لسان العرب فصل الحاء المهملة
حبض: حَبَضَ القلبُ يَحْبِضُ حَبْضاً: ضَرَبَ ضربَاناً شَدِيدًا،
وَكَذَلِكَ العِرْقُ يَحْبِضُ ثُمَّ يَسْكُن، حَبَضَ العِرْقُ يَحْبِض،
وَهُوَ أَشدُّ مِنَ النَّبْض. وأَصابت القومَ داهيةٌ مِنْ حَبَضِ
الدَّهْرِ أَي مِنْ ضرَبانه. والحَبَضُ: التحرُّك. وَمَا لَهُ حَبَضٌ
وَلَا نَبَضٌ،
(7/132)
محرَّك الْبَاءِ، أَي حَرَكَةٌ، لَا
يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الْجَحْدِ؛ الحَبَضُ: الصَّوْتُ، والنَّبَضُ:
اضطرابُ العِرْق. وَيُقَالُ: الحَبَضُ حَبَضُ الحياةِ، والنَّبَضُ
نَبَضُ العُرُوقِ. وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا الحَبَض. وحَبِضَ
وحَبَضَ بالوتَرِ أَي أَنْبَضَ، وتَمُدّ الْوَتَرَ ثُمَّ تُرْسِله
فتَحْبَضُ [فتَحْبِضُ] . وحَبَضَ السهمُ يَحْبِضُ حَبْضاً وحُبُوضاً
وحَبِضَ حَبْضاً وحَبَضاً: وَهُوَ أَن تَنزِع فِي الْقَوْسِ ثُمَّ
تُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَلَا يَصُوبُ، وصَوْبُه
استقامتُه، وَقِيلَ: الحَبْضُ أَن يَقَعَ السَّهْمُ بَيْنَ يَدَيِ
الرَّامِي إِذا رَمَى، وَهُوَ خِلَافُ الصارِد؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا الجَدَى مِنْ مُتْعَبٍ حَبَّاضِ
وإِحْباضُ السَّهْمِ: خِلَافُ إِصْرادِه. وَيُقَالُ: حَبِضَ السهمُ
إِذا مَا وَقَعَ بالرَّمِيَّة وَقْعًا غَيْرَ شَدِيدٍ؛ وأَنشد:
والنبلُ يَهْوِي خَطأً وحَبَضا
قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ اللَّيْثِ إِن الحابِضَ الَّذِي يَقَعُ
بِالرَّمِيَّةِ وَقْعًا غَيْرَ شَدِيدٍ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ وَجَعَلَ
ابْنُ مُقْبِلٍ المَحابِضَ أَوتارَ الْعُودِ فِي قَوْلِهِ يَذْكُرُ
مُغَنِّية تُحَرِّك أَوتارَ الْعُودِ مَعَ غِنائِها:
فُضْلى تُنازِعُها المَحابِضُ رَجْعَها، ... حَذّاءَ لَا قَطِعٌ وَلَا
مِصْحالُ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: المَحابِضُ الأَوْتارُ فِي هَذَا الْبَيْتِ.
وحَبَضَ حقُّ الرَّجُلِ يَحْبِضُ حُبوضاً: بَطَلَ وَذَهَبَ، وأَحْبَضَه
هُوَ إِحْباضاً: أَبْطَلَه. وحَبَضَ ماءُ الركيَّة يَحْبِضُ حُبوضاً:
نفَصَ وَانْحَدَرَ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: حَبَضَ حقُّ الرَّجُلِ إِذا
بَطَلَ. وحَبَضَ القومُ يَحْبِضُونَ حُبوضاً: نَقَصُوا. قَالَ أَبو
عَمْرٍو: الإِحْباضُ أَن يَكُدّ الرَّجُلُ رَكِيَّتَه فَلَا يَدَعَ
فِيهَا مَاءً، والإِحْباط أَن يَذْهَبَ ماؤُها فَلَا يَعُودُ كَمَا
كَانَ، قَالَ: وسأَلت الْحُصَيْبِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: هُمَا بِمَعْنًى
وَاحِدٍ. والحُبَاضُ: الضَّعْف. وَرَجُلٌ حابِضٌ وحَبّاضٌ: مُمْسِكٌ
لِمَا فِي يَدَيْهِ بَخِيل. وحَبَضَ الرجلُ: ماتَ؛ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. والمِحْبَضُ: مِشْوَرُ الْعَسَلِ ومِنْدَفُ القُطْن.
والمَحابِضُ: مَنادِفُ الْقُطْنِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي مَحابِض
الْعَسَلِ يَصِفُ نَحْلًا:
كأَنَّ أَصْواتَها مِنْ حيثُ تسْمَعُها ... صَوْتُ المَحابِضِ
يَنْزِعْنَ المَحارِينا
قَالَ الأَصمعي: المَحابِضُ المَشاورُ وَهِيَ عيدانٌ يُشارُ بِهَا
الْعَسَلُ؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
أَو الخَشْرَم الْمَبْثُوثُ حَثْحَثَ دَبْرَه ... مَحابِيضُ،
أَرْساهُنَّ شارٍ مُعَسِّلُ
أَراد بِالشَّارِي الشائرَ فقَلَبه. والمَحارِينُ: مَا تَساقط مِنَ
الدَّبْرِ فِي الْعَسَلِ فمات فيه.
حرض: التَّحْرِيض: التَّحْضِيض. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْرِيضُ
عَلَى الْقِتَالِ الحَثُّ والإِحْماءُ عَلَيْهِ. قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى
الْقِتالِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: تأْويله حُثَّهم عَلَى الْقِتَالِ،
قَالَ: وتأْويل التَّحْرِيض فِي اللُّغَةِ أَن تحُثَّ الإِنسان حَثّاً
يَعْلَمُ مَعَهُ أَنه حارِضٌ إِنْ تَخَلَّف عَنْهُ، قَالَ: والحارِضُ
الَّذِي قَدْ قَارَبَ الْهَلَاكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَرَّضَه
حَضَّه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ حارَضَ فُلَانٌ عَلَى
الْعَمَلِ وواكَبَ عَلَيْهِ وواظَبَ وواصَبَ عَلَيْهِ إِذا داوَمَ
الْقِتَالَ، فَمَعْنَى حَرِّض الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ حُثَّهم
عَلَى أَن يُحارِضُوا أَي يُداوِمُوا عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى
(7/133)
يُثْخِنُوهم. وَرَجُلٌ حَرِضٌ وحَرَضٌ: لَا
يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُخَافُ شرُّه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ
وَالْمُؤَنَّثُ فِي حَرَض سَوَاءٌ، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أَحْراض
وحُرْضان، وَهُوَ أَعْلى، فأَما حَرِضٌ، بِالْكَسْرِ، فَجَمْعُهُ
حَرضُون لأَن جَمْعَ السَّلَامَةِ فِي فَعِل صِفَةً أَكثرُ، وَقَدْ
يَجُوزُ أَن يكسَّر عَلَى أَفعال لأَن هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الصِّفَةِ
رُبَّمَا كُسِّر عَلَيْهِ نَحْوُ نَكِدٍ وأَنْكاد. الأَزهري عَنِ
الأَصمعي: وَرَجُلٌ حارِضة لِلَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. والحُرْضان:
كالحَرِضِ والحَرَض، والحَرِضُ والحَرَضُ الْفَاسِدُ. حَرَضَ الرجلُ
نفْسَه يَحْرِضُها حَرْضاً: أَفسدها. وَرَجُلٌ حَرِضٌ وحَرَضٌ أَي
فَاسِدٌ مَرِيضٌ فِي بِنَائِهِ، واحدُه وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ. وحَرَضه
المرضُ وأَحْرَضَه إِذا أَشفى مِنْهُ عَلَى شَرَفِ الْمَوْتِ،
وأَحْرَضَ هُوَ نفسَه كَذَلِكَ. الأَزهري: المُحْرَضُ الْهَالِكُ
مَرَضاً الَّذِي لَا حيٌّ فيُرْجَى وَلَا مَيِّتٌ فيُوأَس مِنْهُ؛
قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَرى المرءَ ذَا الأَذْوادِ يُصْبِحُ مُحْرَضاً ... كإِحْراضِ بكْرٍ
فِي الديارِ مَرِيض
وَيُرْوَى: مُحْرِضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ مُؤمِنٍ يَمْرَضُ مَرَضاً حَتَّى يُحْرِضَه
أَي يُدْنِفَه ويُسْقِمَه؛ أَحْرَضَه الْمَرَضُ، فَهُوَ حَرِضٌ وحارِضٌ
إِذا أَفسد بَدَنَهُ وأَشْفى عَلَى الْهَلَاكِ. وحَرَضَ يَحْرِضُ
ويَحْرُضُ حَرْضاً وحُرُوضاً: هَلَكَ. وَيُقَالُ: كَذَبَ كِذْبةً
فأَحْرَضَ نفسَه أَي أَهلكها. وجاءَ بِقَوْلٍ حَرَضٍ أَي هَالِكٍ.
وَنَاقَةٌ حُرْضان: سَاقِطَةٌ. وَجَمَلٌ حُرْضان: هَالِكٌ، وَكَذَلِكَ
النَّاقَةُ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ
، يُقَالُ: رَجُلٌ حَرَضٌ وَقَوْمٌ حَرَضٌ وامرأَة حَرَضٌ، يَكُونُ
مُوَحّداً عَلَى كُلِّ حَالٍ، الذَّكَرُ والأُنثى وَالْجَمْعُ فِيهِ
سَوَاءٌ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لِلذَّكَرِ حارِضٌ
وللأُنثى حارِضة، ويثنَّى هَاهُنَا وَيُجْمَعُ لأَنه خَرَجَ عَلَى
صُورَةِ فَاعِلٍ، وفاعلٌ يُجْمَعُ. قَالَ: والحارِضُ الْفَاسِدُ فِي
جِسْمِهِ وَعَقْلِهِ، قَالَ: وأَما الحَرَضُ فَتُرِكَ جَمْعُهُ لأَنه
مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ دَنَفٍ وضَنًى، قَوْمٌ دَنَفٌ وضَنًى وَرَجُلٌ
دَنَفٌ وضَنًى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَالَ رَجُلٌ حَرَضٌ
فَمَعْنَاهُ ذُو حَرَضٍ وَلِذَلِكَ لَا يثنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وكذلك
رجل دَنَفٌ ذو دَنَفٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا نُعِتَ بِالْمَصْدَرِ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
، أَي مُدْنَفاً، وَهُوَ مُحْرَض؛ وأَنشد:
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى غَرْبَةً أَنْ نأَتْ بِهَا، ... كأَنَّكَ حَمٌّ
للأَطِبّاءِ مُحْرَضُ؟
والحَرَضُ: الَّذِي أَذابه الْحُزْنُ أَو الْعِشْقُ وَهُوَ فِي مَعْنَى
مُحْرَض، وَقَدْ حَرِضَ، بِالْكَسْرِ، وأَحْرَضَه الحُبُّ أَي أَفسده؛
وأَنشد للعَرْجِيّ:
إِني امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ، فأَحْرَضَني ... حَتَّى بَلِيتُ،
وَحَتَّى شَفَّني السَّقَم
أَي أَذابَني. والحَرَضُ والمُحْرَضُ والإِحْرِيضُ: السَّاقِطُ الَّذِي
لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ، وَقِيلَ: هُوَ السَّاقِطُ الَّذِي لَا
خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ أَكْثَم بْنُ صَيْفي: سُوءُ حَمْلِ النَّاقَةِ
يُحْرِضُ الحسَبَ ويُدِيرُ العَدُوَّ ويُقَوِّي الضَّرُورَةَ؛ قَالَ:
يُحْرِضُه أَي يُسْقِطه. وَرَجُلٌ حَرَضٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ،
وَجَمْعُهُ أَحْرَاضٌ، وَالْفِعْلُ حَرُضَ يَحْرُضُ حُروضاً. وكلُّ
شيءٍ ذاوٍ حَرَضٌ. والحَرَضُ: الرَّدِيء مِنَ النَّاسِ وَالْكَلَامِ،
وَالْجَمْعُ أَحْراضٌ؛ فأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
يَا أَيُّها القائِلُ قوْلًا حَرْضا
(7/134)
فإِنه احْتَاجَ فَسَكَّنَهُ. والحَرَضُ
والأَحْراضُ: السَّفِلة مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: رأَيت مُحَلِّم بْنَ حَثَّامةَ فِي الْمَنَامِ
فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنتم؟ فَقَالَ: بِخَير وجَدْنا رَبَّنا رَحِيمًا
غَفَرَ لَنَا، فَقُلْتُ: لكلِّكم؟ قَالَ: لكلِّنا غَيْرِ الأَحْراضِ،
قُلْتُ: ومَن الأَحْراضُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُشارُ إِليهم بالأَصابع
أَي اشْتُهِرُوا بالشَّرّ، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ أَسرفوا فِي
الذُّنُوبِ فأَهلكوا أَنفسهم، وَقِيلَ: أَراد الَّذِينَ فسُدَت
مَذَاهِبُهُمْ. والحُرْضة: الَّذِي يَضْرِبُ للأَيْسارِ بالقِداح لَا
يَكُونُ إِلا سَاقِطًا، يَدْعُونَهُ بِذَلِكَ لِرَذَالَتِهِ؛ قَالَ
الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ حِمَارًا:
ويَظَلُّ المَلِيءُ يُوفِي على القرْنِ ... عَذُوباً، كالحُرْضة
المُسْتَفاضِ
المُسْتَفاضُ: الَّذِي أُمِرَ أَن يُفِيضَ الْقِدَاحَ، وَهَذَا
الْبَيْتُ أَورده الأَزهري عُقَيْبَ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبي
الْهَيْثَمِ. الحُرْضةُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا يَشْتَرِي اللَّحْمَ
وَلَا يأْكله بِثَمَنٍ إِلا أَن يَجِدَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وأَنشد
الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ وَقَالَ: أَي الوَقْب الطَّوِيلُ لَا يأْكل
شَيْئًا. وَرَجُلٌ مَحُروضٌ: مَرْذولٌ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ
الحَرَاضة والحُروضة والحُروض. وَقَدْ حَرُضَ وحَرِضَ حَرَضاً، فَهُوَ
حَرِضٌ، وَرَجُلٌ حارِضٌ: أَحمق، والأُنثى بِالْهَاءِ. وَقَوْمٌ
حُرْضان: لَا يَعْرِفُونَ مَكَانَ سَيِّدِهِمْ. والحَرَضُ: الَّذِي لَا
يَتَّخِذُ سِلَاحًا وَلَا يُقاتِل. والإِحْرِيضُ: العُصْفُرُ عَامَّةً،
وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ فِي ذِكْرِ الصَّدَقَةِ: كَذَا وَكَذَا والإِحْرِيض
، قِيلَ: هُوَ العُصْفُر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرَّقَ عَيْنَيْك، عَنِ الغُمُوضِ، ... بَرْقٌ سَرَى فِي عارِضٍ
نَهُوضِ
مُلْتَهِبٌ كَلَهَبِ الإِحْرِيضِ، ... يُزْجِي خَراطِيمَ عَمامٍ بِيضِ
وَقِيلَ: هُوَ العُصْفر الَّذِي يُجْعَلُ فِي الطَّبْخِ، وَقِيلَ:
حَبُّ الْعُصْفُرِ. وَثَوْبٌ مُحَرَّضٌ: مَصْبُوغٌ بالعُصْفُر.
والحُرُضُ: من نَجِيل السباخ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْحَمْضِ، وَقِيلَ:
هُوَ الأُشْنان تُغْسَل بِهِ الأَيدي عَلَى أَثر الطَّعَامِ، وَحَكَاهُ
سِيبَوَيْهِ الحَرْض، بالإِسكان، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الحُرْض،
وَهُوَ حَلقة القُرْط. والمِحْرَضةُ: وِعاء الحُرُض وَهُوَ
النَّوْفَلة. والحُرْضُ: الجِصُّ. والحَرَّاضُ: الَّذِي يُحْرِق
الجِصَّ ويُوقِد عَلَيْهِ النَّارَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
مِثْل نارِ الحَرَّاضِ يَجْلو ذُرَى المُزْنِ ... لِمَنْ شامَهُ، إِذا
يَسْتَطِيرُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شبَّه البَرْقَ فِي سُرْعَةِ ومِيضه بِالنَّارِ
فِي الأُشْنان لِسُرْعَتِهَا فِيهِ، وَقِيلَ: الحَرَّاضُ الَّذِي
يُعالج القِلْيَ. قَالَ أَبو نَصْرٍ: هُوَ الَّذِي يُحْرِقُ الأُشْنان.
قَالَ الأَزهري: شَجَرُ الأُشْنان يُقَالُ لَهُ الحَرْض وَهُوَ مِنَ
الْحَمْضِ وَمِنْهُ يُسَوَّى القِلْيُ الَّذِي تُغْسَلُ بِهِ
الثِّيَابُ، وَيُحْرَقُ الْحَمْضُ رَطْبًا ثُمَّ يرَشُّ الماءُ عَلَى
رَمَادِهِ فَيَنْعَقِدُ وَيَصِيرُ قِلْياً. والحَرَّاضُ أَيضاً:
الَّذِي يُوقِد عَلَى الصَّخْر لِيُتَّخَذَ مِنْهُ نُورة أَو جِصّاً،
والحَرَّاضةُ: الموضعُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ، وَقِيلَ: الحَرَّاضةُ
مَطْبَخُ الجِصِّ، وَقِيلَ: الحَرَّاضةُ موضعُ إِحْراقِ الأُشْنان
يُتَّخَذُ مِنْهُ القِلْيُ للصبّاغِين، كُلُّ ذَلِكَ اسْمٌ كالبَقّالة
والزَّرّاعة، ومُحْرِقُه الحَرّاضُ، والحَرّاضُ والإِحرِيضُ: الَّذِي
يُوقِد عَلَى الأُشْنان والجِصِّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَرَّاضةُ
سُوقُ الأُشْنان.
(7/135)
وأَحْرَضَ الرجلُ أَي وَلَدَ ولدَ سَوءٍ.
والأَحْراضُ والحُرْضانُ: الضِّعافُ الَّذِينَ لَا يُقاتِلون؛ قَالَ
الطِّرِمَّاحُ:
مَنْ يَرُمْ جَمْعَهم يَجِدْهم مراجِيحَ ... حُماةً للعُزَّلِ
الأَحْراضِ
وحَرْضٌ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ
الحُرُض، بِضَمَّتَيْنِ، هُوَ وادٍ عِنْدَ أُحُد. وَفِي الْحَدِيثِ
ذُكِرَ حُرَاض، بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: مَوْضِعٌ
قُرْبَ مَكَّةَ، قِيلَ: كَانَتْ بِهِ العُزَّى.
حرفض: الحِرْفِضةُ: النَّاقَةُ الْكَرِيمَةُ، عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ؛
قَالَ الشَّاعِرُ:
وقُلُص مَهْرِيَّة حَرافِض
شَمِرٌ: إِبل حَرافِضُ مهازِيلُ ضوامر.
حضض: الحَضُّ: ضرْبٌ مِنَ الْحَثِّ فِي السَّيْرِ وَالسَّوْقِ وَكُلِّ
شَيْءٍ. والحَضُّ أَيضاً: أَن تَحُثَّه عَلَى شيءٍ لَا سَيْرَ فِيهِ
وَلَا سَوْقَ، حَضَّه يَحُضُّه حَضّاً وحَضَّضَه وَهُمْ يَتَحاضّون،
وَالِاسْمُ الحُضّ والحِضِّيضَى كالحِثِّيثَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَين الحِضِّيضَى؟
والحُضِّيضَى
أَيضاً، وَالْكَسْرُ أَعلى، وَلَمْ يأْت عَلَى فُعِّيلَى، بِالضَّمِّ،
غَيْرُهَا. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحَضُّ والحُضُّ لُغَتَانِ
كالضَّعْف والضعْف، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا بدأْنا بِهِ أَن الحَضّ
الْمَصْدَرُ والحُضّ الِاسْمُ. الأَزهري: الحَضُّ الحَثُّ عَلَى
الْخَيْرِ. وَيُقَالُ: حَضَّضْت الْقَوْمَ عَلَى الْقِتَالِ تَحْضِيضاً
إِذا حَرَّضْتهم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الحَضّ عَلَى الشَّيْءِ
جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وحَضَّضَه أَي حَرَّضه. والمُحاضَّة: أَن
يَحُثَّ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه. والتحاضُّ: التحاثٌ، وقرئَ:
وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ
؛ قرأَها عاصم والأَعمش بالأَلف وَفَتْحِ التَّاءِ، وقرأَ أَهل
الْمَدِينَةِ:
وَلَا يَحُضُّون
، وقرأَ الْحَسَنُ:
وَلَا تَحُضُّون
، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
وَلَا تُحاضُّون
، بِرَفْعِ التَّاءِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وكلٌّ صوابٌ، فَمَنْ قرأَ
تُحاضُّون فَمَعْنَاهُ تُحافِظون، وَمَنْ قرأَ تَحاضُّون فَمَعْنَاهُ
يَحُضُّ بعضُكم بَعْضًا، وَمَنْ قرأَ تَحُضُّون فَمَعْنَاهُ تأْمرون
بإِطعامه، وَكَذَلِكَ يحُضُّون. ابْنُ الْفَرَجِ: يُقَالُ احْتَضَضْتُ
نَفْسِي لِفُلَانٍ وابْتَضَضْتُها إِذا اسْتَزَدْتها. والحُضُضُ
والحُضَضُ: دواءٌ يُتَّخَذُ مِنْ أَبوال الإِبل، وَفِيهِ لُغَاتٌ
أُخَر، رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ الْيَزِيدِيِّ: الحُضَضُ والحُضَظُ
والحُظُظُ والحُظَظُ، قَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع الضَّادَ مَعَ
الظَّاءِ إِلا فِي هَذَا، قَالَ: وَهُوَ الحُدُلُ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الحُظُظُ والحُظَظُ بِالظَّاءِ،
وَزَادَ الْخَلِيلُ: الحُضَظُ بِضَادٍ بَعْدَهَا ظَاءٌ، وَقَالَ أَبو
عُمَرَ الزَّاهِدُ: الحُضُذُ بِالضَّادِ والذال، وفي حديث
طاووس: لَا بَأْسَ بالحُضَضِ
، رَوَى ابْنُ الأَثير فِيهِ هَذِهِ الوجوهَ كلَّها مَا خَلَا الضادَ
والذالَ، وَقَالَ: هُوَ دَوَاءٌ يُعْقَدُ مِنْ أَبوال الإِبل: وَقِيلَ:
هُوَ عَقّارٌ مِنْهُ مَكِّيٌّ وَمِنْهُ هِنْدِيٌّ، قَالَ: وَهُوَ
عُصارة شَجَرٍ مَعْرُوفٍ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحُضُض والحُضَض
صَمْغٌ مِنْ نَحْوِ الصَّنَوْبَرِ والمُرِّ وَمَا أَشبههما لَهُ
ثَمَرَةٌ كالفُلْفل وَتُسَمَّى شَجَرَتُهُ الحُضَض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سُلَيم بْنِ مُطَيْرٍ: إِذا أَنا برجلٍ قَدْ جَاءَ كأَنه يَطْلُبُ
دَوَاءً أَو حُضَضاً.
والحُضُض: كُحْلُ الخُولانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحُضَضُ
والحُضُضُ، بِفَتْحِ الضَّادِ الأُولى وضمِّها، داءٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ
دواءٌ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الصَّبِرِ. والحَضِيضُ: قَرارُ الأَرض
عِنْدَ سَفْح الجَبَل، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَسفله، والسَّفْحُ مِنْ
وراءِ الحَضِيض، فالحَضِيض مِمَّا يَلِي السَّفْحَ وَالسَّفْحُ دُونَ
ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ
(7/136)
أَحِضَّة وحُضُضٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فَتَحَرَّكَ الجبَلُ حَتَّى تَساقَطت حِجارتُه بالحَضِيض.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَضيضُ الْقَرَارُ مِنَ الأَرض عِنْدَ
مُنْقَطَع الْجَبَلِ؛ وأَنشد الأَزهري لِبَعْضِهِمْ:
الشِّعْرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ، ... إِذا ارْتَقى فِيهِ الَّذِي
لَا يَعْلَمُهْ،
زلَّتْ بِهِ إِلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ، ... يُرِيدُ أَن يُعْرِبَه
فيُعْجِمُهْ،
والشِّعْرُ لَا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: كَتَبَ عَنْ يزيدَ بْنِ المُهَلَّب إِلى
الْحَجَّاجِ: إِنا لَقِينا العَدُوَّ ففَعَلْنا واضْطَرَرْناهم إِلى
عُرْعُرَةِ الجَبَل ونحنُ بِحَضِيضه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَهدى إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
هَدِيَّة فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يضَعها عَلَيْهِ؛ فَقَالَ: ضَعْه
بالحَضِيض فإِنما أَنا عبدٌ آكِلٌ كَمَا يأْكل الْعَبْدُ
، يَعْنِي بالأَرض. قَالَ الأَصمعي: الحُضِّيُّ، بِضَمِّ الْحَاءِ،
الحجرُ الَّذِي تَجِدُهُ بحَضِيض الجَبَل وَهُوَ مَنْسُوبٌ
كالسُّهْلِيّ والدُّهْرِيّ؛ وأَنشد لِحُمَيْدٍ الأَرقط يَصِفُ فَرَسًا:
وَأْباً يَدُقُّ الحَجَرَ الحُضِّيَّا
وأَحمر حُضِّيٌّ: شَدِيدُ الحمرة. والحُضْحُضُ: نبْتٌ.
حفض: الحَفْضُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَفَضَ العُودَ يَحْفضُه حَفْضاً
حَناه وعَطَفه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِمّا تَرَيْ دَهْراً حَناني حَفْضا، ... أَطْرَ الصَّناعَينِ العَريشَ
القَعْضا
فَجَعَلَهُ مَصْدَرًا لِحَنَانِي لأَن حَناني وحَفَضَني وَاحِدٌ.
وحَفَّضْت الشيءَ وحَفَضْته إِذا أَلْقَيْته. وَقَالَ فِي قَوْلِ
رُؤْبَةَ حَناني حَفْضاً أَي أَلقاني؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمية:
وحُفِّضَت النُّذورُ وأَرْدَفَتْهُمْ ... فُضُولُ اللَّهِ، وانْتَهَتِ
القُسومُ
قَالَ: القُسومُ الأَيمان، وَالْبَيْتُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ. قَالَ:
وحُفِّضَت طُومِنَت وطُرحَت، قَالَ: وَكَذَلِكَ قول رؤبة حَناني
حَفْضاً أَي طامَنَ مِني، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ حُفِّضَت
البُدور، قَالَ شَمِرٌ: وَالصَّوَابُ النُّذُورُ. وحَفَضَ الشيءَ
وحَفَّضَه، كِلَاهُمَا: قَشَرَه وأَلْقاه. وحَفَّضْت الشيءَ:
أَلْقَيْتُه مِنْ يَدِي وَطَرَحْتُهُ. والحَفَضُ: الْبَيْتُ، والحَفَضَ
متاعُ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: متاعُ الْبَيْتِ إِذا هيئَ لِلْحَمْلِ.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَفَضُ قُماشُ الْبَيْتِ ورديءُ الْمَتَاعِ
ورُذالُه وَالَّذِي يُحْمَل ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل حَفَضٌ، وَلَا
يَكَادُ يَكُونُ ذَلِكَ إِلا رُذالُ الإِبل، وَمِنْهُ سُمِّيَ
الْبَعِيرُ الَّذِي يَحَمِلُهُ حَفَضاً بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو
بْنِ كُلْثُومٍ:
ونَحْنُ إِذا عِمادُ الحيِّ خَرَّتْ ... عَلَى الأَحْفاضِ، نَمْنَعُ
مَا يَلِينا
قَالَ الأَزهري: وَهِيَ هَاهُنَا الإِبل وإِنما هِيَ مَا عَلَيْهَا
مِنَ الأَحْمال، وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَيْتِ: عَلَى الأَحْفاضِ
وَعَنِ الأَحْفاضِ، فَمَنْ قَالَ عنِ الأَحْفاض عَنى الإِبلَ الَّتِي
تَحْمِلُ الْمَتَاعَ أَي خرَّت عَنِ الإِبل الَّتِي تَحْمِلُ خُرْثيَّ
الْبَيْتِ، وَمَنْ قَالَ عَلَى الأَحْفاض عَنى الأَمْتِعَةَ أَو
أَوْعِيَتَها كالجُوالِق وَنَحْوِهَا؛ وَقِيلَ: الأَحْفاضُ هَاهُنَا
صغارُ الإِبل أَول مَا تُرْكَب وَكَانُوا يُكِنُّونها فِي الْبُيُوتِ
مِنَ البَرْد، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ.
وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: يَوْمٌ بِيَوْمِ الحَفَضِ
المُجَوَّر؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للمُجازاة بالسُّوء؛ والمُجَوَّرُ:
(7/137)
المُطَوَّحُ، والأَصل فِي هَذَا الْمَثَلِ
زَعَمُوا أَن رَجُلًا كَانَ بَنُو أَخيه يُؤْذُونه فَدَخَلُوا بَيْتَهُ
فَقَلَبُوا متاعَه، فَلَمَّا أَدْرَكَ ولدُه صَنَعُوا مِثْلَ ذَلِكَ
بأَخيه فَشَكَاهُمْ فَقَالَ:
يَوْمٌ بيومِ الحَفَضِ المُجَوَّرِ
يُضْرَبُ هَذَا لِلرَّجُلِ صَنَع بِهِ رجلٌ شَيْئًا وصَنَعَ بِهِ
الآخرُ مثلَه، وَقِيلَ: الحَفَضُ وِعَاءُ الْمَتَاعِ كالجُوالِق
وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: بَلِ الحَفَضُ كلُّ جُوالق فِيهِ مَتَاعُ
الْقَوْمِ. قَالَ يُونُسُ: ربيعةُ كلُّها تَجْعَلُ الحَفَضَ البعيرَ
وقيسٌ تَجْعَلُ الحَفَضَ الْمَتَاعَ. والحَفَضُ أَيضاً: عَمُودُ
الْخِبَاءِ. والحَفَضُ: الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَتَاعَ.
الأَزهري: قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ الحَفَضُ قَالُوا هُوَ القَعُود
بِمَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: الحَفَضُ الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمِلُ
خُرْثِيَّ الْمَتَاعِ، وَالْجَمْعُ أَحْفاضٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
يَا ابْنَ قُرومٍ لَسْنَ بالأَحْفاضِ، ... مِنْ كلِّ أَجْأَى مِعْذَم
عَضّاضِ
المِعْذَمُ: الَّذِي يَكْدِمُ بأَسْنانه. والحَفَضُ أَيضاً: الصغيرُ
مِنَ الإِبل أَول مَا يُرْكَبُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ
أَحْفاضٌ وحِفَاضٌ. وإِنه لَحَفَضُ عِلْمٍ أَي قَلِيله رَثه، شبَّه
عِلْمَه فِي قِلَّتِه بالحَفَضِ الَّذِي هُوَ صَغِيرُ الإِبل، وَقِيلَ:
بِالشَّيْءِ المُلْقَى. وَيُقَالُ: نِعْمَ حَفَضُ العِلْمِ هَذَا أَي
حاملُه. قَالَ شَمِرٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ
يَوْمًا وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالَ: هؤلاءِ أَحْفاضُ
عِلْمٍ وإِنما أُخِذ مِنَ الإِبل الصِّغَارِ. وَيُقَالُ: إِبل أَحْفاضٌ
أَي ضَعِيفَةٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: حَفَّضَ اللَّهُ عَنْهُ وحَبَّضَ
عَنْهُ أَي سَنَحَ عَنْهُ وخَفَّفَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والحَفِيضةُ
الخَلِيَّة الَّتِي يُعَسّل فِيهَا النَّحْلُ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ
خَالَوَيْهِ وليست فِي كَلَامِهِمْ إِلا فِي بَيْتِ الأَعشى وَهُوَ:
نَحْلًا كَدَرْداقِ الحَفِيضة مَرْهوباً، ... لَهُ حولَ الوَقُودِ
زَجَلْ
والحَفَضُ: حجَرٌ يُبْنَى بِهِ. والحَفَضُ: عَجَمَةُ شَجَرَةٍ تسمَّى
الحِفْوَلَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَكُلُّ عَجَمةٍ مِنْ
نَحْوِهَا حَفَضٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ: وَقَدْ
سَمَّت العرب مُحَفِّضاً.
حفرضض: رأَيته فِي الْمُحْكَمِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: جَبَلٌ مِنَ
السَّراة فِي شِقِّ تِهَامَةَ؛ عن أَبي حنيفة.
حمض: الحَمْضُ مِنَ النَّبَاتِ: كُلُّ نَبْتٍ مالحٍ أَو حامضٍ يَقُومُ
عَلَى سُوق وَلَا أَصل لَهُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ ملْحٍ أَو
حَامِضٍ مِنَ الشَّجَرِ كَانَتْ ورقتُه حيَّةً إِذا غَمَزْتها
انْفَقَأَتْ بماءٍ وَكَانَ ذَفِرَ المَشَمِّ يُنْقِي الثَّوْبَ إِذا
غُسِلَ بِهِ أَو الْيَدَ فَهُوَ حَمْض، نَحْوَ النَّجِيل والخِذْراف
والإِخْرِيط والرِّمْث والقِضَة والقُلَّام والهَرْم والحُرُض
والدَّغَل والطَّرْفاء وَمَا أَشبهها. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: مِنْ سَلَمٍ وأَراكٍ وحُمُوضٍ
؛ هي جَمْعُ الحَمْض وَهُوَ كُلُّ نَبْتٍ فِي طَعْمِهِ حُمُوضَة. قَالَ
الأَزهري: والمُلُوحة تسمَّى الحُمُوضَة. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ:
الحَمْضُ كُلُّ نَبَاتٍ لَا يَهيجُ فِي الرَّبِيعِ وَيَبْقَى عَلَى
الْقَيْظِ وَفِيهِ مُلُوحَةٌ، إِذا أَكلته الإِبل شَرِبَت عَلَيْهِ،
وإِذا لَمْ تَجِدْهُ رَقَّت وضَعُفَت. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ
مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى،
وأَبْقَلَ حَمْضُها
أَي نَبَتَ وظهَرَ مِنَ الأَرض. وَمِنَ الأَعراب مَنْ يسمِّي كُلَّ
نَبْتٍ فِيهِ مُلوحة حَمْضاً. واللَّحْم حَمْضُ الرِّجَالِ. والخُلَّةُ
مِنَ النَّبَاتِ: مَا كَانَ حُلْواً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الخُلَّةُ
خُبْزُ الإِبل والحَمْضُ
(7/138)
فاكهتُها وَيُقَالُ لَحْمُها، وَالْجَمْعُ
الحُمُوض؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْعَى الغَضَا مِنْ جانِبَيْ مُشَفِّقِ ... غِبّاً، ومَن يَرعَ
الحُمُوضَ يَغْفِقِ
أَي يَرِدُ الماءَ كلَّ سَاعَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ إِذا
جاءَ مُتَهَدِّدًا: أَنْتَ مُخْتَلٌّ فَتَحَمَّضْ. وَقَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الْمَعَانِي: حَمَّضْتها يَعْنِي الإِبل أَي
رَعَّيْتها الحَمْضَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وكَلْباً ولَخْماً لَمْ نزَلْ مُنْذُ أَحْمَضَت، ... يُحَمِّضُنا
أَهْلُ الجَنابِ وخَيْبَرا
أَي طَرَدْناهم ونفَيْناهم عَنْ مَنَازِلِهِمْ إِلى الجَنابِ وخَيْبر؛
قَالَ ومثله قولهم:
جاؤوا مُخِلِّينَ فلاقَوْا حَمْضا
أَي جاؤوا يَشْتَهُونَ الشَّرَّ فَوَجَدُوا مَنْ شَفاهم مِمَّا بِهِمْ؛
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ونُورِدُ المُسْتَوْرِدِينَ الحَمْضا
أَي مَنْ أَتانا يَطلب شَرًّا شَفَيْنَاهُ مِنْ دَائِهِ، وَذَلِكَ أَن
الإِبل إِذا شَبِعْت مِنَ الخُلَّة اشْتَهَتِ الحَمْض. وحمَضَتِ
الإِبلُ تَحْمُضُ حَمْضاً وحُموضاً: أَكلت الحَمْضَ، فَهِيَ حَامِضةٌ،
وإِبل حَوَامِضُ، وأَحْمَضَها هُوَ. والمَحْمَضُ، بِالْفَتْحِ: الموضعُ
الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الإِبل الحَمْض؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ
قُحَافَةَ:
وقَرَّبُوا كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ، ... قَريبة نُدْوَتُه مِنْ
مَحْمَضِه،
بَعِيدة سُرَّته مِنْ مَغْرِضِهْ
مِنْ مَحْمَضه أَي مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي يَحْمُض فِيهِ، وَيُرْوَى:
مُحْمَضه بِضَمِّ الْمِيمِ. وإِبل حَمْضيّة وحَمَضيّة: مُقِيمَةٌ فِي
الحَمْض؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَبَعِيرٌ حَمْضِيٌّ: يأْكُلُ
الحَمْض. وأَحْمَضَت الأَرض وأَرض مُحْمِضَة: كَثِيرَةُ الحَمْض،
وَكَذَلِكَ حَمْضِيّة وحَمِيضةٌ مِنْ أَرَضِين حِمْضٍ، وَقَدْ أَحْمَضَ
القومُ أَي أَصابوا حَمْضاً. ووَطِئْنا حُموضاً مِنَ الأَرض أَي ذواتِ
حَمْضٍ. والحُمُوضة: طَعْمُ الحامِض. والحُمُوضةُ: مَا حذَا اللسانَ
كَطَعْمِ الْخَلِّ وَاللَّبَنِ الحازِر، نادرٌ لأَن الفُعولة إِنما
تَكُونُ للمَصادرِ، حَمَضَ يَحْمُضُ «2» حَمْضاً وحُمُوضةً وحَمُضَ،
فَهُوَ حَامِضٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَلَبَنٌ حَامِضٌ وإِنه
لَشَدِيدٌ الحَمْضِ والحُمُوضةِ. والمُحَمِّضُ مِنَ العِنَب: الحامِضُ.
وحَمَّضَ: صَارَ حَامِضًا. وَيُقَالُ: جاءَنا بأَدِلَّةٍ مَا تُطاق
حَمْضاً، وَهُوَ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ.
وَقَوْلُهُمْ: فلانٌ حَامِضُ الرِّئَتينِ أَي مُرُّ النَّفْسِ.
والحمَّاضةُ: مَا فِي جَوْفِ الأُتْرُجَّةِ، وَالْجَمْعُ حُمَّاضٌ.
والحُمَّاض: نَبْتٌ جَبَلِيٌّ وَهُوَ مِنْ عُشْب الرَّبِيعِ وورَقُه
عِظامٌ ضُخْم فُطْح إِلا أَنه شديدُ الحَمْضِ يأْكله النَّاسُ
وَزَهْرُهُ أَحمر وَوَرَقُهُ أَخضر ويَتناوَسُ فِي ثَمَرِهِ مثلُ حَبِّ
الرُّمان يأْكله النَّاسُ شَيْئًا قَلِيلًا: وَاحِدَتُهُ حُمّاضة؛
قَالَ الرَّاجِزُ رُؤْبَةُ:
تَرَى بِهَا مِنْ كلِّ رَشَّاشِ الوَرَقْ ... كثامِرِ الحُمَّاضِ مِنْ
هَفْتِ العَلَقْ
__________
(2) . قوله [حَمَضَ يَحْمَضُ إلخ] كذا ضبط في الأَصل. وفي القاموس
وشرحه ما نصه: وقد حَمضَ ككرم وجعل وفرح، الأولى عن اللحياني. ونقل
الجوهري هذه: وحَمَضَ من حد نصر، وحَمِضَ كفرح في اللبن خاصة حَمَضاً،
محركة، وهو في الصحاح بالفتح وحُمُوضة بالضم.
(7/139)
فشبَّه الدَّمَ بنَوْرِ الحُمّاض. وَقَالَ
أَبو حَنِيفَةَ: الحُمَّاض مِنَ العُشْب وَهُوَ يَطُولُ طُولًا
شَدِيدًا وَلَهُ وَرَقَةٌ عَظِيمَةٌ وَزَهْرَةٌ حَمْرَاءُ، وإِذا دَنَا
يُبْسُه ابيضَّت زَهْرَتُهُ، وَالنَّاسُ يأْكلونه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَاذَا يُؤَرِّقُني، والنومُ يُعْجِبُني، ... مِنْ صَوْتِ ذِي رَعَثاتٍ
سَاكِنِ الدَّارِ؟
كأَن حُمَّاضةً فِي رأْسِه نَبَتَتْ، ... مِنْ آخِرِ الصَّيف، قَدْ
همَّت بإِثْمارِ
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ وَبْرةَ وَهُوَ لِصٌّ
مَعْرُوفٌ يصف قوماً:
على رؤُوسِهمُ حُمَّاضُ مَحْنِية، ... وَفِي صُدورِهمُ جَمْرُ الغَضَا
يَقِدُ
فَمَعْنَى ذلك أَن رؤُوسهم كالحُمّاض فِي حُمْرة شُعُورِهِمْ وأَن
لِحاهم مَخْضوبة كجَمر الْغَضَا، وجعلَهَا فِي صُدُورِهِمْ لِعِظَمِهَا
حَتَّى كأَنها تَضْرِبُ إِلى صُدُورِهِمِ، وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى
قولَ الْعَرَبِ فِي الأَعداء صُهْب السِّبال، وإِنما كُنِيَ عَنِ
الأَعداء بِذَلِكَ لأَن الرُّومَ أَعداءُ الْعَرَبِ وَهُمْ كَذَلِكَ،
فوُصِف بِهِ الأَعداءُ وإِن لَمْ يَكُونُوا رُوماً. الأَزهري:
الحُمَّاض بَقْلَةٌ بَرِّيَّة تَنْبُتُ أَيام الرَّبِيعِ فِي مَسَايِلِ
الْمَاءِ وَلَهَا ثَمَرَةٌ حَمْرَاءُ وَهِيَ مِنْ ذُكُورِ الْبُقُولِ؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فتداعَى مَنْخَراهُ بِدَم، ... مِثلَ مَا أَثمرَ حُمّاض الجبَلْ
ومَنابتُ الحُمّاضِ: الشُّعَيْبات ومَلاجئ الأَودية وَفِيهَا حُموضةٌ،
وَرُبَّمَا نبَّتها الحاضرةُ فِي بَساتِينهم وسَقَوْها ورَبَّوْها
فَلَا تَهِيجُ وَقْتَ هَيْجِ البُقولِ البَرِّيَّةِ. وَفُلَانٌ حَامِضُ
الفُؤاد فِي الْغَضَبِ إِذا فَسَدَ وَتَغَيَّرَ عَداوةً. وفُؤادٌ
حَمْضٌ، ونَفْسٌ حَمْضة: تَنْفِر مِنَ الشَّيْءِ أَولَ مَا تَسْمَعُهُ.
وتَحَمَّض الرجلُ: تحوَّل مِنْ شيءٍ إِلى شيءٍ. وحَمَّضه عَنْهُ
وأَحْمَضَه: حَوَّله؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
لَا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلمَّة ... يُشْفَى صَداهُ
بالإِحْمَاض
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ حَمَضَتِ الإِبلُ، فَهِيَ حامِضَة
إِذا كَانَتْ تَرْعَى الخُلَّة، وَهُوَ مِنَ النَّبْتِ مَا كَانَ
حُلْواً، ثُمَّ صَارَتْ إِلى الحَمْض تَرْعَاهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنَ
النَّبْتِ مَالِحًا أَو حَامِضًا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذا أَتى
الرجلُ المرأَة فِي غَيْرِ مأْتاها الَّذِي يَكُونُ مَوْضِعَ الْوَلَدِ
فَقَدْ حَمَّضَ تَحْمِيضاً كأَنه تَحَوَّلَ مِنْ خَيْرِ الْمَكَانَيْنِ
إِلى شرِّهما شَهْوَةً مَعْكوسة كَفِعْلِ قَوْمِ لوطٍ الَّذِينَ
أَهلكهم اللَّهُ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ وَسُئِلَ عَنِ التَّحَمُّض قَالَ: وَمَا التَّحَمُّض؟
قَالَ: يأْتي الرَّجُلُ المرأَة فِي دُبُرِها، قَالَ: ويَفْعَلُ هَذَا
أَحدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَيُقَالُ للتَّفْخيذ فِي الْجِمَاعِ: تَحْمِيض. وَيُقَالُ: أَحْمَضْتُ
الرجلَ عَنِ الأَمر حَوَّلْته عَنْهُ وَهُوَ مِنْ أَحْمَضَتِ الإِبلُ
إِذا مَلَّتْ مِنْ رَعْي الخُلَّة، وَهُوَ الحُلْوُ مِنَ النَّبَاتِ،
اشْتَهَت الحَمْضَ فتحوَّلَت إِليه؛ وأَما قَوْلُ الأَغلب
الْعَجْلِيِّ:
لَا يُحْسِنُ التَّحْمِيضَ إِلا سَرْدا
فإِنه يُرِيدُ التَّفْخِيذ. والتَّحْمِيضُ: الإِقلال مِنَ الشَّيْءِ.
يُقَالُ: حَمَّضَ لَنَا فلانٌ فِي القِرَى أَي قلَّل. وَيُقَالُ: قَدْ
أَحْمَضَ القومُ إِحْمَاضاً إِذا أَفاضوا فِيمَا يُؤْنِسُهم مِنَ
الْحَدِيثِ والكلامِ كَمَا يُقَالُ فَكِهٌ ومُتَفَكِّهٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَقُولُ إِذا أَفاضَ مَنْ عِنْده
(7/140)
فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ الْقُرْآنِ
وَالتَّفْسِيرِ: أَحْمِضُوا
، وَذَلِكَ لَمّا خافَ عَلَيْهِمُ المَلالَ أَحَبَّ أَن يُرِيحَهم
فأَمَرَهم بالإِحْمَاض بالأَخْذِ فِي مُلَح الْكَلَامِ
وَالْحِكَايَاتِ. والحَمْضَة: الشَّهْوة إِلى الشَّيْءِ، وَرَوَى أَبو
عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ وَخَرَّجَهُ
ابْنُ الأَثير مِنْ حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ قَالَ: الأُذُنُ مَجّاجَةٌ وَلِلنَّفْسِ حَمْضةٌ
أَي شَهْوة كَمَا تَشْتَهِي الإِبلُ الحَمْضَ إِذا مَلَّت الخُلَّة،
والمَجَّاجَةُ: الَّتِي تمُجُّ مَا تَسْمعه فَلَا تَعِيه إِذا وُعِظت
بشيءٍ أَو نُهيَت عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهَا شَهْوة فِي
السَّمَاعِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْنَى أَن الْآذَانَ لَا تَعِي
كلَّ مَا تَسْمَعُه وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ ذَاتُ شَهْوَةٍ لِمَا
تَسْتَظْرِفُه مِنْ غرائبِ الْحَدِيثِ وَنَوَادِرِ الْكَلَامِ.
والحُمَّيْضى: نَبْتٌ وليس من الحُموضة. وحَمْضَة: اسْمُ حَيِّ
بَلْعاءَ بْنِ قَيْسٍ اللَّيْثِيِّ؛ قَالَ:
ضَمِنْتُ لِحَمْضَةَ جِيرانَه، ... وذِمَّةَ بَلْعاءَ أَن تُؤْكَلا
مَعْنَاهُ أَن لَا تؤْكل. وَبَنُو حُمَيْضَة: بَطْنٌ. وَبَنُو حَمْضة:
بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ. وحُمَيْضَة: اسْمُ رَجُلٍ
مَشْهُورٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وحَمْضٌ: ماءٌ معروف
لبني تميم.
حوض: حاضَ الماءَ وغيرَه حَوْضاً وحَوَّضَه: حاطَه وجَمَعَه. وحُضْتُ
أَحُوضُ: اتخذْتُ حَوْضاً. واسْتَحْوَضَ الماءُ: اجْتَمَعَ. والحَوْضُ:
مُجْتَمَعُ الْمَاءِ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَحْواض وحِيَاض. وحَوْضُ
الرَّسُولِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَسْقِي
مِنْهُ أُمَّته يَوْمَ الْقِيَامَةِ. حَكَى أَبو زَيْدٍ: سَقاك اللَّهُ
بِحَوْض الرَّسُولِ وَمِنْ حَوْضِه. والتَّحْوِيضُ: عَمَلُ الحَوْض.
والاحْتِياضُ: اتخاذُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
طَمِعْنا فِي الثَّوابِ فَكَانَ جَوْراً، ... كمُحْتَاضٍ عَلَى ظَهْرِ
السَّرابِ
واسْتَحْوَضَ الماءَ: اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ حَوْضاً. وحَوْضُ المَوْتِ:
مُجْتَمَعُه، عَلَى الْمَثَلِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والمُحَوَّضُ،
بِالتَّشْدِيدِ: شيءٌ يُجْعَلُ لِلنَّخْلَةِ كالحوْض يُشْرَبُ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ إِسمعيل: لَمَّا ظَهر لَهَا ماءُ زَمْزَمَ جَعَلَتْ تُحَوِّضُه
أَي تَجْعَلُهُ حَوْضاً يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ:
والمُحَوَّضُ مَا يصْنَع حَوالَيِ الشَّجَرَةِ عَلَى شَكْلِ
الشَّرَبَةِ؛ قَالَ:
أَما تَرى، بِكُلِّ عَرْضٍ مُعْرِضِ، ... كلَّ رَداحٍ دَوْحةِ
المُحَوَّضِ؟
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَنا أُحَوِّضُ حَوْلَ ذَلِكَ الأَمر أَي أَدُور
حَوْلَهُ مِثْلَ أُحَوِّطُ. والمُحَوَّض: الْمَوْضِعُ الَّذِي يسمَّى
حَوْضاً. وحَوْضَى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مِنْ وَحْشِ حَوْضَى يُراعِي الصَّيْدَ مُنْتَبِذاً، ... كأَنه
كَوْكَبٌ، فِي الجَوِّ، مُنْحَرِدُ
يَعْنِي بالصيد الوحش. ومُنْحَرِدٌ: منفردٌ عَنِ الْكَوَاكِبِ؛ قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِذِي الرُّمَّةِ:
كأَنَّا رَمَتْنا بالعُيونِ، الَّتِي نَرَى، ... جآذِرُ حَوْضَى مِنْ
عُيونِ البَراقِع
وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
أَوْ ذِي وُشومٍ بحَوْضَى باتَ مُنْكَرِساً، ... فِي لَيْلةٍ مِنْ
جُمادَى، أَخْضَلَتْ زِيمَا
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ
حَوْضاء
، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ وَادِي
القُرَى وَتَبُوكَ نَزَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ،
(7/141)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ
سَارَ إِلى تَبُوكَ؛ قَالَهُ ابْنُ إِسحاق بِالضَّادِ. الأَصمعي: إِني
لأَدُورُ حولَ ذَلِكَ الأَمر وأُحَوِّضُ وأُحَوِّطُ حوله بمعنى واحد.
حيض: الحَيْضُ: مَعْرُوفٌ. حَاضَت المرأَة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً،
والمَحِيض يَكُونُ اسْمًا وَيَكُونُ مَصْدَرًا. قَالَ أَبو إِسحاق:
يُقَالُ حاضَت المرأَة تحِيضُ حَيْضاً ومَحَاضاً ومَحِيضاً، قَالَ:
وَعِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَن الْمَصْدَرَ فِي هَذَا الْبَابِ بَابُهُ
المَفْعَل والمَفْعِل جَيِّدٌ بالغٌ، وَهِيَ حَائِض، هُمِزت وإِن لَمْ
تَجْر عَلَى الْفِعْلِ لأَنه أَشبه فِي اللَّفْظِ مَا اطَّرَدَ
هَمْزُهُ مِنَ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ نَحْوُ قَائِمٍ وَصَائِمٍ
وأَشباه ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويدلُّك عَلَى أَن عَيْنَ حائِضٍ
هَمْزَةٌ، وَلَيْسَتْ يَاءً خَالِصَةً كَمَا لعَلَّه يَظُنُّهُ
كَذَلِكَ ظانٌّ، قولُهم امرأَة زائِرٌ مِنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ، أَلا
تَرَى أَنه لَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ صَحِيحَةً لَوَجَبَ ظُهُورُهَا
وَاوًا وأَن يُقَالَ زاوِر؟ وَعَلَيْهِ قَالُوا: العائرُ للرَّمِد،
وإِن لَمْ يَجْرِ عَلَى الْفِعْلِ لَمَا جاءَ مَجِيءَ مَا يَجِبُ
هَمْزُهُ وإِعلالُه فِي غَالِبِ الأَمر، وَمِثْلُهُ الحائشُ.
الْجَوْهَرِيُّ: حَاضَتْ، فَهِيَ حَائِضَة؛ وأَنشد:
رأَيتُ حُيونَ العامِ والعامِ قبْلَه ... كحائِضةٍ يُزْنَى بِهَا غيرَ
طاهِر
وجمعُ الحَائِض حَوائِضُ وحُيَّضٌ عَلَى فُعَّل. قَالَ ابْنُ
خَالَوَيْهِ: يُقَالُ حَاضَتْ ونَفِست ونفُست ودَرَسَتْ وطَمِثَتْ
وضَحِكَتْ وكادَتْ وأَكْبَرَتْ وصامَتْ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: سُمِّيَ
الحَيْضُ حَيْضاً مِنْ قَوْلِهِمْ حَاضَ السيلُ إِذا فاضَ؛ وأَنشد
لِعُمَارَةَ بْنِ عُقَيْلٍ:
أَجالَتْ حَصاهُنَّ الذَّوارِي، وحَيَّضَت ... عليْهنَّ حَيْضاتُ
السُّيولِ الطَّواحِم
والذَّوارِي وَالذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ. والحَيْضَة: الْمَرَّةُ
الْوَاحِدَةُ مِنْ دُفَع الحَيْض ونُوَبِه، والحَيْضَات جَمَاعَةٌ،
والحِيضَة الِاسْمُ، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ الحِيَضُ، وَقِيلَ:
الحِيضَةُ الدَّمُ نَفْسُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: لَيْسَتْ حِيضتُك فِي يَدِك
؛ الحِيضَةُ، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنَ الحَيْض وَالْحَالُ الَّتِي
تَلْزَمُهَا الحائِض مِنَ التَّجَنُّبِ والتحيُّض كالجِلْسة والقِعْدة
مِنَ الْجُلُوسِ وَالْقُعُودِ. والحِيَاضُ: دمُ الحَيْضَة؛ قَالَ
الْفَرَزْدَقُ:
خَواقُ حِياضهن تَسِيلُ سَيْلًا، ... عَلَى الأَعْقابِ، تَحْسِبُه
خِضابا
أَراد خَواقّ فَخَفَّفَ. وتَحَيَّضتِ المرأَةُ: تَرَكَتِ الصلاةَ أَيام
حَيْضِهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ للمرأَة:
تَحَيَّضي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتّاً أَو سَبْعاً
؛ تَحَيَّضَتِ المرأَةُ إِذا قَعَدَتْ أَيام حَيْضتِها تَنْتَظِرُ
انْقِطَاعَهُ، يَقُولُ: عُدِّي نَفْسَك حَائِضاً وَافْعَلِي مَا
تَفْعَلُ الحائِضُ، وإِنما خصَّ السِّتّ وَالسَّبْعَ لأَنهما
الْغَالِبُ عَلَى أَيام الحَيْض. واسْتُحِيضَت المرأَةُ أَي استمرَّ
بِهَا الدمُ بَعْدَ أَيامها، فَهِيَ مُسْتَحاضة، والمُسْتَحَاضَة:
الَّتِي لَا يَرْقَأُ دمُ حَيْضِها وَلَا يَسِيلُ مِنَ المَحِيض
وَلَكِنَّهُ يسيلُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ العاذِل، وإِذا
اسْتُحِيضَت المرأَةُ فِي غَيْرِ أَيام حَيْضِها صَلَّتْ وصامَتْ
وَلَمْ تَقْعُدْ كَمَا تَقْعُد الْحَائِضُ عَنِ الصَّلَاةِ. قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ
أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ
؛ قِيلَ: إِن المَحِيضَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ المَأْتَى مِنَ المرأَة
لأَنه مَوْضِعُ الحَيْضِ فكأَنه قَالَ: اعْتَزِلُوا النساءَ فِي
مَوْضِعِ الحَيْضِ وَلَا تُجامِعوهن فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
إِن فُلانةَ اسْتُحِيضَت
؛ الاسْتِحَاضَةُ: أَن يستمرَّ بالمرأَة خروجُ الدَّمِ بَعْدَ أَيام
(7/142)
حَيْضِها المُعْتاد. يُقَالُ: اسْتُحِيضَتْ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ،
وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الحَيْض. وحَاضَتِ السَّمُرة: خَرَجَ مِنْهَا
الدُّوَدِمُ، وَهُوَ شيءٌ شِبْهُ الدَّمِ، وإِنما ذَلِكَ عَلَى
التَّشْبِيهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَاضَتِ السَّمُرةُ تَحِيضُ حَيْضاً،
وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيلُ مِنْهَا شيءٌ كَالدَّمِ. الأَزهري: يُقَالُ
حَاضَ السيلُ وفاضَ إِذا سَالَ يَحِيضُ ويَفيض؛ وَقَالَ عُمَارَةُ:
أَجالَت حَصاهُنَّ الذَّوارِي، وحَيَّضَت ... عليهنَّ حَيْضات
السُّيولِ الطَّواحِم
مَعْنَى حَيَّضَت: سيَّلت. والمَحِيض والحَيْض: اجْتِمَاعُ الدَّمِ
إِلى ذَلِكَ الْمَكَانِ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا قِيلَ للحَوْض حَوْضٌ
لأَن الْمَاءَ يَحِيضُ إِليه أَي يَسِيل، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ
الواوَ عَلَى الْيَاءِ والياءَ عَلَى الْوَاوِ لأَنهما مِنْ حيِّز
وَاحِدٍ، وَهُوَ الْهَوَاءُ، وَهُمَا حَرْفَا لِينٍ، وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ فِي بَابِ الصَّادِ وَالضَّادِ: حاصَ وحاضَ بِمَعْنًى
وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الصَّادِ
وَالضَّادِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِنما هُوَ حاضَ وجاضَ بِمَعْنًى
وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: حَاضَت المرأَة وتحَيَّضَت ودَرَسَتْ وعَرَكَتْ
تَحِيضُ حَيْضاً ومَحَاضاً ومَحِيضاً إِذا سَالَ الدَّمُ مِنْهَا فِي
أَوقات مَعْلُومَةٍ، فإِذا سَالَ فِي غَيْرِ أَيام مَعْلُومَةٍ وَمِنْ
غَيْرِ عِرْقِ المَحيض قُلْتَ: اسْتُحِيضَت، فَهِيَ مُسْتَحَاضَة،
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الحَيْضِ وَمَا تصرَّف مِنْهُ مِنِ اسْمٍ
وَفِعْلٍ وَمَصْدَرٍ وَمَوْضِعٍ وَزَمَانٍ وَهَيْئَةٍ فِي الْحَدِيثِ؛
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَا تُقْبَل صَلَاةُ حَائِض إِلَّا بِخِمارٍ
أَي بَلَغَت سنَّ المَحِيض وَجَرَى عَلَيْهَا الْقَلَمُ. وَلَمْ يُرِدْ
فِي أَيام حَيْضِها لأَن الحائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا. والحِيضَة:
الخِرْقة الَّتِي تَسْتَثْفِرُ بِهَا المرأَة؛ قَالَتْ
عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْتَنِي كنتُ حِيضَةً مُلْقاةً
؛ وَكَذَلِكَ المَحِيضة، وَالْجَمْعُ المَحَايِضُ. وَفِي حَدِيثِ
بِئْرِ بُضاعة:
تُلْقَى فِيهَا المَحَايِض
؛ وَقِيلَ: المَحايِضُ جَمْعُ المَحِيض، وَهُوَ مَصْدَرُ حَاضَ،
فَلَمَّا سمِّي بِهِ جَمعه، وَيَقَعُ المَحِيضُ عَلَى الْمَصْدَرِ
وَالزَّمَانِ والدم. |