لسان العرب

فصل الكاف
كأل: الكأْلُ: أَن تَشْتَرِيَ أَو تَبِيعَ دَيْناً لَكَ عَلَى رَجُلٍ بدَينٍ لَهُ عَلَى آخَرَ، وَكَذَلِكَ الكأْلة والكُؤولة؛ كُلُّهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والكَوَأْلَلُ: الْقَصِيرُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ مَعَ غِلَظ وَشِدَّةٍ. وَقَدِ اكْوَأَلَّ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُكْوَئِلٌّ إِذا قصُر. والمُكْوَئِلُّ: الْقَصِيرُ الأَفْحَجُ؛ الأَصمعي: إِذا كَانَ فِيهِ قِصَرٌ وَغِلَظٌ مَعَ شِدَّةٍ قِيلَ رَجُلٌ كَوَأْلَل وكَأْلَل وكُلاكِل.
كبل: الكَبْل: قَيْد ضَخْمٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الكَبْل والكِبْل القَيْد مِنْ أَيّ شَيْءٍ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ الأَقْياد، وَجَمْعُهُمَا كُبُول. يُقَالُ: كَبَلْت الأَسير وكَبَّلْته إِذا قيَّدته، فَهُوَ مَكْبُول ومُكَبَّل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ القَيْد والكَبْل والنِّكْل والوَلْمُ والقُرْزُل والمَكْبُول: الْمَحْبُوسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ضَحِكْت مِنْ قَوْمٍ يؤْتى بِهِمْ إِلى الْجَنَّةِ فِي كَبْل الْحَدِيدِ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي مرثَد: ففُكَّت

(11/580)


عَنْهُ أَكْبُله
؛ هِيَ جَمْعُ قِلَّة للكَبْل القَيْدِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مُتَيَّم إِثْرَها لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
أَي مقيَّد. وكَبَلَه يَكْبِلُه كَبْلًا وكَبَّلَه وكَبَلَه كَبْلًا: «1» حَبسه فِي سِجْنٍ أَو غَيْرِهِ، وأَصله مِنَ الكَبْل؛ قَالَ: «2» .
إِذا كنتَ فِي دارٍ يُهِينُكَ أَهلُها، ... وَلَمْ تَكُ مَكْبُولًا بِهَا، فتحوَّل
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: إِذا وَقَعَتِ السُّهْمان فَلَا مُكابَلة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَكُونُ المُكَابَلَة بِمَعْنَيَيْنِ: تَكُونُ مِنَ الحَبْس، يَقُولُ إِذا حُدَّتِ الحُدودُ فَلَا يُحْبَس أَحد عَنْ حقِّه، وأَصله مِنَ الكَبْل القَيْد، قَالَ الأَصمعي: والوجهُ الْآخَرُ أَن تَكُونَ المُكَابَلَة مَقْلُوبَةً مِنَ المُباكَلة أَو المُلابكة وَهِيَ الِاخْتِلَاطُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ الكَبْل وَمَعْنَاهُ الْحَبْسُ عَنْ حَقِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَجْهَ الْآخَرَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّوَابُ، وَالتَّفْسِيرُ الْآخَرُ غَلَطٌ لأَنه لَوْ كَانَ مِنْ بَكَلْت أَو لَبَكْت لَقَالَ مُباكَلة أَو مُلابَكةً، وإِنما الْحَدِيثُ مُكابلَة؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ فِي المُكابَلَة؛ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ التأْخير. يُقَالُ: كَبَلْتُك دَيْنَك أَخَّرته عَنْكَ، وَفِي الصِّحَاحِ: يَقُولُ إِذا حُدَّت الدَّارُ، وَفِي النِّهَايَةِ: إِذا حُدَّت الحُدود فَلَا يحبَس أَحد عَنْ حَقِّهِ كأَنه كَانَ لَا يَرَى الشُّفْعة لِلْجَارِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنَ الكَبْل الْقَيْدِ، قَالَ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ إِلَّا للخَلِيط؛ الْمُحْكَمُ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قِيلَ هِيَ مَقْلُوبَةٌ مِنْ لَبَك الشَّيْءَ وبَكَله إِذا خلَطه، وَهَذَا لَا يَسُوغُ لأَن المُكابَلَة مصدر، والمقلوب لا مصدر لَهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. والمُكابَلَة أَيضاً: تأْخير الدَّيْن. وكَبَلَه الدينَ كَبْلًا: أَخَّره عَنْهُ. والمُكَابَلَة: التأْخير وَالْحَبْسُ، يُقَالُ: كَبَلْتُك دَيْنَك. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُكَابَلَة أَن تُباع الدَّارُ إِلى جَنْبِ دَارِكَ وأَنت تُرِيدُهَا وَمُحْتَاجٌ إِلى شِرَائِهَا، فَتُؤَخِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْجِبَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ تأْخذها بالشُّفْعة وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَرى شُفعة الجِوار. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا مُكَابَلَة إِذا حُدَّت الحُدود وَلَا شُفْعة
؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ، وَلَا يَكْتَبِلْ ... مِنْهُ الْعَطَايَا طولُ إِعْتامِها
إِعْتامُها: الإِبطاء بِهَا، لَا يَكْتَبِل: لَا يَحْتَبِسُ. وفَرْوٌ كَبْلٌ: كَثِيرُ الصُّوفِ ثَقِيلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرْوٌ كَبَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي قَصِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه كَانَ يلبَس الفَرْوَ وَالكَبْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَبْل فَرْوٌ كَبِيرٌ. والكَبْل: مَا ثُنيَ مِنَ الْجِلْدِ عِنْدَ شَفةِ الدَّلْوِ فخُرِز، وَقِيلَ: شَفَتُها، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن اللَّامَ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ فِي كَبْن. والكَابُول: حِبالة الصَّائِدِ، يَمَانِيَةٌ. وكابُلُ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ عَجَمِيٌّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
قُعوداً لَهُ غَسَّانُ يَرْجُون أَوْبَهُ، ... وتُرْكٌ ورَهْطُ الأَعْجَمِين وكابُلُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي طَالِبٍ:
تُطاعُ بِنا الأَعداءُ، ودُّوا لَوَ انَّنا ... تُسَدُّ بِنا أَبوابُ تُرْكٍ وكابُل
فكابُل أَعجمي وَوَزْنُهُ فَاعُل، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفَرَزْدَقُ كَثِيرًا فِي شِعْرِهِ؛ وَقَالَ غونة بن سلمى: «3» .
__________
(1) . قوله [وكَبَلَه كَبْلًا] تكرار لما سبق الكلام عليه
(2) . قوله [من الكَبْل قَالَ] هَكَذَا فِي الْأَصْلِ ولعله مِنَ الكَبْل الْقَيْدِ قَالَ إلخ نظير ما يأتي بعده
(3) . قوله [وقال غونة بن سلمى] كذا بالأصل، والذي في ياقوت: وقال فرعون بن عبد الرحمن يعرف بابن سلكة من بني تميم بن مرّ: وددت إلخ

(11/581)


وَدِدْتُ مَخافَةَ الحجَّاجِ أَني ... بِكابُلَ فِي اسْتِ شيطانٍ رَجيمِ
مُقِيماً فِي مَضارِطِهِ أُغَنِّي: ... أَلا حَيِّ المَنازِلَ بالغَمِيمِ
وَقَالَ حَنْظَلَةُ الْخَيْرِ بْنُ أَبي رُهْم، وَيُقَالُ حسَّان بْنُ حَنْظَلَةَ:
نَزَلْت لَهُ عَنِ الضُّبَيْبِ، وَقَدْ بَدَتْ ... مُسَوَّمَةٌ مِنْ خَيْلِ تُرْكٍ وكَابُلِ
وَذُو الكَبْلَينِ: فَحْلٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ ضَبَّاراً فِي قَيْده.
كبثل: الكَبَوْثَلُ: ولدٌ يقَعُ بَيْنَ الخُنفُساء والجُعَل؛ عَنْ كراع.
كبرتل: التَّهْذِيبِ فِي الْخُمَاسِيِّ: ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ لِذَكَرِ الخُنفُساء المُقَرَّضُ والحُوَّاز والكَبَرْتَل والمُدَحْرِج والجُعَل.
كتل: اللَّيْثُ: الكُتْلة أَعظم مِنَ الخُبْزة وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ كنِيز التَّمْرِ. الْمُحْكَمُ: الكُتْلة مِنَ الطِّينِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا مَا جُمِع؛ قَالَ:
وبالغَداةِ كُتَلَ البَرْنِجِ
أَراد البَرْنيَّ. الصِّحَاحُ: الكُتْلة الْقِطْعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنَ الصَّمْغ. والمُكَتَّل: الشَّدِيدُ الْقَصِيرُ. ورأْس مُكَتَّل: مجمَّع مدوَّر. والكُتْلة: الفِدْرة مِنَ اللَّحْمِ. وكَتَّلَه: سمَّنه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ مُكَتَّل وَذُو كَتَلٍ وَذُو كَتالٍ: غليظُ الْجِسْمِ. والكَتَال: القوَّة. والكَتَال: اللَّحْمُ. وَرَجُلٌ مُكَتَّل الخلْق إِذا كَانَ مُداخَل الْبَدَنِ إِلى القِصَر مَا هُوَ. وأَلقى عَلَيْهِ كَتَالَه أَي ثِقْلَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَسْت بِراحِلٍ أَبداً إِليهم، ... وَلَوْ عالَجْت مِنْ وَتِدٍ كَتالا
أَي مؤونةً وثِقْلًا. والكَتَالُ: النَّفْسُ. والكَتَال: الْحَاجَةُ تَقْضِيهَا. والكَتَالُ: كلُّ مَا أُصْلِح مِنْ طَعَامٍ أَو كُسْوة. وَزَوَّجَهَا عَلَى أَن يُقِيمَ لَهَا كَتَالَها أَي مَا يُصْلحها مِنْ عَيْشِهَا. والكَتَال: سُوءُ الْعَيْشِ. والأَكْتَل: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الكَتَال، وَهُوَ سُوءُ الْعَيْشِ وَضِيقُهُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
إِنّ بِهَا أَكْتَلَ، أَو رِزاما، ... خُوَيْرِبان يَنْقُفانِ الْهاما
قَالَ: ورِزام اسمُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ أَكْتَل ورِزام، قَالَ: وَلَيْسَا مِنْ أَسماء الشَّدَائِدِ إِنما هُمَا اسْمَا لِصَّين مِنْ لُصوص الْبَادِيَةِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ خُوَيرِبان؟ يُقَالُ لِصّ خارِب، ويصغَّر فَيُقَالُ خُوَيرِب. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه أَنشده ذَلِكَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَو هَاهُنَا بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ، أَراد أَن بِهَا أَكتَلَ ورِزاماً، وَهُمَا خارِبان، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ ابْنُ سِيدَهْ أَكْتَل ورِزاماً، وسيأْتي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الصَّبْغاء: وارْمِ عَلَى أَقفائهم بمِكْتَل
؛ المِكْتَل هَاهُنَا مِنَ الأَكْتَل وَهِيَ شَدِيدَةٌ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ. والكَتالُ: سُوءُ العيش وضيق المؤونة والثِّقْل، وَيُرْوَى: بمِنْكَل، مِنَ النَّكال الْعُقُوبَةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَرَّ فُلَانٌ يتَكَرَّى ويتَكَتَّل ويَتَقَلَّى إِذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا. وَفُلَانٌ يَتَكَتَّل فِي مَشْيِهِ إِذا قَارَبَ فِي خَطْوِهِ كأَنه يَتَدَحْرَجُ. وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ إِذا تمرَّغ فلزِق بِهِ التُّرَابُ: قَدْ كَتِل جلدُه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يشرَبُ مِنْهَا نَهَلاتٌ وثعلْ، ... وَفِي مراغٍ جلدُها مِنْهُ كَتلْ

(11/582)


وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: كَاتَلَه اللَّهُ، بِمَعْنَى قَاتَلَهُ اللَّهُ. والتَّكَتُّل: ضرْب مِنَ الْمَشْيِ. ابْنُ سِيدَهْ: تَكَتَّلَ الرَّجُلُ فِي مِشْيَتِهِ وَهِيَ من مشي القصار الغلاظ. وَمَا كَتَلَكَ عنَّا أَي مَا حَبَسَكَ. والكَتِيلَة: النَّخْلَةُ الَّتِي فَاتَتِ اليَدَ، طَائِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ الكَتَائِل؛ قَالَ:
قَدْ أَبصَرَتْ سُعْدَى بِهَا كَتَائِلِي، ... طَويلةَ الأَقْناءِ والعَثاكِلِ،
مِثْلَ العَذارى الخُرَّدِ العَطابِلِ
ابْنُ الأَعرابي: الكَتِيلَة النَّخْلَةُ الطَّوِيلَةُ، وَهِيَ العُلْبة والعَوانة والقِرْواح. النَّضْرُ: كُتُول الأَرض فَنَادِيرُها، وَهِيَ مَا أَشرف مِنْهَا؛ وأَنشد:
وتَيْماء تمشِي الريحُ فِيهَا رَدِيَّة، ... مَريضة لَوْنِ الأَرْض طُلْساً كُتولها
والمِكْتَل والمِكْتلة: الزَّبيل الَّذِي يحمَل فِيهِ التَّمْرُ أَو الْعِنَبُ إِلى الجَرين، وَقِيلَ: المِكْتَل شِبْهُ الزَّبيل يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. وَفِي حَدِيثِ الظِّهار:
أَنه أُتِيَ بمِكْتَل مِنْ تَمْرٍ
؛ هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ: الزَّبيل الْكَبِيرُ كأَن فِيهِ كُتَلًا مِنَ التَّمْرِ أَي قِطعاً مُجْتَمِعَةً. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَخَرَجُوا بمَساحِيهم ومَكاتِلِهم.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: «1» مِكْتَل غيره مِكْتَل بُرٍّ.
وَيُقَالُ: كَتِنَتْ جَحافِل الْخَيْلِ مِنَ العُشب وكَتِلَت، بِالنُّونِ وَاللَّامِ، إِذا لزِجَتْ. وكَتِل الشَّيْءُ، فَهُوَ كَتِل: تلزَّق وتلزَّج؛ قَالَ:
وَفِي مراغٍ جلدُها مِنْهُ كَتِلْ
قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ لَامُ كَتِل بَدَلًا مِنْ نُونِ كَتِنَ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والكُنْتَأْلُ، بِالضَّمِّ: الْقَصِيرُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكِتال المِراس. يُقَالُ: أَيَّ شَيْءٍ كاتَلْتَ مِنْ فُلَانٍ أَي مارَسْت؛ قَالَ ابْنُ الطَّثَريَّة:
أَقول، وَقَدْ أَيقَنْت أَنِّي مُواجه، ... مِنَ الصَّرْم، باباتٍ شَدِيدًا كِتالُها
وَهُوَ مَصْدَرُ كاتَلْت. والكِتَالُ أَيضاً: المؤونة؛ «2» ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدَ اوْصَيْتَ أَمسِ المُخْلَفين وَصِيَّة، ... قَلِيلًا على المُسْتَخْلَفِين كِتَالُها
والكَوَاتِل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
خلالَ المَطايا يَتَّصِلنَ، وَقَدْ أَتت ... قِنانُ أُبَيْرٍ دُونَهَا والكَوَاتِل
وكُتْلة: مَوْضِعٌ بشِقّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَابٍ، وَقَالَ ابْنُ جَبَلة: هِيَ رَمْلَةٌ دُونَ الْيَمَامَةِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فكُتْلَةٌ فُرؤَامٌ مِنْ مَساكِنها، ... فمنتَهى السَّيْل مِنْ بَنْبان فالحُمَل
وكُتَيْل وأَكْتَل: اسْمَانِ؛ قَالَ:
إِنَّ بِهَا أَكْتَلَ، أَو رِزاما، ... خُوَيْرِبَينِ يَنْقُفان الْهَامَا «3» .
كثل: الأَزهري: أَما كَثل فأَصل بِنَاءِ الكَوْثَل وَهُوَ فَوْعَل، وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَوْثَل مؤَخَّر السَّفِينَةِ، وَقَدْ يُشَدَّدُ فَيُقَالُ: كَوْثَلٌّ، وَفِي الكَوْثَل يَكُونُ المَلَّاحون ومَتاعُهم؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [وفي حديث سعد إلى قوله بر] هكذا في الأصل
(2) . قوله [والكِتَال أَيضاً المؤونة] كذا بضبط الأصل بوزن كتاب كالذي قبله، وفي القاموس: الكِتَال كسحاب المؤونة
(3) . في صفحة 582 الخُوَيربان بدل الخُوَيربَين، ولكلَيهما وجه من الإعراب

(11/583)


حَمَلْت فِي كَوْثَلِّها عَوِيقا «1»
. أَبو عَمْرٍو: المَرْنَحة صَدْر السَّفِينَةِ والدَّوْطِيرة كَوْثَلها، وَقِيلَ: الكَوْثَلُ السُّكَّان، أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرانةُ السُّكَّان، وَهُوَ الكَوْثَل؛ قَالَ الأَعشى:
مِنَ الخَوْفِ كَوْثَلُها يُلْتَزم
وكَوْثَلُ السُّلَمِيُّ: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ، إِليه يُعْزَى سِبَاع بْنُ كَوْثَل أَحد شعرائهم.
كحل: الكُحْل: مَا يُكْتَحَلُ بِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الكُحْل مَا وُضِع فِي الْعَيْنِ يُشتَفى بِهِ، كَحَلَها يَكْحَلها ويَكْحُلها كَحْلًا، فَهِيَ مَكْحُولة وكَحِيل، مِنْ أَعين كُحْلاء وكَحَائِل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وكَحَّلَها، أَنشد ثَعْلَبٌ:
فمَا لَكَ بالسُّلْطان أَن تَحْمِل القَذَى ... جُفُونُ عُيون، بالقَذَى لَمْ تُكَحَّل
وَقَدِ اكْتَحَل وتَكَحَّل. والمِكْحَال: المِيلُ تُكَحَّلُ بِهِ الْعَيْنُ مِنَ المُكْحُلة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المِكْحَل والمِكْحَال الْآلَةُ الَّتِي يُكْتَحَل بِهَا؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المِكْحَل والمِكْحال المُلْمُول الَّذِي يُكْتَحَل بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا الفَتَى لَمْ يَرْكَب الأَهْوالا، ... وخالَفَ الأَعْمام والأَخْوالا
فأَعْطِهِ الْمِرْآةَ والمِكْحَالا، ... واسْعَ لَهُ وعُدَّه عِيَالا
وتَمَكْحَلَ الرَّجُلُ إِذا أَخذ مُكْحُلَة. والمُكْحُلَة: الوِعاء، أَحد مَا شذَّ مِمَّا يرتَفق بِهِ فَجَاءَ عَلَى مُفْعُل وَبَابُهُ مِفْعَل، وَنَظِيرُهُ المُدْهُن والمُسْعُط؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ عَلَى الْمَكَانِ إِذ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ لفتح لأَنه من يَفْعُ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كَانَ عَلَى مِفْعَل ومِفْعَلة مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فَهُوَ مَكْسُورُ الْمِيمِ مِثْلُ مِخْرَز ومِبْضَع ومِسَلَّة ومِزْرَعة ومِخْلاة، إِلا أَحرفاً جَاءَتْ نَوَادِرَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَهِيَ: مُسْعُط ومُنْخُل ومُدْهُن ومُكْحُلة ومُنْصُل؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي قَالَ وَهُوَ لِلَبِيدٍ فِيمَا زَعَمُوا:
كَمِيش الإِزار يَكْحُل الْعَيْنَ إِثْمداً، ... وَيَغْدُو عَلَيْنَا مُسْفِراً غيرَ واجِم
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَى يكْحُلُ الْعَيْنَ إِثْمداً أَنه يَرْكَبُ فَحْمَةَ اللَّيْلِ وَسَوَادَهُ. الأَزهري: الكَحَل مَصْدَرُ الأَكْحَل والكَحْلاء مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكَحَل فِي العين أَن يَعْلُو مَنابت الأَسْفار سَوَادٌ مِثْلُ الكُحْل مِنْ غَيْرِ كَحْل، رَجُلٌ أَكْحَل بيِّن الكَحَل وكَحِيل وَقَدْ كَحِلَ، وَقِيلَ: الكَحَل فِي الْعَيْنِ أَن تَسْوَدَّ مَوَاضِعُ الكُحْل، وَقِيلَ: الكَحْلاء الشَّدِيدَةُ السَّوَادُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرَاهَا كأَنها مَكْحولة وإِن لَمْ تُكْحَل؛ وأَنشد:
كأَنَّ بِهَا كُحْلًا وإِن لَمْ تُكَحَّل
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَيْنٌ كَحِيلٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَي مَكْحولة.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي عَيْنِهِ كَحَل
؛ الكَحَل، بِفُتْحَتَيْنِ: سَوَادٌ فِي أَجفان الْعَيْنِ «2» خِلْقَةً. وَفِي حَدِيثِ أَهل الْجَنَّةِ:
جُرْد مُرْد كَحْلى
؛ كَحْلى: جَمْعُ كَحِيل مِثْلُ قَتِيلٍ وَقَتْلَى. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:
إِن جَاءَتْ بِهِ أَدْعَج أَكْحَل الْعَيْنَيْنِ.
والكَحْلاء مِنَ النِّعَاجِ: الْبَيْضَاءُ السَّوْدَاءُ الْعَيْنَيْنِ. وَجَاءَ مِنَ الْمَالِ بكُحْل عَيْنيْن
__________
(1) . قوله [عويقا] هكذا في الأصل
(2) . قوله [في أجفان العين] صوابه في أشفار العين كما في هامش الأصل

(11/584)


أَي بِقَدْرِ مَا يَمْلَؤُهُمَا أَو يغَشِّي سَوَادَهُمَا. أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ لِفُلَانٍ كُحْل وَلِفُلَانٍ سَواد أَي مَالٌ كَثِيرٌ. قَالَ: وَكَانَ الأَصمعي يتأَول فِي سَواد الْعِرَاقِ أَنه سُمِّيَ بِهِ لِلْكَثْرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما أَنا فأَحسبه للخُضْرة. وَيُقَالُ: مَضَى لِفُلَانٍ كُحْل أَي مَالٌ كَثِيرٌ. والكَحْلة: خَرَزَةٌ سَوْدَاءُ تُجْعَلُ عَلَى الصِّبْيَانِ. وَهِيَ خَرَزَةُ الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ تُجْعَلُ مِنَ الْجِنِّ والإِنس، فِيهَا لَوْنَانِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ كالرُّبِّ والسَّمْن إِذا اخْتَلَطَا، وَقِيلَ: هِيَ خَرَزَةٌ تُستعطَف بِهَا الرِّجَالُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ خَرَزَةٌ تُؤخِّذ بِهَا النساءُ الرِّجَالَ. وكُحْل العُشْبِ: أَن يُرَى النَّبْتُ فِي الأُصول الْكِبَارِ وَفِي الْحَشِيشِ مخضَرّاً إِذا كَانَ قَدْ أُكل، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي العِضاه. واكْتَحَلَتِ الأَرض بالخُضْرة وكَحَّلَتْ وتَكَحَّلَتْ وأَكْحَلَتْ واكْحَالَّتْ: وَذَلِكَ حِينَ تُرِي أَوَّلَ خضرةِ النَّبَاتِ. والكَحْلاء: عُشْبة رَوْضِيَّة سَوْدَاءُ اللَّوْن ذَاتُ ورَق وقُضُب، وَلَهَا بُطون حُمْرٌ وعِرْق أَحمر يَنْبُتُ بنَجْد فِي أَحْويَةِ الرَّمْل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَحْلاء عُشْبة سُهْلية تنبُت عَلَى ساقٍ، وَلَهَا أَفْنان قَلِيلَةٌ ليِّنة وورَق كورَق الرَّيْحان اللِّطاف خضرٌ ووَرْدة نَاضِرَةٌ، لَا يَرْعَاهَا شَيْءٌ وَلَكِنَّهَا حَسَنَةُ المَنْظَر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكَحْلاء نَبْتٌ تَرْعَاهُ النَّحْلُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ فِي صفة النحل:
قُرْع الرُّؤوس لصَوْتها جَرْسٌ، ... فِي النَّبْع والكحْلاء والسِّدْر
والإِكْحَال والكَحْل: شدَّة المَحْل. يُقَالُ: أَصابهم كَحْل ومَحْل. وكَحْلُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ، تُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَا يَجِبُ فِي هَذَا الضرْب مِنَ الْمُؤَنَّثِ الْعَلَمِ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
قومٌ، إِذا صَرَّحت كَحْلٌ، بُيوتُهُمُ ... مأْوَى الضَّرِيكِ، ومأْوَى كلِّ قُرْضُوب
فأَجراه الشاعرُ لِحَاجَتِهِ إِلى إِجْرائه؛ القُرْضوب هَاهُنَا: الْفَقِيرُ. وَيُقَالُ: صرَّحت كَحْلُ إِذا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ غَيْم. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ وأَبو حنيفة فيها الكَحْل، وبالأَلف وَاللَّامِ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلسَّنَةِ الْمُجْدِبَةِ كَحْل، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ. وكَحَلَتْهم السِّنون: أَصابتهم؛ قَالَ:
لَسْنا كأَقْوامٍ إِذا كَحَلَتْ ... إِحدى السِّنين، فَجارُهم تَمْرُ
يَقُولُ: يأْكلون جارَهم كَمَا يُؤْكَلُ التَّمْرِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كَحَلَت السنةُ تَكْحَل كَحْلًا إِذا اشتدَّت. الْفَرَّاءُ: اكْتَحَلَ الرَّجُلُ إِذا وَقَعَ بشدَّة بَعْدَ رَخَاءٍ. وَمِنْ أَمثالهم: بَاءَتْ عَرَارِ بِكَحْلٍ؛ إِذا قُتِل الْقَاتِلُ بِمَقْتُولِهِ. يُقَالُ: كَانَتَا بَقَرَتين فِي بَنِي إِسرائيل قُتلت إِحداهما بالأُخرى؛ قَالَ الأَزهري: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ الْقَدِيمَةِ قَوْلُهُمْ فِي التَّسَاوِي: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَحْل اسْمُ بَقَرَةٍ بِمَنْزِلَةِ دَعْد، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، فَشَاهِدُ الصَّرْفِ قَوْلُ ابْنِ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيِّ:
باءتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق مَعًا، ... فَلَا تَمَنَّوْا أَمانيَّ الأَباطِيل
وَشَاهِدُ تَرْكِ الصَّرْفِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ ذُبْيَانَ:
باءتْ عَرارِ بكَحْل فِيمَا بَيْنَنَا، ... والحقُّ يعرِفه ذَوُو الأَلباب
وكَحْلَةُ: مِنْ أَسماء السَّمَاءِ.
قَالَ الْفَارِسِيُّ: وتأَلَّهَ

(11/585)


قَيْسُ بْنُ نُشْبة فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ مُنَجِّماً متفلسِفاً يُخْبِرُ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بُعِثَ أَتاه قَيْسُ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ مَا كَحْلة؟ فَقَالَ: السَّمَاءُ، فَقَالَ: مَا مَحْلة؟ فَقَالَ: الأَرض، فَقَالَ: أَشهد أَنك لَرَسُولُ اللَّهِ فإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنه لَا يَعْرِفُ هَذَا إِلَّا نَبِيٌّ
؛ وَقَدْ يُقَالُ لَهَا الكَحْل، قَالَ الأُموي: كَحْلٌ السَّمَاءُ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
إِذا مَا المراضِيعُ الخِماصُ تأَوَّهَتْ، ... وَلَمْ تَنْدَ مِنْ أَنْواءِ كَحْلٍ جَنُوبها
والأَكْحَل: عِرْق فِي الْيَدِ يُفْصَد، قَالَ: وَلَا يُقَالُ عِرْقُ الأَكْحَل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ لَهُ النَّسا فِي الفخِذ، وَفِي الظَّهْرِ الأَبْهَرَ، وَقِيلَ: الأَكْحَل عِرْق الْحَيَاةِ يُدْعى نَهْرَ البدَن، وَفِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ شُعْبَةٌ لَهَا اسْمٌ عَلَى حِدَة، فإِذا قُطِعَ فِي الْيَدِ لَمْ يَرْقإِ الدمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْدًا رُمِيَ فِي أَكْحَلَه
؛ الأَكْحَل: عِرْقٌ فِي وسط الذراع يَكْثُرُ فَصْدُهُ. والمِكْحالان: عَظْمَانِ شاخِصان مِمَّا يَلِي باطنَ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ مَرْكِبِهِمَا، وَقِيلَ: هُمَا فِي أَسفل بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْما الوَرِكين مِنَ الْفَرَسِ. والكُحَيْل، مَبْنِيٌّ عَلَى التَّصْغِيرِ: الَّذِي تُطْلَى بِهِ الإِبل للجرَب، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مصغَّراً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْلِ الكُحَيْل أَو عَقِيد الرُّبِ
قِيلَ: هُوَ النِّفْط والقَطِران، إِنما يُطْلَى بِهِ لِلدَّبَر والقِرْدان وأَشباه ذَلِكَ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: هَذَا مِنْ مَشْهُورِ غَلَطِ الأَصمعي لأَن النِّفْط لَا يُطْلَى بِهِ للجرَب وإِنما يُطْلَى بالقَطِران، وَلَيْسَ القَطِران مَخْصُوصًا بالدَّبَر والقِرْدان كَمَا ذَكَرَ؛ وَيُفْسِدُ ذَلِكَ قَوْلُ القَطِران الشَّاعِرِ:
أَنا القَطِران والشُّعَراءُ جَرْبى، ... وَفِي القَطِران للجَرْبى شِفاءُ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ القُلَّاخ المِنْقَري:
إِني أَنا القَطِرانُ أَشْفي ذا الجَرَبْ
وكُحَيْلَةُ وكُحْل: موضعان.
كحثل: الكَحْثَلَة: عِظَم الْبَطْنِ.
كدل: قَالَ الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وَوَجَدْتُ أَنا فِيهِ بَيْتًا لتأَبَّط شَرًّا:
أَلا أَبلغا سَعْدَ بْنَ لَيْثٍ وجُنْدُعاً ... وكَلْباً: أَنيبوا المَنَّ غَيْرَ المُكَدَّل
وَقِيلَ: المُكَدَّل والمُكَدَّر وَاحِدٌ، وَاللَّامُ مبدلة من الراء.
كربل: كَرْبَلَ الشَّيْءَ: خَلَطَهُ. أَبو عَمْرٍو: كَرْبَلْت الطَّعَامَ كَرْبَلةً هذَّبته ونقَّيته مثل غَرْبَلْته؛ وأَنشد فِي صِفَةِ حِنْطَةَ:
يَحْمِلْنَ حمراءَ رَسُوباً بالنَّقَلْ، ... قَدْ غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ مِنَ القَصَلْ
والكِرْبالُ: المِنْدَف الَّذِي يُنْدَف بِهِ القُطْن؛ وأَنشد الشَّيْبَانِيُّ:
تَرْمي اللُّغامَ عَلَى هَامَاتِهَا قَزَعاً، ... كالبِرْس طَيَّره ضرْبُ الكَرَابِيلِ
والكَرْبَلَة: رَخاوة فِي القَدَمين. يُقَالُ: جَاءَ يَمْشِي مُكَرْبِلًا أَي كأَنه يَمْشِي فِي طِينٍ. وكَرْبَل: اسْمُ نَبْتٍ، وَقِيلَ: إِنه الحُمَّاض، قَالَ أَبو وَجْزَةَ يَصِفُ عُهُون الهَوْدج:

(11/586)


وثامِرُ كَرْبَلٍ وعَمِيمُ دِفْلى ... عَلَيْهَا، والنَّدَى سَبِط يَمُور
والكَرْبَل: نَبْتٌ لَهُ نَوْر أَحمر مشرِق؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
كأَنَّ جَنى الدِّفْلى يُغَشِّي خُدورَها، ... ونُوَّارُ ضاحٍ مِنْ خُزامى وكَرْبَل
وكَرْبَلاء: اسْمُ مَوْضِعٍ وَبِهَا قَبْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ قَالَ كثيِّر:
فَسِبْطٌ سِبْطُ إِيمان وبِرٍّ، ... وسِبْطٌ غَيَّبَته كَرْبَلاء
كسل: اللَّيْثُ: الكَسَل التَّثاقُل عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُتَثاقَل عَنْهُ، وَالْفِعْلُ كَسِلَ وأَكْسَلَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِلْعَجَّاجِ:
أَظَنَّتِ الدَّهْنا وظَنَّ مِسْحَلُ ... أَن الأَميرَ بالقَضاء يَعْجَلُ
عَنْ كَسَلاتي، والحِصان يُكْسِلُ ... عَنِ السِّفادِ، وَهُوَ طِرْفٌ هَيْكَلُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَسَمِعْتُ رؤْبة يُنْشِدُهَا: فَالْجَوَادُ يُكْسِل؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ مِنْ رَبِيعَةِ الجُوعِ يَرْوِيهِ: يَكْسَل، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَمَنْ رَوَى يَكْسَل فَمَعْنَاهُ يثقُل، وَمَنْ رَوَى يُكْسِل فَمَعْنَاهُ تَنْقَطِعُ شَهْوَتُهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ قَبْلَ أَن يَصِلَ إِلى حَاجَتِهِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ أَيضاً:
قَدْ ذَادَ لَا يَسْتَكْسِل المَكاسِلا
أَراد بالمَكاسِل الكَسَل أَي لَا يَكْسَل كَسَلًا. الْمُحْكَمُ: الكَسَل التثاقُل عَنِ الشَّيْءِ والفُتور فِيهِ؛ كَسِلَ عَنْهُ، بِالْكَسْرِ، كَسَلًا، فَهُوَ كَسِلٌ وكَسْلان وَالْجَمْعُ كَسَالَى وكُسَالَى وكَسْلى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وإِن شِئْتَ كَسَرْتَ اللَّامَ كَمَا قُلْنَا فِي الصَّحارِي، والأُنثى كَسِلَة وكَسْلَى وكَسْلانة وكَسُول ومِكْسَال. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا تُكْسِله المَكاسِل؛ يَقُولُ: لَا تُثْقِلُه وُجُوهُ الكَسَل. والمِكْسَال والكَسُول: الَّتِي لَا تَكَادُ تبرَح مجلسَها، وَهُوَ مدحٌ لَهَا مِثْلُ نَؤوم الضُّحَى، وَقَدْ أَكْسَلَه الأَمر. وأَكْسَلَ الرجلُ: عَزَل فَلَمْ يُرِدْ وَلَدًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُعَالِجَ فَلَا يُنزل، وَيُقَالُ فِي فَحْلِ الإِبل أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن رَجُلًا سأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إِن أَحدنا يُجَامِعُ فيُكْسِل
؛ مَعْنَاهُ أَنه يفتُرُ ذكَرُه قَبْلَ الإِنزال وَبَعْدَ الإِيلاج وَعَلَيْهِ الْغَسْلُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ لِالْتِقَاءِ الخِتانين. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ فِي الإِكْسَال إِلا الطَّهُور
؛ أَكْسَلَ إِذا جَامَعَ ثُمَّ لَحِقه فُتور فَلَمْ يُنْزِل، وَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا كَسَل، قَالَ ابْنُ الأَثير: لَيْسَ فِي الإِكْسَال غُسْل وإِنما فِيهِ الْوُضُوءُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رأَى أَن الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إِلا مِنَ الإِنزال، وَهُوَ مَنْسُوخٌ، والطَّهور هاهنا يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَيُرَادُ بِهِ التَّطَهُّرُ، وَقَدْ أَثبت سِيبَوَيْهِ الطَّهور والوَضوء والوَقود، بِالْفَتْحِ، فِي الْمَصَادِرِ. وكَسِلَ الفحلُ وأَكْسَلَ: فَدَر؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَإِن كَسِلْتُ والجَواد يَكْسَلُ
فَجَاءَ بِهِ عَلَى فَعِلْت، ذَهَبَ بِهِ إِلى الدّاءِ لأَن عَامَّةَ أَفعال الدَّاءِ عَلَى فَعِلْت. والكِسْل: وَتَرُ المِنْفَحة، والمِنْفَحة: الْقَوْسُ الَّتِي يُنْدَف بِهَا القُطْن؛ قَالَ:
وأَبْغِ لِي مِنْفَحةً وكِسْلا
ابْنُ الأَعرابي: الكِسْل وتَر قَوْسِ الندَّاف إِذا نُزِعَ

(11/587)


مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: المِكْسَل وَتَرُ قَوْسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِعَ مِنْهَا. والكَوْسَلة: الحَوْثَرَة وَهِيَ رأْس الأُذَافِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَوْثَرة، وَفِي تَرْجَمَةِ كَسَلَ: الكَوْسَلة، بِالسِّينِ فِي الفَيْشة وَلَعَلَّ الشِّينَ فِيهَا لُغَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كَشَل أَيضاً مُبَيَّنًا.
كسطل: الكَسْطَل والكَسْطال: الغُبار، والأَعرف بالقاف.
كشل: الكَوْشَلة: الفَيْشَلة الْعَظِيمَةُ الضَّخْمَةُ، وَهُوَ الكَوْش والفَيْش أَيضاً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الكَوْسَلة، بِالسِّينِ فِي الفَيْشة وَلَعَلَّ الشِّينَ فِيهَا لُغَةٌ، فإِن الشِّينَ عَاقَبَتِ السِّينَ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ رَسْم ورَشْم، وسَمَّر وشَمَّر، وسَمَّت وشَمَّت، والسُّدْفة والشُّدْفة.
كعل: الكَعْل مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الأَسود؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
وأَصبحَتْ لَيْلَى لَهَا زَوُج قَذِرْ، ... كَعْلٌ تَغَشَّاه سَوادٌ وقِصَرْ
والكَعْل: الرَّجِيع مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حِينَ يَضَعه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والكَعْل: مَا يَتَعَلَّقُ بخُصَى الكِباش من الوَذَح.
كعثل: الكَعْثَلة: الثَّقِيلُ مِنَ العَدْو.
كعطل: كَعْطَلَ كَعْطَلَةً: عَدَا عدْواً شَدِيدًا، وَقِيلَ: عَدَا عَدْوًا بَطِيئًا، وشَدٌّ كَعْطَل، منه.
كعظل: الكَعْظَلة: عدوٌ بطيءٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا يُدْرك الفَوْت بشَدٍّ كَعْظَلِ، ... إِلَّا بإِجْذامِ النَّجا المُعَجَّلِ
وَالْمَعْرُوفُ عَنْ يَعْقُوبَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. وكَعْظَل يُكَعْظِل إِذا عَدَا عَدْوًا شَدِيدًا.
كفل: الكَفَل، بِالتَّحْرِيكِ: العجُز، وَقِيلَ: رِدْفُ العجُز، وَقِيلَ: القَطَن يَكُونُ للإِنسان وَالدَّابَّةِ، وإِنها لعَجْزاءُ الكَفَل، وَالْجَمْعُ أَكْفَال، وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ وَلَا صِفَةٌ. والكِفْل: مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ وَهُوَ كِسَاءٌ يؤْخذ فيعقَد طَرَفَاهُ ثُمَّ يُلقَى مقدَّمه عَلَى الكاهِل ومؤخَّره مِمَّا يَلِي العجُز، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ مُسْتَدِيرٌ يُتخذ مِنْ خِرَقٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ وَيُوضَعُ عَلَى سَنام الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَافِعٍ قَالَ: ذَاكَ كِفْل الشَّيْطَانِ
، يَعْنِي معقده. واكْتَفَلَ البعيرَ: جَعَلَ عَلَيْهِ كِفْلًا. الْجَوْهَرِيُّ: والكِفْل مَا اكتفَل بِهِ الرَّاكِبُ وَهُوَ أَن يُدار الْكِسَاءُ حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يَرْكَبُ. والكِفْل: كِسَاءٌ يُجْعَلُ تَحْتَ الرحْل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وإِن أَخَّرْت فالكِفْل ناجزُ
وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
عَلَى جَسْرةٍ مرفوعةِ الذَّيْلِ والكِفْلِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
تُعْجِل شَدَّ الأَعْبَلِ المَكافِلا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: وَاحِدُ المَكافِلِ مُكْتَفَل، وَهُوَ الكِفْل مِنَ الأَكسية. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ قَدْ تَكَفَّلْتُ بِالشَّيْءِ: مَعْنَاهُ قَدْ أَلزمته نَفْسِي وأَزلت عَنْهُ الضَّيْعَة والذهابَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الكِفْل، والكِفْل: مَا يَحْفَظُ الرَّاكِبَ مِنْ خَلْفِهِ. والكِفْل: النَّصِيبُ مأْخوذ مِنْ هَذَا. أَبو الدُّقَيْشِ: اكْتَفَلْت بِكَذَا إِذا ولَّيْتَه كَفَلَكَ، قَالَ: وَهُوَ الافْتِعال؛ وأَنشد:

(11/588)


قَدِ اكتَفَلَتْ بالحَزْنِ، واعْوَجَّ دُونَهَا ... ضَواربُ مِنْ خَفَّان تَجْتابُه سَدْرا
وَفِي حَدِيثِ
إِبراهيم: لَا تَشْرَبْ مِنْ ثُلْمة الإِناء وَلَا عُرْوَته فإِنها كِفْل الشَّيْطَانِ
أَي مَرْكَبُه لِمَا يَكُونُ مِنَ الأَوْساخ، كَرِه إِبراهيم ذَلِكَ. والكِفْل: أَصله المركَب فإِنَّ آذانَ العُرْوة والثُّلْمةَ مَرْكَبُ الشَّيْطَانِ. والكِفْل مِنَ الرِّجال: الَّذِي يَكُونُ فِي مؤخَّر الْحَرْبِ إِنما همَّته فِي التأَخر والفِرار. والكِفْل: الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ؛ قَالَ الجَحَّاف بْنُ حَكِيمٍ:
والتَّغْلَبيّ عَلَى الجَواد غنيمةٌ، ... كِفْلُ الفُروسة دائمُ الإِعْصام
وَالْجَمْعُ أَكْفال؛ قَالَ الأَعشى يَمْدَحُ قَوْمًا:
غيرُ مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ فِي الهيْجا، ... ولا غُزَّلٍ وَلَا أَكْفَال
وَالِاسْمُ الكُفولَة، وَهُوَ الكفِيل. وَفِي التَّهْذِيبِ: الكِفْل الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى مَتْن الْفَرَسِ، وَجَمْعُهُ أَكْفال؛ وأَنشد:
مَا كنتَ تَلْقَى فِي الحُروب فَوَارِسي ... مِيلًا، إِذا رَكِبوا، وَلَا أَكْفَالا
وَهُوَ بيِّن الكُفولة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ: إِني كَائِنٌ فِيهَا كالكِفْل آخُذُ مَا أَعرِف وأَترك مَا أُنْكِر
؛ قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الْحَرْبِ هِمَّتُهُ الفِرار، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالنُّهُوضِ فِي شَيْءٍ فَهُوَ لَازِمُ بَيْتِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والكِفْل الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ. والكِفْل: الحَظُّ والضِّعف مِنَ الأَجر والإِثم، وَعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُقَالُ لَهُ: كِفْلان مِنَ الأَجر، وَلَا يُقَالُ: هَذَا كِفْل فُلَانٍ حَتَّى تَكُونَ قَدْ هيَّأْت لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ كَالنَّصِيبِ، فإِذا أَفردت فَلَا تَقُلْ كِفْل وَلَا نَصِيبٌ. والكِفْل أَيضاً: المِثْل. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يؤْتكم ضِعْفَين، وَقِيلَ: مِثْلين؛ وَفِيهِ: وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الكِفْل الْحَظُّ، وَقِيلَ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ
أَي حَظَّين، وَقِيلَ ضِعْفين. وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ:
لَهُ كِفْلان مِنَ الأَجر
؛ الكِفْل، بِالْكَسْرِ: الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وعَمَدْنا إِلى أَعظم كِفْل.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الكِفْل فِي اللُّغَةِ النَّصِيبُ أُخذ مِنْ قَوْلِهِمُ اكْتَفَلْت الْبَعِيرَ إِذا أَدرْتَ عَلَى سَنامه أَو عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ ظَهْرِهِ كِساء وَرَكِبْتَ عَلَيْهِ، وإِنما قِيلَ لَهُ كِفْل؛ وَقِيلَ: اكْتَفَلَ البعيرَ لأَنه لَمْ يَسْتَعْمِلِ الظَّهْرَ كُلَّهُ إِنما اسْتَعْمَلَ نَصِيبًا مِنَ الظَّهْرِ. وَفِي حَدِيثِ مَجيء الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ:
وعياشُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ وسلمةُ بْنُ هِشَامٍ مُتَكَفِّلان عَلَى بَعِيرٍ.
يُقَالُ: تَكَفَّلْت الْبَعِيرَ واكْتَفَلْته إِذا أَدرت حَوْلَ سَنَامِهِ كِساء ثُمَّ رَكِبْتَهُ، وَذَلِكَ الكِساء الكِفْل، بِالْكَسْرِ. والكافِل: العائِل، كَفَلَه يَكْفُله وكَفَّلَه إِيّاه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وكَفَلَها زَكَرِيَّا
؛ وَقَدْ قُرِئَتْ بِالتَّثْقِيلِ وَنَصْبِ زَكَرِيَّا، وَذَكَرَ الأَخفش أَنه قُرِئَ:
وكَفِلَها زَكَرِيَّا
، بِكَسْرِ الفاء. وفي الحديث:
أَنه وكَافِل الْيَتِيمِ كهاتَيْن فِي الْجَنَّةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ
؛ والكافِل: الْقَائِمُ بأَمر الْيَتِيمِ المربِّي لَهُ، وَهُوَ مِنَ الكَفِيل الضَّمِينِ، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ وَلِغَيْرِهِ رَاجِعٌ إِلى الكافِل أَي أَن الْيَتِيمَ سَوَاءٌ كَانَ الكافِل مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ وأَنسابه أَو كَانَ أَجنبيّاً لِغَيْرِهِ تكفَّل بِهِ، وَقَوْلُهُ كَهَاتَيْنِ إِشارة إِلى إِصبعيه السبَّابة وَالْوُسْطَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الرَّابُّ كافِلٌ
؛ الرَّابُّ: زَوْجُ أُمِّ الْيَتِيمِ لأَنه يكفُل تَرْبِيَتَهُ

(11/589)


وَيَقُومُ بأَمره مَعَ أُمه. وَفِي حَدِيثِ وَفْد هَوازِن:
وأَنت خَيِّرُ المَكْفُولين
، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي خَيْرُ مَنْ كُفِل فِي صِغَرِهِ وأُرْضِعَ ورُبِّيَ حَتَّى نشأَ، وَكَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. والكَافِل والكَفِيل: الضَّامِنُ، والأُنثى كَفِيل أَيضاً، وَجَمْعُ الكَافِل كُفَّل، وَجَمْعُ الكَفيل كُفَلاء، وَقَدْ يُقَالُ لِلْجَمْعِ كَفِيل كَمَا قِيلَ فِي الْجَمْعِ صَدِيق. وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا
، أَي ضمَّنها إِياه حَتَّى تكفَّل بِحَضَانَتِهَا، وَمَنْ قرأَ:
وكَفَلَها زَكَرِيَّا
، فَالْمَعْنَى ضمِن الْقِيَامَ بأَمرها. وكَفَلَ المالَ وبالمالِ: ضَمِنه. وكَفَلَ بِالرَّجُلِ «3» يَكْفُلُ ويَكْفِلُ كَفْلًا وكُفُولًا وكَفَالَةً وكَفُلَ وكَفِلَ وتَكَفَّلَ بِهِ، كُلُّهُ: ضمِنه. وأَكْفَلَه إِياه وكَفَّلَه: ضمَّنه، وكَفَلْت عَنْهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ وتَكَفَّلَ بِدَيْنِهِ تَكَفُّلًا. أَبو زَيْدٍ: أَكْفَلْت فُلَانًا المالَ إِكْفالًا إِذا ضمَّنته إِياه، وكَفَلَ هُوَ بِهِ كُفُولًا وكَفْلًا، والتَّكْفِيل مِثْلُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ
؛ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ اجْعَلْنِي أَنا أَكْفُلُها وَانْزِلْ أَنت عَنْهَا. ابْنُ الأَعرابي: كَفِيلٌ وكافِل وضَمِين وضامِن بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما الكَافِل فَهُوَ الَّذِي كَفَل إِنساناً يَعُوله ويُنْفِقُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّبِيب كَافِلٌ
، وَهُوَ زَوْجُ أُمّ الْيَتِيمِ كأَنه كَفَل نَفَقَةَ الْيَتِيمِ. والمُكافِل: المُجاوِر المُحالِف، وَهُوَ أَيضاً المُعاقِد الْمُعَاهِدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد بَيْتَ خِدَاش بْنُ زُهَير:
إِذا مَا أَصاب الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غيْثَهم، ... مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِم أَو مُكَافِل
المُحْرِم: المُسالِم، والمُكافِل: المُعاقد المُحالف، والكَفِيل مِنْ هَذَا أُخِذ. والكِفْل والكَفِيل: المِثْل؛ يُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ كِفْل أَي مَا لَهُ مِثْلٌ؛ قَالَ عَمْرُو بن الحرث:
يَعْلو بِهَا ظَهْرَ الْبَعِيرِ، وَلَمْ ... يوجَدْ لَهَا، فِي قَوْمِهَا، كِفْل
كأَنه بِمَعْنَى مِثْلٍ. قَالَ الأَزهري: والضِّعْف يَكُونُ بِمَعْنَى المِثْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لرجلٍ: لَكَ كِفْلان مِنَ الأَجر
أَي مِثْلَانِ. والكِفْل: النَّصِيبُ والجُزْء؛ يُقَالُ: لَهُ كِفْلان أَي جزءَان ونَصيبان. والكافِل: الَّذِي لَا يأْكل، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَصِل الصِّيَامَ، وَالْجَمْعُ كُفَّل. وكَفَلْت كَفْلًا أَي واصَلْت الصَّوْمَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ إِبلًا بقلَّة الشُّرْبِ:
يلُذْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ، كأَنها ... نساءُ النَّصَارَى أَصبحتْ، وَهِيَ كُفَّل
قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: هُوَ مِنَ الضَّمَانِ أَي قَدْ ضَمِنَّ الصَّوْمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي. وَذُو الكِفْل: اسْمُ نَبِيٍّ مِنَ الأَنبياء، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، وَهُوَ مِنَ الكَفالة، سُمِّيَ ذَا الكِفْل لأَنه كَفَل بِمِائَةِ رَكْعَةٍ كُلَّ يَوْمٍ فَوَفَى بِمَا كَفَل، وَقِيلَ: لأَنه كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءً كالكفْل، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِن ذَا الكِفْل سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنه تكفَّل بأَمر نَبِيٍّ فِي أُمته فَقَامَ بِمَا يَجِبُ فِيهِمْ، وَقِيلَ: تكفَّل بِعَمَلِ رَجُلٍ صَالِحٍ فقام به.
كلل: الكُلُّ: اسْمٌ يَجْمَعُ الأَجزاء، يُقَالُ: كلُّهم منطلِق وكُلُّهن مُنْطَلِقَةٌ وَمُنْطَلِقٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ
__________
(3) . قوله [وكَفَلَ بالرجل إلخ] عبارة القاموس: وقد كَفلَ بالرجل كضرب ونصر وكرم وعلم

(11/590)


سَوَاءٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: كُلَّتُهُنَّ منطلِقةٌ، وَقَالَ: العالِمُ كلُّ العالِم، يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّناهي وأَنه قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِيمَا يَصِفُهُ بِهِ مِنَ الْخِصَالِ. وَقَوْلُهُمْ: أَخذت كُلَّ الْمَالِ وَضَرَبْتُ كلَّ الْقَوْمِ، فَلَيْسَ الكلُّ هُوَ مَا أُضيف إِليه. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ السِّيرَافِيِّ: إِنما الكلُّ عِبَارَةٌ عَنْ أَجزاء الشَّيْءِ، فَكَمَا جَازَ أَن يُضَافَ الْجُزْءُ إِلى الْجُمْلَةِ جَازَ أَن تُضَافَ الأَجزاء كُلُّهَا إِليها، فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ
وكُلٌّ لَهُ قانِتُونَ*
، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وكأَنه إِنما حُمِلَ عَلَيْهِ هُنَا لأَن كُلًّا فِيهِ غَيْرُ مُضَافَةٍ، فَلَمَّا لَمْ تُضَفْ إِلى جَمَاعَةٍ عُوِّض مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ فِي الْخَبَرِ، أَلا تَرَى أَنه لَوْ قَالَ: لَهُ قانِتٌ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ الْجَمْعِ البتَّة؟ وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً
، فَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ مُضَافًا إِليها، اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْخَبَرِ؟ الْجَوْهَرِيُّ: كُلٌّ لَفْظُهُ وَاحِدٌ وَمَعْنَاهُ جَمْعٌ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا تَقُولُ كُلٌّ حَضَرَ وكُلٌّ حَضَرُوا، عَلَى اللَّفْظِ مَرَّةً وَعَلَى الْمَعْنَى أُخرى، وكُلٌّ وَبَعْضٌ مَعْرِفَتَانِ، وَلَمْ يجئْ عَنِ الْعَرَبِ بالأَلف وَاللَّامِ، وَهُوَ جَائِزٌ لأَن فِيهِمَا مَعْنَى الإِضافة، أَضفت أَو لَمْ تُضِف. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِمْ كِلا الرَّجُلَيْنِ إِن اشْتِقَاقَهُ مِنْ كُلّ الْقَوْمِ، وَلَكِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: لَا تَجْعَلُ كُلًّا مِنْ بَابِ كِلا وكِلْتا وَاجْعَلْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، قَالَ: وأَنا مُفَسِّرٌ كِلَا وَكِلْتَا فِي الثُّلَاثِيِّ المعتلِّ، إِن شَاءَ اللَّهُ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا أَفادني عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ: تَقَعُ كُلٌّ عَلَى اسْمٍ مَنْكُورٍ موحَّد فَتُؤَدِّي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ كَقَوْلِهِمْ: مَا كُلُّ بَيْضَاءَ شَحْمةً وَلَا كُلُّ سَوْداء تَمْرَةً، وتمرةٌ جَائِزٌ أَيضاً، إِذا كَرَّرْتَ مَا فِي الإِضمار. وَسُئِلَ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*
، وَعَنْ تَوْكِيدِهِ بِكُلِّهِمْ ثُمَّ بأَجمعون فَقَالَ: لَمَّا كَانَتْ كُلُّهُمْ تَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ تَكُونُ مَرَّةً اسْمًا ومرة توكيداً جاء بالتوكيد الَّذِي لَا يَكُونُ إِلا تَوْكِيدًا حَسْب؛ وَسُئِلَ الْمُبَرِّدُ عَنْهَا فَقَالَ: لَوْ جَاءَتْ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ* احْتَمَلَ أَن يَكُونَ سَجَدَ بَعْضُهُمْ، فَجَاءَ بِقَوْلِهِ كُلُّهُمْ* لإِحاطة الأَجزاء، فَقِيلَ لَهُ: فأَجمعون؟ فَقَالَ: لَوْ جَاءَتْ كُلُّهُمْ لَاحْتَمَلَ أَن يَكُونَ سَجَدُوا كُلُّهُمْ فِي أَوقات مُخْتَلِفَاتٍ، فَجَاءَتْ أَجمعون لِتَدُلَّ أَن السُّجُودَ كَانَ مِنْهُمْ كلِّهم فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَتْ كُلُّهُمْ للإِحاطة وَدَخَلَتْ أَجمعون لِسُرْعَةِ الطَّاعَةِ. وكَلَّ يَكِلُّ كَلًّا وكَلالًا وكَلالة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَعْيا. وكَلَلْت مِنَ الْمَشْيِ أَكِلُّ كَلالًا وكَلالة أَي أَعْيَيْت، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ إِذا أَعيا. وأَكَلَّ الرجلُ بعيرَه أَي أَعياه. وأَكَلَّ الرجلُ أَيضاً أَي كَلَّ بعيرُه. ابْنُ سِيدَهْ: أَكَلَّه السيرُ وأَكَلَّ القومُ كَلَّت إِبلُهم. والكَلُّ: قَفَا السَّيْفِ والسِّكِّين الَّذِي لَيْسَ بحادٍّ. وكَلَّ السيفُ والبصرُ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّيْءِ الْحَدِيدِ يَكِلُّ كَلًّا وكِلَّة وكَلالة وكُلُولة وكُلولًا وكَلَّل، فَهُوَ كَلِيل وكَلٌّ: لَمْ يَقْطَعْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الكُلول قَوْلَ سَاعِدَةَ:
لِشَانِيك الضَّراعةُ والكُلُولُ
قَالَ: وَشَاهِدُ الكِلَّة قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
وذُو البَثِّ فِيهِ كِلَّةٌ وخُشوع
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
فَمَا زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِيلًا
؛ كَلَّ السيفُ: لَمْ يَقْطَعْ. وطرْف كَلِيل إِذا لَمْ يحقِّق الْمَنْظُورَ. اللِّحْيَانِيُّ: انْكَلَّ السَّيْفُ ذَهَبَ حدُّه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَلَّ بصرُه كُلولًا نَبَا، وأَكلَّه الْبُكَاءُ وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّهَا سَوَاءٌ فِي الْفِعْلِ وَالْمَصْدَرِ؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُر:

(11/591)


بأَظفارٍ لَهُ حُجْنٍ طِوالٍ، ... وأَنيابٍ له كَانَتْ كِلالا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ كالٍّ كَجَائِعٍ وجِياع وَنَائِمٍ ونِيام، وأَن يَكُونَ جَمْعَ كَلِيل كَشَدِيدٍ وشِداد وحَديد وحِداد. اللَّيْثُ: الكَلِيل السَّيْفُ الَّذِي لَا حدَّ لَهُ. وَلِسَانٌ كَلِيل: ذُو كَلالة وكِلَّة، وَسَيْفٌ كَلِيل الحدِّ، وَرَجُلٌ كَلِيل اللِّسَانِ، وكَلِيل الطرْف. قَالَ: وَنَاسٌ يَجْعَلُونَ كَلَّاءَ للبَصْرة اسْمًا مِنْ كَلَّ، عَلَى فَعْلاء، وَلَا يَصْرِفُونَهُ، وَالْمَعْنَى أَنه مَوْضِعٌ تَكِلُّ فِيهِ الريحُ عَنْ عمَلها فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ، ... يكِلُّ وَفْد الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَقْ
والكَلُّ: الْمُصِيبَةُ تحدث، والأَصل مِنْ كَلَّ عَنْهُ أَي نَبَا وضعُف. والكَلالة: الرَّجُلُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَلُّ الرَّجُلُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، كَلَّ الرَّجُلُ يَكِلُّ كَلالة، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّسَبِ لَحًّا فَهُوَ كَلالةٌ. وَقَالُوا: هُوَ ابْنُ عمِّ الكَلالَةِ، وابنُ عمِّ كَلالةٍ وكَلالةٌ، وَابْنُ عَمِّي كَلالةً، وَقِيلَ: الكَلالَةُ مِنْ تَكَلَّل نسبُه بِنَسَبِكَ كَابْنِ الْعَمِّ وَمَنْ أَشبهه، وَقِيلَ: هُمُ الإِخْوة للأُمّ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الكَلالة مِنَ العصَبة مَنْ ورِث مَعَهُ الإِخوة مِنَ الأُم، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَمْ يَرِثه كَلالةً أَي لَمْ يَرِثْهُ عَنْ عُرُض بَلْ عَنْ قرْب وَاسْتِحْقَاقٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ورِثْتم قَناةَ المُلْك، غيرَ كَلالةٍ، ... عَنِ ابْنَيْ مَنافٍ: عبدِ شمسٍ وَهَاشِمِ
ابْنُ الأَعرابي: الكَلالةُ بَنُو الْعَمِّ الأَباعد. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: مَالِي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالة مُتَرَاخٍ نسبُهم؛ وَيُقَالُ: هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تكَلَّله النسبُ أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه مِنْ جِهَةِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا أَحد، فَسُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً
(الْآيَةَ) ؛ وَاخْتَلَفَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ الكَلالة فَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه قَالَ: الكَلالة كُلُّ مَنْ لَمْ يرِثه وَلَدٌ أَو أَب أَو أَخ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَخفش: وَقَالَ الْفَرَّاءُ الكَلالة مِنَ الْقَرَابَةِ مَا خلا الوالد والولد، سموا كَلالة لِاسْتِدَارَتِهِمْ بِنَسَبِ الْمَيِّتِ الأَقرب، فالأَقرب مِنْ تكَلله النَّسَبُ إِذا اسْتَدَارَ بِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ الكَلالة مَنْ سَقَطَ عَنْهُ طَرَفاه، وَهُمَا أَبوه وَوَلَدُهُ، فَصَارَ كَلًّا وكَلالة أَي عِيالًا عَلَى الأَصل، يَقُولُ: سَقَطَ مِنَ الطَّرَفين فَصَارَ عِيالًا عَلَيْهِمْ؛ قَالَ: كَتَبْتُهُ حِفْظًا عَنْهُ؛
قَالَ الأَزهري: وَحَدِيثُ جَابِرٍ يُفَسِّرُ لَكَ الكَلالة وأَنه الوارِث لأَنه يَقُولُ مَرِضْت مَرَضًا أَشفيت مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فأَتيت النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِني رَجُلٌ ليس يرثني إِلا كَلالةٌ
؛ أَراد أَنه لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ، فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الكَلالة فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحدهما قَوْلُهُ: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
؛ فَقَوْلُهُ يُورَثُ مِنْ وُرِث يُورَث لَا مِنْ أُورِث يُورَث، وَنَصَبَ كَلالة عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى أَن مَنْ مَاتَ رَجُلًا أَو امرأَة فِي حَالِ تكَلُّلِه نَسَبَ ورثِته أَي لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ وَلَهُ أَخ أَو أُخت مِنْ أُم فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَجَعَلَ الميت هاهنا كَلالة وَهُوَ المورِّث، وَهُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْوَارِثُ: فَكُلُّ مَن مَاتَ وَلَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ فَهَوَ كلالةُ ورثتِه، وكلُّ وَارِثٍ لَيْسَ بِوَالِدٍ

(11/592)


لِلْمَيِّتِ وَلَا ولدٍ لَهُ فَهُوَ كلالةُ مَوْرُوثِه، وَهَذَا مُشْتَقٌّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ مُوَافِقٌ لِلتَّنْزِيلِ والسُّنة، وَيَجِبُ عَلَى أَهل الْعِلْمِ مَعْرِفَتُهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْهُ؛ وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الكَلالة قَوْلُهُ: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ
(الْآيَةَ) ؛ فَجَعَلَ الكَلالة هَاهُنَا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم، فَجَعَلَ للأُخت الْوَاحِدَةِ نصفَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ، وللأُختين الثُّلُثَيْنِ، وللإِخوة والأَخوات جَمِيعَ الْمَالِ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثيين، وَجَعَلَ للأَخ والأُخت مِنَ الأُم، فِي الْآيَةِ الأُولى، الثُّلُثَ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَبَيَّنَ بسِياق الْآيَتَيْنِ أَن الكَلالة تَشْتَمِلُ عَلَى الإِخوة للأُم مرَّة، وَمَرَّةً عَلَى الإِخوة والأَخوات للأَب والأُم؛ وَدَلَّ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنَّ الأَب لَيْسَ بكَلالة، وأَنَّ سَائِرَ الأَولياء مِنَ العَصَبة بَعْدَ الْوَلَدِ كَلالة؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى لَهُ، ... ومَوْلَى الكَلالة لَا يغضَب
أَراد: أَن أَبا الْمَرْءِ أَغضب لَهُ إِذا ظُلِم، وَمَوَالِي الْكَلَالَةِ، وَهُمُ الإِخوة والأَعمام وَبَنُو الأَعمام وَسَائِرُ الْقِرَابَاتِ، لَا يغضَبون لِلْمَرْءِ غَضَب الأَب. ابن الْجَرَّاحِ: إِذا لَمْ يَكُنِ ابْنُ الْعَمِّ لَحًّا وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَشِيرَةِ قَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمِّي الكَلالةُ وابنُ عَمِّ كَلالةٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلالة، فَافْهَمْهُ؛ قَالَ: وَقَدْ فسَّرت لَكَ مِنْ آيَتَيِ الكَلالة وإِعرابهما مَا تَشْتَفِي بِهِ ويُزيل اللَّبْسَ عَنْكَ، فَتَدَبَّرْهُ تَجِدْهُ كَذَلِكَ؛ قَالَ: قَدْ ثَبَّجَ اللَّيْثُ مَا فَسَّرَهُ مِنَ الكَلالة فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْمُرَادَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اعْلَمْ أَن الكَلالة فِي الأَصل هِيَ مَصْدَرُ كَلَّ الميتُ يَكِلُّ كَلًّا وكَلالة، فَهُوَ كَلٌّ إِذا لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا يرِثانه، هَذَا أَصلها، قَالَ: ثُمَّ قَدْ تَقَعُ الكَلالة عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الحدَث، فَتَكُونُ اسْمًا لِلْمَيِّتِ المَوْروث، وإِن كَانَتْ فِي الأَصل اسْمًا للحَدَث عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ أَي مَخْلُوقُ اللَّهِ؛ قَالَ: وَجَازَ أَن تَكُونَ اسْمًا لِلْوَارِثِ عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ عَدْل أَي عَادِلٌ، وماءٌ غَوْر أَي غَائِرٌ؛ قَالَ: والأَول هُوَ اخْتِيَارُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَن الكَلالة اسْمٌ لِلْمَوْرُوثِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ جاء التَّفْسِيرِ فِي الْآيَةِ: إِن الكَلالة الَّذِي لَمْ يخلِّف وَلَدًا وَلَا وَالِدًا، فإِذا جَعَلْتَهَا لِلْمَيِّتِ كَانَ انْتِصَابُهَا فِي الْآيَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ تَقْدِيرُهُ: وإِن كَانَ الْمَوْرُوثُ كَلالةً أَي كَلًّا لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَكُونَ انْتِصَابُهَا عَلَى الْحَالِ من الضمير في يُورَث أَي يورَث وَهُوَ كَلالة، وَتَكُونُ كَانَ هِيَ التَّامَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً إِلى خَبَرٍ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن تَكُونَ النَّاقِصَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَوْفِيُّ لأَن خَبَرَهَا لَا يَكُونُ إِلا الكَلالة، وَلَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ يورَث، وَالتَّقْدِيرُ إِن وقَع أَو حضَر رَجُلٌ يَمُوتُ كَلالة أَي يورَث وَهُوَ كَلالة أَي كَلّ، وإِن جَعَلْتَهَا للحدَث دُونَ الْعَيْنِ جَازَ انْتِصَابُهَا عَلَى ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يَكُونَ انْتِصَابُهَا عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ يورَث وِراثة كَلالةٍ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ورِثْتُم قَناة المُلْك لَا عَنْ كَلالةٍ
أَي وَرِثْتُمُوهَا وِراثة قُرْب لَا وِراثة بُعْد؛ وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْل:
وَمَا سَوَّدَتْني عامِرٌ عَنْ كَلالةٍ، ... أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ وَلَا أَب
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ ابْنُ عَمٍّ كَلالةً أَي بَعِيدَ النِّسَبِ،

(11/593)


فإِذا أَرادوا القُرْب قَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمٍّ دِنْيَةً، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن تَكُونَ الكَلالة مَصْدَرًا وَاقِعًا مَوْقِعَ الْحَالِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: جَاءَ زَيْدٌ رَكْضاً أَي راكِضاً، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي دِنيةً أَي دَانِيًا، وَابْنُ عَمِّي كَلالةً أَي بَعِيدًا فِي النسَب، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، تَقْدِيرُهُ وإِن كَانَ المَوْروث ذَا كَلالة؛ قَالَ: فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوجه فِي نَصْبِ الْكَلَالَةِ: أَحدها أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ، الثَّانِي أَن تَكُونَ حَالًا، الثَّالِثُ أَن تَكُونَ مَصْدَرًا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، الرَّابِعُ أَن تَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، الْخَامِسُ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَهل الْبَصْرَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِاللُّغَةِ، أَعني أَن الكَلالة اسْمٌ لِلْمَوْرُوثِ دُونَ الْوَارِثِ، قَالَ: وَقَدْ أَجاز قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ، وَهُمْ أَهل الْكُوفَةِ، أَن تَكُونَ الكَلالة اسْمًا للوارِث، واحتجُّوا فِي ذَلِكَ بأَشياء مِنْهَا قِرَاءَةُ
الْحَسَنِ: وإِن كان رجل يُورِث كَلالةً
، بِكَسْرِ الرَّاءِ، فالكَلالة عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ القِراءة هِيَ ورثةُ الْمَيِّتِ، وَهُمُ الإِخوة للأُم، واحتجُّوا أَيضاً بِقَوْلِ
جَابِرٍ إِنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنما يرِثني كَلالة
، وإِذا ثَبَتَ حُجَّةُ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ انْتِصَابُ كَلالة أَيضاً عَلَى مِثْلِ مَا انْتَصَبَتْ فِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ مِنَ الْوَجْهِ الأَول، وَهُوَ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ وَيُقَدَّرُ حَذْفُ مُضَافٍ لِيَكُونَ الثَّانِي هُوَ الأَول، تَقْدِيرُهُ: وإِن كَانَ رَجُلٌ يورِث ذَا كَلالة، كَمَا تَقُولُ ذَا قَرابةٍ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا جعلتَه حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُورِثُ تَقْدِيرُهُ ذَا كَلالةٍ، قَالَ: وَذَهَبَ ابْنُ جِنِّي فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ
يُورِث كَلالة
ويورِّث كَلالة
أَن مَفْعُولَيْ يُورِث ويُوَرِّث مَحْذُوفَانِ أَي يُورِث وارثَه مالَه، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَبْقَى كَلالة عَلَى حَالِهِ الأُولى الَّتِي ذَكَرْتُهَا، فَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى خَبَرِ كَانَ أَو عَلَى الْمَصْدَرِ، وَيَكُونُ الكَلالة للمَوْروث لَا لِلْوَارِثِ؛ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَن الكَلالة مَصْدَرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَوْرُوثِ، وَالْمَصْدَرُ قَدْ يَقَعُ لِلْفَاعِلِ تَارَةً وَلِلْمَفْعُولِ أُخرى، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَب وَالِابْنُ طرَفان لِلرَّجُلِ فإِذا مَاتَ وَلَمْ يخلِّفهما فَقَدْ مَاتَ عَنْ ذَهَابِ طَرَفَيْه، فَسُمِّيَ ذَهَابُ الطرَفين كَلالة، وَقِيلَ: كُلُّ مَا احْتَفَّ بِالشَّيْءِ مِنْ جَوَانِبِهِ فَهُوَ إِكْلِيل، وَبِهِ سُمِّيَتْ، لأَن الوُرَّاث يُحيطون بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. والكَلُّ: الْيَتِيمُ؛ قَالَ:
أَكُولٌ لِمَالِ الكَلِّ قَبْلَ شَبابِه، ... إِذا كَانَ عَظْمُ الكَلِّ غيرَ شَديد
والكَلُّ: الَّذِي هُوَ عِيال وثِقْل عَلَى صَاحِبِهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
، أَي عِيال. وأَصبح فُلَانٌ مُكِلًّا إِذا صَارَ ذَوُو قَرابته كَلًّا عَلَيْهِ أَي عِيالًا. وأَصبحت مُكِلًّا أَي ذَا قراباتٍ وَهُمْ عليَّ عِيَالٌ. والكالُّ: المُعْيي، وَقَدْ كَلَّ يَكِلُّ كَلالًا وكَلالةً. والكَلُّ: العَيِّل والثِّقْل، الذكَر والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى الكُلول فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، كَلَّ يَكِلُّ كُلولًا. وَرَجُلٌ كَلٌّ: ثَقِيلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الكَلُّ الصَّنَمُ، والكَلُّ الثقيلُ الرُّوحِ مِنَ النَّاسِ، والكَلُّ الْيَتِيمُ، والكَلُّ الوَكِيل. وكَلَّ الرَّجُلُ إِذا تعِب. وكَلَّ إِذا توكَّل؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي أَراد ابنُ الأَعرابي بِقَوْلِهِ الكلُّ الصنَم قَوْلَهُ تَعَالَى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً؛ ضَرَبَهُ مَثَلًا للصَّنَم الَّذِي عبدُوه وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ يَسْتَوِي هَذَا الصَّنَم الكَلُّ وَمَنْ يأْمر بِالْعَدْلِ، اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ كأَنه قَالَ: لَا تسوُّوا بَيْنَ الصَّنَمِ الكَلِّ وَبَيْنَ

(11/594)


الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
: هُوَ أُسيد بْنُ أَبي الْعِيصِ وَهُوَ الأَبْكم، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ ورأْس الكَلّ رَئِيسُ الْيَهُودِ. الْجَوْهَرِيُّ: الكَلُّ العِيال والثِّقْل. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ: كَلَّا إِنَّك لَتَحْمِل الكَلَ
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ: الثِّقْل مِنْ كُلِّ مَا يُتكلَّف. والكَلُّ: العِيال؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ تَرك كَلًّا فَإِلَيَّ وعليَّ.
وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: وَلَا يُوكَل كَلُّكم
أَي لَا يوكَل إِليكم عِيالكم وَمَا لَمْ تُطِيقُوهُ، ويُروى:
أُكْلُكم
أَي لَا يُفْتات عَلَيْكُمْ مَالُكُمْ. وكَلَّلَ الرجلُ: ذَهَبَ وَتَرَكَ أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ. وكَلَّلَ عَنِ الأَمر: أَحْجَم. وكَلَّلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ وكَلَّلَ السبعُ: حَمَلَ. ابْنُ الأَعرابي: والكِلَّة أَيضاً حالُ الإِنسان، وَهِيَ البِكْلَة؛ يُقَالُ: بَاتَ فُلَانٌ بكِلَّة سُوءٍ أَي بِحَالِ سُوءٍ قَالَ: والكِلَّة مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَيْفٌ كَلِيل بَيِّنُ الكِلَّة. وَيُقَالُ: ثقُل سَمْعُهُ وكَلَّ بَصَرُهُ وذَرَأَ سِنُّه. والمُكَلِّل: الجادُّ، يُقَالُ: حَمَل وكَلَّلَ أَي مَضَى قُدُماً وَلَمْ يَخِم؛ وأَنشد الأَصمعي:
حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عَنْهُ فقَضَبْ، ... تَكْلِيلَةَ اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ كَلَّلَ بِمَعْنَى جَبُن، يُقَالُ: حَمَلَ فَمَا كَلَّلَ أَي فَمَا كذَب وَمَا جبُن كأَنه مِنَ الأَضداد؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لجَهْم بْنِ سَبَل:
وَلَا أُكَلِّلُ عَنْ حَرْبٍ مُجَلِّحةٍ، ... وَلَا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه يُقَالُ: إِن الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّلُ، وإِن النَّمِرَ يُكَلِّلُ وَلَا يُهَلِّل، قال: والمُكَلِّل الَّذِي يحمِل فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يقَع بقِرْنه، والمُهَلِّل يَحْمِلُ عَلَى قِرْنه ثُمَّ يُحْجِم فَيَرْجِعُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
بَكَرَتْ تَلُومُ، وأَمْسِ مَا كَلَّلْتها، ... وَلَقَدْ ضَلَلْت بِذَاكَ أَيَّ ضَلَالِ
ما: صِلة، كَلَّلْتها: أَدْعَصْتها. يُقَالُ: كَلَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا أَي لَمْ يُطِعه. وكَلَلْتُه بِالْحِجَارَةِ أَي عَلَوْتُهُ بِهَا؛ وقال:
وفرحه بِحَصَى المَعْزاءِ مَكْلولُ «4»
. والكُلَّة: الصَّوْقَعة، وَهِيَ صُوفة حَمْرَاءُ فِي رأْس الهَوْدَج. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ تَقْصِيص القُبور وتَكْلِيلها
؛ قِيلَ: التّكْلِيل رفعُها تُبْنَى مِثْلَ الكِلَل، وَهِيَ الصَّوامع والقِباب الَّتِي تُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب الكِلَّة عَلَيْهَا وَهِيَ سِتْر مربَّع يضرَب عَلَى الْقُبُورِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكِلَّة مِنَ السُّتور مَا خِيطَ فَصَارَ كَالْبَيْتِ؛ وأَنشد «5» :
مِنْ كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرامُها
والكِلَّة: السِّتر الرَّقِيقُ يُخاط كَالْبَيْتِ يُتَوَقّى فِيهِ مِنَ البَقِّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الكِلَّة السِّتر الرَّقِيقُ، قَالَ: والكِلَّة غشاءٌ مِنْ ثَوْبٍ رَقِيقٍ يُتوقَّى بِهِ مِنَ البَعُوض. والإِكْلِيل: شِبْهُ عِصابة مزيَّنة بِالْجَوَاهِرِ، وَالْجَمْعُ أَكالِيل عَلَى الْقِيَاسِ، وَيُسَمَّى التَّاجُ إِكْلِيلًا. وكَلَّلَه أَي أَلبسه الإِكْلِيل؛ فأَما قَوْلُهُ «6» أَنشده ابْنُ جِنِّي:
قَدْ دَنا الفِصْحُ، فالْوَلائدُ يَنْظِمْنَ ... سِراعاً أَكِلَّةَ المَرْجانِ
__________
(4) . قوله [وفرحه إلخ] هكذا في الأَصل
(5) . لبيد في معلقته
(6) . البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة

(11/595)


فَهَذَا جَمْعُ إِكْلِيل، فَلَمَّا حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَبَقِيَتِ الْكَافُ سَاكِنَةً فُتِحَتْ، فَصَارَتْ إِلى كَلِيلٍ كَدَلِيلٍ فَجُمِعَ عَلَى أَكِلَّة كأَدِلَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه
؛ هِيَ جَمْعُ إِكْلِيل، قَالَ: وَهُوَ شِبْهُ عِصابة مزيَّنة بالجَوْهَر، فجعلتْ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكالِيلَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ؛ قَالَ: وَقِيلَ أَرادتْ نَوَاحِيَ وَجْهِهِ وَمَا أَحاط بِهِ إِلى الجَبِين مِنَ التَّكَلُّل، وَهُوَ الإِحاطة ولأَنَّ الإِكْلِيل يُجْعَلُ كالحَلْقة وَيُوضَعُ هُنَالِكَ عَلَى أَعلى الرأْس. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَنَظَرْتُ إِلى الْمَدِينَةِ وإِنها لَفِي مثْل الإِكْلِيل
؛ يُرِيدُ أَن الغَيْم تَقَشَّع عَنْهَا وَاسْتَدَارَ بِآفَاقِهَا. والإِكْلِيل: منزِل مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَهُوَ أَربعة أَنجُم مصطفَّة. قَالَ الأَزهري: الإِكْلِيل رأْس بُرْج الْعَقْرَبِ، ورقيبُ الثُّرَيَّا مِنَ الأَنْواء هُوَ الإِكْلِيل، لأَنه يطلُع بِغُيُوبها. والإِكْلِيل: مَا أَحاط بالظُّفُر مِنَ اللَّحْمِ. وتَكَلَّله الشيءُ: أَحاط بِهِ. وَرَوْضَةٌ مُكَلَّلة: مَحْفُوفَةٌ بالنَّوْر. وَغَمَامٌ مُكَلَّل: مَحْفُوفٌ بقِطَع مِنَ السَّحَابِ كأَنه مُكَلَّل بهنَّ. وانْكَلَّ الرجلُ: ضَحِكَ. وانْكَلَّت المرأَة فَهِيَ تَنْكَلُّ انْكِلالًا إِذا مَا تبسَّمت؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
وتَنْكَلُّ عَنْ عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه، ... لَهُ أُشُرٌ كالأُقْحُوان المُنَوِّر
وانْكَلَّ الرَّجُلُ انْكِلالًا: تبسَّم؛ قَالَ الأَعشى:
ويَنْكَلُّ عَنْ غُرٍّ عِذابٍ كأَنها ... جَنى أُقْحُوان، نَبْتُه مُتَناعِم
يُقَالُ: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ، كُلُّ ذَلِكَ تَبْدُو مِنْهُ الأَسنان. وانْكِلال الغَيْم بالبَرْق: هُوَ قَدْرُ مَا يُرِيك سَوَادَ الْغَيْمِ مِنْ بَيَاضِهِ. وانْكَلَّ السَّحَابُ بِالْبَرْقِ إِذا مَا تبسَّم بِالْبَرْقِ. والإِكْلِيل: السحابُ الَّذِي تَرَاهُ كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه. وَسَحَابٌ مُكَلَّل أَي ملمَّع بِالْبَرْقِ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي حَوْلَهُ قِطع مِنَ السَّحَابِ. واكْتَلَّ الغمامُ بِالْبَرْقِ أَي لَمَعَ. وانكَلَّ السَّحَابُ عَنِ الْبَرْقِ واكْتَلَّ: تَبَسَّمَ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَرَضْنا فقُلْنا: إِيهِ سِلْم فسَلَّمتْ ... كَمَا اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَكَلَّلَ فِي الغِماد فأَرْضِ لَيْلَى ... ثَلَاثًا، مَا أَبين لَهُ انْفِراجَا
قِيلَ: تَكَلَّل تَبَسَّمَ بِالْبَرْقِ، وَقِيلَ: تنطَّق وَاسْتَدَارَ. وانكلَّ البرقُ نَفْسُهُ: لَمَعَ لَمَعًا خَفِيفًا. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي عَمْرٍو: الْغَمَامُ المُكَلَّل هُوَ السَّحَابَةُ يَكُونُ حَوْلَهَا قِطَع مِنَ السَّحَابِ فَهِيَ مكَلَّلة بهنَّ؛ وأَنشد غَيْرُهُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه، ... كَلَمْع اليَدَيْن فِي حَبيٍّ مُكَلَّلِ
وإِكْلِيل المَلِك: نَبْتٌ يُتداوَى بِهِ. والكَلْكَل والكَلْكال: الصَّدْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْن، وَقِيلَ: هُوَ بَاطِنُ الزَّوْرِ؛ قَالَ:
أَقول، إِذْ خَرَّتْ عَلَى الكَلْكَالِ

(11/596)


قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ مُشَدَّدًا؛ وَقَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
كأَنَّ مَهْواها، عَلَى الكَلْكَلِّ، ... موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ موقِعُ كفَّيْ رَاهِبٍ، لأَن بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الكَلْكَلِّ:
ومَوْقِفاً مِنْ ثَفِناتٍ زُلِ
قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ الكَلْكَل، وإِنما جَاءَ الكَلْكَال فِي الشِّعْرِ ضَرُورَةً فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قلتُ، وَقَدْ خرَّت عَلَى الكَلْكَالِ: ... يَا ناقَتي، مَا جُلْتِ مِنْ مَجَالِ «1»
. والكَلْكَل مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ مَحْزِمه إِلى مَا مسَّ الأَرض مِنْهُ إِذا رَبَضَ؛ وَقَدْ يُسْتَعَارُ الكَلْكَل لِمَا لَيْسَ بِجِسْمٍ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي صِفَةِ لَيْل:
فقلتُ لَهُ لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه، ... وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل «2»
. وَقَالَتْ أَعرابية تَرْثي ابْنَهَا:
أَلْقَى عَلَيْهِ الدهرُ كَلْكَلَهُ، ... مَنْ ذَا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟
فَجَعَلَتْ لِلدَّهْرِ كَلْكَلًا؛ وَقَوْلُهُ:
مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مَعَ السُّرَى، ... حَتَّى ذَهَبْنَ كَلاكلًا وصُدوراً
وَضَعَ الأَسماء مَوْضِعَ الظُّرُوفِ كَقَوْلِهِ ذَهَبْنَ قُدُماً وأُخُراً. وَرَجُلٌ كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وَقِيلَ: الكُلْكُل والكُلاكِل، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ، والأُنثى كُلْكُلَة وكُلاكِلة، والكَلاكِل الْجَمَاعَاتُ كالكَراكِر؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
حَتَّى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا
الْفَرَّاءُ: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل. وَيُقَالُ: ذِئْبٌ مُكِلّ قَدْ وَضَعَ كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ. وذِئب كَلِيل: لَا يَعْدُو عَلَى أَحد. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه دُخِل عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَبِأَمْرك هَذَا؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ
أَي بَعْضُهُ عَنْ أَمري وَبَعْضُهُ بِغَيْرِ أَمري؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَوْضِعُ كُلّ الإِحاطة بِالْجَمِيعِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْبَعْضِ قَالَ: وَعَلَيْهِ حُمِل قولُ عُثْمَانَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قالتْ لَهُ، وقولُها مَرْعِيُّ: ... إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،
وكُلُّ ذَاكَ يَفْعَل الوَصِيُ
أَي قَدْ يفعَل وَقَدْ لَا يفعَل. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وكَلّا حَرْفُ رَدْع وزَجْر؛ وَقَدْ تأْتي بِمَعْنَى لَا كَقَوْلِ الْجَعْدِيِّ:
فقلْنا لَهُمْ: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها ... فَقَالُوا لَنَا: كَلَّا فقلْنا لَهُمْ: بَلى
فكَلَّا هُنَا بِمَعْنَى لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَقُلْنَا لَهُمْ بَلَى، وبَلى لَا تأْتي إِلا بَعْدَ نَفْيٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ أَيضاً:
قُرَيْش جِهازُ النَّاسِ حَيّاً ومَيِّتاً، ... فَمَنْ قَالَ كَلَّا، فالمُكذِّب أَكْذَبُ
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا
. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فَقَالَ أَعرابي: كَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَلَّا رَدْع فِي الْكَلَامِ
__________
(1) . في الصفحة السابقة: أقول إذ خَرَّت إلخ
(2) . في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه

(11/597)


وَتَنْبِيهٌ وَمَعْنَاهَا انْتَهِ لَا تَفْعَلْ، إِلا أَنها آكَدُ فِي النَّفْيِ والرَّدْع مِنْ لَا، لِزِيَادَةِ الْكَافِ؛ وَقَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى حَقّاً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
؛ والظُّلَل: السَّحاب.
كمل: الكَمَال: التَّمام، وَقِيلَ: التَّمام الَّذِي تَجَزَّأَ مِنْهُ أَجزاؤه، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: كَمَلَ الشَّيْءُ يَكْمُل، وكَمِلَ وكَمُلَ كَمَالًا وكُمولًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْكَسْرُ أَرْدَؤُها. وَشَيْءٌ كَمِيل: كامِل، جاؤوا بِهِ عَلَى كَمُلَ؛ وأَنشد سيبويه:
على أَنه بعد ما قَدْ مَضَى ... ثَلَاثُونَ للهَجْر حَوْلًا كَميلا
وتَكَمَّل: ككَمَل. وتَكَامَلَ الشَّيْءُ وأَكْمَلْته أَنا وأَكْمَلْت الشَّيْءَ أَي أَجْمَلْتُه وأَتممته، وأَكْمَلَه هُوَ واسْتَكْمَلَه وكَمَّلَه: أَتَمَّه وجَمَلَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فقُرَى العِراق مَقِيلُ يومٍ واحدٍ، ... والبَصْرَتان وواسِط تَكْمِيلُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَراد كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يُسار فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وأَراد بِالْبَصْرَتَيْنِ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ. وأَعطاه الْمَالَ كَمَلًا أَي كامِلًا؛ هَكَذَا يُتَكَلَّمُ بِهِ فِي الْجَمِيعِ والوُحْدَان سَوَاءً، وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا نَعْتٍ إِنما هُوَ كَقَوْلِكَ أَعطيته كُلَّه، وَيُقَالُ: لَكَ نصفُه وَبَعْضُهُ وكَماله، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
(الْآيَةَ) ؛ وَمَعْنَاهُ، وَاللَّهٌ أَعلم: الْآنَ أَكْمَلتُ لَكُمُ الدِّين بأَنْ كَفَيْتُكُمْ خَوْفَ عدوِّكم وأَظْهَرْتكم عَلَيْهِمْ، كَمَا تَقُولُ الْآنَ كَمُلَ لَنَا المُلْك وكَمُلَ لَنَا مَا نُرِيدُ بأَن كُفينا مَنْ كنَّا نَخَافُهُ، وَقِيلَ: أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينكم أَي أَكْملتُ لَكُمْ فَوْقَ مَا تَحْتَاجُونَ إِليه فِي دِينِكم، وَذَلِكَ جَائِزٌ حسَن، فأَما أَن يَكُونَ دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوقات غَيْرَ كامِل فَلَا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَبي إِسحق وَهُوَ الزُّجَّاجُ، وَهُوَ حسَن، وَيَجُوزُ لِلشَّاعِرِ أَن يَجْعَلَ الْكَامِلَ كَمِيلًا؛ وأَنشد:
ثَلَاثُونَ للهَجْر حَوْلًا كَمِيلا
والتَّكْمِلاتُ فِي حِساب الوَصايا: مَعْرُوفٌ. وَيُقَالُ: كَمَّلْت لَهُ عَدَدَ حقِّه ووَفاء حَقِّهِ تَكْميلًا وتَكمِلَة، فَهُوَ مُكَمَّل. وَيُقَالُ: هَذَا المكمِّل عِشْرِينَ والمكمِّل مِائَةً والمُكَمِّل أَلفاً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فكَمَّلَت مِائَةً فِيهَا حَمامَتُها، ... وأَسرعتْ حِسْبةً فِي ذَلِكَ العَدَدِ
وَرَجُلٌ كامِل وَقَوْمٌ كَمَلَة: مِثْلُ حافِد وحَفَدة. وَيُقَالُ: أَعطه هَذَا الْمَالَ كَمَلًا أَي كلَّه. والتَّكمِيل والإِكْمال: التَّمَامُ. واسْتَكْمَلَه: استَتَمَّه؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ حُمَيْدٍ:
حَتَّى إِذا مَا حاجِبُ الشَّمْسِ دَمَجْ، ... تَذَكَّرَ البِيضَ بكُمْلول فَلَجْ
قَالَ: مَنْ نَوَّن الكُمْلول قَالَ هُوَ مَفازة، وفَلَج: يُرِيدُ لَجَّ فِي السَّيْرِ، وإِنما تُرِكَ التَّشْدِيدُ لِلْقَافِيَةِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الكُمْلُول نَبْتٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرْغَسْت؛ حَكَاهُ أَبو تُرَابٍ فِي كِتَابِ الاعتِقاب، وَمَنْ أَضاف قَالَ: فَلْج نَهْرٍ صَغِيرٍ. والكَامِل مِنْ شُطُورِ العَروض: مَعْرُوفٌ وأَصله مُتَفَاعِلُنْ سِتُّ مَرَّاتٍ، سُمِّيَ كَامِلًا لأَنه استكمَل عَلَى أَصله فِي الدَّائِرَةِ. وَقَالَ أَبو إِسحق: سُمِّيَ كامِلًا لأَنه كَمُلَت أَجزاؤه وَحَرَكَاتُهُ، وَكَانَ أَكْمَل مِنَ الوافِر،

(11/598)


لأَن الوافِر تَوَفَّرتْ حَرَكَاتُهُ وَنَقَصَتْ أَجزاؤه. وَقَالَ. ابْنُ الأَعرابي: المِكْمَل الرَّجُلُ الكامِل لِلْخَيْرِ أَو الشَّرِّ. والكامِلِيَّةُ مِنَ الرَّوافِض: شَرُّ جِيلٍ. وكامِل: اسْمُ فَرَسٍ سَابِقٍ لِبَنِي امْرِئِ الْقَيْسِ، وَقِيلَ: كَانَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ. وكامِل أَيضاً: فَرَسُ زَيْدِ الْخَيْلِ؛ وإِياه عَنَى بِقَوْلِهِ:
مَا زلتُ أَرميهم بثُغْرة كَامِل
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كامِل اسْمُ فَرَسُ زَيْدِ الْفَوَارِسِ الضَّبِّي؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْعَائِفُ الضَّبِّيّ:
نِعْمَ الْفَوَارِسُ، يَوْمَ جَيْشِ مُحَرِّقٍ، ... لَحِقوا وَهُمْ يُدْعَوْن يالَ ضِرارِ
زيدُ الفوارِس كَرَّ وَابْنَا مُنْذِرٍ، ... والخيلُ يَطْعُنُها بَنُو الأَحْرارِ
يَرْمي بِغُرَّةِ كامِلٍ وبنَحْره، ... خَطَرَ النُّفوس وأَيّ حِين خِطارِ
وكَامِل أَيضاً: فَرَسٌ للرُّقَاد بْنِ المُنْذِر الضَّبِّيّ. وكَمْلٌ وكَامِلٌ ومُكَمَّل وكُمَيْل وكُمَيْلة، كلها: أَسماء.
كمتل: كُمْتَل وكُمَاتِل وكُمْتُر وكُماتِر: صُلْب شديد.
كمثل: الكَمَيْثَل: الْقَصِيرُ. وَرَجُلٌ كَمْثَل وكُماثِل: صُلْب شَدِيدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ نَاقَةٌ مُكَمْثَلة الخلْقِ إِذا كَانَتْ مُداخَلة مجتمِعة.
كمهل: التَّهْذِيبُ: كَمْهَلْت الْحَدِيثَ أَي أَخْفيته وعمَّيْته. ابْنُ الأَعرابي: كَمْهَل إِذا جَمَعَ ثِيَابَهُ وحزَمها لِلسَّفَرِ. وكَمْهَل فُلَانٌ عَلَيْنَا: مَنَعَنَا حَقَّنا. وَفِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْت الْمَالَ كَمْهَلة وحَبْكَرْته حَبْكرة ودَبْكَلْتُه دَبْكَلة وحَبْحَبْتُه حَبْحَبة وزَمْزَمْته زَمْزَمة وصَرْصَرْته وكَرْكَرْته إِذا جَمَعْتَهُ وردَدْت أَطراف مَا انْتَشَرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَبْكَبْتُه.
كنبل: رَجُلٌ كُنْبُل وكُنابِل: شَدِيدٌ صُلْب. وكُنابِيل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
كنثل: الكُنْثال «1» : الْقَصِيرُ؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
كندل: الكَنْدَلى: شَجَرٌ يُدْبَغ بِهِ، وَهُوَ مِنْ دِباغ السِّنْد، وَدِبَاغُهُ يَجيء أَحمر؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ الكَنْدَلاءُ فمَدَّ، قَالَ: وماءُ الْبَحْرِ عدُوُّ كُلِّ شَجَرٍ إِلا الكَنْدَلاءَ والقُرْمَ، والقُرْمُ مَذْكُورٌ فِي موضعه.
كنعل: الأَزهري: الكَنْعَلَةُ فِي العَدْو الثقيلُ منه.
كنفل: رجلٌ كَنْفَلِيلُ اللِّحْية: ضَخْمُها. ولِحية كَنْفَلِيلة: ضَخْمَةٌ جافِية.
كنهل: كَنْهَلٌ وكِنْهِلٌ: مَوْضِعٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
طَوَى البَينُ أَسبابَ الوِصال، وحاوَلَتْ ... بكِنْهِل أَقْران الهَوى أَنْ تُجَذَّما
الأَزهري: كِنْهِل مَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ مَعْرُوفٌ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثوم:
فجَلَّلَها الجِيادَ بكِنْهِلاء
__________
(1) . قوله [الكنثال] هكذا في الأصل بالثاء المثلثة مضبوطاً، وفي الصحاح في مادة كتل بالتاء المثناة: وَالْكُنْتَأْلُ، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ؛ وَالنُّونُ زائدة. وفي القاموس: الكنتأل كجردحل القصير. انتهى. أي بالمثناة

(11/599)


كنهدل: كَنَهْدَلٌ: صُلب شَدِيدٌ.
كهل: الكَهْلُ: الرَّجُلُ إِذا وَخَطه الشَّيْبُ ورأَيت لَهُ بَجالةً، وَفِي الصِّحَاحِ: الكَهْلُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي جاوَز الثَلَاثِينَ ووَخَطَه الشيبُ. وَفِي فَضْلِ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَذَانِ سيِّدا كُهول الْجَنَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: كُهولِ الأَوَّلين والآخِرين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَهْلُ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً إِلى الأَربعين، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ إِلى تَمَامِ الْخَمْسِينَ؛ وَقَدِ اكْتَهَلَ الرجلُ وكَاهَلَ إِذا بَلَغَ الكُهولة فَصَارَ كَهْلًا، وَقِيلَ: أَراد بالكَهْلِ هاهنا الحليمَ العاقلَ أَي أَن اللَّهَ يدخِل أَهلَ الجنةِ الجنةَ حُلماءَ عُقَلاءَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَقِيلَ هُوَ مِنْ أَربع وَثَلَاثِينَ إِلى إِحدى وَخَمْسِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد ومُكَلِّماً النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وكَهْلًا؛ وَالْعَرَبُ تَضَع يَفْعَلُ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ إِذا كَانَا فِي مَعْطُوفَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
بِتُّ أُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ، ... يَقْصِدُ فِي أَسْوُقِها، وجائِرِ
أَراد قاصِدٍ فِي أَسوُقها وجائرٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِنه عَطَفَ الكَهْل عَلَى الصِّفَةِ، أَراد بِقَوْلِهِ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وكَهْلًا
، فردَّ الكَهْلَ عَلَى الصِّفَةِ كَمَا قَالَ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً؛ رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِيسَى آيَتَيْنِ: تَكْلِيمَهُ النَّاسَ فِي المَهْد فَهَذِهِ مُعْجِزَةٌ، والأُخْرى نُزُولُهُ إِلى الأَرض عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ كَهْلًا ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً يكلِّم أُمة مُحَمَّدٍ فَهَذِهِ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِذا بَلَغَ الْخَمْسِينَ فإِنه يُقَالُ لَهُ كَهْل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
هَلْ كَهْل خَمْسين، إِنْ شاقَتْه مَنْزِلةٌ ... مُسَفَّه رأَيُه فِيهَا، ومَسْبوبُ؟
فَجَعَلَهُ كَهْلًا وَقَدْ بَلَغَ الْخَمْسِينَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للغُلام مُراهِق ثُمَّ مُحْتَلم، ثُمَّ يُقَالُ تخرَّج وجهُه «1» ثُمَّ اتَّصلت لِحْيَتُهُ، ثُمَّ مُجْتَمِعٌ ثُمَّ كَهْلٌ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لَهُ كَهْل حينئد لِانْتِهَاءِ شَبابه وَكَمَالِ قوَّته، وَالْجَمْعُ كَهْلُونَ وكُهُولٌ وكِهال وكُهْلانٌ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادة:
وَكَيْفَ تُرَجِّيها، وَقَدْ حَالَ دُونها ... بَنُو أَسَدٍ، كُهْلانُها وشَبابُها؟
وكُهَّل؛ قَالَ: وأَراها عَلَى توهُّم كاهِل، والأُنثى كَهْلَة مِنْ نِسْوَةٍ كَهْلاتٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لأَنه صِفَةٌ، وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ عَنْ أَبي حَاتِمٍ تَحْرِيكُ الْهَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ النَّحْوِيُّونَ فِيمَا شذَّ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: قَلَّمَا يُقَالُ للمرأَة كَهْلَةٌ مُفْرَدَةٌ حَتَّى يُزَوِّجُوها بشَهْلة، يَقُولُونَ شَهْلةٌ كَهْلةٌ. غَيْرُهُ: رَجُلٌ كَهْل وامرأَة كَهْلة إِذا انْتَهَى شبابُهما، وَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِكْمَالِهِمَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ امرأَة كَهْلة وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَهَا شَهْلة؛ قَالَ ذَلِكَ الأَصمعي وأَبو عُبَيْدَةَ وَابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا أَعُودُ بَعْدَهَا كَرِيًّا، ... أُمارِسُ الكَهْلَة والصَّبِيَّا،
والعَزَب المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا
واكْتَهَل أَي صَارَ كَهْلًا، وَلَمْ يَقُولُوا كَهَلَ إِلَّا أَنه قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
هل في أَهْلِكَ من كاهِلٍ؟
ويروى:
__________
(1) . قوله [ثُمَّ يُقَالُ تَخَرَّجَ وَجْهُهُ إلى قوله ثم مجتمع] هكذا في الأصل، وعبارته في مادة جمع: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ مُجْتَمِعٌ ثُمَّ كَهْلٌ بعد ذلك

(11/600)


مَنْ كاهَلَ
أَي مَنْ دَخَلَ حدَّ الكُهُولة وَقَدْ تزوَّج، وَقَدْ حَكَى أَبو زَيْدٍ: كاهَلَ الرجلُ تزوَّج. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه سأَل رَجُلًا أَراد الجهادَ مَعَهُ فَقَالَ: هَلْ فِي أَهلِك مِنْ كاهِلٍ؟
يُرْوَى بِكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَنه اسْمٌ، وَيُرْوَى
مَنْ كَاهَلَ
بِفَتْحِ الْهَاءِ عَلَى أَنه فِعْل، بِوَزْنِ ضارِبٍ وضارَبَ، وَهُمَا مِنَ الكُهُولة؛ يَقُولُ: هَلْ فِيهِمْ مَنْ أَسَنَّ وَصَارَ كَهْلًا؟ وَذُكِرَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه ردَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ هَذَا التَّفْسِيرَ وَزَعَمَ أَنه خطأٌ، قَدْ يخلُف الرجلُ الرجلَ فِي أَهله كَهْلًا وَغَيْرَ كَهْلٍ، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ مسأَلة أَن الرَّجُلَ الَّذِي يخلُف الرجلَ فِي أَهله يُقَالُ لَهُ الكاهِن، وَقَدْ كَهَنَ يَكْهَن كُهُوناً، قَالَ: وَلَا يَخْلُو هَذَا الْحَرْفُ مِنْ شَيْئَيْنِ، أَحدهما أَن يَكُونَ المحدَّث ساءَ سمعُه فظَنَّ أَنه كاهِلٌ وإِنما هُوَ كاهِنٌ، أَو يَكُونَ الْحَرْفُ تَعَاقَبَ فِيهِ بَيْنَ اللَّامِ وَالنُّونِ كَمَا يُقَالُ هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَتْ، والغِرْيَنُ والغِرْيَلُ وَهُوَ مَا يَرْسُب أَسفل قَارُورَةِ الدُّهْن مِنْ ثُفْلِه، ويرسُب مِنَ الطِّينِ أَسفل الغَدير وَفِي أَسفل القِدْر مِنْ مَرَقه؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو سَعِيدٍ لَهُ وَجْهٌ غَيْرَ أَنه بَعِيدٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هل في أَهلِك من كَاهِلٍ
أَي فِي أَهلك مَنْ تعْتَمِده لِلْقِيَامِ بشأْن عِيَالِكَ الصِّغَارِ وَمَنْ تُخلِّفه مِمَّن يَلْزَمُكَ عَوْلُه،
فَلَمَّا قَالَ لَهُ: مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِيَةٌ صِغار، أَجابه فَقَالَ: تَخَلَّف وجاهِد فِيهِمْ وَلَا تضيِّعهم.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مُضَر كاهِلُ الْعَرَبِ وسَعْد كاهِل تَمِيمٍ، وَفِي النِّهَايَةِ: وتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ كَاهِل الْبَعِيرِ وَهُوَ مقدَّم ظَهْرِهِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ المَحْمِل، قَالَ: وإِنما أَراد بِقَوْلِهِ هل في أَهلك من تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ بأَمر مَنْ تُخَلِّف مِنْ صِغار وَلَدِكَ لِئَلَّا يُضَيِّعُوا، أَلا تَرَاهُ قَالَ لَهُ:
مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِية صِغَارٌ
، فأَجابه وَقَالَ:
فَفِيهِمْ فجاهِد
، قَالَ: وأَنكر أَبو سَعِيدٍ الكاهِل وَقَالَ: هُوَ كاهِن كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:
فَلَوْ كَانَ سَلْمى جارَهُ أَو أَجارَهُ ... رِماحُ ابنِ سَعْدٍ، رَدَّه طَائِرٌ كَهْلُ «2»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ جَعَلَهُ كَهْلًا مُبَالَغَةً بِهِ فِي الشِّدَّةِ. الأَزهري: يُقَالُ طَارَ لِفُلَانٍ طَائِرٌ كَهْلٌ إِذا كَانَ لَهُ جَدّ وحَظّ فِي الدُّنْيَا. ونَبْت كَهْل: مُتناهٍ. واكْتَهَلَ النبتُ: طَالَ وَانْتَهَى مُنْتَهَاهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: تَمَّ طولُه وَظَهَرَ نَوْرُه؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِكُ الشمسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْت مُكْتَهِل
وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِهال النَّبْت إِلَّا التَّوَلِّي؛ وَقَوْلُ الأَعشى يُضاحِك الشمسَ مَعْنَاهُ يدُور مَعَهَا، ومُضاحَكَتُه إِياها حُسْن لَهُ ونُضْرة، والكَوْكب: مُعْظَم النَّبَاتِ، والشَّرِقُ: الرَّيَّان المُمْتلئ مَاءً، والمُؤَزَّر: الَّذِي صَارَ النَّبْتُ كالإِزار لَهُ، والعَمِيمُ: النبتُ الْكَثِيفُ الحسَن، وَهُوَ أَكثر مِنَ الجَمِيم؛ يُقَالُ نَبْت عَمِيم ومُعْتَمٌّ وعَمَمٌ. واكْتَهَلَت الرَّوْضَةُ إِذا عَمَّها نبتُها، وَفِي التَّهْذِيبِ: نَوْرُها. وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ إِذا انْتَهَى سِنُّها. الْمُحْكَمُ: وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ مُخْتَمِرةُ الرأْس بِالْبَيَاضِ، وأَنكر بَعْضُهُمْ ذَلِكَ. والكاهِلُ: مقَدَّم أَعلى الظَّهْرِ مِمَّا يَلي العنُق وَهُوَ الثُلث الأَعلى فِيهِ سِتُّ فِقَر؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ
__________
(2) . قوله [رماح ابن سعد] هكذا الأصل، وفي الأساس: رباح ابن سعد

(11/601)


يَصِفُ فَرَسًا:
لَهُ حارِكٌ كالدِّعْصِ لَبَّدهُ الثَّرَى ... إِلى كاهِل، مِثْلَ الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الكَاهِلُ مَا ظَهَرَ مِنَ الزَّوْر، والزَّوْرُ مَا بَطَن مِنَ الكاهِل؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الكَاهِل مِنَ الْفَرَسِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ فُروعِ كَتِفَيْه؛ وأَنشد:
وكاهِل أَفْرعَ فيه، مع ... الإِفْراعِ، إِشْرافٌ وتَقْبِيبُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحارِك فُروعُ الكَتِفَيْن، وَهُوَ أَيضاً الكَاهِلُ؛ قَالَ: والمِنْسَجُ أَسفل مِنْ ذَلِكَ، وَالْكَائِبَةُ مقدَّم المِنْسَج؛ وَقِيلَ: الكَاهِلُ مِنَ الإِنسان مَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْصِل العنُق فِي الصُّلْب، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْفَرَسِ خلْف المِنْسَج، وَقِيلَ: هُوَ مَا شَخَص مِنْ فُروعِ كَتِفَيْهِ إِلى مُسْتَوى ظَهْرِهِ. وَيُقَالُ لِلشَّدِيدِ الغَضَب والهائِجِ مِنَ الْفُحُولِ: إِنه لَذُو كاهِل، حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ المَوْسُوم بالأَلفاظ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: إِنه لَذُو صاهِل، بِالصَّادِّ؛ وَقَوْلُهُ:
طَوِيل مِتَلِّ العُنْقِ أَشْرَف كاهِلًا، ... أَشَقّ رَحِيب الجَوْف مُعْتَدِل الجِرْم
وَضَعَ الِاسْمَ فِيهِ مَوْضِعَ الظَّرْفِ كأَنه قَالَ: ذَهَبَ صُعُداً. وإِنه لَشَدِيدُ الكَاهِل أَي مَنِيعُ الْجَانِبِ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ فُلَانٌ كَاهِل بَنِي فُلَانٍ أَي مُعْتمَدهم فِي المُلِمَّات وسَنَدُهم فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ كَاهِلِ الظَّهْرِ لأَن عُنُق الْفَرَسِ يَتَسانَدُ إِليه إِذا أَحْضَر، وَهُوَ مَحْمِل مُقَدَّم قَرَبُوس السَّرْج ومُعْتَمَد الْفَارِسِ عَلَيْهِ؛ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ رُؤْبَةَ يَمْدَحُ مَعَدّاً:
إِذا مَعَدٌّ عَدَتِ الأَوائِلا، ... فابْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا
حِصْنَيْنِ كَانَا لِمَعَدٍّ كاهِلا، ... ومَنْكِبَينِ اعْتَلَيا التَّلاتِلا
أَي كَانَا، يَعْنِي رَبِيعَةَ ومُضَر، عُمْدة أَولادِ مَعَدّ كُلِّهم. وَفِي كِتَابِهِ إِلى أَهل الْيَمَنِ فِي أَوقات الصَّلَاةِ والعِشاء:
إِذا غَابَ الشَّفَقُ إِلى أَن تَذْهب كَوَاهِلُ الليلِ
أَي أَوائله إِلى أَوساطه تَشْبِيهًا لليْل بالإِبل السَّائِرَةِ الَّتِي تتقدَّم أَعناقُها وهَوادِيها وتتبعُها أَعجازُها وتَوالِيها. والكَواهِل: جَمْعُ كاهِل وَهُوَ مقدَّم أَعلى الظهْر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: وقَرَّر الرُّؤُوسَ عَلَى كَوَاهِلها
أَي أَثْبَتها فِي أَماكنها كأَنها كَانَتْ مشْفِية عَلَى الذَّهَابِ وَالْهَلَاكِ. الْجَوْهَرِيُّ: الكاهِلُ الحارِكُ وَهُوَ مَا بَيْنَ الكَتِفين. قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تميمٌ كاهِلٌ مُضَر وَعَلَيْهَا المَحْمل.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحارِكُ فَرْعُ الْكَاهِلِ؛ هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، قَالَ: وَهُوَ عَظْمٌ مُشْرِف اكْتَنَفَه فَرْعا الكَتِفَين، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَنْبَتُ أَدنى العُرْف إِلى الظَّهْرِ، وَهُوَ الَّذِي يأْخذ بِهِ الْفَارِسُ إِذا رَكِب. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنه لَذُو شاهِقٍ وكاهِلٍ وكاهِنٍ، بِالنُّونِ وَاللَّامِ، إِذا اشتدَّ غضبُه، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْفَحْلِ عِنْدَ صِيالِه حِينَ تسمَع لَهُ صَوْتاً يَخْرُجُ مِنْ جَوْفه. والكُهْلُولُ: الضحَّاكُ، وَقِيلَ: الكَريم، عَاقَبَتِ اللامُ الراءَ فِي كُهْرُورٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الكُهْلُولُ والرُّهْشُوشُ والبُهْلُول كُلُّهُ السخيُّ الْكَرِيمُ. والكَهْوَلُ: العَنْكَبُوت، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُه. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ أَراد عَزْلَه عَنْ مِصْر: إِني أَتيتُك مِنَ العِراق وإِنَّ أَمْرَك كَحُقِّ الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةِ أَو كالكُعْدُبةِ، فَمَا زِلْتُ

(11/602)


أُسْدِي وأُلْحِمُ حَتَّى صَارَ أَمْرُك كفَلْكَةِ الدَّرَّارةِ وكالطِّرَافِ المُمَدَّدِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذِهِ اللفظة قَدِ اختُلِف فِيهَا، فَرَواها الأَزهري بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَقَالَ: هِيَ العَنْكَبُوت، وَرَوَاهَا الخطابيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْوَاوِ وَقَالَا: هِيَ الْعَنْكَبُوتُ، وَلَمْ يقيِّدها الْقُتَيْبِيُّ، وَيُرْوَى: كَحُقِّ الكَهْدَل، بِالدَّالِّ بَدَلَ الْوَاوِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَما حُقُّ الكَهْدَل فَلَمْ أَسمع شَيْئًا مِمَّنْ يُوثَقُ بِعِلْمِهِ بِمَعْنَى أَنه بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ؛ وَيُقَالُ: إِنه ثَدْيُ العَجوز، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ نَفْسُهَا، وحُقُّها ثديُها، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ؛ والجُعْدُبةُ: النُّفَّاخاتُ الَّتِي تَكُونُ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ، والكُعْدُبةُ: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وكاهِلٌ وكَهْل وكُهَيْلٌ: أَسماء يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ كَهْل وأَن يَكُونَ تَصْغِيرُ كاهِلٍ تصغيرَ التَّرْخِيمِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَن يَكُونَ تَصْغِيرَ كَهْلٍ أَولى لأَن تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فِي كَلَامِهِمْ. وكُهَيْلَة: مَوْضِعُ رَمْلٍ؛ قَالَ:
عُمَيْرِيَّة حَلَّتْ بِرَمْلِ كُهَيْلةٍ ... فبَيْنُونَةٍ، تَلْقى لَهَا الدهرَ مَرْتَعا
الْجَوْهَرِيُّ: كَاهِل أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الأَسد، وَهُوَ كَاهِل بْنُ أَسد بْنِ خُزيمة، وَهُمْ قَتَلَةُ أَبي امْرِئِ الْقَيْسِ. وكِنْهِل، بِالْكَسْرِ: اسْمُ مَوْضِعٍ أَو مَاءٍ.
كهبل: رَجُلٌ كَهْبَلٌ: قَصِيرٌ. والكَنَهْبَل، بِفَتْحِ الْبَاءِ وضمِّها: شَجَرٌ عِظام وَهُوَ مِنَ العِضاه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما كَنَهْبُل فَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِ سَفَرْجُل، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا يشتقُّ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نُونٌ، فكَنهْبُل بِمَنْزِلَةِ عَرَنْتُنٍ، بنَوْهُ بِناءَه حِينَ زَادُوا النُّونَ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يصِف مَطَرًا وسَيلًا:
فأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ مِنْ كُلِّ فِيقةٍ، ... يَكُبُّ عَلَى الأَذْقانِ دَوْحَ الكَنهْبُلِ «1»
. والكَنَهْبَل: لُغَةٌ فِيهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني أَعرابي مَنْ أَهل السَّراة قَالَ: الكَنَهْبَلُ صِنْف مِنَ الطَّلْح جَفْرُ قِصار الشَّوْكِ. الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الكَنَهْبَل وَاحِدَتُهَا كَنَهْبَلة؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ شَجَرٌ عِظام مَعْرُوفَةٌ، وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ، قَالَ: وَلَا أَعرف فِي الأَسماء مِثْلَ كَنَهْبُل، وَقَالَ فِيهِ: الكَنَهْبُل مِنَ الشَّعِير أَضْخَمُه سُنْبُلةً، قَالَ: وَهِيَ شُعَيْرَةٌ يَمَانِيَّةٌ حَمْرَاءُ السُّنْبُلَةِ صَغِيرَةُ الحَبِّ.
كهدل: الكَهْدَل: الْعَنْكَبُوتُ، وَقِيلَ: العَجوز، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ أَراد عَزْله عَنْ مِصْرَ: إِني أَتيتك مِنَ العِراق وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهْوَلِ، وَيُرْوَى: كحُقِّ الكَهْدَلِ بالدالِ عِوَض الْوَاوِ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَما حُقُّ الكَهْدَل فإِني لَمْ أَسمع شَيْئًا مِمَّنْ يُوثَق بِعِلْمِهِ بِمَعْنَى أَنه بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وَيُقَالُ: إِنه ثَدْيُ الْعَجُوزِ، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ نفسُها، وحُقُّها ثَدْيُهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. والكَهْدَل: الْجَارِيَةُ السَّمِينَةُ النَّاعِمَةُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْقُتَيْبِيُّ: الكَهْدَل العاتِقُ مِنَ الجَواري؛ وأَنشد:
إِذا مَا الكَهْدَلُ العارِكُ ... ماسَتْ فِي جَوارِيها
حَسِبْتَ القَمَرَ الباهِرَ، ... فِي الحُسْن، يُباهِيها
وكَهْدَل: اسْمُ رَاجِزٍ؛ قَالَ يَعْنِي نَفْسَهُ:
قَدْ طَرَدَتْ أُمُّ الحَدِيدِ كَهْدَلا
__________
(1) . في رواية أخرى: فوق كُتَيفةٍ، وهو موضع في اليمن، بدل كلّ فِيقة

(11/603)


أُم الْحَدِيدِ: امرأَته، والأَبيات بِكَمَالِهَا مَذْكُورَةٌ فِي حَرْفِ الْحَاءِ مِنْ بَابِ الدَّالِّ. وكَهْدَل: من أَسمائهم.
كهمل: كَهْمَل: ثقيلٌ وَخِمٌ. وأَخذ الأَمرَ مُكَهْمَلًا أَي بأَجمعه.
كول: تَكَوَّل القومُ عَلَيْهِ وتَثَوَّلوا عَلَيْهِ تَثَوُّلًا إِذا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَضَرَبُوهُ وَلَا يُقْلِعُون عَنْ ضَرْبِهِ وَلَا شَتْمه، وَقِيلَ: تَكَوَّلوا عَلَيْهِ وانْكالوا انْقَلَبُوا عَلَيْهِ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ فَلَمْ يُقْلِعُوا، وَقِيلَ: انْكالوا عَلَيْهِ وانْثالوا بِهَذَا الْمَعْنَى. وتَكاوَل الرجلُ: تَقاصر. والكَوْلانُ، بِالْفَتْحِ: نَبْتٌ وَهُوَ البَرْدِيُّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: نَبَاتٌ ينبُت فِي الْمَاءِ مِثْلَ البَرْدِيِّ يشبِه ورَقُه وساقُه السَّعْدَى «1» إِلا أَنه أَغلظ وأَعظم، وأَصله مِثْلُ أَصله يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَسَمِعَتْ بَعْضَ بَنِي أَسد يَقُولُ الكُولان، فيضم الكاف.
كيل: الكَيْلُ: المِكْيال. غَيْرُهُ: الكَيْل كَيْل البُرِّ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مَصْدَرُ كَالَ الطعامَ وَنَحْوَهُ يَكِيلُ كَيْلًا ومَكالًا ومَكِيلًا أَيضاً، وَهُوَ شَاذٌّ لأَن الْمَصْدَرَ مِنْ فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بِكَسْرِ الْعَيْنِ؛ يُقَالُ: مَا فِي بُرِّكَ مَكالٌ، وَقَدْ قِيلَ مَكِيل عَنِ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَصَوَابُهُ مَفْعَل بِفَتْحِ الْعَيْنِ. وكِيلُ الطعامُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وإِن شِئْتَ ضَمَمْتَ الْكَافَ، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مِثْلُ مَخِيط ومَخْيوط، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كُوِلَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بِقَلْبِ الْيَاءِ وَاوًا حِينَ ضُمَّ مَا قَبْلَهَا لأَن الْيَاءَ السَّاكِنَةَ لَا تَكُونُ بَعْدَ حَرْفٍ مَضْمُومٍ. واكْتَالَه وكَالَه طَعَامًا وكَالَه لَهُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: اكْتَل يَكُونُ عَلَى الِاتِّحَادِ وَعَلَى المُطاوَعة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
؛ أَي اكْتالوا مِنْهُمْ لأَنفسهم؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ مِنَ النَّاسِ، وَالِاسْمُ الكِيلَةُ، بِالْكَسْرِ، مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت مِنْ فُلَانٍ واكْتَلْت عَلَيْهِ وكِلْت فُلاناً طَعَامًا أَي كِلْتُ لَهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ
؛ أَي كالُوا لَهُمْ. وَفِي الْمَثَلِ: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يَكُونَ المَكِيل حَشَفاً وأَن يَكُونَ الكَيل مُطَفَّفاً؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَشَف وَسُوءُ كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ، وَيَجُوزُ فِي الْقِيَاسِ مَكْيُول، وَلُغَةُ بَنِي أَسد مَكُول، وَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ مُكالٌ؛ قَالَ الأَزهري: أَما مُكالٌ فَمِنْ لُغَاتِ الحَضَرِيِّين، قَالَ: وَمَا أَراها عَرَبِيَّةً مَحْضَةً، وأَما مَكُول فَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ مَكِيل ثُمَّ يَلِيهَا فِي الْجَوْدَةِ مَكْيول. اللَّيْثُ: المِكْيال مَا يُكالُ بِهِ، حَدِيدًا كَانَ أَو خَشَبًا. واكْتَلْتُ عَلَيْهِ: أَخذت مِنْهُ. يُقَالُ: كَال الْمُعْطِي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ والمِكْيَلُ والمِكْيال والمِكْيَلةُ: مَا كِيلَ بِهِ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَرَجُلٌ كَيَّال: مِنَ الكَيْل؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي الإِمالة، فإِما أَن يَكُونَ عَلَى التَّكْثِيرِ لأَن فِعْله مَعْرُوفٌ، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إِذا عُدِم الْفِعْلُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
حِينَ تكالُ النِّيبُ فِي القَفِيزِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَراد حِينَ تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلًا فَهَذِهِ النَّاقَةُ أَغزرهنَّ. وكَالَ الدراهمَ وَالدَّنَانِيرَ: وَزَنَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي خَاصَّةً؛ وأَنشد لِشَاعِرٍ جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذَاتُ مِسْك عِنْدَ ذِي لَطَفٍ، ... مِنَ الدَّنانيرِ، كَالُوها بمِثْقال
__________
(1) . قوله [السعدى] هكذا في الأصل ولم نجده اسماً لنبت فيما بأيدينا من كتب اللغة، ولعله السعادى كحبارى لغة في السعد بالضم النبت المعروف

(11/604)


فإِما أَن يَكُونَ هَذَا وَضْعاً، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ لأَن الكَيْل وَالْوَزْنَ سَوَاءٌ فِي معرِفة المَقادير. وَيُقَالُ: كِلْ هَذِهِ الدراهمَ، يُرِيدُونَ زِنْ. وَقَالَ مُرَّة: كُلُّ مَا وُزِنَ فَقَدْ كِيلَ. وَهُمَا يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنْ طيِءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... نِواءٌ، وَلَكِنْ لَا تَكَايُلَ بالدَّمِ
قَالَ أَبو رِياش: مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ لَكَ أَن تَقْتُلَ إِلَّا ثأْرَك وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ المُساواة فِي الْفَضْلِ إِذا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. وكَايَلَ الرجلُ صاحبَه: قَالَ لَهُ مِثْلَ مَا يَقُولُ أَو فَعَل كَفِعْلِهِ. وكَايَلْته وتَكَايَلْنا إِذا كَالَ لَكَ وكِلْتَ لَهُ فَهُوَ مُكَائِل، بِالْهَمْزِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه نَهَى عَنِ المُكايَلة
وَهِيَ المُقايَسة بالقَوْل وَالْفِعْلِ، وَالْمُرَادُ المُكافأَة بالسُّوءِ وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تَقُولُ لَهُ وتفعَل مَعَهُ مِثْلَ مَا يَقُولُ لَكَ وَيَفْعَلُ مَعَكَ، وَهِيَ مُفاعلة مِنَ الكَيْل، وَقِيلَ: أَراد بِهَا المُقايَسة فِي الدِّين وَتَرْكَ الْعَمَلِ بالأَثر. وكَالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلًا: مِثْلَ كَبا وَلَمْ يخرِج نَارًا فَشَبَّهَ مؤخَّر الصُّفُوفِ «1» فِي الْحَرْبِ بِهِ لأَنه لَا يُقاتِل مَن كَانَ فِيهِ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: المِكْيال مِكْيال أَهل الْمَدِينَةِ والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مَكَّةَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقال إِن هَذَا الْحَدِيثَ أَصل لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ النَّاسُ فِيهِمَا بأَهل مَكَّةَ وأَهل الْمَدِينَةِ، وإِن تغيَّر ذَلِكَ فِي سَائِرِ الأَمصار، أَلا تَرَى أَن أَصل التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ كَيْلٌ وَهُوَ يُوزَن فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمصار، وأَنَّ السَّمْن عِنْدَهُمْ وَزْن وَهُوَ كَيْل فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمصار؟ وَالَّذِي يُعْرَفُ بِهِ أَصل الكَيْل والوَزْن أَن كُلَّ مَا لَزِمه اسْمُ المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ والمُدِّ والصاعِ فَهُوَ كَيْل، وكلُّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الأَرْطالِ والأَواقيِّ والأَمْناءِ فَهُوَ وَزْنٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالتَّمْرُ أَصله الكَيْل فَلَا يَجُوزُ أَن يُبَاعَ مِنْهُ رِطْل بِرِطْلٍ وَلَا وَزْنٌ بِوَزْنٍ، لأَنه إِذا رُدَّ بَعْدَ الْوَزْنِ إِلى الْكَيْلِ تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلًا بكَيْل سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ أَصله مَوْزُوناً فإِنه لَا يَجُوزُ أَن يُباع مِنْهُ كَيْل بكَيْل، لأَنه إِذا رُدَّ إِلى الْوَزْنِ لَمْ يؤْمن فِيهِ التَّفاضُل، قَالَ: وإِنما احْتِيجَ إِلى هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يتَهافت النَّاسُ فِي الرِّبَا الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي عَهْد النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَكَّةَ والمدينة مَكِيلًا فَلَا يُباعُ إِلا بالكَيْل، وَكُلُّ مَا كَانَ بِهَا مَوْزُوناً فَلَا يُباع إِلا بِالْوَزْنِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الرِّبا بالتَّفاضُل، وَهَذَا فِي كُلِّ نَوْعٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحكام الشَّرْعِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا يَتعامل بِهِ الناسُ فِي بِياعاتِهم، فأَما المِكْيال فَهُوَ الصَّاعُ الَّذِي يتعلَّق بِهِ وُجوب الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِكَيْلِ أَهل الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ البُلْدان لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مِفْعال مِنَ الكَيْل، وَالْمِيمُ فِيهِ لِلْآلَةِ؛ وأَما الوَزْن فَيُرِيدُ بِهِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ خَاصَّةً لأَن حَقَّ الزَّكَاةِ يتعلَّق بِهِمَا، ودِرْهمُ أَهلِ مَكَّةَ سِتَّةُ دَوانيق، وَدَرَاهِمُ الإِسلام المعدَّلة كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثاقيل، وَكَانَ أَهلُ الْمَدِينَةِ يتَعاملون بِالدَّرَاهِمِ عِنْدَ مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وَزْنِ مَكَّةَ، وأَما الدَّنَانِيرُ فَكَانَتْ تُحْمَلُ إِلى الْعَرَبِ مِنَ الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان الدِّينَارَ فِي أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فَلِلنَّاسِ فِيهَا عَادَاتٌ
__________
(1) . قوله [فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه] هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الأثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي أحق

(11/605)


مُخْتَلِفَةٌ فِي البُلْدان وَهُمْ مُعاملون بِهَا ومُجْرَوْن عَلَيْهَا. والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ فِي الْحَرْبِ، وَقِيلَ: الكَيُّول مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يقاتِلُ العدوَّ فسأَله سَيْفًا يقاتِل بِهِ فَقَالَ لَهُ: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تَقُومَ فِي الكَيُّول، فَقَالَ: لَا، فأَعطاه سَيْفًا فَجَعَلَ يُقاتِل وَهُوَ يَقُولُ:
إِنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي ... أَن لَا أَقومَ الدَّهْرَ فِي الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ اللَّهِ والرسولِ، ... ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ
فَلَمْ يَزَلْ يقاتِل به حَتَّى قُتِل.
الأَزهري: أَبو عُبَيْدٍ الكَيُّولُ هُوَ مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَكَّنَ الباءَ فِي أَضْرِبْ لِكَثْرَةِ الْحَرَكَاتِ. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قَامَ فِي الكَيُّول، والأَصل تَكَيَّل وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، مِنْ كَالَ الزندُ إِذا كَبَا وَلَمْ يُخْرِجْ نَارًا، فشبَّه مؤخَّر الصُّفُوفِ بِهِ لأَن مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يُقاتِل، وَقِيلَ: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: مَا أَشرف مِنَ الأَرض، يُريد تقومُ فوقَه فَتَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ غَيْرُكَ. أَبو مَنْصُورٍ: الكَيُّول فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا خَرَجَ مِنْ حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لَا نَارَ فِيهِ. اللَّيْثُ: الْفَرَسُ يُكايِل الْفَرَسَ فِي الجَرْي إِذا عارَضه وَبَارَاهُ كأَنه يَكِيل لَهُ مِنْ جَرْيهِ مِثْلَ مَا يَكِيل لَهُ الْآخَرُ. ابْنُ الأَعرابي: المُكَايَلَة أَن يتَشاتَم الرَّجُلَانِ فيُرْبِي أَحدهما عَلَى الْآخَرِ، والمُوَاكَلَة أَن يُهْدِيَ المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قَضَاءَهُ. وَيُقَالُ: كِلْتُ فُلَانًا بفلانٍ أَي قِسْتُه بِهِ، وإِذا أَردْت عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بِغَيْرِهِ، وكِلِ الفرسَ بِغَيْرِهِ أَي قِسْه بِهِ فِي الجَرْي؛ قَالَ الأَخطل:
قَدْ كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها، ... فَبَرَّزْتُ مِنْهَا ثَانِيًا مِنْ عِنَانِيَا
أَي سَبَقْتُهَا وَبَعْضُ عِناني مَكْفوف. والكِيَالُ: المُجاراة؛ قَالَ:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها، ... إِن كَانَ مِنْ أَمْرٍ كِيَالَهْ
وَذَكَرَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ سِيدَهْ فِي أَثناء خُطْبة كِتَابِهِ الْمُحْكَمِ مِمَّا قَصَدَ بِهِ الوَضْعَ مِنْ ابْنِ السِّكِّيتِ فَقَالَ: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها مِنْ مَقَامَةِ أَبي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسحاق السِّكِّيتِ مَعَ أَبي عُثْمَانَ الْمَازِنِيِّ بَيْنَ يَدَيِ المتوكِّل جَعْفَرٍ؟ وَذَلِكَ أَن الْمُتَوَكِّلَ قَالَ: يَا مَازِنِيُّ سَلْ يَعْقُوبَ عَنْ مسأَلة مِنَ النَّحْوِ، فَتَلَكَّأَ الْمَازِنِيُّ عِلْماً بتأَخر يَعْقُوبَ فِي صِنَاعَةِ الإِعراب، فعَزَم الْمُتَوَكِّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا بدَّ لَكَ مِنْ سُؤَالِهِ، فأَقبل الْمَازِنِيُّ يُجْهِد نَفْسَهُ فِي التَّلْخِيصِ وتَنكُّب السُّؤَالِ الحُوشِيِّ العَوِيص، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبا يُوسُفَ مَا وَزْن نَكْتَلْ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ
، فَقَالَ لَهُ: نَفْعَل؛ قَالَ: وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ قَدْ عَلِمُوا هَذَا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا مِنْ حَظِّ يَعْقُوبَ فِي اللُّغَةِ المِعْشار، فَفَاضُوا ضَحِكاً، وأَداروا مِنَ اللَّهْو فَلَكاً، وَارْتَفَعَ المتوكِّل وَخَرَجَ السِّكِّيتي وَالْمَازِنَيُّ، فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَا أَبا عُثْمَانَ أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فَقَالَ لَهُ الْمَازِنِيُّ: وَاللَّهِ مَا سأَلتُك عَنْ هَذَا حَتَّى بَحَثْتُ فَلَمْ أَجد أَدْنى مِنْهُ مُحاوَلًا، وَلَا أَقْرَب منه مُتَناوَلًا.

(11/606)