لسان العرب فصل الضاد المعجمة
ضرف: ابْنُ سِيدَهْ: الضَّرِفُ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ يُشْبِهُ
الأَثْأَب فِي عِظَمِه وَوَرَقِهِ إِلَّا أَن سُوقه غُبْرٌ مِثْلُ سُوق
التِّينِ، وَلَهُ جَنًى أَبيض مُدَوَّرٌ مِثْلُ تِينِ الحَماطِ
الصِّغَارِ، مُرٌّ مُضَرِّسٌ، ويأْكله الناسُ وَالطَّيْرُ
وَالْقُرُودُ، وَاحِدَتُهُ ضَرِفَةٌ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي
حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبَ: ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الضَّرِفُ
شَجَرُ التِّينِ وَيُقَالُ لِثَمَرِهِ البَلَسُ، الْوَاحِدَةُ ضَرِفة؛
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا غريب.
ضعف: الضَّعْفُ والضُّعْفُ: خِلافُ القُوّةِ، وَقِيلَ: الضُّعْفُ،
بِالضَّمِّ، فِي الْجَسَدِ؛ والضَّعْف، بِالْفَتْحِ، فِي الرَّأْي
والعَقْلِ، وَقِيلَ: هُمَا مَعًا جَائِزَانِ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَخَصَّ
الأَزهريُّ بِذَلِكَ أَهل الْبَصْرَةِ فَقَالَ: هُمَا عِنْدَ أَهل
الْبَصْرَةِ سِيّانِ يُسْتعملان مَعًا فِي ضَعْفِ الْبَدَنِ وَضَعْفِ
الرَّأْي. وَفِي التَّنْزِيلِ:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكم مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَل مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ
قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قوَّةٍ ضُعْفاً
؛ قَالَ قَتَادَةُ:
خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ
قَالَ مِنَ النُّطْفَةِ أَي مِنَ المنِيّ
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفاً
، قَالَ: الهَرَمَ؛
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: قرأْت عَلَى النَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
ضَعْفٍ
؛ فأَقرأَني مِنْ ضُعْف، بِالضَّمِّ
، وقرأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ: وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً
، بِالْفَتْحِ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَنَافِعٌ وَابْنُ
عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ بِالضَّمِّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَخُلِقَ
الْإِنْسانُ ضَعِيفاً
؛ أَي يَسْتَمِيلُه هَواه. والضَّعَفُ: لُغَةٌ فِي الضَّعْفِ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَنْ يَلْقَ خَيراً يَغْمِزِ الدَّهْر عَظْمَه، ... عَلَى ضَعَفٍ مِنْ
حالهِ وفُتُورِ
فَهَذَا فِي الْجِسْمِ؛ وأَنشد فِي الرَّأْي وَالْعَقْلِ:
وَلَا أُشارِكُ فِي رَأْيٍ أَخا ضَعَفٍ، ... وَلَا أَلِينُ لِمَنْ لَا
يَبْتَغِي لِينِي
وَقَدْ ضَعُفَ يَضْعُفُ ضَعْفاً وضُعْفاً وضَعَفَ؛ الْفَتْحُ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْجَمْعُ ضُعَفاء وضَعْفَى
وضِعافٌ وضَعَفةٌ وضَعَافَى؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وأَنشد:
تَرَى الشُّيُوخَ الضَّعَافَى حَوْلَ جَفْنَتِه، ... وتَحْتَهُم مِنْ
مَحَانِي دَرْدَقٍ شَرَعَهْ
وَنِسْوَةٌ ضَعِيفاتٌ وضَعَائِفُ وضِعَافٌ؛ قَالَ:
لَقَدْ زادَ الحياةَ إليَّ حُبّاً ... بَناتي، إنَّهُنَّ مِنَ
الضِّعَافِ
وأَضْعَفَه وضَعَّفَه: صيَّره ضَعِيفًا. واسْتَضْعَفَه وتَضَعَّفَه:
وَجَدَهُ ضَعِيفًا فَرَكِبَهُ بسُوء؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
عَلَيْكُمْ بِرِبْعِيِّ الطِّعانِ، فَإِنَّهُ ... أَشَقُّ عَلَى ذِي
الرَّثْيَةِ المُتَضَعِّفِ
(9/203)
رِبْعِيُّ الطِّعانِ: أَوَّله وأَحَدُّه.
وَفِي إِسلام أَبي ذَّرّ:
لَتَضَعَّفْتُ «3» رَجُلًا
أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: قَدْ تَدْخُلُ
اسْتَفْعَلْتُ فِي بَعْضِ حُرُوفِ تَفَعَّلْت نَحْوَ تَعَظَّم
واسْتَعْظَم وَتَكَبَّرَ واسْتكبر وتَيَقَّن واسْتَيْقَنَ وتَثَبَّتَ
واسْتَثْبَتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهْلُ الجَنّة كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تَضَعَّفْتُه واسْتَضْعَفْتُه
بِمَعْنًى لِلَّذِي يَتَضَعَّفُه النَّاسُ ويَتَجَبَّرُون عَلَيْهِ فِي
الدُّنْيَا لِلْفَقْرِ ورَثاثَةِ الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: غَلَبني أَهل الْكُوفَةِ، أَسْتَعْمِلُ
عَلَيْهِمُ المؤمنَ فيُضَعَّفُ، وأَستعمل عَلَيْهِمُ القَوِيَّ
فيُفَجَّر.
وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ الْجَنَّةِ:
مَا لِي لَا يدخُلني إِلَّا الضُّعَفاء؟
قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يُبَرِّئُون أَنْفُسَهم مِنَ الحَوْل
وَالْقُوَّةِ؛ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا اللَّهَ فِي الضَّعِيفين
: يَعْنِي المرأَة وَالْمَمْلُوكَ. والضَّعْفةُ: ضَعْفُ الْفُؤَادِ
وقِلَّةُ الفِطْنةِ. وَرَجُلٌ مَضْعُوفٌ: بِهِ ضَعْفةٌ. ابْنُ
الأَعرابي: رجل مَضْعُوفٌ ومَبْهُوتٌ إِذَا كَانَ فِي عَقْلِهِ ضَعْفٌ.
ابْنُ بُزُرْجَ: رَجُلٌ مَضْعُوفٌ وضَعُوفٌ وضَعِيفٌ، وَرَجُلٌ
مَغْلُوبٌ وغَلُوبٌ، وَبَعِيرٌ مَعْجوفٌ وعَجُوفٌ وعَجِيفٌ وأَعْجَفُ،
وَنَاقَةٌ عَجوفٌ وعَجِيفٌ، وَكَذَلِكَ امرأَة ضَعُوفٌ، وَيُقَالُ
لِلرَّجُلِ الضَّرِيرِ الْبَصَرِ ضَعِيفٌ. والمُضَعَّفُ: أَحد قِداح
الميْسِر الَّتِي لَا أَنْصباء لَهَا كأَنه ضَعُفَ عَنْ أَن يَكُونَ
لَهُ نصيبٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً: المُضَعَّفُ الثَّانِي مِنَ
القِداحِ الغُفْل الَّتِي لَا فُرُوضَ لَهَا وَلَا غُرْم عَلَيْهَا،
إِنَّمَا تُثَقَّل بِهَا القِداحُ كَراهِيةَ التُهَمَةِ؛ هَذِهِ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ، واشْتَقَّه قَوْمٌ مِنَ الضَّعْفِ وَهُوَ الأَوْلى.
وشِعر ضَعِيف: عَليل، اسْتَعْمَلَهُ الأَخفش فِي كِتَابِ القَوافي
فَقَالَ: وَإِنْ كَانُوا قَدْ يُلزمون حَرْفَ اللِّينِ الشِّعْرَ
الضعيفَ العليلَ لِيَكُونَ أَتَمَّ لَهُ وأَحسن. وضِعْفُ الشَّيْءِ:
مِثْلاه، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُه الَّذِي
يُضَعِّفُه، وأَضْعَافُه أَمثالُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذاً
لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ
؛ أَي ضِعف الْعَذَابِ حَيًّا وَمَيِّتًا، يَقُولُ: أَضْعَفْنَا لَكَ
الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ
أَبي ذُؤَيْبٍ:
جَزَيْتُكَ ضِعْفَ الوِدِّ، لَمَّا اسْتَبَنْتُه، ... وَمَا إنْ جَزاكَ
الضِّعْفَ مِنْ أَحَدٍ قَبْلي
مَعْنَاهُ أَضْعَفْت لَكَ الْوِدَّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ
ضِعْفَي الوِدِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً
مِنَ النَّارِ
؛ أَي عَذَابًا مُضاعَفاً لأَن الضِّعْفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى
ضَرْبَيْنِ: أَحدهما المِثل، وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى
تَضْعِيفِ الشَّيْءِ. قَالَ تَعَالَى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ
أَي لِلتَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ لأَنهم قَدْ دَخَلُوا فِي الْكُفْرِ
جَمِيعًا أَي لكلٍّ عَذَابٌ مُضاعَفٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ
لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَزَاءُ الضِّعف هَاهُنَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ،
تأْويله: فأُولئك لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ الَّذِي قَدْ أَعلمناكم
مِقْداره، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ
أَمْثالِها؛ قَالَ: وَيَجُوزُ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ
أَي أَن نُجَازِيَهُمُ الضِّعْفَ، وَالْجَمْعُ أَضْعَاف، لَا يكسَّر
عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَضْعَفَ الشيءَ وضَعَّفَه وضَاعَفَه: زَادَ
عَلَى أَصل الشَّيْءِ وَجَعَلَهُ مِثْلَيْهِ أَو أَكثر، وَهُوَ
التَّضْعِيف والإِضْعَافُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ضَاعَفْت الشَّيْءَ
وضَعَّفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَمِثْلُهُ امرأَة مُناعَمةٌ
ومُنَعَّمةٌ، وصاعَر المُتَكَبِّر خَدَّه وَصَعَّرَهُ، وعاقَدْت
وعقّدْت. وعاقَبْتُ
__________
(3) . قوله [لَتَضَعَّفْتُ] هكذا في الأصل، وفي النهاية: فَتَضَعَّفْت.
(9/204)
وعَقَّبْتُ. وَيُقَالُ: ضَعَّفَ اللَّهُ
تَضْعِيفاً أَي جَعَلَهُ ضِعْفاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما آتَيْتُمْ
مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ
؛ أَي يُضاعَفُ لَهُمُ الثَّوَابُ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ
الدَّاخِلُونَ فِي التَّضْعِيف أَي يُثابُون الضِّعْف الَّذِي قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا
؛ يَعْنِي مَنْ تَصدَّق يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ جُوزيَ بِهَا صاحِبُها
عَشَرَةَ أَضْعافها، وَحَقِيقَتُهُ ذَوُو الأَضْعَافِ. وتَضَاعِيفُ
الشَّيْءِ: مَا ضُعِّفَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ، وَنَظِيرُهُ فِي
أَنه لَا وَاحِدَ لَهُ تَباشِيرُ الصُّبْحِ لِمُقَدِّمَاتِ ضِيائه،
وتَعاشِيبُ الأَرض لِمَا يَظْهَرُ مِنْ أَعْشابِها أَوَّلًا،
وتَعاجِيبُ الدَّهْرِ لِمَا يأْتي مِنْ عَجائِبه. وأَضْعَفْتُ الشيءَ،
فَهُوَ مَضْعُوفٌ، والمَضْعُوفُ: مَا أُضْعِفَ مِنْ شَيْءٍ، جَاءَ
عَلَى غَيْرِ قِياس؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وعالَيْنَ مَضْعُوفاً ودُرّاً، سُمُوطُه ... جُمانٌ ومَرْجانٌ يَشُكُّ
المَفاصِلا «1»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ
كأَنهم جاؤوا بِهِ عَلَى ضُعِفَ. وضَعَّفَ الشيءَ: أَطْبَقَ بعضَه
عَلَى بَعْضٍ وثَناه فَصَارَ كأَنه ضِعْفٌ، وَقَدْ فُسِّرَ بَيْتُ
لَبِيدٍ بِذَلِكَ أَيضاً. وعَذابٌ ضِعْفٌ: كأَنه ضُوعِفَ بعضُه عَلَى
بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ
مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
،
وقرأَ أَبو عَمْرٍو: يُضَعَّف
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ يُجْعَلُ الْوَاحِدُ ثَلَاثَةً أَي
تُعَذَّبْ ثلاثةَ أَعْذِبَةٍ، وَقَالَ: كَانَ عَلَيْهَا أَن نُعَذَّبَ
مَرَّةً فَإِذَا ضُوعِفَ ضِعْفَيْن صَارَ العذابُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبةٍ؛
قَالَ الأَزهري: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ هُوَ مَا
تَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ فِي مَجازِ كَلَامِهِمْ وَمَا يَتَعارَفونه
فِي خِطابهم، قَالَ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا يُقارِبُ قَوْلَهُ
فِي رَجُلٍ أَوْصى فَقَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا ضِعْفَ مَا يُصِيبُ
وَلَدِي، قَالَ: يُعْطى مِثْلَهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَلَوْ قَالَ
ضِعْفَيْ مَا يُصيبُ وَلَدِي نظرتَ، فَإِنْ أَصابه مِائَةٌ أَعطيته
ثَلَاثَمِائَةٍ، قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ شَبِيهًا بِقَوْلِهِمَا
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ،
قَالَ: وَالْوَصَايَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا العُرْفُ الَّذِي
يَتَعارَفُه المُخاطِبُ والمُخاطَبُ وَمَا يَسْبِقُ إِلَى أَفْهام مَنْ
شاهَدَ المُوصي فِيمَا ذَهَبَ وهْمُه إِلَيْهِ، قَالَ: كَذَلِكَ رُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، فأَما كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ
وَجَلَّ، فَهُوَ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ يُرَدُّ تَفْسِيرُهُ إِلَى
مَوْضُوعِ كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ صِيغَةُ أَلسِنتها، وَلَا
يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْعُرْفُ إِذَا خَالَفَتْهُ اللُّغَةُ؛ والضِّعْفُ
فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَصله المِثْلُ إِلَى مَا زَادَ، وَلَيْسَ
بِمَقْصُورٍ عَلَى مِثْلَيْنِ، فَيَكُونُ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ
صَوَابًا، يُقَالُ: هَذَا ضِعف هَذَا أَي مِثْلُهُ، وَهَذَا ضِعْفاه
أَي مِثْلَاهُ، وَجَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن تَقُولَ هَذَا
ضِعْفُهُ أَي مِثْلَاهُ وَثَلَاثَةُ أَمثاله لأَن الضِّعف فِي الأَصل
زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ، أَلا تَرَى قَوْلَهُ تَعَالَى:
فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا؟
لَمْ يُرِدْ بِهِ مِثْلًا وَلَا مِثْلَيْنِ وَإِنَّمَا أَراد
بِالضِّعْفِ الأَضْعَافَ وأَوْلى الأَشياء بِهِ أَن نَجْعَلَه عشرةَ
أَمثاله لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ
عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا
مِثْلَها؛ فأَقل الضِّعْفِ مَحْصُورٌ وَهُوَ الْمِثْلُ، وأَكثره غيرُ
مَحْصُورٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَضْعُفُ صلاةُ الجماعةِ عَلَى صَلَاةِ الفَذِّ خَمساً وَعِشْرِينَ
دَرَجَةً أَي تَزِيدُ عَلَيْهَا.
يُقَالُ: ضَعُفَ الشيءُ يَضْعُفُ إِذَا زَادَ وضَعَّفْتُه وأَضعَفْتُه
وضَاعَفْتُه بِمَعْنًى. وَقَالَ أَبو بكر: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ
الضِّعْفِ
؛ المُضاعَفةِ، فأَلْزَمَ الضِّعْفَ
__________
(1) . قوله [ودراً] كذا بالأصل، والذي في الصحاح وشرح القاموس: وفرداً.
(9/205)
التوحيدَ لأَنَّ المصادِرَ لَيْسَ سبيلُها
التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّحْداح وَشِعْرِهِ:
إِلَّا رَجاء الضِّعْفِ فِي المَعادِ
أَي مِثْلَيِ الأَجر؛ فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: يُضاعَفْ لَهَا
الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
، فَإِنَّ سِياق الْآيَةِ والآيةِ الَّتِي بَعْدَهَا دلَّ عَلَى أَن
المرادَ مِنْ قَوْلِهِ ضِعْفَيْنِ
مَرَّتَانِ، أَلا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَذَابِ: وَمَنْ
يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها
أَجْرَها مَرَّتَيْنِ؟ فَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لأُمهات
الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الأَجْر مِثْلَيْ مَا لِغَيْرِهِنَّ تَفْضِيلًا
لهنَّ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ الأُمة فَكَذَلِكَ إِذَا أَتَتْ إحداهنَّ
بِفَاحِشَةٍ عُذِّبَتْ مِثْلَيْ مَا يُعَذَّبُ غَيْرُهَا، وَلَا
يَجُوزُ أَن تُعْطى عَلَى الطَّاعَةِ أَجرين وتُعَذَّب عَلَى المعصِية
ثَلَاثَةَ أَعذبة؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قولُ حُذَّاقِ
النَّحْوِيِّينَ وَقَوْلُ أَهلِ التَّفْسِيرِ، وَالْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ
بالضِّعف مُثَنًّى فَيَقُولُونَ: إِنْ أَعطيتني دِرهماً فَلَكَ ضِعفاه
أَيْ مِثْلَاهُ، يُرِيدُونَ فَلَكَ دِرْهَمَانِ عِوَضًا مِنْهُ؛ قَالَ:
وَرُبَّمَا أَفردوا الضِّعْف وَهُمْ يُرِيدُونَ مَعْنَى الضِّعْفَيْنِ
فَقَالُوا: إِنْ أَعطيتني دِرْهَمًا فَلَكَ ضِعفه، يُرِيدُونَ
مِثْلَهُ، وَإِفْرَادُهُ لَا بأْس بِهِ إِلَّا أَن التَّثْنِيَةَ
أَحسن. وَرَجُلٌ مُضْعِفٌ: ذُو أَضْعافٍ فِي الْحَسَنَاتِ. وضَعَفَ
القومَ يَضْعَفُهُم: كَثَرَهم فَصَارَ لَهُ ولأَصحابه الضِّعْفُ
عَلَيْهِمْ. وأَضْعَفَ الرَّجلُ: فَشَتْ ضَيْعَتُه وكثُرت، فَهُوَ
مُضعِف. وَبَقَرَةٌ ضَاعِفٌ: فِي بَطْنِهَا حَمْل كأَنَّها صَارَتْ
بِوَلَدِهَا مُضاعَفَةً. والأَضْعافُ: العِظامُ فَوْقَهَا لَحْمٌ؛
قَالَ رُؤْبَةُ:
واللهُ بَينَ القَلْبِ والأَضْعافِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَضعَاف الْجَسَدِ عِظامه، الْوَاحِدُ ضِعْفٌ،
وَيُقَالُ: أَضْعافُ الجَسد أَعْضاؤه. وَقَوْلُهُمْ: وقَّع فُلَانٌ فِي
أَضْعَافِ كِتَابِهِ؛ يُرَادُ بِهِ توقِيعُه فِي أَثناء السُّطور أَو
الْحَاشِيَةِ. وأُضْعِفَ القومُ أَي ضُوعِفَ لَهُمْ. وأَضْعَفَ
الرَّجلُ: ضَعُفَتْ دابّتُه. يُقَالُ هُوَ ضَعِيفٌ مُضْعِفٌ،
فالضَّعِيفُ فِي بَدَنِهِ، والمُضعِفُ الَّذِي دَابَّتُهُ ضَعِيفَةٌ
كَمَا يُقَالُ قَويٌّ مُقْوٍ، فَالْقَوِيُّ فِي بَدَنِهِ والمُقْوي
الَّذِي دَابَّتُهُ قَوِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ فِي غَزْوة خَيْبَر:
مَنْ كَانَ مُضْعِفاً فَلْيَرْجع
أَي مَنْ كَانَتْ دابّتُه ضَعِيفةً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: المُضْعِفُ أَميرٌ عَلَى أَصحابه
يَعْنِي فِي السَّفَرِ يُرِيدُ أَنهم يَسيرُون بِسَيْرِهِ. وَفِي
حَدِيثٍ آخَرَ:
الضَّعِيفُ أَمير الركْب.
وضَعَّفَه السَّيْرُ أَي أَضْعَفَه. والتضْعِيف: أَن تَنْسُبَه إِلَى
الضَّعْفِ: والمُضاعَفةُ: الدِّرْع الَّتِي ضُوعِفَ حَلَقُها ونُسِجَتْ
حَلْقَتَيْن حلقتين.
ضغف: الضَّغِيفةُ: الرَّوضةُ الناضِرةُ مِنْ بَقْل وعُشب؛ عَنْ
كُرَاعٍ، وَقَالَ: بِفَاءٍ بَعْدَ غَيْنٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَالْمَعْرُوفُ عَنْ يَعْقُوبَ ضَفِيفة، والله أَعلم.
ضفف: الضَّفُّ: الحَلَبُ بالكفِّ كلِّها وَذَلِكَ لِضِخَم الضَّرْع؛
وأَنشد:
بَضَفِّ القَوادِمِ ذاتِ الفُضُولِ، ... لَا بالبِكاء الكِماشِ
اهْتِصارا
وَيُرْوَى امْتِصاراً، بِالْمِيمِ، وَهِيَ قليلةُ اللبَنِ؛ وَقِيلَ:
الضَّفُّ جَمْعُك خِلْفَيْها بِيَدِكَ إِذَا حَلَبْتَها؛ وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَقْبِضَ بأَصابعِه كُلِّهَا عَلَى
الضَّرْع. وَقَدْ ضَفَفْتُ الناقةَ أَضُفُّها، وَنَاقَةٌ ضَفُوفٌ،
وَشَاةٌ ضَفُوف: كَثِيرَتَا اللَّبَنِ بَيِّنَتا الضِّفَافِ. وَعَيْنٌ
ضَفُوفٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ وأَنشد:
حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ ضَفُوفِ
(9/206)
وَقَالَ الطِّرمّاح:
وتَجُودُ مِنْ عينٍ ضَفُوفِ ... الغَرْبِ، مُتْرَعَةِ الجَداوِلْ
التَّهْذِيبُ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ضَبَبتُ النَّاقَةَ أَضُبُّها ضَبّاً
إِذَا حَلَبْتَها بالكفِّ، قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ هَذَا هُوَ
الضَّفُّ، بِالْفَاءِ، فأَما الضَّبُّ فأَنْ تَجْعَلَ إبهامَك عَلَى
الخِلْفِ ثُمَّ تَرُدَّ أَصابِعَك عَلَى الإِبهامِ والخِلْفِ جَمِيعًا،
وَيُقَالُ مِنَ الضَّفِّ: ضَفَفْتُ أَضُفُّ. الْجَوْهَرِيُّ: ضَفَّ
الناقةَ لُغَةٌ فِي ضَبّها إِذَا حَلبَها بِالْكَفِّ كُلِّهَا. أَبو
عَمْرٍو: شَاةٌ ضَفَّةُ الشَّخْبِ أَي وَاسِعَةُ الشخْب «2» . وضَفَّةُ
الْبَحْرِ: ساحِلُه. والضِّفَّةُ، بِالْكَسْرِ: جَانِبُ النَّهْرِ
الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ النَّبائتُ. والضَّفَّةُ: كالضِّفَّةِ،
وَالْجَمْعُ ضِفافٌ؛ قَالَ:
يَقْذِفُ بالخُشْبِ عَلَى الضِّفافِ
وضَفَّةُ الْوَادِي وضِيفُه: جَانِبُهُ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ:
الصَّوَابُ ضِفَّة، بِالْكَسْرِ، وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّوَابُ
ضَفَّة، بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ فِيهِ. وضَفّتا الوادِي:
جانِباه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّاب مَعَ الْخَوَارِجِ: فقدَّمُوه عَلَى
ضَفَّةِ النَّهْرِ فضَربوا عُنُقه.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجهه: فيَقِف ضَفَّتَيْ جُفُونِه
أَي جَانِبَيْهَا؛ الضفَّةُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: جانِبُ
النَّهْرِ فَاسْتَعَارَهُ للجَفْن. وضَفَّتا الحَيْزُومِ: جَانِبَاهُ؛
عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزومه «3»
وضَفَّةُ الْمَاءِ: دُفْعَتُه الأُولى. وضَفَّةُ النَّاسِ: جماعَتهم.
والضَّفَّةُ والجَفَّةُ: جماعةُ القومِ. قَالَ الأَصمعي: دَخَلْتُ فِي
ضَفَّةِ الْقَوْمِ أَي فِي جماعَتهم. وَقَالَ اللَّيْثُ: دَخَلَ
فُلَانٌ فِي ضَفَّةِ الْقَوْمِ وضَفْضَفَتِهم أَي فِي جماعَتهم.
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ لَفِيفِنا وضَفِيفنا أَي
مِمَّنْ نَلُفُّه بِنَا ونَضُفُّه إِلَيْنَا إِذَا حَزَبَتْنا
الأُمُور. أَبو زَيْدٍ: قَوْمٌ مُتضافُّون خَفيفةٌ أَموالُهم. وَقَالَ
أَبو مَالِكٍ: قَوْمٌ مُتَضَافُّون أَي مُجْتَمِعُون؛ وأَنشد:
فَراحَ يَحْدُوها عَلَى أَكْسائها، ... يَضُفُّها ضَفّاً عَلَى
انْدِرائها
أَي يَجْمَعُها؛ وَقَالَ غَيْلَانُ:
مَا زِلْتُ بالعُنْفِ وفوقَ العُنْفِ، ... حَتَّى اشْفَتَرَّ الناسُ
بَعْدَ الضَّفِ
أَي تفرَّقوا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ. والضَّفَفُ: ازْدِحام النَّاسِ عَلَى
الْمَاءِ. والضَّفَّةُ: الفَعْلةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ. وتَضَافُّوا
عَلَى الْمَاءِ إِذَا كَثُرُوا عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: تَضَافُّوا
عَلَى الْمَاءِ تَضَافُواً «4» ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُمْ لَمُتَضَافُّون عَلَى الْمَاءِ أَي
مُجْتَمِعُون مُزْدَحِمُون عَلَيْهِ. وَمَاءٌ مَضْفُوفٌ: كَثِيرٌ
عَلَيْهِ الناسُ مِثْلُ مَشْفُوهٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَاؤُنَا
الْيَوْمَ مَضْفُوف كَثِيرُ الغاشِيةِ مِنَ الناسِ وَالْمَاشِيَةِ؛
قَالَ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَضْفُوفِ ... إِلَّا مُدارةُ الغُروبِ
الجُوفِ
قَالَ: المُدار المُسَوَّى إِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ اجْتَحَفَ
ماءَها. وَفُلَانٌ مَضْفُوف مِثْلُ مثْمود إِذَا نفِد مَا عِنْدَهُ؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
رَوَى أَبو عَمْرٍو الشَّيباني هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ المَظْفُوف
بِالظَّاءِ، وَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ وَرَدْتُ ماء
__________
(2) . قوله [الشخب] بالفتح ويضم كما في القاموس.
(3) . قوله [يدعه] كذا ضبط الأصل، وعليه فهو من دع بمعنى دفع لا من ودع
بمعنى ترك.
(4) . قوله [تَضَافُّوا عَلَى الْمَاءِ تَضَافُوًا] كذا بالأصل.
(9/207)
مَظْفُوفاً أَي مَشْغُولًا؛ وأَنشد
الْبَيْتَيْنِ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَظْفُوفِ
وَذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ بِالضَّادِ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ
اللَّيْثُ، وَفُلَانٌ مَضْفُوفٌ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مَضْفُوفٌ، بِغَيْرِ عَلَى. شِمْرٌ: الضَّفَفُ
مَا دُونَ مِلْء المِكْيالِ ودونَ كُلِّ مَمْلُوء، وَهُوَ الأَكل دُونَ
الشِّبَعِ. ابْنُ سِيدَهْ: الضَّفَفُ قِلَّةُ المأْكول وَكَثْرَةُ
الأَكَلة. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الضَّفَفُ أَن تَكُونَ الْعِيَالُ أَكثر
مِنَ الزَّادِ، والحَفَفُ أَن تَكُونَ بِمقْدارِه، وَقِيلَ: الضَّفَفُ
الغاشِيةُ والعِيالُ، وَقِيلَ الحشَم؛ كِلَاهُمَا عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. والضَّفَفُ: كَثْرَةُ الْعِيَالِ؛ قَالَ بُشَيْرُ
بْنُ النِّكث:
قدِ احْتَذى مِنَ الدِّمَاءِ وانْتَعَلْ، ... وكبَّرَ اللَّهَ وسمَّى
ونَزَلْ
بِمَنْزِلٍ يَنْزِلُه بَنُو عَمَلْ، ... لَا ضَفَفٌ يَشْغَلُه وَلَا
ثَقَلْ
أَي لَا يَشْغَلُه عَنْ نُسُكِه وحَجِّه عِيال وَلَا مَتاعٌ. وأَصابهم
مِنَ العَيْشِ ضَفَفٌ أَي شدَّة.
وَرَوَى مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: مَا
شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من خُبْز
وَلَحْمٍ إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ
؛ قَالَ مَالِكٌ: فسأَلت بَدَوّياً عَنْهَا، فَقَالَ: تَناوُلًا مَعَ
النَّاسِ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الضَّفَفُ كَثْرَةُ الأَيْدي عَلَى
الطَّعَامِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الضَّفَف الضِّيق وَالشِّدَّةُ،
وَابْنُ الأَعرابي مِثْلُهُ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ،
وَقِيلَ: يَعْنِي اجْتِمَاعَ النَّاسِ أَي لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا
وَلَحْمًا وَحْدَهُ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ
يَشْبَعْ إِلَّا بِضِيقٍ وَشِدَّةٍ، تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ ضَفُّ
الْحَالِ، وَقَالَ الأَصمعي: أَن يَكُونَ الْمَالُ قَلِيلًا وَمَنْ
يأْكله كَثِيرًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: شَظَف، وَهُوَ الضِّيقُ
وَالشِّدَّةُ أَيضاً، يَقُولُ: لَمْ يَشْبَعْ إِلَّا بضيقٍ وقِلَّةٍ؛
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الضَّفَفُ أَن تَكُونَ
الأَكَلةُ أَكثر مِنْ مِقْدار الْمَالِ، والحَفَفُ أَن تَكُونَ الأَكلة
بِمِقْدَارِ الْمَالِ،
وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَكل
كَانَ مَنْ يأْكل مَعَهُ أَكثر عَدَدًا مِنْ قَدْرِ مَبْلَغِ المأْكول
وكَفافِه.
ابْنُ الأَعرابي: الضَّفَفُ القِلةُ، والحَفَفُ الحاجةُ. ابْنُ
العُقَيلي: وُلِدَ للإِنسان عَلَى حَفَفٍ أَي عَلَى حاجةٍ إِلَيْهِ،
وَقَالَ: الضَّفَفُ والحَفَفُ وَاحِدٌ. الأَصمعي: أَصابهم مِنَ العَيش
ضَفَفٌ وحَفَفٌ وشَظَفٌ كُلُّ هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ. وَمَا
رُؤيَ عَلَيْهِ ضَفَفٌ وَلَا حَفَفٌ أَي أَثَر حاجةٍ. وَقَالَتِ امرأَة
مِنَ الْعَرَبِ: تُوُفي أَبو صِبْيَانِي فَمَا رُؤيَ عَلَيْهِمْ حَفَفٌ
وَلَا ضَفَفٌ أَي لَمْ يُر عَلَيْهِمْ حُفُوفٌ وَلَا ضِيقٌ.
الْفَرَّاءُ: الضَّفَفُ الحاجةُ. سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ ضَفِفُ الْحَالِ
وَقَوْمٌ ضَفِفُو الْحَالِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الإِدْغام وَلَكِنَّهُ
جَاءَ عَلَى الأَصل. والضَّفَفُ: العَجَلَةُ فِي الأَمر؛ قَالَ:
وَلَيْسَ فِي رَأْيه وَهْنٌ وَلَا ضَفَفُ
وَيُقَالُ: لقِيتُه عَلَى ضَفَفٍ أَي عَلَى عَجَلٍ مِنَ الأَمر.
والضُّفُّ، وَالْجَمْعُ الضِّفَفَةُ: هُنَيَّة تُشْبِهُ القُراد إِذَا
لَسَعَتْ شَريَ الجِلْدُ بَعْدَ لَسْعَتِها، وَهِيَ رَمْداء في لونها
غَبْراء.
ضوف: ضَافَ عَنِ الشَّيْءِ ضَوْفاً: عَدَل كصافَ صَوْفاً؛ عَنْ
كُرَاعٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
ضيف: ضِفْتُ الرَّجُلَ ضَيْفاً وضِيَافَةً وتَضَيَّفْتُه: نزلتُ بِهِ
ضَيْفاً ومِلْتُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: نَزَلْتُ بِهِ
(9/208)
وصِرْت لَهُ ضَيفاً. وضِفْتُه
وتَضَيَّفْتُه: طَلَبْتُ مِنْهُ الضِّيافةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْفَرَزْدَقِ:
وجَدْت الثَّرى فِينَا إِذَا التُمِسَ الثَّرى، ... ومَنْ هُوَ يَرْجُو
فَضْلَه المُتَضَيِّفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهِد ضِفْتُ الرَّجُلَ قولُ الْقَطَامِيِّ:
تَحَيَّزُ عَني خَشْيَةً أَن أَضِيفَها، ... كَمَا انْحازَتِ الأَفْعى
مَخافةَ ضارِب
وَقَدْ فُسِّرَ فِي تَرْجَمَةِ حَيَزَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ضَافَها ضَيْفٌ فأَمَرَتْ لَهُ
بمِلْحَفَةٍ صَفْرَاءَ
؛ هُوَ مِنْ ضِفْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَزَلْتَ بِهِ فِي ضِيافَتهِ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
النَّهْديِّ: تَضَيَّفْتُ أَبا هُرَيْرَةَ سَبْعاً.
وأَضَفْتَه وضَيَّفْتَه: أَنْزَلْتَه عَلَيْكَ ضَيْفاً وأَمَلْتَه
إِلَيْكَ وقَرَّبْتَه، وَلِذَلِكَ قِيلَ: هُوَ مُضافٌ إِلَى كَذَا أَي
مُمالٌ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَضافَ فُلَانٌ فُلَانًا فَهُوَ يُضيفُه
إِضَافَةً إِذَا أَلجأَه إِلَى ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لأَسماء بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيِّ يَصِفُ
الذِّئْبَ:
ورأَيتُ حَقّاً أَن أُضَيِّفَه، ... إذْ رامَ سِلْمِي واتَّقى حَرْبي
اسْتَعَارَ لَهُ التضييفَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنه أَمَّنَه
وَسَالَمَهُ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ سَلَمَة الْكُوفِيَّ
يَقُولُ: ضَيَّفْتُه إِذَا أَطْعَمْتَه، قَالَ: والتَّضْيِيفُ
الإِطعام، قَالَ: وأَضَافَه إِذَا لَمْ يُطْعِمْه،
وَقَالَ رَجَاءٌ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَبَوْا أَنْ
يُضَيِّفُوهُما
: يُطْعِمُوهما.
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَضَافَه وضَيَّفَه عِنْدَنَا بِمَعْنًى
وَاحِدٍ كَقَوْلِكَ أَكْرَمَه اللَّهُ وكرَّمه، وأَضَفْته وضَيَّفْتُه.
قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
، سأَلاهم الإِضافةَ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَلَوْ قُرِئت أَن يُضِيفُوهما
كَانَ صَوَابًا. وتَضَيَّفْتُه: سأَلته أَن يُضِيفَني، وأَتيتُه
ضَيْفاً؛ قَالَ الأَعشى:
تَضَيَّفْتُه يَوْماً، فأَكْرَمَ مَقْعَدي، ... وأَصْفَدَني عَلَى
الزَّمانةِ قَائِدَا
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَمِنَّا خَطِيبٌ لَا يُعابُ، وقائلٌ ... ومَنْ هُوَ يَرْجو فَضْلَه
المُتَضَيِّفُ
وَيُقَالُ: ضَيَّفْتُه أَنزلته مَنْزِلَةَ الأَضياف. والضَّيْفُ:
المُضَيَّفُ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ كعدلٍ وخَصْمٍ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ
، وَفِيهِ: هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ
؛ عَلَى أَن ضَيْفاً قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاهُنَا جَمْعَ ضَائِف
الَّذِي هُوَ النَّازِلُ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ زَوْرٍ وصَوْمٍ،
فَافْهَمْ، وَقَدْ يكسَّر فَيُقَالُ أَضْيافٌ وضُيُوفٌ وضِيفَانٌ؛
قَالَ:
إِذَا نَزَلَ الأَضْيافُ، كَانَ عَذَوَّراً ... عَلَى الحَيِّ حَتَّى
تَسْتَقِلَّ مَراجِلُهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأَضْيَافُ هُنَا بِلَفْظِ القِلَّة
وَمَعْنَاهَا أَيضاً، وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ:
وأَسْيافُنا مِنْ نَجْدَةٍ تَقْطُرُ الدَّمَا
فِي أَنْ الْمُرَادَ بِهَا مَعْنَى الْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ أَمْدَحُ
لأَنه إِذَا قَرَى الأَضْيافَ بمراجِلِ الْحَيِّ أَجمعَ، فَمَا ظنُّك
لَوْ نَزَلَ بِهِ الضيِّفانُ الْكَثِيرُونَ؟ التَّهْذِيبِ: قَوْلُهُ
هؤُلاءِ ضَيْفِي
أَي أَضيافي، تَقُولُ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي وأَضْيافي وضُيُوفِي وضِيَافي،
والأُنثى ضَيْفٌ وضَيْفَةٌ، بِالْهَاءِ؛ قَالَ البَعيث:
(9/209)
لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه، وَهِيَ ضَيْفَةٌ،
... فجاءَت بِيَتْنٍ للضِّيَافَة أَرْشَما
وحرَّفه أَبو عبيدة فَعَزَاهُ إِلَى جَرِيرٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ:
أَراد بالضَّيْفَة فِي الْبَيْتِ أَنها حملتْه وَهِيَ حَائِضٌ.
يُقَالُ: ضَافَتِ المرأةُ إِذَا حَاضَتْ لأَنها مَالَتْ مِنَ الطُّهر
إِلَى الحَيض، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَهِيَ ضَيْفَة أَي ضَافَتْ
قَوْمًا فحبِلت فِي غَيْرِ دَارِ أَهلها. واسْتَضَافَه: طَلَبَ
إِلَيْهِ الضِّيافة؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
يَطِيرُ إِذَا الشَّعْراء ضَافَتْ بِحَلْبِه، ... كَمَا طارَ قِدْحُ
المُسْتَضِيفِ المُوَشَّمُ
وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَراد أَن يَسْتَضِيف دَارَ بِقدْحٍ مُوَشَّم
ليُعْلم أَنه مُسْتَضِيف. والضَّيْفَن: الَّذِي يَتْبَعُ الضَّيْفَ،
مُشْتَقٌّ مِنْهُ عِنْدَ غَيْرِ سِيبَوَيْهِ، وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ
مِنْ ضَفَنَ وسيأْتي ذِكْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّيْفَن الَّذِي
يَجِيءُ مَعَ الضَّيْفِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فَعْلَن
وَلَيْسَ بفَيْعَلٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا جَاءَ ضَيْفٌ، جَاءَ للضَّيْفِ ضَيْفَنٌ، ... فأَوْدَى بِمَا
تُقْرى الضُّيُوفُ الضَّيافِنُ
وضَافَ إِلَيْهِ: مَالَ ودَنا، وَكَذَلِكَ أَضَافَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ
بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ سَحَابًا:
حَتَّى أَضافَ إِلَى وادٍ ضَفادِعُه ... غَرْقَى رُدافَى، تَرَاهَا
تَشْتَكي النَّشَجا
وضَافَنِي الهمُّ كَذَلِكَ. والمُضَاف: المُلْصَق بِالْقَوْمِ المُمال
إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. وكلُّ مَا أُمِيلَ إِلَى شَيْءٍ
وأُسْنِد إِلَيْهِ، فَقَدْ أُضِيفَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمَّا دخَلْناه، أَضَفْنَا ظُهورَنا ... إِلَى كلِّ حارِيٍّ قَشِيبٍ
مُشَطَّبِ
أَي أَسْنَدْنا ظُهورَنا إِلَيْهِ وأَملْناها؛ وَمِنْهُ قِيلَ للدّعيِّ
مُضَاف لأَنه مُسْنَدٌ إِلَى قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
مُضِيفٌ ظهرَه إِلَى القُبَّة
أَي مُسْنِدُه. يُقَالُ: أَضَفْتُه إِلَيْهِ أُضِيفُه. والمُضَاف:
المُلْزَق بِالْقَوْمِ. وضَافَه الهمُّ أَي نزَلَ بِهِ؛ قَالَ
الرَّاعِي:
أَخُلَيْدُ، إنَّ أَباك ضَافَ وِسادَهُ ... هَمَّانِ، بَاتَا جَنْبَةً
ودَخِيلا
أَي بَاتَ أَحدُ الهَمَّيْنِ جَنْبَه، وباتَ الآخرُ داخِلَ جَوْفِه.
وإضَافَةُ الِاسْمِ إِلَى الِاسْمِ كَقَوْلِكَ غُلَامُ زَيْدٍ،
فَالْغُلَامُ مُضَاف وَزَيْدٌ مُضَاف إِلَيْهِ، والغَرَض بالإِضَافَة
التَّخْصِيصُ وَالتَّعْرِيفُ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَن يُضافَ
الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ لأَنه لَا يُعَرِّفُ نَفْسَهُ، فَلَوْ
عرَّفها لَمَا احْتِيجَ إِلَى الإِضافة. وأَضَفْتُ الشَّيْءَ إِلَى
الشَّيْءِ أَي أَمَلْتُه، وَالنَّحْوِيُّونَ يُسَمُّونَ الْبَاءَ
حَرْفَ الإِضَافَة، وَذَلِكَ أَنك إِذَا قُلْتَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ
فَقَدْ أَضَفْتَ مرورَك إِلَى زَيْدٍ بِالْبَاءِ. وضَافَت الشَّمْسُ
تَضِيفُ وضَيَّفَتْ وتَضَيَّفَتْ: دَنَتْ لِلْغُرُوبِ وقرُبت. وَفِي
الْحَدِيثِ:
نَهى رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ
الصَّلَاةِ إِذَا تَضَيَّفَتِ الشمسُ لغروب
؛ تَضَيَّفَتْ: مَالَتْ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الضَّيْفُ ضَيْفاً مِنْ
ضَافَ عَنْهُ يَضِيف؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَنهانا أَن نُصَلِّي فِيهَا: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ
حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا تضَيَّفت لِلْغُرُوبِ، ونصفَ النَّهَارِ.
وضَافَ السهمُ: عَدَل عَنِ الهَدَف أَو الرميَّة، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى
لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ: صافَ السَّهْمُ بِمَعْنَى ضافَ، وَالَّذِي
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ضافَ، بِالضَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: ضِفْتُ عَنْكَ يَوْمَ بَدرٍ
أَي
(9/210)
مِلْتُ عنكَ وعدَلْتُ؛ وَقَوْلُ أَبِي
ذُؤَيْبٍ:
جَوارِسُها تَأْوِي الشعُوفَ دَوائِباً، ... وتَنْصَبُّ أَلْهاباً
مَضِيفاً كِرابُها
أَراد ضَائِفاً كِرابُها أَي عادِلةً مُعْوَجَّةً فَوَضَعَ اسْمَ
الْمَفْعُولِ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. والمُضَافُ: الْوَاقِعُ بَيْنَ
الْخَيْلِ والأَبْطال وَلَيْسَتْ بِهِ قوَّة؛ وأَما قَوْلُ
الْهُذَلِيِّ:
أَنت تُجِيبُ دَعْوةَ المَضُوفِ
فَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ الْمَفْعُولَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، كَمَا
فُعل ذَلِكَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوِ قَوْلِهِ: يَخْرُجْن مِنْ
أَجْوازِ ليلٍ غاضِي وبُنِيَ المَضُوف عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ فِي
بِيع بُوعَ. والمُضَاف: المُلْجَأُ المُحْرَجُ المُثْقَلُ بِالشَّرِّ؛
قَالَ البُرَيْق الْهُذَلِيُّ:
ويَحْمِي المُضافَ إِذَا مَا دَعَا، ... إِذَا مَا دَعَا اللِّمّة
الفَيْلَمُ «5»
هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بالإِطلاق مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ
غَيْرُهُ بالإِطلاق أَيْضًا مَجْرُورًا عَلَى الصِّفَةِ للِّمّة؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ إِنَّمَا
هِيَ الإِسكان عَلَى أَنه مِنَ الضَّرْبِ الرَّابِعِ مِنَ المُتَقارَب
لأَنك إِنْ أَطلقتها فَهِيَ مُقْواة، كَانَتْ مَرْفُوعَةً أَو
مَجْرُورَةً؛ أَلا تَرَى أَن فِيهَا:
بَعَثْتُ إِذَا طَلَعَ المِرْزَمُ
وَفِيهَا:
والعَبدَ ذَا الخُلُق الأَفْقَمَا
وَفِيهَا:
وأَقضي بِصَاحِبِهَا مَغْرَمِي
فَإِذَا سَكَّنْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَقُلْتَ المِرْزَمْ الأَفقمْ مغرمْ،
سَلِمت القِطعةُ مِنَ الإِقواءِ فَكَانَ الضرْب فلْ، فَلَمْ يَخْرُجْ
مِنْ حُكْمِ المتقارَب. وأَضَفْتُه إِلَى كَذَا أَي أَلجأْته؛ وَمِنْهُ
المُضَاف فِي الْحَرْبِ وَهُوَ الَّذِي أُحيط بِهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُحَنَّباً، ... كَسِيدِ الغَضَا،
نَبَّهْتَه، المُتَوَرِّدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمُسْتَضَاف أَيضاً بِمَعْنَى الْمُضَافِ؛
قَالَ جوَّاس بْنُ حَيّان الأَزْدِيّ:
وَلَقَدْ أُقْدِمُ في الرَّوْعِ، ... وأَحْمِي المُسْتَضَافَا
ثُمَّ قَدْ يحْمَدُني الضَّيْفُ، ... إِذَا ذَمَّ الضِّيَافَا
واسْتَضَافَ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ: لجأَ إِلَيْهِ؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومارَسَني الشَّيْبُ عَنْ لِمَّتي، ... فأَصبحْتُ عَنْ حقِّه
مُسْتَضِيفا
وأَضَافَ مِنَ الأَمر: أَشْفَقَ وحَذِر؛ قَالَ النَّابِغَةُ
الْجَعْدِيُّ:
أَقامتْ ثَلَاثًا بَيْنَ يومٍ وليلةٍ، ... وَكَانَ النَّكيرُ أَن
تُضِيفَ وتَجْأَرا
وَإِنَّمَا غَلَّبَ التَّأْنِيثَ لأَنه لَمْ يَذْكُرِ الأَيام.
يُقَالُ: أَقَمْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثًا بَيْنَ يومٍ وليلةٍ، غلَّبوا
التأْنيث. والمَضُوفَةُ: الأَمر يُشْفَقُ مِنْهُ ويُخافُ؛ قال أَبو
__________
(5) . قوله [إِذَا مَا دَعَا اللِّمَّةَ إلخ] هكذا في الأصل، وأنشده
الجوهري في مادة ف ل م:
إِذَا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الْفَيْلَمُ
(9/211)
جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
وكُنْتُ إِذا جَارِي دَعا لِمَضُوفةٍ، ... أُشَمِّرُ حَتَّى يَنْصُفَ
الساقَ مِئْزَري
يَعْنِي الأَمْر يُشْفِقُ مِنْهُ الرَّجُل؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ:
وَهَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: عَلَى المَضُوفَةِ،
والمَضِيفَةِ، والمُضَافَةِ؛ وَقِيلَ: ضَافَ الرَّجلُ وأَضَافَ خَافَ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: أَنَّ ابْنَ الكَوَّاء وقَيْسَ بْنَ
عَبادٍ «1» جَاآهُ فَقَالَا لَهُ: أَتَيْناكَ مُضَافَين مُثْقَلَيْنِ
؛ مُضَافَين أَي خائفَين، وَقِيلَ: مُضَافَين مُلْجَأَيْن. يُقَالُ:
أَضَافَ مِنَ الأَمر إِذَا أَشْفَق. وحَذِر مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ
إِلَى الشَّيْءِ إِذَا ضَمَّه إِلَيْهِ. يُقَالُ: أَضَافَ مِنَ الأَمر
وضَافَ إِذَا خَافَهُ وأَشْفَقَ مِنْهُ. والمَضُوفَة: الأَمر الَّذِي
يُحذَرُ مِنْهُ ويُخافُ، وَوَجْهُهُ أَن تَجْعَلَ المُضَافَ مَصْدَرًا
بِمَعْنَى الإِضَافَة كالمُكْرَم بِمَعْنَى الإِكْرام، ثُمَّ تصفَ
بِالْمَصْدَرِ، وَإِلَّا فَالْخَائِفُ مُضِيف لَا مُضاف. وَفُلَانٌ فِي
ضِيفِ فُلَانٍ أَي فِي نَاحِيَتِهِ. والضِّيفُ: جَانِبَا الْجَبَلِ
وَالْوَادِي، وَفِي التَّهْذِيبِ: الضِّيفُ جانِبُ الْوَادِي؛
وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الأَغْفالِ الضِّيفَ للذَّكر فَقَالَ:
حَتَّى إِذَا وَرَّكْت مِنْ أُتَيْرِ ... سَوَادَ ضِيفَيْهِ إِلَى
القُصَيْرِ
وتَضَايَفَ الوادب: تضايَقَ. أَبو زَيْدٍ: الضِّيفُ، بِالْكَسْرِ،
الجَنْبُ؛ قَالَ:
يَتْبَعْنَ عَوْداً يَشْتَكي الأَظَلَّا، ... إِذَا تَضَايَفْنَ
عَلَيْهِ انْسَلَّا
يَعْنِي إِذَا صِرْنَ مِنْهُ قَرِيبًا إِلَى جَنْبِه، وَالْقَافُ فِيهِ
تَصْحِيفٌ. وتَضايَفَه الْقَوْمُ إِذَا صَارُوا بِضِيفَيْه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنَّ العَدُوَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَمَنُوا فِي أَحناء الْوَادِي
ومَضايفه.
والضِّيفُ: جانِبُ الْوَادِي. وناقةٌ تُضِيفُ إِلَى صَوْتِ الْفَحْلِ
أَي إِذَا سَمِعَتْهُ أَرادت أَن تأْتيه؛ قَالَ البُرَيْقُ
الْهُذَلِيُّ:
منَ المُدَّعِينَ إِذَا نُوكِروا، ... تُضِيفُ إِلَى صَوْتِه
الغَيْلَمُ
الْغَيْلَمُ: الجاريةُ الحَسْناء تَسْتأْنِسُ إِلَى صَوْتِهِ؛
وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ:
تُنِيفُ إِلَى صَوته الْغَيْلَمُ |