لسان العرب فصل الحاء
حبق: الحَبْقُ والحَبِقُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، والحُباقُ: الضُّراطُ؛
قَالَ خِداشُ بْنُ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيُّ:
لَهُمْ حَبِقٌ، والسَّوْدُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، ... يَدِيَّ لَكُمْ
والعادِياتِ المُحَصَّبا «4»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّوْدُ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ ويَدِيٌّ: جَمَعُ
يَدٍ مِثْلُ قَوْلِهِ:
فإنَّ لَهُ عِندي يَدِيّاً وأَنْعُما
وأَضافها إِلَى نَفْسِهِ، وَرَوَاهُ أَبو سَهْلٍ الْهَرَوِيُّ: يَدِيّ
لَكُمْ، وَقَالَ: يُقَالُ يَدِيَّ لَكَ أَن يَكُونَ كَذَا كَمَا
تَقُولُ علَيَّ لَكَ أَن يَكُونَ كَذَا؛ وَرَوَاهُ الْجَرْمِيُّ: يَدِي
لَكُمْ، سَاكِنَةَ الْيَاءِ، والعادياتِ مَخْفُوضٌ بِوَاوِ الْقَسَمِ
وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الإِبل وَالْغَنَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ:
الحَبِقُ ضُراطُ المَعز، تَقُولُ: حبَقَت تَحْبِقُ حَبْقاً، وَقَدْ
يُسْتَعْمَلُ فِي النَّاسِ: حبَق يحبِق حبْقاً وحَبِقاً وحُباقاً،
لَفْظُ الِاسْمِ وَلَفْظُ الْمَصْدَرِ فِيهِ سَوَاءٌ، وأَفعال
الضَّرِطِ تجيءُ كَثِيرًا مُتَعَدِّيَةً بِحَرْفٍ كَقَوْلِهِمْ عفَق
بِهَا وحَطَأَ بِهَا ونفَخ بِهَا إِذَا ضَرطَ. وَفِي حَدِيثِ المُنْكَر
الَّذِي كَانُوا يأْتُونه فِي نادِيهم قَالَ:
كَانُوا يَحْبِقُون فِيهِ
؛ الحَبِق، بِكَسْرِ الْبَاءِ: الضُّراط. وَيُقَالُ للأَمة: يَا حَباقِ
كَمَا يُقَالُ يَا دَفارِ. الأَزهري: الحبَقُ دَواءٌ مِنْ أَدْوِيةِ
الصَّيادِلة، والحَبَقُ الفُوذَنْج. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَبَقُ
نَبَاتٌ
__________
(3) . قوله [الجوق] كذا بالأصل. والذي في نسخ الجوهري بأيدينا: الجوقة
الجماعة من الناس
(4) . قوله [والعاديات] في مادة سود والزائرات وفيها ضبط حبق بفتح
الباء والصواب كسرها
(10/37)
طَيِّبُ الرِّيحِ مُرَبَّعُ السُّوقِ
وَوَرَقُهُ نَحْوُ وَرَقِ الخِلافِ مِنْهُ سُهْلِيّ وَمِنْهُ جَبَلي
وَلَيْسَ بمَرْعًى. ابْنُ خَالَوَيْهِ: الحبقُ الباذَرُوجُ، وَجَمْعُهُ
حِباقٌ؛ وأَنشد:
فأَتَوْنا بدَرْمَقٍ وحِباقٍ، ... وشِواء مُرَعْبَلٍ وصِنابِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَباقَى الحَنْدَقُوقَى لُغَةٌ حِيرِيّةٌ؛
أَنْشَدَ الأَصمعي لِبَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ:
لَيْتَ شِعْري، مَتَى تَخُبُّ بي الناقةُ، ... بَيْنَ العُذَيْبِ
فالصِّنَّيْنِ
مُحْقباً زُكْرةً وخُبْزاً رِقَاقًا، ... وحَباقى وقِطْعةً مِنْ نُونِ
وَمَا فِي النِّحْيِ حَبَقةٌ أَي لطْخُ وضَرٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ،
كَقَوْلِكَ مَا فِي النَّحْيِ عَبَقة. وعِذْقُ الحُبَيْق: ضرْب مِنَ
الدَّقَل رَديء، وَهُوَ مُصَغَّرٌ، هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ رَدِيءٌ
مَنْسُوبٌ إِلَى ابْنِ حُبَيْق، وَهُوَ تَمْرٌ أَغبر صَغِيرٌ مَعَ
طُولٍ فِيهِ. يُقَالُ: حُبَيْقٌ ونُبَيْقٌ وَذَوَاتُ العُنيق لأَنواع
مِنَ التَّمْرِ، وَالنُّبَيْقُ أَغبر مدوَّر، وَذَوَاتُ العُنيق لَهَا
أَعناق مَعَ طُولٍ وغُبرة، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي
عِذْق وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ لَوْنَين مِنَ التَّمْرِ: الجُعْرُورِ ولون الحُبَيْق
، يَعْنِي أَن تؤْخذ فِي الصَّدَقَةِ. أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ يَمْشِي
الدِّفِقَّى والحِبِقَّى وَهِيَ دُونَ الدفقَّى. ابْنُ خَالَوَيْهِ:
الحُبَيْبِيق الأَحمق، والحُباق لَقَبُ بَطْنٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ؛
قَالَ:
يُنادِي الحُباقَ وخَمّانَها، ... وَقَدْ شيَّطُوا رأْسَه فالتَهَبْ
حبطقطق: هَذَا مَذْكُورٌ فِي السُّدَاسِيِّ، وَقَالَ: حَبَطِقْطِقْ
حِكَايَةُ صَوْتِ قَوَائِمِ الْخَيْلِ إِذَا جَرَتْ؛ وأَنشد
الْمَازِنِيُّ:
جرَتِ الخيلُ فقالتْ: ... حَبَطِقْطِقْ حَبَطِقْطق
حبقنق: حُبَقْنِيقٌ: سيءُ الخلُق.
حبلق: الحَبَلَّق: الصَّغِيرُ القَصير؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُحابي بِنَا فِي الحَقِّ كُلَّ حَبَلَّقٍ، ... لَنَا البَول عَنْ
عِرْنِينِه يتفرَّقُ
والحَبَلَّقُ: غَنَمٌ صِغَارٌ لَا تكْبُر؛ قَالَ الأَخطل:
واذْكُرْ غُدانةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً ... مِنَ الحَبَلَّقِ، يُبْنى
حَوْلَها الصِّيَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حبق: غُدانةُ بْنُ يَرْبُوع بْنِ
حَنْظَلةَ، وعِدّانٌ جَمْعُ عَتُود مِثْلُ عِتْدان، وَإِنْ شِئْتَ
نَصَبْتَهُ عَلَى الذَّمِّ. والحَبلَّقةُ: غَنَمٌ بجُرَش.
حثرق: الأَزهري: ابْنُ دُرَيْدٍ الحَثْرَقَةُ خُشونة وحُمرة تَكُونُ في
العين.
حدق: حدَقَ بِهِ الشيءُ وأَحدقَ: اسْتَدارَ؛ قَالَ الأَخطل:
المُنْعِمُون بنُو حَرْبٍ، وَقَدْ حَدَقَتْ ... بيَ المَنِيّةُ،
واسْتَبْطأْتُ أَنصارِي
وَقَالَ سَاعِدَةُ:
وأُنْبِئْتُ أنَّ القومَ قَدْ حَدَقُوا بِهِ، ... فَلَا رَيْبَ أنْ
قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحيمُ
وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدار بِشَيْءٍ وأَحاطَ بِهِ، فَقَدْ أَحدَقَ بِهِ.
وَتَقُولُ: عَلَيْهِ شامةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أحدقَ بِهَا بَيَاضٌ.
والحَدِيقة مِنَ الرِّياض: كلُّ أَرض اسْتَدَارَتْ وأَحدق
(10/38)
بِهَا حاجزٌ أَوْ أَرض مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ
عَنْتَرَةُ:
جادَتْ عَلَيْهَا كلُّ بِكْرٍ حُرًةٍ، ... فتَرَكْنَ كلَّ حَديقةٍ
كالدِّرْهمِ
وَيُرْوَى: كلَّ قَرارةٍ؛ وَقِيلَ: الحَدِيقةُ كُلُّ أَرض ذَاتِ شَجَرٍ
مُثمر وَنَخْلٍ، وَقِيلَ: الحديقةُ البُسْتانُ وَالْحَائِطُ وَخَصَّ
بَعْضُهُمْ بِهِ الجَنةَ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ؛ قَالَ:
صُورِيّةٌ أُولِعْتُ باشْتِهارِها، ... ناصِلةُ الحِقْوَيْنِ مِنْ
إزارِها
يُطْرِقُ كلبُ الحَيِّ مِنْ حِذارِها، ... أَعْطَيْتُ فِيهَا طائِعاً
أَو كارِها
حَدِيقةً غَلْباء فِي جِدارِها، ... وفرَساً أُنْثى وعَبْداً فارِها
أَراد أَنه أَعطاها نَخْلًا وكَرْماً مُحْدَقاً عَلَيْهَا، وَذَلِكَ
أَفْخَم لِلنَّخْلِ وَالْكَرْمِ لأَنه لَا يُحْدَق عَلَيْهِ إِلَّا
وَهُوَ مَضْنُون بِهِ مُنْفِسٌ، وَإِنَّمَا أَراد أَنه غالَى
بِمَهْرِهَا عَلَى مَا هِيَ بِهِ مِنَ الاشْتِهار وَخَلَائِقِ
الأَشرار، وَقِيلَ: الحَدِيقةُ حُفرة تَكُونُ فِي الْوَادِي تَحْبِسُ
الْمَاءَ، وكلُّ وَطِيءٍ يَحْبس الْمَاءَ فِي الْوَادِي وإِن لَمْ
يَكُنِ الْمَاءُ فِي بَطْنِهِ، فَهُوَ حديقةٌ. والحدِيقةُ: أَعْمقُ
مِنَ الغَديِر. والحديقةُ: القِطعة مِنَ الزَّرْعِ؛ عَنْ كُرَاعٍ،
وَكُلُّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِدَارَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
وَحَدائِقَ غُلْباً
. وكلُّ بُستان كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، فَهُوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ
يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَل لَهُ حَدِيقَةٌ. الزَّجَّاجُ:
الحدائقُ البَساتين وَالشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ. وحدِيقُ الرَّوْضِ: مَا
أَعشب مِنْهُ والتَفَّ. يُقَالُ: رَوْضة بَنِي فُلَانٍ مَا هِيَ إِلَّا
حَدِيقَةٌ مَا يَجُوزُ فِيهَا شَيْءٌ. وَقَدْ أَحدقت الرَّوْضةُ
عُشْباً، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا عُشْبٌ فَهِيَ رَوْضة. وَفِي
الْحَدِيثِ:
سَمِعَ مِنَ السَّحَابِ صَوْتًا يَقُولُ اسْقِ حَدِيقةَ فُلَانٍ.
والحَدَقةُ: السَّوَادُ الْمُسْتَدِيرُ وَسَطَ الْعَيْنِ، وَقِيلَ:
هِيَ فِي الظَّاهِرِ سَوَادُ الْعَيْنِ وَفِي الْبَاطِنِ خَرَزَتها.
الْجَوْهَرِيُّ: حدَقةُ الْعَيْنِ سَوَادُهَا الأَعظم، وَالْجَمْعُ
حَدَقٌ وأَحداقٌ وحِداقٌ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فالعَيْنُ بَعْدهمُ كأَنَّ حِداقَها ... سُمِلَتْ بشوكٍ، فَهِيَ عُورٌ
تَدْمَعُ
قَالَ: حِداقَها أَرَادَ الحدَقةَ وَمَا حولَها كَمَا يُقَالُ
لِلْبَعِيرِ ذُو عَثانِين وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. الأَزهري عَنِ
اللَّيْثِ: الحدَقُ جَمَاعَةُ الحدَقةِ، وَهِيَ فِي الظَّاهِرِ سَوَادُ
الْعَيْنِ وَفِي الْبَاطِنِ خَرَزَتها، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ
السَّوَادُ الأَعظم فِي الْعَيْنِ هُوَ الْحَدَقَةُ والأَصغر هُوَ
النَّاظِرُ، وَفِيهِ إِنْسَانُ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا النَّاظِرُ
كالمِرآة إِذَا اسْتَقْبَلْتَهَا رأيتَ فِيهَا شَخْصَكَ. وَقَوْلُهُمْ
فِي حَدِيثِ
الأَحنف: نَزَلُوا فِي مِثْلِ حدَقةِ الْبَعِيرِ
أَي نَزَلُوا فِي خِصْب، وشبَّهه بِحَدَقَةِ الْبَعِيرِ لأَنها رَيّا
مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: إِنما أَراد أنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ دَائِمٌ
لأَن النِّقْي لَا يَبقى فِي جَسَدِ الْبَعِيرِ بقاءَه فِي الْعَيْنِ
والسُّلامَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: شبَّه بِلَادَهُمْ فِي كَثْرَةِ
مَائِهَا وخِصْبها بِالْعَيْنِ لأَنها تُوصَفُ بِكَثْرَةِ الْمَاءِ
والنَّداوة، ولأَن المُخ لَا يَبْقَى فِي شيءٍ مِنَ الأَعضاء بَقَاءَهُ
فِي الْعَيْنِ. والحُنْدُوقةُ والحِنْدِيقةُ: الحَدقةُ، قَالَ ابْنُ
دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا. والتَّحْدِيقُ: شِدَّةُ
النَّظَرِ بِالْحَدَقَةِ؛ وقولُ مُليحٍ الْهُذَلِيِّ:
أَبي نَصَبَ الرَّاياتِ بَيْنَ هَوازِنٍ ... وَبَيْنَ تَمِيمٍ، بعدَ
خَوْفٍ مُحَدِّقِ
(10/39)
أَراد أَمراً شَدِيدًا تُحَدِّقُ مِنْهُ
الرِّجَالُ. وَفِي حَدِيثُ
مُعاوية بْنِ الحكَم: فحدَّقني القومُ بأَبصارهم
أَي رَمَوْني بحَدَقِهم، جَمْعُ حدَقة. وحدَقَ فُلَانٌ الشَّيْءَ
بِعَيْنِهِ يَحْدِقُه حَدْقاً إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ. وحدَق الميتُ
إِذَا فتَح عَيْنَيْهِ وطرَف بِهِمَا، والحُدوق الْمَصْدَرُ. ورأَيتُ
الميتَ يَحْدِقُ يَمْنةً ويَسْرة أَي يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَنْظُرُ.
والحَدْلَقَةُ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ: مِثْلُ التَّحْديق، وَقَدْ
حَدْلَقَ الرَّجُلُ إِذَا أَدار حَدَقَته فِي النَّظَرِ. والحَدَقُ:
الباذِنْجانُ، وَاحِدَتُهَا حَدَقة، شُبِّهَ بحدَق المَها؛ قَالَ:
تَلْقَى بِهَا بَيْضَ القَطا الكُدارِي، ... تَوَائِمًا كالحَدَقِ
الصِّغارِ
وَوَجَدْنَا بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: الحذَقُ الْبَاذِنْجَانُ،
بِالذَّالِ الْمَنْقُوطَةِ، وَلَا أَعرفها. الأَزهري عَنِ ابْنِ
الأَعرابي: يُقَالُ لِلْبَاذِنْجَانِ الْحَدَقُ والمَغْد، وَقَدْ
ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ الحَنْدَقُوق، قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ حندق لأَن النُّونَ
أَصلية، وَوَزْنَهُ فَعْلَلول، وَكَذَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ
عِنْدَهُ صفة.
حدرق: الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه كَتَبَ عَنْ أَعرابي قَالَ:
السَّخِينة دقِيقٌ يُلْقَى عَلَى ماءٍ أَو عَلَى لَبَنٍ فَيُطْبَخُ
ثُمَّ يؤْكل بِتَمْرٍ أَو يُحْسَى وَهُوَ الحَساء، قَالَ: وَهِيَ
السَّخونة أَيضاً وَهِيَ النَّفِيتةُ والحُدْرُقَّةُ والخَزِيرةُ
والحَرِيرةُ أَرقُّ مِنْهَا، قَالَ: وَقَالَتْ جَارِيَةٌ لأُمِّها: يَا
أُمّياه أَنَفِيتَة تُتَّخَذُ أَم حُدْرُقَّة؟ والحُدرقَّة: مِثْلُ
زَرْق الطَّيْرِ فِي الرِّقَّة.
حدلق: الحُدَلِقةُ، مِثَالُ الهُدَبِد: الحَدقةُ الْكَبِيرَةُ.
وَعَيْنٌ حُدَلِقةٌ: جاحظةٌ. والحُدَلِقةُ: الْعَيْنُ الْكَبِيرَةُ.
وَقَالَ كُرَاعٌ: أَكل الذِّئْبُ مِنَ الشَّاةِ الحُدَلِقةَ أَي
الْعَيْنَ. وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ شيءٌ مِنْ جَسَدِهَا لَا أَدري مَا
هُوَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الأَصمعي سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ
بَنِي سَعْدٍ يَقُولُ: شدَّ الذئبُ عَلَى شَاةِ فُلَانٍ فأَخذ
حُدَلِقَتها وَهُوَ غَلْصَمَتُها. والحَدَوْلَق: القصير المجتمع.
حذق: الحِذْقُ والحَذاقةُ: المَهارة فِي كُلِّ عَمَلٍ، حذَق الشيءَ
يَحْذِقُه وحَذِقَه حَذْقاً وحِذْقاً وحَذاقاً وحِذاقاً وحَذاقة
وحِذاقة، فَهُوَ حَاذِقٌ مِنْ قَوْمٍ حُذَّاق. الأَزهري: تَقُولُ حَذَق
وحَذِق فِي عَمَلِهِ يَحْذِق ويَحْذَق، فَهُوَ حَاذِقٌ مَاهِرٌ،
والغلامُ يَحْذِق القرآنَ حِذْقاً وحِذاقاً، وَالِاسْمُ الحِذاقة. أَبو
زَيْدٍ: حذَقَ الغلامُ الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ يَحذِقُ حِذْقاً
وحَذْقاً وحِذاقاً وحَذاقاً وحِذاقة وحَذاقة مهرَ فِيهِ، وَقَدْ حَذِقَ
يحذَق لُغَةً. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فَمَا مرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْته
وعرَفْته وأتقَنْته
، وَالِاسْمُ الْحَذْقَةُ مأْخوذ مِنَ الحَذْق الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ.
وَيُقَالُ لِلْيَوْمِ الَّذِي يَختم فِيهِ الصبيُّ الْقُرْآنَ: هَذَا
يَوْمُ حِذاقِه. وَفُلَانٌ فِي صَنْعَتِهِ حَاذِقٌ بَاذِقٌ، وَهُوَ
إِتْبَاعٌ لَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وحذَق الشيءَ يَحْذِقه حَذْقاً، فَهُوَ
مَحْذوق وحَذِيقٌ، مدَّه وَقَطَعَهُ بِمِنْجَل وَنَحْوِهِ حَتَّى لَا
يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْفِعْلُ اللَّازِمُ الِانْحِذَاقُ؛
وَأَنْشَدَ:
يكادُ مِنْهُ نِياطُ القَلبِ يَنحذِقُ
والحَذِيقُ: الْمَقْطُوعُ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ لزُغْبةَ
الباهِلي:
أنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ؟ ... وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ
حَذِيقُ
أَيْ مَقْطُوعٌ. والحاذِقُ: الْقَاطِعُ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(10/40)
يُرى ناصِحاً فِيمَا بَدَا، فَإِذَا خَلَا،
... فَذَلِكَ سِكِّينٌ عَلَى الحَلْقِ حاذِقُ
وحَبْل أحْذاق أخْلاق: كَأَنَّهُ حُذِق أَيْ قُطِع، جَعَلُوا كُلَّ
جزءٍ مِنْهُ حَذِيقاً؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ؛ وَقِيلَ: الحَذْق
القَطْع مَا كَانَ. وانْحَذَق الشيءُ: انقطَع. وحذقَ الرِّباطُ يدَ
الشَّاةِ: أثَّر فِيهَا بقَطْع. الأَزهري: حذقْت الْحَبْلَ أحْذِقُه
حَذْقاً إِذَا قَطَعْتَهُ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ. وحذَق الخَلُّ
يَحْذِقُ حُذوقاً: حَمُض. وحذَق اللَّبَنُ وَالنَّبِيذُ وَنَحْوُهُمَا
يَحْذِق حُذوقاً: حذَى اللسانَ. والحاذِقُ أَيْضًا: الْخَبِيثُ
الْحُمُوضَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْحَاذِقُ مِنَ الشَّرَابِ
المُدْرِكُ الْبَالِغُ؛ وَأَنْشَدَ:
يُفِخْن بَوْلًا كالشَّرابِ الحاذِقِ، ... ذَا حَرْوةٍ يَطِير فِي
المَناشِقِ
وحذَق الخلُّ فَاهَ: حَمَزَه. والحُذاقيُّ: الفصيحُ اللسانِ البيِّنُ
اللَّهجة؛ قَالَ طرَفةُ:
إِنِّي كفانيَ، مِنْ أمرٍ هَمَمْتُ بِهِ، ... جارٌ كجارِ الحُذاقيِّ
الَّذِي اتَّصفا
يَعْنِي أَبَا دُواد الإِياديّ الشَّاعِرَ، وَكَانَ أَبُو دُوادٍ
جاوَرَ كعْبَ بْنَ مامةَ، وَقَوْلُهُ اتَّصَفَا أَيْ صَارَ مُتواصِفاً؛
وَقَالَ أَبُو دُوَادَ:
ودارٍ يقولُ لَهَا الرَّائدُونَ: ... وَيْلُ امِّ دارِ الحُذاقيّ
دَارَا
يَعْنِي بالحُذاقي نفْسَه، وحُذاقٌ: رهطُ أَبِي دُوَادَ؛ وَقَالَ
أَيضاً:
ورِجال مِنَ الأَقارِبِ كَانُوا ... مِن حُذاقٍ، همُ الرؤُوسُ الخِيار
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الْآخَرِ:
وقولُ الحُذاقيّ قَدْ يُستَمَعْ، ... وقَوْليَ ذُرَّ عَلَيْهِ
الصَّبِرْ
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ
أَن يُرِيدَ بِهِ الرَّجُلَ الْفَصِيحَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ عَلَى صَعْدةٍ يَتْبَعُها حُذاقيٌ
؛ هُوَ الجَحش، والصَّعْدةُ الأَتان. وَمَا فِي رَحْلِهِ حُذاقةٌ أَيْ
شيءٌ مِنْ طَعَامٍ. وأَكَل الطَّعَامَ فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذاقةً
وحُذافةً، بِالْفَاءِ. واحتَمل رحلَه فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذاقةً.
وَبَنُو حُذاقةَ: بَطْنٌ مِنْ إِيَادٍ، وكلٌّ مِنَ الْعَرَبِ حُذافة،
بِالْفَاءِ، غَيْرَ هَذَا فَإِنَّهُ بِالْقَافِ. وَوَرَدَ فِي شِعْرِ
أَبِي دُواد حُذاق بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيْتُهُ آنِفًا:
كَانُوا مِنْ حُذاق. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ حدق: الحدَق
الباذِنْجان، وَوَجَدْنَا بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الحذَق
الْبَاذِنْجَانُ، بِالذَّالِ مَنْقُوطَةً، قَالَ: وَلَا أَعْرِفُهَا.
حذلق: الحَذْلَقةُ: التصرُّف بالظَّرْف. والمُتَحَذْلِق: المُتَكَيِّس،
وَقِيلَ: المُتحذلق هُوَ الْمُتَكَيِّسُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ
يَزْدَادَ عَلَى قَدْرِهِ. وَإِنَّهُ ليَتَحَذْلَق فِي كَلَامِهِ
ويَتَبَلْتَع أَيْ يتظرَّف ويَتكيَّسُ. وَرَجُلٌ حِذْلقٌ: كثيرُ
الْكَلَامِ صَلِفٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ. والحِذْلاقُ:
الشيءُ المُحَدَّد، وَقَدْ حُذْلِقَ. وَيُقَالُ: حَذْلَقَ الرجلُ
وتَحَذْلَق إِذَا أَظهر الحِذْق وادَّعى أَكثر مِمَّا عنده.
حرق: الحَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّارُ. يُقَالُ: فِي حَرَقِ
اللَّهِ؛ قَالَ:
شَدًّا سَريعاً مِثلَ إضرامِ الحَرَقْ
(10/41)
وَقَدْ تَحرَّقَتْ، والتحريقُ: تأْثيرها
فِي الشَّيْءِ. الأَزهري: والحَرَقُ مِنْ حَرَق النَّارِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَقُ شَهَادَةٌ.
ابْنُ الأَعرابي: حرَقُ النَّارِ لهَبُه، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُهُ
ضالَّةُ المُؤمِن حرَقُ النارِ
أَيْ لَهَبُها؛ قَالَ الأَزهري: أَراد أَن ضالةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا
أَخذها إِنْسَانٌ ليتملَّكها فإنها تُؤَدِّيهِ إِلَى حرَق النَّارِ،
والضالةُ مِنَ الْحَيَوَانِ: الإِبل وَالْبَقَرُ وَمَا أَشْبَهَهَا
مِمَّا يُبْعِد ذَهَابُهُ فِي الأَرض وَيَمْتَنِعُ مِنَ السِّباع،
لَيْسَ لأَحد أَن يَعْرِض لَهَا لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْعَدَ مَن عَرَضَ لَهَا ليأْخذها بِالنَّارِ.
وأحْرقَه بِالنَّارِ وحَرَّقه: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
الحَرِقُ شَهِيدٌ
، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
الحَريقُ
أَيِ الَّذِي يقَع فِي حرَق النَّارِ فيَلْتَهِب. وَفِي حَدِيثِ
المُظاهِر:
احْتَرَقْت
أَيْ هلكْت؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المُجامِع:
فِي نَهَارِ رَمَضَانَ احْترقْت
؛ شَبَّهَا مَا وقَعا فِيهِ مِنَ الجِماع فِي المُظاهرة والصَّوْم
بالهَلاك. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّهُ أُوحي إليَّ أَنْ أُحْرِقَ قُرَيْشًا
أَي أُهْلِكَهم، وَحَدِيثُ قِتَالِ أَهل الرِّدَّةِ:
فَلَمْ يَزَلْ يُحَرِّقُ أعْضاءهم حَتَّى أَدْخَلَهُمْ مِنَ الْبَابِ
الَّذِي خَرجوا مِنْهُ
، قَالَ: وأُخذ مِنْ حَارِقَةِ الوَرِك، وأَحرقته النَّارُ وحَرّقَتْه
فَاحْتَرَقَ وتحرّقَ، والحُرْقةُ: حَرارتها. أَبُو مَالِكٍ: هَذِهِ
نارٌ حِراقٌ وحُراق: تُحْرِق كُلَّ شَيْءٍ. وأَلقى اللَّهُ الْكَافِرَ
فِي حارِقَتِه أَيْ فِي نارِه؛ وتحرّقَ الشيءُ بِالنَّارِ واحْترقَ،
وَالِاسْمُ الحُرْقةُ والحَريقُ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِند يلقَّب
بالمُحَرِّق، لأَنه حرَّق مِائَةً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: تِسْعَةً
وَتِسْعِينَ مِنْ بَنِي دارِم، وَوَاحِدًا مِنَ البَراجِم، وشأْنه
مَشْهُورٌ. ومُحَرِّق أَيضاً: لقب الحرث بْنِ عَمْرٍو ملِك الشَّامِ
مِنْ آلِ جَفْنةَ، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَوّل مَنْ حرَّق
الْعَرَبَ فِي دِيَارِهِمْ، فَهُمْ يُدْعَوْن آلَ مُحَرِّق؛ وأَما
قَوْلُ أسودَ بْنِ يَعْفُر:
مَاذَا أُؤَمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ، ... تَرَكُوا منازِلَهم، وبعدَ
إيادِ؟
فَإِنَّمَا عَنَى بِهِ إمرأَ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيّ
اللخْمِيّ لأَنه أَيضاً يُدعَى مُحَرِّقًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
محرِّق لَقَبُ ملِك، وَهُمَا مُحرِّقان: مُحَرِّقُ الأَكبر وَهُوَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ اللَّخْمِيُّ، وَمُحَرِّقُ الثَّانِي وَهُوَ عَمرو
بْنُ هِنْدٍ مُضَرِّطُ الْحِجَارَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَحْرِيقِهِ
بَنِي تَمِيمٍ يَوْمَ أوارةَ، وَقِيلَ: لِتَحْرِيقِهِ نَخْلَ مَلْهَمٍ.
والحُرْقةُ: مَا يَجِدُهُ الإِنسان مِنْ لَذْعةِ حُبّ أَوْ حُزْنٍ أَوْ
طَعْمِ شَيْءٍ فِيهِ حَرَارَةٌ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحُرقة مَا
تَجِدُ فِي الْعَيْنِ مِنَ الرمَد، وَفِي الْقَلْبِ مِنَ الوجَع، أَوْ
فِي طَعْمِ شَيْءٍ مُحرِق. والحَرُوقاء والحَرُوقُ والحُرّاقُ
والحَرُّوقُ: مَا يُقْدَح بِهِ النَّارُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ الخِرَقُ المُحرَّقة الَّتِي يَقَعُ فِيهَا
السّقْط؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ الَّذِي تُورَى فِيهِ النارُ. ابْنُ
الأَعرابي: الحَرُوقُ والحَرُّوقُ والحُراقُ مَا نَتَقَتْ بِهِ
النَّارُ مِنْ خِرْقة أَوْ نَبْجٍ، قَالَ: والنَّبْجُ أصُول البَرْدِيّ
إِذَا جَفَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُراق والحُراقة مَا تَقَعُ فِيهِ
النارُ عِنْدَ القَدْح، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ فِي
بَابِ فَعُولاء عَنِ الْفَرَّاءِ: أَنَّهُ يُقَالُ الحَرُوقاء لِلَّتِي
تُقْدَحُ مِنْهُ النَّارُ والحَرُوقُ والحُرّاقُ والحَرُّوقُ، قَالَ:
وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ الحُراقُ والحُراقةُ فعدَّتها سِتُّ
لُغَاتٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والحَرّاقاتُ سفُن فِيهَا مَرامِي نِيران،
وَقِيلَ: هِيَ المَرامِي أنفُسها. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرّاقة،
بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ فِيهَا مَرَامِي
نِيرَانٍ يُرمى بِهَا الْعَدُوُّ فِي الْبَحْرِ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ
يَصِفُ إِبِلًا:
(10/42)
حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ، ...
وغَتْمُ نَجْمٍ غيرِ مُسْتَقِلِّ،
فَمَا تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
يَعْنِي عَطَّشها، والغَتْم: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَيُرْوَى: وغَيم
نَجْمٍ، والغَيْم: العطَش. والحَرّاقات: مَوَاضِعُ القَلَّايِينَ
والفَحّامِين. وأَحْرِقْ لَنَا فِي هَذِهِ القصَبَةِ نَارًا أَيْ
أقْبِسْنا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ونارٌ حِراقٌ: لَا تُبْقي شَيْئًا.
وَرَجُلٌ حُراق وحِراق: لَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا أَفْسَدَهُ،
مَثَّلَ بِذَلِكَ، ورَمْيٌ حِراقٌ: شَدِيدٌ، مَثَّلَ بِذَلِكَ أَيْضًا.
والحَرَقُ: أَنْ يُصيب الثوبَ احْتِراقٌ مِنَ النَّارِ. والحَرَقُ:
احْتراق يُصِيبُه مِنْ دَقِّ القَصّار. ابْنُ الأَعرابي: الحَرَق
النَّقْب فِي الثَّوْبِ مِنْ دَقِّ القَصّار، جَعَلَهُ مِثْلَ الحرَق
الَّذِي هُوَ لهَب النَّارِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يسكَّن.
وعِمامة حَرَقانِيّة: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الوَشْي فِيهِ لَوْنٌ كأَنه
مُحْترِق. والحرَقُ والحَريقُ: اضْطِرام النَّارِ وتَحَرُّقها.
والحَرِيقُ أَيضاً: اللَّهَب؛ قَالَ غَيْلانُ الرِّبْعِيُّ:
يُثِرْنَ، مِنْ أَكْدَرِها بالدَّقْعاء، ... مُنْتَصِباً مِثْلَ
حَرِيقِ القَصْباء
وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَاءُ
المُحْرقَ مِنَ الخاصِرةِ
؛ الْمَاءُ المُحرَقُ: هُوَ المُغْلى بالحَرَق وَهُوَ النَّارُ،
يُرِيدُ أَنَّهُ شَرِبَهُ مِنْ وجَع الخاصِرةِ. والحَرُوقةُ: الْمَاءُ
يُحْرَق قَلِيلًا ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ دقِيق قَلِيلٌ فيتنافَت أَيْ
يَنتفخ ويتقافَز عِنْدَ الغَليانِ. والحَرِيقةُ: النَّفِيتةُ، وَقِيلَ:
الحَرِيقةُ الْمَاءُ يُغْلى ثُمَّ يذرُّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ فيُلْعَق
وَهُوَ أَغْلَظُ مِنَ الحَساء، وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي
شِدَّةِ الدهْر وغَلاء السِّعر وعجَفِ الْمَالِ وكلَب الزَّمَانِ.
الأَزهري: ابْنُ السِّكِّيتِ الحَرِيقة والنَّفِيتة أَن يُذرّ
الدَّقِيقُ عَلَى مَاءٍ أَو لَبَنٍ حَلِيبٍ حَتَّى يَنْفِت ويُتحسَّى
مِنْ نَفْتها، وَهُوَ أَغلظ مِنَ السَّخينة، فَيُوَسِّعَ بِهَا صَاحِبُ
العِيال عَلَى عِياله إِذَا غَلَبَهُ الدَّهْرُ. وَيُقَالُ: وَجَدْتُ
بَنِي فُلَانٍ مَا لَهُمْ عَيْشٌ إلَّا الحَرائقُ. والحَرِيقُ: مَا
أَحرقَ النباتَ مِنْ حَرٍّ أَو بَرْدٍ أَو رِيحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
مِنَ الْآفَاتِ، وَقَدِ احترقَ النَّبات. وَفِي التَّنْزِيلِ:
فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ.
وَهُوَ يَتحرَّقُ جُوعاً: كَقَوْلِكَ يَتضرَّم. ونَصل حَرِقٌ حَدِيدٌ:
كأَنه ذُو إِحْرَاقٍ، أَراه عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
فأَدْرَكَه فأَشْرَعَ فِي نَساه ... سِناناً، نَصْلُه حَرِقٌ حَدِيدُ
وَمَاءٌ حُراقٌ وحُرّاقٌ: مِلْح شديدُ المُلُوحةِ، وَكَذَلِكَ
الْجَمْعُ. ابْنُ الأَعرابي: مَاءٌ حُراق وقُعاعٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ،
وَلَيْسَ بَعْدَ الحُراقِ شَيْءٌ، وَهُوَ الَّذِي يُحَرِّق أَوْبَارَ
الإِبل. وأَحْرَقَنا فُلَانٌ: بَرَّح بِنَا وَآذَانَا؛ قَالَ:
أَحْرَقَني الناسُ بتَكْلِيفِهمْ، ... مَا لَقِيَ الناسُ مِنَ الناسِ؟
والحُرْقانُ: المَذَحُ وَهُوَ اصْطِكاكُ الفخِذين. الأَزهري: اللَّيْثُ
الحَرْقُ حَرْق النابَيْن أَحدهما بِالْآخَرِ؛ وَأَنْشَدَ:
أَبَى الضَّيْمَ، والنُّعمانُ يَحرِق نابَه ... عَلَيْهِ، فأفْصى،
والسيوفُ مَعاقِلُه
وحَريقُ النابِ: صَريفُه. والحَرْقُ: مَصْدَرٌ حَرَقَ نابُ الْبَعِيرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَحْرقُون أَنيابهم
(10/43)
غَيْظاً وحَنَقاً
أَيْ يَحُكُّون بَعْضَهَا بِبَعْضٍ. ابْنُ سِيدَهْ: حرَق نابُ
الْبَعِيرِ يَحْرُقُ ويَحْرِقُ حرْقاً وحَريقاً صرَف بِنابِه، وحرَق
الإِنسانُ وغيرُه نابَه يَحرُقه ويَحْرِقُه حرْقاً وحَرِيقاً وحُروقاً
فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْظ وغضَبٍ، وَقِيلَ: الحُروق مُحْدَث. وحرَق
نابَه يَحْرُقه أَيْ سحَقه حَتَّى سُمع لَهُ صَريفٌ؛ وَفُلَانٌ يحرُق
عَلَيْكَ الأُرَّمَ غَيظاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نُبِّئْتُ أحْماء سُلَيْمى إِنَّمَا ... باتُوا غِضاباً، يَحْرُقون
الأُرَّما
وسَحابٌ حَرِقٌ أَيْ شَدِيدُ البرْقِ. وفَرس حُراقُ العَدْوِ إِذَا
كَانَ يحتَرِقُ فِي عَدْوه. والحارِقةُ: العصَبةُ الَّتِي تَجْمع
بَيْنَ رأْس الْفَخِذِ والوَرِك؛ وَقِيلَ: هِيَ عَصَبَةٌ مُتَّصِلَةٌ
بَيْنَ وابلَتَي الْفَخِذِ والعَضُد الَّتِي تَدُورُ فِي صدَفة
الْوَرِكِ وَالْكَتِفِ، فَإِذَا انْفَصَلَتْ لَمْ تَلْتَئِمْ أَبَدًا،
يُقَالُ عِنْدَهَا حُرِقَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَحْروق، وَقِيلَ: الحارقةُ
فِي الخُرْبة عَصَبَةٌ تُعلِّق الْفَخِذَ بِالْوَرِكِ وَبِهَا يَمْشِي
الإِنسان، وَقِيلَ: الحارِقَتانِ عصَبتان في رؤوس أَعَالِي
الْفَخِذَيْنِ فِي أَطرافها ثُمَّ تَدْخُلَانِ فِي نُقْرتي
الْوَرِكَيْنِ مُلْتَزِقَتَيْنِ نَابِتَتَيْنِ فِي النُّقْرَتَيْنِ
فِيهِمَا مَوْصِل مَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكِ، وَإِذَا
زَالَتِ الحارقةُ عَرِجَ الَّذِي يُصيبه ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْحَارِقَةُ
عَصَبَةٌ أَو عِرْق فِي الرِّجل، وحَرِقَ حَرَقاً وحُرِقَ حَرْقاً:
انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ. الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي الْحَارِقَةُ
الْعَصَبَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْوَرِكِ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ مَشَى
صَاحِبُهَا عَلَى أَطراف أَصابعه لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَ ذَلِكَ،
قَالَ: وَإِذَا مَشَى عَلَى أَطراف أَصَابِعِهِ اخْتِيَارًا فَهُوَ
مُكتامٌ؛ وَقَدِ اكْتامَ الرَّاعِي عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ «5»
... أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنَالَ أَطْرَافَ الشَّجَرِ بِعَصَاهُ ليَهُشَّ
بِهَا عَلَى غَنَمِهِ؛ وَأَنْشَدَ لِلرَّاجِزِ يَصِفُ رَاعِيًا:
تَراهُ، تحتَ الفَننِ الوَريقِ، ... يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْرُوقِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي أَخْبَرَ أَنَّهُ يَقُومُ
عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَ الْغُصْنَ فيُميله
إِلَى إِبِلِهِ، يَقُولُ: فَهُوَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ لِيَتَنَاوَلَ
الغُصن الْبَعِيدَ مِنْهُ فيَجْذِبه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي
تَفْسِيرِهِ: يَقُولُ إِنَّهُ يَقُومُ عَلَى فَرْد رَجُلٍ يَتَطَاوَلُ
للأَفنان وَيَجْتَذِبُهَا بِالْمِحْجَنِ فينفُضها للإِبل كَأَنَّهُ
مَحْروق. والحَرَقُ فِي الناسِ والإِبل: انْقِطَاعُ الْحَارِقَةِ.
وَرَجُلٌ حَرِقٌ: أَكْثَرُ مِنْ مَحْروق؛ وَبَعِيرٌ مَحْروقٌ: أَكْثَرُ
مِنْ حَرِقٍ، وَاللُّغَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ
النَّوْعَيْنِ فَصِيحَتَانِ. والحارقةُ أَيْضًا: عصَبة أَوْ عِرْق فِي
الرِّجل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَحروق
الَّذِي انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ، وَيُقَالُ: الَّذِي زَالَ وَرِكُه؛
قَالَ آخَرُ:
همُ الغِرْبانُ فِي حُرُماتِ جارٍ، ... وَفِي الأَدْنَيْنَ حُرَّاقُ
الوُرُوكِ
يَقُولُ: إِذَا نَزَلَ بِهِمْ جَارٌ ذُو حُرمة أَكَلُوا مَالَهُ
كَالْغُرَابِ الَّذِي لَا يَعاف الدَّبر وَلَا القَذَر، وَهُمْ فِي
الظُّلم والجَنَف عَلَى أدانِيهم كالمَحروق الَّذِي يَمْشِي مُتجانِفاً
ويَزهَد فِي مَعُونتهم والذبِّ عَنْهُمْ. والحَرْقُوَةُ: أَعْلَى
الحَلق أَوِ اللَّهاة. وحَرِقَ الشعرُ حَرَقاً، فَهُوَ حَرِقٌ: قَصُر
فَلَمْ يَطُلْ أَوِ انْقَطَعَ؛ قَالَ أَبُو كَبير الهُذلي:
ذَهَبَت بَشاشَته فأَصْبَح خامِلًا، ... حَرِقَ المَفارِقِ كالبُراءِ
الأَعْفَرِ
البُراء: البُرايةُ وَهِيَ النُّحاتةُ، والأَعفرُ: الأَبيضُ
__________
(5) . كذا بياض بالأصل.
(10/44)
الَّذِي تَعْلُوهُ حُمرة. وحَرِقَ رِيشُ
الطَّائِرِ، فَهُوَ حَرِقٌ: انْحصّ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يَصِفُ غُرَابًا:
حَرِقُ الجَناحِ، كأنَّ لَحْيَيْ رأسِه ... جَلَمانِ، بالأَخْبارِ
هَشٌّ مُولَعُ
والحَرَقُ فِي الناصيةِ: كَالسَّفَى، والفعلُ كَالْفِعْلِ. وحَرِقَت
اللِّحية فَهِيَ حَرِقةٌ: قصُر شَعَرُ ذقَنها عَنْ شَعَرِ العارِضين.
أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا انْقَطَعَ الشَّعَرُ ونَسَل قِيلَ حَرِق يحرَقُ،
وَهُوَ حَرِق، وَفِي الصِّحَاحِ: فَهُوَ حَرِقُ الشَّعَرِ
وَالْجَنَاحِ؛ قَالَ الطِّرمّاح يَصِفُ غُرَابًا:
شَنِجُ النِّسا حَرِقُ الجَناح كأنَّه، ... فِي الدَّارِ إثْرَ
الظَّاعِنينَ، مُقَيَّدُ
وحَرَقَ الحديدَ بالمِبْرَد يحْرُقه ويَحْرِقُه حَرْقاً وحَرَّقه:
بردَه وحَكَّ بعضَه بِبَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَنُحَرِّقَنَّهُ
«1» . وَقُرِئَ
لنُحَرِّقَنَّه
ولنَحْرُقَنَّه
، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ
لنحرُقنّه لنَبْرُدَنَّه بِالْحَدِيدِ بَرْداً مِنْ حرَقْتُه أحْرُقه
حَرْقاً؛ وَأَنْشَدَ المُفَضَّل لِعَامِرِ بْنِ شَقِيق الضَّبي:
بذِي فَرْقَيْنِ، يَومَ بَنُو حَبيبٍ ... نُيوبَهُم عَلَيْنَا
يَحْرُقُونا
قَالَ:
وَقَرَأَ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لنحرُقنَّه
أَيْ لنبرُدَنَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَرْق النَّوَاةِ
؛ هُوَ بَرْدها بالمِبرد. يُقَالُ: حرَقه المِحْرقِ أَيْ بَرَدَهُ
بِهِ؛ وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ لَنُحَرِّقَنَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
أَرَادَ إِحْرَاقَهَا بِالنَّارِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ إِكْرَامًا
لِلنَّخْلَةِ أَوْ لأَن النَّوَى قُوتُ الدَّواجِن فِي الْحَدِيثِ.
ابْنُ سِيدَهْ: وَحَرَّقَهُ مُكَثَّرَةٌ عَنْ حَرَقه كَمَا ذَهَبَ
إِلَيْهِ الزَّجَّاجُ مِنْ أَنَّ لنُّحَرِّقَنَّه بِمَعْنَى لنبرُدنَّه
مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، لأَن الْجَوْهَرَ الْمَبْرُودَ لَا يَحْتَمِلُ
ذَلِكَ، وَبِهَذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْفَارِسِيُّ قَوْلَهُ. والحِرْقُ
والحُراقُ والحِراقُ والحَرُوقُ، كُلُّهُ: الكُشُّ الَّذِي يُلْقَح
بِهِ النَّخْلُ، أَعْنِي بالكُشّ الشِّمْراخَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ
الْفَحْلِ فيُدَسُّ فِي الطَّلْعة. والحارِقةُ مِنَ النِّسَاءِ:
الَّتِي تُكثر سَبَّ جارتِها. والحارِقةُ والحارُوق مِنَ النِّسَاءِ:
الضيّقةُ الْفَرْجِ. ابْنُ الأَعرابي: وَامْرَأَةٌ حارِقةٌ ضَيِّقَةُ
المَلاقي، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَغْلِبها الشَّهْوَةُ حَتَّى
تَحْرُقَ أنيابَها بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ أَيْ تحُكّها، يَقُولُ:
عَلَيْكُمْ بِهَا «2» وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وجدْتُها حارِقةً طارِقةً فَائِقَةً.
وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
دخلَ مكةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوداء حَرَقانِيّةٌ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا السَّوْدَاءُ وَلَا يُدرَى مَا
أصلُه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ الَّتِي عَلَى لَوْنِ مَا
أَحْرَقَتْهُ النَّارُ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ بِزِيَادَةِ الأَلف
وَالنُّونِ إِلَى الحرَق، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ:
وَيُقَالُ الحَرْقُ بِالنَّارِ والحَرَقُ مَعًا. والحَرَقُ مِنَ
الدّقِّ: الَّذِي يَعْرِض لِلثَّوْبِ عِنْدَ دَقِّهِ، مُحَرَّكٌ لَا
غَيْرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَرَادَ أَنْ يَستبدل بعُمَّاله لِما
رَأَى مِنْ إِبْطَائِهِمْ فَقَالَ: أَمَّا عَدِيُّ بْنُ أرْطاة
فَإِنَّمَا غرَّني بِعمامته الحَرَقانِيَّة السَّوْدَاءِ.
__________
(1) . قوله [وفي التنزيل لَنُحَرِّقَنَّهُ إلخ] كذا بالأصل مضبوطاً.
وعبارة زاده على البيضاوي: والعامة على ضم النون وكسر الراء مشدّدة من
حرقه يحرقه، بالتشديد، بمعنى أحرقه بالنار، وشدّد للكثرة والمبالغة، أو
برده بالمبرد عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ حرق الشيء يحرقه ويحرقه، بضم
الراء وكسرها، إذا برده بالمبرد، ويؤيد الاحتمال الأَول قراءة
لنحرقنه
بضم النون وسكون الحاء وكسر الراء من الإحراق، ويعضد الثاني قراءة
لنحرقنه بفتح النون وكسر الراء وضمها خفيفة أي لنبردنه انتهى. فتلخص أن
فيه أربع قراءات
(2) . قوله [يقول عليكم بها] كذا بالأَصل هنا، وأورده ابْنُ الأَثير
فِي تَفْسِيرِ حديث
الإِمام علي: خير النساء الحارقة
، وفي رواية:
كذبتكم الحارقة.
(10/45)
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَيْرُ النِّسَاءِ الحارِقةُ
؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْحَارِقَةُ هِيَ الَّتِي تُقام عَلَى أَرْبَعٍ،
قَالَ: وَقَالَ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا صَبَر عَلَى الحارِقةِ إِلَّا
أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ
؛ هَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ
الْحَارِقَةَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، هَذَا
إِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِهَذَا الضّرْب مِنَ الْجِمَاعِ. والمُحارَقةُ:
المُباضَعةُ عَلَى الجَنب؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المُحارَقة
المُجامَعة. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: كذَبَتْكم الْحَارِقَةُ مَا قَامَ لِي بِهَا
إِلَّا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُميس
، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحارقةُ الإِبْراكُ؛ قَالَ الأَزهري فِي هَذَا
الْمَكَانِ: وَأَمَّا قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَمَدَحْتَ، ويْحَكَ مِنْقَراً أَن ألزَقُوا ... بالحارِقَيْنِ،
فأرْسَلُوها تَظْلَعُ
وَلَمْ يَقُلْ فِي تَفْسِيرِهِ شَيْئًا. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْكُمْ
بِالْحَارِقَةِ مِنَ النِّسَاءِ فَمَا ثَبَتَ لِي مِنْهُنَّ إِلَّا
أَسْمَاءُ
؛ قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنَ
الْجِمَاعِ مَعَهُنَّ. قَالَ والحارقةُ مِنَ السُبع اسْمٌ لَهُ. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَالْحَارِقَةُ السَّبُعُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَرْق
الأَكل المُسْتَقْصى. والحُرْقُ: الغَضابى مِنَ النَّاسِ. وحَرَقَ
الرجلُ إِذَا «1» سَاءَ خُلقُه. والحُرْقَتانِ: تَيْمٌ وسَعد ابْنَا
قَيْسِ بْنِ ثَعْلبة بْنِ عُكابةَ بْنِ صَعْب وَهُمَا رَهط الأَعشى؛
قَالَ:
عجبتُ لآلِ الحُرْقَتَيْنِ، كَأَنَّمَا ... رأوْني نَفِيّاً مِنْ إيادٍ
وتُرْخُمِ
وحَراقٌ وحُرَيْقٌ وحُرَيْقاء: أَسْمَاءٌ. وحُرَيْقٌ: ابْنُ
النُّعْمَانِ بْنُ الْمُنْذِرِ، وحُرَقةُ: بِنْتُهُ؛ قَالَ:
نُقْسِمُ باللهِ: نُسْلِمُ الحَلَقَهْ، ... وَلَا حُرَيْقاً، وأخْتَه
الحُرَقَهْ
قَوْلُهُ نُسَلِّمُ أَيْ لَا نُسلم. والحُرَقةُ أَيْضًا: حَيٌّ مِنَ
الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ الحَرُوقةُ. والمُحَرّقةُ: بَلَدٌ.
حربق: حَرْبَقَ عَمَلَهُ: أَفْسَدَهُ.
حرزق: هي لُغَةٌ فِي حَزْرقَ، وَسَيَأْتِي ذكرها.
حزق: حزَقه حَزْقاً: عَصَبه وضغَطه. والحَزْقُ: شِدَّةُ جَذْبِ
الرِّباط والوَترِ. حَزقه يَحْزِقُه حَزْقاً وحزَقه بالحبْل يَحْزِقه
حَزْقاً: شَدَّهُ. وحَزق القوسَ يَحزِقُها حَزْقاً: شَدَّ وَتَرَهَا،
وكلُّ رِباط حِزاقٌ. وَرَجُلٌ حَزُقّةٌ وحُزُقّةٌ ومُتَحَزِّق: بَخِيلٌ
مُتَشدِّد عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ ضَنّاً بِهِ، وَالِاسْمُ الحَزَقُ؛
قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ الحُزُقُ والحُزُقةُ والحَزَقُ مِثْلُهُ؛
وَأَنْشَدَ:
فَهِيَ تَعادَى مِنْ حَزازٍ ذِي حَزَقْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنْ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَطَبَ أَصْحَابَهُ فِي أمرِ
المارِقينَ وحضَّهم عَلَى قِتَالِهِمْ فَلَمَّا قَتَلُوهُمْ جاؤوا
فَقَالُوا: أبْشِر يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدِ استأْصَلْناهم
فَقَالَ عليّ: حَزقُ عيرٍ قَدْ بَقِيت مِنْهُمْ بَقِيّة
؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ: فِي قَوْلِهِ
حزقُ عيرٍ
هَذَا مَثَلٌ تَقُولُهُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ المُخْبِر بخَبَر غَيْرِ
تَامٍّ وَلَا مُحصَّلٍ، حَزْقُ عيْرٍ أَيْ حُصاصُ حِمار أَيْ لَيْسَ
الأَمر كَمَا زَعَمْتُمْ؛ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ:
وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَرَادَ عَلِيٌّ أَنَّ أَمْرَهُمْ مُحكَم بعدُ
كحَزْقِ حِمل الْحِمَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحِمَارَ يضْطرب
بِحِمْلِهِ، فَرُبَّمَا أَلْقَاهُ فيُحْزَقُ حَزْقاً شَدِيدًا، يَقُولُ
عَلِيٌّ: فأمرُهم بعدُ مُحكَم؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الحزْقُ
الشَّدُّ الْبَلِيغُ والتضْييقُ؛ يُقَالُ: حزَقَه بِالْحَبْلِ إِذَا
قوَّى شدَّه؛ أَرَادَ أَنَّ أمرهم
__________
(1) . قوله [وحرق الرجل كذا إلخ] كذا ضبط في الأَصل بفتح الراء ولعله
بضمها كما هو المعروف في أفعال السجايا.
(10/46)
بعدُ فِي إِحْكَامِهِ كَأَنَّهُ حِمْلُ
حِمَارٍ بُولِغ فِي شدِّه، وتقديرُه حزْقُ حِمل عَير، فَحَذَفَ
الْمُضَافَ وَإِنَّمَا خَصَّ الْحِمَارَ بإحكامِ الحِمل لأَنه رُبَّمَا
اضْطَرَبَ فَأَلْقَاهُ، وَقِيلَ: الحَزْقُ الضُّراط، أَيْ أَنَّ مَا
فَعَلْتُمْ بِهِمْ فِي قِلَّةِ الاكْتِراث لَهُ هُوَ ضُرَاطُ حِمَارٍ.
وَرَجُلٌ حُزُقٌّ وحَزُقٌّ وحُزُقَّة: قَصِيرٌ يقارِب الخَطْو؛ قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ خالِدٍ، ... كمَشْيِ أتانٍ حُلِّئتْ
بالمَناهِلِ
وَفِي كَلَامِهِمْ: حُزُقَّةٌ حُزُقّهْ، ترَقَّ عينَ بَقّهْ؛ ترَقَّ
أَيِ ارْقَ مِنْ قَوْلِكَ رَقِيتُ فِي الدَّرجة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُرقِّص
الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: حُزقة حُزُّقَّهْ، ترَقَّ
عَيْنَ بَقَّهْ
؛ الْحُزُقَّةُ: الضَّعِيفُ الَّذِي يُقَارِبُ خَطوه مِنْ ضَعف فَكَانَ
يَرْقى حَتَّى يضَع قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهَا لَهُ
عَلَى سَبِيلِ المُداعَبة والتأْنيس لَهُ، وترقَّ: بِمَعْنَى اصْعَد،
وَعَيْنَ بَقَّةٍ: كِنَايَةٌ عَنْ صِغَرِ الْعَيْنِ، وحزقةٌ مَرْفُوعٌ
عَلَى خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَنْتَ حُزُقَّةٌ،
وَحُزُقَّةُ الثَّانِي كَذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ خَبَرٌ مُكَرَّرٌ،
وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ حُزُقَّةُ أَرَادَ يَا حُزُقَّةُ، فَحَذَفَ
حَرْفَ النِّدَاءِ، وَهُوَ فِي الشُّذُوذِ كَقَوْلِهِمْ أطْرِقْ كَرًا
لأَن حَرْفَ النِّدَاءِ إِنَّمَا يُحْذَفُ مِنَ العَلم الْمَضْمُومِ
أَوِ الْمُضَافِ، وَقِيلَ: الحُزُقّة الْقَصِيرُ الضخْمُ البطنِ
الَّذِي إِذَا مَشَى أَدَارَ اسْتَه. والحُزُقّ والحُزُقّة أَيْضًا:
السيء الخُلق الْبَخِيلُ؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ مِنْ
بَنِي كِلَابٍ:
وَلَيْسَ بحَوّازٍ لأَحْلاسِ رَحْلِه ... ومِزْوَدِه كَيْساً مِنَ
الرَّأْيِ أَوْ زُهْدا
حُزُقّ، إِذَا مَا القومُ أبْدَوْا فُكاهةً، ... تَذَكَّرَ آإِيَّاهُ
يَعْنونَ أمْ قِرْدا
قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبُو تُرَابٍ سَمِعْتُ شَمِرًا وَأَبَا سَعِيدٍ
يَقُولَانِ: رَجُلٌ حُزُقَّةٌ وحُزُمّةٌ إِذَا كَانَ قَصِيرًا. وَقَالَ
شَمِرٌ: الْحَزْقُ الضَّيق القُدرة وَالرَّأْيِ الشحِيحُ، قَالَ:
فَإِنْ كَانَ قَصِيرًا دَمِيماً فَهُوَ حُزُقَّةٌ أَيْضًا. الأَصمعي:
رَجُلٌ حُزُقة وَهُوَ الضيقُ الرَّأْيِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،
وَأَنْشَدَ بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ وَقَدْ تقدَّم. والحِزْقةُ:
القِطعة مِنَ الجَراد، وَقِيلَ: الحِزقة القِطعة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى الرِّيحُ، وَالْجَمْعُ حِزَقٌ؛ قَالَ:
غَيَّرَ الجِدَّةَ مِنْ عِرْفانِها ... حِزَقُ الريحِ وطُوفانُ
المَطَرْ
وَهِيَ الحَزِيقةُ، وَالْجَمْعُ حَزائقُ وحَزِيقٌ وحُزُقٌ. الأَصمعي:
الحَزِيقُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ورَقاق عَصِب ظِلْمانُه، ... كحَزِيقِ الحَبَشِيِّينَ الزُّجلْ
الْجَوْهَرِيُّ: الحِزْقُ والحِزْقةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ
وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ فِي فَضْل الْبَقَرَةِ
وَآلِ عِمْرانَ:
كَأَنَّهُمَا حِزْقانِ مِنْ طيرٍ صوافَ
، وَالْجَمْعُ الحِزَق مِثْلُ فِرْقة وفِرَق؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
تأْوي لَهُ حِزَقُ النَّعامِ، كَمَا أوَتْ ... قُلُصٌ يَمانِيةٌ
لأَعْجَمَ طِمْطِمِ «1»
. وَيُرْوَى حِزَقٌ. والحِزْقُ والحَزِيقةُ: الْجَمَاعَةُ من
__________
(1) . قوله [تأوي له إلخ] رواية الجوهري والزوزني:
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ، كَمَا أَوَتْ ... حِزَقٌ يَمَانِيَةٌ
لأَعجم طمطم
(10/47)
كُلِّ شَيْءٍ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ «1»
وَالرَّاءِ وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي سَلَمَةَ: لَمْ يَكُنْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتحزِّقِين وَلَا مُتَماوِتِين
أَيْ مُتَقَبِّضين وَمُجْتَمِعِينَ. وَقِيلَ لِلْجَمَاعَةِ حِزْقةٌ
لِانْضِمَامِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
والحازِقةُ والحَزَّاقةُ العِير، طَائِيَّةٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ
بَرِّيٍّ فِي الْحَازِقَةِ وَجَمْعُهُ حَوازِقُ:
ومَنْهَلٍ لَيْسَ بِهِ حَوازِقُ
قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ جَمْعُ حَوْزَقة لُغَةٌ فِي حَازِقَةٍ؛ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الحازِقة والحَزِيقُ والحَزِيقةُ؛ قَالَ
ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حُمُر الْوَحْشِ:
كأنَّه، كلَّما ارْفَضَّت حَزِيقَتُها ... بالصُّلْبِ مِنْ نَهْسِه
أكْفالَها، كَلِبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَأْي لحازِقٍ
؛ الحازِقُ الَّذِي ضاقَ عَلَيْهِ خُفُّه فَحَزَقَ رِجْلَهُ أَيْ
عَصَرها وضَغَطَها، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَا يصلِّي وَهُوَ حاقِنٌ أَوْ حاقِبٌ أَوْ حازِقٌ.
الأَزهري: يُقَالُ أحْزَقْته إِحْزَاقًا إِذَا مَنَعْتُهُ؛ قَالَ أَبُو
وَجْزةَ:
فَمَا المالُ إِلَّا سُؤْرُ حَقِّك كلِّه، ... وَلَكِنَّهُ عَمَّا سِوى
الحقِّ مُحْزَقُ
والحَزِيقةُ: كالحَدِيقة. وحازِقٌ وحازُوقٌ وحِزَاقٌ: أَسْمَاءٌ؛
قَالَ:
أقَلِّبُ طَرْفي فِي الفوارِسِ لَا أرَى ... حِزاقاً، وعيْنِي كالحَجاة
مِن القَطْرِ
فَلَوْ بِيَدِي مُلْكُ اليَمامةِ، لَمْ تَزَلْ ... قَبَائلُ يَسْبِينَ
العَقائلَ مِنْ شَكْرِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حازُوق اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الخَوارج جَعَلَتْهُ
امْرَأَتُهُ حِزاقاً وَقَالَتْ تَرْثِيه ... وَأَنْشَدَ هَذَيْنِ
الْبَيْتَيْنِ: أُقلب طَرْفِي ... وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ
لخِرْنِق تَرْثِي أَخَاهَا حازُوقاً، وَكَانَ بَنُو شَكْر قَتَلُوهُ
وَهُمْ مِنَ الأَزْد، وَقِيلَ: الْبَيْتُ لِلْحَنَفِيَّةِ تَرْثِي
أَخَاهَا حازُوقاً، قَتَلَهُ بَنُو شَكْر عَلَى مَا تقدَّم؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ إِنَّمَا أَرَادَ حَازُوقًا أَوْ حَازِقًا
فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الشِّعْرُ فغيَّره، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَفِي
حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: اجْتَمَعَ جَوارٍ فأرِنَّ وأشِرْنَ ولَعِبْن الحُزُقَّةَ
؛ قِيلَ: هِيَ لُعْبة مِنَ اللُّعَب أُخذت مِنَ التَّحَزُّق التجمُّع.
حزرق: حَزْرَقَ الرجلُ: انضمَّ وخضَع، وَفِي لُغَةٍ: حُزْرِقَ الرَّجل
فُعِلَ بِهِ إِذَا انضمَّ وخضَع. والمُحَزْرَقُ: السَّريعُ الغضَبِ،
وَأَصْلُهُ بالنَّبَطِية هُزْرُوقَى. والحَزْرَقةُ: الضيِّقُ.
وحَزْرَقَ الرجلَ وحرْزَقَه: حبَسه وضيَّق عَلَيْهِ، وَفِي
التَّهْذِيبِ: حَبَسَهُ فِي السِّجْنِ؛ قَالَ الأَعشى:
فَذاكَ وَمَا أنْجَى مِنَ الموْت رَبَّه، ... بِساباطَ، حَتَّى ماتَ
وَهُوَ مُحَزْرَقُ
ومُحَرْزَقُ؛ يَقُولُ: حبَس كِسْرى النُّعمانَ بْنَ المُنذِر بساباطِ
الْمَدَائِنِ حَتَّى ماتَ وَهُوَ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ؛ وَرَوَى ابْنُ
جِنِّي عَنِ التَّوَّزِيّ قَالَ قُلْتُ لأَبي زَيْدٍ الأَنصاري:
أَنْتُمْ تُنْشِدُونَ قَوْلَ الأَعشى:
حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مُحَزْرَقٌ
وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُنْشِدُهُ مُحَرْزَقٌ، بِتَقْدِيمِ
الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، فقال: إنها نَبَطِيَّة وأُم أَبِي عَمْرٍو
نَبَطِيَّةٌ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا مِنَّا. الْمُؤَرَّجُ: النبَطُ
تُسَمِّي الْمَحْبُوسَ المُهَزْرَقَ، بِالْهَاءِ، قَالَ: وَالْحَبْسُ
يُقَالُ له الهُزْرُوقَى؛
__________
(1) . قوله [ويروى بالخاء إلخ] أي قوله حزقان في الحديث المتقدم.
(10/48)
وَأَنْشَدَ شَمِرٌ:
أرِيني فَتًى ذَا لوْثةٍ، وَهُوَ حازِمٌ، ... ذَرِيني، فإنِّي لَا
أَخَافُ المُحَزْرَقا
الأَزهري: رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ مَسْمُوعَةٍ قَالَ قَوْلُ امْرِئِ
الْقَيْسِ: وَلَسْتُ بِحِزْراقةٍ، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ، أَيْ
بضيِّق الْقَلْبِ جَبان، قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ: وَلَسْتُ
بِخَزْرَاقَةٍ، بِالْخَاءِ مُعْجَمَةً، قَالَ: وَهُوَ الأَحمق.
حفلق: ابْنُ سِيدَهْ: الحَفَلَّقُ الضعيف الأَحمق.
حقق: الحَقُّ: نَقِيضُ الْبَاطِلِ، وَجَمْعُهُ حُقوقٌ وحِقاقٌ،
وَلَيْسَ لَهُ بِناء أَدْنَى عدَد. وَفِي حَدِيثِ التَّلْبِيَةِ:
لبَّيْك حَقّاً حَقًّا
أَيْ غَيْرَ بَاطِلٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِغَيْرِهِ أَيْ
أَنَّهُ أكَد بِهِ مَعْنَى ألزَم طاعتَك الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ
لَبَّيْكَ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ حَقًّا فتؤَكِّد بِهِ
وتُكرِّرُه لِزِيَادَةِ التأْكيد، وتَعَبُّداً مَفْعُولٌ لَهُ «1»
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: لَحَقُّ أَنَّهُ ذَاهِبٌ بِإِضَافَةِ حَقٍّ إِلَى
أَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ: لَيقِينُ ذَاكَ أمرُك، وَلَيْسَتْ فِي
كَلَامِ كُلِّ الْعَرَبِ، فَأَمْرُكَ هُوَ خَبَرُ يقينُ لأَنه قَدْ
أَضَافَهُ إِلَى ذَاكَ وَإِذَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ
يَكُونَ خَبَرًا عَنْهُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمِعْنَا فُصَحَاءَ
الْعَرَبِ يَقُولُونَهُ، وَقَالَ الأَخفش: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنَ
الْعَرَبِ إِنَّمَا وَجَدْنَاهُ فِي الْكِتَابِ وَوَجْهُ جوازِه، عَلَى
قِلَّته، طُولُ الْكَلَامِ بِمَا أُضِيفَ هَذَا الْمُبْتَدَأُ
إِلَيْهِ، وَإِذَا طَالَ الْكَلَامُ جَازَ فِيهِ من الحذف ما لا
يَجُوزُ فِيهِ إِذَا قصُر، أَلَا تَرَى إِلَى مَا حَكَاهُ الْخَلِيلُ
عَنْهُمْ: مَا أَنَا بِالَّذِي قَائِلٌ لَكَ شَيْئًا؟ وَلَوْ قُلْتَ:
مَا أَنَّا بِالَّذِي قَائِمٌ لقَبُح. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا
تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ
؛ قَالَ أَبُو إسحق: الْحَقُّ أَمْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَتَى بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ؛ وَكَذَلِكَ
قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى
الْباطِلِ
. وحَقَّ الأَمرُ يَحِقُّ ويَحُقُّ حَقّاً وحُقوقاً: صَارَ حَقّاً
وثَبت؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ وجَب يَجِب وجُوباً، وحَقَّ عَلَيْهِ
القولُ وأحْقَقْتُه أَنَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: قالَ الَّذِينَ حَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ
؛ أَيْ ثَبَتَ، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُمُ الجنُّ وَالشَّيَاطِينُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى
الْكافِرِينَ
؛ أَيْ وَجَبَتْ وَثَبَتَتْ، وَكَذَلِكَ: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى
أَكْثَرِهِمْ
؛ وحَقَّه يَحُقُّه حَقًّا وأحَقَّه، كِلَاهُمَا: أَثْبَتَهُ وَصَارَ
عنده حقّاً لا يشكُّ فِيهِ. وأحقَّه: صَيَّرَهُ حَقًّا. وحقَّه
وحَقَّقه: صدَّقه؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: صدَّق قائلَه. وحقَّق
الرجلُ إِذَا قَالَ هَذَا الشَّيْءُ هُوَ الحقُّ كَقَوْلِكَ صدَّق.
وَيُقَالُ: أحقَقْت الأَمر إِحْقَاقًا إِذَا أَحْكَمْتَهُ وصَحَّحته؛
وَأَنْشَدَ:
قَدْ كنتُ أوْعَزْتُ إِلَى العَلاء ... بأنْ يُحِقَّ وذَمَ الدِّلاء
وحَقَّ الأَمرَ يحُقُّه حَقًّا وأحقَّه: كَانَ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ؛
تَقُولُ: حَقَقْت الأَمر وأحْقَقْته إِذَا كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ
مِنْهُ. وَيُقَالُ: مَا لِي فِيكَ حقٌّ وَلَا حِقاقٌ أَيْ خُصومة.
وحَقَّ حَذَرَ الرَّجُلِ يَحُقُّه حَقّاً وحَقَقْتُ حذَره وأحقَقْته
أَيْ فَعَلْتُ مَا كَانَ يَحذَره. وحقَقْت الرَّجُلَ وأحقَقْته إِذَا
أتيتَه؛ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ الأَزهري: وَلَا تَقُلْ حَقَّ
حذَرَك، وَقَالَ: حقَقْت الرَّجُلَ وأحقَقْته إِذَا غلَبته عَلَى
الْحَقِّ وأثبَتَّه عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحقَّه عَلَى
الْحَقِّ وأحقَّه غلبَه عَلَيْهِ، واستَحقَّه طلَب مِنْهُ حقَّه.
واحْتَقّ القومُ: قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: الحقُّ فِي يَدِي.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُرَّاء الْقُرْآنِ: مَتَى مَا تَغْلوا فِي
الْقُرْآنِ تَحْتَقُّوا
، يَعْنِي المِراء فِي الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى تحتقُّوا تَخْتَصِمُوا
فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: الحقُّ بِيَدِي
__________
(1) . قوله [وتعبداً مفعول له] كذا هو في النهاية أيضاً.
(10/49)
وَمَعِي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَضانةِ:
فجاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقّانِ فِي ولَد
أَيْ يختصِمان ويطلُب كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
مَنْ يحاقُّني فِي وَلَدِي
؟ وَحَدِيثُ
وهْب: كَانَ فِيمَا كلَّم اللَّهُ أيُّوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أتحاقُّني بِخِطْئِك
؛ وَمِنْهُ كِتَابُهُ لحُصَين: إنَّ لَهُ كَذَا وَكَذَا لَا يُحاقُّه
فِيهَا أَحَدٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ خَرَجَ فِي الْهَاجِرَةِ
إِلَى الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَخْرَجَكَ؟ قَالَ: مَا
أَخْرَجَنِي إِلَّا مَا أجِدُ مِنْ حاقِّ الجُوع
أَيْ صادِقه وشدَّته، وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْ حاقَ بِهِ يَحِيقُ
حَيْقاً وَحَاقًا إِذَا أَحْدَقَ بِهِ، يُرِيدُ مِنَ اشْتِمَالِ
الْجُوعِ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَصْدَرٌ أَقَامَهُ مُقَامَ الِاسْمِ،
وَهُوَ مَعَ التَّشْدِيدِ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ حقَّ يَحِقُّ. وَفِي
حَدِيثِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ:
وتَحْتَقُّونها إِلَى شَرَقِ الموتَى
أَيْ تضيِّقُون وقتَها إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. يُقَالُ: هُوَ فِي
حاقٍّ مِنْ كَذَا أَيْ فِي ضِيقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا
رَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وشرَحه، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ
الْمَعْرُوفَةُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ، وَسَيَأْتِي
ذِكْرُهُ. وَالْحَقُّ: مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقِيلَ
مِنْ صِفَاتِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الْمَوْجُودُ حَقِيقَةً
المُتحققُ وُجُودُهُ وإلَهِيَّتُه. والحَق: ضِدُّ الْبَاطِلِ. وَفِي
التَّنْزِيلِ: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ
. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْحَقُّ هُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ هُنَا التَّنْزِيلَ أَيْ
لو كن الْقُرْآنُ بِمَا يحِبُّونه لفَسَدت السمواتُ والأَرضُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ
؛ مَعْنَاهُ جاءَت السكرةُ الَّتِي تَدُلُّ الإِنسان أَنَّهُ مَيِّتٌ
بالحقِّ بِالْمَوْتِ الَّذِي خُلق لَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُوِيَ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الحقِ
أي بِالْمَوْتِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْحَقُّ هُنَا
اللَّهُ تَعَالَى. وقولٌ حقٌّ: وُصِف بِهِ، كَمَا تَقُولُ قولٌ
بَاطِلٌ. وقال الليحاني: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ
، إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ؛ قَالَ
الأَزهري: رَفَعَ الْكِسَائِيُّ الْقَوْلَ وَجَعَلَ الْحَقَّ هُوَ
اللَّهَ، وَقَدْ نصَب قولَ قومٌ مِنَ الْقُرَّاءِ يُرِيدُونَ ذَلِكَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلًا حَقًّا، وَقَرَأَ مَنْ قَرَأَ:
فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
بِرَفْعِ الْحَقِّ الأَول فَمَعْنَاهُ أَنَا الحقُّ. وَقَالَ الفراءُ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
، قَرَأَ الْقُرَّاءُ الأَول بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، رُوِيَ
الرَّفْعُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، الْمَعْنَى فالحقُّ
مِنِّي وَأَقُولُ الحقَّ، وَقَدْ نَصَبَهُمَا مَعًا كَثِيرٌ مِنَ
القُرَّاء، مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الأَول عَلَى مَعْنَى الحقَّ
لأَمْلأَنَّ، ونَصب الثَّانِي بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ لَيْسَ
فِيهِ اخْتِلَافٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ قَرَأَ
فالحقَّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
بِنَصْبِ الْحَقِّ الأَول، فَتَقْدِيرُهُ فأحُقُّ الْحَقَّ حَقًّا؛
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: تَقْدِيرُهُ فَأَقُولُ الحقَّ حَقًّا؛ وَمَنْ قَرَأَ
فالحقِ
، أَرَادَ فَبِالْحَقِّ وَهِيَ قَلِيلَةٌ لأَن حُرُوفَ الْجَرِّ لا
تُضْمَرُ. وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هُنالِكَ
الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ
، فَالنَّصْبُ فِي الْحَقِّ جَائِزٌ يُرِيدُ حَقًّا أَيْ أُحِقُّ
الحقَّ وأحُقُّه حَقّاً، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ خَفَضْتَ الْحَقَّ
فَجَعَلْتَهُ صِفَةً لِلَّهِ، وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَهُ فَجَعَلْتَهُ
مِنْ صِفَةِ الْوَلَايَةِ هُنَالِكَ الولايةُ الحقُّ لِلَّهِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحقَ
أَيْ رُؤْيَا صَادِقَةً لَيْسَتْ مِنْ أضْغاث الأَحْلام، وَقِيلَ:
فَقَدْ رَآنِي حَقِيقَةً غَيْرَ مُشَبَّهٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أمِيناً حقَّ أمِينٍ
أَيْ صِدْقاً، وَقِيلَ: وَاجِبًا ثَابِتًا لَهُ الأَمانةُ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
أتدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ
أَيْ ثوابُهم الَّذِي وعدَهم بِهِ فَهُوَ واجبُ الإِنْجازِ ثَابِتٌ
بوعدِه الحقِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الحقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ.
ويَحُقُّ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا: يَجِبُ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ،
ويَحُقُّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ ويَحُقُّ لَكَ تَفْعل؛ قَالَ:
(10/50)
يَحُقُّ لِمَنْ أَبُو موسَى أَبُوه ...
يُوَفِّقُه الَّذِي نصَب الجِبالا
وَأَنْتَ حَقيِقٌ عَلَيْكَ ذَلِكَ وحَقيِقٌ عليَّ أَن أَفعله؛ قَالَ
شَمِرٌ: تَقُولُ الْعَرَبُ حَقَّ عليَّ أَن أَفعلَ ذَلِكَ وحُقَّ،
وإِني لمَحْقُوق أَن أَفعل خَيْرًا، وَهُوَ حَقِيق بِهِ ومَحقُوق بِهِ
أَي خَلِيق لَهُ، وَالْجَمْعُ أَحِقاء ومَحقوقون. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
حُقَّ لَكَ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ وحَقَّ، وإِني لَمَحْقُوقٌ أَن أَفعل
كَذَا، فإِذا قُلْتَ حُقَّ قُلْتَ لَكَ، وَإِذَا قُلْتَ حَقَّ قُلْتَ
عَلَيْكَ، قَالَ: وَتَقُولُ يَحِقُّ عَلَيْكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا
وحُقَّ لَكَ، وَلَمْ يَقُولُوا حَقَقْتَ أَن تَفْعَلَ. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ*
؛ أَي وحُقَّ لَهَا أنَ تَفْعَلَ. وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ حَقَّ
عَلَيْكَ أَن تَفْعَلَ وجَب عَلَيْكَ. وَقَالُوا: حَقٌّ أَن تَفْعَلَ
وحَقِيقٌ أَن تَفْعَلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا
أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ
. وحَقِيقٌ فِي حَقَّ وحُقَّ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول، كَقَوْلِكَ
أَنت حَقِيق أَن تَفْعَلَهُ أَي مَحْقُوقٌ أَن تَفْعَلَهُ، وَتَقُولَ:
أَنت مَحْقوق أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَصِّرْ فإِنَّكَ بالتَّقْصِير مَحْقوق
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا
. وَيُقَالُ للمرأَة: أَنت حقِيقة لِذَلِكَ، يَجْعَلُونَهُ كَالِاسْمِ،
وَأَنت مَحْقوقة لِذَلِكَ، وأَنت مَحْقوقة أَن تَفْعَلِي ذَلِكَ؛ وأَما
قَوْلُ الأَعشى:
وإِنَّ امْرَأً أَسْرى إِليكِ، ودونَه ... مِنَ الأَرضِ مَوْماةٌ
ويَهْماء سَمْلَقُ
لَمَحْقُوقةٌ أَن تَسْتَجِيبي لِصَوْتِه، ... وأَن تَعْلَمي أَنَّ
المُعانَ مُوَفَّقُ
فإِنه أَراد لَخُلّة محْقوقة، يَعْنِي بالخُلّة الخَلِيلَ، وَلَا
تَكُونُ الْهَاءُ فِي مَحْقُوقَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ لأَن الْمُبَالَغَةَ
إِنَّمَا هِيَ فِي أَسْمَاءِ الفاعلين دون المَفْعُولين، وَلَا يَجُوزُ
أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لَمَحْقُوقَةٌ أَنْتِ، لأَن الصِّفَةَ إِذَا
جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَوْصُوفِهَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ
الأَخفش بُدٌّ مِنْ إِبْرَازِ الضَّمِيرِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَعْلِيلُ
الْفَارِسِيِّ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذَا قَالَ عاوٍ مَنْ مَعَدٍّ قَصِيدةً، ... بِهَا جَرَبٌ، عُدَّتْ
عليَّ بِزَوْبَرا
فيَنْطِقُها غَيْري وأُرْمى بذَنبها، ... فَهَذَا قَضاءٌ حَقُّه أَن
يُغَيَّرا
أَيْ حُقَّ لَهُ. والحَقُّ وَاحِدُ الحُقوق، والحَقَّةُ والحِقَّةُ
أخصُّ مِنْهُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الحَق؛ قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهَا
أوجَبُ وَأَخَصُّ، تَقُولُ هَذِهِ حَقَّتي أَيْ حَقِّي. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ أَعْطَى كلَّ ذِي حَقّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ
أَيْ حظَّه ونَصِيبَه الَّذِي فُرِضَ لَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا طُعِنَ أُوقِظَ لِلصَّلَاةِ
فَقَالَ: الصلاةُ وَاللَّهِ إِذَنْ وَلَا حقَ
أَيْ وَلَا حَظَّ فِي الإِسلام لِمَن تركَها، وَقِيلَ: أَرَادَ الصلاةُ
مقْضِيّة إِذَنْ وَلَا حَقَّ مَقْضِيٌّ غَيْرَهَا، يَعْنِي أَنَّ فِي
عُنقه حُقوقاً جَمَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدتها
وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ، فهَبْ أَنَّهُ قَضَى حَقَّ الصَّلَاةِ
فَمَا بالُ الحُقوق الأُخر؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
ليلةُ الضَّيْفِ حَقٌّ فَمَنْ أَصْبَحَ بفِنائه ضَيْف فَهُوَ عَلَيْهِ
دَيْن
؛ جَعَلَهَا حَقّاً مِنْ طَرِيقِ الْمَعْرُوفِ والمُروءة وَلَمْ يَزَلْ
قِرى الضَّيفِ مِنْ شِيَم الكِرام ومَنْع القِرى مَذْمُومٌ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
أَيُّما رجُل ضافَ قَوْمًا فَأَصْبَحَ مَحْرُوماً فإِن نَصْرَه حَقٌّ
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يأْخذ قِرى لَيْلَتِهِ مِنْ زَرعه
وَمَالِهِ
؛ وَقَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الَّذِي
يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى نَفْسِهِ ولا يجد مَا يأْكل فَلَهُ أَنْ
(10/51)
يَتناول مِنْ مَالِ أَخِيهِ مَا يُقيم
نَفْسَهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَا يأْكله هَلْ
يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
قَالَ سِيبَوَيْهِ وَقَالُوا هَذَا الْعَالِمُ حَقُّ الْعَالِمِ؛
يُرِيدُونَ بِذَلِكَ التَّناهي وَأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ
فِيمَا يَصِفُهُ مِنَ الخِصال، قَالَ: وَقَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ
الحَقَّ لَا الْبَاطِلَ، دَخَلَتْ فِيهِ اللَّامُ كَدُخُولِهَا فِي
قَوْلِهِمْ أَرْسَلَها العِراكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُسْقَطُ مِنْهُ
فَتَقُولُ حَقًّا لَا بَاطَلًا. وحُقَّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ وحُقِقْتَ
أَنْ «2» تَفْعَلَ وَمَا كَانَ يَحُقُّك أَنْ تَفْعَلَهُ فِي مَعْنَى
مَا حُقَّ لَكَ. وأُحِقَّ عَلَيْكَ القَضاء فحَقَّ أَيْ أُثْبِتَ
فَثَبَتَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَقَقْت عَلَيْهِ الْقَضَاءَ أحُقُّه
حَقّاً وأحقَقْتُه أُحِقُّه إحْقاقاً أَيْ أَوْجَبْتُهُ. قَالَ
الأَزهري: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَلَا أَعْرِفُ مَا قَالَ
الْكِسَائِيُّ فِي حَقَقْت الرجلَ وأحْقَقْته أَيْ غَلَبْتُهُ عَلَى
الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
، مَنْصُوبٌ عَلَى مَعْنَى حَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَقًّا؛ هَذَا
قَوْلُ أَبِي إسحق النَّحْوِيِّ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي نَصْبِ
قَوْلِهِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
وَمَا أَشْبَهَهُ فِي الْكِتَابِ: إِنَّهُ نَصْب مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ
لَا أَنَّهُ مِنْ نَعْتِ قَوْلِهِ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ عبدُ اللهِ فِي الدَّارِ حَقًّا، إِنَّمَا
نَصْبُ حَقًّا مِنْ نِيَّةِ كَلَامِ المُخبِر كَأَنَّهُ قَالَ:
أُخْبِركم بِذَلِكَ حَقًّا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْقَوْلُ يَقْرُبُ
مِمَّا قاله أبو إسحق لأَنه جَعَلَهُ مَصْدَرًا مؤكِّداً كَأَنَّهُ
قَالَ أُخبركم بِذَلِكَ أحُقُّه حَقّاً؛ قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا
الْفَرَّاءُ: وكلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَكِرات الْحَقِّ
أَوْ مَعْرِفَتِهِ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مَصْدَرًا، فَوَجْهُ
الْكَلَامِ فِيهِ النَّصْبُ كَقَوْلِ اللَّهِ تعالى: وَعْدَ الْحَقِّ*
ووَعْدَ الصِّدْقِ؛ والحَقِيقَةُ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ حَقُّ الأَمر
ووجُوبُه. وَبَلَغَ حقيقةَ الأَمر أَيْ يَقِينَ شأْنه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَا يبلُغ الْمُؤْمِنُ حقيقةَ الإِيمان حَتَّى لَا يَعِيب مُسْلِمًا
بِعَيْب هُوَ فِيهِ
؛ يَعْنِي خالِصَ الإِيمان ومَحْضَه وكُنْهَه. وحقيقةُ الرَّجُلِ: مَا
يَلْزَمُهُ حِفظه ومَنْعُه ويَحِقُّ عَلَيْهِ الدِّفاعُ عَنْهُ مِنْ
أَهْلِ بَيْتِهِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ يَسُوق الوَسِيقة
ويَنْسِلُ [يَنْسُلُ] الوَدِيقةَ ويَحْمي الْحَقِيقَةَ، فالوَسيقةُ
الطريدةُ مِنَ الإِبل، سُمِّيَتْ وَسِيقَةً لأَن طَارِدَهَا يَسِقُها
إِذَا ساقَها أَيْ يَقْبِضها، والوَديقةُ شِدَّةُ الْحَرِّ، والحقيقةُ
مَا يَحِقّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِيه، وَجَمْعُهَا الحَقائقُ. والحقيقةُ
فِي اللُّغَةِ: مَا أُقِرّ فِي الِاسْتِعْمَالِ عَلَى أَصْلِ وضْعِه،
والمَجازُ مَا كَانَ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْمَجَازُ
ويُعدَل إِلَيْهِ عَنِ الْحَقِيقَةِ لمعانٍ ثَلَاثَةٍ: وَهِيَ
الاتِّساع وَالتَّوْكِيدُ وَالتَّشْبِيهُ، فَإِنْ عُدِم هَذِهِ
الأَوصافُ كَانَتِ الْحَقِيقَةُ البتَّةَ، وَقِيلَ: الْحَقِيقَةُ
الرَّايَةُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
لَقَدْ عَلِمَتْ عَلْيا هَوازِنَ أَنَّني ... أَنا الفارِسُ الْحَامِي
حَقِيقةَ جَعْفَرِ
وَقِيلَ: الْحَقِيقَةُ الحُرْمة، والحَقيقة الفِناء. وحَقَّ الشئُ
يَحِقُّ، بِالْكَسْرِ، حَقًّا أَيْ وَجَبَ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: مَا حَقَّ القولُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى استغْنى
الرِّجالُ بالرجالِ والنساءُ بالنساءِ
أَيْ وجَب ولَزِم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي
. وأحقَقْت الشئ أَيْ أَوْجَبْتُهُ. وَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ الخَبَرُ
أَيْ صحَّ. وحقَّقَ قَوْلَهُ وظنَّه تَحْقِيقًا أَيْ صدَّقَ. وكلامٌ
مُحَقَّقٌ أَيْ رَصِين؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
دَعْ ذَا وحَبِّرْ مَنْطِقاً مُحَقَّقا
والحَقُّ: صِدْق الحديثِ. والحَقُّ: اليَقين بعد الشكِّ.
__________
(2) . قوله [وحققت أن إلخ] كذا ضبط في الأَصل وبعض نسخ الصحاح بضم فكسر
والذي في القاموس بفتح فكسر.
(10/52)
وأحقَّ الرجلُ: قَالَ شَيْئًا أَوِ ادَّعَى
شَيْئًا فَوَجَبَ لَهُ. واستحقَّ الشيءَ: اسْتَوْجَبَهُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
، أَيِ اسْتَوْجَبَاهُ بالخِيانةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَإِنِ اطُّلِعَ
عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَوْجَبَا إِثْمًا أَيْ خِيَانَةً بِالْيَمِينِ
الْكَاذِبَةِ الَّتِي أقْدما عَلَيْهَا، فآخرانِ يَقُومانِ مَقامها
مِنْ وَرَثَةِ المُتوفَّى الَّذِينَ استُحِقَّ عَلَيْهِمْ أَيْ مُلِك
عَلَيْهِمْ حقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ بِتِلْكَ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ،
وَقِيلَ: مَعْنَى عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ، وَإِذَا اشتَرَى رَجُلٌ دَارًا
مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ آخَرُ وأقامَ بيِّنةً عَادِلَةً عَلَى
دَعْوَاهُ وَحَكَمَ لَهُ الحاكمُ بِبَيِّنَتِهِ فَقَدِ اسْتَحَقَّهَا
عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَاهَا أَيْ مَلَكَها عَلَيْهِ،
وَأَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي إِلَى يَدِ مَن
استحقَّها، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ
الَّذِي أدَّاه إِلَيْهِ، والاستِحْقاقُ والاسْتِيجابُ قَرِيبَانِ مِنَ
السَّوَاءِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ
شَهادَتِهِما
، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أشدُّ اسْتِحْقاقاً للقَبول،
وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ مِنَ اسْتَحقَّ أَعْنِي
السِّينَ وَالتَّاءَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أثْبَتُ مِنْ
شَهَادَتِهِمَا مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ حَقَّ الشيءُ إِذَا ثَبَتَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: مَا حقُّ امرئٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووَصِيَّتُه
عِنْدَهُ
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ مَا الحَزْمُ لامرئٍ وَمَا
الْمَعْرُوفُ فِي الأَخلاق الحسَنة لامرئٍ وَلَا الأَحْوطُ إِلَّا
هَذَا، لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ،
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ عَلَى عِبَادِهِ بِوُجُوبِ
الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا ثُمَّ نَسخ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ فَبَقِيَ
حَقُّ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ أَنْ يُوصي لِغَيْرِ الْوَارِثِ، وَهُوَ
مَا قدَّره الشَّارِعُ بِثُلُثِ مَالِهِ. وحاقَّهُ فِي الأَمر
مُحَاقَّةً وحِقاقاً: ادَّعَى أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ،
وَأَكْثَرُ مَا اسْتَعْمَلُوا هَذَا فِي قَوْلِهِمْ حاقَّني أَيْ
أَكْثَرُ مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي فِعْلِ الْغَائِبِ. وحاقَّهُ
فحَقَّه يَحُقُّه: غَلبه، وَذَلِكَ فِي الْخُصُومَةِ وَاسْتِيجَابِ
الْحَقِّ. وحاقَّهُ أَيْ خاصَمه وادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
الْحَقَّ، فَإِذَا غَلَبَهُ قِيلَ حَقَّه. والتَّحَاقُّ: التخاصمُ.
والاحْتِقاقُ: الِاخْتِصَامُ. وَيُقَالُ: احْتَقَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ،
وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ كَمَا لَا يُقَالُ اخْتَصَمَ لِلْوَاحِدِ
دُونَ الْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: إِذَا بَلَغَ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ
، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
نَصَّ الحَقائِقِ
، فالعَصَبة أوْلى؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: نَصُّ كُلِّ شَيْءٍ
مُنتهاه ومَبْلَغ أَقْصَاهُ. والحِقاقُ: المُحاقَّةُ وَهُوَ أَنْ
تُحاقَّ الأُمُّ العَصبَة فِي الْجَارِيَةِ فَتَقُولَ أَنَا أحَقُّ
بِهَا، وَيَقُولُونَ بَلْ نَحْنُ أحَقُّ، وَأَرَادَ بِنَصِّ الحِقاق
الإِدْراكَ لأَن وَقْتَ الصِّغَرِ يَنْتَهِي فَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ
مِنْ حَدِّ الصِّغَرِ إِلَى الْكِبَرِ؛ يَقُولُ: مَا دَامَتِ الجاريةُ
صَغِيرَةً فأُمُّها أوْلى بِهَا، فَإِذَا بَلَغَت فَالْعَصَبَةُ أوْلى
بِأَمْرِهَا مِنْ أُمها وبتزويجها وحَضانتها إذا كانو مَحْرَماً لَهَا
مِثْلَ الْآبَاءِ والإِخْوة والأَعمام؛ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:
نَصُّ الحِقاق بُلُوغُ الْعَقْلِ، وَهُوَ مِثْلُ الإِدراك لأَنه
إِنَّمَا أَرَادَ مُنْتَهَى الأَمر الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْحُقُوقُ
والأَحكام فَهُوَ الْعَقْلُ والإِدراك. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بُلُوغُ
الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ تَزْوِيجُهَا
وتصَرُّفها فِي أَمْرِهَا، تَشْبِيهًا بالحِقاقِ مِنَ الإِبل جَمْعُ
حِقٍّ وحِقَّةٍ، وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ،
وَعِنْدَ ذَلِكَ يُتمكَّن مِنْ رُكُوبِهِ وَتَحْمِيلِهِ، وَمَنْ
رَوَاهُ
نَصَّ الحَقائِقِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ الحَقيقة، وَهُوَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ حَقُّ
الأَمر ووجوبُه، أَوْ جَمْعُ الحِقَّة مِنَ الإِبل؛ وَمِنْهُ
قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ حَامي الحَقِيقة إِذَا حَمَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ
حمايتُه. وَرَجُلٌ نَزِقُ الحِقاقِ إِذَا خَاصَمَ فِي صِغَارِ
الأَشياء. والحاقَّةُ: النَّازِلَةُ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ أَيْضًا.
وَفِي التَّهْذِيبِ:
(10/53)
الحَقَّةُ الدَّاهِيَةُ والحاقَّةُ
الْقِيَامَةُ، وقد حَقَّتْ تَحُقُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الْحَاقَّةُ
مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
؛ الْحَاقَّةُ: السَّاعَةُ وَالْقِيَامَةُ، سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَنها
تَحُقُّ كلَّ إِنْسَانٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ؛ قَالَ ذَلِكَ
الزَّجَّاجُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَن فِيهَا
حَواقَّ الأُمور والثوابَ. والحَقَّةُ: حَقِيقَةُ الأَمر، قَالَ:
وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَمَّا عرفتَ الحَقَّةَ مِني هربْتَ، والحَقَّةُ
والحاقَّةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقِيلَ: سَمِّيَتِ الْقِيَامَةُ
حاقَّةً لأَنها تَحُقُّ كلَّ مُحاقٍّ فِي دِين اللَّهِ بِالْبَاطِلِ
أَيْ كُلَّ مُجادِلٍ ومُخاصم فتحُقُّه أَيْ تَغْلِبه وتَخْصِمه، مِنْ
قَوْلِكَ حاقَقْتُه أُحاقُّه حِقاقاً ومُحاقَّةً فحَقَقْتُه أحُقُّه
أَيْ غَلَبْتُهُ وفَلَجْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ فِي
قَوْلِهِ الْحَاقَّةُ
: رُفِعَتْ بِالِابْتِدَاءِ، ومَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْضًا،
والْحَاقَّةُ
الثَّانِيَةُ خَبَرُ مَا، وَالْمَعْنَى تَفْخِيمُ شَأْنِهَا كَأَنَّهُ
قَالَ الحاقَّةُ أَيُّ شيءٍ الحاقَّةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما
أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
، مَعْنَاهُ أيُّ شيءٍ أعْلَمَكَ مَا الحاقَّةُ، وَمَا موضعُها رَفْعٌ
وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ أَدْراكَ؛ الْمَعْنَى مَا أعْلَمَكَ أيُّ شيءٍ
الحاقَّةُ. وَمِنْ أَيْمَانِهِمْ: لَحَقُّ لأَفْعَلَنّ، مَبْنِيَّةٌ
عَلَى الضَّمِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لَحَقُّ لَا
آتِيكَ هُوَ يَمِينٌ لِلْعَرَبِ يَرْفَعُونَهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ
إِذَا جَاءَتْ بَعْدَ اللَّامِ، وَإِذَا أَزَالُوا عَنْهَا اللَّامَ
قَالُوا حَقّاً لَا آتِيك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ لَحَقُّ
اللَّهِ فنَزَّلَه مَنْزِلَةَ لَعَمْرُ اللهِ، وَلَقَدْ أُوجِبَ رفعُه
لِدُخُولِ اللَّامِ كَمَا وَجب فِي قَوْلِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِذَا
كَانَ بِاللَّامِ. والحَقُّ: المِلْك. والحُقُقُ: الْقَرِيبُو
الْعَهْدِ بالأُمور خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، قَالَ: والحُقُقُ
المُحِقُّون لِمَا ادّعَوْا أَيْضًا. والحِقُّ مِنْ أَوْلَادِ الإِبل:
الَّذِي بَلَغَ أَنْ يُرْكب ويُحمَل عَلَيْهِ ويَضْرِب، يَعْنِي أَنْ
يَضْرِبَ الناقةَ، بيِّنُ الإِحقاقِ والاسْتحقاق، وَقِيلَ: إِذَا
بَلَغَتْ أمُّه أوَانَ الحَمْل مِنَ الْعَامِ المُقْبِل فَهُوَ حِقٌّ
بيِّنُ الحِقَّةِ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ بَعِيرٌ حِقٌّ بيِّنُ
الحِقِّ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقِيلَ: إِذَا بَلَغَ هُوَ وأُخته أَنْ
يُحْمَل عَلَيْهِمَا ويُركبا فَهُوَ حِقٌّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّي
حِقّاً لِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يُحْمل عَلَيْهِ وَأَنْ يُنتفع بِهِ؛
تَقُولُ: هُوَ حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَقِيلَ:
الحِقُّ الَّذِي اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي
الرَّابِعَةِ؛ قَالَ:
إِذَا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشَّمْسِ طَلَعْ، ... فابْنُ اللَّبونِ
الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ
وَالْجَمْعُ أحُقٌّ وحِقاقٌ، والأُنثى حِقَّة وحِقٌّ أَيْضًا؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِقَّةٌ بَيِّنَةُ
الحِقَّةِ، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ بَيِّنة الحَقاقةِ والحُقُوقةِ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَبنية الْمُخَالِفَةِ لِلصِّفَةِ لأَن
الْمَصْدَرَ فِي مِثْلِ هَذَا يُخَالِفُ الصِّفَةَ، وَنَظِيرُهُ فِي
مُوَافَقَةِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمَصَادِرِ لِلِاسْمِ فِي
الْبِنَاءِ قَوْلُهُمْ أسَدٌ بَيِّنُ الأَسد. قَالَ أَبُو مَالِكٍ:
أحَقَّت البَكْرَة إِذَا اسْتَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَإِذَا لَقِحَت
حِينَ تُحِقّ قِيلَ لَقِحت عليَّ كَرْهًا. والحِقَّةُ أَيْضًا:
النَّاقَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إِذَا جَازَتْ عِدَّتُها
خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ ذِكْرُ الحِقِّ
والحِقَّة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حُقُقٌ وحَقائق؛ وَمِنْهُ
قَوْلِ المُسَيَّب بْنِ عَلَس:
قَدْ نالَني مِنْهُ عَلَى عَدَمٍ ... مثلُ الفَسِيل، صِغارُها الحُقُقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى
الْمَمْدُوحِ وَهُوَ حَسَّانُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخُو النُّعْمَانِ؛
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا تُجْمَعُ عَلَى حَقائقَ مِثْلَ
إفَالٍ وَأَفَائِلَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ نَادِرٌ؛ وَأَنْشَدَ
لعُمارةَ بْنِ طَارِقٍ:
(10/54)
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ، ... لَسْنَ
بأَنْيابٍ وَلَا حَقائِقِ
وَهَذَا مِثْلُ جَمْعهم امرأَة غِرَّة عَلَى غَرائر، وَكَجَمْعِهِمْ
ضَرَّة عَلَى ضَرائر، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقياس مُطَّرِد. والحِقُّ
والحِقَّة فِي حَدِيثِ صَدَقَاتِ الإِبل وَالدِّيَاتِ، قَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: الْبَعِيرُ إِذا اسْتَكْمَلَ السَّنَةَ الثَّالِثَةَ
وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ حِقٌّ، والأُنثى حِقَّة.
والحِقَّة: نَبْزُ أُم جَرِير بْنِ الخَطَفَى، وَذَلِكَ لأَن سُوَيْدَ
بْنَ كُرَاعٍ خَطَبَهَا إِلَى أَبيها فَقَالَ لَهُ: إِنها لَصَغِيرَةٌ
صُرْعةٌ، قَالَ سُوَيْدٌ: لَقَدْ رأَيتُها وَهِيَ حِقَّةٌ أَي
كالحِقَّة مِنَ الإِبل فِي عِظَمها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَمِنْ وَراء حِقاقِ العُرْفُطِ
أَي صِغَارِهَا وشَوابِّها، تَشْبِيهًا بِحقاق الإِبل. وحَقَّتِ
الحِقَّةُ تَحِقُّ وأَحَقَّت، كِلَاهُمَا: صَارَتْ حِقَّةً؛ قَالَ
الأَعشى:
بِحِقَّتِها حُبِسَتْ في اللَّجينِ، ... حَتَّى السَّديِسُ لَهَا قَدْ
أَسَنّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ أَسَنَّ سدِيسُ النَّاقَةِ إِذا نبَت
وَذَلِكَ فِي الثَّامِنَةِ، يَقُولُ: قِيمَ عَلَيْهَا مِنْ لَدُنْ
كَانَتْ حِقَّة إِلى أَن أَسْدَسَت، وَالْجَمْعُ حِقاقٌ وحُقُقٌ؛ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يُرد بحقَّتها صِفَةً لَهَا لأَنه لَا يُقَالُ
ذَلِكَ كَمَا لَا يُقَالُ بجَذَعَتها فُعِلَ بِهَا كَذَا وَلَا
بثنيَّتها وَلَا بِبَازِلِهَا، وَلَا أَراد بِقَوْلِهِ أَسَنَّ كَبِرَ
لأَنه لَا يُقَالُ أَسَنَّ السِّنُّ، وإِنما يُقَالُ أَسنَّ الرَّجُلُ
وأَسنَّت المرأَة، وإِنما أَراد أَنها رُبِطَت فِي اللَّجين وَقْتًا
كَانَتْ حِقَّةً إِلى أَن نَجَمَ سَدِيسُها أَي نبَت، وَجَمْعُ الحِقاق
حُقُق مِثْلُ كِتاب وكتُب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ
الحِقَّة هُنَا الْوَقْتَ، وأَتت الناقةُ عَلَى حِقَّتها أَي عَلَى
وَقْتِهَا الَّذِي ضَربها الْفَحْلُ فِيهِ مِنْ قَابِلٍ، وَهُوَ إِذا
تَمَّ حَملها وَزَادَتْ عَلَى السَّنَةِ أَياماً مِنَ الْيَوْمِ
الَّذِي ضُربت فِيهِ عَامًا أَوّل حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الجَنين السنةَ،
وَقِيلَ: حِقُّ النَّاقَةِ واسْتِحقاقُها تَمام حَمِلها؛ قَالَ ذُو
الرُّمَّةِ:
أَفانين مَكْتوب لَهَا دُون حِقِّها، ... إِذا حَمْلُها راشَ
الحِجَاجَينِ بالثُّكْلِ
أَي إِذا نبَت الشَّعْرُ عَلَى وَلَدِهَا أَلْقَتْهُ ميِّتاً، وَقِيلَ:
مَعْنَى الْبَيْتِ أَنه كُتِبَ لِهَذِهِ النَّجَائِبِ إِسقاطُ أَولادها
قَبْلَ أَناء نِتاجها، وَذَلِكَ أَنها رُكبت فِي سفَر أَتعبها فِيهِ
شِدَّةُ السَّيْرِ حَتَّى أَجْهَضَتْ أَولادها؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
سُمِّيَتِ الحِقَّة لأَنها استحقَّت أَن يَطْرُقها الفحلُ،
وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ حَقِّ لَقاحها وحِقِّ لَقاحها
أَيضاً، بِالْكَسْرِ، أَي حِينَ ثَبَتَ ذَلِكَ فِيهَا. الأَصمعي: إِذا
جَازَتِ النَّاقَةُ السَّنَةَ وَلَمْ تَلِدْ قِيلَ قَدْ جَازَتِ
الحِقَّ؛ وقولُ عَدِيّ:
أَي قَوْمِي إِذا عَزَّتِ الْخَمْرُ ... وَقَامَتْ رِفَاقُهُمْ
بِالْحِقَاقِ
وَيُرْوَى: وَقَامَتْ حِقَاقُهُمْ بِالرِّفَاقِ، قَالَ: وحِقاقُ
الشَّجَرِ صِغَارُهَا شُبِّهَتْ بِحِقَاقِ الإِبل. وَيُقَالُ: عَذر
الرَّجلُ وأَعْذَر واسْتَحقَّ واستوْجَب إِذا أَذنب ذَنْبًا استوْجب
بِهِ عُقوبة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَهْلِكُ الناسُ
حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنفسهم.
وصبَغْتُ الثوبَ صَبْغاً تَحْقِيقاً أَي مُشْبَعاً. وَثَوْبٌ مُحقَّق:
عَلَيْهِ وَشْيٌ عَلَى صُورَةِ الحُقَق، كَمَا يُقَالُ بُرْدٌ
مُرَجَّلٌ. وَثَوْبٌ مُحَقَّقٌ إِذا كَانَ مُحْكَمَ النَّسْجِ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وجْهِ أَبِيك، إِنّا ... كَفَيْناكَ المُحَقَّقَةَ
الرِّقاقا
(10/55)
وأَنا حَقِيقٌ عَلَى كَذَا أَي حَريصٌ
عَلَيْهِ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ
، فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ بِهِ، وَقُرِئَ
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَن لَا أَقول
، وَمَعْنَاهُ وَاجِبٌ عَلَيَّ تَرْكُ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ إِلَّا
بِالْحَقِّ. والحُقُّ والحُقَّةُ، بِالضَّمِّ: مَعْرُوفَةٌ، هَذَا
المَنْحوت مِنَ الْخَشَبِ وَالْعَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَصْلُحُ
أَن يُنحت مِنْهُ، عربيٌّ مَعْرُوفٌ قَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ
الْفَصِيحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ تُسوّى الحُقة مِنَ الْعَاجِ
وَغَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمرو بْنِ كُلْثُوم:
وثَدْياً مثلَ حُقِّ العاجِ رَخْصاً، ... حَصاناً مِنْ أَكُفِّ
اللَّامِسِينا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ حُقٌّ وحُقَقٌ وحِقاقٌ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَجَمْعُ الحُقّ أَحْقاقٌ وحِقاقٌ، وَجَمْعُ الحُقَّة حُقَقٌ؛
قَالَ رُؤْبَةُ:
سَوَّى مَساحِيهنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ
وصَفَ حَوافِرَ حُمُر الوَحْشِ أَي أَنَّ الحِجارة سوَّت حَوافِرها
كأَنما قُطِّطَتْ تَقْطِيطَ الحُقَقِ، وَقَدْ قَالُوا فِي جَمْعِ
حُقَّةٍ حُقّ، فَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ سِدْرة وسِدْر، وَهَذَا أَكثره
إِنما هُوَ فِي الْمَخْلُوقِ دُونَ الْمَصْنُوعِ، وَنَظِيرُهُ مِنَ
الْمَصْنُوعِ دَواةٌ ودَوًى وسَفِينة وسَفِين. والحُقُّ مِنَ
الْوَرِكِ: مَغْرِزُ رأْس الْفَخِذِ فِيهَا عصَبة إِلى رأْس الْفَخِذِ
إِذا انْقَطَعَتْ حَرِقَ الرِّجْلُ، وَقِيلَ: الحُق أَصل الْوَرِكِ
الَّذِي فِيهِ عَظْمُ رأْس الْفَخِذِ. والحُق أَيضاً: النُّقْرة
الَّتِي فِي رأْس الْكَتِفِ. والحُقُّ: رأْس العَضُد الَّذِي فِيهِ
الوابِلةُ وَمَا أَشْبهها. وَيُقَالُ: أَصبت حَاقَّ عَيْنِهِ وَسَقَطَ
فُلَانٌ عَلَى حاقِّ رأْسه أَي وسَط رأْسه، وَجِئْتُهُ فِي حاقِّ
الشِّتَاءِ أَي فِي وَسَطِهِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً
يَقُولُ لنُقْبة مِنَ الجرَب ظهَرت بِبَعِيرٍ فشكُّوا فِيهَا فَقَالَ:
هَذَا حاقُّ صُمادِحِ الجَرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لِلنِّسَاءِ أَن يَحقُقْنَ الطَّريقَ
؛ هُوَ أَن يَركبن حُقَّها وَهُوَ وسَطها مِنْ قَوْلِكَ سقَط عَلَى
حاقِّ القَفا وحُقِّه. وَفِي حَدِيثِ
يُوسُفَ بْنِ عمر: إِنَّ عامِلًا مِنْ عُمالي يذكُر أَنه زَرَعَ كلَّ
حُقٍّ ولُقٍ
؛ الحُق: الأَرض الْمُطَمْئِنَةُ، واللُّق: الْمُرْتَفِعَةُ. وحُقُّ
الكَهْوَل: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمرو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي مُحاوَراتٍ كَانَتْ
بَيْنَهُمَا: لَقَدْ رأَيْتك بِالْعِرَاقِ وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ
الكَهول وكالحَجاةِ فِي الضَّعْف فَمَا زِلت أَرُمُّه حَتَّى اسْتَحكم
، فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ، قَالَ: أَي واهٍ. وحُقُّ الكَهول: بَيْتُ
الْعَنْكَبُوتِ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا
الْحَرْفَ بِعَيْنِهِ فصحَّفه وَقَالَ: مِثْلُ حُق الكَهْدَلِ،
بِالدَّالِّ بَدَلَ الْوَاوِ، قَالَ: وخبَطَ فِي تَفْسِيرِهِ خَبْط
العَشْواء، وَالصَّوَابُ مِثْلُ حُق الكَهول، والكَهول الْعَنْكَبُوتُ،
وحُقُّه بَيْتُهُ. وحاقُّ وسَطِ الرأْس: حَلاوةُ الْقَفَا. وَيُقَالُ:
استحقَّت إِبلُنا رَبِيعًا وأَحَقَّت رَبِيعًا إِذا كَانَ الرَّبِيعُ
تَامًّا فرعَتْه. وأَحقَّ القومُ إِحْقاقاً إِذا سَمِنَ مالُهم.
واحتقَّ الْقَوْمُ احْتقاقاً إِذا سَمِنَ وَانْتَهَى سِمَنُه. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وأَحقَّ القومُ مِنَ الرَّبِيعِ إِحْقاقاً إِذا
أَسْمَنُوا؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، يُرِيدُ سَمِنت مَواشِيهم. وحقَّت
النَّاقَةُ وأَحقَّت واستحقَّت: سَمِنَتْ. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ
عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ أَنه قَالَ: أَتيت أَبا صَفْوانَ أَيام قَسمَ
المَهْدِيُّ الأَعراب فَقَالَ أَبو صَفْوَانَ؛: مِمَّنْ أَنت؟ وَكَانَ
أَعرابيّاً فأَراد أَن يَمْتَحِنَهُ، قُلْتُ: مِنْ بَنِي تَمِيمٍ،
قَالَ: مِنْ أَيّ تميم؟ قلت:
(10/56)
رباني، قَالَ: وَمَا صنعتُك؟ قُلْتُ:
الإِبل، قَالَ: فأَخبرني عَنْ حِقَّة حَقَّت عَلَى ثَلَاثِ حِقاق،
فَقُلْتُ: سأَلت خَبِيرًا: هَذِهِ بَكْرة كَانَ مَعَهَا بَكْرتان فِي
رَبِيعٍ وَاحِدٍ فارْتَبَعْنَ فسَمِنَت قَبْلَ أَن تَسْمَنَا فَقَدْ
حقَّت وَاحِدَةً، ثُمَّ ضَبَعَت وَلَمْ تَضْبَعا فَقَدْ حقَّت
عَلَيْهِمَا حِقَّة أُخرى، ثُمَّ لَقِحَت وَلَمْ تَلْقَحا فَهَذِهِ
ثَلَاثُ حِقَّات، فَقَالَ لِي: لعَمْري أَنت مِنْهُمْ واسْتَحَقَّت
النَّاقَةُ لَقاحاً إِذا لَقِحت وَاسْتَحَقَّ لَقاحُها، يُجْعَل
الْفِعْلُ مَرَّةً لِلنَّاقَةِ وَمَرَّةً للَّقاح. قَالَ أَبو حَاتِمٍ:
مَحاقُّ المالِ يَكُونُ الحَلْبة الأُولى، وَالثَّانِيَةُ مِنْهَا
لِبَأٌ. والمَحاقُّ: اللَّاتِي لَمْ يُنْتَجْن فِي الْعَامِ الْمَاضِي
وَلَمْ يُحلَبن فِيهِ. واحْتقَّ الفرسُ أَي ضَمُر. وَيُقَالُ: لَا
يحقُّ مَا فِي هَذَا الوِعاء رِطْلًا، مَعْنَاهُ أَنه لا يَزِنُ
رِطْلًا. وطعْنة مُحْتَقَّة أَي لَا زَيْغَ فِيهَا وَقَدْ نَفَذَت.
وَيُقَالُ: رمَى فُلَانٌ الصيدَ فاحتقَّ بَعْضًا وشَرَم بَعْضًا أَي
قتَل بَعْضًا وأُفْلِتَ بَعْضٌ جَريحاً؛ والمُحْتقُّ مِنَ الطعْن:
النافِذُ إِلى الْجَوْفِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الهذلي:
هَلَّا وَقَدْ شَرَعَ الأَسنَّة نَحْوها، ... مَا بينَ مُحْتَقٍّ بِهَا
ومُشَرِّمِ
أَراد مِنْ بَيْنِ طَعْن نافذٍ فِي جَوْفِهَا وآخَرَ قَدْ شرَّمَ
جلدَها وَلَمْ ينفُذ إِلى الْجَوْفِ. والأَحقُّ مِنَ الْخَيْلِ:
الَّذِي لَا يَعْرَق، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يَضَعُ حَافِرَ رِجْلِهِ
مَوْضِعَ حَافِرِ يَدِهِ، وَهُمَا عَيْبٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ خَرَشةَ
الخَطْمِيّ:
بأَجْرَدَ مِنْ عِتاقِ الخَيلِ نَهْدٍ ... جَوادٍ، لَا أَحقُّ وَلَا
شئيتُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَرِوَايَةُ
أَبي عبيد:
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهواتِ ساطٍ، ... كُمَيْتٌ، لَا أَحقُّ وَلَا
شَئِيتُ
الأَقدرُ: الَّذِي يَجُوزُ حَافِرَا رِجْلَيْهِ حافِريْ يَدَيْهِ،
والأَحقُّ: الَّذِي يُطَبِّقُ حَافِرَا رِجْلَيْهِ حافريْ يَدَيْهِ،
والشَّئيتُ: الَّذِي يقْصُر موقِعُ حَافِرِ رِجْلِهِ عَنْ مَوْقِعِ
حَافِرِ يَدِهِ، وَذَلِكَ أَيضاً عَيْبٌ، وَالِاسْمُ الحَقَق.
وَبَنَاتُ الحُقَيْقِ: ضرْب مِنْ رَدِيء التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ
الشِّيص، قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ بَنَاتُ الْحُقَيْقِ ضَرْبٌ
مِنَ التَّمْرِ، وَالصَّوَابُ لَوْن الحُبَيق ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ
رَدِيءٌ. وَبَنَاتُ الْحُقَيْقِ فِي صِفَةِ التَّمْرِ تَغْيِيرٌ،
ولَوْنُ الحُبيق مَعْرُوفٌ. قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهى عَنْ لوْنين
مِنَ التَّمْرِ فِي الصَّدَقَةِ: أَحدهما الجُعْرُور، وَالْآخَرُ
لَوْنُ الْحُبَيْقِ
، وَيُقَالُ لِنَخْلَتِهِ عَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ «3» وَلَيْسَ بشِيص
وَلَكِنَّهُ رَدِيءٌ مِنَ الدَّقَلِ؛ وَرَوَى
الأَزهري حَدِيثًا آخَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبيه
قَالَ: لَا يُخرَج فِي الصَّدَقَةِ الجُعرور وَلَا لَوْنُ حُبيْق
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا تَمْرٌ رديء والسس «4» تَمْرٍ
وَتُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ. والحَقْحقةُ: شدَّة
السَّيْرِ. حَقْحقَ القومُ إِذا اشْتَدُّوا فِي السَّيْرِ. وقَرَبٌ
مُحَقْحَقٌ: جادٌّ مِنْهُ. وتعَبَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطَرِّف
بْنِ الشِّخِّير فَلَمْ يَقتصِد فَقَالَ لَهُ أَبوه: يَا عَبْدَ
اللَّهِ، العلمُ أَفضلُ مِنَ الْعَمَلِ، والحسَنةُ بَيْنَ
السَّيِّئتين، وخيرُ الأُمور أَوساطُها، وشرُّ السَّيْرِ الحَقْحقةُ؛
هُوَ إِشارة إِلَى الرِّفق فِي العبادة، يعني عليك
__________
(3) . قوله [عذق ابن حبيق] ضبط عذق بالفتح هو الصواب ففي الزرقاني على
الموطأ قال أبو عمر بفتح العين النخلة وبالكسر الكباسة أي القنو كأن
التمر سمي باسم النخلة لأَنه منها انتهى. فضبطه في مادة حبق بالكسر
خطأ.
(4) . قوله [والسس] كذا بالأصل ولعله وأيبس.
(10/57)
بالقَصْد فِي الْعِبَادَةِ وَلَا تَحْمِل
عَلَى نَفْسِكَ فتَسأَم؛ وخيرُ الْعَمَلِ مَا دِيمَ وإِن قلَّ، وإِذا
حَمَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَا تُطيِقُه
انْقَطَعْتَ بِهِ عَنِ الدَّوام عَلَى الْعِبَادَةِ وبَقِيت حَسيراً،
فتكلَّفْ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا تُطيقُه وَلَا يَحْسِرُك. والحَقحقةُ:
أَرفع السَّيْرِ وأَتْعَبُه للظَّهر. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَقْحَقَةُ
سَيْرُ اللَّيْلِ فِي أَوّله، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ، قَالَ: وَقَالَ
بَعْضُهُمْ الْحَقْحَقَةُ فِي السَّيْرِ إِتعابُ سَاعَةٍ وكفُّ
سَاعَةٍ؛ قَالَ الأَزهري: فَسَّرَ اللَّيْثُ الْحَقْحَقَةَ
تَفْسِيرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يُصِبِ الصَّوَابَ فِي وَاحِدٍ
مِنْهُمَا، وَالْحَقْحَقَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَن يُسار البعيرُ ويُحمل
عَلَى مَا يُتْعِبُهُ وَمَا لَا يُطِيقُهُ حَتَّى يُبْدِعَ
بِرَاكِبِهِ، وَقِيلَ: هُوَ المُتعِب مِنَ السَّيْرِ، قَالَ: وأَما
قَوْلُ اللَّيْثِ إِنّ الْحَقْحَقَةَ سَيْرُ أَول اللَّيْلِ فَهُوَ
بَاطِلٌ مَا قَالَهُ أَحد، وَلَكِنْ يُقَالُ فَحِّمُوا عَنِ اللَّيْلِ
أَي لَا تَسِيرُوا فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَقحقةُ أَن
يُجْهِد الضعيفَ شدَّةُ السَّيْرَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وسَيرٌ
حَقْحَاقٌ شَدِيدٌ، وَقَدْ حَقْحَقَ وهَقْهَقَ عَلَى الْبَدَلِ،
وقَهْقَهَ عَلَى الْقَلْبِ بَعْدَ الْبَدَلِ. وقَرَبٌ حَقْحاق وهَقْهاق
وقَهْقاه ومُقَهْقَه ومُهَقْهَقٌ إِذا كَانَ السَّيْرُ فِيهِ شَدِيدًا
مُتعِباً. وأُمّ حِقّة: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْس:
فَقَدْ أَنْكَرَتْه أُمُّ حِقّة حادِثاً، ... وأَنْكَرها مَا شئت،
والودُّ خادِعُ
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي المَريء،
وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَحْلاقٌ؛ قَالَ:
إِنَّ الَّذِينَ يَسُوغُ فِي أَحْلاقِهم ... زادٌ يُمَنُّ عليهمُ،
للِئامُ
وأَنشده الْمُبَرِّدُ: فِي أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ
عَلِيُّ بْنُ حَمزَة، وَالْكَثِيرُ حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛
أَنشد الْفَارِسِيُّ:
حَتَّى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مَخْرَجُ النَّفَسِ مِنَ الحُلْقُوم وَمَوْضِعُ الذَّبْحِ
هُوَ أَيضاً مِنَ الحَلْق. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْحَلْقُ مَوْضِعُ
الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه حَلْقاً: ضَرَبَهُ فأَصاب
حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شَكَا حَلْقَه، يَطَّرِدُ عَلَيْهِمَا
بَابٌ. ابْنُ الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ.
والحُلاقُ: وجَعٌ فِي الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عند
الْخَلِيلِ، وفُعْلُول عِنْدَ غَيْرِهِ، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض:
مَجارِيها وأَوْدِيتها عَلَى التَّشْبِيهِ بالحُلوق الَّتِي هِيَ
مَساوِغُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَكَذَلِكَ حُلوق الْآنِيَةِ
والحِياض. وحَلَّقَ الإِناءُ مِنَ الشَّرَابِ: امْتلأَ إِلَّا قَلِيلًا
كأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَاءِ انْتَهَى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى
حلْقَةَ حَوْضِهِ: وَذَلِكَ إِذا قَارَبَ أَن يملأَه إِلَى حَلْقه.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ وفَّيْت حَلْقة الْحَوْضِ تَوفِيةً والإِناء
كَذَلِكَ. وحَلْقةُ الإِناء: مَا بَقِيَ بَعْدَ أَن تَجْعَلَ فِيهِ
مِنَ الشَّرَابِ أَو الطَّعَامِ إِلى نِصْفِهِ، فَمَا كَانَ فَوْقَ
النِّصْفِ إِلى أَعلاه فَهُوَ الْحَلْقَةُ؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قَالَ أَبو مَالِكٍ: حَلْقة الْحَوْضِ امْتِلاؤُه، وَحَلْقَتُهُ أَيضاً
دُونَ الِامْتِلَاءِ؛ وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دُونَ المَلْء؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحَلِّقٌ، ... إِذا كَانَ يومُ الحَتْف
يومَ حِمامِي «5»
__________
(5) . وفي قصيدة الفرزدق:
إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ
(10/58)
وحَلَّق ماءُ الْحَوْضِ إِذا قلَّ
وَذَهَبَ. وحلَّق الحوضُ: ذَهَبَ ماؤُه؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ، ... نَائِي الْمِيَاهِ، ناضبٌ
مُحَلِّقُ «1»
. وحَلَّقَ المكُّوكُ إِذا بَلَّغَ مَا يُجعل فِيهِ حَلْقَه. والحُلُق:
الأَهْوِية بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض، وَاحِدُهَا حالِقٌ. وَجَبَلٌ
حَالِقٌ: لَا نَبَاتَ فِيهِ كأَنه حُلِق، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى
مَفْعُولٍ؛ كَقَوْلِ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
ذَكَرْتُ بِهَا سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني ... ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً
تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وَقِيلَ: الْحَالِقُ مِنَ الْجِبَالِ المُنِيفُ
المُشْرِف، وَلَا يَكُونُ إِلا مَعَ عَدَمِ نَبَاتٍ. وَيُقَالُ: جَاءَ
مِنْ حَالِقٍ أَي مِنْ مَكَانٍ مُشرف. وَفِي حَدِيثِ المَبْعث:
فهَمَمْتُ أَن أَطرح بِنَفْسِي مِنْ حالِق
أَي جَبَلٍ عالٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ كُنَّا نَعْمِد
إِلى الحُلْقانةِ فنَقْطَع مَا ذَنَّبَ مِنْهَا
؛ يُقَالُ للبُسر إِذا بَدَا الإِرْطاب فِيهِ مِنْ قِبل ذَنَبِه
التَّذْنوبة، فإِذا بَلَغَ نِصْفَهُ فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه
فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يُرِيدُ أَنه كَانَ يَقْطَعُ مَا أَرطب
مِنْهَا وَيَرْمِيهِ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ جَمع
فِيهِ بَيْنَ البُسْر والرُّطب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
بَكَّار: مَرَّ بِقَوْمٍ يَنالُون مِنَ الثَّعْد والحُلْقان.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بُسرة حُلْقانة بَلَغَ الإِرْطاب حَلْقَهَا
وَقِيلَ هِيَ الَّتِي بَلَغَ الإِرْطاب قَرِيبًا مِنَ الثُّفروق مِنْ
أَسْفَلِهَا وَالْجَمْعُ حُلْقانٌ ومُحَلْقِنة وَالْجَمْعُ مُحَلْقِنٌ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ حلَّق البُسر وَهِيَ الحَواليقُ،
بِثَبَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا الْبِنَاءُ عِنْدِي
عَلَى النَّسَبِ إِذ لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقَالَ: مَحاليق،
وأَيضاً فإِني لَا أَدري مَا وَجْهُ ثَبَاتِ الْيَاءِ فِي حَواليق.
وحَلْق التَّمْرَةِ والبُسرة: مُنْتَهَى ثُلثيها كأَن ذَلِكَ مَوْضِعُ
الْحَلْقِ مِنْهَا. والحَلْقُ: حَلْقُ الشَّعْرِ. والحَلْقُ: مَصْدَرُ
قَوْلِكَ حَلق رأْسه. وحَلَّقوا رؤُوسهم: شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ.
والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا يقال: جَزَّه إِلا فِي
الضأْن، وَعَنْزٌ مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بِالضَّمِّ: مَا حُلِق
مِنْ شَعْرِهِ. وَيُقَالُ: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: الحَلْق فِي الشَّعْرِ مِنَ النَّاسِ وَالْمَعْزِ كالجَزّ فِي
الصُّوفِ، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فَهُوَ حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه
واحْتَلَقه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا هُمَّ، إِن كَانَ بنُو عَمِيرهْ ... أَهْلُ [أَهْلِ] التِّلِبِّ
هَؤُلَا مَقْصُورهْ
«2» ، فابْعَثْ عَلَيْهِمْ سَنةً قاشُورة، ... تَحْتَلِقُ المالَ
احْتلاقَ النُّورهْ
وَيُقَالُ: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شَعْرَهَا، وجزَّ ضأْنَه، وَهِيَ
مِعْزى مَحْلُوقة وحَلِيقة، وَشَعْرٌ مَحْلوق. وَيُقَالُ: لِحْيَةٌ
حَليق، وَلَا يُقَالُ حَلِيقة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورأْس حَلِيقٌ
مَحْلُوقٌ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
وَلَكِنِّي رأَيتُ الصبْر خَيْراً ... مِنَ النَّعْلَينِ والرأْسِ
الحَلِيق
والحُلاقةُ: مَا حُلِقَ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ
وَالْمَعْزِ. والحَلِيقُ: الشَّعْرُ الْمَحْلُوقُ، والجمع حِلاقٌ.
__________
(1) . قوله [مسراها] كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس مرآها
(2) . قوله [مقصورة] فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال:
مَقْصُورَةً أَيْ خَلَصُوا فَلَمْ يخالطهم غيرهم
(10/59)
واحْتلقَ بالمُوسَى. وَفِي التَّنْزِيلِ:
مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ صَلَق أَو حَلق
أَي لَيْسَ مِنْ أَهل سُنَّتنا مَنْ حلَق شَعْرَهُ عِنْدَ المُصيبة
إِذا حلَّت بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لُعِنَ مِنَ النِّسَاءِ الْحَالِقَةُ والسالِقةُ والخارِقةُ.
وَقِيلَ: أَراد بِهِ الَّتِي تَحلِق وَجْهَهَا لِلزِّينَةِ؛ وَفِي
حَدِيثٍ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ سلَق أَو حلَق أَو خَرق
أَي لَيْسَ مِنْ سنَّتنا رَفْعُ الصَّوْتِ فِي المَصائب وَلَا حلْقُ
الشَّعْرِ وَلَا خَرْقُ الثِّيَابِ. وَفِي حَدِيثِ الحَجّ:
اللهمَّ اغْفر للمُحَلِّقِين
قَالَهَا ثَلَاثًا؛ المحلِّقون الَّذِينَ حلَقوا شُعُورَهُمْ فِي
الْحَجِّ أَو العُمرة وخصَّهم بِالدُّعَاءِ دُونَ الْمُقَصِّرِينَ،
وَهُمُ الَّذِينَ أَخذوا مِنْ شُعُورِهِمْ وَلَمْ يَحلِقوا لأَن أَكثر
مَنْ أَحرم مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ سَاقَ
الهَدْيَ، ومَن مَعَهُ هَدْيْ لَا يَحلِق حَتَّى يَنْحَر هديَه،
فَلَمَّا أَمرَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَن يَحْلِقَ ويحِلَّ،
وجَدُوا فِي أَنفسهم مِنْ ذَلِكَ وأَحبُّوا أَن يأَذَن لَهُمْ فِي
المُقام عَلَى إِحرامهم حَتَّى يُكْمِلُوا الْحَجَّ، وَكَانَتْ طاعةُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَولى بِهِمْ،
فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الإِحْلال كَانَ التَّقْصِيرُ
فِي نُفوسهم أَخفّ مِنَ الْحَلْقِ، فَمَالَ أَكثرهم إِليه، وَكَانَ
فِيهِمْ مَنْ بَادَرَ إِلى الطَّاعَةِ وَحَلَقَ وَلَمْ يُراجِع،
فَلِذَلِكَ قدَّم المحلِّقين وأَخَّر المقصِّرين. والمِحْلَقُ،
بِكَسْرِ الْمِيمِ: الكِساءُ الَّذِي يَحْلِق الشَّعْرَ مِنْ خِشونته؛
قَالَ عُمارة بْنُ طارِقٍ يَصِفُ إِبلًا تَرِدُ الماءَ فَتَشْرَبُ:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ، ... نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الْجَسَدَ، وَاحِدُهَا مِحْشأ،
بِالْهَمْزِ، وَيُقَالُ: مِحْشاة، بِغَيْرِ هَمْزٍ، والهَدالِقُ:
جَمْعُ هِدْلق وَهِيَ المُسْتَرْخِيَةُ. والحَلَقةُ: الضُّروعُ
المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يَحْلِقُ شَعْرَ الْفَخْذَيْنِ مِنْ
ضِخَمِه. وَقَالُوا: بَيْنَهُمُ احْلِقِي وقُومي أَي بَيْنَهُمْ بَلاءٌ
وشدَّة وَهُوَ مِنْ حَلْق الشَّعْرِ كَانَ النساءُ يَئمْن فيَحلِقْن
شُعورَهنَّ؛ قَالَ:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ... أَفضلُ مِنْ يومِ احْلِقي وقُومِي
ابْنُ الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. وَمِمَّا يُدعَى بِهِ عَلَى
المرأَة: عَقْرَى حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وَعَقْرًا
فَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ، وأَما حلْقَى وَحَلْقًا
فَمَعْنَاهُ أَنه دُعِيَ عَلَيْهَا أَن تَئِيمَ مِنْ بَعْلِهَا
فتَحْلِق شَعْرَهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَوجع اللَّهُ حَلْقها،
وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ معناه أَنها
مَشْؤُومةٌ، وَلَا أَحُقُّها. وَقَالَ الأَزهري: حَلْقَى عقْرى مشؤُومة
مُؤْذِية. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لصَفِيَّة بِنْتِ
حُيَيٍّ حِينَ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حَاضَتْ
فَقَالَ: عَقْرَى حَلْقَى مَا أَراها إِلَّا حابِسَتنا
؛ مَعْنَاهُ عَقَر اللَّهُ جَسدَها وحلَقها أَي أَصابها بِوَجَعٍ فِي
حَلْقها، كَمَا يُقَالُ رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه
وعضُدَه وصَدْره. قَالَ الأَزهري: وأَصله عَقْرًا حَلْقًا، وأَصحاب
الْحَدِيثِ يَقُولُونَ عقرَى حلقَى بِوَزْنِ غَضْبَى، حَيْثُ هُوَ جارٍ
عَلَى المؤَنث، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوِينُ عَلَى أَنه
مَصْدَرُ فَعل مَتْرُوكِ اللَّفْظِ، تَقْدِيرُهُ عقَرها اللَّهُ عقْراً
وحلَقها اللَّهُ حَلْقًا. وَيُقَالُ للأَمر تَعْجَبُ مِنْهُ: عقْراً
حَلْقًا، وَيُقَالُ أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ وَمِنْ
مَوَاضِعِ التَّعَجُّبِ قولُ أُمّ الصَّبِيِّ الَّذِي تكلَّم: عَقْرَى
أَوَكان هَذَا مِنْهُ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ عِنْدَ الأَمر تَعْجَبُ
مِنْهُ: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه مِنَ العَقْر والحَلْق
(10/60)
والخَمْش؛ وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى ... لِما لاقَتْ سَلامانُ بْنُ
غَنْمِ
وَمَعْنَاهُ قَومِي أُولُو نساءٍ قَدْ عَقَرْن وجُوههن فخدَشْنَها
وحَلَقْن شُعُورَهُنَّ مُتَسَلِّباتٍ عَلَى مَنْ قُتل مِنْ رِجَالِهَا؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ ابْنُ القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يُرِيدُونَ أَلا قَوْمِي ذَوو نساءٍ قَدْ عَقَرْنَ وجوهَهنَّ وحلقن
رؤُوسهن، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الهَرَوِيّ فِي الْغَرِيبَيْنِ
قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قَالَ: وفسَّره عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فَقَالَ: قَوْلُهُمْ عَقْرَى
حَلْقَى، الأَصل فِيهِ أَن المرأَة كَانَتْ إِذا أُصِيب لَهَا كَرِيمٌ
حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تَضْرِبُ بِهِمَا رأْسَها وتعقِره؛
وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْخَنْسَاءِ:
فَلَا وأَبِيكَ، مَا سَلَّيْتُ نَفْسِي ... بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، وَلَا
عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً ... مِنَ النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يُرِيدُ إِن قَوْمِي هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَ بِهِمْ مِنَ البَلاء مَا
يبلُغ بالمرأَة الْمَعْقُورَةِ الْمَحْلُوقَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنهم
صَارُوا إِلى حَالِ النساءِ المَعْقُورات الْمَحْلُوقَاتِ. قَالَ
شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَقْرًا حَلْقًا، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ
أَسمع هَذَا إِلا عقرَى حلقَى، فَقَالَ: لَكِنِّي لَمْ أَسمع فَعْلى
عَلَى الدُّعَاءِ، قَالَ شَمِرٌ: فَقُلْتُ لَهُ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ
إِن صِبيانَ الْبَادِيَةِ يَلْعَبُونَ وَيَقُولُونَ مُطَّيْرَى عَلَى
فُعَّيْلى، وَهُوَ أَثقل مِنْ حَلْقَى، قَالَ: فَصَيَّرَهُ فِي
كِتَابِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُنَوَّنًا وَغَيْرَ منوَّن. وَيُقَالُ:
لَا تَفعل ذَلِكَ أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ اللَّهُ أُمَّك بِكَ
حَتَّى تَحلِق شَعْرَهَا، والمرأَةُ إِذا حلَقت شَعْرَهَا عِنْدَ
الْمُصِيبَةِ حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ لِلْعَرَبِ: لأُمّك الحَلْقُ
وَلِعَيْنِكَ العُبْرُ. والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ اسْتَدَارَ كحَلْقةِ
الْحَدِيدِ والفِضّة وَالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي النَّاسِ،
وَالْجَمْعُ حِلاقٌ عَلَى الْغَالِبِ، وحِلَقٌ عَلَى النَّادِرِ
كهَضْبة وهِضَب، والحَلَقُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ
وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعْلة لَيْسَتْ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعَلٍ،
وَنَظِيرُ هَذَا مَا حَكَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وَقَدْ
حَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الحَلْقة فَتْحَ اللَّامِ وأَنكرها ابْنُ
السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الْحِكَايَةِ حلَقٌ جَمْعُ
حلَقة وَلَيْسَ حِينَئِذٍ اسْمَ جَمْعٍ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي حلَق
الَّذِي هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لحَلْقة، وَلَمْ يَحمِل سِيبَوَيْهِ حلَقاً
إِلا عَلَى أَنه جَمْعُ حَلْقة وإِن كَانَ قَدْ حَكَى حلَقة
بِفَتْحِهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَلْقة الْبَابِ وحلَقته،
بإِسكان اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَقَالَ كُرَاعٌ: حلْقةُ الْقَوْمِ
وحلَقتهم، وَحَكَى الأُمَوِيُّ: حِلْقة الْقَوْمِ، بِالْكَسْرِ، قَالَ:
وَهِيَ لُغَةُ بَنِي الحرت بْنِ كَعْبٍ، وَجَمْعُ الحِلْقةِ حِلَقٌ
وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فَهُوَ بابُه، وأَما حَلَقٌ فإِنه اسْمٌ
لِجَمْعِ حِلْقة كَمَا كَانَ اسْمًا لِجَمْعِ حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ
فَنَادِرٌ لأَن فِعالًا لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى جَمْعِ فِعْلة.
الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الحَلْقةُ، بالتخفِيف، مِنَ الْقَوْمِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَلَقة، وَقَالَ الأَصمعي: حَلْقة مِنَ
النَّاسِ وَمِنْ حَدِيدٍ، وَالْجَمْعُ حِلَقٌ مِثْلَ بَدْرةٍ وبِدَر
وقَصْعة وقِصَعٍ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَختار فِي حلَقة الْحَدِيدِ
فَتْحَ اللَّامِ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ، وأَختار فِي حلْقة الْقَوْمِ
الْجَزْمَ وَيَجُوزُ التَّثْقِيلُ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَختار
فِي حلْقة الْحَدِيدِ وحلْقة
(10/61)
النَّاسِ التَّخْفِيفَ، وَيَجُوزُ فِيهِمَا
التَّثْقِيلُ، وَالْجَمْعُ عِنْدَهُ حَلَقٌ؛ وَقَالَ ابْنُ
السِّكِّيتِ: هِيَ حلْقة الْبَابِ وحلْقة الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ حِلَق
وحِلاق. وَحَكَى يُونُسُ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ حلَقة فِي
الْوَاحِدِ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ حَلَقٌ وحَلَقات؛ وَقَالَ
ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ يُجِيزُهُ عَلَى ضَعْفِهِ وأَنشد:
مَهْلًا بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم ... وإِيّاكُم والهُلْبَ منِّي
عَضارِطا
أَرِطُّوا، فَقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ، ... عسَى أَن تَفُوزوا
أَن تَكُونُوا رَطائطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ قَدِ اضْطَرَبَ أَمرُكم مِنْ بَابِ
الجِدِّ وَالْعَقْلِ فتَحامَقُوا عَسَى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جَمْعُ
أَهْلَبَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ شَعْرِ الأُنثيين، والعِضْرِطُ: العِجانُ،
وَيُقَالُ: إِن الأَهلَبَ العِضرِطِ لَا يُطاق؛ وَقَدِ اسْتَعْمَلَ
الْفَرَزْدَقُ حَلَقة فِي حلْقةِ الْقَوْمِ قَالَ:
يَا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ، ... أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ
فِي سَرِقَهْ؟
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أُقْسِمُ بِاللَّهِ نُسْلِمُ الحَلَقهْ ... وَلَا حُرَيْقاً، وأُخْتَه
الحُرَقهْ
وَقَالَ آخَرُ:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنارِ ... وَبِاللَّهِ نُسْلِمُ
الحَلَقهْ
حَتَّى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً، ... ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ
الدَّرَقهْ
ابْنُ الأَعرابي: هُمْ كالحَلَقةِ المُفْرَغة لَا يُدْرَى أَيُّها
طَرَفُها؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا مُجتمعين
مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فِيهِمْ وَلَا
يَنال مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عَنِ الحِلَقِ قَبْلَ الصَّلاةِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عَنِ التَّحَلُّقِ
؛ أَراد قَبْلَ صَلَاةِ الجُمعة؛ الحِلَقُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ
اللَّامِ: جَمْعُ الحَلْقة مِثْلَ قَصْعة وقِصَعٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ
مِنَ النَّاسِ مُسْتَدِيرُونَ كحلْقة الْبَابِ وَغَيْرِهَا.
والتَّحَلُّق، تفَعُّل مِنْهَا: وَهُوَ أَن يتَعمَّدوا ذَلِكَ.
وتَحلَّق القومُ: جَلَسُوا حَلْقة حَلْقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُصَلُّوا خَلْف النيِّام وَلَا المُتَحَلِّقين
أَي الجُلوسِ حِلَقاً حِلَقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْجَالِسُ وسْط الحلَقة مَلْعُونٌ لأَنه إِذا جَلَسَ فِي وسَطِها
اسْتَدْبَرَ بعضَهم بِظَهْرِهِ فيُؤذيهم بِذَلِكَ فيَسبُّونه
ويلْعَنُونه
،؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا حِمَى إِلا فِي ثَلَاثٍ
، وَذَكَرَ حَلْقة الْقَوْمِ أَي لَهُمْ أَن يَحْمُوها حَتَّى لَا
يَتَخَطَّاهم أَحَد وَلَا يَجلس فِي وَسَطِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ حِلَقِ الذَّهَبِ
؛ هِيَ جَمْعُ حَلْقةٍ وَهِيَ الخاتمُ بِلَا فَصّ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثِ:
مَنْ أَحَبّ أَن يُحَلِّق جَبِينَهُ حَلْقة مِنْ نَارٍ فلْيُحَلِّقْه
حَلْقة مِنْ ذَهَبٍ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ يأْجُوج ومأْجُوج:
فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ مِثْلُ هَذِهِ وحَلَّق
بإِصْبَعِه الإِبْهام وَالَّتِي تَلِيهَا وعقَد عَشْراً
أَي جَعَلَ إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ الْعَشْرَةِ: مِنْ مُواضَعات
الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأْس إِصْبَعه السَّبَّابَةِ فِي وَسَطِ
إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبو
يُوسُفَ سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِي
الْكَلَامِ حلَقة، بِالتَّحْرِيكِ، إِلا فِي قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ
قَوْمٌ حَلَقةٌ لِلَّذِينِ يَحلِقون الشَّعْرَ، وَفِي التَّهْذِيبِ:
لِلَّذِينِ يحلقونَ المِعْزى، جَمْعُ حالِقٍ. وأَما قَوْلُ الْعَرَبِ:
التَقَتْ حلَقتا البِطان، بِغَيْرِ حَذْفِ أَلف حلْقتا لِسُكُونِهَا
وَسُكُونِ اللَّامِ، فإِنهم جَمَعُوا فِيهَا بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي
الْوَصْلِ غَيْرَ مُدْغَمٍ أَحدهما فِي الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا
قِرَاءَةُ
(10/62)
نَافِعٍ: مَحْيايْ ومَماتي، بِسُكُونِ
يَاءِ مَحيايْ، وَلَكِنَّهَا مَلْفُوظٌ بِهَا مَمْدُودَةٌ وَهَذَا مَعَ
كَوْنِ الأَوّل مِنْهُمَا حَرْفَ مَدٍّ؛ وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ بِغَيْرِ
حَرْفِ لِينٍ، وَهُوَ شاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ ... مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ
لَمْ يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومَ نِساء تُمْنَعْنْ
قَالَ الأَخفش: أَخبرني بَعْضُ مَنْ أَثق بِهِ أَنه سَمِعَ:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ، ... أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ
السِّتْرْ
قَالَ: وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي لِهَذَا ضَرْبٌ مِنَ
الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنّ السَّاكِنَ الأَوّل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مَدًّا فإِنه قَدْ ضارَع لِسُكُونِهِ الْمَدَّةَ، كَمَا أَن حَرْفَ
اللِّينِ إِذا تَحَرَّكَ جَرَى مَجرى الصَّحِيحِ، فَصَحَّ فِي نَحْوِ
عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تَرَاهُمَا لَمْ تُقْلب الحركةُ فِيهِمَا كَمَا
قُلِبَتْ فِي رِيحٍ ودِيمة لِسُكُونِهَا؟ وَكَذَلِكَ مَا أُعِلّ
لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهُ نَحْوَ مِيعاد ومِيقات، وَالضَّمَّةِ قَبْلَهُ
نَحْوَ مُوسر ومُوقن إِذا تَحَرَّكَ صَحَّ فَقَالُوا مَواعِيدُ
ومَواقيتُ ومَياسيرُ ومَياقِينُ، فَكَمَا جَرَى الْمَدُّ مَجْرَى
الصَّحِيحِ بِحَرَكَتِهِ كَذَلِكَ يَجْرِي الْحَرْفُ الصَّحِيحُ
مَجْرَى حَرْفِ اللِّينِ لِسُكُونِهِ، أَوَلا تَرَى مَا يَعرِض
لِلصَّحِيحِ إِذا سَكَنَ مِنَ الإِدغام وَالْقَلْبِ نَحْوَ مَنْ رأَيت
وَمَنْ لقِيت وَعَنْبَرٍ وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تَحَرَّكَ صَحَّ
فَقَالُوا الشنَب وَالْعَنْبَرُ وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فَكَذَلِكَ
أَيضاً تَجْرِي الْعَيْنُ مِنِ ارتعْن، وَالْمِيمُ مِنْ أَبي عمْرو،
وَالْقَافُ مِنَ النقْر لِسُكُونِهَا مَجْرَى حَرْفِ الْمَدِّ
فَيَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ السَّاكِنِ بَعْدَهَا. وَفِي الرَّحِمِ
حَلْقتانِ: إِحداهما الَّتِي عَلَى فَمِ الفرْج عِنْدَ طرَفه، والأُخرى
الَّتِي تنضمُّ عَلَى الْمَاءِ وَتَنْفَتِحُ لِلْحَيْضِ، وَقِيلَ:
إِنما الأُخرى الَّتِي يُبالُ مِنْهَا. وحَلَّق القمرُ وتحلَّق: صَارَ
حولَه دارةٌ. وَضَرَبُوا بُيُوتَهُمْ حِلاقاً أَي صَفًّا وَاحِدًا
حَتَّى كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ الطائرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ
واسْتدارَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِذا مَا التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ ... عَصائبُ طَيْرٍ
تَهْتَدِي بِعصائبِ «3»
وَقَالَ غَيْرُهُ:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ ... بِهِ، مِن عِتاقِ الطيْرِ،
عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يُرِيدُ حلَّقت فِي الهَواء فَذَهَبَتْ بِهِ؛ وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهَبَّتْ فحَلَّقَتْ ... مَعَ النجْمِ رُؤْيا، فِي
المَنامِ، كذُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ. وَرَوَى
أَنس بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمسُ بَيْضَاءُ مُحَلِّقةٌ فأَرجِع
إِلى أَهلي فأَقول صلُّوا
؛ قَالَ شَمِرٌ: مُحلِّقة أَي مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ: تَحْلِيقُ
الشَّمْسِ مِنْ أَوَّل النَّهَارِ ارْتِفَاعُهَا مِنَ المَشرِق وَمِنْ
آخِرِ النَّهَارِ انْحِدارُها. وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَدري التَّحْلِيقَ
إِلا الارتفاعَ فِي الْهَوَاءِ. يُقَالُ: حلَّق النجمُ إِذا ارْتَفَعَ،
وتَحْلِيقُ الطائرِ ارْتِفَاعُهُ فِي طَيَرانه، وَمِنْهُ حَلَّقَ
الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاءِ إِذا ارْتَفَعَ وَاسْتَدَارَ؛ قَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدي
__________
(3) . وفي ديوان النابغة:
إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم
(10/63)
فِي النَّجْمِ:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وَقَدْ خَوَى ... نَجْمٌ، وحَلَّقَ فِي
السَّمَاءِ نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الطَّائِرِ:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها، ... عَلَى قِمّةِ الرأْسِ،
ابنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ
وَفِي حَدِيثٍ:
فحلَّقَ بِبَصَرِهِ إِلى السَّمَاءِ كَمَا يُحلِّقُ الطَّائِرُ إِذا
ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ
أَي رفَعه؛ وَمِنْهُ الحالِقُ: الْجَبَلُ المُنِيفُ المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: مَوْضِعُ حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلَّا ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بِكَسْرِ اللَّامِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ بَكْر بْنِ
كِلاب مِنْ بَنِي عَامِرٍ مَمْدُوحِ الأَعشى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
المُحلِّق اسْمُ رَجُلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن فَرَسَهُ عضَّته فِي
وَجْهِهِ فتركَتْ بِهِ أَثراً عَلَى شَكْلِ الحَلقة؛ وإِياه عَنَى
الأَعشى بِقَوْلِهِ:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها، ... وباتَ عَلَى النارِ
النَّدَى والمُحَلِّقُ
وَقَالَ أَيضاً:
تَرُوحَ عَلَى آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ، ... كجابِيةِ الشيخِ
العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ الجَعْدِي:
وذكَرْتَ مِنْ لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً، ... والخَيْلُ تَعْدُو
بالصَّعِيدِ بَدادِ
فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ أَنه عَنَى نَاقَةً سمَتُها عَلَى
شَكْلِ الحَلْقة وذكَّر عَلَى إِرادةِ الشَّخْصِ أَن الضَّرْع؛ هَذَا
قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ:
قَالَ عَوْقُ بْنُ الخَرِع يُخَاطِبُ لَقيطَ بْنِ زُرارةَ، وأَيده
ابْنُ بَرِّيٍّ فَقَالَ: قَالَهُ يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حِينَ
أَسَرَه بَنُو عَامِرٍ فِي يَوْمِ رَحْرَحان وفرَّ عَنْهُ؛ وَقَبْلَ
الْبَيْتِ:
هَلَّا كَرَرْتَ عَلَى ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ، ... والعامِرِيُّ
يَقُودُه بصِفادِ «1»
والمُحَلَّقُ مِنَ الإِبل: المَوْسوم بحلْقة فِي فَخْذِهِ أَو فِي أَصل
أُذنه، ويقال للإِبل المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قَدْ خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ ... مِنْ كلَ بالٍ وجْهُه
بَلْيَ الخِرَقْ
يَقُولُ: خَرَّبوا أَنْضادَ بُيُوتِنَا مِنْ أَمتعتنا بطلَب
الضَّوالِّ. الْجَوْهَرِيُّ: إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أَبي وجْزة السَّعْدِيِّ:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بَيْنَهَا، ... تَرُوحُ بأَخْطارٍ
عِظامِ اللَّقائحِ «2»
. ابْنُ بَرِّيٍّ: العَواذِيرُ جَمْعُ عاذُور وَهُوَ وَسْم كالخَطّ،
وَوَاحِدُ الأَخْطار خِطْر وَهِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ، وسكِّينٌ
حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد. والدُّرُوع تُسَمَّى حَلْقةً؛ ابْنُ
سِيدَهْ: الحَلْقَةُ اسْمٌ لجُملة السِّلاح والدُّروع وَمَا أَشبهها
وإِنما ذَلِكَ لِمَكَانِ الدُّرُوعِ، وغلبَّوا هَذَا النَّوْعَ مِنَ
السِّلَاحِ، أَعني الدُّرُوعَ،
__________
(1) . قوله [هلا كررت إلخ] أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد ... والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.
(2) . قوله [تقضي] أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول
(10/64)
لشدَّة غَنائه، ويدُلك عَلَى أَن
الْمُرَاعَاةَ فِي هَذَا إِنما هِيَ للدُّروع أَن النُّعْمَانَ قَدْ
سمَّى دُروعه حَلْقة. وَفِي صُلْحِ خَيْبَرَ:
وَلِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الصفْراء
والبيْضاء والحلْقةُ
؛ الحلْقةُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا، وَقِيلَ: هِيَ
الدُّرُوعُ خَاصَّةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وإِن لَنَا أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ.
ابْنُ سِيدَهْ: الحِلْق الْخَاتَمُ مِنَ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ فَصّ،
والحِلق، بِالْكَسْرِ، خَاتَمُ المُلْك. ابْنُ الأَعرابي: أُعْطِيَ
فُلَانٌ الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يَكُونُ فِي يَدِهِ؛ قَالَ:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ ... رَدِيفُ مُلوكٍ، مَا
تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِجَرِيرٍ:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ. ... فَتًى منهمُ رَخْوُ
النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْق
والإِحْرافِ. وَنَاقَةٌ حالِقٌ: حافِل، وَالْجَمْعُ حوَالِقُ وحُلَّقٌ.
والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لِذَلِكَ كأَنَّ اللبَن فِيهِ إِلى
حَلْقه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَالِقُ الضَّرْعُ، وَلَمْ
يُحَلِّه، وَعِنْدِي أَنه المُمْتلئ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ
الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ الإِبل بالغَزارة:
وإِن لَمْ يكنْ إِلَّا الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ ... لَهَا حُلَّقٌ
ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جَمْعُ حالِق، أَبدل ضراتُها مِنْ حُلَّق وَجَعَلَ شَكِرَاتِ
خَبَرَ أَصبحت، وشَكِرات: مُمتلِئة مِنَ اللَّبَنِ؛ وَرَوَاهُ
غَيْرُهُ:
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلا الأَمالِيسُ رُوِّحَتْ، ... مُحَلّقةً،
ضَرّاتُها شَكِراتِ
وَقَالَ: مُحلّقة حُفَّلًا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ حُلَّق
مُمتلئة. وَقَالَ النَّضْرُ: الْحَالِقُ مِنَ الإِبل الشَّدِيدَةُ
الحَفْل الْعَظِيمَةُ الضَّرّة، وَقَدْ حَلَقَت تحْلِقُ حَلْقاً. قَالَ
الأَزهري: الْحَالِقُ مِنْ نَعْتِ الضُّروع جَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ
مُتضادَّين، وَالْحَالِقُ: الْمُرْتَفِعُ الْمُنْضَمُّ إِلى الْبَطْنِ
لِقِلَّةِ لَبَنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
حَتَّى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ، ... لَمْ يُبْلِه إِرْضاعُها
وفِطامُها «1»
. فَالْحَالِقُ هُنَا: الضَّرْعُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي قلَّ لَبَنُهُ،
وإِسْحاقُه دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَالْحَالِقُ أَيضاً:
الضَّرْعُ الْمُمْتَلِئُ وَشَاهِدُهُ مَا تقدَّم مِنْ بَيْتِ
الْحُطَيْئَةِ لأَن قَوْلَهُ فِي آخِرِ الْبَيْتِ شَكِرَاتِ يَدُلُّ
عَلَى كَثْرَةِ اللَّبَنِ. وَقَالَ الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ النَّاقَةِ
حَالِقًا إِذا قَارَبَتِ المَلْء وَلَمْ تَفْعَلْ. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: حلَّق اللَّبَنُ ذَهَبَ، وَالْحَالِقُ الَّتِي ذَهَبَ
لَبَنُهَا؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وحلَق الضرعُ: ذَهَبَ لَبَنُهُ
يَحْلِق حُلوقاً، فَهُوَ حَالِقٌ، وحُلوقُه ارْتِفَاعُهُ إِلى
الْبَطْنِ وانضمامُه، وَهُوَ فِي قَوْلٍ آخَرَ كَثْرَةُ لَبَنِهِ.
وَالْحَالِقُ: الضَّامِرُ. والحالقُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ. وحَلِقَ
قَضِيبُ الْفُرْسِ وَالْحِمَارِ يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ ثَوْرٌ النَّمِرِي يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ
دَاءٍ لَيْسَ لَهُ دَواء إِلا أَن يُخْصَى فَرُبَّمَا سَلِمَ
وَرُبَّمَا مَاتَ؛ قَالَ:
خَصَيْتُكَ يَا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي، ... كَمَا يُخْصَى مِنَ
الحَلَقِ الحِمارُ
قَالَ الأَصمعي: يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ السِّفاد. وحَلِقَ
الفرسُ وَالْحِمَارُ، بِالْكَسْرِ، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد فِي
قَضِيبه مِنْ تقشُّر أَوِ احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: الشُّعَرَاءُ يَجْعَلُونَ الهِجاء
__________
(1) . في معلقة لبيد: يَئِسَت بدل يبست
(10/65)
والغَلَبة خِصاء كأَنه خَرَجَ مِنَ
الفُحول؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ مَذَلَّةٌ، ... يَرْجُو مُخاطَرَةَ
القُرومِ البُزَّلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُلاقُ صِفَةُ سُوءٍ وَهُوَ مِنْهُ كأَنّ
مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد فتعُود حَرارتُه إِلى هُنَالِكَ. والحُلاقُ
فِي الأَتان: أَن لَا تشبَع مِنَ السِّفاد وَلَا تَعْلَقُ مَعَ ذَلِكَ،
وَهُوَ مِنْهُ، قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا
تداولَتْها الحُمُر فأَصابها دَاءٌ فِي رحِمها. وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه
حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ عينُ الْبَعِيرِ إِذا غارَتْ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ اللَّهُ عَنْهُ حَلْقة يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَنه مَنْ أَعْتق مَمْلُوكًا
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ. والحالِقُ: المَشْؤوم عَلَى
قَوْمِهِ كأَنه يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وَفِي الْحَدِيثِ رُوِيَ:
دَبَّ إِليكم دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ البَغْضاء، وَهِيَ الحالِقةُ
أَي الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك وتَسْتَأْصِل الدِّينَ
كَمَا تَسْتأْصِل المُوسَى الشَّعْرَ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ:
الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السَّيِّءُ.
وَيُقَالُ: وقَعَت فِيهِمْ حالِقةٌ لَا تدَعُ شَيْئًا إِلا أَهْلكَتْه.
والحالِقةُ: السَّنَةُ الَّتِي تَحلِق كُلَّ شَيْءٍ. وَالْقَوْمُ
يَحلِق بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذا قَتل بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والحالِقةُ:
المَنِيّة، وَتُسَمَّى حَلاقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَلاقِ مِثْلَ
قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عَنِ الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي تَقْشِرُ
[تَقْشُرُ] ؛ قَالَ مُهَلْهل:
مَا أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى، ... قَدْ أَراهم سُقُوا بكَأْسِ
حَلاقِ
وَبُنِيَتْ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه حَصَلَ فِيهَا الْعَدْلُ والتأْنيث
وَالصِّفَةُ الْغَالِبَةُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
لَحِقَتْ حَلاقِ بِهِمْ عَلَى أَكْسائهم، ... ضَرْبَ الرِّقابِ، وَلَا
يُهِمُّ المَغْنَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للأَخْزم بْنِ قاربٍ الطَّائِيِّ،
وَقِيلَ: هُوَ للمُقْعَد بْنِ عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الْوَاحِدُ
كسْء وكُسْء، بِالضَّمِّ أَيضاً. وحَلاقِ: السنةُ المُجْدِبة كأَنها
تَقشر النَّبَاتَ، والحالُوق: الْمَوْتُ، لِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق بِهِ أَبو بَكْرٍ إِليّ
وَقَالَ: تزوَّدِي مِنْهُ واطْوِيه
، أَي رَمَاهُ إِليّ. والحَلْقُ: نَبات لِوَرَقِهِ حُموضة يُخلَط
بالوَسْمةِ للخِضاب، الْوَاحِدَةُ حَلْقة. والحالقُ مِنَ الكَرْم
والشَّرْي وَنَحْوِهِ: مَا التَوى مِنْهُ وتعلَّق بالقُضْبان.
والمَحالِقُ والمَحاليقُ: مَا تعلَّق بالقُضْبان. مِنْ تَعَارِيشِ
الْكَرَمِ؛ قَالَ الأَزهري: كلُّ ذَلِكَ مأْخوذ مِنِ اسْتِدَارَتِهِ
كالحَلْقة. والحَلْقُ: شَجَرٌ يُنْبِتُ نَبَاتَ الكَرْم يَرْتَقي فِي
الشَّجَرِ وَلَهُ وَرَقٌ شَبِيهٌ بِوَرَقِ الْعِنَبِ حَامِضٌ يُطبخ
بِهِ اللَّحْمُ، وَلَهُ عَناقيدُ صِغَارٌ كَعَنَاقِيدِ الْعِنَبِ
الْبَرِّيِّ الَّذِي يَخْضَرُّ ثُمَّ يَسودُّ فَيَكُونُ مُرًّا،
وَيُؤْخَذُ وَرَقُهُ وَيُطْبَخُ وَيُجْعَلُ مَاؤُهُ فِي العُصْفُر
فَيَكُونُ أَجود لَهُ مِنْ حَبِّ الرُّمَّانِ، وَاحِدَتُهُ حَلْقة؛
هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ويومُ تَحْلاقِ اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب
عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ لأَن الحَلْقَ كَانَ شِعارهم يَوْمَئِذٍ.
والحَوْلَقُ والحَيْلَقُ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. والحَلائقُ:
مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو الزُّبَيْرِ التَّغْلَبيّ:
(10/66)
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي بِهِ،
... وَذَا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
وَيُقَالُ: قَدْ أَكثرت مِنَ الحَوْلقة إِذا أَكثر مِنْ قَوْلِ: لَا
حولَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد ابْنُ
الأَنباري شَاهِدًا عَلَيْهِ:
فِداكَ مِنَ الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ ... يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه
العُرْفَ سائلُ
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ
الحَوْلَقةِ
، هي لَفْظَةٌ مَبْنِيَّةٌ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا
بِاللَّهِ، كَالْبَسْمَلَةِ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ، والحمدَلةِ مِنَ
الْحَمْدِ لِلَّهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهَا
الْجَوْهَرِيُّ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْقَافِ، وَغَيْرُهُ
يَقُولُ الحوْقلةُ، بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى اللَّامِ، وَالْمُرَادُ
بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ إِظهار الْفَقْرِ إِلى اللَّهِ بِطَلَبِ
المَعُونة مِنْهُ عَلَى مَا يُحاوِلُ مِنَ الأُمور وَهِيَ حَقِيقة
العُبودِيّة؛ وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ
اللَّهِ إِلا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ
إِلا بمعونته.
حلفق: التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو الحُلْفُقُ الدَّرابزين، وَكَذَلِكَ
التَّفاريجُ.
حمق: الحُمْقُ: ضِدُّ العَقْل. الْجَوْهَرِيُّ: الحُمْقُ والحُمُقُ
قِلَّةُ الْعَقْلِ، حَمُقَ يَحْمُق حُمْقاً وحُمُقاً وحَماقةً وحمِقَ
وانْحَمَقَ واسْتَحْمَقَ الرَّجُلُ إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى.
وَرَجُلٌ أَحمقُ وحَمِقٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بِالرَّاعِي الحَمِقْ
الْجَوْهَرِيُّ: حَمِقَ، بِالْكَسْرِ، يَحْمَقُ حُمْقاً مَثَلَ غَنِمَ
يَغْنَمُ غُنْماً، فَهُوَ حَمِقٌ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الحكَم
الثَّقَفي:
قَدْ يُقْتِرُ الحُوَلُ التَّقِيُّ، ... ويُكْثِرُ الحَمِقُ الأَثِيمُ
«1»
. وعَمرو بْنُ الحَمِق الخُزاعِيّ، وقومٌ ونِسوة حُمُق وحَمْقى
وحَماقى. ابْنُ سِيدَهْ: حَمْقَى بَنَوْه عَلَى فَعْلى لأَنه شَيْءٌ
أُصِيبوا بِهِ كَمَا قَالُوا هَلْكَى، وإِن كَانَ هالِك لفظَ فَاعِلٍ،
وَقَالُوا: مَا أَحْمقَه، وَقَعَ التَّعَجُّبُ فِيهَا بِمَا أَفْعلَه
وإِن كَانَتْ كالخُلُقِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ حُمْقان، قَالَ: فَلَا
أَدري أَهي صِيغَةٌ بَنَاهَا كخَبَط فرَقَدَ أَم لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ.
وأَتاه فأَحْمَقَه: وَجَدَهُ أَحمقَ. وأَحمقَ بِهِ: ذَكَرَهُ بحُمق.
وحَمَّقْتُ الرَّجُلَ تَحْمِيقاً: نسبتُه إِلَى الحُمْقِ، وحامَقْتُه
إِذا ساعدْته عَلَى حُمْقِه، واستحمقْته أَي عَدَدْتُهُ أَحمَقَ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ فِي طَلَاقِ امرأَته: أَرأَيتَ إِن عَجَز وَاسْتَحْمَقَ
؛ يُقَالُ: اسْتَحْمَقَ الرَّجُلُ إِذا فعَل فِعل الحَمْقَى.
واستحمقْتُه: وَجَدْتُهُ أَحمق، فَهُوَ لَازِمٌ ومُتعدّ مِثْلَ
اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ وَيُرْوَى: اسْتُحْمِقَ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ
فَاعِلُهُ، والأَوّل أَولى ليُزاوِجَ عَجَز: وتَحامقَ فُلَانٌ إِذا
تكلَّف الحَماقة؛ الأَزهري: وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِ
الشَّاعِرِ:
إِنَّ للحُمْقِ نِعْمةً في رِقابِ النّاس ... تَخْفَى عَلَى ذَوي
الأَلبْابِ
قَالَ: وَسُئِلَ بَعْضُ البُلغاء عَنِ الحُمق فَقَالَ: أَجْوَدُه
حَيْرةٌ؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ الأَحْمق الَّذِي فِيهِ بُلْغةٌ
يُطاوِلُك بحُمْقه فَلَا تَعْثُر عَلَى حُمْقه إِلا بَعْدَ مِراسٍ
طَوِيلٍ. والأَحمقُ: الَّذِي لَا مَلاوِمَ فِيهِ ينكشِف حُمْقُه
سَرِيعًا فتستريحُ مِنْهُ وَمِنْ صُحْبته، قَالَ: وَمَعْنَى
__________
(1) . قوله [الحول] في القاموس: رجل حول كصرد: كثير الاحتيال
(10/67)
الْبَيْتِ مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قَالَ إِن
للحُمْقِ نِعْمَةً فِي رِقَابِ العُقلاء تَغِيب وَتَخْفَى عَلَى
غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ لأَنهم أَفْطَن وأَذْكَى مِنْ
غَيْرِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: يَنطَلِقُ أَحدكم فَيَرْكَبُ الحَمُوقةَ
؛ هِيَ فَعولةٌ مِنَ الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذَاتُ حُمْقٍ. وَحَقِيقَةُ
الحُمق: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ
بقُبْحه. وَفِي الْحَدِيثِ الآخَر مَعَ نَجْدة الحَرُوريّ:
لوْلا أَن يقعَ فِي أُحْموقةٍ مَا كَتَبْتُ إِليه
، هُوَ مِنْهُ. وأَحمقَ الرَّجُلُ والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة
مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة عَلَى الفعْل؛ قَالَ بَعْضُ نِسَاءِ
الْعَرَبِ:
لَسْتُ أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَهْ، ... إِذا رأَيتُ خُصْيةً
مُعَلَّقهْ
تَقُولُ: لَا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ بَعْدَ أَن يَكُونَ الوَلد
ذَكَرًا لَهُ خُصية مُعلَّقة، وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى
حَمِقةٌ عَلَى النَّسَبِ كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر مَا تقدَّم، وإِن
كَانَ مِنْ عَادَةِ المرأَة أَن تَلِدَ الحَمْقَى فَهِيَ مِحْماقٌ.
والأُحْموقةُ: مأْخوذ مِنَ الحُمق. والمُحْمِقاتُ مِنَ اللَّيَالِي:
الَّتِي يَطلعُ الْقَمَرُ فِيهَا لَيْلَهُ كلَّه فَيَكُونُ فِي
السَّمَاءِ وَمِنْ دُونِهِ سَحاب، فَتَرَى ضَوءاً وَلَا تَرَى قَمَرًا،
فتظُنُّ أَنك قَدْ أَصبحت وَعَلَيْكَ لَيْلٌ، مُشْتَقٌّ مِنَ الحُمْق.
وَفِي الْمَثَلِ: غَرُّوني غُرُورَ المُحْمِقات. وَيُقَالُ: سِرْنا فِي
لَيَالٍ مُحمِقات إِذا اسْتَتَرَ الْقَمَرُ فِيهَا بِغَيْمٍ أَبيض
فَيَسِيرُ الرَّاكِبُ وَيَظُنُّ أَنه قَدْ أَصبح حَتَّى يَملَّ، قَالَ:
وَمِنْهُ أُخذ اسْمُ الأَحْمق لأَنه يغُرك فِي أَول مَجْلِسِهِ
بتَعاقُلِه، فإِذا انْتَهَى إِلى آخِرِ كَلَامِهِ تبيَّن حُمْقُهُ
فَقَدْ غَرَّكَ بأَول كَلَامِهِ. والبَقْلة الحَمْقاء: هِيَ
الفَرْفَخةُ؛ ابْنُ سِيدَهْ؛ البَقْلةُ الْحَمْقَاءُ الَّتِي
تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت
بالأَحمق الَّذِي يَسيل لُعابُه، وَقِيلَ: لأَنها تَنْبُت فِي مَجْرَى
السُّيول. والحُمَيْقاء: الْخَمْرُ لأَنها تُعْقب شَارِبَهَا الحُمْق.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ الأَنباري أَنه يُقَالُ: حَمَّقَ
الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وَهِيَ الْخَمْرُ؛ وأَنشد للنَّمِر بْنِ
تَوْلَب:
لُقَيْمُ بْنُ لُقْمانَ مِن أُخْتِه، ... وَكَانَ ابنَ أُخْتٍ لَهُ
وابْنَما
عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ ... إِليه، فَجامَعها مُظْلِما
قَالَ: وأَنكر أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَمْ
يَذْكُرْ أَحد أَن الحُمقِ مِنْ أَسماء الخَمر، قَالَ: والوراية فِي
الْبَيْتِ حُمِّقَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَالَ ابْنُ
خَالَوَيْهِ: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد:
كُفِيتُ زَمِيلًا حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ، ... عَلَى عَجَلٍ، أَضْحَى
بِهَا، وَهُوَ ساجِدُ
وَالْبَاءُ فِي بِهَجْعة زَائِدَةٌ وَمَوْضِعُهَا رَفْعٌ. وَفَرَسٌ
مُحْمِقٌ: نِتاجُها لَا يُسْبَق؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف المُحمِق
بِهَذَا الْمَعْنَى، والأَحْمقُ مأْخوذ مِنَ انْحِماق السُّوق إِذا
كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حَتَّى كَسَدَ. وحَمُقَت السوقُ
بِالضَّمِّ، وانْحَمَقَتْ: كسَدتْ. ابْنُ الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله
الكَسادُ. وَيُقَالُ: الأَحمقُ الكاسِدُ العقْلِ، قَالَ: والحُمق
أَيضاً الْغُرُورُ. وانْحَمق الثوبُ: أَخْلَق. ونامَ الثوبُ فِي
الحُمْق: أَخْلَقَ. وانْحَمق الرَّجُلُ: ضعُف عَنِ الأَمر؛ قَالَ:
والشيْخُ يُضْرَبُ أَحْياناً فيَنْحَمِقُ
(10/68)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الكِناني:
يَا كَعْبُ، إِنَّ أَخاكَ مُنْحمِقٌ، ... فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يَا
كَعْبُ
والحَمِقُ: الخَفيفُ اللِّحيةِ، وَبِهِ سُمِّيَ عَمرو بْنُ الحَمِق،
قَتَلَهُ أَصحاب مُعاوِيةَ ورأْسُه أَوَّلُ رأْس حُمِل فِي الإِسلام.
والحُماقُ والحَماق والحُمَيْقاء: مِثْلَ الجُدَرِيِّ الَّذِي يُصِيب
الإِنسان يَتَفَرَّقُ فِي الْجَسَدِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ
شَيْءٌ يَخْرُجُ بِالصِّبْيَانِ وَقَدْ حُمِقَ. الْجَوْهَرِيُّ:
الحُماقُ مِثْلَ السُّعال كالجُدَرِيّ يُصيب الإِنسان، وَيُقَالُ
مِنْهُ رَجُلٌ مَحْمُوقٌ. والحُماقُ والحَمِيقُ والحَمَقِيقُ: نَبْتٌ.
الأَزهري: الحُماق نَبْتٌ ذكرتْه أُمّ الْهَيْثَمِ، قَالَ: وَذَكَرَ
بَعْضُهُمْ أَن الحَمَقِيقَ نَبْتٌ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ
الهَمَقِيقُ. الأَزهري: انْحَمَقَ الطَّعام انْحِماقاً ومأَقَ مُؤُوقاً
إِذا رَخُص. والحُمَيْمِيقُ: طَائِرٌ يَصِيدُ العَظاء والجَنادِب
وَنَحْوَهُمَا.
حملق: الحِمْلاقُ والحُمْلاقُ والحُمْلوقُ: مَا غَطَّت الجُفُونُ مِنْ
بَياضِ المُقْلةِ؛ قَالَ:
قالِبُ حِمْلاقَيْهِ قَدْ كادَ يُجَنّ
وَقَالَ عَبِيدٌ:
يَدِبُّ مِنْ خَوْفِها دَبِيباً، ... والعينُ حِمْلاقُها مَقْلوبُ
والحِملاق [الحُملاق] : مَا لَزِقَ بِالْعَيْنِ مِنْ مَوْضِعِ الكُحْل
مِنْ بَاطِنٍ، وَقِيلَ: الحملاقُ بَاطِنُ الْجَفْنِ الأَحمر الَّذِي
إِذا قُلب للكَحْل بدَتْ حُمرته. وحَمْلَقَ الرَّجل إِذا فَتَحَ
عَيْنَيْهِ، وَقِيلَ: الحَمالِيقُ مِنَ الأَجفان مَا يَلي المُقلة مِنْ
لَحْمِهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَا فِي الْمُقْلَةِ مِنْ نَواحِيها،
وَقِيلَ: الْحِمْلَاقُ مَا وَلِي المقلةَ مِنْ جِلْدِ الجَفن.
الْجَوْهَرِيُّ: حملاقُ الْعَيْنِ بَاطِنُ أَجفانها الَّذِي يُسوِّده
الكُحْل. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ مُتَلَثِّماً لَا يُظْهِرُ مَنْ
حُسْنِ وَجْهِهِ إِلا حَمالِيقُ حَدَقتيه. وحَمْلَق الرَّجُلُ إِذا
انْقَلَبَ حِمْلَاقُ عَيْنَيْهِ مِنَ الفزَع؛ وأَنشد:
رأَتْ رجُلًا أَهْوَى إِليها، فحَمْلَقَت ... إِليه بِمَاقِي عَيْنِها
المُتَقَلِّب
والمُحَمْلِقُ مِنَ الأَعين: الَّتِي حَولَ مُقْلَتَيْها بَيَاضٌ لَمْ
يُخالِطها سَوَادٌ، وَعَيْنٌ مُحَمْلِقة مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ:
حَمالِيقُ الْعَيْنِ بَيَاضُهَا أَجمعُ مَا خَلَا السوادَ. وحَمْلَق
إِليه: نَظَرَ، وَقِيلَ: نظرَ نَظَرًا شَدِيدًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والليْثُ إِن أَوْعَدَ يَوماً، حَمْلَقا ... بمُقْلةٍ تُوقِدُ فَصًّا
أَزْرقا
التَّهْذِيبُ: حَمالِيقُ المرأَة مَا انْضَمَّ عَلَيْهِ شُفْرا
عَوْرَتِها؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وَيْحَكِ يَا عِرَابُ لَا تُبَرْبِري، ... هلْ لكِ فِي ذَا العَزَبِ
المُخَصَّرِ؟
يَمشِي بعَرْدٍ كالوَظِيفِ الأَعْجَرِ، ... وفَيْشةٍ مَتَى تَراها
تشْفرِي،
تَقْلِبُ أَحْياناً حَمالِيقَ الحِرِ
حنق: الحَنَقُ: شِدَّةُ الاغْتياظِ؛ قَالَ:
ولَّى جَمِيعاً يُنادي ظِلَّه طَلَقاً، ... ثُمَّ انْثَنى مَرِساً قَدْ
آدَه الحَنَقُ
أَي أَثْقَلَه الغضَبُ. حَنِقَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، يَحْنَقُ
(10/69)
حَنَقاً وحَنِقاً، فَهُوَ حَنِقٌ وحَنِيقٌ؛
قَالَ:
وبعضُهُم عَلَى بعضٍ حَنِيقُ
وَقَدْ أَحْنَقه. والحنَقُ: الغيْظُ، وَالْجَمْعُ حِناقٌ مِثْلَ جبَل
وجِبال. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا يَصْلُح هَذَا الأَمْرُ إِلا لِمَنْ لَا يُحْنِقُ عَلَى
جِرَّتِه
أَي لَا يَحْقِدُ عَلَى رَعِيَّتِه؛ والحَنَقُ: الغيظُ، والجِرَّةُ:
مَا يُخرجه الْبَعِيرُ مِنْ جَوْفِهِ ويَمْضَغُه. والإِحْناقُ: لُحوقُ
الْبَطْنِ والتِصاقُه، وأَصل ذَلِكَ أَن الْبَعِيرَ يَقْذِف بجِرّته،
وإِنما وُضع مَوْضِعَ الكَظم مِنْ حَيْثُ إِنّ الاجْترار يَنْفُخ
الْبَطْنَ والكظمُ بِخِلَافِهِ، فَيُقَالُ: مَا يُحْنِق فُلَانٌ عَلَى
جِرّة وَمَا يَكْظِم عَلَى جِرة إِذا لَمْ يَنطو عَلَى حِقد ودَغَل؛
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا يُقَالُ لِلرَّاعِي جِرّة، وَجَاءَ
عُمَرُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَضَرَبَهُ مَثَلًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي جَهْلٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وَهُوَ حَنِقٌ
عَلَيْكُمْ
؛ وأَحْنقَه غَيْرُهُ، فَهُوَ مُحْنَقٌ؛ قَالَتْ قُتَيلةُ بِنْتُ
النضْر بْنِ الحرث «2» :
مَا كَانَ ضَرَّك لَوْ مَنَنْتَ، ورُبَّما ... مَنَّ الفَتَى، وَهُوَ
المَغِيظُ المُحْنَقُ
وأَحْنقَ الرَّجل إِذا حقَدَ حِقْداً لَا يَنْحلُّ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ حَنِيق بِمَعْنَى مُحْنَق؛ قَالَ المُفضَّل
النُّكْرِيُّ:
تَلاقَيْنا بغِينةِ ذِي طُرَيْفٍ، ... وبعضهُمُ عَلَى بَعْضٍ حنيقُ
والإِحْناقُ: لزُوقُ البَطْنِ بالصُّلْب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بطَلِيح أَسْفارٍ تَركْنَ بَقِيّة ... مِنْهَا، فأَحنَقَ صُلْبُها
وسَنامُها
والمُحْنِقُ: الْقَلِيلُ اللَّحْمِ، واللاحِقُ مِثْلُهُ. أَبو
الْهَيْثَمِ: المُحنق الضَّامِرُ؛ وَأَنْشَدَ:
قَدْ قالَتِ الأَنْساعُ للبطْنِ الْحَقي ... قِدْماً، فآضَتْ
كالفَنِيقِ المُحْنِقِ
وأَحْنقَ الزَّرْع، فَهُوَ مُحْنق إِذا انتشَرَ سَفى سُنْبِله بَعْدَ
مَا يُقَنْبِع؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ
الرُّكَّابَ فِي السَّفَر:
مَحانِيق تَضْحَى، وَهِيَ عُوجٌ كأَنَّها ... حوز.... مُستأْجَرات
نَوائحُ «3»
قَالَ: والمَحانِيقُ الإِبل الضُّمَّر. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
الحُنُقُ السِّمانُ مِنَ الإِبل. وأَحْنقَ إِذا سَمِن فَجَاءَ بِشَحْمٍ
كَثِيرٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ الأَضداد. وأَحْنَقَ سَنام
الْبَعِيرِ أَي ضَمُر ودَقَّ. ابْنُ سِيدَهْ: المُحْنِقُ مِنَ الإِبل
الضامِر مِنْ هِياجٍ أَو غَرْثٍ، وَحِمَارٌ مُحْنِق: ضَمُر مِنْ
كَثْرَةِ الضِّراب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا ... أَقْتادَ رَحْلي، أَو
كُدُرًّا مُحْنِقا
وإِبل مَحانِيقُ: كَأَنَّهُمْ توهَّموا وَاحِدَهُ مِحْناقاً؛ قَالَ ذُو
الرُّمة:
مَحانيق يَنْفُضْنَ الخِدامَ كأَنَّها ... نَعامٌ، وحادِيهنَّ
بالخَرْقِ صادِحُ
أَي رَافِعٌ صوتَه بالتطْريب، وَقِيلَ: الإِحْناق لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ
الخُفّ وَالْحَافِرِ. والمُحْنِق أَيضاً مِنَ الْحَمِيرِ: الضَّامِرُ
اللَّاحِقُ الْبَطْنِ بِالظَّهْرِ لِشِدَّةِ الغَيرة؛ وفي ترجمة
__________
(2) . قوله [بنت النضر] في النهاية: أخته انتهى. والخلاف في كتب السير
معروف
(3) . قوله [حوز] كذا بالأَصل على هذه الصورة مع بياض بعده، ولم نجد
هذا البيت في ديوان ذي الرمة
(10/70)
عقم قَالَ خُفافٌ:
وخَيْل تَهادَى لَا هَوادةَ بَيْنَهَا، ... شَهِدْتُ بمدلوكِ المَعاقِم
مُحْنِقِ
المُحنِق: الضامر.
حندق: الحَنْدَقوقَى والحَنْدَقُوقُ والحِنْدَقُوقُ: بَقْلَةٌ أَو
حَشِيشة كالفَثِّ الرَّطْب، نبَطِيّة مُعرَّبة، وَيُقَالُ لَهَا
بِالْعَرَبِيَّةِ الذُّرَقُ، قَالَ: وَلَا تَقُلِ الحَنْدَقوقى.
والحَنْدَقوقُ: الطَّوِيلُ المُضْطرب، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ
وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنْدقُوق وَهُوَ
الذُّرَقُ نبَطي مُعَرَّبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حدق:
صَوَابُ حَنْدَقُوقَ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ حندق لأَن النُّونَ
أَصلية، وَوَزْنُهُ فَعْلَلُول، قَالَ: وكذا ذكره سيبوبه وَهُوَ
عِنْدَهُ صِفَةٌ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ بأَنه الطَّوِيلُ
الْمُضْطَرِبُ شِبْهُ الْمَجْنُونِ. الأَزهري: أَبو عُبَيْدَةَ
الحَنْدَقوق الرَّأْراء الْعَيْنِ؛ وأَنشد:
وهَبْتُه لَيْسَ بِشَمْشَلِيقِ، ... وَلَا دَحوقِ العَينِ حَنْدَقُوقِ
والشَّمْشَلِيقُ: الخَفِيفُ. والدَّحُوقُ: الرَّأْراء.
حوق: الحُوقُ والحَوْقُ: لُغَتَانِ، وَهُوَ مَا استدارَ بالكَمَرة مِن
حُروفها؛ قَالَ:
غَمْزَكَ بالكَبْساء ذاتِ الحُوق
وَقِيلَ: حُوقُها حَرْفُهَا؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْحُوقُ اسْتِدارة فِي
الذَّكَرِ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ:
قَدْ وجَبَ المَهْرُ إِذَا غابَ الحُوق
وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. وكَمَرةٌ حَوْقاء وفَيْشَلة حَوقاء:
مُشْرِفة. وأَيْرٌ أحْوَقُ: عَظِيمُ الحُوق. وحَوْقُ الحِمار: لَقَبُ
الْفَرَزْدَقِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ذَكَرْتَ بناتِ الشمْسِ، والشمسُ لَمْ تَلِدْ، ... وهَيْهاتَ مِنْ
حَوْقِ الحِمارِ الكَواكِبُ «1»
. وحاقَه حَوْقاً: دلَكَه. وَحَاقَ الْبَيْتَ يَحُوقه حَوقاً: كنَسَه.
والمِحْوَقةُ: المِكْنَسةُ. والحَوْقُ: الكَنْسُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ حِينَ بَعث الجندَ إِلى الشَّامِ: كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ:
سَتَجِدُونَ أَقواماً مُحَوّقةً رؤوسُهُم
؛ أَراد أَنهم حَلَقوا وَسَطَ رؤوسهم فَشَبَّهَ إِزالة الشَّعْرِ
مِنْهُ بالكَنْس، قَالَ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الحُوق وَهُوَ
الإِطار المُحيط بِالشَّيْءِ المُسْتَدِير حَوله. والحُواقةُ:
الكُناسةُ. الْكِسَائِيُّ: الحُواقة القُماش. وأَرض مَحُوقةٌ:
قَلِيلَةُ النَّبْتِ جِدًّا لِقِلَّةِ الْمَطَرِ. وحَوَّقَ عَلَيْهِ
كَلَامَهُ: عَوَّجَه. وحُوَّاقة: مَوْضِعٌ. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو
الحَوْقةُ الْجَمَاعَةُ المُمَخْرِقةُ. والحَوْقُ: الحَوْقلةُ. ابْنُ
الأَعرابي: الحَوْقُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ، والله أَعلم.
حيق: اللَّيْثُ: الحَيْقُ مَا حاقَ بالإِنسان مِنْ مَكْر أَو سُوء
عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فَيَنْزِلُ ذَلِكَ بِهِ، تَقُولُ: أَحاق اللَّهُ
بِهِمْ مَكْرَهُمْ. وحاقَ بِهِ الشَّيْءُ يَحِيق حَيْقاً: نزَل بِهِ
وأَحاطَ بِهِ، وَقِيلَ: الحَيْقُ فِي اللُّغَةِ هُوَ أَن يَشْتَمِلَ
عَلَى الإِنسان عاقبةُ مَكْرُوهٍ فَعَلَهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: فَحاقَ
بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ*
. قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانُوا يَقُولُونَ لَا عَذاب وَلَا آخِرةَ فحاقَ
بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي كذَّبوا بِهِ، وأَحاقهُ اللَّهُ بِهِ:
أَنزله، وَقِيلَ: حاقَ بِهِمُ العذابُ أَي أَحاط بِهِمْ وَنَزَلَ كأَنه
وَجَبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: حَاقَ يَحِيق، فَهُوَ حَائِقٌ. وَقَالَ
الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ*
، أَي أَحاط بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي هُوَ جَزَاءُ مَا كَانُوا
يستهزئُون كَمَا تَقُولُ أَحاطَ بِفُلَانٍ عمَلُه وأَهلكَه
__________
(1) . في ديوان جرير: وأيهات بدل وهيهات، والمعنى واحد
(10/71)
كَسْبُه أَي أَهلَكه جَزَاءُ كَسْبِه؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو
إِسحق حاقَ بِمَعْنَى أَحاطَ، قَالَ: وأَراه أَخذه مِنَ الحُوق وَهُوَ
مَا اسْتدارَ بالكَمَرة، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الحُوق فُعْلًا مِنْ
حاقَ يَحِيق، كَانَ فِي الأَصل حُيْقٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا
لِانْضِمَامِ الْحَاءِ، وَقَدْ تَدْخُلُ الْوَاوُ عَلَى الْيَاءِ
مِثْلَ طَوبي أَصلُه طيْبَى، وَقَدْ تَدْخُلُ الْيَاءُ عَلَى الْوَاوِ
فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، يُقَالُ: تَصَوَّح النَّبْتُ وتَصَيَّح
وتَوَّهَه وتَيَّهَه وطَوَّحَه وطَيَّحَه، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي
قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وحاقَ بِهِمْ: فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عادَ
عَلَيْهِمْ مَا استهزؤوا بِهِ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَحاط بِهِمْ
نَزَلَ بِهِمْ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
، أَي لَا يَرجِع عاقبةُ مَكْرُوهِهِ إِلا عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخرَجني مَا أَجِد مِنْ حاقِ
الجُوع
؛ هُوَ مِنْ حاقَ يحيقُ حَيْقاً وَحَاقًا أَي لَزمَه ووجَب عَلَيْهِ.
والحَيْقُ: مَا يَشتمل عَلَى الإِنسان مِنْ مَكْرُوهٍ، وَيُرْوَى
بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: تخَوَّف مِنَ الساعةِ الَّتِي مَن سارَ فِيهَا حاقَ بِهِ
الضُّرُّ.
وَشَيْءٌ مَحِيقٌ ومَحْيُوقٌ: مَدْلوكٌ. وَحَاقَ فِيهِ السيفُ حَيْقاً:
كحاكَ. وحَيْقٌ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: جبَلُ الحَيْقِ
جَبَلُ قاف. |