لسان العرب

فصل الحاء المهملة
حبظ: المُحْبَنْظِئُ: المُمْتَلِئ غضَباً كالمُحْظَنْبِئ.
حضظ: الحُضَظُ: لُغَةٌ فِي الحُضَض، وَهُوَ دَواء يُتَّخذ مِنْ أَبوال الإِبل؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَذَكَرُوا أَن الْخَلِيلَ كَانَ يَقُولُهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَصحابنا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَكَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ الْيَزِيدِيِّ الحُضَظ فَجَمَعَ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
أَرْقَشَ ظَمْآنَ إِذا عُصْرَ لَفَظْ، ... أَمَرَّ مِن صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَظْ
__________
(1) . قوله [وجلحاظ إلخ] تقدم في مادة جلذ جِلْظَاءٌ مِنَ الأَرض وَجِلْمَاظٌ والصواب ما هنا.

(7/439)


الأَزهري: قَالَ شِمْرٌ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضَادٌ مَعَ ظَاءٍ غَيْرَ الْحُضَظِ.
حظظ: الحَظُّ: النَّصِيبُ، زَادَ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: مِنَ الفَضْل والخيْر. وَفُلَانٌ ذُو حَظّ وقِسْم مِنَ الْفَضْلِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع مِنَ الحظِّ فِعْلًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ هُوَ ذُو حَظٍّ فِي كَذَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الحَظّ النَّصِيبُ والجَدّ، وَالْجَمْعُ أَحُظٌّ فِي القِلَّة، وحُظوظ وحِظاظٌ فِي الْكَثْرَةِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي:
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتِ مِنْ حِظاظِها، ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها
وأَحاظٍ وحِظاء، مَمْدُودٌ، الأَخيرتان مِنْ مُحوّل التَّضْعِيفِ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنه جَمْعُ أَحْظٍ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ لسُوَيْدِ بْنِ حذاقٍ العَبْدِيّ، وَيُرْوَى للمَعْلُوط بْنِ بَدَل القُرَيْعي:
مَتَّى مَا يَرَ الناسُ الغَنِيَّ، وجارُه ... فَقِيرٌ، يَقُولوا: عاجِزٌ وجَلِيدُ
وَلَيْسَ الغِنَى والفَقْرُ مِنْ حِيلةِ الفَتى، ... ولكِنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ، وجُدُودُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَتاه الغِنى لجَلادته وحُرِمَ الْفَقِيرُ لعَجْزِه وقِلَّة مَعْرِفَتِهِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا بَلْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ القَسّام، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِقَوْلِهِ: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ. قَالَ: وَقَوْلُهُ أَحاظٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وهَمٌ مِنْهُ بَلْ أَحاظٍ جَمْعُ أَحْظٍ، وأَصله أَحْظُظٌ، فَقُلِبَتِ الظَّاءُ الثَّانِيَةُ يَاءً فَصَارَتْ أَحْظٍ، ثُمَّ جُمِعَتْ عَلَى أَحاظٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: مِنْ حَظِّ الرَّجُلِ نَفَاقُ أَيِّمِه وَمَوْضِعُ حَقِّه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَظُّ الجَدُّ والبَخْتُ، أَي مِنْ حَظِّه أَنْ يُرْغَب فِي أَيِّمه، وَهِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا مِنْ بَنَاتِهِ وأَخواته وَلَا يُرْغَب عَنْهُنَّ، وأَن يَكُونَ حَقُّهُ فِي ذِمّةِ مأْمُونٍ جُحودُه وتهَضُّمُه ثِقةٍ وفِيٍّ بِهِ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: حَنْظٌ وَلَيْسَ ذلك بمقصود إِنما هُوَ غُنَّة تَلْحَقُهُمْ فِي المشدَّد بِدَلِيلِ أَن هَؤُلَاءِ إِذا جَمَعُوا قَالُوا حُظُوظٌ. قَالَ الأَزهري: وَنَاسٌ مِنْ أَهل حِمْص يَقُولُونَ حَنظ، فإِذا جَمَعُوا رَجَعُوا إِلى الحُظوظ، وَتِلْكَ النُّونُ عِنْدَهُمْ غُنَّة وَلَكِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا أَصلية، وإِنما يَجْرِي هَذَا اللَّفْظُ عَلَى أَلسنتهم فِي المشدَّد نَحْوَ الرُّزّ يَقُولُونَ رُنز، وَنَحْوَ أُتْرُجَّة يَقُولُونَ أُتْرُنجة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ مَا كنتَ ذَا حَظٍّ وَلَقَدْ حَظِظْتَ تَحَظُّ، وَقَدْ حَظِظْتُ فِي الأَمر فأَنا أَحَظُّ حَظّاً، وَرَجُلٌ حَظِيظٌ وحَظِّيٌّ، عَلَى النَّسَبِ، ومَحْظوظ، كُلُّهُ: ذُو حَظٍّ مِنَ الرِّزق، وَلَمْ أَسمع لِمَحْظُوظٍ بِفِعْلٍ يَعْنِي أَنهم لَمْ يَقُولُوا حُظّ؛ وَفُلَانٌ أَحَظُّ مِنْ فُلَانٍ: أَجَدُّ مِنْهُ، فأَما قَوْلُهُمْ: أَحْظَيْته عَلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنه مِنَ المُحَوَّل، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الحُظْوةِ. قَالَ الأَزهري: للحَظِّ فَعْلٌ عَنِ الْعَرَبِ وإِن لَمْ يَعْرِفْهُ اللَّيْثُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، قَالَ أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ محظُوظ وَمَجْدُودٌ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ أَحَظُّ مِنْ فُلَانٍ وأَجَدُّ مِنْهُ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا كَتَبَهُ لِابْنِ بُزُرْج: يُقَالُ هُمْ يَحَظُّون بِهِمْ ويَجَدُّون بِهِمْ. قَالَ: وواحد الأَحِظَّاء حَظِّيٌّ منقوص، قَالَ: وأَصله حَظٌّ. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الحَظِيظُ الغَنِيُّ المُوسِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنت حَظٌّ وحَظِيظٌ ومَحْظوظ أَي جَدِيد ذُو حَظّ مِنَ الرِّزْق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
؛ الحَظُّ هَاهُنَا الْجَنَّةُ، أَي مَا يُلَقّاها إِلا مَن وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَهُوَ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ مِنَ الْخَيْرِ.

(7/440)


والحُظُظُ والحُظَظُ عَلَى مِثَالِ فُعَل: صَمْغ كالصَّبِرِ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الشَّجَرِ الْمُرِّ، وَقِيلَ: هُوَ كُحْل الخَوْلان، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الحُدُلُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ لُغَةٌ فِي الحُضُض والحُضَض، وَهُوَ دَوَاءٌ، وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ الحُضَظ فجمع بين الضاد والظاء، وقد تقدَّم.
حفظ: الْحَفِيظُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْزُب عَنْ حِفْظِهِ الأَشياءَ كلَّها مِثقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرض، وَقَدْ حفِظ عَلَى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ مَا يَعْمَلُونَ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وَقَدْ حفِظ السماواتِ والأَرضَ بقدرته ولا يؤُوده حَفِظُهُمَا وَهُوَ العليُّ الْعَظِيمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
. قَالَ أَبو إِسحاق: أَي القرآنُ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ عِنْدَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: وقرئتْ
محفوظٌ
، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ مَحْفُوظٌ فِي لَوْحٍ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
فاللَّه خَيْرٌ حِفْظاً وهو أَرحم الراحمين
، وقرىء:
خَيْرٌ حِفْظاً
نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَمَنْ قرأَ حافِظاً
جَازَ أَن يَكُونَ حَالًا وَجَازَ أَن يَكُونَ تَمْيِيزًا. ابْنُ سِيدَهْ: الحِفْظ نَقِيضُ النِّسْيان وَهُوَ التعاهُد وقلَّة الْغَفْلَةِ. حَفِظَ الشيءَ حِفْظاً، وَرَجُلٌ حَافِظٌ مِنْ قَوْمٍ حُفّاظ وحَفِيظٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَدْ عَدَّوْه فَقَالُوا: هُوَ حَفِيظٌ عِلمَك وعِلْمَ غَيْرِكَ. وإِنه لحافِظُ الْعَيْنِ أَي لَا يغلِبه النَّوْمُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الْعَيْنَ تَحْفَظُ صاحِبَها إِذا لَمْ يغلِبها النَّوْمُ. الأَزهري: رَجُلٌ حافِظ وَقَوْمٌ حُفّاظٌ وَهُمُ الَّذِينَ رُزِقوا حِفْظَ مَا سَمِعوا وَقَلَّمَا يَنْسَوْنَ شَيْئًا يَعُونَه. غَيْرُهُ: والحافِظُ والحَفِيظُ الموكَّل بِالشَّيْءِ يَحْفَظه. يقال: فلان يَحفظُنا عَلَيْكُمْ وحافِظُنا. والحَفَظة: الَّذِينَ يُحْصُونَ الأَعمال وَيَكْتُبُونَهَا عَلَى بَنِي آدَمَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمُ الْحَافِظُونَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ
، وَلَمْ يأْت فِي الْقُرْآنِ مكسَّراً. وحَفِظَ المالَ والسِّرَّ حِفْظاً: رَعاه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: حفِظه اللَّه مِنَ الوُقوع عَلَى الأَرض إِلا بإِذْنه، وَقِيلَ: مَحْفوظاً بِالْكَوَاكِبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ
. والاحْتِفاظُ: خُصُوصُ الحِفْظ، يُقَالُ: احْتَفَظْتُ بِالشَّيْءِ لِنَفْسِي، وَيُقَالُ: استحفظْت فُلَانًا مَالًا إِذا سأَلتَه أَن يَحْفَظه لَكَ، وَاسْتَحْفَظْتُهُ سِرًّا وَاسْتَحْفَظَهُ إِياه: اسْترعاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فِي أَهل الْكِتَابِ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ
، أَي استُودِعوه وأْتُمِنُوا عَلَيْهِ. وَاحْتَفَظَ الشيءَ لِنَفْسِهِ: خَصَّها بِهِ. والتحفُّظ: قلَّة الغَفْلة فِي الأُمور وَالْكَلَامِ والتيقُّظ مِنَ السَّقْطة كأَنه عَلَى حَذر مِنَ السُّقوط، وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِني لأُبْغِضُ عاشِقاً مُتَحَفِّظاً، ... لَمْ تَتَّهِمْه أَعْيُنٌ وقُلوبُ
والمُحافَظة: المُواظَبة عَلَى الأَمر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ
، أَي صلُّوها فِي أَوقاتها، الأَزهري: أَي واظِبوا عَلَى إِقامتها فِي مَواقِيتها. وَيُقَالُ: حافَظ عَلَى الأَمر والعَمَل وثابَرَ عَلَيْهِ وحارَصَ وبارَك إِذا داوَم عَلَيْهِ. وحفِظْت الشيءَ حِفْظاً أَي حَرَسْته، وحفِظتُه أَيضاً بِمَعْنَى اسْتَظْهَرْتُهُ. وَالْمُحَافَظَةُ: المُراقبة. وَيُقَالُ: إِنه لَذُو حِفاظٍ وَذُو مُحافظة إِذا كَانَتْ لَهُ أَنفةٌ. والحَفِيظ: المُحافِظ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ*
. وَيُقَالُ: احْتفِظْ بِهَذَا الشَّيْءِ أَي احْفظْه. والتحفُّظ: التيقُّظ. وتحفَّظْت الْكِتَابَ أَي استظهرْته شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وحفَّظْته الكتابَ أَي حملْته عَلَى حِفْظه. وَاسْتَحْفَظْتُهُ: سأَلته أَن يَحْفَظَه،

(7/441)


وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ القَزَّازِ قَالَ: اسْتَحْفَظْتُهُ الشيءَ جَعَلْتُهُ عِنْدَهُ يحفَظُه، يتعدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ، وَمِثْلُهُ كَتَبْتُ الْكِتَابَ وَاسْتَكْتَبْتُهُ الْكِتَابَ. والمُحافظة والحِفاظ: الذَّبُّ عَنِ المَحارِم والمَنْعُ لَهَا عِنْدَ الحُروب، وَالِاسْمُ الحَفِيظة. والحِفاظ: المُحافظة عَلَى العَهْد والمُحاماةُ عَلَى الحُرَم ومنعُها مِنَ الْعَدُوِّ. يُقَالُ: ذُو حَفِيظة. وأَهلُ الحَفائظ: أَهل الحِفاظ وَهُمُ المُحامون عَلَى عَوْراتهم الذَّابُّون عَنْهَا، قَالَ:
إِنّا أُناسٌ نَلْزَمُ الحِفاظا
وَقِيلَ: المُحافظة الوَفاء بالعَقْد والتمسُّكُ بِالْوُدِّ. والحَفِيظةُ: الغضَبُ لحُرمة تُنْتَهكُ مِنْ حُرُماتك أَو جارٍ ذِي قَرابةٍ يُظلَم مِنْ ذَوِيك أَو عَهْد يُنْكَث. والحِفْظة والحَفِيظة: الغضَب، والحِفاظ كالحِفْظة، وأَنشد:
إِنّا أُناسٌ نمنَع الحِفاظا
وَقَالَ زُهَيْرٌ «2» فِي الحَفِيظة:
يَسُوسون أَحْلاماً بَعِيداً أَناتُها، ... وإِن غَضِبوا، جَاءَ الحَفِيظةُ والجِدُّ
والمُحْفِظات: الأُمور الَّتِي تُحْفِظ الرَّجُلَ أَي تُغْضِبه إِذا وُتِرَ فِي حَمِيمِه أَو فِي جِيرَانِهِ، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
أَخُوك الَّذِي لَا تَمْلِك الحِسَّ نفسُه، ... وتَرْفَضُّ، عِنْدَ المُحْفِظات، الكَتائفُ
يَقُولُ: إِذا استوْحَشَ الرجلُ مِنْ ذِي قَرابَتِه فاضْطَغَن عَلَيْهِ سَخِيمةً لإِساءةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِليه فأَوْحَشَتْه، ثُمَّ رَآهُ يُضام زَالَ عَنْ قَلْبِهِ مَا احتقَده عَلَيْهِ وغَضِب لَهُ فنَصَره وانتصَر لَهُ مِنْ ظُلْمِه. وحُرَمُ الرجلِ: مُحْفِظاته أَيضاً، وَقَدْ أَحْفَظَه فاحتفَظ أَي أَغضَبه فغَضِب، قَالَ العُجَيْرُ السَّلُولي:
بعيدٌ مِنَ الشَّيْءِ القَلِيلِ احْتِفاظُه ... عَلَيْكَ، ومَنْزُورُ الرِّضا حِينَ يَغْضَبُ
وَلَا يَكُونُ الإِحْفاظُ إِلا بِكَلَامٍ قَبِيحٍ مِنَ الَّذِي تَعرَّض لَهُ وإِسماعِه إِيّاه مَا يَكره. الأَزهري: والحِفْظَةُ اسْمٌ من الاحْتِفاظ عند ما يُرى مِنْ حَفِيظة الرَّجُلِ يَقُولُونَ أَحْفَظْته حِفْظة، وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
مَعَ الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ، ... وحِفْظةٍ أَكَنَّها ضَمِيرِي
فُسّر: عَلَى غَضْبة أَجنَّها قَلْبِي، وَقَالَ الْآخَرُ:
وَمَا العَفْوُ إِلَّا لامْرِئٍ ذِي حَفِيظةٍ، ... مَتى يُعْفَ عَنْ ذَنْبِ امرِئِ السَّوْءِ يَلْجَجِ
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْن:
أَردتُ أَن أُحْفِظَ الناسَ وأَن يُقاتلوا عَنْ أَهليهم وأَموالهم
أَي أُغْضِبَهم مِنَ الحَفِيظة الغضَب. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
فبَدَرتْ مِنِّي كَلِمَةٌ أَحفَظَتْه
أَي أَغضَبَتْه. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الحَفائظَ تُذْهِبُ الأَحْقاد أَي إِذا رأَيت حَمِيمَك يُظْلَم حَمِيتَ لَهُ وإِن كَانَ عَلَيْهِ فِي قَلْبِكَ حِقْد. النَّضْر: الْحَافِظُ هُوَ الطَّرِيقُ البَيِّنُ المُستقيم الذي لا يَنْقَطِع، فأَما الطَّرِيقُ الَّذِي يَبِين مَرَّةً ثُمَّ يَنْقطِع أَثرُه ويَمَّحِي فَلَيْسَ بحافِظ. واحْفاظَّتِ الجِيفةُ: انتَفخت، قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَرَوَاهُ الأَزهري أَيضاً عَنِ اللَّيْثِ ثُمَّ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ، وَالصَّوَابُ اجْفأَظَّت، بِالْجِيمِ، وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الجَفِيظ المقتول
__________
(2) . قوله [زهير] في الأساس الحطيئة، وهذا الصواب، لأنه من أبيات للحطيئة مرويَّة في ديوانه.

(7/442)


الْمُنْتَفِخُ، بِالْجِيمِ، قَالَ: وَهَكَذَا قرأْت فِي نَوَادِرِ ابْنِ بُزُرْجٍ لَهُ بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ الَّذِي عَرَفْتُهُ لَهُ: اجفأَظَّت، بِالْجِيمِ، وَالْحَاءُ تَصْحِيفٌ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ ذَكَرَ اللَّيْثُ هَذَا الْحَرْفَ فِي كِتَابِ الْجِيمِ أَيضاً، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنه كَانَ مُتَحَيِّرًا فِيهِ فَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ.
حنظ: حَنْظى بِهِ أَي نَدَّدَ بِهِ وأَسمعه الْمَكْرُوهَ، والأَلف للإِلحاق بدَحْرج. وَهُوَ رَجُلٌ حِنْظِيانٌ إِذا كَانَ فَحّاشاً، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ بِالْخَاءِ أَيضاً، وَسَنَذْكُرُهُ. الأَزهري: رَجُلٌ حِنْظِيانٌ وحِنْذِيانٌ وخِنْذيانٌ وعِنْظِيانٌ إِذا كَانَ فحَّاشاً. قَالَ: وَيُقَالُ للمرأَة هِيَ تُحَنْظِي وتُحَنْذي وتُعَنْظِي إِذا كَانَتْ بَذِيّةً فَحَّاشَةً. قَالَ الأَزهري: وحَنْظى وحَنْذى وعَنْظى مُلْحَقَاتٌ بِالرُّبَاعِيِّ وأَصلها ثَلَاثِيٌّ وَالنُّونُ فِيهَا زَائِدَةٌ كأَنَّ الأَصل فِيهَا مُعْتَلٌّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَحْنَظْت الرَّجُلَ أَعطيته صِلَةً أَو أُجرة، والله أَعلم.