لسان العرب

فصل الحاء المهمة
حبش: الحَبَش: جِنْس مِنَ السُّودان، وَهُمُ الأَحْبُش والحُبْشان مِثْلُ حمَل وحُمْلان والحَبِيش، وَقَدْ قَالُوا الحَبَشة عَلَى بِنَاءِ سَفَرة، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي الْقِيَاسِ لأَنه لَا واحدَ لَهُ عَلَى مِثَالِ فاعِل، فَيَكُونُ مُكَسَّرًا عَلَى فَعَلة؛ قَالَ الأَزهري: الحَبَشة خطأٌ فِي الْقِيَاسِ لأَنك لَا تَقُولُ لِلْوَاحِدِ حابِش مِثْلُ فَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ، وَلَكِنْ لَمَّا تُكُلِّم بِهِ سَارَ فِي اللُّغَاتِ، وَهُوَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ جَائِزٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوصيكم بِتَقْوَى اللَّه والسمعِ والطاعةِ وإِنْ عَبْداً حَبَشِيّاً
أَي أَطيعوا صاحبَ الأَمْر وإِن كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَحَذَفَ كَانَ وَهِيَ مُرَادَةٌ. والأُحبوش: جَمَاعَةُ الْحَبَشِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ صِيرانَ المَهَا الأَخْلاط ... بِالرَّمْلِ أُحْبُوشٌ مِنَ الأَنْباط
وَقِيلَ: هُمُ الْجَمَاعَةُ أَيًّا كَانُوا لأَنهم إِذا تجمَّعوا اسْودُّوا. وَفِي حَدِيثِ خَاتَمِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ أَنه أَراد مِنَ الجِزْع أَو العَقِيق لأَنَّ معدِنَهما اليَمَنُ والحَبَشة أَو نَوْعًا آخَرَ يُنْسَبُ إِليها. والأَحابِيشُ: أَحْياءٌ مِنَ القارَة انضمُّوا إِلى بَنِي لَيث فِي الْحَرْبِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ قَبْلَ الإِسلام، فَقَالَ إِبْليس لِقُرَيْشٍ: إِني جارٌ لَكُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فواقَعُوا دَماً؛ سُمُّوا بِذَلِكَ لاسْوِدادهم؛ قَالَ:
لَيْث ودِيل وكَعْب وَالَّذِي ظأَرَتْ ... جَمْعُ الأَحابِيش، لَمَّا احْمَرَّت الحَدَق
فَلَمَّا سُمّيت تِلْكَ الأَحياءُ بالأَحابيش مِنْ قِبَل تجمُّعِها صَارَ التَّحْبيش فِي الْكَلَامِ كَالتَّجْمِيعِ. وحُبْشِيّ: جبَل بأَسفل مَكَّةَ يُقَالُ مِنْهُ سُمِّيَ أَحابيشُ قُرَيْشٍ، وَذَلِكَ أَن بَني المُصطلق وَبَنِي الهَوْن بْنِ خُزيمة اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَحَالَفُوا قُرَيْشًا، وَتَحَالَفُوا باللَّه إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غيرِنا مَا سَجا لَيْلٌ ووَضَحَ نَهَارٌ وَمَا أَرْسَى حُبْشيٌّ مَكانَه، فسُمّوا أَحابيش قُريش بَاسِمِ الْجَبَلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ: أَنه مَاتَ بالحُبْشيّ
؛ هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَالتَّشْدِيدِ، مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ، وَقِيلَ: جَبَلٌ بأَسفل مَكَّةَ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيبية:
أَن قُرَيْشًا جمَعوا ذَلِكَ جمعَ الأَحابيش
؛ قَالَ: هُمْ أَحياء مِنَ الْقَارَةِ. وأَحْبَشَت المرأَةُ بوَلدها إِذا جَاءَتْ بِهِ حَبَشِيَّ اللَّون. وَنَاقَةٌ حَبَشِيَّة: شَدِيدَةُ السَّوَادِ. والحُبْشِيَّة: ضَرْب مِنَ النَّمْلِ سُودٌ عِظامٌ لمَّا جُعِل ذَلِكَ اسْمًا لَهَا غَيَّروا اللَّفْظَ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَ النِّسْبَةِ وَالِاسْمِ، فَالِاسْمُ حُبْشِيَّة

(6/278)


وَالنَّسَبُ حَبَشِية. وَرَوْضَةٌ حَبَشِية: خَضْرَاءُ تَضْرِب إِلى السَّواد؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ويَاْكُلْن بُهْمَى جَعْدَةً حَبَشِيَّة، ... ويَشْرَبْن بَرْدَ الماءِ فِي السَّبَرات
والحُبْشانُ: الْجَرَادُ الَّذِي صَارَ كأَنه النَّمْلُ سَواداً، الواحدةُ حَبَشِيَّة؛ هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ، وإِنما قِيَاسُهُ أَن تَكُونَ واحدتَه حُبْشانَةٌ أَو حَبْشٌ أَو غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَصْلُحُ أَن يَكُونَ فُعْلان جَمْعَه. والتحَبُّش: التجمُّع. وحَبَش الشيءَ يَحْبشُه حَبْشاً وحَبَّشَه وتحَبَّشَه واحْتَبَشه: جَمَعَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أُولاك حَبَّشْتُ لَهُمْ تَحْبِيشِي
وَالِاسْمُ الحُباشة. وحَبَشْت لَهُ حُباشة إِذا جَمَعْت لَهُ شَيْئًا، والتَّحْبيش مِثْلُهُ. وحُباشات العَيْر: مَا جُمِعَ مِنْهُ، واحدتُها حُباشة. واحْتَبش لأَهلِه حُباشَةً: جَمَعها لَهُمْ. وحَبَشْت لِعِيَالِي وهَبَشْت أَي كسبْتُ وجمعْتُ، وَهِيَ الحُباشة والهُباشة؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
لَوْلَا حُباشاتٌ مِنَ التَّحْبِيش ... لِصِبْية كأَفْرُخ العُشُوش
وَفِي الْمَجْلِسِ حُباشات وهُباشات مِنَ النَّاسِ أَي ناسٌ ليسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمُ الحُباشة الْجَمَاعَةُ، وَكَذَلِكَ الأُحْبوش والأَحابيش، وتحبَّشوا عَلَيْهِ: اجْتَمَعُوا، وَكَذَلِكَ تَهبَّشوا. وحَبَّش قومَه تَحْبِيشًا أَي جَمَعَهُمْ. والأَحْبَش: الَّذِي يأْكل طَعَامَ الرجُل وَيَجْلِسُ عَلَى مَائِدَتِهِ ويُزَيّنه. والحَبَشِيّ: ضرْب مِنَ العِنَب. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يُنْعت لَنَا. والحَبَشِيّ: ضرْب مِنَ الشَّعِيرِ سُنْبُله حَرْفَانِ وَهُوَ حَرِش لَا يُؤْكَلُ لِخُشُونَتِهِ وَلَكِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْعَلَفِ. وَمِنْ أَسماء العُقاب: الحُباشيَّة والنُّسارِيَّة تُشَبَّه بِالنَّسْرِ. وحَبَشِية: اسْمُ امرأَة كَانَ يزيدُ بن الطثَرِيّة يَتَحَدَّثُ إِليها. وحُبَيْش: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ جَاءَ مصغَّراً مِثْلَ الكُمَيت والكُعَيت. وَحَبِيشٌ «1» : اسم.
حتش: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ اللَّيْثُ فِي كِتَابِهِ حَتَش يَنْظُر فِيهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ حَتَش إِذا أَدام النَّظَرَ، وَقِيلَ: حَتَش القومُ وتَحَتْرشوا إِذا حَشَدوا.
حترش: الحِتْرِشُ والحُتْرُوش: الصَّغِيرُ الْجِسْمِ النَّزِق مَعَ صَلَابَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الخفيفِ النشِيطِ حُتْروش. الْجَوْهَرِيُّ: الحُتْروش الْقَصِيرُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَحسَنَ حَتَارِشَ الصَّبِيِّ أَي حركاتِه. وَسَمِعْتُ لِلْجَرَادِ حَتْرَشَة إِذا سَمِعْتَ صَوْتَ أَكْله. وتَحَتْرَشَ القومُ: حَشَدوا. يُقَالُ: حَشَد القومُ وحَشَكُوا وتَحَتْرَشُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: سَعَى فُلَانٌ بَيْنَ الْقَوْمِ فتَحَتْرَشُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ أَي سَعَوا وعَدَوْا عَلَيْهِ. وحِتْرِش: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. وَبَنُو حِتْرِش. بطْنٌ مِنْ بَنِي مُضَرّس وَهُمْ مِنْ بَنِي عقيل.
حرش: الحَرْش والتَحْرِيش: إِغراؤُك الإِنسانَ والأَسد لِيَقَعَ بقِرْنِه. وحَرَّش بَيْنَهُمْ: أَفْسد وأَغْرى بعضَهم ببَعض. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْرِيشُ الإِغراء بَيْنَ الْقَوْمِ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْكِلَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن التحْريش بَيْنَ الْبَهَائِمِ
، هُوَ الإِغراء وَتَهْيِيجُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا يُفْعل بَيْنَ الْجِمَالِ والكِباش والدُّيُوك وَغَيْرِهَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِس أَنْ يُعْبَد في
__________
(1) . قوله [وحبيش] هو كأَمير وزبير.

(6/279)


جَزِيرَةِ العَرَب وَلَكِنْ فِي التَّحريش بَيْنَهُمْ
أَي فِي حَمْلهم عَلَى الفِتَنِ والحُروب. وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ، فِي الْحَجِّ: فذهبْتُ إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحَرِّشاً عَلَى فاطمةَ
، فإِن التَّحْرِيشَ هَاهُنَا ذكرُ مَا يُوجِب عتابَه لَهَا. وحَرَشَ الضبَّ يَحْرِشُه حَرْشاً واحْتَرَشَه وتَحَرَّشَه وتحرَّش بِهِ: أَتى قَفا جُحْرِه فَقَعْقَعَ بِعصاه عَلَيْهِ وأَتْلَج طَرَفها فِي جُحْره، فإِذا سَمِعَ الصوتَ حَسِبَه دَابَّةً تُرِيدُ أَن تَدْخُلَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ يَزْحَل عَلَى رِجْليه وعجُزِه مُقاتلًا وَيَضْرِبُ بذنَبه، فناهَزَه الرجُلُ أَي بَادَرَهُ فأَخَذ بذنَبه فضَبَّ عَلَيْهِ أَي شَدَّ القَبْض فَلَمْ يَقْدِرْ أَن يَفِيصَهُ أَي يُفْلِتَ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: حَرْشُ الضَّبِّ صَيْدُه وَهُوَ أَن يُحَكَّ الجُحْر الَّذِي هُوَ فِيهِ يُتَحرَّشُ بِهِ، فإِذا أَحسَّه الضَّبُّ حَسِبَه ثُعْباناً، فأَخْرَج إِليه ذنبَه فيُصاد حِينَئِذٍ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لُهوَ أَخْبَثُ مِنْ ضبٍّ حَرَشْته، وَذَلِكَ أَن الضبَّ رُبَّمَا اسْتَرْوَحَ فَخَدَع فَلَمْ يُقْدر عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ الِاحْتِرَاشِ، الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَمِنْ أَمثالهم فِي مُخَاطَبَةِ الْعَالِمِ بِالشَّيْءِ مَنْ يُرِيدُ تَعْلِيمَهُ: أَتُعْلِمُني بضبٍّ أَنا حَرَشْتُه؟ ونَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: كمُعَلِّمةٍ أُمَّها البِضَاع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ أَمثالهم: هَذَا أَجَلُّ مِنَ الحَرْش؛ وأَصل ذَلِكَ أَنّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ الضَّبُّ لِابْنِهِ يَا بُنَيّ احذَر الحَرْش، فَسَمِعَ يَوْمًا وقْعَ مِحْفارٍ عَلَى فَمِ الجُحر، فَقَالَ: بابَهْ «1» أَهذا الحَرْشُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيّ هَذَا أَجلّ مِنَ الحَرْش؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ قَوْلَ كُثَيّر:
ومُحْتَرِش ضَبَّ العَدَاوَة مِنْهمُ، ... بِحُلْو الخَلى، حَرْشَ الضِّباب الخَوادِع
يُقَالُ: إِنه لَحُلْو الخَلى أَي حُلْو الْكَلَامِ؛ ووَضَع الحَرْشَ موضعَ الِاحْتِرَاشِ لأَنَّه إِذا احْتَرَشَه فَقَدْ حَرَشَه؛ وَقِيلَ: الحَرْش أَنْ تُهَيِّج الضبَّ فِي جُحْره، فإِذا خَرَجَ قَرِيبًا مِنْكَ هَدَمْتَ عَلَيْهِ بَقِيَّة الْجُحْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَحْرَشْت الضَّبَّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَرَشَ الضبَّ يَحْرِشه حَرْشاً صادَه، فَهُوَ حَارِشٌ للضِّباب، وَهُوَ أَن يُحَرّك يَدَهُ عَلَى جُحْرِهِ ليظُنَّه حَيَّة فيُخْرِج ذَنَبَه ليضْرِبَها فيأْخُذه. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا أَتاه بِضباب احْتَرَشها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالِاحْتِرَاشُ فِي الأَصل الجَمْع والكسْب والخِداع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي حَثْمة فِي صِفَةِ التّمْر: وتُحْتَرَشُ بِهِ الضِّبابُ
أَي تُصطاد. يُقَالُ: إِن الضبَّ يُعْجَب بِالتَّمْرِ فيُحِبّه. وَفِي حَدِيثِ
الْمِسْوَرِ: مَا رأَيت رجُلًا ينفِر مِنَ الحَرْش مثلَه
، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ، يُرِيدُ بالحَرْش الخديعةَ. وحارَشَ الضبُّ الأَفعى إِذا أَرادت أَن تَدْخل عَلَيْهِ فَقاتَلَها. والحَرْش: الأَثَر، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَثَر فِي الظَّهْر، وَجَمْعُهُ حِرَاش؛ وَمِنْهُ رِبْعِيّ بنُ حِراش وَلَا تَقُلْ خِراش، وَقِيلَ: الحِرَاش أَثَر الضرْب فِي البَعِير يبْرأُ فَلَا يَنْبُت لَهُ شَعر وَلَا وَبر. وحَرَش البعِيرَ بِالْعَصَا: حَكَّ فِي غارِبِه ليَمْشِيَ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب يَقُولُ لِلْبَعِيرِ الَّذِي أَجْلَب دبَرُه فِي ظَهره: هَذَا بَعِيرٌ أَحْرَش وَبِهِ حَرَش؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَطَار بِكَفِّي ذُو حِرَاش مُشَمِّرٌ، ... أَحَذُّ ذلاذِيل العَسِيب قصِير
أَراد بِذِي حِرَاش جَمَلًا بِهِ آثَارُ الدَّبر. وَيُقَالُ: حَرَشْت جَرَبَ الْبَعِيرِ أَحْرِشُهُ حَرْشاً وخَرَشته خَرْشاً إِذا حكَكْتَه حَتَّى تقشَّر الْجِلْدُ الأَعلى فيَدْمى
__________
(1) . قوله [بابه] هكذا بالأَصل، وفي القاموس: يا أَبت إلخ.

(6/280)


ثُمَّ يُطْلى حِينَئِذٍ بالهِناء، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَرْشَاء مِنَ الجُرْب الَّتِي لَمْ تُطْل؛ قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتْ حَرْشاءَ لِخُشُونَةِ جِلْدِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وحَتى كأَنِّي يَتَّقي بيْ مُعبَّد، ... بِه نُقْبة حرشاءُ لَمْ تَلْق طَالِيَا
ونُقْبة حَرْشَاءُ: وَهِيَ الباثِرة الَّتِي لَمْ تُطْل. والحارِش: بُثُور تَخْرُجُ فِي أَلسِنَة النَّاسِ والإِبلِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وحَرَشَه، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ جَمِيعًا، حَرْشاً أَي خَدَشَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ أَصواتَ كِلابٍ تهْتَرشْ، ... هاجَتْ بوَلْوَالٍ ولَجَّت فِي حَرَشْ
فحرَّكه ضَرُورَةً. والحَرْشُ: ضَرْب مِنَ البَضْع وَهِيَ مُسْتَلْقِية. وحَرَشَ المرأَة حَرْشاً: جَامَعَهَا مُسْتَلْقِيَةً عَلَى قفَاها. واحْتَرَشَ القَومُ: حَشَدُوا واحْتَرَشَ الشيءَ: جَمَعه وكَسَبَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لوْ كُنْتَ ذَا لُبٍّ تَعِيشُ بِهِ، ... لَفَعَلْتَ فْعلَ المَرْء ذِي اللُّبّ
لَجَعَلْتَ صالِحَ مَا احْتَرَشْتَ، وَمَا ... جَمَّعْتَ مِنْ نَهْبٍ، إِلى نَهْب
والأَحْرَشُ مِنَ الدنانِير: مَا فِيهِ خُشُونة لِجدَّتِه؛ قَالَ:
دَنانِيرُ حُرْشٌ كلُّها ضَرْبُ واحِد
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رجُلًا أَخَذ مِنْ رجُل آخَرَ دَنانيرَ حُرْشاً
؛ جَمْعُ أَحْرش وَهُوَ كُلُّ شيءٍ خَشِنٍ، أَراد أَنها كَانَتْ جَديدة فَعَليْها خُشونة النَّقْش. ودَراهِمُ حُرْشٌ: جِيادٌ خُشْنٌ حَديثة العَهد بالسِّكَّة. والضبُّ أَحْرَشُ، وضبٌّ أَحْرش: خَشِنُ الجِلْدِ كأَنَّه مُحَزَّز. وَقِيلَ: كلُّ شَيْءٍ خشِنٍ أَحْرشُ وحَرِشٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأُراها عَلَى النَّسَبِ لأَنّي لَمْ أَسمع لَهُ فِعْلًا. وأَفْعى حَرْشاءُ: خشِنة الجِلْدة، وَهِيَ الحَريِش والحِرْبيش؛ الأَزهري أَنشد هَذَا الْبَيْتَ:
تَضْحَكُ مِني أَنْ رَأَتْني أَحْتَرِشْ، ... ولَوْ حَرَشْتِ لكَشَفْتُ عَنْ حِرِش
قَالَ: أَراد عَنْ حِرِكْ، يَقْلبون كَافَ الْمُخَاطَبَةِ للتأْنيث شِيناً. وحيَّة حَرْشاء بَيِّنَةُ الحَرَشِ إِذا كَانَتْ خَشِنَةَ الْجِلْدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِحَرْشاء مِطْحانٍ كأَنَّ فَحِيحَها، ... إِذا فَزِعَتْ، ماءٌ أُرِيقَ عَلَى جَمْر
والحَرِيشُ: نَوْعٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَرْقَط. والحَرْشاء: ضَرْبٌ مِنَ السُّطَّاح أَخضرُ يَنْبُتُ مُتِسَطِّحاً عَلَى وَجْهِ الأَرض وَفِيهِ خُشْنَة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
والخَضِر السُّطّاح مِنْ حَرْشائِه
وَقِيلَ: الحَرْشاء مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ وَهِيَ تَنْبُتُ فِي الدِّيَارِ لازِقة بالأَرض وَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَلَوْ لَحِسَ الإِنسان مِنْهَا وَرَقَةً لزِقت بِلِسَانِهِ، وَلَيْسَ لَهَا صَيُّور؛ وَقِيلَ: الحَرْشاء نَبْتة مُتَسَطِّحة لَا أَفنان لَهَا يَلْزَمُ ورقُها الأَرضَ وَلَا يمتدُّ حِبالًا غَيْرَ أَنه يَرْتَفِعُ لَهَا مِنْ وسَطِها قَصَبَةٌ طَوِيلَةٌ فِي رأْسها حَبَّتها. قَالَ الأَزهري: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ الحَرْشاءُ والصَّفْراء والغَبْراء، وَهِيَ أَعشاب مَعْرُوفَةٌ تَسْتَطِيبُها الرَّاعِيَةُ. والحَرْشاء: خَرْدَل البَرِّ. والحَرْشاء: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وانْحَتَّ مِنْ حَرْشاء فَلْجٍ خَرْدَلُهْ، ... وأَقْبَلَ النَّمْلُ قِطاراً تَنْقُلُهْ

(6/281)


والحَرِيش: دَابَّةٌ لَهَا مَخَالِبُ كَمَخَالِبِ الأَسد وقَرْنٌ وَاحِدٌ فِي وسَطِ هامَتِها، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: يُسَمِّيهَا النَّاسُ الكَرْكَدّن؛ وأَنشد:
بِهَا الحَرِيشُ وضِغْزٌ مائِل ضَبِرٌ، ... يَلْوي إِلى رَشَحٍ مِنْهَا وتَقْلِيص «2»
قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مَا هَذَا الْبَيْتُ وَلَا أَعرف قَائِلَهُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ:
وَذُو قَرْنٍ يُقَالُ لَهُ حَرِيش
وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَشياخه قَالَ: الهِرْميس الكَرْكَدّن شَيْءٌ أَعظمُ مِنَ الْفِيلِ لَهُ قَرْن، يَكُونُ فِي الْبَحْرِ أَو عَلَى شَاطِئِهِ، قَالَ الأَزهري: وكأَن الحَرِيش والهِرْميس شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الحَرِيش دُوَيْبَّة أَكبرُ مِنَ الدُّودة عَلَى قَدْرِ الإِصبع لَهَا قَوَائِمُ كَثِيرَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى دَخّالَةَ الأُذُن. وحَرِيش: قَبِيلة مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَقَدْ سمَّت حَرِيشاً ومُحَرِّشاً وحِراشاً.
حربش: أَفْعى حِرْبِشٌ وحِرْبيشٌ: كَثِيرَةُ السُّمِّ خَشِنة الْمَسِّ شَدِيدَةُ صوتِ الجسدِ إِذا حَكَّت بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُتَحَرِّشة. والحِرْبِيش: حَيَّةٌ كالأَفعى ذاتُ قَرْنَين؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غَضْبى كأَفعى الرِّمْثة الحِرْبِيش
ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخَشْناء فِي صوتِ مَشْيِهَا. الأَزهري: الحِرْبِش والحِرْبِشة الأَفعى، وَرُبَّمَا شدَّدُوا فَقَالُوا: حِرِبِّش وحِرِبِّشة. أَبو خيرة: من الأَفاعي الحِرْفش والحَرافش وَقَدْ يَقُولُ بعضُ الْعَرَبِ الحِرْبِش؛ قَالَ وَمِنْ ثم قالوا:
هل بلد الحِرْبِشِ إِلَّا حِرْبِشا؟
حرفش: احْرَنْفش الدِّيكُ: تَهَيَّأَ لِلْقِتَالِ وأَقام ريشَ عُنُقِه، وَكَذَلِكَ الرجُل إِذا تهيَّأَ لِلْقِتَالِ وَالْغَضَبِ وَالشَّرِّ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَقَالَ هَرَمُ بْنُ زَيْدٍ الْكَلْبِيُّ: إِذا أَحيا النَّاسُ فَأَخْصَبُوا قُلْنَا قَدْ أَكْلأَت الأَرضُ وأَخْصَبَ الناسُ واحْرَنْفَشَت العَنْزُ لأُخْتها ولَحِسَ الكلبُ الوَضَرَ، قَالَ: واحْرِنْفاشُ العنْزِ ازبِيرارُها وتَنَصُّبُ شَعرِها وزيفَانُها فِي أَحد شِقَّيْها لتَنْطَحَ صاحبتَها، وإِنما ذَلِكَ مِنَ الأَشَرِ حِينَ ازْدَهَت وأَعْجَبَتْها نفسُها، وتَلَحُّسُ الْكَلْبِ الوَضَر لِمَا يُفْضِلُون مِنْهُ ويَدعُون مِنْ خِلاصِ السَّمْن فَلَا يأْكلونه مِنَ الخِصْبِ والسَّنَقِ، واحْرَنْفَشَ الكلبُ والهرُّ تهيَّأَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، واحْرَنْفَشَتِ الرِّجَالُ إِذا صَرَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والمُحْرَنْفِشُ: المُتَقَبِّضُ الْغَضْبَانُ. واحْرَنْفَش لِلشَّرِّ: تهيّأَ لَهُ. أَبو خَيْرَةَ: من الأَفاعي الحِرْفش والحرافش.
حشش: الحَشِيش: يابِسُ الكَلإِ، زَادَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ وَهُوَ رَطْبٌ حَشِيش، وَاحِدَتُهُ حَشِيشة، والطَّاقة مِنْهُ حَشِيشة، والفِعْل الاحْتِشاش. وأَحَشَّ الكلأُ: أَمْكَنَ أَن يُجْمع وَلَا يُقَالَ أَجَزَّ. وأَحَشَّت الأَرضُ: كَثُرَ حَشِيشُها أَو صَارَ فِيهَا حَشِيش. والعُشْبُ: جِنْس لِلْخَلى والحشِيش، فالخَلى رَطْبُه، والحشِيشُ يابِسُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهل اللُّغَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحشِيش أَخْضَرُ الكلإِ ويابسُه؛ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لأَن موضوعَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي اللُّغَةِ اليُبْس والتقَبُّض. الأَزهري: الْعَرَبُ إِذا أَطْلَقوا اسْمَ الحشِيش عَنَوْا بِهِ الخَلى خاصَّة، وَهُوَ أَجْوَدُ عَلَفٍ يَصْلُح الخَيْلُ عَلَيْهِ، وَهِيَ مِنْ خَيْر مراعِي النَّعَم، وَهُوَ عُرْوَةٌ فِي الجَدْب وعُقْدة فِي الأَزَمات، إِلا أَنه إِذا حَالَتْ
__________
(2) . قوله [يلوي إلى رشح] هكذا أَنشده هنا وأَنشده في مادة ضغز يأْوي إِلى رشف.

(6/282)


عَلَيْهِ السَّنَةُ تغَيَّر لونُه واسْودَّ بَعْدَ صُفرتِه، واحْتَوَتْه النَّعَم والخَيل إِلا أَن تُمْحِلَ السَّنَةُ وَلَا تُنْبِتَ البقلَ، وإِذا بَدَا القومُ فِي آخِرِ الخَريف قَبْلَ وُقُوعِ رَبِيعٍ بالأَرض فَظَعَنُوا مُنْتجِعين لَمْ يَنْزِلُوا بَلَدًا إِلا مَا فِيهِ خَلًى، فإِذا وَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض وأَبْقَلَت الرّياضُ أَغْنَتْهم عَنِ الْخَلَى والصِّلّيان. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: البقْلُ أَجْمَع رَطْباً وَيَابِسًا حشيشٌ وعلَفٌ وخَلًى. وَيُقَالُ: هَذِهِ لُمْعَة قَدْ أَحَشَّت أَي أَمكنت لأَنْ تُحَشَّ، وَذَلِكَ إِذا يَبِست، واللُّمْعة مِنَ الخَلى، وَهُوَ المَوْضع الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الْخَلَى، وَلَا يُقَالُ لَهُ لُمْعة حَتَّى يصفَرَّ أَو يَبْيَضَّ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كَلَامٌ كُلُّهُ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. والمَحَشّ والمَحَشَّة: الأَرض الْكَثِيرَةُ الحَشِيش. وَهَذَا مَحَشُّ صِدْقٍ: لِلْبَلَد الَّذِي يَكثُر فِيهِ الْحَشِيشُ. وَفُلَانٌ بمَحَشِّ صِدْقٍ أَي بِمَوْضِعٍ كَثِيرِ الْحَشِيشِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ أَصاب أَيَّ خَيرٍ كَانَ مَثَلًا بِهِ؛ يُقَالُ: إِنَّك بمَحَشّ صِدْق فَلَا تبْرحْه أَي بِمَوْضِعٍ كَثِيرِ الْخَيْرِ. وحَشّ الحَشِيشَ يَحُشُّه حَشًّا واحْتَشَّه، كِلاهما: جَمَعَه. وحَشَشْت الْحَشِيشَ: قطعْتُه، واحْتَشَشْتُه طلَبْتُه وجَمَعْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رجُلًا مِنْ أَسْلَمَ كَانَ فِي غُنَيْمة لَهُ يَحُشُّ عَلَيها
، وَقَالُوا: إِنما هُوَ يَهُشُّ، بِالْهَاءِ، أَي يَضْرب أَغْصانَ الشجَر حَتَّى يَنْتَثِرَ ورَقُها مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي، وَقِيلَ: إِنَّ يَحُشُّ ويَهُشّ بِمَعْنًى، وَهُوَ مَحْمول عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الحَشِّ قَطْعِ الحَشِيش. يُقَالُ: حَشَّهُ واحْتَشَّه وحَشَّ عَلَى دابَتِه إِذَا قَطَع لَهَا الْحَشِيشَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه رَأَى رجُلًا يَحْتَشّ فِي الحَرَم فَزَبَرَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي يأْخُذ الْحَشِيشَ وَهُوَ الْيَابِسُ مِنَ الكَلإِ. والحُشّاش: الَّذِينَ يَحْتَشُّون. والمِحَشّ والمَحَشّ: مِنجل ساذَجٌ يُحَشُّ بِهِ الْحَشِيشُ، وَالْفَتْحُ أَجود، وهُما أَيضاً الشَّيْءُ الَّذِي يُجْعل فِيهِ الْحَشِيشُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المِحَشّ مَا حُشّ بِهِ، والمَحَشّ الَّذِي يُجْعل فِيهِ الْحَشِيشُ، وَقَدْ تُكْسر ميمُه أَيضاً. والحِشَاش خَاصَّةً: مَا يُوضَعُ فِيهِ الْحَشِيشُ، وجمْعُه أَحِشَّة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي السَّلِيل: قَالَ جَاءَتِ ابْنةُ أَبي ذَرّ عَلَيْهَا مِحَشّ صُوفٍ أَي كساءٌ خَشن خَلَقٌ
، وَهُوَ مِنَ المِحَشّ والمَحَشّ، بالفتح والكسر، والكِساء الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الحَشِيش. وحَشَشْت فَرَسي: أَلْقَيْتُ لَهُ حَشِيشاً. وحَشّ الدَّابَّةَ يحُشّها حَشًّا: علَفَها الحشيشَ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ: حُشَّ فَرَسَك. وَفِي الْمَثَلِ «1» : أَحُشُّكَ وتَرُوثُني، يَعْني فرسَه، يُضْرَبُ مثَلًا لِكُلِّ مَنِ اصطُنِع عِنْدَهُ معروفُ فكافَأَه بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْه وَلَا نَفَعه. وَقَالَ الأَزهري: يُضْرب مثَلًا لِمَنْ يُسِيء إِليك وأَنت تُحْسن إِليه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ولَوْ قِيلَ بِالسِّينِ لَمْ يَبْعُدْ، وَمَعْنَى أَحُشّك أَفَأَحُشّ لَكَ، وَيَكُونُ أَحُشُّك أَعْلِفُك الْحَشِيشَ، وأَحَشَّه: أَعانَه عَلَى جَمْع الْحَشِيشِ. وحَشَّت اليَدُ وأَحَشَّت وَهِيَ مُحِشّ: يَبِسَت، وأَكثر ذَلِكَ فِي الشَّلَلِ. وحُكِي عَنْ يُونُسَ: حُشَّت، عَلَى صِيغة مَا لَمْ يُسمَّ فاعلُه، وأَحَشَّها اللَّه. الأَزهري: حَشَّت يدُه تَحِشُّ إِذا دقَّت وصغُرت، واسْتَحَشَّتْ مِثْلُهُ. وحَشَّ الولَدُ فِي بطْن أُمِّه
__________
(1) . قوله [وفي المثل إلخ] في شرح القاموس: ثم إِن لفظ المثل هكذا هو في الصحاح والتهذيب والأَساس والمحكم، ورأيت في هامش الصحاح ما نصه: والذي قرأته بخط عبد السلام البصري في كتاب الأَمثال لأَبي زيد: أَحشّك وتروثين، وقد صحح عليه.

(6/283)


يَحِشُّ حَشّاً وأَحَشَّ واستحَشَّ: جُووِزَ بِهِ وقْت الوِلادة فيَبِسَ فِي البَطْن، وَبَعْضُهُمْ يقول: حُشَّ، بضمِّ الْحَاءِ. وأَحَشَّت المرأَة وَالنَّاقَةُ وَهِيَ مُحِشّ: حَشَّ ولدُها فِي رحِمِها أَي يَبِسَ وأَلْقَتْه حَشًّا ومَحْشُوشاً وأُحْشُوشاً أَي يَابِسًا، زَادَ الأَزهري: وحَشِيشاً إِذا يَبِسَ فِي بَطْنِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رجُلًا أَراد الْخُرُوجَ إِلى تَبُوكَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّه أَو امرأَته: كَيْفَ بالوَدِيِّ؟ فَقَالَ: الغَزْوُ أَنْمى لِلْوَدِيّ، فَمَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدِيّةٌ وَلَا حَشَّت
أَي يَبِسَت. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَن امرأَة مَاتَ زوجُها فَاعْتَدَّتْ أَربعةَ أَشهر وعشْراً ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ أَربعة أَشهر وَنِصْفًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، فَدَعَا عمرُ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فسأَلهن عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْنَ: هَذِهِ امرأَة كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا الأَوّل، فَلَمَّا مَاتَ حَشَّ ولدُها فِي بَطْنِهَا، فَلَمَّا مَسَّهَا الزَّوْجُ الْآخَرُ تحرَّك ولدُها، قَالَ: فَأَلْحَقَ عُمَرُ الولدَ بالأَول.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَشَّ ولدُها فِي بَطْنِهَا أَي يَبِس. والحُشّ: الْوَلَدُ الْهَالِكُ فِي بَطْنِ الْحَامِلَةِ. وإِن فِي بَطْنِهَا لَحُشَّا، وَهُوَ الْوَلَدُ الْهَالِكُ تَنْطَوِي عَلَيْهِ وتُهْراق دَماً عَلَيْهِ تَنْطَوِي عَلَيْهِ أَي يَبْقَى فَلَمْ يَخْرُجْ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى التِّجارِ بِجَسْرة ... قَلِقٍ حشُوش جَنِينها أَو حائِل
قَالَ: وإِذا أَلقت وَلَدَهَا يَابِسًا فَهُوَ الْحَشِيشُ، قَالَ: وَلَا يَخْرُجُ الْحَشِيشُ مِنْ بَطْنِهَا حَتَّى يُسْطى عَلَيْهَا، وأَما اللَّحْمُ فإِنه يَتَقَطَّعُ فيَبُول حَفْزاً فِي بَوْلِهَا، والعِظام لَا تَخْرُجُ إِلا بَعْدَ السَّطْوِ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَشّ ولدُ النَّاقَةِ يَحِشُّ حُشُوشاً وأَحَشَّته أُمّه. والحُشاشَة: رُوح الْقَلْبِ ورَمَقُ حَيَاةِ النفْس؛ قَالَ:
وَمَا المَرْءُ، مَا دامَتْ حُشاشةُ نَفْسِه، ... بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخُطُوبِ، وَلَا آلِ
وَكُلُّ بَقِيَّةٍ حُشاشة. والحُشاش والحُشَاشة: بَقِيَّةُ الرُّوحِ فِي الْمَرِيضِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
زَمْزَمَ: فانْفَلَتَت الْبَقَرَةُ مِنْ جازِرِها بحُشاشَةِ نفْسِها
أَي بِرَمَقِ بَقِيَّةِ الْحَيَاةِ وَالرُّوحِ. وحُشاشاكَ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ أَي مَبْلَغُ جُهْدِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه مُشْتَقٌّ مِنَ الْحُشَاشَةِ. الأَزهري: حُشاشاكَ أَن تَفْعَلَ ذَاكَ وغُناماك وحُماداك بمعنَى وَاحِدٍ. الأَزهري: الحُشاشة رَمَق بَقِيَّةٍ مِنْ حَيَاةٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا سَمِعَتْ وطْءَ الرِّكابِ تنَفَّسَتْ ... حُشاشَتُها، فِي غيرِ لَحْمٍ وَلَا دَم
وأَحَشّ الشحمُ العظمَ فاستَحَشّ: أَدَقّه فَاسْتَدَقَّ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
سَمِنَتْ فاسْتَحَشَّ أَكْرُعُها، ... لَا النِّيُّ نِيٌّ، وَلَا السَّنامُ سَنام
وَقِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ لأَن العِظام تَدِقّ بِالشَّحْمِ وَلَكِنْ إِذا سَمِنَتْ دَقَّتْ عِنْدَ ذَلِكَ فِيمَا يُرى. الأَزهري: والمُسْتَحِشَّة مِنَ النُّوقِ الَّتِي دقَّت أَوظِفَتُها مِنْ عِظَمِها وكثرةِ لَحْمِهَا وحَمِشَت سَفِلَتُها فِي رأْي الْعَيْنِ. يُقَالُ: استحشَّها الشَّحْمُ وأَحَشَّها الشَّحْمُ. وَقَامَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ فاستَحَشَّه أَي صَغُرَ مَعَهُ. وحَشَّ النارَ يَحُشُّها حَشّاً: جَمَعَ إِليها مَا تَفَرَّقَ مِنَ الْحَطَبِ، وَقِيلَ: أَوقدها، وَقَالَ الأَزهري: حَشَشْتُ النارَ بِالْحَطَبِ، فَزَادَ بِالْحَطَبِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تاللَّه لَوْلَا أَنْ تَحُشَّ الطُّبَّخُ ... بِيَ الجَحِيمَ، حِينَ لَا مُسْتَصْرَخُ
يَعْنِي بالطُّبّخ الملائكةَ الموكَّلين بِالْعَذَابِ. وحَشَ

(6/284)


الْحَرْبَ يَحُشُّها حَشّاً كَذَلِكَ عَلَى المَثَل إِذا أَسعرها وَهَيَّجَهَا تَشْبِيهًا بإِسْعار النَّارِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَحُشُّونَها بالمَشْرَفِيَّة والقنَا، ... وفِتْيانِ صِدْقٍ لَا ضِعافٍ وَلَا نُكْل
والمِحَشُّ: مَا تُحَرّكُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ، وَكَذَلِكَ المِحَشَّة؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ: نِعْم مِحَشُّ الكَتِيبة. وَفِي حَدِيثِ
زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَنِي بِمِحَشِّة
أَي قَضِيبٍ، جعلَتْه كَالْعُودِ الَّذِي تُحَشُّ بِهِ النَّارُ أَي تُحَرَّكَ بِهِ كأَنه حَرَّكَهَا بِهِ لتَفْهَم مَا يَقُولُ لَهَا. وَفُلَانٌ مِحَشُّ حَرْب: مُوقِد نَارِهَا ومُؤَرّثُها طَبِنٌ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:
وإِذا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّها أَي يُوقِدُها
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَصيرٍ: ويْلُ أُمِّه مِحَشُّ حَرْب لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ
وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: وأَطْفَأَ مَا حَشَّتْ يَهُودُ
أَي مَا أَوقَدَت مِنْ نِيرَانِ الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَمَا أَزالوكُمْ حَشّاً بالنِّصالِ
أَي إِسْعاراً وَتَهْيِيجًا بالرمْي. وحَشَّ النَّابِلُ سهمَه يَحُشُّه حَشّاً إِذا راشَه، وأَلْزَقَ بِهِ القُذَذَ مِنْ نَوَاحِيهِ أَو ركَّبها عَلَيْهِ؛ قَالَ:
أَو كمِرِّيخٍ عَلَى شَرْيانَةٍ، ... حَشَّه الرامِي بِظُهْرانٍ حُشُرْ «1»
وحُشّ الفرسُ بِجِنْبَيْنِ عَظِيمَيْنِ إِذا كَانَ مُجْفَراً. الأَزهري: الْبَعِيرُ وَالْفَرَسُ إِذا كَانَ مُجْفَرَ الْجَنْبَيْنِ يُقَالُ: حُشَّ ظَهْرُهُ بِجَنْبَيْنِ واسِعَين، فَهُوَ مَحْشُوش؛ وَقَالَ أَبو دُوَادَ الإِيادي يَصِفُ فَرَسًا:
منَ الحارِكِ مَحْشُوش، ... بِجَنْبٍ جُرْشُعٍ رَحْبِ
وحَشَّ الدَّابَّةَ يَحُشُّها حَشّاً: حَمَلَهَا فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:
قَدْ حَشَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ، ... مُهاجِرٍ، لَيْسَ بأَعْرابيِّ «2»
قَالَ الأَزهري: قَدْ حَشَّهَا أَي قَدْ ضمَّها. ويَحُشُّ الرجلُ الحطبَ ويَحُشُّ النَّارَ إِذا ضَمَّ الْحَطَبَ عَلَيْهَا وأَوقَدَها، وَكُلُّ مَا قُوِّيَ بِشَيْءٍ أَو أُعِينَ بِهِ، فَقَدْ حُشَّ بِهِ كَالْحَادِي للإِبل والسلاحِ لِلْحَرْبِ وَالْحَطَبِ لِلنَّارِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
هُوَ الطِّرْفُ لَمْ تُحْشَشْ مَطِيٌّ بِمِثْلِه، ... وَلَا أَنَسٌ مُسْتَوْبِدُ الدارِ خائِفُ
أَي لَمْ تُرْمَ مَطِيٌّ بِمِثْلِهِ وَلَا أَعينَ بِمِثْلِهِ قَوْمٌ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلى الْمَعُونَةِ. وَيُقَالُ: حَشَشْتُ فُلَانًا أَحُشُّه إِذا أَصْلَحْت مِنْ حالِه، وحَشَشْت مالَه بمالِ فُلَانٍ أَي كَثَّرْت بِهِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
فِي المُزَنيِّ الَّذِي حَشَشْت لَهُ ... مالَ ضَرِيكٍ، تِلادُه نُكْد
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: يُقَالُ أُلْحِق الحِسَّ بالإِسّ، قَالَ: وَسَمِعَتْ بَعْضَ بَنِي أَسد أَلحِق الحِشَّ بالإِشّ، قَالَ: كأَنه يَقُولُ أَلحق الشيءَ بِالشَّيْءِ إِذا جَاءَكَ شَيْءٌ مِنْ نَاحِيَةٍ فَافْعَلْ بِهِ؛ جَاءَ بِهِ أَبو تُرَابٍ فِي بَابِ الشِّينِ وَالسِّينِ وتعاقُبِهما. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ حُشَّ عَلَيَّ الصيدَ؛ قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ الصحيحُ حُشْ عليَّ الصيدَ بِالتَّخْفِيفِ مَنْ حاشَ يَحُوش، وَمَنْ قَالَ حَشَشْت الصيدَ بِمَعْنَى حُشْته فإِني لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَسْتُ أُبْعِده مَعَ ذَلِكَ مِنَ الجَواز، وَمَعْنَاهُ ضُمَّ الصَّيْدَ مِنْ جَانِبَيْهِ كَمَا يُقَالُ حُشَّ البعيرُ بجَنْبَين وَاسِعَيْنِ أَي ضُمّ، غَيْرَ أَن الْمَعْرُوفَ فِي الصَّيْدِ الحَوْش. وحَشَّ الفرَسُ يَحُشُّ حَشّاً إِذا أَسْرَعَ، وَمِثْلُهُ أَلْهَبَ كأَنه يتوقد
__________
(1) . قوله [حشر] كذا ضبط في الأَصل.
(2) . وفي رواية أخرى: لفها الليل.

(6/285)


فِي عَدْوِه؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ الإِيادي يَصِفُ فَرَسًا:
مُلْهِب حَشُّه كحشِّ حَرِيقٍ، ... وَسْكَ غابٍ، وذاكَ مِنْه حِضَار
والحَشّ والحُشّ: جَمَاعَةُ النَّخْلِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُمَا النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ. والحشُّ أَيضاً: الْبُسْتَانُ «3» . وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ:
أَنه دُفِنَ فِي حَشِّ كَوْكَبٍ
وَهُوَ بُسْتان بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ خَارِجَ البَقِيع. والحشُّ: المُتَوَضَّأُ، سُمِّيَ بِهِ لأَنهم كَانُوا يَذْهبون عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إِلى البَساتين، وَقِيلَ إِلى النخْل الْمُجْتَمِعِ يَتَغَوَّطُون فِيهَا عَلَى نَحْوِ تَسْمِيَتِهِمُ الْفِنَاءَ عَذِرةً، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِشَّان وحُشَّان وحَشَاشين؛ الأَخيرة جمعُ الْجَمْعِ، كلُّه عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رسولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَخْلى فِي حُشَّان.
والمِحَشّ والمَحَشّ جَمِيعًا: الحَشّ كأَنه مُجْتَمَع العَذِرة. والمَحَشَّة، بِالْفَتْحِ: الدبرُ وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ حَشَن، قَالَ: فِي الْحَدِيثِ ذكرُ حُشَّان، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ، أُطُمٌ مِنْ آطامِ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ قُبور الشُّهَداءِ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ إِتْيان النِّسَاءِ فِي مَحاشِّهِنّ
، وَقَدْ رُوِيَ بِالسِّينِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي حُشُوشهن أَي أَدْبارهن.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَحاشُّ النِّسَاءِ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.
قَالَ الأَزهري: كَنَّى عَنِ الأَدبار بالمَحاشّ كَمَا يُكْنى بالحُشُوش عَنْ مَوَاضِعِ الغائطِ. والحَشّ والحُشّ: المَخْرَج لأَنهم كَانُوا يقضُون حوائجَهم فِي الْبَسَاتِينِ، وَالْجَمْعُ حُشُوش. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَه أَنه قَالَ: أَدْخَلوني الحَشّ وقَرَّبوا اللُّجَّ فوضَعُوه عَلَى قَفَيّ فبايعْت وأَنا مُكْرَه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ هَذِهِ الحُشُوش مُحْتَضَرة
، يَعْنِي الكُنُفَ ومواضعَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. والحِشاشُ الجُوالِق؛ قَالَ:
أَعْيَا فنُطْناهُ مَنَاطَ الجَرِّ، ... بَيْنَ حِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والحَشْحَشة: الحَرَكة ودُخُولُ بعضِ الْقَوْمِ فِي بَعْضٍ. وحَشْحَشَتْه النَّارُ: أَحْرَقَتْه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ: دخَل عَلينا رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْنَا قَطِيفة فَلَمَّا رأَيْناه تَحَشْحَشْنا؛ فَقَالَ: مَكانَكُما
التَحَشْحُش: التحرُّك لِلنُّهُوضِ. وَسَمِعَتْ لَهُ حَشْحَشَة وخَشْخَشَة أَي حركَةً.
حفش: حَفَشَت السماءُ تَحْفِش حَفْشاً: جَاءَتْ بمَطَرٍ شدِيدٍ سَاعَةً ثُمَّ أَقْلَعت. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ حَفَشَت السماءُ تحفِشُ حَفْشاً وحشَكَت تَحْشِكُ حَشْكاً وأَغْبت تُغْبي إِغباءً فهي مُغْبِية، وهي الغَبْية والحَفْشة والحشْكة مِنَ الْمَطَرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وحفَشَ السَّيلُ الْوَادِيَ يَحْفِشُه حَفْشاً: مَلأَهُ. والحافِشة: المَسيل، صِفَةٌ غالِبة وأُنّثَ عَلَى إِرادة الَّتلْعة أَو الشُّعْبة. والحافِشة: أَرضٌ مُسْتَوية لَها كَهيْئَة البَطْن يُسْتَجْمَع ماؤُها فيَسِيل إِلى الْوَادِي. وحفَشَت الأَرضُ بِالْمَاءِ مِنْ كلِّ جانبٍ: أَسالَتْه قِبَلَ الْجَانِبِ. وحفَش السيلُ الأَكمةَ: أَسالَها. والحَفْش: مصدرُ قَوْلِكَ حَفَشَ السيلَ حَفْشاً إِذا جَمعَ الماءَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِلى مُسْتَنْقع وَاحِدٍ، فَتِلْكَ المَسايِل الَّتِي تَنْصَبُّ إِلى المَسيل الأَعْظم هِيَ الحَوَافِش، وَاحِدَتُهَا حَافِشَةٌ؛ وأَنشد:
عَشِيَّة رُحْنا ورَاحوا إِلَيْنا، ... كَمَا مَلأَ الحَافِشاتُ المَسِيلا
وحفَشَت الأَوْدِية: سالَتْ كلُّها. وحَفْشُ الإِداوة: سيَلانها. وحَفَشَ الشيءَ يحفِشُه: أَخْرَجَه. وحفَش
__________
(3) . قوله [والحشُّ البستان] هو مثلث.

(6/286)


الحُزْنُ العَينَ: أَخرَج كلَّ مَا فِيهَا مِنْ الدمْع؛ أَنشد ابْنُ دُريد:
يَا مَنْ لِعَينٍ ثَرَّةِ المَدامِع، ... يَحْفِشُها الوَجْدُ بماءٍ هامِع
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: يحفِشها يَسْتخرج كلَّ مَا فِيهَا. وحفَشَ لَكَ الوُدَّ: أَخرَجَ لَكَ كُلَّ مَا عِنْدَهُ. وحَفَشَ المطرُ الأَرْضَ: أَظْهر نَباتَها. والحَفُوش: المُتَحَفِّي، وَقِيلَ: المُبالِغ فِي التحَفِّي والوُدِّ، وخصَّ بعضُهم بِهِ النِّساءَ إِذا بالَغْنَ فِي وُدِّ البُعُولَةِ وَالتَّحَفِّي بِهِمْ؛ قَالَ:
بَعْدَ احْتِضانِ الحَفْوةِ الحَفُوشِ
وَيُقَالُ: حَفَشَت المرأَة لزَوْجِها الوُدَّ إِذا اجْتَهَدت فِيهِ. وتَحَفَّشَت المرأَةُ عَلَى زَوْجِها إِذا أَقامت عَلَيْهِ ولَزِمَتْه وأَكَبَّت عَلَيْهِ. والفرسُ يَحْفِشُ أَي يأْتي بِجَرْيٍ بَعْدَ جَرْيٍ. وحَفَشَ الفَرَسُ الجَرْيَ يَحْفِشُه: أَعْقَبَ جَرْياً بَعْدَ جَرْيٍ فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا جَوْدة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ غَيْثًا:
بِكُلِّ مُلِثٍّ يَحْفِشُ الأُكْمَ وَدْقُه، ... كأَنَّ التِّجارَ استَبْضَعَتْه الطيالِسا
ويَحفِش: يَسِيل، ويُقال: يَقْشِر؛ يَقُولُ: اخْضَرَّ ونَضَرَ فشبَّهَه بالطَّيالِسة. والحَفْش: الضُّرُّ. والحِفْش: الشَّيْءُ الْبَالِي. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَفَشُ أَن تأْخُذَ الدَّبَرة فِي مُقَدَّم السَّنام فتأْكُلَه حَتَّى يَذْهَبَ مُقَدَّمُه مِنْ أَسْفلِه إِلى أَعلاه فيَبْقى مُؤَخَّرُه مِمَا يَلي عَجُزَه صَحيحاً قَائِمًا، وَيَذْهَبُ مُقَدَّمُه مِمَّا يَلي غارِبَه. يُقَالُ: قَدْ حَفِشَ سَنامُ الْبَعِيرِ، وبَعيرٌ حَفِشُ السَّنام وَجَمَلٌ أَحْفَش وَنَاقَةٌ حَفْشاء وحَفِشة. والحِفْشُ: الدُّرْج يَكُونُ فِيهِ البَخُور، وَهُوَ أَيضاً الصغِيرُ مِنْ بُيُوت الأَعْراب، وَقِيلَ: الحِفْش والحَفْش والحَفَش الْبَيْتُ الذَّلِيل القريبُ السَّمْكِ مِنَ الأَرْض، سُمِّيَ بِهِ لضِيقه، وَجَمْعُهُ أَحْفاش وحِفَاش. والتحَفُّشُ: الِانْضِمَامُ وَالِاجْتِمَاعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المعتدَّة:
دخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَت شَرَّ ثِيابها.
وحَفَّشَ الرجُلُ: أَقام فِي الحِفْش؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وكُنْتُ لَا أُوبَنُ بالتَّحْفِيش
وتَحَفَّشت المرأَة عَلَى زَوْجها أَو ولَدِها: أَقامت، وَفِي بَيْتها إِذا لَزِمَتْه فَلَم تَبْرَحْه. والحِفْش: وِعَاءٌ المَغازِل. اللَّيْثُ: الحِفْش مَا كَانَ مِنْ أَسْقاطِ الأَواني الَّتي تكُون أَوعِيَةً فِي البَيْت للطِّيب وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعَث رجُلًا مِنْ أَصحابه سَاعِيًّا فقَدِم بِمَالٍ وَقَالَ: أَمَّا كَذَا وَكَذَا فَهُوَ من الصدَقات، وأَما كَذَا وَكَذَا فإِنه مِمَّا أُهْدِي لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: هلَّا جَلَس فِي حِفْش أُمّه فيَنْظر هَلْ يُهْدَى لَهُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: شبَّه بَيت أُمِّه فِي صِغَرِه بالدُّرْج، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير أَن الَّذِي وجّهَه سَاعِيًا عَلَى الزَّكَاةِ هُوَ ابْنُ اللُّتْبِيَّة. والحِفْش: هُوَ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ. وَيُقَالُ: مَعْنَى قَوْلِهِ
هلَّا قَعد فِي حِفْش أُمه
أَي عِنْدَ حِفْش أُمه. وحَفَشُوا عَلَيْكَ يَحْفِشُون حَفْشاً: اجْتَمَعُوا. وَقَالَ شُجَاعٌ الأَعرابي: حَفَزُوا عَلَيْنَا الخيلَ والركابَ وحَفَشُوها إِذا صَبُّوها عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: هُمْ يَحْفِشُون عَلَيْكَ أَي يَجْتَمِعُونَ ويتأَلفون. والحِفْش: الهَنُ.
حكش: ابْنُ سِيدَهْ: الحَكْشُ الظُّلْم. وَرَجُلٌ حاكِشٌ: ظَالِمٌ، أُراه عَلَى النَّسَبِ. وحَوْكَشٌ: اسْمٌ. الأَزهري: رَجُلٌ حَكِشٌ مِثْلُ قَوْلِهِمْ حَكَر، وَهُوَ اللَّجُوج. والحَكِشُ والعَكِش: الَّذِي فِيهِ الْتِوَاءٌ عَلَى خَصْمه.

(6/287)


حكنش: حَكْنَش: اسم.
حمش: حَمَشَ الشيءَ: جَمَعَه. والحَمْش والحُمُوشة والحَماشة: الدِّقَّة. ولِثَةٌ حَمْشَة: دَقِيقَةٌ حَسَنة. وَهُوَ حَمْشُ الساقَيْن والذّراعَيْن، بالتسكين، وحَمِيشُهما وأَحْمَشُهما: دقيقُهما؛ وَذِرَاعٌ حَمْشَة وحَمِيشة وحَمْشاء وَكَذَلِكَ السَّاقُ وَالْقَوَائِمُ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جَاءَتْ بِهِ حَمْشَ السَّاقَيْنَ فَهُوَ لِشَريك
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ فِي هَدْمِ الْكَعْبَةِ: كأَني بِرَجُلٍ أَصْعَلَ أَصْمَعَ حَمْش السَّاقَيْنِ قاعدٌ عَلَيْهَا وَهِيَ تُهْدم
؛ وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ: فِي ساقَيه حُمُوشة
؛ قَالَ يَصِفُ بَرَاغِيثَ:
وحُمْش القَوائِم حُدْب الظُّهور، ... طَرَقْنَ بِلَيْلٍ فأَرَّقْنَني
وحَمَشت قَوَائِمُهُ وحَمُشَت: دَقَّت؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ قَالَ:
كأَنَّ الذُّبابَ الأَزْرَقَ الحَمْشَ وَسْطَها، ... إِذا مَا تَغَنَّى بالعَشِيَّات شَارِبُ
اللَّيْثُ: ساقٌ حَمْشة، جَزْمٌ، وَالْجَمْعُ حُمْش وحِماش، وَقَدْ حَمُشَت ساقُه تَحْمُش حُمُوشة إِذا دَقَّتْ؛ وَكَانَ عَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُودٍ حَمْشَ السَّاقَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ حَدِّ الزِّنَا:
فإِذا رَجُلٌ حَمْش الخَلْق
، اسْتَعَارَهُ مِنَ السَّاقِ لِلْبَدَنِ كُلِّهِ أَي دَقِيقُ الخِلْقة. وَفِي حَدِيثِ
هِنْدٍ قَالَتْ لأَبي سُفْيَانَ: اقْتُلوا الحَمِيت الأَحْمَش
؛ قَالَتْهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ. ووترٌ حَمْشٌ وحَمِشٌ ومُسْتَحْمِش: دَقيق، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ حِماش وحُمْش، والاستِحْماش فِي الوَتَر أَحسنُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّما ضُرِبَتْ قُدَّام أَعْيُنِها، ... قُطْنٌ بمُسْتَحْمِش الأَوْتارِ مَحْلوج
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: رَوَاهُ الْفَرَّاءُ:
كأَنَّما ضَرَبَتْ قُدَّامَ أَعْيُنِها ... قُطْنًا بمُسْتَحْمِش الأَوْتار مَحْلوج
وحَمِش الشرُّ: اشتدَّ، وأَحْمَشْتُه أَنا. واحْتَمَشَ القِرْنان: اقْتَتَلَا، وَالسِّينُ لُغَةٌ. وحَمَش الرجلَ حَمْشاً وأَحْمَشَه فاستَحْمَش: أَغْضَبَه فَغَضِبَ، وَالِاسْمُ الحَمْشة والحُمْشة. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اشْتَدَّ غضبُه قَدِ استَحْمَش غَضَبًا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
إِنِّي إِذا حَمَّشَني تَحْمِيشي
واحْتَمَش واستَحْمَش إِذا التَهَب غَضَبًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: رأَيت عَلِيًّا يَوْمَ صِفِّين وَهُوَ يُحْمِشُ أَصحابَه
أَي يُحرِّضُهم عَلَى القتالِ ويُغْضِبُهم. وأَحْمَشْتُ النارَ: أَلْهَبْتُها؛ وَمِنْهُ حديثُ
أَبي دُجانَة: رأَيتُ إِنساناً يُحْمِشُ الناسَ أَي يَسُوقُهم بِغَضَبٍ
، وأَحْمَشَ القِدْرَ وأَحْمَشَ بِهَا: أَشْبَعَ وَقُودَها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كساهُنّ لَوْنَ الجَوْنِ، بَعْدَ تَعَيُّسٍ ... لِوَهْبِينَ، إِحْماشُ الوَلِيدة بالقِدْرِ «1»
أَبو عُبَيْدٍ: حَشَشْت النارَ وأَحْمَشْتُها؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ أَيضاً: ... إِحماش الْوَلِيدَةِ بِالْقِدْرِ. وأَحْمَشْت الرجلَ: أَغضَبْتُه، وَكَذَلِكَ التَّحْمِيشُ، والاسمُ الحِمْشَةُ مثْل الحِشْمةِ مقْلُوب مِنْهُ. واحْتَمَشَ الدِّيكانِ: اقْتَتَلا. والحَمِيشُ: الشحْمُ المُذابُ. وأَحْمَشَ الشحْمَ وحمَّشَه: أَذابَهُ بالنارِ حَتَّى كَادَ يُحْرِقُه؛ قَالَ:
كأَنَّه حِينَ وهَى سِقاؤُه، ... وانْحَلَّ مِنْ كلِّ سماءٍ ماؤُه،
حَمٌّ إِذا أَحْمَشَه قَلّاؤُه
__________
(1) . قوله [بعد تعيس] في الشارح تغبس بالمعجمة والموحدة.

(6/288)


كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، ويروى حَمَّشَه.
حنش: الحَنَشُ: الحيَّةُ، وَقِيلَ: الأَفْعى، وَبِهَا سُمِّي الرجلُ حنَشاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يُدْخِل الوليدُ يدَه فِي فَمِ الحَنَشِ
أَي الأَفعى، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الحديث. في حَدِيثِ
سَطيح: أَحْلِفُ مَا بَيْنَ الحَرَّتَيْنِ «1» مِنْ حَنَشٍ
؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَكَمْ حَنَشٍ ذَعْفِ اللُّعاب كأَنَّه، ... عَلَى الشَّرَكِ الْعَادِيِّ، نِضْوُ عِصامِ
والذَّعْفُ: القاتلُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مَوْتٌ ذُعافٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ فِي الحَنَش:
فاقْدُرْ له، في بَعْضِ أَعْراض اللِّمَمْ، ... لَمِيمةً مِنْ حَنَشٍ أَعْمى أَصَمّ
فالحَنَشُ هَاهُنَا: الحيّةُ، وَقِيلَ: هُوَ حيّةٌ أَبْيضُ غَلِيظٌ مثلُ الثُّعْبانِ أَو أَعْظَمُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَسْودُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ مِنْهَا مَا أَشْبَهَتْ رؤُوسُه رؤُوسَ الحَرابِيّ وسوامِّ أَبْرَصَ ونَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَنَشُ ما أَشْبَهتْ رُؤُوسُه رؤُوسَ الحيّاتِ مِنَ الحَرابي وسَوامِّ أَبْرَصَ ونحوِها؛ وأَنشد:
تَرى قِطَعاً مِنَ الأَحْناشِ فِيهِ، ... جَماجِمُهُنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ
قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ للضِّبابِ واليَرابِيع قَدْ أَحْنَشَتْ فِي الظَّلَمِ أَي اطَّرَدَتْ وذهَبَتْ بِهِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
فَلَا تَرْأَمُ الحِيتانُ أَحْناشَ قَفْرَةٍ، ... وَلَا تَحْسَب النِّيبُ الجِحاشَ فِصالَها
فجَعَلَ الحَنَشَ دَوابَّ الأَرضِ مِنَ الحَيّاتِ وغيرِها؛ وَقَالَ كُراعٌ: هُوَ كلُّ شيءٍ مِنَ الدَّوَابِّ والطيرِ. والحَنَشُ، بِالتَّحْرِيكِ أَيضاً: كلُّ شَيْءٍ يُصادُ مِنَ الطيرِ والهوامِّ، والجمْعُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ أَحْناشٌ. وحنَشَ الشيءَ يَحْنِشُه وأَحْنَشَه: صادَه. وحَنَشْت الصَّيدَ: صِدْته. والمَحْنوشُ: الَّذِي لَسَعَتْه الحَنَشُ، وَهُوَ الحيّةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فقُلْ لذاكَ المُزْعَجِ المَحْنُوشِ
أَي فقُلْ لِذَلِكَ الَّذِي أَقْلَقَه الحسَدُ وأَزْعَجه وَبِهِ مِثْلُ مَا باللَّسِيعِ. والمَحْنوشُ: المَسُوقُ جِئْتَ بِهِ تَحْنِشُه أَي تَسُوقُه مُكْرَهاً. يُقَالُ: حَنَشَه وعَنَشَه إِذا ساقَه وطرَدَه. ورجلٌ مَحْنوشٌ: مَغْموزُ الحَسَبِ، وَقَدْ حُنِشَ. وحنَشَه عَنِ الأَمْرِ يَحْنِشُه: عطَفَه وَهُوَ بِمَعْنَى طَرَدَه، وَقِيلَ: «2» ... عنَجَه فأُبدلت الْعَيْنُ حَاءً وَالْجِيمُ شِينًا. وحَنَشَه: نَحَّاه مِنْ مكانٍ إِلى آخَرَ. وحَنَشَه حَنْشاً: أَغضبَه كعَنَشَه، وَسَنَذْكُرُهُ. وأَبو حَنَشٍ: كُنْيَةُ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَبو حَنَشٍ يُنَعِّمُنا وطَلْقٌ ... وعَمَّارٌ وآوِنةً أُثالا
وبنو حَنَشٍ: بطن.
حنبش: حَنْبَشٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ونحْنُ أَتَيْنا حَنْبَشاً بابنِ عمِّه ... أَبي الحصْن، إِذْ عافَ الشَّرابَ وأَقْسَما
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَزا ورَقَصَ وزَفَنَ حَنْبَشَ. وَفِي النَّوَادِرِ: الحَنْبَشةُ لَعِبُ الْجَوَارِي بِالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: الحَنْبَشَةُ الْمَشْيُ والتصفيقُ والرقصُ.
__________
(1) . قوله [ما بين الحرتين إلخ] في النهاية بما بين إلخ.
(2) . هنا بياض بالأَصل.

(6/289)


حنفش: الحِنْفِيشُ: الحيةُ العظيمةُ، وعَمَّ كراعٌ بِهِ الحيةَ. الأَزهري: الحِنْفِشُ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ ضخْمة الرأْس رَقْشاءُ كَدْراءُ إِذا حرَّبْتها انْتَفَخَ وريدُها؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الحُفَّاثُ نفسُه. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: الحِنْفِيشُ الأَفعى، والجماعةُ حَنافِيشُ.
حوش: الحُوشُ: بلادُ الْجِنِّ مِنْ وراءِ رَمْلِ يَبْرين لَا يَمُرُّ بِهَا أَحد مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هُمُ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
إِليك سارَتْ مِنْ بِلادِ الحُوشِ
والحُوشُ والحُوشِيّةُ: إِبلُ الْجِنِّ، وَقِيلَ: هِيَ الإِبلُ المُتَوحِّشةُ. أَبو الْهَيْثَمِ: الإِبلُ الحُوشِيّةُ هِيَ الوَحْشِيّةُ؛ وَيُقَالُ: إِن فَحْلًا مِنْ فحولِها ضَرَبَ فِي إِبل لمَهْرةَ بْنِ حَيْدانَ فنُتِجَت النجائبُ المَهْريَّةُ مِنْ تِلْكَ الْفُحُولِ الحُوشِيّةِ فَهِيَ لَا تَكَادُ يدركُها التَّعَبُ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَنه رأَى أَربع فِقَرٍ مِنْ مَهْرِيّةٍ عظْماً وَاحِدًا، وَقِيلَ: إِبل حُوشِيّةٌ محرَّماتٌ بِعِزَّةِ نفوسِها. وَيُقَالُ: الإِبلُ الحُوشِيّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الحُوشِ، وَهِيَ فُحولُ جنٍّ تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنها ضَرَبَتْ فِي نَعَمِ بَعْضِهِمْ فنُسِبَتْ إِليها. وَرَجُلٌ حُوشِيٌّ: لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يأْلفهم، وَفِيهِ حُوشِيّةٌ. والحُوشِيُّ: الوَحْشِيُّ. وحُوشِيُّ الكلامِ: وَحْشِيُّه وَغَرِيبُهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَتَبّعُ حُوشِيَّ الْكَلَامِ ووحْشِيَّ الْكَلَامِ وعُقْميَّ الْكَلَامِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عمرو: لَمْ يَتَتَبَّعْ حُوشيَّ الْكَلَامِ
أَي وحْشِيَّه وعَقِدَه وَالْغَرِيبَ المُشْكِلَ مِنْهُ. وَلَيْلٌ حُوشِيٌّ: مُظْلِمٌ هائلٌ. وَرَجُلٌ حُوشُ الْفُؤَادِ: حديدُه؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً ... سُهُداً، إِذا مَا نامَ لَيْلُ الهَوْجَل
وحُشْنا الصيدَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْناه وأَحْوَشْناه: أَخذناه مِنْ حَوالَيْه لنَصْرِفَه إِلى الحِبالةِ وَضَمَمْنَاهُ. وحُشْتُ عَلَيْهِ الصيدَ والطيرَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْتُه عَلَيْهِ وأَحْوَشْتُه عَلَيْهِ وأَحْوَشْتُه إِياه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: أَعَنْته عَلَى صَيْدِهِمَا. واحْتَوَشَ القومُ الصيدَ إِذا نَفَّرَه بَعْضُهُمْ عَلَى بعضِهم، وإِنما ظَهَرَتْ فِيهِ الْوَاوُ كَمَا ظَهَرَتْ فِي اجْتَورُوا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنّ رَجُلَيْنِ أَصابا صَيْدًا فَتَلَّهُ أَحدهما وأَحاشَهُ الآخرُ عَلَيْهِ
يَعْنِي فِي الإِحرامِ. يُقَالُ: حُشْتُ عَلَيْهِ الصيدَ وأَحَشْتُهُ إِذا نَفَّرْتَه نحْوَه وسُقْته إِليه وجَمَعْته عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ
سَمُرة: فإِذا عِنْدَهُ وِلْدانٌ وَهُوَ يَحُوشُهم «1»
أَي يَجْمَعُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ أَرضاً لَهُ فرأَى كَلْبًا فَقَالَ: أَحِيشُوه عَلَيَّ.
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَلَّ انْحِياشُه
أَي حركتُه وتصَرُّفُه فِي الأُمور. وحُشْتُ الإِبلَ: جَمعْتُها وسُقْتُها. الأَزهري: حَوّشَ إِذا جَمَّع، وشَوّحَ إِذا أَنْكَرَ، وحاشَ الذئبُ الْغَنَمَ كَذَلِكَ؛ قَالَ:
يَحُوشُها الأَعْرَجُ حَوْشَ الجِلَّةِ، ... مِنْ كُلِّ حَمْراءَ كلَوْنِ الكِلّةِ
قَالَ: الأَعرج هَاهُنَا ذِئْبٌ معروفٌ. والتَحْوِيشُ: التَّحْوِيلُ. وتحوَّشَ القومُ عنِّي: تَنَحَّوْا. وانْحاشَ عَنْهُ أَي نَفَرَ. والحُواشةُ: مَا يُسْتَحْيا مِنْهُ. واحْتَوَشَ القومُ فُلَانًا وتَحاوَشُوه بَيْنَهُمْ: جَعَلُوهُ وسَطَهُم. واحْتَوَشَ القومُ عَلَى فلان: جعلوه
__________
(1) . قوله [وهو يحوشهم] في النهاية فهو.

(6/290)


وَسَطَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
علقمةَ: فَعَرَفْتُ فِيهِ تَحَوُّشَ القومِ وهيئَتهم
أَي تأَهُّبَهُم وتَشَجُّعَهم. ابْنُ الأَعرابي: والحُواشةُ الاستحياءُ، والحُواسةُ، بِالسِّينِ، الأَكل الشَّدِيدُ. وَيُقَالُ: الحُواشةُ مِنَ الأَمر مَا فِيهِ فَظِيعةٌ؛ يُقَالُ: لَا تَغْش الحُواشةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غَشِيتَ حُواشةً وجَهِلْتَ حَقّاً، ... وآثَرْتَ الغِوايةَ غيَرَ راضِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي نَوَادِرِهِ: التَحَوّشُ الاستحياءُ. والحَوْشُ: أَن تأْكل مِنْ جَوَانِبِ الطَّعَامِ. والحائشُ: جماعةُ النخلِ والطرْفاءِ، وَهُوَ فِي النخلِ أَشهرُ، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
وكأَنّ ظُعْنَ الحَيّ حائِشُ قَرْيةٍ، ... دَانِي الجَنَاةِ، وطَيِّبُ الأَثْمارِ
شَمِرٌ: الحائشُ جماعةُ كُلِّ شَجَرٍ مِنَ الطَّرْفَاءِ والنخلِ وَغَيْرِهِمَا؛ وأَنشد:
فوُجِدَ الحائِشُ فِيمَا أَحْدَقا ... قَفْراً مِنَ الرامِينَ، إِذْ تَوَدّقَا
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنما جُعل حَائِشًا لأَنه لَا مَنْفَذَ لَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحائشُ جَمَاعَةُ النَّخْلِ لَا وَاحِدَ لَهَا كَمَا يُقَالُ لجماعةِ البقرِ رَبْرَبٌ، وأَصل الحائشِ الْمُجْتَمِعُ مِنَ الشَّجَرِ، نَخْلًا كَانَ أَو غيرَه. يُقَالُ: حائِشٌ لِلطَّرْفَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ حائِشَ نخلٍ فَقَضَى فِيهِ حاجَتَه
؛ هُوَ النخلُ الملتفُّ المجتمِعُ كأَنه لالْتِفافِه يَحُوش بعْضَه إِلى بَعْضٍ، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ، وَذَكَرَهُ ابنُ الأَثير فِي حَيَشَ واعْتَذَر أَنه ذَكَرَهُ هُنَاكَ لأَجل لفظِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ أَحبَّ مَا استتَر بِهِ إِليه حائِشُ نخلٍ أَو حَائِطٌ.
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الحائشُ اسْمٌ لَا صفةٌ وَلَا هُوَ جارٍ عَلَى فِعْلٍ فأَعَلّوا عَيْنَهُ، وَهِيَ فِي الأَصل وَاوٌ مِنَ الْحَوْشِ، قَالَ: فإِن قُلْتَ فَلَعَلَّهُ جارٍ عَلَى حَاشٍ جريانَ قائمٍ عَلَى قَامَ، قِيلَ: لَمْ نَرَهم أَجْرَوْه صِفَةً وَلَا أَعْملُوه عَمَلَ الفِعْلِ، وإِنما الحائِشُ البستانُ بِمَنْزِلَةِ الصَّوْرِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النخلِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْحَدِيقَةِ، فإِن قُلْتَ: فإِنّ فِيهِ مَعْنَى الفعْلِ لأَنه يَحُوشُ مَا فِيهِ مِنَ النخلِ وغيرِه وَهَذَا يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ فِي الأَصل صِفَةً وإِن كَانَ قَدِ اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الأَسماء كصاحبٍ ووارِدٍ، قِيلَ: مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الفِعْلِيَّةِ لَا يُوجِبُ كونَه صِفَةً، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِمْ الْكَاهِلُ وَالْغَارِبُ وَهُمَا وإِن كَانَ فِيهِمَا مَعْنَى الاكتهالِ والغروبِ فإِنهما اسْمَانِ؟ وَكَذَلِكَ الحائِشُ لَا يُسْتَنْكَرُ أَن يَجِيءَ مَهْمُوزًا وإِن لَمْ يَكُنِ اسمَ فاعلٍ لَا لشَيْءٍ غَيْرَ مَجِيئِهِ عَلَى مَا يَلزم إِعْلالُ عينِه نَحْوَ قائِمٍ وبائعٍ وصائمٍ. والحائِشُ: شقٌّ عِنْدَ مُنْقَطَعِ صَدْرِ الْقَدَمِ مِمَّا يَلي الأَخْمَصَ. وَلِي فِي بَنِي فُلَانٍ حُواشة أَي مَنْ يَنْصُرُنِي مِنْ قَرابةٍ أَو ذِي مودَّة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَمَا يَنْحاشُ لِشَيْءٍ أَي مَا يَكْتَرِثُ لَهُ. وَفُلَانٌ مَا يَنْحاشُ مِنْ فُلَانٍ أَي مَا يَكْتَرِثُ لَهُ. وَيُقَالُ: حاشَ للَّه، تَنْزِيهًا لَهُ، وَلَا يُقَالُ حاشَ لَكَ قِيَاسًا عَلَيْهِ، وإِنما يُقَالُ حَاشَاكَ وحاشَى لَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتي فَقَتَلَ بَرّها «2» وفاجِرَها وَلَا يَنْحاشُ لِمُؤْمِنِهِمْ
أَي لَا يَفْزَعُ لِذَلِكَ وَلَا يَكْتَرِثُ لَهُ وَلَا ينْفِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: وإِذا ببَياض يَنْحاشُ مِنِّي وأَنْحاشُ مِنْهُ
أَي يَنْفرُ مِنِّي وأَنفر مِنْهُ، وَهُوَ مُطَاوِعُ الحَوْشِ النّفارِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْيَاءِ وإِنما هُوَ مِنَ الْوَاوِ. وزَجَرَ
__________
(2) . قوله [فقتل برها] في النهاية: يقتل، وقوله [ولا ينحاش] فيها: ولا يتحاشى.

(6/291)


الذئبَ وغيرَه فَمَا انْحاشَ لزَجْرِه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَيْضَةَ نَعَامَةٍ:
وبَيْضاء لَا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها، ... إِذا مَا رَأَتْنا، زِيلَ مِنْهَا زَوِيلُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحُكْمُنَا عَلَى انْحاشَ أَنَّهَا مِنَ الْوَاوِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ وَاوًا أَكثرُ مِنْهَا يَاءً، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الِاسْمُ وَالْفِعْلُ. الأَزهري فِي حشَا: قَالَ اللَّيْثُ المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ مِنَ الحَوْشِ وَهُمْ قَوْمٌ لَفِيفٌ أُشَابَةٌ؛ وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ:
جَمِّعْ مَحَاشَكَ يَا يزيدُ، فَإِنَّني ... أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لَكُمْ وتَمِيما
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي المَحاشِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما فتحُه الميمَ وجَعْلُه إِيّاه مَفْعَلًا مِنَ الحَوْشِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالصَّوَابُ المِحَاشُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدةَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ جَمِّعْ مِحَاشَك، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلُوهُ مِنْ مَحَشته أَي أَحْرَقته لا مِنَ الحَوْشِ، وَقَدْ فُسِّرَ فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ أَنهم يَتَحَالَفُونَ عِنْدَ النَّارِ؛ وأَما المَحَاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ أَثاث الْبَيْتِ، وأَصله مِنَ الحَوْشِ وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وَضَمُّهُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلَفِيفِ النَّاسِ مَحَاشٌ، واللَّه أَعلم.
حيش: الحَيْشُ: الفَزَعُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
ذَلِكَ بَزِّي، وسَلِيهِمْ إِذا ... مَا كفَّتِ الحَيْش عَنِ الأَرْجُلِ
ابْنُ الأَعرابي: حَاشَ يَحِيشُ حَيْشاً إِذا فَزعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا أَسلموا فقَدِمُوا الْمَدِينَةَ بِلَحْمٍ فتَحَيَّشَتْ أَنفسُ أَصحابه مِنْهُ.
تَحَيَّشَتْ: نَفَرَتْ وفَزِعَتْ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْجِيمِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ لأَخيه زَيْدٍ حِينَ نُدب لِقِتَالِ أَهل الردَةِ فَتَثَاقَلَ: مَا هَذَا الحَيشُ والقِلُ
أَي مَا هَذَا الفزَعُ والرِّعْدةُ والنفورُ. والحَيْشانُ: الْكَثِيرُ الْفَزَعِ. والحَيْشانةُ: المرأَة الذَّعُورُ من الرِّيبَةِ.