لسان العرب باب الكاف
كبر: الكَبير فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى: الْعَظِيمُ الْجَلِيلُ
والمُتَكَبِّر الَّذِي تَكَبَّر عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، والكِبْرِياء
عَظَمَة اللَّهِ، جاءتْ عَلَى فِعْلِياء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فِي
أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَكَبِّرُ وَالْكَبِيرُ أَي الْعَظِيمُ
ذُو الْكِبْرِيَاءِ، وَقِيلَ: الْمُتَعَالِي عَنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ،
وَقِيلَ: الْمُتَكَبِّرُ عَلَى عُتاةِ خَلْقه، وَالتَّاءُ فِيهِ
لِلتَّفَرُّدِ والتَّخَصُّصِ لَا تَاءُ التَّعاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرِياء: العَظَمة وَالْمُلْكُ، وَقِيلَ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ
كَمَالِ الذَّاتِ وَكَمَالِ الْوُجُودِ وَلَا يُوصَفُ بِهَا إِلَّا
اللَّهُ
(5/125)
تَعَالَى، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُمَا
فِي الْحَدِيثِ، وَهُمَا مِنَ الكِبْرِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ
الْعَظَمَةُ. وَيُقَالُ كَبُرَ بِالضَّمِّ يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فَهُوَ
كَبِيرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الكِبَرُ نَقِيضُ الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً
وكُبْراً فَهُوَ كَبِيرٌ وكُبَار وكُبَّار، بِالتَّشْدِيدِ إِذَا
أَفرط، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ كِبارٌ وكُبَّارونَ.
وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الكِبَرَ فِي البُسْر وَنَحْوِهِ مِنَ
التَّمْرِ، وَيُقَالُ: عَلَاهُ المَكْبِرُ [المَكْبَرُ] ، وَالِاسْمُ
الكَبْرَةُ، بِالْفَتْحِ، وكَبُرَ بِالضَّمِّ يَكْبُر أَي عَظُمَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ
تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ
؛ أَي أَعْلَمُهم لأَنه كَانَ رَئِيسَهُمْ وأَما أَكبرهم فِي السِّنِّ
فَرُوبِيلُ والرئيسُ كَانَ شَمْعُونَ؛ قال الْكِسَائِيُّ فِي
رِوَايَتِهِ: كَبيرهم يَهُوذا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ
لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ*
؛ أَي مُعَلِّمكم وَرَئِيسُكُمْ. وَالصَّبِيُّ بِالْحِجَازِ إِذا جَاءَ
مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمه قَالَ: جِئْتُ مِنْ عِنْدِ كَبيري. واسْتَكْبَر
الشيءَ: رَآهُ كَبِيرًا وعَظُمَ عِنْدَهُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ.
والمَكْبُوراء: الكِبَارُ. وَيُقَالُ: سادُوك كابِراً عَنْ كابِرٍ أَي
كَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عَنْ كابِرٍ،
وأَكْبَرَ أَكْبَرَ. وَفِي حَدِيثِ الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ:
ورِثْتُه كابِراً عَنْ كابِرٍ
أَي وَرِثْتُهُ عَنْ آبَائِي وأَجدادي كَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ فِي
الْعِزِّ وَالشَّرَفِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ وَرِثُوا الْمَجْدَ
كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ أَي عَظِيمًا وَكَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ.
وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي اسْتَعْظَمْتُهُ. اللَّيْثُ: المُلوك
الأَكابِرُ جَمَاعَةُ الأَكْبَرِ وَلَا تَجُوزُ النَّكِرَةُ فَلَا
تَقُولُ مُلوك أَكابِرُ وَلَا رجالٌ أَكابِرُ لأَنه لَيْسَ بِنَعْتٍ
إِنما هُوَ تَعَجُّبٌ. وكَبَّرَ الأَمْرَ: جَعَلَهُ كَبِيرًا،
واسْتَكْبَرَه: رَآهُ كَبِيرًا؛ وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
؛ فأَكثر الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ: أَعظَمْنَه. وَرُوِيَ
عَنْ مُجَاهِدٍ أَنه قَالَ: أَكبرنه حِضْنَ
وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَةِ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
نَأْتي النساءَ عَلَى أَطْهارِهِنّ، وَلَا ... نأْتي النساءَ إِذا
أَكْبَرْنَ إِكْباراً
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِن صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي اللُّغَةِ
بِمَعْنَى الْحَيْضِ فَلَهَا مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وَذَلِكَ أَن المرأَة
أَوَّلَ مَا تَحِيضُ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الصِّغَرِ إِلى حَدِّ
الكِبَر، فَقِيلَ لَهَا: أَكْبَرَتْ أَي حَاضَتْ فَدَخَلَتْ فِي حَدِّ
الكِبَر المُوجِبِ عَلَيْهَا الأَمْرَ وَالنَّهْيَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي
الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: سأَلت رَجُلًا مِنْ طَيِء فَقُلْتُ: يَا أَخا
طَيِّءٍ، أَلك زَوْجَةٌ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُ وَقَدْ
وُعِدْتُ فِي ابنة عم لي، قلت: وَمَا سِنُّها؟ قَالَ: قَدْ أَكْبَرَتْ
أَو كَبِرَت، قُلْتُ: مَا أَكْبَرَتْ؟ قَالَ: حَاضَتْ. قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ: فَلُغَةُ الطَّائِيِّ تُصَحِّحُ أَن إِكْبارَ المرأَة أَول
حَيْضِهَا إِلا أَن هَاءَ الْكِنَايَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
أَكْبَرْنَهُ تَنْفِي هَذَا الْمَعْنَى، فَالصَّحِيحُ أَنهن لَمَّا
رأَين يُوسُفَ راعَهُنَّ جَمالُه فأَعظمنه. وَرَوَى الأَزهري
بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
، قَالَ: حِضْنَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَلَّمَنَا لَهُ وَجَعَلْنَا الْهَاءَ فِي
قَوْلِهِ أَكبرنه هَاءَ وَقْفَةٍ لَا هَاءَ كِنَايَةٍ، وَاللَّهُ أَعلم
بِمَا أَراد. واسْتِكْبارُ الْكُفَّارِ: أَن لَا يَقُولُوا لَا إِله
إِلَّا اللهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ
لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
؛ وَهَذَا هُوَ الكِبْرُ الَّذِي
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن مِنَ كَانَ
فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّة مِنْ كِبْرٍ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ
، قَالَ: يَعْنِي بِهِ الشِّرْكَ، وَاللَّهُ أَعلم، لَا أَن
يَتَكَبَّرَ الإِنسان عَلَى مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
بِرَبِّهِ. وَالِاسْتِكْبَارُ: الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ
مُعاندة وتَكَبُّراً. ابْنُ بُزُرْجٍ: يُقَالُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ
مِنْ كُبْرَى بناتِ فُلَانٍ وَمِنْ صُغْرَى بَنَاتِهِ، يُرِيدُونَ مِنْ
صِغارِ بَنَاتِهِ، وَيَقُولُونَ مِنْ وُسْطى بَنَاتِ
(5/126)
فُلَانٍ يُرِيدُونَ مِنْ أَوساط بَنَاتِ
فُلَانٍ، فأَما قَوْلُهُمْ: اللَّهُ أَكبر، فإِن بَعْضَهُمْ يَجْعَلُهُ
بِمَعْنَى كَبِير، وَحَمَلَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى الْحَذْفِ أَي أَكبر
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا تَقُولُ: أَنت أَفضلُ، تُرِيدُ: مِنْ
غَيْرِكَ. وكَبَّرَ: قَالَ: اللَّهُ أَكبر. وَالتَّكْبِيرُ:
التَّعْظِيمُ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان:
اللَّهُ أَكبر.
التَّهْذِيبُ: وأَما قَوْلُ الْمُصَلِّي اللَّهُ أَكبر وَكَذَلِكَ
قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن مَعْنَاهُ اللَّهُ
كَبِيرٌ فَوُضِعَ أَفعل مَوْضِعَ فَعِيل كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ
أَهْوَنُ عَلَيْهِ؛ أَي هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ
مَعْنِ بْنِ أَوس:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
مَعْنَاهُ إِني وَجِل، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا،
الْمَعْنَى اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيرٍ، وَكَذَلِكَ اللَّهُ الأَعَزُّ أَي
أَعَزُّ عَزيز؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِن الَّذِي سَمَكَ السماءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتًا، دَعائِمُه
أَعَزُّ وأَطْوَلُ
أَي عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اللَّهُ أَكبر مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ أَي أَعظم، فَحُذِفَ لِوُضُوحِ مَعْنَاهُ، وأَكبر خَبَرٌ،
والأَخبار لَا يُنَكَّرُ حَذْفُهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اللَّهُ أَكبر
مِنْ أَنْ يُعْرف كُنْه كِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ، وإِنما قُدِّرَ
لَهُ ذَلِكَ وأُوّلَ لأَن أَفعل فِعْلٌ يَلْزَمُهُ الأَلف وَاللَّامُ
أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر القَوْمِ، وَالرَّاءُ فِي أَكبر فِي
الأَذان وَالصَّلَاةِ سَاكِنَةٌ لَا تُضَمُّ لِلْوَقْفِ، فإِذا وُصِلَ
بِكَلَامٍ ضُمَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: اللَّهُ أَكبر كَبِيرًا
، كَبِيرًا مَنْصُوبٌ بإِضمار فِعْلٍ كأَنه قَالَ أُكَبِّرُ كَبيراً،
وَقِيلَ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ مِنَ اسْمِ اللَّهُ. وَرَوَى
الأَزهري عَنْ ابْنِ جُبَيْر بْنَ مُطْعِم عَنِ أَبيه: أَنه رأَى
النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي قَالَ:
فكَبَّرَ وَقَالَ: اللَّهُ أَكبر كَبِيرًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: نُصِبَ
كَبِيرًا لأَنه أَقامه مَقَامَ الْمَصْدَرِ لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ
اللَّهُ أَكْبَرُ أُكَبِّرُ اللهَ كَبيراً بِمَعْنَى تَكْبِيراً،
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ: أَن نَبِيُّ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كَانَ إِذا قَامَ إِلى صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: لَا إِله إِلا
اللَّهُ، اللَّهُ أَكبر كَبِيرًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
، فَقَوْلُهُ كَبِيرًا بِمَعْنَى تَكْبِيرًا فأَقام الِاسْمَ مَقَامَ
الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، وَقَوْلُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
أَي أَحْمَدُ اللَّهَ حَمْداً كَثِيرًا. والكِبَرُ: فِي السِّنِّ؛
وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً ومَكْبِراً، بِكَسْرِ
الْبَاءِ، فَهُوَ كَبِيرٌ: طَعَنَ فِي السِّنِّ؛ وَقَدْ عَلَتْه
كَبْرَةٌ ومَكْبُرة ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وَعَلَاهُ الكِبَرُ إِذا
أَسَنَّ. والكِبَرُ: مَصْدَرُ الكبِيرِ فِي السِّنِّ مِنَ النَّاسِ
وَالدَّوَابِّ. وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ والنَّصْلِ العتيقِ الَّذِي
قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللَّاتِي عَلَتْها، ... بِيَثْرِبَ، كَبْرَةٌ
بَعْدَ المُرونِ
ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ لِلنَّصْلِ الْعَتِيقِ الَّذِي قَدْ عَلَاهُ
صَدَأٌ فأَفسده: عَلَتْهُ كَبْرَةٌ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا
كَبَرَني «3» إِلا بِسَنَةٍ أَي مَا زَادَ عَلَيَّ إِلا ذَلِكَ.
الْكِسَائِيُّ: هُوَ عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وَكَذَلِكَ
كِبْرَةُ وَلَدِ أَبويه أَي أَكبرهم. وَفِي الصِّحَاحِ: كِبْرَةُ
وَلَدِ أَبويه إِذا كَانَ آخِرُهُمْ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ
وَالْجَمْعُ، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فإِذا
كَانَ أَقعدَهم فِي النَّسَبِ قِيلَ: هُوَ أَكْبَرُ قَوْمِهِ
وإِكْبِرَّةُ قَوْمِهِ، بِوَزْنِ إِفْعِلَّة، والمرأَة فِي ذَلِكَ
كَالرَّجُلِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِ الْكِسَائِيِّ
وَكَذَلِكَ كِبْرَةُ وَلَدِ أَبويه لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه مِثْلُ
عِجْزَة أَي أَنه آخرهم،
__________
(3) . قوله [ما كبرني إلخ] بابه نصر كما في القاموس.
(5/127)
وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ أَن لَفْظَهُ
كَلَفْظِهِ، وأَنه لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ سَوَاءٌ، وكِبْرَة
ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بِمَعْنَى الأَكْبَر كالصِّغْرَة بِمَعْنَى
الأَصْغَر، فَافْهَمْ. وَرَوَى الإِيادي عَنْ شِمْرٍ قَالَ: هَذَا
كِبْرَة وَلَدِ أَبويه لِلذَّكَرِ والأُنثى، وَهُوَ آخِرُ وَلَدِ
الرَّجُلِ، ثُمَّ قَالَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبيه بِمَعْنَى عِجْزة. وَفِي
الْمُؤَلَّفِ لِلْكِسَائِيِّ: فُلَانٌ عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخِرُهُمْ،
وَكَذَلِكَ كِبْرَة وَلَدِ أَبيه، قَالَ الأَزهري: ذَهَبَ شِمْرٌ إِلى
أَن كِبْرَة مَعْنَاهُ عِجْزَة وإِنما جَعَلَهُ الْكِسَائِيُّ مِثْلَهُ
فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ صِغْرَةُ
وَلَدِ أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وَفُلَانٌ كِبْرَةُ الْقَوْمِ
وصِغْرَةُ الْقَوْمِ إِذا كَانَ أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصِّحَاحُ:
وَقَوْلُهُمْ هُوَ كُبْرُ قَوْمِهِ، بِالضَّمِّ، أَي هُوَ أَقْعَدُهم
فِي النَّسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوَلاءُ للكُبْرِ
، وَهُوَ أَن يَمُوتَ الرَّجُلُ وَيَتْرُكَ ابْنًا وَابْنَ ابْنٍ،
فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير
فِي قَوْلِهِ الْوَلَاءُ للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذُرِّيَّةِ الرَّجُلِ
مِثْلُ أَن يَمُوتَ عَنِ ابْنَيْنِ فَيَرِثَانِ الْوَلَاءَ، ثُمَّ
يَمُوتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ أَولاد فَلَا يَرْثُونَ نَصِيبَ
أَبيهما مِنَ الْوَلَاءِ، وإِنما يَكُونُ لِعَمِّهِمْ وَهُوَ الِابْنُ
الْآخَرُ. يُقَالُ: فُلَانٌ كُبْر قَوْمِهِ بِالضَّمِّ إِذا كَانَ
أَقعدَهم فِي النَّسَبِ، وَهُوَ أَن يَنْتَسِبَ إِلى جَدِّهِ الأَكبر
بِآبَاءٍ أَقل عَدَدًا مِنْ بَاقِي عَشِيرَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: إِنه كَانَ كُبْرَ قَوْمِهِ
لأَنه لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَقرب مِنْهُ إِليه فِي
حَيَاتِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْقَسَامَةِ:
الكُبْرَ الكُبْرَ
أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بِالْكَلَامِ أَو قَدِّموا الأَكْبَر
إِرْشاداً إِلى الأَدب فِي تَقْدِيمِ الأَسَنِّ، وَيُرْوَى: كَبِّر
الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَقَالَ: ادْفعوا
مَالَهُ إِلى أَكْبَرِ خُزاعة
أَي كَبِيرِهِمْ وَهُوَ أَقربهم إِلى الْجَدِّ الأَعلى. وَفِي حَدِيثِ
الدَّفْنِ:
وَيُجْعَلُ الأَكْبَرُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ
أَي الأَفضل، فإِن اسْتَوَوْا فالأَسن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهَدْمِهِ الْكَعْبَةَ: فَلَمَّا أَبرَزَ عَنْ
رَبَضه دَعَا بكُبْرِه فَنَظَرُوا إِليه
أَي بِمَشَايِخِهِ وكُبَرائه، والكُبْرُ هَاهُنَا: جَمْعُ الأَكْبَرِ
كأَحْمَر وحُمْر. وَفُلَانٌ إِكْبِرَّة قَوْمِهِ، بِالْكَسْرِ
وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً، أَي كُبْرُ قَوْمِهِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ
الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. ابْنُ سِيدَهْ: وكُبْرُ وَلَدِ
الرَّجُلِ أَكْبَرُهم مِنَ الذُّكُورِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ:
الْوَلَاءُ للكُبْر. وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري:
وَيُقَالُ فُلَانٌ كُبُرُّ وَلَدِ أَبيه وكُبُرَّةُ وَلَدِ أَبيه،
الرَّاءُ مُشَدَّدَةٌ، هَكَذَا قَيَّدَهُ أَبو الْهَيْثَمِ بِخَطِّهِ.
وكُبْرُ الْقَوْمِ وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بِالنَّسَبِ، والمرأَة فِي
ذَلِكَ كَالرَّجُلِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: لَا يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ
عَلَى إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ. وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً:
عَظُمَ. وكلُّ مَا جَسُمَ، فَقَدْ كَبُرَ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا
يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ
؛ مَعْنَاهُ كُونُوا أَشد مَا يَكُونُ فِي أَنفسكم فإِني أُمِيتكم
وأُبْلِيكم. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً
إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ
؛ يَعْنِي وإِن كَانَ اتباعُ هَذِهِ الْقِبْلَةِ يَعْنِي قِبْلَةَ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا فَعْلَة كَبِيرَةً؛ الْمَعْنَى أَنها
كَبِيرَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمُخْلِصِينَ، فأَما مَنْ أَخلص فَلَيْسَتْ
بِكَبِيرَةٍ عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: إِذا أَردت عِظَمَ الشَّيْءِ
قُلْتَ: كَبُرَ يَكْبُرُ كِبَراً، كَمَا لَوْ قُلْتَ: عَظُمَ يَعظُم
عِظَماً. وَتَقُولُ: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر كَبارَةً. وكُبْرُ
[كِبْرُ] الشَّيْءِ أَيضاً: مُعْظَمُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والكِبْرُ
مُعْظَمُ الشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِي
تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي مُعْظَمَ الإِفك؛ قَالَ الْفَرَّاءُ:
اجْتَمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى كَسْرِ الْكَافِ وقرأَها حُمَيْدٌ الأَعرج
(5/128)
وَحْدَهُ كُبْرَه، وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّدٌ
فِي النَّحْوِ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: فُلَانٌ تَوَلَّى عُظْمَ
الأَمر، يُرِيدُونَ أَكثره؛ وَقَالَ ابْنُ الْيَزِيدِيِّ: أَظنها
لُغَةً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قاسَ الْفَرَّاءُ الكُبْرَ عَلَى
العُظْمِ وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ:
كِبْرُ الشَّيْءِ مُعْظَمُه، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد قَوْلُ قَيْسِ بْنِ
الخَطِيمِ:
تَنامُ عَنْ كِبْرِ شأْنِها، فإِذا ... قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ
تَنْغَرِفُ
وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الإِفك:
وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَه أَي مُعْظَمَهُ
، وَقِيلَ: الكِبر الإِثم وَهُوَ مِنَ الْكَبِيرَةِ كالخِطْءِ مِنَ
الخَطيئة. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
إِن حَسَّانَ كَانَ مِمَّنْ كَبَّر عَلَيْهَا.
وَمِنْ أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ النَّاسِ فِي الْمَالِ. قَالَ:
والكِبْرُ مِنَ التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بِالضَّمِّ،
فَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ. ابْنُ سِيدَهْ: والكِبْرُ الإِثم
الْكَبِيرُ وَمَا وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ. والكِبْرَةُ:
كالكِبْرِ، التأْنيث عَلَى الْمُبَالَغَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ
وَالْفَواحِشَ*
. وَفِي الأَحاديث ذِكْرُ الْكَبَائِرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ،
وَاحِدَتُهَا كَبِيرَةٌ، وَهِيَ الفَعْلةُ القبيحةُ مِنَ الذُّنُوبِ
المَنْهِيِّ عَنْهَا شَرْعًا، الْعَظِيمِ أَمرها كَالْقَتْلِ
وَالزِّنَا وَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهِيَ مِنَ
الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن رَجُلًا سأَله عَنْ الْكَبَائِرِ: أَسَبْعٌ هي
ففقال: هِيَ مِنَ السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ إِلا أَنه لَا كَبِيرَةَ
مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصرار.
وَرَوَى مَسْرُوقٌ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْكَبَائِرِ
فَقَالَ: مَا بَيْنَ فَاتِحَةِ النِّسَاءِ إِلى رأْس الثُّلُثَيْنِ.
وَيُقَالُ: رَجُلٌ كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً
. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
فِي عَذَابِ الْقَبْرِ: إِنهما لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبان فِي
كَبير
أَي لَيْسَ فِي أَمر كَانَ يَكْبُر عَلَيْهِمَا وَيَشُقُّ فِعْلُهُ
لَوْ أَراداه، لَا أَنه فِي نَفْسِهِ غَيْرُ كَبِيرٍ، وَكَيْفَ لَا
يَكُونُ كَبِيرًا وَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ
مِنْ كِبْر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي كِبْرَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ
؛ أَلا تَرى أَنه قَابَلَهُ فِي نَقِيضِهِ بالإِيمان فَقَالَ:
وَلَا يَدْخُلُ النارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الإِيمان
؛ أَراد دُخُولَ تأْبيد؛ وَقِيلَ: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ مَا فِي
قَلْبِهِ مِنَ الكِبر كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَزَعْنا مَا فِي
صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ*؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَلَكِنَّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَ
؛ هَذَا عَلَى الْحَذْفِ، أَي وَلَكِنَّ ذَا الْكِبْرِ مَن بَطِرَ، أَو
ولكنَّ الكِبْرَ كِبْرُ مَنْ بَطِر، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنَّ
الْبِرَّ مَنِ اتَّقى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعُوذ بِكَ من سُوءِ الكِبر
؛ يُرْوَى بِسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا، فَالسُّكُونُ مِنْ هَذَا
الْمَعْنَى، وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى الهَرَم والخَرَفِ. والكِبْرُ
[الكُبْرُ] : الرِّفْعَةُ فِي الشَّرَفِ. ابْنُ الأَنباري: الكِبْرِياء
الْمُلْكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي
الْأَرْضِ
؛ أَي الْمُلْكُ. ابْنُ سِيدَهْ: الكِبْر، بِالْكَسْرِ،
وَالْكِبْرِيَاءُ الْعَظَمَةُ وَالتَّجَبُّرُ؛ قَالَ كُرَاعٌ: وَلَا
نَظِيرَ لَهُ إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ
الَّتِي بَيْنَ الصَّبا والجَنُوب، قَالَ: فأَما الكِيمياء فَكَلِمَةٌ
أَحسبها أَعجمية. وَقَدْ تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وَقِيلَ
تَكَبَّرَ: مِنَ الكِبْر، وتَكابَر: مِنَ السِّنّ. والتكَبُّر
والاستِكبار: التَّعظّم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ
الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي أَجْعَلُ جزاءَهم الإِضلال عَنْ هِدَايَةِ
آيَاتِي؛ قَالَ: وَمَعْنَى يَتَكَبَّرُونَ
أَي أَنهم
(5/129)
يَرَوْنَ أَنهم أَفضل الْخَلْقِ وأَن
لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا
تَكُونُ إِلا لله خَاصَّةً لأَن اللَّهَ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هُوَ
الَّذِي لَهُ الْقُدْرَةُ وَالْفَضْلُ الَّذِي لَيْسَ لأَحد مِثْلُهُ،
وَذَلِكَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَن يُقَالَ لَهُ المُتَكَبِّر، وَلَيْسَ
لأَحد أَن يَتَكَبَّرَ لأَن النَّاسَ فِي الْحُقُوقِ سَوَاءٌ، فَلَيْسَ
لأَحد مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَاللَّهُ الْمُتَكَبِّرُ، وأَعْلَمَ
اللهُ أَن هَؤُلَاءِ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرض بِغَيْرِ الْحَقِّ أَي
هَؤُلَاءِ هَذِهِ صِفَتُهُمْ؛ وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ يَتَكَبَّرُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
: مِنَ الكِبَر لَا مِنَ الكِبْرِ
أَي يَتَفَضَّلُونَ ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الْخَلْقِ. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ
النَّاسِ
؛ أَي أَعجب. أَبو عَمْرٍو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ
الأَكْبَرُ. والإِكْبِرُ والأَكْبَرُ: شَيْءٌ كأَنه خَبِيصٌ يَابِسٌ
فِيهِ بَعْضُ اللِّينِ لَيْسَ بِشَمْعٍ وَلَا عَسَلٍ وَلَيْسَ
بِشَدِيدِ الْحَلَاوَةِ وَلَا عَذْبٌ، تَجِيءُ النَّحْلُ بِهِ كَمَا
تَجِيءُ بِالشَّمْعِ. والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر وَالْجَمْعُ
الكُبَرُ، وَجَمْعُ الأَكْبَرِ الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قَالَ: وَلَا
يُقَالُ كُبْرٌ لأَن هَذِهِ الْبِنْيَةَ جُعِلَتْ لِلصِّفَةِ خَاصَّةً
مِثْلُ الأَحمر والأَسود، وأَنت لَا تَصِفُ بأَكبر كَمَا تَصِفُ
بأَحمر، لَا تَقُولُ هَذَا رَجُلٌ أَكبر حَتَّى تَصِلَهُ بِمَنْ أَو
تُدْخِلَ عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ
، قِيلَ: هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَقِيلَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وإِنما
سُمِّيَ الْحَجَّ الأَكبر لأَنهم يُسَمُّونَ الْعُمْرَةَ الْحَجَّ
الأَصغر. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ فِي: إِذَا السَّماءُ
انْشَقَّتْ
؛ أَراد الشَّيْخَيْنِ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَفِي حَدِيثِ
مازِنٍ: بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ مُضَر بِدِينِ اللَّهِ الكُبَر
، جَمْعُ الْكُبْرَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّها لَإِحْدَى
الْكُبَرِ
، وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بِشَرَائِعِ دِينِ
اللَّهِ الكُبَرِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَا تُكابِرُوا الصلاةَ بِمِثْلِهَا مِنَ التَّسْبِيحِ فِي مَقَامٍ
وَاحِدٍ
كأَنه أَراد لَا تُغَالِبُوهَا أَي خَفِّفُوا فِي التَّسْبِيحِ بَعْدَ
التَّسْلِيمِ، وَقِيلَ: لَا يَكُنِ التَّسْبِيحُ الَّذِي فِي
الصَّلَاةِ أَكثر مِنْهَا وَلْتَكُنِ الصَّلَاةُ زَائِدَةً عَلَيْهِ.
شِمْرٌ: يُقَالُ أَتاني فُلَانٌ أَكْبَرَ النَّهَارِ وشَبابَ
النَّهَارِ أَي حِينِ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، قَالَ الأَعشى:
سَاعَةً أَكْبَرَ النهارُ، كَمَا شدَّ ... مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما
يَقُولُ: قَتَلْنَاهُمْ أَول النَّهَارِ فِي سَاعَةٍ قَدْرَ مَا يَشُدّ
المُحِيلُ أَخْلافَ إِبله لِئَلَّا يَرْضَعَها الفُصْلانُ. وأَكْبَر
الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وَهُوَ كِنَايَةٌ. والكِبْرِيتُ: مَعْرُوفٌ،
وَقَوْلُهُمْ أَعَزُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الأَحمر، إِنما هُوَ
كَقَوْلِهِمْ: أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوقِ. وَيُقَالُ: ذَهَبٌ
كِبْرِيتٌ أَي خَالِصٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاج بْنِ رُؤْبَةَ:
هَلْ يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ، ... أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ
كِبْرِيتُ؟
والكَبَرُ: الأَصَفُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والكَبَرُ: نَبَاتٌ لَهُ
شَوْكٌ. والكَبَرُ: طَبْلٌ لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بن زَيْدٍ صَاحِبِ الأَذان: أَنه أَخَذَ عُودًا فِي
مَنَامِهِ لِيَتَّخِذَ مِنْهُ كَبَراً
؛ رَوَاهُ شِمْرٌ فِي كِتَابِهِ قَالَ: الْكَبَرُ بِفَتْحَتَيْنِ
الطبلُ فِيمَا بَلَغَنا، وَقِيلَ: هُوَ الطَّبْلُ ذُو الرأْسين،
وَقِيلَ: الطَّبْلُ الَّذِي لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: سُئِلَ عَنِ التَّعْوِيذِ يُعَلَّقُ عَلَى الْحَائِطِ،
فَقَالَ: إِن كَانَ فِي كَبَرٍ فَلَا بأْس
أَي فِي طَبْلٍ صَغِيرٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِن كَانَ فِي قَصَبَةٍ،
وَجَمْعُهُ كِبارٌ مِثْلُ جَمَلٍ وجِمالٍ. والأَكابِرُ: أَحياء مِنْ
بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُمْ شَيْبانُ وَعَامِرٌ وَطَلْحَةُ مِنْ بَنِي
تَيْم اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكابَة
(5/130)
أَصابتهم سَنَةٌ فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم
وضَبَّةَ وَنَزَلُوا عَلَى بَدْرِ بْنِ حَمْرَاءَ الضَّبِّيِّ فأَجارهم
وَوَفَى لَهُمْ، فَقَالَ بَدْرٌ فِي ذَلِكَ:
وَفَيْتُ وَفَاءً لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَهُ ... بتِعشارَ، إِذ تَحْبو
إِليَّ الأَكابِرُ
والكِبْرُ [الكُبْرُ] فِي الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قَالَ المَرَّارُ:
ولِيَ الأَعْظَمُ مِنْ سُلَّافِها، ... ولِيَ الهامَةُ فِيهَا
والكُبُرْ
وذُو كِبار: رَجُلٌ. وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: مِنْ بِلَادِ بَنِي
أَسد؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسيّ:
فَمَا شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا، ... وَلَا عَتَبَتْ
بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ
كتر: اللَّيْثُ: جَوْزُ كلِّ شَيْءٍ أَي أَوْسَطُه، وأَصْلُ السَّنام:
كَتْرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: كَتْرُ كُلِّ شَيْءٍ جَوْزُه؛ جَبَلٌ عَظِيمُ
الكَتْرِ. وَيُقَالُ لِلْجَمَلِ الْجَسِيمِ: إِنه لَعَظِيمُ الكَتْر،
وَرَجُلٌ رَفِيعُ الكَتْرِ فِي الْحَسَبِ وَنَحْوِهِ، والكَتْرُ:
بِنَاءٌ مِثْلُ القُبَّة. والكِتْرُ والكَتْرُ والكَتَرُ،
بِالتَّحْرِيكِ، والكَتْرَةُ: السَّنامُ، وَقِيلَ: السَّنَامُ
الْعَظِيمُ شُبِّهَ بِالْقُبَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَعلاه، وَكَذَلِكَ
هُوَ مِنَ الرأْس؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ بِنَاءٌ مِثْلُ الْقُبَّةِ
يُشَبَّه السَّنامُ بِهِ. وأَكْتَرَتِ النَّاقَةُ: عظم كِتْرُها
[كَتْرُها] ؛ وَقَالَ عَلْقَمةُ بْنُ عَبْدَةَ يَصِفُ نَاقَةً:
قَدْ عُرِّيَتْ حِقْبَةً حتى اسْتَظَفَّ لَهَا ... كِتْرٌ، كحافَةِ
كِيرِ القَيْنِ، مَلْمُومُ
قَوْلُهُ عُرِّيَتْ أَي عُرِّيَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ مِنْ رَحْلِهَا
فَلَمْ تُرْكَبْ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ فَهُوَ أَقوى لها. ومعنى
اسْتَظَفَّ ارْتَفَعَ، وَقِيلَ: أَشرف وأَمكن. وكِيرُ الْحَدَّادِ:
زِقُّه أَو جِلْدٌ غَلِيظٌ لَهُ حَافَاتٌ. ومَلْمومٌ: مُجْتَمَعٌ.
قَالَ الأَصمعي: وَلَمْ أَسمع الكِتْرَ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ.
ابْنُ الأَعرابي: الكِتْرة القِطْعَة مِنَ السَّنَامِ. والكِتْرَةُ:
القُبَّةُ. والكَتْر أَيضاً: الهَوْدَجُ الصَّغِيرُ. والكَتْرةُ:
مِشيَةٌ فيها تَخَلُّجٌ.
كثر: الكَثْرَةُ والكِثْرَةُ والكُثْرُ: نَقِيضُ الْقِلَّةِ.
التَّهْذِيبُ: وَلَا تَقُلِ الكِثْرَةُ، بِالْكَسْرِ، فإِنها لُغَةٌ
رَدِيئَةٌ، وَقَوْمٌ كَثِيرٌ وَهُمْ كَثِيرُونَ. اللَّيْثُ: الكَثْرَة
نَمَاءُ الْعَدَدِ. يُقَالُ: كَثُرَ الشيءُ يَكْثُر كَثْرَةً، فَهُوَ
كَثِيرٌ. وكُثْرُ الشَّيْءِ: أَكْثَرُه، وقُلُّه: أَقله. والكُثْرُ،
بِالضَّمِّ، مِنَ الْمَالِ: الكثيرُ؛ يُقَالُ: مَا لَهُ قُلٌّ وَلَا
كُثْرٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِرَجُلٍ مِنْ رَبِيعَةَ:
فإِنَّ الكُثْرَ أَعياني قَدِيمًا، ... وَلَمْ أُقْتِرْ لَدُنْ أَنِّي
غُلامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِعَمْرِو بْنُ حَسَّان مِنْ بَنِي
الحرث بْنِ هَمَّام؛ يَقُولُ: أَعياني طلبُ الْكَثْرَةِ مِنَ الْمَالِ
وإِن كنتُ غيرَ مُقْتِرٍ مِنْ صِغَرِي إِلى كِبَرِي، فَلَسْتُ مِنَ
المُكْثِرِين وَلَا المُقْتِرِين؛ قَالَ: وَهَذَا يَقُولُهُ لامرأَته
وَكَانَتْ لَامَتَهُ فِي نَابَيْنِ عَقَرَهُمَا لِضَيْفٍ نَزَلَ بِهِ
يُقَالُ لَهُ إِساف فَقَالَ:
أَفي نَابَيْنِ نَالَهُمَا إِسافٌ ... تَأَوَّهُ طَلَّتي مَا أَن
تَنامُ؟
أَجَدَّكِ هَلْ رأَيتِ أَبا قُبَيْسٍ، ... أَطالَ حَياتَه النَّعَمُ
الرُّكامُ؟
بَنى بالغَمْرِ أَرْعَنَ مُشْمَخِرًّا، ... تَغَنَّى فِي طوائقِه
الحَمامُ
تَمَخَّضَت المَنُونُ لَهُ بيَوْمٍ ... أَنَى، ولكلِّ حامِلَةٍ تَمامُ
(5/131)
وكِسْرى، إِذ تَقَسَّمَهُ بَنُوهُ ...
بأَسيافٍ، كَمَا اقْتُسِمَ اللِّحامُ
قَوْلُهُ: أَبا قُبَيْسٍ يَعْنِي بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ
وَكُنْيَتُهُ أَبو قَابُوسَ فَصَغَّرَهُ تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ.
وَالرُّكَامُ: الْكَثِيرُ؛ يَقُولُ: لَوْ كَانَتْ كَثْرَةُ الْمَالِ
تُخْلِدُ أَحداً لأَخْلَدَتْ أَبا قَابُوسَ. وَالطَّوَائِقُ: الأَبنية
الَّتِي تُعْقَدُ بالآجُرِّ. وَشَيْءٌ كَثِير وكُثارٌ: مِثْلُ طَويل
وطُوال. وَيُقَالُ: الحمد لله عَلَى القُلِّ والكُثْرِ والقِلِّ
والكِثْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ المالُ أَربعون والكُثْرُ سِتُّون
؛ الكُثْرُ، بِالضَّمِّ: الْكَثِيرُ كالقُلِّ فِي الْقَلِيلِ،
والكُثْرُ مُعْظَمُ الشَّيْءِ وأَكْثَرُه؛ كَثُرَ الشيءُ كَثارَةً
فَهُوَ كَثِير وكُثارٌ وكَثْرٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: والْعَنْهم
لَعْناً كَثِيرًا، قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ دُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ
رَاجِعٌ إِلى هَذَا لأَنه إِذا دَامَ عَلَيْهِ كَثُرَ. وكَثَّر الشيءَ:
جَعَلَهُ كَثِيرًا. وأَكْثَر: أَتى بكَثِير، وَقِيلَ: كَثَّرَ
الشَّيْءَ وأَكْثَره جَعَلَهُ كَثيراً. وأَكْثَر اللهُ فِينَا
مِثْلَكَ: أَدْخَلَ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وأَكثَر الرجلُ أَي كَثُر
مالُه. وَفِي حَدِيثِ الإِفْك: ...
وَلَهَا ضَرائِرُ إِلا كَثَّرْنَ فِيهَا
أَي كَثَّرْنَ القولَ فِيهَا والعَنَتَ لَهَا؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَكَانَ
حسانُ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ
الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَرَجُلٌ مُكْثِرٌ: ذُو كُثْرٍ مِنَ
الْمَالِ؛ ومِكْثارٌ ومِكْثير: كَثِيرُ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى
بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ
وَالنُّونِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ. والكاثِرُ:
الكَثِير. وعَدَدٌ كاثِرٌ: كَثِير؛ قَالَ الأَعشى:
ولَسْتُ بالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى، ... وإِنما العِزَّةُ للكاثِرِ
الأَكثر هَاهُنَا بِمَعْنَى الْكَثِيرِ، وَلَيْسَتْ لِلتَّفْضِيلِ،
لأَن الأَلف واللام ومن يَتَعَاقَبَانِ فِي مِثْلِ هَذَا؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ لِلتَّفْضِيلِ وَتَكُونُ مِنْ
غَيْرَ مُتَعَلِّقَةٍ بالأَكثر، وَلَكِنْ عَلَى قَوْلُ أَوْسِ بْنِ
حَجَرٍ:
فإِنَّا رَأَيْنا العِرْضَ أَحْوَجَ، سَاعَةً، ... إِلى الصِّدْقِ مِنْ
رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
وَرَجُلٌ كَثِيرٌ: يَعْنِي بِهِ كَثْرَة آبَائِهِ وضُرُوبَ عَلْيائه.
ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ يُونُسَ: رِجالٌ كَثير وَنِسَاءٌ كَثِير وَرِجَالٌ
كَثيرة وَنِسَاءٌ كَثِيرة. والكُثارُ، بِالضَّمِّ: الكَثِيرُ. وَفِي
الدَّارِ كُثار وكِثارٌ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَاتٍ، وَلَا يَكُونُ
إِلا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ. وكاثَرْناهم فَكَثَرناهم أَي غَلَبْنَاهُمْ
بالكَثْرَةِ. وكاثَرُوهم فَكَثَرُوهُمْ يَكْثُرونَهُمْ: كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الكُمَيْتِ يَصِفُ الثَّوْرَ
وَالْكِلَابَ:
وعاثَ فِي غابِرٍ مِنْهَا بعَثْعَثَةٍ ... نَحْرَ المُكافئِ،
والمَكْثورُ يَهْتَبِلُ
العَثْعَثَة: اللَّيِّنْ مِنَ الأَرض. والمُكافئُ: الَّذِي يَذْبَحُ
شَاتَيْنِ إِحداهما مُقَابِلَةُ الأُخرى لِلْعَقِيقَةِ. ويَهْتَبِلُ:
يَفْتَرِصُ ويَحْتال. والتَّكاثُر: المُكاثَرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنكم لَمَعَ خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ إِلا كَثَّرتاه
؛ أَي غَلَبناه بالكَثْرَةِ وكانَتا أَكْثَر مِنْهُ. الْفَرَّاءُ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقابِرَ
؛ نَزَلَتْ فِي حَيَّيْنِ تَفاخَرُوا أَيُّهم أَكْثَرُ عَدداً وَهُمْ
بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وبنو سَهْم فكَثَرَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَنِي
سَهْمٍ، فَقَالَتْ بَنُو سَهْمٍ: إِن البَغْيَ أَهلكنا فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فعادُّونا بالأَحياء والأَموات. فكَثَرَتْهم بَنُو
سَهْم، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى
زُرْتُمُ الْمَقابِرَ
؛ أَي حَتَّى زُرْتُمُ الأَموات؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلهاكم
التَّفَاخُرُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالْمَالِ حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقَابِرَ أَي حَتَّى مُتُّمْ؛ قَالَ جَرِيرٌ للأَخطل:
(5/132)
زَارَ القُبورَ أَبو مالكٍ، ... فأَصْبَحَ
أَلأَمَ زُوَّارِها «4»
فَجَعَلَ زيارةَ الْقُبُورِ بِالْمَوْتِ؛ وَفُلَانٌ يَتَكَثَّرُ
بِمَالِ غَيْرِهِ. وكاثَره الماءَ واسْتَكْثَره إِياه إِذا أَراد
لِنَفْسِهِ مِنْهُ كَثِيرًا لِيَشْرَبَ مِنْهُ، وإِن كَانَ الْمَاءُ
قَلِيلًا. وَاسْتَكْثَرَ مِنَ الشَّيْءِ: رَغِبَ فِي الْكَثِيرِ مِنْهُ
وأَكثر مِنْهُ أَيضاً. وَرَجُلٌ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ إِذا كَثُرَ
عَلَيْهِ مَنْ يَطْلُبُ مِنْهُ المعروفَ، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا
نَفِدَ مَا عِنْدَهُ وكَثُرَتْ عَلَيْهِ الحُقوقُ مِثْل مَثْمُودٍ
ومَشْفوهٍ ومَضْفوفٍ. وَفِي حَدِيثِ
قَزَعَةَ: أَتيتُ أَبا سَعِيدٍ وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ.
يُقَالُ: رَجُلٌ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ إِذا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الحقوقُ
والمطالَباتُ؛ أَراد أَنه كَانَ عِنْدَهُ جَمْعٌ مِنَ النَّاسِ
يسأَلونه عَنْ أَشياء فكأَنهم كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ فَهُمْ
يَطْلُبُونَهَا. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ:
مَا رأَينا مَكْثُوراً أَجْرَأَ مَقْدَماً مِنْهُ
؛ المَكْثُورُ: الْمَغْلُوبُ، وَهُوَ الَّذِي تَكَاثَرَ عَلَيْهِ
النَّاسُ فَقَهَرُوهُ، أَي مَا رأَينا مَقْهُورًا أَجْرَأَ إِقْداماً
مِنْهُ. والكَوْثَر: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والكَوْثَر:
الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ مِنَ الْغُبَارِ إِذا سَطَعَ وكَثُرَ،
هُذَليةٌ؛ قَالَ أُمَيَّةُ يَصِفُ حِمَارًا وَعَانَتَهُ:
يُحامي الحَقِيقَ إِذا مَا احْتَدَمْن، ... وحَمْحَمْنَ فِي كَوْثَرٍ
كالجَلالْ
أَراد: فِي غُبار كأَنه جَلالُ السَّفِينَةِ. وَقَدْ تَكَوْثَر الغُبار
إِذا كَثُرَ؛ قَالَ حَسّان بْنُ نُشْبَة:
أَبَوْا أَن يُبِيحوا جارَهُمْ لعَدُوِّهِمْ، ... وَقَدْ ثارَ نَقْعُ
المَوْتِ حَتَّى تَكَوْثَرا
وَقَدْ تَكَوْثَرَ. وَرَجُلٌ كَوْثَرٌ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ
وَالْخَيْرِ. والكَوْثَرُ: السَّيِّدُ الْكَثِيرُ الْخَيِّرِ؛ قَالَ
الْكُمَيْتُ:
وأَنتَ كَثِيرٌ، يَا ابنَ مَرْوانَ، طَيِّبٌ، ... وَكَانَ أَبوك ابنُ
العقائِل كَوْثَرا
وَقَالَ لَبِيدٌ:
وعِنْدَ الرِّداعِ بيتُ آخرَ كَوْثَرُ
والكَوْثَرُ: النَّهْرُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي
الْجَنَّةِ يَتَشَعَّبُ مِنْهُ جَمِيعُ أَنهارها وَهُوَ لِلنَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَاصَّةً. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: أُعطِيتُ الكَوْثَر
، وَهُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ فَوْعَل مِنَ الْكَثْرَةِ
وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَمَعْنَاهُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. وَجَاءَ فِي
التَّفْسِيرِ: أَن الكَوْثَرَ الْقُرْآنُ وَالنُّبُوَّةُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ
؛ قِيلَ: الكَوْثَرُ هَاهُنَا الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي يُعْطِيهِ
اللَّهُ أُمته يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى
الْكَثْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَن الكَوْثَرَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَشد بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ
وأَحلى مِنَ الْعَسَلِ، فِي حافَتَيه قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ
، وَجَاءَ أَيضاً فِي التَّفْسِيرِ: أَن الكَوْثَرَ الإِسلام
وَالنُّبُوَّةُ، وَجَمِيعُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْكَوْثَرِ قَدْ
أُعطيه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُعطي
النُّبُوَّةَ وإِظهار الدِّينِ الَّذِي بُعِثَ بِهِ عَلَى كُلِّ دِينٍ
وَالنَّصْرَ عَلَى أَعدائه وَالشَّفَاعَةَ لأُمته، وَمَا لَا يُحْصَى
مِنَ الْخَيْرِ، وَقَدْ أُعطي مِنَ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِ
عَلَى أَهل الْجَنَّةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ
أَبو عُبَيْدَةَ: قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبو أُمية: قَدِمَ فلانٌ
بكَوْثَرٍ كَثير، وهو فوعل من الكثرة. أَبو تُرَابٍ: الكَيْثَرُ
بِمَعْنَى الكَثِير؛ وأَنشد:
هَلِ العِزُّ إِلا اللُّهى والثَّرَاءُ ... والعَدَدُ الكَيْثَرُ
الأَعْظَمُ؟
فالكَيْثَرُ والكَوْثَرُ وَاحِدٌ. والكَثْرُ والكَثَرُ،
بِفَتْحَتَيْنِ: جُمَّار النَّخْلِ، أَنصارية، وَهُوَ شَحْمُهُ الذي
__________
(4) . وفي رواية أخرى:
فكان كأَلأَمِ زُوّارِها
(5/133)
في وسط النَّخْلَةُ؛ فِي كَلَامِ الأَنصار:
وَهُوَ الجَذَبُ أَيضاً. وَيُقَالُ: الكَثْرُ طَلْعُ النَّخْلِ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ
، وَقِيلَ: الكَثَرُ الجُمَّارُ عامَّةً، وَاحِدَتُهُ كَثَرَةٌ. وَقَدْ
أَكْثَرَ النخلُ أَي أَطْلَعَ. وكَثِير: اسْمُ رَجُلٍ؛ وَمِنْهُ
كُثَيِّرُ بْنُ أَبي جُمْعَةَ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَفْظُ التصغير.
وكَثِيرَةُ: اسْمُ امرأَة. والكَثِيراءُ: عِقِّيرٌ معروف.
كخر: قَالَ الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ؛ وَقَالَ أَبو
زَيْدٍ الأَنصاري: فِي الْفَخْذِ الغُرُورُ، وَهِيَ غُضون فِي ظَاهِرِ
الْفَخِذَيْنِ، وَاحِدُهَا غَرٌّ، وَفِيهِ الكاخِرَةُ، وَهِيَ أَسفل
مِنَ الْجَاعِرَةِ فِي أَعالي الغُرور.
كدر: الكَدَرُ: نَقِيضُ الصَّفَاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: خِلَافُ
الصَّفْوِ؛ كَدَرَ وكَدُرَ، بِالضَّمِّ، كَدارَةً وكَدِرَ،
بِالْكَسْرِ، كَدَراً وكُدُوراً وكُدْرَةً وكُدُورَةً وكَدارَةً
واكْدَرَّ؛ قَالَ ابْنُ مَطِيرٍ الأَسَدِيُّ:
وكائنْ تَرى مِنْ حَالِ دُنْيا تَغَيَّرتْ، ... وحالٍ صَفا، بَعْدَ
اكدِرارٍ، غَديرُها
وَهُوَ أَكْدَرُ وكَدِرٌ وكَدِيرٌ؛ يُقَالُ: عَيْشٌ أَكْدَرُ كِدرٌ،
وماءٌ أَكدَرُ كَدِرٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: كَدِرَ الماءُ بِالْكَسْرِ،
يَكْدَرُ كَدَراً، فَهُوَ كَدِرٌ وكَدْرٌ، مِثْلُ فَخِذٍ وفَخْذٍ؛
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَوْ كنتَ مَاءً كنتَ غيرَ كَدرِ
وَكَذَلِكَ تَكَدَّر وكَدَّره غيرُه تَكْديراً: جَعَلَهُ كَدِراً،
وَالِاسْمُ الكُدْرة والكُدُورَة. والكُدْرَةُ مِنَ الأَلوان: مَا نَحا
نَحوَ السَّوَادِ والغُبْرَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الكُدْرة فِي
اللَّوْنِ خَاصَّةً، والكُدُورة فِي الْمَاءِ وَالْعَيْشِ، والكَدَرُ
فِي كلٍّ. وكَدِرَ لونُ الرَّجُلِ، بِالْكَسْرِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وَيُقَالُ: كَدُرَ عَيْشُ فُلَانٍ وتَكَدَّرَتْ مَعِيشَتُهُ،
وَيُقَالُ: كَدِرَ الْمَاءُ وكَدُرَ وَلَا يُقَالُ كَدَرَ إِلا فِي
الصبِّ. يقال: كَدَرَ الشيءَ يَكْدُرُه كَدْراً إِذا صَبَّهُ؛ قَالَ
الْعَجَّاجُ يَصِفُ جَيْشًا:
فإِن أَصابَ كَدَراً مَدَّ الكَدَرْ، ... سَنابِكُ الخَيْلِ
يُصَدِّعْنَ الأَيَرّ
والكَدَرُ: جَمْعُ الكَدَرَة، وَهِيَ المَدَرَةُ الَّتِي يُثيرها
السَّنُّ، وهي هاهنا تُثيرُ سَنابِكُ الْخَيْلِ. ونُطفة كَدْراء:
حَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالسَّمَاءِ، فإِن أُخِذَ لَبَنٌ حَلِيبٌ
فأُنْقِعَ فِيهِ تَمْرٌ بَرْنِيٌّ، فَهُوَ كُدَيْراء. وكَدَرَةُ
الْحَوْضِ، بِفَتْحِ الدَّالِّ: طِينُهُ وكدَرُه؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي؛ وَقَالَ مُرَّةُ: كَدَرَتُه مَا عَلَاهُ مِنْ طُحْلُبٍ
وعَرْمَضٍ وَنَحْوِهِمَا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا كَانَ
السَّحَابُ رَقِيقًا لَا يُوَارِي السَّمَاءَ فَهُوَ الكَدَرة،
بِفَتْحِ الدَّالِّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ خُذْ مَا صَفَا ودَعْ
مَا كَدَرَ وكدُرَ وكَدِرَ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ:
القَطا ضَرْبَانِ: فَضَرْبٌ جُونِيَّة، وَضَرْبٌ مِنْهَا الغَطاطُ
والكُدْرِيُّ، والجُونيُّ مَا كَانَ أَكْدَرَ الظَّهْرِ أَسود بَاطِنِ
الْجَنَاحِ مُصْفَرَّ الْخُلُقِ قَصِيرَ الرِّجْلَيْنِ، فِي ذَنَبِهِ
رِيشَتَانِ أَطول مِنْ سَائِرِ الذَّنَبِ. ابْنُ سِيدَهْ: الكُدْرِيُّ
والكُدارِيّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ضَرْبٌ مِنَ القَطا
قِصارُ الأَذناب فَصِيحَةٌ تُنادي بِاسْمِهَا وَهِيَ أَلطف مِنَ
الجُونيّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَلْقى بِهِ بَيْضَ القَطا الكُدارِي ... تَوائماً، كالحَدَقِ
الصِّغارِ
وَاحِدَتُهُ كُدْرِيَّةٌ وكُدارِيَّة، وَقِيلَ: إِنما أَراد الكُدْرِيّ
فَحَرَّكَ وَزَادَ أَلفاً لِلضَّرُورَةِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ
(5/134)
الكَدَارِيّ، وَفَسَّرَهُ بأَنه جَمْعُ
كُدْرِيّة. قَالَ بَعْضُهُمْ: الكُدْرِيّ منسوبٌ إِلى طَيْرِ كُدْرٍ،
كالدُّبْسِيّ مَنْسُوبٌ إِلى طَيْرِ دُبْسٍ. الْجَوْهَرِيُّ: القَطا
ثَلَاثَةُ أَضرب: كُدْرِيٌّ وجُونيّ وغَطاطٌ، فالكُدْرِيّ مَا
وَصَفْنَاهُ وَهُوَ أَلطف مِنَ الجُونيِّ، كأَنه نُسِبَ إِلى مُعْظَمِ
الْقَطَا وَهِيَ كُدْرٌ، وَالضَّرْبَانِ الْآخَرَانِ مَذْكُورَانِ فِي
مَوْضِعَيْهِمَا. والكَدَرُ: مَصْدَرُ الأَكْدَرِ، وَهُوَ الَّذِي فِي
لَوْنِهِ كُدْرَة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَكْدَرُ لَفَّافٌ عِنادَ الرُّوع
والكَدَرَةُ: القُلاعَة الضَّخْمَة المُثارة مِنْ مَدَر الأَرض.
والكَدَرُ: القَبضات الْمَحْصُودَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ مِنَ الزَّرْعِ
وَنَحْوِهِ، وَاحِدَتُهُ كَدَرَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو
حَنِيفَةَ. وانْكَدَرَ يَعْدُو: أَسرع بَعْضَ الإِسراع، وَفِي
الصِّحَاحِ: أَسرع وانْقَضّ. وانكَدَر عَلَيْهِمُ القومُ إِذا جاؤوا
أَرسالًا حَتَّى يَنْصَبُّوا عَلَيْهِمْ. وانْكَدَرَتِ النجومُ:
تَناثَرَتْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ
. والكُدَيْراءُ: حَلِيبٌ يُنْقَع فِيهِ تَمْرٌ بَرْنيٌّ، وَقِيلَ:
هُوَ لَبَنٌ يُمْرَسُ بِالتَّمْرِ ثُمَّ تُسْقَاهُ النِّسَاءُ
ليَسْمَنَّ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ صِنْفٌ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَمْ
يُحَلِّهِ. وَحِمَارٌ كُدُرٌّ وكُنْدُر وكُنادِرٌ: غَلِيظٌ؛ وأَنشد:
نَجاءُ كُدُرٍّ مِنْ حَمِيرِ أَتِيدَةٍ، ... بِفَائِلِهِ
والصَّفْحَتَيْن نُدُوبُ
وَيُقَالُ: أَتان كُدُرَّة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّابِّ الْحَادِرِ
الْقَوِيِّ الْمُكْتَنِزِ: كُدُرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ وأَنشد:
خُوص يَدَعْنَ العَزَبَ الكُدُرَّا، ... لَا يَبْرَحُ المنزلَ إِلا
حُرّا
وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ شُجاع: غُلَامٌ قُدُرٌ وكُدُرٌ، وَهُوَ
التَّامُّ دُونَ الْمُنْخَزِلِ؛ وأَنشد:
خُوصٌ يَدَعْنَ الْعَزَبَ الْكُدُرَّا
وَرَجُلٌ كُنْدُر وكُنادِرٌ: قَصِيرٌ غَلِيظٌ شَدِيدٍ. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن كُنْدُراً رُبَاعِيٌّ،
وَسَنَذْكُرُهُ فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً. وبناتُ الأَكْدَرِ: حَميرُ
وَحْشٍ مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ مِنْهَا. وأُكَيْدِرٌ: صاحبُ دُومَةِ
الجَنْدَلِ. والكَدْراء، مَمْدُودٌ: مَوْضِعٌ. وأَكْدَرُ: اسْمٌ.
وكَوْدَرٌ: مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَر؛ عَنِ الأَصمعي؛ قَالَ
النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ويومَ دَعا وِلْدانَكم عِنْدَ كَوْدَرٍ، ... فَخَالُوا لَدَى الدَّاعي
ثَرِيداً مُفلْفَلا
وتَكادَرت الْعَيْنُ فِي الشَّيْءِ إِذا أَدامت النَّظَرَ إِليه.
الْجَوْهَرِيُّ: والأَكْدَرِيّة مسأَلة فِي الْفَرَائِضِ، وَهِيَ
زَوْجٌ وأُم وجَدّ وأُخت لأَب وأُم.
كرر: الكَرُّ: الرُّجُوعُ. يُقَالُ: كَرَّه وكَرَّ بِنَفْسِهِ،
يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. والكَرُّ: مَصْدَرُ كَرَّ عَلَيْهِ
يَكُرُّ كَرًّا وكُروراً وتَكْراراً: عَطَفَ. وكَرَّ عَنْهُ: رَجَعَ،
وكَرّ عَلَى الْعَدُوِّ يَكُرُّ؛ وَرَجُلٌ كَرَّار ومِكَرّ، وَكَذَلِكَ
الْفَرَسُ. وكَرَّرَ الشَّيْءَ وكَرْكَره: أَعاده مَرَّةً بَعْدَ
أُخرى. والكَرّةُ: المَرَّةُ، وَالْجَمْعُ الكَرَّات. وَيُقَالُ:
كَرَّرْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ وكَرْكَرْتُه إِذا رَدَّدْتُهُ
عَلَيْهِ. وكَركَرْتُه عَنْ كَذَا كَرْكَرةً إِذا رَدَدْته. والكَرُّ:
الرُّجُوعُ عَلَى الشَّيْءِ، وَمِنْهُ التَّكْرارُ. ابْنُ بُزُرجٍ:
التَّكِرَّةُ بِمَعْنَى التَّكْرارِ وَكَذَلِكَ التَّسِرَّة
والتَّضِرَّة والتَّدِرَّة. الْجَوْهَرِيُّ: كَرَّرْتُ الشَّيْءَ
تَكْرِيراً وتَكْراراً؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: قُلْتُ لِأَبِي
عَمْرٍو: مَا بَيْنٌ
(5/135)
تِفْعالٍ وتَفْعال؟ فَقَالَ: تِفْعالٌ
اسْمٌ، وتَفْعالٌ، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ. وتَكَرْكَرَ الرجلُ فِي
أَمره أَي ثردّد. والمُكَرر مِنَ الْحُرُوفِ: الرَّاءُ، وَذَلِكَ لأَنك
إِذا وَقَفْتَ عَلَيْهِ رأَيت طَرَفَ اللِّسَانِ يَتَغَيَّرُ بِمَا
فِيهِ مِنَ التَّكْرِيرِ، وَلِذَلِكَ احْتُسِبَ فِي الإِمالة
بِحَرْفَيْنِ. والكَرَّةُ: البَعْث وتَجْديدُ الخَلْق بَعْدَ الفَناء.
وكَرّ المريضُ يَكِرُّ كَرِيراً: جَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ
وحَشْرَجَ، فإِذا عَدَّيته قُلْتَ كَرَّه يَكُرّه إِذا رَدَّه.
والكَرِير: الحَشْرَجَة، وَقِيلَ: الْحَشْرَجَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ،
وَقِيلَ: الكَرِيرُ صَوْتٌ فِي الصَّدْرِ مِثْلُ الحَشْرَجَة وَلَيْسَ
بِهَا؛ وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْخَيْلِ فِي صُدُورِهَا، كَرَّ يَكِرُّ،
بِالْكَسْرِ، كَرِيراً مِثْلَ كرِيرِ المُخْتَنِقِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ
«1»
يَكِرُّ كَرِيرَ البَكْرِ شُدَّ خِناقُه ... ليَقْتُلَنِي، والمرءُ
ليسَ بقَتَّال
والكَرِيرُ: صَوْتٌ مِثْلُ صَوْتِ المُخْتَنِق أَو المَجْهُود؛ قَالَ
الأَعشى:
فأَهْلي الفِداءُ غَداةَ النِّزال، ... إِذا كَانَ دَعْوَى الرجالِ
الكَرِيرَا
والكَرِيرُ: بُحَّة تَعْتَرِي مِنَ الْغُبَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبا بَكْرٍ
وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَضَيَّفُوا أَبا الهَيْثَم
فَقَالَ لامرأَته: مَا عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: شَعِيرٌ، قَالَ: فكَرْكِري
أَي اطْحَنِي. والكَرْكَرة: صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ الإِنسان فِي جَوْفِهِ.
والكَرُّ: قَيْدٌ مِنْ لِيفٍ أَو خُوصٍ. والكَرّ، بِالْفَتْحِ:
الْحَبْلُ الَّذِي يُصْعَدُ بِهِ عَلَى النَّخْلِ، وَجَمْعُهُ كُرورٌ؛
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ
الْحِبَالِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا سَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي
الكَرّ ويُسَوَّى مِنْ حُرِّ اللِّيف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كالكَرِّ لَا سَخْتٌ وَلَا فِيهِ لَوَى
وَقَدْ جَعَلَ الْعَجَّاجُ الكَرّ حَبْلًا تُقاد بِهِ السُّفُنُ فِي
الْمَاءِ، فَقَالَ:
جَذْبَ الصَّرَارِيِّينَ بالكُرورِ
والصَّرارِيُّ: المَلَّاحُ، وَقِيلَ: الكَرّ الْحَبْلُ الْغَلِيظُ.
أَبو عُبَيْدَةَ: الكَرّ مِنَ اللِّيفِ وَمِنْ قِشْرِ الْعَرَاجِينِ
وَمِنَ العَسِيب، وَقِيلَ: هُوَ حَبْل السَّفِينة، وَقَالَ ثَعْلَبٌ:
هُوَ الْحَبْلُ، فَعَمَّ بِهِ. والكَرُّ: حبلُ شِراعِ السَّفِينَةِ،
وَجَمْعُهُ كُرورٌ؛ وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجُ:
جَذْبَ الصراريِّين بِالْكُرُورِ
والكِرَارانِ: مَا تَحْتَ المِيرَكَةِ مِنَ الرَّحْل؛ وأَنشد:
وَقَفْتُ فِيهَا ذاتَ وَجْهٍ ساهِمِ ... سَجْحاءَ ذاتَ مَحْزِمٍ
جُراضِمِ،
تُنْبِي الكِرارَيْن بصُلْبٍ زاهِمِ
والكَرّ: مَا ضَمَّ ظَلِفَتي الرَّحْلِ وجَمَع بَيْنَهُمَا، وَهُوَ
الأَديم الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ الظَّلِفاتُ مِنَ الرَّحْلِ،
وَالْجَمْعُ أَكرار؛ والبِدادانِ فِي القَتَبِ بِمَنْزِلَةِ الكَرّ فِي
الرَّحْلِ، غَيْرَ أَن البِدادَينِ لَا يَظْهَرَانِ مِنْ قُدّام
الظَّلِفة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ فِي أَكْرارِ الرَّحْلِ
هَذَا، لَا مَا قَالَهُ فِي الكِرارَيْن مَا تَحْتَ الرَّحْلِ.
والكَرَّتانِ: القَرَّتان، وَهُمَا الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ لُغَةٌ
حَكَاهَا يَعْقُوبُ. والكَرّ والكُرُّ: مِنْ أَسماء الْآبَارِ،
مُذَكَّرٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الحِسْيُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ
يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ الآجِنُ ليَصْفُوَ، وَالْجَمْعُ كِرارٌ؛ قَالَ
كُثَيِّر:
أُحِبُّكِ، مَا دامَتْ بنَجْدٍ وَشِيجَةٌ، ... وَمَا ثَبَتتْ أُبْلَى
به وتِعَارُ
__________
(1) . الشاعر هو إمرؤ القيس:
(5/136)
وَمَا دامَ غَيْثٌ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،
... بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرارُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْعَجْزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: بِهَا
قُلُبٌ عَادِيَّةٌ، وَالصَّوَابُ: بِهِ قُلُبٌ عَادِيَّةٌ. والقُلُب:
جَمْعُ قَلِيب وَهُوَ الْبِئْرُ. والعادِيَّة: الْقَدِيمَةُ
مَنْسُوبَةٌ إِلى عادٍ. وَالْوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشَّجَرَةِ. وأُبْلى
وتِعارٌ: جَبَلَانِ. والكُرُّ: مِكْيَالٌ لأَهل الْعِرَاقِ؛ وَفِي
حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: إِذا بَلَغَ الماءُ كُرًّا لَمْ يَحْمِلْ نَجَساً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِذا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يَحْمِلِ القَذَرَ
، والكُرّ: سِتَّةُ أَوقار حِمَارٍ، وَهُوَ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ
سِتُّونَ قَفِيزًا. وَيُقَالُ للحِسْي: كُرٌّ أَيضاً؛ والكُرُّ: واحدٌ
أَكْرارِ الطَّعَامِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: يَكُونُ بِالْمِصْرِيِّ أَربعين
إِرْدَبًّا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الكُرّ سِتُّون قَفِيزاً، والقَفِيز
ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ، والمَكُّوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ، وَهُوَ ثلاثُ
كَيْلَجاتٍ؛ قَالَ الأَزهري: والكُرُّ مِنْ هَذَا الْحِسَابِ اثْنَا
عَشَرَ وَسْقاً، كُلُّ وَسْقٍ سِتُّونَ صَاعًا. والكُرُّ أَيضاً:
الْكِسَاءُ. والكُرُّ: نَهْرٌ. والكُرّة: البَعَرُ، وَقِيلَ: الكُرّةُ
سِرْقينٌ وَتُرَابٌ يُدَقُّ ثُمَّ تُجْلَى بِهِ الدُّرُوعُ، وَفِي
الصِّحَاحِ: الكُرّة البَعَرُ العَفِنُ تُجْلَى بِهِ الدُّروع؛ وَقَالَ
النَّابِغَةُ يَصِفُ دُرُوعًا:
عُلِينَ بكدْيَوْنٍ وأُشْعِرْنَ كُرَّةً، ... فَهُنَّ إِضاءٌ صافياتُ
الْغَلَائِلِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: وأُبْطِنَّ كُرَّةً فَهُنَّ وِضاءٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: وكَرارِ مثلُ قَطام خَرَزة يُؤَخِّذُ بِهَا نِساءُ
الأَعراب. ابْنُ سِيدَهْ: والكَرَارُ خَرَزَةٌ يُؤَخِّذُ بِهَا النساءُ
الرجالَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ تَقُولُ
السَّاحِرَةُ يَا كَرارِ كُرِّيه، يَا هَمْرَةُ اهْمِرِيه، إِن أَقبل
فَسُرِّيه، وإِن أَدْبَر فَضُرِّيه. والكَرْكَرةُ: تَصْرِيفُ الرِّيحِ
السحابَ إِذا جَمَعَتْهُ بَعْدَ تفرُّق؛ وأَنشد:
تُكَرْكِرُه الجَنائبُ فِي السِّدادِ
وَفِي الصِّحَاحِ: باتَتْ تُكَرْكِرُه الجَنُوب، وأَصله تُكَرِّره،
مِنَ التَّكْرِير، وكَرْكَرَتْهُ: لَمْ تَدَعْهُ يَمْضِي؛ قَالَ أَبو
ذُؤَيْبٍ:
تُكَرْكِرُه نَجْدِيَّةٌ وتَمُدُّه ... مُسَفْسِفَةٌ، فَوْقَ
التُّرَابِ، مَعُوجُ
وتكرْكَرَ هُوَ: تَرَدَّى فِي الْهَوَاءِ. وتَكَرْكَرَ الماءُ: تَراجَع
فِي مَسِيلِه. والكُرْكُورُ: وادٍ بَعِيدُ القَعْرِ يَتَكَرْكَرُ فِيهِ
الْمَاءُ. وكَرْكَرَهُ: حَبَسه. وكَرْكَرَه عَنِ الشَّيْءِ: دَفَعَه
ورَدَّه وحَبَسه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا قَدِمَ الشامَ وَكَانَ بِهَا
الطاعونُ تَكَرْكَرَ عَنْ ذَلِكَ
أَي رَجَعَ، مِنْ كَرْكَرْتُه عنِّي إِذا دَفَعْتَه ورَدَدْتَهُ. وَفِي
حَدِيثِ
كِنَانَةَ: تَكَرْكَرَ الناسُ عَنْهُ.
والكَرْكَرَة: ضَرْبٌ مِنَ الضَّحِكِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَشْتَدَّ
الضَّحِكُ. وَفُلَانٌ يُكَرْكِرُ فِي صَوْتِهِ: كيُقَهْقِهُ. أَبو
عَمْرٍو: الكَرْكَرَةُ صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ الإِنسانُ فِي جَوْفِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: كَرْكَرَ فِي الضَّحِكِ كَرْكَرَةً إِذا أَغْرَبَ،
وكَرْكَرَ الرَّحى كَرْكَرَةً إِذا أَدارَها. الْفَرَّاءُ: عَكَكْتُه
أَعُكُّه وكَرْكَرْتُه مِثْلُهُ. شِمْرٌ: الكَرْكَرَةُ مِنَ الإِدارَةِ
والتَّرْدِيدِ. وكَرْكَرَ بالدَّجاجة: صَاحَ بِهَا. والكَرْكرَةُ:
اللَّبَنُ الْغَلِيظُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والكِرْكِرَةُ: رَحَى زَوْرِ
الْبَعِيرِ والناقةِ، وَهِيَ إِحدى الثَّفِنات الْخَمْسِ، وَقِيلَ:
هُوَ الصَّدْرُ مِنَ كُلِّ
(5/137)
ذِي خفٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلم تَرَوْا إِلى البَعِير يَكُونُ بكِرْكِرَته نُكْتَة مِنْ جَرَب
هِيَ بِالْكَسْرِ زَوْرُ الْبَعِيرِ الَّذِي إِذا بَرَكَ أَصاب
الأَرضَ، وَهِيَ ناتِئَة عَنْ جِسْمِهِ كالقُرْصَةِ، وَجَمْعُهَا
كراكِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَا أَجْهَلُ عَنْ كَراكِرَ وأَسْنِمة
؛ يُرِيدُ إِحضارها للأَكل فإِنها مِنْ أَطايب مَا يُؤْكَلُ مِنَ
الإِبل؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ:
عَطاؤكُمُ للضَّارِبِينَ رِقابَكُمْ، ... ونُدْعَى إِذا مَا كَانَ
حَزُّ الكَراكِرِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَكُونَ بِالْبَعِيرِ دَاءٌ فَلَا
يَسْتَوِي إِذا بَرَكَ فَيُسَلُّ مِنَ الكِرْكِرَةِ عِرْقٌ ثُمَّ
يُكْوَى؛ يُرِيدُ: إِنما تَدْعونا إِذا بَلَغَ مِنْكُمُ الجُهْدُ
لِعِلْمِنَا بِالْحَرْبِ، وَعِنْدَ العَطاء والدَّعة غَيْرَنا.
وكَرْكَر الضاحِكُ: شَبَّه بكَرْكَرَة الْبَعِيرِ إِذا رَدَّدَ
صَوْتَهُ. والكَرْكَرَةُ فِي الضَّحِكِ مِثْلُ القَرْقَرة. وَفِي
حَدِيثِ
جَابِرٍ: مَنْ ضَحِكَ حَتَّى يُكَرْكِرَ فِي الصَّلَاةِ فلْيُعِدِ
الوضوءَ وَالصَّلَاةَ
؛ الكَرْكَرَةُ شِبْهُ القَهْقَهَة فَوْقَ القَرْقَرة؛ قَالَ ابْنُ
الأَثير: وَلَعَلَّ الْكَافَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْقَافِ لِقُرْبِ
الْمَخْرَجِ. والكَرْكَرَةُ: مِنَ الإِدارَةِ والتَّرْديد، وَهُوَ مِنْ
كَرَّ وكَرْكَرَ. قَالَ: وكَرْكَرَةُ الرَّحى تَرْدادُها. وأُلِحَّ
عَلَى أَعرابي بِالسُّؤَالِ فَقَالَ: لَا تُكَرْكِرُوني؛ أَراد لَا
تُرَدّدوا عَليَّ السُّؤَالَ فأَغْلَطَ. وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ
عَنْ أَبيه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنه قَالَ: كُنَّا نَفْرَحُ
بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَانَتْ عَجُوزٌ لَنَا تَبْعَثُ إِلى بُضاعَة
فتأْخُذُ مِنْ أُصول السِّلْقِ فَتَطْرَحُه فِي قِدْرٍ وتُكَرْكِرُ
حباتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَكُنَّا إِذا صَلَّينا انْصَرَفْنَا إِليها
فتُقَدِّمه إِلينا، فَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجله؛ قَالَ
القَعْنَبي: تُكَرْكِرُ أَي تَطْحَنُ، وسمِّيت كَرْكَرَةً لِتَرْدِيدِ
الرَّحَى عَلَى الطَّحْن؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذا كَرْكَرَتْه رِياحُ الجَنوبِ، ... أَلْقَحَ مِنْهَا عِجافاً
حِيالا
والكَرْكَرُ: وِعاءُ قَضِيبِ الْبَعِيرِ والتَّيْسِ وَالثَّوْرِ
والكَراكِرُ: كرادِيسُ الْخَيْلِ، وأَنشد:
نحنُ بأَرْضِ الشَّرْقِ فِينَا كَراكِرٌ، ... وخَيْلٌ جِيادٌ مَا
تَجِفُّ لُبودُها
والكَراكِرُ: الجماعاتُ، وَاحِدَتُهَا كِرْكِرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ:
الكِرْكِرَة الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. والمَكَرُّ، بِالْفَتْحِ:
مَوْضِعُ الْحَرْبِ. وَفَرَسٌ مِكَرٌّ مِفَرٌّ إِذا كَانَ مؤَدَّباً
طَيِّعاً خَفِيفًا، إِذا كُرَّ كَرَّ، وإِذا أَراد رَاكِبُهُ الفِرارَ
عَلَيْهِ فَرَّ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَفَرَسٌ مِكَرٌّ يَصْلُحُ
للكَرِّ وَالْحَمْلَةِ. ابْنُ الأَعرابي: كَرْكَرَ إِذا انْهَزَمَ،
ورَكْرَكَ إِذا جَبُنَ. وَفِي حَدِيثِ
سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو حِينَ اسْتَهداه النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ،
ماءَ زَمْزَم: فاستعانَت امرأَته بأُثَيْلَةَ ففَرَتا مَزَادَتَيْنِ
وَجَعَلَتَاهُمَا فِي كُرَّيْنِ غُوطِيَّينِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الكُرُّ جِنْسٌ مِنَ الثِّيَابِ الْغِلَاظِ،
قَالَ: قَالَهُ أَبو مُوسَى. وأَبو مَالِكٍ عَمْرُو بْنُ كِرْكِرَةَ:
رَجُلٌ مِنْ علماء اللغة.
كربر: حَكَاهُ ابْنُ جِنِّيٍّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ.
كركر: التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْتُ الْمَالَ كَمْهَلَةً
وحَبْكَرْتُه حَبْكَرَةً وكَرْكَرْتُه إِذا جَمَعْتَهُ ورَدَدت أَطراف
مَا انْتَشَرَ مِنْهُ، وكذلك كَبْكَبْتُه.
كزبر: الكُزْبَرة: لُغَةٌ فِي الكُسْبَرة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الكُزْبَرة، بِفَتْحِ الْبَاءِ، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: الكُزْبُرَة مِنَ الأَبازير، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَقَدْ
تُفْتَحُ، قَالَ: وأَظنه مُعَرَّبًا.
(5/138)
كسر: كَسَرَ الشَّيْءَ يَكْسِرُه كَسْراً
فانْكَسَرَ وتَكَسَّرَ شُدِّد لِلْكَثْرَةِ، وكَسَّرَه فتَكَسَّر؛
قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَسَرْتُه انْكِسَارًا وانْكَسَر كَسْراً، وَضَعُوا
كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَصْدَرَيْنِ مَوْضِعَ صَاحِبِهِ
لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى لَا بِحَسَبِ التَّعَدِّي وَعَدَمِ
التَّعدِّي. وَرَجُلٌ كاسرٌ مِنْ قَوْمٍ كُسَّرٍ، وامرأَة كاسِرَة مِنْ
نِسْوَةٍ كَواسِرَ؛ وَعَبَّرَ يَعْقُوبُ عن الكُرَّهِ من قول رؤبة:
وخافَ صَقْعَ القارِعاتِ الكُرَّهِ
بأَنهن الكُسَّرُ؛ وَشَيْءٌ مَكْسور. وَفِي حَدِيثِ الْعَجِينِ:
قَدِ انْكَسَر
، أَي لانَ واخْتَمر. وَكُلُّ شَيْءٍ فَتَر، فَقَدِ انْكسَر؛ يُرِيدُ
أَنه صَلَح لأَنْ يُخْبَزَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بسَوْطٍ مَكْسور
أَي لَيِّنٍ ضَعِيفٍ. وكَسَرَ الشِّعْرَ يَكْسِرُه كَسْراً فانْكسر:
لَمْ يُقِمْ وَزْنَه، وَالْجَمْعُ مَكاسِيرُ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ
أَبو الْحَسَنِ: إِنما أَذكر مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ
مِثْلِ هَذَا أَن يُجْمَعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الْمُذَكَّرِ،
وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ، لأَنهم كَسَّروه تَشْبِيهًا
بِمَا جَاءَ مِنَ الأَسماء عَلَى هَذَا الْوَزْنِ. والكَسِيرُ:
المَكْسور، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ كَسْرَى
وكَسَارَى، وَنَاقَةٌ كَسِير كَمَا قَالُوا كَفّ خَضِيب. والكَسير مِنَ
الشَّاءِ: المُنْكسرةُ الرَّجُلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجُوزُ فِي الأَضاحي الكَسِيرُ البَيِّنَةُ الكَسْرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المُنْكَسِرَةُ الرِّجْل الَّتِي لَا تَقْدِرُ
عَلَى الْمَشْيِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا يَزَالُ أَحدهم كاسِراً وِسادَه عِنْدَ امرأَة مُغْزِيَةٍ
يَتَحَدَّثُ إِليها
أَي يَثْني وِسادَه عِنْدَهَا وَيَتَّكِئُ عَلَيْهَا ويأْخذ مَعَهَا
فِي الْحَدِيثِ؛ والمُغْزِيَةُ الَّتِي غَزا زوْجُها. والكواسِرُ:
الإِبلُ الَّتِي تَكْسِرُ العُودَ. والكِسْرَةُ: القِطْعَة المَكْسورة
مِنَ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ كِسَرٌ مِثْلُ قِطْعَةٍ وقِطَع.
والكُسارَةُ والكُسارُ: مَا تَكَسَّر مِنَ الشَّيْءِ. قَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ ووَصَفَ السُّرْفَة فَقَالَ: تَصْنعُ بَيْتًا مِنْ كُسارِ
العِيدان، وكُسارُ الحَطَب: دُقاقُه. وجَفْنَةٌ أَكْسارٌ: عَظِيمَةٌ
مُوَصَّلَة لكِبَرها أَو قِدمها، وإِناء أَكْسار كَذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي. وقِدْرٌ كَسْرٌ وأَكْسارٌ: كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ
مِنْهَا كَسْراً ثُمَّ جَمَعُوهُ عَلَى هَذَا. والمَكْسِرُ: مَوْضِعُ
الكَسْر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ومَكْسِرُ الشَّجَرَةِ: أَصلُها حَيْثُ
تُكْسَرُ مِنْهُ أَغصانها؛ قَالَ الشُّوَيْعِر:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى وَلَمْ يَعْتَصِرْ ... مِنْ فَرْعِهِ مَالًا،
وَلَا المَكْسِرِ
وعُود صُلْبُ المَكْسِر، بِكَسْرِ السِّينِ، إِذا عُرِفَتْ جَوْدَتُه
بِكَسْرِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ طَيِّبُ المَكْسِرِ إِذا كَانَ
مَحْمُودًا عند الخِبْرَةِ [الخُبْرَةِ] . ومَكْسِرُ كُلِّ شَيْءٍ:
أَصله. والمَكْسِرُ: المَخْبَرُ؛ يُقَالُ: هُوَ طَيِّبُ المَكْسِرِ
ورَدِيءُ المَكْسِر. وَرَجُلٌ صُلْبُ المَكْسِر: باقٍ عَلَى
الشِّدَّةِ، وأَصله مِنْ كَسْرِكَ العُودَ لتَخْبُرَه أَصُلْبٌ أَم
رِخْوٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَتْ خُبْرَتُه مَحْمُودَةً:
إِنه لَطَيِّبُ المَكْسِرِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ هَشُّ المَكْسِرِ،
وَهُوَ مَدْحٌ وَذَمٌّ، فإِذا أَرادوا أَن يَقُولُوا لَيْسَ بمُصْلِدِ
القِدْحِ فَهُوَ مَدْحٌ، وإِذا أَرادوا أَن يَقُولُوا هُوَ خَوَّارُ
العُود فَهُوَ ذَمٌّ، وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ مَا لَمْ يبنَ عَلَى
حَرَكَةِ أَوَّله كَقَوْلِكَ دِرْهم وَدَرَاهِمُ وبَطْن وبُطُون وقِطْف
وقُطُوف، وأَما مَا يُجْمَعُ عَلَى حَرَكَةِ أَوّله فَمِثْلُ صَالِحٍ
وَصَالِحُونَ وَمُسْلِمٍ وَمُسْلِمُونَ. وكَسَرَ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ
وحَرِّه يَكْسِرُ كَسْراً: فَتَّرَ. وانْكَسَر الحَرُّ: فتَر. وَكُلُّ
مَنْ عَجَز عَنْ شَيْءٍ، فَقَدِ انْكَسَر عنه. وكل شيء فَتَر عَنْ أَمر
يَعْجِزُ عَنْهُ يُقَالُ فِيهِ: انْكسَر، حَتَّى يُقَالَ كَسَرْتُ
(5/139)
مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ فانْكَسَر. وكَسَرَ
مِنْ طَرْفه يَكْسِرُ كَسْراً: غَضَّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كسَرَ فُلَانٌ
عَلَى طَرَفِهِ أَي غَضَّ مِنْهُ شَيْئًا. والكَسْرُ: أَخَسُّ
الْقَلِيلِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه مِنْ هَذَا كأَنه كُسِرَ مِنَ
الْكَثِيرِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مَرَئيٌّ باعَ بالكَسْرِ بِنْتَهُ، ... فَمَا رَبِحَتْ كَفُّ
امْرِئٍ يَسْتَفِيدُها
والكَسْرُ والكِسْرُ، وَالْفَتْحُ أَعلى: الجُزْءُ مِنَ الْعُضْوِ،
وَقِيلَ: هُوَ الْعُضْوُ الْوَافِرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْعُضْوُ الَّذِي
عَلَى حِدَتِه لَا يُخْلَطُ بِهِ غَيْرُهُ، وَقِيلَ هُوَ نِصْفُ
الْعَظْمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ؛ قَالَ:
وعاذِلةٍ هَبَّتْ عَليَّ تَلُومُني، ... وَفِي كَفِّها كَسْرٌ أَبَحُّ
رَذُومُ
أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِكُلِّ عَظْمٍ كِسْرٌ وكَسْرٌ، وأَنشد
الْبَيْتَ أَيضاً. الأُمَويّ: وَيُقَالُ لِعَظْمِ السَّاعِدِ مِمَّا
يَلِي النِّصْفَ مِنْهُ إِلى المِرْفَق كَسْرُ قَبيحٍ؛ وأَنشد شِمْرٍ:
لَوْ كنتَ عَيْراً، كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ، ... أَو كنتَ كِسْراً
[كَسْراً] ، كنتَ كِسْرَ قَبيحِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ:
وَلَوْ كنتَ كِسْراً، كنتَ كِسْرَ قَبيحِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ مِنَ الطَّوِيلِ وَدَخَلَهُ الخَرْمُ
مِنْ أَوله، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ أَو كُنْتَ كَسْرًا،
وَالْبَيْتُ عَلَى هَذَا مِنَ الْكَامِلِ؛ يَقُولُ: لَوْ كُنْتَ
عَيْرًا لَكُنْتَ شرَّ الأَعيار وَهُوَ عَيْرُ الْمَذَلَّةِ،
وَالْحَمِيرُ عِنْدَهُمْ شرُّ ذَوَاتِ الْحَافِرِ، وَلِهَذَا تَقُولُ
الْعَرَبُ: شَرُّ الدَّوَابِّ مَا لَا يُذَكَّى وَلَا يُزَكَّى،
يَعْنُون الْحَمِيرَ؛ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كُنْتَ مِنْ أَعضاء الإِنسان
لَكُنْتَ شَرَّها لأَنه مُضَافٌ إِلى قَبِيحٍ، وَالْقَبِيحُ هُوَ
طَرَفُهُ الَّذِي يَلي طَرَفَ عَظْمِ العَضُدِ؛ قَالَ ابْنُ
خَالَوَيْهِ: وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْهِجَاءِ هُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ
أَقبح مَا يُهْجَى بِهِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَوْ كُنْتُمُ مَاءً لَكُنْتُمْ وَشَلا، ... أَو كُنْتُمُ نَخْلًا
لكُنْتُمْ دَقَلا
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
لَوْ كنتَ مَاءً كنتَ قَمْطَرِيرا، ... أَو كُنْتَ رِيحاً كانَتِ
الدَّبُورَا،
أَو كنتَ مُخّاً كُنْتَ مُخّاً رِيرا
الْجَوْهَرِيُّ: الكَسْرُ عَظْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ كَبِيرُ لَحْمٍ؛
وأَنشد أَيضاً:
وفي كَفِّها كِسْرٌ [كَسْرٌ] أَبَحُّ رَذُومُ
قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا وَهُوَ مَكْسُورٌ، وَالْجَمْعُ مِنْ
كُلِّ ذَلِكَ أَكْسارٌ وكُسورٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ سعدُ بنُ الأَخْرَم: أَتيته
وَهُوَ يُطْعم الناسَ مِنْ كُسورِ إِبلٍ
أَي أَعضائها، وَاحِدُهَا كَسْرٌ وكِسْرٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ،
وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ ذَلِكَ لَهُ إِذا كَانَ مَكْسُورًا؛ وفي حديثه
الْآخَرِ:
فَدَعَا بخُبْز يَابِسٍ وأَكسارِ بَعِيرٍ
؛ أَكسار جمعُ قِلَّةٍ للكِسْرِ، وكُسورٌ جمعُ كَثْرَةٍ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الكَسْرُ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ؛
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَنْتَحِي للناقَةِ العَسِيرِ، ... إِذِ الشَّبابُ لَيِّنُ
الكُسورِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِذ أَعضائي تُمَكِّنُنِي. والكَسْرُ مِنَ
الْحِسَابِ: مَا لَا يَبْلُغُ سَهْمًا تَامًّا، وَالْجَمْعُ كُسورٌ.
والكَسْر والكِسْرُ: جَانِبُ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْحَدَرَ
مِنْ جَانِبَيِ الْبَيْتِ عَنِ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَلِكُلِّ بَيْتٍ
كِسْرانِ. والكَسْرُ والكِسْرُ: الشُّقَّة السُّفْلى مِنَ الْخِبَاءِ،
(5/140)
والكِسْرُ أَسفل الشُّقَّة الَّتِي تَلِي
الأَرض مِنَ الْخِبَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا تَكَسَّر أَو تَثَنَّى
عَلَى الأَرض مِنَ الشُّقَّة السُّفْلى. وكِسْرا كُلِّ شَيْءٍ:
نَاحِيَتَاهُ حَتَّى يُقَالَ لِنَاحِيَتَيِ الصَّحراءِ كِسْراها.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ لُغَتَانِ: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ.
الْجَوْهَرِيُّ: والكِسْرُ، بِالْكَسْرِ، أَسفلُ شُقَّةِ الْبَيْتِ
الَّتِي تَلي الأَرضَ مِنْ حيثُ يُكْسَرُ جَانِبَاهُ مِنْ عَنْ
يَمِينِكَ وَيَسَارِكَ؛ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ أُم
مَعْبَدٍ: فَنَظَرَ إِلى شَاةٍ فِي كِسْرِ الخَيْمة أَي جَانِبِهَا.
وَلِكُلِّ بيتٍ كِسْرانِ: عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، وَتُفْتَحُ الْكَافُ
وَتُكْسَرُ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ مُكاسِرِي أَي جَارِي. ابْنُ
سِيدَهْ: وَهُوَ جَارِي مُكاسِرِي ومُؤاصِرِي أَي كِسْرُ بَيْتِي إِلى
جَنْبِ كِسْرِ بَيْتِهِ. وأَرضٌ ذاتُ كُسُورٍ أَي ذَاتُ صُعودٍ
وهُبُوطٍ. وكُسُورُ الأَودية وَالْجِبَالِ: معاطفُها وجِرَفَتها
وشِعابُها، لَا يُفْرد لَهَا واحدٌ، وَلَا يُقَالُ كِسْرُ الْوَادِي.
ووادٍ مُكَسِّرٌ: سالتْ كُسُوره؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ:
مِلْنا إِلى وَادِي كَذَا فَوَجَدْنَاهُ مُكَسِّراً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ:
وَادٍ مُكَسَّرٌ: بِالْفَتْحِ، كأَن الْمَاءَ كَسَّرَهُ أَي أَسال
معَاطفَه وجِرَفَتَه، وَرُوِيَ قَوْلُ الأَعرابي: فَوَجَدْنَاهُ
مُكَسَّراً، بِالْفَتْحِ. وكُسُور الثَّوْبِ وَالْجِلْدِ: غٌضُونُه.
وكَسَرَ الطائرُ يَكْسِرُ كَسْراً وكُسُوراً: ضمَّ جَنَاحَيْهِ حَتَّى
يَنْقَضَّ يُرِيدُ الوقوعَ، فإِذا ذَكَرْتَ الْجَنَاحَيْنِ قُلْتَ:
كَسَرَ جَنَاحَيْهِ كَسْراً، وَهُوَ إِذا ضَمَّ مِنْهُمَا شَيْئًا
وَهُوَ يُرِيدُ الْوُقُوعَ أَو الِانْقِضَاضَ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ
لِلْعَجَّاجِ:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
والكاسِرُ: العُقابُ، وَيُقَالُ: بازٍ كاسِرٌ وعُقابٌ كَاسِرٌ؛ وأَنشد:
كأَنها كاسِرٌ فِي الجَوّ فَتْخاءُ
طَرَحُوا الْهَاءَ لأَن الْفِعْلَ غالبٌ. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ: كأَنها جَنَاحُ عُقابٍ كاسِرٍ
؛ هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ جَنَاحَيْهَا وَتَضُمُّهُمَا إِذا أَرادت
السُّقُوطَ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وعُقاب كَاسِرٌ؛ قَالَ:
كأَنها، بعدَ كلالِ الزاجرِ ... ومَسْحِه، مَرُّ عُقابٍ كاسِرِ
أَراد: كأَنّ مَرَّها مَرُّ عُقابٍ؛ وأَنشده سِيبَوَيْهِ:
ومَسْحِ مَرُّ عُقابٍ كاسِرِ
يُرِيدُ: ومَسْحِه فأَخفى الْهَاءَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ
سِيبَوَيْهِ كَلَامًا يُظَنُّ بِهِ فِي ظَاهِرِهِ أَنه أَدغم الْحَاءَ
فِي الْهَاءِ بَعْدَ أَن قَلَبَ الْهَاءَ حَاءً فَصَارَتْ فِي ظَاهِرِ
قَوْلِهِ ومَسْحّ، وَاسْتَدْرَكَ أَبو الْحَسَنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ،
وَقَالَ: إِن هَذَا لَا يَجُوزُ إِدغامه لأَن السِّينَ سَاكِنَةً وَلَا
يُجْمَعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ؛ قَالَ: فَهَذَا لَعَمْرِي تَعَلُّقٌ
بِظَاهِرِ لَفْظِهِ فأَما حَقِيقَةُ مَعْنَاهُ فَلَمْ يُرِدْ مَحْضَ
الإِدغام؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِمَنْ نَظَرَ فِي
هَذَا الْعِلْمِ أَدنى نَظَرٍ أَن يظنَّ بِسِيبَوَيْهِ أَنه
يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ هَذَا الْغَلَطُ الْفَاحِشُ حَتَّى يَخْرُجَ
فِيهِ مِنْ خطإِ الإِعراب إِلى كَسْرِ الْوَزْنِ، لأَن هَذَا الشِّعْرَ
مِنْ مَشْطُورِ الرَّجَزِ وَتَقْطِيعُ الْجُزْءِ الَّذِي فِيهِ
السِّينُ وَالْحَاءُ وَمَسْحِهِ [مَفَاعِلُنْ] فَالْحَاءُ بإِزاء
عَيْنِ مَفَاعِلُنْ، فَهَلْ يَلِيقُ بِسِيبَوَيْهِ أَن يَكْسِرَ
شِعْرًا وَهُوَ يَنْبُوعُ الْعَرُوضِ وَبَحْبُوحَةُ وَزْنِ
التَّفْعِيلِ، وَفِي كِتَابِهِ أَماكن كَثِيرَةٌ تَشْهَدُ
بِمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا الْعِلْمِ وَاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ
يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَبْدُو لِمَنْ
يَتَسانَدُ إِلى طَبْعِهِ فَضْلًا عَنْ سِيبَوَيْهِ فِي جَلَالَةِ
قَدْرِهِ؟ قَالَ: وَلَعَلَّ أَبا الْحَسَنِ الأَخفش إِنما أَراد
التَّشْنِيعَ عَلَيْهِ وإِلا فَهُوَ كَانَ أَعرف النَّاسِ بِجَلَالِهِ؛
ويُعَدَّى فَيُقَالُ: كَسَرَ جَناحَيْه. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَجُلٌ
ذُو كَسَراتٍ وهَزَراتٍ، وَهُوَ الَّذِي يُغْبَنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ،
وَيُقَالُ: فُلَانٌ
(5/141)
يَكْسِرُ عَلَيْهِ الفُوقَ إِذا كَانَ
غَضْبانَ عَلَيْهِ؛ وَفُلَانٌ يَكْسِرُ عَلَيْهِ الأَرْعاظَ غَضَباً.
ابْنُ الأَعرابي: كَسَرَ الرجلُ إِذا بَاعَ «2» مَتَاعَهُ ثَوْباً
ثَوْباً، وكَسِرَ إِذا كَسِلَ. وَبَنُو كِسْرٍ: بطنٌ مِنْ تَغْلِب.
وكِسْرى وكَسْرى، جَمِيعًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا: اسْمُ
مَلِكِ الفُرْس، مُعَرَّبٌ، هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ خُسْرَوْ أَي
وَاسِعُ الْمُلْكِ فَعَرَّبَتْه العربُ فَقَالَتْ: كِسْرى؛ وَوَرَدَ
ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا، وَالْجَمْعُ أَكاسِرَةٌ وكَساسِرَةٌ
وكُسورٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَن قِيَاسَهُ كِسْرَوْنَ، بِفَتْحِ
الرَّاءِ، مِثْلَ عِيسَوْنَ ومُوسَوْنَ، بِفَتْحِ السِّينِ،
وَالنَّسَبُ إِليه كِسْرِيّ، بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ،
مِثْلَ حِرْميٍّ وكِسْرَوِيّ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ،
وَلَا يُقَالُ كَسْرَوِيّ بِفَتْحِ الْكَافِ. والمُكَسَّرُ: فَرَسُ
سُمَيْدَعٍ. والمُكَسَّرُ: بَلَدٌ؛ قَالَ مَعْنُ بنُ أَوْسٍ:
فَمَا نُوِّمَتْ حَتَّى ارتُقي بِنقالِها ... مِنَ اللَّيْلِ قُصْوى
لابَةٍ والمُكَسَّرِ
والمُكَسِّرُ: لَقَبُ رجلٍ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَو كالمُكَسِّرِ لَا تَؤُوبُ جِيادُه ... إِلا غَوانِمَ، وَهِيَ
غَيْرُ نِواء
كسبر: الكُسْبُرَة: نَبَاتُ الجُلْجُلانِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الكُسْبَرةُ، بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ عربية معروفة.
كشر: الكَشْرُ: بُدُوُّ الأَسنان عِنْدَ التَّبَسُّمِ؛ وأَنشد:
إِنّ مِنَ الإِخْوانِ إِخْوانَ كِشْرَةٍ، ... وإِخْوانَ كَيْفَ الحالُ
والبالُ كلُّه
قَالَ: والفِعْلَة تَجِيءُ فِي مَصْدَرِ فاعَلَ، تَقُولُ هاجَرَ
هِجْرَةً وعاشَرَ عِشْرَةً. وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا التأْسيس «3»
فِيمَا يَدْخُلُ الِافْتِعَالُ عَلَى تَفَاعَلَا جَمِيعًا.
الْجَوْهَرِيُّ: الكَشْرُ التَّبَسُّمُ. يُقَالُ: كَشَرَ الرجلُ
وانْكَلَّ وافْتَرَّ وابْتَسَمَ كُلُّ ذَلِكَ تَبْدَوُ مِنْهُ
الأَسنان. ابْنُ سِيدَهْ: كَشَرَ عَنْ أَسنانه يَكْشِرُ كَشْراً
أَبْدى، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الضَّحِكِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ كاشَرَهُ،
وَالِاسْمُ الكِشْرَةُ كالعِشْرَةِ. وكَشَرَ البعيرُ عَنْ نَابِهِ أَي
كَشَفَ عَنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لَنَكْشِرُ
فِي وُجُوهِ أَقوام، وإِن قُلُوبَنا لتَقْلِيهم أَي نَبْسِمُ فِي
وُجوههم. وكاشَرَه إِذَا ضَحِكَ فِي وَجْهِهِ وَبَاسَطَهُ. وَيُقَالُ:
كَشَرَ السبعُ عَنْ نَابِهِ إِذَا هَرَّ الحِراش، وكَشَرَ فلانٌ
لِفُلَانٍ إِذَا تَنَمَّرَ لَهُ وأَوْعَدَه كأَنه سَبْعٌ. ابْنُ
الأَعرابي: العُنْقُود إِذَا أُكل مَا عَلَيْهِ وأُلقي فَهُوَ
الكَشَرُ. والكَشْرُ: الخُبْزُ الْيَابِسُ. قَالَ: وَيُقَالُ كَشِرَ
إِذا هَرَبَ، وكَشَرَ إِذَا افْتَرَّ. والكَشْرُ: ضَرْبٌ مِنَ
النِّكَاحِ، والبَضْعُ الكاشِرُ: ضربٌ مِنْهُ. وَيُقَالُ: باضَعها
بُضْعاً كاشِراً، وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ.
كشمر: كَشْمَر أَنْفَه، بِالشِّينِ بعد الكاف: كَسَره.
كصر: أَبو زَيْدٍ: الكَصِيرُ لُغَةٌ فِي القَصِير لِبَعْضِ العرب.
كظر: الكُظْرُ: حَرْفُ الفَرْج. أَبو عَمْرٍو: الكُظْرُ جَانِبُ
الْفَرْجِ، وَجَمْعُهُ أَكْظار؛ وأَنشد:
واكْتَشَفَتْ لِنَاشِئٍ دَمَكْمَكِ ... عَنْ وارِمٍ، أَكْظارُه
عَضَنَّكِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ ابْنُ النَّحَّاسِ أَن الكُظْرَ رَكَبُ
المرأَة؛ وأَنشد:
__________
(2) . قوله [كَسَرَ الرَّجُلُ إِذا بَاعَ إلخ] عبارة المجد وشرحه: كسر
الرجل متاعه إذا باعه ثوباً ثوباً.
(3) . قوله [وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا التأْسيس إلخ] كذلك بالأَصل.
(5/142)
وذاتِ كُظْرٍ سَبِطِ المَشافِرِ
ابْنُ سِيدَهْ: والكُظْرُ والكُظْرَةُ شَحْمُ الكُلْيَتَيْن المحيطُ
بِهِمَا. والكُظْرَة إَيضاً: الشَّحْمَةُ الَّتِي قُدّام الكُلْية
فَإِذَا انْتُزِعَت الكُلْية كَانَ موضعُها كُظْراً، وَهُمَا
الكُظْرانِ. والكُظْرُ: مَا بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ؛ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ
سَمَاعٍ. والكُظْرُ: مَحَزُّ الْقَوْسِ «1» الَّذِي تَقَعُ فِيهِ
حَلَقَةُ الوَتَرِ، وَجَمْعُهُ كِظارٌ، وَقَدْ كَظَرَ القوسَ كَظْراً.
الأَصمعي فِي سِيَةِ القَوْسِ: الكُظْرُ، وَهُوَ الفَرْضُ الَّذِي
فِيهِ الوَتَرُ، وَجَمْعُهُ الكِظارَةُ. وَيُقَالُ: اكْظُرْ زَنْدَتك
أَي حُز فِيهَا حَزّاً.
كعر: كَعِرَ الصبيُّ كَعَراً، فَهُوَ كَعِرٌ، وأَكْعَرُ: امْتَلأَ
بطنُه وسَمِنَ، وَقِيلَ: امتلأَ بَطْنُهُ مِنْ كَثْرَةِ الأَكل.
وكَعِرَ البطنُ وَنَحْوُهُ: تَمَلَّأَ، وَقِيلَ: سَمِنَ، وَقِيلَ:
الكَعَرُ تَمَلُّؤُ بطنِ الصَّبِيِّ مِنْ كَثْرَةِ الأَكل. وأَكْعَرَ
البعيرُ: اكْتَنَزَ سَنامه. وكَعِر الفَصِيلُ وأَكْعَرَ وكَعَّرَ
وكَوْعَرَ: اعْتَقَدَ فِي سَنامه الشحمُ، فَهُوَ مُكْعِر، وإِذا حَمَلَ
الحُوارُ فِي سَنامه شَحْماً، فَهُوَ مُكَعِّر. وَيُقَالُ: مَرَّ
فُلَانٌ مُكْعِراً إِذا مَرَّ يَعْدُو مُسْرِعاً. والكَعْرَةُ: عُقْدَة
كالغُدَّة. والكُعْرُ: شَوْكٌ يَنْبَسِطُ لَهُ وَرَقٌ كِبار أَمثال
الذِّرَاعِ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ ثُمَّ تَخْرُجُ لَهُ شُعَبٌ وَتَظْهَرُ
فِي رؤوس شَعَبِهِ هَناتٌ أَمثالُ الرَّاح يُطِيفُ بِهَا شَوْكٌ
كَثِيرٌ طِوالٌ، وَفِيهَا وَرْدَةٌ حَمْرَاءُ مُشْرِقة تَجْرُسُها
النَّحْلُ، وَفِيهَا حَبٌّ أَمثال العُصْفُر إِلا أَنه شَدِيدُ
السَّوَادِ. والكَيْعَرُ مِنَ الأَشْبال: الَّذِي قَدْ سَمِنَ وخَدِرَ
لَحْمُه. وكَوْعَرُ: اسم.
كعبر: الكَعْبَرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْجَافِيَةُ العِلْجَةُ
الكَعْباءُ فِي خَلْقِها؛ وأَنشد:
عَكْباءُ كَعْبَرَةُ اللَّحْيَينِ جَحْمَرِشٌ
والكُعْبُرَةُ: عُقدَةُ أُنْبوبِ الزَّرْع والسُّنبلِ وَنَحْوِهِ،
وَالْجَمْعُ الكَعابِرُ. والكُعْبُرة والكُعْبورةُ: كُلُّ مُجْتَمِعٍ
مُكَتَّلٍ. والكُعْبُورَة: مَا حَادَ مِنَ الرأْس؛ قال العجاج:
كعابر الرؤوس مِنْهَا أَو نَسَرْ «2»
وكُعْبُرة الْكَتِفِ: المستديرةُ فِيهَا كَالْخَرَزَةِ وَفِيهَا مَدارُ
الوابِلَةِ. الأَزهري: الكُعْبُرة مِنَ اللَّحْمِ الفِدْرَةُ
الْيَسِيرَةُ أَو عَظْمٌ شَدِيدٌ مُتَعَقِّد؛ وأَنشد:
لَوْ يَتَغَدَّى جَملًا لَمْ يُسْئِرِ ... مِنْهُ، سِوَى كُعْبُرةٍ
وكُعْبُرِ
ابْنُ شميل: الكَعابِرُ رؤوس الْفَخْذَيْنِ، وَهِيَ الكَراديسُ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُسَمَّى الرأْسُ كُلُّهُ كُعْبُورَةً وكُعْبُرةً
وَالْجَمْعُ كَعابِر وكَعابِير. أَبو عَمْرٍو: كُعْبُرة الوَظِيفِ
مُجْتَمَعُ الوَظيفِ فِي السَّاقِ. والكُعْبُرة والكُعْبورَة: مَا
يُرْمى مِنَ الطَّعَامِ كالزُّؤانِ وَنَحْوِهِ، وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ كُعْبُرَّة. والكُعْبُرة: وَاحِدَةُ الكَعابِر، وَهُوَ
شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ الطَّعَامِ إِذا نُقِّي غَلِيظُ الرأْس
مُجْتَمَعٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ رؤوس الْعِظَامِ الكَعابر.
اللِّحْيَانِيُّ: أَخْرَجْتُ مِنَ الطَّعَامِ كَعابِرَه وسَعابِرَه
بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والكُعْبُرة: الْكُوعُ. وكَعْبَرَ الشيءَ:
قَطَعَهُ. والمُكَعْبِرُ: العَجَمِيُّ لأَنه يقطع الرؤوس،
والمُكَعْبِرُ: العَرَبيُّ؛ كِلْتَاهُمَا عَنْ ثعلب.
__________
(1) . قوله [والكظر محز القوس إلخ] هذا والذي قبله بضم الكاف كالذي
بعده، وأما بكسرها فهو العقبة تشدّ في أصل فوق السهم؛ نبه عليه المجد.
(2) . قوله [كعابر الرؤوس إلخ] كذا بالأصل.
(5/143)
والمُكَعْبَرُ والمُكَعْبِرُ: مِنْ أَسماء
الرِّجَالِ. وبَعْكَرَ الشيءَ: قطعَه ككَعْبَره. وَيُقَالُ: كَعْبَره
بِالسَّيْفِ أَي قَطَعَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المُكَعْبِرُ الضَّبِّيُّ
لأَنه ضَرَبَ قوماً بالسيف.
كعتر: كَعْتَر فِي مَشْيِهِ: تمايل كالسكران.
كعور: الأَزهري: الكَعْوَرَةُ مِنَ الرِّجَالِ الضَّخْمُ الأَنفِ
كَهَيْئَةِ الزِّنْجِيِّ.
كفر: الكُفْرُ: نَقِيضُ الإِيمان؛ آمنَّا بِاللَّهِ وكَفَرْنا
بِالطَّاغُوتِ؛ كَفَرَ باللَّه يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً.
وَيُقَالُ لأَهل دَارِ الْحَرْبِ: قَدْ كَفَرُوا أَي عَصَوْا
وَامْتَنَعُوا. والكُفْرُ: كُفْرُ النِّعْمَةِ، وَهُوَ نَقِيضُ
الشُّكْرِ. والكُفْرُ: جُحود النِّعْمَةِ، وَهُوَ ضِدُّ الشُّكْرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ؛ أَي جَاحِدُونَ.
وكَفَرَ نَعْمَةَ اللَّهِ يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بِهَا:
جَحَدَها وسَتَرها. وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه. وَرَجُلٌ مُكَفَّر:
مَجْحُودُ النِّعْمَةِ مَعَ إِحسانه. وَرَجُلٌ كَافِرٌ: جَاحِدٌ
لأَنْعُمِ اللَّهِ، مُشْتَقٌّ مِنَ السَّتْر، وَقِيلَ: لأَنه مُغَطًّى
عَلَى قَلْبِهِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كأَنه فَاعِلٌ فِي مَعْنَى
مَفْعُولٍ، وَالْجَمْعُ كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ مِثْلَ جَائِعٍ
وجِياعٍ وَنَائِمٍ ونِيَامٍ؛ قَالَ القَطامِيّ:
وشُقَّ البَحْرُ عَنْ أَصحاب مُوسَى، ... وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ
الكِفَارُ
وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ. وَفِي حَدِيثِ القُنُوتِ:
واجْعَلْ قُلُوبَهُمْ كقُلوبِ نساءٍ كوافِرَ
؛ الكوافرُ جَمْعُ كَافِرَةٍ، يَعْنِي فِي التَّعادِي وَالِاخْتِلَافِ،
والنساءُ أَضعفُ قُلُوبًا مِنَ الرِّجَالِ لَا سِيَّمَا إِذا كُنَّ
كَوَافِرَ، وَرَجُلٌ كَفَّارٌ وكَفُور: كَافِرٌ، والأُنثى كَفُورٌ
أَيضاً، وَجَمْعُهُمَا جَمِيعًا كُفُرٌ، وَلَا يُجْمَعُ جَمْعَ
السَّلَامَةِ لأَن الْهَاءَ لَا تَدْخُلُ فِي مُؤَنَّثِهِ، إِلا أَنهم
قَدْ قَالُوا عَدُوَّةُ اللَّهِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً
؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ جَمْعُ الكُفْر مِثْلَ بُرْدٍ وبُرودٍ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَنه قَالَ: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ وَمَنْ رغِبَ
عَنْ أَبيه فَقَدْ كَفَرَ؛ قَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: الكُفْرُ
عَلَى أَربعة أَنحاء: كُفْرُ إِنكار بأَن لَا يَعْرِفَ اللَّهَ أَصلًا
وَلَا يَعْتَرِفَ بِهِ، وَكُفْرُ جُحُودٍ، وَكُفْرُ مُعَانَدَةٍ،
وَكُفْرُ نِفَاقٍ؛ مَنْ لَقِيَ رَبَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ
يَغْفِرْ لَهُ وَيَغْفِرْ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. فأَما
كُفْرُ الإِنكار فَهُوَ أَن يَكْفُرَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَلَا
يَعْرِفَ مَا يُذْكَرُ لَهُ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ
أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
؛ أَي الَّذِينَ كَفَرُوا بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، وأَما كُفْرُ
الْجُحُودِ فأَن يَعْتَرِفَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُقِرَّ بِلِسَانِهِ
فَهُوَ كَافِرٌ جَاحِدٌ كَكُفْرِ إِبليس وَكُفْرِ أُمَيَّةَ بْنُ أَبي
الصَّلْتِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا
عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ
؛ يَعْنِي كُفْرَ الْجُحُودِ، وأَما كُفْرُ الْمُعَانَدَةِ فَهُوَ أَن
يَعْرِفَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَيُقِرَّ بِلِسَانِهِ وَلَا يَدِينَ بِهِ
حَسَدًا وَبَغْيًا كَكُفْرِ أَبي جَهْلٍ وأَضرابه، وَفِي التَّهْذِيبِ:
يَعْتَرِفُ بِقَلْبِهِ وَيُقِرُّ بِلِسَانِهِ ويأْبى أَن يَقْبَلَ
كأَبي طَالِبٍ حَيْثُ يَقُولُ:
وَلَقَدْ علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ ... مِنْ خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ
دِينَا
لَوْلَا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ، ... لوَجَدْتَني سَمْحاً
بِذَاكَ مُبِيناً
وأَما كُفْرُ النِّفَاقِ فأَن يُقِرَّ بِلِسَانِهِ وَيَكْفُرَ
بِقَلْبِهِ وَلَا يَعْتَقِدَ بِقَلْبِهِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: سُئِلَ
الأَزهري عَمَّنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَنسميه كَافِرًا؟
فَقَالَ: الَّذِي يَقُولُهُ كُفْرٌ،
(5/144)
فأُعيد عَلَيْهِ السُّؤَالُ ثَلَاثًا
وَيَقُولُ مَا قَالَ ثُمَّ قَالَ فِي الْآخَرِ: قَدْ يَقُولُ
الْمُسْلِمُ كُفْرًا. قَالَ شَمِرٌ: وَالْكُفْرُ أَيضاً بِمَعْنَى
البراءة، كقول اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الشَّيْطَانِ فِي
خَطِيئَتِهِ إِذا دَخَلَ النَّارَ: إِنِّي كَفَرْتُ بِما
أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ
؛ أَي تبرأْتُ. وَكَتَبَ عبدُ الْمَلِكِ إِلى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر
يسأَله عَنِ الْكُفْرِ فَقَالَ: الْكُفْرُ عَلَى وُجُوهٍ: فَكُفْرٌ
هُوَ شِرْكٌ يَتَّخِذُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، وَكُفْرٌ بِكِتَابِ
اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكُفْرٌ بادِّعاء ولد الله، وَكُفْرُ مُدَّعي
الإِسْلام، وَهُوَ أَن يَعْمَلَ أَعمالًا بِغَيْرِ مَا أَنزل اللَّهُ
وَيَسْعَى فِي الأَرض فَسَادًا وَيَقْتُلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً
بِغَيْرِ حَقٍّ، ثُمَّ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الأَعمال كفرانِ: أَحدهما
كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ، وَالْآخَرُ التَّكْذِيبُ بِاللَّهِ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ
اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ
؛ قال أَبو إِسحق: قِيلَ فِيهِ غَيْرُ قَوْلٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ:
يَعْنِي بِهِ الْيَهُودَ لأَنهم آمَنُوا بِمُوسَى، عَلَيْهِ
السَّلَامُ، ثُمَّ كَفَرُوا بعزيز ثُمَّ كَفَرُوا بِعِيسَى ثُمَّ
ازْدَادُوا كُفْرًا بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؛ وَقِيلَ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ مُحاربٌ آمَنَ ثُمَّ كَفَرَ،
وَقِيلَ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ مُنافِقٌ أَظْهَرَ الإِيمانَ وأَبطن
الْكُفْرَ ثُمَّ آمَنَ بَعْدُ ثُمَّ كَفَرَ وَازْدَادَ كُفْرًا
بإِقامته عَلَى الْكُفْرِ، فإِن قَالَ قَائِلٌ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
لَا يَغْفِرُ كُفْرَ مرة، فلمَ قيل هاهنا فِيمَنْ آمَنَ ثُمَّ كَفَرَ
ثُمَّ آمَنَ ثُمَّ كَفَرَ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ*، مَا
الْفَائِدَةُ فِي هَذَا فَالْجَوَابُ فِي هَذَا، وَاللَّهُ أَعلم، أَن
اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْكَافِرِ إِذا آمَنَ بَعْدَ كُفْرِهِ، فإِن كَفَرَ
بعد إِيمانه لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ الْكُفْرَ الأَول لأَن اللَّهَ
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فَهُوَ
مطالبَ بِجَمِيعِ كُفْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ إِذا آمَنَ
بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُغْفَرُ لَهُ لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْفِرُ
لِكُلِّ مؤْمن بَعْدَ كُفْرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ
تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ؛ وَهَذَا
سَيِّئَةٌ بالإِجماع. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ
؛ مَعْنَاهُ أَن مَنْ زَعَمَ أَن حُكْمًا مِنْ أَحكام اللَّهِ الَّذِي
أَتت بِهِ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، بَاطِلٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قِيلَ لَهُ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ
وَلَيْسُوا كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قَالَ:
وَقَدْ أَجمع الْفُقَهَاءُ أَن مَنْ قَالَ: إِن المحصنَين لَا يَجِبُ
أَن يُرْجَمَا إِذا زَنَيَا وَكَانَا حُرَّيْنِ، كَافِرٌ، وإِنما
كُفْرُ مَنْ رَدَّ حُكماً مِنْ أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم،
لأَنه مكذب له، ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ كَافِرٌ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ
لِلرَّجُلِ أَنت لِي عَدُوٌّ فَقَدْ كَفَرَ أَحدهما بالإِسلام
؛ أَراد كُفْرَ نِعْمَتِهِ لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَلف بَيْنَ
قُلُوبِهِمْ فأَصبحوا بِنِعْمَتِهِ إِخواناً فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا
فَقَدْ كَفَرَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَرَكَ قَتْلَ الْحَيَّاتِ خَشْيَةَ النَّارِ فَقَدْ كَفَرَ
أَي كَفَرَ النِّعْمَةَ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَنْ أَتى حَائِضًا فَقَدْ كَفَرَ
، وَحَدِيثُ
الأَنْواء: إِن اللَّهَ يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ بِهِ
كَافِرِينَ؛ يَقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا
، أَي كَافِرِينَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ حَيْثُ يَنْسبُون الْمَطَرَ
إِلى النَّوْءِ دُونَ اللَّهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فرأَيت أَكثر أَهلها النِّسَاءَ لِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ
بِاللَّهِ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ يَكْفُرْنَ الإِحسانَ ويَكْفُرْنَ
العَشِيرَ
أَي يَجْحَدْنَ إِحسان أَزواجهن؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ
أَبيه فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ فَنِعْمَةٌ كَفَرَهَا
؛ والأَحاديث مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَثِيرَةٌ، وأَصل الْكُفْرِ
تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ تَغْطِيَةً تَسْتَهْلِكُهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ:
يُقَالُ إِنما سُمِّيَ الْكَافِرُ كَافِرًا لأَن الْكُفْرَ غَطَّى
قَلْبَهُ كُلَّهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّيْثِ هَذَا
يَحْتَاجُ إِلى بَيَانٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وإِيضاحه أَن الْكُفْرَ فِي
(5/145)
اللُّغَةِ التَّغْطِيَةُ، وَالْكَافِرُ ذُو
كُفْرٍ أَي ذُو تَغْطِيَةٍ لِقَلْبِهِ بِكُفْرِهِ، كَمَا يُقَالُ
لِلَابِسِ السِّلَاحِ كَافِرٌ، وَهُوَ الَّذِي غَطَّاهُ السِّلَاحُ،
وَمِثْلُهُ رَجُلٌ كاسٍ أَي ذُو كُسْوَة، وَمَاءٌ دَافِقٌ ذُو دَفْقٍ،
قَالَ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَحسن مِمَّا ذَهَبَ إِليه، وَذَلِكَ أَن
الْكَافِرَ لَمَّا دَعَاهُ اللَّهُ إِلى تَوْحِيدِهِ فَقَدْ دَعَاهُ
إِلى نِعْمَةٍ وأَحبها لَهُ إِذا أَجابه إِلى مَا دَعَاهُ إِليه،
فَلَمَّا أَبى مَا دَعَاهُ إِليه مِنْ تَوْحِيدِهِ كَانَ كَافِرًا
نِعْمَةَ اللَّهِ أَي مُغَطِّيًا لَهَا بإِبائه حَاجِبًا لَهَا عَنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي
حِجَّةِ الْوَدَاعِ: أَلا لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِب
بعضُكم رقابَ بَعْضٍ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فِي قَوْلِهِ كُفَّارًا قَوْلَانِ: أَحدهما
لَابِسِينَ السِّلَاحَ مُتَهَيِّئِينَ لِلْقِتَالِ مَنْ كَفَرَ فوقَ
دِرْعِه إِذا لَبِسَ فَوْقَهَا ثَوْبًا كأَنه أَراد بِذَلِكَ النهيَ
عَنِ الْحَرْبِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنه يُكَفِّرُ الناسَ فيَكْفُر
كَمَا تَفْعَلُ الخوارجُ إِذا اسْتَعْرَضُوا الناسَ فيُكَفِّرونهم،
وَهُوَ كَقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ قَالَ لأَخيه يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحدهما
، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَو يَكْذِبَ، فإِن صَدَقَ فَهُوَ
كَافِرٌ، وإِن كَذَبَ عَادَ الْكُفْرُ إِليه بِتَكْفِيرِهِ أَخاه
الْمُسْلِمَ. قَالَ: وَالْكُفْرُ صِنْفَانِ: أَحدهما الْكُفْرُ بأَصل
الإِيمان وَهُوَ ضِدُّهُ، وَالْآخَرُ الْكُفْرُ بِفَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ
الإِسلام فلا يخرج بِهِ عَنْ أَصل الإِيمان. وَفِي حَدِيثِ الرِّدَّةِ:
وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ
؛ أَصحاب الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَيْنِ: صَنْفٌ ارْتَدُّوا عَنِ
الدِّينِ وَكَانُوا طَائِفَتَيْنِ إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ
والأَسْودِ العَنْسِيّ الَّذِينَ آمَنُوا بِنُبُوَّتِهِمَا، والأُخرى
طَائِفَةٌ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسلام وَعَادُوا إِلى مَا كَانُوا
عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهَؤُلَاءِ اتَّفَقَتِ الصَّحَابَةُ
عَلَى قِتَالِهِمْ وَسَبْيِهِمْ وَاسْتَوْلَدَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ، مَنْ سَبْيِهِمْ أُمَّ محمدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ
لَمْ يَنْقَرِضْ عَصْرُ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، حَتَّى
أَجمعوا أَن الْمُرْتَدَّ لَا يُسْبى، وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ أَهل
الرِّدَّةِ لَمْ يَرْتَدُّوا عَنِ الإِيمان وَلَكِنْ أَنكروا فَرْضَ
الزَّكَاةِ وَزَعَمُوا أَن الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خُذْ
مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً؛ خَاصٌّ بِزَمَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ اشْتَبَهَ عَلَى عُمَرَ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِتالهم لإِقرارهم بِالتَّوْحِيدِ
وَالصَّلَاةِ، وَثَبَتَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى
قِتَالِهِمْ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ فَتَابَعَهُ الصَّحَابَةُ عَلَى
ذَلِكَ لأَنهم كَانُوا قَرِيبي الْعَهْدِ بِزَمَانٍ يَقَعُ فِيهِ
التَّبْدِيلُ وَالنَّسْخُ، فَلَمْ يُقَرّوا عَلَى ذَلِكَ، وهؤلاء كانوا
أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الرِّدَّةِ حَيْثُ كَانُوا فِي
زَمَانِهِمْ فَانْسَحَبَ عَلَيْهِمُ اسْمُهَا، فأَما بَعْدَ ذَلِكَ
فَمَنْ أَنكر فَرْضِيَّةَ أَحد أَركان الإِسلام كَانَ كَافِرًا
بالإِجماع؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ
فتُذِلُّوهم وَلَا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم رُبَّمَا
ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عَنِ الْحَقِّ.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَمَتَّعْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومُعَاوية كَافِرٌ بالعُرُش قَبْلَ
إِسلامه
؛ والعُرُش: بُيُوتُ مَكَّةَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنه مُقِيمٌ
مُخْتَبِئٌ بِمَكَّةَ لأَن التَّمَتُّعَ كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ
بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، ومُعاوية أَسلم عَامَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ: هُوَ
مِنَ التَّكْفِيرِ الذُّلِّ والخضوعِ. وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دَعَوْتُهُ
كَافِرًا. يُقَالُ: لَا تُكْفِرْ أَحداً مِنْ أَهل قِبْلَتِكَ أَي لَا
تَنْسُبْهم إِلي الْكُفْرِ أَي لَا تَدْعُهُم كُفَّارًا وَلَا
تَجْعَلْهُمْ كُفَّارًا بِقَوْلِكَ وَزَعْمِكَ. وكَفَّرَ الرجلَ:
نَسَبَهُ إِلى الْكُفْرِ. وَكُلٌّ مَنْ سَتَرَ شَيْئًا، فَقَدَ كَفَرَه
وكَفَّره. وَالْكَافِرُ الزرَّاعُ لِسَتْرِهِ الْبَذْرَ بِالتُّرَابِ.
والكُفَّارُ: الزُّرَّاعُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ للزَّرَّاعِ: كَافِرٌ
لأَنه يَكْفُر البَذْر المَبْذورَ بِتُرَابِ الأَرض المُثارة إِذا
أَمَرّ عَلَيْهَا مالَقَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَمَثَلِ
غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ
؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ نَبَاتُهُ، وإِذا أَعجب الزُّرَّاعَ
نَبَاتُهُ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ فَهُوَ غَايَةُ
(5/146)
مَا يُسْتَحْسَنُ، وَالْغَيْثُ الْمَطَرُ
هاهنا؛ وَقَدْ قِيلَ: الْكُفَّارُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكُفَّارُ
بِاللَّهِ وَهُمْ أَشد إِعجاباً بِزِينَةِ الدُّنْيَا وَحَرْثِهَا مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ. والكَفْرُ، بِالْفَتْحِ: التَّغْطِيَةُ. وكَفَرْتُ
الشَّيْءَ أَكْفِرُه، بِالْكَسْرِ، أَي سَتَرْتُهُ. والكافِر:
اللَّيْلُ، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ لأَنه يَسْتُرُ
بِظُلْمَتِهِ كُلَّ شَيْءٍ. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عَلَيْهِ:
غَطَّاه. وكَفَرَ الليلُ عَلَى أَثَرِ صَاحِبِي: غَطَّاه بِسَوَادِهِ
وَظُلْمَتِهِ. وكَفَرَ الجهلُ عَلَى عِلْمِ فُلَانٍ: غَطّاه.
وَالْكَافِرُ: الْبَحْرُ لسَتْرِه مَا فِيهِ، ويُجْمَعُ الكافِرُ
كِفَاراً؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ
وَقَوْلُ ثَعْلَبِ بْنِ صُعَيْرة الْمَازِنِيِّ يَصِفُ الظَّلِيمَ
وَالنَّعَامَةَ ورَواحَهما إِلى بَيْضِهِمَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ:
فَتَذَكَّرا ثَقَلًا رثِيداً بَعْدَ ما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها
فِي كافِرِ
وذُكاء: اسْمٌ لِلشَّمْسِ. أَلقت يَمِينَهَا فِي كَافِرٍ أَي بدأَت فِي
الْمَغِيبِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد
اللَّيْلَ؛ وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتُ أَن لَبِيداً سَرَق هَذَا
الْمَعْنَى فَقَالَ:
حَتَّى إِذا أَلْقَتْ يَدًا فِي كافِرٍ، ... وأَجَنَّ عَوْراتِ
الثُّغُورِ ظَلامُها
قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ الْكَافِرُ كَافِرًا لأَنه سَتَرَ نِعَمَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ الأَزهري: وَنِعَمُهُ آيَاتُهُ
الدَّالَّةُ عَلَى تَوْحِيدِهِ، وَالنِّعَمُ الَّتِي سَتَرَهَا
الْكَافِرُ هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي أَبانت لِذَوِي التَّمْيِيزِ أَن
خَالِقَهَا وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَكَذَلِكَ إِرساله الرُّسُلَ
بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَةِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَالْبَرَاهِينِ
الْوَاضِحَةِ نِعْمَةٌ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهَا
وَرَدَّهَا فَقَدْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ أَي سَتَرَهَا وَحَجَبَهَا
عَنْ نَفْسِهِ. وَيُقَالُ: كَافَرَنِي فُلَانٌ حَقِّي إِذا جَحَدَهُ
حَقَّهُ؛ وَتَقُولُ: كَفَر نعمةَ اللَّهِ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ كُفْراً
وكُفْراناً وكُفُوراً. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَتَبَ إِلى
الْحَجَّاجُ: مَنْ أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سَبِيلَهُ أَي بِكُفْرِ مَنْ
خَالَف بَنِي مَرْوانَ وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ: عُرِضَ عَلَيْهِ رجلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لِيَقْتُلَهُ
فَقَالَ: إِني لأَرى رَجُلًا لَا يُقِرّ الْيَوْمَ بالكُفْر، فَقَالَ:
عَنْ دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي أَكْفَرُ مِنْ حِمَارٍ؛ وَحِمَارٌ: رَجُلٌ
كَانَ فِي الزَّمَانِ الأَول كَفَرَ بَعْدَ الإِيمان وَانْتَقَلَ إِلى
عِبَادَةِ الأَوثان فَصَارَ مَثَلًا. والكافِرُ: الْوَادِي الْعَظِيمُ،
وَالنَّهْرُ كَذَلِكَ أَيضاً. وكافِرٌ: نَهْرٌ بِالْجَزِيرَةِ؛ قَالَ
المُتَلَمِّسُ يَذْكُرُ طَرْحَ صَحِيفَتِهِ:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي مِنْ جَنْبِ كافِرٍ؛ ... كَذَلِكَ أَقْنِي
كلَّ قِطٍّ مُضَللِ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْكَافِرُ الَّذِي فِي شِعْرِ الْمُتَلَمِّسِ
النَّهْرُ الْعَظِيمُ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَصَا: الكافرُ
المطرُ؛ وأَنشد:
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ لَيْسَ بَيْنَهَا، ... وَبَيْنَ قُرَى
نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
وَقَالَ: كَافِرٌ أَي مَطَرٌ. اللَّيْثُ: والكافِرُ مِنَ الأَرض مَا
بَعُدَ عَنِ النَّاسِ لَا يَكَادُ يَنْزِلُهُ أَو يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ؛
وأَنشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً مِنْ فَرِّ عِكْرِشَةٍ ... فِي كافرٍ، مَا بِهِ
أَمْتٌ وَلَا عِوَجُ
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ شُمَيْلٍ:
فأَبْصَرَتْ لَمْحَةً مِنْ رأْس عِكْرِشَةٍ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ أَيضاً: الْكَافِرُ الغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد
هَذَا الْبَيْتَ. وَرَجُلٌ مُكَفَّرٌ: وَهُوَ المِحْسانُ
(5/147)
الَّذِي لَا تُشْكَرُ نِعْمَتُه.
والكافِرُ: السَّحَابُ الْمُظْلِمُ. وَالْكَافِرُ والكَفْرُ:
الظُّلْمَةُ لأَنها تَسْتُرُ مَا تَحْتَهَا؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
فاجْرَمَّزَتْ ثُمَّ سارَتْ، وَهِيَ لاهِيَةٌ، ... فِي كافِرٍ مَا بِهِ
أَمْتٌ وَلَا شَرَفُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ ظلمةَ اللَّيْلِ وأَن يَكُونَ الْوَادِي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ لأَنه يَسْتُرُ مَا
تَحْتَهُ. وَرَمَادٌ مَكْفُور: مُلْبَسٌ تُرَابًا أَي سَفَتْ عَلَيْهِ
الرياحُ الترابَ حَتَّى وَارَتْهُ وَغَطَّتْهُ؛ قَالَ:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟ ... قَدْ دَرَسَتْ غَيرَ
رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
والكَفْرُ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وسوادُه، وَقَدْ يُكْسَرُ؛ قَالَ
حُمَيْدٌ:
فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ، ... وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ فِي
كَفْرِ
أَي فِيمَا يُوَارِيهِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ. وَقَدْ كَفَر الرجلُ
متاعَه أَي أَوْعاه فِي وعاءٍ. والكُفْر: القِيرُ الَّذِي تُطْلى بِهِ
السُّفُنُ لِسَوَادِهِ وَتَغْطِيَتِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ:
القِيرُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ، فالكُفْرُ
تُطْلى بِهِ السُّفُنُ، وَالزِّفْتُ يُجْعَل فِي الزُّقَاقِ، والقِيرُ
يُذَابُ ثُمَّ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ. والكافِرُ: الَّذِي كَفَر
دِرْعَه بِثَوْبٍ أَي غَطَّاهُ وَلَبِسَهُ فَوْقَهُ. وكلُّ شَيْءٍ
غَطَّى شَيْئًا، فَقَدَ كفَرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذَكَرُوا مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فَثَارَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ فأَنزلَ
اللهُ تَعَالَى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ
آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ؟
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَلَكِنْ عَلَى
تَغْطِيَتِهِمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الأُلْفَة وَالْمَوَدَّةِ.
وكَفَر دِرْعَه بِثَوْبٍ وكَفَّرَها بِهِ: لَبِسَ فَوْقَهَا ثَوْبًا
فَغَشَّاها بِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا لَبِسَ الرَّجُلُ فَوْقَ
دِرْعِهِ ثَوْبًا فَهُوَ كَافِرٌ. وَقَدْ كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛ وكلُّ
مَا غَطَّى شَيْئًا، فَقَدَ كَفَره. وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّيْلِ كَافِرٌ
لأَنه سَتَرَ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ شَيْءٍ وَغَطَّاهُ. وَرَجُلٌ كَافِرٌ
ومُكَفَّر فِي السِّلَاحِ: دَاخِلٌ فِيهِ. والمُكَفَّرُ: المُوثَقُ فِي
الْحَدِيدِ كأَنه غُطِّيَ بِهِ وسُتِرَ. والمُتَكَفِّرُ: الدَّاخِلُ
فِي سِلَاحِهِ. والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ فِي
سِلَاحِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
هَيْهاتَ قَدْ سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها، ... فاسْتَجْهَلَت
حُلَماءَها سُفهاؤُها
حَرْبٌ تَرَدَّدُ بَيْنَهَا بتَشَاجُرٍ، ... قَدْ كَفَّرَتْ آباؤُها،
أَبناؤها
رَفَعَ أَبناؤها بِقَوْلِهِ تَرَدَّدُ، وَرَفَعَ آبَاؤُهَا بِقَوْلِهِ
قَدْ كفَّرت أَي كَفَّرَتْ آبَاؤُهَا فِي السِّلَاحِ. وتَكَفَّر
الْبَعِيرُ بِحِبَالِهِ إِذا وَقَعَتْ فِي قَوَائِمِهِ، وَهُوَ مِنْ
ذَلِكَ. والكَفَّارة: مَا كُفِّرَ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَو صَوْمٍ أَو
نَحْوُ ذَلِكَ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: كأَنه غُطِّيَ عَلَيْهِ بالكَفَّارة.
وتَكْفِيرُ الْيَمِينِ: فِعْلُ مَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهَا،
وَالِاسْمُ الكَفَّارةُ. والتَّكْفِيرُ فِي الْمَعَاصِي: كالإِحْباطِ
فِي الثَّوَابِ. التَّهْذِيبُ: وَسُمِّيَتِ الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ
لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي تَسْتُرُهَا مِثْلَ كَفَّارة الأَيْمان
وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وَقَدْ بَيَّنَهَا اللَّهُ
تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وأَمر بِهَا عِبَادَهُ. وأَما الْحُدُودُ
فَقَدْ
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه
قَالَ: مَا أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ لأَهلها أَم لَا.
وَفِي حَدِيثِ قَضَاءِ
(5/148)
الصَّلَاةِ:
كَفَّارَتُها أَن تُصَلِّيَهَا إِذا ذَكَرْتَهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَلِكَ.
وَتَكَرَّرَ ذِكْرُ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا
مُفْرَدًا وَجَمْعًا، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الفَعْلَة والخَصْلة
الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تُكَفِّرَ الْخَطِيئَةَ أَي تَمْحُوَهَا
وَتَسْتُرَهَا، وَهِيَ فَعَّالَة لِلْمُبَالَغَةِ، كَقَتَّالَةٍ
وَضَرَّابَةٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ فِي بَابِ الأَسمية،
وَمَعْنَى حَدِيثِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ أَنه لَا يَلْزَمُهُ فِي
تَرْكِهَا غَيْرُ قَضَائِهَا مِنْ غُرْم أَو صَدَقَةٍ أَو غَيْرِ
ذَلِكَ، كَمَا يَلْزَمُ المُفْطِر فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ،
وَالْمُحْرِمَ إِذا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فإِنه تَجِبُ
عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْمُؤْمِنُ مُكَفَّرٌ
أَي مُرَزَّأٌ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لتُكَفَّر خَطاياه. والكَفْرُ:
العَصا الْقَصِيرَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُقْطَع مِنْ سَعَف النَّخْلِ.
ابْنُ الأَعرابي: الكَفْرُ الْخَشَبَةُ الْغَلِيظَةُ الْقَصِيرَةُ.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قَبْلَ أَن يُنَوِّر. والكَفَرُ والكُفُرَّى
والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وِعَاءُ طَلْعِ النَّخْلِ،
وَهُوَ أَيضاً الكافُورُ، وَيُقَالُ لَهُ الكُفُرَّى والجُفُرَّى.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: هُوَ الطِّبِّيعُ فِي كُفُرَّاه
؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ
الرَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا، هُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ
وَقِشْرُهُ الأَعلى، وَكَذَلِكَ كَافُورُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّلْعُ
حِينَ يَنْشَقُّ وَيَشْهَدُ للأَول «3» قولُه فِي الْحَدِيثِ
قِشْر الكُفُرَّى
، وَقِيلَ: وِعَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ النَّبَاتِ كافُوره. قَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَمِعْتُ أُمَّ رَباح تَقُولُ
هَذِهِ كُفُرَّى وَهَذَا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه،
وَقَدْ قَالُوا فِيهِ كَافِرٌ، وَجَمْعُ الكافُور كَوَافِيرُ، وَجَمْعُ
الْكَافِرِ كَوَافِرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ بِهِ، ... مِنَ الكَوَافِرِ،
مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ
والكافُور: الطَّلْع. التَّهْذِيبُ: كافُورُ الطَّلْعَةِ وعاؤُها
الَّذِي يَنْشَقُّ عَنْهَا، سُمِّي كافُوراً لأَنه قَدْ كَفَرها أَي
غطَّاها؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
كالكَرْم إِذ نَادَى مِنَ الكافُورِ
كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لِمَا فِي جَوْفِهِ مِنَ
العُنْقُود، شَبَّهَهُ بِكَافُورِ الطَّلْعِ لأَنه يَنْفَرِجُ عمَّا
فِيهِ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ اسْمُ كِنانَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، الكافُورَ
تَشْبِيهًا بغِلاف الطَّلْع وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تَسْتُرُهَا
وَهِيَ فِيهَا كالسِّهام فِي الكِنانةِ. والكافورُ: أَخْلاطٌ تُجْمَعُ
مِنَ الطِّيبِ تُرَكَّبُ مِنْ كَافُورِ الطَّلْع؛ قَالَ ابْنُ
دُرَيْدٍ: لَا أَحسب الْكَافُورَ عَرَبيًّا لأَنهم رُبَّمَا قَالُوا
القَفُور والقافُور. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الْأَبْرارَ
يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً
؛ قِيلَ: هِيَ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَن
لَا يَنْصَرِفَ لأَنه اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَعْرِفَةٌ عَلَى أَكثر مِنْ
ثَلَاثَةِ أَحرف لَكِنْ إِنما صرفه لتعديل رؤوس الْآيِ، وَقَالَ
ثَعْلَبٌ: إِنما أَجراه لأَنه جَعَلَهُ تَشْبِيهًا وَلَوْ كَانَ اسْمًا
لِلْعَيْنِ لَمْ يَصْرِفْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَوْلُهُ جَعَلَهُ
تَشْبِيهًا؛ أَراد كَانَ مزاجُها مِثْلَ كَافُورٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ:
يُقَالُ إِنها عَيْنٌ تُسَمَّى الْكَافُورَ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ
كَانَ مِزاجُها كَالْكَافُورِ لِطِيبِ رِيحِهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَن يَكُونَ طَعْمُ الطِّيبِ فِيهَا
وَالْكَافُورِ، وَجَائِزٌ أَن يَمْزُجَ بِالْكَافُورِ وَلَا يَكُونُ
فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لأَن أَهل الْجَنَّةِ لَا يَمَسُّهم فِيهَا نَصَبٌ
وَلَا وَصَبٌ. اللَّيْثُ: الْكَافُورُ نَبَاتٌ لَهُ نَوْرٌ أَبيض
كنَوْر الأُقْحُوَان، والكافورُ عينُ ماءٍ فِي الْجَنَّةِ طيبِ
الرِّيحِ، والكافور
__________
(3) . قوله [ويشهد للأول إلخ] هكذا في الأصل. والذي في النهاية:
وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي قشر الكفرى.
(5/149)
مِنْ أَخلاط الطِّيبِ. وَفِي الصِّحَاحِ:
مِنَ الطِّيبِ، وَالْكَافُورُ وِعَاءُ الطَّلْعِ؛ وأَما قَوْلُ
الرَّاعِي:
تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ ... مِنْ قُصْبِ
مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الظَّبْيُ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْمِسْكُ
إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطِّيبِ فَجَعَلَهُ كَافُورًا. ابْنُ سِيدَهْ:
والكافورُ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ يُشَبَّه بِالْكَافُورِ مِنَ
النَّخْلِ. والكافورُ أَيضاً: الإِغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ
الَّذِي هُوَ الإِغْرِيضُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِمَّا يَجْرِي
مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ. والكافِرُ مِنَ الأَرضين: مَا بَعُدَ
وَاتَّسَعَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوافِرِ
؛ الكوافرُ النساءُ الكَفَرة، وأَراد عَقْدَ نِكَاحِهِنَّ. والكَفْرُ:
القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل كَفرُ تُوثَى وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُ
بَيَّا وإِنما هِيَ قُرَى نُسِبَتْ إِلى رِجَالٍ، وَجَمْعُهُ كُفُور.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ:
لَتُخرِجَنَّكم الرومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ مِنَ
الأَرض، قِيلَ: وَمَا ذَلِكَ السُّنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمَى جُذام أَي
مِنْ قُرَى الشَّامِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ كَفْرًا كَفْرًا
يَعْنِي قَرْيَةً قَرْيَةً، وأَكثر مَنْ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا أَهل
الشَّامِ يُسَمُّونَ الْقَرْيَةَ الْكَفْرَ. وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوية
أَنه قَالَ: أَهل الكُفُورِ هُمْ أَهل القُبُور. قَالَ الأَزهري:
يَعْنِي بِالْكُفُورِ القُرَى النائيةَ عَنِ الأَمصار ومُجْتَمَعِ
أَهْلِ الْعِلْمِ، فَالْجَهْلُ عَلَيْهِمْ أَغلب وَهُمْ إِلى البِدَع
والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يَقُولُ: إِنهم بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتَى
لَا يُشَاهِدُونَ الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وَمَا أَشبهها.
والكَفْرُ: القَبْرُ، وَمِنْهُ قِيلَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهل
الكُفُور. ابْنُ الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لَزِمَ الكُفُورَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تسكُنِ الكُفُورَ فَإِنَّ ساكنَ الكُفور كَسَاكِنِ القُبور.
قَالَ الحَرْبيّ: الكُفور مَا بَعُدَ مِنَ الأَرض عَنِ النَّاسِ فَلَا
يَمُرُّ بِهِ أَحد؛ وأَهل الْكُفُورِ عِنْدَ أَهل الْمُدُنِ كالأَموات
عِنْدَ الأَحياء فكأَنهم فِي الْقُبُورِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّته مِنْ بَعْدِهِ كَفْراً كَفْراً
فَسُرَّ بِذَلِكَ
أَي قَرْيَةً قَرْيَةً. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: كَفْرٌ عَلَى كَفْرٍ أَي
بَعْضٌ عَلَى بَعْضْ. وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن
يَعْصِيَه. التَّهْذِيبُ: إِذا أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يَعْصِيَكَ
فَقَدَ أَكْفَرْتَه. والتَّكْفِير: إِيماءُ الذِّمِّيِّ برأْسه، لَا
يُقَالُ: سَجَدَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَلَكِنْ كَفَّرَ لَهُ تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تَعْظِيمُ الْفَارِسِيِّ لِمَلكه. والتَّكْفِيرُ لأَهل
الْكِتَابِ: أَن يُطَأْطئ أَحدُهم رأْسَه لِصَاحِبِهِ كَالتَّسْلِيمِ
عِنْدَنَا، وَقَدْ كَفَّر لَهُ. وَالتَّكْفِيرُ: أَن يَضَعَ يَدَهُ أَو
يَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ الأَخطل وَيَذْكُرُ
مَا فَعَلَتْ قَيْسٌ بِتَغْلِبَ فِي الْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ بعدهم:
وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها، ... فَضَعُوا السِّلاحَ
وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا
يَقُولُ: ضَعُوا سِلاحَكم فَلَسْتُمْ قَادِرِينَ عَلَى حَرْبِ قَيْسٍ
لِعَجْزِكُمْ عَنْ قِتَالِهِمْ، فكَفِّروا لَهُمْ كَمَا يُكَفِّرُ
الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ، وَكَمَا يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقانِ يَضَعُ
يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ويَتَطامَنُ لَهُ واخْضَعُوا وانْقادُوا. وَفِي
الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: إِذا أَصبح ابْنُ آدَمَ
فَإِنَّ الأَعضاء كُلَّهَا تُكَفِّرُ لِلِّسَانِ، تَقُولُ: اتَّقِ
اللَّهَ فِينَا فإِن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وإِن اعْوَجَجْتَ
اعْوَجَجْنَا.
قَوْلُهُ: تُكَفِّرُ لِلِّسَانِ أَي تَذِلّ وتُقِرّ بِالطَّاعَةِ لَهُ
وَتَخْضَعُ لأَمره. والتَّكْفِير: هُوَ أَن يَنْحَنِيَ الإِنسان
ويطأْطئ رأْسه قَرِيبًا مِنَ الرُّكُوعِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يُرِيدُ
تَعْظِيمَ صَاحِبِهِ. وَالتَّكْفِيرُ: تَتْوِيجُ الْمَلِكِ بِتَاجٍ
إِذا رُؤِيَ كُفِّرَ لَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: التَّكْفِيرُ أَن يَخْضَعَ
(5/150)
الإِنسان لِغَيْرِهِ كَمَا يُكَفِّرُ
العِلْجُ للدَّهاقِينِ، وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ. وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو
بْنِ أُمية وَالنَّجَاشِيِّ: رأَى الْحَبَشَةَ يَدْخُلُونَ مِنْ
خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلَّاه ظَهْرَهُ وَدَخَلَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مَعْشَرٍ: أَنه كَانَ يَكْرَهُ التَّكْفِيرَ فِي الصَّلَاةِ
وَهُوَ الِانْحِنَاءُ الْكَثِيرُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ قَبْلَ
الرُّكُوعِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ثَوْرًا:
مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن التَّكْفِيرَ هُنَا اسْمٌ
لِلتَّاجِ سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ أَو يَكُونُ اسْمًا غَيْرَ مَصْدَرٍ
كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ. والكَفِرُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ:
الْعَظِيمُ مِنَ الْجِبَالِ. وَالْجَمْعُ كَفِراتٌ؛ قَالَ عبدُ اللَّهِ
بْنُ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ:
لَهُ أَرَجٌ مِنْ مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ، ... تُطَلَّعُ رَيَّاهُ
مِنَ الكَفِراتِ
والكَفَرُ: العِقابُ مِنَ الْجِبَالِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الكَفَرُ
الثَّنَايَا العِقَاب، الْوَاحِدَةُ كَفَرَةٌ؛ قَالَ أُمية:
وَلَيْسَ يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ، ... إِلا السماءُ وإِلا
الأَرْضُ والكَفَرُ
وَرَجُلٌ كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. اللَّيْثُ: رَجُلٌ
كِفِرِّينٌ عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خَبِيثٌ. التَّهْذِيبُ: وَكَلِمَةٌ
يَلْهَجُونَ بِهَا لِمَنْ يُؤْمَرُ بأَمر فَيَعْمَلُ عَلَى غَيْرِ مَا
أُمر بِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَكْفورٌ بِكَ يَا فُلَانُ عَنَّيْتَ
وآذَيْتَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ
الأَلْيَتانِ.
كفهر: المُكْفَهِرُّ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي يَغْلُظُ ويَسْوَدُّ
وَيَرْكَبُ بعضُه بَعْضًا، والمُكْرَهِفُّ مِثْلُهُ. وكلُّ مُتَراكِبٍ:
مُكْفَهِرّ. وَوَجْهٌ مُكْفَهِرٌّ: قَلِيلُ اللَّحْمِ غَلِيظُ
الْجِلْدِ لَا يَسْتَحِي مِنْ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ العَبُوسُ،
وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذا لَقِيتَ الْكَافِرَ فالْقَه
بِوَجْهٍ مُكْفَهِرّ أَي بِوَجْهٍ مُنْقَبِضٍ لَا طَلاقةَ فِيهِ،
يَقُولُ: لَا تَلْقَه بِوَجْهٍ مُنْبَسِط. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
الْقَوُا المُخالِفِين بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ
أَي عَابِسٍ قَطوبٍ، وعامٌ مُكْفَهِرٌّ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: رأَيته
مُكْفَهِرَّ الْوَجْهِ. وَقَدِ اكْفَهَرَّ الرجلُ إِذا عَبَّسَ،
واكْفَهَرَّ النَّجْمُ إِذا بَدَا وَجْهُه وضوءُه فِي شِدَّةِ ظُلْمَةِ
اللَّيْلِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
إِذا اللَّيْلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّتْ نُجومُه، ... وصاحَ مِنَ
الأَفْراطِ هامٌ جواثِمُ
والمُكْرَهِفُّ: لُغَةٌ فِي المُكْفَهِرّ. وَفُلَانٌ مُكْفَهِرُّ
الْوَجْهِ إِذا ضَرَبَ لوْنُه إِلى الغُبْرة مَعَ الغِلَظ؛ قَالَ
الرَّاجِزُ:
قامَ إِلى عَذْراءَ فِي الغُطَاطِ ... يَمْشِي بمِثْلِ قائِم
الفُسْطاطِ
بمُكْفَهِرِّ اللَّوْنِ ذِي حَطاطِ
أَبو بَكْرٍ: فُلَانٌ مُكْفَهِرٌّ أَي مُنْقَبِضٌ كَالِحٌ لَا يُرَى
فِيهِ أَثرُ بِشْرٍ وَلَا فَرَحٍ. وجَبَلٌ مُكْفَهِرٌّ: صَلْبٌ شَدِيدٌ
لَا يَنَالُهُ حادِثٌ. والمُكْفَهِرُّ: الصُّلْبُ الَّذِي لَا تغيره
الحوادث.
كمر: الكَمَرَةُ: رأْس الذَّكَرِ، وَالْجَمْعُ كَمَرٌ. والمَكْمُور
مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي أَصابَ الخاتنُ طَرَفَ كَمَرَته، وَفِي
الْمُحْكَمِ: الذي أَصاب الخاتنُ كَمَرته. والمَكْمُورُ: الْعَظِيمُ
الكَمَرَة، وَهُمُ المَكْمُوراء. وَرَجُلٌ كِمِرَّى إِذا كَانَ ضَخْمَ
الكَمَرَةِ، مِثالُ الزِّمِكَّى. وتَكامَرَ الرجلانِ: نَظَرا أَيُّهما
أَعظمُ كَمَرَةً، وَقَدْ كامَرَه فكَمَرَه: غَلَبَهُ بعِظَمِ
الكَمَرَة؛ قَالَ:
(5/151)
تاللهِ لَولا شَيْخُنا عَبَّادُ، ...
لَكامَرُونا اليومَ أَو لَكادُوا
وَيُرْوَى: لَكَمَرونا اليومَ أَو لَكَادُوا. وامرأَة مَكْمُورَة:
مَنْكُوحَةٌ. والكِمْرُ مِنَ البُسْرِ: مَا لَمْ يُرْطِبْ عَلَى
نَخْلِهِ وَلَكِنَّهُ سَقَطَ فأَرْطَبَ فِي الأَرض. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وأَظنهم قَالُوا نَخْلَةٌ مِكْمارٌ. والكِمِرَّى: الْقَصِيرُ؛
قَالَ:
قَدْ أَرْسَلَتْ فِي عِيرها الكِمِرَّى
والكِمِرَّى: مَوْضِعٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ.
كمتر: الكَمْتَرَةُ: مِشْيَةٌ فِيهَا تَقارُبٌ مِثْلَ الكَرْدَحَة،
وَيُقَالُ: قَمْطَرة وكمْتَرَة بِمَعْنًى، وَقِيلَ: الكَمْتَرَةُ مِنْ
عَدْوِ الْقَصِيرِ المُتَقارِبِ الخُطى المجتهدِ فِي عَدْوِه؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
حيثُ تَرَى الكَوَأْلَلَ الكُماتِرا، ... كالهُبَعِ الصَّيْفيِّ
ويَكْبُو عاثِرا
وكَمْتَرَ إِناءَه والسقاءَ: ملأَه. وكَمْتَر الْقِرْبَةَ: سَدَّها
بوِكائها. والكُمْتُرُ والكُماتِرُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مثل
الكُنْدُرِ والكُنادِر.
كمثر: الكَمْثَرةُ: فِعْلٌ مُمات، وَهُوَ تَدَاخُلُ الشَّيْءِ بَعْضِهِ
فِي بَعْضٍ. والكُمَّثْرَى: مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَوَاكِهِ هَذَا الَّذِي
تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الإِجَّاصَ، مُؤَنَّثٌ لَا يَنْصَرِفُ؛ قَالَ
ابْنُ مَيَّادَةَ:
أَكُمَّثْرَى، يَزِيدُ الحَلْقَ ضِيقاً، ... أَحَبُّ إِليكَ أَم تِينٌ
نَضِيجُ؟
وَاحِدَتُهُ كُمَّثْراة، وَتَصْغِيرُهَا كُمَيْمِثْرةٌ، وَحَكَى
ثَعْلَبٌ فِي تَصْغِيرِ الْوَاحِدَةِ: كُمَيْمِثْراة؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: والأَقيس كُمَيْمِثْرة كَمَا قَدَّمْنَا. والكُماثِر:
الْقَصِيرُ. قَالَ الأَزهري: سأَلت جَمَاعَةً مِنَ الأَعراب عَنِ
الكُمَّثْرى فَلَمْ يَعْرِفُوهَا. ابْنُ دُرَيْدٍ: الكَمْثَرة تداخلُ
الشَّيْءِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ واجْتِماعُه، قَالَ: فإِن يَكُنِ
الكُمَّثْرَى عَرَبِيًّا فَمِنْهُ اشْتِقَاقُهُ؛ التَّهْذِيبُ:
وَتَصْغِيرُهَا كُمَيْمِثْرَى وكُمَيْثِرَةٌ وكُمَيْمِثْراة، وأَنشد
بَيْتَ ابْنِ مَيَّادَةَ:
كُمَيْمِثْرَى يزيدُ الحَلْقَ ضِيقاً
كمعر: كَمْعَرَ سنامُ الْبَعِيرِ: مثل أَكْعَرَ.
كنر: الكِنَّارَةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الكِنَّارُ الشُّقَّة مِنْ
ثِيَابِ الكَتَّانِ، دَخيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
عَنْ لُبْسِ الكِنَّار
؛ هُوَ شُقة الْكَتَّانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا ذَكَرَهُ أَبو
مُوسَى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكِنَّاراتُ يُخْتَلَفُ فِيهَا
فَيُقَالُ هِيَ الْعِيدَانُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا، وَيُقَالُ هِيَ
الدُّفُوف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
إِن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنزَلَ الحقَّ ليُذْهِبَ بِهِ
الْبَاطِلَ ويُبْطِلَ بِهِ اللَّعِبَ والزَّفْنَ والزَّمَّاراتِ
والمَزاهِرَ والكِنَّارات.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي التَّوْرَاةِ:
بِعْثَتُكَ تَمْحُو المَعازِفَ والكِنَّاراتِ؛ هِيَ، بِالْفَتْحِ
وَالْكَسْرِ، الْعِيدَانُ، وَقِيلَ البَرابِطُ، وَقِيلَ الطُّنْبُورُ،
وَقَالَ الحَربي: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَالَ الكِرانات، فَقُدِّمَتِ
النُّونُ عَلَى الرَّاءِ، قَالَ: وأَظن الكِرانَ فَارِسِيًّا
مُعَرَّبًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا نَصْرٍ يَقُولُ: الكَرِينَةُ
الضَّارِبَةُ بالعُود، سُمِّيَتْ بِهِ لِضَرْبِهَا بالكِرانِ؛ وَقَالَ
أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: أَحسبها بِالْبَاءِ، جَمْعَ كِبارٍ،
وَكِبَارُ جَمْعُ كَبَرٍ، وَهُوَ الطَّبْلُ كجَمَل وجِمال وجِمالات.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أُمِرنا بِكَسْرِ الكُوبَةِ والكِنَّارة
والشِّياع.
ابْنُ الأَعرابي: الكَنانِيرُ وَاحِدَتُهَا كِنَّارَة،
(5/152)
قَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْعِيدَانُ،
وَيُقَالُ: هِيَ الطَّنَابِيرُ، وَيُقَالُ الطُّبُول. التَّهْذِيبُ فِي
تَرْجَمَةِ قَنَرَ: رَجُلٌ مُقَنْوِرٌ ومُقَنِّرٌ ومُكَنْوِرٌ
ومُكَنِّر إِذا كَانَ ضَخْماً سَمِجاً أَو مُعْتَمًّا عِمَّةً جافية.
كنبر: الكِنْبارُ: حَبْلُ النَّارَجِيلِ، وَهُوَ نَخِيلُ الْهِنْدِ
تُتَّخَذُ مِنْ لِيفِهِ حِبَالٌ لِلسُّفُنِ يَبْلُغُ مِنْهَا الْحَبْلُ
سَبْعِينَ دِينَارًا. والكِنْبِرَةُ: الأَرْنَبَة الضَّخْمَةُ.
كنثر: رَجُلٌ كُنْثُرٌ وكُناثِرٌ: وهو المجتمع الخلق.
كندر: الكُنْدُرُ والكُنادِرُ والكُنَيدِرُ مِنَ الرِّجَالِ:
الْغَلِيظُ الْقَصِيرُ مع شِدَّةٍ، وَيُوصَفُ بِهِ الْغَلِيظُ مِنْ
حُمُر الْوَحْشِ. وَرَوَى شَمِرٌ لِابْنِ شُمَيْلٍ كُنَيْدِرٌ، عَلَى
فُعَيْلِلٍ، وكُنَيْدِرٌ تَصْغِيرُ كُنْدُر؛ وَحِمَارٌ كُنْدُر
وكُنادِرٌ: عَظِيمٌ، وَقِيلَ غَلِيظٌ؛ وأَنشد للعجاج:
كأَنّ تَحْتي كُنْدُوراً كُنادِرا، ... جَأْباً قَطَوْطى يَنْشِجُ
المَشاجِرَا
يُقَالُ: حِمَارٌ كُدُرٌ وكُنْدُرٌ وكُنادِرٌ لِلْغَلِيظِ. والجأْب:
الْغَلِيظُ، والقَطَوطى: الَّذِي يَمْشِي مُقْطَوْطِياً، وَهُوَ ضَرْبٌ
مِنَ الْمَشْيِ سريعٌ. وَقَوْلُهُ: يَنْشِجُ المَشاجر أَي يُصَوِّتُ
بالأَشجار، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنه رُبَاعِيٌّ، وَذَهَبَ
غَيْرُهُ إِلى أَنه ثُلَاثِيٌّ بِدَلِيلِ كَدَرَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
مَوْضِعِهِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِنه لَذُو كِنْدِيرَة؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ ذَا كِنْدِيرَةٍ عَجَنَّسا، ... إِذا الغرابانِ بِهِ
تَمَرَّسا،
لَمْ يَجِدا إِلا أَدِيماً أَمْلَسا
ابْنُ شُمَيْلٍ: الكُنْدُر الشَّدِيدُ الخَلْقِ، وفِتْيانٌ كَنادِرَة.
والكُنْدُر: اللُّبانُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: ضَرْبٌ مِنَ العِلْكِ،
الْوَاحِدَةُ كُنْدُرة. والكُنْدُرة مِنَ الأَرض: مَا غَلُظ
وَارْتَفَعَ. وكُنْدُرة الْبَازِي: مَجْثِمُه الَّذِي يُهَيَّأُ لَهُ
مِنْ خَشَب أَو مَدَر، وَهُوَ دَخِيلٌ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَبَيَانُ
ذَلِكَ أَنه لَا يَلْتَقِي فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ حَرْفَانِ
مِثْلَانِ فِي حَشْوِ الْكَلِمَةِ إِلا بِفَصْلٍ لَازَمٍ كالعَقَنْقَل
والخَفَيْفَد وَنَحْوَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَدْ يَلْتَقِي
حَرْفَانِ مِثْلَانِ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا فِي آخِرِ الِاسْمِ؛
يقال: رَمادٌ رِمْدَدٌ [رِمْدِدٌ] وَفَرَسٌ سُقْدُدٌ إِذا كَانَ
مُضمَّراً. والخَفَيْدَدُ: الظَّلِيمُ. وَمَا لَهُ عُنْدُدٌ. وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ: مَا كَانَ مِنْ حَرْفَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا
إِدغام فِيهَا إِذا كَانَتْ فِي مُلْحَقَاتِ الأَسماء لأَنها تَنْقُصُ
عَنْ مَقَادِيرِ مَا أُلحقت بِهِ نَحْوَ: قَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ لأَنه
مُلْحَقٌ بجَعْفَر، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ نَحْوَ قَرادِدَ ومهادِدَ
مِثْلَ جَعافِرَ، فإِن لَمْ يَكُنْ مُلْحَقًا لَزِمَهُ الإِدغام نَحْوَ
أَلَدّ وأَصَمّ. والكَنْدَر: ضَرْبٌ مِنْ حِسَابِ الرُّومِ، وَهُوَ
حِسَابُ النُّجُومِ. وكِنْدِيرٌ: اسْمٌ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ
وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
كنعر: الكَنْعَرَةُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الْجَسِيمَةُ
السَّمِينَةُ، وَجَمْعُهَا كناعِرُ. الأَزهري: كَنْعَرَ سَنامُ
الْفَصِيلِ إِذا صَارَ فِيهِ شَحْمٌ، وهو مثل أَكْعَرَ.
كنهر: الكَنَهْوَرُ مِنَ السَّحَابِ: المتراكبُ الثَّخِينُ؛ قَالَ
الأَصمعي وغيره: هو قِطَعٌ مِنَ السَّحَابِ أَمثالُ الْجِبَالِ؛ قَالَ
أَبو نُخَيْلَةَ:
كَنَهْوَر كَانَ مِنْ أَعقاب السُّمِيّ «4»
وَاحِدَتُهُ كَنَهْوَرَة، وَقِيلَ: الكَنَهْوَر السَّحَابُ
الْمُتَرَاكِمُ؛ قَالَ ابن مُقْبِل:
__________
(4) . هذا الشطر لا وزن له معروف.
(5/153)
لَهَا قائدٌ دُهْمُ الرَّبابِ، وخَلْفَهُ
... رَوَايَا يُبَجِّسْنَ الغَمامَ الكَنَهْورا
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَمِيضُه فِي كَنَهْوَرِ رَبابه
؛ الكَنَهْوَرُ: الْعَظِيمُ مِنَ السَّحَابِ، والرَّبابُ الأَبيضُ منه،
والنون والواو زائداتان. ونابٌ كَنَهْوَرَةٌ: مُسِنَّة. وَقَالَ فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ: كَنْهَرَةُ مَوْضِعٌ بالدَّهْناء بَيْنَ جَبَلَيْنِ
فِيهَا قِلاتٌ يَمْلَؤُهَا ماءُ السَّمَاءِ، والكَنَهْوَرُ مِنْهُ
أُخِذَ.
كهر: كَهَرَ الضُّحى: ارْتَفَعَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ
العَبَّادي:
مُسْتَخِفِّينَ بِلَا أَزْوادِنا، ... ثِقَةً بالمُهْرِ مِنْ غيرِ
عَدَمْ
فإِذا العانَةُ فِي كَهْرِ الضُّحى، ... دُونها أَحْقَبُ ذُو لَحْمٍ
زِيَمْ
يَصِفُ أَنه لَا يَحْمِلُ مَعَهُ زَادًا فِي طَرِيقِهِ ثِقَةً بِمَا
يَصِيدُهُ بمُهرِه. وَالْعَانَةُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْوَحْشِ.
والأَحقب: الْحِمَارُ الَّذِي فِي حِقْوَيْهِ بَيَاضٌ. وَلَحْمٌ
زِيَمٌ: لَحْمٌ مُتَفَرِّقٌ لَيْسَ بِمُجْتَمَعٍ فِي مَكَانٍ. وكَهَرَ
النهارُ يَكْهَرُ كَهْراً: ارْتَفَعَ وَاشْتَدَّ حَرُّه. الأَزهري:
كَهْرُ النهارِ ارتفاعُه فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. والكَهْرُ: الضَّحِكُ
وَاللَّهْوُ. وكَهَرَه يَكْهَرُه كَهْراً: زَبَرَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ
بِوَجْهٍ عابسٍ وانْتَهره تَهاوناً بِهِ. والكَهْرُ: الانْتِهارُ؛
قَالَ ابنُ دَارَةَ الثَّعْلَبيّ:
فقامَ لَا يَحْفِلُ ثَمَّ كَهْرا، ... وَلَا يُبالي لَوْ يُلاقي عَهْرا
قَالَ: الكَهْرُ الانْتِهارُ، وكَهَرَه وقَهَره بِمَعْنًى. وَفِي
قِرَاءَةِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فأَما
الْيَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ
؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن كَافَهُ بَدَلٌ مِنْ قَافِ تَقْهَرْ. وَفِي
حَدِيثُ
مُعَاوية بْنِ الحَكَمِ السّلَمِيّ أَنه قَالَ: مَا رأَيت مُعَلِّماً
أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فبأَبي هُوَ وأُمي مَا كَهَرني وَلَا شَتَمَني وَلَا
ضَرَبني.
وَفِي حَدِيثِ
المَسْعى: أَنهم كَانُوا لَا يُدَعُّون عَنْهُ وَلَا يُكْهَرون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ
وَبَعْضِ طُرِقِ مُسْلِمٍ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الأَكثر
يُكْرَهُون بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ مِنَ الإِكراه. وَرَجُلٌ كُهْرُورَةٌ:
عَابِسٌ، وَقِيلَ قَبِيحُ الْوَجْهِ، وَقِيلَ: ضحَّاك لعَّاب. وَفِي
فُلَانٍ كُهْرُورةٌ أَي انْتِهارٌ لِمَنْ خَاطَبَهُ وَتَعْبِيسٌ
لِلْوَجْهِ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
ولستُ بذِي كُهْرورَةٍ غيرَ أَنَّني، ... إِذا طَلَعَتْ أُولى
المُغِيرَةِ، أَعْبَسُ
والكَهْرُ: القَهْرُ. والكَهْرُ: عُبُوسُ الْوَجْهِ. والكَهْرُ:
الشَّتْمُ؛ الأَزهري: الكَهْرُ المُصاهَرة؛ وأَنشد:
يُرَحَّبُ بِي عِنْدَ بابِ الأَمِير، ... وتُكْهَرُ سَعْدٌ ويُقْضى لها
أَي تُصاهَرُ.
كور: الكُورُ، بِالضَّمِّ: الرَّحْلُ، وَقِيلَ: الرَّحْلُ بأَداته،
وَالْجَمْعُ أَكْوار وأَكْوُرٌ؛ قَالَ:
أَناخَ بِرَمْلِ الكَوْمَحَيْن إِناخَةَ الْيَماني ... قِلاصاً، حَطَّ
عنهن أَكْوُرا
وَالْكَثِيرُ كُورانٌ وكُؤُور؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّة:
عَلَى جِلَّةٍ كالهَضْبِ تَخْتالُ فِي البُرى، ... فأَحْمالُها
مَقْصورَةٌ وكُؤُورُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ فِي الْمُعْتَلِّ مِنْ هَذَا
الْبِنَاءِ
(5/154)
وإِنما بَابُهُ الصَّحِيحُ مِنْهُ كبُنُودٍ
وجُنُودٍ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَة: بأَكْوارِ المَيسِ تَرْتَمِي بِنَا
العِيسُ؛ الأَكْوارُ جَمْعُ كُورٍ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ رَحْل
النَّاقَةِ بأَداته، وَهُوَ كالسَّرْج وآلتِه لِلْفَرَسِ، وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ
مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَفْتَحُ الْكَافَ،
وَهُوَ خَطَأٌ؛ وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيُّ:
نَشَأْتُ عَسِيراً لَمْ تُدَيَّثْ عَرِيكَتي، ... وَلَمْ يَسْتَقِرَّ
فوقَ ظَهْرِيَ كُورُها
اسْتَعَارَ الكُورَ لِتَذْلِيلِ نفسه إِذ كَانَ الكُورُ مِمَّا
يُذَلَّلُ بِهِ الْبَعِيرُ ويُوَطَّأُ وَلَا كُورَ هُنَالِكَ.
وَيُقَالُ للكُورِ، وَهُوَ الرَّحْلُ: المَكْوَرُ، وَهُوَ المُكْوَرُّ،
إِذا فَتَحْتَ الْمِيمَ خَفَّفْتَ الرَّاءَ، وإِذا ثَقَّلْتَ الرَّاءَ
ضَمَمْتَ الْمِيمَ؛ وأَنشد قَوْلَ الشَّاعِرِ:
قِلاص يَمانٍ حَطَّ عَنْهُنَّ مَكْوَرا
فَخَفَّفَ، وأَنشد الأَصمعي:
كأَنّ فِي الحَبْلَيْنِ مِنْ مُكْوَرِّه ... مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ
لضَرِّهِ
وكُورُ الحَدَّاد: الَّذِي فِيهِ الجَمْر وتُوقَدُ فِيهِ النَّارُ
وَهُوَ مَبْنِيٌّ مِنْ طِينٍ، وَيُقَالُ: هُوَ الزِّقُّ أَيضاً.
والكَوْرُ: الإِبل الْكَثِيرَةُ الْعَظِيمَةُ. وَيُقَالُ: عَلَى
فُلَانٍ كَوْرٌ مِنَ الإِبل، والكَوْرُ مِنَ الإِبل: القَطيِعُ
الضَّخْم، وَقِيلَ: هِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَقِيلَ: مِائَتَانِ
وأَكثر. والكَوْرُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْبَقَرِ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
وَلَا شَبُوبَ مِنَ الثِّيرانِ أَفْرَدَه، ... مِنْ كَوْرِه، كَثْرَةُ
الإِغْراءِ والطَّرَدُ
وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا أَكْوار؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ
أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
وَلَا مُشِبَّ مِنَ الثِّيرانِ أَفْرَده، ... عَنْ كَوْرِه، كَثْرَةُ
الإِغراءِ والطَّرَدِ
بِكَسْرِ الدَّالِ، قَالَ: وَصَوَابُهُ: والطردُ، بِرَفْعِ الدَّالِ؛
وأَول الْقَصِيدَةِ:
تَاللَّهِ يَبْقى عَلَى الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ، ... جَوْنُ السَّراةِ
رَباعٌ، سِنُّه غَرِدُ
يَقُولُ: تَاللَّهِ لَا يَبْقَى عَلَى الأَيَّام مُبْتَقِلٌ أَي
الَّذِي يَرْعى الْبَقْلَ. والجَوْنُ: الأَسْوَدُ. والسَّراةُ:
الظَّهْر. وغَرِدٌ: مُصَوِّتٌ. وَلَا مُشِبَّ مِنَ الثِّيرَانِ: وَهُوَ
المُسِنّ أَفرده عَنْ جَمَاعَتِهِ إِغراءُ الْكَلْبِ بِهِ وطَرَدُه.
والكَوْرُ: الزِّيَادَةُ. اللَّيْثُ: الكَوْرُ لَوْثُ الْعِمَامَةِ
يَعْنِي إِدارتها عَلَى الرأْس، وَقَدْ كَوَّرْتُها تَكْوِيراً.
وَقَالَ النَّضْرُ: كُلُّ دَارَةٍ مِنَ الْعِمَامَةِ كَوْرٌ، وَكُلُّ
دَوْرٍ كَوْرٌ. وتكْوِيرُ الْعِمَامَةِ: كَوْرُها. وكارَ العِمامَةَ
عَلَى الرأْس يَكُورُها كَوْراً: لاثَها عَلَيْهِ وأَدارها؛ قَالَ أَبو
ذُؤَيْبٍ:
وصُرَّادِ غَيْمٍ لَا يزالُ، كأَنه ... مُلاءٌ بأَشْرافِ الجِبالِ
مَكُورُ
وَكَذَلِكَ كَوَّرَها. والمِكْوَرُ والمِكْوَرَةُ والكِوارَةُ:
العمامةُ. وَقَوْلُهُمْ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ
الكَوْرِ، قِيلَ: الحَوْرُ النُّقْصَانُ وَالرُّجُوعُ، والكَوْرُ:
الزِّيَادَةُ، أُخذ مِنْ كَوْرِ الْعِمَامَةِ؛ يَقُولُ: قَدْ
تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَانْتَقَضَتْ كَمَا يَنْتَقِضُ كَوْرُ
الْعِمَامَةِ بَعْدَ الشَّدِّ، وَكُلُّ هَذَا قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ
بَعْضٍ، وَقِيلَ: الكَوْرُ تَكْوِيرُ الْعِمَامَةِ والحَوْرُ نَقْضُها،
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرُّجُوعِ بَعْدَ
الِاسْتِقَامَةِ وَالنُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(5/155)
وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ
الحَوْر بَعْدَ الكَوْرِ
أَي مِنَ النُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، وَهُوَ مِنْ تَكْوِير
الْعِمَامَةِ، وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا، قَالَ: وَيُرْوَى
بِالنُّونِ. وَفِي صِفَةِ زَرْعِ الْجَنَّةِ: فيبادِرُ الطَّرْفَ
نَباتُه واستحصادُه وتَكْوِيرُه أَي جَمْعُه وإِلقاؤه. والكِوارَة:
خِرْقَةٌ تَجْعَلُهَا المرأَة عَلَى رأْسها. ابْنُ سِيدَهْ:
والكِوارَةُ لَوْثٌ تَلْتاثه المرأَة عَلَى رأْسها بِخِمَارِهَا،
وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الخِمْرَةِ؛ وأَنشد:
عَسْراءُ حينَ تَرَدَّى مِنْ تَفَحُّشِها، ... وَفِي كِوارَتِها مِنْ
بَغْيِها مَيَلُ
وَقَوْلُهُ أَنشده الأَصْمَعِيُّ لِبَعْضِ الأَغْفال:
جافِيَة مَعْوى مِلَاثِ الكَوْر
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ مَوْضِعَ كَوْرِ
الْعِمَامَةِ: والكِوارُ والكِوارَة: شَيْءٌ يُتَّخَذُ لِلنَّحْلِ مِنَ
القُضْبان، وَهُوَ ضَيِّقُ الرأْس. وتَكْوِيرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ:
أَن يُلْحَقَ أَحدُهما بِالْآخَرِ، وَقِيلَ: تَكْوِيرُ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ تَغْشِيَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَقِيلَ:
إِدخال كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَالْمَعَانِي
مُتَقَارِبَةٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وتَكْوِيرُ اللَّيْلِ عَلَى
النَّهَارِ تَغْشيته إِياه، وَيُقَالُ زِيَادَتُهُ فِي هَذَا مِنْ
ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى
النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ
؛ أَي يُدْخِلُ هَذَا عَلَى هَذَا، وأَصله مِنْ تَكْوِيرِ
الْعِمَامَةِ، وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا. وكُوِّرَتِ الشمسُ: جُمِعَ
ضوءُها ولُفَّ كَمَا تُلَفُّ الْعِمَامَةُ، وَقِيلَ: مَعْنَى كُوِّرَتْ
غُوِّرَتْ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [كُورْبِكِرْ] وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
كُوِّرَت اضْمَحَلَّتْ وَذَهَبَتْ. وَيُقَالُ: كُرْتُ العمامةَ عَلَى
رأْسي أَكُورُها وكَوَّرْتُها أُكَوِّرُها إِذا لَفَفْتَهَا؛ وَقَالَ
الأَخفش: تُلَفُّ فَتُمْحَى؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كُوِّرَتْ
مِثْلَ تَكْوِير الْعِمَامَةِ تُلَفُّ فَتُمْحَى، وَقَالَ قَتَادَةُ:
كُوِّرَتْ ذَهَبَ ضوءُها، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، وَقَالَ
عِكْرِمَةُ: نُزِعَ ضوءُها، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُوِّرَتْ دُهْوِرَتْ،
وَقَالَ الرَّبيعُ بْنُ خَيثَمٍ: كُوِّرَتْ رُميَ بِهَا، وَيُقَالُ:
دَهْوَرْتُ الحائطَ إِذا طَرَحْتَهُ حَتَّى يَسْقُطَ، وَحَكَى
الْجَوْهَرِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ
، وَفِي الْحَدِيثِ:
يُجاءُ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ثَوْرَيْنِ يُكَوَّرانِ فِي النَّارِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَي يُلَفَّانِ ويُجْمَعانِ ويُلْقَيانِ فِيهَا، وَالرِّوَايَةُ
ثَوْرَيْنِ، بِالثَّاءِ، كأَنهما يُمْسَخانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَقَدْ رُوِيَ بِالنُّونِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ. الْجَوْهَرِيُّ:
الكُورَةُ الْمَدِينَةُ والصُّقْعُ، وَالْجَمْعُ كُوَرٌ. ابْنُ
سِيدَهْ: والكُورَةُ مِنَ الْبِلَادِ المِخْلافُ، وَهِيَ الْقَرْيَةُ
مِنْ قُرَى الْيَمَنِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحْسِبُه
عَرَبِيًّا. والكارَةُ: الحالُ الَّذِي يَحْمِلُهُ الرَّجُلُ عَلَى
ظَهْرِهِ، وَقَدْ كَارَهَا كَوْراً واسْتَكارَها. والكارَةُ: عِكْمُ
الثِّياب، وَهُوَ مِنْهُ، وكارةُ القَصَّار مِنْ ذَلِكَ، سُمِّيَتْ
بِهِ لأَنه يُكَوِّر ثِيَابَهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ويحمِلها فَيَكُونُ
بعضُها عَلَى بَعْضٍ. وَكَوَّرَ المتاعَ: أَلقى بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ.
الْجَوْهَرِيُّ: الكارةُ مَا يُحمل عَلَى الظَّهْرِ من الثِّياب،
وتَكْوِيرُ الْمَتَاعِ: جمعُه وَشَدُّهُ. والكارُ: سُفُن مُنحدِرة
فِيهَا طَعَامٌ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَضَرَبَهُ فكَوَّره أَي صرَعه،
وَكَذَلِكَ طَعَنَهُ فكَوّرَه أَي أَلقاه مُجْتَمِعًا؛ وأَنشد أَبو
عُبَيْدَةَ:
ضَرَبْناه أُمَّ الرَّأْسِ، والنَّقْعُ ساطِعٌ، ... فَخَرَّ صَرِيعاً
لليَدَيْنِ مُكَوَّرَا
وكَوَّرْته فتكَوَّر أَي سقَط، وَقَدْ تكَوَّر هُوَ؛ قَالَ أَبو
كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
(5/156)
مُتَكَوِّرِينَ عَلَى المَعارِي،
بَيْنَهُمْ ... ضرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
وَقِيلَ: التَّكْوِير الصَّرْع، ضرَبه أَو لَمْ يضربْه. والاكتيارُ:
صرعُ الشيءِ بعضُه عَلَى بعضٍ. والاكْتِيار فِي الصِّراع: أَن يُصرَع
بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. والتَّكَوُّر: التَّقَطُّر والتَّشَمُّر. وكارَ
الرجلُ فِي مشْيته كَوْراً، واسْتَكار: أَسْرع. والكِيار: رَفْع الفَرس
ذَنَبَهُ فِي حُضْره؛ والكَيِّر: الْفَرَسُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. ابْنُ
بُزُرْجَ: أَكارَ عَلَيْهِ يَضْرِبُهُ، وَهُمَا يَتَكايرانِ،
بِالْيَاءِ. وَفِي حَدِيثِ المُنافق:
يَكِير فِي هَذِهِ مَرَّةً وَفِي هَذِهِ مَرَّةً
أَي يَجْرِي. يُقَالُ: كارَ الفرسُ يَكِيرُ إِذا جَرَى رَافِعًا
ذَنَبَهُ، وَيُرْوَى يَكْبِنُ. واكْتار الفرسُ: رَفَعَ ذنَبه فِي
عَدْوِه. واكْتارَتِ النَّاقَةُ: شَالَتْ بذنَبها عِنْدَ اللِّقاح.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَا مَا جُهل مِنْ تَصَرُّفِهِ مِنْ
بَابِ الْوَاوِ لأَن الأَلف فِيهِ عَيْنٌ، وَانْقِلَابُ الأَلف عَنِ
الْعَيْنِ وَاوًا أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ. وَيُقَالُ:
جَاءَ الْفَرَسُ مُكْتاراً إِذا جَاءَ مَادًّا ذَنَبَهُ تَحْتَ
عَجُزِه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ ثَوْرًا:
كأَنه، مِنْ يَدَيْ قِبْطِيَّة، لَهِقاً ... بالأَتْحَمِيّة مُكْتارٌ
ومُنْتَقِبُ
قَالُوا: هُوَ مِنِ اكْتار الرجلُ اكْتِياراً إِذا تعمَّم. وَقَالَ
الأَصمعي: اكْتارَتِ النَّاقَةُ اكْتِياراً إِذا شَالَتْ بذنَبها
بَعْدَ اللِّقاح. واكْتار الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ اكْتِياراً إِذا تهيأَ
لِسبابه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَكَرْت عَلَى الرَّجُلِ أُكِيرُ
كَيَارَةً إِذا اسْتَذْلَلْتَهُ وَاسْتَضْعَفْتَهُ وأَحَلْت عَلَيْهِ
إِحالة نَحْوَ مائةٍ. والكُورُ: بِنَاءُ الزَّنابير؛ وَفِي الصِّحَاحِ:
موضِع الزَّنابير. والكُوَّارات: الخَلايا الأَهْلِيَّة؛ عَنْ أَبي
حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهِيَ الكَوائر أَيضاً عَلَى مِثَالِ الكَواعِر؛
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الكَوائر لَيْسَ جَمْعَ كُوَّارة
إِنما هُوَ جَمْعُ كُوَارة، فَافْهَمْ، والكِوَار والكِوارة: بَيْتٌ
يُتَّخذ مِنْ قُضبانٍ ضيِّقُ الرأْس لِلنَّحْلِ تُعَسِّلُ فِيهِ.
الْجَوْهَرِيُّ: وكُوَّارة النَّحْلُ عَسَلُهَا فِي الشمَع. وَفِي
حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَيْسَ فِيمَا تُخْرِج أَكْوارُ
النَّحْل صدَقة
، وَاحِدُهَا كُور، بِالضَّمِّ، وَهُوَ بَيْتُ النَّحْلِ والزَّنابير؛
أَراد أَنه لَيْسَ فِي الْعَسَلِ صَدَقَةٌ. وكُرْت الأَرض كَوْراً:
حفرتُها. وكُور وكُوَيْرٌ والكَوْر: جِبَالٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ
الرَّاعِي:
وَفِي يَدُومَ، إِذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُه، ... وذِرْوَةِ الكَوْرِ
عَنْ مَرْوانَ مُعْتَزَلُ
ودارَةُ الكَوْر، بِفَتْحِ الْكَافِ: مَوْضِعٌ؛ عَنْ كُراع.
والمِكْوَرَّى: الْقَصِيرُ الْعَرِيضُ. وَرَجُلٌ مِكْوَرَّى
[مَكْوَرَّى] أَي لَئِيمٌ. والمَكْوَرَّى: الرَّوْثة الْعَظِيمَةُ،
وَجَعَلَهَا سِيبَوَيْهِ صِفَةً، فَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ بأَنه
الْعَظِيمُ رَوثَةِ الأَنف، وَكَسْرُ الْمِيمِ فِيهِ لُغَةٌ، مأْخوذ
مِنْ كَوَّره إِذا جَمعه، قَالَ: وَهُوَ مَفْعَلَّى، بِتَشْدِيدِ
اللَّامِ، لأَن فَعْلَلَّى لَمْ يَجِئ، وَقَدْ يَحْذِفُ الأَلف فيقال
مَكْوَرٌّ، [مِكْوَرٌّ] والأُنثى فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ؛ قَالَ
كُرَاعٌ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ. وَرَجُلٌ مَكْوَرٌّ: فَاحِشٌ مِكْثَارٌ؛
عَنْهُ، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ أَيضاً. ابْنُ حَبِيبٍ: كَوْرٌ أَرض
باليمامة.
كير: الكِيرُ: كِيرُ الْحَدَّادِ، وَهُوَ زِقّ أَو جِلْدٌ غَلِيظٌ ذُو
حافاتٍ، وأَما الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ فَهُوَ الكُورُ. ابْنُ
سِيدَهْ: الكِير الزِّقّ الَّذِي يَنْفُخ فِيهِ الْحَدَّادِ،
وَالْجَمْعُ أَكْيارٌ وكِيَرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مثَلُ الجلِيس السَّوْء مَثَلُ الكِير
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
الْمَدِيِنَةُ كالكِيرِ تَنفي خَبَثها ويَنْصَع طِيبُها
؛ وَلَمَّا
(5/157)
فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
ترَى آنُفاً دُغماً قِباحاً، كأَنها ... مَقادِيمُ أَكْيارٍ، ضخامَ
الأَرانِب
قَالَ: مَقادِيم الكِيرانِ تسودُّ مِنَ النَّارِ، فكسَّر كِيراً عَلَى
كِيرَانِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ؛ إِنما
الكِيران جَمْعُ الكُور، وَهُوَ الرّحْل، وَلَعَلَّ ثَعْلَبًا إِنما
قَالَ مَقادِيم الأَكْيار. وكِير: بَلَدٌ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ
الْوَرْدِ:
إِذا حَلَّتْ بأَرض بَنِي عليٍّ، ... وأَهْلُكَ بَيْنَ إِمَّرَة وكِير
ابْنُ بُزُرْجَ: أَكارَ عَلَيْهِ يَضْرِبُهُ، وهُما يَتَكَايَرَانِ؛
بِالْيَاءِ. وكِير: اسم جبل. |