لسان العرب

فصل العين المهملة
عتف: ابْنُ الأَعرابي: العُتُوفُ النَّتْفُ «2» . وَيُقَالُ: مَضَى عِتَفٌ مِنَ اللَّيْلِ وعِدْفٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي قِطْعَةٌ.
عترف: العِتْرِيف: الْخَبِيثُ الْفَاجِرُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا صَنَعَ، وَجَمْعُهُ عَتارِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ الْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ فَقَالَ: أَوَّهْ لفِراخِ مُحَمَّدٍ مِنْ خَلِيفةٍ يُسْتَخلَف عِتْرِيفٍ مُتْرَف، يَقْتُلُ خَلَفِي وخَلَفَ الخَلَف
؛ العِتْرِيفُ: الْغَاشِمُ الظَّالِمُ، وَقِيلَ: الدَّاهِي الْخَبِيثُ، وَقِيلَ: هُوَ قَلْبُ العِفريت الشَّيْطَانِ الْخَبِيثِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ خَلْفِي يُتأَوَّل عَلَى مَا كَانَ مِنَ يَزِيدَ ابن مُعَاوِيَةَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ وأَولاده، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ؛ وخَلَفُ الخَلفِ: مَا تَمَّ «3» يَوْمَ الحَرَّةِ عَلَى أَولاد الْمُهَاجِرِينَ والأَنصار.
__________
(1) . قوله [ورمدت] كذا بالأصل ولم نجده بهذا المعنى في مادة رمد. نعم في القاموس في مادة زند وما يزدنك أحد عليه وما يزندك أي ما يزيدك.
(2) . قوله [العُتُوف النتف] كذا بالأصل، والذي في القاموس: العتف.
(3) . قوله [ما تم] عبارة النهاية: ما كان منه.

(9/232)


وجَمَل عِترِيفٌ وَنَاقَةٌ عِتْرِيفَة: شَدِيدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مِنْ كُلِّ عِتْرِيفَةٍ لَمْ تَعْدُ أَنْ بَزَلَتْ ... لَمْ يَبْغِ دِرَّتَها داعٍ وَلَا رُبَعُ
الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ عِتْرِيف وعُترُوف أَي خَبِيثٌ فَاجِرٌ جَرِيءٌ ماضٍ. والعُتْرُفَانُ، بِالضَّمِّ: الدِّيكُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَدِيِّ ابن زَيْدٍ:
ثلاثةَ أَحْوال وَشَهْرًا مُحَرَّماً، ... تُضِيءُ كعَينِ العُتْرُفان المُحارب
وَيُقَالُ لِلدِّيكِ: العُتْرُفانُ والعُتْرُفُ والعُتْرُسان والعَتْرَس؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوَادَ فِي العُتْرُفَان الدِّيكِ:
وكأَنَّ أَسآدَ الجِيادِ شَقائق، ... أَو عُتْرُفانٌ قَدْ تَحَشْحَشَ للبِلى
يُرِيدُ دِيكًا قَدْ يَبِسَ وَمَاتَ. والعُتْرُفَانُ: نَبْتٌ عَريضٌ من نبات الربيع.
عجف: عَجَفَ نَفسَه عَنِ الطَّعَامِ يَعْجِفُها عَجْفاً وعُجُوفاً وعَجَّفَها: حبَسها عَنْهُ وَهُوَ لَهُ مُشْتَهٍ ليؤثِرَ بِهِ غيرَه وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْجُوعِ وَالشَّهْوَةِ، وَهُوَ التَّعْجِيف أَيْضًا؛ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكوع:
لَمْ يَغْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ... وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّعْجِيف أَن يَنْقُلَ قُوتَه إِلَى غَيْرِهِ قَبْلَ أَن يَشْبَعَ مِنَ الجُدوبة. والعُجُوفُ: تركُ الطَّعَامِ. والتَّعْجِيفُ: الأَكلُ دونَ الشِّبَعِ. والعُجُوفُ: منعُ النَّفْسِ عَنِ الْمَقَابِحِ. وعَجَفَ نفسَه عَلَى الْمَرِيضِ يَعْجِفُها عَجْفاً: صَبَّرها عَلَى تَمْريضه وأَقام عَلَى ذَلِكَ. وعَجَفْتُ نَفْسِي عَلَى أَذى الخليلِ إِذَا لَمْ تَخْذُلْه. وعَجَفَ نفسَه عَلَى فُلَانٍ، بِالْفَتْحِ، إِذَا آثَرَهُ بِالطَّعَامِ عَلَى نَفْسِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي، وَإِنْ عَيَّرتِني نُحولي، ... أَو ازْدَرَيْتِ عِظَمِي وطُولي
لأَعْجِفُ النفسَ عَلَى الخليلِ، ... أَعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّنْويلِ
أَراد أَعرض الْوِدَّ وَالتَّنْوِيلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ. وعَجَفْتُ نَفْسِي عَنْهُ عَجْفاً إِذَا احْتملتَ غيَّه وَلَمْ تُؤَاخِذْهُ. وعَجَفَ نَفْسَهُ يَعْجِفُها: حلَّمها. والتَّعْجِيف: سُوء الْغِذَاءِ والهزالُ. والعَجَفُ: ذَهَابُ السِّمَنِ والهُزالُ، وَقَدْ عَجِفَ، بِالْكَسْرِ، وعَجُفَ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ أَعْجَفُ وعَجِفٌ، والأُنثى عَجْفَاء وعَجِفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا عِجَافٌ حَمَلُوهُ عَلَى لَفْظِ سِمانٍ، وَقِيلَ: هُوَ كَمَا قَالُوا أَبْطُحُ وبِطاح وأَجرب وجِراب وَلَا نَظِيرَ لعَجْفَاء وعِجَاف إِلَّا قولُهم حَسْناء وحِسان؛ كَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَنهم قَدْ كسَّروا بطْحاء عَلَى بِطاحٍ وبَرْقاء عَلَى بِراقٍ. ومُنْعَجِفٌ كعَجِفٍ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
صِفْرُ المَباءة ذُو هِرْسَينِ مُنْعَجِفٌ، ... إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، قلتَ: قَدْ فَرَجا «1»
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَفعل وفَعْلاء جَمْعًا عَلَى فِعالٍ غَيْرَ أَعْجَفَ وعَجْفَاء، وَهِيَ شَاذَّةٌ، حَمَلُوهَا عَلَى لَفْظِ سِمان فَقَالُوا سِمان وعِجَاف، وَجَاءَ
__________
(1) . قوله [ذو] هو في الأصل هنا بالواو وفي مادتي فرج وهرس: بالياء.

(9/233)


أَفْعلُ وفَعْلاء عَلَى فَعُل يَفْعُل فِي أَحرف مَعْدُودَةٍ مِنْهَا: عَجُفَ يَعْجُفُ، فَهُوَ أَعْجَفُ، وأَدُم يأْدُمُ، فَهُوَ آدمُ، وسَمُرَ يَسْمُر، فَهُوَ أَسمرُ، وحَمُق يَحْمُق، فَهُوَ أَحْمَقُ، وخَرُق يَخْرُق، فَهُوَ أَخرق. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَجُفَ وعَجِفَ وحَمُق وحَمِقَ ورَعُن ورَعِن وخَرُق وخَرِق. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ أَعْجَف وعَجْفَاء مِنَ الهُزال عِجَاف، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَن أَفعلَ وفَعْلاء لَا يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ وَلَكِنَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى سِمانٍ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَبْنِي الشَّيْءَ عَلَى ضِدِّهِ كَمَا قَالُوا عَدُوّةٌ بِنَاءً عَلَى صَدِيقَةٍ، وَفَعُولٌ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ؛ قَالَ مِرْداسُ بْنُ أَذَنَةَ:
وإنْ يَعْرَيْنَ إنْ كُسِيَ الجَواري، ... فَتَنْبُو العَيْنُ عَنْ كَرَمٍ عِجَافِ
وأَعْجَفَه أَي هَزَله. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ*
؛ هِيَ الهَزْلَى الَّتِي لَا لَحْمَ عَلَيْهَا وَلَا شَحْمَ ضُرِبت مَثَلًا لِسَبْعِ سِنين لَا قَطْر فِيهَا وَلَا خِصْبَ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَد: يَسُوق أَعْنُزاً عِجَافاً
؛ جَمْعُ عَجْفَاء، وَهِيَ المَهْزولةُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى إِذَا أَعْجَفَها ردَّها فِيهِ
أَي أهْزَلها. وَسَيْفٌ مَعْجُوف إِذَا كَانَ دَاثِرًا لَمْ يُصْقَلْ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وكأَنَّ مَوْضِعَ رَحْلِها مِنْ صُلْبِها ... سَيْفٌ، تَقَادَمَ عَهْدُه، مَعْجُوفُ
ونَصْلٌ أَعْجَفُ أَي رقِيق. والتَّعَجُّفُ: الجهْد وشِدَّة الْحَالِ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِد:
إِذَا مَا ظَعَنَّا، فانْزِلوا فِي دِيارِنا، ... بَقِيَّةَ مَنْ أَبقَى التَّعَجُّفُ مِنْ رُهْمِ
وَرُبَّمَا سَمَّوا الأَرض المُجْدبةَ [عِجَافاً] ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
لَقِحَ العِجَافُ لَهُ لِسابعِ سَبْعةٍ، ... فَشَرِبْن بَعْد تَحلِّئٍ فَرَوِينا
هَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ وَالصَّوَابُ بَعْدَ تَحَلُّؤٍ؛ يُقَالُ: أَنْبَتَتْ هَذِهِ الأَرضون المُجدبة لِسَبْعَةِ أَيام بَعْدَ الْمَطَرِ. والعَجَفُ: غِلظُ العِظام وعَراؤُها مِنَ اللَّحْمِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَشدّ الرِّجَالِ الأَعْجَفُ الضخْم. ووجهٌ عَجِفٌ وأَعْجَفُ: كالظمْآن. ولثةٌ عَجْفَاء: ظَمْأَى؛ قَالَ:
تَنْكَلُّ عن أَظْمى اللِّثاتِ صافِ، ... أَبْيَضَ ذِي مَناصِبٍ عِجَافِ
وأَعْجَفَ القومُ: حبَسُوا أَموالهم مِنْ شِدّة وتَضْييق. وأَرض عَجْفَاء: مَهزولة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّائِدِ: وجدْت أَرضاً عَجْفَاء وَشَجَرًا أَعْشَمَ أَي قَدْ شارَفَ اليُبْس والبُيود. والعُجَافُ: التمْر. وَبَنُو العُجَيْفِ: بَطْن من العرب.
عجرف: العَجْرَفَةُ والعَجْرَفِيَّة: الجَفْوة فِي الْكَلَامِ، والخُرْق فِي العمَل، وَالسُّرْعَةُ فِي الْمَشْيِ، وَقِيلَ: العَجْرَفِيَّة أَن تأْخذ الإِبل فِي السَّيْرِ بخُرق إِذَا كلَّت؛ قَالَ أُميَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ:
وَمِنْ سَيْرها العَنَق المُسْبَطِرّ ... والعَجْرَفِيَّة بَعْد الكَلال
الأَزهري: العَجْرَفِيَّةُ الَّتِي لَا تَقصِد فِي سَيرها مِنْ نَشاطها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعَجْرَفِيَّةُ ضَبّةَ أَراها تقعُّرَهم فِي الْكَلَامِ. وَجَمَلٌ عَجْرَفِي: لَا يَقصد فِي مَشيْه مِنْ نَشاطه، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَقَدْ عَجْرَفَ

(9/234)


وتَعَجْرَف. الأَزهري: يَكُونُ الْجَمَلُ عَجْرَفِيَّ الْمَشْيِ لِسُرْعَتِهِ. وَرَجُلٌ فِيهِ عَجَرَفِيَّة وَبَعِيرٌ ذُو عَجَارِيفَ. الْجَوْهَرِيُّ: جَمَلٌ فِيهِ تَعَجْرُفُ وعَجْرَفَةُ وعَجْرَفِيَّة كأَنّ فِيهِ خُرْقاً وقِلّة مُبالاة لِسُرْعَتِهِ. الأَزهري: العَجْرَفِيَّة مِنْ سَيْرِ الإِبل اعْتِراضٌ فِي نَشاط، وأَنشد بَيْتَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ. والعَجْرَفَةُ: ركُوبكَ الأَمْرَ لَا تُرَوِّي فِيهِ، وَقَدْ تَعَجْرَفَه. وَفُلَانٌ يَتَعَجْرَفُ عَلَى فُلَانٍ إِذَا كَانَ يَرْكَبُهُ بِمَا يَكْرَهُ وَلَا يَهابُ شَيْئًا. وعَجَارِفُ الدَّهْرِ وعَجَارِيفُه: حَوادِثُه، وَاحِدُهَا عُجْرُوف؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمْ تُنْسِني أُمَّ عَمَّارٍ نَوًى قَذَفٌ، ... وَلَا عَجَارِيفُ دَهْرٍ لَا تُعَرِّيني
وتَعَجْرَفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا إِذَا تكبَّر؛ وَرَجُلٌ فِيهِ تَعَجْرُفٌ. والعُجْرُوف: دويبَّةٌ ذَاتُ قَوَائِمَ طِوالٍ، وَقِيلَ: هِيَ النَّمْلُ ذُو الْقَوَائِمِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَعظم مِنَ النَّمْلَةِ. الأَزهري: يُقَالُ أَيضاً لِهَذَا النَّمْلِ الَّذِي رفعَته عَنِ الأَرض قوائمه عُجْرُوف.
عدف: العَدْفُ: الأَكل. عَدَفَ يَعْدِفُ عدْفاً: أَكل. والعَدُوفُ: الذَّواقُ أَعني مَا يُذاق؛ قَالَ:
وحَيْفٌ بالقَنِيِّ فهُنَّ خُوصٌ، ... وقِلَّةُ مَا يَذُقْن مِنَ العَدُوفِ
عَدُوفٍ مِنْ قَضامٍ غَيْرِ لَوْنٍ، ... رَجِيعِ الفَرْتِ أَو لَوْكِ الصَّريفِ
أَراد غَيْرَ ذِي لَوْنٍ أَي غَيْرَ متلَوّن. ورَجِيع الْفَرْثِ: بَدَلٌ مِنْ قَضام بدَل بَيَانٍ، ولَوْك: فِي مَعْنَى مَلُوك، وَمَا ذاقَ عَدْفاً وَلَا عَدُوفاً وَلَا عُدَافاً أَي شَيْئًا، وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ. وَلَا عَلُوساً وَلَا أَلُوساً؛ قَالَ أَبو حَسَّانَ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ مَا ذُقْت عَدُوفاً وَلَا عَدُوفَة؛ قَالَ: وَكُنْتُ عِنْدَ يزيدَ بْنِ مِزْيد الشيْباني فأَنشدته بَيْتَ قَيْس بْنِ زُهَيْرٍ:
ومُجَنَّباتٍ مَا يَذُقْن عَدُوفَةً، ... يَقْذِفْن بالمُهَراتِ والأَمْهارِ
بِالدَّالِ، فَقَالَ لِي يَزِيدُ: صَحَّفت أَبا عَمْرٍو، إِنَّمَا هِيَ عَذُوفة بِالذَّالِ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ لَمْ أُصحف أَنا وَلَا أَنت، تَقُولُ رَبيعة هَذَا الْحَرْفُ بِالذَّالِ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ بِالدَّالِ، وَهَذَا الْبَيْتُ فِي التَّهْذِيبِ مَنْسُوبٌ إِلَى قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ كَمَا أَوردته، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه وَنَسَبُهُ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ. والعَدْفُ: نَوْلٌ قَلِيلٌ مِنْ إِصَابَةٍ. والعَدْفُ: الْيَسِيرُ مِنَ العلَف. وَبَاتَتِ الدابّةُ عَلَى غَيْرِ عَدُوف أَي عَلَى غَيْرِ علَف؛ هَذِهِ لُغَةُ مُضر. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا ذُقْت عَدُوفاً
أَي ذَواقاً. وَمَا عَدَفْنا عِنْدَهُمْ عَدُوفاً أَي مَا أَكلنا. والعِدْفَةُ والعِدَفَةُ: كالصَّنِفة مِنَ الثَّوْبِ. واعتَدَفَ الثوبَ: أَخذ مِنْهُ عِدَفَةً. واعْتَدَفَ العِدْفَة: أَخذها. وَمَا عَلَيْهِ عِدْفةٌ أَي خِرْقة، لُغَةٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا. وعِدْفُ كُلِّ شَيْءٍ وعِدْفَتُه: أَصله الذاهبُ فِي الأَرض؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
حَمّال أَثقالِ دِياتِ الثَّأَى، ... عَنْ عِدَفِ الأَصْلِ وكُرّامِها
وَفِي التَّهْذِيبِ: عِدْفَةُ كُلِّ شَجَرَةٍ أَصلُها، وَجَمْعُهَا عِدَفٌ. قَالَ: وَيُقَالُ بَلْ هُوَ عَنْ عَدَفِ الأَصل اشتِقاقه مِنَ العَدْفَة أَي يَلُمُّ مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدَفُ والعائرُ والغِضابُ [الغُضابُ] قَذى العينِ.

(9/235)


والعِدْفَةُ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْخَمْسِينَ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: العِدْفَةُ مِنَ الرِّجَالِ مَا بَيْنَ العَشرة إِلَى الْخَمْسِينَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَاهُ كُرَاعٌ فِي الْمَاشِيَةِ وَلَا أَحقُّها. والعِدْفَة: التجمُّع، وَالْجَمْعُ عِدْفٌ، بِالْكَسْرِ، وعِدَفٌ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن الْمَعْنِيَّ هَاهُنَا بِالتَّجَمُّعِ الْجَمَاعَةُ لأَن التجمِيع عرَض، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا فِي الْجَوَاهِرِ الْمَخْلُوقَةِ كسِدْرة وسِدَر، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْمَصْنُوعِ، وَهُوَ قَلِيلٌ. والعِدْف: القِطْعة مِنَ اللَّيْلِ. يُقَالُ: مَرَّ عِدْفٌ مِنَ اللَّيْلِ وعِتْفٌ أَي قِطْعَةٌ. والعَدَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: القَذى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ حِماراً وأُتُنَه:
أَوْرَدَها أَمِيرُها مَعَ السَّدَفْ، ... أَزْرَقَ كالمِرآة طَحَّارَ العَدَفْ
أَي يَطْحَر القَذى ويَدْفَعُه. وَيُقَالُ: عَدَفَ لَهُ عِدْفَةً مِنْ مَالٍ أَي قطَع لَهُ قِطْعة مِنْهُ، وأَعطاه عدْفةً مِنْ مَالٍ أَي قِطعة.
عذف: عَذفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَعْذِفُ عذْفاً: أَصاب مِنْهُ شَيْئًا. والعَذُوفُ والعُذَافُ: مَا أَصَابَهُ. وعَذَفَ نفسَه: كعَزَفها. وَسُمٌّ عُذَاف: مَقْلُوبٌ عَنْ ذُعاف؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَاللِّحْيَانِيُّ. والعُذُوف: السُّكُوتُ. والعُذُوف: المَراراتُ. والعَذْفُ: الأَكل، وَقَدْ عَذَفَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ هَذِهِ لُغَةُ رَبِيعَةَ. يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَذْفاً وَلَا عَذُوفاً وَلَا عُذافاً أَي شَيْئًا، وَكَذَلِكَ يُقَالُ وَلَا عَدُوفاً، بِالدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَبَاتَتِ الدابةُ عَلَى غير عَذُوف.
عرف: العِرفَانُ: الْعَلَمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لَا يَليق بِهَذَا الْمَكَانِ، عَرَفَه يَعْرِفُه عِرْفَة وعِرْفَاناً وعِرِفَّاناً ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحاباً:
مَرَتْه النُّعامَى، فَلَمْ يَعْتَرِفْ ... خِلافَ النُّعامَى مِنَ الشامِ رِيحا
وَرَجُلٌ عَرُوفٌ وعَرُوفَة: عَارِفٌ يَعْرِفُ الأُمور وَلَا يُنكِر أَحداً رَآهُ مَرَّةَ، وَالْهَاءُ فِي عَرُوفَة لِلْمُبَالَغَةِ. والعَرِيف والعارِفُ بِمَعْنًى مِثْلُ عَلِيم وَعَالِمٍ؛ قَالَ طَرِيف بْنِ مَالِكٍ العَنْبري، وَقِيلَ طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ، ... بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عَارِفَهم؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَقَوْلِهِمْ ضَرِيبُ قِداح، وَالْجَمْعُ عُرَفَاء. وأَمر عَرِيفٌ وعَارِف: مَعروف، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع أَمْرٌ عَارِف أَي مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالَّذِي حصَّلناه للأَئمة رَجُلٌ عَارِف أَي صَبور؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ. والعِرْف، بِالْكَسْرِ: مِنْ قَوْلِهِمْ مَا عَرَفَ عِرْفي إِلَّا بأَخَرةٍ أَي مَا عَرَفَني إِلَّا أَخيراً. وَيُقَالُ: أَعْرَفَ فُلَانٌ فُلَانًا وعَرَّفَه إِذَا وقَّفَه عَلَى ذَنْبِهِ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ. وعَرَّفَه الأَمرَ: أَعلمه إِيَّاهُ. وعَرَّفَه بيتَه: أَعلمه بِمَكَانِهِ. وعَرَّفَه بِهِ: وسَمه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَّفْتُه زَيْدًا، فذهَب إِلَى تَعْدِيَةِ عَرَّفَت بِالتَّثْقِيلِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، يَعْنِي أَنك تَقُولُ عَرَفَت زَيْدًا فيتعدَّى إِلَى وَاحِدٍ ثُمَّ تُثْقِلُ الْعَيْنَ فيتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، قَالَ: وأَما عَرَّفْته بِزَيْدٍ فَإِنَّمَا تُرِيدُ عَرَّفْته بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ وأَوضَحته بِهَا فَهُوَ سِوى الْمَعْنَى الأَوَّل، وَإِنَّمَا عَرَّفْته بِزَيْدٍ كَقَوْلِكَ سمَّيته بِزَيْدٍ، وَقَوْلُهُ أَيضاً إِذَا أَراد أَن يُفضِّل شَيْئًا مِنَ النحْو أَو اللُّغَةِ عَلَى شَيْءٍ: والأَول

(9/236)


أَعْرَف؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه عَلَى تَوَهُّمِ عَرُفَ لأَن الشَّيْءَ إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف لَا عَارِف، وَصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض، فتعَجَّب مِنَ الْمَفْعُولِ كَمَا يُتعجّب مِنَ الْفَاعِلِ حَتَّى قَالَ: مَا أَبْغضَني لَهُ، فَعَلَى هَذَا يصْلُح أَن يَكُونَ أَعْرَف هُنَا مُفاضلة وتعَجُّباً مِنَ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الْمَعْرُوفُ. والتعريفُ: الإِعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إِنْشَادُ الضَّالَّةِ. وعَرَّفَ الضالَّة: نَشَدها. واعْتَرَفَ القومَ: سأَلهم، وَقِيلَ: سأَلهم عَنْ خَبر لِيَعْرِفَهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عَنْ أَبيها، ... خِلالَ الجَيْش، تَعْتَرِفُ الرِّكابا؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويأْتي تَعَرَّفَ بِمَعْنَى اعْتَرَفَ؛ قَالَ طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفُونِي أَنَّني أَنا ذاكُمُ، ... شاكٍ سِلاحي، فِي الفوارِس، مُعْلَمُ
وَرُبَّمَا وَضَعُوا اعتَرَفَ مَوْضِعَ عَرَفَ كَمَا وَضَعُوا عَرَفَ مَوْضِعَ اعْتَرَفَ، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ السَّحَابَ وَقَدْ تقدَّم فِي أَوَّل التَّرْجَمَةِ أَي لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتَعَرَّفْت مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي تَطلَّبْت حَتَّى عَرَفت. وَتَقُولُ: ائْتِ فُلَانًا فاسْتَعْرِفْ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ. وَقَدْ تَعَارَفَ القومُ أَي عَرَفَ بعضهُم بَعْضًا. وأَما الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ اللُّقَطةِ:
فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْتَرِفُها فَمَعْنَاهُ معرفتُه إِيَّاهَا بِصِفَتِهَا وَإِنْ لَمْ يرَها فِي يَدِكَ.
يُقَالُ: عرَّف فُلَانٌ الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ مَنْ يَعْرِفها فَجَاءَ رَجُلٌ يَعْتَرِفُها أَي يَصِفُهَا بِصِفَةٍ يُعْلِم أَنه صَاحِبُهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ تَعْرِفُون ربَّكم؟ فَيَقُولُونَ: إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاه
أَي إِذَا وصَف نَفْسَهُ بِصِفَةٍ نُحَقِّقُه بِهَا عَرَفْنَاهُ. واسْتَعْرَفَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ لَهُ ليَعْرِفَه. وتَعَرَّفَه المكانَ وَفِيهِ: تأَمَّله بِهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَالُوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى، ... وَمَا كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عَارِفُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ
،
وَقُرِئَ: عَرَفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ عَرَّفَ بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاهُ أَنه عَرَّفَ حَفْصةَ بعْضَ الْحَدِيثِ وترَك بَعْضًا، قَالَ: وكأَنَّ مَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ أَراد غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَى عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُسيء إليك: والله لأَعْرِفَنَّ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وَقَالَ الفرَّاء: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بِذَلِكَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ الأَزهري:
وقرأَ الْكِسَائِيُّ والأَعمش عَنْ أَبي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَرَفَ بعضَه
، خَفِيفَةً،
وقرأَ حَمْزَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ اليَحْصُبي عَرَّفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَوْف بْنِ مَالِكٍ: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي لأُجازِينَّك بِهَا حَتَّى تَعرِف سُوءَ صَنِيعِكَ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ. وَيُقَالُ للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لِمَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بعلْمِه. والعَرَّافُ: الْكَاهِنُ؛ قَالَ عُرْوة بْنُ حِزام:
فَقُلْتُ لعَرَّافِ اليَمامة: داوِني، ... فإنَّكَ، إِنْ أَبرأْتَني، لَطبِيبُ

(9/237)


وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فَقَدْ كفَر بِمَا أُنزل عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الَّذِي يدَّعي عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي استأْثر اللَّهُ بِعِلْمِهِ. والمَعارِفُ: الوجُوه. والمَعْرُوف: الْوَجْهُ لأَن الإِنسان يُعرف بِهِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُتَكَوِّرِين عَلَى المَعارِفِ، بَيْنَهم ... ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْرَاف وَاحِدٌ. والمَعَارِف: مَحَاسِنُ الْوَجْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وامرأَة حَسَنةُ المَعَارِف أَي الْوَجْهُ وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا، وَاحِدُهَا مَعْرَف؛ قَالَ الرَّاعِي:
مُتَلفِّمِين عَلَى مَعَارِفِنا، ... نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومَعَارِفُ الأَرض: أَوجُهها وَمَا عُرِفَ مِنْهَا. وعَرِيفُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ. والعَرِيفُ: الْقَيِّمُ وَالسَّيِّدُ لِمَعْرِفَتِهِ بِسِيَاسَةِ الْقَوْمِ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ طَرِيف العَنْبري، وَقَدْ تقدَّم، وَقَدْ عَرَفَ عَلَيْهِمْ يَعْرُف عِرَافَة. والعَرِيفُ: النَّقِيب وَهُوَ دُونَ الرَّئِيسِ، وَالْجَمْعِ عُرَفاء، تَقُولُ مِنْهُ: عَرُفَ فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، عَرَافَة مِثْلَ خَطُب خَطابة أَي صَارَ عَرِيفًا، وَإِذَا أَردت أَنه عَمِلَ ذَلِكَ قُلْتَ: عَرَفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا سِنين يَعْرُفُ عِرَافَة مِثَالُ كتَب يكتُب كِتابة. وَفِي الْحَدِيثِ:
العِرَافَةُ حَقٌّ والعُرَفَاء فِي النَّارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُرَفَاء جَمْعُ عَرِيف وَهُوَ القَيِّم بأُمور الْقَبِيلَةِ أَو الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ يَلي أُمورهم ويَتَعَرَّفُ الأَميرُ مِنْهُ أَحوالَهُم، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، والعِرَافَةُ عَملُه، وَقَوْلُهُ
العِرَافَة حَقٌّ
أَي فِيهَا مَصلحة لِلنَّاسِ ورِفْق فِي أُمورهم وأَحوالهم، وَقَوْلُهُ
العُرَفَاء فِي النَّارِ
تَحْذِيرٌ مِنَ التعرُّض للرِّياسة لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ أَثمَ وَاسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ، وَمِنْهُ حديث
طاووس: أَنَّهُ سأَل ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا مَعْنَى قَوْلِ النَّاسِ: أَهْلُ الْقُرْآنِ عُرَفَاء أَهل الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: رُؤساء أَهل الْجَنَّةِ
؛ وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَة:
بَلْ كلُّ حَيٍّ، وَإِنْ عَزُّوا وَإِنْ كَرُموا، ... عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بِالضَّمِّ، والعِرْف، بِالْكَسْرِ: الصبْرُ؛ قَالَ أَبو دَهْبَل الجُمَحِيُّ:
قُلْ لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ: ... مَا أَحْسَنَ العِرْفَ [العُرْفَ] فِي المُصِيباتِ
وعَرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَيَا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرَافاً لِما تَرى، ... وَيَا حُبَّها قَعْ بِالَّذِي أَنْتَ واقِعُ
والعَارِفُ والعَرُوف والعَرُوفَةُ: الصَّابِرُ. ونَفْس عَرُوف: حامِلة صَبُور إِذا حُمِلَتْ عَلَى أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ، ... عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بِالذُّلِّ بَعْدَ النعْمةِ،
وَيُرْوَى وابْتِحاح مِنَ البُحبُوحةِ
، وَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: نَزَلَتْ بِهِ مُصِيبة فوُجِد صَبوراً عَرُوفاً؛ قَالَ الأَزهري: وَنَفْسُهُ عَارِفَة بِالْهَاءِ مِثْلُهُ؛ قَالَ عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني، ... لَا يُنْجِني مِنْهَا الفِرارُ الأَسْرَعُ

(9/238)


فصَبَرْتُ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً، ... تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ وَلَا تَطلَّع إِلَى الخَلْق كنفْس الْجَبَانِ؛ يَقُولُ: حَبَسْتُ نَفْساً عَارِفَةً أَي صَابِرَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بِهَا حَتَّى تَعالَتْ بيَ الضُّحى، ... ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوَارِفُ
المُبرياتُ: الَّتِي فِي أُنوفِها البُرة، والعَوَارِفُ: الصُّبُر. وَيُقَالُ: اعْتَرَفَ فُلَانٌ إِذَا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر مُعْتَرِفْ لأَن لَفْظَ الْمَطِيِّ مُذَكَّرٌ. وعَرَفَ بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَفَ: أَقَرَّ. وعَرَفَ لَهُ: أَقر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عَرَفَ الحِسانُ لَهَا غُلَيِّمةً، ... تَسْعى مَعَ الأَتْرابِ فِي إتْبِ
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لَا أُقِرُّ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَطْرَدْنا المعترِفين
؛ هُمُ الَّذِينَ يُقِرُّون عَلَى أَنفسهم بِمَا يَجِبُ عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يُقَالُ: أَطْرَدَه السُّلْطَانُ وطَرَّده إِذَا أَخرجه عَنْ بَلَدِهِ، وطرَدَه إِذَا أَبْعَده؛ وَيُرْوَى:
اطْرُدُوا الْمُعْتَرِفِينَ
كأَنه كَرِهَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَحبّ أَن يَسْتُرُوهُ عَلَى أَنفسهم. والعُرْفُ: الِاسْمُ مِنَ الاعْتِرافِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وَهُوَ تَوْكِيدٌ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثُمَّ اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته مَنْ أَنا؛ قَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفَا ثُمَّ قُولا: إنَّ ذَا رَحِمٍ ... هَيْمان كَلَّفَنا مِنْ شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيَةً تَسْتَعْرِفانِ بِهَا، ... يَوْمًا، فقُولا لَهَا العُودُ الَّذِي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضِدُّ النُّكْر. يُقَالُ: أَوْلاه عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْرُوف والعَارِفَةُ: خِلَافُ النُّكر. والعُرْفُ والمَعْرُوف: الجُود، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَا تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشَّاعِرُ ثَانِيهِ فَقَالَ:
إِنَّ ابنَ زَيْدٍ لَا زالَ مُسْتَعْمِلًا ... للخَيْرِ، يُفْشِي فِي مِصْرِه العُرُفا
والمَعْرُوف: كالعُرْف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً
، أَي مُصَاحَبًا مَعْرُوفًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: المَعْرُوف هُنَا مَا يُستحسن مِنَ الأَفعال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعْرُوف الكسْوة والدِّثار، وأَن لَا يُقَصِّرَ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ المرأَة الَّتِي تُرْضع وَلَدَهُ إِذَا كَانَتْ وَالِدَتَهُ، لأَن الْوَالِدَةَ أَرْأَفُ بِوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وحقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يأْتمر فِي الْوَلَدِ بِمَعْرُوفٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا: إِنَّهَا أُرْسِلَت بالعُرف والإِحسان، وَقِيلَ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ أُرسلوا لِلْمَعْرُوفِ والإِحسان. والعُرْفُ والعَارِفَة والمَعرُوفُ وَاحِدٌ: ضِدُّ النُّكْرِ، وَهُوَ كلُّ مَا تَعْرِفه النَّفْسُ مِنَ الخيْر وتَبْسَأُ بِهِ وتَطمئنّ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ أُرسلت مُتتابعة. يُقَالُ: هُوَ مُستعار مِنْ عُرْف الْفَرَسِ أَي يتتابَعون كعُرْف الْفَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ

(9/239)


كعْب بْنِ عُجْرةَ: جَاؤُوا كأَنَّهم عُرْف
أَي يتْبَع بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقُرِئَتْ عُرْفاً وعُرُفاً وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلَاتُ هِيَ الرُّسُل. وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ المَعْرُوف فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرف مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ والإِحسان إِلَى النَّاسِ، وَكُلِّ مَا ندَب إِلَيْهِ الشرعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَي أَمْر مَعْروف بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رأَوْه لَا يُنكرونه. والمَعْرُوف: النَّصَفةُ وحُسْن الصُّحْبةِ مَعَ الأَهل وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ، والمُنكَر: ضِدُّ ذَلِكَ جَمِيعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهل المَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهل المَعْرُوف فِي الْآخِرَةِ
أَي مَن بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا آتَاهُ اللَّهُ جَزَاءَ مَعروفه فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: أَراد مَن بَذَلَ جاهَه لأَصحاب الجَرائم الَّتِي لَا تبلُغ الحُدود فيَشفع فِيهِمْ شفَّعه اللَّهُ فِي أَهل التَّوْحِيدِ فِي الْآخِرَةِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَعْنَاهُ قَالَ: يأْتي أَصحاب الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيُغْفر لَهُمْ بِمَعْرُوفِهِمْ وتَبْقى حسناتُهم جَامَّةً، فيُعطونها لِمَنْ زَادَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ لَهُمُ الإِحسان إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَمَا خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى فِي شَبابِه، ... إِذَا لَمْ يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ ضِد الْمُنْكَرِ وَمِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ الْجُودُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا ولَّى عَنْكَ بِوده: قَدْ هَاجَتْ مَعَارِفُ فُلَانٍ؛ ومَعَارِفُه: مَا كُنْتَ تَعْرِفُه مِنْ ضَنِّه بِكَ، وَمَعْنَى هَاجَتْ أَي يبِست كَمَا يَهيج النَّبَاتُ إِذَا يَبِسَ. والعَرْفُ: الرِّيحُ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً. يُقَالُ: مَا أَطْيَبَ عَرْفَه وَفِي الْمَثَلِ: لَا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عَنْ عَرْفِ السَّوْء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهِ: العَرف الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ والمُنْتِنة؛ قَالَ:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه، ... وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ
وَقَالَ البُرَيق الهُذلي فِي النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذِي الصُّماحِ، كَمَا ... عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه. والتَّعْرِيفُ: التطْييبُ مِنَ العَرْف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ
، أَي طَيَّبها؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ
يَقُولُ: كَمَا عَرُفَ الإِتْبُ وَهُوَ البقِيرُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُعَرِّفُونَ مَنازِلهم إِذَا دَخَلُوهَا حَتَّى يَكُونَ أَحدهم أَعْرَف بِمَنْزِلِهِ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَهله؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ عَرَّفَها لَهُمْ
أَي طيَّبها. يُقَالُ: طَعَامٌ معرَّف أَي مُطيَّب؛ قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ يَهْجُوَ عِقَالَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ فِي حَناجِرَ أُقْنِعَتْ ... لِعادَتِها مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قَالَ: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت لِلْفَمِ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: عَرَّفَها لَهُمْ
؛ قَالَ: هُوَ وَضْعُكَ الطَّعَامَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ. ابْنُ الأَعرابي: عَرُفَ الرجلُ إِذَا أَكثر مِنْ الطِّيب، وعَرِفَ إِذَا ترَكَ الطِّيب. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَجِدْ عَرْف الْجَنَّةِ
أَي ريحَها الطيِّبة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله

(9/240)


عَنْهُ: حبَّذا أَرض الْكُوفَةِ أَرضٌ سَواء سَهلة مَعْرُوفَةٌ
أَي طَيِّبَةُ العَرْفِ، فأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخاء يَعْرِفْك فِي الشدَّة
، فإنَّ معناه أَي اجْعَلْهُ يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فِيمَا أَوْلاك مِنْ نِعمته، فَإِنَّهُ يُجازِيك عِنْدَ الشدَّة وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وعَرَّفَ طَعامه: أَكثر أُدْمَه. وعَرَّفَ رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه. وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً: بعضُها خلْف بَعْضٍ. وعُرْف الدِّيك والفَرَس وَالدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا: مَنْبِتُ الشَّعْرِ والرِّيش مِنَ العُنق، وَاسْتَعْمَلَهُ الأَصمعي فِي الإِنسان فَقَالَ: جَاءَ فُلَانٌ مُبْرَئلًّاًّ للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف وعُرُوف. والمَعْرَفة، بِالْفَتْحِ: مَنْبِت عُرْف الْفَرَسِ مِنَ النَّاصِيَةِ إِلَى المِنْسَج، وَقِيلَ: هُوَ اللَّحْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ العُرْف. وأَعْرَفَ الفَرسُ: طَالَ عُرفه، واعْرَوْرَفَ: صَارَ ذَا عُرف. وعَرَفْتُ الْفَرَسَ: جزَزْتُ عُرْفَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَير: مَا أَكلت لَحْمًا أَطيَبَ مِنْ مَعْرَفة البِرْذَوْن
أَي مَنْبت عُرْفه مِنْ رَقَبته. وسَنام أَعْرَفُ: طَوِيلٌ ذُو عُرْف؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَعور الشَّنِّيِّ:
مُسْتَحْملًا أَعْرَفَ قَدْ تَبَنَّى
وَنَاقَةٌ عَرْفَاء: مُشْرِفةُ السَّنام. وَنَاقَةٌ عَرْفَاء إِذَا كَانَتْ مذكَّرة تُشبه الْجِمَالَ، وَقِيلَ لَهَا عَرْفاء لطُول عُرْفها. والضَّبُع يُقَالُ لَهَا عَرْفَاء لِطُولِ عُرفها وَكَثْرَةِ شَعْرِهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للشنْفَرَى:
وَلِي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ، ... وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفَاء جَيأَلُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
لَهَا راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ مِنْهُمَا: ... أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفَاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرْفَاء: ذَاتُ عُرْف، وَقِيلَ: كَثِيرَةُ شَعْرٍ الْعُرْفِ. وَشَيْءٌ أَعْرَفُ: لَهُ عُرْف. واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فَصَارَ لَهُ كالعُرف. واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إِذَا صَارَ لَهُ مِنَ الزبَد شِبْهُ الْعُرْفِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ طَعْنَة فارتْ بِدَمِ غَالِبٍ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة، ... تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ «2»
واعْرَوْرَفَ فُلَانٌ لِلشَّرِّ كَقَوْلِكَ اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّا. وعُرْف الرمْل والجبَل وَكُلِّ عالٍ ظَهْرُهُ وأَعاليه، وَالْجَمْعُ أَعْراف وعِرَفَة «3» وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ
؛ الأَعْرَاف فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ عُرْف وَهُوَ كُلُّ عَالٍ مُرْتَفِعٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الأَعْرَافُ أَعالي السُّور؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الأَعْرَاف أَعالي سُور بَيْنَ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ، وَاخْتُلِفَ فِي أَصحاب الأَعْرَاف فَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الْجَنَّةَ بِالْحَسَنَاتِ وَلَا النَّارَ بِالسَّيِّئَاتِ، فَكَانُوا عَلَى الحِجاب الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، عَلَى الأَعراف عَلَى مَعْرِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ، فَقَالَ قَوْمٌ: ما ذكرنا أَن اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَقِيلَ: أَصحاب الأَعراف أَنبياء، وَقِيلَ: مَلَائِكَةٌ وَمَعْرِفَتُهُمْ كُلًّا بسيماهم أَنهم يَعْرِفُونَ أَصحاب الْجَنَّةِ بأَن سِيمَاهُمْ إِسْفَارُ الوجُوه وَالضَّحِكُ وَالِاسْتِبْشَارُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ؛ ويعرِفون أَصحاب النَّارِ
__________
(2) . قوله [الفلوّ] بالفاء المهر، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين.
(3) . قوله [وعرفة] كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح.

(9/241)


بِسِيمَاهُمْ، وَسِيمَاهُمْ سَوَادُ الْوُجُوهِ وغُبرتها كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى الأَعراف عَلَى أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ. وجبَل أَعْرَفُ: لَهُ كالعُرْف. وعُرْفُ الأَرض: مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف. وأَعْرَاف الرِّياح وَالسَّحَابِ: أَوائلها وأَعاليها، وَاحِدُهَا عُرْفٌ. وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مُرْتَفِعٌ. والأَعْرَافُ: الحَرْث الَّذِي يَكُونُ عَلَى الفُلْجانِ والقَوائدِ. والعَرْفَةُ: قُرحة تَخْرُجُ فِي بَيَاضِ الْكَفِّ. وَقَدْ عُرِفَ، وَهُوَ مَعْروف: أَصابته العَرْفةُ. والعُرْفُ: شَجَرُ الأُتْرُجّ. والعُرْف: النَّخْلُ إِذَا بَلَغَ الإِطْعام، وَقِيلَ: النَّخْلَةُ أَوَّل مَا تُطْعَمُ. والعُرْفُ والعُرَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ بالبحرَيْن. والأَعْرَاف: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ أَيضاً، وَهُوَ البُرْشُوم؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
نَغْرِسُ فِيهَا الزَّادَ والأَعْرَافَا، ... وَالنَّائِحي مسْدفاً اسْدافا «1»
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذَا كَانَتِ النَّخْلَةُ بَاكُورًا فَهِيَ عُرْف. والعَرْفُ: نَبْت لَيْسَ بِحَمْضٍ وَلَا عِضاه، وَهُوَ الثُّمام. والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرَّمْل، رمْلِ عالِج أَو رِمَالِ الدَّهْناء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُرُفَّان جُنْدَب ضَخْمٌ مِثْلُ الجَرادة لَهُ عُرف، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ. وعُرُفَّانُ: جَبَلٌ. وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ: اسْمٌ. وعَرَفَةُ وعَرَفَاتٌ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، مُعَرَّفَةٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا عرفةَ، ويومُ عَرَفَةَ غَيْرُ مُنَوَّنٍ وَلَا يُقَالُ العَرفةُ، وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَفَاتٌ مَصْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: هَذِهِ عَرفاتٌ مُبارَكاً فِيهَا، وَهَذِهِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى مَعْرِفَتِهَا أَنك لَا تُدخل فِيهَا أَلفاً وَلَامًا وَإِنَّمَا عَرَفَاتٌ بِمَنْزِلَةِ أَبانَيْنِ وَبِمَنْزِلَةِ جَمْعٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَرَفَاتٌ نَكِرَةً لَكَانَتْ إِذًا عرفاتٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، قِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن النَّاسَ يَتَعَارَفُونَ بِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، طَافَ بِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَ يُرِيهِ المَشاهِد فَيَقُولُ لَهُ: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: عَرِفْتُ عَرِفْتُ، وَقِيلَ: لأَنّ آدَمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ وَكَانَ مِنْ فِرَاقِهِ حوَّاء مَا كَانَ فَلَقِيَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَرَفها وعرَفَتْه. والتَّعْرِيفُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَاتٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْد:
ثُمَّ أَتى التَّعْرِيفَ يَقْرُو مُخْبِتاً
تَقْدِيرُهُ ثُمَّ أَتى مَوْضِعَ التَّعْرِيفِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. وعَرَّفَ القومُ: وَقَفُوا بِعَرَفَةَ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ مَغْراء:
وَلَا يَريمون للتَّعْرِيفِ مَوْقِفَهم ... حَتَّى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا «2»
وَهُوَ المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَذَلِكَ بَعْدَ المُعَرَّفِ
، يُرِيدُ بَعْدَ الوُقوف بعرفةَ. والمُعَرَّفُ فِي الأَصل: مَوْضِعُ التعْريف وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعَرَفَات موضع بِمنًى
__________
(1) . قوله [والنائحي إلخ] كذا بالأصل.
(2) . قوله [صفوانا] هو هكذا في الأصل، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً على الجوهري.

(9/242)


وَهُوَ اسْمٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يُجْمع، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا وَاحِدَ لَهُ بِصِحَّةِ، وَقَوْلُ النَّاسِ: نَزَلْنَا بعَرَفَة شَبيه بمولَّد، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْض، وَهِيَ مَعْرِفَة وَإِنْ كَانَ جَمْعًا لأَن الأَماكن لَا تَزُولُ فَصَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَخَالَفَ الزيدِين، تَقُولُ: هَؤُلَاءِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ لأَنه نكِرة وَهِيَ مَصْرُوفَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
؛ قَالَ الأَخفش: إِنَّمَا صُرِفَتْ لأَن التَّاءَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ فِي مُسلِمين وَمُسْلِمُونَ لأَنه تَذْكِيرُهُ، وَصَارَ التَّنْوِينُ بِمَنْزِلَةِ النُّونِ، فَلَمَّا سُمِّيَ بِهِ تُرِك عَلَى حَالِهِ كَمَا تُرِك مُسْلِمُونَ إِذَا سُمِّيَ بِهِ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَذْرِعاتٍ وعاناتٍ وعُرَيْتِنات والعُرَفُ: مَواضِع مِنْهَا عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ صارةَ. والعُرُفُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ جَبَلٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ، ... وَمَا أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟ «1»
وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى قَوْلِهِ العُرْف. والعُرُفُ: الرَّمْلُ الْمُرْتَفِعُ؛ قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ عُسْر وعُسُر، وَكَذَلِكَ العُرْفَةُ، وَالْجَمْعُ عُرَف وأَعْرَاف. والعُرْفَتَانِ: بِبِلَادِ بَنِي أَسد؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ:
وَمَا كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بَيْنَهُمْ، ... وَلَا حِينَ جَدّ الجِدُّ مِمَّنْ تَغَيَّبا
فَلَيْسَ عرَّف فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لِمَكَانِ الْهَمْزَةِ عيْناً وأَبدل الثَّاءَ فَاءً. ومَعْرُوف: اسْمُ فَرَسِ الزُّبَيْر بْنِ الْعَوَّامِ شَهِدَ عَلَيْهِ حُنَيْناً. ومَعْرُوف أَيضاً: اسْمُ فَرَسِ سلمةَ بْنِ هِند الغاضِريّ مِنْ بَنِي أَسد؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عَلَيْهِمْ كأَنه، ... إِذَا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لَهُمْ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وَحَتَّى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى فِي لَوِيِّهِ ... أَساريعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ عزف: أَن جَارِيَتَيْنِ كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَعازَفَت الأَنصار يَوْمَ بُعاث، قَالَ: وَتُرْوَى بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَي تَفاخَرَتْ.
عرصف: العِرْصافُ: العَقَبُ المُسْتَطِيل وأَكثر مَا يُعْنَى بِهِ عقَبُ المتْنين والجَنْبَيْن، وَكُلُّ خُصْلة مِنْ سَرَعان المتْنَيْن عِرْصَاف وعِرْفاص؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ. وعَرْصَفَ الشيءَ: جَذَبه. والعَرَاصِيفُ فِي الرَّحْل: كالعَصافِير، وَالْوَاحِدُ عُرْصُوف؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَمِنْهُ يُقَالُ اقْطَعْ عَراصيفه، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وعِرْصَافُ الإِكاف وعُرْصُوفُه وعُصْفُوره: قِطْعَةُ خَشَبٍ مشدودةٌ بَيْنَ الحِنْوَين المُقَدَّمين. والعِرْصَافُ: الخصْلةُ مِنَ العَقَب الَّتِي يُشَدُّ بِهَا عَلَى قُبة الْهَوْدَجِ. والعِرْصَاف والعِرفاص: السَّوط مِنَ العقَب. والعَراصِيفُ: مَا عَلَى السَّناسِن كالعَصافير. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى العرافِيص فِيهِ لُغَةً. الأَزهري: العَرَاصِيفُ أَربعة أَوتاد يجمعن بين رؤوس أَحناء الرَّحل، فِي رأْس كُلِّ حِنْو مِنْ ذَلِكَ وَتَدَانِ مَشْدودان بعَقب أَو بِجُلُودِ الإِبل، وَفِيهِ الظَّلِفات، يَعْدِلون الحنْو بالعُرصُوفِ. وعَرَاصِيفُ الْقَتَبِ: عَصافِيرُه. والعَراصِيف: الْخَشَبُ الذي تشدّ به رؤوس الأَحْناء وَتُضَمُّ بِهِ؛ قَالَ
__________
(1) . قوله [أهاجك] في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك.

(9/243)


الأَصمعي: فِي الرَّحْلِ العَرَاصِيفُ وَهِيَ الخَشبتانِ اللَّتَانِ تُشدَّان بَيْنَ وَاسِطِ الرحْل وأَخَرَته يميناً وشمالًا.
عزف: عَزَفَ يَعْزُفُ عَزْفاً: لَهَا. والمَعَازِفُ: المَلاهي، وَاحِدُهَا مِعْزَف ومِعْزَفَة. وعَزَفَ الرَّجُلُ يَعزِفُ إِذَا أَقام فِي الأَكل وَالشُّرْبِ، وَقِيلَ: وَاحِدُ المَعَازِف عَزْفٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَنَظِيرُهُ ملامحُ ومَشابِهُ فِي جَمْعِ شَبه ولمْحَة، والمَلاعبُ الَّتِي يُضْرب بِهَا،
يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ عَزْف، وَالْجَمْعُ مَعَازِفُ رِوَايَةٌ عَنِ الْعَرَبِ
، فَإِذَا أُفرد المِعْزَفُ، فَهُوَ ضَرْب مِنَ الطَّنابير وَيَتَّخِذُهُ أَهل الْيَمَنِ وغيرُهم، يَجْعَلُ العُود مِعْزَفاً. وعَزْفُ الدُّفِّ: صوتُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه مرَّ بعَزْف دُفٍّ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: خِتان، فَسَكَتَ
؛ العَزْفُ: اللَّعِبُ بالمَعازِف، وَهِيَ الدُّفُوف وَغَيْرُهَا مِمَّا يُضرب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
للخَوْتَعِ الأَزرَقِ فِيهَا صاهلْ، ... عَزْفٌ كعَزْفِ الدُّفِّ والجلاجِلْ
وَكُلُّ لَعِب عَزْفٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْع: إِذَا سَمِعْنَ صوتَ المعازِف أَيْقَنَّ أَنهنَّ هَوالِكُ.
والعَازِفُ: اللاعِبُ بِهَا والمُغَني، وَقَدْ عَزَفَ عَزْفاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ جارِيَتَين كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَعَازَفَت الأَنصار يَوْمَ بُعاثَ
أَي بِمَا تَنَاشَدَتْ مِنَ الأَراجيز فِيهِ، وَهُوَ مِنَ العَزِيف الصوْت، وَرُوِيَ بِالرَّاءِ، أَي تَفاخَرَتْ، وَيُرْوَى تَقاذفَت وتَقارَفَت. وعَزَفتِ الجنُّ تَعزِفُ عَزْفاً وعَزِيفاً: صوَتت ولَعِبَت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَزِيف كتَضْرابِ المُغَنِّين بالطَّبْل
وَرَجُلٌ عَزُوفٌ عَنِ اللَّهْو إِذَا لَمْ يَشْتَهه، وعَزُوف عَنِ النِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَصْبُ إليهنَّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخاطب نَفْسَهُ:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وَمَا كِدْتَ تَعْزِفُ، ... وأَنْكَرْتَ مِن حَدْراء مَا كنتَ تعرِفُ
وَقَوْلُ مَلِيحٍ:
هِرْكَوْلة ليسَتْ مِنَ العَشانِقِ. ... وَلَا العَزِيفاتِ وَلَا المَعانِقِ
وعَزَفَتِ القوْسُ عَزْفاً وعَزِيفاً: صوَّتت؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والعَزِيفُ: صَوَّتَ الرِّمال إِذَا هَبَّت بِهَا الرِّياح. وعَزْفُ الرِّياح: أَصواتها. وأَعزَفَ: سَمِعَ عَزيفَ الرِّياح والرِّمال. وعَزِيفُ الرياحِ: مَا يُسْمَعُ مِنْ دوِيِّها. والعَزْفُ والعَزِيفُ: صَوْتٌ فِي الرَّمْلِ لَا يُدْرَى مَا هُوَ، وَقِيلَ: هُوَ وُقوعُ بعضِه عَلَى بَعْضٍ. وَرَمْلٌ عَازِف وعَزَّاف: مُصوِّت، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ العَزِيف أَصوات الجِنّ؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
وَإِنِّي لأَجْتابُ الفَلاةَ، وبَينها ... عَوازِفُ جِنّانٍ، وهامٌ صَواخِدُ
وَهُوَ العزفُ أَيضاً. وَقَدْ عَزَفَتِ الْجِنُّ تَعْزِفُ، بِالْكَسْرِ، عَزِيفاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ الجنُّ تَعزِفُ الليلَ كُلَّهُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ
؛ عَزِيفُ الْجِنِّ: جَرْسُ أَصواتها، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ يُسْمَعُ بِاللَّيْلِ كَالطَّبْلِ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ الرِّياح فِي الجوِّ فتَوهَّمَه أَهل الْبَادِيَةِ صوتَ الْجِنِّ. والعَزَّاف: رَمْلٌ لِبَنِي سَعْدٍ صِفَةٌ غَالِبَةٌ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ وَيُسَمَّى أَبْرَقَ العَزَّاف. وسَحاب عَزَّاف: يُسمع مِنْهُ عَزِيفُ الرَّعْد وَهُوَ دَوِيُّه؛ وأَنشد الأَصمعي لجَندل بْنِ المُثَنَّى:

(9/244)


يَا رَبُّ رَبَّ المُسلِمِين بالسُّوَرْ، ... لَا تَسْقِه صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
قَالَ: ومطَر عزَّاف مُجَلْجِل،
وَرَوَى الْفَارِسِيُّ هَذَا الْبَيْتَ عَزَّاف، بِالزَّايِ
،
وَرِوَايَةُ ابْنِ السِّكِّيتِ غَرّاف.
وعَزَفَت نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ تَعْزِفُ وتَعْزُف عَزْفاً وعُزُوفاً: تركَتْه بَعْدَ إعْجابها وزَهِدَتْ فِيهِ وانْصرفت عَنْهُ. وعَزَفَت نفْسُه أَي سَلَتْ، وَفِي حَدِيثِ
حارثةَ: عَزَفَتْ نفسِي عَنِ الدُّنيا
أَي عافتْها وكَرِهَتها،
وَيُرْوَى عَزَفْتُ
، بِضَمِّ التَّاءِ، أَي منعتُها وصَرَفْتها؛ وقولُ أَمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
وقِدْماً تَعَلَّقْتُ أُمَّ الصَّبِيِّ ... مِنِّي عَلَى عُزُفٍ واكْتِهال
أَراد عُزوف فَحَذَفَ. والعَزُوف: الَّذِي لَا يَكَادُ يَثْبُت عَلَى خُلَّة؛ قَالَ:
أَلم تَعْلَمِي أَني عَزُوفٌ عَلَى الهَوى، ... إِذَا صَاحِبِي فِي غَيْرِ شَيْءٍ تَعَصَّبا؟
واعْزَوْزَفَ للشرِّ: تهيّأَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعزَّافُ: جبَل مِنْ جِبال الدَّهْناء. والعُزْف: الْحَمَامُ الطُّورانِيَّة فِي قَوْلِ الشماخ:
حتى استَغاثَ بأَحْوَى فَوْقَه حُبُكٌ، ... يَدْعُو هَديلًا بِهِ العُزْفُ العَزاهِيلُ
وَهِيَ المُهْمَلةُ. والعُزْف: الَّتِي لَهَا صوت وهَدير.
عسف: العَسْفُ: السَّير بِغَيْرِ هِدَايَةٍ والأَخْذُ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ، وَكَذَلِكَ التَّعَسُّفُ والاعْتِسافُ، والعَسْف: رُكوب المَفازَةِ وقطْعُها بِغَيْرِ قَصْد وَلَا هِداية وَلَا تَوَخِّي صَوْب وَلَا طَريق مَسْلوك. يُقَالُ: اعْتسف الطريقَ اعتِسافاً إِذَا قَطَعَه دُونَ صوْب تَوَخّاه فأَصابه. والتَّعْسِيفُ: السَّيْرُ عَلَى غَيْرِ عَلَم وَلَا أَثرٍ. وعَسَفَ المَفازةَ: قَطَعَها كَذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ عَسُوفٌ إِذَا لَمْ يَقْصِد قَصْدَ الحقِّ؛ وَقَوْلُ كثيِّر:
عَسُوف بأَجْواز الفَلا حِمْيَريّة
العَسُوف: الَّتِي تَمُرُّ عَلَى غَيْرِ هِدَايَةٍ فَتَرْكَبُ رأْسها فِي السَّيْرِ وَلَا يَثْنيها شَيْءٌ. والعَسْفُ: رُكُوبُ الأَمر بِلَا تَدْبِيرٍ وَلَا رَويّة، عَسَفَه يَعْسِفُه عَسْفاً وتَعَسَّفَه واعْتَسَفه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَدْ أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُه ... فِي ظِلِّ أَغْضَفَ، يَدْعُو هامَه البُومُ
وَيُرْوَى: فِي ظِلٍّ أَخْضَر
، وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وعَسَفَتْ مَعاطِناً لَمْ تَدْثُر
مَدَحَ إِبِلًا فَقَالَ: إِذَا ثَبَتَتْ ثَفناتُها فِي الأَرض بَقِيَت آثارُها فِيهَا ظَاهِرَةٌ لَمْ تدْثُر، قَالَ: وَقِيلَ تَرِدُ الظِّمء الثَّانِي، وأَثَرُ ثَفِنَاتِهَا الأَوَّل فِي الأَرض ومَعاطِنُها لَمْ تدْثُر؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ورَدْتُ اعْتِسافاً، والثُّرَيّا كأَنها، ... عَلَى هامةِ الرأْس، ابْنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
وَقَالَ أَيضاً:
يَعْتَسِفانِ الليلَ ذَا الحُيودِ ... أَمّاً بكلِّ كوْكَبٍ حَريدِ «2»
وعَسَفَ فُلَانٌ فُلَانًا عَسْفاً: ظلَمه. وعَسَفَ السلطانُ
__________
(2) . قوله [الحيود] كذا في الأصل هنا، وتقدم للمؤلف في مادة حرد: السدود.

(9/245)


يَعْسِفُ واعْتَسَفَ وتَعَسَّفَ: ظلَم، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تبلُغ شَفَاعَتِي إِمَامًا عَسُوفاً
أَي جَائِرًا ظلُوماً. والعَسْف فِي الأَصل: أَن يأْخذ الْمُسَافِرُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ وَلَا جَادَّةٍ وَلَا عَلَم فَنَقَلَ إِلَى الظُّلم والجَوْر. وتعسَّف فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا رَكِبَهُ بِالظُّلْمِ وَلَمْ يُنْصِفه. وَرَجُلٌ عَسُوف إِذَا كَانَ ظَلُومًا. والعَسِيفُ: الأَجيرُ المُسْتهانُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إنَّ ابْني كَانَ عَسِيفاً عَلَى رَجُلٍ كَانَ مَعَهُ وإنه زنى بامرأَته
، أَي كَانَ أَجيراً. والعُسَفاء: الأُجَراء، وَقِيلَ: العَسِيفُ الممْلوك المُسْتهان بِهِ؛ قَالَ نَبِيهُ بن الحجّاج:
أَطَعْتُ النفْسَ فِي الشَّهَواتِ حَتَّى ... أَعادَتْني عَسِيفاً، عَبدَ عَبْدِ
وَيُرْوَى: أَطعت العِرْس
، وَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كأَسير أَو بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَعَلِيمٍ مِنَ العَسْف الجَوْر وَالْكِفَايَةُ. يُقَالُ: هُوَ يَعْسِفُهم أَي يَكْفِيهم. وَكَمْ أَعْسِفُ عَلَيْكَ أَي كَمْ أَعْمَل لَكَ، وَقِيلَ: كُلُّ خَادِمٍ عَسِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا عَسِيفاً وَلَا أَسيفاً.
والأَسِيفُ: العَبْدُ، وَقِيلَ: الشَّيْخُ الْفَانِي، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَشْتَرِيهِ بمالِه، وَالْجَمْعُ عُسَفاء عَلَى الْقِيَاسِ، وعِسَفةٌ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعث سَرِيّة فنَهى عَنْ قَتْلِ العُسَفاء والوُصَفاء
، وَيُرْوَى
الأُسَفاء.
واعْتَسَفَه: اتّخَذه عَسِيفاً. وعَسَفَ البعيرُ يَعْسِفُ عَسْفاً وعُسُوفاً: أَشرف عَلَى الْمَوْتِ مِنَ الغُدّة، فَهُوَ عَاسِف، وَقِيلَ: العَسْف أَن يَتَنَفّس حَتَّى تَقْمُصَ حَنْجَرتُه أَي تَنْتفخ؛ وأَما قَوْلِ أَبي وجْزة السعْديّ:
واسْتَيْقَنَت أَنّ الصَّلِيفَ مُنْعَسِفْ
فَهُوَ مِنْ عَسْفِ الحَنْجرة إِذَا قَمَصَت لِلْمَوْتِ. وأَعْسَف الرجلُ إِذَا أَخذ بعيرَه العَسْفُ، وَهُوَ نفَسُ الْمَوْتِ؛ وَنَاقَةٌ عاسِفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: أَصابها ذَلِكَ. والعُسَاف للإِبل: كالنِّزاع للإِنسان. قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: مَا العُسَاف؟ قَالَ: حِينَ تَقمُص حَنجرتُه أَي تَرْجُفُ مِنَ النفَس؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فِي قُرْزُل يَوْمَ الرَّقَم:
ونِعْم أَخُو الصُّعْلُوكِ أَمْسِ تَرَكْتُه ... بتَضْرُعَ، يَمْري باليدينِ ويَعْسِف
وأَعْسَفَ الرجلُ إِذَا أَخذ غلامَه بعمَل شَدِيدٍ، وأَعْسَفَ إِذَا سَارَ بِاللَّيْلِ خَبطَ عَشْواء. والعَسْفُ: القَدَحُ الضخْم. والعُسُوفُ: الأَقْداح الكِبار. وعُسْفانُ: مَوْضِعٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ قَرْية جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْهلة مِنْ مَناهِل الطَّرِيقِ بَيْنَ الجُحفة وَمَكَّةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا واسْتَخْبِرا ... رَسْماً بعُسْفَانْ
والعَسّاف: اسْمُ رجل.
عسقف: العَسْقَفَةُ: نَقِيضُ الْبُكَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ جُمود الْعَيْنِ عن البكاء إذ أَراده أَوْ هَمَّ بِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَكَى فُلَانٌ وعَسْقَفَ فُلَانٌ إِذَا جَمَدَت عينُه فَلَمْ يَقدِر على البكاء.
عشف: ابْنُ الأَعرابي: العُشُوف الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا جِيءَ بِهِ أَوَّل مَا يُجاء بِهِ لَا يأْكل القَتَّ وَلَا النَّوى: إِنَّهُ لمُعْشِف، والمُعْشِف: الَّذِي عرِض عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يأْكل فَلَمْ يأْكله. وأَكلْت طَعاماً فأَعْشَفْت عَنْهُ وَلَمْ يَهْنَأْني، وَإِنِّي

(9/246)


لأَعْشِفُ هَذَا الطَّعَامَ أَي أَقْذَرُه وأَكرهه. وو الله مَا يُعْشَفُ لِيَ الأَمْر القَبيح أَي مَا يُعْرَفُ لِي؛ وَقَدْ رَكِبْتَ أَمراً مَا كَانَ يُعْشَفُ لَكَ أَي مَا كَانَ يُعْرَفُ لك.
عصف: العَصْفُ والعَصْفَة والعَصِيفَة والعُصَافَة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا كَانَ عَلَى سَاقِ الزَّرْعِ مِنَ الْوَرَقِ الَّذِي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ، وَقِيلَ: هُوَ وَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيَّن بيُبْس وَلَا غَيْرِهِ، وَقِيلَ: وَرَقُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ
؛ يَعْنِي بالعَصْف وَرَقَ الزَّرْعِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ، وأَمّا الرَّيْحانُ فَالرِّزْقُ وَمَا أُكل مِنْهُ، وَقِيلَ: العَصف والعَصِيفةُ والعُصافة التّبْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلَى حَبِّ الحِنطة وَنَحْوِهَا مِنَ قُشور التِّبْنِ. وَقَالَ النَّضِرُ: العَصْف القَصِيل، وَقِيلَ: الْعَصْفُ بَقْلُ الزَّرْعِ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ خَرُجْنَا نَعْصِفُ الزَّرْعَ إِذَا قَطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ إدْراكه فَذَلِكَ العَصْفُ. والعَصْفُ والعَصِيفَةُ: وَرَقُ السُّنْبُل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذُو الْعَصْفِ
، يُرِيدُ المأْكول مِنَ الْحَبِّ، والرَّيْحانُ الصَّحِيحُ الَّذِي يُؤْكَلُ، والعصْفُ والعَصِيف: مَا قُطِع مِنْهُ، وَقِيلَ: هُمَا وَرَقُ الزَّرْعِ الَّذِي يَمِيلُ فِي أَسفله فتَجُزّه لِيَكُونَ أَخفّ لَهُ، وَقِيلَ: العصْفُ مَا جُزَّ مِنْ وَرَقِ الزَّرْعِ وَهُوَ رَطْب فأُكل. والعَصِيفَةُ: الْوَرَقُ المُجْتَمِع الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّنْبُلُ. والعَصف: السُّنْبل، وَجَمْعُهُ عُصُوف. وأَعْصَفَ الزرعُ: طَالَ عَصْفُه. والعَصِيفةُ: رؤوس سُنْبُلِ الحِنْطة. وَالْعَصْفُ والعَصِيفة: الْوَرَقُ الَّذِي يَنْفَتح عَنِ الثَّمَرَةِ والعُصَافة: مَا سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ كَالتِّبْنِ وَنَحْوِهِ. أَبو الْعَبَّاسِ: العَصْفانِ التِّبْنانِ، والعُصُوفُ الأَتْبانُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْعَصْفُ الَّذِي يُعصف مِنَ الزَّرْعِ فَيُؤْكَلُ، وَهُوَ العَصِيفَة؛ وأَنشد لعَلْقَمة بْنِ عَبْدَة:
تَسقِي مذانِبَ قَدْ مالَتْ عَصِيفَتُها
وَيُرْوَى: زَالَتْ عَصِيفَتُهَا
أَي جُزَّ ثُمَّ يُسْقَى لِيَعُودَ وَرَقُهُ. وَيُقَالُ: أَعْصَفَ الزَّرْعُ حَانَ أَن يجزَّ. وعَصَفْنَا الزَّرْعَ نَعْصِفُه أَي جَزَزْنَا وَرَقَهُ الَّذِي يَمِيلُ فِي أَسفله لِيَكُونَ أَخَفَّ لِلزَّرْعِ، وَقِيلَ: جَزَزْنا وَرَقَهُ قَبْلَ أَن يُدْرِك، وَإِنْ لَمْ يُفعل مالَ بِالزَّرْعِ، وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَول هَذِهِ السُّورَةِ مَا دلَّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ مِنْ خَلْقِه الإِنسان وتَعْلِيمه البيانَ، وَمِنْ خَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالسَّمَاءِ والأَرض وَمَا أَنبت فِيهَا مِنْ رزقِ مَنْ خَلَقَ فِيهَا مِنْ إِنْسِيٍّ وَبَهِيمَةٍ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحسن الْخَالِقِينَ. واسْتَعْصَفَ الزرعُ: قَصَّب. وعَصَفَه يَعْصِفُه عَصْفاً: صرمَه مِنْ أَقْصابه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
، لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه جَعَلَ أَصحاب الْفِيلِ كَوَرَقٍ أُخذ مَا فِيهِ مِنَ الْحَبِّ وَبَقِيَ هُوَ لَا حَبَّ فِيهِ، وَالْآخَرُ أَنه أَراد أَنه جَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ قَدْ أَكله الْبَهَائِمُ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
، قَالَ: هُوَ الهَبُّور
وَهُوَ الشَّعِيرُ النَّابِتُ، بِالنَّبَطِيَّةِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ كَعَصْفٍ
قَالَ: يُقَالُ فُلَانٌ يَعْتَصِفُ إِذَا طَلَبَ الرِّزْقَ،
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنه الزَّرْعُ الَّذِي أُكل حَبُّهُ وَبَقِيَ تِبْنه
؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:
فصُيِّروا مِثْلَ كعَصْفٍ مأْكولْ
أَراد مِثْلَ عَصْفٍ مأْكول، فَزَادَ الْكَافَ لتأْكيد الشَّبَهِ كَمَا أَكده بِزِيَادَةِ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْآيَةِ أَدخل الْحَرْفَ عَلَى الِاسْمِ وَهُوَ سَائِغٌ، وَفِي الْبَيْتِ أَدخل الِاسْمَ وَهُوَ مِثْلَ عَلَى الْحَرْفِ وَهُوَ الْكَافُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ بِمَاذَا جُرَّ عَصْف أَبالكاف الَّتِي تُجاوِرُه أَم بِإِضَافَةِ مِثْلَ إِلَيْهِ عَلَى أَنه فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ أَن الْعَصْفَ فِي الْبَيْتِ لَا يَجُوزُ

(9/247)


أَن يَكُونَ مَجْرُورًا بِغَيْرِ الْكَافِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً، يدُلّك عَلَى ذَلِكَ أَن الْكَافَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَقَعُ فِيهِ زَائِدَةً لَا تَكُونُ إِلَّا جارَّة كَمَا أَنَّ مِنْ وَجَمِيعَ حُرُوفِ الْجَرِّ فِي أَي مَوْضِعٍ وقَعْن زَوَائِدَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَن يَجْرُرْنَ مَا بَعْدَهُنَّ، كَقَوْلِكَ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحد وَلَسْتُ بِقَائِمٍ، فَكَذَلِكَ الْكَافُ فِي كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
هِيَ الجارَّة لِلْعَصْفِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى مَا تقدَّم، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لِلِاسْمِ أَن يَدْخُلَ عَلَى الْحَرْفِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ كَعَصْفٍ مأْكول؟ فَالْجَوَابُ أَنه إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِمَا بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلَ مِنَ المُضارَعة فِي الْمَعْنَى، فَكَمَا جَازَ لَهُمْ أَن يُدخلوا الْكَافَ عَلَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ:
وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَينْ
لِمُشَابَهَتِهِ لِمِثْلَ حَتَّى كأَنه قَالَ كَمَثَلِ مَا يُؤْثَفْيَنِ كَذَلِكَ أَدخلوا أَيضاً مِثْلًا عَلَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ كَعَصْفٍ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى قوَّة الشَّبَهِ بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلَ. ومَكان مُعْصِفٌ: كَثِيرُ الزَّرْعِ، وَقِيلَ: كَثِيرُ التِّبْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:
إِذَا جُمادَى مَنَعَت قَطْرها، ... زانَ جَنابي عَطَنٌ مُعْصِفُ «1»
هَكَذَا رَوَاهُ،
وَرِوَايَتُنَا مُغْضِف
، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لأَبي قَيْسِ بْنِ الأَسلت الأَنصاري؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأُحَيْحةَ بْنِ الجُلاح لَا لأَبي قَيْسٍ. وعَصَفَتِ الرِّيحُ تَعْصِفُ عَصْفاً وعُصُوفاً، وَهِيَ رِيحٌ عَاصِف وعَاصِفَةٌ ومُعْصِفَة وعَصُوف، وأَعْصفت، فِي لُغَةِ أَسد، وَهِيَ مُعصِف مِنْ رِيَاحٍ مَعاصِفَ ومَعاصِيفَ إِذَا اشتدَّت، والعُصوف للرِّياح. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً
، يَعْنِي الرِّيَاحَ، والرّيحُ تَعْصِفُ مَا مَرَّت عَلَيْهِ مِنْ جَوَلان التُّرَابِ تَمْضِي بِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ العَصْف الَّذِي هُوَ التِّبْن مُشْتَقٌّ مِنْهُ لأَن الرِّيحَ تَعْصِفُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا عَصَفَتِ الريحُ
أَي إِذَا اشتدَّ هُبوبُها. وَرِيحٌ عَاصِف: شَدِيدَةُ الهُبوب. والعُصَافَةُ: مَا عَصَفَت بِهِ الرِّيحُ عَلَى لَفْظِ عُصافة السُّنْبُل. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ
، قَالَ: فَجَعَلَ العُصوف تَابِعًا لِلْيَوْمِ فِي إِعْرَابِهِ، وَإِنَّمَا العُصُوف لِلرِّيَاحِ، قَالَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَن العُصُوف وَإِنْ كَانَ لِلرِّيحِ فَإِنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُوصَفُ بِهِ لأَن الرِّيحَ تَكُونُ فِيهِ، فَجَازَ أَن يُقَالَ يَوْمٌ عَاصِفٌ كَمَا يُقَالُ يَوْمٌ بَارِدٌ وَيَوْمٌ حَارٌّ وَالْبَرْدُ وَالْحَرُّ فِيهِمَا، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن يُرِيدَ فِي يَوْمٍ عَاصِف الريحِ فَتُحْذَفُ الرِّيحُ لأَنها قَدْ ذُكِرَتْ فِي أَوَّل كَلِمَةٍ كَمَا قَالَ:
إِذَا جَاءَ يومٌ مُظْلِمُ الشمسِ كاسِفُ
يُرِيدُ كاسِف الشَّمْسِ فَحَذَفَهُ لأَنه قَدَّمَ ذِكْرَهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَوْمٌ عَاصِف أَي تَعْصِف فِيهِ الرِّيحُ، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فِيهِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ لَيْلٌ نائمٌ وهَمٌّ ناصبٌ، وَجَمْعُ العَاصِف عَوَاصِفُ. والمُعْصِفاتُ: الرِّياحُ الَّتِي تُثير السَّحاب والوَرَق وعَصْفَ الزَّرعِ. والعَصْفُ والتعصُّف: السُّرعة، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وأَعْصَفَتِ الناقةُ فِي السَّيْرِ: أَسْرَعتْ، فَهِيَ مُعْصفة؛ وأَنشد:
وَمِنْ كلِّ مِسْحاجٍ، إذا ابْتَلَّ لِيتُها، ... تَخَلَّبَ منها ثائبٌ مُتَعَصِّفُ
__________
(1) . قوله [جنابي] بالجيم مفتوحة وبالباء هو الفناء وعطن بالنون، وتقدم البيت في مادة جمد بلفظ زان جناني جمع الجنة، ولعلّ الصواب ما هنا.

(9/248)


يَعْنِي العَرَق. وأَعْصَفَ الفَرسُ إِذَا مرَّ مَرًّا سَريعاً، لُغَةٌ فِي أَحْصَف. وَحَكَى أَبو عُبَيْدَةَ: أَعْصَف الرَّجُلُ أَي هَلَك. والعَصيفةُ: الوَرقُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّنْبُل. والعَصُوف: السَّرِيعَةُ مِنَ الإِبل. قَالَ شَمِرٌ: نَاقَةٌ عَاصِف وعَصُوفٌ سَرِيعَةٌ؛ قَالَ الشمَّاخ:
فأَضْحَت بصَحْراء البَسِيطةِ عَاصِفًا، ... تُوالي الحَصى سُمْرَ العُجاياتِ مُجْمِرَا
وتُجْمَعُ الناقةُ العَصوفُ عُصُفاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بعُصُفِ المَرِّ خِماصِ الأَقْصابْ
يَعْنِي الأَمعاء. وَقَالَ النَّضْرُ: إعْصَافُ الإِبل اسْتِدارتها حَوْلَ البِئر حِرْصاً عَلَى الْمَاءِ وَهِيَ تطحنُ التُّرَابَ حَوْلَهُ وتُثِيره. ونَعامة عَصُوفٌ: سَرِيعَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَعْصِفُ بِرَاكِبِهَا فتَمضي بِهِ. والإِعصَاف: الإِهْلاك. وأَعْصَف الرجلُ: هلَك. والحَرب تَعْصِف بِالْقَوْمِ: تَذهَب بِهِمْ وتُهْلِكُهم؛ قَالَ الأَعشى:
فِي فَيْلَقٍ جَأْواء مَلْمُومةٍ ... تَعْصِف بالدَّارِعِ والحاسِر
أَي تُهْلِكهما. وأَعْصَفَ الرجلُ: جَارَ عَنِ الطَّرِيقِ. قَالَ المُفَضَّل: إِذَا رَمَى الرَّجُلُ غَرَضاً فَصَافَ نبلُه قِيلَ إِنَّ سَهْمَكَ لعاصِفٌ، قَالَ: وكلُّ مَائِلٍ عَاصِفٌ؛ وَقَالَ كثِّير:
فَمَرّت بلَيْلٍ، وَهِيَ شَدْفاء عَاصِفٌ ... بمُنْخَرَقِ الدَّوداة، مَرَّ الخَفَيدَدِ «2»
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يَعْصِفُ ويَعْتَصِفُ ويَصْرِفُ ويَصْطَرِف أَي يَكْسِبُ. وعَصَفَ يَعْصِفُ عَصْفاً واعتَصَفَ: كسَب وطلَب واحْتالَ، وَقِيلَ: هُوَ كَسْبُه لأَهله. والعَصْفُ: الْكَسْبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجُ:
قَدْ يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الْجَافِي، ... بغَير مَا عَصْفٍ وَلَا اصْطِرافِ
والعُصُوفُ: الكَدُّ «3» . والعُصُوفُ: الخُمور.
عطف: عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ. وَرَجُلٌ عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي المُنْهَزِمين. وعَطَفَ عَلَيْهِ يَعْطِفُ عَطَفاً: رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يَكْرَهُ أَو لَهُ بِمَا يُرِيدُ. وتَعَطَّفَ عَلَيْهِ: وصَلَه وبرَّه. وتعطَّف عَلَى رَحِمه: رَقَّ لَهَا. والعاطِفةُ: الرَّحِم، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَرَجُلٌ عَاطِف وعَطُوف: عَائِدٌ بِفَضْلِهِ حَسَنُ الخُلُق. قَالَ اللَّيْثُ: العَطَّاف الرَّجُلُ الحسَن الخُلُق الْعَطُوفُ عَلَى النَّاسِ بِفَضْلِهِ؛ وَقَوْلُ مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وجْدِي بِهِ وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه ... بنَخْلةَ، لَمْ تَعْطِفْ عَلَيْهِ العواطِفُ
لَمْ يُفَسِّرِ الْعَوَاطِفَ، وَعِنْدِي أَنه يُرِيدُ الأَقْدار العَواطِفَ عَلَى الإِنسان بِمَا يُحِبُّ. وعَطَفْت عَلَيْهِ: أَشْفَقْت. يُقَالُ: مَا يَثْنيني عَلَيْكَ عاطِفةٌ مِنْ رَحِم وَلَا قَرابة. وتَعَطَّفَ عَلَيْهِ: أَشْفَقَ. وتَعَاطَفُوا أَي عطَف بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. واسْتَعطَفَه فعَطَفَ. وعَطَفَ الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً فانعطَفَ وعطَّفه فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة.
__________
(2) . قوله [الدوداة] كذا بالأصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس، وهي الجلبة والأَرجوحة كما في القاموس وغيره. وفي معجم ياقوت: الدوداء، بالمدّ، موضع قرب المدينة انتهى. وشكلت الدوداء فيه بالضم.
(3) . قوله [والعصوف الكد] عبارة القاموس وشرحه: قال ابن الأعرابي: العصوف الكدرة، هكذا في سائر النسخ، وفي العباب: الكدر، وفي اللسان: الكد.

(9/249)


وَيُقَالُ: عطفْت رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى. وعطفْت أَي مِلْت. والعَطائف: القِسِيُّ، وَاحِدَتُهَا عَطِيفةٌ كَمَا سَمَّوْها حَنِيّة. وَجَمْعُهَا حَنيٌّ. وَقَوْسٌ عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إِحْدَى السِّيَتَين عَلَى الأُخرى. والعطيفةُ والعِطَافَةُ: الْقَوْسُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي العَطائف:
وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه، ... عَلَى البِيضِ فِي أَغمادِها والعَطائِفِ
يَعْنِي بُرْداً يُظَلَّل بِهِ، والبيضُ: السُّيوف، وَقَدْ عَطَفَها يَعْطِفُها. وَقَوْسٌ عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قَالَ أُسامةُ الْهُذَلِيُّ:
فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه، ... وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِدُ «1»
وَكُلُّ ذَلِكَ لتَعَطُّفِها وانحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة وَلِقَاحٌ مُعطَّفة، وَرُبَّمَا عَطَفُوا عِدَّة ذَوْدٍ عَلَى فَصِيلٍ وَاحِدٍ فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن عَلَى ذَلِكَ ليَدْرِرْن. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْقَوْسُ المعْطوفة هِيَ هَذِهِ الْعَرَبِيَّةُ. ومُنْعَطَفُ الْوَادِي: مُنْعَرَجُه ومُنْحَناه؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
مِنْ كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ ... مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب
يَعْنِي بعِطافة هُنَا مُنْحَنًى، يَصِفُ صَخْرَةً طَوِيلَةً فِيهَا نحْل. وَشَاةٌ عَاطِفَةٌ بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لِغَيْرِ عِلَّةٍ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَيْسَ فِيهَا عَطْفاء
أَي مُلْتَوِيةُ الْقَرْنِ وَهِيَ نَحْوُ العَقْصاء. وظَبْية عاطِفٌ: تَعْطِفُ عُنُقَهَا إِذَا رَبَضَت، وَكَذَلِكَ الحاقِفُ مِنَ الظِّباء. وتعاطَف فِي مَشْيه: تَثنَّى. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَعَاطَفُ فِي مِشْيته بِمَنْزِلَةِ يتَهادى ويَتمايلُ مِنَ الخُيلاء والتبَخْتُر. والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ أَعلى. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَد: وَفِي أَشفاره عَطَفٌ
أَي طُولٌ كأَنه طَالَ وانعطَف، وَرُوِيَ الْحَدِيثُ أَيضاً بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. وعَطَفَ الناقةَ عَلَى الحُوار وَالْبَوِّ: ظأَرَها. وَنَاقَةٌ عَطُوفٌ: عاطِفةٌ، وَالْجَمْعُ عُطُفٌ. قَالَ الأَزهري: نَاقَةٌ عَطُوف إِذَا عُطِفَت عَلَى بَوٍّ فرَئمَتْه. والعَطُوف: المُحِبَّة لِزَوْجِهَا. وامرأَة عَطِيفٌ: هَيِّنة لَيِّنَةٌ ذَلول مِطْواع لَا كِبر لَهَا، وَإِذَا قُلْتَ امرأَة عَطُوف، فَهِيَ الحانيةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ عَطوف. وَيُقَالُ: عَطَفَ فُلَانٌ إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا يَعْطِفُ عَطْفاً إِذَا مَالَ إِلَيْهِ وَانْعَطَفَ نَحْوَهُ. وعَطَفَ رأْسَ بَعِيرِهِ إِلَيْهِ إِذَا عاجَه عَطْفاً. وعَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَلْبِ السُّلْطَانِ عَلَى رَعِيّته إِذَا جَعَلَهُ عَاطِفًا رَحِيماً. وعَطَفَ الرَّجُلُ وِساده إِذَا ثَنَاهُ ليرْتَفِقَ عَلَيْهِ ويَتّكِئ؛ قَالَ لَبِيَدٍ:
ومَجُودٍ مِنْ صُباباتِ الكَرَى، ... عَاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
والعَطُوفُ والعَاطُوفُ وَبَعْضٌ يَقُولُ العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فِيهَا خَشَبَةٌ مَعطوفة الرأْس، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْعِطَافِ خَشَبَتِهَا. والعَطْفَةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بِهَا النِّسَاءُ الرجالَ، وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى العِطْفَةَ، بِالْكَسْرِ. والعِطْفُ: المَنْكِب. قَالَ الأَزهري: مَنكِب الرَّجُلِ عِطْفُهُ، وإبْطُه عِطْفُهُ. والعُطُوف: الآباطُ. وعِطْفَا الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ: جَانِبَاهُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ وشِقَّاه مِنْ لَدُنْ رأْسه إِلَى وَرِكه، وَالْجَمْعُ أَعْطَاف وعِطاف وعُطُوف. وعِطْفا كُلِّ شَيْءٍ:
__________
(1) . قوله [مرير إلخ] أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده هناك بالجر والصواب رفعهما.

(9/250)


جَانِبَاهُ. وعَطَفَ عَلَيْهِ أَي كَرَّ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأَبي وَجْزَةَ:
العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُطْعِمُون، زَمان أَيْنَ المُطْعِمُ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَرْتِيبُ إِنْشَادِ هَذَا الشِّعْرِ:
العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُنْعِمُون يَدًا، إِذَا مَا أَنْعَمُوا
واللَّاحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى، ... والمُطْعِمُون، زَمَانَ أَينَ المُطعِمُ؟
وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثانيَ عِطْفِه أَي رَخِيَّ البالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن مَعْنَاهُ لاوِياً عُنقَه، وَهَذَا يُوصَفُ بِهِ المتكبِّر، فَالْمَعْنَى ومِن النَّاسِ مَنْ يُجادِل فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ثَانِيًا عِطْفَه أَي مُتَكَبِّرًا، ونَصْبُ ثانيَ عِطْفِه عَلَى الْحَالِ، وَمَعْنَاهُ التَّنْوِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ؛ أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وَقَالَ أَبو سَهْمٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِماراً:
يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه ... حَريقٌ، أُشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ
أَراد أُشِيعَ فِي الأَباءة فَحَذَفَ الْحَرْفَ وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصِدُ [يَحْصُدُ] الأَباءة بإِحْراقه إِيَّاهَا. ومرَّ ينظُر فِي عِطفَيْه إِذَا مرَّ مُعجَباً. والعِطَافُ: الإِزار. والعِطَافُ: الرِّداء، وَالْجَمْعُ عُطُفٌ وأَعْطِفَة، وَكَذَلِكَ المِعْطَفُ وَهُوَ مِثْلُ مِئْزَر وإِزَار ومِلْحَف ولِحَاف ومِسْرَد وسِرادٍ، وَكَذَلِكَ مِعْطَف وعِطَافٌ، وَقِيلَ: المَعَاطِفُ الأَرْدِيَةُ لَا وَاحِدَ لَهَا، واعْتَطَفَ بِهَا وتَعَطَّفَ: ارْتدى. وَسُمِّيَ الرِّداء عِطَافاً لوقُوعه عَلَى عِطْفَي الرَّجُلِ، وَهُمَا نَاحِيَتَا عُنُقِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُبحان مَن تَعَطَّفَ بالعِزِّ وَقَالَ بِهِ
، وَمَعْنَاهُ سُبْحَانَ مَنْ تَرَدَّى بِالْعِزِّ؛ والتَّعَطُّفُ فِي حقِّ اللَّهِ مَجازٌ يُراد بِهِ الِاتِّصَافُ كأَنَّ الْعِزَّ شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير، وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ كأَنّ الْعِزَّ شَمله شمولَ الرِّداء، وَاللَّهُ تَعَالَى يَشْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: الْمُرَادُ بِهِ عِزُّ اللَّهِ وجَماله وجَلاله، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الرِّداء مَوْضِعَ البَهْجة والحُسن وتَضَعُه مَوْضِعَ النَّعْمة وَالْبَهَاءِ. والعُطُوفُ: الأَرْدِيةُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
حَوَّل رِداءه وَجَعَلَ عِطَافَه الأَيمنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيسر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنَّمَا أَضاف العِطَاف إِلَى الرِّداء لأَنه أَراد أَحد شِقَّي العِطَاف، فَالْهَاءُ ضَمِيرُ الرِّدَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ، وَيُرِيدُ بالعِطَافِ جانبَ رِدَائِهِ الأَيمن؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا: خَرَجَ مُتَلَفِّعاً بعِطَاف.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَنَاوَلْتُهَا عِطَافاً كَانَ عليَّ فرأَت فِيهِ تَصْلِيباً فَقَالَتْ: نَحِّيه عَنِّي.
والعِطَاف: السَّيْفُ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ رِدَاءً؛ قَالَ:
وَلَا مالَ لِي إِلَّا عِطَافٌ ومِدْرَعٌ، ... لَكُمْ طَرَفٌ مِنْهُ حَديدٌ، وَلِي طَرَفْ
الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الَّذِي يُضرب بِهِ، والطرَف الثَّانِي: مَقْبِضُه؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَا مالَ إِلَّا العِطَافُ، تُؤْزِرهُ ... أُمُّ ثَلَاثِينَ وابنةُ الجَبَلِ
لَا يَرْتَقي النَّزُّ فِي ذَلاذِلِه، ... وَلَا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ
عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها ... لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ

(9/251)


أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ، ... إِنْ لَمْ يُرِعْها بِالْمَاءِ لَمْ تُنَلِ
قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا وصَف صُعْلوكاً فَقَالَ لَا مالَ لَهُ إِلَّا العِطَافُ، وَهُوَ السَّيْفُ، وأُم ثَلَاثِينَ: كِنَانَةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ سَهْمًا، وابنةُ الْجَبَلِ: قَوسُ نَبْعةٍ فِي جَبَلٍ وَهُوَ أَصْلَبُ لعُودها وَلَا يَنَالُهُ نزٌّ لأَنه يأْوي الْجِبَالَ، والعُصرة: المَلْجأُ، والنُّطفة: الْمَاءُ، واللِّصْب: شَقُّ الْجَبَلِ، والوَجْبة: الأَكْلة فِي الْيَوْمِ، والأَشْكَلة: شَجَرَةٌ. واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ وَالْقَوْسَ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَن يَعْتَطِفْه عَلَى مِئْزرِ، ... فنِعْم الرِّداء عَلَى المئْزرِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء، ... وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء
إِنَّمَا عَنَى بِهِ رِدَاءَ الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابْنُ شُمَيْلٍ: العِطَاف تَرَدِّيك بِالثَّوْبِ عَلَى مَنكِبيك كَالَّذِي يَفْعَلُ النَّاسُ فِي الحرِّ، وَقَدْ تَعَطَّفَ بِرِدَائِهِ. والعِطَافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وَكُلُّ ثَوْبٍ تَعَطَّفَه أَي تَردَّى بِهِ، فَهُوَ عِطَاف. والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل مِنَ الظِّهارة عَلَى الْبِطَانَةِ. والعَطَّاف: فِي صِفَةِ قِداح المَيْسِر، وَيُقَالُ العَطُوف، وَهُوَ الَّذِي يَعْطِفُ عَلَى الْقِدَاحِ فَيَخْرُجُ فَائِزًا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّه، ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
وَقَالَ القُتيبي فِي كِتَابِ المَيْسِر: العَطوف القِدْح الَّذِي لَا غُرْم فِيهِ وَلَا غُنْم لَهُ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَغْفال الثَّلَاثَةِ فِي قِداح الْمَيْسِرِ، سُمِّيَ عَطُوفاً لأَنه فِي كُلِّ رِبابة يُضرب بِهَا، قَالَ: وَقَوْلُهُ قِدحاً وَاحِدٌ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ؛ وَمِنْهُ قَوله:
حَتَّى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كَمَا ... خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ
السَّبِيخُ: مَا نَسَل مِنْ رِيشِ الطَّيْرِ الَّتِي تَرِدُ الْمَاءَ، والقَمِيرُ: المَقْمُور، والطامِعُ: الَّذِي يَطْمَعُ أَن يَعُود إِلَيْهِ مَا قُمِر. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ يَكُونُ أَحد أَطمع مِنْ مَقْمُور، وخَصِلٌ: كَثُرَ خِصال قَمْرِه؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
وأَصْفَرَ عَطَّافٍ إِذَا راحَ رَبُّه، ... غَدَا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ
فَإِنَّهُ أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عَنْ مآخِذِ القِداح وَيَنْفَرِدُ،
وَرُوِيَ عَنِ الْمُؤَرِّجِ أَنه قَالَ فِي حَلْبة الْخَيْلِ إِذَا سُوبق بَيْنَهَا
، وَفِي أَساميها: هُوَ السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي وَالتَّالِي والعَاطِفُ والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا يُعرف مِنْهَا إِلَّا السَّابِقُ والمصلِّي ثُمَّ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إِلَى الْعَاشِرِ، وَآخِرُهَا السكِّيت والفِسْكل [الفُسْكل] ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَجد الرِّوَايَةَ ثَابِتَةً عَنِ الْمُؤَرِّجِ مِنْ جِهَةِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، قَالَ: فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فَهُوَ ثِقَةٌ. والعِطْفَة: شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا العَصْبةُ وَقَدْ ذُكِرَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي، ... تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ

(9/252)


وَقَالَ مَرَّةً: العَطَف، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ، نَبْتٌ يَتَلَوَّى عَلَى الشَّجَرِ لَا وَرَقَ لَهُ وَلَا أَفنان، تَرْعَاهُ الْبَقَرُ خَاصَّةً، وَهُوَ مُضِرّ بِهَا، وَيَزْعُمُونَ أَن بَعْضَ عُرُوقِهِ يُؤْخَذُ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح عَلَى المرأَة الْفَارِكِ فتُحب زَوْجَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَطَفَةُ اللَّبْلَابُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَلَوِّيهِ عَلَى الشَّجَرِ. قَالَ الأَزهري: العِطْفَةُ والعَطْفَة هِيَ الَّتِي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بِهَا مِنَ الشَّجَرِ، وأَنشد الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ وَقَالَ: قَالَ النَّضْرُ إِنَّمَا هِيَ عَطَفَةٌ فَخَفَّفَهَا لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الشِّعْرُ. أَبو عَمْرٍو: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ الْبَرِّ العَطَف، وَاحِدَتُهَا عَطَفَة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ تَنَحَّ عَنْ عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه: وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسْمَانِ، والأَعرف غُطَيْف، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ عن ابن سيدة.
عفف: العِفّة: الكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلّ ويَجْمُلُ. عَفَّ عَنِ المَحارِم والأَطْماع الدَّنِية يَعِفُّ عِفَّةً وعَفّاً وعَفافاً وعَفافة، فَهُوَ عَفِيفٌ وعَفٌّ، أَي كَفَّ وتَعَفَّفَ واسْتَعْفَفَ وأَعَفَّه اللَّهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً
؛ فسَّره ثَعْلَبٌ فَقَالَ: ليَضْبِطْ نَفْسَهُ بِمِثْلِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ وِجاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يَسْتَعْفِف يُعِفّه اللَّهُ
؛ الاسْتِعْفاف: طلَبُ العَفَافِ وَهُوَ الكَفُّ عَنِ الْحَرَامِ وَالسُّؤَالِ مِنَ النَّاسِ، أَي مَنْ طَلَبَ العِفّة وتكلَّفها أَعطاه اللَّهُ إِيَّاهَا، وَقِيلَ: الاسْتِعْفَاف الصبْر والنَّزاهة عَنِ الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك العِفَّة والغِنى
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَإِنَّهُمْ مَا عَلِمْتُ أَعِفَّةٌ صُبُر
؛ جَمْعُ عَفِيف. وَرَجُلٌ عَفٌّ وعَفِيف، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَجَمْعُ العَفِيف أَعِفَّة وأَعِفَّاء، وَلَمْ يُكَسِّروا العَفَّ، وَقِيلَ: العَفِيفَة مِنِ النِّسَاءِ السَّيِّدَةُ الخَيْرةُ. وامرأَة عَفِيفة: عَفّة الفَرج، وَنِسْوَةٌ عَفَائِف، وَرَجُلٌ عَفِيف وعَفٌّ عَنِ المسأَلة والحِرْصِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ وَوَصَفَ قَوْمًا: أَعِفَّة الفَقْرِ أَي إِذَا افْتَقَرُوا لَمْ يغْشَوُا المسأَلة الْقَبِيحَةَ. وَقَدْ عَفَّ يَعِفُّ عِفَّة واسْتَعَفَّ أَي عَفَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
؛ وَكَذَلِكَ تَعَفَّفَ، وتَعَفَّفَ أَي تكلَّف العِفَّة. وعَفَّ واعْتَفَّ: مِنَ العِفَّة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَهتم:
إنَّا بَنُو مِنْقَرٍ قومٌ ذَوُو حَسَبٍ، ... فِينا سَراةُ بَني سَعْدٍ وَنَادِيهَا
جُرْثُومةٌ أُنُفٌ، يَعْتَفُّ مُقْتِرُها ... عَنِ الخَبِيثِ، ويُعْطِي الخَيْرَ مُثْريها
وعَفيفٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْهُ. والعُفَّةُ والعُفَافَةُ: بقيَّة الرَّمَثِ فِي الضَّرْع، وَقِيلَ: العُفَافَةُ الرَّمَث يَرْضَعُه الفَصِيلُ. وتَعَفَّفَ الرَّجُلُ: شَرِبَ العُفافة، وَقِيلَ: العُفَافَة بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بَعْدَ ما يُمتَكُّ أَكثره، قَالَ: وَهِيَ العُفَّة أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: لَا تُحَرِّمُ العُفَّةُ
؛ هِيَ بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْع بَعْدَ أَن يُحْلَب أَكثر مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ العُفَافَة، فَاسْتَعَارَهَا للمرأَة، وَهُمْ يَقُولُونَ العَيْفة؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ ظَبْيَةً وَغَزَالَهَا:
وتَعادى عَنْهُ النهارَ، فَمَا تَعْجُوه ... إِلَّا عُفَافَةٌ أَو فُواقُ
نَصَبَ النَّهَارَ عَلَى الظَّرْفِ، وتَعادى أَي تَباعدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ كَذَا وَرَدَ فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ فِي شِعْرِ الأَعشى:
مَا تُعَادَى عَنْهُ النَّهَارَ، ولا تعجُوه ... إِلَّا عُفَافَةٌ أَو فُواقُ
أَي مَا تَجاوزُه وَلَا تُفارِقُه، وتَعْجُوه تَغْذُوه،

(9/253)


والفُواق اجْتِمَاعُ الدِّرّة؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَب:
بأَغَنَّ طِفْلٍ لَا يُصاحِبُ غَيْرَهُ، ... فَلَهُ عُفَافَةُ دَرِّها وغِزارُها
وَقِيلَ: العُفَافَة الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ فِي الضرْع قَبْلَ نُزُولِ الدِّرّة. وَيُقَالُ: تَعَافَّ ناقتكَ يَا هَذَا أَي احْلُبْها بَعْدَ الْحَلْبَةِ الأُولى. وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى عِفَّانِ ذَلِكَ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَي وقْتِه وأَوانه، لُغَةٌ فِي إفَّانه، وَقِيلَ: العُفَافَة أَن تُترك الناقةُ عَلَى الْفَصِيلِ بَعْدَ أَن يَنْقُص مَا فِي ضَرْعِهَا فَيَجْتَمِعَ لَهُ اللَّبَنُ فُواقاً خَفِيفًا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: العُفَافَة أَن تأْخذ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فأَنت تَعْتَفُّه. والعَفْعَفُ: ثَمَرُ الطَّلْحِ، وَقِيلَ: ثَمَرُ العِضاه كُلُّهَا. وَيُقَالُ لِلْعَجُوزِ: عُفَّة وعُثّة. والعُفَّة: سَمَكَةٌ جَرْداء بَيْضَاءُ صَغِيرَةٌ إِذَا طُبِخت فَهِيَ كالأَرُزّ فِي طَعْمِهَا.
عقف: العَقْفُ: العَطْف والتلْوِيةُ. عَقَفَه يَعْقِفُه عَقْفاً وعَقَّفَه وانْعَقَف وتَعَقَّف أَي عطَفَه فانْعَطَفَ. والأَعْقَفُ: المنْحَني المُعْوَجّ. وظبْي أَعْقَفُ: مَعْطُوفُ القُرون. والعَقْفَاء مِنَ الشِّيَاهِ: الَّتِي الْتَوَى قرْناها عَلَى أُذنيها. والعُقَّافَة: خَشَبة فِي رأْسها حُجْنة يُمَدُّ بِهَا الشَّيْءُ كالمِحْجَن. والعَقْفَاء: حَدِيدَةٌ قَدْ لُوِيَ طَرَفُها. وَفِي حَدِيثِ القيامةِ:
وَعَلَيْهِ حَسَكةٌ مُفَلْطحةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عَقِيفةٌ
أَي مَلْوِيَّةٌ كالصِّنَّارة. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرة: أَنه سُئل عَنِ العُصْرةِ للمرأَة فَقَالَ: لَا أَعلم رُخِّص فِيهَا إِلَّا لِلشَّيْخِ المَعْقُوفِ
أَي الَّذِي انْعَقَفَ مِنْ شدَّة الكِبَر فانْحنى واعْوجّ حَتَّى صَارَ كالعُقَّافَةِ، وَهِيَ الصَّوْلَجانُ. والعُقَاف: دَاءٌ يأْخذ الشَّاةَ فِي قَوَائِمِهَا فتعوَجُّ، وَقَدْ عُقِفَتْ، فَهِيَ مَعْقُوفَة. والتَّعْقِيفُ: التَّعْويج. وَشَاةٌ عَاقِفٌ: مَعْقُوفة الرِّجل، وَرُبَّمَا اعْتَرى كُلَّ الدوابِّ. والأَعْقَف: الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ؛ قَالَ:
يَا أَيُّها الأَعْقَفُ المُزْجِي مَطِيَّتَه، ... لَا نِعْمةً تَبْتَغي عِنْدِي وَلَا نَشَبا
وَالْجَمْعُ عُقْفَان. وعُقْفَان: جِنْسٌ مِنَ النَّمْلِ. وَيُقَالُ: لِلنَّمْلِ جَدّان: فازِرٌ وعُقْفَانُ، ففازِرٌ جَدُّ السُّود، وعُقْفَان جَدُّ الحُمْر، وَقِيلَ: النَّمْلُ ثَلَاثَةُ أَصناف: النَّمْلُ والفازِرُ والعُقَيْفَانُ، والعُقَيْفَانُ: الطويلُ الْقَوَائِمِ يَكُونُ فِي المَقابِر والخَراباتِ؛ وأَنشد:
سُلِّطَ الذَّرُّ فازِرٌ أَو عُقَيْفَانُ، ... فأجْلاهُمُ لدارٍ شَطُونِ
قَالَ: والذَّرّ الَّذِي يَكُونُ فِي الْبُيُوتِ يُؤْذِي النَّاسَ، والفازِرُ: المُدوَّر الأَسود يَكُونُ فِي التَّمْرِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ دَغْفَلٌ النسَّابة: يُنْسبُ النملُ إِلَى عُقْفَان وَالْفَازِرِ، فعُقْفَان جَدُّ السُّودِ، والفازِر جَدّ الشُّقْر. وعُقْفَانُ: حَيٌّ مِنْ خُزاعةَ. والعَقْفَاء والعَقَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النبْت. حَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: والعَقْفَاء ضَرْبٌ مِنَ الْبُقُولِ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَالَّذِي أَعرفه فِي الْبُقُولِ القَفْعاء، وَلَا أَعرف العَقْفَاء. والعَيْقُفَانُ: نَبْتٌ كالعَرْفَجِ لَهُ سَنِفةٌ كسَنِفةِ الثُّفاء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُرَّةُ: العُقَيْفَاء نبْتة وَرَقُهَا مِثْلُ وَرَقِ السَّذاب لَهَا زهْرة حَمْرَاءُ وَثَمَرَةٌ عَقْفَاء كأَنها شِصٌّ فِيهَا حَبٌّ، وَهِيَ تَقْتُلُ الشَّاءَ وَلَا تَضُرُّ الإِبل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر الهِلالي:
كأَنه عَقْفٌ تَوَلَّى يَهْرُبُ، ... مِنْ أَكْلُب يَعْقُفُهُنَّ أَكْلُبُ
فَيُقَالُ: هُوَ الثَّعْلَبُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الرَّجَزُ

(9/254)


لحُميد الأَرقط لَا لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْر. وأَعرابي أَعْقَفُ أي جافٍ.
عكف: عَكَف عَلَى الشَّيْءِ يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عَكْفاً وعُكُوفاً: أَقبل عَلَيْهِ مُواظِباً لَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ، وَقِيلَ: أَقَامَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ
، أَي يُقيمون؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً
، أَي مُقيماً. يُقَالُ: فُلَانٌ عَاكِفٌ عَلَى فَرْجٍ حَرام؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصِفُ ثَوْرًا:
فهُنَّ يَعْكُفْن بِهِ إِذَا حَجَا، ... عَكْفَ النَّبيطِ يَلْعَبون الفَنْزَجا
أَي يُقْبِلْن عَلَيْهِ؛ وقومٌ عُكَّفٌ وعُكُوفٌ. وعَكفَتِ الخيلُ بِقَائِدِهَا إِذَا أَقبَلَت عَلَيْهِ، وعَكَفَتِ الطيرُ بالقَتِيل، فَهِيَ عُكُوف؛ كَذَلِكَ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَذُبُّ عَنْهُ كَفٌّ بِهَا رَمَقٌ طَيْرًا ... عُكُوفاً، كَزُوّرِ العُرُسِ
يَعْنِي بِالطَّيْرِ هُنَا الذِّبّان فجعلهنَّ طَيْرًا، وشبَّه اجْتِمَاعَهُنَّ للأَكل بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ للعُرْس. وعَكَفَ يَعْكُف ويَعْكِفُ عَكْفاً وعُكوفاً: لَزِمَ الْمَكَانَ. والعُكُوفُ: الإِقامةُ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: عاكِفُونَ
مُقيمون فِي الْمَسَاجِدِ لَا يُخْرُجون مِنْهَا إِلَّا لِحَاجَةِ الإِنسان يُصلّي فِيهِ ويقرأُ الْقُرْآنَ. وَيُقَالُ لِمَنْ لازَمَ الْمَسْجِدَ وأَقام عَلَى العِبادة فِيهِ: عَاكِف ومُعْتَكِفٌ. والاعْتِكَافُ والعُكُوف: الإِقامةُ عَلَى الشَّيْءِ وَبِالْمَكَانِ ولزُومهما.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ.
والاعْتِكَافُ: الاحْتِباس وعَكَفُوا حولَ الشَّيْءِ: اسْتَدَارُوا. وَقَوْمٌ عُكُوف: مُقِيمون؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الأَثافيّ:
فَهُنَّ عُكُوفٌ، كنَوْحِ الكَرِيمِ، ... قَدْ شَفَّ أَكْبادَهُنَّ الهَوَى
وعَكَفَه عَنْ حَاجَتِهِ يَعْكُفه ويَعْكِفُه عَكْفاً: صَرَفَه وحَبَسه. وَيُقَالُ: إِنَّكَ لتَعْكِفُني عَنْ حَاجَتِي أَي تَصْرفُني عَنْهَا. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ عَكَفْته عَكْفاً فَعَكَفَ يَعْكُفُ عُكوفاً، وَهُوَ لازمٌ وواقعٌ كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُه فرَجَعَ، إِلَّا أَن مَصْدَرَ اللَّازِمِ العُكوف، وَمَصْدَرَ الْوَاقِعِ العَكْف. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً
، فإنَّ مُجَاهِدًا وَعَطَاءً قَالَا مَحْبوساً. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَكَّفْتُهُ أَعْكَفَه عَكْفاً إِذَا حَبَسْتَهُ. وَقَدْ عَكَّفْتُ القومَ عَنْ كَذَا أَي حَبَسْتُهُمْ. وَيُقَالُ: مَا عَكَفَكَ عَنْ كَذَا؟ وعُكِّفَ النظمُ: نُضِّدَ فِيهِ الجوهرُ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّ السُّموطَ عَكَّفَها السِّلْكُ ... بعِطْفَيْ جَيْداء أُمِّ غَزالِ
أَي حَبَسها وَلَمْ يَدَعْها تَتَفَرَّقُ. والمُعَكَّف: المُعَوَّجُ المُعَطَّفُ. وعُكَيْفٌ: اسم.
عَلَفَ: العَلَفُ لِلدَّوَابِّ، وَالْجَمْعُ عِلافٌ مِثْلَ جبَل وجِبال. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتأْكلون عِلافَها
؛ هُوَ جَمْعُ عَلَف، وَهُوَ مَا تأْكله الْمَاشِيَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: العَلَفُ قَضِيمُ الدَّابةِ، عَلَفَهَا يَعْلِفُها عَلْفاً، فَهِيَ مَعْلُوفَة وعَلِيفٌ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارِداً، ... حَتَّى شَتَتْ هَمَّالةً عَيْناها
أَي وسَقَيْتُها مَاءً؛ وَقَوْلُهُ:

(9/255)


يَعْلِفُها اللحمَ، إِذَا عزَّ الشجَرْ، ... والخَيْلُ فِي إطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ
إِنَّمَا يَعْنِي أَنهم يَسقون الخَيلَ الأَلبان إِذَا أَجدَبت الأَرض فَيُقِيمُها مُقامَ العَلَف. والمِعْلَفُ: مَوْضِعُ العلَف. والدابةُ تَعْتَلِف: تأْكل، وتَسْتَعْلِفُ: تَطلُب العَلَفَ بالحَمْحَمة. والعَلُوفَةُ: مَا يَعْلِفُون، وَجَمْعُهَا عُلُفٌ وعَلائِفُ؛ قَالَ:
فأْفأْت أُدْماً كالهِضابِ وجامِلًا، ... قَدْ عُدْنَ مِثْلَ عَلائِفِ المِقْضابِ
وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: كَبْشٌ عَلِيفٌ فِي كِباش عَلائِفَ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مَا رُبِط فعُلِف وَلَمْ يُسَرَّحْ وَلَا رُعِيَ، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ الْهَاءَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعُولة مِنْ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الأَسماء، إِنْ شِئْتَ حذَفت مِنْهُ الْهَاءَ، نَحْوَ الرَّكُوبة والحَلُوبةِ والجَزُوزَةِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. والعَلُوفَة والعَلِيفةُ والمُعَلَّفَةُ، جَمِيعًا: النَّاقَةُ أَو الشَّاةُ تُعْلَفُ للسِّمَنِ وَلَا تُرْسَل للرَّعْي. قَالَ الأَزهري: تُسَمَّن بِمَا يُجْمَع مِنَ العَلَف، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلِيفَةُ المَعْلوفة، وَجَمْعُهَا عَلائِفُ فَقَطْ. وَقَدْ عَلَّفْتُها إِذَا أَكثرت تَعَهُّدها بِإِلْقَاءِ الْعَلَفِ لَهَا. والعُلْفَى، مَقْصُورٌ: مَا يَجْعَلُهُ الإِنسان عِنْدَ حَصاد شَعِيرِهِ لِخَفير أَو صَدِيقٍ وَهُوَ مِنَ العلَف؛ عَنِ الهَجَريّ. والعُلَّفُ: ثمَر الطلْح، وَقِيلَ: أَوْعِيةُ ثمَره. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُلَّفَةُ ثَمَرَةُ الطَّلْحِ كأَنها هَذِهِ الخَرُّوبة الْعَظِيمَةُ السامِيةُ إِلَّا أَنها أَعْبَلُ، وَفِيهَا حَب كالتُّرْمُس أَسْمر تَرْعاه السَّائِمَةُ وَلَا يأْكله النَّاسُ إِلَّا المضْطر، الْوَاحِدَةُ عُلَّفةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ. والعُلَّف: ثَمَرُ الطَّلْحِ وَهُوَ مِثْلُ الباقِلاء الغَضِّ يَخْرُجُ فَتَرْعَاهُ الإِبل، الْوَاحِدَةُ عُلَّفة مِثَالُ قُبَّر وقُبَّرة. ابْنُ الأَعرابي: العُلَّف مِنْ ثَمَرِ الطَّلْحِ مَا أخَلف بَعْدَ البَرَمة، وَهُوَ شَبِيهُ اللُّوبياء، وَهُوَ الحُلْبةُ مِنَ السَّمُر وَهُوَ السّنْفُ مِنَ المَرْخ كالإِصبع؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
بِجِيدِ أَدْماءَ تَنُوشُ العُلَّفا
وأَعْلَفَ الطلْحُ: بَدَا عُلَّفُه وَخَرَجَ. والعِلْف: الْكَثِيرُ الأَكل. والعَلْفُ: الشّرْب الْكَثِيرُ. والعِلْفُ: شَجَرٌ يَكُونُ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَرَقُهُ مِثْلُ وَرَقِ الْعِنَبِ يُكبَس فِي المَجانِب ويُشْوى ويُجَفَّف وَيُرْفَعُ، فَإِذَا طُبِخَ اللَّحْمُ طُرِحَ مَعَهُ فَقَامَ مَقام الْخَلِّ. وعِلافٌ: رَجُلٌ مِنَ الأَزد، وَهُوَ زَبّانُ أَبو جَرْمٍ مِنْ قُضاعة كَانَ يَصْنعُ الرِّحَالَ، قِيلَ: هُوَ أَول مَنْ عَمِلها فَقِيلَ لَهَا عِلافِيّة لِذَلِكَ، وَقِيلَ: العِلافيّ أَعظم الرِّحَالِ أَخَرَةً وَوَاسِطًا، وَقِيلَ: هِيَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ الرِّحَالِ وَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ إِلَّا لَفْظًا كعُمَرِيّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَحَمّ عِلافيّ وأَبيْض صارِم، ... وأَعْيَس مَهْرِيّ وأَرْوَع ماجِد
وَقَالَ الأَعشى:
هِيَ الصاحِبُ الأَدْنَى، وبَيني وَبَيْنَهَا ... مَجُوفٌ عِلافِيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
وَالْجَمْعُ عِلافِيَّاتٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
بَنِي ناجِيةَ: أَنهم أَهْدَوْا إِلَى ابْنِ عَوْفٍ رِحالًا عِلافِيَّةً
؛ وَمِنْهُ شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
تَرى العُلَيْفِيّ عَلَيْها مُوكَدا «2»
__________
(2) . قوله [ترى العليفي إلخ] صدره:
فحمل اللهم كنازاً جلعدا
الكناز، بالزاي: الناقة المكتنزة اللحم الصلبته؛ فما تقدم في جلعد كباراً بالياء والراء خطأ.

(9/256)


العُلَيْفِيّ: تَصْغِيرُ تَرْخِيمٍ للعِلافِيّ وَهُوَ الرَّحْلُ الْمَنْسُوبُ إِلَى عِلاف. وَرَجُلٌ عُلْفُوف: جافٍ كَثِيرُ اللَّحْمِ وَالشَّعْرِ. وَتَيْسٌ عُلْفوف: كَثِيرُ الشَّعْرِ. وَشَيْخٌ عُلْفُوف: كَبِيرُ السِّنِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَأْوى اليَتِيم، ومأْوى كلِّ نَهْبَلةٍ ... تَأْوي إِلَى نَهْبَلٍ كالنَّسْرِ عُلْفُوفِ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْجَعْدِ الخُزاعي: يَسَرٍ، إِذَا هَبَ الشِّتاء وأَمْحَلُوا فِي القَوْمِ، غَيْرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت أَورده الْجَوْهَرِيُّ يسرٌ وَصَوَابُهُ يَسَرٍ، بِالْخَفْضِ، وَكَذَلِكَ غَيْر؛ وَقَبْلُهُ:
أَأُمَيْمُ، هَلْ تَدْرينَ أَنْ رُبَ صاحِبٍ ... فارَقْتُ يومَ خَشاشَ غيرِ ضَعِيفِ؟
قَالَ: يومُ خَشاشٍ يومٌ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هُذَيل قَتَلَتْهُمْ فِيهِ هُذَيْلٌ وَمَا سَلِم إِلَّا عُمَير بْنُ الْجَعْدِ «1» ، وأُميم: تَرْخِيمُ أُميمة، وَقَوْلُهُ يَسَر أَي ياسِر، والعُلْفُوف: الْجَافِي مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ غِرّة وتَضْيِيع؛ قَالَ الأَعشى:
حُلْوة النَّشْر والبَديهة والعلّات، ... لَا جَهْمة وَلَا عُلْفُوف
علهف: المُعَلْهِفَةُ، بِكَسْرِ الْهَاءِ: الفَسِيلة الَّتِي لَمْ تَعْلُ؛ عن كراع.
عنف: العُنْف الخُرْقُ بالأَمر وَقِلَّةُ الرِّفْق بِهِ، وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ. عَنُفَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَعْنُفُ عُنْفاً وعَنَافة وأَعْنَفَه وعَنَّفَه تَعْنِيفاً، وَهُوَ عَنِيفٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ رَفيقاً فِي أَمره. واعْتَنَفَ الأَمرَ: أَخذه بعُنف. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي عَلَى الرِّفْق مَا لَا يُعطي عَلَى الْعُنْفِ
؛ هُوَ، بِالضَّمِّ، الشِّدَّةُ والمَشَقّة، وكلُّ مَا فِي الرِّفْقِ مِنَ الْخَيْرِ فَفِي الْعُنْفِ مِنَ الشَّرِّ مِثْلُهُ. والعَنِفُ والعَنِيفُ: المُعتَنِف؛ قَالَ:
شَدَدْت عليه الوَطْء لَا مُتظالِعاً، ... وَلَا عَنِفاً، حَتَّى يَتِمَّ جُبُورُها
أَي غَيْرَ رَفِيق بِهَا وَلَا طَبّ بِاحْتِمَالِهَا، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذَا قادَني يومَ القِيامة قائدٌ ... عَنِيفٌ، وسَوَّاقٌ يَسوقُ الفَرَزْدَقا
والأَعْنَفُ: كالعَنِيف والعَنِفِ كَقَوْلِكَ اللَّهُ أَكبر بِمَعْنَى كَبِيرٍ؛ وَكَقَوْلِهِ:
لعَمْرُك مَا أَدْري وَإِنِّي لأَوْجَلُ
بِمَعْنَى وَجِل؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَفَّقْتَ بالكِيرَينِ قَيْنَ مُجاشعٍ، ... وأَنت بهَزِّ المَشْرَفِيّةِ أَعْنَفُ
والعَنِيفُ: الَّذِي لَا يُحسن الرُّكُوبَ وَلَيْسَ لَهُ رِفْقٌ بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ عُنُفٌ؛ قَالَ:
لَمْ يَرْكَبُوا الخيلَ إِلَّا بعدَ ما هَرِمُوا، ... فَهُمْ ثِقالٌ عَلَى أَكْتافِها عُنُف
وأَعْنَف الشيءَ: أَخذه بشدَّة. واعْتَنَفَ الشيءَ: كَرِهَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَمْ يَخْتَرِ البيتَ عَلَى التَّعَزُّبِ، ... وَلَا اعْتِنَافَ رُجْلةٍ عن مَرْكَبِ
__________
(1) . قوله [عمير بن الجعد] كذا هو هنا بالتصغير وقدّمه قريباً مكبراً.

(9/257)


يَقُولُ: لَمْ يَخْتَرْ كراهةَ الرُّجْلة فَيَرْكَبَ ويدَع الرُّجلة وَلَكِنَّهُ اشْتَهَى الرُّجْلَةَ. واعْتَنَفَ الأَرضَ: كَرِهَها واسْتَوخَمها. واعْتَنَفَتْه الأَرضُ نفْسُها: نَبَتْ عَلَيْهَا «1» ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي مَعْنَى الْكَرَاهَةِ:
إِذَا اعْتَنَفَتْنِي بَلْدةٌ، لَمْ أَكن لَهَا ... نَسِيّاً، وَلَمْ تُسْدَدْ عليَّ المَطالِبُ
أَبو عُبَيْدٍ: اعْتَنَفْتُ الشَّيْءَ كَرهْتُه وَوَجَدْتُ لَهُ عليَّ مشقَّة وعُنْفاً. واعْتَنَفْت الأَمر اعْتِنَافاً: جَهِلْته؛ وأَنشد قَوْلَ رُؤْبَةَ:
بأَرْبعٍ لَا يَعْتَنِفْنَ العَفْقا
أَي لَا يَجْهَلن شِدَّةَ العَدْو. قَالَ: واعْتَنَفْتُ الأَمْر اعْتِنَافاً أَي أَتَيْتُه وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهِ عِلْمٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلةَ:
نَعَيْتُ امْرَأً زَيْناً إِذَا تُعْقَدُ الحُبى، ... وَإِنْ أُطْلِقَتْ، لَمْ تَعْتَنِفْه الوَقائعُ
يُرِيدُ: لَمْ تَجِدْه الوقائعُ جَاهِلًا بِهَا. قَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَكلت طَعاماً فاعْتَنَفْتُه أَي أَنكرْتُه، قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُوافِقْه. وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مُعْتَنِفٌ أَي غيرُ قاصِدٍ. وَقَدِ اعْتَنَفَ اعْتِنَافاً إِذَا جارَ وَلَمْ يَقْصِد، وأَصله مِنِ اعْتَنَفْتُ الشيءَ إِذَا أَخَذْتَه أَو أَتَيْتَه غَيْرَ حَاذِقٍ بِهِ وَلَا عَالِمٍ. وَهَذِهِ إِبِلٌ مُعْتَنِفَة إِذَا كَانَتْ فِي بَلَدٍ لَا يُوافِقُها. والتَّعْنِيفُ: التَّعْيير واللَّوم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا زَنت أَمةُ أَحدكم فليَجْلدْها وَلَا يُعَنِّفْها
التَّعْنِيفُ: التوْبيخُ والتقْريعُ واللَّوم؛ يُقَالُ: أَعْنَفْتُه وعَنَّفْتُه، مَعْنَاهُ أَي لَا يجمَع عَلَيْهَا بَيْنَ الحَدّ والتوْبيخ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَراد لَا يَقْنَعُ بتَوْبيخها عَلَى فِعْلها بَلْ يُقيم عَلَيْهَا الْحَدَّ لأَنهم كَانُوا لَا يُنْكِرُونَ زِنا الإِماء وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عَيْباً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده اللِّحْيَانِيُّ:
فقَذَفَتْ ببيْضةٍ فِيهَا عُنُفْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: فِيهَا غِلَظٌ وصَلابة. وعُنْفُوانُ كلِّ شَيْءٍ: أَوّله، وَقَدْ غَلب عَلَى الشَّبَابِ وَالنَّبَاتِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
أَنْشَأْتَ تَطَّلِبُ الَّذِي ضَيَّعْتَه ... فِي عُنْفُوانِ شَبابِك المُتَرَجْرجِ
قَالَ الأَزهري: عُنْفُوَان الشَّبَابِ أَوّلُ بَهْجته، وَكَذَلِكَ عُنْفُوَان النَّبَاتِ. يُقَالُ: هُوَ فِي عُنْفُوَان شَبَابِهِ أَي أَوَّله؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رأَتْ غُلاماً قَدْ صَرَى فِي فِقْرَتِهْ ... ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوَانَ سَنْبَتِه «2»
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: عُنْفُوَانَ المَكْرَعِ
أَي أَوَّلَه. وعُنْفُوَان: فُعْلوان مِنَ العُنْف ضِدُّ الرِّفْقِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ أُنْفُوان مِنِ ائتَنَفْت الشَّيْءَ واسْتَأْنَفْته إِذَا اقْتَبَلْتَه فأَقبل إِذَا ابْتَدأْتَه، فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ عَيْنًا فَقِيلَ عُنْفُوَان، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ تَمِيمٍ يَقُولُ اعْتَنَفْت الأَمر بِمَعْنَى ائتَنَفْته. واعْتَنَفْنا المَراعِيَ أَي رَعَينا أُنُفَها، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: أَعن تَرَسّمْت، فِي مَوْضِعِ أَأَن تَرَسمت. وعُنْفُوانُ الخَمر: حِدَّتُها. والعُنْفُوَان: مَا سَالَ مِنَ الْعِنَبِ مِنْ غَيْرِ اعْتِصار. والعُنْفُوَة: يبِيس النَّصيّ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الحَليّ.
__________
(1) . قوله [نبت عليها إلخ] كذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: واعْتَنَفَتْنِي الأَرض نفسها: نبت ولم توافقني.
(2) . قوله [رأت غلاماً] كذا بالأصل، والذي في الصحاح في مادة صرى: رب غلام قد إلخ.

(9/258)


عنجف: العُنْجُفُ والعُنْجُوفُ جَمِيعًا: اليابسُ مِنْ هُزال أَو مَرَضٍ. والعُنْجُوف: القَصير المتداخِل الخَلْق، وَرُبَّمَا وُصفت بِهِ العجوز.
عوف: العَوْفُ: الضَّيْفُ. والعَوْفُ: ذَكَرُ الرَّجُلِ. والعَوف: البالُ. والعَوْف: الحالُ، وَقِيلَ: الْحَالُ أَيّاً كَانَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الشَّرَّ؛ قَالَ الأَخطل:
أَزَبُّ الحاجِبَينِ بعَوْفِ سَوْء، ... مِنَ النَّفَر الَّذِينَ بأَزْقُبانِ
والعَوْفُ: الكادُّ عَلَى عِياله. وَفِي الدُّعَاءِ:
نَعِمَ عَوْفُك
أَي حالُك، وَقِيلَ: هُوَ الضيْف، وَقِيلَ: الذَّكَرُ وأَنكره أَبو عَمْرٍو، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَنكر الأَصمعي قَوْلَ أَبِي عَمْرٍو فِي
نَعِم عَوْفُك.
وَيُقَالُ: نَعم عوفُك إِذَا دَعَا لَهُ أَن يُصِيبَ الْبَاءَةَ الَّتِي تُرْضِي، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا تزوَّج هَذَا. وعَوفُه: ذَكَرَهُ؛ وَيُنْشِدُ:
جارِيةٌ ذاتُ هَنٍ كالنَّوْفِ، ... مُلَمْلَمٍ تَسْترُه بِحَوْفِ،
يَا لَيْتَني أَشِيمُ فِيهَا عَوْفِي
أَي أُولِجُ فِيهَا ذَكَرِي، والنَّوْفُ: السَّنام. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِذَكَرِ الْجَرَادِ أَبو عُوَيْف «3» . وَفِي حَدِيثِ
جُنادَةَ: كَانَ الْفَتَى إِذَا كَانَ يَوْمُ سُبُوعه دَخَلَ عَلَى سِنان بْنِ سَلَمَة، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وعليَّ ثوبانِ مُوَرَّدانِ فَقَالَ: نَعِمَ عَوْفُك يَا أَبا سَلمة فَقُلْتُ: وعوفُك فنَعِمَ
أَي نعمَ بَخْتُك وجَدُّك، وَقِيلَ: بالُك وشأْنُك. والعَوْف أَيضاً: الذَّكَرُ، قَالَ: وكأَنه أَليق بِمَعْنَى الْحَدِيثِ لأَنه قَالَ يَوْمَ سُبوعه يَعْنِي مِنَ العُرس. والعَوْفُ: مِنْ أَسماء الأَسد لأَنه يَتَعوَّفُ بِاللَّيْلِ فيَطْلب. والعَوْف: الذِّئْبُ. وتَعَوَّف الأَسدُ: التَمَس الفَرِيسةَ بِاللَّيْلِ، وعُوافَتُه: مَا يَتعوَّفه بِاللَّيْلِ فيأْكله. والعُوافُ والعُوافةُ: مَا ظَفِرْت بِهِ لَيْلًا. وعُوَافة الطَّالِبِ: مَا أَصابه مِنْ أَي شَيْءٍ كَانَ. وَيُقَالُ: كُلُّ مَنْ ظَفِرَ بِاللَّيْلِ بِشَيْءٍ فَذَلِكَ الشَّيْءُ عُوَافَته. وَإِنَّهُ لحسَنُ العَوْف فِي إِبِلِهِ أَي الرِّعْيةِ. والعَوْف: نبتٌ، وَقِيلَ: نَبْتٌ طيِّب الرِّيحِ. وأُمُّ عَوْف: الجَرادةُ؛ وأَنشد أَبو الْغَوْثِ لأَبي عَطَاءٍ السِّنْدي، وَقِيلَ لِحَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ:
فَمَا صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ، ... كأَنَّ رُجَيْلَتَيها مِنْجلانِ؟
وَقِيلَ: هِيَ دُويبّة أُخرى؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
تُنفِّض بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، وَلَمْ يَطِرْ ... لَنَا بارقٌ، بَخْ للوعيدِ وللرَّهَبْ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَبو عُوَيْف ضَرْبٌ مِنَ الجِعْلان، وَهِيَ دُويبة غَبْرَاءُ تحفِر بِذَنَبِهَا وَبِقَرْنَيْهَا لَا تَظْهَرُ أَبداً. قَالَ: وَمِنْ ضُرُوبِ الجِعْلان الجُعَل وَالسُّفُنُ والجلَعْلَع والقَسْوَرِي. والعَوْف: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ يُقَالُ: قَدْ عَافَ إِذَا لَزِمَ ذَلِكَ الشَّجَر. وعَوْف وعُوَيْف: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. والعُوفَانِ فِي سَعْدٍ: عوفُ بنُ سَعْدٍ وعوفُ بنُ كعبِ بنِ سعدٍ. وعوفٌ: جَبَلٌ؛ قَالَ كثيِّر:
وَمَا هَبَّتِ الأَرْواحُ تَجْري، وَمَا ثَوَى ... مُقِيماً بنَجْدٍ عَوْفُها وتِعارُها
وتِعار: جَبَلٌ هُنَاكَ أَيضاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَبَنُو عَوْفٍ وَبَنُو عُوافَة: بَطْنٌ. قَالَ الجوهري: وكان بعض
__________
(3) . قوله [أَبو عويف] كذا في الأصل، والذي في القاموس: أبو عوف مكبراً.

(9/259)


النَّاسِ يتَأَول العَوْفَ الفَرْجَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لأَبي عَمْرٍو فأَنكره. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الرَّجُلِ الْعَزِيزِ الْمَنِيعِ الَّذِي يَعِزُّ بِهِ الذليلُ ويَذِلُّ بِهِ العزيزُ قَوْلُهُمْ: لَا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي كُلُّ مَنْ صَارَ فِي نَاحِيَتِهِ خَضَعَ لَهُ، وَكَانَ الْمُفَضَّلُ يُخْبِرُ أَن المَثَل للمنذر ابن مَاءِ السَّمَاءِ قَالَهُ فِي عَوْف بْنُ مُحَلِّم بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبَانَ، وَذَلِكَ أَن الْمُنْذِرَ كَانَ يَطلُبُ زُهَير بْنَ أُميّة الشَّيْباني بذَحْل، فَمَنَعَهُ عوفُ بنُ مُحَلِّمٍ وأَبى أَن يُسَلِّمَهُ، فعندها قَالَ الْمُنْذِرُ: لَا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي أَنَّهُ يَقْهَر مَنْ حلَّ بِوَادِيهِ، فَكُلُّ مَنْ فِيهِ كَالْعَبْدِ لَهُ لِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ. وعُوَافَةُ، بالضم: اسم رجل.
عيف: عَافَ الشيءَ يَعَافه عَيْفاً وعِيافةً وعِيافاً وعَيَفاناً: كَرِهه فَلَمْ يَشْربه طَعَامًا أَو شَرَابًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ غَلَبَ عَلَى كَرَاهِيَةِ الطَّعَامِ، فَهُوَ عَائِف؛ قَالَ أَنس بْنَ مُدْرِكة الْخَثْعَمِيَّ:
إِنِّي، وَقَتْلِي كُليباً ثُمَّ أَعْقِلَه، ... كالثَّور يُضْرَبُ لمَّا عَافَت البَقَرُ «1»
وَذَلِكَ أَن الْبَقَرَ إِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ شُرُوعِهَا فِي الْمَاءِ لَا تُضْرَب لأَنها ذَاتُ لَبَنٍ، وَإِنَّمَا يُضْرَبُ الثَّوْرُ لتَفزع هِيَ فَتَشْرَبَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الْعِيَافُ الْمَصْدَرُ وَالْعِيَافَةُ الِاسْمُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كالثَّور يُضْرَبُ أَن تَعافَ نِعاجُه، ... وَجَبَ العِيافُ، ضَرَبْتَ أَو لَمْ تَضْرِب
وَرَجُلٌ عَيُوفٌ وعَيْفان: عَائِفٌ، وَاسْتَعَارَهُ النَّجَاشِيُّ لِلْكِلَابِ فَقَالَ يَهْجُو ابْنَ مُقْبِلٍ:
تَعافُ الكِلابُ الضارِياتُ لحُومَهُمْ، ... وتأْكل مِنْ كَعْبِ بنِ عَوْفٍ ونَهْشَل
وَقَوْلُهُ:
فإنْ تَعافُوا العَدْلَ والإِيمانا، ... فإنَّ فِي أَيْمانِنا نِيرانا
فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنِّيرَانِ سُيُوفًا أَي فَإِنَّا نَضْرِبُكُمْ بِسُيُوفِنَا، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ السُّيُوفِ عَنْ ذِكْرِ الضَّرْبِ بِهَا. والعَائِف: الْكَارِهُ لِلشَّيْءِ المُتَقَذِّر لَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أُتي بضَبّ مَشْوِي فَلَمْ يأْكله، وَقَالَ: إِنِّي لأَعَافُه لأَنه لَيْسَ مِنْ طَعَامِ قَوْمِي
أَي أَكرهه. وعَافَ الماءَ: تَرَكَهُ وَهُوَ عطشانُ. والعَيُوف مِنَ الإِبل: الَّذِي يَشَمُّ الْمَاءَ، وَقِيلَ الَّذِي يَشُمُّهُ وَهُوَ صَافٍ فيدَعُه وَهُوَ عطشانُ. وأَعَافَ القومُ إِعَافَةً: عافَتْ إبلُهُم الْمَاءَ فَلَمْ تَشْرَبْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَذِكْرِهِ إِبْرَاهِيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِسْكَانِهِ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ وأُمه مَكَّةَ وأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فجَّر لَهُمَا زَمْزَمَ قَالَ: فمرَّتْ رُفقةٌ مِنْ جُرْهُمٍ فرأَوا طَائِرًا وَاقِعًا عَلَى جَبَلٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَعَائِفٌ عَلَى مَاءٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: العَائِف هُنَا هُوَ الَّذِي يَتَرَدَّدُ عَلَى الْمَاءِ ويحُوم وَلَا يَمْضِي. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أُم إِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: ورأَوا طَيْرًا عَائِفاً عَلَى الْمَاءِ
أَي حَائِمًا ليَجِد فُرْصة فَيَشْرَبَ. وعَافَت الطَّيْرُ إِذَا كَانَتْ تَحُومُ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى الْجِيَفِ تَعِيفُ عَيْفاً وَتَتَرَدَّدُ وَلَا تَمْضِي تُرِيدُ الْوُقُوعَ، فَهِيَ عَائِفَة، وَالِاسْمُ العَيْفَةُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ عَافَت الطيرُ إِذَا اسْتَدَارَتْ عَلَى شَيْءٍ تَعُوف أَشدّ العَوْف. قَالَ الأَزهري وَغَيْرُهُ: يُقَالُ عَافَت تَعِيفُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ويُصْبِحُ لِي مَنْ بَطْنُ نَسْرٍ مَقِيلُهُ ... دويْنَ السَّمَاءِ فِي نُسُورٍ عَوَائِف
وَهِيَ الَّتِي تَعِيف عَلَى الْقَتْلَى وَتَتَرَدَّدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [كليباً] كذا في الأصل، ورواية الصحاح وشارح القاموس: سليكاً، وهي المشهورة فلعلها رواية أخرى.

(9/260)


وَعَافَ الطَّائِرُ عَيَفاناً حَامَ فِي السَّمَاءِ، وَعَافَ عَيْفاً حَامَ حَوْلَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْد:
كأَن أَوبَ مَساحي القومِ فوقهُمُ ... طَيْرٌ، تَعِيف عَلَى جُونٍ مَزاحِيف
وَالِاسْمُ العَيْفَة، شَبَّهَ اخْتِلاف المَساحي فوق رؤوس الْحَفَّارِينَ بأَجنحة الطَّيْرِ، وأَراد بالجُون الْمَزَاحِيفِ إِبِلًا قَدْ أَزْحَفَت فَالطَّيْرُ تَحُومُ عَلَيْهَا. والعَائِف: الْمُتَكَهِّنُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَن شُرَيْحًا كَانَ عَائِفاً
؛ أَراد أَنه كَانَ صَادِقَ الحَدْس وَالظَّنِّ كَمَا يُقَالُ لِلَّذِي يُصِيبُ بِظَنِّهِ: مَا هُوَ إِلَّا كَاهِنٌ، وَلِلْبَلِيغِ فِي قَوْلِهِ: مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ، لَا أَنه كَانَ يَفْعَلُ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْعِيَافَةِ. وعَافَ الطائرَ وغيرَه مِنَ السَّوانِح يَعيفُه عِيافة: زجَره، وَهُوَ أَن يَعتبر بأَسمائها وَمَسَاقِطِهَا وأَصواتها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصل عِفْتُ الطيرَ فَعَلْتُ عَيَفْتُ، ثُمَّ نُقِلَ مِنْ فَعَلَ إِلَى فِعَلَ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ فِي فَعِلتُ أَلفاً فصارَ عافْتُ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ: العينُ الْمُعْتَلَّةُ وَلَامُ الْفِعْلِ، فَحُذِفَتِ العينُ لِالْتِقَائِهِمَا فَصَارَ التَّقْدِيرُ عَفْتُ، ثُمَّ نُقِلَتِ الْكَسْرَةُ إِلَى الْفَاءِ لأَن أَصلها قَبْلَ الْقَلْبِ فَعِلْت، فَصَارَ عِفْتُ، فَهَذِهِ مُرَاجَعَةُ أَصل إِلَّا أَن ذَلِكَ الأَصل الأَقربُ لَا الأَبعدُ، أَلا تَرَى أَن أَولَ أَحوالِ هَذِهِ الْعَيْنِ فِي صِيغَةِ الْمِثَالِ إِنَّمَا هُوَ فتحةُ الْعَيْنِ الَّتِي أُبدِلت مِنْهَا الكسرةُ؟ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَشباه هَذَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَمَلُوهُ عَلَى فِعالة كراهيةَ الفُعول، وَقَدْ تَكُونُ العِيَافَة بالحدْس وَإِنْ لَمْ تَرَ شَيْئًا؛ قَالَ الأَزهري: العِيَافَة زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أَن يَرَى طَائِرًا أَو غُرَابًا فَيَتَطَيَّرَ وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا فَقَالَ بِالْحَدْسِ كَانَ عِيَافة أَيضاً، وَقَدْ عَافَ الطيرَ يَعِيفُه؛ قَالَ الأَعشى:
مَا تَعِيف اليومَ فِي الطَّيْر الرَّوَحْ ... مِنْ غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ بَرَحْ «1»
والعَائِف: الَّذِي يَعِيفُ الطَّيْرَ فيَزْجُرُها وَهِيَ العِيَافَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
العِيَافَة والطَّرْق مِنَ الجِبْتِ
؛ العِيَافَة: زجْرُ الطَّيْرِ وَالتَّفَاؤُلُ بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها، وَهُوَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ كَثِيرًا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي أَشعارهم. يُقَالُ: عَافَ يَعِيف عَيْفاً إِذَا زجَرَ وحدَس وَظَنَّ، وَبَنُو أَسْد يُذْكَرون بالعِيَافة ويُوصَفون بِهَا، قِيلَ عَنْهُمْ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْجِنِّ تَذَاكَرُوا عِيَافَتَهم فأَتَوْهم فَقَالُوا: ضَلَّتْ لَنَا ناقةٌ فَلَوْ أَرسلتم مَعَنَا مَنْ يَعِيف، فَقَالُوا لغُلَيِّم مِنْهُمُ: انطَلِقْ مَعَهُمْ فاستردَفَه أَحدُهم ثُمَّ سَارُوا، فلقِيَهُم عُقابٌ كاسِرَةٌ أَحد جناحَيْها، فاقشَعَرّ الْغُلَامُ وَبَكَى فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: كسَرَتْ جَناحاً، ورَفَعَتْ جَناحاً، وحَلَفَتْ بِاللَّهِ صُراحاً: مَا أَنت بِإِنْسِيٍّ وَلَا تَبْغِي لِقاحاً. وَفِي الْحَدِيثُ:
أَن عبدَ اللَّهِ بنَ عبدِ الْمُطَّلِبِ أَبا النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرَّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ فَدَعَتْهُ إِلَى أَن يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا فأَبى.
وَقَالَ شِمْرٌ: عَيافٌ والطَّريدةُ لُعْبَتان لصِبْيانِ الأَعراب؛ وَقَدْ ذَكَرَ الطِّرِمَّاحُ جَواريَ شَبَبْن عَنْ هَذِهِ اللُّعَب فَقَالَ:
قَضَتْ مِنْ عَيافٍ والطَريدَة حاجَةً، ... فَهُنَّ إِلَى لَهْو الْحَدِيثِ خُضُوعُ
وَرَوَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سمعت المغيرةَ بن
__________
(1) . قوله [برح] كتب بهامش الأصل في مادة روح في نسخة سنح.

(9/261)


شُعْبة يَقُولُ: لَا تُحَرِّمُ «1» العَيْفَةُ، قُلْنَا: وَمَا العَيْفَة؟ قَالَ: المرأَة تَلِدُ فيُحْصَرُ لبَنُها فِي ثَدْيِهَا فتَرْضَعُه جارَتُها المرَّة وَالْمَرَّتَيْنِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا نَعْرِفُ العَيْفَةَ فِي الرَّضَاعِ وَلَكِنْ نُراها العُفَّةَ، وَهِيَ بقِيَّة اللَّبَنِ فِي الضَرْع بَعْدَ ما يُمْتَكُّ أَكثرُ مَا فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي هُوَ أَصح عِنْدِي أَنه العَيْفَةُ لَا العُفَّة، وَمَعْنَاهُ أَن جَارَتَهَا ترضَعُها الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ لِيَتَفَتَّحَ مَا انسدَّ مِنْ مَخَارِجِ اللَّبَنِ، سُمِّيَ عَيْفَة لأَنها تَعافُه أَي تقذَرُه وتكرَهُه. وأَبو العَيُوف: رَجُلٌ؛ قَالَ:
وَكَانَ أَبو العَيُوف أَخاً وَجَارًا، ... وَذَا رَحِمٍ، فقلتَ لَهُ نِقاضا
وَابْنُ العيِّف العَبْديّ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ.