لسان العرب فصل الخاء المعجمة
خبط: خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضَرَبَهُ ضرْباً شَدِيدًا. وخبَط
البعيرُ بِيَدِهِ يَخْبِطُ خبْطاً: ضَرَبَ الأَرض بِهَا؛ التَّهْذِيبُ:
الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ بخُفِّ يدِه
(7/280)
كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُحٍ، ... وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُرْ «1»
أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إِذا سارَتْ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ أَنه قَالَ: لَا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل وَلَا تَمُطُّوا
بآمِينَ
، يَقُولُ: إِذا قَامَ قدَّم رِجْلَه يَعْنِي مِنَ السُّجودِ، نَهَاهُ
أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عِنْدَ القيامِ مِنَ السُّجُودِ. والخَبْطُ فِي
الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دُونَ الأَرْجُلِ، وَقِيلَ: يَكُونُ
لِلْبَعِيرِ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ. وكلُّ مَا ضرَبه بِيَدِهِ، فَقَدْ
خبَطه؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
فَطِرْتُ بمُنْصُلي فِي يَعْمَلاتٍ، ... دَوامِي الأَيْدِ، يَخْبِطْنَ
السَّرِيحا
أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فَحَذَفَ. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ وَمِنْهُ
قِيلَ خَبْطَ عَشْواء، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي فِي بَصرها ضَعْفٌ
تَخْبِط إِذا مَشَتْ لَا تتوَقَّى شَيْئًا؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْ ... تُمِتْه، ومَنْ
تُخْطِئُ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يَقُولُ: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء مِنَ الإِبل،
وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ الْكُلَّ لَا تُبْقِي
عَلَى أَحد، فَمِمَّنْ خَبَطَتْه المَنايا مَنْ تُمِيتُه، وَمِنْهُمْ
مَنْ تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثُمَّ الْمَوْتُ. وَفُلَانٌ
يَخْبِط فِي عَمْياء إِذا رَكِبَ مَا رَكِبَ بجَهالةٍ. وَرَجُلٌ
أَخْبَطُ يَخْبِطُ بِرِجْلَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ:
عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَطِّ، ... قَصَّرَ ذُو الخَوالِع
الأَخْبَطِّ
إِنما أَراد الأَخْبَطَ فَاضْطُّرَ فَشَدَّدَ الطَّاءَ وأَجْراها فِي
الْوَصْلِ مُجْراها فِي الْوَقْفِ. وَفَرَسٌ خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ
الأَرض بِرِجْلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: والخَبُوطُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي
يَخْبِط بِيَدَيْهِ. قَالَ شُجَاعٌ: يُقَالُ تَخَبَّطَني بِرِجْلِهِ
وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشَّدِيدُ،
وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَيدي الدَّوابّ. والخَبَطُ: مَا خَبَطَتْهُ
الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ الَّذِي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه،
وَالْجَمْعُ خُبُطٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن طِينَهُ يُخبَطُ
بالأَرجل عِنْدَ بِنَائِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ
وخبَطَ القومَ بِسَيْفِهِ يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ
الشَّجَرَةَ بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شَدَّهَا ثُمَّ ضرَبها
بِالْعَصَا ونفَض ورَقها مِنْهَا ليَعْلِفَها الإِبلَ والدوابَّ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
والصَّقْع مِنْ خابِطةٍ وجُرْزِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده والصقعِ، بِالْخَفْضِ، لأَن
قَبْلَهُ:
بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ
الوخْزُ: الطعْنُ غَيْرُ النَّافِذِ. والجُرْزُ: عَمودٌ مِنْ أَعْمِدةِ
الخِباء. وَفِي التَّهْذِيبِ أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ وَرَقِ الشَّجَرِ
حَتَّى يَنْحاتَّ عَنْهُ ثُمَّ يَسْتَخْلِف مِنْ غَيْرِ أَن يَضُرّ
ذَلِكَ بأَصل الشَّجَرَةِ وأَغْصانِها. قَالَ اللَّيْثُ: الخَبَطُ
خَبَطُ وَرَقِ العِضاهِ مِنَ الطَّلْحِ وَنَحْوِهِ يُخْبَطُ يُضْرَبُ
بِالْعَصَا فَيَتَنَاثَرُ ثُمَّ يُعْلف الإِبل، وَهُوَ مَا خَبَطَتْه
الدوابُّ أَي كسرَتْه. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ مَكَّةَ
وَالْمَدِينَةِ:
نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها
؛ هُوَ ضَرْبُ الشَّجَرِ بِالْعَصَا ليتناثر ورقها، واسم
__________
(1) . روي هذا البيت في قصيدة طرفة على هذه الصورة:
جافلاتٍ، فوقَ عُوج عجُل، ... رُكِّبَتْ فيها مَلاطِيسُ سُمُرْ
(7/281)
الْوَرَقِ الساقطِ الخَبَطُ،
بِالتَّحْرِيكِ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعول، وَهُوَ مِنْ عَلَفِ الإِبل.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ إِلى أَرض جُهَينةَ فأَصابهم
جُوعٌ فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قَالَ كثيِّر:
إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَها ... بِمِخْبطةٍ، يَا حُسْنَ
مَنْ أَنت ضارِبُ
يَعْنِي زَوْجُهَا أَنه يخْبِطُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط فأَسْقَطَتْ جَنِيناً
؛ المِخْبَطُ، بِالْكَسْرِ: الْعَصَا الَّتِي يُخبط بِهَا الشَّجَرُ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَقَدْ رأَيْتُني بِهَذَا الْجَبَلِ أَحْتَطِبُ مَرَّةً
وأَخْتَبِطُ أُخْرى
أَي أَضرب الشَّجَرَ لينتَثِرَ الورقُ مِنْهُ، وَهُوَ الخَبَطُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
سُئل هَلْ يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قَالَ: لَا إِلَّا كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ
الخَبْطُ
؛ الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَن الغَبْطَ لَا يَضُرُّ ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ مَا يَلْحَقُ الغابِطَ
مِنَ الضَّررِ الرَّاجِعِ إِلى نُقصان الثَّوَابِ دونَ الإِحْباط
بِقَدْرِ مَا يَلْحَقُ العِضاهَ مِنْ خَبْط ورَقِها الَّذِي هُوَ دُونَ
قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يَعُودُ بَعْدَ الخبْط ورقُها، فَهُوَ
وإِن كَانَ فِيهِ طرَفٌ مِنَ الحسَدِ فَهُوَ دُونَهُ فِي الإِثم.
والخَبَطُ: مَا انْتَفَضَ مِنْ وَرَقِهَا إِذا خُبِطتْ، وَقَدِ
اخْتَبَطَ لَهُ خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ: تأْكله؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ:
حُوكَتْ عَلَى نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ، ... تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، وَلَا
تُشاكُ «1»
أَي لَا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ عَلَى نِيْرَيْنِ أَي أَنها
شَحِيمةٌ قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سَارَ
فِيهِ عَلَى غَيْرِ هُدًى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء مِنْ جانِبيْ قَسَا، ... وحُبَّ بِهَا مِنْ
خابِطِ الليلِ زَائِرِ
وَقَوْلُهُمْ مَا أَدري أَي خابِطِ الليلِ هُوَ أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ
هُوَ أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ. وَقِيلَ: الْخَبْطُ كلُّ سْيرٍ عَلَى
غَيْرِ هُدًى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَبّاطُ عَشواتٍ
أَي يَخْبِطُ فِي الظَّلَامِ، وَهُوَ الَّذِي يَمْشِي فِي اللَّيْلِ
بِلَا مِصْباح فَيَتَحَيَّرُ ويَضلّ، فَرُبَّمَا تَردّى فِي بِئْرٍ،
فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ يَخْبِط فِي عَمْياء إِذا رَكِبَ أَمراً بجَهالة.
والخُباطُ، بِالضَّمِّ: دَاءٌ كالجُنون وَلَيْسَ بِهِ. وخبَطَه
الشيطانُ وتَخَبَّطَه: مسَّه بأَذًى وأَفسَدَه. وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ
خَبْطةٌ مِنْ مَسٍّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
؛ أَي يتوَطَّؤُه فيصْرَعُه، والمَسُّ الجُنون. وَفِي حَدِيثِ
الدُّعَاءِ:
وأَعوذ بِكَ أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ
أَي يَصْرَعَني ويَلْعَبَ بِي. والخَبْطُ بِالْيَدَيْنِ: كالرَّمْح
بالرّجْلَيْنِ. وخُباطةُ مُعَرَّفَةً: الأَحْمَقُ كَمَا قَالُوا
لِلْبَحْرِ خُضارةَ. وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنه مَرَّ بِرَجُلٍ
نَائِمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فدفَعَه بِرِجْلِهِ فَقَالَ: لَقَدْ
عُوفِيتَ، لَقَدْ دُفع عَنْكَ، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وَفِيهَا
يَنْتَشِرُون، فَفِيهَا تَكُونُ الخَبْتةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: كَانَ
مَكْحُولٌ فِي لِسَانِهِ لُكْنةٌ وإِنما أَراد الخَبْطةَ مِنْ
تَخَبَّطَه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل الخَبْطِ
ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يَدِهِ. أَبو زَيْدٍ: خَبَطْتُ الرجلَ
أَخْبِطُه خَبْطاً إِذا وصلْته. ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا عَلَيْهِ
خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي مَسْحةٌ جميلةٌ فِي هَيْئَتِهِ وسَحْنَتِه.
والخَبْطُ: طَلَبُ الْمَعْرُوفِ، خَبَطَه يَخْبِطُه خبْطاً
واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الَّذِي يَسْأَلُك بِلَا وسِيلة وَلَا
قَرابةٍ وَلَا مَعْرِفَةٍ. وخَبَطَه بِخَيْرٍ: أَعطاه من
__________
(1) . قوله: حوكت؛ هكذا ورد على قلب الياء واواً، والقياس حيكت.
(7/282)
غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ
عَلْقَمةُ بْنُ عَبْدةَ:
وَفِي كلِّ حَيٍّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ، ... فَحُقَّ لشَأْسٍ مِنْ
نَداكَ ذَنُوبُ
وشَأْسٌ: اسْمُ أَخي عَلْقَمةَ، وَيُرْوَى: قَدْ خَبَطَّ أَراد
خَبَطْتَ فَقَلَبَ التَّاءَ طَاءً وأَدغم الطَّاءَ الأُولى فِيهَا،
وَلَوْ قَالَ خَبَتَّ يُرِيدُ خَبَطْتَ لَكَانَ أَقْيَسَ
اللُّغَتَيْنِ، لأَن هَذِهِ التَّاءَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِمَا
قَبْلَهَا اتِّصَالَ تَاءِ افْتَعَلْتَ بمثالِها الَّذِي هِيَ فِيهِ،
وَلَكِنَّهُ شَبَّهَ تَاءَ خبطْتَ بِتَاءِ افْتَعَلَ فقَلَبها طَاءً
لِوُقُوعِ الطَّاءِ قَبْلَهَا كَقَوْلِهِ اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وَعَلَى
هَذَا قَالُوا فحَصْطُ بِرِجْلِي كَمَا قَالُوا اصْطَبَرَ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
ومُخْتَبِطٍ لَمْ يَلْقَ مِنْ دُونِنا كُفًى، ... وذاتِ رَضِيعٍ لَمْ
يُنِمْها رَضِيعُها
وَقَالَ لَبِيدٌ:
لِيَبْكِ عَلَى النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ، ... ومُحْتَبِطاتٌ
كالسَّعالي أَرامِلُ
وَيُقَالُ: خبَطَه إِذا سأَلَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
يَوْماً وَلَا خابِطاً مِنْ مالِه وَرِقا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: خَبَطْتُ فُلَانًا أَخْبِطُه إِذا وصلْتَه؛
وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ جَزَحَ:
وإِنِّي، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه، ... لمُخْتَبِطٌ مِنْ تالِدِ
المالِ جازِحُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ اخْتَبَطَني فُلَانٌ إِذا جاءَ يَطْلُبُ
المَعْروفَ مِنْ غَيْرِ آصِرةٍ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ إِنّي إِذا بَخِل
الرَّفُود برفْده فإِني لَا أَبْخَلُ بَلْ أَكون مخْتَبِطاً لِمَنْ
سأَلني وأُعْطِيه مِنْ تالِدِ مَالِي أَي الْقَدِيمِ. أَبو مَالِكٍ:
الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ وَالْكَسْبِ. تَقُولُ: اخْتَبَطْت
فُلَانًا واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فَاخْتَبَطَنِي بِخَيْرٍ. وَفِي
حَدِيثِ
ابْنِ عَامِرٍ: قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَدْ
كُنْتَ تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ
؛ هُوَ طالِبُ الرِّفْدِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِ مَعْرِفَةٍ وَلَا
وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ أَو خابِطِ اللَّيْلِ. والخِباطُ،
بالكسرِ: سمةٌ تَكُونُ فِي الْفَخِذِ طويلةٌ عَرْضاً وَهِيَ لِبَنِي
سَعْدٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ، حَكَاهُ
سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ فَوْقَ الخَدّ، والجمعُ
خُبُطٌ؛ قَالَ وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً، ... شَنْعاء باقِيةَ
التَّلْحِيمِ والخُبُطِ؟
وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قَالَ ابْنُ الرُّمَّانِيِّ فِي
تَفْسِيرِ الخِباط فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ: إِنه الوَسْمُ فِي
الْوَجْهِ، والعِلاطُ والعِراضُ فِي العُنُق، قَالَ: والعِراضُ يَكُونُ
عَرْضاً والعِلاطُ يَكُونُ طُولًا. وخبَطَ الرجلُ خبْطاً: طَرَحَ نفسَه
حَيْثُ كَانَ وَنَامَ؛ قَالَ دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:
قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَا، ... يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ
الخابِطا
المَمارِطُ: السِّراعُ، وَاحِدَتُهَا مِمْرَطةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: خبَطَ
مِثْلَ هَبَغَ إِذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قَبْلَ
الشِّتَاءِ، وَقَدْ خُبط، فَهُوَ مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخِبْطُ والخِبْطةُ والخِبِيطُ: الْمَاءُ القليلُ
يَبْقَى فِي الحوْضِ؛ قَالَ:
إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ، ... يُصْبِحْ لَهَا فِي
حَوْضِها خَبِيطُ
(7/283)
والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ.
والخِبْطة، بِالْكَسْرِ: اللبَنُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي السِّقَاءِ،
وَلَا فِعْلَ لَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِبْطةُ الجَرْعةُ مِنَ
الْمَاءِ تَبْقَى فِي قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، وَلَا فِعْلَ
لَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ
والحَقْلَةُ والفَرْسَة والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كُلُّهُ:
بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْغَدِيرِ. والحَوْضُ الصَّغِيرُ يُقَالُ
لَهُ: الخَبِيطُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الخِبْطُ والرَّفَضُ نَحْوٌ مَنِ
النِّصْفِ وَيُقَالُ لَهُ الخَبِيطُ، وَكَذَلِكَ الصَّلْصلةُ. وَفِي
الإِناء خِبْطٌ: وَهُوَ نَحْوُ النِّصْفِ، وَيُقَالُ خَبِيطٌ؛ وأَنشد:
يُصْبِحْ لَهَا فِي حَوْضِها خَبِيطُ
وَيُقَالُ خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي، ... أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي
ومَكاني؟
والخِبْطةُ: مَا بَقِيَ فِي الوِعاء مِنْ طَعَامٍ أَو غَيْرُهُ. قَالَ
أَبو زَيْدٍ: الخِبْطُ مِنَ الْمَاءِ الرَّفْضُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ
الثُّلُثِ إِلى النِّصْفِ مِنَ السِّقَاءِ وَالْحَوْضِ وَالْغَدِيرِ
والإِناء. قَالَ: وَفِي القِربة خِبْطةٌ مِنْ مَاءٍ وَهُوَ مِثْلُ
الجرْعة وَنَحْوِهَا. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ خِبْطةٍ مِنَ
اللَّيْلِ أَي بَعْدَ صدْرٍ مِنْهُ. والخِبْطةُ: القِطْعة مِنَ
الْبُيُوتِ وَالنَّاسِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي
قِطْعة قِطْعَةً، وَالْجَمْعُ خِبَطٌ؛ قَالَ:
افْزَعْ لِجُوفٍ قَدْ أَتتك خِبَطا، ... مِثل الظَّلام وَالنَّهَارِ
اخْتَلَطا
قَالَ أَبو الرَّبِيعِ الْكِلَابِيُّ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ خِبْطةٍ
مِنَ اللَّيْلِ وحِذْفةٍ وَخِدْمَةٍ «2» أَي قِطْعة. والخَبِيطُ:
لَبَنٌ رَائِبٌ أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْحَلِيبُ مِنَ
اللَّبَنِ ثُمَّ يُضْرَبُ حَتَّى يَخْتَلِطَ؛ وأَنشد:
أَو قُبْضة مِنْ حازِرٍ خَبِيط
والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَبْطةُ: ضَرْبَةُ الفحلِ
الناقةَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جَمَلًا:
خَرُوجٌ مِنَ الخَرْقِ البعيدِ نِياطُه، ... وَفِي الشَّوْلِ يُرْضَى
خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ.
خرط: الخَرْطُ: قَشْرُك الورقَ عَنِ الشَّجَرِ اجْتِذاباً بِكَفِّكَ،
وأَنشد:
إِنَّ، دُون الَّذِي هَمَمْتَ بِهِ، ... مِثْلَ خَرْطِ القَتادِ فِي
الظُّلُمَهْ
أَراد فِي الظُّلْمةِ. وخَرَطْتُ العودَ أَخْرُطُه وأَخرِطُه خَرْطاً:
قَشَرْتُهُ. وخرَط الشَّجَرَةَ يَخْرطها خَرْطاً: انْتَزَعَ الورقَ
واللِّحاء عَنْهَا اجْتِذاباً. وخَرَطْتُ الورقَ: حَتَتُّه، وَهُوَ
أَنْ تَقْبِضَ عَلَى أَعلاه ثُمَّ تُمِرَّ يَدَكَ عَلَيْهِ إِلى
أَسفله. وَفِي الْمَثَلِ: دُونه خَرْطُ القَتادِ. قَالَ أَبو
الْهَيْثَمِ: خَرَطْتُ العُنْقُودَ خَرْطاً إِذا اجْتَذَبْتَ حَبَّهُ
بِجَمِيعِ أَصابعك، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ فَهُوَ الخُراطةُ. وَيُقَالُ:
خرَط الرجلُ العُنْقُودَ واخْتَرَطَه إِذا وَضَعَهُ فِي فِيهِ وأَخرج
عُمْشُوشَه عارِياً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يأْكل الْعِنَبَ
خَرْطاً
، يُقَالُ: خَرط العُنقود وَاخْتَرَطَهُ إِذا وَضَعَهُ فِي فِيه ثُمَّ
يأْخذ حَبَّهُ ويُخرج عُرْجُونه عَارِيًا مِنْهُ. والخَرُوط: الدابةُ
الجَمُوحُ الَّذِي يَجْتَذِبُ رَسَنَه مِنْ يَدِ مُمْسِكه ثُمَّ يَمْضي
عَائِرًا خارِطاً، وَقَدْ خرَطه فانْخَرَط، وَالِاسْمُ الخِراطُ.
يَقُولُ بَائِعُ الدَّابَّةِ: بَرِئْت إِليك مِنَ الخِراط أَي
الجِماحِ. وفرس خَرُوطٌ
__________
(2) . قوله [خدمة] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: خذمة.
(7/284)
أَي جَمُوحٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا
أَذن لِعَبْدِهِ فِي إِيذاء قَوْمٍ: قَدْ خَرَطَ عَلَيْهِمْ عبدَه،
شُبِّهَ بِالدَّابَّةِ يُفْسَخُ رَسَنُه ويُرْسَلُ مُهْمَلًا. وناقة
خَرَّاطةٌ وخَرَّاتةٌ: تَخْتَرِطُ فَتَذْهَبُ عَلَى وَجْهِهَا. وخَرَطَ
جارِيَتَه خَرْطاً إِذا نكَحها. وخَرَطَ البازِي إِذا أَرْسَلَه مِنْ
سَيْرِه، قَالَ جَوّاسُ بْنُ قَعْطَلٍ:
يَزَعُ الجِيادَ بِقَوْنَسٍ، وكأَنّه ... بازٍ تَقَطَّعَ قَيْدُه
مَخْرُوطُ
وانْخِراطُ الصقْرِ: انْقِضاضُه. وخَرِطَ الرجلُ خَرَطاً إِذا غَصَّ
بالطَّعامِ، قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع خَرِطَ إِلا هَاهُنَا، قَالَ
الأَزهري: وَهُوَ حَرْفٌ صَحِيحٌ، وأَنشد الأُموِيّ:
يَأْكُلُ لَحْماً بائِتاً قَدْ ثَعِطَا، ... أَكْثَرَ مِنْهُ الأَكْل
حَتَّى خَرِطَا
وانْخَرَطَ الرَّجلُ فِي الأَمْر وتَخَرَّطَ: ركِب فِيهِ رأسَه مِنْ
غَيْرِ عِلم وَلَا مَعْرِفَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: أَنه أَتاه قَوْمٌ بِرَجُلٍ
فَقَالُوا: إِن هَذَا يَؤُمُّنا وَنَحْنُ لَهُ كَارِهُونَ، فَقَالَ
لَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِنَّكَ لَخَرُوطٌ، أَتَؤُمُّ
قَوْمًا وَهُمْ لَكَ كَارِهُونَ
؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخَرُوط الَّذِي يَتَهَوّرُ فِي الأُمور
وَيَرْكَبُ رَأْسَه فِي كُلِّ مَا يُرِيدُ بِالْجَهْلِ وَقِلَّةِ
الْمَعْرِفَةِ بالأُمور، كَالْفَرَسِ الخَرُوط الَّذِي يَجْتَذِبُ
رَسَنَه مِنْ يَدِ مُمْسِكه ويَمْضِي لوَجْهه، وَمِنْهُ قِيلَ: انْخَرط
عَلَيْنَا فلانٌ إِذا انْدَرأَ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ السَّيِء
وَالْفِعْلِ. وانْخَرَط الفَرسُ فِي سَيْرِهِ أَي لَجَّ، قَالَ
الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
فَظَلَّ يَرْقَدُّ مِن النَّشَاطِ، ... كالبَرْبَرِيِّ لَجَّ فِي
انْخِراطِ
قَالَ: شبَّهه بِالْفَرَسِ البَرْبَرِيِّ إِذا لَجَّ فِي سيرِه. ورَجل
خَرُوط: يَنْخَرِطُ فِي الأُمور بالجَهْل. وَانْخَرَطَ عَلَيْنَا
بالقَبيح والقَوْل السيِءِ إِذا اندرأَ وأَقبل واسْتَخْرطَ الرَّجلُ
فِي البُكاء: لَجَّ فِيهِ واشْتَدَّ، وَالِاسْمُ الخُرَّيْطَى.
والخارِطُ والمُنْخَرِطُ فِي العَدْوِ: السَّريع، عَنِ ابْنِ
الأَعرابي، وأَنشد:
نِعْمَ الأَلُوكُ أَلُوكُ اللحمِ تُرْسِلُه ... عَلَى خَوارِطَ، فِيهَا
الليلَ تَطْرِيبُ
يَعْنِي بالخوارِط الحُمُرَ السَّريعةَ. واخْتَرَطَ السيفَ: سَلَّه
مِنْ غِمْدِه. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الخَوْفِ:
فاخْتَرَطَ سيفَه
أَي سَلَّه مِنْ غِمْدِه، وَهُوَ افْتَعل مِنَ الخَرْطِ، وخَرَطَ
الفَحْلَ فِي الشَّوْل خَرْطاً: أَرْسَلَه، وخَرَطَ الإِبلَ فِي
الرِّعْي خَرْطاً: أَرْسَلَها، وخَرَطَ الدَّلْوَ فِي الْبِئْرِ
كَذَلِكَ أَي أَلقاها وحَدَرها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه رأَى فِي ثَوْبِهِ جَنابةً
فَقَالَ: خُرِطَ عَلَيْنَا الاحْتِلامُ
أَي أُرْسِل علينا، من قَوْلِهِمْ خَرَطَ دَلوَه فِي الْبِئْرِ أَي
أَرْسَلَها. والخَرَطُ، بِالتَّحْرِيكِ، فِي اللَّبَنِ: أَن تُصِيبَ
الضَّرْعَ عَيْنٌ أَوْ دَاءٌ أَو تَرْبُضَ الشاةُ أَوْ تَبْرُك الناقةُ
عَلَى نَدًى فَيَخْرُجَ اللبَنُ مُتَعَقّداً كقِطَعِ الأَوْتارِ
وَيَخْرُجُ مَعَهُ مَاءٌ أَصفر، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن
يَخْرُجَ مَعَ اللَّبَنِ شعْلةُ قَيْح، وَقَدْ أَخْرَطت الشاةُ
والناقةُ، وَهِيَ مُخْرِطٌ، وَالْجَمْعُ مَخارِيطُ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ
لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِخْراطٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ
قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن مَخارِيطَ جَمْعُ مِخْراط
لَا جَمْعُ مُخْرِط، والخِرْطُ: اللبَنُ الَّذِي يُصِيبه ذَلِكَ، قَالَ
الأَزهريّ: فإِذا احْمَرَّ لَبَنُهَا وَلَمْ تُخْرِطْ فَهِيَ مُمْغِرٌ،
وأَنشد ابْنُ برِّي شَاهِدًا
(7/285)
عَلَى المِخْراط:
وسَقَوهُم، فِي إِناء مُقْرِفٍ، ... لَبَناً مِنْ درِّ مِخْراطٍ فَئرْ
قَالَ: فَئِرٌ سَقَطَ فِيهِ فأْرة. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ:
الخِرْطُ لَبَنٌ مُنْعقد يَعْلُوهُ مَاءٌ أَصفر. والخَرِيطةُ: هَنة
مِثْلُ الكِيسِ تَكُونُ مِنَ الخِرَقِ والأَدَمِ تُشْرَجُ عَلَى مَا
فِيهَا، وَمِنْهُ خَرائِط كُتب السلْطانِ وعُمَّاله. وأَخْرطَها:
أَشْرجَ فَاهَا. وَرَجُلٌ مَخْروطٌ: قَلِيلُ اللِّحْيةِ. والمَخْروطةُ
مِنَ اللِّحَاءِ: الَّتِي خفَّ عارِضاها وسَبَطَ عُثْنُونُها وطالَ.
وَرَجُلٌ مَخْرُوطُ الْوَجْهِ: فِي وَجْهِهِ طُولٌ مِنْ غيرِ عِرَضٍ،
وَكَذَلِكَ مَخْرُوطُ اللِّحْيَةِ إِذا كَانَ فِيهَا طُولٌ مِنْ غيرِ
عِرَض، وَقَدِ اخْرَوَّطَتْ لِحيتُه. واخْرَوَّطَ بِهِمُ الطريقُ
والسفَرُ: امتدَّ، قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُخْرَوِّطاً جَاءَ مِنَ الأَقْطارِ، ... فَوْتَ الغِرافِ ضامِنَ
السِّفارِ
وَقَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
لَا تَأْمَنُ البازِلُ الكَوْماءُ ضَرْبَتَه ... بالمَشْرَفِيِّ، إِذا
مَا اخْروَّطَ السَّفَرُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: واخْرَوَّطَ السفَر. وَيُقَالُ للشَّرَكِ إِذا
انْقَلَبَ عَلَى الصَّيْدِ فَعَلِقَ برِجْلِه: قَدِ اخْرَوَّطَ فِي
رِجْلِهِ. واخْرَوَّطَتِ الشَّركةُ فِي رِجْلِ الصَّيْدِ: عَلِقَتْها
فاعْتَقَلَتْها، واخْرِوَّاطُها امْتِدادُ أُنْشُوطَتِها.
والاخْرِوَّاطُ فِي السَّيْر: المضاءُ والسُّرْعةُ. واخْرَوَّط البعيرُ
فِي سَيْرِهِ إِذا أَسْرَعَ. والمُخْرَوِّطةُ مِنَ النُّوقِ:
السَّرِيعَةُ. وتَخَرَّطَ الطائرُ تَخَرُّطاً: أَخذ الدُّهْنَ مِنْ
زِمِكَّاه. والمِخْراطُ: الحيَّةُ الَّتِي مِنْ عَادَتِهَا أَن
تَسْلُخَ جِلْدَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنّي كَسانِي أَبُو قابُوسَ مُرْفلةً، ... كأَنَّها سَلْخُ أَبْكارِ
المَخارِيط
والمَخاريطُ: الحيّاتُ المُنْسَلِخةُ. والإِخْرِيطُ: نَباتٌ ينبُتُ فِي
الجَدَدِ، لَهُ قُرُون كقُرون اللُّوبياء، وَوَرَقُهُ أَصغر مِنْ
وَرَقِ الرَّيْحان، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب مِنَ الحَمْضِ، وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: هُوَ أَصفَر اللَّوْنِ دقِيقُ الْعِيدَانِ ضَخْمٌ لَهُ
أُصول وَخَشَبٌ، قَالَ الرَّمّاحُ:
بِحَيْثُ يَكُنَّ إِخْرِيطاً وسِدْراً، ... وحَيْثُ عنِ التَّفَرُّقِ
يَلْتَقِينا
التَّهْذِيبُ: والإِخْرِيطُ مِنْ أَطْيَب الحَمْضِ، وَهُوَ مِثْلُ
الرُّغْل، سُمِّيَ إِخْريطاً لأَنه يُخَرِّطُ الإِبلَ أَي يرقِّقُ
سَلْحَها، كَمَا قَالُوا لبقْلة أُخرى تُسْلحُ المَواشِيَ إِذا
رَعَتْها: إِسْلِيحٌ. والخُراطُ والخُرَّاطُ والخُرَّيْطَى والخُراطَى:
شَحْمَةٌ تَتَمصَّخُ عَنْ أَصْلِ البَرْديِّ، وَاحِدَتُهُ خُراطةٌ.
وخَرَطَ «1» الرُّطْبُ البعيرَ وَغَيْرَهُ: سَلَّحَه. وَبَعِيرٌ
خارِطٌ: أَكل الرُّطُبَ فخَرَّطَه، قَالَ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلا
أَن يَكُونَ بَعِيرٌ خارطٌ بِمَعْنَى مَخْرُوط. واخْتَرَطَ الفَصِيلُ
الدَّابَّةَ وخَرَطَه، واخْتَرَطَ الإِنسانَ المَشِيُّ فانْخَرَطَ
بطنُه، وخَرَطَه الدَّواءُ أَي مَشَّاهُ،
__________
(1) . 1 قوله" وخرط إلخ" هو من الخرط والتخريط، والرطب، بضم وبضمتين:
الرعي الأخضر، أفاده المجد.
(7/286)
وَكَذَلِكَ خرَّطَه تَخْريطاً. وحِمار
خارِطٌ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ العلفُ فِي بَطْنِهِ، وَقَدْ
خَرَطَه البقْلُ فخَرَطَ، قَالَ الجعدِيّ:
خارِطٌ أَحْقَبُ فَلْوٌ ضامِرٌ، ... أَبْلَقُ الحَقْوَيْن مَشْطُوبُ
الكَفَلْ
مَشْطوب: قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَيُقَالُ: فِي عَجُزه طَرائقُ أَي
خُطوطٌ، وَيُقَالُ: طَوِيلٌ غَيْرُ مُدَوَّر. وانخرَطَ جِسْمُه أَي
دَقَّ. وخَرَطْتُ الحديدَ خَرْطاً أَي طَوَّلْتُه كَالْعَمُودِ، قَالَ
الأَزهري: قرأْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ:
عَجِبْتُ لخِرْطِيطٍ ورَقْمِ جَناحِه، ... وَذَمَّةِ طِخْمِيلٍ ورعْثِ
الضَّغادِرِ «1»
قَالَ: الخِرْطِيطُ فَراشةٌ مَنْقُوشَةُ الجناحَينِ، وَالطِّخْمِيلُ
الدِّيكُ، والضَّغادِرُ الدَّجاجُ، الْوَاحِدَةُ ضُغْدُورةٌ، قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَعرف شَيْئًا مِمَّا فِي هذا البيت.
خطط: الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ فِي الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ
خُطُوطٌ؛ وَقَدْ جَمَعَهُ الْعَجَّاجُ عَلَى أَخْطاطٍ فَقَالَ:
وشِمْنَ فِي الغُبارِ كالأَخْطاطِ
وَيُقَالُ: الكَلأُ خُطوطٌ فِي الأَرض أَي طَرائقُ لَمْ يَعُمَّ
الغَيْثُ البلادَ كُلَّها. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرو فِي صِفَةِ الأَرض الخامسةِ: فِيهَا حيّاتٌ
كسلاسِلِ الرَّمْلِ وَكَالْخَطَائِطِ بَيْنَ الشَّقائِق
؛ وَاحِدَتُهَا خَطِيطةٌ، وَهِيَ طرائقُ تُفارِقُ الشَّقائق فِي
غِلَظِها ولِينِها. والخَطُّ: الطريق، يقال: الزَمْ ذَلِكَ الخَطَّ
وَلَا تَظْلِمْ عَنْهُ شَيْئًا؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
صُدُود القِلاصِ الأُدْمِ فِي ليلةِ الدُّجَى، ... عَنِ الخَطِّ لَمْ
يَسْرُبْ لَهَا الخَطَّ سارِبُ
وخَطَّ القلَمُ أَي كَتَبَ. وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كَتَبَهُ
بِقَلَمٍ أَو غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
فأَصْبَحَتْ بَعْدَ، خَطَّ، بَهْجَتِها ... كأَنَّ، قَفْراً،
رُسُومَها، قَلَما
أَراد فأَصبحت بَعْدَ بَهْجَتِهَا قَفْرًا كأَنَّ قَلَمًا خَطَّ
رُسومَها. والتَّخْطِيطُ: التَّسْطِيرُ، التَّهْذِيبُ: التخْطيطُ
كالتَّسْطِير، تَقُولُ: خُطِّطَت عَلَيْهِ ذنوبُه أَي سُطِّرت. وَفِي
حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَنه سأَل النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الخَطِّ فَقَالَ: كَانَ نبيٌّ مِنَ الأَنبياء
يَخُطُّ فَمَنْ وافَقَ خَطَّه عَلِمَ مِثْلَ عِلْمِه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَمَنْ وافَق خطَّه فذاكَ.
والخَطُّ: الْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يُخَطُّ. وَرَوَى أَبو
الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ فِي الطَّرْقِ: قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الخَطُّ الَّذِي يَخُطُّه الحازِي، وَهُوَ عِلْم
قَدِيمٌ تَرَكَهُ النَّاسُ، قَالَ: يأْتي صاحِبُ الحاجةِ إِلى الحازِي
فيُعْطِيه حُلْواناً فَيَقُولُ لَهُ: اقْعُدْ حَتَّى أَخُطَّ لَكَ،
وَبَيْنَ يَدَيِ الْحَازِي غُلام لَهُ معَه مِيلٌ لَهُ، ثُمَّ يأْتي
إِلى أَرْضٍ رخْوَةٍ فيَخُطُّ الأُسْتاذ خُطوطاً كَثِيرَةً
بِالْعَجَلَةِ لِئَلَّا يَلْحَقها العدَدُ، ثُمَّ يرجِعُ فَيَمْحُو
مِنْهَا عَلَى مَهَلٍ خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ، فإِن بَقِيَ مِنَ الخُطوط
خَطَّانِ فُهِمَا عَلَّامَةُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ والنُّجْح، قَالَ:
والحازِي يَمْحُو وَغُلَامُهُ يَقُولُ لِلتَّفَاؤُلِ: ابْنَيْ عِيان،
أَسْرِعا البَيان؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فإِذا مَحا الحازِي الخُطوطَ
فَبَقِيَ مِنْهَا خَطٌّ
__________
(1) . 1 قوله" ذمة" كذا بالأصل، وفي شرح القاموس بالراء، ورعث هو
بالثاء المثلثة في معظم المواضع وفي شرح القاموس زعب، بالزاي والعين.
(7/287)
وَاحِدٌ فَهِيَ عَلَامَةُ الخَيْبةِ فِي
قَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي ذَلِكَ
الْخَطَّ الَّذِي يَبْقَى مِنْ خُطُوطِ الْحَازِيِّ الأَسْحَم، وَكَانَ
هذا الخط عندهم مشْؤُوماً. وَقَالَ الحَرْبيُّ: الخطُّ هُوَ أَن يخُطّ
ثَلَاثَةَ خُطوط ثُمَّ يَضْرِب عَلَيْهِنَّ بشعِير أَو نَوًى
وَيَقُولُ: يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الكَهانة؛ قَالَ
ابْنُ الأَثير: الخَطُّ الْمُشَارُ إِليه عِلْمٌ مَعْرُوفٌ وَلِلنَّاسِ
فِيهِ تَصانِيفُ كَثِيرَةٌ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ إِلى الْآنِ،
وَلَهُمْ فِيهِ أَوْضاعٌ واصْطلاحٌ وأَسامٍ، وَيَسْتَخْرِجُونَ بِهِ
الضَّمِيرَ وَغَيْرَهُ، وَكَثِيرًا مَا يُصِيبُون فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْسٍ: ذهَب بِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، إِلى مَنْزِلِهِ فدَعا بِطَعَامٍ قَلِيلٍ فَجَعَلْتُ
أُخَطِّطُ حَتَّى يَشْبَعَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم
، أَي أَخُطُّ فِي الطَّعَامِ أُرِيهِ أَني آكُل وَلَسْتُ بآكِلٍ.
وأَتانا بِطَعَامٍ فخَطَطْنا فِيهِ أَي أَكَلْناه، وَقِيلَ: فحطَطْنا،
بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، عَذَّرْنا. وَوَصَفَ أَبو
المَكارم مَدْعاةً دُعِيَ إِليها قَالَ: فحَطَطْنا ثُمَّ خَطَطْنا أَي
اعْتَمَدْنَا عَلَى الأَكل فأَخذنا، قَالَ: وأَما حَطَطْنا فَمَعْنَاهُ
التَّعْذِيرُ فِي الأَكل. والحَطُّ: ضِدُّ الخَطِّ، وَالْمَاشِي
يَخُطُّ بِرِجْلِهِ الأَرضَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ؛ قَالَ أَبو
النَّجْمِ:
أَقْبَلْتُ مِنْ عندِ زِيادٍ كالخَرِفْ، ... تَخطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ
مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ فِي الطَّرِيقِ لامَ أَلِفْ
والخَطُوط، بِفَتْحِ الْخَاءِ، مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ: الَّتِي تخُطُّ
الأَرض بأَظْلافِها، وَكَذَلِكَ كَلُّ دَابَّةٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ
يخُطّ فِي الأَرض إِذا كَانَ يفكِّر فِي أَمره وَيُدَبِّرُهُ.
والخَطُّ: خَطُّ الزَّاجِرِ، وَهُوَ أَن يخُطّ بإِصْبَعِه فِي
الرَّمْلِ ويَزْجُر. وخَطَّ الزاجِرُ فِي الأَرض يخُطُّ خَطًّا: عَمِلَ
فِيهَا خَطّاً بإِصْبَعِه ثُمَّ زَجَر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَشِيّةَ مَا لِي حِيلةٌ غَيْرَ أَنَّنِي، ... بِلَقْطِ الْحَصَى
والخَطِّ فِي التُّرْبِ، مولَعُ
وَثَوْبٌ مُخَطَّطٌ وكِساء مُخَطَّط: فِيهِ خُطوط، وَكَذَلِكَ تَمْرٌ
مُخَطَّط ووَحْشٌ مُخَطَّطٌ. وخَطَّ وجْهُه واخْتَطَّ: صارَتْ فِيهِ
خُطوط. واخْتَطَّ الغلامُ أَي نبتَ عِذارُه. والخُطَّةُ: كالخَطِّ
كأَنها اسْمٌ لِلطَّرِيقَةِ. والمِخَطُّ، بِالْكَسْرِ: الْعُودُ
الَّذِي يَخُطّ بِهِ الحائكُ الثوبَ. والمِخْطاطُ: عُود تُسَوَّى
عَلَيْهِ الخُطوطُ. والخَطُّ: الطَّرِيقُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ سلامةُ
بْنُ جَنْدل:
حَتَّى تركْنا وَمَا تُثْنَى ظَعائننا، ... يأْخُذْنَ بينَ سَوادِ
الخَطِّ فاللُّوبِ
والخَطُّ: ضَربٌ مِنَ البَضْعِ «2» ، خَطَّها يَخُطُّها خَطّاً. وَفِي
التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ خَطَّ بِهَا قُساحاً. والخِطُّ والخِطَّةُ:
الأَرض تُنْزَلُ مِنْ غَيْرِ أَن ينزِلها نازِلٌ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ
خَطَّها لنَفْسِه خَطّاً واخْتَطَّها: وَهُوَ أَن يُعَلِّم عَلَيْهَا
عَلامةً بالخَطِّ ليُعلم أَنه قَدِ احْتازَها «3» ليَبْنِيَها دَارًا،
وَمِنْهُ خِطَطُ الكوفةِ والبصرةِ. واخْتَطَّ فُلَانٌ خِطَّةً إِذا
تحَجَّر مَوْضِعًا وخَطَّ عَلَيْهِ بِجِدار، وَجَمْعُهَا الخِطَطُ.
وكلُّ مَا حَظَرْتَه، فَقَدْ خطَطْتَ عَلَيْهِ. والخِطّةُ،
بِالْكَسْرِ: الأَرضُ. وَالدَّارُ يَخْتَطُّها الرَّجل فِي أَرض غَيْرِ
مملوكةٍ ليَتَحجَّرها ويَبْنيَ فِيهَا،
__________
(2) . قوله [البضع] بالفتح والضم بمعنى الجماع.
(3) . قوله [احتازها] في النهاية: اختارها.
(7/288)
وَذَلِكَ إِذا أَذِن السُّلْطَانُ
لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ فِي
مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَيَتَّخِذُوا فِيهِ مَساكِنَ لَهُمْ كَمَا
فَعَلُوا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ، وإِنما كُسِرَتِ
الْخَاءُ مِنَ الخِطَّة لأَنها أُخرجت عَلَى مَصْدَرٍ بُني عَلَى
فِعْلِهِ «1» ، وَجَمْعُ الخِطَّةِ خِطَطٌ. وَسُئِلَ إِبراهيمُ
الحَربيّ عَنْ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه وَرَّث
النِّسَاءَ خِطَطَهُنَّ دُونَ الرِّجال، فَقَالَ: نَعَم كَانَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَعْطَى نِساء خِطَطاً
يَسْكُنَّها فِي الْمَدِينَةِ شبْه القَطائِع، منهنَّ أُمُّ عَبْدٍ،
فَجَعَلَهَا لهنَّ دُونَ الرِّجال لَا حَظَّ فِيهَا لِلرِّجَالِ.
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه يُقَالُ خِطٌّ
للمكَان الَّذِي يَخْتَطُّه لِنَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ هَاءٍ، يُقَالُ:
هَذَا خِطُّ بَنِي فُلَانٍ. قَالَ: والخُطُّ الطَّرِيقُ، يُقَالُ:
الزَمْ هَذَا الخُطَّ، قَالَ: ورأَيته فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرضُ الخَطيطةُ الَّتِي يُمْطَرُ مَا حَوْلَها
وَلَا تُمْطَر هِيَ، وَقِيلَ: الخَطِيطةُ الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ
بَيْنَ أَرْضَين مَمْطورَتَين، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مُطِر بعضُها.
وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرأَتِه
بيدِها فَقَالَتْ لَهُ: أَنتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ: خطَّ اللَّهُ نَوْءَها أَلَّا طَلَّقَتْ نفسَها ثَلَاثًا
وَرُوِيَ:
خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها
، بِالْهَمْزِ، أَي أَخْطأَها الْمَطَرُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ
رَوَاهُ خَطَّ اللَّهُ نوْءَها جَعَلَهُ مِنَ الخَطِيطةِ، وَهِيَ
الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرضين مَمْطُورَتَيْنِ،
وَجَمْعُهَا خَطائطُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ فِي الخَطائطِ: تَرْعَى الخَطائطَ ونَرِدُ المَطائطَ
؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِهَمْيَانَ بْنِ قُحافةَ:
عَلَى قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائطَا، ... يَتْبَعْنَ مَوَّارَ المِلاطِ
مَائِطَا
وَقَالَ البَعِيثُ:
أَلا إِنَّما أَزْرَى بحَارَك عامِداً ... سُوَيْعٌ، كخطَّافِ
الخَطِيطةِ، أَسْحَمُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
قِلاتٌ بالخَطِيطةِ جاوَرَتْها، ... فَنَضَّ سِمالُها، العَيْنُ
الذَّرُورُ
القِلاتُ: جَمْعُ قَلْتٍ للنُّقْرة فِي الْجَبَلِ، والسِّمالُ: جَمْعُ
سَمَلةٍ وَهِيَ البقِيَّةُ مِنَ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ النَّضِيضةُ
البقيةُ مِنَ الْمَاءِ، وسمالُها مُرْتَفِعٌ بنَضَّ، والعينُ
مُرْتَفِعٌ بجاورَتْها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما مَا حَكَاهُ ابْنُ
الأَعرابي مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ
الْزَمْ خَطِيطةَ الذُّلِّ مَخافةَ مَا هُوَ أَشدُّ مِنْهُ، فإِنَّ
أَصل الخَطِيطةِ الأَرضُ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ، فَاسْتَعَارَهَا
للذلِّ لأَن الْخَطِيطَةَ مِنَ الأَرضين ذَلِيلَةٌ بِمَا بُخِسَتْه
مِنْ حَقِّهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض خِطٌّ لَمْ تُمْطَر
وَقَدْ مُطر مَا حولَها. والخُطَّةُ، بِالضَّمِّ: شِبْه القِصَّة
والأَمْرُ. يُقَالُ: سُمْتُه خُطَّةَ خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قَالَ
تأَبَّط شَرّاً:
هُما خُطَّتا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ، ... وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ
بالحُرِّ أَجْدَرُ
أَراد خُطَّتانِ فَحَذَفَ النُّونَ اسْتِخْفافاً. وَفِي حَدِيثِ
الْحُدَيْبِيَةِ:
لَا يَسْأَلوني خُطَّةً يُعَظّمون فِيهَا حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا
أَعطَيتهم إِيَّاها
، وَفِي حَدِيثِهَا أَيضاً:
إِنه قَدْ عرَض عَلَيْكُمْ خُطَّة رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا
أَي أَمراً وَاضِحًا فِي الهُدَى والاسْتِقامةِ. وَفِي رأْسِه خُطَّةٌ
أَي أَمْرٌ
__________
(1) . قوله [على فعله] كذا في الأَصل وشرح القاموس بدون نقط لما بعد
اللام، وعبارة المصباح: وإنما كسرت الخاء لأَنها أُخرجت عَلَى مَصْدَرٍ
افتعل مثل اختطب خطبة وارتد ردّة وافترى فرية.
(7/289)
مَا، وَقِيلَ: فِي رأْسه خُطَّةٌ أَي
جَهْلٌ وإِقدامٌ عَلَى الأُمور. وَفِي حَدِيثِ
قيْلةَ: أَيُلامُ ابْنُ هَذِهِ أَن يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ
مِنْ وَرَاءِ الحَجَزة
؟ أَي أَنَّهُ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكِلٌ لَا
يُهْتَدى لَهُ إِنه لَا يَعْيا بِهِ وَلَكِنَّهُ يَفْصِلُه حَتَّى
يُبْرِمَه ويخرُجَ مِنْهُ برأْيِه. والخُطَّةُ: الحالُ والأَمْرُ
والخَطْبُ. الأَصمعي: مِنْ أَمْثالهم فِي الاعْتزام عَلَى الْحَاجَةِ:
جاءَ فُلَانٌ وَفِي رأْسه خُطَّةٌ إِذا جاءَ وَفِي نَفْسِهِ حاجةٌ
وَقَدْ عزَم عَلَيْهَا، والعامَّةُ تَقُولُ: فِي رأْسه خُطْيَةٌ،
وَكَلَامُ الْعَرَبِ هُوَ الأَول. وخَطَّ وجهُ فُلَانٍ واخْتَطَّ.
ابْنُ الأَعرابي: الأَخَطُّ الدَّقِيقُ المَحاسِنِ. واخْتَطَّ الغُلامُ
أَي نبتَ عِذارُه. وَرَجُلٌ مُخطَّطٌ: جَمِيلٌ. وخَطَطْتُ بالسيفِ
وسطَه، وَيُقَالُ: خَطَّه بِالسَّيْفِ نِصفين. وخُطَّةُ: اسْمُ عَنْز،
وَفِي الْمَثَلِ: قَبَّحَ اللَّهُ عَنْزاً خَيْرُها خُطَّةُ. قَالَ
الأَصمعي: إِذا كَانَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ عَلَى بَعْضٍ فَضِيلةٌ إِلَّا
أَنها خَسيسةٌ قِيلَ: قَبَّحَ اللهُ مِعْزَى خيْرُها خُطَّةُ، وخُطةُ
اسْمُ عَنْزٍ كَانَتْ عَنز سَوْء؛ وأَنشد:
يَا قَومِ، مَنْ يَحْلُبُ شَاةً مَيِّتهْ؟ ... قَدْ حُلِبَت خُطَّةُ
جَنْباً مُسْفَتهْ
مَيِّتَةٌ ساكنةٌ عِنْدَ الحَلب، وجَنْباً عُلْبةٌ، ومُسْفَتةٌ
مَدْبوغة. يُقَالُ: أَسْفَت الزِّقَّ دَبَغَه. اللَّيْثُ: الخَطُّ أَرض
يُنْسَبُ إِليها الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ، فإِذا جَعَلْتَ النسبةَ
اسْمًا لَازِمًا قُلْتَ خَطِّيَّة، وَلَمْ تُذْكَرِ الرماحَ، وَهُوَ
خَطُّ عُمانَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَذَلِكَ السِّيفُ كلُّه يُسَمَّى
الخَطَّ، وَمِنْ قُرى الخَطِّ القَطِيفُ والعُقَيْرُ وقَطَرُ. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: والخَطُّ سِيفُ البَحْرَينِ وعُمانَ، وَقِيلَ: بَلْ
كلُّ سِيفٍ خَطٌّ، وَقِيلَ: الخَطُّ مَرْفَأُ السفُن بِالْبَحْرَيْنِ
تُنْسب إِليه الرِّمَاحُ. يُقَالُ: رُمْح خَطِّيٌّ، ورِماح خَطِّيَّة
وخِطِّيَّةٌ، عَلَى الْقِيَاسِ وَعَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَتِ
الْخَطَّ بمنْبِتٍ للرِّماح، وَلَكِنَّهَا مَرْفَأُ السفُن الَّتِي
تحْمِلُ القَنا مِنَ الهِنْدِ كَمَا قَالُوا مِسْكُ دارِينَ وَلَيْسَ
هُنَالِكَ مِسْكٌ وَلَكِنَّهَا مرفأُ السُّفُنِ الَّتِي تَحْمِلُ
المِسك مِنَ الهِند. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخَطِّيُّ الرِّماح،
وَهُوَ نِسْبةٌ قَدْ جرَى مَجْرى الِاسْمِ الْعَلَمِ، ونِسْبته إِلى
الخَطّ خَطِّ الْبَحْرِينِ وإِليه ترفأُ السُّفُنُ إِذا جاءَت مِنْ
أَرض الْهِنْدِ، وَلَيْسَ الخَطِّيّ الَّذِي هُوَ الرِّمَاحُ مِنْ
نَبَاتِ أَرض الْعَرَبِ، وَقَدْ كَثُرَ مَجِيئُهُ فِي أَشْعارها؛ قَالَ
الشَّاعِرُ فِي نَبَاتِهِ:
وهَل يُنْبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وشِيجهُ، ... وتُغْرَسُ، إلَّا فِي
مَنابِتِها، النَّخْلُ؟
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع: فأَخذ خَطِّيّاً؛ الخَطِّيّ، بِالْفَتْحِ:
الرُّمْحُ الْمَنْسُوبُ إِلى الخَطّ. الْجَوْهَرِيُّ: الخَط مَوْضِعٌ
بِالْيَمَامَةِ، وَهُوَ خَطُّ هَجَرَ تُنْسب إِليه الرِّماحُ
الخَطِّيَّةُ لأَنها تُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ فتُقوّم بِهِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِنه نَامَ حَتَّى سُمع غَطِيطُه أَو خَطِيطُه
؛ الخَطِيطُ: قَرِيبٌ مِنَ الغَطِيطِ وَهُوَ صَوْتُ النَّائِمِ،
وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ مُتَقَارِبَتَانِ. وحِلْسُ الخِطاط: اسْمُ
رَجُلٍ زَاجِرٍ. ومُخَطِّطٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِلَّا أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِّطٍ، ... فَقَدْ خَبَّرَ
الرُّكْبانُ مَا أَتَوَدَّدُ
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ أَقم عَلَى هَذَا الأَمْرِ بخُطَّةٍ
وبحُجَّةٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُمْ: خُطَّةٌ نائيةٌ أَي
مَقْصِدٌ بَعِيدٌ. وَقَوْلُهُمْ: خُذْ خُطّةً أَي خُذْ خُطة
الانْتِصاف،
(7/290)
وَمَعْنَاهُ انْتَصِفْ. والخُطَّةُ أَيضاً
مِنَ الخَطِّ: كالنُّقْطة مِنَ النَّقْطِ اسْمُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ:
مَا خَطَّ غُبارَه أَي ما شَقَّه.
خلط: خَلَطَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يَخْلِطُه خَلْطاً وخَلَّطَه
فاخْتَلَطَ: مَزَجَه واخْتَلَطا. وخالطَ الشيءَ مُخالَطة وخِلاطاً:
مازَجَه. والخِلْطُ: مَا خالَطَ الشيءَ، وَجَمْعُهُ أَخْلاطٌ.
والخِلْطُ: وَاحِدُ أَخْلاطِ الطِّيب. والخِلْطُ: اسْمُ كُلِّ نَوْعٍ
مِنَ الأَخْلاطِ كأَخْلاطِ الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: وإِن كَانَ أَحدُنا ليَضَعُ كَمَا تضعُ الشاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ
أَي لَا يَخْتَلِطُ نَجْوُهُم بعضُه بِبَعْضٍ لجَفافِه ويُبْسِه،
فإِنهم كَانُوا يأْكلون خُبْزَ الشَّعِيرِ وورقَ الشَّجَرِ
لِفَقْرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ. وأَخْلاطُ الإِنسان: أَمْزِجَتُه
الأَربعة. وسَمْنٌ خَلِيطٌ: فِيهِ شَحْم ولَحْم. والخَلِيطُ مِنَ
العَلَفِ: تِبن وقَتٌّ، وَهُوَ أَيضاً طِينٌ وتِبن يُخْلَطانِ. ولبَن
خَلِيطٌ: مُخْتَلِطٌ مِنْ حُلو وحازِر. والخَلِيطُ: أَن تُحْلَب
الضأْنُ عَلَى لَبَنِ المِعْزى والمِعزى عَلَى لبَن الضأْنِ، أَو
تُحْلَبَ الناقةُ عَلَى لَبَنِ الْغَنَمِ. وَفِي حَدِيثِ النبيذِ:
نَهَى عَنِ الخَلِيطَيْنِ فِي الأَنْبِذة
، وَهُوَ أَن يَجْمَعَ بَيْنَ صِنْفين تَمْرٍ وَزَبِيبٍ، أَو عِنَبٍ
ورُطَب. الأَزهري: وأَما تَفْسِيرُ الْخَلِيطَيْنِ الَّذِي جَاءَ فِي
الأَشربة وَمَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ شُرْبه فَهُوَ شَراب
يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والبُسْر أَو مِنَ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ،
يُرِيدُ مَا يُنْبَذُ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ مَعًا أَو مِنَ
الزَّبِيبِ وَالْعِنَبِ مَعًا، وإِنما نَهَى عَنْ ذَلِكَ لأَن الأَنواع
إِذا اخْتَلَفَتْ فِي الِانْتِبَاذِ كَانَتْ أَسرَعَ للشدَّة
وَالتَّخْمِيرِ، والنبيذُ الْمَعْمُولُ مِنْ خَلِيطَيْن ذَهَبَ قَوْمٌ
إِلى تَحْرِيمِهِ وإِن لَمْ يُسكر، أَخذاً بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ،
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وأَحمد وَعَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ، قَالُوا:
مَنْ شَرِبَهُ قَبْلَ حُدُوثِ الشِّدَّةِ فِيهِ فَهُوَ آثمٌ مِنْ
جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَنْ شَرِبَهُ بَعْدَ حُدُوثِهَا فِيهِ فَهُوَ
آثمٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: شربِ الخَلِيطيْن وشُربِ المُسْكِر؛ وغيرُهم
رَخَّص فِيهِ وَعَلَّلُوا التَّحْرِيمَ بالإِسْكار. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خالَطَتِ الصدَقةُ مَالًا إِلا أَهْلَكَتْه
، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي أَنّ خِيانةَ الصدَقةِ تُتْلِفُ المالَ
المَخْلُوطَ بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ تَحْذِير للعمَّال عَنِ الْخِيَانَةِ
فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ حَثٌّ عَلَى تَعْجِيلِ أَداء
الزَّكَاةِ قَبْلَ أَن تُخْلَطَ بِمَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ الشُّفْعَةِ:
الشَّرِيكُ أَوْلى مِنَ الخَلِيطِ، والخَلِيطُ أَولى مِنَ الجارِ
؛ الشرِيكُ: المُشارِكُ فِي الشُّيوعِ، والخَلِيطُ: المُشاركُ فِي
حُقوقِ المِلك كالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إِلى مُعاوِيةَ فادَّعَى أَحدهما عَلَى
صَاحِبِهِ مَالًا وَكَانَ المُدَّعي حُوَّلًا قُلَّباً مِخْلَطاً
؛ المِخْلَطُ، بِالْكَسْرِ: الَّذِي يَخْلِطُ الأَشْياء فيُلَبِّسُها
عَلَى السَّامِعِينَ وَالنَّاظِرِينَ. والخِلاط: اخْتِلاطُ الإِبِل
والناسِ والمَواشي؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَخْرُجْنَ مِنْ بُعْكُوكةِ الخِلاطِ
وَبِهَا أَخْلاطٌ مِنَ النَّاسِ وخَلِيطٌ وخُلَيْطى وخُلَّيْطى أَي
أَوْباشٌ مُجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون، وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ:
كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ عَلَى عَهْدِ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ
أَي المُخْتَلِطُ مِنْ أَنْواعٍ شَتَّى. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امرأَتي ثَلَاثًا
وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: أَما أَنا فَلَا أَخْلِطُ حَلالًا بحَرامٍ
أَي لَا أَحْتَسِبُ بالحَيْضةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الطلاقُ مِنَ
العِدّةِ، لأَنها كَانَتْ لَهُ حَلَالًا فِي بَعْضِ أَيام الْحَيْضَةِ
وَحَرَامًا فِي بَعْضِهَا.
(7/291)
وَوَقَعَ القومُ فِي خُلَيْطى وخُلَّيْطى
مِثَالُ السُّمَّيْهى أَي اخْتِلاطٍ فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ أَمرُهم.
والتخْلِيطُ فِي الأَمْرِ: الإِفْسادُ فِيهِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ
إِذا خَلَطُوا مالَهم بعضَه بِبَعْضٍ: خُلَّيْطى؛ وأَنشد
اللِّحْيَانِيُّ:
وكُنَّا خُلَيطى فِي الجِمالِ، فَرَاعَنِي ... جِمالي تُوالى وُلَّهاً
مِنْ جِمالِك
ومالُهم بَيْنَهُمْ خِلِّيطى أَي مُخْتَلِط. أَبو زَيْدٍ: اخْتَلَطَ
الليلُ بالتُّرابِ إِذا اختلطَ عَلَى الْقَوْمِ أَمرهم وَاخْتَلَطَ
المَرْعِيُّ بالهَمَلِ. والخِلِّيطى: تَخْلِيطُ الأَمْرِ، وإِنه لَفي
خُلَّيْطى مِنْ أَمرِه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَتُخَفَّفُ اللَّامُ
فَيُقَالُ خُلَيْطى. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا
خِلاطَ وَلَا شِناقَ فِي الصَّدَقَةِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإِنهما يتراجَعانِ بَيْنَهُمَا
بالسَّوِيّةِ
؛ قَالَ الأَزهري: كَانَ أَبو عُبَيْدٍ فَسَّرَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي
كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ فَثَبَّجَه وَلَمْ يُفَسِّرُه عَلَى
وَجْهِهِ، ثُمَّ جَوَّدَ تَفْسِيرَهُ فِي كِتَابِ الأَمْوالِ، قَالَ:
وَفَسَّرَهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: الَّذِي لَا أَشُكّ فِيهِ أَن الخَلِيطَيْنِ
الشَّرِيكَانِ لَنْ يَقْتَسِمَا الْمَاشِيَةَ، وتراجُعُهما
بِالسَّوِيَّةِ أَن يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِي الإِبل تَجِبُ فِيهَا
الْغَنَمُ فَتُوجَدُ الإِبل فِي يَدِ أَحدهما، فَتُؤْخَذُ مِنْهُ
صدقتُها فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالسَّوِيَّةِ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ الْخَلِيطَانِ الرَّجُلَيْنِ
يَتَخَالَطَانِ بِمَاشِيَتِهِمَا، وإِن عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مَاشِيَتَهُ، قَالَ: وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يُرِيحا
ويُسَرِّحا ويَسْقِيا مَعًا وتكونَ فُحولُهما مُخْتَلِطةً، فإِذا
كَانَا هَكَذَا صَدّقا صدقةَ الْوَاحِدِ بِكُلِّ حَالٍ، قَالَ: وإِن
تفرَّقا فِي مُراحٍ أَو سَقْيٍ أَو فُحولٍ فَلَيْسَا خَليطين
ويُصَدِّقانِ صدقةَ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ
حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ مِنْ يومَ اخْتَلطا، فإِذا حَالَ
عَلَيْهِمَا حَوْلٌ مِنْ يومَ اخْتَلَطَا زَكَّيا زكاةَ الْوَاحِدِ؛
قَالَ الأَزهري: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوجب عَلَى مَن مَلك أَربعين شَاةً فَحَالَ
عَلَيْهَا الحولُ، شَاةً، وَكَذَلِكَ إِذا مَلَكَ أَكثر مِنْهَا إِلى
تَمَامِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فإِذا زَادَتْ
شاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاتَانِ، وَلَوْ
أَن ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَلَكُوا مِائَةً وَعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ أَربعون شَاةً، وَلَمْ يَكُونُوا خُلَطاء سَنَةً كَامِلَةً،
فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، فإِذا صَارُوا خُلَطَاءَ
وَجَمَعُوهَا عَلَى رَاعٍ وَاحِدٍ سَنَةً فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ
لأَنهم يُصَدِّقُونَ إِذا اخْتَلَطُوا، وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ
بَيْنَهُمْ أَربعون شَاةً وَهُمْ خُلَطَاءُ، فَإِنَّ عَلَيْهِمْ شَاةً
كأَنّه مَلَكَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَهَذَا تَفْسِيرُ الْخُلَطَاءِ فِي
الْمَوَاشِي مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى
بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
؛ فالخُلَطاء هاهنا الشُّرَكاء الَّذِينَ لَا يَتَمَيَّزُ مِلْكُ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ إِلا بالقِسْمة، قَالَ: وَيَكُونُ
الْخُلَطَاءُ أَيضاً أَن يَخْلِطُوا الْعَيْنَ الْمُتَمَيِّزَ
بِالْعَيْنِ الْمُتَمَيَّزِ كَمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ، وَيَكُونُونَ
مُجْتَمِعِينَ كالحِلَّةِ يَكُونُ فِيهَا عَشَرَةَ أَبيات، لِصَاحِبِ
كُلِّ بَيْتِ ماشيةٌ عَلَى حِدَةٍ، فَيَجْمَعُونَ مواشِيَهم عَلَى راعٍ
وَاحِدٍ يَرْعَاهَا مَعًا ويَسْقِيها مَعًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
يَعْرِفُ مَالَهُ بسِمَته ونِجارِه. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
الزَّكَاةِ أَيضاً:
لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ
؛ الخِلاطُ: مَصْدَرُ خالَطه يُخالِطُه مُخالَطةً وخِلاطاً،
وَالْمُرَادُ أَن يَخْلِطَ رَجُلٌ إِبله بإِبل غَيْرِهِ أَو بَقْرَهُ
أَو غَنَمَهُ لِيَمْنَعَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا ويَبْخَسَ
المُصَدِّقَ فِيمَا يَجِبُ لَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُهُ فِي
الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَا يُجْمَعُ بَيْنَ متفرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجتمع خشيةَ
الصَّدَقَةِ
، أَما
(7/292)
الْجَمْعُ بَيْنَ المتفرِّق فَهُوَ
الخِلاط، وذلك أَن يَكُونَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَثَلًا لِكُلٍّ وَاحِدٍ
أَربعون شَاةً، فَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شاةٌ،
فإِذا أَظَلَّهم المُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ
فِيهَا إِلا شاةٌ وَاحِدَةٌ، وأَما تفريقُ الْمُجْتَمَعِ فأَن يَكُونَ
اثْنَانِ شَرِيكَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شاةٍ وشاةٌ
فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فإِذا
أَظَلَّهما المصدِّق فرَّقا غَنَمَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ إِلا شَاةً وَاحِدَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الخطابُ فِي هَذَا
للمُصدّقِ ولربِّ الْمَالِ، قَالَ: فالخَشْيَةُ خَشْيَتانِ: خَشْيةُ
السَّاعِي أَن تَقِلَّ الصدقةُ، وخشْيةُ ربِّ الْمَالِ أَن يقلَّ
مالُه، فأُمر كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن لَا يُحْدِثَ فِي الْمَالِ
شَيْئًا مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ؛ قَالَ: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ
الشَّافِعِيِّ إِذ الخُلْطةُ مؤثِّرة عِنْدَهُ، وأَما أَبو حَنِيفَةَ
فَلَا أَثر لَهَا عِنْدَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَفْيُ
الخِلاطِ لِنَفْيِ الأَثر كأَنه يَقُولُ لَا أَثر للخُلْطةِ فِي
تَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَتَكْثِيرِهَا. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ
أَيضاً:
وَمَا كَانَ مِنْ خَليطَيْنِ فإِنهما يَتراجَعانِ بَيْنَهُمَا.
بالسويَّةِ
؛ الخَلِيطُ: المُخالِط وَيُرِيدُ بِهِ الشَّرِيكَ الَّذِي يَخْلِط
مَالَهُ بِمَالِ شَرِيكِهِ، وَالتَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَن
يَكُونَ لأَحدهما مَثَلًا أَربعون بَقَرَةً وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ
بَقَرَةً وَمَالُهُمَا مُخْتَلِطٌ، فيأْخذ السَّاعِي عَنِ الأَربعين
مُسِنّةً وَعَنِ الثَّلَاثِينَ تَبِيعاً، فَيَرْجِعُ باذِلُ المسنَّةِ
بِثَلَاثَةِ أَسْباعها عَلَى شَرِيكِهِ، وَبَاذِلِ التَّبيعِ بأَربعة
أَسْباعه عَلَى شَرِيكِهِ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السنَّين وَاجِبٌ
عَلَى الشُّيُوعِ، كأَنَّ الْمَالَ مِلْكُ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ
بِالسَّوِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الساعيَ إِذا ظَلَمَ أَحدهما فأَخذ
مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى فَرْضِهِ فإِنه لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى
شَرِيكِهِ، وإِنما يَضْمَنُ لَهُ قِيمةَ مَا يَخُصُّه مِنَ الْوَاجِبِ
دُونَ الزِّيَادَةِ، وَفِي التَّرَاجُعِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الخُلطة
تَصِحُّ مَعَ تَمْيِيزِ أَعْيان الأَموال عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ،
وَالَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْخِلَاطِ أَن يَكُونَ بَيْنَ
الْخَلِيطَيْنِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً، لأَحدهما ثَمَانُونَ
وَلِلْآخَرِ أَربعون، فإِذا أَخذ المُصَدِّقُ مِنْهَا شَاتَيْنِ رَدَّ
صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثلثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ
عَلَيْهِ شاةٌ وَثُلْثٌ، وَعَلَى الْآخَرِ ثُلْثَا شَاةٍ، وإِن أَخذ
المُصَدّق مَنَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ شَاةً، وَاحِدَةً رَدَّ
صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثُلْثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ
عَلَيْهِ ثُلْثَا شَاةٍ وَعَلَى الْآخَرِ ثلثُ شَاةٍ، قَالَ: والوِراطُ
الخديعةُ والغِشُّ. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، بِكَسْرِ
الْمِيمِ فِيهِمَا، يُخالِطُ الأُمور ويُزايِلُها كَمَا يُقَالُ فاتِقٌ
راتِقٌ، ومِخْلاطٌ كمِخْلطٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرواطِ، ... صاتِ الحُداء شَظِفٍ مِخْلاطِ
وخلَط القومَ خَلْطاً وخالَطَهم: داخَلهم. وخَليطُ الرَّجُلِ:
مُخالطُه. وخَلِيطُ الْقَوْمِ: مُخالطهم كالنَّديم المنادِمِ،
والجَلِيسِ المُجالِسِ؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا فِي الشِّرْكَةِ.
وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ
؛ هُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ
الخَليطُ جَمْعًا. والخُلْطةُ، بِالضَّمِّ: الشِّرْكة. والخِلْطةُ،
بِالْكَسْرِ: العِشْرةُ. والخَلِيطُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ أَمْرُهم
وَاحِدٌ، والجمعُ خُلَطاء وخُلُطٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بانَ الخَلِيطُ بسُحْرةٍ فتَبَدَّدُوا
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْصَرَمُوا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُهُ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوك
عِدَى الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا
(7/293)
وَيُرْوَى: فانْفَرَدُوا؛ وأَنشد ابْنُ
بَرِّيٍّ هَذَا الْمَعْنَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ؛
قَالَ بسَّامَةُ بْنُ الغَدِير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا الْبَيْنَ فابْتَكَرُوا ... لِنِيَّة، ثُمَّ
مَا عادُوا وَلَا انْتَظَرُوا
وَقَالَ ابْنُ مَيّادةَ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدُّوا الْبَيْنَ فانْدَفَعُوا، ... وَمَا رَبُوا
قَدَرَ الأَمْرِ الَّذِي صَنَعُوا
وَقَالَ نَهْشَلُ بْنُ حَرِّيّ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فَابْتَكَرُوا، ... واهْتاجَ شَوْقَكَ
أَحْداجٌ لَهَا زُمَر
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فادّلَجُوا، ... بانُوا وَلَمْ
ينْظرُوني، إِنهم لَحِجُوا
وَقَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فانْقَذَفُوا، ... وأَمْتَعُوكَ
بشَوْقٍ أَيّةَ انْصَرَفُوا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
إِنَّ الْخَلِيطَ أَجدّ الْبَيْنَ فاحْتَمَلا
وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِنّ الخَلِيطَ أَجدُّوا الْبَيْنَ يومَ غَدَوْا ... مِنْ دارةِ
الجأْبِ، إِذ أَحْداجُهم زُمَرُ
وَقَالَ نُصَيْبُ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدّوا الْبَيْنَ فاحْتَمَلُوا
وَقَالَ وَعْلةُ الجَرْمِيُّ فِي جَمْعِهِ عَلَى خُلُطٍ:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هَلْ جَنَيْتَ لهُمْ ... حَرْباً، تُفَرِّقُ
بَيْنَ الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وإِنما كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَشعارهم لأَنهم كَانُوا يَنْتَجِعُونَ أَيام
الكَلإِ فَتَجْتَمِعُ مِنْهُمْ قَبَائِلُ شَتَّى فِي مَكَانٍ واجد،
فَتَقَعُ بَيْنَهُمْ أُلْفَةٌ، فإِذا افْتَرَقوا وَرَجَعُوا إِلى
أَوطانهم ساءَهم ذَلِكَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَلْقَى الرجلُ الرجلَ
الَّذِي قَدْ أَورد إِبله فأَعْجَلَ الرُّطْبَ وَلَوْ شاءَ لأَخَّرَه،
فَيَقُولُ: لَقَدْ فارَقْتَ خَليطاً لَا تَلْقى مثلَه أَبداً يَعْنِي
الجَزَّ. والخَلِيطُ: الزوجُ وَابْنُ الْعَمِّ. والخَلِطُ:
المُخْتَلِطُ «2» بِالنَّاسِ المُتَحَبِّبُ، يَكُونُ لِلَّذِي
يَتَمَلَّقُهم ويتحَبَّبُ إِليهم، وَيَكُونُ لِلَّذِي يُلْقي نساءَه
ومتاعَه بَيْنَ النَّاسِ، والأُنثى خَلِطةٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ
خُلُط، بِضَمِّ اللَّامِ، وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ خِلْطٌ فِي مَعْنَى خَلِطٍ؛ وأَنشد:
وأَنتَ امرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هِيَ أَرْسَلتْ ... يَمينُكَ شَيْئًا،
أَمْسَكَتْهُ شِمالُكا
يَقُولُ: أَنت امْرُؤٌ مُتَمَلِّقٌ بالمَقال ضنينٌ بالنَّوال، ويمينُك
بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ هِيَ كِنَايَةً عَنِ
القِصّة ورفَعْت يَمِينَكَ بأَرسلت، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَخْلَطُ
مِنَ الحمَّى؛ يُرِيدُونَ أَنها مُتَحَبِّبَةٌ إِليه مُتَمَلِّقة
بورُودها إِياه واعْتيادِها لَهُ كَمَا يَفْعَلُ المُحِبُّ المَلِقُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تنازعَ العجاجُ وحُمَيْدٌ الأَرْقَطُ
أُرْجُوزَتين عَلَى الطَّاءِ، فَقَالَ حُمَيْدٌ: الخِلاطَ يَا أَبا
الشعْثاء، فَقَالَ الْعَجَّاجُ: الفجاجُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ يَا
ابْنَ أَخي أَي لَا تَخْلِطْ أُرْجُوزَتي بأُرْجُوزَتِكَ. واخْتَلَطَ
فُلَانٌ أَي فَسَدَ عَقْلُهُ. وَرَجُلٌ خِلْطٌ بَيِّنُ الخَلاطةِ:
أَحْمَقُ مُخالَطُ العقْل، عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. وَقَدْ
خُولِطَ فِي عَقْلِه خِلاطاً واخْتَلَطَ،
__________
(2) . قوله [والخلط المختلط] في القاموس: والخلط بالفتح وككتف وعنق
المختلط بالناس المتملق إليهم.
(7/294)
وَيُقَالُ: خُولِط الرجلُ فَهُوَ مُخالَطٌ،
واخْتَلَطَ عقلُه فَهُوَ مُخْتَلِط إِذا تَغَيَّرَ عقلُه. والخِلاطُ:
مخالطةُ الداءِ الجوفَ. وَفِي حَدِيثِ الوَسْوَسةِ:
ورجَعَ الشيطانُ يَلْتمس الخِلاطَ
أَي يخالِط قَلْبَ الْمُصَلِّي بالوَسْوَسةِ، وَفِي الْحَدِيثِ يَصِف
الأَبرار:
فظنَّ النَّاسُ أَن قَدْ خُولِطُوا وَمَا خُولِطُوا وَلَكِنْ خَالَطَ
قلْبَهم هَمٌّ عَظيمٌ
، مِنْ قَوْلِهِمْ خُولط فُلَانٌ فِي عَقْلِهِ مُخالَطة إِذا اختلَّ
عَقْلُهُ. وخالَطه الداءُ خِلاطاً: خَامَرَهُ. وَخَالَطَ الذئبُ
الغَنَمَ خِلاطاً: وقَع فِيهَا. اللَّيْثُ: الخِلاطُ مخالطةُ الذئبِ
الغَنَم؛ وأَنشد:
يَضْمَنُ أَهل الشاءِ فِي الخِلاطِ
والخِلاط: مخالَطة الرجلُ أَهلَه. وَفِي حَدِيثِ
عَبِيدةَ: وسُئل مَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قَالَ: الخَفْقُ والخِلاطُ
أَي الجِماعُ مِنَ الْمُخَالَطَةِ. وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: لَيْسَ
أَوانَ يَكْثُر الخِلاط، يَعْنِي السِّفادَ، وخالَط الرجلُ امرأَتَه
خِلاطاً: جامَعها، وَكَذَلِكَ مخالَطةُ الجملِ الناقةَ إِذا خالَط
ثِيلُه حَياءَها. واسْتخلط الْبَعِيرُ أَي قَعا. وأَخلط الفحْلُ:
خَالَطَ الأُنثى. وأَخلطه صَاحِبُهُ وأَخلط لَهُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ
الأَعرابي، إِذا أَخطأَ فسدَّده وَجَعَلَ قَضِيبَهُ فِي الحَياء.
واسْتَخْلَطَ هُوَ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. ابْنُ
الأَعرابي: الخِلاطُ أَن يأْتي الرجلُ إِلى مُراحِ آخَرَ فيأْخذَ
مِنْهُ جمَلًا فيُنزِيَه عَلَى نَاقَتِهِ سِرّاً مِنْ صاحِبه، قَالَ:
والخِلاط أَيضاً أَن لَا يُحْسن الجملُ القَعْو عَلَى طَرُوقَتِه
فيأْخذَ الرجلُ قَضِيبَه فيُولجه. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا قَعا الفحلُ
عَلَى الناقةِ فَلَمْ يَسْتَرْشِدْ لحَيائها حَتَّى يُدخله الرَّاعِي
أَو غيرُه قِيلَ: قَدْ أَخْلطه إِخْلاطاً وأَلْطَفَه إِلْطافاً، فَهُوَ
يُخْلِطُه ويُلْطِفُه، فإِن فَعَلَ الْجَمَلُ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ
نَفْسِهِ قِيلَ: قَدِ اسْتَخْلَطَ هُوَ واسْتَلْطَفَ. ابْنُ شُمَيْلٍ:
جَمَلٌ مُختلِط وَنَاقَةٌ مُخْتَلِطَةٌ إِذا سَمِنا حَتَّى اختلَط
الشَّحْمُ بِاللَّحْمِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُط المَوالي، والخُلَطاء
الشُّرَكَاءُ، والخُلُطُ جِيران الصَّفا، والخَلِيط الصاحِبُ،
والخَلِيطُ الْجَارُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
جَرِيرٍ:
بانَ الخَلِيطُ وَلَوْ طُووِعتُ مَا بَانَا
فَهَذَا وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ قَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ.
والأَخْلاطُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. والخِلْطُ والخِلِطُ مِنَ
السِّهام: السَّهْمُ الَّذِي ينبُت عُودُه عَلَى عَوَج فَلَا يَزَالُ
يتعوَّج وإِن قُوِّم، وَكَذَلِكَ القوسُ، قَالَ الْمُتَنَخِّلُ
الْهُذَلِيُّ:
وصفراءُ البُرايةِ غَيْر خِلْطٍ، ... كوَقْفِ العاجِ عاتِكة اللياطِ
وَقَدْ فُسِّر بِهِ البيتُ الَّذِي أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَنتَ امرؤٌ خِلْطٌ إِذا هِيَ أَرسلت
قَالَ: وأَنت امْرُؤٌ خِلْط أَي أَنك لَا تَسْتَقِيمُ أَبداً وإِنما
أَنت كالقِدْح الَّذِي لَا يَزَالُ يَتعوَّج وإِن قُوِّم، والأَوّل
أَجود. والخِلْط: الأَحمق، وَالْجَمْعُ أَخْلاط؛ وَقَوْلُهُ أَنشده
ثَعْلَبٌ:
فَلَمَّا دخَلْنا أَمْكَنَتْ مِنْ عِنانِها، ... وأَمْسَكْتُ مِنْ
بَعْضِ الخِلاطِ عِناني
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تكلمَت بالرفَثِ وأَمسكْتُ نَفْسِي عَنْهَا فكأَنه
ذَهَبَ بِالْخِلَاطِ إِلى الرفَثِ. الأَصمعي: المِلْطُ الَّذِي لَا
يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ وَلَا أَب، والخِلْطُ يُقَالُ فُلَانٌ خِلْطٌ
فِيهِ قَوْلَانِ، أَحدُهما المُخَتَلِطُ النسَبِ؛ وَيُقَالُ هُوَ
وَلَدُ الزِّنا فِي قَوْلِ الأَعْشَى:
(7/295)
أَتاني مَا يقولُ ليَ ابنُ بَظْرا، ...
أَقَيْسٌ، يَا ابنَ ثَعْلبة الصَّباحِ،
لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، وخِلْطٌ ... رَجوفُ الأَصلِ مَدْخولُ
النَّواحي؟
أَراد أَقَيْسٌ لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، هَجا بهذا جِهنّاماً
[جُهنّاماً] أَحد بَنِي عَبْدانَ. واهْتَلَبَ السيفَ مِنْ غِمْده
وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قَالَ
الْجُرْجَانِيُّ: الأَصل اخْتَرَطَه وكأَنَّ اللامَ مُبْدَلَةٌ مِنْهُ،
قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.
خمط: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ أَهل سبإٍ:
وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ
وَأَثْلٍ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: الخَمْطُ ضَرْبٌ مِنَ الأَراكِ لَهُ حَمْل يؤْكل،
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِكُلِّ نَبْتٍ قَدْ أَخَذَ طَعْماً مِنْ
مَرارة حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَكلُه خَمْطٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
الْخَمْطُ فِي التَّفْسِيرِ ثَمَرُ الأَراكِ وَهُوَ البَرِيرُ،
وَقِيلَ: شَجَرٌ لَهُ شوْكٌ، وَقِيلَ: الخَمْطُ فِي الْآيَةِ شَجَرٌ
قَاتِلٌ أَو سَمٌّ قاتِل، وَقِيلَ: الخَمْط الحَمْل الْقَلِيلُ مِنْ
كُلِّ شَجَرَةٍ، وَالْخَمْطُ شَجَرٌ مِثْلُ السِّدْرِ وَحَمْلُهُ
كالتُّوت، وَقُرِئَ:
ذَوَاتَيْ أُكُلِ خَمْطٍ
، بالإِضافة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ جَعَلَ الخمْط الأَراكَ فحقُّ
القراءَةِ بالإِضافة لأَن الأَكل لِلْجَنِيِّ فأَضافه إِلى الخمْط،
وَمَنْ جَعَلَ الْخَمْطَ ثَمَرَ الأَراك فَحَقُّ القراءَة أَن تَكُونَ
بِالتَّنْوِينِ، وَيَكُونُ الْخَمْطُ بَدَلًا مِنَ الأُكُل، وبكلٍّ
قرأَتْه القرَّاءُ. ابْنُ الأَعرابيّ: الخَمْطُ ثَمَرٌ يُقَالُ لَهُ
فَسْوةُ الضَّبُع عَلَى صُورَةِ الخَشْخاش، يَتَفَرَّكُ وَلَا
يُنْتفَعُ بِهِ. وَقَدْ خَمَط اللحمَ يَخْمِطُه خَمْطاً، فَهُوَ
خَمِيطٌ: شَوَاهُ، وَقِيلَ: شَوَاهُ فَلَمْ يُنْضِجْه. وخَمط الحَمَلَ
والشاةَ والجَدْيَ يَخْمِطُه خَمْطاً، وَهُوَ خَمِيطٌ: سلَخَه وَنَزَعَ
جِلْده وشَواه، فإِذا نزَع عَنْهُ شَعَره وَشَوَاهُ فَهُوَ السَّمِيطُ،
وَقِيلَ: الخَمْطُ بِالنَّارِ، والسَّمْطُ بِالْمَاءِ. والخَمِيطُ:
المَشْوِيُّ، والسَّمِيط: الَّذِي نُزع عَنْهُ شعرُه. والخَمّاطُ:
الشَّوَّاء؛ قَالَ رؤْبة:
شاكٍ يَشُكُّ خَلَلَ الآباطِ، ... شَكَّ المَشاوِي نَقَدَ الخَمَّاطِ
أَراد بالمَشاوي: السفافِيدَ تَدْخُلُ فِي خَلَل الآباطِ، قَالَ:
والخُمَّاطُ السُّمَّاطُ، الْوَاحِدُ خامِطٌ وسامِط. والخَمْطةُ: رِيحُ
نَوْرِ الكَرم وَمَا أَشْبَهه مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ وَلَيْسَتْ
بِشَدِيدَةِ الذّكاءِ طِيباً. والخَمْطة: الْخَمْرُ الَّتِي أَخَذَت
ريِحاً، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخمْطة الَّتِي قد أَخذت شيئا من
الرِّيح كَرِيحِ النَّبِق والتفَّاح. يُقَالُ: خَمِطَتِ الخَمْرُ،
وَقِيلَ: الخمْطةُ الحامضةُ مَعَ رِيحٍ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
عُقارٌ كماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ، ... وَلَا خَلّةٍ، يَكْوِي
الوُجوهَ شِهابُها
وَيُرْوَى: يَكْوِي الشُّروبَ شِهابُها. وَقِيلَ: إِذا أُعْجِلَت عَنِ
الاسْتِحكام فِي دَنِّها فَهِيَ خَمْطةٌ. وكلُّ طَرِيّ أَخَذ طعْماً
وَلَمْ يَسْتَحْكِم، فَهُوَ خَمْطٌ؛ وَقَالَ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ
الْهُذَلِيِّ:
وَلَا تَسْبِقَنْ للناسِ مِنِّي بخَمْطةٍ، ... من السُّمِّ، مَذْرورٍ
[مَذْرورٌ] عَلَيْهَا ذُرُورُها
يَعْنِي طَرِيَّةً حَدِيثَةً كأَنها عِنْدَهُ أَحَدُّ؛ وَقَالَ
الْمُتَنَخِّلُ:
مُشَعْشَعَةٌ كعَيْنِ الدِّيك، فِيهَا ... حُمَيّاها مِنَ الصُّهْبِ
الخِماطِ
(7/296)
اخْتَارَهَا حَدِيثةً، وَاخْتَارَهَا أَبو
ذُؤَيب عَتِيقةً، وَلِذَلِكَ قَالَ: لَيْسَتْ بخَمْطَةٍ. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: الخَمْطَةُ الْخَمْرَةُ الَّتِي أُعجلت عَنِ اسْتِحْكَامِ
رِيحِهَا فأَخذت رِيحَ الإِدْراكِ كَرِيحِ التُّفَّاح وَلَمْ تُدْرِكْ
بَعْدُ، وَيُقَالُ: هِيَ الحامضةُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الخَمْطةُ
أَوّلُ مَا تَبْتَدئُ فِي الحُموضة قَبْلَ أَن تشتدَّ، وَقَالَ
السُّكَّرِيُّ فِي بَيْتِ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ: عَنى
بالخمْطةِ اللَّوْمَ والكلامَ القَبيحَ. وَلَبَنٌ خَمْطٌ وخامِطٌ:
طَيِّبُ الرِّيح، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ أَخذ شَيْئًا مِنَ
الرِّيح كَرِيحِ النَّبْقِ أَو التُّفَّاح، وَكَذَلِكَ سِقاء خامِطٌ،
خَمَطَ يَخْمُطُ خَمْطاً وخُموطاً وخَمِطَ خَمَطاً، وخَمْطَتُه
وخَمَطَتُه رائحتُه، وَقِيلَ: خَمَطُه أَن يَصِير كالخِطْمِيِّ إِذا
لَجَّنَه وأَوْخَفَه، وَقِيلَ: الخَمْطُ الحامضُ، وَقِيلَ: هُوَ المُرّ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ أَن اللَّبَنَ إِذا
ذَهَبَ عَنْهُ حَلاوة الحَلب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فَهُوَ
سامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيح فَهُوَ خامِطٌ، فإِن أَخذ
شَيْئًا مِنَ طعْم فَهُوَ مُمَحَّلٌ، فإِذا كَانَ فِيهِ طَعْمُ
الحَلاوةِ فهو فُوّهةٌ. الْيَزِيدِيُّ: الخامِطُ الَّذِي يُشبه ريحُه
ريحَ التُّفّاحِ، وَكَذَلِكَ الخَمْطُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمَا كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ... ضَرِيبَ جِلادِ
الشَّوْلِ، خَمْطاً وصافِيا
التَّهْذِيبُ: لَبَنٌ خَمْطٌ وَهُوَ الَّذِي يُحْقَنُ فِي سِقاء ثُمَّ
يوضَع عَلَى حَشِيشٍ حَتَّى يأْخُذَ مِنْ رِيحِهِ فَيكون خَمْطاً
طَيِّبَ الرِّيحِ طيبَ الطَّعْمِ. والخَمْطُ مِنَ اللَّبَنِ: الحامِضُ.
وأَرض خَمْطةٌ وخَمِطةٌ: طيبةُ الرَّائِحَةِ، وَقَدْ خَمِطَتْ
وخَمَطَتْ. وخَمَط السِّقاءُ وخَمِطَ خَمْطاً وخَمَطاً، فَهُوَ خَمِطٌ:
تَغَيَّرَتْ رائحتُه، ضِدٌّ. سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ الخَمْطةُ.
وتَخَمَّطَ الفحلُ: هَدَرَ. وخَمِطَ الرجلُ وتَخَمَّطَ: غَضِبَ
وتَكبَّرَ وثارَ؛ قَالَ:
إِذا تَخَمَّطَ جَبّارٌ ثَنَوْه إِلى ... مَا يَشْتَهُونَ، وَلَا
يُثْنَوْن إِنْ خَمِطُوا
والتَّخَمُّطُ: التَّكَبُّرُ، قَالَ:
إِذا رأَوْا مِنْ مَلِكٍ تَخَمُّطا ... أَو خُنْزُواناً، ضَرَبُوهُ مَا
خَطا
وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
إِذا مَا تَسامَتْ للتخمطِ صِيدُها
الأَصمعي: التخمُّط الأَخذُ والقهْرُ بغَلبةٍ؛ وأَنشد:
إِذا مُقْرَمٌ مِنّا ذَرَا حَدُّ نابِه، ... تَخَمَّطَ فِينا نابُ
آخَرَ مُقْرَمِ
وَرَجُلٌ مُتَخَمِّطٌ: شديدُ الغَضَبِ لَهُ ثَوْرةٌ وجَلَبة. وَفِي
حَدِيثِ
رِفاعةَ قَالَ: الماءُ مِنَ الْمَاءِ، فتخمَّطَ عُمَرُ
أَي غَضِبَ. وَيُقَالُ لِلْبَحْرِ إِذا التَطَمَتْ أَمواجُه: إِنه
لَخَمِطُ الأَمْواجِ. وَبَحْرٌ خَمِطُ الأَمواج: مُضْطَرِبُها؛ قَالَ
سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
ذُو عُبابٍ زَبَدٍ آذِيُّه، ... خَمِطُ التَّيّارِ يَرْمي بالقَلَعْ
[بالقِلَعْ]
يعني بالقَلَعِ [بالقِلَعِ] الصخْرَ أَي يَرْمِي بالصخْرة العظيمةِ.
وتَخَمَّطَ البحرُ: التطَم أَيضاً.
خنط: خَنَطَه يَخْنِطُه خَنْطاً: كَرَبَه. الأَزهري: الخَناطِيطُ
والخَناطِيلُ مِثْلُ العَبادِيدِ جَماعاتٌ فِي تَفْرِقةٍ، وَلَا
وَاحِدَ لَهَا.
خوط: الخُوطُ: الغُصْنُ الناعِمُ، وَقِيلَ: الغُصن لِسَنةٍ، وَقِيلَ:
هُوَ كلُّ قَضِيبٍ مَا كَانَ؛ عَنْ أَبي
(7/297)
حَنِيفَةَ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ إِنّي فِي دِمَشْقَ وأَهْلِها، ... وإِن كنتُ فِيهَا
ثاوِياً، لغَرِيبُ
أَلا حَبَّذا صَوْتُ الغَضَا حِينَ أَجْرَسَتْ، ... بِخِيطانِه بَعْدَ
المَنامِ، جَنُوبُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
سَرَعْرَعاً خُوطاً كغُصْنٍ نابِت
يُقَالُ: خُوطُ بانٍ، الْوَاحِدَةُ خُوطةٌ. والخُوطُ مِنَ الرِّجَالِ:
الجسيمُ الخَفِيفُ كالخَوْطِ. وَجَارِيَةٌ خُوطانِيَّةٌ: مُشَبَّهة
بالخُوط. ابْنُ الأَعرابي: خُطْ خُطْ إِذا أَمرته أَن يَخْتِلَ
إِنساناً برُمْحِه. وَفِي النَّوَادِرِ: تَخَوّطْتُ فُلَانًا
وتَخَوَّتُّه تَخَوُّطاً وتَخَوُّتاً إِذا أَتيتَه الفَيْنةَ بَعْدَ
الفينةِ أَي الحِينَ بَعْدَ الحِين.
خيط: الخَيْطُ: السِّلْك، وَالْجَمْعُ أَخْياطٌ وخُيوطٌ وخُيوطةٌ
مِثْلُ فَحْلٍ وفُحولٍ وفُحولةٍ، زَادُوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
قَرِيساً ومَغْشِيّاً عَلَيْهِ، كأَنَّه ... خُيوطةُ مارِيٍّ لَواهُنَّ
فاتِلُهْ
وخاطَ الثوبَ يَخِيطُه خَيْطاً وخِياطةً، وَهُوَ مَخْيوطٌ ومَخِيطٌ،
وَكَانَ حَدُّهُ مَخْيوطاً فلَيَّنُوا الْيَاءَ كَمَا لَيَّنُوها فِي
خاطٍ، وَالْتَقَى سَاكِنَانِ: سُكُونُ الْيَاءِ وَسُكُونُ الْوَاوِ،
فَقَالُوا مَخِيط لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَلقوا أَحدهما،
وَكَذَلِكَ بُرٌّ مَكِيل، والأَصل مَكْيُولٌ، قَالَ: فَمَنْ قَالَ
مَخْيوط أَخرجه عَلَى التَّمَامِ، وَمَنْ قَالَ مَخِيطٌ بَنَاهُ عَلَى
النَّقْصِ لِنُقْصَانِ الْيَاءِ فِي خِطْتُ، وَالْيَاءُ فِي مَخِيط
هِيَ وَاوَ مَفْعُولٍ، انْقَلَبَتْ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ
مَا قَبْلَهَا، وإِنما حُرِّكَ مَا قَبْلَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ
الْوَاوِ بَعْدَ سُقُوطِ الْيَاءِ، وإِنما كُسِرَ لِيُعْلَمَ أَنّ
السَّاقِطَ يَاءٌ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ إِنّ الْيَاءَ فِي مَخِيطٍ هِيَ
الأَصلية وَالَّذِي حُذِفَ وَاوُ مَفْعُولٍ ليُعرف الْوَاوِيُّ مِنَ
الْيَائِيِّ، والقولُ هُوَ الأَوّل لأَنّ الْوَاوَ مَزِيدَةٌ
لِلْبِنَاءِ فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تُحْذَفَ، والأَصليّ أَحقُّ
بِالْحَذْفِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ أَو علَّةٍ تُوجِبُ أَن
يُحْذَفَ حَرْفٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَفْعُولٍ مِنْ
ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ إِذا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ، فإِنه يَجِيءُ
بِالنُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ، فأَما مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ فَلَمْ
يَجِئْ عَلَى التَّمَامِ إِلا حَرْفان: مِسْك مَدْوُوفٌ، وَثَوْبٌ
مَصْوُون، فإِنَّ هَذَيْنِ جَاءَا نَادِرَيْنِ، وَفِي النَّحْوِيِّينَ
مَنْ يَقِيسُ عَلَى ذَلِكَ فَيَقُولُ قَوْلٌ مَقْوُول، وَفَرَسٌ
مَقْوُودٌ، قِيَاسًا مُطَّرِدًا؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ
الْهُذَلِيِّ:
كأَنَّ عَلَى صَحاصِحِه رِياطاً ... مُنَشَّرةً، نُزِعْنَ مِنَ
الخِياطِ
إِما أَن يَكُونَ أَراد الخِياطةَ فَحَذَفَ الْهَاءَ، وإِما أَن
يَكُونَ لُغَةً. وخَيَّطَه: كخاطَه؛ قَالَ:
فهُنَّ بالأَيْدِي مُقَيِّساتُه، ... مُقَدِّراتٌ ومُخَيِّطاتُه
والخِياطُ والمِخْيَطُ: مَا خِيطَ بِهِ، وَهُمَا أَيضاً الإِبرَةُ؛
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ
الْخِياطِ
؛ أَي فِي ثَقْبِ الإِبرة والمِخْيَطِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: المِخْيَطُ
وَنَظِيرُهُ مِمَّا يُعْتَمل بِهِ مكسورُ الأَول، كَانَتْ فِيهِ
الْهَاءُ أَو لَمْ تَكُنْ، قَالَ: وَمِثْلُ خِياطٍ ومِخْيَطٍ سِرادٌ
ومِسْرَدٌ وإِزارٌ ومِئْزَرٌ وقِرامٌ ومِقْرَمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَدُّوا الخِياطَ
(7/298)
والمِخْيَطَ
؛ أَراد بالخِياط هَاهُنَا الخَيْطَ، وبالمِخْيَطِ مَا يُخاطُ بِهِ،
وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ الإِبرة. أَبو زَيْدٍ: هَبْ لِي خِياطاً
ونِصاحاً أَي خَيْطاً وَاحِدًا. وَرَجُلٌ خائطٌ وخَيَّاطٌ وخاطٌ؛
الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. والخِياطةُ: صِناعةُ الخائِط. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
؛ يَعْنِي بياضَ الصبحِ وسوادَ اللَّيْلِ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ
بالخَيْطِ لدِقَّته، وَقِيلَ: الخيطُ الأَسود الْفَجْرُ
الْمُسْتَطِيلُ، وَالْخَيْطُ الأَبيض الْفَجْرُ المُعْتَرِضُ؛ قَالَ
أَبو دُواد الإِيادي:
فلمَّا أَضاءتْ لَنا سُدْفةٌ، ... ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنارا
قَالَ أَبو إِسحاق: هُمَا فَجْرانِ، أَحدهما يَبْدُو أَسود مُعْترضاً
وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود، وَالْآخَرُ يَبْدُو طَالِعًا مُسْتَطِيلًا
يَمْلأُ الأُفق فَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض، وَحَقِيقَتُهُ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الليلُ مِنَ النَّهَارِ، وَقَوْلُ أَبي دُوَادٍ:
أَضاءت لَنَا سُدْفَةً، هِيَ هَاهُنَا الظُّلمة؛ ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ
أَي بَدا وَظَهَرَ، وَقِيلَ: الخيْطُ اللَّوْنُ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ
الْآيَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ مَا
قَالَهُ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي تَفْسِيرِ
الخَيْطَيْنِ: إِنما ذَلِكَ سوادُ الليلِ وبياضُ النَّهَارِ
؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
الخَيْطُ الأَبْيَضُ ضَوْء الصُّبْحِ مُنْفَلِقٌ، ... والخَيْطُ
الأَسْودُ لوْنُ الليلِ مَرْكُومُ
وَيُرْوَى: مَكْتُومُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ أَخذَ حَبْلًا أَسودَ وَحَبْلًا أَبيضَ
وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ وِسادِه لِيَنْظُرَ إِليهما عِنْدَ الْفَجْرِ،
وَجَاءَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فأَعلمه بِذَلِكَ فَقَالَ: إِنك لعَريضُ القَفا، لَيْسَ الْمَعْنَى
ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ بياضُ الفجرِ مِنْ سوادِ الليلِ
، وَفِي النِّهَايَةِ: وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بياضَ النَّهَارِ
وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ. وخَيَّطَ الشيبُ رأْسَه وَفِي رأْسِه
ولِحْيَتِه: صَارَ كالخُيوطِ أَو ظَهَرَ كالخُيوطِ مِثْلُ وخَطَ،
وتَخَيَّطَ رأْسُه كَذَلِكَ؛ قَالَ بَدْرُ بْنُ عَامِرٍ الْهُذَلِيُّ:
تاللهِ لَا أَنْسَى مَنِيحةَ واحدٍ، ... حَتَّى تَخَيَّطَ بالبَياضِ
قُروني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذا اتَّصَلَ الشيبُ فِي
الرأْس فَقَدْ خَيَّطَ الرأْسَ الشيبُ، فَجَعَلَ خَيَّطَ مُتعدِّياً،
قَالَ: فَتَكُونُ الرِّوَايَةُ عَلَى هَذَا حَتَّى تُخَيَّطَ بالبَياضِ
قُروني، وجُعِل البياضُ فِيهَا كأَنه شَيْءٌ خِيطَ بعضُه إِلى بَعْضٍ،
قَالَ: وأَمّا مَنْ قَالَ خَيَّطَ فِي رأْسِه الشيبُ بِمَعْنَى بَدا
فإِنه يُرِيدُ تُخَيَّطُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، أَي خَيَّطَتْ قُروني،
وَهِيَ تُخَيَّطُ، وَالْمَعْنَى أَن الشَّيْبَ صَارَ فِي السَّوَادِ
كالخُيوطِ وَلَمْ يَتَّصِلْ، لأَنه لَوِ اتَّصَلَ لَكَانَ نَسْجاً،
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتُ بِالْوَجْهَيْنِ: أَعني تُخَيَّطُ،
بِفَتْحِ الْيَاءِ، وتُخَيِّطُ، بِكَسْرِهَا، وَالْخَاءُ مَفْتُوحَةٌ
فِي الْوَجْهَيْنِ. وخَيْطُ باطِلٍ: الضَّوْء الَّذِي يدخُل مِنَ
الكُوَّةِ، يُقَالُ: هُوَ أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ باطِلٍ؛ حَكَاهُ
ثَعْلَبٌ، وَقِيلَ: خَيْطُ باطِلٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ لُعابُ
الشَّمْسِ ومُخاطُ الشَّيْطَانِ، وَكَانَ مَرْوانُ بْنُ الحَكَمِ
يُلَقَّب بِذَلِكَ لأَنه كَانَ طَوِيلًا مُضْطَرِباً؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
لَحى اللهُ قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطِلٍ ... عَلَى النَّاسِ،
يُعْطِي مَن يَشاءُ ويَمْنَعُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَيْطُ باطِل هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يَخْرُجُ
مِنْ فَمِ العَنْكَبوتِ. أَحمد بْنُ يَحْيَى: يُقَالُ فُلَانٌ
(7/299)
أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ الْبَاطِلِ، قَالَ:
وخَيْطُ الْبَاطِلِ هُوَ الهَباء المَنْثور الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ
الْكُوَّةِ عِنْدَ حَمْي الشَّمْسِ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَهُون
أَمرُه. والخَيْطةُ: خَيْطٌ يَكُونُ مَعَ حَبْل مُشْتارِ الْعَسَلِ،
فإِذا أَراد الخَلِيَّةَ ثُمَّ أَراد الْحَبْلَ جَذَبه بِذَلِكَ
الْخَيْطِ وَهُوَ مَرْبُوط إِليه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ ... بجَرداء، مثلِ
الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا البيتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الوَتدِ.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخَيْطةُ حَبْلٌ لَطِيفٌ يُتَّخَذُ مِنَ
السَّلَبِ؛ وأَنشد فِي التَّهْذِيبِ:
تدلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطةٍ ... شَديدُ الوَصاةِ، نابِلٌ
وابنُ نابِلِ
وَقَالَ: قَالَ الأَصمعي السِّبُّ الْحَبْلُ والخَيْطةُ الوَتِدُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الخيْطة الوتِد فِي كَلَامِ هُذيل، وَقِيلَ الْحَبْلُ.
والخَيْطُ والخِيطُ: جَمَاعَةُ النَّعامِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ
الْبَقَرِ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ. والخَيْطى: كالخِيطِ مِثْلُ سَكْرى؛
قَالَ لَبِيدٌ:
وخَيْطاً مِنْ خَواضِبَ مُؤْلَفاتٍ، ... كأَنَّ رِئالَها ورَقُ
الإِفالِ
وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِشُبَيْلٍ، قَالَ:
وَيُجْمَعُ عَلَى خِيطانٍ وأَخْياطٍ. اللَّيْثُ: نَعامة خَيْطاء
بَيِّنَةُ الخَيَطِ، وخَيَطُها: طُولُ قَصَبِها وعُنُقِها، وَيُقَالُ:
هُوَ مَا فِيهَا مِنِ اخْتِلاطِ سوادٍ فِي بَيَاضٍ لازِمٍ لَهَا
كالعَيَسِ فِي الإِبل العِراب، وَقِيلَ: خَيَطُها أَنها تَتقاطَرُ
وتَتَّابعُ كالخَيْطِ الْمَمْدُودِ. وَيُقَالُ: خاطَ فُلَانٌ بَعِيرًا
بِبَعِيرٍ إِذا قَرَن بينهما؛ قال رَكّاضٌ الدُّبَيْرِي:
بَلِيدٌ لَمْ يخِطْ حَرْفاً بعَنْسٍ، ... ولكنْ كَانَ يَخْتاطُ الخِفاء
أَي لَمْ يقْرُن بَعِيرًا بِبَعِيرٍ، أَراد أَنه لَيْسَ مِنْ أَرْباب
النَّعَم. والخِفاء: الثوبُ الَّذِي يُتَغَطَّى بِهِ. والخَيْطُ
والخِيطُ: القِطْعةُ مِنَ الْجَرَادِ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ أَيضاً.
ونَعامةٌ خَيْطاء بَيّنةُ الخَيطِ: طَوِيلَةُ العُنق. وخَيْطُ
الرَّقَبة: نُخاعُها. يُقَالُ: جاحَش فُلَانٌ عَنْ خَيْطِ رقَبته أَي
دافَع عَنْ دَمِه. وَمَا آتِيك إِلا الخَيْطةَ أَي الفَيْنةَ. وخاطَ
إِليهم خَيْطةً: مَرَّ عَلَيْهِمْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: خَاطَ
إِليهم خَيْطةً واخْتاطَ واخْتَطى، مَقْلُوبٌ: مَرَّ مَرّاً لَا
يَكَادُ يَنْقَطِعُ؛ قَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الخَطْوِ،
مَقْلُوبٌ عَنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطَأٌ إِذ لَوْ كَانَ
كَذَلِكَ لَقَالُوا خاطَه خَوْطةً وَلَمْ يَقُولُوا خَيْطةً، قَالَ:
وَلَيْسَ مِثْلُ كُرَاعٍ يُؤمَن عَلَى هَذَا. اللَّيْثُ: يُقَالُ خَاطَ
فُلَانٌ خَيْطةً وَاحِدَةً إِذا سَارَ سَيْرة وَلَمْ يَقطع السَّيْرَ،
وخاطَ الحَيّةُ إِذا انْسَابَ عَلَى الأَرض، ومَخِيطُ الحَيّةِ:
مَزْحَفُها، والمَخيطُ: المَمَرُّ والمَسْلَكُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبينَهما مَلْقى زِمامٍ كأَنّه ... مَخِيطُ شُجاعٍ، آخِرَ الليلِ،
ثَائِرِ
وَيُقَالُ: خاطَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ أَي مَرَّ إِليه. وَفِي
نَوَادِرِ الأَعراب: خَاطَ فُلَانٌ خَيْطاً إِذا مَضى سَرِيعًا،
وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ مَخَطَ فِي الأَرض
مَخْطاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: فِي الْبَطْنِ مَقاطُّه ومَخِيطُه، قَالَ:
وَمِخْيَطُهُ مُجْتَمَعُ الصِّفاقِ وَهُوَ ظاهر البطن.
(7/300)
|