لسان العرب

باب الهاء
هبر: الهَبْرُ: قِطَعُ اللَّحْمِ. والهَبْرَةُ: بِضْعَةٌ مِنَ اللَّحْمِ أَو نَحْضَة لَا عَظْمَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ إِذَا كَانَتْ مُجْتَمِعَةً. وأَعطيته هَبْرَةً مِنْ لَحْمٍ إِذَا أَعطاه مُجْتَمَعًا مِنْهُ، وَكَذَلِكَ البِضْعَةُ والفِدْرَةُ. وهَبَرَ يَهْبُرُ هَبْراً: قَطَعَ قِطَعاً كِبَارًا. وَقَدْ هَبَرْت لَهُ مِنَ اللَّحْمِ هَبْرَةً أَي قَطَعْتُ لَهُ قِطْعَةً. واهْتَبَرَهُ بِالسَّيْفِ إِذا قَطَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه هَبَرَ المنافقَ حَتَّى بَرَدَ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: انْظُرُوا شَزْراً واضْرِبُوا هَبْراً
؛ الهَبْرُ: الضَّرْبُ وَالْقَطْعُ. وَفِي حَدِيثِ الشُّراةِ:
فَهَبَرْناهم بِالسُّيُوفِ.
ابْنُ سِيدَهْ: وضَرْبٌ هَبْرٌ يَهْبُرُ اللَّحْمَ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ كَمَا قَالُوا: دِرْهَمٌ ضربٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ضَرْبٌ هَبْرٌ أَي يُلْقِي قِطْعَةً مِنَ اللَّحْمِ إِذا ضَرَبَهُ، وطعنٌ نَتْرٌ فِيهِ اختلاسُ، وَكَذَلِكَ ضربٌ هَبِيرٌ وضربَةٌ هَبِيرٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
كَلَوْنِ المِلْحِ، ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، ... يُتِرُّ العَظْمَ، سَقَّاطٌ سُراطِي
وَسَيْفٌ هَبَّارٌ يَنْتَسِفُ الْقِطْعَةَ مِنَ اللَّحْمِ فَيَقْطَعُهُ،

(5/247)


والهِبِرُّ: الْمُنْقَطِعُ مِنْ ذَلِكَ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وجملٌ هَبِرٌ وأَهْبَرُ: كَثِيرُ اللَّحْمِ. وَقَدْ هَبِرَ الْجُمَلُ، بِالْكَسْرِ، يَهْبَرُ هَبَراً، وَنَاقَةٌ هَبِرَةٌ وهَبْراءُ ومُهَوْبِرَةٌ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: بَعِيرٌ هَبِرٌ وَبِرٌ أَي كَثِيرُ الوَبَرِ والهَبْرِ، وَهُوَ اللَّحْمُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ، قَالَ: هُوَ الهَبُّورُ
؛ قِيلَ: هُوَ دُقاقُ الزَّرْعِ بالنَّبَطِيَّة وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الهَبْرِ القَطْع. والهُبْرُ: مُشاقَةُ الْكَتَّانِ؛ يَمَانِيَةٌ؛ قَالَ:
كالهُبْرِ، تحتَ الظُّلَّةِ، المَرْشُوشِ
والهِبْرِيَةُ: مَا طَارَ مِنَ الزَّغَبِ الرَّقِيقِ مِنَ الْقُطْنِ؛ قَالَ:
فِي هِبْرِياتِ الكُرْسُفِ المَنْفُوشِ
والهِبْرِيَة والهُبارِية: مَا طَارَ مِنَ الرِّيشِ وَنَحْوِهِ. والهِبْرِيَة والإِبْرِيَةُ والهُبارِيَةُ: مَا تُعَلَّقُ بأَسفل الشَّعَرِ مِثْلَ النُّخَالَةِ مِنْ وَسَخِ الرأْس. وَيُقَالُ: فِي رأْسه هِبْرِيَةٌ مثلُ فِعْلِيَةٍ؛ وَقَوْلُ أَوسِ بْنِ حَجَرٍ:
لَيْثٌ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ، ... كالمَرْزُبانِيِّ عَيَّارٌ بأَوْصالِ
قَالَ يَعْقُوبُ: عَنَى بالهِبْرِيَةِ مَا يَتَنَاثَرُ مِنَ الْقَصَبِ وَالْبَرْدِيِّ فَيَبْقَى فِي شَعَرِهِ مُتَلَبِّدًا. وهَوْبَرَتْ أُذُنُه: احْتَشَى جَوْفُها وَبَراً وَفِيهَا شَعَرٌ واكْتَسَتْ أَطرافُها وطُرَرُها، وَرُبَّمَا اكتَسَى أُصولُ الشَّعَرِ مِنْ أَعالي الأُذنين. والهَبْرُ: مَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض وَارْتَفَعَ مَا حَوْلَهُ عَنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اطمأَن مِنَ الرَّمْلِ؛ قَالَ عَدِيٌّ:
فَتَرى مَحانِيَهُ الَّتِي تَسِقُ الثَّرَى، ... والهَبْرَ يُونِقُ نَبْتُها رُوَّادَها
وَالْجَمْعُ هُبُور؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
هُبُور أَغْواطٍ إِلى أَغْواطِ
وَهُوَ الهَبيرُ أَيضاً؛ قَالَ زُمَيْلُ بْنِ أُم دِينَارٍ:
أَغَرُّ هِجانٌ خَرَّ مِنْ بَطْنِ حُرّةٍ ... عَلَى كَفِّ أُخْرَى حُرَّةٍ بِهَبِيرِ
وَقِيلَ: الْهَبِيرُ مِنَ الأَرض أَن يَكُونَ مُطَمْئِنًّا وَمَا حَوْلَهُ أَرفع مِنْهُ، وَالْجَمْعُ هُبْرٌ؛ قَالَ عَدِيٌّ:
جَعَلَ القُفَّ شَمَالًا وانْتَحى، ... وَعَلَى الأَيْمَنِ هُبْرٌ وبُرَقْ
وَيُقَالُ: هِيَ الصُّخُورُ بَيْنَ الرَّوابي. والهَبْرَةُ: خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بِهَا الرِّجَالُ. والهَوْبَرُ: الْفَهْدُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وهَوْبَرٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثِيُّون، بعد ما ... قَضَى نَحْبَه مِنْ مُلْتَقَى القومِ هَوْبَرُ
أَراد ابْنَ هَوْبَر، وهُبَيْرَةُ: اسْمٌ. وابنُ هُبَيْرَةَ: رَجُلٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمِعْنَاهُمْ يَقُولُونَ مَا أَكثَرَ الهُبَيْراتِ، واطَّرَحُوا الهُبَيْرِينَ كَرَاهِيَةَ أَن يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا عَلَامَةَ فِيهِ للتأْنيث. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا آتِيكَ هُبَيْرَةَ بنَ سَعْدٍ أَي حتى يَؤُوبَ هُبَيْرَةُ، فأَقاموا هُبَيْرَةَ مَقَامَ الدَّهْرِ وَنَصَبُوهُ عَلَى الظَّرْفِ وَهَذَا مِنْهُمُ اتِّسَاعٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنما نَصَبُوهُ لأَنهم ذَهَبُوا بِهِ مَذْهَبَ الصِّفَاتِ، وَمَعْنَاهُ لَا آتِيكَ أَبداً، وَهُوَ رَجُلٌ فُقِدَ؛ وَكَذَلِكَ لَا آتِيكَ أَلْوَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ، وَيُقَالُ: إِن أَصله أَن سَعْدَ بنَ زَيْدِ مناةَ عُمِّرَ عُمُراً طَوِيلًا وكَبِرَ، وَنَظَرَ يَوْمًا إِلى شَائِهِ وَقَدْ أُهْمِلَتْ وَلَمْ تَرْعَ، فَقَالَ لِابْنِهِ هُبَيْرَةَ: ارْعَ شاءَك، فَقَالَ: لَا أَرعاها سِنَّ الحِسْلِ أَي أَبداً، فَصَارَ مَثَلًا. وَقِيلَ لَا آتِيكَ أَلْوَةَ هُبَيْرَةَ.

(5/248)


والهُبَيْرَةُ: الضَّبُعُ الصَّغِيرَةُ. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ آذَانِ الْخَيْلِ مُهَوْبَرَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يَحْتَشِي جَوْفُها وَبَراً وَفِيهَا شَعَرٌ، وتَكْتَسِي أَطرافُها وطُرَرُها أَيضاً الشَّعْرَ، وَقَلَّمَا يَكُونُ إِلا فِي رَوَائِدِ الْخَيْلِ وَهِيَ الرَّواعِي. والهَوْبَرُ والأَوْبَرُ: الْكَثِيرُ الوَبَرِ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا. وَيُقَالُ للكانُونَيْنِ: هُمَا الهَبَّارانِ والهَرَّارانِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْعَنْكَبُوتِ الهَبُورُ والهَبُونُ. وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ؛ قَالَ: الهَبُّورُ
، قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ الذَّرُّ الصَّغِيرُ. وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: هُوَ الهَبُّورُ
عُصافَةُ الزَّرْعِ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَقِيلَ: الهَبُّورُ بالنَّبَطيَّة دُقاق الزَّرْعِ، والعُصافَةُ مَا تَفَتَّتَ مِنْ وَرَقِهِ، والمأْكول مَا أُخذ حَبُّهُ وَبَقِيَ لَا حَبَّ فِيهِ. والهَوْبَرُ: القِرْدُ الْكَثِيرُ الشَّعَرِ، وَكَذَلِكَ الهَبَّارُ؛ وَقَالَ:
سَفَرَتْ فقلتُ لَهَا: هَجٍ فَتَبَرْقَعَتْ، ... فذَكَرْتُ حِينَ تَبَرْقَعَتْ هَبَّارَا
وهَبَّار: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. وهَبَّار وهابِرٌ: اسْمَانِ. والهَبِيرُ: مَوْضِعٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
هتر: الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً وهَتَّرَه. وَرَجُلٌ مُسْتَهْتَرٌ: لَا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ وَلَا مَا قِيلَ لَهُ وَلَا مَا شُتِمَ بِهِ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الهَتْرُ مَزْقُ الْعِرْضِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَالْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى الهَرْت إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا كَمَا قَالُوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما الاسْتِهْتارُ فَهُوَ الوُلوعُ بِالشَّيْءِ والإِفراط فِيهِ حَتَّى كأَنه أُهْتِرَ أَي خَرِفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَبَقَ المُفْرِدُونَ؛ قَالُوا: وَمَا المُفْرِدُونَ؟ قَالَ: الَّذِينَ أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقالَهُمْ فيأْتون يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفافاً
؛ قَالَ: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، مَعْنَاهُ أَنهم كَبِرُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمَاتَتْ لَذَّاتُهُمْ وَذَهَبَ القَرْنُ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِمْ، قَالَ: وَمَعْنَى أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ أَي خَرِفُوا وَهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ. يُقَالُ: خَرِفَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَي خَرِفَ وَهُوَ يُطِيعُ اللَّهَ؛ قَالَ: والمُفْرِدُونَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِمُ المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لِذِكْرِ اللَّهِ، والمُستَهْتَرونَ المُولَعُونَ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
هُمُ الَّذِينَ اسْتُهْتِرُوا بِذِكْرِ اللَّهِ
أَي أُولِعُوا بِهِ. يُقَالُ: اسْتُهْتِرَ بأَمر كَذَا وَكَذَا أَي أُولِعَ بِهِ لَا يتحدّثُ بِغَيْرِهِ وَلَا يفعلُ غيرَه. وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ. والهِتْرُ، بِالْكَسْرِ: السَّقَطُ مِنَ الْكَلَامِ والخطأُ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هِتْرٌ هاتِرٌ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهُ؛ قَالَ أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِناً مِنْ تُماضِرٍ ... هُدُوّاً، وَلَمْ يَطْرُقْ مِنَ اللَّيْلِ بَاكِرًا
وَكَانَ، إِذا مَا الْتَمَّ مِنْهَا بِحاجَةٍ، ... يُراجِعُ هِتْراً مِنْ تُماضِرَ هاتِرَا
قَوْلُهُ هُدُوّاً أَي بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَلَمْ يَطْرُقْ مِنَ اللَّيْلِ بَاكِرًا أَي لَمْ يَطْرُقْ مِنْ أَوله. والْتَمَّ: افْتَعَلَ مِنَ الإِلمام، يُرِيدُ أَنه إِذا أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ. وَقَوْلُهُ يُراجِعُ هِتْراً أَي يَعُودُ إِلى أَن يَهْذِيَ بِذِكْرِهَا. ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ فِي كَلَامِهِ. والهُتْرُ، بِضَمِّ الْهَاءِ: ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ كِبَرٍ أَو مَرَضٍ أَو حُزْنٍ. والمُهْتَرُ: الَّذِي فَقَدَ عقلَه مِنْ أَحد هَذِهِ الأَشياء، وَقَدْ أَهْتَرَ، نادرٌ. وَقَدْ قَالُوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فَهُوَ مُهْتَرٌ إِذا فَقَدَ عَقَلَهُ مِنَ الكِبَرِ

(5/249)


وَصَارَ خَرِفاً. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: إِذا لَمْ يَعْقِلْ مِنَ الكِبَرِ قِيلَ أُهْتِرَ، فَهُوَ مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مِثْلُهُ. قَالَ يَعْقُوبُ: قِيلَ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ قَدْ أُهْتِرَتْ: إِن فُلَانًا قَدْ أَرسل يَخْطُبُكِ، فَقَالَتْ: هَلْ يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ مَا لَه؟ أُلَّ وغُلَّ مَعْنَى قَوْلِهَا: أَن أَحلَّ أَن أَنزل، وَذَلِكَ لأَنها كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ رَاكِبَةً بَعِيرًا لَهَا وَابْنَهَا يَقُودُهَا. وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَفُلَانٌ مُسْتَهْتَرٌ بِالشَّرَابِ أَي مُولَعٌ بِهِ لَا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ. وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْبِنَاءُ يُجَاءُ بِهِ لِتَكْثِيرِ الْمَصْدَرِ. والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ: فُلَانٌ يُهاتِرُ فُلَانًا مَعْنَاهُ يُسابُّه بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المُهاتَرَةُ الْقَوْلُ الَّذِي يَنْقُضُ بعضُه بَعْضًا. وأُهْتِرَ الرجلُ فَهُوَ مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بِالْقَوْلِ فِي الشَّيْءِ. واسْتُهْتِرَ فُلَانٌ فَهُوَ مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذَهَبَ عَقْلُهُ فِيهِ وَانْصَرَفَتْ هِمَمُه إِليه حَتَّى أَكثر الْقَوْلَ فِيهِ بِالْبَاطِلِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ فِي الْقَوْلِ
، مِنَ الهِتْرِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْبَاطِلُ والسَّقَطُ مِنَ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ أَن أَكون مِنَ المُسْتَهْتَرين.
يُقَالُ: اسْتُهْتِر فُلَانٌ، فَهُوَ مُسْتَهْتَر إِذا كَانَ كَثِيرُ الأَباطيل، والهِتْرُ: الباطلُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي المُبْطِلينَ فِي الْقَوْلِ والمُسْقِطِينَ فِي الْكَلَامِ، وَقِيلَ: الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ مَا قِيلَ لَهُمْ وَمَا شُتِمُوا بِهِ، وَقِيلَ: أَراد المُسْتَهْتَرِينَ بِالدُّنْيَا. ابْنُ الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تَصْغِيرُ الهِتْرَةِ، وَهِيَ الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ مِنَ الحُمْقِ وَالْجَهْلِ؛ وأَنشد:
إِن الفَزارِيَّ لَا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً، ... مِنَ النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ
قَالَ: يُرِيدُ التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قَالَ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ خَاصَّةً دَهْداراً بِدَهْدارِ، وَذَلِكَ أَن مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ بَعْضَ التَّاءَاتِ فِي الصُّدُورِ دَالًا، نَحْوَ الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لُغَةٌ فِي التِّخْرِيص، وَهُمَا مُعَرَّبَانِ. والهِتْرُ: العَجَبُ وَالدَّاهِيَةُ. وهِتْرٌ هاتِرٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ وأَنشد بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ:
يُرَاجِعُ هِتْرًا مِنْ تُمَاضِرَ هَاتِرًا
وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي دَاهِيَةِ دَواهٍ. الأَزهري: وَمِنْ أَمثالهم فِي الدَّاهِي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ. وتَهاتَرَ القومُ: ادَّعَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بَاطِلًا. وَمَضَى هِتْرٌ مِنَ اللَّيْلِ إِذا مَضَى أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ؛ عَنِ ابن الأَعرابي.
هتكر: التهذب: الهَيْتَكُورُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَسْتَيْقِظُ لَيْلًا وَلَا نهاراً.
هتمر: الهَتْمَرَةُ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ؛ وقد هَتْمَرَ.
هجر: الهَجْرُ: ضِدُّ الْوَصْلِ. هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً: صَرَمَه، وَهُمَا يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، وَالْاسْمُ الهِجْرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا هِجْرَةَ بَعْدَ ثلاثٍ
؛ يُرِيدُ بِهِ الهَجْر ضدَّ الوصلِ، يَعْنِي فِيمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَتْبٍ ومَوْجِدَةٍ أَو تَقْصِيرٍ يَقَعُ فِي حُقُوقِ العِشْرَة والصُّحْبَةِ دُونَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الدِّين، فإِن هِجْرَة أَهل الأَهواء وَالْبِدَعِ دَائِمَةٌ عَلَى مَرِّ الأَوقات مَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمُ التَّوْبَةُ وَالرُّجُوعُ إِلى الْحَقِّ، فإِنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَمَّا خَافَ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وأَصحابه النِّفَاقَ حِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمر بِهِجْرانهم خَمْسِينَ يَوْمًا، وَقَدْ هَجَر نِسَاءَهُ شَهْرًا،

(5/250)


وَهَجَرَتْ عَائِشَةُ ابنَ الزُّبَيْرِ مُدَّةً، وهَجَر جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ وَمَاتُوا مُتَهَاجِرِينَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّ أَحد الأَمرين مَنْسُوخٌ بِالْآخَرِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلا مُهاجِراً
؛ يُرِيدُ هِجْرانَ الْقَلْبِ وتَرْكَ الإِخلاص فِي الذِّكْرِ فكأَنَّ قَلْبَهُ مُهَاجِرٌ لِلِسَانِهِ غَيْرَ مُواصِلٍ لَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلَا يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ إِلا هَجْراً
؛ يُرِيدُ التَّرْكَ لَهُ والإِعراض عَنْهُ. يُقَالُ: هَجَرْتُ الشَّيْءَ هَجْراً إِذا تَرَكْتُهُ وأَغفلته؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ:
وَلَا يَسْمَعُونَ الْقَوْلَ إِلا هُجْراً
، بِالضَّمِّ، وَقَالَ: هُوَ الْخَنَا وَالْقَبِيحُ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ وَالْمَعْنَى، فإِن الصَّحِيحَ مِنَ الرِّوَايَةِ
وَلَا يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ
، وَمَنْ رَوَاهُ الْقَوْلَ فإِنما أَراد بِهِ الْقُرْآنَ، فَتَوَهَّمَ أَنه أَراد بِهِ قَوْلَ النَّاسِ، والقرآنُ الْعَزِيزُ مُبَرَّأٌ عَنِ الخنا والقبيح من القول. وهَجَر فُلَانٌ الشِّرْك هَجْراً وهِجْراناً وهِجْرَةً حَسَنَةً؛ حَكَاهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والهِجْرَةُ والهُجْرَةُ: الْخُرُوجُ مِنْ أَرض إِلى أَرض. والمُهاجِرُونَ: الَّذِينَ ذَهَبُوا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ. وتَهَجَّرَ فُلَانٌ أَي تَشَبَّهَ بِالْمُهَاجِرِينَ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هاجِرُوا وَلَا تَهَجَّروا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ أَخْلِصُوا الهِجْرَةَ لله وَلَا تَشَبَّهُوا بالمهاجِرِينَ عَلَى غَيْرِ صِحَّةٍ مِنْكُمْ، فَهَذَا هُوَ التَّهَجُّر، وَهُوَ كَقَوْلِكَ فُلَانٌ يَتَحَلَّم وَلَيْسَ بِحَلِيمٍ ويَتَشَجَّع أَي أَنه يُظْهِرُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: وأَصل المُهاجَرَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ خروجُ البَدَوِيّ مِنْ بَادِيَتِهِ إِلى المُدنِ؛ يُقَالُ: هاجَرَ الرجلُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ كَلُّ مُخْلٍ بِمَسْكَنِه مُنْتَقِلٍ إِلى قَوْمٍ آخَرِينَ بِسُكناهُ، فَقَدْ هاجَرَ قومَه. وَسُمِّيَ الْمُهَاجِرُونَ مُهَاجِرِينَ لأَنهم تَرَكُوا دِيَارَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمُ التي نَشَؤُوا بِهَا لِلَّهِ، ولَحِقُوا بِدَارٍ لَيْسَ لَهُمْ بِهَا أَهل وَلَا مَالٌ حِينَ هَاجَرُوا إِلى الْمَدِينَةِ؛ فَكُلُّ مَنْ فَارَقَ بَلَدَهُ مِنْ بَدَوِيٍّ أَو حَضَرِيٍّ أَو سَكَنَ بَلَدًا آخَرَ، فَهُوَ مُهاجِرٌ، وَالْاسْمُ مِنْهُ الهِجْرة. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً
. وَكُلُّ مَنْ أَقام من البوادي بِمَنادِيهم ومَحاضِرِهم فِي القَيْظِ وَلَمْ يَلْحَقُوا بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتَحَوَّلُوا إِلى أَمصار الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أُحدثت فِي الإِسلام وإِن كَانُوا مُسْلِمِينَ، فَهُمْ غَيْرُ مُهَاجِرِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الفَيْءِ نَصِيبٌ ويُسَمَّوْنَ الأَعراب. الْجَوْهَرِيُّ: الهِجْرَتانِ هِجْرَةٌ إِلى الْحَبَشَةِ وَهِجْرَةٌ إِلى الْمَدِينَةِ. والمُهاجَرَةُ مِنْ أَرض إِلى أَرض: تَرْكُ الأُولى لِلثَّانِيَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: إِحداهما الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهَا الجنةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، فَكَانَ الرَّجُلُ يأْتي النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويَدَعُ أَهله وَمَالَهُ وَلَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَيَنْقَطِعُ بِنَفْسِهِ إِلى مُهاجَرِه، وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَكْرَهُ أَن يَمُوتَ الرَّجُلُ بالأَرض الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ:
لَكِنِ البائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ
، يَرْثي لَهُ أَن ماتَ بِمَكَّةَ، وَقَالَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ:
اللَّهُمَّ لَا تجْعَلْ مَنايانا بِهَا
؛ فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ صَارَتْ دَارَ إِسلام كَالْمَدِينَةِ وَانْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ؛ وَالْهِجْرَةُ الثَّانِيَةُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الأَعراب وَغَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ أَصحاب الْهِجْرَةِ الأُولى، فَهُوَ مُهَاجِرٌ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي فَضْلِ مَنْ هَاجَرَ تِلْكَ الْهِجْرَةَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ
، فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وإِذا أَطلق ذِكْرُ الْهِجْرَتَيْنِ فإِنما يُرَادُ بِهِمَا هِجْرَةُ الْحَبَشَةِ وَهِجْرَةُ الْمَدِينَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَيَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَة، فَخِيَارُ أَهل الأَرض أَلْزَمُهُمْ مُهاجَرَ إِبراهيمَ
؛

(5/251)


المُهاجَرُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ: مَوْضِعُ المُهاجَرَةِ، وَيُرِيدُ بِهِ الشَّامُ لأَن إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَمَّا خَرَجَ مِنْ أَرض الْعِرَاقِ مَضَى إِلى الشَّامِ وأَقام بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جهادٌ ونِيَّةٌ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الهِجْرة فِي الأَصل الْاسْمُ مِنَ الهَجْرِ ضدِّ الوصلِ، وَقَدْ هاجَرَ مُهاجَرَةً، والتَّهاجُرُ التَّقاطُعُ، والهِجِرُّ المُهاجَرَةُ إِلى القُرَى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
شَمْطاءُ جاءتْ مِنْ بِلادِ الحَرِّ، ... قَدْ تَرَكَتْ حَيَّهْ وَقَالَتْ: حَرِّ
ثُمَّ أَمالتْ جانِبَ الخِمِرِّ، ... عَمْداً عَلَى جانِبِها الأَيْسَرِّ،
تَحْسَبُ أَنَّا قُرُبَ الهِجِرِّ
وهَجَرَ الشيءَ وأَهْجَرَه. تَرَكَهُ؛ الأَخيرة هُذَلْيِّةٌ؛ قَالَ أُسامة:
كأَني أُصادِيها عَلَى غُبْرِ مانِعٍ ... مُقَلَّصَةً، قَدْ أَهْجَرَتْها فُحُولُها
وهَجَر الرجلُ هَجْراً إِذا تَبَاعَدَ ونَأَى. اللِّيْثُ: الهَجْرُ مِنَ الهِجْرانِ، وَهُوَ تَرْكُ مَا يَلْزَمُكَ تَعَاهُدُهُ. وهَجَر فِي الصَّوْمِ يَهْجُرُ هِجْراناً: اعْتَزَلَ فِيهِ النِّكَاحَ. وَلَقِيتُهُ عَنْ هَجْرٍ أَي بَعْدَ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ؛ وَقِيلَ: الهَجْر السَّنَةُ فَصَاعِدًا، وَقِيلَ: بَعْدَ سِتَّةِ أَيام فَصَاعِدًا، وَقِيلَ: الهَجْرُ المَغِيب أَيّاً كَانَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لمَّا أَتاهمْ، بَعْدَ طُولِ هَجْرِه، ... يَسْعَى غُلامُ أَهْلِه بِبِشْرِه
بِبِشْرِهِ أَي يُبَشِّرُهُمْ بِهِ. أَبو زَيْدٍ: لَقِيتُ فُلَانًا عَنْ عُفْرٍ: بَعْدَ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ، وَعَنْ هَجْرٍ: بَعْدَ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ. وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الطَّوِيلَةِ: ذَهَبَتِ الشَّجَرَةُ هَجْراً أَي طُولًا وعِظماً. وَهَذَا أَهْجَرُ مِنْ هَذَا أَي أَطول مِنْهُ وأَعظم. وَنَخْلَةٌ مُهْجِرٌ ومُهْجِرَةٌ: طَوِيلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ المُفْرِطَةُ الطُّولِ والعِظَم. وَنَاقَةٌ مُهْجِرَةٌ: فَائِقَةٌ فِي الشَّحْمِ والسَّيْرِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَائِقَةٌ فِي الشَّحْمِ والسِّمَنِ. وَبَعِيرٌ مُهْجِرٌ: وَهُوَ الَّذِي يَتَناعَتُه النَّاسُ ويَهْجُرون بِذِكْرِهِ أَي يَنْتَعِتُونه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبانِ أَوَّمَه ... رَوْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ أَفْرَطَ فِي طُولٍ أَو تَمَامٍ وحُسْنٍ: إِنه لمُهْجِرٌ. وَنَخْلَةٌ مُهْجِرَةٌ إِذا أَفْرَطَتْ فِي الطُّولِ؛ وأَنشد:
يُعْلى بأَعلى السَّحْق مِنْهَا ... غِشَاشُ الهُدْهُدِ القُراقر
«2» قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ فِي نَعْتِ كُلِّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّه فِي التَّمَامِ: مُهْجِرٌ. وَنَاقَةٌ مُهْجِرَةٌ إِذا وُصِفَتْ بِنَجابَةٍ أَو حُسْنٍ. الأَزهري: وَنَاقَةٌ هاجِرَة فَائِقَةٌ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
تُبارِي بأَجْيادِ العَقِيقِ، غُدَيَّةً، ... عَلَى هاجِراتٍ حانَ مِنْهَا نُزولُها
والمُهْجِرُ: النَّجِيبُ الحَسَنُ الْجَمِيلُ يَتَناعَتُه الناسُ ويَهْجُرون بِذِكْرِهِ أَي يتناعَتُونه. وَجَارِيَةٌ مُهْجِرَةٌ إِذا وُصِفَتْ بالفَراهَةِ والحُسْنِ، وإِنما قِيلَ ذَلِكَ لأَن وَاصِفَهَا يَخْرُجُ مِنْ حَدِّ الْمُقَارِبِ الشَّكْلِ لِلْمَوْصُوفِ إِلى صِفَةٍ كأَنه يَهْجُر فِيهَا أَي يَهْذِي. الأَزهري: والهُجَيرة تَصْغِيرُ الهَجْرة، وَهِيَ السَّمِينَةُ التَّامَّةُ. وأَهْجَرَتِ الجاريةُ: شَبَّتْ شَبَابًا حَسَنًا. والمُهْجِر: الْجَيِّدُ الْجَمِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: الْفَائِقُ الْفَاضِلُ
__________
(2) . قوله [يعلى إلخ] هكذا بالأصل.

(5/252)


عَلَى غَيْرِهِ؛ قَالَ:
لَمَّا دَنا مِنْ ذاتِ حُسْنٍ مُهْجِر
والهَجِيرُ: كالمُهْجِرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الأَعرابية لِمُعَاوِيَةَ حِينَ قَالَ لَهَا: هَلْ مِنْ غَدَاء؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، خُبْزٌ خَمِير ولَبَنٌ هَجِير وماءٌ نَمِير
أَي فَائِقٌ فَاضِلٌ. وجَمَلٌ هَجْر وكبشٌ هَجْر: حَسَنٌ كَرِيمٌ. وَهَذَا الْمَكَانُ أَهْجَر مِنْ هَذَا أَي أَحسن؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
تَبَدَّلْتُ دَارًا مِنْ دِيارِكِ أَهْجَرَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِفِعْلٍ فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ أَحنك الشَّاتَيْنِ وأَحنك الْبَعِيرَيْنِ. وَهَذَا أَهْجَرُ مِنْ هَذَا أَي أَكرم، يُقَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ وَيُنْشَدُ:
وَمَاءُ يَمانٍ دُونَهُ طَلَقٌ هَجْرُ
يَقُولُ: طَلَقٌ لَا طَلَقَ مِثْلُهُ. والهَاجِرُ: الجَيِّدُ الحَسَنُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والهُجْرُ: الْقَبِيحُ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَدْ أَهْجَرَ فِي مَنْطِقِهِ إِهْجاراً وهُجْراً؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ، وَالصَّحِيحُ أَن الهُجْر، بِالضَّمِّ، الْاسْمُ مِنَ الإِهْجار وأَن الإِهْجارَ الْمَصْدَرُ. وأَهْجَرَ بِهِ إِهْجاراً: استهزأَ بِهِ وَقَالَ فِيهِ قَوْلًا قَبِيحًا. وَقَالَ: هَجْراً وبَجْراً وهُجْراً وبُجْراً، إِذا فُتِحَ فَهُوَ مَصْدَرٌ، وإِذا ضُمَّ فَهُوَ اسْمٌ. وَتَكَلَّمَ بالمَهاجِر أَي بالهُجْر، وَرَمَاهُ بِهاجِرات ومُهْجِرات، وَفِي التَّهْذِيبِ: بِمُهَجِّرات أَي فَضَائِحَ. والهُجْرُ: الهَذيان. والهُجْر، بِالضَّمِّ: الْاسْمُ مِنَ الإِهْجار، وَهُوَ الإِفحاش، وَكَذَلِكَ إِذا أَكثر الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي. وهَجَرَ فِي نَوْمِهِ وَمَرَضِهِ يَهْجُرُ هَجْراً وهِجِّيرَى وإِهْجِيرَى: هَذَى. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الهِجِّيرَى كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَالْقَوْلِ السَّيِّءِ. اللِّيْثُ: الهِجِّيرَى اسْمٌ مِنْ هَجَر إِذا هَذَى. وهَجَر المريضُ يَهْجُر هَجْراً، فَهُوَ هاجِرٌ، وهَجَرَ بِهِ فِي النَّوْمِ يَهْجُر هَجْراً: حَلَمَ وهَذَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ
وتُهْجِرُون
؛ فَتُهْجِرُون تَقُولُونَ الْقَبِيحَ، وتَهْجُرُونَ تَهْذُون. الأَزهري قَالَ: الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
لِلْبَيْتِ الْعَتِيقِ تَقُولُونَ نَحْنُ أَهله، وإِذا كَانَ الليلُ سَمَرْتم وهَجَرْتُمُ النبيَّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، والقرآنَ
، فَهَذَا مِنَ الهَجْر والرَّفْضِ، قال: وقرأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: تُهْجِرُون
، مِنْ أَهْجَرْتُ، وَهَذَا مِنَ الهُجْر وَهُوَ الفُحْش، وَكَانُوا يسبُّون النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا خَلَوْا حولَ الْبَيْتِ لَيْلًا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وإِن قُرئَ تَهْجُرون، جُعِلَ مِنْ قَوْلِكَ هَجَرَ الرجلُ فِي مَنَامِهِ إِذا هَذَى، أَي أَنكم تَقُولُونَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَمَا لَا يَضُرُّهُ فَهُوَ كالهَذيان. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: إِذا طُفْتُمْ بِالْبَيْتِ فَلَا تَلْغُوا وَلَا تهْجُروا
، يُرْوَى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، مِنَ الهُجْر الفُحْش وَالتَّخْلِيطِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ وَلَا تَهْذُوا، وَهُوَ مِثْلُ كَلَامِ الْمَحْمُومِ والمُبَرْسَمِ. يُقَالُ: هَجَر يَهْجُر هَجْراً، وَالْكَلَامُ مَهْجُور، وَقَدْ هَجَر المريضُ. وَرُوِيَ عَنْ إِبراهيم أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً
، قَالَ: قَالُوا فِيهِ غَيْرَ الْحَقِّ، أَلم ترَ إِلى الْمَرِيضِ إِذا هَجَرَ قَالَ غَيْرَ الْحَقِّ؟ وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ. وأَما قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني كُنْتُ نَهَيْتُكم عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْراً
، فإِنَّ أَبا عُبَيْدٍ ذَكَرَ عَنِ الْكِسَائِيِّ والأَصمعي أَنهما قَالَا: الهُجْرُ الإِفحاش فِي الْمَنْطِقِ وَالْخَنَا، وَهُوَ بِالضَّمِّ، مِنَ الإِهْجار، يُقَالُ مِنْهُ: يُهْجِرُ؛ كَمَا قَالَ الشَّمَّاخُ:
كماجِدَةِ الأَعْراقِ قَالَ ابنُ ضَرَّةٍ ... عَلَيْهَا كَلَامًا، جارَ فِيهِ وأَهْجَرا

(5/253)


وَكَذَلِكَ إِذا أَكثر الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَا تَقُولُوا فُحْشاً. هَجَر يَهْجُر هَجْراً، بِالْفَتْحِ، إِذا خَلَّطَ فِي كَلَامِهِ وإِذا هَذَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْتِ عِنْدَ أَكثر الرُّوَاةِ: مُبَرَّأَة الأَخلاق عِوَضًا مِنْ قَوْلِهِ: كَمَاجِدَةِ الأَعراق، وَهُوَ صِفَةٌ لِمَخْفُوضٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
كأَنَّ ذِرَاعَيْهَا ذِراعَا مُدِلَّةٍ، ... بُعَيْدَ السِّبابِ، حاوَلَتْ أَن تَعَذَّرا
يَقُولُ: كأَنّ ذِرَاعَيْ هَذِهِ النَّاقَةِ فِي حُسْنِهِمَا وَحُسْنِ حَرَكَتِهِمَا ذِرَاعَا امرأَة مُدِلَّة بِحُسْنِ ذِرَاعَيْهَا أَظهرتهما بَعْدَ السِّبَابِ لِمَنْ قَالَ فِيهَا مِنَ الْعَيْبِ مَا لَيْسَ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ ضَرَّتِهَا، وَمَعْنَى تعَذَّر أَي تَعتذر مِنْ سوءِ مَا رُمِيَتْ بِهِ؛ قَالَ: ورأَيت فِي الْحَاشِيَةِ بَيْتًا جُمِعَ فِيهِ هُجْر عَلَى هواجِر، وَهُوَ مِنَ الْجُمُوعِ الشَّاذَّةِ عَنِ الْقِيَاسِ كأَنه جَمْعُ هاجِرَةٍ، وَهُوَ:
وإِنَّكَ يَا عامِ بنَ فارِس قُرْزُلٍ ... مُعِيدٌ عَلَى قِيل الْخَنَا والهَواجِرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الخُرْشُبِ الأَنماري يُخَاطِبُ عَامِرَ بْنَ طُفَيْلٍ. وقُرْزُلُ: اسْمُ فَرَسٍ لِلطُّفَيْلِ. وَالْمُعِيدُ: الَّذِي يُعَاوِدُ الشيءَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. قَالَ: وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي يَذْهَبُ إِلى أَن الْهَوَاجِرَ جَمْعُ هُجْر كَمَا ذَكَرَ غَيْرُهُ، وَيَرَى [أَنه مِنَ الْجُمُوعِ الشَّاذَّةِ كأَنَّ وَاحِدَهَا هَاجِرَةٌ] ، كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ حَاجَةٍ حَوَائِجَ، كأَنَّ وَاحِدَهَا حَائِجَةٌ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي هَوَاجِرَ أَنها جَمْعُ هَاجِرَةٍ بِمَعْنَى الهُجْر، وَيَكُونُ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جاءَت عَلَى فَاعِلَةٍ مِثْلَ الْعَاقِبَةِ وَالْكَاذِبَةِ وَالْعَافِيَةِ؛ قَالَ: وَشَاهَدَ هَاجِرَةً بِمَعْنَى الهُجْر قَوْلِ الشَّاعِرِ أَنشده الْمُفَضَّلُ:
إِذا مَا شئتَ نالَكَ هاجِراتِي، ... وَلَمْ أُعْمِلْ بِهِنَّ إِليك ساقِي
فَكَمَا جُمِعَ هاجِرَةٌ عَلَى هاجِرات جَمْعًا مُسَلَّماً كَذَلِكَ تُجْمَعُ هَاجِرَةٌ عَلَى هَوَاجِرَ جَمْعًا مُكَسَّرًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالُوا مَا شَأْنُه أَهَجَرَ؟
أَي اخْتَلَفَ كَلَامُهُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ عَلَى سَبِيلِ الْاسْتِفْهَامِ، أَي هَلْ تَغَيَّرَ كَلَامُهُ وَاخْتَلَطَ لأَجل مَا بِهِ مِنَ الْمَرَضِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا أَحسن مَا يُقَالُ فِيهِ وَلَا يُجْعَلُ إِخباراً فَيَكُونُ إِما مِنَ الفُحْشِ أَو الهَذَيانِ، قَالَ: والقائلُ كَانَ عُمَر وَلَا يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ. وَمَا زَالَ ذَلِكَ هِجِّيراه وإِجْرِيَّاه وإِهْجِيراهُ وإِهْجِيراءَه، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وهِجِّيره وأُهْجُورَتَهُ ودَأْبَه ودَيْدَنَهُ أَي دأْبه وشأْنه وَعَادَتَهُ. وَمَا عِنْدَهُ غَناءُ ذَلِكَ وَلَا هَجْراؤُه بِمَعْنًى. التَّهْذِيبُ: هِجِّيرَى الرَّجُلُ كَلَامُهُ ودأْبه وشأْنه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَمَى فأَخْطَأَ، والأَقدارُ غالِبةٌ ... فانْصَعْنَ، والويلُ هِجِّيراه والحَرَبُ
الْجَوْهَرِيُّ: الهِجِّير، مِثَالُ الفِسِّيق، الدَّأْبُ وَالْعَادَةُ، وَكَذَلِكَ الهِجِّيرى والإِهْجِيرَى. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لَهُ هِجِّيرى غَيْرُهَا
؛ هِيَ الدَّأْبُ والعادةُ والدَّيْدَنُ. والهَجِير والهَجِيرة والهَجْر والهاجِرَةُ: نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلى الْعَصْرِ، وَقِيلَ فِي كُلِّ ذَلِكَ: إِنه شِدَّةُ الْحَرِّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَرِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبَيْداءَ مِقْفارٍ، يكَادُ ارتِكاضُها ... بآلِ الضُّحى، والهَجْرُ بالطَّرْفِ يَمْصَحُ
والتَّهْجِير والتَّهَجُّر والإِهْجارُ: السَّيْرُ فِي الْهَاجِرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي الهَجِيرَ حِينَ تَدْحَضُ الشمسُ
؛ أَراد صَلَاةَ الهَجِير يَعْنِي الظُّهْرَ فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَقَدْ هَجَّرَ النهارُ وهَجَّرَ

(5/254)


الراكبُ، فَهُوَ مُهَجِّرٌ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو: وَهَلْ مُهَجِّر
كَمَنْ قالَ أَي هَلْ مَنْ سَارَ فِي الْهَاجِرَةِ كَمَنْ أَقام فِي الْقَائِلَةِ. وهَجَّرَ القومُ وأَهْجَرُوا وتَهَجَّرُوا: سَارُوا فِي الْهَاجِرَةِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَطْلاحِ مَيْسٍ قَدْ أَضَرَّ بِطِرْقِها ... تَهَجُّرُ رَكْبٍ، واعْتِسافُ خُرُوقِ
وَتَقُولُ مِنْهُ: هَجَّرَ النهارُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَدَعْ ذَا، وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ، إِذا صامَ النهارُ وهَجَّرا
وَتَقُولُ: أَتَيْنا أَهْلَنا مُهْجِرين كَمَا يقالُ مُوصِلين. أَي فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ والأَصِيل. الأَزهري عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ الناسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِليه.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ:
المُهَجِّرُ إِلى الْجُمُعَةِ كالمُهْدي بَدَنَةً.
قَالَ الأَزهري: يَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلى أَن التَّهْجِيرَ فِي هَذِهِ الأَحاديث مِنَ المُهاجَرَة وَقْتَ الزَّوَالِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا رَوَى أَبو دَاوُدَ المَصاحِفي عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنه قَالَ: التَّهجير إِلى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا التَّبْكِيرُ وَالْمُبَادَرَةُ إِلى كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْخَلِيلَ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ. يُقَالُ: هَجَّرَ يُهَجِّرُ تَهْجِيراً، فَهُوَ مُهَجِّر، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ مِنْ قَيْسٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
رَاحَ القَطِينُ بهَجْرٍ بَعْدَ ما ابْتَكَرُوا
فَقَرَنَ الهَجْرَ بِالْابْتِكَارِ. والرواحُ عِنْدَهُمُ: الذهابُ والمُضيُّ. يُقَالُ: رَاحَ الْقَوْمُ أَي خَفُّوا ومَرُّوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِير لاسْتَبَقُوا إِليه
، أَراد التَّبْكِيرَ إِلى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ الْمُضِيُّ إِليها فِي أَوَّل أَوقاتها. قَالَ الأَزهري: وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: هَجَّر الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ بِالْهَاجِرَةِ، وَهِيَ نِصْفُ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: أَتيته بالهَجِير وبالهَجْرِ؛ وأَنشد الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي نَوَادِرِهِ قَالَ: قَالَ جِعْثِنَةُ بْنُ جَوَّاسٍ الرَّبَعِيّ فِي نَاقَتِهِ:
هلْ تَذْكُرين قَسَمِي ونَذْري، ... أَزْمانَ أَنت بِعَرُوضِ الجَفْرِ،
إِذ أَنتِ مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ، ... عَلَيَّ، إِن لَمْ تَنْهَضي بِوِقْري،
بأَربعين قُدِّرَتْ بِقَدْرِ، ... بِالْخَالِدِيِّ لَا بصاعِ حَجْرِ،
وتُصْبِحي أَيانِقاً فِي سَفْرِ، ... يُهَجِّرُونَ بَهَجِيرِ الفَجْرِ،
ثُمَّتَ تَمْشي لَيْلَهُمْ فَتَسْري، ... يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاج الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرُودَ التَّجْرِ
قَالَ: المِضْرارُ الَّتِي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِقَّها مِنَ النَّشَاطِ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ يُهَجِّرُون بِهَجِيرِ الْفَجْرِ أَي يُبَكِّرُونَ بِوَقْتِ الْفَجْرِ. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ عَنِ النَّضْرِ أَنه قَالَ: الهاجِرَة إِنما تَكُونُ فِي الْقَيْظِ، وَهِيَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِقَلِيلٍ وَبَعْدَهَا بِقَلِيلٍ؛ قَالَ: الظَّهِيرَةُ نِصْفُ النَّهَارِ فِي الْقَيْظِ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ بِحِيال رأْسك كأَنها لَا تُرِيدُ أَن تَبْرَحَ. وَقَالَ اللِّيْثُ: أَهْجَرَ القومُ إِذا صَارُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وهَجَّرَ القومُ إِذا سَارُوا فِي وقته. قال أَبو سيعد: الْهَاجِرَةُ مِنْ حِينَ نُزُولِ الشَّمْسِ، والهُوَيْجِرَةُ بَعْدَهَا بِقَلِيلٍ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: الطَّعَامُ الَّذِي يؤْكل نِصْفَ النَّهَارِ الهَجُورِيُّ.

(5/255)


والهَجير: الْحَوْضُ الْعَظِيمُ؛ وأَنشد القَناني:
يَفْري الفَريَّ بالهَجِير الواسِع
وَجَمْعُهُ هُجُرٌ، وعَمَّ بِهِ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: الهَجِير الْحَوْضُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْحَوْضُ المَبْنِيّ؛ قَالَتْ خَنْساء تَصِفُ فَرَسًا:
فَمَالَ فِي الشَّدِّ حثِيثاً، كَمَا ... مَالَ هَجِيرُ الرجُل الأَعْسَرِ
تَعْنِي بالأَعسر الَّذِي أَساء بِنَاءَ حَوْضِهِ فَمَالَ فَانْهَدَمَ؛ شَبَّهَتِ الْفَرَسَ حِينَ مَالَ فِي عَدْوِهِ وجَدَّ فِي حُضْرِه بِحَوْضٍ مُلِئَ فانْثَلَم فَسَالَ مَاؤُهُ. والهَجِيرُ: مَا يَبِس مِنَ الحَمْضِ. والهَجِيرُ: الْمَتْرُوكُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والهَجِيرُ يَبِيسُ الحَمْضِ الَّذِي كَسَرَتْهُ الْمَاشِيَةُ وهُجِرَ أَي تُرِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمْ يَبْقَ بالخَلْصاءِ، مِمَّا عَنَتْ بِهِ ... مِنَ الرُّطْبِ، إِلَّا يَبْسُها وهَجِيرُها
والهِجارُ: حَبْل يُعْقَدُ فِي يَدِ الْبَعِيرِ وَرِجْلِهِ فِي أَحد الشِّقَّيْنِ، وَرُبَّمَا عُقِدَ فِي وَظِيفِ اليَدِ ثُمَّ حُقِبَ بالطَّرَفِ الْآخَرِ؛ وَقِيلَ: الهِجارُ حَبْلٌ يُشد فِي رُسْغ رِجْلِهِ ثُمَّ يُشَدُّ إِلى حَقْوِه [حِقْوِه] إِن كَانَ عُرْياناً، وإِن كَانَ مَرْحُولًا شُدَّ إِلى الحَقَبِ. وهَجَرَ بعيرَه يَهْجُرُه هَجْراً وهُجُوراً: شَدَّه بالهِجارِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَهْجُورُ الْفَحْلُ يُشَدُّ رأْسه إِلى رِجْلِهِ. وَقَالَ اللِّيْثُ: تُشَدُّ يَدُ الْفَحْلِ إِلى إِحدى رِجْلَيْهِ، يُقَالُ فَحْلٌ مَهْجُورٌ؛ وأَنشد:
كأَنَّما شُدَّ هِجاراً شاكِلا
اللِّيْثُ: والهِجارُ مُخَالِفُ الشِّكالِ تُشَدُّ بِهِ يَدُ الْفَحْلِ إِلى إِحدى رِجْلَيْهِ؛ وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِهِ:
كأَنما شُدّ هِجَارًا شَاكِلَا
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ اللِّيْثُ فِي الهِجار مُقَارِبٌ لِمَا حَكَيْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا وَهُوَ صَحِيحٌ، إِلا أَنه يُهْجَرُ بالهِجار الفَحْلُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ نُصَيْرٌ: هَجَرْتُ البَكْرَ إِذا رَبَطْتَ فِي ذِرَاعِهِ حَبْلًا إِلى حَقْوِهِ وقصَّرته لِئَلَّا يَقْدِرَ عَلَى العَدْوِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ فِي الهِجار أَن يؤْخذ فَحْلٌ وَيُسَوَّى لَهُ عُرْوتانِ فِي طَرَفَيْهِ وزِرَّانِ ثُمَّ تُشَدَّ إِحدى الْعُرْوَتَيْنِ فِي رُسْغ رِجْلِ الْفَرَسِ وتُزَرَّ، وَكَذَلِكَ العُرْوَة الأُخرى فِي الْيَدِ وتُزَرَّ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: هَجِّرُوا خَيْلَكُمْ. وَقَدْ هَجَّرَ فُلَانٌ فَرَسَهُ. وَالْمَهْجُورُ: الْفَحْلُ يُشدّ رأْسه إِلى رِجْلِهِ. وعَدَدٌ مُهْجِر: كَثِيرٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
هَذَّاكَ إِسحاق، وَقِبْصٌ مُهْجِرُ
الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ السِّكِّيتِ التَّمَهْجُرُ التَّكَبُّر مَعَ الْغِنَى؛ وأَنشد:
تَمَهْجَرُوا، وأَيُّما تَمَهْجُرِ ... وَهُمْ بَنُو العَبْدِ اللَّئِيمِ العُنْصُرِ
والهاجِرِيُّ: البَنَّاءُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كعَقْرِ الهاجِرِيِّ، إِذا بَناه ... بأَشْباهٍ حُذِينَ عَلَى مِثالِ
وهِجارُ الْقَوْسِ: وَتَرُها. والهِجارُ: الوَتَرُ؛ قَالَ:
عَلَى كُلِّ «3» ... مِنْ رُكُوضٍ لَهَا ... هِجاراً تُقاسِي طائِفاً مُتَعادِيا
وَالْهِجَارُ: خَاتَمٌ كَانَتْ تَتَّخِذُهُ الفُرْسُ غَرَضاً؛ قَالَ الأَغلب:
مَا إِنْ رَأَيْنا مَلِكاً أَغارَا، ... أَكْثَرَ مِنْهُ قِرَةً وقارَا،
وفارِساً يَسْتَلِبُ الهِجَارَا
__________
(3) . كذا بياض بالأصل.

(5/256)


يَصِفُهُ بالحِذْق. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْخَاتَمِ الهِجار وَالزِّينَةُ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجُ:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ، ... وآبِقٌ مِنْ جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: الهَجِر الَّذِي يَمْشِي مُثْقَلًا ضَعِيفًا متقارِبَ الخَطْوِ كأَنه قَدْ شُدَّ بهِجار لَا يَنْبَسِطُ مِمَّا بِهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْبَلَاءِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ السَّقْيِ. وهَجَرٌ: اسْمُ بَلَدٍ مُذَكَّرٌ مَصْرُوفٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: هَجَرٌ مَدِينَةٌ تُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: كَجَالِبِ التَّمْرِ إِلى هَجَرٍ يَا فَتى، فَقَوْلُهُ يَا فَتَى مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِيِّ، وإِنما قَالَ يَا فَتَى لِئَلَّا يَقِفُ عَلَى التَّنْوِينِ وَذَلِكَ لأَنه لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَا فَتَى لَلَزِمَهُ أَن يقول كجالب التمر إِلى هَجَرْ، فَلَمْ يَكُنْ سِيبَوَيْهِ يَعْرِفُ مِنْ هَذَا أَنه مَصْرُوفٌ أَو غَيْرُ مَصْرُوفٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وَفِي الْمَثَلِ: كَمُبْضِع تَمْرٍ إِلى هَجَرَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: عَجِبْتُ لتاجِر هَجَرَ وَرَاكِبِ الْبَحْرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَجَرُ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بِالْبَحْرَيْنِ وإِنما خَصَّهَا لِكَثْرَةِ وَبَائِهَا، أَي تَاجِرُهَا وَرَاكِبُ الْبَحْرِ سَوَاءٌ فِي الخَطَرِ، فأَما هَجَرُ الَّتِي يُنْسَبُ إِليها الْقِلَالُ الهَجَرِيَّة فَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ، وَالنَّسَبُ إِلى هَجَرَ هَجَرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ، وهاجِرِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ:
ورُبَّتَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فِيهَا، ... كَسَحِّ الهاجِرِيِّ جَرِيمَ تمْرِ
وَمِنْهُ قِيلَ للبَنَّاءِ: هاجِرِيٌّ. والهَجْرُ والهَجِيرُ: مَوْضِعَانِ. وهاجَرُ: قَبِيلَةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثِيئَةِ هاجَرٌ ... وهَكَّ الخَلايا، لَمْ تَرِقَّ عُيُونُها
وَبَنُو هاجَرَ: بَطْنٌ مِنْ ضَبَّة. غَيْرُهُ: هاجَرُ أَوَّلُ امرأَة جَرَّتْ ذَيْلَهَا وأَوّل مَنْ ثَقَبَتْ أُذنيها وأَوّل مَنْ خُفِضَ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَن سَارَةَ غَضِبَتْ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ أَن تَقْطَعَ ثَلَاثَةَ أَعضاء مِنْ أَعضائها، فأَمرها إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَن تَبَرَّ قَسَمَها بِثَقْبِ أُذنَيْها وخَفْضِها، فَصَارَتْ سُنَّةً في النساء.
هدر: الهَدَرُ: مَا يَبْطُلُ مِنْ دَمٍ وَغَيْرِهِ. هَدَرَ يَهْدِرُ، بِالْكَسْرِ، ويَهْدُر، بِالضَّمِّ، هَدْراً وهَدَراً، بِفَتْحِ الدَّالِ، أَي بَطَلَ. وهَدَرْتُه وأَهْدَرْتُه أَنا إِهْداراً وأَهْدَرَه السُّلْطانُ: أَبطله وأَباحه. وَدِمَاؤُهُمْ هَدَرٌ بَيْنَهُمْ أَي مُهْتَدَرَةٌ «1» وتَهادَرَ الْقَوْمُ: أَهْدَرُوا دِمَاءَهُمْ. وذَهَبَ دَمُ فُلَانٍ هَدْراً وهَدَراً، بِالتَّحْرِيكِ، أَي بَاطِلًا لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا عَقْلٌ وَلَمْ يُدْرَكْ بثأْره. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا عَضَّ يَدَ آخرَ فنَدَرَ سِنُّه فأَهْدَرَه
أَي أَبطله. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اطَّلَع فِي دَارٍ بِغَيْرٍ إِذن فَقَدْ هَدَرَتْ عينُه
أَي إِنْ فَقَؤُوها ذَهَبَتْ بَاطِلَةً لَا قَصَّاصَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ. وضَرَبَهُ فهَدَر سَحْرَه أَي أَسْقَطَه، وَفِي الصِّحَاحِ: ضَرَبَهُ فهَدَرَتْ رِئَتُه تَهْدِر هُدُوراً أَي سَقَطَتْ. والهَدْرُ والهادِرُ: السَّاقِطُ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ. وَبَنُو فُلَانٍ هَدَرَةٌ وهِدَرَةٌ وهُدَرَةٌ: سَاقِطُونَ لَيْسُوا بِشَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْفَتْحُ أَقيس لأَنه جَمْعُ هادِرٍ فَهُوَ مِثْلُ كَافِرٍ وكَفَرَةٍ، وأَما هِدَرَةٌ فَلَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَاعِلٌ مِنَ الصَّحِيحِ وَلَا الْمُعْتَلِّ، إِلا أَنه قَدْ يَكُونُ مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ، وأَما هُدَرَةٌ فَلَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ النَّحْوِيُّونَ لأَن هَذَا بِنَاءً مِنَ الْجَمْعِ لَا يَكُونُ إِلا لِلْمُعْتَلِّ دُونَ الصَّحِيحِ نَحْوَ غُزاة وقُضاة، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ، وَالَّذِي رَوَى هُدَرَةً، بِالضَّمِّ، إِنما هُوَ ابْنُ الأَعرابي وَقَدْ أُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ هُدَرَةٌ،
__________
(1) . قوله [أي مهتدرة] عبارة القاموس مهدرة مبنياً للمفعول محذوف المثناة الفوقية.

(5/257)


مِثَالُ هُمَزة، أَي سَاقِطٌ؛ قَالَ الحُصَين بْنُ بُكَيْرٍ الرَّبَعِيُّ:
إِني إِذا حارَ الجَبانُ الهُدَرَه، ... رَكِبْتُ مِنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مَنْجَرَه
والمَنْجَر: الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ. قَالَ: وَهُوَ بِالدَّالِ هُنَا أَجود مِنْهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبي سَعِيدٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي بِفَتْحِ الْهَاءِ وهُدَرَة بِضَمِّ الْهَاءِ وبُدَرَة، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاحِدُ الهِدَرَةِ هِدْرٌ مِثْلُ قِرْدٍ وقِرَدَةٍ، وأَنشد بَيْتَ الْحُصَيْنِ بْنِ بُكَيْرٍ؛ وَقَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
إِذا اسْتَوْسَنَتْ واسْتُثْقِلَ الهَدَفُ الهِدْرُ
وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
وهَدَرَ الجَدُّ مِنَ الناسِ الهَدَرْ
فَهَدَرَ هاهنا مَعْنَاهُ أَهْدَر، أَي الجَدُّ أَسقط مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ النَّاسِ. والهَدَرُ: الَّذِينَ لَا خَيْرَ فِيهِمْ. وهَدَرَ البعيرُ يَهْدِرُ هَدْراً وهَدِيراً وهُدُوراً: صَوَّتَ فِي غَيْرِ شِقْشِقَةٍ، وَكَذَلِكَ الْحَمَامُ يَهْدِرُ، والجَرَّةُ تَهْدِرُ هَدِيراً وتَهْداراً؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ خَمْرًا:
كُمَّتْ ثلاثَةَ أَحوال بِطِينَتِها، ... حَتَّى إِذا صَرَّحَتْ مِنْ بعدِ تَهْدارِ
وجَرَّةٌ هَدُورٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ:
دَلَفْتُ لَهُمْ بباطِيَةٍ هَدُور
الْجَوْهَرِيُّ: هَدَرَ البعيرُ هدِيراً أَي رَدَّدَ صَوْتَهُ فِي حَنْجَرَتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَدَرْتَ فأَطْنَبْتَ
؛ الهَدِيرُ: تَرَدُّدُ صَوْتِ الْبَعِيرِ فِي حَنْجَرَتِهِ، وإِبل هَوادِرُ، وَكَذَلِكَ هَدَّرَ تَهْدِيراً. وَفِي الْمَثَلِ: كالمُهَدِّرِ فِي العُنَّةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَصِيحُ ويُجَلِّبُ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ كَالْبَعِيرِ الَّذِي يُحْبَسُ فِي الْحَظِيرَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ الضِّرابِ، وَهُوَ يُهَدِّرُ؛ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ يُخَاطِبُ مُعَاوِيَةَ:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِمِ المُعَنَّى، ... تُهَدِّرُ فِي دِمَشْقَ فَمَا تَرِيمُ
وجَرَّة النَّبِيذِ تَهْدِرُ، وهَدَرَ الطَّائِرُ وهَدَلَ يَهْدِرُ ويَهْدِلُ هَدِيراً وهَدِيلًا. الأَصمعي: هَدَرَ الْغُلَامُ وهدَلَ إِذا صَوَّتَ. قَالَ أَبو السَّمَيْدَعِ: هَدَرَ الْغُلَامُ إِذا أَراغَ الكلامَ وَهُوَ صَغِيرٌ. وجَوْفٌ أَهْدَرُ أَي مُنْتَفِخٌ. وهَدَرَ العَرْفَجُ أَي عَظُمَ نباتُه. والهادِرُ: اللبنُ الَّذِي خَثُرَ أَعلاه ورَقَّ أَسفله، وَذَلِكَ بَعْدَ الحُزُور. وهَدَرَ العُشْبُ هَدِيراً: كَثُرَ وتَمَّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الهادِرُ مِنَ الْعُشْبِ الكثيرُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ أَطول مِنْهُ، وَقَدْ هَدَرَ يَهْدِرُ هُدُوراً. وأَرض هادِرَة: كَثِيرَةُ الْعُشْبِ مُتَنَاهِيَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للبَقْلِ قَدْ هَدَر إِذا بَلَغَ إِناه فِي الطُّول والعِظَمِ، وَكَذَلِكَ قَدْ هَدَرَت الأَرضُ هَدِيراً إِذا انْتَهَى بَقْلُهَا طُولًا. والهَدَّارُ: مَوْضِعٌ أَو وَادٍ، وَفِي حَدِيثِ
مُسَيْلِمة ذُكِرَ الهَدَّار
، هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، نَاحِيَةٌ بِالْيَمَامَةِ كَانَ بِهَا مَوْلِدُ مُسَيْلِمَةَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَا تتزوّجنَّ هَيْدَرَةً
أَي عَجُوزًا أَدبرت شَهْوَتُهَا وحَرارَتُها، وَقِيلَ: هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الهَذْر، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وأَبو الهَدَّار: اسْمُ شَاعِرٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَمْتَحِقُ الشيخُ أَبو الهَدَّارِ، ... مثلَ امْتِحاقِ قَمَرِ السِّرارِ
الْجَوْهَرِيُّ: هَدَرَ الشرابُ يَهْدِرُ هَدْراً وتَهْداراً أَي غلى.

(5/258)


هدكر: رَجُلٌ هُداكِرٌ: مُنَعَّم. وامرأَة هَيْدَكُرٌ وهُدْكُورَةٌ وهَيْدَكُورَة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الهَيْدَكُور الشَّابَّةُ مِنَ النِّسَاءِ الضَّخْمَةُ الْحَسَنَةُ الدَّلِّ فِي الشَّبَابِ؛ وأَنشد:
بَهْكَنَةٌ هَيْفاءُ هَيْدَكُورُ
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: سأَلت مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ الهَيْدَكور فَقَالَ: لَا أَعرفه، قَالَ: وأَظنه مِنْ تَحْرِيفِ النَّقَلَةِ؛ أَلا تَرَى إِلى بَيْتِ طَرَفَةَ:
فَهْيَ بَدَّاءُ، إِذا مَا أَقْبَلَتْ، ... فَخْمَةُ الجِسْمِ رَداحٌ هَيْدَكُرْ
فكأَنّ الْوَاوَ حُذِفَتْ مِنْ هَيْدَكُور ضَرُورَةً. والهَيْدَكُورُ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ؛ قَالَ:
قُلْنَ لَهُ: اسْقِ عَمَّكَ النَّمِيرَا ... ولَبَناً، يَا عَمْرُو، هَيْدَكُورَا
النَّضْرُ: الهُدَكِرُ أَخْثَرُ اللبنِ وَلَمْ يَحْمُضْ جِدًّا. وهَيْدَكُورٌ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ.
هذر: الهَذَرُ: الْكَلَامُ الَّذِي لَا يُعْبَأُ بِهِ. هَذرَ كلامُه هَذَراً: كَثُرَ فِي الخطإِ وَالْبَاطِلِ. والهَذَرُ: الْكَثِيرُ الرَّدِيءُ، وَقِيلَ: هُوَ سَقَطُ الْكَلَامِ. هَذَرَ الرجلُ فِي مَنْطِقِهِ يَهْذِرُ ويَهْذُر هَذْراً، بِالسُّكُونِ، وتَهْذاراً وَهُوَ بِنَاءٌ يَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَالْاسْمُ الهَذَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ الهَذَيانُ، وَالرَّجُلُ هَذِرٌ، بِكَسْرِ الذَّالِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بَابُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَصْدَرُ مِنْ فَعَلْتُ فَتُلْحِقُ الزوائدَ وَتَبْنِيهِ بِنَاءً آخَرَ كَمَا أَنك قُلْتَ فِي فَعَلْتُ فَعَّلْتُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى التَّفْعال كالتَّهْذارِ وَنَحْوِهَا، قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ هَذَا مَصْدَرَ فَعَّلْتُ، وَلَكِنْ لَمَّا أَردتَ التَّكْسِيرَ بنيتَ الْمَصْدَرَ عَلَى هَذَا، كَمَا بَنَيْتَ فَعَلْت عَلَى فَعَّلت. وأَهْذَر الرجلُ فِي كَلَامِهِ: أَكثر. وَرَجُلٌ هِذْرِيانٌ إِذا كَانَ غَثَّ الْكَلَامِ كَثِيرَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ هِذْرِيانٌ خَفِيفُ الْكَلَامِ وَالْخِدْمَةِ؛ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ زُرارَةَ الكِلابيُّ يَصِفُ كَرَمَهُ وَكَثْرَةَ خَدَمِه، فَضُيُوفُهُ يأْكلون مِنَ الجَزُورِ الَّتِي نَحَرَهَا لَهُمْ عَلَى أَيّ نَوْعٍ يَشْتَهُونَ مِمَّا يَصْنَعُ لَهُمْ مِنْ مَشْوِيٍّ وَمَطْبُوخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَن يَتَوَلَّوْا ذَلِكَ بأَنفسهم لِكَثْرَةِ خَدَمِهم وَالْمُسَارِعِينَ إِلى ذَلِكَ:
إِذا مَا اشْتَهَوْا مِنْهَا شِواءً، سَعَى لَهُمْ ... بِهِ هِذْرِيانٌ لِلْكِرَامِ خَدُومُ
قَوْلُهُ مِنْهَا أَي مِنَ الْجَزُورِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَنْ أَكْثَرَ أَهْذَر أَي جَاءَ بالهَذَرِ وَلَمْ يَقُلْ أَهْجَرَ. وَرَجُلٌ هَذِرٌ وهَذُرٌ وهُذَرَةٌ وهُذُرَّةٌ؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
واتْرُكْ مُعانَدَةَ اللَّجُوجِ، وَلَا تَكُنْ ... بَيْنَ النَّدِيِّ هُذُرَّةً تَيَّاها
وهَذَّار وهَيْذارٌ وهَيْذارَةٌ وهِذْرِيانٌ ومِهْذارٌ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
إِنِّي أُذَرِّي حَسَبي أَن يُشْتَما ... بِهَذْرِ هَذَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما
والأُنثى هَذِرَةٌ ومِهْذارٌ، وَالْجَمْعُ المَهاذِيرُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُجْمَعُ مِهْذارٌ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا يَدْخُلُهُ الْهَاءُ. الأَزهري: يُقَالُ رَجُلٌ هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ، ومَنْطِقٌ هِذْرِيانٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَهَا مَنْطِقٌ لَا هِذْرِيانٌ طَمَى بِهِ ... سَفَاءٌ، وَلَا بادِي الجَفاءِ جَشِيبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَتَزَوَّجنَّ هَيْذَرَةً
؛ هِيَ الْكَثِيرَةُ الهَذْرِ مِنَ الْكَلَامِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ «1» وَفِي حَدِيثِ
أُم معْبَدٍ: لَا نَزْرٌ وَلَا هَذْرٌ
أَي لَا قليل ولا كثير.
__________
(1) . قوله: والميم زائدة؛ هكذا في الأَصل وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ. ولا أثر لهذا الحرف الزائد في الحديث المرويّ.

(5/259)


ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَلْغاةُ أَوّلِ الليلِ مَهْذَرَةٌ لِآخِرِهِ
، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ مِنَ الهَذْر السُّكونِ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ بِالنُّونِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الكِسَرِ الْيَابِسَةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا
، وَقَدْ أَصبحتم تَهْذِرُونَ الدُّنْيَا أَي تَتَوَسَّعُونَ فِيهَا؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ تَبْذِيرَ الْمَالِ وتفريقَه فِي كُلِّ وَجْهٍ، قَالَ: وَيُرْوَى وتَهُذُّون، وَهُوَ أَشبه بِالصَّوَابِ، يَعْنِي تَقْتَطِعُونَهَا إِلى أَنفسكم وَتَجْمَعُونَهَا أَو تُسْرِعُون إِنفاقها.
هذخر: الأَزهري: أُهملت الْهَاءُ مَعَ الْخَاءِ فِي الرُّبَاعِيِّ فَلَمْ أَجد فِيهِ شَيِئًا غَيْرَ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّهَذْخُرُ؛ أَنشد بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ:
لكلِّ مَوْلًى طَيْلَسانٌ أَخْضَرُ، ... وكامَخٌ وكَعَكٌ مُدَوَّرُ،
وطِفْلَةٌ فِي بَيْتِهِ تهْذَخَرُ
أَي تَبَخْتَرُ، وَيُقَالُ: تَقُومُ لَهُ بأَمر بيته.
هرر: هَرَّ الشيءَ يَهُرُّه ويَهِرُّه هَرّاً وهَريراً: كَرِهَهُ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبي صُفْرَةَ:
ومَنْ هَرَّ أَطْرافَ القَنَا خَشْيَةَ الرَّدَى ... فليسَ لمَجْدٍ صالحٍ بِكَسُوبِ
وهَرَرْتُه أَي كَرِهْتُه أَهُرُّه وأَهِرُّه، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَجِد فِي وَجْهِهِ هِرَّةً وهَرِيرَةً أَي كَرَاهِيَةً. الْجَوْهَرِيُّ: والهِرُّ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ هَرَرْتُه هَرّاً أَي كَرِهْتُهُ. وهَرَّ فُلَانٌ الكأْسَ والحرْبَ هَرِيراً أَي كَرِهَهَا؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
حَلَفْنا لَهُمْ، والخَيْلُ تَرْدي بِنَا مَعًا ... نُزايِلُكُمْ حَتَّى تَهِرُّوا العَوالِيا
الرَّدَيانُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ، وَهُوَ أَن يَرْجُمَ الفَرَسُ الأَرضَ رَجْماً بِحَوَافِرِهِ مِنْ شدَّة العَدْوِ. وَقَوْلُهُ نُزَايِلُكُمْ هُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ أَي لَا نُزَايِلُكُمْ، فَحَذَفَ لَا عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ تَاللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا أَي لَا أَبرح، وَنُزَايِلُكُمْ: نُبارِحُكُمْ، يُقَالُ: مَا زَايَلْتُهُ أَي مَا بَارَحْتُهُ. وَالْعَوَالِي: جَمْعُ عاليةِ الرُّمْحِ، وَهِيَ مَا دُونُ السِّنان بِقَدْرِ ذِرَاعٍ. وَفُلَانٌ هَرَّهُ الناسُ إِذا كَرِهُوا ناحِيته؛ قَالَ الأَعشى:
أَرَى الناسَ هَرُّونِي وشُهِّرَ مَدْخَلِي ... فَفِي كلِّ مَمْشًى أَرْصُدُ الناسَ عَقْربَا
وهَرَّ الكلبُ إِليه يَهِرُّ هَرِيراً وهِرَّةً، وهَرِيرُ الكلبِ: صَوْتُهُ وَهُوَ دُونُ النُّبَاحِ مِنْ قِلَّةِ صَبْرِهِ عَلَى الْبَرْدِ؛ قَالَ القَطَامِيُّ يَصِفُ شدَّة الْبَرْدِ:
أَرى الحَقَّ لَا يعْيا عَلَيَّ سبيلُه ... إِذا ضافَنِي لَيْلًا مَعَ القُرِّ ضائِفُ
إِذا كَبَّدَ النجمُ السَماءَ بشَتْوَةٍ ... عَلَى حينَ هَرَّ الكلبُ، والثَّلْجُ خاشِفُ
ضَائِفٌ: مِنَ الضَّيْفِ. وكَبَّدَ النجمُ السماءَ: يُرِيدُ بِالنَّجْمِ الثُّرَيَّا، وكَبَّدَ: صَارَ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ عِنْدَ شدَّة الْبَرْدِ. وَخَاشِفٌ: تُسْمَعُ لَهُ خَشْفَة عِنْدَ الْمَشْيِ وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ. ابْنُ سِيدَهْ: وبالهَرِيرِ شُبِّهَ نَظَرُ بَعْضِ الكُماةِ إِلى بَعْضٍ فِي الْحَرْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ قَارِئِ الْقُرْآنِ وَصَاحِبِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرأَيْتَكَ النَّجْدَةَ الَّتِي تَكُونُ فِي الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: ليستْ لها بِعِدْلٍ، إِن الْكَلْبَ يَهِرُّ مِنْ وراءِ أَهله
؛ مَعْنَاهُ أَن الشَّجَاعَةَ غَرِيزة فِي الإِنسان فَهُوَ يَلقَى الحروبَ وَيُقَاتِلُ طَبْعًا وحَمِيَّةً لَا حِسبَةً، فَضَرَبَ الْكَلْبَ مَثَلًا إِذ كَانَ مِنْ طَبْعِهِ أَن يَهِرَّ دُونَ أَهله ويَذُبَّ عَنْهُمْ، يُرِيدُ أَنَّ الْجِهَادَ وَالشَّجَاعَةَ لَيْسَا

(5/260)


بِمِثْلِ القراءَة وَالصَّدَقَةِ. يُقَالُ: هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فَهُوَ هارٌّ وهَرَّارٌ إِذا نَبَحَ وكَشَرَ عَنْ أَنيابه، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُهُ دُونَ نُباحه. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: لَا أَعْقِلُ الكلبَ الهَرَّارَ
أَي إِذا قَتَلَ الرجلُ كلبَ آخَرَ لَا أُوجب عَلَيْهِ شَيْئًا إِذا كَانَ نَبَّاحاً لأَنه يؤْذي بِنُباحِه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسود: المرأَة الَّتِي تُهارُّ زوجَها
أَي تَهِرُّ فِي وَجْهِهِ كَمَا يَهِرُّ الْكَلْبُ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وَعَادَ لَهَا المَطِيُّ هَارًّا
أَي يَهِرُّ بَعْضُهَا فِي وَجْهِ بَعْضٍ مِنَ الْجُهْدِ. وَقَدْ يُطْلَقُ الْهَرِيرُ عَلَى صَوْتٍ غَيْرِ الْكَلْبِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِني سَمِعْتُ هَرِيراً كَهَرِيرِ الرَّحَى
أَي صَوْتِ دَوَرَانِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَكَلْبٌ هَرَّارٌ كَثِيرُ الهَرِير، وَكَذَلِكَ الذِّئْبُ إِذا كَشَرَ أَنيابه وَقَدْ أَهَرَّه مَا أَحَسَّ بِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفِي الْمَثَلِ: شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نابٍ، وحَسُنَ الابتداءُ بِالنَّكِرَةِ لأَنه فِي مَعْنَى مَا أَهَرَّ ذَا نَابٍ إِلَّا شَرٌّ، أَعني أَنَّ الْكَلَامَ عَائِدٌ إِلى مَعْنَى النَّفْيِ وإِنما كَانَ الْمَعْنَى هَذَا لأَن الْخَبَرِيَّةَ عَلَيْهِ أَقوى، أَلا تَرَى أَنك لَوْ قُلْتَ: أَهَرَّ ذَا نابٍ شَرٌّ، لَكُنْتَ عَلَى طَرَفٍ مِنَ الإِخبار غَيْرِ مؤَكد فإِذا قُلْتَ: مَا أَهَرَّ ذَا نابٍ إِلَّا شَرٌّ، كَانَ أَوْكَدَ، أَلا تَرَى أَن قَوْلَكَ مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ أَوْكَدُ مِنْ قَوْلِكَ قَامَ زَيْدٌ؟ قَالَ: وإِنما احْتِيجَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلى التَّوْكِيدِ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَمراً مُهِماً، وَذَلِكَ أَن قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ سَمِعَ هَرِيرَ كَلْبٍ فأَضاف مِنْهُ وَأَشْفَقَ لِاسْتِمَاعِهِ أَن يَكُونَ لطارِقِ شَرٍّ، فَقَالَ: شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نابٍ أَي مَا أَهَرَّ ذَا نَابٍ إِلَّا شَرٌّ تَعْظِيمًا لِلْحَالِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَعِنْدَ مُستَمِعِه، وَلَيْسَ هَذَا فِي نَفْسِهِ كأَن يَطْرُقُهُ ضَيْفٌ أَو مُسْتَرْشِدٌ، فَلَمَّا عَنَاهُ وأَهمه أَكد الإِخبار عَنْهُ وأَخرجه مخرج الإِغاظ بِهِ. وهارَّه أَي هَرَّ فِي وَجْهِهِ. وهَرْهَرْتُ الشيءَ: لُغَةٌ فِي مَرْمَرْتُه إِذا حَرَّكْتَه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ الاعْتِقابِ لأَبي تُرابٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. وهرَّت القوسُ هَرِيراً: صَوَّتَتْ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد
مُطِلٌّ بِمُنْحاةٍ لَهَا فِي شِمالِه ... هَرِيرٌ، إِذا مَا حَرَّكَتْه أَنامِلُهْ
والهِرُّ: السِّنَّوْرُ، وَالْجَمْعُ هِرَرَةٌ مِثْلُ قِرْدٍ وقِرَدَةٍ، والأُنثى هِرَّةٌ بِالْهَاءِ، وَجَمْعُهَا هِرَرٌ مِثْلُ قِرْبةٍ وقِرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن أَكل الهرِّ وثَمَنِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما نُهِيَ عَنْهُ لأَنه كالوحشيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وأَنه يَنْتابُ الدُّورَ وَلَا يُقِيمُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فإِن حُبِسَ أَو رُبِطَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ وَلِئَلَّا يَتَنَازَعُ النَّاسَ فِيهِ إِذا انْتَقَلَ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنما نَهَى عَنْ الْوَحْشِيِّ مِنْهُ دُونَ الإِنسي. وهِرّ: اسْمُ امرأَة، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
أَصَحَوْتَ اليومَ أَمْ شاقَتْكَ هِرُّ؟
وهَرَّ الشِّبْرِقُ والبُهْمَى والشَّوْكُ هَرّاً: اشتدَّ يُبْسُه وتَنَفَّشَ فَصَارَ كأَظفار الهِرِّ وأَنيابه؛ قَالَ:
رَعَيْنَ الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى ... إِذا مَا هَرَّ، وامْتَنَعَ المَذاقُ
وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: مَا يَعْرِفُ هِرّاً مِنْ بِرٍّ؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ مَنْ يَهُرُّه أَي يَكْرَهُهُ مِمَّنْ يَبَرُّه وَهُوَ أَحسن مَا قِيلَ فِيهِ. وَقَالَ الفَزاريُّ: البِرُّ اللُّطف، والهِرُّ العُقُوق، وَهُوَ مِنَ الهَرِيرِ؛ ابْنُ الأَعرابي: البِرُّ الإِكرام والهِرُّ الخُصُومَةُ، وقيل: الهِرُّ هاهنَا السِّنَّوْرُ والبِرُّ الفأْر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يَعْرِفُ هَارًا مِنْ بَارًا لَوْ كُتِبَتْ لَهُ، وَقِيلَ: أَرادوا هِرْهِرْ، وَهُوَ سَوْقُ الْغَنَمِ، وبِرْبِرْ وَهُوَ دعاؤُها؛ وَقِيلَ: الهِرُّ دعاؤُها والبِرُّ سَوْقُها. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَا يَعْرِفُ الهَرْهَرَةَ مِنَ البَرْبَرَةِ؛ الهَرْهَرَةُ: صَوْتُ

(5/261)


الضأْن، والبَرْبَرَةُ: صوتُ المِعْزَى. وَقَالَ يُونُسُ: الهِرُّ سَوْقُ الْغَنَمِ، والبِرُّ دعاءُ الْغَنَمِ. وَقَالَ ابْنِ الأَعرابي: الهِرُّ دعاءُ الْغَنَمِ إِلى العَلَفِ، والبِرُّ دعاؤُها إِلى الْمَاءِ. وهَرْهَرْتُ بِالْغَنَمِ إِذا دَعَوْتُهَا. والهُرارُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبلَ مثلُ الوَرَمِ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ؛ قَالَ غَيْلانُ بْنُ حُرَيْث:
فإِلَّا يَكُنْ فِيهَا هُرارٌ، فإِنَّني ... بِسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائِفُ
أَي خائِفٌ سِلًّا، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ؛ تَقُولُ مِنْهُ: هُرَّتِ الإِبِلُ تُهَرُّ هَرّاً. وَبَعِيرٌ مَهْرُورٌ أَصابه الهُرارُ، وَنَاقَةٌ مَهْرُورَةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القَسْرِيَّ:
وَلَا يُصادفْنَ إِلَّا آجِناً كَدِراً ... وَلَا يُهَرُّ بِهِ منهنَّ مُبْتَقِلُ
قَوْلُهُ بِهِ أَي بِالْمَاءِ يَعْنِي أَنه مَريءٌ لَيْسَ بالوَبِيءِ، وَذَكَرَ الإِبِلَ وَهُوَ يُرِيدُ أَصحابها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما هَذَا مَثَلٌ يَضْرِبُه يُخْبِرُ أَن الْمَمْدُوحَ هنيءُ الْعَطِيَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذها فَتَسْلَحُ عَنْهُ، وَقِيلَ: الهُرارُ سَلْحُ الإِبل مِنْ أَيِّ داءٍ كَانَ. الكسائيُّ والأُمَوِيُّ: مِنْ أَدواءِ الإِبل الهُرَارُ، وَهُوَ اسْتِطْلَاقُ بُطُونِهَا، وَقَدْ هَرَّتْ هَرّاً وهُراراً، وهَرَّ سَلْحُه وأَرَّ: اسْتَطْلَقَ حَتَّى مَاتَ. وهَرَّهُ هُوَ وأَرَّهُ: أَطلقه مِنْ بَطْنِهِ، الْهَمْزَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: هَرَّ بِسَلْحِهِ وهَكَّ بِهِ إِذا رَمَى بِهِ. وَبِهِ هُرارٌ إِذا اسْتَطْلَقَ بطنُه حَتَّى يَمُوتَ. والهَرَّارَانِ: نَجْمانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الهَرَّارانِ النَّسْرُ الواقِعُ وقلبُ الْعَقْرَبِ؛ قَالَ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ الضُّبَعِيُّ:
وَسَاقَ الفَجْرُ هَرَّارَيْهِ، حَتَّى ... بَدَا ضَوْآهُما غَيْرَ احتِمالِ
وَقَدْ يُفْرَدُ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ امرأَة:
وَسْنَى سَخُونٌ مَطْلَعَ الهَرَّارِ
والهَرُّ: ضَرْبٌ مِنْ زَجْرِ الإِبل. وهِرٌّ: بلد وموضع؛ قال:
فَوَ الله لَا أَنْسَى بَلَاءً لقيتُه ... بصَحْراءِ هِرٍّ، مَا عَدَدْتُ اللَّيالِيا
ورأْس هِرّ: مَوْضِعٌ فِي سَاحِلِ فارسَ يرابَطُ فِيهِ. والهُرُّ والهُرّهُورُ والهَرْهارُ والهُراهِرُ: الْكَثِيرُ مِنَ الماءِ واللَّبَنِ وَهُوَ الَّذِي إِذا جَرى سَمِعْتَ لَهُ هَرْهَرْ، وَهُوَ حِكَايَةُ جَرْيِهِ. الأَزهري: والهُرْهُورُ الْكَثِيرُ مِنَ الماءِ وَاللَّبَنِ إِذا حَلَبْتَهُ سَمِعْتَ لَهُ هَرْهَرَةً؛ وَقَالَ:
سَلْمٌ تَرَى الدَّالِيَّ مِنْهُ أَزْوَرا ... إِذا يَعُبُّ فِي السَّرِيِّ هَرْهَرَا
وَسَمِعْتُ لَهُ هَرْهَرَةً أَي صَوْتًا عِنْدَ الحَلْب. والهَرُورُ والهُرْهُورُ: مَا تَنَاثَرَ مِنْ حَبِّ العُنْقُود، زَادَ الأَزهري: فِي أَصل الكَرْم. قَالَ أَعرابي: مَرَرْتُ عَلَى جَفنةٍ وَقَدْ تَحَرَّكَتْ سُرُوغُها بقُطُوفها فَسَقَطَتْ أَهْرارُها فأَكلتُ هُرْهُورَةً فَمَا وَقَعَتْ وَلَا طَارَتْ؛ قَالَ الأَصمعي: الْجَفْنَةُ الكَرْمَة، والسُّروغُ قُضْبَانُ الْكَرْمِ، وَاحِدُهَا سَرْغٌ، رَوَاهُ بَالْغَيْنَ، وَالْقُطُوفُ الْعَنَاقِيدُ، قَالَ: وَيُقَالُ لِمَا لَا يَنْفَعُ مَا وَقَعَ وَلَا طارَ. وَهَرَّ يَهُرُّ إِذا أَكل الهَرُور، وَهُوَ مَا يَتَسَاقَطُ مِنَ الْكَرْمِ، وهَرْهَرَ إِذا تَعَدَّى. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمَة هِرْهِرٌ، وَقَالَ النَّضِرُ: الهِرْهِرُ النَّاقَةُ الَّتِي تَلْفِظُ رَحِمُها الماءَ مِنَ الكِبَر فَلَا تَلْقَحُ؛ وَالْجَمْعُ الهَراهِرُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الهِرْشَفَّةُ والهِرْدِشَةُ أَيضاً. وَمِنْ أَسماءِ الْحَيَّاتِ: القَزَازُ والهِرْهِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: هَرَّ يَهَرُّ إِذا ساءَ خُلُقُه.

(5/262)


والهُرْهُور: ضَرْبٌ مِنَ السُّفُن. وَيُقَالُ للكانُونَيْنِ: هُمَا الهَرَّارانِ وَهُمَا شَيْبان ومِلْحانُ. وهَرْهَرَ بِالْغَنَمِ: دَعَاهَا إِلى الماءِ فَقَالَ لَهَا: هَرْهَرْ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: هَرْهَرَ بالضأْن خَصَّهَا دُونَ الْمَعِزِ. والهَرْهَرَةُ: حِكَايَةُ أَصوات الْهِنْدِ فِي الْحَرْبِ. غَيْرُهُ: والهَرْهَرَةُ والغَرْغَرَةُ يُحْكَى بِهِ بَعْضُ أَصوات الْهِنْدِ والسِّنْدِ عِنْدَ الْحَرْبِ. وهَرْهرَ: دَعَا الإِبل إِلى الماءِ. وهَرْهَرةُ الأَسد: تَرْديدُ زئِيرِه، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْغَرْغَرَةُ. والهَرْهَرَةُ: الضَّحِكُ فِي الْبَاطِلِ. وَرَجُلٌ هَرْهارٌ: ضَحَّاك فِي الْبَاطِلِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عقر: التَّهَرْهُرُ صَوَّتَ الرِّيحِ، تَهَرْهَرَتْ وهَرْهَرَتْ واحدٌ؛ قَالَ وأَنشد المؤَرِّجُ:
وصِرْتَ مَمْلُوكًا بِقاعٍ قَرْقَرِ ... يَجْري عَلَيْكَ المُورُ بالتَّهَرْهُرِ
يَا لَكَ مِنْ قُنْبُرَةٍ وقُنْبُرِ ... كنتِ عَلَى الأَيَّام فِي تَعَقُّرِ
أَي فِي صَبْرٍ وَجَلَادَةٍ، والله أَعلم.
هزر: الهَزْرُ والبَزْرُ: شِدَّةُ الضَّرْبِ بِالْخَشَبِ، هَزَرَهُ هَزْراً كَمَا يُقَالُ هَطَرَهُ وهَبَجَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: هَزَرَه يَهْزِرُهُ هَزْراً بِالْعَصَا ضَرَبَهُ بِهَا عَلَى جَنْبِهِ وَظَهْرِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا. الْجَوْهَرِيُّ: هَزَرَه بِالْعَصَا هَزَرات أَي ضَرَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ:
إِذا شَرِبَ قَامَ إِلى ابْنِ عَمِّهِ فَهَزَر ساقَه
؛ الهَزْرُ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ بِالْخَشَبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَهْزُورٌ وهَزِيرٌ. والهَزْرُ: الغَمْزُ الشَّدِيدُ، هَزَرَهُ يَهْزِرُه هَزْراً فِيهِمَا. وَرَجُلٌ مِهْزَر، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَذُو هَزَراتٍ وَذُو كَسَراتٍ: يُغْبَنُ فِي كُلِّ شيءٍ؛ قَالَ:
إِلَّا تَدَعْ هَزَراتٍ لستَ تَارِكَهَا ... تُخْلَعْ ثِيابُكَ، لَا ضأْنٌ وَلَا إِبلُ
يَقُولُ: لَا يَبْقَى لَهُ ضَأْن وَلَا إِبل. الْفَرَّاءُ: فِي فُلَانٍ هَزَراتٌ وكَسَراتٌ ودَغَوات ودَغَيات، كُلُّهُ الْكَسَلُ. والهُزَيْرَة: تَصْغِيرُ الهَزْرَةِ، وَهِيَ الْكَسَلُ التَّامُّ. والهَزْرُ فِي الْبَيْعِ: التَّقَحُّمُ فِيهِ والإِغلاء. وَقَدْ هَزَرْتُ لَهُ فِي بَيْعِهِ هَزْراً أَي أَغليت لَهُ. والهازِرُ: المُشْتَري المُقَحِّمُ فِي الْبَيْعِ. وَرَجُلٌ هِزْرٌ: مَغْبُونٌ أَحمق يُطْمَعُ بِهِ. والهَزْرَةُ والهَزَرَةُ: الأَرض الرَّقِيقَةُ. والهُزَرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ بُيِّتُوا فَقُتِلُوا. والهُزَرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لقالَ الأَباعدُ والشَّامِتُون ... كَانُوا كَليْلَةِ أَهلِ الهُزَرْ
يَعْنِي تِلْكَ الْقَبِيلَةَ أَو ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهُزَرُ ثَمُودُ حَيْثُ أُهلكوا فَيُقَالُ: كَمَا بَادَ أَهلُ الهُزَرِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ وَقْعَةٌ كَانَتْ لَهُمْ مُنْكَرَةٌ. ومَهْزُورٌ: وَادٍ بِالْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَضَى فِي سَيْلٍ مَهْزُورٍ أَن يُحْبَسَ حتى يبلغ الماء الْكَعْبَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: مَهْزُورٌ وَادِي بَنِي قُرَيْظَة بِالْحِجَازِ، قَالَ: فأَما بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ فَمَوْضِعُ سُوقِ الْمَدِينَةِ تَصَدَّقَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وهَيْزَرٌ: اسْمٌ. والهَزَوَّرُ: الضَّعِيفُ، زَعَمُوا.
هزبر: الهِزْبْرُ: مِنْ أَسماء الأَسد. والهَزَنْبَرُ والهَزَنْبَرانُ: الْحَدِيدُ السَّيِءُ الخُلُقِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ هَزَنْبَرٌ وهَزَنْبَران أَي حَدِيدٌ وثَّابٌ. ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ هِزَبْرَةٌ صُلْبَةٌ؛ وأَنشد:
هِزَبْرَةٌ ذاتُ نَسِيبٍ أَصْهَبَا
هزمر: الهَزْمَرَةُ: الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ. وهَزْمَرَه: عَنَّفَ به.

(5/263)


هسر: ابْنُ الأَعرابي قَالَ: الهُسَيْرةُ تَصْغِيرُ الهُسْرَةِ، وَهُمْ قَرَابَاتُ الرَّجُلِ مِنْ طَرَفَيْهِ أَعمامُه وأَخوالُه.
هشر: الهَشْرُ: خِفَّة الشَّيْءِ ورِقَّتُه. وَرَجُلٌ هَيْشَرٌ: رِخْوٌ ضَعِيفٌ طَوِيلٌ. والهَيْشَرُ والهَيْشُور: شَجَرٌ، وَقِيلَ: نَبَاتٌ رِخْوٌ فِيهِ طُولٌ عَلَى رأْسه بُرْعُومَةٌ كأَنه عُنُقُ الرَّأْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فِرَاخَ النَّعام:
كأَن أَعْناقَها كُرَّاثُ سائِفَةٍ ... طارَتْ لَفائِفُه، أَوْ هَيْشَرٌ سُلُبُ
أَي مَسْلُوبُ الْوَرَقِ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
باتتْ تَعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيم ... لُبايَةً مِنْ هَمِقٍ هَيْشُور
قوله [لباية] بموحدة فمثناة تحتية بينهما ألف، كذا بالأصل ونسخة من القاموس شرح عليها السيد مرتضى وصوَّبها. وفي نسخ من الصحاح والقاموس: لبابة بموحدتين. وَفِي رِوَايَةٍ: هَيْشُوم، وَقِيلَ: الْهَيْشُورُ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ يَطُولُ وَيَسْتَوِي وَلَهُ كمأَة، البَزْرُ فِي رأْسه. وَالسَّائِفَةُ: مَا اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ. غَيْرُهُ: الهَيْشَرُ كَنْكَرُ البَرِّ يَنْبُتُ فِي الرِّمَالِ. ابْنُ الأَعرابي: الهُشَيْرَةُ تَصْغِيرُ الهُشْرَةِ، وَهِيَ البَطَرُ. وَفِي النَّوَادِرِ: شَجَرَةٌ هَشُورٌ وهَشِرَةٌ وهَمُورٌ وهَمِرَةٌ إِذا كَانَ وَرَقُهَا يَسْقُطُ سَرِيعًا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ العُشْب الهَيْشَرُ وَلَهُ وَرَقَةٌ شاكَةٌ فِيهَا شَوْكٌ ضَخْمٌ وَهُوَ يُسَمِّقُ، وَزَهْرَتُهُ صَفْرَاءُ وتطولُ، لَهُ قصبةٌ مِنْ وَسَطِهِ حَتَّى تَكُونَ أَطول مِنَ الرَّجُلِ، وَاحِدَتُهُ هَيْشَرَةٌ. والمِهْشارُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَضْبعُ قَبْلَها قوله [التي تضبع قبلها] أي تشتهي الفحل قبل الإبل. ووقع في القاموس: التي تضع أي من الوضع قبلها أي بضمتين، وخطأه شارحه وصوّب ما في اللسان وصوّب وتَلْقَحُ فِي أَوّل ضَرْبَة وَلَا تُمارِنُ. والمَهْشُورُ مِنَ الإِبل: المُحْتَرِقُ الرِّئَةِ.
هصر: الهَصْرُ: الكسْرُ. هَصَرَ الشيءَ يَهْصِرُه هَصْراً: جَبَذَه وأَماله واهْتَصَرَه. أَبو عُبَيْدَةَ: هَصَرْتُ الشَّيْءَ ووَقَصْتُه إِذا كَسَرْتَهُ. والهَصْرُ: عَطْفُ الشَّيْءِ الرَّطْبِ كَالْغُصْنِ وَنَحْوِهِ وكَسْرُه مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ عَطْفُك أَيَّ شَيْءٍ كَانَ؛ هَصَرَه يَهْصِرُه هَصْراً فانْهَصَرَ واهْتَصَرَه فاهْتَصَر. الْجَوْهَرِيُّ: هَصَرْتُ الغُصْنَ وبالغُصْنِ إِذا أَخذت برأْسه فأَملته إِليك. وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ إِذا رَكَعَ هَصَرَ ظَهْرَه أَي ثَنَاهُ إِلى الأَرض. وأَصل الهَصْرِ: أَن تأْخذ برأْس عُودٍ فتثنيَه إِليك وتَعْطِفَه. وَفِي الْحَدِيثِ: لَمَّا بَنَى مسجدَ قُباءٍ رَفَعَ حَجَراً ثَقِيلًا فَهَصَرَه إِلى بَطْنِهِ أَي أَضافه وأَماله. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الانْهِصار والاهْتِصار سُقُوط الْغُصْنِ عَلَى الأَرض وأَصله فِي الشَّجَرَةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ فِي الْعِرْضِ فَقَالَ:
وَيْلُ أُمِّ قَتْلى، فُوَيْقَ القَاعِ مِنْ عُشَرٍ ... مِنْ آلِ عُجْرَةَ أَمْسَى جَدُّهُمْ هَصِرَا
التَّهْذِيبُ: اهْتَصَرْتُ النَّخْلَةَ إِذا ذَلَّلْت عُذُوقَها وسَوَّيْتَها؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنُوءُ بِهِ ... مِنَ الكَوافِرِ، مَهْضُومٌ ومُهْتَصَرُ
وَيُرْوَى: مَكْمُومٌ أَي مُغَطًّى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ مَعَ أَبي طَالِبٍ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَتَهَصَّرَتْ أَغصانُ الشَّجَرَةِ
أَي تَهَدّلَتْ عَلَيْهِ. والهَيْصَرُ: الأَسدُ. والهَصَّارُ: الأَسد. وأَسدٌ هُصُورٌ وهَصَّارٌ وهَيْصَرٌ وهَيْصارٌ ومِهْصارٌ وهُصَرَةٌ وهُصَرٌ ومُهْتَصِرٌ: يَكْسِرُ ويُمِيلُ؛ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وخَيْل قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بِخَيْلٍ ... عَلَيْهَا الأُسْدُ تَهْتَصِرُ اهْتِصارَا

(5/264)


وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْسٍ: كأَنه الرِّئْبالُ الهَصُورُ
أَي الأَسد الشَّدِيدُ الَّذِي يَفْتَرِسُ ويَكْسِرُ، وَيُجْمَعُ عَلَى هَواصِرَ؛ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:
ودارَتْ رَحاها باللُّيُوثِ الهواصِرِ
وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
فربما ... أَضْحَوْا بِمنْزِلَةٍ ... تَهابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ الهَواصِيرُ
كذا بياض بالأصل. جَمْعُ مِهْصارٍ، وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْهُ. والهَصْرُ: شِدَّةُ الغَمْزِ، وَرَجُلٌ هَصِرٌ وهُصَرٌ. وهَصَرَ قرْنَه يَهْصِرُه هَصْراً: غَمَزَهُ. والهَصْرُ: أَن تأْخذ برأْس شَيْءٍ ثُمَّ تَكْسِرُهُ إِليك مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ؛ وأَنشد لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
وَلَمَّا تَنازَعْنا الحَدِيثَ وأَسْمَحَتْ ... هَصَرْتُ بغُصْنٍ ذِي شَمارِيخ مَيَّالِ
قَوْلُهُ: تَنَازَعْنَا الْحَدِيثَ أَي حَدّثَتْنِي وحَدَّثْتُها. وأَسْمَحَتْ: انْقَادَتْ وتَسَهَّلَتْ بَعْدَ صُعُوبَتِهَا. وهَصَرْتُ: جَذَبْتُ؛ وأَراد بِالْغُصْنِ جِسْمَها وقَدَّها فِي تَثَنِّيهِ وَلِينِهِ كَتَثَنِّي الْغُصْنِ، وَشَبَّهَ شَعْرَهَا بِشَمَارِيخِ النَّخْلِ فِي كَثْرَتِهِ وَالْتِفَافِهِ. والمُهاصِريُّ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُود، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. والهَصْرَةُ والهَصَرَةُ: خَرَزَة يُؤَخَّذُ بِهَا الرِّجَالُ. وهاصِرٌ وهَصَّارٌ ومُهاصِر: أَسماء.
هطر: هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُه هَطْراً: قَتَلَهُ بِالْخَشَبِ. قَالَ اللَّيْثُ: هَطَرَه يَهْطِرُه هَطْراً كَمَا يُهَيِّجُ الكلبَ بِالْخَشَبَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الهَطْرَةُ تَذَلُّلُ الْفَقِيرِ لِلْغَنِيِّ إِذا سأَله.
هعر: الهَيْعَرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ مِنْ غَيْرِ عِفَّةٍ كالعَيْهَرَة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هَيْعَرَتِ المرأَةُ وتَهَيْعَرَت إِذا كَانَتْ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه عِنْدَهُ مَقْلُوبٌ مِنَ العَيْهَرَةِ لأَنه جَعَلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا. وَتَرْجَمَ الأَزهري بَعْدَ هَذِهِ تَرْجَمَةً أُخرى وأَعاد هَذِهِ التَّرْجَمَةَ وَقَالَ: قَالَ بَعْضُهُمُ الهَيْعَرُونُ الدَّاهِيَةُ. وَيُقَالُ لِلْعَجُوزِ المُسِنَّة: هَيْعَرُونٌ، سُمِّيَتْ بِالدَّاهِيَةِ. قَالَ: وَلَا أَحُقُّ الهَيْعَرُونَ وَلَا أُثْبِتُه وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
هقر: الهَقَوَّرُ: الطَّوِيلُ الضَّخْمُ الأَحمقُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ الْعَظِيمِ الْجِسْمِ: هِرطالٌ وهِرْدَبَّةٌ وهَقَوَّر وقَنَوَّرٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِنجادٍ الخَيْبَرِيِّ:
لَيْسَ بِجِلْحابٍ وَلَا هَقَوَّرِ ... لَكِنَّهُ البُهْتُرُ وابْنُ البُهْتُرِ
عِضٌّ لَئِيمُ المُنْتَمى والعُنْصُرِ
الجلحات: الْكَثِيرُ الْهَمِّ. والبُهْتُرِ: الْقَصِيرُ، لُغَةٌ فِي البُحْتُر. والعِضُّ: العَسِرُ. يُقَالُ: غَلَقٌ عِضٌّ إِذا كَانَ لَا يَكَادُ يَنْفَتِحُ. والهُقَيْرَةُ: تَصْغِيرُ الهَقْرَةِ، وَهُوَ وَجَعٌ مِنْ أَوجاع الغنم.
هكر: الهَكْرُ: العَجَبُ، وَقِيلَ: الهَكْرُ أَشدُّ العجبِ. هَكِرَ يَهْكَرُ هَكَراً وهِكْراً، فَهُوَ هَكِرٌ: اشتدَّ عَجَبُه، مِثَالُ عَشِقَ يَعشَقُ عِشْقاً وعَشَقاً؛ قَالَ أَبو كَبِير الْهُذَلِيُّ:
أَزُهَيْرُ، وَيْحَكِ لِلشَّبابِ المُدْبِرِ ... والشَّيْبُ يَغْشَى الرأْسَ غَيْرَ المُقْصِرِ
فَقَدَ الشَّبابَ أَبوكِ إِلا ذِكْرَه ... فاعْجَبْ لِذَلِكَ، رَيْبَ دَهْرٍ، واهْكَرِ

(5/265)


بدأَ بِخِطَابِ ابْنَتِهِ زُهَيْرَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَخَاطَبَ نَفْسَهُ فَقَالَ: اعْجَبْ لِذَلِكَ واهْكَر أَي تَعَجَّبَ أَشَدَّ الْعَجَبِ. والهَكِرُ: المُتَعَجِّبُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالْعَجُوزِ: أَقبلت مِنْ هَكْرانَ وكَوكَبٍ
؛ هُمَا جَبَلَانِ مَعْرُوفَانِ بِبِلَادِ الْعَرَبِ. وَفِيهِ مَهْكَرَة أَي عُجْبٌ. والهَكُرُ والهَكِرُ: الناعِسُ. وَقَدْ هَكِرْتُ أَي نَعِسْتُ. وهَكِرَ الرجلُ هَكَراً: سَكِرَ مِنَ النَّوْمِ، وَقِيلَ: اشْتَدَّ نَوْمُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَعْتَرِيَهُ نُعاس فَتَسْتَرْخِيَ عِظَامُهُ وَمَفَاصِلُهُ. وتَهَكَّرَ: تَحَيَّرَ. وهَكْرٌ وهَكِرٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَدَى جُؤْذُرَيْن أَو كَبَعْضِ دُمى هَكِرْ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد دُمى هَكْرِ فَنَقَلَ الْحَرَكَةَ لِلْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَذَا البَكُرْ وَمِنَ البَكِرْ. قَالَ الأَزهري: هَكِرٌ مَوْضِعٌ أَو دَيْرٌ، قَالَ: أُراه رُومِيًّا، وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ.
همر: الهَمْرُ: الصَّبُّ قوله [الهمر الصب] بابه ضرب ونصر كما في القاموس.. غَيْرُهُ: الهَمْرُ صَبُّ الدَّمْعِ وَالْمَاءِ وَالْمَطَرِ. هَمَرَ الماءُ والدَّمْعُ يَهْمِرُ هَمْراً: صَبَّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وجاءَ خَلِيلاه إِليها، كِلاهما ... يَفِيضُ دُموعاً، لَا يَرِيثُ هُمُورُها
وانْهَمَرَ كَهَمَر، فَهُوَ هامِرٌ ومُنْهَمِرٌ: سَالَ. وهَمَرَ الماءَ والدمعَ وَغَيْرَهُ يَهْمِرُه هَمْراً: صَبَّه. والهَمْرَة: الدُّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ. والهَمَّارُ: السَّحَابُ السَّيَّال؛ قَالَ:
أَناخَتْ بهَمَّارِ الغَمامِ مُصَرِّحٍ ... يَجُودُ بمطلُوقٍ مِنَ الماءِ أَصْحَمَا
وهَمَرَ الْكَلَامَ يَهْمِرُه هَمْراً: أَكثر فِيهِ. وَرَجُلٌ مِهْمارٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ. والهَمْرُ: شِدَّةُ العَدْوِ. وهَمَرَ الفرسُ الأَرضَ يَهْمِرُها هَمْراً واهْتَمَرها: وَهُوَ شِدَّةُ ضَرْبِهِ إِياها بِحَوَافِرِهِ؛ وأَنشد:
عَزَازَة ويَنْهَمِرنَ مَا انْهَمَرْ
وهَمَرَ مَا فِي الضَّرْع أَي حلَبَه كُلَّهُ. وهَمَرَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَي أَعطاه. وَرَجُلٌ هَمَّارٌ ومِهْمارٌ ومِهْمَر أَي مِهْذارٌ يَنْهَمِرُ بِالْكَلَامِ؛ وَقَالَ يَمْدَحُ رَجُلًا بالخَطابَةِ:
تَرِيغُ إِليه هَوادي الْكَلَامِ ... إِذا خَطِلَ النَّثِرُ المِهْمَرُ
الأَزهري: الهَمَّارُ النَّمَّامُ. قَالَ الأَزهري: صَوَابُهُ الهَمَّاز، بِالزَّايِ، فأَما الهَمَّارُ فالمِكْثارُ. والمِهْمارُ: الَّذِي يَهْمِرُ عَلَيْكَ الكلامَ هَمْراً أَي يُكْثِرُ. واهْتَمَر الفرسُ إِذا جَرَى. والهَمَرَى: الصَّخَّابة من النساء. والهَمْرَةُ: والدَّمْدَمَةُ، وَقِيلَ: الدَّمْدَمَةُ بِغَضَبٍ. وهَمَرَ الغُزْرُ الناقةَ يَهْمِرُها هَمْراً: جَهَدَها، وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَمَزَها، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. والهَمِرُ واليَهْمُورُ: مِنْ أَسماء الرِّمَالِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ الرِّمالِ هَمِرٌ يَهْمُورُ
وَقَالَ الشَّاعِرٌ:
يُهامِرُ السَّيْلَ ويُولي الأَخْشَبَا
والهَمْرَةُ: خَرَزَة الحُبِّ يُستعطف بِهَا الرجالُ؛ يُقَالُ: يَا هَمْرَةُ اهْمِرِيه، وَيَا غَمْرَةُ اغْمُرِيِه، إِن أَقبل فَسُرِّيه، وإِن أَدبر فَضُرِّيه. وَرَجُلٌ هَمِر: غَلِيظٌ سَمِينٌ. وَبَنُو هَمْرة: بَطْنٌ. وَبَنُو هُمَيْر: بَطْنٌ منهم.

(5/266)


هنر: الهَنْرَةُ: وَقْبَةُ الأُذُنِ الْمَلِيحَةِ، لَمْ يَحْكِهَا غَيْرُ صَاحِبِ الْعَيْنِ. وَقَالَ الأَزهري: يُقَالُ هَنَرْتُ الثوبَ بِمَعْنَى أَنَرْتُه أَهَنِيرُه وَهُوَ أَن تُعَلِّمَه؛ قاله اللحياني.
هنبر: الهِنْبِرَةُ: الأَتان، وَهِيَ أُم الهِنْبِرِ. وأُم الهِنْبِرِ: الضَّبُعُ فِي لُغَةِ بَنِي فَزارة؛ قَالَ الشَّاعِرُ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ وَاسْمُهُ عُبَيْدُ بْنُ المُضرِّجي:
يَا قاتَلَ اللهُ صِبْيَانًا، تَجيءُ بِهِمْ ... أُمُّ الهُنَيْبِرِ مِنْ زَنْدٍ لَهَا وَاري
مِنْ كُلِّ أَعْلَمَ مَشْقُوقٍ وَتِيرَتُهُ ... لَمْ يُوفِ خَمْسَةَ أَشْبارٍ بشَبَّار
وَيُرْوَى: يَا قَبَّحَ اللَّهُ ضِبْعَانًا. وَفِي شِعْرِهِ: مِنْ زَنْدٍ لَهَا حَارِي، وَالْحَارِي: النَّاقِصُ، وَالَوَارِي: السَّمِينُ، والأَعلم: الْمَشْقُوقُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَالْوَتِيرَةُ: إِطار الشَّفَةِ. وأَبو الهِنْبِر: الضِّبْعانُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ملقينَ لَا يَرْمُونَ أُمَّ الهِنْبِرِ
الأَصمعي: هِيَ الضَّبُعُ؛ وَغَيْرُهُ: هِيَ الحِمَارَةُ الأَهلية. الأَصمعي: الهِنْبِرُ، مِثْلُ الخِنْصِرِ، وَلَدُ الضَّبُعِ، والهِنْبِرُ الْجَحْشُ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَتان أُم الهِنْبِرِ. ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ الهِنْبِرُ، والهِنَّبْرُ الثَّوْرُ وَالْفَرَسُ؛ وَهُوَ أَيضاً الأَديم الرَّدِيءُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا فَتًى مَا قَتَلْتُمُ غَيْرَ دُعْبُوبٍ ... وَلَا مِنْ قُوارَةِ الهِنَّبْرِ
قَالَ: الهِنَّبر هَاهُنَا الأَديم. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: فِيهَا هَنابِيرُ مِسْكٍ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا رِيحًا تُسَمَّى المُثيرَةَ، فَتُثِير ذَلِكَ المسكَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.
وَقَالُوا: الهَنابِيرُ والنَّهابيرُ رِمَالٌ مُشْرِفَةٌ، وَاحِدَتُهَا نُهْبورة وهُنْبُورة، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِيهَا هَنَابِيرُ مِسْكٍ، وَقِيلَ: أَراد أَنابير جَمْعَ أَنبار، قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً، وَهِيَ كُثْبانٌ مُشْرِفَة، أُخذ مِنَ انْتِبار الشَّيْءِ وَهُوَ ارْتِفَاعُهُ، والأَنْبار مِنَ الطَّعَامِ مأْخوذ منه.
هنزمر: الهِنْزَمْرُ والهِنْزَمْنُ والهِيزَمْنُ، كُلُّهَا: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى أَو سَائِرِ الْعَجَمِ، وَهِيَ أَعجمية؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا كَانَ هِنْزَمْنٌ ورُحْتُ مُخَشَّما
هور: هارَه بالأَمرِ هَوْراً: أَزَنَّه. وهُرْتُ الرجلَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ خَيْرٍ إِذا أَزْنَنْتَه، أَهُورُه هَوْراً؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْخَبَرِ. وهارَه بِكَذَا أَي ظَنَّهُ بِهِ؛ قَالَ أَبو مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَة يَصِفُ فَرَسَهُ:
رَأَى أَنَّني لَا بِالْكَثِيرِ أَهُورُه ... وَلَا هُوَ عَنِّي فِي المُواساةِ ظاهرُ
أَهُورُه أَي أَظن القليلَ يَكْفِيهِ. يُقَالُ: هُوَ يُهارُ بِكَذَا أَي يُظَنُّ بِكَذَا؛ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ إِبلًا:
قَدْ عَلِمَتْ جِلَّتُها وخُورُها ... أَني، بِشِرْبِ السُّوءِ، لَا أَهُورُها
أَي لَا أَظن أَن الْقَلِيلَ يَكْفِيهَا وَلَكِنْ لَهَا الْكَثِيرُ. وَيُقَالُ: هُرْتُ الرجلَ هَوْراً إِذا غَشَشْتَه. وهُرْتُه بِالشَّيْءِ: اتَّهَمْتُه بِهِ، وَالِاسْمُ الهُورَةُ. وهارَ الشيءَ: حَزَرَه. وَقِيلَ للفَزارِيِّ: مَا الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: حُزْمَةٌ يَهُورُها أَي قِطْعَةٌ يَحْزُرها. وهُرْتُه: حَمَلْتُهُ عَلَى الشَّيْءِ وأَردته بِهِ. وضَرَبَه فَهارَه وهَوَّره إِذا صَرَعَهُ. وهارَ البناءَ هَوْراً: هَدَمَه. وَهَارَ البناءُ والجُرْفُ يَهُورُ هَوْراً وهُؤُوراً، فَهُوَ هائِرٌ وهارٍ، عَلَى الْقَلْبِ.

(5/267)


وتَهَوَّر وتَهَيَّر، الأَخيرة عَلَى الْمُعَاقَبَةِ، وَقَدْ يَكُونُ تَفَيْعَل، كُلُّه: تَهَدَّمَ، وَقِيلَ: انْصَدَعَ مِنْ خَلْفه وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدُ فِي مَكَانِهِ، فإِذا سَقَطَ فَقَدِ انْهار وتَهَوَّر. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الضَّبْعَاءِ: فَتَهَوَّرَ القَلِيبُ بِمَنْ عَلَيْهِ.
يُقَالُ: هارَ البناءُ يَهُورُ وتَهَوَّر إِذا سَقَطَ، وَقَوْلُ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
بكُلِّ قَرارَةٍ مِنْ حيثُ حارَتْ ... رَكِيَّةُ سُنْبُكٍ فِيهَا انْهِيارُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الِانْهِيَارُ مَوْضِعُ لِينٍ يَنْهار، سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ وَهَكَذَا عَبَّرَ عَنْهُ، وَكُلُّ مَا سَقَطَ مِنْ أَعلى جُرُفٍ أَو شَفِيرِ رَكِيَّةٍ فِي أَسفلها، فَقَدْ تَهَوَّرَ وتَدَهْوَرَ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: تَرَكَتِ المُخَّ رَارًا والمَطِيَّ هَارًا
، الهارُ السَّاقِطُ الضَّعِيفُ. يُقَالُ: هُوَ هارٌ وهارٍ وهائِرٌ، فأَما هائِرٌ فَهُوَ الأَصل مَنْ هارَ يَهُورُ، وأَما هارٌ بِالرَّفْعِ فَعَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ، وأَما هارٍ بِالْجَرِّ فَعَلَى نَقْلِ الْهَمْزَةِ إِلى بَعْدِ الرَّاءِ، كَمَا قَالُوا فِي شائِك السِّلَاحِ: شَاكِ السِّلَاحِ ثُمَّ عُمِلَ بِهِ مَا عُمِلَ بِالْمَنْقُوصِ نَحْوَ قَاضٍ وَدَاعٍ، وَيُرْوَى هَارًّا، بِالتَّشْدِيدِ. وتَهَوَّر الشتاءُ: ذَهَبَ أَشده وأَكثره وَانْكَسَرَ بَرْدُه. وتَهَوَّر الليلُ: ذَهَبَ، وَقِيلَ: تَهَوَّر اللَّيْلُ وَلَّى أَكثره وَانْكَسَرَ ظَلَامُهُ. وَيُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ: تَوَهَّر اللَّيْلُ وَالشِّتَاءُ، وتَوَهَّر اللَّيْلُ إِذا تَهَوَّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ
أَي ذَهَبَ أَكثره. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ جُرُفٌ هارٍ، خَفَضُوهُ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وأَرادوا هَائِرٌ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الثُّلَاثِيِّ «2» إِلى الرُّبَاعِيِّ كَمَا قَلَبُوا شَائِكَ السِّلَاحِ إِلى شَاكِ السِّلَاحِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ جُرُفٌ هَارٍ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وأَصله هَائِرٌ وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الثُّلَاثِيِّ إِلى الرُّبَاعِيِّ، قَالَ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لأَن الْمَقْلُوبَ مِنْ هَائِرٍ وَغَيْرَ الْمَقْلُوبِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ مِنْ هَوَرَ، أَلا تَرَى أَنّ هائِراً وهارِياً عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ؟ وإِنما أَراد الْجَوْهَرِيُّ أَن قَوْلَهُمْ هارٍ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف وَهَائِرٌ عَلَى أَربعة أَحرف وَلَيْسَ الأَمر عَلَى ذَلِكَ أَيضا بَلْ هَارٍ عَلَى أَربعة أَحرف وإِنما حُذِفَتِ الْيَاءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ، وَمَا حُذِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ، أَلا تَرَى أَنك إِذا نَصَبْتَهُ ثَبَتَتِ الْيَاءُ لِتَحَرُّكِهَا فَتَقُولُ: رأَيت جُرفاً هَارِيًا؟ فَهُوَ عَلَى فَاعِلٍ، كَمَا أَن قَوْلَكَ رأَيت جُرُفًا هَائِرًا هُوَ أَيضا عَلَى فَاعِلٍ فَقَدْ ثَبَتَ أَن كَلًّا مِنْهُمَا عَلَى أَربعة أَحرف. وهَوَّرْتُه فَتَهَوَّرَ وانْهارَ أَي انْهَدَمَ. والتَّهَوُّر: الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ. يُقَالُ: فُلَانٌ مُتَهَوِّرٌ. واهْتَوَرَ الشيءُ: هَلَكَ. ابْنُ الأَعرابي: الْهَائِرُ السَّاقِطُ والرَّاهي الْمُسْتَقِيمُ والهَوْرَةُ الهَلَكَةُ. أَبو عَمْرٍو: الهَوَرْوَرَةُ المرأَة الْهَالِكَةُ. وَرَجُلٌ هارٌ وهارٍ، الأَخيرة عَلَى الْقَلْبِ: ضعيفٌ. الأَزهري: رَجُلٌ هارٍ إِذا كَانَ ضَعِيفًا فِي أَمره، وأَنشد:
مَاضِي العَزِيمَةِ لَا هارٍ وَلَا خَزِلُ
وخَرْقٌ هَوْرٌ أَي وَاسِعٌ بَعِيدٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَيْماءُ يَهْماءُ وخَرْقٌ أَهْيَمُ ... هَوْرٌ، عَلَيْهِ هَبَواتٌ جُثَّمُ،
لِلرِّيحِ وَشْيٌ فَوْقَهُ مُنَمْنَمُ
وهَوَّرْنا عَنَّا القَيْظَ وجَرَمْناه وجَرَّمْناه وكَبَبْناه بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: هُرْتُ الْقَوْمَ أَهُورُهُمْ هَوْراً إِذا قَتَلْتَهُمْ وكَبَبْتَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا يَنْهار الجُرُفُ، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فاسْتَدْبَروُهُمْ فَهارُوهُمْ، كأَنَّهُمُ ... أَفْنادُ كَبكَبَ ذاتِ الشَّتِّ والخَزَمِ «3»
__________
(2) . 1 قوله «وهو مقلوب من الثلائي إلخ» كذا بالأصل ومثله في نسخ الصحاح ولعل الأولى العكس.
(3) . 1 قوله «أفناد كبكب» جمع فند كحمل وأحمال، وهو الشمراخ من شماريخ الجبل. وكبكب: جبل لهذيل مشرف على موقف عرفة كما في ياقوت.

(5/268)


واهْتَوَرَ إِذا هَلَكَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ أَطاع رَبَّهُ فَلَا هَوارَةَ عَلَيْهِ
أَي لَا هُلْكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اتَّقَى اللَّه وُقِيَ الهَوْراتِ
يَعْنِي الْمَهَالِكَ، وَاحِدَتُهَا هَوْرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه خَطَبَ فَقَالَ: مَنْ يَتَّقِي اللَّه لَا هَوارَةَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا قَالَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ: أَي لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ.
والهَوْرُ: بُحَيْرَةٌ تغِيضُ فِيهَا مِياهُ غِياضٍ وآجامٍ فَتَتَّسِعُ وَيَكْثُرُ ماؤُها، وَالْجَمْعُ أَهْوارٌ. والتَّهْيُور: مَا انْهارَ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: التَّهْيُور مَا اطمأَنَّ مِنَ الرَّمْلِ. وتِيهٌ تَيْهُور: شَدِيدٌ، يَاؤُهُ عَلَى هَذَا مُعاقِبةٌ بَعْدَ القَلْبِ.
هير: هارَ الجُرْفُ والبِناءُ وتَهَيَّرَ: انْهَدَمَ، وَقِيلَ: إِذا انْصَدَعَ الْجُرْفُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدُ فِي مَكَانِهِ فَقَدْ هارَ، فإِذا سَقَطَ فَقَدِ انْهارَ وتَهَيَّر. وهَيَّرْتُ الجُرْفَ فَتَهَيَّر: لُغَةٌ فِي هَوَّرْتُه. وَرَجُلٌ هَيارٌ: يَنْهار كَمَا يَنْهار الرَّمْلُ؛ قَالَ كثيِّر:
فَمَا وَجَدُوا منكَ الضَّريبَةَ هَدَّةً ... هَيَاراً، وَلَا سَقْطَ الأَلِيَّةِ أَخْرَما
والهَيْرَةُ: الأَرضُ السَّهْلَةُ. وهِيرٌ وهَيْرٌ وهَيِّرٌ: مِنْ أَسماء الصَّبا، وَكَذَلِكَ إِيْرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ، وَقِيلَ: هِيْرٌ وإِيْرٌ مِنْ أَسماء الشَّمال. وَالْهَائِرُ: السَّاقِطُ، وَالرَّاهِي الْمُسْتَقِيمُ، والهَوْرَةُ الهَلَكَةُ. يُقَالُ: اسْتَيْهِرْ بإِبلك واقْتَيِلْ وارْتَجِعْ أَي اسْتَبْدِلْ بِهَا إِبلًا غَيْرَهَا، وَاقَتِيلْ هُوَ افْتَعِلْ مِنَ المُقايَلَةِ فِي الْبَيْعِ الْمُبَادَلَةِ. وَمَضَى هِيْرٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي أَقل مِنْ نِصْفِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَحُكِيَ فِيهِ هِتْرٌ وَقَدْ ذُكِرَ. وهِيْرُورٌ: ضَرْبٌ «1» مِنَ التَّمْرِ، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ هِيْرُونُ، بِضَمِّ النُّونِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فِعْلُوناً وفِعْلُولًا. واليَهْيَرُّ: الْحَجَرُ الصُّلْبُ الأَحمر. الحجرُ اليَهْيَرُّ: الصُّلْبُ، وَمِنْهُ سُمِّي صَمْغُ الطلْح يَهْيَرّاً، وَقِيلَ: هِيَ حِجَارَةٌ أَمثال الأَكف، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ صَغِيرٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا زَادُوا فِيهِ الأَلف فَقَالُوا: يَهْيَرَّى، قَالُوا: وَهُوَ مِنْ أَسماءِ الْبَاطِلِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: قِيلَ لأَبي أَسلم: مَا الثَّرَّةُ اليَهْيَرَّةُ الأَخلاف فَقَالَ: الثَّرَّةُ السَّاهِرَة العِرْقِ تَسْمَعُ زَمِيرَ شَخْبِها وأَنت مِنْ سَاعَةٍ، قَالَ: واليَهْيَرَّةُ الَّتِي يَسِيلُ لَبَنُهَا مِنْ كَثْرَتِهِ، وَنَاقَةٌ سَاهِرَةُ الْعُرُوقِ، كَثِيرَةُ اللَّبَنِ: وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اليَهْيَرُّ، مُشَدَّدٌ: الصَّمْغة الْكَبِيرَةُ؛ وأَنشد:
قَدْ مَلَؤُوا بُطونَهُمْ يَهْيَرَّا
واليَهْيَرُّ واليَهْيَرَّى: الماءُ الْكَثِيرُ. وَذَهَبَ مَالُهُ فِي اليَهْيَرَّى أَي الْبَاطِلِ. أَبو الْهَيْثَمِ: ذَهَبَ صَاحِبُكَ فِي اليَهْيَرَّى أَي فِي الْبَاطِلِ. شَمِرٌ: ذَهَبَ فِي اليَهْيَرِّ أَي فِي الرِّيحِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سأَلته عَنْ شَيْءٍ فأَخطأَ: ذهبتَ فِي اليَهْيَرَّى، وأَين تذهبْ تذهبْ فِي اليَهْيَرَّى؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَتْ شَيْخًا لَهَا دَوْدَرَّى ... فِي مثلِ خَيْطِ العِهِنِ المُعَرَّى
طَلَّتْ كأَنَّ وجْهَها يَحْمَرَّا ... تَرْبُدُ فِي الباطلِ واليَهْيَرَّى
والدَّوْدَرَّى مِنْ قَوْلِكَ فَرَسٌ دَرِيرٌ أَي جَوَادٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي مِثْلِ خَيْطِ الْعِهِنِ الْمُعَرَّى؛ يريد الخُدْرُوفَ. وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدَةَ أَن اليَهْيَرَّى الْحِجَارَةُ. واليَهْيَرُّ: الْكَذِبُ. وَقَوْلُهُمْ أَكذبُ مِنَ اليَهْيَرِّ، هُوَ السَّرَابُ. اللَّيْثُ: اليَهْيَرُّ اللَّجَاجَةُ والتَّمادِي فِي الأَمر، تقول استيهر، وأَنشد:
__________
(1) . قوله [وهيرور ضرب إلخ] بكسر الهاء بضبط الأصل وضبط في القاموس بفتحها وتكلم الشارح عليهما وعزا الأَول لأَئمة اللغة

(5/269)


وقَلْبُكَ فِي اللَّهْو مُستَيْهِرُ «1»
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ قَدِ اسْتَيْهَرْتُ أَنكم قَدِ اصْطَلَحْتُمْ، مِثْلُ اسْتَيْقَنْتُ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْجَعْفَرِيِّينَ أَنا مُسْتَوْهِرٌ بالأَمر مستيقن؛ السلميّ: مُسْتَيهِرٌ. واليَهْيَرُّ: دُوَيْبَّة أَعظم مِنَ الجُرَذِ تَكُونُ فِي الصَّحَارِي، وَاحِدَتُهُ يَهْيَرَّة؛ وأَنشد:
فَلاةٌ بِهَا اليَهْيَرُّ شُقْراً كأَنها ... خُصَى الخَيْلِ، قَدْ شُدَّتْ عَلَيْهَا المَسامِرُ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهَا فَقَالُوا: يَفْعَلّةٌ، وَقَالُوا: فَيْعَلَّةٌ، وَقَالُوا: فَعْلَلَّةٌ. ابْنُ هَانِئٍ: اليَهْيَرُّ شَجَرَةٌ، واليَهْيَرُ، بِالتَّخْفِيفِ، الْحَنْظَلُ، وَهُوَ أَيضاً السَّمُّ. واليَهْيَرُ: صَمْغُ الطَّلْحِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما يَهْيَرُّ، مُشَدَّدٌ، فَالزِّيَادَةُ فِيهِ أَولى لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَلُّ، وَقَدْ نَقَلَ مَا أَوَّله زِيَادَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ يَهْيَرُّ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ كَانَتِ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةُ أَيضاً، لأَن الْيَاءَ إِذا كَانَتْ أَوَّلًا بِمَنْزِلَةِ الْهَمْزَةِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو فِي اليَهْيَرِّ صَمْغِ الطَّلْحِ:
أَطْعَمْتُ رَاعِيَّ مِنَ اليَهْيَرِّ ... فَظَلَّ يَعْوِي حَبَطاً بِشَرِّ
خَلْفَ اسْتِهِ، مثلَ نَقِيق الهِرِّ
وَهُوَ يَفْعَلُّ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَلٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَسقط الْجَوْهَرِيُّ ذِكْرَ تَيْهُور لِلرَّمْلِ الَّذِي يَنْهار لأَنه يَحْتَاجُ فِيهِ إِلى فَضْلِ صَنْعَةٍ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ وشاهدُ تَيْهورٍ لِلرَّمْلِ المُنْهارِ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: إِلى أَراطٍ ونَقاً تَيْهُورِ وَزْنُهُ تَفْعُول، والأَصل فيه تَهْيُور، فقدِّمت الْيَاءِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ إِلى مَوْضِعِ الْفَاءِ، فَصَارَ تَيْهُوراً، فَهَذَا إِن جعلت تَيهُوراً من تَيَهَّرَ الجُرُفُ، وإِن جَعَلْتَهُ مِنْ تَهَوَّر كَانَ وَزْنُهُ فَيْعُولًا لَا تَفْعُولًا، وَيَكُونُ مَقْلُوبَ الْعَيْنِ أَيضاً إِلى مَوْضِعِ الْفَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ بَعْدَ الْقَلْبِ وَيْهُور، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً كَمَا قُلِبَتْ فِي تَيْقُور، وأَصله وَيْقُور مِنَ الوَقار كَقَوْلِ الْعَجَّاجِ:
فإِن يَكُنْ أَمْسى البِلَى تَيْقورِي
أَي وَقاري قَالَ: وَكَثِيرًا مَا تُبْدَلُ التَّاءُ مِنَ الْوَاوِ فِي نَحْوِ تُراثٍ وتُجاهٍ وتُخَمَة وتُقًى وتُقاةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا نَحْنُ التَّيْهُورَ فِي فَصْلِ التَّاءِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ.