لسان العرب فصل الغين المعجمة
غتل: غَتَلَ المكانُ غَتَلًا، فَهُوَ غَتِلٌ: كَثُرَ فِيهِ الشَّجَرُ؛
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. وَنَخْلٌ غتِلٌ:
ملتفٌّ، يَمَانِيَّةٌ.
غدفل: رَجُلٌ غِدَفْلٌ: طَوِيلٌ. وَبَعِيرٌ غِدَفْلٌ: سابغُ شَعَرِ
الذَّنَبِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عزهل:
يَتْبَعْنَ زَيّافَ الضُّحَى عُزاهِلا، ... يَنْفُجُ ذَا خَصائلٍ
غُدافِلا
وَقَالَ: غُدافِل كَثِيرُ سَبِيبِ الذَنَب. أَبو عَمْرٍو: كَبْشٌ
غُدافِل كَثِيرُ سَبِيبِ الذَّنَبِ. وغَدافِلُ الثِّيَابِ: خُلْقانُها.
وَفِي الْمَثَلِ: غَرَّني بُرْداكِ مِنْ غَدافِلِي؛ وَذَلِكَ أَن
رَجُلًا سأَل رَجُلًا أَن يَكْسُوَهُ، فَوَعَدَهُ فأَلقى خُلْقانَه
ثُمَّ لَمْ يَكْسُهُ. وَعَيْشٌ غَدْفَلٌ وغِدَفْلٌ وغِدْفِل ودَغْفَلٌ
ودَغْفَلِيٌّ: وَاسِعٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
رَعَثات عُنْبُلِها الغِدَفْلِ الأَرْعَل
وَرَحْمَةٌ غِدَفْلةٌ: وَاسِعَةٌ. ومُلاءة غِدَفْلة: واسعة.
غرل: الغُرْلة: القُلْفة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: لأَنْ أَحْمِل عَلَيْهِ غُلاماً رَكِبَ الْخَيْلَ عَلَى
غُرْلَتِه أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن أَحْمِلك عَلَيْهِ
؛ يُرِيدُ رَكِبَهَا فِي صِغَرِهِ وَاعْتَادَهَا قَبْلَ أَن يُخْتَن.
وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: كَانَ يَشُورُ نَفْسَه عَلَى غُرْلَتِه
أَي يَسْعَى ويَخِفُّ، وَهُوَ صَبِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: أَحَبُّ صِبْيانِنا إِلينا الطويلُ الغُرْلة
؛ إِنما أَعجبه طُولُهَا لِتَمَامِ خَلْقِهِ. والغُرْلُ: القُلْفُ.
والأَغْرَلُ: الأَقْلف. الأَحمر: رَجُلٌ أَرْغَلُ وأَغْرَلُ وَهُوَ
الأَقلف. وَفِي الْحَدِيثِ
: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُراةً حُفاة غُرْلًا بُهْماً
أَي قُلْفاً؛ والغُرْلُ: جَمْعُ الأَغْرَل. وعامٌ أَغْرَلُ: خَصِيب.
وَعَيْشٌ أَغْرَلُ أَي وَاسِعٌ. وَرَجُلٌ غَرِلٌ: مُسْتَرْخِي
الخَلْقِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَا غَرِلُ الخَلْقِ وَلَا قَصِيرَ
وَرُمْحٌ غَرِلٌ: سيّء الطُّولِ مُفْرِطه، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ
أَيضاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ مَا يَبْقَى مِنَ
الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ، والغديرُ الذي تبقى فِيهِ الدَّعامِيصُ لَا
يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يَبْقَى فِي أَسفل
الْقَارُورَةِ مِنَ الثُّفْل، وَقِيلَ: هُوَ ثُفْل مَا صُبِغَ بِهِ؛
وَقَالَ
(11/490)
الأَصمعي: الغِرْيَلُ أَن يَجِيءَ السيل
فيثبت على الأَرض ثُمَّ يَنْضُبَ، فإِذا جَفَّ رأَيت الطِّينَ رَقِيقًا
قَدْ جَفَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض قَدْ تَشَقَّقَ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ
فِي كِتَابِ الْمَطَرِ: هُوَ الطِّينُ يَحْمِلُهُ السَّيْلُ فَيَبْقَى
عَلَى وَجْهِ الأَرض، رَطْبًا كَانَ أَو يَابِسًا، وَقِيلَ: الغِرْيَلُ
الطِّينُ الَّذِي يَبْقَى فِي الْحَوْضِ.
غربل: غَرْبَلَ الشَّيْءَ: نَخَله. والغِرْبالُ: مَا غُرْبِلَ بِهِ،
مَعْرُوفٌ، غَرْبَلْت الدَّقِيقَ وَغَيْرَهُ. وَيُقَالُ: غَرْبَلَه
إِذا قَطَعَهُ؛ وَقَوْلُهُ:
فَلَوْلَا اللهُ والمُهْرُ المُفَدَّى، ... لَرُحْتَ وأَنت غِرْبالُ
الإِهاب
فإِنه وَضَعَ الغِرْبالَ مَكَانَ مُخَرَّق، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا
جَازَ أَن يَجْعَلَ الغِرْبال فِي مَوْضِعِ المُغَرْبَل.
والمُغَرْبَلُ: المُنْتقى كأَنه نُقِّيَ بالغِرْبال. وَفِي الْحَدِيثِ
: كَيْفَ بِكُمْ إِذا كُنْتُمْ فِي زَمَانٍ يُغَرْبَلُ الناسُ فِيهِ
غَرْبَلةً
أَي يَذْهَبُ خيارهُم وَيَبْقَى أَرْذالُهم؛ والمُغَرْبَلُ مِنَ
الرِّجَالِ: الدُّونُ كأَنه خَرَجَ مِنَ الغِربال، وَقِيلَ فِي
تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ
: يَذْهَبُ خِيَارُهُمْ بِالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ وَتَبْقَى أَرذالُهم.
الْجَعْدِيُّ: غَرْبَلَ فلانٌ فِي الأَرض إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي
الْحَدِيثِ
: أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بالغِرْبال
؛ عَنَى بالغِرْبال الدُّفَّ، شَبَّهَ الْغِرْبَالَ بِهِ فِي
اسْتِدَارَتِهِ. وغَرْبَلَهم: قَتَلَهم وطحَنَهم. والمُغَرْبَل:
الْمَقْتُولُ الْمُنْتَفِخُ؛ قَالَ:
أَحْيا أَباه هَاشِمُ بْنَ حَرْمَله، ... يومَ الهَباءَاتِ وَيَوْمَ
اليَعْمَله،
تَرَى الملوكَ حَوْلَه مُغَرْبَلَه، ... ورُمْحَه لِلْوَالِدَاتِ
مَثْكَله،
يَقْتُلُ ذَا الذنبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ
وَقِيلَ: عَنَى بالمُغَرْبَلة أَنه يَنْتَقي السَّادَةَ فَيَقْتُلُهُمْ
فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنَ الأَول. وَقَالَ شَمِرٌ: المُغَرْبَلُ
المُفَرَّق، غَرْبَلَه أَي فَرَّقَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: ثُمَّ أَتَيْتُ الشأْم فغَرْبَلْتُها
أَي كَشَفْتُ حالَ مَنْ بِهَا وخَبَرْتُهم، كأَنه جَعَلَهُمْ فِي
غِرْبالٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الجيِّد وَالرَّدِيءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَتَيْتُموني فاتِحي أَفواهِكم كأَنكم الغِرْبِيلُ
؛ قِيلَ: هُوَ العصفور.
غرزحل: أَبو زَيْدٍ: الغِرْزَحْلة «1» بَالْغَيْنِ، الْعَصَا؛ قَالَ:
وَهِيَ القَحْزَنَة.
غرقل: غَرْقَلَتِ البيضةُ: مَذِرَت، والبِطِّيخة: فَسَدَ مَا فِي
جَوْفِهَا. قَالَ الأَزهري: الغِرْقِلُ بَيَاضُ الْبَيْضِ،
بِالْغَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: غَرْقَلَ إِذا صبَّ عَلَى رأْسه
الْمَاءَ بِمَرَّةٍ واحدة.
غرمل: الغُرْمُولُ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ الرِّخْوُ، وَقَدْ قِيلَ:
الذَّكَرُ مُطْلَقًا، وَيُقَالُ لَهُ الْغُرْمُولُ قَبْلَ أَن تُقْطَعَ
غُرْلتُه؛ هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه نَظَرَ إِلى غَرَامِيل الرِّجَالِ فِي
الْحَمَّامِ فَقَالَ: أَخْرجوني وَكَانُوا مُخْتَتِنِين مِنْ غَيْرِ
شكٍ
، وَقِيلَ: الغُرْمُول لِذَواتِ الْحَافِرِ؛ قَالَ بِشْرٌ:
وخِنْذِيذٍ، تَرَى الغُرْمولَ مِنْهُ ... كَطَيِّ الزِّقِّ عَلّقَه
التِّجارُ
غزل: غَزَلَتِ المرأَة الْقُطْنَ وَالْكَتَّانَ وَغَيْرَهُمَا تَغْزلُه
غَزْلًا، وَكَذَلِكَ اغْتَزَلَتْه وَهِيَ تَغْزِل بالمِغْزل، ونسوةٌ
غُزَّلٌ غَوازِلُ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى الْحَارِثِيُّ:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ، ... قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
__________
(1) . قوله [الغرزحلة إلخ] هذا هو الصواب، وتقدم في مادة قسبر:
القزرحلة والقحربة
(11/491)
عَلَى أَن الغُزَّلَ قَدْ يَكُونُ هُنَا
الرجالَ لأَن فُعَّلًا فِي جَمْعِ فاعلٍ مِنَ الْمُذَكَّرِ أَكثر
مِنْهُ فِي جَمْعِ فاعِلة. والغَزْلُ أَيضاً: الْمَغْزُولُ. والغَزْلُ:
مَا تغْزِلُه مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ غُزُول؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَسَمَّى سِيبَوَيْهِ مَا تَنْسِجُهُ الْعَنْكَبُوتُ غَزْلًا فَقَالَ
فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
كأَنّ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ المُرْمَل
الغَزْلُ: مُذَكَّرٌ، وَالْعَنْكَبُوتُ أُنثى، كَذَا قَالَ الغَزْل
مُذَكَّرٌ وأَضرب عَنْ ذِكْرِ النَّسْجِ الَّذِي فِي شِعْرِ العجاج؛
واستعمال أَبو النَّجْمِ الغَزْل فِي الْجَبَلِ «1» فَقَالَ:
يَنْفِشُ مِنْهُ الْمَوْتَ مَا لَا تَغْزِلُه
وَاسْمُ مَا تَغْزلُ بِهِ المرأَة المِغْزَلُ والمُغْزَلُ والمَغْزَلُ،
تَمِيمٌ تَكْسِرُ الْمِيمَ وَقَيْسٌ تَضُمُّهَا، والأَخيرة أَقلها،
والأَصل الضَّمُّ، وإِنما هُوَ مِنْ أُغْزِلَ أَي أُدِيرَ وفُتِل.
وأَغْزَلَت المرأَة: أَدارت المِغْزَلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ السَّيْلِ والغُثَّاءِ فَلْكة مِغْزَل
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدِ اسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ الضَّمَّةَ فِي
حُرُوفٍ وَكَسَرَتْ مِيمَهَا، وأَصلها الضَّمُّ، مِنْ ذَلِكَ مِصْحَف
ومِخْدَع ومِجْسَد ومِطْرَف ومِغْزَل، لأَنها فِي الْمَعْنَى أُخذت
مِنْ أُصْحِف أَي جُمعت فِيهِ الصُّحُفُ، وَكَذَلِكَ المِغْزَل إِنما
هُوَ مِنْ أُغْزِل أَي فُتِل وأُدير فَهُوَ مُغْزَل، وَفِي كِتَابٍ
لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ: عَلَيْكُمْ كَذَا وَكَذَا ورُبع المُغْزَل
أَي رُبُعُ مَا غَزَلَ نِسَاؤُكُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ
بِالْكَسْرِ الْآلَةُ، وَبِالْفَتْحِ مَوْضِعُ الغَزْل، وَبِالضَّمِّ
مَا يُجْعَلُ فِيهِ الغَزْل، وَقِيلَ: هُوَ حُكْم خَصَّ بِهِ
هَؤُلَاءِ. والمُغَيْزِل: حَبْلٌ دَقِيقٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه
شُبّه بالمِغْزل لِدِقَّتِهِ؛ قَالَ: حَكَى ذَلِكَ الحِرْمازي؛ وأَنشد:
وَقَالَ اللَّواتي كُنَّ فِيهَا يَلُمْنَني: ... لَعَلَّ الْهَوَى،
يَوْمَ المُغَيزِل، قاتِلُهْ
والغَزَلُ: حديثُ الفِتْيان والفَتَيات. ابْنُ سِيدَهْ: الغَزَلُ
اللَّهْوُ مَعَ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ المَغْزَلُ؛ قَالَ:
تَقُولُ لِيَ العَبْرَى المُصابُ حَلِيلُها: ... أَيا مالكٌ هَلْ فِي
الظَّعائِن مَغْزَلُ؟
ومُغازَلَتُهنّ: مُحادثتُهن ومُراوَدتُهنَّ، وَقَدْ غَازَلَها،
والتَّغَزُّلُ: التَّكَلُّفُ لِذَلِكَ؛ وأَنشد:
صُلْب العَصا جافٍ عَنِ التَّغَزُّل
تَقُولُ: غَازَلْتُها وغَازَلَتْني، وتَغَزَّلَ أَي تَكَلَّفَ
الغَزَلَ، وَقَدْ غَزِلَ غَزْلًا وَقَدْ تَغَزَّلَ بِهَا وغَازَلَها
وغَازَلَتْه مُغازَلة. وَرَجُلٌ غَزِلٌ: مُتَغَزِّلٌ بِالنِّسَاءِ
عَلَى النَّسَبِ أَي ذُو غَزَلٍ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَغْزَلُ مِنِ
امْرِئِ الْقَيْسِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَغْزَلُ مِنَ الحُمَّى؛
يُرِيدُونَ أَنها مُعْتَادَةٌ لِلْعَلِيلِ مُتَكَرِّرَةٌ عَلَيْهِ
فكأَنها عَاشِقَةٌ لَهُ مُتَغَزلة بِهِ. وَرَجُلٌ غَزِلٌ: ضَعِيفٌ عَنِ
الأَشياء فاترٌ فِيهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وغَازَلَ الأَرْبَعين:
دَنا مِنْهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والغَزالُ مِنَ الظِّباء: الشادِنُ قَبْل
الإِثْناءِ حِينَ يَتَحَرَّكَ وَيَمْشِي، وَتُشَبَّهُ بِهِ
الْجَارِيَةُ فِي التَّشْبِيبِ فَيُذَكَّرُ النَّعْتُ وَالْفِعْلُ
عَلَى تَذْكِيرِ التَّشْبِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْد الطَّلا، وَقِيلَ:
هُوَ غَزالٌ مِنْ حِينِ تَلِدُهُ أُمُّه إِلى أَن يَبْلُغَ أَشَدَّ
الإِحْضار، وَذَلِكَ حِينَ يَقْرُن قوائمه
__________
(1) . قوله [في الجبل] هكذا في الأصل
(11/492)
فَيَضَعُهَا مَعًا وَيَرْفَعُهَا مَعًا،
وَالْجَمْعُ غِزْلة وغِزْلانٌ مِثْلَ غِلْمة وغِلْمان، والأُنثى
بِالْهَاءِ، وَقَدْ أَغْزَلَت الظبيةُ. وَظَبْيَةٌ مُغْزِلٌ: ذَاتُ
غَزال. وغَزِلَ الكلبُ، بِالْكَسْرِ، غَزَلًا إِذا طَلَبَ الغَزَالَ
حَتَّى إِذا أَدركه وثَغا مِنْ فَرَقِه انْصَرَفَ مِنْهُ ولهِيَ
عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الغَزَلُ مِنْ غَزِلَ الكلبُ، بِالْكَسْرِ،
أَي فَتَر وَهُوَ أَن يَطْلُبَ الغَزال فإِذا أَحسَّ بِالْكَلْبِ
خَرِقَ أَي لَصِقَ بالأَرض ولَهِيَ عَنْهُ الكلبُ وَانْصَرَفَ،
فَيُقَالُ: غَزِلَ واللهِ كلبُك، وَهُوَ كَلْبٌ غَزِلٌ. وَيُقَالُ
لِلضَّعِيفِ الْفَاتِرِ عَنِ الشَّيْءِ: غَزِلٌ، وَمِنْهُ: رَجُلٌ
غَزِلٌ لِصَاحِبِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ.
والغَزَالةُ: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا،
يُقَالُ: طَلَعَتِ الغَزالةُ ولا يقل غَابَتِ الغَزالةُ، وَيُقَالُ:
غرَبت الجَوْنةُ، وإِنما سُمِّيَتَ جَوْنةً لأَنها تَسْودّ عِنْدَ
الغُروب، وَيُقَالُ: الغَزالةُ الشَّمْسُ إِذا ارْتَفَعَ النَّهَارُ،
وَقِيلَ: الغَزالةُ عَيْنُ الشَّمْسِ، وغَزالةُ الضُّحَى وغَزالاتُه
بعد ما تَنْبَسِطُ الشَّمْسُ وتُضْحي، وَقِيلَ: هُوَ أَول الضُّحَى
إِلى مَدِّ النَّهَارِ الأَكْبَرِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنَ النَّهَارِ
نحوٌ مَنْ خُمُسِه. يُقَالُ: أَتيتُه غَزالاتِ الضُّحى؛ قَالَ:
يَا حَبَّذا، أَيامَ غَيْلانَ، السُّرى ... ودَعْوةُ الْقَوْمِ: أَلا
هَلْ مِنْ فتى
يَسُوق بالقوم غَزالاتِ الضُّحَى؟
وأَنشد أَبو عبيد لعُتَيبة بن الحرث الْيَرْبُوعِيُّ:
تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً، ... فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن
تَؤُوبا
وَيُقَالُ: فأَعجلنا الإِلاهةَ وَهِيَ المَهاة. وَيُقَالُ: جَاءَنَا
فُلان فِي غَزالةِ الضُّحَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فأَشرفْتُ، الغزالةَ، رأْسَ حُزْوى ... أُراقِبُهم، وَمَا أَغْنَى
قِبالا
يَعْنِي الأَظْعانَ، وَنَصْبُ الْغَزَالَةِ عَلَى الظَّرْفِ. وَقَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْغَزَالَةُ فِي بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ الشَّمْسُ،
وتقديرُه عِنْدَهُ فأَشرفتُ طلوعَ الغَزالةِ، ورأْس حُزْوى مَفْعُولُ
أَشْرَفْت، عَلَى مَعْنَى علَوْت أَي عَلَوْتُ رأْس حُزْوَى طُلُوعَ
الشَّمْسِ، وجمعُ غَزالةِ الضُّحَى غَزالاتٌ؛ قَالَ:
دَعَتْ سُلَيْمى دَعْوَةً: هَلْ مِنْ فَتًى ... يَسُوقُ بالقوم،
غَزالاتِ الضُّحى؟
وغَزالَةُ والغَزالةُ: المرأَة الحَرُوريّة مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ
بأَحد هَذِهِ الأَشياء؛ قَالَ أَيْمُنُ بْنُ خُرَيم:
أَقامَت غَزالةُ سُوقَ الضِّراب، ... لأَهْلِ العِراقَيْن، حَوْلًا
قَمِيطا
وَقَالَ آخَرُ:
هلَّا كَرَرْتَ عَلَى غَزالَة فِي الوَغى؟ ... بَلْ كَانَ قَلْبُك فِي
جَناحَيْ طَائِرِ «2»
. وغَزالُ شَعْبانَ: ضربٌ مِنَ الْجَنَادِبِ. وغَزالٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ
سُوَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْهُذَلِيُّ:
أَقْرَرْت لمَّا أَن رأَيت عَدِيَّنا، ... ونَسِيت مَا قدّمْت يومَ
غَزالِ
وفَيْفاء غَزالٍ، وقَرْنُ غَزَالٍ: مَوْضِعَانِ. والغَزَالَةُ: عُشْبة
مِنَ السُّطَّاح يَنْفَرِشُ عَلَى الأَرض يَخْرُجُ مِنْ وَسَطِهِ
قَضِيبٌ طَوِيلٌ يُقْشَر وَيُؤْكَلُ حُلْوًا. ودمُ الغَزَال: نَبَاتٌ
شَبِيهٌ بِنَبَاتِ الْبَقْلَةِ الَّتِي تُسَمَّى الطَّرْخُون، يُؤْكَلُ
وَلَهُ حُروفة، وَهُوَ أَخضر وَلَهُ عِرق أَحمر مِثْلُ عِرْقِ
الأَرْطاة تخطِّط بِمَائِهِ مَسَكاً حُمْراً فِي أَيديهن. وغَزال
وغُزَيّل: اسْمَانِ.
__________
(2) . هذا البيت لعمران بن حِطّان يتهكم فيه الحجَّاج، وفي رواية أخرى:
هلّا برزت إلى غزالة في الوغى
(11/493)
غسل: غَسَلَ الشَّيْءَ يَغْسِلُه غَسْلًا
وغُسْلًا، وَقِيلَ: الغَسْلُ الْمَصْدَرُ مِنْ غَسَلْت، والغُسْل،
بِالضَّمِّ، الِاسْمُ مِنَ الِاغْتِسَالِ، يُقَالُ: غُسْل وغُسُل؛
قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
تَحْتَ الأَلاءة فِي نَوْعَيْنِ مِنْ غُسُلٍ، ... بَاتَا عَلَيْهِ
بِتَسْحالٍ وتَقْطارِ
يَقُولُ: يَسِيلُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الشَّجَرَةِ مِنَ الْمَاءِ
وَمَرَّةً مِنَ الْمَطَرِ. والغُسْل: تَمَامُ غَسل الْجَسَدِ كُلِّهِ،
وَشَيْءٌ مَغْسول وغَسِيل، وَالْجَمْعُ غَسْلى وغُسَلاء، كَمَا قَالُوا
قَتْلى وقُتَلاء، والأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ غَسالى.
الْجَوْهَرِيُّ: مِلْحَفة غَسِيل، وَرُبَّمَا قَالُوا غَسِيلة،
يَذْهَبُ بِهَا إِلى مَذْهَبِ النُّعُوتِ نَحْوَ النَّطِيحة؛ قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ يَذْهَبُ بِهَا مَذْهَبَ
الأَسماء مِثْلَ النَّطِيحة والذَّبِيحة والعَصِيدة. وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: مَيِّتٌ غَسِيل فِي أَموات غَسْلى وغُسَلاء
وَمَيِّتَةٌ غَسيل وغَسِيلة. الْجَوْهَرِيُّ: والمَغْسِل والمَغْسَل،
بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا، مغسِل الْمَوْتَى. الْمُحْكَمُ:
مَغْسِلُ الْمَوْتَى ومَغْسَلُهم مَوْضِعُ غَسْلهم، وَالْجَمْعُ
المَغاسل، وَقَدِ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ. والغَسُول: الْمَاءُ الَّذِي
يُغْتَسل بِهِ، وَكَذَلِكَ المُغتَسَل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
هَذَا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ
؛ والمُغْتَسل: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْتَسل فِيهِ، وَتَصْغِيرُهُ
مُغَيْسِل، وَالْجَمْعُ المَغاسِلُ والمَغاسيل. وَفِي الْحَدِيثِ
: وَضَعَتْ لَهُ غُسْلَه مِنَ الْجَنَابَةِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الغُسْلُ، بِالضَّمِّ، الْمَاءُ الْقَلِيلُ
الَّذِي يُغْتَسل بِهِ كالأُكْل لِمَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ الِاسْمُ
أَيضاً مِنْ غَسَلْته. والغَسْل، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ،
وَبِالْكَسْرِ: مَا يُغْسل بِهِ مِنْ خِطْميّ وَغَيْرِهِ. والغِسل
والغِسْلَة: مَا يُغْسَل بِهِ الرأْس مِنْ خِطْمِيٍّ وَطِينٍ وأُشْنان
وَنَحْوِهِ، وَيُقَالُ غَسُّول؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فالرَّحْبَتانِ، فأَكنافُ الجَنابِ إِلى ... أَرضٍ يَكُونُ بِهَا
الغَسُّول والرَّتَمُ
وَقَالَ:
تَرْعى الرَّوائِمُ أَحْرارَ الْبُقُولِ، وَلَا ... تَرْعى،
كَرَعْيكُم، طَلْحاً وغَسُّولا
أَراد بالغَسُّول الأُشنان وَمَا أَشبهه مِنَ الْحَمْضِ، وَرَوَاهُ
غَيْرُهُ:
لَا مِثْلَ رعيكُم مِلْحاً وغَسُّولا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَارَةَ فِي
الغِسْل:
فَيَا لَيْلَ، إِن الغِسْلَ مَا دُمْتِ أَيِّماً ... عَلَيَّ حَرامٌ،
لَا يَمَسُّنيَ الغِسْلُ
أَي لَا أُجامع غَيْرَهَا فأَحتاج إِلى الغِسل طَمَعًا فِي
تَزَوُّجِهَا. والغِسْلة أَيضاً: مَا تَجْعَلُهُ المرأَة فِي شَعْرِهَا
عِنْدَ الِامْتِشَاطِ. والغِسْلة: الطِّيبُ؛ يُقَالُ: غِسْلةٌ
مُطَرّاة، وَلَا تَقُلْ غَسْلة، وَقِيلَ: هُوَ آسٌ يُطَرَّى بأَفاوِيهَ
مِنَ الطِّيبِ يُمْتَشط بِهِ. واغْتَسَلَ بالطِّيب: كَقَوْلِكَ
تضَمَّخ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والغَسُول: كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْت بِهِ
رأْساً أَو ثَوْبًا أَو نَحْوَهُ. والمَغْسِل: مَا غُسِل فِيهِ
الشَّيْءُ. وغُسالة الثَّوْبِ: مَا خَرَجَ مِنْهُ بالغَسْل. وغُسالةُ
كُلِّ شَيْءٍ: ماؤُه الَّذِي يُغْسَل بِهِ. والغُسالة: مَا غَسَلْت
بِهِ الشَّيْءَ. والغِسْلِينُ: مَا يُغْسَلُ مِنَ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ
كالغُسَالَة.
(11/494)
والغِسْلِينُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ:
مَا يَسِيل مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ كَالْقَيْحِ وَغَيْرِهِ كأَنه
يُغْسل عَنْهُمْ؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ
لِلسِّيرَافِيِّ، وَقِيلَ: الغِسْلِينُ مَا انْغَسل مِنْ لُحُومِ أَهل
النَّارِ وَدِمَائِهِمْ، زِيدَ فِيهِ الْيَاءُ وَالنُّونُ كَمَا زِيدَ
فِي عِفِرِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ أَن
عِفِرِّين مِثْلُ قِنَّسْرِين، والأَصمعي يَرَى أَن عِفِرِّين مُعْرَبٌ
بِالْحَرَكَاتِ فَيَقُولُ عفرينٌ بِمَنْزِلَةِ سِنينٍ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا
الْخاطِؤُنَ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: غِسْلِينٌ شَدِيدُ الْحَرِّ، قَالَ مُجَاهِدٌ:
طَعَامٌ مِنْ طَعَامِ أَهل النَّارِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا
أَنْضَجَت النَّارُ مِنْ لُحُومِهِمْ وسَقَط أَكَلوه، وَقَالَ
الضَّحَّاكُ: الغِسْلِينُ والضَّرِيعُ شَجَرٌ فِي النَّارِ، وَكُلُّ
جُرْح غَسَلْتَه فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ
مِنَ الغَسْل مِنَ الْجَرْحِ والدبَر؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنه مَا
يَسِيل مِنْ صَدِيدِ أَهل النَّارِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: اشْتِقَاقُهُ
مِمَّا يَنْغَسِل مِنْ أَبدانهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: شَرابُه الحميمُ
والغِسْلِينُ
، قَالَ: هُوَ مَا يُغْسَل مِنْ لُحُومِ أَهل النَّارِ وصَدِيدهم.
وغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبي عَامِرٍ الأَنصاري،
وَيُقَالُ لَهُ: حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُد
وغَسَّلَتْه الْمَلَائِكَةُ؛
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأَيت
الْمَلَائِكَةَ يُغَسِّلونه وَآخَرِينَ يَسْتُرونه
، فسُمِّي غَسِيل الْمَلَائِكَةِ، وأَولاده يُنْسَبون إِليه:
الغَسيلِيِّين، وَذَلِكَ أَنه كَانَ أَلمَّ بأَهله فأَعجلَه النَّدْبُ
عَنِ الاغتِسال، فَلَمَّا استُشْهِد رأَى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الملائكةَ يُغَسِّلونه، فأَخبر بِهِ أَهله
فذَكَرَتْ أَنه كَانَ أَلمَّ بِهَا. وغَسَلَ اللهُ حَوْبَتَك أَي
إِثْمَك يَعْنِي طهَّرك مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ
الدُّعَاءِ:
واغْسِلْني بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
أَي طَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ، وذِكْرُ هَذِهِ الأَشياء مُبَالَغَةٌ
فِي التَّطْهِيرِ. وغَسَلَ الرجلُ المرأَة يَغْسِلُها غَسْلًا: أَكثر
نِكَاحَهَا، وَقِيلَ: هُوَ نكاحُه إِيّاها أَكْثَرَ أَو أَقَلَّ،
وَالْعَيْنُ الْمُهْمَلَةُ فِيهِ لُغَةٌ. وَرَجُلٌ غُسَلٌ: كَثِيرُ
الضِّراب لامرأَته؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وَقْع الوَبِيل نَحاه الأَهْوَجُ الغُسَلُ
وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ
غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ واغْتَسَلَ وبَكَّرَ وابتكر فيها ونِعْمَت
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَكثر النَّاسِ يَذْهَبُونَ إِلى أَن مَعْنَى
غَسَّلَ أَي جَامَعَ أَهله قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلصَّلَاةِ لأَن ذَلِكَ
يَجْمَعُ غضَّ الطَّرْف فِي الطَّرِيقِ، لأَنه لَا يُؤْمَن عَلَيْهِ
أَن يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يَشْغل قلْبَه؛ قَالَ: وَيَذْهَبُ
آخَرُونَ إِلى أَن مَعْنَى قَوْلِهِ غَسَّلَ توضأَ لِلصَّلَاةِ فغَسَلَ
جَوَارِحَ الْوُضُوءِ، وثُقِّل لأَنه أَراد غَسْلًا بَعْدَ غَسْل،
لأَنه إِذا أَسبغ الْوُضُوءَ غَسَلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ،
ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ؛ قَالَ الأَزهري:
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُخَفَّفًا مِنْ غَسَلَ، بِالتَّخْفِيفِ، وكأَنه
الصَّوَابُ مِنْ قَوْلِكَ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه وغَسَّلَها إِذا
جَامَعَهَا؛ وَمِثْلُهُ: فَحْلٌ غُسَلَةٌ إِذا أَكثر طَرْقَها وَهِيَ
لَا تَحْمِل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه،
بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، إِذا جَامَعَهَا، وَقِيلَ: أَراد
غَسَّلَ غيرَه واغْتَسَلَ هُوَ لأَنه إِذا جَامَعَ زَوْجَتَهُ
أَحْوَجَها إِلى الغُسْل. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنْ غَسَلَ الميِّتَ فلْيَغْتَسِلْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعلم أَحداً مِنَ
الْفُقَهَاءِ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ مِنْ غُسْل الْمَيِّتِ وَلَا
الْوُضُوءَ مِنْ حَمْلِه، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ الأَمر فِيهِ عَلَى
الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الغُسْل مِنْ غسْل الْمَيِّتِ
مَسْنُونٌ، وَبِهِ يَقُولُ الْفُقَهَاءُ؛ قَالَ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: وأُحِبُّ الغُسْل من غسْلِ الميِّت، وَلَوْ صَحَّ
الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ
(11/495)
رَبِّهِ: وأُنْزِلُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا
يَغْسِلُه الْمَاءُ تقرؤُه نَائِمًا ويَقْظانَ
؛ أَراد أَنه لَا يُمْحَى أَبداً بَلْ هُوَ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِ
الَّذِينَ أُوتوا الْعِلْمَ، لَا يأْتيه الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَكَانَتِ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ لَا
تُجْمَع حِفْظاً وإِنما يُعْتَمَدُ فِي حِفْظِهَا عَلَى الصُّحُفِ،
بِخِلَافِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فإِن حُفَّاظَه أَضعاف مُضَاعَفَةٌ
لصُحُفِه، وَقَوْلُهُ تقرؤُه نَائِمًا وَيَقْظَانَ أَي تَجْمَعُهُ
حِفْظًا فِي حَالَتَيِ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَقِيلَ: أَراد تقرؤُه
فِي يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ. وغَسَلَ الفحلُ الناقةَ يَغْسِلُها غَسْلًا:
أَكثر ضِرابها. وَفَحْلٌ غِسْلٌ وغُسَلٌ وغَسِيل وغُسَلة، مِثَالُ
هُمَزة، ومِغْسَلٌ: يُكْثِرُ الضِّرَابَ وَلَا يُلَقِّحُ، وَكَذَلِكَ
الرَّجُلُ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا عَرِق: قَدْ غُسِلَ وَقَدِ
اغْتَسَلَ؛ وأَنشد:
وَلَمْ يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَل
وَقَالَ آخَرُ:
وكلُّ طَمُوحٍ فِي العِنانِ كأَنها، ... إِذا اغْتَسَلَتْ بِالْمَاءِ،
فَتْخاءُ كاسِرُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَا تَذْكُروا حُلَلَ المُلوك فإِنكم، ... بَعْدَ الزُّبَيْر، كحائضٍ
لَمْ تُغْسَل
أَي تغتَسِل. وَفِي حَدِيثِ الْعَيْنِ:
العَيْنُ حَقٌّ فإِذا اسْتُغْسِلْتُم فاغْسِلوا
أَي إِذا طَلَبَ مَن أَصابته «1» العينُ مِنْ أَحد جَاءَ إِلى
الْعَائِنِ بقدَح فِيهِ مَاءٌ، فيُدْخل كَفَّهُ فِيهِ فَيَتَمَضْمَضُ،
ثُمَّ يمجُّه فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ فِيهِ، ثُمَّ
يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ
يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ
يُدْخِلُ يدَه الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيمن، ثُمَّ
يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيسر، ثُمَّ
يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى،
ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى قَدَمِهِ
الْيُسْرَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى
رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ
عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَغْسِلُ دَاخِلَةَ الإِزارِ،
وَلَا يوضَع القدحُ عَلَى الأَرض، ثُمَّ يُصَبُّ ذَلِكَ الْمَاءُ
المستعمَل عَلَى رأْس الْمُصَابِ بِالْعَيْنِ مِنْ خلفِه صبَّة
وَاحِدَةً فيبرأُ بإِذن اللَّهِ تَعَالَى. وغَسَلَه بالسَّوط غَسْلًا:
ضرَبه فأَوجعه. والمَغَاسِلُ: مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ
أَوْدِية قِبَل الْيَمَامَةِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَقَدْ نَرْتَعِي سَبْتاً وأَهلُك حِيرةً، ... مَحَلَّ الملوكِ نُقْدة
فالمَغَاسِلا
وذاتُ غِسْل: مَوْضِعٌ دُونَ أَرض بَنِي نُمَير؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَنَخْنَ جِمالَهنَّ بِذَاتِ غِسْلٍ ... سَراةُ الْيَوْمِ يَمْهَدْن
الكُدونا
ابْنُ بَرِّيٍّ: والغَاسُول جَبَلٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَظَلُّ إِلى الغَاسُول تَرعى، حَزينَةً، ... ثَنايا بِراقٍ ناقتِي
بالحَمالِق
وغَاسِلٌ وغَسْوِيل: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ
زِيَادٍ:
تَرْعَى الرَّوائمُ أَحْرارَ البُقول بِهَا، ... لَا مِثْلَ رَعْيِكُمُ
مِلْحاً وغَسْوِيلا
والغَسْوِيل وغَسْوِيل: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي السِّبَاخِ، وَعَلَى
وَزْنِهِ سَمْوِيل، وَهُوَ طَائِرٌ.
__________
(1) . قوله [أَيْ إِذَا طَلَبَ مَنْ أصابته] هكذا في الأصل بدون ذكر
جواب إذا. وعبارة النهاية: أَيْ إِذَا طَلَبَ مَنْ أصابته العين أن
يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. كان من عادتهم أن الإنسان إذا أصابته عين
مِنْ أَحَدٍ جَاءَ إِلَى العائن بقدح إلى آخر ما هنا
(11/496)
غسبل: غَسْبَلَ الماءَ: ثَوَّرَه.
غضل: اغْضَأَلَّت الشَّجَرَةُ: لُغَةٌ فِي اخضأَلَّت. واغْضأَلَّ
الشَّجَرُ: كَثُرَتْ أَغصانه واشتدَّ الْتِفَافُهَا؛ قَالَ:
كأَنَّ زِمامها أَيْمٌ شُجاعٌ، ... تَرَأَّدَ في غُصُونٍ مُغْضَئِلَّه
همَز الأَلف عَلَى قولهم احْمأَرَّ ونحوه.
غطل: غَطَلَت السَّمَاءُ وأَغْطَلَت: أَطبق دَجْنُها. وغَطِلَ الليلُ
غَطَلًا: الْتَبَستْ ظلمتُه. والغَيْطَلةُ والغَيْطُولُ: الظُّلْمَةُ
الْمُتَرَاكِمَةُ. وغَيْطَلة الليلِ: الْتِجاجُ سوادِه. والغَيْطَلَةُ:
الْتِباسُ الظَّلَامِ وتراكُمُه؛ وأَنشد:
وَقَدْ كَسانا لَيْلُه غَيَاطِلا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَرَزْدَقِ فِي الغَيْطَلة الظُّلْمَةِ:
والليلُ مُخْتَلِطُ الغَياطِل أَلْيَلُ
أَبو عُبَيْدٍ: المُغْطَئِلُّ الراكبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَحَكَى ابْنُ
بَرِّيٍّ: الغَيطَلةُ الْتِفافُ النَّاسِ، وَيُقَالُ الغَيْضةُ.
الْمُحْكَمُ: والغَيْطلُ والغَيْطلةُ الشجرُ الْكَثِيرُ الملْتَفّ،
وَكَذَلِكَ الْعُشْبُ، وَقِيلَ: هُوَ اجْتِمَاعُ الشَّجَرِ
وَالْتِفَافُهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فظَلَّ يُرَنَّحُ فِي غَيْطَلٍ، ... كَمَا يَسْتَدِيرُ الحِمارُ
النَّعِر
تَرَنَّحَ: تمايَل مِنْ سُكْرٍ أَو غَيْرِهِ. والغَيْطَلُ: جَمْعُ
غَيْطَلة. والغَيْطَلةُ: الأَجَمة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الغَيْطَلةُ جَمَاعَةُ الشَّجَرِ وَالْعُشْبِ، قَالَ: وَكُلُّ
مُلْتَفٍّ مُخْتلِط غَيْطلة، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ مَرَّةً
بالغَيْطلة جماعةَ الظُّرَفَاءِ؛ وأَما قَوْلُ زُهَيْرٌ:
كَمَا استَغاثَ، بِسَيءٍ، فَزُّ غَيْطلةٍ، ... خافَ العُيونَ، فَلَمْ
يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
فَيُقَالُ: هِيَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ أَي وَلَدَتْهُ أُمُّه فِي
غَيْطلة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغَيْطَلةُ الْبَقَرَةُ
الْوَحْشِيَّةُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْبَقَرَةُ فَلَمْ يخُصَّ
الوحشيةَ مِنْ غَيْرِهَا. والغَيْطَلةُ: واحدةُ الغَياطِل، وَهِيَ
ذَوَاتُ اللَّبَنِ مِنَ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. والغَيْطَلةُ: ازدحامُ
النَّاسِ، يُقَالُ: أَتانا فِي غَيْطَلةٍ أَي فِي زَحْمَةٍ؛ قَالَ
الرَّاعِي:
بِغَيْطَلةٍ إِذا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا، ... نَشَدْناها المَواعِدَ
والدُّيُونا
أَراد مُزْدَحَم الظعائنِ يَوْمَ الظَّعْن. والغَيْطَلةُ: الأَكل
وَالشُّرْبُ والفَرَح بالأَمْنِ. والغَيْطَلةُ: المالُ المُطْغي.
والغَيْطَلةُ: الصوتُ والجلَبةُ، تَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْطَلَتهم
وغَيْطَلاتِهم. وغَيْطَلة الْحَرْبِ: كثرةُ أَصواتها وغُبارِها.
وغَيْطَلوا فِي الْحَدِيثِ: أَفاضوا فِيهِ وَارْتَفَعَتْ أَصواتهم
بِهِ؛ عَنِ الهَجَرِيّ. والغَيْطَلةُ: اجتماعُ النَّاسِ
وَالْتِفَافُهُمْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغَيْطَلةُ: الْجَمَاعَةُ؛
عَنْ
ثَعْلَبٍ. ابْنُ الأَعرابي: الغُوطالةُ الرَّوْضةُ. والغَيْطَلةُ:
غَلَبَةُ النُّعَاسِ. والغَيْطَلُ: السِّنَّوْرُ كالخَيْطَل؛ عن كراع.
غفل: غَفَلَ عَنْهُ يَغْفُلُ غُفولًا وغَفْلةً وأَغْفَلَه عَنْهُ غيرُه
وأَغْفَلَه: تركَه وَسَهَا عَنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الغُفول:
فَآبَكَ هَلًّا واللَّيالي بِغِرَّةٍ ... تَدُورُ، وَفِي الأَيام
عَنْكَ غُفُولُ «2» .
__________
(2) . قوله [فابك هلا إلخ] كذا في الأصل
(11/497)
وأَغْفَلْتُ الرَّجُلَ: أَصبْتُه غَافِلًا،
وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا
تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا
؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَوَجَبَ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ
وَاتَّبَعَ هَواهُ، بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ؛ وَسُئِلَ أَبو
الْعَبَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَنْ جَعَلْناه غَافِلًا،
وَكَلَامُ الْعَرَبِ أَكثرُه أَغْفَلْته سَمَّيْتُهُ غافِلًا،
وأَحْلَمْتُه سَمَّيْتُهُ حَليماً، قَالَ: وفعلَ هُوَ وأَفْعَلته أَنا،
أَكثرُ اللُّغَةِ ذهَب وأَذْهَبْته، هَذَا أَكثر الْكَلَامِ، وفَعَّلْت
أَكْثَرْتُ ذَلِكَ فِيهِ مِثْلُ غَلَّقْت الأَبواب وأَغْلَقْتها،
وأَفْعَلْتُ يَجيءُ مكانَ فَعَّلْت مِثْلُ مَهَّلْتُه وأَمْهَلْته
ووَصَّيْتُ وأَوْصَيْتُ وسَقَّيْتُ وأَسْقَيْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: لعَلَّنا أَغْفَلْنا رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَمينَه
أَي جَعَلْناه غَافِلًا عَنْ يَمِينِهِ بِسَبَبِ سُؤَالِنا، وَقِيلَ:
سأَلْناه وَقْتَ شُغْله وَلَمْ نَنْتَظِرْ فَرَاغَهُ. يُقَالُ:
تغَفَّلْته واسْتَغْفَلْته أَي تحيَّنْتُ غَفْلَته. وَيُقَالُ: هُوَ
فِي غَفَلٍ مِنْ عَيشِه أَي فِي سَعَةٍ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: الغَفَلُ
الكثيرُ الرفيعُ. ونَعَمٌ أَغْفَالٌ: لَا لِقْحةَ فِيهَا وَلَا نَجِيب.
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لَنَا نَعَمٌ أَغْفَالٌ مَا تَبِضُّ؛ يصفُ
سَنةً أَصابتهم فأَهلكت جيادَ مَالِهِمْ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِبل
أَغْفَالٌ لا سِماتِ عليها، وقِداحٌ أَغْفَالٌ. سِيبَوَيْهِ: غَفَلْتُ
صِرْتُ غَافِلًا. وأَغْفَلْتُه وغَفَلْت عَنْهُ: وصَّلْت غَفَلي إِليه
أَو تَرَكْتُهُ عَلَى ذُكْرٍ. قَالَ اللَّيْثُ: أَغْفَلْت الشَّيْءَ
تَرَكْتَهُ غَفَلًا وأَنت لَهُ ذَاكِرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ*
؛ يَصْلُحُ أَن يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعلم، كَانُوا فِي تَرْكِهِمِ
الإِيمانَ بِاللَّهِ والنظرَ فِيهِ والتدبُّرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ
الغافِلين، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَكَانُوا عَمَّا يُرَادُ
بِهِمْ مِنَ الإِثابة عَلَيْهِ غافِلين، وَالِاسْمُ الغَفْلة والغَفَل؛
قَالَ:
إِذْ نحْنُ فِي غَفَلٍ، وأَكْبَرُ هَمِّنا ... صِرْفُ النَّوَى،
وفِراقُنا الجِيرانا
وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ
أَي يَشْتَغِلُ بِهِ قَلْبُهُ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهِ حَتَّى تَصِيرَ
فِيهِ غَفْلة. والتَّغافُلُ: تَعمُّدُ الغَفْلة عَلَى حدِّ مَا يَجِيءُ
عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ. وتَغَافَلْت عَنْهُ وتَغَفَّلْتُه إِذا
اهْتَبَلْتَ غَفْلَتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ غَفَلْت فِيهِ
وأَغْفَلْتُه. والتَّغْفِيل: أَن يَكْفِيَكَ صاحبُك وأَنت غافِلٌ لَا
تَعْنَى بِشَيْءٍ. والتَّغَفُّل: خَتْلٌ فِي غَفْلة. والمُغَفَّلُ:
الَّذِي لَا فِطْنة لَهُ. والغَفُول مِنَ الإِبل: البَلْهاء التي لا
تمنع مِنْ فَصِيل يَرْضَعُهَا وَلَا تُبَالِي منْ حَلبها. والغُفْل:
المُقيّد الَّذِي أُغْفِل فَلَا يُرْجَى خيرُه وَلَا يُخْشَى شَرُّهُ،
وَالْجَمْعُ أَغْفال. والأَغْفَالُ: المَواتُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ
مَيّتة لَا علامةَ فِيهَا؛ وأَنشد:
يتْركْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفَالِ
وكلُّ مَا لَا عَلَامَةَ فِيهِ وَلَا أَثر عِمَارَةٌ مِنَ الأَرضين
والطُّرقِ وَنَحْوِهَا غُفْلٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي
كِتَابِهِ لأُكَيْدِرَ: إِنّ لَنَا الضاحيةَ والمَعامِيَ وأَغْفَالَ
الأَرض
أَي الْمَجْهُولَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَثر يُعْرَفُ، وَحَكَى
اللِّحْيَانِيُّ: أَرض أَغْفَالٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا
غُفْلًا. وبلادٌ أَغْفالٌ: لَا أَعلام فِيهَا يُهتدى بِهَا، وَكَذَلِكَ
كَلُّ مَا لَا سِمَةَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ. وَدَابَّةٌ
غُفْل: لَا سِمَةَ عَلَيْهَا. وَنَاقَةٌ غُفْل: لَا تُوسَم لِئَلَّا
تَجِب عَلَيْهَا صَدَقَةٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
لَا عيشَ إِلَّا كلُّ صَهْباءَ غُفُلْ ... تَناوَلُ الحوضَ، إِذا
الْحَوْضُ شُغِلْ
(11/498)
وَقَدْ أَغْفَلْتُها إِذا لَمْ تَسِمْها.
وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن نَفاذة الأَسْلَمي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ
مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ إِبلي؟
أَي صاحبُ إِبلٍ أَغْفالٍ لَا سِمَاتِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَهْفَةَ: وَلَنَا نَعَمٌ هَمَلٌ أَغْفَالٌ لَا سِمَاتِ عَلَيْهَا
، وَقِيلَ: الأَغْفال هَاهُنَا الَّتِي لَا أَلبانَ لَهَا، وَاحِدُهَا
غُفْل، وَقِيلَ: الغُفْل الَّذِي لَا يُرجى خَيْرُهُ وَلَا يُخْشَى
شَرُّهُ. وقِدْحٌ غُفْل: لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا نَصِيبَ لَهُ وَلَا
غُرْم عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ:
قِداحٌ غُفْلٌ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ لَيْسَتْ فِيهَا فُروضٌ وَلَا
لَهَا غُنْم وَلَا عَلَيْهَا غُرْم، وَكَانَتْ تُثَقَّل بِهَا القِداحُ
كَرَاهِيَةَ التُّهَمَة، يَعْنِي بِتُثَقَّلُ تُكَثَّرُ، قَالَ: وَهِيَ
أَربعة: أَولها المُصَدَّرُ ثُمَّ المُضَعَّف ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ
السَّفيح. وَرَجُلٌ غُفْل: لَا حسَب لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا
يَعْرِفُ مَا عِنْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يجرِّب الأُمور.
وَشَاعِرٌ غُفْل: غَيْرُ مُسَمًّى وَلَا مَعْرُوفٍ، وَالْجَمْعُ
أَغْفال. وشِعْر غُفْل: لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. وأَرض غُفْل: لَمْ
تُمْطَر. وغَفَلَ الشيءَ: ستَره. وغُفْل الإِبل، بِسُكُونِ الْفَاءِ:
أَوبارُها؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمَغْفَلة: العَنْفَقة؛ عَنِ
الزَّجَّاجِيِّ، وَوَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ جَانِبَا
العَنْفَقة، رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ: عَلَيْكَ بالمَغْفَلة
والمَنْشَلة؛ المَنْشَلةُ مَوْضِعُ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: رأَى رَجُلًا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: عَلَيْكَ بالمَغْفَلةِ
؛ هِيَ العَنْفقة يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فِي غَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ،
سُمِّيَتْ مَغْفَلة لأَن كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُغْفلُ عَنْهَا.
وغَافِلٌ وغَفْلة: اسْمَانِ. وَبَنُو غُفَيْلة وَبَنُو المُغَفَّل:
بُطون، والله أَعلم.
غلل: الغُلُّ والغُلّة والغَلَلُ والغَلِيلُ، كُلُّهُ: شِدَّةُ
الْعَطَشِ وَحَرَارَتُهُ، قلَّ أَو كَثُرَ؛ رَجُلٌ مَغْلول وغَلِيل
ومُغْتَلّ بَيِّنُ الغُلّة. وَبَعِيرٌ غالٌّ وغَلَّانُ، بِالْفَتْحِ:
عَطْشَانُ شَدِيدُ الْعَطَشِ. غُلَّ يُغَلٌّ غَلَلًا، فَهُوَ مَغْلول،
عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: غَلَّ يَغَلّ غُلّة
واغْتَلّ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ حَرَارَةُ الْحُزْنِ وَالْحُبِّ
غَلِيلًا. وأَغَلّ إِبلَه: أَساءَ سَقْيَها فصدَرَت وَلَمْ تَرْوَ.
وغَلَّ البعيرُ أَيضاً يَغَلُّ غُلّة إِذا لَمْ يَقْضِ رِيَّه. أَبو
عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَعْلَلْتُ الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتها
وَلَمْ تُرْوِهَا فَهِيَ عالَّة، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ؛ قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ أَغْلَلْت الإِبل إِذا
أَصدرتها وَلَمْ تُرْوِهَا، بِالْغَيْنِ، مِنَ الغُلَّة وَهِيَ
حَرَارَةُ الْعَطَشِ، وَهِيَ إِبل غالَّة؛ وَقَالَ نَصْرٌ الرَّازِيُّ:
إِذا صدَرَت الإِبلُ عِطاشاً قُلْتَ صَدَرَتْ غالَّة وغَوالَّ، وَقَدْ
أَغْلَلْتَها أَنت إِغْلالًا إِذا أَسَأْتَ سَقْيَها فأَصدرتها وَلَمْ
تَرْوِهَا وَصَدَرَتْ غَوالَّ، الْوَاحِدَةُ غالَّة؛ وكأَن الرَّاوِيَ
عَنْ أَبي عُبَيْدٍ غَلِطَ فِي رِوَايَتِهِ. والغَلِيلُ: حَرُّ
الْجَوْفِ لَوْحاً وامْتِعاضاً. والغِلُّ، بِالْكَسْرِ، والغَلِيلُ:
الغِشُّ والعَداوة والضِّغْنُ والحقْد وَالْحَسَدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: حَقِيقَتُهُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه لَا يَحْسُدُ
بَعْضُ أَهل الْجَنَّةِ بَعْضًا فِي عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ لأَن
الْحَسَدَ غِلٌّ وَهُوَ أَيضاً كَدر، وَالْجَنَّةُ مبرّأَة مِنْ
ذَلِكَ، غَلَّ صدرُه يَغِلُّ، بِالْكَسْرِ، غِلًّا إِذا كَانَ ذَا
غِشٍّ أَو ضِغْن وَحِقْدٍ. وَرَجُلٌ مُغِلٌّ: مُضِبٌّ عَلَى حِقْدٍ
وغِلٍّ. وغَلَّ يَغُلُّ غُلولًا وأَغَلَّ: خانَ؛ قَالَ النَّمِرُ:
جزَى اللهُ عنَّا حَمْزة ابْنَةَ نَوْفَلٍ ... جزاءَ مُغِلٍّ
بالأَمانةِ كاذبِ
وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْخَوْنَ فِي الفَيء والمَغْنم. وأَغَلَّه:
(11/499)
خَوّنه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَمْ نَسْمَعْ فِي المَغْنم إِلا غَلَّ
غُلُولًا، وَقُرِئَ:
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يُغَلَ
، فَمَنْ قرأَ يَغُلّ فَمَعْنَاهُ يَخُون، وَمَنْ قرأَ يُغَلّ فَهُوَ
يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما يُخان يَعْنِي أَن يُؤْخَذَ مِنْ
غَنِيمَتِهِ، وَالْآخَرُ يخوَّن أَي يُنْسَبُ إِلى الغُلول، وَهِيَ
قِرَاءَةُ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ، يُرِيدُونَ يسرَّق؛ قَالَ أَبو
الْعَبَّاسِ: جُعِلَ يُغَلُّ بِمَعْنَى يُغَلَّل، قَالَ: وَكَلَامُ
الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِي فَعَّلْت وأَفْعَلْت، وأَفْعَلْت
أَدخلت ذَلِكَ فِيهِ، وفَعَّلْت كثَّرت ذَلِكَ فِيهِ؛ وَقَالَ
الْفَرَّاءُ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ يُغَلّ مِنْ أَغْلَلْت بِمَعْنَى
يُغَلَّلُ أَي يُخوَّن كقوله فإِنهم لَا يكذِّبونك، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: قُرِئا جَمِيعًا أَن يَغُلَّ وأَن يُغَلَّ، فَمَنْ قَالَ
أَن يَغُلَّ فَالْمَعْنَى مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَخُون أُمّته،
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَن الغَنائم جَمَعَهَا سَيِّدُنَا رسول الله، صلى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزَاة فَجَاءَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: لَا تُقَسِّمْ غَنَائِمَنَا،
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: لَوْ أَفاء اللَّهُ
عَلَيَّ مِثْلَ أُحُد ذَهَبًا مَا مَنَعْتُكُمْ دِرْهَمًا، أَترَوْنني
أَغُلُّكم مَغْنَمكم؟
قَالَ: وَمَنْ قرأَ أَن يُغَلَّ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى ضرْبين: أَحدهما
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُله أَصحابه أَي يُخَوِّنُوهُ، وَجَاءَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ:
لأَعْرِفَنّ أَحدكم يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ شَاةٌ قَدْ
غَلَّها، لَهَا ثُغاءٌ، ثُمَّ قَالَ أَدّوا الخِياطَ والمِخْيَط
، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَكُونَ يُغَلّ يخوَّن، وَكَانَ أَبو
عَمْرِو بْنُ العَلاء وَيُونُسُ يَخْتَارَانِ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَغُلَ
، قَالَ يُونُسُ: كَيْفَ لَا يُغَلّ؟ بَلَى وَيُقْتَلُ؛ وَقَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: الغُلُول مِنَ المَغْنَم خَاصَّةً وَلَا نَرَاهُ مِنَ
الْخِيَانَةِ وَلَا مِنَ الحِقْد، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنه
يُقَالُ مِنَ الْخِيَانَةِ أَغَلَّ يُغِلُّ، وَمِنَ الحِقْد غَلَّ
يَغِلُّ، بِالْكَسْرِ، وَمِنَ الغُلول غَلَّ يَغُلُّ، بِالضَّمِّ؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَلَّ أَن نَجِدَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا
كَانَ لِفُلَانٍ أَن يُضْرَب عَلَى أَن يَكُونَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا
لِلْمَفْعُولِ، وإِنما نَجِدُهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، كَقَوْلِكَ
مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَكْذِب، وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَخُون،
وَمَا كَانَ لمُحرِم أَن يلبَس، قَالَ: وَبِهَذَا تَعْلَمُ صِحَّةَ
قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
، عَلَى إِسناد الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ؛ قَالَ:
وَالشَّاهِدُ عَلَى قَوْلِهِ يُقال مِنَ الْخِيَانَةِ أَغَلَّ يُغِلُّ
قَوْلُ الشَّاعِرُ:
حَدَّثْتَ نَفسَكَ بالوَفاء، وَلَمْ تَكُنْ ... للغَدْر خَائِنَةً
مُغِلّ الإِصبع
وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمْلى فِي صُلْح
الحُدَيْبية: أَن لَا إِغْلال وَلَا إِسْلال
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِغْلال الخِيانة والإِسْلال السَّرِقة،
وَقِيلَ: الإِغلال السَّرِقَةُ، أَي لَا خِيَانَةَ وَلَا سَرِقَةَ،
وَيُقَالُ: لَا رِشْوة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ
الغُلول فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْخِيَانَةُ فِي المَغْنم
وَالسَّرِقَةِ مِنَ الغَنيمة؛ وكلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ خُفْية
فَقَدْ غَلَّ، وَسُمِّيَتْ غُلُولًا لأَن الأَيدي فِيهَا مَغْلُولة أَي
مَمْنُوعَةٌ مَجْعُولٌ فِيهَا غُلّ، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي
تَجْمَعُ يَدَ الأَسير إِلى عُنقه، وَيُقَالُ لَهَا جامِعَة أَيضاً،
وأَحاديث الغُلول فِي الْغَنِيمَةِ كَثِيرَةٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: رَجُلٌ
مُغِلّ مُسِلّ أَي صَاحِبُ خِيَانَةٍ وسَلَّةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
شُرَيْحٍ: لَيْسَ عَلَى المُستعير غَيْرُ المُغِلّ وَلَا عَلَى
المُستودَع غَيْرُ المُغِلّ ضَمان، إِذا لَمْ يَخُن فِي العارِيَّة
والوَدِيعة فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، مِنَ الإِغْلال الخِيانةِ، يَعْنِي
الْخَائِنَ، وَقِيلَ: المُغِلُّ هَاهُنَا المُسْتَغِلُّ وأَراد بِهِ
الْقَابِضَ لأَنه بالقَبْض يَكُونُ مُسْتَغِلًّا، قَالَ ابْنُ الأَثير:
والأَوَّل الوَجْه؛ وَقِيلَ: الإِغْلال الْخِيَانَةُ وَالسَّرِقَةُ
الْخَفِيَّةُ، والإِسْلال مِنْ سَلّ البعيرَ وغيرَه فِي جَوْفِ
اللَّيْلِ إِذا انْتَزَعَهُ مِنْ الإِبل وَهِيَ السَّلَّة، وَقِيلَ:
هُوَ الغارة
(11/500)
الظاهرة، يقال: غَلَّ يَغُلُّ وسَلّ
يَسُلّ، فأَما أَغَلَّ وأَسَلَّ فَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا غُلول وسَلَّة،
وَيَكُونُ أَيضاً أَن يُعِينَ غَيْرَهُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ:
الإِغْلال لُبْس الدُّروع، والإِسْلال سَلّ السُّيُوفِ؛
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ لا
يُغِلُّ عليهن قلبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، ومُناصَحة
ذَوِي الأَمْر، وَلُزُومُ جماعة المسلمين فإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحيط
مِنْ وَرَائِهِمْ
؛ قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ
أَي لَا يَكُونُ مَعَهَا فِي قَلْبِهِ غِشّ ودَغَل ونِفاق، وَلَكِنْ
يَكُونُ مَعَهَا الإِخلاص فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُوِيَ:
لَا يَغِلُّ وَلَا يُغِلُّ، فَمَنْ قَالَ يَغِلُّ، بِالْفَتْحِ
لِلْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ، فإِنه يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الضِّغْن
والغِلّ وَهُوَ الضِّغْن والشَّحْناء، أَي لَا يَدْخُلُهُ حِقْد يُزيله
عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ قَالَ يُغِلُّ، بِضَمِّ الْيَاءِ، جَعَلَهُ مِنَ
الْخِيَانَةِ؛ وأَما غَلَّ يَغُلُّ غُلُولًا فإِنه الْخِيَانَةُ فِي
المَغْنَم خَاصَّةً، والإِغْلال: الْخِيَانَةُ فِي المَغانم
وَغَيْرِهَا. وَيُقَالُ مِنَ الغِلّ: غَلَّ يَغِلُّ، وَمِنَ الغُلول:
غَلَّ يَغُلُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: غَلَّ الرجلُ يَغُلُّ إِذا خَانَ
لأَنه أَخْذ شَيْءٍ فِي خَفاء، وَكُلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ فِي
خَفَاءٍ فَقَدْ غَلَّ يَغُلُّ غُلولًا، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي هَذَا
الْبَابِ رَاجِعٌ إِلى هَذَا، مِنْ ذَلِكَ الْغَالُّ، وَهُوَ الْوَادِي
الْمُطَمْئِنُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ، وَجَمْعُهُ غُلَّان، وَمِنْ
ذَلِكَ الغِلّ وَهُوَ الحِقْد الكامِن؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي
تَفْسِيرِ لَا يُغِلّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ، قَالَ: وَيُرْوَى
يَغِلُ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الوُغول الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ،
قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن هَذِهِ الخِلال الثَّلَاثَ تُستصلَح بِهَا
الْقُلُوبُ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا طهُر قَلْبُهُ مِنَ الدَّغَل
وَالْخِيَانَةِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَعَلَيْهِنَّ فِي مَوْضِعِ
الْحَالِ تَقْدِيرُهُ لَا يَغِلُ كَائِنًا عَلَيْهِنَّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: غَلَلْتم وَاللَّهِ
أَي خُنْتم فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَلَمْ تَصْدُقوه. ابْنُ
الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ: غُلَّ بصرُ فُلَانٍ حَادَ عَنِ الصَّوَابِ
مِنْ غَلَّ يَغِلُّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ
ثلاث لا يَغِلُّ عليهن قلبُ امرئ
أَي لَا يَحِيدُ عَنِ الصَّوَابِ غَاشًّا. وأَغَلَّ الخطيبُ إِذا لَمْ
يُصِبْ فِي كَلَامِهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
خُطباء لَا خُرْق وَلَا غُلل، إِذا ... خُطَبَاءُ غيرهمُ أَغَلَّ
شِرارُها
وأَغَلَّ فِي الجِلْد: أَخذ بَعْضَ اللَّحْمِ والإِهابَ. يُقَالُ:
أَغْلَلْت الْجِلْدَ إِذا سَلَخْتَهُ وأَبقيت فِيهِ شَيْئًا مِنَ
الشَّحم، وأَغْلَلْت فِي الإِهاب سَلَخْتَهُ فَتَرَكْتَ عَلَى
الْجِلْدِ اللَّحْمَ. والغَلَل: اللَّحْمُ الَّذِي تُرِكَ عَلَى
الإِهاب حِينَ سُلِخَ. وأَغَلَّ الْجَازِرُ فِي الإِهاب إِذا سلَخ
فَتَرَكَ مِنَ اللَّحْمِ ملتزِقاً بالإِهاب. والغَلَل: دَاءٌ فِي
الإِحليل مِثْلُ الرَّفَقِ، وَذَلِكَ أَن لَا يَنْفُض الْحَالِبُ
الضَّرْع فَيَتْرُكَ فِيهِ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَيَعُودُ دَمًا أَو
خَرَطاً. وغَلَّ فِي الشَّيْءِ يَغُلُّ غُلولًا وانْغَلَّ وتَغَلَّلَ
وتَغَلْغَلَ: دَخَلَ فِيهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ
والأَعراض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ والكِناس:
يُحَفِّرُه عَنْ كلِّ ساقٍ دَقِيقةٍ، ... وَعَنْ كُلِّ عِرْقٍ فِي
الثَّرى مُتَغَلْغِل «3»
. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ فِي العَرَض رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ شُيُوخِهِ:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ فِي فُؤادي، ... فَبادِيه مَعَ الْخَافِي
يَسِيرُ
وغَلَّه يَغُلّه غَلًّا: أَدخله؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
غَلَلْت المَهَارى بَيْنَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ، ... وَبَيْنَ الدُّجَى
حَتَّى أَراها تمزَّق
__________
(3) . قوله [يحفره] هكذا في الأصل
(11/501)
وغَلَّه فانغَلَّ أَي أَدخله فَدَخَلَ؛
قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: وَمِنْهَا مَا يُغِلّ يَعْنِي مِنَ الكِباش
أَي يُدْخِل قَضِيبَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْفَعَ الأَلْية. وغَلَّ
أَيضاً: دَخَلَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَيُقَالُ: غَلّ فُلَانٌ
المَفاوِز أَي دَخَلَهَا وَتَوَسَّطَهَا. وغَلْغَلَه: كغَلَّه.
والغُلَّة: مَا تَوَارَيْتَ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغَلْغَلة:
كالغَرْغَرة فِي مَعْنَى الْكَسْرِ. والغَلَلُ: الْمَاءُ الَّذِي
يَتَغَلَّل بَيْنَ الشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ الأَغْلال؛ قَالَ دُكين:
يُنْجِيه مِنْ مِثْل حَمام الأَغْلال ... وَقْعُ يَدٍ عَجْلى، ورِجْلٍ
شِمْلال
ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحت رَيَّا مِن عَالِ
يَقُولُ: يُنْجي هَذَا الفرسَ مِنْ سِراع «1» فِي الْغَارَةِ كالحَمام
الْوَارِدَةِ؛ وَفِي التَّهْذِيبَ قَالَ: أَراد يُنْجي هَذَا الفرسَ
مِنْ خَيْلٍ مِثْلِ حَمَامٍ يَرِدُ غَلَلًا مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ مَا
يَجْرِي فِي أُصول الشَّجَرِ، وَقِيلَ: الغَلَل الْمَاءُ الظَّاهِرُ
الْجَارِي، وَقِيلَ: هُوَ الظَّاهِرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض ظُهوراً
قَلِيلًا وَلَيْسَ لَهُ جِرْية فَيَخْفَى مَرَّةً وَيَظْهَرُ مَرَّةً،
وَقِيلَ: الغَلَل الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ
الحُوَيْدِرة:
لَعِب السُّيُول بِهِ، فأَصبح مَاؤُهُ ... غَلَلًا يُقَطِّع فِي أُصول
الخِرْوَع
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَلَل السَّيْلُ الضَّعِيفُ يَسِيل مِنْ
بَطْنِ الْوَادِي أَو التِّلَع فِي الشَّجَرِ وَهُوَ فِي بَطْنِ
الْوَادِي، وَقِيلَ: أَن يأْتي الشجرَ غَلَلٌ مِنْ قَبْل ضعفِه
واتّباعِه كلَّ مَا تَواطأَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي فَلَا يَكَادُ يَرَى
وَلَا يَتْبَعَ إِلَّا الوَطاء. وغَلَّ الماءُ بَيْنَ الأَشجار إِذا
جَرَى فِيهَا يَغُلُّ، بِالضَّمِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وتَغَلْغَلَ
الْمَاءُ فِي الشَّجَرِ: تخلَّلها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَا يَذْهَبُ
كلامُنا غَلَلًا أَي لَا يَنْبَغِي أَن يَنْطوي عَنِ النَّاسِ بَلْ
يَجِبُ أَن يَظْهَرَ. وَيُقَالُ لِعِرْقِ الشَّجَرِ إِذا أَمعن فِي
الأَرض غَلْغَلٌ، وَجَمْعُهُ غَلاغِلُ؛ قَالَ كَعْبٌ:
وتَفْتَرّ عَنْ غُرِّ الثَّنايا، كأَنها ... أَقاحيّ تُرْوى عَنْ
عُرُوق غُلاغِل
والغِلالة: شِعار يلبَس تَحْتَ الثَّوْبِ لأَنه يُتَغَلَّلُ فِيهَا أَي
يُدْخَل. وَفِي التَّهْذِيبِ: الغِلالة الثَّوْبُ الَّذِي يُلْبَسُ
تَحْتَ الثِّيَابِ أَو تَحْتَ دِرْع الْحَدِيدِ. واغْتَلَلْت الثوبَ:
لَبِسته تَحْتَ الثِّيَابِ، وَمِنْهُ الغَلَل الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي
فِي أُصول الشَّجَرِ. وغَلَّلَ الغِلالة: لَبِسَهَا تَحْتَ ثِيَابِهِ؛
هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغُلَّة: الغِلالة، وَقِيلَ هِيَ
كالغِلالة تُغَلّ تَحْتَ الدِّرْع أَي تدخَل. والغَلائل: الدرُوع،
وَقِيلَ: بَطائن تلبَس تَحْتَ الدُّروع، وَقِيلَ: هِيَ مَسامير
الدُّروع التي تَجمع بين رؤوس الحَلَق لأَنها تُغَلُّ فِيهَا أَي
تُدخَل، وَاحِدَتُهَا غَلِيلَة؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنّ كُرَّةً، ... فَهُنَّ وِضاءٌ صافياتُ
الغَلائِل «2»
. خَصّ الغَلائل بالصَّفاء لأَنها آخِرُ مَا يَصْدَأُ مِنَ الدُّروع،
وَمَنْ جَعَلَهَا البَطائن جَعَلَ الدُّروع نَقِيَّةً لَمْ يُصْدِئن
الغَلائل. وغَلائل الدُّروع: مَسَامِيرُهَا المُدخَلة فِيهَا،
الْوَاحِدُ غَلِيل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وأَحْكَم أَضْغان القَتِير الغَلائِل
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ فَهُنَّ وِضاء صَافِيَاتُ
الغَلائل، قَالَ: الغِلالة المِسمار الَّذِي يَجمع بَيْنَ رأْسَي
الحَلَقَة، وإِنما وَصف الغَلائل بالصَّفاء لأَنها أَسرع شيء صَدأً من
__________
(1) . قوله [من سراع] عبارة الصحاح: من خيل سراع
(2) . في ديوان النابغة: القلائل بدل الغلائل، ولعل الصواب ما هنا
(11/502)
الدُّروع. ابْنُ الأَعرابي: العُظْمَة
والغِلالة والرُّفاعة والأُضْخُومَة والحَشِيّة الثَّوْبُ الَّذِي
تَشُدُّهُ المرأَة عَلَى عَجيزتها تَحْتَ إِزارها تُضَخِّمُ بِهِ
عَجِيزَتَهَا؛ وأَنشد:
تَغْتال عَرْض النُّقْبة المُذالة، ... وَلَمْ تَنَطّقْها عَلَى
غِلاله،
إِلَّا لحسْن الخَلْق والنَّباله
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ الغُلَّة، وَجَمْعُهَا غُلَل؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
كَفاها الشَّبابُ وتَقْوِيمُه، ... وحُسْن الرُّواءِ ولُبْسُ الغُلَلْ
وغَلَّ الدهنَ فِي رأْسه: أَدخله فِي أُصول الشَّعْرِ. وغَلَّ شعرَه
بِالطِّيبِ: أَدخَله فِيهِ. وتَغَلَّل بالغالِية، شُدِّدَ
لِلْكَثْرَةِ، واغْتَلَّ وتَغَلْغَل: تَغَلَّف؛ أَبو صَخْرٍ:
سِراج الدُّجى تَغْتَلُّ بالمِسْك طِفْلَة، ... فَلَا هِيَ مِتْفال،
وَلَا اللَّوْن أَكْهَب
وغَلَّلَه بِهَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: تَغَلَّى بالغالِية، فإِما
أَن يَكُونَ مِنْ لَفْظِ الغالِية، وإِما أَن يَكُونَ أَراد تَغَلَّل
فأَبدل مِنَ اللَّامِ الأَخيرة يَاءً، كَمَا قَالُوا تظنَّيْت في
تَظَنَّنْت، قَالَ: والأَول أَقيس. غَيْرُهُ: وَيُقَالُ تَغَلَّيْت
مِنَ الْغَالِيَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ تَغَلَّلْت
بِالْغَالِيَةِ، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ أَلْصقته بجِلدك وأُصول
شَعْرِكَ فَقَدَ تَغَلَّلْته، قَالَ: وتَغَلَّيْت مُوَلَّدَةٌ. وَقَالَ
أَبو نَصْرٍ: سأَلت الأَصمعي هَلْ يَجُوزُ تَغَلَّلْت مِنَ الغالِية؟
فَقَالَ: إِن أَردت أَنك أَدخلته فِي لِحْيَتِكَ أَو شارِبك فَجَائِزٌ.
اللَّيْثُ: وَيُقَالُ مِنَ الغالِية غَلَّلْت وغَلَّفْت وغَلَّيْت.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كُنْتُ أُغَلِّل لحيةَ رَسُولِ
اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالغالِية
أَي أُلطّخها وأُلبِسها بِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْفَرَّاءُ
يُقَالُ تَغَلَّلْت بالغالِية وَلَا يُقَالُ تَغَلَّيْت، قَالَ:
وأَجازه الْجَوْهَرِيُّ. وَفِي حَدِيثِ
المخنَّث هِيتِ قَالَ: إِذا قَامَتْ تَثَنَّتْ وإِذا تَكَلَّمَتْ
تَغَنَّتْ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ تَغَلْغَلْت يَا عَدُوَّ اللَّهِ
الغَلْغَلَة: إِدخال الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ حَتَّى يلتبِس بِهِ
وَيَصِيرَ مِنْ جُمْلَتِهِ، أَي بلغْت بِنَظَرِكَ مِنْ مَحَاسِنِ
هَذِهِ المرأَة حَيْثُ لَا يَبْلُغُ نَاظِرٌ وَلَا يَصِل واصِل وَلَا
يَصِف واصِف. وغَلَّ المرأَةَ: حَشاها، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ
ضَخْمٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. السُّلَمِيُّ: غَشَّ لَهُ الخَنْجَر
والسِّنَانَ وغَلَّه لَهُ أَي دَسَّه لَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ.
والغُلَّان، بِالضَّمِّ: مَنابت الطَّلْح، وَهِيَ أَودية غَامِضَةٌ فِي
الأَرض ذَاتُ شَجَرٍ، وَاحِدُهَا غَالّ وغلِيلٌ. وأَغَلَّ الْوَادِي
إِذا أَنبت الغُلّان؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ بَطْنٌ غَامِضٌ فِي
الأَرض، وَقَدِ انْغَلَّ. والغالُّ: أَرض مُطَمْئِنَةٌ ذَاتُ شَجَرٍ.
وَمَنَابِتُ السَّلَم والطَّلْح يُقَالُ لَهَا غَالٌّ مِنْ سَلَم،
كَمَا يُقَالُ عِيصٌ مِنْ سِدْر وقَصِيمة مِنْ غَضاً. وَالْغَالُّ:
نَبْتٌ، وَالْجَمْعُ غُلَّان، بِالضَّمِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي
الرُّمَّةِ:
وأَظْهَرَ فِي غُلَّان رَقْدٍ وسَيْلُهُ ... عَلاجِيمُ، لَا ضُحْلٌ
وَلَا مُتَضَحْضِحُ «1»
. أَظْهَرَ صَارَ فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ، وَقِيلَ: إِنه بِمَعْنَى
ظَهَرَ مِثْلُ تَبِع وأَتْبَع؛ وَقَالَ مضرِّس الأَسدي:
تَعَرُّضَ حَوْراء المَدافِع، تَرْتَعي ... تِلاعاً وغُلَّاناً سَوائل
من رَمَمْ «2»
__________
(1) . قوله [وَأَظْهَرَ فِي غُلَّانِ رَقْدٍ إلخ] تَقَدَّمَ هَذَا
الْبَيْتُ فِي مادة ضحح ورقد وظهر عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ
والصواب ما هنا
(2) . قوله [تعرض إلخ] قبله كما في ياقوت: ولم أنس من ربا غداة تعرضت
لنا دون أبواب الطراف من الأدم
(11/503)
الغُلَّان: بُطُونُ الأَودية، ورَمَم:
مَوْضِعٌ. والغالَّة: مَا يَنْقَطِعُ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ
فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ. والغُلّ: جامِعة تُوضَعُ فِي العُنق أَو
الْيَدِ، وَالْجَمْعُ أَغْلال لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛
وَيُقَالُ: فِي رَقَبَتِهِ غُلّ مِنْ حَدِيدٍ، وَقَدْ غُلَّ بالغُلّ
الجامِعة يُغَلُّ بِهَا، فَهُوَ مَغْلُول. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ
فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ
عَلَيْهِمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ عَلَيْهِمْ أَنه مَنْ قَتَل قُتِل لَا
يقبَل فِي ذَلِكَ دِيَة، وَكَانَ عَلَيْهِمْ إِذا أَصاب جُلودهم شَيْءٌ
مِنَ الْبَوْلِ أَن يقرِضوه، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَن لَا يَعملوا فِي
السَّبْت؛ هَذِهِ الأَغلال الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عَلَى
المَثل كَمَا تَقُولُ جَعَلْتُ هَذَا طَوْقاً فِي عُنقك وَلَيْسَ
هُنَاكَ طَوْقٌ، وتأْويله ولَّيْتُك هَذَا وأَلزمتك الْقِيَامَ بِهِ
فَجَعَلْتُ لُزُومَهُ لَكَ كالطَّوْق فِي عنُقك. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ
؛ أَراد بالأَغْلال الأَعمال الَّتِي هِيَ كالأَغْلال، وَهِيَ أَيضاً
مؤدِّية إِلى كَوْنِ الأَغْلال فِي أَعناقهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَن
قَوْلَكَ لِلرَّجُلِ هَذَا غُلٌّ فِي عُنقك لِلشَّيْءِ يَعْمَلُهُ
إِنما مَعْنَاهُ أَنه لَازِمٌ لَكَ وأَنك مُجَازًى عَلَيْهِ
بِالْعَذَابِ، وَقَدْ غَلَّه يَغُلُّه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى وتقدَّس:
إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا
؛ هِيَ الجَوامِع تجمَع أَيديهم إِلى أَعناقهم. وغُلَّتْ يدُه إِلى
عنُقه، وَقَدْ غُلّ، فَهُوَ مَغْلول. وَفِي حَدِيثِ الإِمارة:
فكَّه عَدْله وغَلَّه جَوْره
«1» أَي جَعَلَ فِي يَدِهِ وَعُنُقِهِ الغُلّ وَهُوَ الْقَيْدُ
الْمُخْتَصُّ بِهِمَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ
اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
؛ قِيلَ: مَمْنُوعَةٌ عَنِ الإِنفاق، وَقِيلَ: أَرادوا نعمتُه
مَقْبُوضَةٌ عنَّا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَدُه مَقْبُوضَةٌ عَنْ
عَذَابِنَا، وَقِيلَ: يدُ اللَّهِ مُمْسِكَةٌ عَنِ الِاتِّسَاعِ
عَلَيْنَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً
إِلى عُنُقِكَ
؛ تأْويله لَا تُمْسِكها عَنِ الإِنفاق، وَقَدْ غَلَّه يَغُلُّه.
وَقَوْلُهُمْ فِي المرأَة السَّيِّئة الخُلُق: غُلٌّ قَمِلٌ: أَصله أَن
الْعَرَبَ كَانُوا إِذا أَسَروا أَسيراً غَلُّوه بغُلّ مِنْ قِدّ
وَعَلَيْهِ شَعْرٌ، فَرُبَّمَا قَمِلَ فِي عُنقه إِذا قَبّ وَيَبِسَ
فَتَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مِحْنَتان الغُلّ والقَمْل، ضَرْبَهُ مَثَلًا
للمرأَة السَّيِّئَةِ الخُلق الْكَثِيرَةِ المَهْر لَا يَجِدُ بَعْلها
مِنْهَا مَخْلَصًا، وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالغُلّ. وَفِي
الْحَدِيثِ
: وإِن مِنَ النِّسَاءِ غُلًّا قَمِلًا يقذِفه اللَّهُ فِي عُنق مَنْ
يَشَاءُ ثُمَّ لَا يُخْرِجُهُ إِلا هُوَ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: بِهِ غُلٌّ مِنَ الْعَطَشِ وَفِي رَقَبَتِهِ غُلٌّ
مِنْ حَدِيدٍ وَفِي صَدْرِهِ غِلٌّ. وَقَوْلُهَا: مَا لَهُ أُلَّ
وغُلَّ؛ أُلَّ دُفِع فِي قَضَاءٍ، وغُلّ: جُنّ فَوُضِعَ فِي عُنقه
الغُلّ. والغَلَّة: الدَّخْل مِنْ كِراءِ دَارٍ وأَجْر غُلَامٍ
وَفَائِدَةِ أَرض. والغَلَّة: وَاحِدَةُ الغَلَّات. واستَغَلّ عبدَه
أَي كلَّفه أَن يُغِلّ عَلَيْهِ. واسْتِغْلال المُسْتَغَلَّات: أَخْذُ
غَلّتها. وأَغَلَّت الضَّيْعة: أَعطت الغَلَّة، فَهِيَ مُغِلَّة إِذا
أَتت بِشَيْءٍ وأَصلها باقٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لَا تُغِلّ لأَهْلِها ... قُرًى بِالْعِرَاقِ،
مِنْ قَفِيزٍ ودِرْهَم
وأَغَلَّت الضِّياع أَيضاً: مِنَ الغَلَّة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَقْبَل سَيْلٌ، جَاءَ مِنْ عِند اللَّهْ ... يَحْرِدُ حَرْدَ
الجَنَّةِ المُغِلَّهْ
وأَغَلَّ القومُ إِذا بَلَغَتْ غَلّتهم. وَفِي الْحَدِيثِ
: الغَلَّة بالضَّمان
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
الخَراجُ بالضَّمان.
والغَلَّة: الدَّخْل الَّذِي يُحَصَّلُ مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ
وَاللَّبَنِ والإِجارة والنِّتاج وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ يُغِلُّ
عَلَى عِياله أَي يأْتيهم بالغَلَّة.
__________
(1) . قوله [وغله جوره] هكذا في الأصل، والذي في النهاية: أو غله جوره
(11/504)
وَيُقَالُ: نِعْم الغَلول شَراب شَرِبْتُه
أَو طَعَامٌ إِذا وَافَقَنِي. وَيُقَالُ: اغْتَلَلْت الشرابَ شربتُه،
وأَنا مُغْتَلّ إِليه أَي مُشْتَاقٌ إِليه. ونِعْم غَلول الشَّيْخِ
هَذَا الطَّعَامَ يَعْنِي التَّغْذِية الَّتِي تَغَذَّاها أَو
الطَّعَامَ الَّذِي يُدخله جَوْفَهُ، عَلَى فَعُول، بِفَتْحِ الْفَاءِ.
وغَلّ بصَرُه: حَادَ عَنِ الصَّوَابِ. وأَغَلَّ بصرَه إِذا شدَّد
نَظَرَهُ. والغُلَّة: خِرْقة تَشُدُّ عَلَى رأْس الإِبريق؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي، وَالْجَمْعُ غُلَل. والغَلَلُ: المِصْفاة؛ وَقَوْلُ
لَبِيدٌ:
لَهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ، ... بأَيْمانِ عُجْمٍ
يَنْصُفونَ المَقاوِلا
يَعْنِي الفِدام الَّذِي عَلَى رأْس الأَباريق، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ
غُلَل بِالضَّمِّ، جَمْعُ غُلَّة. والغَلِيل: القَتّ وَالنَّوَى
وَالْعَجِينُ تَعْلِفُهُ الدَّوَابَّ. والغَلِيل: النَّوَى يخلَط
بالقَتِّ تَعْلِفُهُ النَّاقَةَ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
سُلَّاءَة، كعَصا النَّهْدِيِّ، غُلّ لَهَا ... ذُو فَيْئة مِنْ نَوى
قُرّانَ مَعْجُوم
وَيُرْوَى:
سُلَّاءة، كَعَصَا النهديِّ، غُلَّ لَهَا ... مُنَظَّم مِنْ نَوَى
قُرَّانَ مَعْجُومُ
قَوْلُهُ: ذُو فَيئة أَي ذُو رَجعة، يُرِيدُ أَن النَّوَى عُلِفته
الإِبل ثُمَّ بَعَرته فَهُوَ أَصلب، شَبَّهَ نسورَها وَامِّلَاسَهَا
بالنوَى الَّذِي بَعَرته الإِبل، والنَّهْدِيّ: الشَّيْخُ المُسِنّ
فَعَصَاهُ مَلْسَاءُ، ومَعْجُوم: مَعْضُوض أَي عضَّته النَّاقَةُ
فَرَمَتْهُ لِصَلَابَتِهِ. والغَلْغَلة: سُرْعَةُ السَّيْرِ، وَقَدْ
تَغَلْغَلَ. وَيُقَالُ: تَغَلْغَلوا فَمَضَوْا. والمُغَلْغَلَة:
الرِّسالة. ورِسالة مُغَلْغَلة: مَحْمُولَةٌ مِنْ بلدٍ إِلى بَلَدٍ؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَبْلِغْ أَبا مالكٍ عنِّي مُغَلْغَلةً، ... وَفِي العِتاب حَياةٌ
بَيْنَ أَقوام
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن:
مُغَلْغَلة مَغالِقُها، تُغَالي ... إِلى صَنْعاء مِنْ فَجٍّ عَمِيق
المُغَلْغَلة، بِفَتْحِ الْغَيْنَيْنِ: الرِّسالة الْمَحْمُولَةُ مِنْ
بلدٍ إِلى بَلَدٍ، وَبِكَسْرِ الْغَيْنِ الثَّانِيَةِ: المسرِعة، مِنَ
الغَلْغَلةِ سُرْعَةُ السَّيْرِ. وغَلْغَلَة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
هنالِك لَا أَخْشى تنالُ مَقادَتي، ... إِذا حَلَّ بَيْتِي بين شُوطٍ
وغَلْغَله
غمل: غَمَلَ الأَدِيمَ يَغْمُله غَمْلًا فانْغَمَل: أَفسده، وَهُوَ
غَمِيل، وَقِيلَ: جَعَلَهُ فِي غُمَّة لِيَنْفَسِخَ عَنْهُ صُوفُهُ،
وَقِيلَ: هُوَ أَن يُلفَّ الأَديمُ ويدفَن فِي الرَّمْلِ بَعْدَ
البَلِّ حَتَّى يُنْتِن ويسْتَرْخِي ويسْمَح إِذا جُذِبَ صُوفُهُ
فينتَف شَعْرُهُ، وَقِيلَ: إِنه إِذا غَفَلَ عَنْهُ سَاعَةً فَهُوَ
غَمِيل وغَمِين. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَن يُطْوَى عَلَى
بَلَلِه فيُطال طَيُّهُ فَوْقَ حقِّه فَيَفْسَدَ، وَقِيلَ: الغَمَل أَن
يلفّ الإِهاب بعد ما يسلَخ ثُمَّ يُغَمُّ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَتَّى
يَسْتَرْخِيَ شَعْرُهُ أَو صُوفُهُ ثُمَّ يُمْرَطُ، فإِن تُرِكَ أَكثر
مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَسَدَ. وأَغْمَلَ فُلَانٌ إِهابه إِذا
تَرَكَهُ حَتَّى يَفْسَدَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كَحالِئَةٍ عَنْ كُوعِهَا، وَهْيَ تَبْتَغِي ... صَلاحَ أَديمٍ
ضَيَّعَته، وتُغْمِل
وغَمَلَ البُسْرَ: غَمَّه ليُدرك، وَكَذَلِكَ الرَّجُلَ تُلْقَى
عَلَيْهِ الثِّيَابُ ليَعرق، فَهُوَ مَغْمُول، وإِذا غُمّ الْبُسْرَ
(11/505)
لِيُدْرَكَ فَهُوَ مَغْمُول ومَغْمُون.
وَرَجُلٌ مَغْمُول إِذا كَانَ خَامِلًا؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
وبِجَلْهَتَيْ عَمَّان يَوْمًا لَمْ يَكُنْ، ... لكمُ إِذا عُدّ
العُلى، مَغْمُولا
أَي مُغَطَّى وَلَكِنَّهُ كَانَ مَشْهُودًا، وَكُلُّ شَيْءٍ كُبِس
وَغُطِّيَ فَقَدْ غُمِلَ. وَنَخْلٌ مَغْمول: مُتَقَارِبٌ لَمْ
يَنْفَسِخْ. والغَمْل: أَن يَنْحِتَ عِنَبَ الكَرْم فيخفِّفوا مِنْ
وَرَقِهِ فيلقُطوه. وغَمَلَ العنبَ فِي الزَّبيل يَغْمُله غَمْلًا:
نَضَّدَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. وغَمِل الجُرح غَمَلًا: أَفسده
العِصاب. وغَمِلَ النبتُ غَمَلًا: فَسَدَ. والغَمِيل مِنَ النَّصِيّ:
مَا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا فَبَلِيَ، وَالْجَمْعُ غَمْلى؛ قَالَ
الرَّاعِي:
وغَمْلى نَصِيّ بالمِتانِ، كأَنها ... ثَعالِب مَوْتى، جلدُها قَدْ
تَزَلَّعا
وتَغَمَّل النَّبَاتُ: رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَيُقَالُ: غَمِلَ
النَّبْتُ يَغْمَل غَمَلًا إِذا الْتَفَّ وَغَمَّ بَعْضُهُ بَعْضًا
فعَفِن. وَلَحْمٌ مَغْمول ومَغْمُون إِذا غُطِّيَ شِوَاءً أَو
طَبِيخًا. وإِهاب مَغْمول إِذا لُفَّ فَفَسَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وغَمَلَ الثعلبَ غَمْلًا شِبْرِقُهْ
يُرِيدُ طَالَ الشِّبْرق وَهُوَ الضَّرِيع حَتَّى غَمَلَ الثعلبَ
وأَصلحه فَسَمِنَ وَتَنَاثَرَ شَعْرُهُ، كَمَا يُغْمَل الأَديم إِذا
ذُرَّ فِيهِ الغَلْفَة وَأَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى
يَسْتَرْخِيَ الشَّعْرَ، والغَلْفَة نَبْتٌ يُدْبَغُ بِهِ الأَديم.
والغَمَل: الدأْب. والغُمْلُول: بَطْنٌ غَامِضٌ مِنَ الأَرض ذُو
شَجَرٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَادِي الضَّيِّقُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ
وَالنَّبْتِ الْمُلْتَفِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَادِي الطَّوِيلُ
الْقَلِيلُ العَرْض الْمُلْتَفُّ؛ وأَنشد:
يَا أَيها الضَّاغِبُ بالغُمْلول، ... إِنَّكَ غُولٌ ولَدَتْكَ غُول
الضَّاغِب: الَّذِي يَخْتبئ فِي الخَمَرِ فيفزِّع الإِنسان بِمِثْلِ
صَوْتِ السبُع وَالْوَحْشِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مُجْتَمِعٍ نَحْوَ
الشَّجَرِ وَالظُّلْمَةِ والغَمام إِذا أَظلم وتَراكم حَتَّى تُسَمَّى
الزَّاوِية غُمْلُولًا؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الغُمْلول كَهَيْئَةِ
السِّكة فِي الأَرض ضيِّق لَهُ سَنَدان طُولُ السَّنَدِ ذِرَاعَانِ
يَقود الغَلْوة يُنْبِتُ شَيْئًا كَثِيرًا وَهُوَ أَضيق مِنَ الفاتِحة
وَالْمَلِيعِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ومَخارِيجَ مِنْ شَعارٍ وغِينٍ، ... وغَمالِيل مُدْحِيات الغِياضِ «2»
. وَيُقَالُ لَهُ الغُمْلول. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِن بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا أَرضاً غَمِلَة وَبِلَة
؛ الغَمِلة الْكَثِيرَةُ النَّبَاتِ الَّتِي يُوارِي النَّبَاتُ
وَجْهَهَا. وغَمَلْت الأَمر إِذا سَتَرْتَهُ وَوَارَيْتَهُ.
والغُمْلُول: الرَّابية. والغُمْلول: حَشِيشَةٌ تُؤْكَلُ مَطْبُوخَةً؛
تُسَمِّيهِ الفُرْس بَرْغَسْت؛ قَالَ:
كأَنه بالوَهْد ذِي الهُجُول، ... والمَتْن والغائِط والغُمْلول،
فَذّ أَديم الغَرْف بالإِزْمِيل «3»
. والغَمَالِيل: الرَّوابي. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُمْلول بَقْلَةٌ
دَسْتِيَّة تبكِّر فِي أَول الرَّبِيعِ ويأْكلها النَّاسُ. والغَمْل:
مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ:
كيفَ تَرَاهَا، والحُداة تَقْبِضُ ... بالغَمْل لَيْلًا، والرِّجال
تُنْغِضُ؟
والقَبْضُ: السير السريع.
__________
(2) . قوله [مدحيات] هكذا في الأصل ولعلها مدجيات
(3) . قوله [فذ أديم] هكذا في الأصل
(11/506)
غنبل: الغُنْبُول والنُّغْبُول: طَائِرٌ،
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثبت.
غنتل: رَجُلٌ غَنْتَل وغُنْتُل: خامل.
غنجل: الغُنْجُل: ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ كالدُّلْدُل. الأَزهري: ابْنُ
الأَعرابي قَالَ: التُّفَّة عَناق الأَرض وَهِيَ التُّمَيْلة،
وَيُقَالُ لِذَكَرِهِ الغُنْجُل؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مِثْلُ
الْكَلْبِ الصِّينِيِّ يعلَّم فَتُصَادُ بِهِ الأَرانب وَالظِّبَاءُ
وَلَا يأْكل إِلا اللَّحْمَ، وَجَمْعُهُ الغَناجِل. قَالَ ابْنُ
خَالَوَيْهِ: لَمْ يُفَرِّقْ أَحد لَنَا بَيْنَ العُنْجُل والغُنجُل
إِلا الزَّاهِدُ، قَالَ: العُنْجُل الشَّيْخُ المُدْرَهِمّ إِذا بَدَتْ
عِظَامُهُ، وَبِالْغَيْنِ التُّفَّة، وَهُوَ عَناق الأَرض.
غول: غَالَه الشيءُ غَوْلًا واغْتَالَهُ: أَهلكه وأَخذه مِنْ حَيْثُ
لَمْ يَدْر. والغُول: الْمَنِيَّةُ. واغْتَالَه: قَتَله غِيلة، والأَصل
الْوَاوُ. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: قَتل فُلَانٌ فُلَانًا غِيلة أَي فِي
اغْتيال وخُفْية، وَقِيلَ: هُوَ أَن يخدَع الإِنسان حَتَّى يَصِيرَ
إِلى مَكَانٍ قَدِ اسْتَخْفَى لَهُ فِيهِ مَن يَقْتُلُهُ؛ قَالَ ذَلِكَ
أَبو عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ غَالَه يَغُوله
إِذا اغْتاله، وَكُلُّ مَا أَهلك الإِنسان فَهُوَ غُول، وَقَالُوا:
الْغَضَبُ غُول الْحِلْمِ أَي أَنه يُهْلكه ويَغْتاله وَيَذْهَبُ بِهِ.
وَيُقَالُ: أَيَّةُ غُول أَغْوَل مِنَ الْغَضَبِ. وغالتْ فُلَانًا غُول
أَي هَلَكَةٌ، وَقِيلَ: لَمْ يُدْر أَين صَقَع. ابْنُ الأَعرابي:
وغَالَ الشيءُ زَيْدًا إِذا ذَهَبَ بِهِ يَغُوله. والغُول: كُلُّ
شَيْءٍ ذَهَبَ بِالْعَقْلِ. اللَّيْثُ: غَالَه الْمَوْتُ أَي أَهلكه؛
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
غَنِينَا وأَغْنانا غِنَانَا، وغَالَنا ... مَآكِلُ، عَمَّا
عِنْدَكُمْ، ومَشاربُ
يُقَالُ: غَالَنَا حَبَسنا. يُقَالُ: مَا غَالَك عَنَّا أَي مَا حبَسك
عَنَّا. الأَزهري: أَبو عُبَيْدٍ الدَّوَاهِي وَهِيَ الدَّغاوِل،
والغُول الدَّاهِيَةُ. وأَتَى غُوْلًا غَائِلَة أَي أَمراً منكَراً
دَاهِيًا. والغَوائِل: الدَّوَاهِي. وغَائِلة الْحَوْضِ: مَا انْخَرَقَ
مِنْهُ وَانْثَقَبَ فَذَهَبَ بِالْمَاءِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَا قيسُ، إِنكمُ وجدْتم حَوْضَكم ... غَالَ القِرَى بمُثَلَّمٍ
مَفْجور
ذهبتْ غَوائِلُه بِمَا أَفْرَغْتُمُ، ... بِرِشاء ضَيِّقة الفُروع
قَصِير
وتَغَوَّل الأَمرُ: تَنَاكَرَ وتَشابه. والغُول، بِالضَّمِّ:
السِّعْلاة، وَالْجَمْعُ أَغْوال وغِيلان. والتَّغَوُّل: التَّلَوُّن،
يُقَالُ: تَغَوَّلَت المرأَة إِذا تَلَوَّنَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا ذاتُ أَهْوال ثَكُولٌ تَغَوَّلَت ... بِهَا الرُّبْدُ فَوْضى،
والنَّعام السَّوارِحُ
وتَغَوَّلت الغُول: تَخَيَّلَتْ وَتَلَوَّنَتْ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَيَوْماً يُوافِيني الهَوى غَيْرَ ماضِيٍ، ... وَيَوْمًا تَرَى
مِنْهُنَّ غُولًا تَغَوَّلُ «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ، وَيُرْوَى:
فَيَوْمًا يُجارِيني الهَوى، وَيُرْوَى: يوافِيني الْهَوَى دُونَ
مَاضِي. وَكُلُّ مَا اغْتَالَ الإِنسانَ فأَهلكه فَهُوَ غُول.
وتَغَوَّلتهم الغُول: تُوِّهوا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ بالدُّلْجة
فإِن الأَرض تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وإِذا تَغَوَّلَت لَكُمُ الغِيلان
فَبَادِرُوا بالأَذان وَلَا تَنْزِلُوا عَلَى جوادِّ الطَّرِيقِ وَلَا
تُصَلُّوا عَلَيْهَا فإِنها مأْوى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ
أَي ادْفَعُوا شَرَّهَا بِذِكْرِ اللَّهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
__________
(1) . قوله [غير ماضيٍ] هكذا في الأصل وفي ديوان جرير: فيوماً يجارين
الهوى غير ماصِباً، وربما كان في الروايتين تحريف
(11/507)
أَنه لَمْ يُرِدْ بِنَفْيِهَا عدمَها،
وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
لَا عَدْوى وَلَا هامَة وَلَا صَفَر وَلَا غُولَ
؛ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ إِن الغِيلان فِي الفَلَوات تَراءَى
لِلنَّاسِ، فتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا أَي تَلَوَّنَ تَلَوُّنًا
فَتُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وتُهلكهم، وَقَالَ: هِيَ مِنْ مَردة
الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، وَذِكْرُهَا فِي أَشعارهم فاشٍ فأَبطل
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَا قَالُوا؛ قَالَ
الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْحَيَّاتِ أَغْوَالًا؛ قَالَ ابْنُ
الأَثير: قَوْلُهُ لَا غُولَ وَلَا صَفَر، قَالَ: الغُول أَحد الغِيلان
وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ، كَانَتِ الْعَرَبُ
تَزْعُمُ أَن الغُول فِي الفَلاة تتراءَى لِلنَّاسِ فتَتَغَوَّلَ
تَغَوُّلًا أَي تتلوَّن تَلَوُّنًا فِي صُوَر شتَّى وتَغُولُهم أَي
تُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُهْلِكُهُمْ، فَنَفَاهُ النَّبِيُّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبطله؛ وَقِيلَ: قَوْلُهُ لَا
غُولَ لَيْسَ نَفْيًا لِعَيْنِ الغُول ووُجوده، وإِنما فِيهِ إِبطال
زَعْمِ الْعَرَبِ فِي تَلَوُّنِهِ بالصُّوَر الْمُخْتَلِفَةِ
واغْتياله، فَيَكُونُ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ لَا غُولَ أَنها لَا
تَسْتَطِيعُ أَن تُضل أَحداً، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا غُولَ وَلَكِنِ السَّعالي
؛ السَّعالي: سَحَرَةُ الْجِنِّ، أَي وَلَكِنْ فِي الْجِنِّ سَحَرَةٌ
لَهُمْ تَلْبِيسٌ وَتَخْيِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: كَانَ لِي تمرٌ فِي سَهْوَةٍ فَكَانَتِ الغُول تَجِيءُ
فتأْخذ.
والغُول: الحيَّة، وَالْجَمْعُ أَغْوال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ومَسْنونةٍ زُرقٍ كأَنْياب أَغْوال
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُرِيدُ أَن يَكْبُرَ بِذَلِكَ ويعظُم؛ وَمِنْهُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ؛ وَقُرَيْشٌ لَمْ
تَرَ رأْس شَيْطَانٍ قَطُّ، إِنما أَراد تَعْظِيمَ ذَلِكَ فِي
صُدُورِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد امْرُؤُ الْقَيْسِ بالأَغْوال
الشَّيَاطِينَ، وَقِيلَ: أَراد الْحَيَّاتِ، وَالَّذِي هُوَ أَصح فِي
تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لَا غُول مَا قَالَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِن أَحداً لَا يَسْتَطِيعُ أَن
يَتَحَوَّلَ عَنْ صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ لَهُمْ
سحرَة كَسَحَرَتِكُمْ، فإِذا أَنتم رأَيتم ذَلِكَ فأَذِّنوا
؛ أَراد أَنها تُخَيَّلُ وَذَلِكَ سِحْرٌ مِنْهَا. ابْنُ شُمَيْلٍ:
الغُول شَيْطَانٌ يأْكل النَّاسَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَا اغْتالك
مِنْ جِنٍّ أَو شَيْطَانٍ أَو سبُع فَهُوَ غُول، وَفِي الصِّحَاحِ:
كُلُّ مَا اغْتال الإِنسان فأَهلكه فَهُوَ غُول. وَذُكِرَتِ الغِيلان
عِنْدَ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِذا رَآهَا أَحدكم فليؤذِّن
فإِنه لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ خَلْقِهِ الَّذِي خُلِقَ لَهُ.
وَيُقَالُ: غالَتْه غُول إِذا وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ. والغَوْل: بُعْد
المَفازة لأَنه يَغْتال مَنْ يَمُرُّ بِهِ؛ وَقَالَ:
بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، ... بِنا حَراجِيجُ المَهارى
النُّفَّهِ
المِيلَهُ: أَرض تُوَلّه الإِنسان أَي تحيِّره، وَقِيلَ: لأَنها
تَغْتال سَيْرَ الْقَوْمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: غَوْل الأَرض أَن
يَسِيرَ فِيهَا فَلَا تَنْقَطِعَ. وأَرض غَيِلة: بَعِيدَةُ الغَوْل،
عَنْهُ أَيضاً. وَفَلَاةٌ تَغَوَّلَ أَي لَيْسَتْ بيِّنة الطُّرُقِ
فَهِيَ تُضَلِّل أَهلَها، وتَغَوُّلها اشتِباهُها وتلوُّنها. والغَوْل:
بُعْد الأَرض، وأَغْوالها أَطرافُها، وإِنما سُمِّيَ غَوْلًا لأَنها
تَغُولُ السَّابِلَة أَي تقذِف بِهِمْ وتُسقطهم وتبعِدهم. ابْنُ
شُمَيْلٍ: يُقَالُ مَا أَبعد غَوْل هَذِهِ الأَرض أَي مَا أَبعد
ذَرْعها، وإِنها لِبَعِيدَةُ الغَوْل. وَقَدْ تَغَوَّلت الأَرض
بِفُلَانٍ أَي أَهلكته وَضَلَّلَتْهُ. وَقَدْ غَالَتْهم تِلْكَ الأَرض
إِذا هَلَكُوا فِيهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ورُبّ مَفازةٍ قُذُف جَمُوحٍ، ... تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ
اغْتِيالا
وَهَذِهِ أَرض تَغْتال المَشْيَ أَي لَا يَسْتَبين فِيهَا الْمَشْيُ
مِنْ بُعْدها وَسِعَتِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
(11/508)
وبَلْدَةٍ بعيدةِ النِّياطِ، ... مَجْهولةٍ
تَغْتالُ خَطْوَ الْخَاطِّي
ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَرض ذَاتُ غَوْل بَعِيدَةٌ وإِن كَانَتْ فِي
مَرْأَى الْعَيْنِ قَرِيبَةً. وامرأَة ذَاتُ غَوْل أَي طَوِيلَةٌ
تَغُول الثِّيَابَ فتقصُر عَنْهَا. والغَوْل: مَا انْهَبَطَ مِنَ
الأَرض؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَ لَبِيَدٍ:
عَفَتِ الديارُ مَحَلّها، فمُقامُها، ... بِمِنًى تأَبَّدَ غَوْلُها
فَرِجامُها
وَقِيلَ: إِن غَوْلها ورِجامها فِي هَذَا الْبَيْتِ مَوْضِعَانِ.
والغَوْل: التُّراب الْكَثِيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ
ثَوْرًا يَحْفِر رَمْلًا فِي أَصل أَرْطاةٍ:
ويَبْري عِصِيّاً دُونَهَا مُتْلَئِبَّةً، ... يَرى دُونَها غَوْلًا،
مِنَ الرَّمْلِ، غَائِلا
وَيُقَالُ للصَّقْر وَغَيْرِهِ: لَا يَغْتَالُهُ الشِّبَعُ؛ قَالَ
زُهَيْرٌ يَصِفُ صَقْراً:
مِنْ مَرْقَبٍ فِي ذُرى خَلقاء راسِيةٍ، ... حُجْن المَخالِبِ لَا
يَغْتاله الشِّبَعُ
أَي لَا يَذْهَبُ بقُوّته الشِّبَعُ، أَراد صَقْرًا حُجْناً مخالبُه
ثُمَّ أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. والغَوْل: الصُّداع، وَقِيلَ
السُّكر، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا فِيها غَوْلٌ وَلا
هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
؛ أَي لَيْسَ فِيهَا غَائِلَةُ الصُّداع لأَنه تَعَالَى قَالَ فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ. وَقَالَ
أَبو عُبَيْدَةَ: الغَوْل أَن تَغْتال عقولَهم؛ وأَنشد:
وَمَا زَالَتِ الْخَمْرُ تَغْتالُنا، ... وتذهَبُ بالأَوَّلِ الأَوَّلِ
أَي توصِّل إِلينا شَرَّا وتُعْدمنا عقولَنا. التَّهْذِيبُ: مَعْنَى
الغَوْل يَقُولُ لَيْسَ فِيهَا غِيلَةٌ، وَغَائِلَةٌ وغَوْل سَوَاءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: لَا تَغُول عُقُولُهُمْ وَلَا
يسكَرون. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: غَالَتِ الْخَمْرُ فُلَانًا إِذا
شَرِبَهَا فَذَهَبَتْ بِعَقْلِهِ أَو بِصِحَّةِ بَدَنِهِ، وَسُمِّيَتِ
الغُول الَّتِي تَغُول فِي الفَلوات غُولًا بِمَا توصِّله مِنَ الشرِّ
إِلى النَّاسِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ غُولًا لتلوُّنها، وَاللَّهُ
أَعلم. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُهْدَةِ المَماليك:
لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلة
؛ الْغَائِلَةُ فِيهِ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا ظَهَرَ
وَاسْتَحَقَّهُ مَالِكُهُ غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي
ثَمَنِهِ أَي أَتلفه وأَهلكه. يُقَالُ: غَالَه يَغُولُه واغْتاله أَي
أَذهبه وأَهلكه، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
مَوْضِعِهِ. وفي حديث
بن ذِي يَزَن: ويَبْغُون لَهُ الغَوائل
أَي الْمَهَالِكَ، جَمْعُ غَائِلَةٍ. والغَوْل: المشقَّة. والغَوْل:
الْخِيَانَةُ. وَيُرْوَى حَدِيثُ عُهْدَةِ الْمَمَالِيكِ:
وَلَا تَغْيِيب
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَكْتُبُ الرَّجُلُ العُهود فَيَقُولُ أَبيعُك
عَلَى أَنه لَيْسَ لَكَ تَغْيِيب وَلَا دَاءٌ وَلَا غَائِلَةٌ وَلَا
خِبْثة؛ قَالَ: والتَّغْيِيب أَن لَا يَبِيعه ضالَّة وَلَا لُقَطة
وَلَا مُزَعْزَعاً، قَالَ: وَبَاعَنِي مُغَيَّباً مِنَ الْمَالِ أَي
مَا زَالَ يَخْبَؤُه ويغيِّبه حَتَّى رَماني بِهِ أَي باعَنِيه؛ قَالَ:
والخِبْثة الضالَّة أَو السَّرقة، وَالْغَائِلَةُ المغيَّبة أَو
الْمَسْرُوقَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّاءُ العَيْب الْبَاطِنُ
الَّذِي لَمْ يُطْلِع البائعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ، والخِبْثة فِي
الرَّقيق أَن لَا يكون طيِّب الأَصل كأَنه حرُّ الأَصل لَا يَحِلُّ
مِلْكُهُ لأَمانٍ سَبَقَ لَهُ أَو حرِّية وَجَبَتْ لَهُ،
وَالْغَائِلَةُ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا استُحِق غَالَ مَالَ
مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي ثَمَنِهِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُكَرَّمِ: قَوْلُهُ الخِبْثة فِي الرَّقيق أَن لا يكون طَيِّبَ
الأَصل كأَنه حُرُّ الأَصل فِيهِ تسمُّح فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ إِذا
كَانَ حُرَّ الأَصل كَانَ طيِّب الأَصل، وَكَانَ لَهُ فِي الْكَلَامِ
متَّسع لَوْ عدَل عَنْ هَذَا.
(11/509)
والمُغاوَلة: المُبادرة فِي الشَّيْءِ.
والمُغاوَلة: المُبادَأَة؛ قَالَ جَرِيرٌ يَذْكُرُ رَجُلًا أَغارت
عَلَيْهِ الْخَيْلُ:
عايَنْتُ مُشْعِلةَ الرِّعالِ، كأَنها ... طيرٌ تُغاوِلُ فِي شَمَامَ
وُكُورَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للأَخطل لَا لِجَرِيرٍ. وَيُقَالُ:
كُنْتُ أُغَاوِل حَاجَةً لِي أَي أُبادِرُها. وَفِي حَدِيثِ
عَمّار: أَنه أَوْجَز فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ إِني كُنْتُ أُغَاوِلُ
حَاجَةً لِي.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُغاوَلة المُبادَرة فِي السَّيْرِ
وَغَيْرِهِ، قَالَ: وأَصل هَذَا مِنَ الغَوْل، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ
الْبُعْدُ. يُقَالُ: هوَّن اللَّهُ عَلَيْكَ غَوْل هَذَا الطَّرِيقِ.
والغَوْل أَيضاً مِنَ الشَّيْءِ يَغُولك: يَذْهَبُ بِكَ. وَفِي حديث
الإِفْك:
بعد ما نَزَلُوا مُغاوِلين
أَي مُبْعِدين فِي السَّير. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُغاوِلُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ
أَي أُبادِرهم بِالْغَارَةِ وَالشَّرِّ، مِنْ غَالَهُ إِذا أَهلكه،
وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
طِهْفَةَ: بأَرض غَائِلَة النَّطاة
أَي تَغُول سَاكِنَهَا بِبُعْدِهَا؛ وَقَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ
يَصِفُ حِمَارًا وأُتُناً:
إِذا غَرْبَة عَمَّهنَّ ارْتَفَعْنَ ... أَرضاً، ويَغْتالُها باغْتِيال
قَالَ السُّكَّرِيُّ: يَغْتال جريَها بِجَريٍ مِنْ عِنْدِهِ.
والمِغْوَل: حَدِيدَةٌ تُجْعَلُ فِي السَّوْطِ فَيَكُونُ لَهَا
غِلافاً، وَقِيلَ: هُوَ سَيْفٌ دَقِيقٌ لَهُ قَفاً يَكُونُ غِمْدُهُ
كالسَّوْط؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
أَخرجت مِنْهَا سِلْعَة مَهْزُولَةً، ... عَجْفاء يَبْرُق نابُها
كالمِغْوَل
أَبو عُبَيْدٍ: المِغْول سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ، وَقَالَ
غَيْرُهُ: سُمِّيَ مِغْوَلًا لأَن صَاحِبَهُ يَغْتال بِهِ عدوَّه أَي
يُهْلِكُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُهُ، وَجَمْعُهُ مَغَاوِل. وَفِي
حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَبِيَدِهَا مِغْوَل فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَبْعَج
بِهِ بُطُونَ الكفَّار
؛ المِغوَل، بِالْكَسْرِ: شِبْهُ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ
الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا
حدٌّ ماضٍ وقَفاً، وَقِيلَ: هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ
يشدُّه الفاتِك عَلَى وسَطه ليَغْتال بِهِ النَّاسَ. وَفِي حَدِيثِ
خَوَّات: انْتَزَعْتُ مِغْولًا فوَجَأْت بِهِ كَبِدَهُ.
وَفِي حَدِيثِ الْفِيلِ حِينَ أَتى مَكَّةَ:
فَضَرَبُوهُ بالمِغْوَل عَلَى رأْسه.
والمِغْوَل: كالمِشْمَل إِلا أَنه أَطول مِنْهُ وأَدقّ. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: المِغْوَل نَصْل طَوِيلٌ قَلِيلُ العَرْض غَلِيظُ المَتْن،
فَوَصَفَ الْعَرْضَ الَّذِي هُوَ كمِّية بِالْقِلَّةِ الَّتِي لَا
يُوصَفُ بِهَا إِلا الْكَيْفِيَّةُ. والغَوْل: جَمَاعَةُ الطَّلْح لَا
يُشَارِكُهُ شَيْءٌ. والغُولُ: سَاحِرَةُ الْجِنِّ، وَالْجَمْعُ
غِيلان. وَقَالَ أَبو الْوَفَاءِ الأَعرابيُّ: الغُول الذكَر مِنَ
الْجِنِّ، فَسُئِلَ عَنِ الأُنثى فَقَالَ: هِيَ السِّعْلاة.
والغَوْلان، بِالْفَتْحِ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الغَوْلان حَمْض كالأُشنان شَبِيهٌ بالعُنْظُوان إِلا أَنه أَدقُّ
مِنْهُ وَهُوَ مَرْعًى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَنِينُ اللِّقاح الخُور حرَّق نَارُهُ ... بغَوْلان حَوْضَى، فَوْقَ
أَكْبادها العِشْر
والغُولُ وغُوَيْلٌ والغَوْلان، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ. ومِغْوَل: اسْمُ
رجل.
غيل: الغَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي ترضِعه المرأَة ولدَها وَهِيَ
تؤْتَى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَتْ أُم تأَبَّط شَرًّا تُؤَبِّنُه بَعْدَ
مَوْتِهِ:
وَلَا أَرضعْته غَيْلا
(11/510)
وَقِيلَ: الغَيْل أَن تُرضِع المرأَة
ولدَها عَلَى حَبَل، وَاسْمُ ذَلِكَ اللَّبَنِ الغَيْل أَيضاً، وإِذا
شَرِبَهُ الْوَلَدُ ضَوِيَ واعْتَلَّ عَنْهُ. وأَغالَتِ المرأَة
ولدَها، فَهِيَ مُغِيلٌ، وأَغْيَلَتْه فَهِيَ مُغْيِل: سقَتْه الغَيْل
الَّذِي هُوَ لَبَنُ المأْتِيَّة أَو لَبَنُ الْحُبْلَى، وَهِيَ مُغيل
ومُغْيِل، وَالْوَلَدُ مُغالٌ ومُغْيَل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ومِثْلك حُبْلى قَدْ طَرَقتُ ومُرْضِعاً، ... فأَلْهَيْتُها عَنْ ذِي
تَمائم مُغْيَلِ «2»
. وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَمِثْلُكِ بِكْرًا قَدْ طَرَقْتُ وثيِّبا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
كالأَيْمِ ذِي الطُّرَّة، أَو ناشِئِ البَرْدِيِّ ... تَحْتَ الحَفَإِ
المُغْيِل
وأَغال فُلَانٌ وَلَدَهُ إِذا غشيَ أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ،
واسْتَغْيَلتْ هِيَ نَفْسَهَا، وَالِاسْمُ الغِيلة. يُقَالُ: أَضرَّت
الغِيلَة بِوَلَدِ فُلَانٍ إِذا أُتيت أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ،
وَكَذَلِكَ إِذا حَمَلت أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ
: لَقَدْ هَمَمْت أَن أَنْهَى عَنِ الغِيلَة ثُمَّ أُخبرت أَن فَارِسَ
والرُّومَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا يَضِيرهم.
وَيُقَالُ: أَغْيَلَت الغَنم إِذا نُتِجت فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ؛
قَالَ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَعشى:
وسِيقَ إِليه الباقِر الغُيُلُ
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي شَرْحِ النَّهْي عَنِ الغِيلَة، قَالَ: هُوَ
أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إِذا حَمَلَتْ وَهِيَ مُرْضِعٌ،
وَيُقَالُ فِيهِ الغِيلَة والغَيْلة بِمَعْنًى، وَقِيلَ: الْكَسْرُ
لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَرَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ
إِلَّا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ. والغِيلَة: هُوَ الغَيْل، وَذَلِكَ أَن
يُجَامِعَ الرَّجُلُ المرأَة وَهِيَ مُرْضِعٌ، وَقَدْ أَغَالَ
الرَّجُلُ وأَغْيَل. والغَيْل والمُغْتال: السَّاعِدُ الرَّيَّانُ
الْمُمْتَلِئُ؛ قَالَ:
لَكاعبٌ مَائِلَةٌ فِي العِطْفَيْن، ... بَيْضَاءُ ذاتُ ساعِدَين
غَيْلَيْن
أَهْوَنُ مِنْ لَيْلِي وليلِ الزَّيْدَين، ... وعُقَب العِيسِ إِذا
تمطَّيْن
وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ، غُلَّت ... نَواشِزُه بِوَسْمٍ
مُسْتَشاطِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ الْفَرَّاءُ إِنما سُمِّيَ المِعصم
الْمُمْتَلِئُ مُغْتالًا لأَنه مِنَ الغَوْل، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ
لوجُودِنا سَاعِدَ غَيْل فِي مَعْنَاهُ. وَغُلَامٌ غَيْل ومُغْتال:
عَظِيمٌ سَمِينٌ، والأُنثى غَيْلة. والغَيْلة، بِالْفَتْحِ: المرأَة
السَّمِينَةُ. أَبو عُبَيْدَةَ: امرأَة غَيْلة عَظِيمَةٌ؛ وَقَالَ
لَبِيدٌ:
ويَبْرِي عِصِيًّا دُونَهَا مُتْلَئِبَّةً، ... يَرَى دُونَهَا غَوْلًا
مِنَ التُّرْب غائِلا
أَي تُرْباً كَثِيرًا يَنْهال عَلَيْهِ، يَعْنِي ثَوْرًا وَحْشِيًّا
يتَّخِذ كِناساً فِي أَصل أَرْطاة وَالتُّرَابُ وَالرَّمْلُ غَلَبه
لِكَثْرَتِهِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
يتبعْنَ هَيْقاً جافِلَا مُضَلّلا، ... قعُود حنٍّ مُسْتَقِرًّا
أَغْيَلا «3»
. أَراد بالأَغْيَلَ الْمُمْتَلِئَ الْعَظِيمَ. واغْتال الغلامُ أَي
غلُظ وَسَمِنَ. والغَيْل: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض.
وَفِي الْحَدِيثِ
: مَا سُقِيَ بالغَيْل فِيهِ العُشر، وَمَا سُقِيَ بالدَّلْو فَفِيهِ
نِصْفُ العُشر
؛ وَقِيلَ: الغَيْل، بِالْفَتْحِ، مَا جَرَى مِنَ الْمِيَاهِ فِي
الأَنهار والسَّواقي وَهُوَ الفَتْحُ، وأَما الغَلَلُ فَهُوَ الْمَاءُ
الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ. وقال
__________
(2) . في المعلّقة: محوِلِ بدل مُغيِلِ
(3) . قوله [قعود حن] هكذا في الأصل
(11/511)
اللَّيْثُ: الغَيْل مَكَانٌ مِنَ الغَيْضة
فِيهِ مَاءٌ مَعِين؛ وأَنشد:
حِجارةُ غَيْلٍ وارِشات بطُحْلُب
والغَيْل: كُلُّ مَوْضِعٍ فِيهِ مَاءٌ مِنْ وَادٍ وَنَحْوِهِ.
والغَيْل: العلَم فِي الثَّوْبِ، وَالْجَمْعُ أَغْيال؛ عَنْ أَبي
عَمْرٍو؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ كثيِّر:
وحَشاً تَعاوَرُها الرِّياح، كأَنها ... تَوْشِيح عَصْبِ مُسَهَّم
الأَغْيالِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: الغَيْل الْوَاسِعُ مِنَ الثِّيَابِ، وَزَعَمَ أَنه
يُقَالُ: ثَوْبٌ غَيْل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ
فِي الغَيْل ضَعِيفٌ لَمْ أَسمعه إِلا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ.
والغِيلُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ، يُقَالُ مِنْهُ:
تَغَيَّل الشَّجَرُ، وَقِيلَ: الغِيلُ الشَّجَرُ الْكَثِيرُ
الْمُلْتَفُّ الَّذِي لَيْسَ بشَوك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
أَسَدٌ أَضْبَط، يَمْشِي ... بَيْنَ طَرْفاءٍ وغِيلِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغِيل جَمَاعَةُ القصَب والحَلْفاء؛ قَالَ
رُؤْبَةُ:
فِي غِيل قَصْباءٍ وخِيس مُخْتَلَق
وَالْجَمْعُ أَغْيال. والغِيل، بِالْكَسْرِ: الأَجَمة، وَمَوْضِعُ
الأَسد غِيل مِثْلُ خِيسٍ، ولا تدخلها الْهَاءُ، وَالْجَمْعُ غُيول؛
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ النَّهْدِيُّ:
وحُقَّة مِسْكٍ مِنْ نِساءٍ لَبِسْتُهَا ... شَبَابِي، وكأْس
باكَرَتْني شَمُولُها
جَدِيدةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها ... سَقِيَّةُ بَرْدِيٍّ،
نَمَتْها غُيُولُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والغُيول هَاهُنَا جَمْعُ غَيْل، وَهُوَ
الْمَاءُ يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ لأَن الْمَاءَ يَسْقِي والأَجَمة
لَا تَسْقِي. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: أَسدُ غِيلٍ
، الغِيل، بِالْكَسْرِ: شَجَرٌ مُلْتَفٌّ يُسْتَتَرُ فِيهِ كالأَجَمة؛
وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
بِبَطْن عَثَّر غِيلٌ دونهُ غِيلُ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَذَوائب الحَفَإِ الرَّطيب عَطابه ... غِيلٌ، ومَدَّ بجانِبَيْه
الطُّحْلُبُ
غِيلٌ: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض. والمُغَيِّل: النَّابت
فِي الغِيل؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ جَارِيَةً:
كالأَيْمِ ذِي الطُّرَّة، أَو ناشِئ البَرْدِيِّ، ... تَحْتَ الحَفَإِ
المُغْيِلِ
والمُغَيِّل: كالمُغْيِل، وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرَةٍ كَثُرَتْ أَفْنانها
وتَمَّت والتفَّت فَهِيَ مُتَغَيِّلة. والمِغْيال: الشَّجَرَةُ
المُلْتَفَّة الأَفْنان الْكَثِيرَةُ الْوَرَقِ الوافِرَة الظِّلّ.
وأَغْيَلَ الشَّجَرُ وتَغَيَّلَ واسْتَغْيَلَ: عظُم والتفَّ. ابْنُ
الأَعرابي: الغَوائِل خُروق فِي الْحَوْضِ، وَاحِدَتُهَا غَائِلَة؛
وأَنشد:
وإِذا الذَّنوب أُحِيل فِي مُتَثَلِّمٍ، ... شُرِبت غَوائل مائِهِ
وهُزُوم
وَالْغَائِلَةُ: الحِقْد الْبَاطِنُ، اسْمٌ كالوابِلَة. وَفُلَانٌ
قَلِيلُ الْغَائِلَةِ والمَغَالَة أَي الشَّرِّ. الْكِسَائِيُّ:
الغَوَائِل الدَّوَاهِي. والغِيلة، بِالْكَسْرِ: الخَدِيعة
والاغْتِيال. وقُتِل فُلَانٌ غِيلة أَي خُدْعة، وَهُوَ أَن يَخْدَعَهُ
فَيَذْهَبَ بِهِ إِلى مَوْضِعٍ، فإِذا صَارَ إِليه قَتَلَهُ وَقَدِ
اغْتِيل. قَالَ أَبو بَكْرٍ: الغِيلة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِيصال
الشَّرِّ وَالْقَتْلِ إِليه مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ وَلَا يشعُر.
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَتَلَهُ غِيلة
(11/512)
إِذا قَتَلَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، وفَتَك بِهِ إِذا قَتَلَهُ
مِنْ حَيْثُ يَرَاهُ وَهُوَ غارٌّ غافِل غَيْرُ مستعدٍّ. وغَالَ
فُلَانًا كَذَا وَكَذَا إِذا وَصَلَ إِليه مِنْهُ شَرٌّ؛ وأَنشد:
وغَالَ امْرَأً مَا كَانَ يَخْشَى غوائِلَه
أَي أَوصل إِليه الشرَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ فَيَسْتَعِدُّ.
وَيُقَالُ: قَدِ اغْتاله إِذا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنّ صَبِيًّا قُتل بصَنْعاء غِيلة فقَتل بِهِ عُمَرُ سَبْعَةً
أَي فِي خُفْية واغْتيال وَهُوَ أَن يُخدَع ويُقتَل فِي مَوْضِعٍ لَا
يَرَاهُ فِيهِ أَحد. والغِيلة: فِعْلة مِنَ الِاغْتِيَالِ. وَفِي
حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وأَعوذ بِكَ أَن أُغْتال مِنْ تَحْتِي
أَي أُدْهَى مِنْ حَيْثُ لَا أَشعرُ، يُرِيدُ بِهِ الخَسْف. والغِيلة:
الشِّقْشِقَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَصْهَبُ هَدّار لِكُلِّ أَرْكَبِ، ... بغِيلةٍ تنسلُّ نَحْوَ
الأَنْيبِ
وإِبل غُيُل: كَثِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
إِنِّي لعَمْر الَّذِي خَطَتْ مَنَاشِبُها ... تَخْدِي، وسِيق إِليه
الباقِرُ الغُيُلُ
وَيُرْوَى: خَطَتْ مَناسِمُها، الْوَاحِدُ غَيُول؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ
جِنِّيٍّ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ. وَقَالَ
أَبو عَمْرٍو: الغَيُول الْمُنْفَرِدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَمْعُهُ
غُيُل، وَيُرْوَى العُيُل فِي الْبَيْتِ بِعَيْنٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ،
يُرِيدُ الْجَمَاعَةَ أَي سِيق إِليه الْبَاقِرُ الْكَثِيرُ. وَقَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: والغُيُل السِّمان أَيضاً. وغَيْلان: اسْمُ رَجُلٍ.
وغَيْلان بْنُ حُرَيث: مِنْ شُعَرَائِهِمْ، وَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ
سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ: غَيْلان حَرْبٍ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى
ثِقَةٍ. وَاسْمُ ذِي الرُّمَّةِ: غَيْلان بْنُ عُقْبة؛ قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: مَنْ اسْمُهُ غَيْلان جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ غَيْلان ذُو
الرُّمَّةِ، وغَيْلان بْنُ حُرَيْثٍ الرَّاجِزُ، وغَيْلان بْنُ خَرَشة
الضَّبي، وَغِيلَانُ بْنُ سلمَة الثَّقَفِيُّ. وأُمّ غَيْلان: شَجَرُ
السَّمُر. |