَمَ بِذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: وَتَدْخُلُ اللَّامُ فِي
لَعَمْرُك فإِذا أَدخلتها رَفَعْت بِهَا بِالِابْتِدَاءِ فَقُلْتَ:
لَعَمْرك ولَعَمْرُ أَبيك، فإِذا قُلْتَ لَعَمْرُ أَبيك الخَيْرَ،
نَصَبْتَ الْخَيْرَ وَخَفَضْتَ، فَمَنْ نَصَبَ أَراد أَن أَباك
عَمَرَ الخيرَ يَعْمُرُه عَمْراً وعِمارةً، فَنَصَبَ الْخَيْرَ
بِوُقُوعِ العَمْر عَلَيْهِ؛ ومَن خَفَضَ الْخَيْرَ جَعَلَهُ
نَعْتًا لأَبيك، وعَمْرَك اللهَ مِثْلُ نَشَدْتُك اللهَ. قَالَ
أَبو عُبَيْدٍ: سأَلت الْفَرَّاءَ لمَ ارْتَفَعَ لَعَمْرُك؟
فَقَالَ: عَلَى إِضمار قَسَمٍ ثَانٍ كأَنه قَالَ وعَمْرِك
فلَعَمْرُك عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ لَحياتُك مِثْلُهُ، قَالَ:
وصِدْقُه الأَمرُ، وَقَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ
لَيَجْمَعَنَّكُمْ، كأَنه أَراد: وَاللَّهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ،
فأَضمر الْقَسَمَ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ عَمْرَك
اللهَ: إِن شِئْتَ جَعَلْتَ نصْبَه بفعلٍ أَضمرتَه، وإِن شِئْتَ
نَصَبْتَهُ بِوَاوٍ حَذَفْتَهُ وعَمْرِك «1» . اللَّهَ، وإِن
شِئْتَ كَانَ عَلَى قَوْلِكَ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً
ونَشَدْتُك اللَّهَ نَشِيداً ثُمَّ وضعتَ عَمْرَك فِي مَوْضِعِ
التَّعْمِير؛ وأَنشد فِيهِ:
عَمَّرْتُكِ اللهَ أَلا مَا ذَكَرْتِ لَنَا، ... هَلْ كُنْتِ
جارتَنا، أَيام ذِي سَلَمِ؟
يُرِيدُ: ذَكَّرْتُكِ اللهَ؛ قَالَ: وَفِي لُغَةٍ لَهُمْ
رَعَمْلُك، يُرِيدُونَ لَعَمْرُك. قَالَ: وَتَقُولُ إِنّك عَمْرِي
لَظَرِيفٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لَعَمْرُك ولَعَمْرُ أَبيك
ولَعَمْرُ اللَّهِ، مَرْفُوعَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اشْتَرَى مِنْ أَعرابي حِمْلَ خَبَطٍ فَلَمَّا وَجَبَ
الْبَيْعُ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ، فَقَالَ لَهُ الأَعرابيّ: عَمْرَكَ
اللهَ بَيْعاً
أَي أَسأَلُ اللَّهَ تَعْمِيرَك وأَن يُطيل عُمْرك، وبَيِّعاً
مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ أَي عَمَّرَك اللهُ مِن بَيِّعٍ.
وَفِي حَدِيثِ
لَقِيط: لَعَمْرُ إِلَهِك
؛ هُوَ قسَم بِبَقَاءِ اللَّهِ ودوامِه. وَقَالُوا: عَمْرَك اللهَ
افْعَلْ كَذَا وأَلا فَعَلْتَ كَذَا وأَلا مَا فَعَلْتَ عَلَى
الزِّيَادَةِ، بِالنَّصْبِ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ
مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ
المتروكِ إِظهارُه؛ وأَصله مِنْ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً
فَحُذِفَتْ زِيَادَتُهُ فَجَاءَ عَلَى الْفِعْلِ. وأُعَمِّرُك
اللهَ أَن تَفْعَلَ كَذَا: كأَنك تُحَلِّفه بِاللَّهِ وتسأَله
بِطُولِ عُمْرِه؛ قَالَ:
عَمَّرْتُكَ اللهَ الجَلِيلَ، فإِنّني ... أَلْوِي عليك، لَوَ أنّ
لُبَّكَ يَهْتَدِي
الْكِسَائِيُّ: عَمْرَك اللهَ لَا أَفعل ذَلِكَ، نُصِبَ عَلَى
مَعْنَى عَمَرْتُك اللهَ أَي سأَلت اللَّهَ أَن يُعَمِّرَك، كأَنه
قَالَ: عَمَّرْتُ اللَّهَ إِيَّاك. قَالَ: وَيُقَالُ إِنه يَمِينٌ
بِغَيْرِ وَاوٍ وَقَدْ يَكُونُ عَمْرَ اللهِ، وَهُوَ قَبِيحٌ.
وعَمِرَ الرجلُ يَعْمَرُ عَمَراً وعَمارةً وعَمْراً وعَمَر
يَعْمُرُ ويَعْمِر؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، كِلَاهُمَا: عاشَ
وَبَقِيَ زَمَانًا طَوِيلًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وعَمَرْتُ حَرْساً قَبْلَ مَجْرَى داحِسٍ، ... لَوْ كَانَ
لِلنَّفْسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
وأَنشد مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ كَلِمَةَ جَرِيرٍ:
لَئِنْ عَمِرَتْ تَيْمٌ زَماناً بِغِرّةٍ، ... لَقَدْ حُدِيَتْ
تَيْمٌ حُداءً عَصَبْصَبا
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَطال اللَّهُ عَمْرَك وعُمْرَك، وإِن كَانَا
مَصْدَرَيْنِ بِمَعْنًى إِلا أَنه اسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ
أَحدُهما وَهُوَ الْمَفْتُوحُ. وعَمَّرَه اللهُ وعَمَرَه: أَبقاه.
وعَمَّرَ نَفْسَه: قدَّر
__________
(1) . قوله: بواو حذفته [وعمرك إِلخ] هكذا في الأَصل
(4/602)
لَهَا قدْراً مَحْدُودًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ
عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ
؛ فُسِّرَ عَلَى وَجْهَيْنِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا يُطَوَّلُ مِن
عُمُرِ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُرِه، يُرِيدُ الْآخَرَ
غَيْرَ الأَول ثُمَّ كَنَّى بِالْهَاءِ كأَنه الأَول؛ وَمِثْلُهُ
فِي الْكَلَامِ: عِنْدِي دِرْهَمٌ ونصفُه؛ الْمَعْنَى وَنِصْفٌ
آخَرُ، فَجَازَ أَن تَقُولَ نَصِفُهُ لأَن لَفْظَ الثَّانِي قَدْ
يَظْهَرُ كَلَفْظِ الأَول فكُنِيَ عَنْهُ كَكِنَايَةِ الأَول؛
قَالَ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ: مَا يُعَمَّر مِن مُعَمَّرٍ وَلَا
يُنْقَص مِن عُمُرِه، يَقُولُ: إِذا أَتى عَلَيْهِ الليلُ،
وَالنَّهَارُ نَقْصًا مِنْ عُمُرِه، وَالْهَاءُ فِي هَذَا
الْمَعْنَى للأَول لَا لِغَيْرِهِ لأَن الْمَعْنَى مَا يُطَوَّل
وَلَا يُذْهَب مِنْهُ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ مُحْصًى فِي كِتَابٍ،
وكلٌّ حَسَنٌ، وكأَن الأَول أَشبه بِالصَّوَابِ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالثَّانِي قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
والعُمْرَى: مَا تَجْعَلُهُ لِلرَّجُلِ طولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُمْرَى أَن يَدْفَعَ الرَّجُلُ إِلى أَخيه
دَارًا فَيَقُولُ: هَذِهِ لَكَ عُمُرَك أَو عُمُرِي، أَيُّنا مَاتَ
دُفِعَت الدَّارُ إِلى أَهله، وَكَذَلِكَ كَانَ فعلُهم فِي
الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَدْ عَمَرْتُه أَياه وأَعْمَرْته: جعلتُه لَهُ
عُمُرَه أَو عُمُرِي؛ والعُمْرَى المصدرُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ
كالرُّجْعَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعْمِرُوا وَلَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أُعْمِرَ دَارًا أَو
أُرْقِبَها فَهِيَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ
، وَهِيَ العُمْرَى والرُّقْبَى. يُقَالُ: أَعْمَرْتُه الدَّارَ
عمْرَى أَي جَعَلْتُهَا لَهُ يَسْكُنُهَا مُدَّةَ عُمره فإِذا
مَاتَ عَادَتْ إِليَّ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فأَبطل ذَلِكَ، وأَعلمهم أَن مَنْ أُعْمِرَ
شَيْئًا أَو أُرْقِبَه فِي حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِن
بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الرِّوَايَاتُ
عَلَى ذَلِكَ والفقهاءُ فِيهَا مُخْتَلِفُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ
يَعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَجْعَلُهَا تَمْلِيكًا،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا كَالْعَارِيَةِ ويتأَول الْحَدِيثَ.
قَالَ الأَزهري: والرُّقْبى أَن يَقُولَ الَّذِي أُرْقِبَها: إِن
مُتَّ قَبْلِي رجعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ.
وأَصل العُمْرَى مأَخوذ مِنَ العُمْر وأَصل الرُّقْبَى مِنَ
المُراقبة، فأَبطل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
هَذِهِ الشُّرُوطَ وأَمْضَى الْهِبَةَ؛ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ
أَصل لِكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَة فَشَرَطَ فِيهَا شرطاً بعد ما
قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَن الْهِبَةَ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطَ
بَاطِلٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَعْمَرْتُه دَارًا أَو أَرضاً أَو
إِبِلًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا البِرّ إِلَّا مُضْمَراتٌ مِنَ التُقَى، ... وَمَا المالُ
إِلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ
وَمَا المالُ والأَهْلُون إِلا وَدائِعٌ، ... وَلَا بُدَّ يَوْمًا
أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
أَي مَا البِرُّ إِلا مَا تُضْمره وَتُخْفِيهِ فِي صَدْرِكَ.
وَيُقَالُ: لَكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ عُمْرَى حَتَّى تَمُوتَ.
وعُمْرِيُّ الشجرِ: قديمُه، نُسِبَ إِلى العُمْر، وَقِيلَ: هُوَ
العُبْرِيّ مِنَ السِّدْرِ، وَالْمِيمُ بَدَلٌ. الأَصمعي:
العُمْرِيّ والعُبْرِيّ مِنَ السِّدْر الْقَدِيمِ، عَلَى نَهْرٍ
كَانَ أَو غَيْرِهِ، قَالَ: والضّالُ الحديثُ مِنْهُ؛ وأَنشد
قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفت العَواطِي، ... ضُروبَ السِّدْر
عُبْرِيّاً وَضَالَا «2»
. وَقَالَ: الظِّبَاءُ لَا تَكْنِس بِالسِّدْرِ النَّابِتِ عَلَى
الأَنهار. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلمة ومُحارَبتِه مَرْحَباً قَالَ الرَّاوِي «3»
لِحَدِيثِهِمَا. مَا رأَيت حَرْباً بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَطُّ
قَبْلَهُمَا مثلَهما، قَامَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ
عِنْدَ شَجَرَةٍ عُمْرِيَّة، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
يلوذ بها من
__________
(2) . قوله: [إِذا تجوفت] كذا بالأَصل هنا بالجيم، وتقدم لنا في
مادة عبر بالخاء وهو بالخاء في هامش النهاية وشارح القاموس
(3) . قوله: [قال الراوي] بهامش الأَصل ما نصه قلت راوي هذا الحديث
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنصاري كما قاله الصاغاني كتبه
محمد مرتضى
(4/603)
صَاحِبِهِ، فإِذا اسْتَتَرَ مِنْهَا
بِشَيْءٍ خَذَم صاحبُه مَا يَلِيه حَتَّى يَخْلُصَ إِليه، فَمَا
زَالَا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهَا غُصْن
وأَفضى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّجَرَةُ العُمْريَّة هِيَ الْعَظِيمَةُ
الْقَدِيمَةُ الَّتِي أَتى عَلَيْهَا عُمْرٌ طَوِيلٌ. يُقَالُ
لِلسِّدْرِ الْعَظِيمِ النَّابِتِ عَلَى الأَنهار: عُمْرِيّ
وعُبْرِيّ عَلَى التَّعَاقُبِ. وَيُقَالُ: عَمَر اللهُ بِكَ
منزِلَك يَعْمُره عِمارة وأَعْمَره جعلَه آهِلًا. وَمَكَانٌ
عامِرٌ: ذُو عِمَارةٍ. وَمَكَانٌ عَمِيرٌ: عامِرٌ. قَالَ الأَزهري:
وَلَا يُقَالُ أَعْمَر الرجلُ منزلَه بالأَلف. وأَعْمَرْتُ
الأَرضَ: وَجَدْتُهَا عَامِرَةً. وثوبٌ عَمِيرٌ أَي صَفِيق.
وعَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فَهُوَ عامِرٌ أَي مَعْمورٌ،
مِثْلُ دافقٍ أَي مَدْفُوقٌ، وَعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ أَي مَرْضِيّة.
وعَمَر الرجلُ مالَه وبيتَه يَعْمُره عِمارةً وعُموراً وعُمْراناً:
لَزِمَه؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لأَبي نُخَيْلَةَ فِي صِفَةِ
نَخْلٍ:
أَدامَ لَهَا العَصْرَيْنِ رَيّاً، وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَا ضَنَّ
عَنْ عُمْرانِها بِالدَّرَاهِمِ
وَيُقَالُ: عَمِرَ فُلَانٌ يَعْمَر إِذا كَبِرَ. وَيُقَالُ
لِسَاكِنِ الدَّارِ: عامِرٌ، وَالْجَمْعُ عُمّار. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ بِإِزَاءِ
الْكَعْبَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلف مَلَكٍ
يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يَعُودُونَ إِليه. والمَعْمورُ:
المخدومُ. وعَمَرْت رَبِّي وحَجَجْته أَي خَدَمْتُهُ. وعَمَر
المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ وعَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عَنْ
سِيبَوَيْهِ، وأَعْمَره المكانَ واسْتَعْمَره فِيهِ: جَعَلَهُ
يَعْمُره. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ
الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها
؛ أَي أَذِن لَكُمْ فِي عِمارتها واستخراجِ قومِكم مِنْهَا
وجعَلَكم عُمَّارَها. والمَعْمَرُ: المَنْزِلُ الْوَاسِعُ مِنْ
جِهَةِ الْمَاءِ والكلإِ الَّذِي يُقامُ فِيهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ
بْنُ الْعَبْدِ:
يَا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ
وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعُ: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا،
يَبْغِينَك في الأَرض مَعْمَرا أَي يَبْغِينَ لَكَ منزلًا، كقوله
تعالى: يَبْغُونَها عِوَجاً*؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فرأَيتُ مَا فِيهِ فثُمَّ رُزِئْتُه، ... فبَقِيت بَعْدَك غيرَ
رَاضِي المَعْمَرِ
وَالْفَاءُ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ: فثُمَّ رُزِئته، زَائِدَةٌ
وَقَدْ زِيدَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ مِنْهَا بَيْتُ الْكِتَابِ:
لَا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه، ... فإِذا هَلكتُ
فعِنْدَ ذَلِكَ فاجْزَعِي
فَالْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ لَا تَكُونُ الأُولى
هِيَ الزَّائِدَةَ، وَذَلِكَ لأَن الظَّرْفَ مَعْمُولُ اجْزَع
فَلَوْ كَانَتِ الْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ جَوَابَ الشَّرْطِ
لَمَا جَازَ تَعَلُّقُ الظَّرْفِ بِقَوْلِهِ اجْزَعْ، لأَن مَا بعد
هذا الْفَاءِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا، فإِذا كَانَ ذَلِكَ
كَذَلِكَ فَالْفَاءُ الأُولى هِيَ جَوَابُ الشَّرْطِ
وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ أَرضَ
بَنِي فُلَانٍ فأَعْمَرْتُها أَي وَجَدْتُهَا عامِرةً.
والعِمَارةُ: مَا يُعْمَر بِهِ الْمَكَانُ. والعُمَارةُ: أَجْرُ
العِمَارة. وأَعْمَرَ عَلَيْهِ: أَغناه. والعُمْرة: طَاعَةُ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والعُمْرة فِي الْحَجِّ: مَعْرُوفَةٌ،
وَقَدِ اعْتَمر، وأَصله مِنَ الزِّيَارَةِ، وَالْجَمْعُ العُمَر.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى العُمْرة فِي الْعَمَلِ الطوافُ
بِالْبَيْتِ والسعيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَطْ،
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ والعُمْرةِ أَن العُمْرة تَكُونُ
للإِنسان فِي السَّنَة كُلِّهَا وَالْحَجُّ وَقْتٌ وَاحِدٌ فِي
السَّنَةِ؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَن يُحْرَمَ بِهِ إِلا فِي أَشهر
الْحَجِّ شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي
الْحِجَّةِ، وتمامُ العُمْرة أَن يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْحَجُّ لَا يَكُونُ إِلَّا
مَعَ
(4/604)
الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ يومَ عَرَفَةَ.
والعُمْرة: مأَخوذة مِنَ الاعْتِمار، وَهُوَ الزِّيَارَةُ،
وَمَعْنَى اعْتَمر فِي قَصْدِ الْبَيْتِ أَنه إِنما خُصَّ بِهَذَا
لأَنه قَصَدَ بِعَمَلٍ فِي مَوْضِعٍ عَامِرٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ
للمُحْرِم بالعُمْرةِ: مُعْتَمِرٌ، وَقَالَ كُرَاعٌ: الاعْتِمار
العُمْرة، سَماها بِالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ العُمْرة
والاعْتِمار فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الزِّيَارَةُ
وَالْقَصْدُ، وَهُوَ فِي الشَّرْعِ زِيَارَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ
بِالشُّرُوطِ الْمَخْصُوصَةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَسود قَالَ: خَرَجْنَا عُمّاراً فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَرَرْنا
بأَبي ذَرٍّ؛ فَقَالَ: أَحَلَقْتم الشَّعَث وَقَضَيْتُمُ التَّفَثَ
عُمّاراً؟
أَي مُعْتَمِرين؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَمْ يَجِئْ فِيمَا
أَعلم عَمَر بِمَعْنَى اعْتَمَر، وَلَكِنْ عَمَر اللهَ إِذا
عَبَدَهُ، وعَمَر فلانٌ رَكْعَتَيْنِ إِذا صَلَّاهُمَا، وَهُوَ
يَعْمُر ربَّه أَي يُصَلِّي وَيَصُومُ. والعَمَار والعَمَارة:
كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الرأْس مِنْ عِمَامَةٍ أَو قَلَنْسُوَةٍ أَو
تاجٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدِ اعْتَمَر أَي تَعَمَّمَ
بِالْعِمَامَةِ، وَيُقَالُ للمُعْتَمِّ: مُعْتَمِرٌ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ الأَعشى:
فَلَمَّا أَتانا بُعَيْدَ الكَرى، ... سَجَدْنا لَهُ ورَفَعْنا
العَمارا
أَي وَضَعْنَاهُ من رؤوسنا إِعْظاماً لَهُ. واعْتَمرة أَي زارَه؛
يُقَالُ: أَتانا فُلَانٌ مُعْتَمِراً أَي زَائِرًا؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أَعشى بَاهِلَةَ:
وجاشَت النَّفْسُ لَمَّا جاءَ فَلُّهمُ، ... وراكِبٌ، جَاءَ مِنْ
تَثْلِيثَ، مُعْتَمِرُ
قَالَ الأَصمعي: مُعْتَمِر زَائِرٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ
مُتَعَمِّمٌ بِالْعِمَامَةِ؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها، ... كَمَا يُهِلُّ الراكبُ
المُعْتَمِرْ
فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ الأَصمعي: إِذا انْجلى لَهُمُ السحابُ عَنِ
الفَرْقَدِ أَهَلّوا أَي رَفَعُوا أَصواتهم بِالتَّكْبِيرِ كَمَا
يُهِلّ الرَّاكِبُ الَّذِي يُرِيدُ عُمْرَةَ الْحَجِّ لأَنهم
كَانُوا يَهْتَدُونَ بالفَرْقَد، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُرِيدُ أَنهم
فِي مَفَازَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الْمِيَاهِ فإِذا رأَوْا فَرْقَدًا،
وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، أَهلّوا أَي كَبَّرُوا
لأَنهم قَدْ عَلِمُوا أَنهم قَدْ قَرُبُوا مِنَ الْمَاءِ.
وَيُقَالُ للاعْتِمار: الْقَصْدُ. واعْتَمَر الأَمْرَ: أَمَّه
وَقَصَدَ لَهُ: قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَقَدْ غَزَا ابنُ مَعْمَرٍ، حِينَ اعْتَمَرْ، ... مَغْزًى
بَعِيداً مِنْ بَعيد وضَبَرْ
الْمَعْنَى: حِينَ قَصَدَ مَغْزًى بَعِيدًا. وضبَرَ: جَمعَ
قَوَائِمَهُ ليَثِبَ. والعُمْرةُ: أَن يَبْنِيَ الرجلُ بامرأَته
فِي أَهلها، فإِن نَقَلَهَا إِلى أَهله فَذَلِكَ العُرْس؛ قَالَهُ
ابْنُ الأَعرابي. والعَمَارُ: الآسُ، وَقِيلَ: كُلُّ رَيْحانٍ
عَمَارٌ. والعَمّارُ: الطَّيِّب الثَّنَاءِ الطَّيِّب
الرَّوَائِحِ، مأْخوذ مِنَ العَمَار، وَهُوَ الْآسُ. والعِمَارة
والعَمارة: التَّحِيَّةُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِ الأَعشى [وَرَفَعْنَا
الْعَمَّارَا] أَي رَفَعْنَا لَهُ أَصواتنا بِالدُّعَاءِ وَقُلْنَا
عمَّرك اللَّهُ وَقِيلَ: العَمَارُ هَاهُنَا الرَّيْحَانُ
يُزَيَّنُ بِهِ مَجْلِسُ الشَّرَابِ، وَتُسَمِّيهِ الفُرْس
ميُوران، فإِذا دَخَلَ عَلَيْهِمْ دَاخِلٌ رَفَعُوا شَيْئًا مِنْهُ
بأَيديهم وحيَّوْه بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده
[ووَضَعْنا العَمارا] فَالَّذِي يَرْوِيهِ وَرَفَعْنَا العَمَارا،
هُوَ الرَّيْحَانُ أَو الدُّعَاءُ أَي اسْتَقْبَلْنَاهُ
بِالرَّيْحَانِ أَو الدُّعَاءِ لَهُ، وَالَّذِي يَرْوِيهِ
[وَوَضَعْنَا الْعَمَارَا] هُوَ العِمَامة؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ
عَمّرَك اللهُ وَحَيَّاكَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ وَقِيلَ: العَمارُ
هُنَا أَكاليل الرَّيْحان يجعلونها على رؤوسهم كَمَا تَفْعَلُ
الْعَجَمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا.
وَرَجُلٌ عَمّارٌ: مُوَقًّى مَسْتُورٌ مأْخوذ مِنَ العَمَر،
(4/605)
وَهُوَ الْمِنْدِيلُ أَو غَيْرُهُ،
تُغَطِّي بِهِ الْحُرَّةُ رأْسها. حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي قَالَ: إِن العَمَرَ أَن لَا يَكُونَ للحُرّة خِمار
وَلَا صَوْقَعة تُغطّي بِهِ رأْسها فَتُدْخِلُ رأْسها فِي
كُمِّهَا؛ وأَنشد:
قامَتْ تُصَلّي والخِمارُ مِن عَمَرْ
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَمَر ربَّه عبَدَه، وإِنه لعَامِرٌ
لِرَبِّهِ أَي عابدٌ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ:
تَرَكْتُهُ يَعمرُ ربَّه أَي يَعْبُدُهُ يُصَلِّي وَيَصُومُ. ابْنُ
الأَعرابي: يُقَالُ رَجُلٌ عَمّار إِذا كَانَ كثيرَ الصَّلَاةِ
كَثِيرَ الصِّيَامِ. وَرَجُلٌ عَمّار، وَهُوَ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ
الإِيمان الثَّابِتُ فِي أَمره الثَّخينُ الوَرَعِ: مأْخوذ مِنَ
العَمِير، وَهُوَ الثَّوْبُ الصَّفِيقُ النسجِ القويُّ الغزلِ
الصَّبُورُ عَلَى الْعَمَلِ، قَالَ: وعَمّارٌ المجتمعُ الأَمر
اللازمُ لِلْجَمَاعَةِ الحَدِبُ عَلَى السُّلْطَانِ، مأْخوذ مِنَ
العَمارةِ، وَهِيَ الْعِمَامَةُ، وعَمّارٌ مأْخوذ مِنَ العَمْر،
وَهُوَ الْبَقَاءُ، فَيَكُونُ بَاقِيًا فِي إِيمانه وَطَاعَتِهِ
وَقَائِمًا بالأَمر وَالنَّهْيِ إِلى أَن يَمُوتَ. قَالَ: وعَمّارٌ
الرَّجُلُ يَجْمَعُ أَهل بَيْتِهِ وأَصحابه عَلَى أَدَبِ رسول
الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقيامِ بسُنّته، مأْخوذ مِنَ
العَمَرات، وَهِيَ اللُّحُمَاتُ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ اللَّحْي،
وَهِيَ النَّغانِغُ واللَّغادِيدُ؛ هَذَا كُلُّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي. اللِّحْيَانِيُّ: سَمِعْتُ العامِريّة تَقُولُ
فِي كَلَامِهَا: تَرَكْتُهُمْ سامِراً بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا
وعامِراً؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: فسأَلت مُصْعَبًا عَنْ ذَلِكَ
فَقَالَ: مُقِيمِينَ مُجْتَمِعِينَ. والعِمَارة والعَمارةُ: أَصغر
مِنَ الْقَبِيلَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الحيُّ الْعَظِيمُ الَّذِي
يَقُومُ بِنَفْسِهِ، يَنْفَرِدُ بِظَعْنِها وإِقامتها ونُجْعَتِها،
وَهِيَ مِنَ الإِنسان الصَّدْرُ، سُمِّي الحيُّ الْعَظِيمُ عِمَارة
بعِمارة الصَّدْرِ، وَجَمْعُهَا عَمَائِرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
جَرِيرٍ:
يَجُوسُ عِمارة، ويَكُفّ أُخرى ... لَنَا، حَتَّى يُجاوزَها دَليل
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَمَارة الْقَبِيلَةُ وَالْعَشِيرَةُ؛
قَالَ التَّغْلَبِيُّ:
لِكُلِّ أُناسٍ مِنْ مَعَدٍّ عَمارةٍ ... عَرُوضٌ، إِليها
يَلْجأُون، وجانِبُ
وعَمارة خُفِضَ عَلَى أَنه بَدَلٌ مِنْ أُناس. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَتَبَ لِعَمَائر كَلْب وأَحْلافها كِتَابًا
؛ العَمَائرُ: جَمْعُ عِمَارَةٍ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فَمَنْ
فَتَحَ فَلالْتفاف بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ كالعَمارة العِمامةِ،
وَمَنْ كَسَرَ فلأَن بِهِمْ عِمارةَ الأَرض، وَهِيَ فَوْقَ البَطْن
مِنَ الْقَبَائِلِ، أَولها الشَّعْب ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ
العِمارة ثُمَّ البَطْن ثُمَّ الفَخْذ. والعَمْرة: الشَّذْرة مِنَ
الْخَرَزِ يُفَصَّلُ بِهَا النَّظْمُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة
عَمْرة؛ قَالَ:
وعَمْرة مِن سَرَوات النساءِ، ... يَنْفَحُ بالمِسْك أَرْدانُها
وَقِيلَ: العَمْرة خَرَزَةُ الحُبّ. والعَمْر: الشَّنْف، وَقِيلَ:
العَمْر حَلْقَةُ الْقُرْطِ الْعُلْيَا والخَوْقُ حَلْقَةُ أَسفل
الْقُرْطِ. والعَمَّار: الزَّيْن فِي الْمَجَالِسِ، مأْخوذ مِنَ
العَمْر، وَهُوَ الْقُرْطُ. والعَمْر: لَحْمٌ مِنَ اللِّثَة
سَائِلٌ بَيْنَ كُلِّ سِنَّيْن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوْصاني جِبْرِيل بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ عَلَى عُمورِي
؛ العُمُور: مَنَابِتُ الأَسنان وَاللَّحْمُ الَّذِي بَيْنَ
مَغارِسها، الْوَاحِدُ عَمْر، بِالْفَتْحِ، قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَقَدْ يُضَمُّ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَخْلَفَ العَمْرُ، ... وتَبَدَّلَ الإِخْوانُ
والدَّهْرُ
وَالْجَمْعُ عُمور، وَقِيلَ: كُلُّ مُسْتَطِيلٍ بَيْنَ سِنَّيْنِ
عَمْر. وَقَدْ قِيلَ: إِنه أَراد العُمْر. وَجَاءَ فُلَانٌ عَمْراً
(4/606)
أَي بَطِيئًا؛ كَذَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ
نُسَخِ الْمُصَنَّفِ، وَتَبِعَ أَبا عُبَيْدٍ كُرَاعٌ، وَفِي
بَعْضِهَا: عَصْراً. اللِّحْيَانِيُّ: دارٌ مَعْمورة يَسْكُنُهَا
الْجِنُّ، وعُمَّارُ الْبُيُوتِ: سُكّانُها مِنَ الْجِنِّ. وَفِي
حَدِيثِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ:
إِنّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوامِرَ فإِذا رأَيتم مِنْهَا شَيْئًا
فحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا
؛ العَوامِرُ: الْحَيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ،
وَاحِدُهَا عامِرٌ وَعَامِرَةٌ، قِيلَ: سُمِّيَتْ عَوامِرَ لِطُولِ
أَعمارها. والعَوْمَرةُ: الاختلاطُ؛ يُقَالُ: تَرَكْتُ الْقَوْمَ
فِي عَوْمَرةٍ أَي صياحٍ وجَلبة. والعُمَيْرانِ والعُمَيْمِرانِ
والعَمَّرتان «1» . والعُمَيْمِرتان: عَظْمَانِ صَغِيرَانِ فِي
أَصل اللِّسَانِ. واليَعْمورُ: الجَدْيُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ
الأَعرابي: اليَعامِيرُ الجِداءُ وصغارُ الضأْن، وَاحِدُهَا
يَعْمور؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ الطَّائِيُّ:
تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلًا، ... مِثْلَ الذَّمِيم
عَلَى قَرْم اليَعامِير
أَي يَنْسُل اللَّبَنَ مِنْهَا كأَنه الذَّمِيمُ الَّذِي يَذِمّ
مِنَ الأَنف. قَالَ الأَزهري: وَجَعَلَ قُطْرُبٌ اليَعامِيرَ
شَجَرًا، وَهُوَ خطأٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واليَعْمورة شَجَرَةٌ،
والعَمِيرة كُوَّارة النَّحْل. والعُمْرُ: ضربٌ مِنَ النَّخْلِ،
وَقِيلَ: مِنَ التَّمْرِ. والعُمور: نخلُ السُّكَّر «2» .
خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ العُمُر، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ؛
عَنْ كُرَاعٍ، وَقَالَ مُرَّةً: هِيَ العَمْر، بِالْفَتْحِ،
وَاحِدَتُهَا عَمْرة، وَهِيَ طِوال سُحُقٌ. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: العَمْرُ والعُمْرُ نَخْلُ السُّكّر، وَالضَّمُّ أَعلى
اللُّغَتَيْنِ. والعَمْرِيّ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْهُ
أَيضاً. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ أَنه قَالَ: العَمْر
ضَرْبٌ مِنَ النَّخِيلِ، وَهُوَ السَّحُوق الطَّوِيلُ، ثُمَّ قال:
غلظ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ العَمْر، والعَمْرُ نَخْلُ السُّكَّر،
يُقَالُ لَهُ العُمُر، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهل الْبَحْرِينِ؛
وأَنشد الرِّيَاشِيُّ فِي صِفَةِ حَائِطِ نخل:
أَسْوَد كالليل تَدَجَّى أَخْضَرُهْ، ... مُخالِط تَعْضوضُه
وعُمُرُه،
بَرْنيّ عَيْدانٍ قَلِيل قَشَرُهْ
والتَّعْضوض: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ سِرِّيّ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ
تُمْران هجَر، أَسود عَذْبُ الْحَلَاوَةِ. والعُمُر: نَخْلُ
السُّكّر، سَحُوقًا أَو غَيْرَ سَحُوقٍ. قال: وكان الخليل ابن
أَحمد مِنْ أَعلم النَّاسِ بِالنَّخِيلِ وأَلوانِه وَلَوْ كَانَ
الكتابُ مِن تأْليفه مَا فَسَّرَ العُمُرَ هَذَا التَّفْسِيرَ،
قَالَ: وَقَدْ أَكلت أَنا رُطَبَ العُمُرِ ورُطَبَ التَّعْضوضِ
وخَرَفْتُهما مِنْ صِغَارِ النَّخْلِ وعَيدانِها وجَبّارها،
وَلَوْلَا المشاهدةُ لَكُنْتُ أَحد الْمُغْتَرِّينَ بِاللَّيْثِ
وخليلِه وَهُوَ لِسَانُهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ كَثِير بَثِير
بَجِير عَمِير إِتباع؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا قَالَ بِالْعَيْنِ.
والعَمَرانِ: طَرَفَا الكُمّين؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ عَلَى عَمَرَيْهِ
، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ، التَّفْسِيرُ لِابْنِ عَرَفَةَ
حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ وَغَيْرُهُ. وعَمِيرة:
أَبو بَطْنٍ وَزَعَمَهَا سِيبَوَيْهِ فِي كلْب، النسبُ إِليه
عَمِيرِيّ شَاذٌّ، وعَمْرو: اسْمُ رَجُلٍ يُكْتَبُ بِالْوَاوِ
لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَر وتُسْقِطها فِي النَّصْبِ لأَن
الأَلف تَخْلُفُهَا، وَالْجَمْعُ أَعْمُرٌ وعُمور؛ قَالَ
الْفَرَزْدَقُ يَفْتَخِرُ بأَبيه وأَجداده:
وشَيَّدَ لِي زُرارةُ باذِخاتٍ، ... وعَمرو الْخَيْرِ إِن ذُكِرَ
العُمورُ
__________
(1) . قوله: [العمرتان] هو بتشديد الميم في الأَصل الذي بيدنا، وفي
القاموس بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وصوب شارحه تشديد
الميم نقلًا عن الصاغاني
(2) . قوله: [السكر] هو ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ جَيِّدٌ
(4/607)
الباذِخاتُ: الْمَرَاتِبُ الْعَالِيَاتُ
فِي الشَّرَفِ وَالْمَجْدِ. وعامِرٌ: اسْمٌ، وَقَدْ يُسَمَّى بِهِ
الْحَيُّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ فِي الْحَيِّ:
فَلَمَّا لَحِقنا وَالْجِيَادَ عشِيّة، ... دَعَوْا: يَا لَكَلْبٍ،
واعْتَزَيْنا لِعامِر
وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمِمَّنْ ولَدُوا عامِرُ ... ذُو الطُّول وَذُو العَرْض
فإِن أَبا إِسحق قَالَ: عَامِرُ هُنَا اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ،
وَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْهُ، وَقَالَ ذُو وَلَمْ يَقُلْ ذَاتٌ
لأَنه حَمَلَهُ عَلَى اللَّفْظِ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:
قامَتْ تُبَكِّيه عَلَى قَبْرِه: ... مَنْ ليَ مِن بَعدِك يَا
عامِرُ؟
تَرَكْتَني فِي الدَّارِ ذَا غُرْبةٍ، ... قَدْ ذَلَّ مَن لَيْسَ
لَهُ ناصِرُ
أَي ذَاتِ غُرْبة فَذَكَّرَ عَلَى مَعْنَى الشَّخْصِ، وإِنما
أَنشدنا الْبَيْتَ الأَول لِتَعْلَمَ أَن قَائِلَ هَذَا امرأَة
وعُمَر وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْهُ فِي حَالِ التَّسْمِيَةِ لأَنه
لَوْ عَدَلَ عَنْهُ فِي حَالِ الصِّفَةِ لَقِيلَ العُمَر يُراد
العامِر. وعامِرٌ: أَبو قَبِيلَةَ، وَهُوَ عامرُ بْنِ صَعْصَعَة
بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ. وعُمَير وعُوَيْمِر
وعَمَّار ومَعْمَر وعُمارة وعِمْران ويَعْمَر، كُلُّهَا: أَسماء؛
وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
أَحَوْليَ تَنْفُضُ اسْتُك مِذْرَوَيْها ... لِتَقْتُلَني؟ فَهَا
أَنا ذَا عُمارا
هُوَ تَرْخِيمُ عُمارة لأَنه يَهْجُو بِهِ عُمارةَ بْنَ زِيَادٍ
الْعَبْسِيَّ. وعُمارةُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ:
أَدِيبٌ جِدًّا. والعَمْرانِ: عَمْرو بْنُ جَابِرِ بْنِ هِلَالِ
بْنِ عُقَيْل بْنِ سُمَيّ بْنِ مَازِنِ بْنِ فَزارة، وبَدْر بْنُ
عَمْرِو بْنِ جُؤيّة بْنِ لَوْذان بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنُ عَدِيِّ
بْنِ فَزارة، وهما رَوْقا فزراة؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لقُراد
بْنِ حَبَشٍ الصَّارِدِيِّ يَذْكُرُهُمَا:
إِذا اجْتَمَعَ العَمْران: عَمْرو بنُ جَابِرٍ ... وبَدْرُ بْنُ
عَمْرٍو، خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا
وأَلْقَوْا مَقاليدَ الأُمورِ إِليهما، ... جَمِيعاً قِماءً
كَارِهِينَ وطُوَّعا
والعامِرانِ: عامِرُ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ بْنِ
رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَهُوَ أَبو بَرَاءٍ
مُلاعِب الأَسِنَّة، وَعَامِرُ بْنَ الطُّفَيْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ
جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَهُوَ أَبو عَلِيٍّ. والعُمَران: أَبو
بَكْرٍ وعُمَر، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقِيلَ:
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا؛ قَالَ مُعاذٌ الهَرَّاء: لَقَدْ قِيلَ سِيرةُ
العُمَرَيْنِ قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
لأَنهم قَالُوا لِعُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ: تَسْلُك سِيرةَ
العُمَرَيْن. قَالَ الأَزهري: العُمَران أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ،
غُلِّبَ عُمَر لأَنه أَخَفّ الِاسْمَيْنِ، قَالَ: فإِن قِيلَ
كَيْفَ بُدِئ بِعُمَر قَبْلَ أَبي بَكْرٍ وَهُوَ قَبْلَهُ وَهُوَ
أَفضل مِنْهُ، فإِن الْعَرَبَ تَفْعَلُ هَذَا يبدأُون بالأَخسّ،
يَقُولُونَ: رَبيعة ومُضَر وسُلَيم وَعَامِرٌ وَلَمْ يَتْرُكْ
قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ:
هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الأَزهري فِيهِ افْتِئات عَلَى عُمَرَ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِن العرب يبدأُون
بالأَخس وَلَقَدْ كَانَ لَهُ غُنية عَنْ إِطلاق هَذَا اللَّفْظِ
الَّذِي لَا يَلِيقُ بِجَلَالَةِ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُتَشَرِّفِ
بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ فِي مثالٍ مضروبٍ لعُمَر،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْلُهُ غُلِّب عُمر لأَنه أَخفّ
الِاسْمَيْنِ يَكْفِيهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ إِلى هُجْنة هَذِهِ
الْعِبَارَةِ، وَحَيْثُ اضْطَرَّ إِلى مِثْلِ ذَلِكَ وأَحْوَجَ
نفسَه إِلى حُجَّةٍ أُخرى فَلَقَدْ كَانَ قِيادُ الأَلفاظ بِيَدِهِ
وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَن يَقُولَ إِن الْعَرَبَ يُقَدِّمُونَ
الْمَفْضُولَ أَو يُؤَخِّرُونَ الأَفضل أَو الأَشرف أَو
(4/608)
يبدأُون بِالْمَشْرُوفِ، وأَما أَفعل عَلَى
هَذِهِ الصِّيغَةِ فإِن إِتيانه بِهَا دَلَّ عَلَى قِلَّةِ
مُبَالَاتِهِ بِمَا يُطْلِقه مِنَ الأَلفاظ فِي حَقِّ
الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وإِن كَانَ أَبو بَكْرٍ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَفضل فَلَا يُقَالُ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، أَخسّ، عَفَا اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُ. وَرُوِيَ
عَنْ قَتَادَةَ: أَنه سُئِلَ عَنْ عِتْق أُمهات الأَولاد فَقَالَ:
قَضَى العُمَران فَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الخُلَفاء بِعِتْقِ
أُمّهات الأَولاد
؛ فَفِي قَوْلِ قَتَادَةَ العُمَران فَمَا بَيْنَهُمَا أَنه عُمر
بْنُ الْخَطَّابِ وعُمَر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ لأَنه لَمْ يَكُنْ
بَيْنَ أَبي بَكْرٍ وعُمَر خليفةٌ. وعَمْرَوَيْهِ: اسْمٌ أَعجمي
مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما عَمْرَوَيْه
فإِنه زَعَمَ أَنه أَعجمي وأَنه ضَرْبٌ مِنَ الأَسماء الأَعجمية
وأَلزموا آخِرَهُ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمِ الأَعْجميّة، فَكَمَا
تَرَكُوا صَرْفَ الأَعجمية جَعَلُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ
الصَّوْتِ، لأَنهم رَأَوْه قَدْ جَمَعَ أَمرين فخطُّوه درجة عن
إِسمعيل وأَشباهه وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ غاقٍ مُنَوَّنَةٍ
مَكْسُورَةٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِن
نَكَّرْتَه نَوَّنْتُ فَقُلْتَ مَرَرْتُ بعَمْرَوَيْهِ
وعَمْرَوَيْهٍ آخَرَ، وَقَالَ: عَمْرَوَيْه شَيْئَانِ جُعِلَا
وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ سِيبَوَيْهِ ونَفْطَوَيْه، وَذَكَرَ
الْمُبَرِّدُ فِي تَثْنِيَتِهِ وَجَمْعِهِ العَمْرَوَيْهانِ
والعَمْرَوَيْهُون، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَن مَنْ قَالَ هَذَا
عَمْرَوَيْهُ وسِيبَوَيْهُ ورأَيت سِيبَوَيْهَ فأَعربه ثَنَّاهُ
وَجَمَعَهُ، وَلَمْ يَشْرُطْهُ الْمُبَرِّدُ. وَيَحْيَى بْنُ
يَعْمَر العَدْوانيّ: لَا يَنْصَرِفُ يَعْمَر لأَنه مِثْلُ
يَذْهَب. ويَعْمَر الشُّدّاخ [الشِّدّاخ] : أَحد حُكّام الْعَرَبِ.
وأَبو عَمْرة: رسولُ الْمُخْتَارِ «3» . وَكَانَ إِذا نَزَلَ
بِقَوْمٍ حَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْحَرْبِ
وَكَانَ يُتَشاءم بِهِ. وأَبو عَمْرة: الإِقْلالُ؛ قَالَ:
إِن أَبا عَمْرة شرُّ جَارِ
وَقَالَ:
حَلَّ أَبو عَمْرة وَسْطَ حُجْرَتي
وأَبو عَمْرة: كُنْيَةُ الْجُوعِ. والعُمُور: حيٌّ مِنْ عَبْدِ
الْقَيْسِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جَعَلْنَا النِّساءَ المُرْضِعاتِكَ حَبْوةً ... لِرُكْبانِ شَنٍّ
والعُمُورِ وأَضْجَما
شَنٌّ: مِنْ قَيْسٍ أَيضاً. والأَضْجَم: ضُبَيْعة بْنُ قَيْسِ ابن
ثَعْلَبَةَ. وَبَنُو عَمْرِو بْنِ الحرث: حَيٌّ؛ وَقَوْلُ
حُذَيْفَةَ بْنِ أَنس الْهُذَلِيِّ:
لعلكمُ لَمَّا قُتِلْتُم ذَكَرْتم، ... وَلَنْ تَتْركُوا أَن
تَقْتُلوا مَن تَعَمَّرا
قِيلَ: مَعْنَى مَن تَعَمَّر انْتَسَبَ إِلى بَنِي عَمْرِو بن
الحرث، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ جَاءَ العُمْرة. واليَعْمَريّة:
مَاءٌ لَبَنِي ثَعْلَبَةَ بوادٍ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ مِنَ
الشَّرَبّة. واليَعامِيرُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ طُفَيْلٌ
الْغَنَوِيُّ:
يَقُولُونَ لَمَّا جَمّعوا لغدٍ شَمْلَكم: ... لَكَ الأُمُّ مِمَّا
باليَعامِير والأَبُ «4»
. وأَبو عُمَيْر: كُنْيَةُ الفَرْج. وأُمُّ عَمْرو وأُم عَامِرٍ،
الأُولى نَادِرَةٌ: الضبُعُ مَعْرُوفَةٌ لأَنه اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ
النَّوْعُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا أُمَّ عَمْرٍو، أَبْشِري بالبُشْرَى، ... مَوْتٌ ذَرِيعٌ
وجَرادٌ عَظْلى
وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
لَا تَقْبِرُوني، إِنّ قَبْرِي مُحَرَّم ... عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ
أَبْشِري، أُمَّ عَامِرِ
يُقَالُ لِلضَّبُعِ أُمّ عَامِرٍ كأَن وَلَدَهَا عَامِرٌ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وكَمْ مِن وِجارٍ كجَيْبِ القَمِيص، ... بِهِ عامِرٌ وبه فُرْعُلُ
__________
(3) . قوله: [المختار] أَي ابن أبي عبيد كما في شرح القاموس
(4) . هذا الشطر مختل الوزن ويصح إِذا وضع [فيه] مكان [لغدٍ] هذا
إِذا كان اليعامير مذكراً، وهو مذكور في شعر سابق ليعود إِليه ضمير
فيه
(4/609)
وَمِنْ أَمثالهم: خامِرِي أُمَّ عَامِرٍ،
أَبْشِري بجرادٍ عَظْلى وكَمَرِ رجالٍ قَتْلى، فتَذِلّ لَهُ حَتَّى
يكْعَمها ثُمَّ يَجُرَّهَا وَيَسْتَخْرِجَهَا. قَالَ: وَالْعَرَبُ
تَضْرِبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ إِلى
وجارِها فيسُدُّ فمه بعد ما تَدْخُلُهُ لِئَلَّا تَرَى الضَّوْءَ
فَتَحْمِلُ الضبعُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهَا هَذَا الْقَوْلَ؛
يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُخْدع بِلِينِ الكلام.
عمبر: ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ عَنْبَرٍ: حَكَى
سِيبَوَيْهِ عَمْبر، بِالْمِيمِ عَلَى الْبَدَلِ، قَالَ: فَلَا
أَدري أَيّ عنبر عنى: أالعلم أَم أَحد الأَجناس الْمَذْكُورَةِ فِي
عَنْبَرٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها فِي جَمِيعِهَا
مَقُولَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
عنبر: العَنْبر: مِنَ الطِّيبِ مَعْرُوفٌ، وَبِهِ سُمِّيَ
الرَّجُلُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ عَنْ زَكَاةِ الْعَنْبَرِ فَقَالَ:
إِنما هُوَ شَيْءٌ دَسَره البحرُ
، هو هَذَا الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ، وَجَمَعَهُ ابْنُ جِنِّي عَلَى
عَنابِر، فلا أَدري أَحفظ لك أَم قَالَهُ ليُرِينَا النُّونَ
مُتَحَرِّكَةً، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ عَنابِر، والعَنْبَر:
الزَّعْفَرَانُ وَقِيلَ الوَرْس، والعَنْبَرُ: التُّرْسُ، وإِنما
سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ سَمَكَةٍ
بَحْرِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا العَنْبَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعث سَريَّة
إِلى نَاحِيَةِ السِّيف فَجَاعُوا، فأَلقى اللَّهُ لَهُمْ دابة
يقال لها العَنْبر فأَكَل مِنْهَا جماعةُ السَّرِيّة شَهْراً
حَتَّى سَمِنُوا
، هِيَ سَمَكَةٌ كَبِيرَةٌ بَحريّة تُتَّخذ مِنْ جِلْدِهَا
التِّراسُ، وَيُقَالُ للتُّرْسِ عَنْبر. والعَنْبَر: أَبو حَيٍّ
مِنْ تَمِيمٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ العَنْبَر بْنِ عَمْرِو
بْنِ تَمِيمٍ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بأَحد هَذِهِ الأَشياء. وعَنْبَرُ
الشِّتَاء وعَنْبَرتُه: شدّتُه، الأُولى عَنْ كُرَاعٍ.
الْكِسَائِيُّ: أَتَيْتُه فِي عَنْبَرةِ الشِّتَاءِ أَي فِي
شِدَّتِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَمْبر
بِالْمِيمِ عَلَى الْبَدَلِ فَلَا أَدري أَيّ عَنْبَرٍ عنى أَالعلم
أَم أَحد هَذِهِ الأَجناس، وَعِنْدِي أَنها فِي جَمِيعِهَا
مَقُولَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَلْعَنْبَر هُمْ بَنُو
العَنْبَر، حَذَفُوا النُّونَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي باب الثاء في
بلحرث.
عنتر: العَنْتَر: الشُّجَاعُ. والعَنْتَرَةُ: الشَّجَاعَةُ فِي
الْحَرْبِ. وعَنْتَره بِالرُّمْحِ: طعَنَه. وعَنْتَر وعَنْتَرة:
اسْمَانِ مِنْهُ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَدْعُون: عَنْتَرُ، والرِّماحُ كأَنها ... أَشْطانُ بِئرٍ فِي
لَبانِ الأَدْهَمِ «1»
. فَقَدْ يَكُونُ اسْمُهُ عَنْتراً كَمَا ذَهَبَ إِليه
سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ أَراد يَا عَنْترةُ، فَرَخَّمَ عَلَى
لُغَةٍ مَنْ قَالَ يَا حارُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن
تَكُونَ النُّونُ فِي عَنْتَر أَصلًا وَلَا تَكُونُ زَائِدَةً
كَزِيَادَتِهَا فِي عَنْبَس وعَنْسَلٍ لأَن ذَيْنَكَ قَدْ أَخرجهما
الِاشْتِقَاقُ، إِذ هُمَا فَنْعل مِنَ العُبُوس والعَسَلان وأَما
عَنْتر فَلَيْسَ لَهُ اشْتِقَاقٌ يُحْكَمُ لَهُ بِكَوْنِ شَيْءٍ
مِنْهُ زَائِدًا فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَضَاءِ فِيهِ بِكَوْنِهِ
كُلِّهِ أَصلًا. والعَنْتَر والعُنْتَر والعَنْتَرةُ، كُلُّهُ:
الذُّبَابُ، وَقِيلَ: العَنْتَر الذُّبَابُ الأَزرق، قَالَ ابْنُ
الأَعرابي: سُمِّيَ عَنْتراً لِصَوْتِهِ، وَقَالَ النَّضْرُ:
العَنْتَرُ ذُباب أَخضر؛ وأَنشد:
إِذا عَرَّدَ اللُّفَّاحُ فِيهَا، لِعَنْترٍ، ... بمُغْدَوْدِنٍ
مُسْتَأْسِدِ النَّبْت ذِي خَمْرِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ وأَضيافِه، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ لِابْنِهِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا عَنْتر
، هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الذُّبَابُ شَبَّهَهُ بِهِ
تَصْغِيرًا لَهُ وَتَحْقِيرًا، وَقِيلَ: هُوَ الذُّبَابُ
الْكَبِيرُ الأَزرق شَبَّهَهُ بِهِ لِشِدَّةِ أَذاه، وَيُرْوَى
بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وسيأْتي
ذِكْرُهُ. والعَنْتَرَةُ: السُّلُوكُ فِي الشَّدَائِدِ،.
وعَنْتَرة: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ عَنْتَرَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ
شدّاد العبسي «2» .
__________
(1) . في معلقة عنترة: يدعون عنتر، بنصب عنتر على المفعولية
(2) . المشهور أنه ابن شدّاد لا ابن معاوية
(4/610)
عنجر: العَنْجَرة: المرأَة الجَرِيئة.
الأَزهري: العَنْجَرة المرأَة المُكَتَّلة الْخَفِيفَةُ الرُّوحِ.
والعُنْجورُ، بِالضَّمِّ: غلافُ الْقَارُورَةِ. وعُنْجورةُ: اسْمُ
رَجُلٍ كَانَ إِذا قِيلَ له عَنْجِرْ يا عُنْجور غَضِب.
والعَنْجَر: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ. وعَنْجَر الرجلُ إِذا
مَدَّ شَفَتَيْهِ وقَلَبهما. قَالَ: والعَنْجَرة بِالشَّفَةِ،
والزَّنْجَرة بالأُصبع.
عنصر: العُنْصُر والعُنْصَر: الأَصل؛ قَالَ:
تَمَهْجَرُوا وأَيُّما تَمَهْجُرِ، ... وَهُمْ بَنُو العَبْد
اللئيمِ العُنْصرِ
وَيُقَالُ: هُوَ لَئِيم العُنْصُر والعُنْصَر أَي الأَصل. قَالَ
الأَزهري: العُنْصَرُ أَصل الْحَسَبِ، جاءَ عَنِ الْفُصَحَاءِ
بِضَمِّ الْعَيْنِ ونصْب الصَّادِ، وَقَدْ يَجِيءُ نحوَه مِنَ
الْمَضْمُومِ كثيرٌ نَحْوُ السُّنْبَل، وَلَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا
فِي العُنْصَر والعُنْصَل والعُنْقَر وَلَا يَجِيءُ فِي
كَلَامِهِمُ الْمُنْبَسِطِ عَلَى بِنَاءِ فُعْلَلٍ إِلا مَا كَانَ
ثَانِيهِ نُونًا أَو هَمْزَةً نَحْوَ الجُنْدَب والجُؤْذَرِ،
وَجَاءَ السُّودَدُ كَذَلِكَ كَرَاهِيَةَ أَن يَقُولُوا سُودُدٌ
فَتَلْتَقِيَ الضَّمَّاتُ مَعَ الْوَاوِ فَفَتَحُوا، ولغة طيء
السُّودُدُ مَضْمُومٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ هُوَ
العُنْصُر، بِضَمِّ الصَّادِ، الأَصْلُ. والعُنْصُر: الدَّاهِيَةُ.
والعُنْصُر: الهِمَّة والحاجةُ: قَالَ الْبَعِيثُ:
أَلا راحَ بالرَّهْنِ الخليطُ فَهَجَرّوا، ... وَلَمْ يُقْضَ مِنْ
بَيْنِ العَشِيَّاتِ عُنْصُرُ
قَالَ الأَزهري: أَراد العَصَرَ والمَلْجأَ. قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَفِي حَدِيثِ الإِسراء: هَذَا النِّيلُ والفُرات عُنْصَرُهما؛
العُنْصَر، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الصَّادِ: الأَصل، وَقَدْ
تَضُمُّ الصَّادُ، والنونُ مَعَ الْفَتْحِ زَائِدَةٌ عِنْدَ
سِيبَوَيْهِ لأَنه لَيْسَ عِنْدَهُ فُعْلَل بِالْفَتْحِ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
يَرْجِعُ كُلُّ ماءٍ إِلى عُنْصَره.
عنقر: العُنْقُرُ: البَرْدِيُّ، وَقِيلَ: أَصلهُ، وَقِيلَ: كلُّ
أَصلِ نَباتٍ أَبيضَ فَهُوَ عُنْقُر، وَقِيلَ: العُنْقُر أَصل
كُلِّ قِضَة أَو بَرْديّ أَو عُسْلوجة يَخْرُجُ أَبيضَ ثُمَّ
يَسْتَدِيرُ ثُمَّ يتقشَّر فَيَخْرُجُ لَهُ وَرَقٌ أَخضر، فإِذا
خَرَجَ قَبْلَ أَن تنتشِر خضرتهُ فَهُوَ عُنْقُر؛ وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: العُنْقُر أَصل البَقل وَالْقَصَبِ والبَرْدِيّ، مَا
دَامَ أَبيض مُجْتَمِعًا وَلَمْ يَتَلَوَّنْ بِلَوْنٍ وَلَمْ
يَنْتَشِرْ. والعُنْقُر أَيضاً: قَلْبُ النَّخْلَةِ لِبَيَاضِهِ.
والعُنْقُر: أَولاد الدَّهاقِين لِبَيَاضِهِمْ وتَرارتِهم، وفتحُ
الْقَافِ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ بِالزَّايِ؛
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سأَلت عَامِرِيًّا عَنْ أَصل عُشْبة
رأَيتها مَعَهُ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: عُنْقُر، قَالَ:
وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ يَقُولُ عُنْقَر، بِفَتْحِ الْقَافِ؛ وأَنشد:
يُنْجِدُ بَيْنَ الإِسْكَتَيْنِ عُنْقَرهْ، ... وَبَيْنَ أَصْلِ
الوَرِكَيْنِ قَنْفَرهْ
الْجَوْهَرِيُّ: وعُنْقُر الرجل عُنْصُره.
عهر: عَهَر إِليها يَعْهَر»
. عَهْراً وعُهُوراً وعَهارةً وعُهُورةً وعاهَرَها عِهاراً: أَتاها
لَيْلًا للفُجور ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الزِّنا مُطْلَقًا، وَقِيلَ:
هُوَ الْفُجُورُ أَيّ وَقْتٍ كَانَ فِي الأَمة وَالْحُرَّةِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَيّما رجلٍ عاهَرَ بحُرّة أَو أَمة
؛ أَي زَنَى وَهُوَ فاعَلَ مِنْهُ. وامرأَة عاهِرٌ، بِغَيْرِ
هَاءٍ، إِلا أَن يَكُونَ عَلَى الْفِعْلِ، ومُعاهِرة، بِالْهَاءِ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ للمرأَة
الْفَاجِرَةِ عاهِرةٌ ومُعاهِرة ومُسافِحة. وقال
__________
(1) . قوله: [عهر إليها يعهر] في القاموس: عهر المرأَة كمنع عهراً
ويكسر ويحرك، وعهارة بالفتح وعهوراً وعهورة بضمهما انتهى. وفي
المصباح: عهر عهراً من باب تعب: فجر، فهو عاهر، وعهر عهوراً من باب
قعد لغة
(4/611)
أَحمد بْنِ يَحْيَى وَالْمُبَرِّدِ: هِيَ
العَيْهرة لِلْفَاجِرَةِ، قَالَا: وَالْيَاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ،
والأَصل عَهَرة مثلَ ثَمَرة؛ وأَنشد لِابْنِ دَارَةَ «1» .
التَّغْلبي:
فَقَامَ لَا يَحْفِل ثَمَّ كَهْرا، ... وَلَا يُبَالِي لَوْ يُلاقي
عِهْرا
والكَهْر: الِانْتِهَارُ. وَفِي حَرْفِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: فأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ.
وتَعَيْهَرَ الرجلُ إِذا كَانَ فَاجِرًا. وَلَقِيَ عبدْ اللَّهِ
بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُميّة أَبا حَاضِرٍ الأَسِيدي أَسِيد، بْنِ
عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ فراعَه جمالُه فَقَالَ: مِمَّنْ أَنت؟
فَقَالَ: مِنْ أَسِيد بْنِ عَمْرٍو وأَنا أَبو حَاضِرٌ، فَقَالَ:
أُفّة لَكَ عُهَيْرة تَيّاس قَالَ: العُهَيرة تَصْغِيرُ العَهِر،
قَالَ: والعَهِر والعاهِرُ هُوَ الزَّانِي. وَحُكِيَ عَنْ رُؤْبَةَ
قَالَ: العاهِرُ الَّذِي يتّبِع الشَّرَّ، زَانِيًا كَانَ أَو
فَاسِقًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الولدُ للفِراش وللعاهِر الحَجَرُ
؛ العاهِرُ: الزَّانِي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ
وللعاهِر الحجَرُ أَي لَا حَقَّ لَهُ فِي النَّسَبِ وَلَا حَظَّ
لَهُ فِي الْوَلَدِ، وإِنما هُوَ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ أَي
لِصَاحِبِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَهُوَ زَوْجُهَا أَو مَوْلَاهَا؛
وَهُوَ كَقَوْلِهِ الآخَر:
لَهُ الترابُ
أَي لَا شَيْءَ لَهُ؛ وَالِاسْمُ العِهْر، بِالْكَسْرِ. والعَهْرُ:
الزِّنَا، وَكَذَلِكَ العَهَرُ مِثْلَ نَهْر ونَهَر. وَفِي
الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ بَدِّلْه بالعَهْرِ العِفَّةَ.
والعَيْهرة: الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانِهَا نَزَقاً مِنْ
غَيْرِ عِفَّةٍ. وَقَالَ كُرَاعٌ: امرأَة عَيْهرة نَزِقة خَفيفة
لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانِهَا، وَلَمْ يُقَلْ مِنْ غَيْرِ
عِفَّةٍ، وَقَدْ عَيْهَرت. والعَيْهَرةُ: الغُول فِي بَعْضِ
اللُّغَاتِ، وَالذَّكَرُ مِنْهَا العَيْهران. وَذُو مُعاهِر:
قَيْلٌ مِنْ أَقيال حِمْير.
عور: العَوَرُ: ذهابُ حِسِّ إِحدى الْعَيْنَيْنِ، وَقَدْ عَوِرَ
عَوَراً وعارَ يَعارُ واعْوَرَّ، وَهُوَ أَعْوَرُ، صحَّت الْعَيْنُ
فِي عَوِر لأَنه فِي مَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْ صِحَّتِهِ، وَهُوَ
أَعْوَرُ بَيِّنُ العَوَرِ، وَالْجَمْعُ عُورٌ وعُوران؛ وأَعْوَرَ
اللهُ عينَ فُلَانٍ وعَوَّرَها، وَرُبَّمَا قَالُوا: عُرْتُ عينَه.
وعَوِرَت عينُه واعْوَرَّت إِذا ذَهَبَ بَصَرُهَا؛ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: إِنما صَحَّتِ الْوَاوُ فِي عَوِرَت عينُه
لِصِحَّتِهَا فِي أَصله، وَهُوَ اعْوَرَّت، لِسُكُونِ مَا
قَبْلَهَا ثُمَّ حُذِفت الزَّوَائِدُ الأَلفُ والتشديدُ فَبَقِيَ
عَوِرَ، يَدُلُّ عَلَى أَن ذَلِكَ أَصله مجيءُ أَخواته عَلَى
هَذَا: اسْوَدَّ يَسْوَدُّ واحْمَرَّ يَحْمَرّ، وَلَا يُقَالُ فِي
الأَلوان غَيْرُهُ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ قِيَاسُهُ فِي الْعُيُوبِ
اعْرَجَّ واعْمَيَّ فِي عَرِج وعَمِيَ، وإِن لَمْ يُسْمَعْ،
وَالْعَرَبُ تُصَغِّر الأَعْوَر عُوَيْراً، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ
كُسَيْرٌ وعُوَيْر وكلٌّ غَيْرُ خَيْر. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
وَيُقَالُ فِي الْخَصْلَتَيْنِ الْمَكْرُوهَتَيْنِ: كُسَيْرٌ
وعُوَيْر وكلٌّ غيرُ خَيْر، وَهُوَ تَصْغِيرُ أَعور مُرَخَّمًا.
قَالَ الأَزهري: عارَت عينُه تَعارُ وعَوِرَت تَعْورُ واعْوَرَّت
تَعْوَرُّ واعْوَارَّت تَعْوارُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ:
عارَ عينَه يَعُورُها إِذا عَوَّرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَجَاءَ إِليها كاسِراً جَفْنَ عَيْنه، ... فقلتُ لَهُ: مَنْ عارَ
عَيْنَك عَنْتَرهْ؟
يَقُولُ: مَنْ أَصابها بعُوّار؟ وَيُقَالُ: عُرْتُ عَيْنَهُ
أَعُورُها وأَعارُها مِنَ العائِر. قَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: يُقَالُ
عارَ الدمعُ يَعِيرُ عَيَراناً إِذا سَالَ؛ وأَنشد:
ورُبَّتَ سائلٍ عنِّي حَفِيٍّ: ... أَعارَتْ عينُه أَم لَمْ
تَعارا؟
أَي أَدْمَعَت عينُه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ عارَت عينُه
__________
(1) . قوله: [وأَنشد لابن دارة] عبارة الصحاح: والاسم العهر،
بالكسر، وأنشد إلخ
(4/612)
تَعار، وأَورد هَذَا الْبَيْتَ:
وَسَائِلَةٍ بظَهْرِ الْغَيْبِ عَنّي: ... أَعارَتْ عينُه أَم لَمْ
تَعارا؟
قَالَ: أَراد تعارَنْ، فَوَقَفَ بالأَلف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَورد هَذَا الْبَيْتَ عَلَى عَارَتْ أَي عَوِرت، قَالَ:
وَالْبَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ؛ قَالَ: والأَلف
فِي آخِرِ تَعَارَا بَدَلٌ مِنَ النُّونِ الْخَفِيفَةِ، أَبدل
مِنْهَا أَلفاً لَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا سَلِمَتِ
الأَلف الَّتِي بَعْدَ الْعَيْنِ إِذ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا
نُونُ التَّوْكِيدِ لَانْحَذَفَتْ، وَكُنْتَ تَقُولُ لَمْ تَعَرْ
كَمَا تَقُولُ لَمْ تَخَفْ، وإِذا أُلحقت النُّونُ ثَبَتَتِ الأَلف
فَقُلْتَ: لَمْ تَخَافَنْ لأَن الْفِعْلَ مَعَ نُونِ التَّوْكِيدِ
مَبْنِيٌّ فَلَا يَلْحَقُهُ جَزْمٌ. وَقَوْلُهُمْ: بَدَلٌ أَعْوَر؛
مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلْمَذْمُومِ يُخْلِفُ بَعْدَ الرَّجُلِ
الْمَحْمُودِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْع: فاسْتَبْدَلت بعدَه وكلُّ بَدَلٍ أَعْوَر
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمّام السّلُولي
لقُتَيْبَة بْنِ مُسْلِمٍ ووَليَ خُرَاسَانَ بَعْدَ يَزِيدَ بْنِ
الْمُهَلَّبِ:
أَقُتَيْبَ، قَدْ قُلْنا غداةَ أَتَيْتَنا: ... بَدَلٌ لَعَمْرُك
مِنْ يَزيدٍ أَعْوَرُ
وَرُبَّمَا قَالُوا: خَلَفٌ أَعْوَرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي فِي دِيارٍ، كأَنها ... خِلافُ دِيار
الكامِليّة عُورُ
كأَنه جَمَعَ خَلَفاً عَلَى خِلافٍ مِثْلُ جَبَل وجِبال. قَالَ:
وَالِاسْمُ العَوْرة. وعُورانُ قَيْسٍ: خَمْسَةُ شُعَراء عُورٌ،
وَهُمُ الأَعْور الشَّنِّي «2» . والشمَّاخ وَتَمِيمُ بْنُ أُبَيّ
بْنِ مُقْبِل وابن أَحمر وحُمَيْد بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ.
وَبَنُو الأَعْور: قَبِيلَةٌ، سُمُّوا بِذَلِكَ لعَوَرِ أَبيهم؛
فأَما قَوْلُهُ: فِي بِلاد الأَعْورِينا؛ فَعَلَى الإِضافة
كالأَعْجَمِينَ وَلَيْسَ بِجَمْعِ أَعْوَر لأَن مِثْلَ هَذَا لَا
يُسَلّم عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وعارَه وأَعْوَرَه وعَوَّرَه: صيَّره
كَذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُ جَبَلة:
وبِعْتُ لَهَا العينَ الصحيحةَ بالعَوَرْ
فإِنه أَراد العَوْراء فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الصِّفَةِ،
وَلَوْ أَراد العَوَر الَّذِي هُوَ العرَض لقابَل الصَّحِيحَةَ
وَهِيَ جَوْهَرٌ بالعَوَر وَهُوَ عرَضٌ، وَهَذَا قَبِيحٌ فِي
الصنْعة وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ
بِذَاتِ العَوَرِ فَحَذَفَ، وَكُلُّ هَذَا لِيُقَابَلَ الجوهرُ
بِالْجَوْهَرِ لأَن مُقَابَلَةَ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ أَذهبُ في
الصُّنْع وأَشْرَف فِي الْوَضْعِ؛ فأَما قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فالعينُ بعدهمُ كأَن حِداقَها ... سُمِلَت بِشَوْكٍ، فَهِيَ عُورٌ
تَدْمَعُ
فَعَلَى أَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْحَدَقَةِ أَعْوَرَ أَو
كلَّ قِطْعَةٍ مِنْهَا عَوْراء، وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ، وإِنما آثَرَ
أَبو ذُؤَيْبٍ هَذَا لأَنه لَوْ قَالَ: فَهِيَ عَوْرا تَدْمَعُ،
لَقَصَرَ الْمَمْدُودَ فرأَى مَا عَمِله أَسهلَ عَلَيْهِ وأَخفَّ.
وَقَدْ يَكُونُ العَوَرُ فِي غَيْرِ الإِنسان؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ:
حَدَّثَنَا بَعْضُ الْعَرَبِ أَن رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسد قَالَ
يَوْمَ جَبَلة: وَاسْتَقْبَلَهُ بَعِيرٌ أَعْور فَتَطيّر، فَقَالَ:
يَا بَنِيّ أَعْوَرَ وَذَا نابٍ، فَاسْتَعْمَلَ الأَعْورَ
لِلْبَعِيرِ، وَوَجْهُ نَصْبِهِ أَنه لَمْ يُرِدْ أَن
يَسْتَرْشِدَهُمْ لِيُخْبِرُوهُ عَنْ عَورِه وصحَّته، وَلَكِنَّهُ
نَبَّهَهُمْ كأَنه قَالَ: أَتستقبلون أَعْوَرَ وَذَا نَابٍ؟
فالاستقبالُ فِي حَالِ تَنْبِيهِهِ إِيّاهم كَانَ وَاقِعًا كَمَا
كَانَ التلَوُّن وَالتَّنَقُّلُ عِنْدَكَ ثَابِتَيْنِ فِي الْحَالِ
الأَول، وأَراد أَن يُثْبِتَ الأَعْوَرَ ليَحْذَرُوه، فأَما قَوْلُ
سِيبَوَيْهِ فِي تَمْثِيلِ النَّصْبِ أَتَعَوَّرون فَلَيْسَ مِنْ
كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما أَراد أَن يُرِينَا الْبَدَلَ مِنَ
اللَّفْظِ بِهِ بِالْفِعْلِ فَصَاغَ فِعْلًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ
الْعَرَبِ؛ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الأَعْيار
__________
(2) . قوله: [الأَعور الشني] ذكر في القاموس بدله الراعي
(4/613)
مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغِلْظةً، ... وَفِي الحَرْب
أَشباهَ النِّساء العَوارِك؟
أَتَعَيَّرون، وَكُلُّ ذَلِكَ إِنما هُوَ لِيَصُوغَ الْفِعْلَ
مِمَّا لَا يَجْرِي عَلَى الفعْل أَو مِمَّا يَقِلُّ جَرْيُهُ
عَلَيْهِ. والأَعْوَرُ: الْغُرَابُ، عَلَى التَّشَاؤُمِ بِهِ، لأَن
الأَعْورَ عندهم مشؤوم، وَقِيلَ: لِخِلَافِ حَالِهِ لأَنهم
يَقُولُونَ أَبْصَرُ مِنْ غُرَابٍ، قَالُوا: وإِنما سُمِّيَ
الْغُرَابُ أَعْوَر لِحِدَّةِ بَصَرِهِ، كَمَا يُقَالُ للأَعمى
أَبو بَصِير وللحبَشِيّ أَبو البَيْضاء، وَيُقَالُ للأَعمى بَصِير
وللأَعْوَر الأَحْوَل. قَالَ الأَزهري: رأَيت فِي الْبَادِيَةِ
امرأَة عَوْراء يُقَالُ لَهَا حَوْلاء؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ
للأَحْوَل الْعَيْنِ أَعْوَر، وللمرأَة الحَوْلاء هِيَ عَوْراء،
وَيُسَمَّى الْغُرَابُ عُوَيْراً عَلَى تَرْخِيمِ التَّصْغِيرِ؛
قَالَ: سُمِّيَ الْغُرَابُ أَعْوَرَ ويُصاح بِهِ فَيُقَالُ عُوَيْر
عُوَيْر؛ وأَنشد:
وصِحَاحُ العُيونِ يُدْعَوْن عُورا
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ومَنْهل أَعْوَر إِحْدى العَيْنَيْن، ... بَصِير أُخرى وأَصَمّ
الأُذُنَيْن
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَى أَعْوَر إِحدى الْعَيْنَيْنِ أَي فِيهِ
بِئْرَانِ فَذَهَبَتْ وَاحِدَةٌ فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَعْوَر
إِحدى الْعَيْنَيْنِ، وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَذَلِكَ مَعْنَى
قَوْلِهِ بَصِير أُخرى، وَقَوْلُهُ أَصَمّ الأُذنين أَي لَيْسَ
يُسْمَع فِيهِ صَدًى. قَالَ شِمْرٌ: عَوَّرْت عُيونَ الْمِيَاهِ
إِذا دَفَنْتها وسدَدْتها، وعَوَّرْت الرَّكِيَّةَ إِذا كَبَسْتها
بِالتُّرَابِ حَتَّى تَنْسَدَّ عُيُونُهَا. وَفَلَاةٌ عَوْراء: لَا
مَاءَ بِهَا. وعَوَّرَ عَيْنَ الرَّكِيَّةِ: أَفسدها حَتَّى نَضَبَ
الماءُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر وذكَرَ إمرأَ الْقَيْسِ فَقَالَ: افْتَقَر عَنْ معانٍ عُورٍ
؛ العُورُ جَمْعُ أَعْوَر وعَوْراء وأَراد بِهِ الْمَعَانِيَ
الْغَامِضَةَ الدَّقِيقَةَ، وَهُوَ مِنْ عَوَّرْت الرَّكِيَّةَ
وأَعَرْتُها وعُرْتُها إِذا طَمَمْتها وَسَدَدْتَ أَعينها الَّتِي
ينبَع مِنْهَا الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: أَمرَه أَن يُعَوِّرَ آبارَ بَدْرٍ
أَي يَدْفِنها ويَطُمّها؛ وَقَدْ عارَت الركيةُ تَعُور. وَقَالَ
ابْنُ الأَعرابي: العُوَارُ الْبِئْرُ الَّتِي لَا يُسْتَقَى
مِنْهَا. قَالَ: وعَوَّرْت الرَّجُلَ إِذا اسْتَسْقاك فَلَمْ
تَسْقِه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلْمُسْتَجِيزِ الَّذِي
يَطْلُبُ الْمَاءَ إِذا لَمْ تُسْقِهِ: قَدْ عَوَّرْت شُرْبَه؛
قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مَتَّى مَا تَرِدْ يَوْماً سَفارِ، تَجِدْ بِهِ ... أُدَيْهم،
يَرْمي المُسْتَجِيز المُعَوَّرا
سفارِ: اسْمُ مَاءٍ. وَالْمُسْتَجِيزُ: الَّذِي يَطْلُبُ الْمَاءَ.
وَيُقَالُ: عَوَّرْته عَنِ الْمَاءِ تَعْوِيراً أَي حَلَّأْته.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التَّعْوِيرُ الرَّدُّ. عَوَّرْته عَنْ
حَاجَتِهِ: رَدَدْتُهُ عَنْهَا. وَطَرِيقٌ أَعْوَرُ: لَا عَلَم
فِيهِ كأَنّ ذَلِكَ العَلَم عَيْنُه، وَهُوَ مَثَلٌ. والعائرُ:
كُلُّ مَا أَعَلَّ العينَ فعقَر، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الْعَيْنَ
تُغْمَضُ لَهُ وَلَا يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنَ النَّظَرِ لأَن
الْعَيْنَ كأَنها تَعُور. وَمَا رأَيت عائرَ عَيْنٍ أَي أَحداً
يَطْرِف الْعَيْنَ فيَعُورها. وعائرُ الْعَيْنِ: مَا يملؤُها مِنَ
الْمَالِ حَتَّى يَكَادَ يَعُورُها. وَعَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ
عائرةُ عَيْنَيْن وعَيِّرَةُ عَيْنَيْنِ؛ كِلَاهُمَا عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ، أَي مَا يَكَادُ مِنْ كَثْرَتِهِ يَفْقأُ
عَيْنَيْهِ، وَقَالَ مَرَّةً: يُرِيدُ الْكَثْرَةَ كأَنه يملأُ
بَصَرَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَثُرَ
مالُه: تَرِدُ عَلَى فُلَانٍ عائرةُ عَيْنٍ وعائرةُ عَيْنَيْنِ أَي
تَرِدُ عَلَيْهِ إِبلٌ كَثِيرَةٌ كأَنها مِنْ كَثْرَتِهَا تملأُ
الْعَيْنَيْنِ حَتَّى تَكَادَ تَعُورهما أَي تَفْقَؤُهما. وَقَالَ
أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَاهُ أَنه مِنْ كَثْرَتِهَا تَعِيرُ فِيهَا
الْعَيْنُ؛ قَالَ الأَصمعي: أَصل ذَلِكَ أَن الرَّجُلَ مِنَ
الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذا بَلَغَ
(4/614)
إِبلُه أَلفاً عارَ عَينَ بَعِير مِنْهَا،
فأَرادوا بعَائرة الْعَيْنِ أَلفاً مِنَ الإِبل تَعُورُ عينُ
وَاحِدٍ مِنْهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَعِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ
عائرةُ عينٍ أَي يَحارُ فِيهِ الْبَصَرُ مِنْ كَثْرَتِهِ كأَنه
يملأُ الْعَيْنَ فيَعُورُها. والعائرُ كالظَّعْنِ أَو القذَى فِي
الْعَيْنِ: اسْمٌ كالكاهِل والغارِب، وَقِيلَ: العائرُ الرَّمَد،
وَقِيلَ: العائرُ بَثْرٌ يَكُونُ فِي جَفْن الْعَيْنِ الأَسفل،
وَهُوَ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ النالِج والناعِر
والباطِل، وَلَيْسَ اسْمَ فَاعِلٍ وَلَا جَارِيًا عَلَى مُعْتَلٍّ،
وَهُوَ كَمَا تَرَاهُ مُعْتَلٌّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: العائرُ
غَمَصة تمَضُّ الْعَيْنَ كأَنما وَقَعَ فِيهَا قَذًى، وَهُوَ
العُوّار. قَالَ: وَعَيْنٌ عائرةٌ ذَاتُ عُوّار؛ قَالَ: وَلَا
يُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى عارَت، إِنما يُقَالُ عارَت إِذا
عَوِرَت، والعُوّار، بِالتَّشْدِيدِ، كَالْعَائِرِ، وَالْجَمْعُ
عَواوِير: الْقَذَى فِي الْعَيْنِ؛ يُقَالُ: بِعَيْنِهِ عُوّار أَي
قَذًى؛ فأَما قَوْلُهُ:
وكَحَّلَ العَيْنَيْنِ بالعَواوِر
فإِنما حَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَهْمِزْ
لأَن الْيَاءَ فِي نِيَّةِ الثَّبَاتِ، فَكَمَا كَانَ لَا
يَهْمِزُهَا وَالْيَاءُ ثَابِتَةٌ كَذَلِكَ لَمْ يَهْمِزْهَا
وَالْيَاءُ فِي نِيَّةِ الثَّبَاتِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ
الْيَزِيدِيِّ: بعَيْنِه ساهِكٌ وعائرٌ، وَهُمَا مِنَ الرَّمَدِ.
والعُوّار: الرَّمَدُ. والعُوّار: الرَّمَصُ الَّذِي فِي
الْحَدَقَةِ. والعُوّارُ: اللَّحْمُ الَّذِي يُنْزَعُ مِنَ
الْعَيْنِ بعد ما يُذَرّ عَلَيْهِ الذَّرُورُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
والعَوْراء: الْكَلِمَةُ الْقَبِيحَةُ أَو الفَعْلة القَبيحة،
وَهُوَ مِنْ هَذَا لأَن الْكَلِمَةَ أَو الْفَعْلَةَ كأَنها تَعُور
الْعَيْنَ فَيَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنَ الطُّمْوحِ وحِدّةِ
النَّظَرِ، ثُمَّ حَوّلوها إِلى الْكَلِمَةِ والفعلةِ عَلَى
المَثَل، وإِنما يُرِيدُونَ فِي الْحَقِيقَةِ صَاحِبَهَا؛ قَالَ
ابْنُ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيُّ يَمْدَحُ ابْنَ عَمِّهِ عُمَيْلة
وَكَانَ عُمَيْلَةُ هَذَا قَدْ جَبَرَهُ مِنْ فَقْرٍ:
إِذا قِيلَت العَوْراءُ أَغْضَى، كأَنه ... ذليلٌ بِلَا ذُلٍّ،
وَلَوْ شَاءَ لانْتَصَرْ
وَقَالَ آخَرُ:
حُمِّلْت مِنْهُ عَلَى عَوْراءَ طائِشةٍ، ... لَمْ أَسْهُ عَنْهَا
وَلَمْ أَكْسِرْ لَهَا فَزَعا
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلْكَلِمَةِ الْقَبِيحَةِ
عَوْراء، وَلِلْكَلِمَةِ الحسْناء: عَيْناء؛ وأَنشد قَوْلَ
الشَّاعِرِ:
وعَوْراء جَاءَتْ مِنْ أَخٍ، فرَدَدْتُها ... بِسالمةِ
العَيْنَيْنِ، طَالِبَةً عُذْرا
أَي بِكَلِمَةٍ حسَنَة لَمْ تَكُنْ عَوْراء. وَقَالَ اللَّيْثُ:
العَوْراء الْكَلِمَةُ الَّتِي تَهْوِي فِي غَيْرِ عَقْلٍ وَلَا
رُشْد. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْكَلِمَةُ العَوْراء الْقَبِيحَةُ،
وَهِيَ السَّقْطة؛ قَالَ حَاتِمُ طَيِّءٍ:
وأَغْفِرُ عَوْراءَ الْكَرِيمِ ادِّخارَه، ... وأُعْرِضُ عَنْ
شَتْمِ اللَّئِيم تَكَرُّما
أَي لِادِّخَارِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَتَوَضَّأُ أَحدكم مِنَ
الطَّعام الطيّبِ وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنَ العَوْراء يقولُها
أَي الْكَلِمَةِ الْقَبِيحَةِ الزَّائِغَةِ عَنِ الرُّشد. وعُورانُ
الكلامِ: مَا تَنْفِيه الأُذُن، وَهُوَ مِنْهُ، الْوَاحِدَةُ
عَوْراء؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وأَنشد:
وعَوْراء قَدْ قِيلَتْ، فَلَمْ أَسْتَمِعْ لَهَا، ... وَمَا
الكَلِمُ العُورانُ لِي بِقَتُولِ
وَصَفَ الكَلِمَ بالعُورانِ لأَنه جَمْعٌ وأَخبر عَنْهُ بالقَتُول،
وَهُوَ وَاحِدٌ لأَن الْكَلِمَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَكَذَلِكَ
كُلُّ جَمْعٍ لَا يُفارِق وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ وَلَكَ فِيهِ
كُلُّ ذَلِكَ. والعَوَرُ: شَيْنٌ وقُبْحٌ. والأَعْوَرُ: الرَّدِيءُ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. في الْحَدِيثِ:
لَمَّا اعْتَرَضَ أَبو لَهَبٍ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَ إِظهار
(4/615)
الدَّعْوة قَالَ لَهُ أَبو طَالِبٍ: يَا
أَعْوَرُ، مَا أَنتَ وَهَذَا؟
لَمْ يَكُنْ أَبو لَهَبٍ أَعْوَرَ وَلَكِنَّ العرب تقول للذي
لَيْسَ لَهُ أَخٌ مِنْ أُمّه وأَبيه أَعْوَر، وَقِيلَ: إِنهم
يَقُولُونَ لِلرَّدِيءِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الأُمور والأَخلاق
أَعْوَر، وَلِلْمُؤَنَّثِ مِنْهُ عَوْراء. والأَعْوَرُ: الضَّعِيفُ
الْجَبَانُ البَلِيد الَّذِي لَا يَدُلّ وَلَا يَنْدَلّ وَلَا
خَيْرَ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِلرَّاعِي:
إِذا هابَ جُثْمانَه الأَعْوَرُ
يَعْنِي بالجُثْمان سوادَ اللَّيْلِ ومُنْتَصَفه، وَقِيلَ: هُوَ
الدَّلِيلُ السيِء الدَّلَالَةِ. والعُوّار أَيضاً: الضَّعِيفُ
الْجَبَانُ السَّرِيعُ الْفِرَارِ كالأَعْور، وَجَمْعُهُ
عَوَاوِيرُ؛ قَالَ الأَعشى:
غَيْرَ مِيلٍ وَلَا عَواوِير فِي الهيجا، ... وَلَا عُزّلٍ وَلَا
أَكْفالِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُكْتَفَ فِيهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ
لأَنهم قَلَّمَا يَصِفُونَ بِهِ الْمُؤَنَّثَ فَصَارَ كمِفْعال
ومِفْعِيل وَلَمْ يَصِرْ كفَعّال، وأَجْرَوْه مُجْرَى الصِّفَةِ
فَجَمَعُوهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي
حَسَّانٍ وكَرّام. والعُوّار أَيضاً: الَّذِينَ حَاجَاتُهُمْ فِي
أَدْبارِهم؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ العُوّار
الْجَبَانِ العَواوِيرُ، قَالَ: وإِن شِئْتَ لَمْ تُعَوِّضْ فِي
الشِّعْرِ فَقُلْتَ الْعَوَاوِرُ؛ وأَنشد عَجُزَ بَيْتٍ لِلَبِيدٍ
يُخَاطِبُ عَمَّهُ ويُعاتِبه:
وَفِي كلِّ يَوْمٍ ذِي حِفاظٍ بَلَوْتَنِي، ... فقُمْتُ مَقاماً
لَمْ تَقُمْه العَواوِرُ
وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ: إِنما صَحَّتْ فِيهِ الْوَاوُ
مَعَ قُرْبِهَا مِنَ الطَّرَفِ لأَن الْيَاءَ الْمَحْذُوفَةَ
لِلضَّرُورَةِ مُرَادَةٌ فَهِيَ فِي حُكْمِ مَا فِي اللَّفْظِ،
فَلَمَّا بَعُدَتْ فِي الْحُكْمِ مِنَ الطَّرف لَمْ تُقْلَبْ
هَمْزَةً. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: أَعْوَرُ عَيْنَك
والحَجَر. والإِعْوَار: الرِّيبةُ. وَرَجُلٌ مُعْوِرٌ: قَبِيحُ
السَّرِيرَةِ. وَمَكَانٌ مُعْوِر: مُخَوِّفٌ. وَهَذَا مَكَانٌ
مُعْوِر أَي يُخاف فِيهِ الْقَطْعُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ مَسْعُودُ بْنُ
هُنَيْدة: رأَيته وَقَدْ طلَع فِي طريقٍ مُعْوِرة
أَي ذَاتُ عَوْرة يُخاف فِيهَا الضَّلَالُ وَالِانْقِطَاعُ.
وَكُلُّ عَيْبٍ وَخَلَلٍ فِي شَيْءٍ، فَهُوَ عَوْرة وَشَيْءٌ
مُعْوِر وعَوِرٌ: لَا حَافِظَ لَهُ. والعَوَارُ والعُوار، بِفَتْحِ
الْعَيْنِ وَضَمِّهَا: خَرْقٌ أَو شَقٌّ فِي الثَّوْبِ، وَقِيلَ:
هُوَ عَيْبٌ فِيهِ فَلَمْ يُعَيَّنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المُزَنِيِّ لُؤْماً، ... كَمَا بَيَّنْتَ فِي
الأُدُم العُوارا
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمةٌ وَلَا ذاتُ عَوار
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَوارُ، بِالْفَتْحِ، الْعَيْبُ، وَقَدْ
يُضَمُّ. والعَوْرةُ: الخَلَلُ فِي الثَّغْر وَغَيْرِهِ، وَقَدْ
يُوصَفُ بِهِ مَنْكُورًا فَيَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ
بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ بُيُوتَنا
عَوْرَةٌ
؛ فأَفرد الْوَصْفَ والموصوفُ جَمْعٌ، وأَجمع القُرّاء عَلَى
تَسْكِينِ الْوَاوِ مِنْ عَوْرة، وَلَكِنْ فِي شَوَاذِّ
الْقِرَاءَاتِ عَوِرة عَلَى فَعِلة، وإِنما أَرادوا: إِنَّ
بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
أَي مُمْكِنة للسرَّاق لخلُوِّها مِنَ الرِّجَالِ فأَكْذَبَهم
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ
وَلَكِنْ يُرِيدون الفِرار؛ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِن بُيُوتَنَا
عَوْرة أَي مُعْوِرة أَي بُيُوتُنَا مِمَّا يَلِي العَدُوَّ
وَنَحْنُ نُسْرَق مِنْهَا فأَعْلَم اللهُ أَنَّ قصدَهم الهربُ.
قَالَ: وَمَنْ قرأَها
عَوِرة
فَمَعْنَاهَا ذَاتُ عَوْرة. إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً؛
الْمَعْنَى: مَا يُرِيدُونَ تحرُّزاً مِن سَرَقٍ وَلَكِنْ
يُرِيدُونَ الفِرارَ عَنْ نُصْرة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
(4/616)
أَي لَيْسَتْ بِحَرِيزة، وَمَنْ قرأَ
عَوِرة ذَكَّر وأَنَّث، وَمَنْ قرأَ عَوْرَةٌ قَالَ فِي
التَّذْكِيرِ والتأْنيث وَالْجَمْعِ عَوْرة كَالْمَصْدَرِ. قَالَ
الأَزهري: العَوْرة فِي الثُّغُور وَفِي الحُروبِ خَلَلٌ
يُتَخَوَّف مِنْهُ الْقَتْلُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَوْرة
كُلُّ خَلَل يُتَخَوَّف مِنْهُ مِنْ ثَغْرٍ أَو حَرْب. والعَوْرة:
كُلُّ مَكْمَنٍ للسَّتْر. وعَوْرةُ الرَّجُلِ والمرأَة:
سوْأَتُهما، وَالْجَمْعُ عَوْرات، بِالتَّسْكِينِ، وَالنِّسَاءُ
عَوْرة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما يُحَرَّكُ الثَّانِي مِنْ
فَعْلة فِي جَمْعِ الأَسماء إِذا لم يكن باءً أَو وَاوًا، وقرأَ
بَعْضُهُمْ:
عَوَرات النِّسَاءِ
، بِالتَّحْرِيكِ. والعَوْرةُ: السَّاعَةُ الَّتِي هِيَ قَمِنٌ
مِنْ ظُهُورِ العَوْرة فِيهَا، وَهِيَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ: سَاعَةٌ
قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَسَاعَةٌ عِنْدَ نِصْفِ النَّهَارِ،
وَسَاعَةٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ
؛ أَمر اللَّهُ تَعَالَى الوِلْدانَ والخَدَمَ أَن لَا يَدْخُلُوا
فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ إِلا بِتَسْلِيمٍ مِنْهُمْ وَاسْتِئْذَانٍ.
وكلُّ أَمر يُسْتَحَيَا مِنْهُ: عَوْرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْراتُنا مَا نأْتي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟
العَوْرات: جَمْعُ عَوْرة، وَهِيَ كُلِّ مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ
إِذا ظَهَرَ، وَهِيَ مِنَ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ
وَالرُّكْبَةِ، وَمِنَ المرأَة الْحُرَّةِ جميعُ جَسَدِهَا إِلا
الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ إِلى الْكُوعَيْنِ، وَفِي أَخْمَصِها
خِلَافٌ، وَمِنَ الأَمَة مثلُ الرَّجُلِ، وَمَا يَبْدُو مِنْهَا
فِي حَالِ الْخِدْمَةِ كالرأْس وَالرَّقَبَةِ وَالسَّاعِدِ
فَلَيْسَ بِعَوْرة. وسترُ العَوْرة فِي الصَّلَاةِ وغيرِ
الصَّلَاةِ واجبٌ، وَفِيهِ عِنْدَ الْخَلْوَةِ خِلَافٌ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
المرأَة عَوْرة
؛ جَعَلَهَا نفسَها عَوْرة لأَنها إِذا ظَهَرَتْ يُسْتَحْيَا
مِنْهَا كَمَا يُسْتَحْيَا مِنَ العَوْرة إِذا ظَهَرَتْ.
والمُعْوِرُ: المُمْكِن البيِّن الْوَاضِحُ. وأَعْوَرَ لَكَ
الصَّيْدُ أَي أَمْكَنك. وأَعْوَرَ الشيءُ: ظَهَرَ وأَمكن؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لكُثَيّر:
كَذَاكَ أَذُودُ النَّفْسَ، يَا عَزَّ، عنكمُ، ... وَقَدْ
أَعْوَرَت أَسْرارُ مَن لَا يَذُودُها
أَعْوَرَتْ: أَمكنت، أَي مَنْ لَمْ يَذُد نفسَه عَنْ هَوَاهَا
فحُشَ إِعْوارُها وفشَتْ أَسرارُها. وَمَا يُعْوِرُ لَهُ شَيْءٌ
إِلا أَخذه أَي يَظْهَرُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعْوَرَ منزلُك
إِذا بَدَتْ مِنْهُ عَوْرةٌ، وأَعْوَرَ الفارِسُ إِذا كَانَ فِيهِ
مَوْضِعُ خَلَلٍ لِلضَّرْبِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الأَسد:
لَهُ الشَّدّةُ الأُولى إِذا القِرْن أَعْورَا
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: لَا تُجْهِزوا عَلَى جَريح وَلَا
تُصِيبُوا مُعْوِراً
؛ هُوَ مِنْ أَعْوَر الفارسُ إِذا بَدَا فِيهِ مَوْضِعُ خللٍ
لِلضَّرْبِ. وعارَه يَعُوره أَي أَخذه وَذَهَبَ بِهِ. وَمَا
أَدْرِي أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيّ النَّاسِ أَخذه؛ لَا
يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الْجَحْدِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَمَا أَدري
أَيّ النَّاسِ ذَهَبَ بِهِ وَلَا مُسْتَقْبَل لَهُ. قَالَ
يَعْقُوبُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَعُوره، وَقَالَ أَبو شِبْلٍ:
يَعِيره، وَسَيُذْكَرُ فِي الْيَاءِ أَيضاً. وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: أَراك عُرْته وعِرْته أَي ذَهَبْتَ بِهِ. قَالَ
ابْنُ جِنِّي: كأَنهم إِنما لَمْ يَكَادُوا يَسْتَعْمِلُونَ
مُضَارِعَ هَذَا الْفِعْلِ لَمَّا كَانَ مَثَلًا جَارِيًا فِي
الأَمر الْمُنْقَضِي الْفَائِتِ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا
وَجْهَ لِذِكْرِ الْمُضَارِعِ هَاهُنَا لأَنه لَيْسَ بمُنْقَضٍ
وَلَا يَنْطِقُونَ فِيهِ بِيَفْعَلَ، وَيُقَالُ: مَعْنَى عارَه أَي
أَهلكه. ابْنُ الأَعرابي: تَعَوّرَ الكتابُ إِذا دَرَسَ. وَكِتَابٌ
أَعْوَرُ: دارِسٌ. قَالَ: والأَعْور الدَّلِيلُ السَّيِّءُ
الدَّلَالَةِ لَا يُحْسِنُ أَن يَدُلّ وَلَا يَنْدَلّ، وأَنشد:
مَا لَكَ، يَا أَعْوَرُ، لَا تَنْدَلّ، ... وَكَيْفَ يَنْدَلّ
امْرؤٌ عِتْوَلّ؟
(4/617)
وَيُقَالُ: جَاءَهُ سَهْمٌ عائرٌ فقَتَله،
وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَى مَن رَمَاهُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
أَخْشَى عَلَى وَجْهِك يَا أَمير، ... عَوائِراً مِنْ جَنْدَل
تَعِير
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَصابه سَهْمٌ عائِرٌ فقَتَله
؛ أَي لَا يُدْرَى مَنْ رماه. والعائِرُ مِنَ السِّهَامِ
والحجارةِ: الَّذِي لَا يُدْرَى مَن رَمَاهُ؛ وَفِي تَرْجَمَةِ
نسأَ: وأَنشد لِمَالِكِ بْنِ زُغْبَةَ الْبَاهِلِيُّ:
إِذا انْتَسَأُوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ
نَبْلٍ، كالجَرادِ نُطِيرُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَوائِرُ نَبْلٍ أَي جَمَاعَةُ سِهَامٍ
مُتَفَرِّقَةٍ لَا يُدْرَى مِنْ أَين أَتت. وعاوَرَ الْمَكَايِيلَ
وعَوَّرَها: قدَّرَها، وَسَيُذْكَرُ فِي الْيَاءِ لُغَةٌ فِي
عايَرَها. والعُوّارُ: ضَرْبٌ مِنَ الخَطاطِيف أَسود طَوِيلُ
الْجَنَاحَيْنِ، وعَمَّ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: العُوّار،
بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، الخُطّاف؛ وَيُنْشِدُ:
كَمَا انْقَضَّ تَحْتَ الصِّيقِ عُوّارُ
الصِّيق: الْغُبَارُ. والعُوّارَى: شَجَرَةٌ يُؤْخَذُ جِراؤُها
فتُشْدَخ ثُمَّ تُيَبَّس ثُمَّ تُذَرَّى ثُمَّ تُحْمَلُ فِي
الأَوعية إِلى مَكَّةَ فَتُبَاعُ وَيُتَّخَذُ مِنْهَا مَخانِقُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعُوَّار شَجَرَةٌ تَنْبُتُ نِبْتة
الشَّرْية وَلَا تشِبُّ، وَهِيَ خَضْرَاءُ، وَلَا تَنْبُتُ إِلا
فِي أَجواف الشَّجَرِ الْكِبَارِ. ورِجْلة العَوْراء: بِالْعِرَاقِ
بِمَيْسان. والعارِيّة والعارةُ: مَا تداوَلُوه بَيْنَهُمْ؛ وَقَدْ
أَعارَه الشيءَ وأَعارَه مِنْهُ وعاوَرَه إِيَّاه. والمُعاوَرة
والتَّعاوُر: شِبْهُ المُدَاوَلة والتّداوُل فِي الشَّيْءِ يَكُونُ
بَيْنَ اثْنَيْنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وسَقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عاوَرْتُ صَاحِبِي ... أَباها، وهَيَّأْنا
لِمَوْقِعها وكْرا
يَعْنِي الزَّنْدَ وَمَا يَسْقُطُ مِنْ نَارِهَا؛ وأَنشد ابْنُ
الْمُظَفَّرِ:
إِذا رَدَّ المُعاوِرُ مَا استْعَارا
وَفِي حَدِيثِ
صَفْوَانَ بْنِ أُمية: عارِيّة مَضْمُونَةٌ
؛ مُؤدّاة العارِيّة يَجِبُ ردُّها إِجماعاً مَهْمَا كَانَتْ
عينُها بَاقِيَةً، فإِن تَلِفَت وجبَ ضمانُ قِيمَتِهَا عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ، وَلَا ضَمَانَ فِيهَا عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ.
وتَعَوّرَ واسْتَعار: طَلَبَ العارِيّة. واسْتَعارَه الشيءَ
واسْتَعارَه مِنْهُ: طَلَبَ مِنْهُ أَن يُعِيرَه إِيّاه؛ هَذِهِ
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِصَّةِ الْعِجْلِ: مِنْ حُلِيٍّ تَعَوَّرَه
بَنُو إِسرائيل
أَي اسْتَعارُوه. يُقَالُ: تعوَّر واسْتَعار نَحْوَ تَعَجَّبَ
واسْتَعْجَب. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَرى ذَا الدهرَ
يَسْتَعِيرُني ثِيَابِي، قَالَ: يَقُولُهُ الرَّجُلُ إِذا كَبِر
وخَشِيَ الْمَوْتَ. واعْتَوَروا الشيءَ وتَعوَّرُوه وتَعاوَرُوه:
تداوَلُوه فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلى، ... نَذَرُ البِكَارَة
فِي الجَزاءِ المُضْعَفِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما ظَهَرَتِ الْوَاوُ فِي اعْتَوَرُوا
لأَنه فِي مَعْنَى تَعاوَرُوا فبُنِيَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا
فِي تجاوَرُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَتَعَاوَرُون عَلَى مِنْبَرِي
أَي يَخْتَلِفُونَ وَيَتَنَاوَبُونَ كُلَّمَا مَضَى وَاحِدٌ
خَلَفَه آخَرُ. يُقَالُ: تَعاوَرَ القومُ فُلَانًا إِذا تَعاوَنْوا
عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ. قَالَ الأَزهري:
وأَما العارِيّة والإِعارةُ والاسْتِعارة فإِن قَوْلَ الْعَرَبِ
فِيهَا: هُمْ يَتَعاوَرُون العَوَارِيَّ ويَتَعَوَّرُونها،
بِالْوَاوِ، كأَنهم أَرادوا تَفْرِقَةً بَيْنَ مَا يَتَرَدَّدُ
مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ وَبَيْنَ مَا يُرَدَّد.
(4/618)
قَالَ: والعارِيّة مَنْسُوبَةٌ إِلى
العارَة، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الإِعارة. تَقُولُ: أَعَرْتُه
الشَّيْءَ أُعِيره إِعارة وعَارةً، كَمَا قَالُوا: أَطَعْتُه
إِطاعة وَطَاعَةً وأَجَبْتُه إِجابة وَجَابَةً؛ قَالَ: وَهَذَا
كَثِيرٌ فِي ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ، مِنْهَا الْعَارَةُ والدَّارة
وَالطَّاقَةُ وَمَا أَشبهها. وَيُقَالُ: اسْتَعَرْت مِنْهُ
عارِيّةً فأَعارَنِيها؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العارِيّة،
بِالتَّشْدِيدِ، كأَنها مَنْسُوبَةٌ إِلى العارِ لأَن طلَبَها عارٌ
وعيْبٌ؛ وَيُنْشِدُ:
إِنما أَنْفُسُنا عَارِيَّةٌ، ... والعَواريّ قصارٌ أَن تُرَدّ
العارةُ: مِثْلُ العارِيّة؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إِنما المالُ عارةٌ، ... وكُلْه مَعَ
الدَّهْرِ الَّذِي هُوَ آكِلُهْ
واستعارَه ثَوْبًا فأَعَارَه أَباه، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: كِيرٌ
مُسْتعار؛ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
كأَن حَفِيفَ مَنْخِره، إِذا مَا ... كَتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ
مُسْتَعارُ
قِيلَ: فِي قَوْلِهِ مُسْتَعَارٌ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه
اسْتُعِير فأُشْرِع العملُ بِهِ مُبَادَرَةً لِارْتِجَاعِ
صَاحِبِهِ إِيَّاه، وَالثَّانِي أَن تَجْعَلَهُ مِنَ التَّعاوُرِ.
يُقَالُ: اسْتَعَرْنا الشَّيْءَ واعْتَوَرْناه وتَعاوَرْنَاه
بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: مُسْتَعار بِمَعْنَى مُتعاوَر أَي
مُتداوَل. وَيُقَالُ: تَعاوَرَ القومُ فُلَانًا واعْتَوَرُوه
ضَرْباً إِذا تَعَاوَنُوا عَلَيْهِ فَكُلَّمَا أَمْسَكَ وَاحِدٌ
ضربَ واحدٌ، والتعاوُر عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وتَعاوَرت الرياحُ
رَسْمَ الدَّارِ حَتَّى عَفَّتْه أَي تَواظَبت عَلَيْهِ؛ قَالَ
ذَلِكَ اللَّيْثُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَلَطٌ، وَمَعْنَى
تعاوَرت الرياحُ رَسْمَ الدَّارِ أَي تَداوَلَتْه، فمرَّةً تَهُبُّ
جَنوباً وَمَرَّةً شَمالًا ومرَّة قَبُولًا وَمَرَّةً دَبُوراً؛
وَمِنْهُ قول الأَعشى:
دِمْنة قَفْزة، تاوَرها الصَّيْفُ ... برِيحَيْنِ مِنْ صَباً
وشَمالِ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: تعاوَرْنا العَوارِيَّ تعاوُراً إِذا أَعارَ
بعضُكم بَعْضًا، وتَعَوَّرْنا تَعوُّراً إِذا كُنْتَ أَنت
المُسْتَعِيرَ، وتَعاوَرْنا فُلَانًا ضَرْباً إِذا ضَرَبْتَهُ
مَرَّةً ثُمَّ صاحبُك ثُمَّ الآخرُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي:
التَّعاوُرُ والاعْتِوَارُ أَن يَكُونَ هَذَا مَكَانَ هَذَا،
وَهَذَا مَكَانَ هَذَا. يُقَالُ: اعْتَوَراه وابْتدّاه هَذَا
مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً، وَلَا يُقَالُ ابْتَدّ زَيْدٌ عَمْرًا
وَلَا اعْتَوَرَ زيدٌ عَمْرًا. أَبو زَيْدٍ: عَوَّرْت عَنْ فُلَانٍ
مَا قِيلَ لَهُ تَعْوِيراً وعَوَّيْت عَنْهُ تَعْوِيةً أَي
كَذَّبْتُ عَنْهُ مَا قِيلَ لَهُ تَكْذِيبًا ورَدَدْت. وعَوّرْته
عَنِ الأَمر: صرَفته عَنْهُ. والأَعْوَرُ: الَّذِي قَدْ عُوِّرَ
وَلَمْ تُقْضَ حاجتُه وَلَمْ يُصِبْ مَا طَلَبَ وَلَيْسَ مِنْ
عَوَر الْعَيْنِ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
وعَوَّرَ الرحمنُ مَن وَلّى العَوَرْ
وَيُقَالُ: مَعْنَاهُ أَفسد مَنْ وَلَّاه وَجَعَلَهُ وَليَّاً
للعَوَر، وَهُوَ قُبْحُ الأَمر وفسادُه. تَقُولُ: عَوَّرْت
عَلَيْهِ أَمَره تَعْوِيراً أَي قَبَّحْته عَلَيْهِ. والعَوَرُ:
تَرْكُ الْحَقِّ. وَيُقَالُ: عَاوَرَه الشيءَ أَي فعلَ بِهِ مثلَ
مَا فَعَلَ صاحبُه بِهِ. وعوراتُ الْجِبَالِ: شُقُوقُهَا؛ وَقَوْلُ
الشَّاعِرِ:
تَجاوَبَ بُومُها فِي عَوْرَتَيْها، ... إِذا الحِرْباء أَوْفى
للتَّناجي «3» .
__________
(3) . قوله: [تجاوب بومها إلخ] في شرح القاموس ما نصه: هكذا أَنشده
الجوهري في الصحاح. وقال الصاغاني: والصواب غورتيها، بالغين معجمة،
وهما جانباها. وفي البيت تحريف والرواية: أَوفى للبراح، والقصيدة
حائية، والبيت لِبِشْرِ بْنِ أَبي خَازِمٍ
(4/619)
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد عَوْرَتي
الشَّمْسِ وَهُمَا مَشْرِقُهَا وَمَغْرِبُهَا. وإِنها لَعَوْراء
القُرِّ: يَعْنون سَنَة أَو غَدَاةً أَو لَيْلَةً؛ حُكِيَ ذَلِكَ
عَنْ ثَعْلَبٍ. وعَوائرُ مِنَ الْجَرَادِ: جَمَاعَاتٌ
مُتَفَرِّقَةٌ. والعَوارُ: العَيْب؛ يُقَالُ: سِلْعَة ذَاتُ
عَوارٍ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُضَمُّ. وعُوَيْرٌ
والعُوَيْرُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عُوَيْرٌ، ومَن مِثْلُ العُوَيْرِ ورَهْطِه؟ ... وأَسْعَدُ فِي
لَيلِ البَلابِل صَفْوانُ
وعُوَيرْ: اسْمُ مَوْضِعٍ. والعُوَيْر: مَوْضِعٌ عَلَى قبْلة
الأَعْوريَّة، هِيَ قَرْيَةُ بَنِي محجنٍ الْمَالِكِيِّينَ؛ قَالَ
الْقَطَامِيُّ:
حَتَّى وَرَدْنَ رَكيّات العُوَيْرِ، وَقَدْ ... كادَ المُلاءُ
مِنَ الْكَتَّانِ يَشْتَعِلُ
وَابْنَا عُوارٍ: جَبَلَانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِن هِنْدٍ إِذا احْتَجَبَتْ، ... يَا ابْنَيْ
عُوَارٍ، وأَمْسى دُونها بُلَعُ «1»
. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ابْنَا عُوارٍ نَقَوَا رمْلٍ. وتِعار:
جَبَلٌ بِنَجْدٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وَمَا هَبَّتِ الأَرْواحُ تَجْري، وَمَا ثَوى ... مُقِيماً
بِنَجْدٍ عَوْفُها وتِعارُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ يُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ
فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ وَالثُّلَاثِيِّ الْمُعْتَلِّ.
عير: العَيْر: الْحِمَارُ، أَيّاً كَانَ أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً،
وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الوَحْشِيّ، والأُنثى عَيْرة. قَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الرِّضَا بِالْحَاضِرِ ونِسْيان
الْغَائِبِ قَوْلُهُمْ: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ فِي الرِّباط؛
قَالَ: ولأَهل الشَّامِ فِي هَذَا مَثَلٌ: عَيْرٌ بِعَيْرٍ وزيادةُ
عَشْرَةٍ. وَكَانَ خُلَفَاءُ بَنِي أُميّة كُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ
مِنْهُمْ زَادَ الَّذِي يخلُفه فِي عَطَائِهِمْ عَشْرَةً فَكَانُوا
يَقُولُونَ هَذَا عِنْدَ ذَلِكَ. وَمِنْ أَمثالهم: فُلَانٌ أَذَلُّ
مِنَ العَيْرِ، فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ الْحِمَارَ الأَهلي،
وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ الْوَتِدَ؛ وَقَوْلُ شِمْرٍ:
لَوْ كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة، ... أَو كُنْتَ
عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح
أَراد بالعَيْر الحمارَ، وبِكْسرِ الْقَبِيحِ طَرَفَ عَظْمِ
المِرْفق الَّذِي لَا لَحْمَ عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ
فُلَانٌ أَذلُّ مِنَ العَيْر. وَجَمْعُ العَيْر أَعْيارٌ وعِيارٌ
وعُيورٌ وعُيُورة وعِيَارات، ومَعْيوراء اسْمٌ لِلْجَمْعِ. قَالَ
الأَزهري: المَعْيُورا الحَمِير، مَقْصُورٌ، وَقَدْ يُقَالُ
المَعْيوراء مَمْدُودَةً، مِثْلُ المَعْلوجاء والمَشْيُوخاء
والمَأْتوناء، يُمَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيُقْصَرُ. وَفِي
الْحَدِيثُ:
إِذا أَرادَ اللهُ بِعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عَلَيْهِ بذُنوبِه
حَتَّى يُوافيه يَوْمَ الْقِيَامَةِ كأَنه عَيْر
؛ العَيْر: الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ، وَقِيلَ: أَراد الجبَل
الَّذِي بِالْمَدِينَةِ اسْمُهُ عَيْر، شبَّه عِظَم ذُنُوبِهِ
بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لأَنْ أَمْسَح عَلَى ظَهْر عَيْر بِالْفَلَاةِ
أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر:
أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغلْظةً، ... وَفِي الحَرْب
أَشباهَ النِّسَاءِ العَوارك؟
فإِنه لَمْ يَجْعَلْهُمْ أَعْياراً عَلَى الْحَقِيقَةِ لأَنه إِنما
يُخَاطِبُ قَوْمًا، وَالْقَوْمُ لَا يكونون أَعياراً وإِنما
شَبَّهَهُمْ بِهَا فِي الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ، وَنَصَبَهُ عَلَى
مَعْنَى أَتَلَوّنون وتَنَقّلون مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا؟
وأَما قَوْلُ سيبويه: لو مَثَّلْت
__________
(1) . قوله: [بل ما تذكر إلخ] هكذا في الأَصل والذي في ياقوت:
ماذا تَذَكَّرَ مِنْ هِنْدٍ إِذا احتجبت ... يا بني عوار وأدنى
دارها بلع
(4/620)
الأَعْيار فِي الْبَدَلِ مِنَ اللَّفْظِ
بِالْفِعْلِ لَقُلْتَ: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت مَعْنَاهُ،
فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما أَراد أَن يصوغُ فِعْلًا
أَي بناءَ كَيْفِيَّة الْبَدَلِ مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ،
وَقَوْلُهُ لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى مَا لَهُ فِعْلَ مِنْ
لَفْظِهِ، يُدلّك عَلَى أَن قَوْلَهُ تَعَيّرون لَيْسَ مِنْ
كَلَامِ الْعَرَبِ. والعَيرُ الْعَظْمُ النَّاتِئُ وَسَطَ الْكَفِّ
«2» . وَالْجَمْعُ أَعْيارٌ. وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة عَلَى
الأَصل: ذَاتُ عَيْر. وعَيْر النَّصْلِ: النَّاتِئُ فِي وَسَطِهِ؛
قَالَ الرَّاعِي:
فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ، ... كَسَرْن العَيْرَ مِنْهُ
والغِرارا
وَقِيلَ: عَيْرُ النَّصل وَسَطُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ
أَبو عَمْرٍو: نَصْلٌ مُعْيَر فِيهِ عَيْر. والعَيْر مِنْ أُذن
الإِنسان والفرسِ مَا تَحْتَ الفَرْع مِنْ بَاطِنِهِ كعَيْر
السَّهْمِ، وَقِيلَ: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَي الْفَرَسِ. وَفِي
حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ عَلَى عِيَار الأُذُنين
الْمَاءَ
؛ العِيارُ جَمْعُ عَيْرٍ، وَهُوَ النَّاتِئُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ
الأَذن. وَكُلُّ عَظْمٍ نَاتِئٍ مِنَ الْبَدَنِ: عَيْرٌ. وعَير
الْقَدَمِ: النَّاتِئُ فِي ظَهْرِهَا. وعَيرُ الوَرقة: الْخَطُّ
النَّاتِئُ فِي وَسَطِهَا كأَنه جُدَيِّر. وعَيرُ الصَّخْرَةِ:
حرفٌ نَاتِئٌ فِيهَا خِلْقَةً، وَقِيلَ: كُلُّ نَاتِئٍ فِي وَسَطِ
مُسْتَوٍ عَيرٌ. وعَيْرُ الأُذن: الْوَتَدُ الَّذِي فِي
بَاطِنِهَا. والعَيْر: ماقيء الْعَيْنِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ:
العَيْر إِنسانُ الْعَيْنِ، وَقِيلَ لَحْظُها؛ قَالَ تأَبَّطَ
شَرّاً:
ونارٍ قَدْ حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ، ... بدارٍ مَا أُرِيدُ بِهَا
مُقاما
سِوَى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ، ... أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما
وَفِي الْمَثَلِ: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرَى أَي قَبْلَ
لَحْظَةِ الْعَيْنِ. قَالَ أَبو طَالِبٍ: العَيْر المِثال الَّذِي
فِي الْحَدَقَةِ يُسَمَّى اللُّعْبة؛ قَالَ: وَالَّذِي جَرَى
الطَّرْفُ، وجَرْيُه حَرَكَتُهُ؛ وَالْمَعْنَى: قَبْلَ أَن يَطْرِف
الإِنسانُ، وَقِيلَ: عَيْرُ الْعَيْنِ جَفْنُها. قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: يقال فعلت قَبْلَ عيْرٍ وَمَا جَرَى. قَالَ أَبو
عُبَيْدَةَ: وَلَا يُقَالُ أَفعل؛ وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَعَدْوَ القِبِصَّى قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرى، ... وَلَمْ تَدْرِ
مَا خُبْرِي، وَلَمْ أَدْرِ مَا لَها؟
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ قَبْلَ أَن أَنظر إِليك،
وَلَا يُتَكلّم بشيء من ذَلِكَ فِي النَّفْيِ. والقِبِصَّى
والقِمِصَّى: ضَرْبٌ مِنَ العَدْو فِيهِ نَزْوٌ. وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: العَيْرُ هُنَا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ، وَمَنْ
قَالَ: قَبْلَ عائرٍ وَمَا جَرَى، عَنَى السَّهْمَ. والعَير:
الوَتد. والعَيْر: الجَبلُ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى جَبَلٍ
بِالْمَدِينَةِ. والَعيْر: السَّيِّدُ والمَلِك. وعَيْرُ
الْقَوْمِ: سيّدُهم؛ وَقَوْلُهُ:
زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْر ... مَوالٍ لنا، وأَنَّى
الوَلاءُ؟ «3»
. قِيلَ: مَعْنَاهُ كلُّ مَن ضَرَبَ بِجفنٍ عَلَى عَيْرٍ، وَقِيلَ:
يَعْنِي الْوَتِدَ، أَي مَنْ ضَرَبَ وتِداً مِنْ أَهل العَمَد،
وَقِيلَ: يَعْنِي إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير، وَقِيلَ: يَعْنِي
جَبَلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ فَقَالَ: جَبَلًا بِالْحِجَازِ،
وأَدخل عَلَيْهِ اللَّامَ كأَنه جَعَلَهُ مِنْ أَجْبُلٍ كلُّ
وَاحِدٍ مِنْهَا عَيْر، وَجَعَلَ اللَّامَ زَائِدَةً على قوله:
__________
(2) . قوله: [وسط الكف] كذا في الأَصل، ولعله الكتف. وقوله:
مُعَيَّرَةٌ وَمُعْيَرَةٌ عَلَى الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل
وانظره مع قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر
العين
(3) . في معلقة الحرث بن حلِّزة:
[مُوال لَنَا وأَنّا الوَلاء]
ولا يمكن إِصلاح هَذَا الْبَيْتَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ في
المعلقة لأَن له في صفحة 624 شرحاً يناسب روايته هنا لاحقاً
(4/621)
وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بناتِ الأَوْبَرِ
إِنما أَراد بَنَاتَ أَوبر فَقَالَ: كُلُّ مَنْ ضَرَبَهُ أَي
ضَرَبَ فِيهِ وَتِدًا أَو نَزَلَهُ، وَقِيلَ: يَعْنِي المُنْذِر
بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ لِسيادتهِ، وَيُرْوَى الوِلاء، بِالْكَسْرِ،
حَكَى الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: مَاتَ
مَنْ كَانَ يحسن تفسير بيت الحرث بْنِ حِلِّزَةَ: زَعَمُوا أَن
كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر «1» . قال أَبو عمر: العَيْر هُوَ
النَّاتِئُ فِي بُؤْبُؤِ الْعَيْنِ، وَمَعْنَاهُ أَن كُلَّ مَنِ
انْتَبَه مِنْ نَوْمِه حَتَّى يَدُورَ عَيْرُه جَنى جِنَايَةً
فَهُوَ مَوْلًى لَنَا؛ يَقُولُونَهُ ظُلْمًا وتجَنّياً؛ قَالَ:
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَتيتك قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرى أَي قَبْلَ
أَن يَنْتَبِهَ نَائِمٌ. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ:
وَمَا جَرَى، أَرادوا وجَرْيه، أَرادوا الْمَصْدَرَ. وَيُقَالُ:
مَا أَدري أَيّ مَن ضَرَبَ العَيْر هُوَ، أَي أَيّ النَّاسِ هُوَ؛
حَكَاهُ يَعْقُوبُ. والعَيْرانِ: المَتْنانِ يَكْتَنِفَانِ
جَانِبَيِ الصُّلْب. والعَيْرُ: الطَّبْل. وعارَ الفرسُ والكلبُ
يَعِير عِياراً: ذَهَبَ كأَنه مُنْفَلت مِنْ صَاحِبِهِ يَتَرَدَّدُ
وَمِنْ أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ
الْمُتَرَدِّدُ، وَبِهِ سُمِّيَ العَيْرُ لأَنه يَعِير
فَيَتَرَدَّدُ فِي الْفَلَاةِ. وعارَ الفرسُ إِذا ذَهَبَ عَلَى
وَجْهِهِ وَتَبَاعَدَ عَنْ صَاحِبِهِ. وعارَ الرجلُ فِي الْقَوْمِ
يضربُهم: مِثْلُ عَاثَ. الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وَهُوَ
الَّذِي يَكُونُ نَافِرًا ذَاهِبًا فِي الأَرض. وَفَرَسٌ عَيّار
بأَوصالٍ أَي يَعِير هَاهُنَا وَهَاهُنَا مِنْ نَشَاطِهِ. وَفَرَسٌ
عَيّار إِذا نَشِط فرَكِبَ جَانِبًا ثُمَّ عَدَلَ إِلى جَانِبٍ
آخَرَ مِنْ نَشَاطِهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وَلَقَدْ رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا، ... غَنَظُوك غَنْظَ
جَرادةِ العَيّارِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي مَثَلِ الْعَرَبِ: غَنَظُوه غَنْظَ
جَرَادَةِ الْعَيَّارِ؛ قَالَ: العَيّار رَجُلٌ، وَجَرَادَةٌ
فَرَسٌ؛ قَالَ: وَغَيْرُهُ يُخَالِفُهُ وَيَزْعُمُ أَن جَرَادَةَ
الْعَيَّارِ جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وَقِيلَ:
أَراد بِجَرَادَةِ العَيَّار جَرَادَةً وَضَعَهَا فِي فِيهِ
فأَفْلَتت مِنْ فِيهِ، قَالَ: وغَنَظَه ووكَظَه يَكِظُه وَكْظاً،
وَهِيَ المُواكَظَة والمُواظبة، كُلُّ ذَلِكَ إِذا لَازَمَهُ
وغمَّه بِشِدَّةِ تَقاضٍ وخُصومة؛ وَقَالَ:
لَوْ يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً، ... مالُوا بسَلْمَى، وَلَمْ
يَعْدِلهْمُ أَحَدُ
وَقَصِيدَةٌ عَائِرَةٌ: سائرة، والفعل كالفعل، د وَالِاسْمُ
العِيَارة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يمُرّ بِالتَّمْرَةِ العائِرةِ فَمَا يَمْنعُه مِنْ
أَخذها إِلَّا مَخافةُ أَن تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ
؛ الْعَائِرَةُ: السَّاقِطَةُ لَا يُعْرَف لَهَا مَالِكٌ، مِنْ
عارَ الفرسُ إِذا انْطَلَقَ مِنْ مرْبطه مَارًّا عَلَى وَجْهِهِ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَثلُ المُنافِق مَثَلُ الشاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ غَنَمْينِ
أَي الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ قَطِيعين لَا تَدْري أَيّهما تَتْبَع.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ فِي الْكَلْبِ الَّذِي دَخَلَ حائِطَه: إِنما هُوَ
عائرٌ
؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَنَّ فَرَسًا لَهُ عارَ
أَي أَفْلَت وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ. وَرَجُلٌ عَيّار: كَثِيرُ
الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ فِي الأَرض، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الأَسد
بِذَلِكَ لِتَرَدُّدِهِ وَمَجِيئِهِ وَذَهَابِهِ فِي طَلَبِ
الصَّيْدِ: قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
لَيْثٌ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِيّ هِبْرِية، ... كالمَزبَرانيّ،
عَيَّارٌ بأَوْصالِ «2»
. أَي يَذْهَبُ بِهَا وَيَجِيءُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ
رَوَاهُ عَيَّارٌ، بِالرَّاءِ، فَمَعْنَاهُ أَنه يَذْهَبُ بأَوْصال
الرِّجال إِلى أَجَمَته،
__________
(1) . البيت
(2) . قوله: [كالمزبراني إلخ] قال الجوهري في مادة رزب ما نصه:
ورواه المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذَهَبَ إِلى زُبْرَةِ الأَسد
فَقَالَ لَهُ الأَصمعي: يَا عَجَبَاهُ الشَّيْءُ يُشَبَّهُ
بِنَفْسِهِ وإِنما هو المرزباني انتهى. وفي القاموس والمرزبة
كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي
(4/622)
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَا أَدري أَي
الْجَرَادِ عارَه، وَيُرْوَى عَيَّال، وَسَنَذْكُرُهُ فِي
مَوْضِعِهِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
لَمّا رأَيتُ أَبَا عَمْرٍو رَزَمْتُ لَهُ ... مِنِّي، كَمَا
رَزَمَ العَيَّارُ فِي الغُرُفِ
جَمْعُ غَرِيف وَهُوَ الْغَابَةُ. قَالَ: وَحَكَى الْفَرَّاءُ
رَجُلٌ عَيَّار إِذا كَانَ كَثِيرَ التَّطْواف وَالْحَرَكَةِ
ذكِيّاً؛ وَفَرَسٌ عَيَّار وَعَيَّالٌ؛ والعَيْرانة مِنَ الإِبل:
النَّاجِيَةُ فِي نَشَاطٍ، مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: شُبِّهَتْ
بالعَيْرِ فِي سُرْعَتِهَا وَنَشَاطِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ
بِقَوِيٍّ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
هِيَ النَّاقَةُ الصُّلْبَةُ تَشْبيهاً بِعَيْر الْوَحْشِ، والأَلف
وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. ابْنُ الأَعرابي: العَيِّرُ الْفَرَسُ
النَّشِيطُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بالعَيَّار وتَذُمّ بِهِ،
يُقَالُ: غُلَامٌ عَيّار نَشِيط فِي الْمَعَاصِي، وَغُلَامٌ عَيّار
نَشِيطٌ فِي طَاعَةِ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الأَزهري: والعَيْر
جَمْعُ عائِر وَهُوَ النَّشِيطُ، وَهُوَ مَدْحٌ وذمٌّ. عاورَ
البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كَانَ فِي شَوْل فَتَرَكَهَا وَانْطَلَقَ
نحوَ أُخْرَى يُرِيدُ القَرْع،. والعائِرةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ
الإِبل إِلى أُخْرَى لِيَضْرِبَهَا الْفَحْلُ. وعارَ فِي الأَرض
يَعِير أَي ذَهَبَ، وعارَ الرجلُ فِي الْقَوْمِ يَضْرِبُهُمْ
بِالسَّيْفِ عَيَراناً: ذَهَبَ وَجَاءَ؛ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ
الأَزهري بِضَرْبٍ وَلَا بِسَيْفٍ بَلْ قَالَ: عارَ الرجلُ يَعِير
عَيَراناً، وَهُوَ تردّدُه فِي ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ؛ وَمِنْهُ
قِيلَ: كلْبٌ عائِرٌ وعَيّار، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ،
وأَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي مَا يَذْهَبُ فِيهِ الْبَصَرُ
مَرَّةً هُنَا وَمَرَّةً هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عور أَيضاً.
وعيرانُ الْجَرَادِ وعَوائِرهُ: أَوائلُ الذَّاهِبَةُ المفْترقة
فِي قِلَّةٍ. وَيُقَالُ: مَا أَدري أَيّ الْجَرَادِ عارَه أَي
ذَهَبَ بِهِ وأَتْلَفه، لَا آتَي لَهُ فِي قَوْلِ الأَكثر، «1» .
وَقِيلَ: يَعِيره ويَعُوره؛ وَقَوْلُ مَالِكِ بْنِ زَغْبَةَ:
إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ ... عوائرُ نَبْلٍ،
كالجرادِ نُطِيرُها
عَنَى بِهِ الذَّاهِبَةَ الْمُتَفَرِّقَةَ؛ وأَصله فِي الْجَرَادِ
فَاسْتَعَارَهُ قَالَ الْمُؤَرِّجُ: وَمِنْ أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه
وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كَمَا يُقَالُ لَا أَدري أَيّ
الْجَرَادِ عارَه. وعِرْت ثَوْبَهُ: ذَهَبْتُ بِهِ. وعَيَّر
الدينارَ: وازَنَ بِهِ آخَرَ. وعَيَّر الْمِيزَانَ وَالْمِكْيَالَ
وعاوَرَهما وعايَرَهُما وعايَرَ بَيْنَهُمَا مُعايَرَة وعِياراً:
قدَّرَهما وَنَظَرَ مَا بَيْنَهُمَا؛ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبو
الْجَرَّاحِ فِي بَابِ مَا خَالَفَتِ الْعَامَّةُ فِيهِ لُغَةَ
الْعَرَبِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُعايرُ فُلَانًا ويُكايلُه أَي
يُسامِيه ويُفاخِره. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُمَا يتعايبانِ
ويَتَعايَران، فالتعايُرُ التَّسَابُّ، والتَعايُب دُونَ
التَّعايُرِ إِذا عَابَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والمِعْيار مِنَ
الْمَكَايِيلِ: مَا عُيِّر. قَالَ اللَّيْثُ: العِيَار مَا عايَرْت
بِهِ الْمَكَايِيلَ، فالعِيَار صَحِيحٌ تامٌّ وافٍ، تَقُولُ:
عايَرْت بِهِ أَي سَوَّيْتُه، وَهُوَ العِيَار والمِعْيار.
يُقَالُ: عايِرُوا مَا بَيْنَ مَكَايِيلِكُمْ ومَوازِينكم، وَهُوَ
فاعِلُوا مِنَ العِيَار، وَلَا تَقُلْ: عَيِّروا. وعَيَّرْتُ
الدَّنَانِيرَ: وَهُوَ أَن تُلْقِي دِينَارًا دِينَارًا فتُوازِنَ
بِهِ دِينَارًا دِينَارًا، وَكَذَلِكَ عَيَّرْت تَعْييراً إِذا
وَزَنْت وَاحِدًا وَاحِدًا، يُقَالُ هَذَا فِي الْكَيْلِ
وَالْوَزْنِ. قَالَ الأَزهري: فَرَّقَ اللَّيْثُ بَيْنَ عايَرْت
وعَيَّرْت، فَجَعَلَ عايَرْت فِي الْمِكْيَالِ وعَيَّرْت فِي
الْمِيزَانِ؛ قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي عايَرْت
وعَيَّرت فَلَا يَكُونُ عَيَّرْت إِلَّا مِنَ الْعَارِ
والتَّعْيِير؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
وإِن أَعارَت حَافِرًا مُعارا ... وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ
الأَوْقارا
__________
(1) . هكذا في الأَصل
(4/623)
وَقَالَ: وَمَعْنَى أَعارَت رَفَعَتْ
وَحَوَّلَتْ، قَالَ: وَمِنْهُ إِعارةُ الثِّيَابِ والأَدوات.
وَاسْتَعَارَ فلانٌ سَهْماً مِنْ كِنانته: رَفَعَهُ وحوَّله
مِنْهَا إِلى يَدِهِ؛ وأَنشد قوله:
هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها، ... وَفِي اليَدِ اليُمْنَى
لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها
شَهْبَاءُ: مُعْبِلة، وَالْهَاءُ فِي مُسْتَعِيرها لَهَا.
والبَصِيرة: طَرِيقَةُ الدَّمِ. والعِيرُ، مُؤَنَّثَةً:
الْقَافِلَةُ، وَقِيلَ: العِيرُ الإِبل الَّتِي تَحْمِلُ المِيرَة،
لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَمَّا
فَصَلَتِ الْعِيرُ
؛ وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه أَنشده قَوْلَ ابْنِ
حلِّزة:
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِير
بِكَسْرِ الْعَيْنِ. قَالَ: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ مَنْ رَكِب
الإِبل مَوالِ لَنَا أَي العربُ كُلُّهُمْ موالٍ لَنَا مِنْ أَسفل
لأَنا أَسَرْنا فِيهِمْ فلَنا نِعَمٌ عَلَيْهِمْ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَهَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، وَالْجَمْعُ عِيَرات، قَالَ
سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ بالأَلف وَالتَّاءِ لِمَكَانِ التأْنيث
وَحَرَّكُوا الْيَاءَ لِمَكَانِ الْجَمْعِ بِالتَّاءِ وَكَوْنِهِ
اسماً فأَجمعوا عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ لأَنهم يَقُولُونَ جَوَزات
وبَيَضات. قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ عِيرات، بالإِسكان،
وَلَمْ يُكَسَّر عَلَى الْبِنَاءِ الَّذِي يُكَسَّر عَلَيْهِ
مِثْلُهُ، جَعَلُوا التَّاءَ عِوَضًا مِنْ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلُوا
ذَلِكَ فِي أَشياء كَثِيرَةٍ لأَنهم مِمَّا يَسْتَغْنُونَ بالأَلف
وَالتَّاءِ عَنِ التَّكْسِيرِ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبو
الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
كَانَتْ حُمُراً، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ العِيرُ الإِبلُ
خَاصَّةً باطلٌ. العِيرُ: كلُّ مَا امْتِيرَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل
والحَمِير وَالْبِغَالِ، فَهُوَ عِيرٌ؛ قَالَ: وأَنشدني نُصَير
لأَبي عَمْرٍو السَّعْدِيِّ فِي صِفَةِ حَمِير سَمَّاهَا عِيراً:
أَهكذا لَا ثَلَّةٌ وَلَا لَبَنْ؟ ... وَلَا يُزَكِّين إِذا
الدَّيْنُ اطْمَأَنْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ، ... لَا بُدَّ أَن
يَخْترْن مِنِّي بَيْنَ أَنْ
يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ
قَالَ: وَقَالَ نصيرٌ الإِبل لَا تَكُونُ عِيراً حَتَّى يُمْتارَ
عَلَيْهَا. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العيرُ
مِنَ الإِبل مَا كَانَ عَلَيْهِ حملُه أَو لَمْ يَكُنْ. وَفِي
حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه كَانَ يَشْتَرِي العِيرَ حُكْرة، ثُمَّ يَقُولُ:
مَنْ يُرْبِحُني عُقْلَها؟
العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ مِنْ عارَ يَعير إِذا سَارَ،
وَقِيلَ: هِيَ قَافِلَةُ الحَمِير، وَكَثُرَتْ حَتَّى سُمِّيَتْ
بِهَا كُلُّ قَافِلَةٍ، فَكُلُّ قَافِلَةٍ عِيرٌ كأَنها جَمْعُ
عَيْر، وَكَانَ قِيَاسُهَا أَن يَكُونَ فُعْلًا، بِالضَّمِّ،
كسُقْف فِي سَقْف إِلَّا أَنه حُوفِظَ عَلَى الْيَاءِ
بِالْكَسْرَةِ نَحْوَ عِين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم كَانُوا يَتَرَصَّدُونَ عِيَرات قُرَيْش
؛ هُوَ جَمْعُ عِير، يُرِيدُ إِبلهم وَدَوَابَّهُمُ الَّتِي
كَانُوا يُتَاجِرُونَ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَجاز لَهَا العيَرات
؛ هِيَ جَمْعُ عِيرٍ أَيضاً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: اجْتَمَعُوا
فِيهَا عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ، يَعْنِي تَحْرِيكَ الْيَاءِ،
وَالْقِيَاسُ التَّسْكِينُ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها، ... مِنْ حَسَكِ التَّلْع
وَمِنْ خَافُورِهَا
إِنما اسْتَعَارَهُ لِلنَّمْلِ، وأَصله فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَفُلَانٌ عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انْفَرَدَ بأَمره، وَهُوَ فِي
الذمِّ، كَقَوْلِكَ: نَسِيج وَحْدَهُ، فِي الْمَدْحِ. وَقَالَ
ثَعْلَبٌ: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وَحْدَهُ. قَالَ الأَزهري:
فلانٌ عُيَيْرُ وَحْدِهِ وجُحَيْش وَحْدِه. وَهُمَا اللَّذَانِ لَا
يُشاوِران النَّاسَ وَلَا يُخَالِطَانِهِمْ وَفِيهِمَا مَعَ ذَلِكَ
مَهَانَةٌ
(4/624)
وَضَعْفٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فُلَانٌ
عُيَيْرُ وَحْدِه وَهُوَ الْمُعْجَبُ برأْيه، وإِن شِئْتَ كَسَرْتَ
أَوله مِثْلُ شُيَيْخٍ وشِيَيْخٍ، وَلَا تَقُلْ: عُوَير وَلَا
شُوَيخ. والعارُ: السُّبّة وَالْعَيْبُ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ
شَيْءٍ يَلْزَمُ بِهِ سُبّة أَو عَيْبٌ، وَالْجَمْعُ أَعْيارٌ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظَاهِرُ الْعُيُوبِ؛
قَالَ الرَّاعِي:
ونَبَتَّ شَرَّ بَني تَمِيمٍ مَنْصِباً، ... دَنِسَ المُروءَةِ
ظاهرَ الأَعْيارِ
كأَنه مِمَّا يُعَيَّر بِهِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ التَّعْيير،
وَمِنْ هَذَا قِيلَ: هُمْ يَتَعَيَّرون مِنْ جيرانِهم الماعونَ
والأَمتعة؛ قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ يَتَعَوَّرون،
بِالْوَاوِ، وَقَدْ عَيَّرَهُ الأَمرَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وعَيَّرَتْني بَنُو ذُبْيانَ خَشيَتَه، ... وَهَلْ عَلَيَّ بأَنْ
أَخْشاكَ مِن عَارِ؟
وتعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بَعْضًا، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ:
عَيَّرَهُ بِكَذَا. والمَعايرُ: الْمَعَايِبُ؛ يُقَالُ: عارَه إِذا
عابَه؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخيلية:
لعَمْرُك مَا بِالْمَوْتِ عارٌ عَلَى امرئٍ، ... إِذا لَمْ تُصِبْه
فِي الْحَيَاةِ المَعايرُ
وتعايرَ القومُ: تعايَبُوا. والعارِيَّة: المَنيحة، ذَهَبَ
بَعْضُهُمْ إِلى أَنها مِن العارِ، وَهُوَ قُوَيل ضَعِيفٌ، وإِنما
غَرَّهُمْ مِنْهُ قَوْلُهُمْ يَتَعَيَّرون العَواريَّ، وَلَيْسَ
عَلَى وَضْعِهِ إِنما هِيَ مُعاقبة مِنَ الْوَاوِ إِلى الْيَاءِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَتِ الْعَارِيَّةُ عاريَّةً لأَنها عارٌ
عَلَى مَنْ طَلَبَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ تَسْتَعِير المتاعَ وتَجْحَده
فأَمر بِهَا فقُطعَت يدُها
؛ الاستعارةُ مِنَ الْعَارِيَّةِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. قَالَ ابْنُ
الأَثير: وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهل الْعِلْمِ إِلى أَن المُسْتَعِير
إِذا جَحَدَ العاريَّة لَا يُقْطَع لأَنه جَاحِدٌ خَائِنٌ،
وَلَيْسَ بِسَارِقٍ، وَالْخَائِنُ وَالْجَاحِدُ لَا قَطْعَ
عَلَيْهِ نَصًّا وإِجماعاً. وَذَهَبَ إِسحاق إِلى الْقَوْلِ
بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَحمد: لَا أَعلم شَيْئًا
يَدْفَعُهُ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهُوَ حَدِيثٌ مختصرُ
اللَّفْظِ والسياقِ وإِنما قُطِعَت الْمَخْزُومِيَّةُ لأَنها
سَرَقت، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ لِهَذَا
الْحَدِيثِ؛ وَرَوَاهُ
مَسْعُودُ بْنُ الأَسود فَذَكَرَ أَنها سَرَقَتْ قَطِيفة مِنْ
بَيْتِ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وإِنما ذُكِرَتِ الِاسْتِعَارَةُ وَالْجَحْدُ فِي هَذِهِ
الْقِصَّةِ تَعْرِيفًا لَهَا بِخَاصِّ صِفَتِهَا إِذ كَانَتِ
الِاسْتِعَارَةُ وَالْجَحَدُ مَعْرُوفَةً بِهَا وَمِنْ عَادَتِهَا،
كَمَا عُرِّفت بأَنها مخزوميَّة، إِلَّا أَنها لَمَّا اسْتَمَرَّ
بِهَا هَذَا الصَّنِيعُ ترقَّت إِلى السَّرِقَةِ، واجترأَت
عَلَيْهَا، فأَمر بِهَا فَقُطِعَتْ. والمُسْتَعِير: السَّمِين مِنَ
الْخَيْلِ. والمُعارُ: المُسَمَّن. يُقَالُ: أَعَرْت الْفَرَسَ
أَسْمنْتُه؛ قَالَ:
أَعِيرُوا خَيْلَكم ثُمَّ ارْكُضوها، ... أَحَقُّ الْخَيْلِ
بالرَّكْضِ المُعارُ
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: المُعار الْمَنْتُوفُ الذَّنَبِ، وَقَالَ
قَوْمٌ: المُعار المُضَمَّر المُقَدَّح، وَقِيلَ: المُضَمَّر
المُعار لأَن طَرِيقَةَ مَتْنِهِ نتأَت فَصَارَ لَهَا عيرٌ
نَاتِئٌ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: هُوَ مِنَ العاريَّة،
وَذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً وَقَالَ: لأَن المُعارَ يُهان
بِالِابْتِذَالِ وَلَا يُشْفَق عَلَيْهِ شَفَقَةَ صَاحِبِهِ؛
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
أَعيروا خَيْلَكُمْ ثُمَّ ارْكَبُوهَا
إِن مَعْنَى أَعيروها أَي ضَمِّروها بِتَرْدِيدِهَا، مِنْ عارَ
يَعير، إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ. وَقَدْ رُوِيَ المِعار، بِكَسْرِ
الْمِيمِ، وَالنَّاسُ رَوَوْه المُعار؛ قَالَ: والمِعارُ الَّذِي
يَحِيد عَنِ الطَّرِيقِ بِرَاكِبِهِ كَمَا يُقَالُ حادَ عَنِ
الطَّرِيقِ؛ قَالَ الأَزهري: مِفْعَل مِنْ عارَ يَعِير كأَنه فِي
الأَصل مِعْيَر، فَقِيلَ مِعار. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعارَ
الفَرَسُ أَي انفَلَت وَذَهَبَ
(4/625)
هَاهُنَا وَهَاهُنَا مِنَ المَرَح،
وأَعارَه صاحبُه، فَهُوَ مُعَار؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرمَّاح:
وجَدْنا فِي كِتَابِ بَنِي تميمٍ: ... أَحَقُّ الْخَيْلِ
بالرَّكْضِ المُعارُ
قَالَ: والناسُ يَرَوْنه المُعار مِنَ العارِيَّة، وَهُوَ خَطَأ؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ يُروى لِبشْر بْنِ أَبي
خازِم. وعَيْرُ السَّراة: طَائِرٌ كَهَيْئَةِ الْحَمَامَةِ قَصِيرُ
الرِّجْلَيْنِ مُسَرْوَلُهما أَصفر الرِّجلين والمِنقار أَكحل
الْعَيْنَيْنِ صَافِي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر الْبَطْنِ
وَمَا تَحْتَ جَنَاحَيْهِ وَبَاطِنِ ذَنَبِهِ كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ،
ويُجمَع عُيُورَ السَّراةِ، والسَّراةُ مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ
الطَّائِفِ، وَيَزْعُمُونَ أَن هَذَا الطَّائِرَ يأْكل ثلثمائة
تِينةٍ من حين تطلعُ مِنَ الوَرقِ صِغاراً وَكَذَلِكَ العِنَب.
والعَيْرُ: اسْمُ رجُل كَانَ لَهُ وادٍ مُخْصِب، وَقِيلَ: هُوَ
اسْمُ مَوْضِعٍ خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فَكَانَتِ الْعَرَبُ
تَسْتَوْحِشُهُ وَتَضْرِبُ بِهِ المَثَل فِي البلَد الوَحْش،
وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ وادٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ووادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ، ... قطعتُ بِسَامٍ
ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ
قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ كجَوْف العَيرِ، أَي كَوَادِي العَيرِ
وكلُّ وادٍ عِنْدَ الْعَرَبِ: جوفٌ. وَيُقَالُ لِلْمَوْضِعِ
الَّذِي لَا خيرَ فِيهِ: هُوَ كَجَوْفٍ عَيرٍ لأَنه لَا شَيْءَ فِي
جَوْفه يُنتفع بِهِ؛ وَيُقَالُ: أَصله قَوْلُهُمْ أَخلى مِنْ جَوْف
حِمار. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: قَالَ رَجُلٌ: أَغْتال مُحَمَّدًا ثُمَّ آخُذُ فِي
عَيْرٍ عَدْوي
أَي أَمْضي فِيهِ وأَجعلُه طَرِيقِي وأَهْرب؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ
الأَثير عَنْ أَبي مُوسَى. وعَيْرٌ: اسْمُ جَبلَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بِأَعْلام مَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ، ... مَغَانِيَ أُمِّ
الوَبْرِ إِذْ هِيَ مَا هِيَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه حَرَّم مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ
؛ هُمَا جَبَلَانِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: جَبَلَانِ
بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: ثَوْرٌ بِمَكَّةَ؛ قَالَ: وَلَعَلَّ
الْحَدِيثَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلى أُحُد، وَقِيلَ: بِمَكَّةَ
أَيضاً جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ عَيْرٌ. وابْنَةُ مِعْيَرٍ
الدَّاهِيَةُ. وبنَاتُ مِعْيَرٍ: الدَّوَاهِي؛ يُقَالُ: لَقِيتُ
مِنْهُ ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الدَّاهِيَةَ وَالشِّدَّةَ.
وتِعَارٌ، بِكَسْرِ التَّاءِ: اسْمُ جبَل؛ قَالَ بِشْر يَصِفُ
ظُعْناً ارْتَحَلْنَ مِنْ مَنَازِلِهِنَّ فشبّههنَّ فِي
هَوَادِجِهِن بالظِّباء فِي أَكْنِسَتِها:
وَلَيْلٍ مَا أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ ... وَشابَة، عَنْ شمائِلها
تِعارُ
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عَلَيْهَا ... كَوانِس، قالِصاً عَنْهَا
المَغَارُ
المَغارُ: أَماكن الظِّباء، وَهِيَ كُنُسها. وشابَة وتِعار: جبَلان
فِي بِلاد قَيْسٍ. وأَرُوم وشابة: موضعان.
(4/626)
|