لسان العرب

فصل الواو
وَأَلَ: وَأَلَ إِليه وَأْلًا ووُؤُولًا وَوَئِيلًا ووَاءَلَ مُوَاءَلَةً ووِئالًا: لجأَ. والْوَأْلُ والمَوْئِلُ: الملجأُ، وَكَذَلِكَ المَوْأَلَةُ مِثَالُ المَهْلَكة؛ وَقَدْ وَأَلَ إِليه يَئِلُ وَأْلًا ووُؤُولًا عَلَى فُعول أَي لجأَ، ووَاءَلَ مِنْهُ عَلَى فَاعَلَ أَي طَلَبَ النَّجَاةَ، ووَاءَلَ إِلى الْمَكَانِ مُوَاءَلَةً ووِئَالًا: بَادَرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَن دِرْعَه كَانَتْ صَدْراً بِلَا ظَهْر، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ احترزتَ مِنْ ظَهْرِك، فَقَالَ: إِذا أَمْكَنْت مِنْ ظَهْرِي فَلَا وَأَلْتُ
أَي لَا نجوْت. وَقَدْ وَأَلَ يَئِلُ، فَهُوَ وَائِلٌ إِذَا التجأَ إِلى مَوْضِعٍ ونَجا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
البَراء بْنِ مَالِكٍ: فكأَنَّ نَفْسِي جاشَتْ فَقُلْتُ: لَا وَأَلْتِ أَفِراراً أَوَّل النَّهَارِ وجُبْناً آخِرَهُ؟
وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: فوَأَلْنا إِلى حِواءٍ
أَي لجَأْنا إِليه، والحِواء: البيوتُ المجتمِعة. اللَّيْثُ: المَآلُ والمَوْئِلُ المَلْجأُ. يُقَالُ مِنَ المَوْئِل وَأَلْتُ مِثْلَ وَعَلْت وَمِنَ الْمَآلِ أُلْتُ مِثْلَ عُلْت مَآلًا، بِوَزْنِ مَعَالًا؛ وأَنشد:
لَا يَسْتَطيعُ مَآلًا مِنْ حَبائِلهِ ... طيرُ السَّمَاءِ، وَلَا عُصْم الذُّرَى الوَدِقِ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: المَوْئِل المَنْجَى وَهُوَ المَلْجأُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنه لَيُوَائِل إِلى مَوْضِعِهِ يُرِيدُونَ يَذْهَبُ إِلى مَوْضِعِهِ وَحِرْزِهِ؛ وأَنشد:
لَا وَاءَلَتْ نفسُك خلَّيتها ... للعامِرِيَّيْن، وَلَمْ تُكْلَم
يُرِيدُ: لَا نَجَتْ نفسُك. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ وَأَلَ يَئِلُ وَأْلًا ووَأْلَةً ووَاءَلَ يُوَائِلُ مُوَاءَلَةً ووِئَالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَأْلًا ونَجْنَجَها، ... مَخافةَ الرَّمْي حَتَّى كلُّها هِيمُ
يُرْوَى: وَعْلًا: وَيُرْوَى: وَغْلًا، فالوَأْل المَوْئل، والوَغْل المَلْجَأُ يَغِل فِيهِ أَي يَدْخُلُ فِيهِ. يُقَالُ: وغَل يَغِل فَهُوَ واغِل، وَكُلُّ ملجإٍ يُلجأ إِليه وَغْل ومَوْغِل، ومَن رواه وَغْلًا فَهُوَ مِثْلُ الوَأْل سَوَاءٌ، قُلبت الْهَمْزَةُ عَيْنًا؛ ونَجْنَجَها أَي حَرَّكها وردَّدها مَخَافَةَ صَائِدٍ أَن يَرْمِيَهَا. اللَّيْثُ: الوَأْلُ والوَعْل الْمَلْجَأُ. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ قَالَ أَبو عَدْنَانَ قَالَ لِي مَن لَا أُحْصِي مِنْ أَعْراب قيسٍ وَتَمِيمٍ: إِيلةُ الرَّجُلِ بَنُو عَمِّهِ الأَدْنون. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَن أَطاف بِالرَّجُلِ وحلَّ مَعَهُ مِنْ قَرابته وَعَشِيرَتِهِ فَهُوَ إِيلَتُه. وَقَالَ الْعُكْلِيُّ: هُوَ مِنْ إِيلَتِنا أَي مِنْ عشيرتِنا. ابْنُ بُزُرْج: إِلَةُ فُلَانٍ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم وَهُمْ أَهله دِنْياً، وَهَؤُلَاءِ إِلَتُك وَهُمْ إِلَتِي الَّذِينَ وأَلْت إِليهم. وَقَالُوا: رَدَدْته إِلى إِيلَته أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:
وَلَمْ يَكُنْ فِي إِلَتِي غَوَالِي
يُرِيدُ أَهلَ بَيْتِهِ وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَمّا إِلَةُ الرَّجُلِ فَهُمْ أَهلُ بيتِه الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم أَي يَلجَأُ إِليهم، مِنْ وَأَلَ يَئِلُ. وإِلَةٌ: حَرْفٌ نَاقِصٌ أَصله وِئْلةٌ مِثْلُ صِلةٍ وزِنةٍ أَصلهما وِصْلة ووِزْنة، وأَما إِيلةُ الرَّجُلِ فَهُمْ أَصله الذين يَؤُولُ إِليهم، وَكَانَ أَصلُه إِوْلةٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً. التَّهْذِيبُ: وأَيْلة قَرْيَةٌ عربيَّة كأَنها سُمِّيَتْ أَيلة لأَن أَهلها يَؤُولون إِليها، وأَمَّا إِلْيةُ الرَّجُلِ فقَراباته، وَكَذَلِكَ لِيَتُه.

(11/715)


والمَوْئل: الْمَوْضِعُ الَّذِي يستقِرُّ فِيهِ السَّيْل. والأَوَّل: الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ نَقِيضُ الآخِر؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَدانَ، وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ ... بأَنَّ المُدَانَ مَلِيٌّ وفِيّ
الأَوَّلون: النَّاسُ الأَوَّلون والمَشْيخة، يَقُولُ: قَالُوا لَهُ إِنَّ الَّذِي بَايَعْتَهُ مَلِيٌّ وفِيٌّ فاطمئِن، والأُنثى الأُولى وَالْجَمْعُ الأُوَل مِثْلُ أُخْرى وأُخَر، قَالَ: وَكَذَلِكَ لِجَمَاعَةِ الرِّجَالِ مِنْ حَيْثُ التأْنيث؛ قَالَ بَشير بْنُ النِّكْث:
عَوْدٌ عَلَى عَوْدٍ لأَقوامٍ أُوَلْ، ... يَموتُ بالتَّرْكِ ويَحْيا بالعَمَلْ
يَعْنِي نَاقَةً مسنَّة عَلَى طَرِيقٍ قَديم، وإِن شِئْتَ قُلْتَ الأَوَّلون. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
وأَمْرُنا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَل
؛ يُرْوَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ الأُولَى، وَيَكُونُ صِفَةً للعَرب، وَيُرْوَى أَيضاً بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ صِفَةً للأَمر، وَقِيلَ: هُوَ الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي اللَّهُ عَنْهُ، وأَضيافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الأُولَى لِلشَّيْطَانِ
، يَعْنِي الْحَالَةَ الَّتِي غَضِبَ فِيهَا وحلَف أَن لَا يأْكل، وَقِيلَ: أَراد اللُّقْمة الأُولى الَّتِي أَحنثَ بِهَا نفسَه وأَكَلَ؛ وَمِنْهُ الصلاةُ الأُولَى، فَمَنْ قَالَ صَلَاةُ الأُولَى فَهُوَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ أَو عَلَى أَنه أَراد صلاةَ الساعةِ الأُولى مِنَ الزَّوال. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ الْجَاهِلِيَّةُ الأُولَى مَن كَانَ مِنْ لَدُن آدَمَ إِلى زَمَنِ نُوحٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ وَقِيلَ: مُنْذ زَمَنَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى زَمَنِ إِدريس، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: مُنْذ زَمَنُ عِيسَى إِلى زَمَنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَهَذَا أَجود الأَقوال لأَنهم الْجَاهِلِيَّةُ الْمَعْرُوفُونَ وَهُمْ أَوَّل مِنْ أُمة سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا يتَّخِذون البَغايا يُغْلِلْن لَهُمْ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ عَبيد بْنِ الأَبرص:
فاتَّبَعْنا ذاتَ أُولانا الأُولى ... الْمُوقِدِي الحرْب، ومُوفٍ بالحِبال
فإِنه أَراد الأُوَل فقلَب وأَراد وَمِنْهُمْ مُوفٍ بالحِبال أَي الْعُهُودِ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ جِنِّي مِنْ قَوْلُ الأَسْود بْنِ يَعْفُرَ:
فأَلْحَقْتُ أُخْراهُمْ طَريقَ أُلاهُمُ
فإِنه أَراد أُولاهم فَحَذَفَ اسْتِخْفَافًا، كَمَا تُحْذَفُ الْحَرَكَةُ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
وقَدْ بَدا هَنْكِ مِنَ المِئْزَرِ
وَنَحْوُهُ، وَهُمُ الأَوَائِل أَجْرَوْه مُجْرى الأَسماء. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَما قَوْلُهُمْ أَوَائِل، بِالْهَمْزِ، فأَصله أَواوِل، وَلَكِنْ لَمَّا اكْتَنَفَتِ الأَلفَ واوانِ ووَلِيَت الأَخيرةُ مِنْهُمَا الطرَفَ فَضَعُفَتْ، وَكَانَتِ الْكَلِمَةُ جَمْعًا وَالْجَمْعُ مُسْتَثْقَلٌ، قُلِبَتِ الأَخيرة مِنْهُمَا هَمْزَةً وَقَلَبُوهُ فَقَالُوا الأَوَالِي؛ أَنشد يعقوب لذي الرُّمَّةِ:
تَكادُ أَوَالِيها تُفَرِّي جُلودَها، ... ويَكْتَحِل التَّالِي بِمُورٍ وحاصِبِ
أَراد أَوائلَها. وَالْجَمْعُ الأُوَل. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الأَوَائِل مِنَ الأُول فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَوَّلُ تأسيسِ بِنائِه من همزة وواوٍ ولامٍ، وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ تأْسيسُه مِنْ وَاوَيْنِ بَعْدَهُمَا لامٌ، ولكلٍّ حُجَّةٌ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
جَهام تَحُثُّ الوَائِلاتِ أَواخِرُهْ
قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو الدُّقَيش الأَوَّلاتِ؛ قَالَ: والأَوَّل والأُولى بِمَنْزِلَةِ أَفعَل وفُعْلى، قَالَ: وَجَمْعُ أَوَّل أَوَّلُون وَجَمْعُ أُولَى أُولَيَات. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ

(11/716)


جُمِعَ أَوَّل عَلَى أُوَل مِثْلُ أَكْبَر وكُبَر، وَكَذَلِكَ الأُولَى، وَمِنْهُمْ مَنْ شدَّد الواوَ مِنْ أَوَّل مَجْمُوعًا؛ اللَّيْثُ: مَنْ قَالَ تأْليف أَوَّل مَنْ هَمْزَةٍ وَوَاوٍ وَلَامٍ فَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ أَفعَل مِنْهُ أَأْوَل بِهَمْزَتَيْنِ، لأَنك تَقُولُ مِنْ آبَ يَؤُوب أَأْوَب، وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الأَصل كَانَ أَأْوَل، فَقُلِبَتْ إِحدى الْهَمْزَتَيْنِ وَاوًا ثُمَّ أُدغمت فِي الْوَاوِ الأُخرى فَقِيلَ أَوَّل، ومَن قَالَ إِنَّ أَصلَ تأْسيسِه واوانِ وَلَامٌ، جَعَلَ الْهَمْزَةَ أَلف أَفْعَل، وأَدغم إِحدى الْوَاوَيْنِ فِي الأُخرى وشدَّدهما؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل أَوَّل أَوْأَل عَلَى أَفعَل مهموزَ الأَوْسط قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا وأُدغم، يدلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هَذَا أَوَّل مِنْكَ، وَالْجَمْعُ الأَوَائِل والأَوَالِي أَيضاً عَلَى القَلْب، قَالَ: وَقَالَ قومٌ أَصله وَوَّل عَلَى فَوْعَل، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى هَمْزَةً. قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ أَصْل أَوَّل أَوْأَل هُوَ قَوْلٌ مَرْغوبٌ عَنْهُ، لأَنه كَانَ يجِب عَلَى هَذَا إِذا خفِّفت هَمْزَتُهُ أَن يُقَالَ فِيهِ أَوَل، لأَن تَخْفِيفَ الهمزة إِذا سكَن مَا قَبْلَهَا أَن تحذَف وَتُلْقَى حركتُها عَلَى مَا قَبْلَهَا، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَيضاً أَن يَكُونَ أَصله وَوْأَل عَلَى فَوْعَل، لأَنه يَجِبُ عَلَى هَذَا صَرْفه، إِذْ فَوْعَل مَصْرُوفٌ وأَوَّل غَيْرُ مَصْرُوفٍ فِي قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَوَّلَ، وَلَا يَصِحُّ قَلْبَ الْهَمْزَةِ وَاوًا فِي وَوْأَل عَلَى مَا قدَّمت ذكرَه فِي الْوَجْهِ الأَوَّل، فَثَبَتَ أَن الصَّحِيحَ فِيهَا أَنها أَفْعَل مِنْ وَوَل، فَهِيَ مِنْ بَابِ دَوْدَن «3» وكَوْكَب مِمَّا جَاءَ فَاؤُهُ وعينُه مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وأَصحابه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما لَمْ يُجمع عَلَى أَواوِل لِاسْتِثْقَالِهِمُ اجتماعَ الْوَاوَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلفُ الْجَمْعِ، قَالَ: وَهُوَ إِذا جَعَلْتَهُ صِفَةً لَمْ تَصْرِفْهُ، تَقُولُ: لَقِيتُه عَامًا أَوَّلَ، وإِذا لَمْ تَجْعَلْهُ صِفَةً صَرَفْتَهُ، تَقُولُ: لقيتُه عَامًا أَوَّلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا غَلَطٌ فِي التَّمْثِيلِ لأَنه صِفَةٌ لِعَامٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَيضاً، وَصَوَابُهُ أَن يمثِّله غَيْرَ صِفَةٍ فِي اللَّفْظِ كَمَا مثَّله غَيْرُهُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ مَا رأَيت لَهُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً أَي قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَا تَقُلْ عامَ الأَوَّلِ. وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ عامٌ أَوَّلُ ومُذْ عامٍ أَوَّلَ، فمَنْ رَفَعَ الأَوَّل جَعَلَهُ صِفَةً لعامٍ كأَنه قَالَ أَوَّلُ مِنْ عامِنا، ومنْ نَصَبَهُ جَعَلَهُ كالظرْف كأَنه قَالَ مُذْ عامٍ قَبْلَ عامِنا، وإِذا قُلْتَ ابْدَأْ بِهَذَا أَوَّلُ ضَمَمْته عَلَى الْغَايَةِ كَقَوْلِكَ: افْعَلْه قبلُ، وإِن أَظهرت الْمَحْذُوفَ نصَبت قُلْتُ: ابْدَأْ بِهِ أَوَّلَ فِعْلك، كَمَا تَقُولُ قبلَ فِعْلِك؛ وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ أَمْسِ، فإِنْ لَمْ تَره يَوْمًا قَبْلَ أَمْس قُلْتَ: مَا رأَيته مُذْ أَوَّلُ مِنْ أَمْس، فإِنْ لَمْ تَره مُذْ يَوْمَيْنِ قبلَ أَمْس قُلْتَ: مَا رأَيته مُذْ أَوَّلَ مِنْ أَوَّلَ مِنْ أَمْس، وَلَمْ تُجاوِز ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَقِيتُهُ عَامًا أَوَّلَ جَرَى مَجْرى الِاسْمِ فَجَاءَ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَقِيتُهُ عامَ الأَوَّلِ بإِضافة العامِ إِلى الأَوَّلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الْعَارِمِ الْكِلَابِيِّ يَذْكُرُ بنتَه وامرأَته: فأَبْكل لَهُمْ بَكِيلةً فأَكلوا ورَمَوْا بأَنفسهم فكأَنما مَاتُوا عامَ الأَوَّلِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَتيْتُك عامَ الأَوَّلِ والعامَ الأَوَّلَ وَمَضَى عامُ الأَوَّلِ عَلَى إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. والعامُ الأَوَّلُ وعامٌ أَوَّلٌ مَصْرُوفٌ، وعامُ أَوَّلَ وَهُوَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ أَيضاً. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا لَقِيتُهُ مُذْ عامٌ أَوَّلَ، نَصَبَهُ عَلَى الظرْف، أَراد مُذْ عامٌ وقَع أَوَّل؛ وَقَوْلُهُ:
يَا لَيْتَها كَانَتْ لأَهْلي إِبِلا، ... أَو هُزِلَتْ فِي جَدْب عامٍ أَوَّلا
__________
(3) . قوله [أَنَّهَا أَفْعَلُ مِنْ وَوَلَ فَهِيَ مِنْ بَابِ دَوْدَنَ إلخ] هكذا في الأَصل

(11/717)


يَكُونُ عَلَى الْوَصْفِ وَعَلَى الظرفِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِذا قُلْتَ عامٌ أَوَّلُ فإِنما جَازَ هَذَا الْكَلَامُ لأَنك تَعْلَمُ أَنك تَعْنِي العامَ الَّذِي يَلِيه عامُك، كَمَا أَنك إِذا قُلْتَ أَوَّل مِنْ أَمْس وَبَعْدَ غَدٍ فإِنما تَعْنِي بِهِ الَّذِي يَلِيهِ أَمْس وَالَّذِي يَلِيه غَد. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ رأَيته عَامًا أَوَّل لأَن أَوَّل عَلَى بِنَاءِ أَفْعَل، قَالَ اللَّيْثُ: ومَنْ نَوَّن حَمَلَهُ عَلَى النَّكِرَةِ، ومَنْ لَمْ ينوِّن فَهُوَ بَابُهُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَقِيته أَوَّل ذِي يَدَيْنِ أَي سَاعَةَ غَدَوْت، واعْمَل كَذَا أَوَّل ذَاتِ يَدَيْنِ أَي أَوَّل كُلِّ شَيْءٍ تعمَله. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَوَّل فَوْعَل، قَالَ: وَكَانَ فِي الأَصل ووَّل، فَقُلِبَتِ الواوُ الأُولى هَمْزَةً وأُدغمت إِحدى الْوَاوَيْنِ فِي الأُخْرى فَقِيلَ أَوَّل. أَبو زَيْدٍ: لَقِيتُهُ عامَ الأَوَّل ويومَ الأَوَّل، جَرَّ آخِرَه؛ قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ أَتيت مسجدَ الجامِعِ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نعتِه. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ جَاءَ فِي أَوَّلِيَّة النَّاسِ إِذا جَاءَ فِي أَولهم. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْمُبَرِّدُ فِي كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ: أَوَّل يَكُونُ عَلَى ضَرْبين: يَكُونُ اسْمًا، وَيَكُونُ نَعْتًا مَوْصُولًا بِهِ مِنْ كَذَا، فأَما كَوْنُهُ نَعْتًا فَقَوْلُكَ: هَذَا رَجُلٌ أَوَّلُ مِنْكَ، وَجَاءَنِي زَيْدٌ أَوَّلَ مِنْ مَجِيئِكَ، وَجِئْتُكَ أَوَّلَ مِنْ أَمس، وأَما كَوْنُهُ اسْمًا فَقَوْلُكَ: مَا تَرَكْتُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً كَمَا تَقُولُ مَا تَرَكْتُ لَهُ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا، وَعَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ سميْت بِهِ رَجُلًا انْصَرَفَ فِي النَّكِرَةِ، لأَنه فِي بَابِ الأَسماء بِمَنْزِلَةِ أَفْكل، وَفِي بَابِ النُّعُوتِ بِمَنْزِلَةِ أَحْمَر. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ أَوَّلُ مَا أَطْلَع ضَبٌّ ذنَبَه، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَصْنَعُ الْخَيْرَ وَلَمْ يَكُنْ صَنَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَرْفَعُ أَوَّل وَتَنْصِبُ ذنَبَه عَلَى مَعْنَى أَوَّل مَا أَطْلَع ذنبَه، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ أَوَّل وَيَرْفَعُ ذنبَه عَلَى مَعْنَى أَوّلُ شَيْءٍ أَطلعه ذنَبُه، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْصِبُ أَوَّل وَيَنْصِبُ ذَنَبَه عَلَى أَن يَجْعَلَ أَوّل صِفَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْصِبُ أَوّل وَيَرْفَعُ ذنَبَه عَلَى مَعْنَى فِي أَول مَا أَطلع ضَبٌّ ذنَبُهُ أَي ذنبُهُ فِي أَوّل ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
، قَالَ: أَوَّل فِي اللُّغَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ابتداءُ الشَّيْءِ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ الْمُبْتَدَأُ لَهُ آخِر، وَجَائِزٌ أَن لَا يَكُونُ لَهُ آخِرٌ، فالواحدُ أَوَّل العَدَدِ والعَدد غَيْرُ متناهٍ، ونعيمُ الْجَنَّةِ لَهُ أَوَّل وَهُوَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ؛ وَقَوْلُكَ: هَذَا أَوَّلُ مَالٍ كسَبته جَائِزٌ أَن لَا يَكُونَ بَعْدَهُ كَسْب، وَلَكِنْ أَراد بَلْ هَذَا ابْتِدَاءُ كَسْبي، قَالَ: فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ أَوَّلُ عبدٍ أَملكهُ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا لَعَتَقَ ذَلِكَ العبدُ، لأَنه قَدِ ابتدأَ الْمِلْكَ فَجَائِزٌ أَن يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي لَمْ يَكُنِ الحجُّ إِلى غَيْرُهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَصْل أَوَّل وَاشْتِقَاقِهِ مِنَ اللُّغَةِ، قَالَ: وَقِيلَ تَفْسِيرُ الأَوَّل فِي صِفَةِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنه الأَوَّل لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ والآخِر لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، قَالَ: وَجَاءَ هَذَا فِي الْخَبَرِ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَجُوزُ أَن نَعْدُوَ فِي تَفْسِيرِ هَذَيْنِ الاسْمين مَا رُوي عَنْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وأَقرب مَا يَحْضُرني فِي اشتقاقِ الأَوَّل أَنه أَفْعَل من آل يؤول، وأُولَى فُعْلى مِنْهُ، قَالَ: وَكَانَ أَوَّل فِي الأَصل أَأْوَل فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ وَاوًا وأُدغمت فِي الْوَاوِ الأُخرى فَقِيلَ أَوَّل، قَالَ: وأُراه قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وكأَنه من قولهم آل يَؤُولُ إِذا نَجَا وَسَبَقَ؛ وَمِثْلُهُ وأَلَ يَئِل بِمَعْنَاهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُمْ ابْدَأْ بِهَذَا أَوَّلُ، فإِنما يُرِيدُونَ أَوَّلَ مِنْ كَذَا وَلَكِنَّهُ حُذِفَ لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وبُنِيَ عَلَى الْحَرَكَةِ لأَنه مِنَ المتمكِّن الَّذِي جُعِلَ فِي مَوْضِعٍ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ المتمكِّن؛ قَالَ: وَقَالُوا

(11/718)


ادخُلُوا الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، وَهِيَ مِنَ المَعارف الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْحَالِ، وَهُوَ شَاذٌّ، وَالرَّفْعُ جَائِزٌ عَلَى الْمَعْنَى أَي ليَدْخُل الأَوَّلُ فالأَوَّلُ. وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ: مَا ترَك لَهُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً أَي قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا، جَعَلَهُ اسْمًا فنكَّر وصرَف، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دُخولًا والآخِراتُ خُرُوجًا، وَاحِدَتُهَا الأَوَّلَة وَالْآخِرَةُ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَصل الْبَابِ وإِنما أَصل الْبَابِ الأَوَّل والأُولَى كالأَطْوَل والطُّولى. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَما أُولَى بأُولى فإِنِّي أَحمَد اللَّهَ، لَمْ يزدْ عَلَى ذَلِكَ. وَتَقُولُ: هَذَا أَوَّلُ بَيّنُ الأَوَّلِيَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ماحَ البِلادَ لَنَا فِي أَوَّلِيَّتِنا، ... عَلَى حَسُود الأَعادي، مائحٌ قُثَمُ
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَمَا فَخْرُ مَن لَيْسَتْ لَهُ أَوَّلِيَّةٌ ... تُعَدُّ، إِذا عُدَّ القَديمُ، وَلَا ذِكْرُ
يَعْنِي مَفاخِر آبَائِهِ. وأَوَّلُ مُعَرَّفَةً: الأَحَدُ فِي التَّسمية الأُولى؛ قَالَ:
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمي ... بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
وأَهْوَن وجُبَار: الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ
أَي إِذا عَبَرها بَرٌّ صادقٌ عَالِمٌ بأُصولها وفُروعها واجتهدَ فِيهَا وقعتْ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ ممن فَسَّرها بعدَه. والوَأْلَةُ مِثْلُ الوَعْلة: الدِّمْنةُ والسِّرْجِينُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَبْعارُ الْغَنَمِ والإِبلِ جَمِيعًا تَجْتَمِعُ وتَتَلَبَّد، وَقِيلَ: هِيَ أَبوالُ الإِبل وأَبْعارُها فَقَطْ. يُقَالُ: إِن بَني فُلَانٍ وَقُودُهم الوَأْلة. الأَصمعي: أَوْأَلَتِ الماشيةُ فِي الْمَكَانِ، عَلَى أَفْعَلَتْ، أَثَّرت فِيهِ بأَبْوالها وأَبْعارها، واسْتَوْأَلَتِ الإِبلُ: اجْتَمَعَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ لِرَجُلٍ أَنت مِنْ بَني فُلَانٍ؟ قَالَ: نَعَم، قَالَ: فأَنت مِنْ وَأْلَةَ إِذاً قُمْ فَلَا تقرَبَنِّي
؛ قِيلَ: هِيَ قَبِيلَةٌ خسيسةٌ سُمِّيَتْ بالوَأْلَةِ وَهِيَ الْبَعْرَةُ لخسَّتها. وَقَدْ أَوْأَلَ المكانُ، فَهُوَ مُوئِل، وَهُوَ الوَأْلُ والوَأْلةُ وأَوْأَلَهُ هُوَ؛ قَالَ فِي صِفَةِ مَاءٍ:
أَجْنٍ ومُصْفَرِّ الجِمامِ مُوئِل
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
أَجْنٌ ومُصْفَرُّ الجِمامِ مُوأَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده كَمَا أَنشده أَبو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ المصنَّف أَجْنٍ؛ وَقَبْلَهُ بأَبيات:
بمَنْهَلٍ تَجْبِينه عَنْ مَنْهَلِ
ووَائِل: اسْمُ رَجُلٍ غلَب عَلَى حيٍّ مَعْرُوفٍ، وَقَدْ يُجْعَل اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَلَا يُصرف، وَهُوَ وَائِل بنُ قاسِط بْنِ هِنْب بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيٍّ. ومَوْأَلَةُ: اسْمٌ أَيضاً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَاءَ عَلَى مَفْعَل لأَنه لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، إِذ لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَكَانَ مَفْعِلًا، وأَيضاً فإِن الأَسماءَ الأَعْلامَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما ذَلِكَ فِيمَنْ أَخذه مِنْ وَأَلَ، فأَما مَنْ أَخذه مِنْ قَوْلِهِمْ مَا مأَلْت مَأْلَةً، فإِنما هُوَ حِينَئِذٍ فَوْعَلة، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومَوْأَلةُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: وبنُو مَوْأَلَةَ بطْن. قَالَ خَالِدُ بنُ قَيْس بنِ مُنْقِذ بْنِ طَرِيفِ لِمَالِكِ بن بُحَبره «1» : ورَهَنَته بَنُو مَوْأَلَة بْنِ مَالِكٍ فِي دِيةٍ ورَجَوْا أَن يَقْتُلُوهُ فَلَمْ يَفْعَلوا؛ وَكَانَ مَالِكٌ يحمَّق فَقَالَ خَالِدٌ:
لَيْتَك إِذ رُهِنْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، ... حَزُّوا بنَصلِ السيفِ عِنْدَ السَّبَلهْ،
وحَلَّقت بِكَ العُقابُ القَيْعَلهْ
__________
(1) . قوله [لمالك بن بحبره] هكذا في الأصل من غير نقط

(11/719)


قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن كَانَ مَوْأَلَة مِنْ وَأَل فَهُوَ مُغَيَّر عَنْ مَوْئلة للعلميَّة، لأَن مَا فَاؤُهُ واوٌ إِنما يَجِيءُ أَبداً عَلَى مَفْعِل بِكَسْرِ الْعَيْنِ نَحْوَ مَوْضِع ومَوْقِع، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي مأَل.
وبل: الوَبْلُ والوابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الضَّخْم القطْرِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَضْرِبْنَ بالأَكْبادِ وَبْلًا وَابِلا
وَقَدْ وَبَلَتِ السماءُ تَبِلُ وَبْلًا ووَبَلَتِ السماءُ الأَرضَ وَبْلًا؛ فأَما قَوْلُهُ:
وأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قَدْ أَذاعَتْ ... بِهَا الإِعْصار، بعدَ الوابِلِينا
فإِن شِئْتَ جَعَلْتَ الوَابِلِين الرجالَ المَمْدُوحينَ، يَصِفُهُمْ بالوَبْل لسَعةِ عَطاياهم، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ وَبْلًا بعدَ وَبْل فَكَانَ جَمْعًا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ قَصْدُ كَثْرةٍ وَلَا قِلَّة. وأَرض مَوْبُولَةٌ: مِنَ الوابِل. اللَّيْثُ: سَحاب وابِل، وَالْمَطَرُ هُوَ الوَبْلُ كَمَا يُقَالُ وَدْقٌ وادِق. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ السحابِ فأُبِلْنا
أَي مُطِرْنا وَبْلًا، وَهُوَ الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْقَطْرِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بدَل مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ أَكَّد ووَكَّدَ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: فَوُبِلْنا، جَاءَ بِهِ عَلَى الأَصل. والوَبِيلُ مِنَ المَرعَى: الْوَخِيمُ، وَبُلَ المَرْتَع وَبَالَةً ووَبَالًا ووَبَلًا. وأَرض وَبِيلَةٌ: وَخيمةُ المَرتَع، وَجَمْعُهَا وُبُلٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ لأَن حُكْمَهُ أَن يَكُونَ وَبائل، يُقَالُ: رَعَيْنَا كَلَأً وَبِيلًا. ووَبُلَت عَلَيْهِمُ الأَرضُ وُبُولًا: صَارَتْ وَبِيلةً. واسْتَوْبَلَ الأَرضَ إِذا لَمْ تُوَافِقْه فِي بدَنه وإِن كَانَ مُحِبّاً لَهَا. واسْتَوْبَلْت الأَرضَ والبلدَ: اسْتَوْخَمْتها، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: اسْتَوْبَلْت الأَرض إِذا لَمْ يسْتَمْرِئْ بِهَا الطعامَ وَلَمْ تُوافِقْه فِي مَطْعَمه وإِن كَانَ مُحِبًّا لَهَا، قَالَ: واجْتَوَيْتُها إِذا كَرِهَ المُقامَ بِهَا وإِن كَانَ فِي نِعمة. وَفِي حَدِيثِ العُرَنِيِّين:
فاسْتَوْبَلوا الْمَدِينَةَ
أَي استوخَموها وَلَمْ تُوَافِقْ أَبدانَهم. يُقَالُ: هَذِهِ أَرض وَبِلَةٌ أَي وبِئة وخِمة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ بَنِي قُرَيظة نَزَلُوا أَرضاً غَمِلةً وَبِلَةً.
والوَبِيلُ: الَّذِي لَا يُسْتَمْرَأُ. وماءٌ وَبِيلٌ ووبيءٌ: وَخِيم إِذا كَانَ غَيْرَ مَرِيءٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثقيلُ الغليظُ جِدًّا، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْمَطَرِ الْغَلِيظِ وَابِل. ووَبَلَةُ الطعامِ: تُخَمَتُه، وَكَذَلِكَ أَبَلَتُه عَلَى الإِبْدال. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى «2» بْنِ يَعْمَر: أَيُّما مالٍ أَدَّيْتَ زَكاتَه فَقَدْ ذهبتْ أَبَلَتُه
أَي وَبَلَتُه، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، أَي ذَهَبَتْ مَضَرَّتُه وإِثْمُه، وَهُوَ مِنَ الوَبال، وَيُرْوَى بِالْهَمْزِ عَلَى الْقَلْبِ، وَيُرْوَى وَبَلَتُه. والوَبَالُ: الفسادُ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الوَبِيل؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ شَرُّه ومَضَرَّته. الْجَوْهَرِيُّ: الوَبَلَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، الثَّقَل والوَخَامة مِثْلُ الأَبَلةِ، والوَبالُ الشِّدَّةُ والثِّقَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلَّ بِناءٍ وَبَالٌ عَلَى صاحِبه
؛ الوَبالُ فِي الأَصل: الثِّقَل وَالْمَكْرُوهُ، وَيُرِيدُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها
وفَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا
؛ أَي شَدِيدًا. وضَرْبٌ وَبِيلٌ أَي شَدِيدٌ. ووَبَلَ الصيدَ وَبْلًا: وَهُوَ الغَتُّ وشدَّةُ الطَّرْد، وعَذابٌ وَبِيلٌ كَذَلِكَ. والوَبِيلةُ: العَصَا مَا كَانَتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والوَبِيلُ والمَوْبِلُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ: الْعَصَا الغليظةُ الضخمةُ؛ قال الشاعر:
__________
(2) . قوله [وفي حديث يحيى إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ كُلُّ مَالٍ أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَقَدْ ذهبت وبلته
أَيْ ذَهَبَتْ مَضَرَّتُهُ وَإِثْمُهُ، وَهُوَ مِنَ الْوَبَالِ، وَيُرْوَى بالهمز على القلب، وقد تقدم

(11/720)


أَما وَالَّذِي مَسَّحْتُ أَرْكانَ بَيْتِه، ... طَماعِيةً أَن يَغْفِر الذنبَ غافِرُه
لَوْ أَصْبَحَ فِي يُمْنَى يَدَيَّ زِمامُها، ... وَفِي كَفِّيَ الأُخْرى وَبِيلٌ تُحاذِرُهْ
لجاءتْ عَلَى مَشْي الَّتِي قَدْ تُنُضِّيت، ... وذَلَّتْ وأَعْطتْ حَبْلها لَا تُعاسِرُهْ
يَقُولُ: لَوْ تشدَّدْت عَلَيْهَا وأَعْدَدْت لَهَا مَا تكْرَه لَجاءَتْ كأَنها نَاقَةٌ قَدْ تُنُضِّيتْ أَي أُتْعِبت بِالسَّيْرِ وَرُكِبَتْ حَتَّى هُزِلت وَصَارَتْ نِضْوةً، والنِّضْوُ: البعيرُ الْمَهْزُولُ، وأَعْطَت حَبْلها أَي انقادَت لِمَنْ يَسوقُها وَلَمْ تُتْعبه لذُلِّها، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنه جَعَلَ مَا ذَكَرَهُ كِنَايَةً عَنِ امرأَة وَاللَّفْظُ لِلنَّاقَةِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ فِي المَوْبِلِ العَصَا الضَّخْمَةِ:
زَعَمَتْ جُؤَيَّةُ أَنَّني عَبْدٌ لَهَا ... أَسْعَى بمَوْبِلِها، وأُكْسِبُها الخَنا
وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ:
يَظَلُّ عَلَى البَوْرِ اليَفَاعِ كأَنه، ... مِنَ الغارِ والخَوْفِ المُحِمِّ، وَبِيلُ
يَقُولُ: ضَمَر مِنَ الغَيْرة والخوفِ حَتَّى صَارَ كالعَصا؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
فَقَامَ تُرْعَدُ كَفَّاهُ بِمِيبَلِه، ... قَدْ عادَ رَهْباً رَذيّاً طائشَ القَدَمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي مِيبَل مِفْعَل مِنَ الوَبيل، تَقُولُ الْعَرَبُ: رأَيت وَبِيلًا عَلَى وبِيلٍ «1» أَي شَيْخًا عَلَى عَصاً، وَجَمْعُ المِيبَل مَوَابِل، عَادَتِ الواوُ لِزَوالِ الْكَسْرَةِ. والوَبِيلُ: الْقَضِيبُ الَّذِي فِيهِ لِينٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
إِمّا تَرَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ
والوَبِيلُ: خشَبة القصَّار الَّتِي يدقُّ بِهَا الثِّيَابَ بَعْدَ الْغَسْلِ. والوَبِيلُ: خَشَبَةٌ يُضْرَبُ بِهَا الناقوسُ. ووَبَلَه بالعَصا والسَّوْط وَبْلًا: ضرَبه، وَقِيلَ: تَابَعَ عَلَيْهِ الضرْب. ووَبَلْتُ الفرسَ بالسَّوْطِ أَبِلُه وَبْلًا؛ قَالَ طرَفة:
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ، ... عَقِيلةُ شَيْخٍ كالوَبِيلِ يَلَنْدَدِ
والوَبِيلُ والوَبِيلَةُ والإِبَالَةُ: الحزْمة مِنَ الْحَطَبِ. التَّهْذِيبُ: والمَوْبِلَة أَيضاً الحُزْمة «2» مِنَ الْحَطَبِ؛ وأَنشد:
أَسعَى بمَوْبِلِها، وأُكسِبُها الخَنا
وَيُقَالُ: بالشّاةِ وَبَلَةٌ شَدِيدَةٌ أَي شَهْوَةٌ للفَحْل، وَقَدِ اسْتَوْبَلَتِ الْغَنَمُ. والوَابِلَةُ: طرَف رأْس العَضُدِ والفَخِذ، وَقِيلَ: هُوَ طَرَفُ الكَتِف، وَقِيلَ: هِيَ لُحْمَةُ الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمٌ فِي مَفْصِل الرُّكْبة، وَقِيلَ: الوَابِلَتَان مَا الْتَفَّ مِنْ لَحْمِ الفَخِذين فِي الوَرِكَيْن، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هِيَ الحَسَنُ، وَهُوَ طرَف عظْم العَضُدِ الَّذِي يَلي المَنْكِب، سُمِّيَ حَسَناً لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ؛ وأَنشد:
كأَنه جَيْأَلٌ عَرْفاءُ عارَضَها ... كَلْبٌ، ووَابِلَةٌ دَسْماءُ فِي فِيها
وَقَالَ شَمِرٌ: الوَابِلَةُ رأْس العضُد فِي حُقِّ الكتِف. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَهْدَى رَجُلٌ لِلْحَسَنِ والحُسين، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَلَمْ يُهْد لابن الحَنفيَّة
__________
(1) . قوله [رَأَيْتُ وَبِيلًا عَلَى وَبِيلٍ] عبارة القاموس: وأبيل على وبيل شيخ على عصاً
(2) . قول [والمَوْبِلَة أيضاً الحزمة إلخ] وقوله [أسعى بمَوْبِلِها إلخ] هكذا في الأصل

(11/721)


فأَوْمَأَ عليٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى وَابِلَةِ محمدٍ ثُمَّ تَمَثَّل:
وَمَا شَرُّ الثلاثةِ، أُمَّ عَمْرو، ... بصاحِبك الَّذِي لَا تُصْبِحِينا
الوَابِلةُ: طرفُ العضُد فِي الكتِف وَطَرَفُ الفَخِذ فِي الوَرِك، وَجَمْعُهَا أَوَابِل. والوَابِلَة: نَسْل الإِبل وَالْغَنَمِ. ووَبَال: فرَس ضَمْرةَ بنِ جَابِرٍ. ووَبَال: اسْمُ ماءٍ لبني أَسَد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
تِلْك المَكارم، يَا فَرَزْدَقُ، فاعْترف ... لَا سَوْق بَكْرِك، يَوْمَ جُرفِ وَبالِ
وتل: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الوُتُلُ «1» مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَلَؤُوا بُطُونَهُمْ مِنَ الشَّرَابِ، الْوَاحِدِ أَوْتَل، والكُتَّام، بِالتَّاءِ: الْمَالِئُوهَا من الطعام.
وثل: وَثَّلَ الشيءَ: أَصَّله ومكَّنه، لُغَةٌ فِي أَثَّله، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ وَثَّالًا. ووَثَّلَ مَالًا: جَمَعَهُ، لُغَةٌ فِي أَثَّل. والوَثِيلُ: الضَّعِيفُ. والوَثِيلُ: كَلُّ خَلَق مِنَ الشَّجَرِ. والوَثْلُ: اللِّيفُ نَفْسُهُ. والوَثِيل: الخَلَق مِنْ حِبال اللِّيف. والوَثِيل: اللِّيف. والوَثيل: الْحَبْلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: الوَثَلُ، بِالتَّحْرِيكِ، والوَثِيلُ جَمِيعًا الْحَبْلَ مِنَ اللِّيف، وَقِيلَ الوَثِيل الْحَبْلُ مِنَ القِنَّب. ابْنُ الأَعرابي: الوَثَل: وسَخ الأَديم الَّذِي يُلْقَى مِنْهُ، وَهُوَ الحَمُّ والتِّحْلِئ. ووَاثِلَةُ: مِنَ الأَسماء مأْخوذ مِنَ الوَثِيل. ووَثْل ووَثَالَة ووَثَّال: أَسماء. ووَاثِلَة والوَثِيل: مَوْضِعَانِ، وسُحَيم بن وَثِيل.
وجل: الوَجَل: الْفَزَعُ وَالْخَوْفُ، وَجِلَ وَجَلًا، بِالْفَتْحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وعَظَنا مَوْعِظة وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ
، ووَجِلْتَ تَوْجَلُ وَفِي لُغَةٍ تَيْجَلُ، وَيُقَالُ: تَاجَلُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَجِلَ يَاجَلُ ويِيجَلُ، أَبدلوا الْوَاوَ أَلفاً كَرَاهِيَةَ الْوَاوِ مَعَ الْيَاءِ، وَقَلَبُوهَا فِي يِيجَلُ يَاءً لِقُرْبِهَا مِنَ الْيَاءِ، وَكَسَرُوا الْيَاءَ إِشْعاراً بِوَجِلَ، وَهُوَ شَاذٌّ، الْجَوْهَرِيُّ: فِي المستقبَل مِنْهُ أَربع لُغَاتٍ يَوْجَلُ ويَاجَلُ ويَيْجَلُ ويِيجَلُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشبهه مِنْ بَابِ الْمِثَالِ إِذا كَانَ لَازِمًا، فَمَنْ قَالَ يَاجَلُ جَعَلَ الْوَاوَ أَلفاً لِفَتْحَةِ مَا قَبْلَهَا، وَمَنْ قَالَ يِيجَلُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، فَهِيَ عَلَى لُغَةِ بَنِي أَسد فإِنهم يَقُولُونَ أَنا إِيجَلُ وَنَحْنُ نِيجَلُ وأَنت تِيجَلُ، كُلُّهَا بِالْكَسْرِ وَهُمْ لَا يَكْسِرُونَ الْيَاءَ فِي يَعْلَم لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَسْرَ عَلَى الْيَاءِ، وإِنما يَكْسِرُونَ فِي يِيجَلُ لتقوَّى إِحدى الْيَاءَيْنِ بالأُخرى، وَمَنْ قَالَ يَيْجَلُ بَنَاهُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ، وَلَكِنَّهُ فَتَحَ الْيَاءَ كَمَا فَتَحُوهَا فِي يَعْلم، والأَمر مِنْهُ إِيْجَلْ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما كُسِرَتِ الْيَاءُ مِنْ يِيجَلُ لِيَكُونَ قَلْبُ الْوَاوِ يَاءً بِوَجْهٍ صَحِيحٍ، فأَما يَيْجَلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ فإِنَّ قَلْبَ الْوَاوِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَتَقُولُ مِنْهُ: إِنِّي لأَوْجَلُ، ورجلٌ أَوْجَلُ ووَجِلٌ، قَالَ الشَّاعِرُ مَعْن بنُ أَوْس المُزَني:
لَعَمْرُكَ مَا أَدرِي، وإِنِّي لأَوْجَلُ، ... عَلَى أَيِّنا تَغْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
وَكَانَ لَهَا جارَانِ لَا يَخْفُرَانِها: ... أَبو جَعْدَة العادِي، وعَرْفاءُ جَيْأَلُ
أَبو جَعْدة: الذِّئْبُ، وعَرْفاء: الضبُع، وإِذا وَقَعَ الذِّئْبُ والضبُع فِي غَنَمٍ مَنَعَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: اللهمَّ ضَبُعاً وذِئباً أَي اجْمَعْهُما، وإِذا اجْتَمَعَا سَلِمَت الْغَنَمُ، وَجَمْعُهُ وِجَال،
__________
(1) . قوله [الوُتُل] قال في القاموس بضمتين وضبط في التكملة كقفل وهو القياس

(11/722)


قَالَتْ جَنُوبُ أُخت عَمْرو ذِي الكَلْب تَرْثِيه:
وكُلُّ قَتِيلٍ، وإِن لَمْ تَكُنْ ... أَرَدْتَهُمُ، مِنْكَ بَاتُوا وِجالا «1»
والأُنثى وَجِلَة وَلَا يُقَالُ وَجْلاء، وقومٌ وَجِلُون ووِجَالٌ. ووَاجَلَهُ فوَجَلَهُ: كَانَ أَشدَّ وَجَلًا مِنْهُ. وَهَذَا مَوْجِلَه، بِالْكَسْرِ: لِلْمَوْضِعِ. والوَجِيل والمَوْجِل: حُفْرَةٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، يمانية.
وحل: الوَحَل، بِالتَّحْرِيكِ: الطينُ الرَّقيق الَّذِي ترتَطِمُ فِيهِ الدَّوَابُّ، والوَحْل، بِالتَّسْكِينِ، لُغَةٌ رديَّة، وَالْجَمْعُ أَوْحَالٌ ووُحُولٌ. والمَوْحَل بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَبِالْكَسْرِ الْمَكَانُ. واسْتَوْحَلَ الْمَكَانُ: صَارَ فِيهِ الوَحَل. ووَحِلَ، بِالْكَسْرِ، يَوْحَلُ وَحَلًا، فَهُوَ وَحِلٌ: وَقَعَ فِي الوَحَل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ، ... كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
وأَوْحَله غيرُه إِذا أَوقعَه فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
سُراقة: فوَحِلَ بِي فَرَسي وإِنني لَفي جَلَدٍ مِنَ الأَرض
أَي أَوقعني فِي الوَحَل؛ يُرِيدُ كأَنه يسِير بِي فِي طِينٍ وأَنا فِي صُلْب مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ أَسْرِ
عُقْبة بْنِ أَبي مُعَيْط: فوَحِلَ بِهِ فرسُه فِي جَدَدٍ مِنَ الأَرض
، والجَدَدُ: مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض. ووَاحَلَني فوَحَلْتُه أَحِلُه: كنتُ أَخْوَضَ للوَحَل مِنْهُ، ووَاحَلَه فوَحَلَه. والمَوْحِل: الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الوَحَل؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهُذلي:
فأَصْبَحَ العِينُ رُكوداً على ... الأَوْشاذِ أَن يَرْسَخْنَ فِي المَوْحَلِ
يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مِنَ الْمَصْدَرِ وَالْمَكَانِ، يَقُولُ: وقفتْ بقَرُ الوَحْش عَلَى الرَّوابي مَخافة الوَحَل لِكَثْرَةِ الأَمطار. وأَوْحَلَ فلانٌ فُلَانًا شَرًّا: أَثقله بِهِ. ومَوْحَل: مَوْضِعٌ «2» ؛ قَالَ:
مِنْ قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَيْ مَوْحَل
ودل: وَدَلَ السِّقاءَ وَدْلًا: مخَضه.
وذل: الوَذِيلَةُ والوَذِلَةُ والوَذَلَةُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّشِيطَةُ الرَّشيقة. ابْنُ بُزرْج: الوَذَلَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّاسِ والإِبل وَغَيْرِهَا. يُقَالُ: خادِم وَذَلَةٌ. وَرَجُلٌ وَذَلٌ ووَذِلٌ: خَفِيفٌ سَرِيعٌ فِيمَا أَخَذ فِيهِ. والوَذِيلَةُ: المِرآة، طَائِيَّةٌ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ الْهُذَلِيُّ الوذِيلَة المِرآة فِي لغتِنا، والوَذيلَة السَّبيكة مِنَ الفِضَّة؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، والوَذِيلَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَقِيلَ: مِنَ الْفِضَّةِ المَجْلُوَّة خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ وَذِيلٌ ووَذَائِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الطرِمَّاح:
بِخُدودٍ كالوَذَائِلِ لَمْ ... يُخْتَزَنْ عَنْهَا وَرِيُّ السَّنامِ
الوَرِيُّ: السَّمِينُ، والوَذَائِل: جَمْعُ وَذِيلَة الْمِرْآةُ، وَقِيلَ: صَفيحة الْفِضَّةِ؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
وبَياض وَجْهٍ لَمْ تَحُلْ أَسْرارُهُ، ... مِثْل الوَذِيلَة أَو كَشَنْفِ الأَنضُرِ
الأَنضُر: جَمْعُ نَضْر وَهُوَ الذَّهَبُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ مَا زِلْت أَرُمُّ أَمرَك بوَذَائِلِه
؛ قَالَ: هِيَ جَمْعُ وَذِيلَة وَهِيَ السَّبيكة مِنَ الْفِضَّةِ، يُرِيدُ أَنه زَيَّنه وحسَّنه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَراد بالوَذَائِل جَمْعَ وَذِيلَة وَهِيَ المِرآة بِلُغَةِ هُذَيْلٍ، مَثَّلَ بِهَا آرَاءَهُ الَّتِي كَانَ يَراها لِمُعَاوِيَةَ وأَنها أَشباه المَرايا، يرى فيها وُجوه
__________
(1) . 1 قوله" وكل قتيل" هكذا في الأصل والمحكم، ولعله وكل قبيل.
(2) . قوله [ومَوْحَل موضع] كذا في الأصل مضبوطاً

(11/723)


صَلاح أَمره وَاسْتِقَامَةِ مُلْكه أَي مَا زِلت أَرُمُّ أَمرك بِالْآرَاءِ الصَّائِبَةِ وَالتَّدَابِيرِ الَّتِي يُسْتَصْلَحُ المُلْك بِمِثْلِهَا. والوَذِيلَةُ: الْقِطْعَةُ مِنْ شَحْمِ السَّنام والأَلْية عَلَى التَّشْبِيهِ بِصَفِيحَةِ الْفِضَّةِ؛ قَالَ:
هَلْ فِي دَجُوبِ الحُرَّة المَخِيطِ ... وَذِيلَةٌ تَشْفِي مِنَ الأَطِيطِ؟
الدَّجُوبُ: الغِرارة. والوَذَالَةُ: مَا يقطَع الجزَّار مِنَ اللَّحْمِ بِغَيْرِ قَسْم. يُقَالُ: لَقَدْ توَذَّلُوا منه.
ورل: الوَرَلُ: دابَّةٌ عَلَى خِلقة الضَّبِّ إِلّا أَنه أَعظم مِنْهُ، يَكُونُ فِي الرِّمال والصَّحارِي، وَالْجَمْعُ أَوْرَالٌ فِي الْعَدَدِ ووِرْلانٌ وأَرْؤُل، بِالْهَمْزِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَرْؤُل مَقْلُوبٌ مِنْ أَوْرُل، وَقَلَبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي الْجَمْعِ عَلَى أَوْرَال:
تُطْعِم فَرْخاً لَهَا، قَرْقَمَهُ الجوعُ والإِحْثالُ ... قُلوبَ خِزَّانٍ ذَوِي أَوْرَال كَمَا تُرزَقُ العِيال «1»
وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ فِي الْوَاحِدِ:
عَنْ لِسانٍ، كجُثَّة الوَرَلِ الأَصفر، ... مَجَّ النَّدَى عَلَيْهِ العَرارُ
والأُنثى وَرْلَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَرَلُ سَبِط الخلْق طَوِيلُ الذنَب كأَنَّ ذنَبه ذنبُ حيَّة، قَالَ: ورُبَّ وَرَل «2» . يَرْبو طولُه عَلَى ذِراعين، قَالَ: وأَما ذَنْبُ الضَّبِّ فَهُوَ عَقِد وأَطول مَا يَكُونُ قدْر شِبر، وَالْعَرَبُ تستخبِث الوَرَل وتستقذِره فَلَا تأْكله، وأَما الضبُّ فإِنهم يحرِصون عَلَى صَيْدِهِ وأَكله، والضبُّ أَحْرَشُ الذَّنَبِ خَشِنه مُفَقَّره، وَلَوْنُهُ إِلى الصُّحْمة وَهِيَ غُبْرة مُشْرَبة سَواداً، وإِذا سَمِن اصْفَرَّ صَدْرُهُ وَلَا يأْكل إِلَّا الجَنادِب والدُّبَّاء والعُشْب وَلَا يأْكل الهوامَّ، وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العَقارب والحيَّات والحَرابي والخَنافس وَلَحْمُهُ دِرْياق، وَالنِّسَاءُ يتسمَّنَّ بِلَحْمِهِ. وأُرُلٌ: مَوْضِعٌ يَجُوزُ أَن تَكُونَ هَمْزَتُهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، وأَن تَكُونَ وَضْعًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَن تَكُونَ وَضْعًا أَولى لأَنا لَمْ نسمع وُرُلًا البتَّة.
ورنتل: وَرَنْتَلٌ: الشرُّ والأَمرُ الْعَظِيمُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، قَالَ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى الْوَاوِ أَنها أَصل لأَنها لَا تُزَادُ أَولًا أَلْبَتَّةَ، وَالنُّونُ ثَالِثَةٌ وَهُوَ مَوْضِعُ زِيَادَتِهَا، إِلَّا أَن يَجِيءَ ثَبَتٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: النُّونُ فِي وَرَنْتَلٍ زَائِدَةٌ كَنُونِ جَحَنْفَل، وَلَا تَكُونُ الْوَاوُ هُنَا زَائِدَةً لأَنها أَول وَالْوَاوُ لَا تُزَادُ أَولًا البتة.
وسل: الوَسِيلَةُ: المَنْزِلة عِنْدَ المَلِك. والوَسِيلة: الدَّرَجة. والوَسِيلة: القُرْبة. ووَسَّلَ فلانٌ إِلى اللَّهِ وَسِيلَةً إِذا عَمِل عَمَلًا تقرَّب بِهِ إِليه. والوَاسِل: الراغِبُ إِلى اللَّهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَرى الناسَ لَا يَدْرونَ مَا قَدْرُ أَمرِهم، ... بَلى كلُّ ذِي رَأْيٍ إِلى اللَّهِ وَاسِلُ
وتَوَسَّلَ إِليه بوَسِيلَةٍ إِذا تقرَّب إِليه بعَمَل. وتَوَسَّلَ إِليه بِكَذَا: تقرَّب إِليه بحُرْمَةِ آصِرةٍ تُعْطفه عَلَيْهِ. والوَسِيلَةُ: الوُصْلة والقُرْبى، وَجَمْعُهَا الوَسَائِل، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
؛ الجوهري:
__________
(1) . قوله [تطعم فرخاً إلخ] هكذا في الأصل بهذا الضبط وبصورة بيتين، وعبارة الأصل في حثل: وَأَحْثَلْتُ الصَّبِيَّ إِذَا أَسَأْتَ غذاءه، ثم قال قال امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تُطْعِمُ فَرْخًا لَهَا سَاغِبًا ... أَزْرَى بِهِ الجوع والأحثال
وفي التكملة وشرح القاموس في ورل: أَوْرَال مَوْضِعٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ عقاباً:
تخطف خزان الأنيعم بالضحى ... وقد جحرت منها ثعالب أَوْرَال
(2) . قوله [ورب وَرَل إلخ] لعله ورب ذنب وَرَلٍ إلخ

(11/724)


الوَسِيلَةُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلى الغَيْر، وَالْجَمْعُ الوُسُلُ والوَسَائِلُ. والتَّوْسِيلُ والتَّوَسُّلُ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان:
اللهمَّ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَة
؛ هِيَ فِي الأَصل مَا يُتَوَصَّل بِهِ إِلى الشَّيْءِ ويُتَقَرَّب بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ القُرْبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: هِيَ الشفاعةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنازِل الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. وَشَيْءٌ واسِلٌ: واجبٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وأَنت لَا تَنْهَرُ حَظًّا وَاسِلا
والتَّوَسُّل أَيضاً: السَّرِقة، يُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ إِبِلي تَوَسُّلًا أَي سَرقة. ومُوَيْسِلٌ: ماءٌ لِطَيّءٍ؛ قَالَ واقِدُ بْنُ الغِطْرِيف الطَّائِيُّ وَكَانَ قَدْ مَرِضَ فَحُمِيَ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ:
لَئنْ لَبَنُ المِعْزَى بِماءِ مُوَيْسِل ... بَغانِيَ دَاءً، إِنَّني لَسَقيمُ
وشل: الوَشَل، بِالتَّحْرِيكِ: الماءُ الْقَلِيلُ يَتَحَلَّب مِنْ جَبَلٍ أَو صخْرة يقطُر مِنْهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، لَا يَتَّصِلُ قطْره، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا مِنْ أَعلى الجَبل، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ يخرُج مِنْ بَيْنِ الصخْر قَلِيلًا قَلِيلًا، وَالْجَمْعُ أَوْشَال. ووَشَل يَشِلُ وَشْلًا ووَشْلاناً: سَالَ أَو قَطَر. وجَبَلٌ وَاشِلٌ: يقطُر مِنْهُ الْمَاءُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: لَا يَزال يتحلَّب منه الماءُ، قد قِيلَ: الوَشَلُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنَ الأَضداد. التَّهْذِيبُ: ماءٌ وَاشِلٌ يَشِلُ مِنْهُ وَشْلًا. أَبو عُبَيْدٍ: الوَشَلُ مَا قطَر مِنَ الْمَاءِ، وَقَدْ وَشَلَ يَشِلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت فِي الْبَادِيَةِ جبَلًا يقطُر فِي لَجَفٍ مِنْهُ مِنْ سَقْفه مَاءٌ فيجتَمِع فِي أَسفله يُقَالُ لَهُ الوَشَل. ابْنُ الأَعرابي عَنِ الدُّبَيْرية: يُسَمَّى الْمَاءُ الَّذِي يقطُر مِنَ الْجَبَلِ المَذْعَ والفَزِيزَ والوَشَلَ. وَنَاقَةٌ وَشُول: كَثِيرَةُ اللَّبَنِ يَشِلُ لبنُها مِنْ كَثْرَتِهِ أَي يَسيل ويقطُر مِنَ الوَشَلان. وَنَاقَةٌ وَشُول: دَائِمَةٌ عَلَى مَحْلَبها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَكَذَلِكَ الوَشَل مِنَ الدَّمْعِ يَكُونُ القليلَ والكثيرَ؛ وَبِالْكَثِيرِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ:
إِنَّ الَّذِينَ غَدَوْا بِلُبِّك غادَرُوا ... وَشَلًا بِعَيْنِك مَا يَزال مَعِينا
والأَوْشَالُ: مياهٌ تَسيلُ مِنْ أَعْراض الجِبال فتجتَمع ثُمَّ تُساق إِلى المَزارع؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَفِي الْمَثَلِ: وهَلْ بالرِّمَالِ أَوْشَال؟ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: رِمالٌ دَمِثَة وعُيون وَشِلَة
؛ الوَشَل: الماء القليل. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِحَفَّار حَفَر لَهُ بِئْرًا: أَخَسَفْتَ أَمْ أَوْشَلْت؟
أَي أَنْبَطْت مَاءً كَثَيِرًا أَم قَلِيلًا. وأَوْشَلَ حظَّه: أَقَلَّه وأَخَسَّه؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتُ مِنْ حِظاظِها ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَلْقَتْ إِليه، عَلَى جَهْدٍ، كَلاكِلها ... سعدُ بْنُ بكْر، وَمِنْ عُثْمَانَ مَنْ وَشَلا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: وَشَل وُشُولًا احْتَاجَ وضعُف وافتقَر وقَلَّ غَناؤه. ابْنُ السَّكِّيتِ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ الوُشُول قِلَّة الغَناء والضَّعْفُ والنُّقْصان؛ وأَنشده:
إِذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ، ... وَشَلْتُمْ وُشُولَ يَدَ الأَجْذم
وَيُقَالُ: وَشَل فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ إِذا ضَرَع إِليه، فَهُوَ وَاشِلٌ إِليه. ورأْيٌ وَاشِلٌ، وَرَجُلٌ وَاشِلُ الرأْيِ: ضعيفُه. وَفُلَانٌ واشِلُ الحظِّ أَي ناقصُه لَا جِدَّ لَهُ.

(11/725)


وأَوْشَلْت حظَّ فُلَانٍ أَي أَقْلَلْته. والوُشُولُ: قِلَّة الغَناء والضَّعْفُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي صُحَار يَمْدَحُ عُبيد اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ:
وَدَّعَ مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وشَيَّعَه ... مَجْدٌ يُصاحِبُه، إِنْ سارَ أَو نزَلا
أَلْقَتِ إِليه، عَلَى جَهْدٍ، كَلاكِلَها ... سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، ومِنْ عُثْمَانَ مَنْ وَشَلا
أَي احْتَاجَ. والوَشَل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو القَمْقام الأَسَدي:
إِقْرَأْ عَلَى الوَشَلِ السَّلامَ، وقُلْ لَهُ: ... كلُّ المَشارِبِ، مُذْ هُجِرْتَ، ذَمِيمُ
وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ عَظِيمٍ بِنَاحِيَةِ تِهَامَةَ وَفِيهِ مِياهٌ عَذْبة. وَجَاءَ القومُ أَوْشَالًا أَي يَتْبع بعضُهم بَعْضًا. والمَواشِلُ: مَعْرُوفَةٌ «3» مِنَ الْيَمَامَةِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا حقيقته.
وصل: وَصَلْت الشَّيْءَ وَصْلًا وَصِلَةً، والوَصْلُ ضِدُّ الهِجْران. ابْنُ سِيدَهْ: الوَصْل خِلَافُ الفَصْل. وَصَلَ الشيءَ بِالشَّيْءِ يَصِلُه وَصْلًا وَصِلَةً وصُلَةً؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: لَا أَدري أَمُطَّرِدٌ هُوَ أَم غَيْرُ مطَّرد، قَالَ: وأَظنه مُطَّرِداً كأَنهم يَجْعَلُونَ الضَّمَّةَ مُشْعِرة بأَن الْمَحْذُوفَ إِنما هِيَ الْفَاءُ الَّتِي هِيَ الْوَاوُ، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: الضمَّة فِي الصُّلَة ضَمَّةُ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ مِنَ الوُصْلة، وَالْحَذْفُ وَالنَّقْلُ فِي الضَّمَّةِ شَاذٌّ كَشُذُوذِ حَذْفِ الْوَاوِ فِي يَجُدُ، ووَصَّلَهُ كِلَاهُمَا: لأَمَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ
، أَي وَصَّلْنا ذِكْرَ الأَنْبياء وأَقاصِيصَ مَنْ مَضَى بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، لَعَلَّهُمْ يَعْتَبرون. واتَّصَلَ الشيءُ بِالشَّيْءِ: لَمْ يَنْقَطِعْ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي:
قامَ بِهَا يُنْشِدُ كُلَّ مُنْشِدِ، ... وايْتَصَلَتْ بمِثْلِ ضَوْءِ الفَرْقَدِ
إِنما أَراد اتَّصَلَتْ، فأَبدل مِنَ التَّاءِ الأُولى يَاءً كَرَاهَةً لِلتَّشْدِيدِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
سُحَيْراً، وأَعْناقُ المَطِيِّ كأَنَّها ... مَدافِعُ ثِغْبانٍ أَضَرَّ بِهَا الوَصْلُ
مَعْنَاهُ: أَضَرَّ بِهَا فِقْدان الوَصْل، وَذَلِكَ أَن ينقطِع الثَّغَب فَلَا يَجْري وَلَا يَتَّصِل، والثَّغَبُ: مَسِيلٌ دَقيقٌ، شَبَّه الإِبِل فِي مَدِّها أَعناقها إِذا جَهَدَها السَّيْرُ بالثَّغَب الَّذِي يَخُدُّه السَّيْلُ فِي الْوَادِي. ووَصَلَ الشيءُ إِلى الشَّيْءِ وُصُولًا وتَوَصَّلَ إِليه: انْتَهَى إِليه وبَلَغه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبان حِينًا، وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ، ويُغْشِيها الأَمانَ رِبابُها
ووَصَّلَه إِليه وأَوْصَلَه: أَنهاهُ إِليه وأَبْلَغَهُ إِياه. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّن: أَنه لَمَّا حمَل عَلَى العدُوِّ مَا وَصَلْنا كَتِفَيْه حَتَّى ضرَب فِي الْقَوْمِ
أَي لَمْ نَتَّصِل بِهِ وَلَمْ نَقْرُب مِنْهُ حَتَّى حمَل عَلَيْهِمْ مِنَ السُّرْعة. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت سَبَباً وَاصِلًا مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرض
أَي مَوْصولًا، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كماءٍ دافِقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَلَوْ جُعِلَ عَلَى بَابِهِ لَمْ يَبْعُد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: صِلُوا السيوفَ بالخُطى والرِّماحَ بالنَّبْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي إِذا قَصُرت السُّيُوفُ عَنِ الضَّريبة فتقدَّموا تَلْحَقوا وإِذا لَمْ تَلحَقْهم الرماحُ فارْمُوهم بالنَّبْل؛ قَالَ: وَمِنْ أَحسن وأَبلغ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ زهير:
__________
(3) . قوله [والمَوَاشِل معروفة] عبارة المحكم: والمَوَاشِل مواضع معروفة

(11/726)


يَطعَنُهُمْ مَا ارْتَمَوْا، حَتَّى إِذا طَعَنُوا ... ضَارَبَهُمْ، فإِذا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقا
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسمُ نَبْلِه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، المُوتَصِلَة
؛ سُمِّيَتْ بِهَا تَفَاؤُلًا بوُصولها إِلى العدوِّ، والمُوتَصِلَة لُغَةُ قُرَيْشٍ فإِنها لَا تُدْغم هَذِهِ الْوَاوُ وأَشباهها فِي التَّاءِ، فتقول مُوتَصِلٌ ومُوتَفِق ومُوتَعِد وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُمْ يُدْغم فَيَقُولُ مُتَّصِل ومُتَّفِق ومُتَّعِد. وأَوْصَلَه غيرُه ووَصَلَ: بِمَعْنَى اتَّصَل أَي دَعا دعْوى الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ: يَا لَ فُلَانٍ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ
؛ أَي يَتَّصِلون؛ الْمَعْنَى اقتُلوهم وَلَا تَتَّخِذوا مِنْهُمْ أَولياء إِلَّا مَنِ اتَّصَل بِقَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاق واعْتَزَوْا إِليهم. واتَّصَلَ الرجلُ: انتسَب وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا اتَّصَلَتْ قالتْ لِبَكْرِ بنِ وائِلٍ، ... وبَكْرٌ سَبَتْها، والأُنُوفُ رَواغِمُ «1»
. أَي إِذا انتَسَبَتْ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ
؛ أَي يَنتَسِبون. قَالَ الأَزهري: والاتِّصَال أَيضاً الاعْتزاءُ الْمَنْهِيُّ عنه إِذا قال يا لَ بَنِي فُلَانٍ ابْنُ السِّكِّيتِ: الاتِّصال أَن يَقُولَ يَا لَفُلان، والاعتزاءُ أَن يَقُولَ أَنا ابنُ فُلَانٍ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الاتِّصَالُ دُعاء الرَّجُلِ رَهْطه دِنْياً، والاعْتزاءُ عِنْدَ شَيْءٍ يعجبُه فَيَقُولُ أَنا ابْنُ فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اتَّصَلَ فأَعِضُّوه
أَي مَنِ ادَّعى دَعْوى الجاهلية، وهي قولهم يا لَ فلان، فأَعِضُّوه أَي قُولُوا لَهُ اعْضَضْ أَيْرَ أَبيك. يُقَالُ: وَصَلَ إِليه واتَّصَلَ إِذا انتَمى. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ: أَنه أَعَضَّ إِنساناً اتَّصَلَ.
والوَاصِلَة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَصِل شعَرَها بشعَر غَيْرِهَا، والمُسْتَوْصِلَة: الطالِبة لِذَلِكَ وَهِيَ الَّتِي يُفْعَل بِهَا ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لعَنَ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا فِي الشعَر وَذَلِكَ أَن تَصِل المرأَة شعَرها بشَعَرٍ آخَرَ زُوراً. وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَيُّما امرأَةٍ وَصَلَتْ شعَرها بِشَعَرٍ آخَرَ كَانَ زُوراً
، قَالَ: وَقَدْ رَخَّصَت الْفُقَهَاءُ فِي القَرامِل وكلِّ شَيْءٍ وُصِلَ بِهِ الشَّعَرُ، وَمَا لَمْ يَكُنِ الوَصْل «2» شَعْرًا فَلَا بأْس بِهِ. وَرُوِيَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنها قَالَتْ: لَيْسَتِ الوَاصِلَةُ بِالَّتِي تَعْنون، وَلَا بأْسَ أَنْ تَعْرَى المرأَةُ عَنِ الشعَر فتَصِل قَرْناً مِنْ قرُونها بصُوفٍ أَسوَد، وإِنما الوَاصِلَة الَّتِي تَكُونُ بَغِيًّا فِي شَبيبَتِها، فإِذا أَسَنَّتْ وَصَلَتْها بالقِيادة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ لمَّا ذُكِر ذَلِكَ لَهُ: مَا سَمِعْتُ بأَعْجَب مِنْ ذَلِكَ. ووَصَلَه وَصْلًا وصِلَة ووَاصَلَهُ مُوَاصَلَةً ووِصَالًا كِلَاهُمَا يَكُونُ فِي عَفاف الْحُبِّ ودَعارَتِه، وَكَذَلِكَ وَصَلَ حَبْله وَصْلًا وصِلةً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِن وَصَلَتْ حَبْلَ الصَّفاء فَدُمْ لَهَا، ... وإِن صَرَمَتْه فانْصَرِف عَنْ تَجامُل
ووَاصَلَ حَبْله: كوَصَلَه. والوُصْلَة: الاتِّصال. والوُصْلَة: مَا اتَّصل بِالشَّيْءِ. قَالَ اللَّيْثُ: كلُّ شَيْءٍ اتَّصَل بِشَيْءٍ فَمَا بَيْنَهُمَا وُصْلة، وَالْجَمْعُ وُصَل. وَيُقَالُ: وَصَلَ فُلَانٌ رَحِمَه يَصِلُها صِلَةً. وَبَيْنَهُمَا وُصْلَة أَي اتِّصال وذَرِيعة. ووَصَلَ كتابُه إِليّ وبِرُّه يَصِلُ وُصولًا، وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ. ووَصَّلَه تَوْصِيلًا إِذا أَكثر مِنَ الوَصْل، ووَاصَلَه مُوَاصَلَةً ووِصَالًا، وَمِنْهُ المُوَاصَلةُ بِالصَّوْمِ وَغَيْرُهُ. ووَاصَلْت الصِّيام وِصَالًا إِذا لَمْ تُفْطِر أَياماً تِباعاً؛ وَقَدْ نَهَى
__________
(1) . قوله [قالت لبكر] في المحكم والتهذيب: قالت أَبكر إلخ
(2) . قوله [وَمَا لَمْ يَكُنِ الوَصْل] أي الموصول به شعراً إلخ

(11/727)


النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، عَنِ الوِصَال فِي الصَّوْمِ وَهُوَ أَن لَا يُفْطِر يَوْمَيْنِ أَو أَياماً، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلاة،
وَقَالَ: إِنَّ امْرَأً وَاصَلَ فِي الصَّلَاةِ خَرَجَ مِنْهَا صِفْراً
؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحمد بْنِ حَنْبَلٍ: مَا كُنَّا نَدْري مَا المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ حَتَّى قَدِم عَلَيْنَا الشافعيُّ، فَمَضَى إِليه أَبي فسأَله عَنْ أَشياء وَكَانَ فِيمَا سأَله عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَن يَقُولَ الإِمامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَيَقُولُ مَن خَلْفَهُ آمِينَ مَعًا أَي يَقُولُهَا بَعْدَ أَن يسكُت الإِمام، وَمِنْهَا أَن يَصِل الْقِرَاءَةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَمِنْهَا السلامُ عَلَيْكُمْ ورحمةُ اللَّهِ فيَصِلها بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، الأُولى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّة فَلَا يُجْمَع بَيْنَهُمَا، وَمِنْهَا إِذا كبَّر الإِمام فَلَا يُكَبِّر مَعَهُ حَتَّى يَسْبِقَهُ وَلَوْ بِوَاوٍ. وتَوَصَّلْت إِلى فُلَانٍ بوُصْلة وَسَبَبٍ توَصُّلًا إِذا تسبَّبت إِليه بحُرْمة. وتَوَصَّلَ إِليه أَي تلطَّف فِي الوُصول إِليه. وَفِي حَدِيثِ
عُتْبة وَالْمِقْدَامِ: أَنهما كَانَا أَسْلَما فَتَوَصَّلا بِالْمُشْرِكِينَ حَتَّى خَرجا إِلى عُبيدة بن الحرث
أَي أَرَياهم أَنهما مَعَهم حَتَّى خَرَجَا إِلى الْمُسْلِمِينَ، وتَوَصَّلَا بِمَعْنَى توسَّلا وتقرَّبَا. والوَصْل: ضِدُّ الْهِجْرَانِ. والتَّوَاصُل: ضِدُّ التَّصارُم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن أَراد أَن يَطول عُمْره فَلْيَصِلْ رَحِمَه
، تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صِلَة الرَّحِم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ كِناية عَنِ الإِحسان إِلى الأَقرَبين مِنْ ذَوِي النسَب والأَصْهار والعَطف عَلَيْهِمْ والرِّفْق بِهِمْ والرِّعاية لأَحْوالهم، وَكَذَلِكَ إِن بَعُدُوا أَو أَساؤوا، وقَطْع الرَّحِم ضدُّ ذَلِكَ كلِّه. يُقَالُ: وَصَلَ رَحِمَه يَصِلُها وَصْلًا وصِلَةً، وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ فكأَنه بالإِحسان إِليهم قَدْ وَصَلَ مَا بَيَّنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عَلاقة القَرابة والصِّهْر. وَفِي حَدِيثِ
جابرٍ: إِنه اشْتَرَى مِنِّي بَعيراً وأَعطاني وَصْلًا مِنْ ذهَب
أَي صِلةً وهِبةً، كأَنه مَا يَتَّصِل بِهِ أَو يَتَوَصَّل فِي مَعاشه. ووَصَلَه إِذا أَعطاه مَالًا. والصِّلَة: الْجَائِزَةُ والعطيَّة. والوَصْل: وَصْل الثَّوْبِ والخُفّ. وَيُقَالُ: هَذَا وَصْل هَذَا أَي مِثْلُهُ. والمَوْصِل: مَا يُوصَل مِنَ الْحَبْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَوْصِل مَعْقِد الحبْل فِي الحَبْل. وَيُقَالُ للرجُلين يُذكران بِفِعال وَقَدْ مَاتَ أَحدهما: فَعَل كَذَا وَلَا يُوصَلُ حَيٌّ بميت، وليس له بِوَصِيل أَي لَا يَتْبَعُه؛ قَالَ الغَنَوِي:
كمَلْقَى عِقالٍ أَو كمَهْلِك سالِمٍ، ... ولسْتَ لِمَيْتٍ هَالِكٍ بِوَصِيلِ
وَيُرْوَى:
وَلَيْسَ لِحَيٍّ هالِك بِوَصِيل
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ المتنَخِّل الْهُذَلِيِّ:
ليسَ لِمَيْتٍ بِوَصِيلٍ، وقد ... عُلِّقَ فيه طَرَفُ المَوْصِلِ
دُعاء لِرَجُلٍ أَي لَا وُصِلَ هَذَا الْحَيِّ بِهَذَا المَيت أَي لَا ماتَ مَعَهُ وَلَا وُصِل بِالْمَيِّتِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ عُلِّقَ فِيهِ طَرَفٌ مِنَ الْمَوْتِ أَي سيَمُوت ويَتَّصِل بِهِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعَنَّى فِيهِ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الدُّعاء إِنما يُريد: لَيْسَ هُوَ مَا دَامَ حَيًّا بِوَصِيلٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى أَنه قَدْ عُلِّق فِيهِ طَرَفَ المَوْصِل أَي أَنه سيَمُوت لَا مَحَالَةَ فيَتَّصِل بِهِ وإِن كَانَ الْآنَ حَيًّا، وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: يَقُولُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَلَا يُوَاصِلُهُ الحيُّ، وَقَدْ عُلِّق فِي الْحَيِّ السَّبَب الَّذِي يُوَصِّله إِلى مَا وَصَل إِليه الْمَيِّتُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنْ وَصَلْت الكِتابَ صِرْتَ إِلى اللهِ، ... ومَن يُلْفَ وَاصِلًا فَهُوَ مُودِي

(11/728)


قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَعْنِي لَوْح المَقابر يُنْقر ويُتْرَك فِيهِ مَوْضِعٌ لِلْمَيِّتِ «1» بَياضاً، فإِذا مَاتَ الإِنسانُ وُصِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِاسْمِهِ. والأَوْصَال: المَفاصِل.
وَفِي صِفته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ فَعْمَ الأَوْصالِ
أَي ممْتَلئَ الأَعضاء، الواحدُ وِصْل. والمَوْصِل: المَفْصِل. ومَوْصِل الْبَعِيرِ: مَا بَيْنَ العَجُز والفَخِذ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَرَى يَبِيسَ الماءِ دُونَ المَوْصِلِ ... منه بِعجْزٍ، كصَفاةِ الجَيْحَلِ
الجَيْحَل: الصُّلْب الضَّخْم. والوِصْلانِ: العَجُز والفَخِذ، وَقِيلَ: طَبَق الظَّهْرِ. والوِصْل والوُصْل: كلُّ عَظْمٍ عَلَى حِدَة لَا يكسَر وَلَا يُخْلط بِغَيْرِهِ وَلَا يُوصَل بِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ الكِسْرُ [الكَسْرُ] والجِدْلُ [الجَدْلُ] ، بِالدَّالِ، وَالْجَمْعُ أَوْصَال وجُدُول، وَقِيلَ: الأَوْصَال مجتَمَع الْعِظَامِ، وَكُلُّهُ مِنَ الوَصْل. وَيُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ وَصِيلُ هَذَا أَي مِثْلُهُ. والوَصِيل: بُرود الْيَمَنِ، الْوَاحِدَةُ وَصِيلَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَوَّل مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ كسْوةً كامِلةً تُبَّعٌ، كَسَاها الأَنْطاعَ ثُمَّ كَسَاهَا الوَصَائِل
أَي حِبَر اليَمَن. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ مَا زِلْتُ أَرُمُّ أَمْرَك بِوَذائله وأَصِلُهُ بوَصَائِلِه
؛ الْقُتَيْبِيُّ: الوَصَائِل ثِيَابٌ يَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ: ثِيَابٌ حُمْر مُخَطَّطة يَمَانِيَةٌ، ضَرَبَ هَذَا مَثَلًا لإِحكامه إِياه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالوَصَائِل الصِّلاب، والوَذِيلة قِطْعَةٌ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُقَالُ للمِرآة الوَذيلةُ والعِنَاسُ والمَذِيَّةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالوَصَائَل مَا يُوصَل بِهِ الشَّيْءُ، يَقُولُ: مَا زِلْت أُدَبِّر أَمْرك بِمَا يَجِب أَن يُوصَل بِهِ مِنَ الأُمور الَّتِي لَا غِنَى بِهِ عَنْهَا، أَو أَراد أَنه زَيَّن أَمْرَه وحَسَّنه كأَنه أَلْبَسَه الوَصائل. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الوَصِيلةُ كَانَتْ فِي الشَّاءِ خَاصَّةً، كَانَتِ الشَّاةُ إِذا وَلَدَتْ أُنثى فَهِيَ لَهُمْ، وإِذا وَلَدَتْ ذكَراً جَعَلُوهُ لِآلِهَتِهِمْ، فإِذا وَلَدَتْ ذكَراً وأُنثى قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها فَلَمْ يَذْبَحوا الذكَر لِآلِهَتِهِمْ. والوَصِيلَة الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الناقةُ الَّتِي وَصَلَتْ بَيْنَ عَشْرَةِ أَبْطُن وَهِيَ مِنَ الشَّاءِ الَّتِي وَلَدَتْ سَبْعَةَ أَبْطُن عَناقَيْن عَناقَيْن، فإِن وَلَدَت فِي السَّابِعِ عَناقاً قِيلَ وَصَلَتْ أَخاها فَلَا يشرَب لَبَنَ الأُمِّ إِلَّا الرِّجال دُونَ النِّسَاءِ وتَجْري مَجْرَى السَّائِبَةِ. وَقَالَ أَبو عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ: الوَصِيلَة مِنَ الْغَنَمِ كَانُوا إِذا وَلَدَتِ الشاةُ سِتَّةَ أَبْطُن نَظَرُوا، فإِن كَانَ السابعُ ذكَراً ذُبِحَ وأَكَل مِنْهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وإِن كَانَتْ أُنثى تُرِكتْ فِي الْغَنَمِ، وإِن كَانَتْ أُنثى وذكَراً قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها فَلَمْ يُذْبَح وَكَانَ لَحْمُها «2» حَراماً عَلَى النِّسَاءِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الوَصِيلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هِيَ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُن عَناقَيْن عَناقَيْن، فإِن وَلَدَتْ فِي الثَّامِنَةِ جَدْياً وعَناقاً قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها، فَلَا يذبَحُون أَخاها مِنْ أَجلها وَلَا يشرَب لبَنها النِّسَاءُ وَكَانَ لِلرِّجَالِ، وجَرَتْ مَجْرَى السَّائِبَةِ. وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الوَصِيلَة الشَّاةُ تُنْتَجُ الأَبْطُن، فإِذا وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ الأَبْطُن الَّتِي وَقَّتوا لَهَا قِيلَ وَصَلتْ أَخاها، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: تُنْتَجُ الأَبْطُن الْخَمْسَةُ عَناقَيْن عَناقَيْن فِي بَطْن فَيُقَالُ: هَذِهِ وُصْلةٌ تَصِلُ كلَّ ذِي بَطْنٍ بأَخٍ لَهُ مَعَهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: قَدْ يَصِلونها فِي ثَلَاثَةِ أَبْطُن ويُوصِلونها فِي خَمْسَةٍ وَفِي
__________
(1) . قوله [موضع للميت] لعله موضع لاسم الميت
(2) . قوله [وكان لحمها] في نسخة لبنها

(11/729)


سَبْعَةٍ. والوَصِيلةُ: الأَرض الْوَاسِعَةُ الْبَعِيدَةُ كأَنها وُصِلَتْ بأُخْرى، وَيُقَالُ: قَطَعْنَا وَصِيلَة بَعِيدَةً. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: إِذا كُنْتَ فِي الوَصِيلَة فأَعْطِ راحِلتَكَ حَظَّها
، قَالَ: لَمْ يُرِد بالوَصِيلَة هاهنا الأَرض الْبَعِيدَةَ وَلَكِنَّهُ أَراد أَرضاً مُكْلِئة تَتَّصل بأُخرى ذاتِ كَلإٍ؛ قَالَ: وَفِي الأُولى يَقُولُ لَبِيَدٌ:
وَلَقَدْ قَطَعْت وَصِيلةً مَجْرُودةً، ... يَبْكي الصَّدَى فِيهَا لِشَجْوِ البُومِ
والوَصِيلة: العِمَارة والخِصْب، سمِّيت بِذَلِكَ «1» وَاحِدَتُهَا وَصِيلَة. وحَرْفُ الوَصْل: هُوَ الَّذِي بَعْدَ الرَّوِيِّ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما مَا كَانَ بَعْدَهُ خُرُوجٌ كَقَوْلِهِ:
عفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
وَالثَّانِي أَن لَا يَكُونَ بَعْدَهُ خروجٌ كَقَوْلِهِ:
أَلا طالَ هَذَا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ، ... وأَرَّقَني أَن لَا حَليلٌ أُلاعِبُهْ
قَالَ الأَخفش: يَلْزَمُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الوَصْل وَلَا يَكُونُ إِلا يَاءً أَو وَاوًا أَو أَلِفاً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سَاكِنَةٌ فِي الشِّعْرِ المُطْلَق، قَالَ: وَيَكُونُ الوَصْل أَيضاً هَاءً وَذَلِكَ هاءُ التأْنيث الَّتِي فِي حَمْزة وَنَحْوِهَا، وهاءُ الإِضْمار للمُذكَّر والمؤَنث متحرِّكة كَانَتْ أَو سَاكِنَةً نَحْوُ غُلامِه وغُلامِها، وَالْهَاءُ الَّتِي تُبَيَّن بِهَا الْحَرَكَةُ نَحْوُ عَلَيَّهْ وعَمَّهْ واقْضِهِ وادْعُهُ، يُرِيدُ عَلَيَّ وعَمَّ واقضِ وادعُ، فأُدخلت الْهَاءُ لتُبَيَّن بِهَا حَرَكَةُ الْحُرُوفَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَقَوْلُ الأَخفش يَلْزَمُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الوَصْل، لَا يُرِيدُ بِهِ أَنه لَا بُدَّ مَعَ كُلِّ رَويّ أَن يَتْبَعه الوَصْل، أَلا تَرَى أَن قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
قَدْ جَبَر الدِّينَ الإِلَهُ فجَبَرْ
لَا وَصْل مَعَهُ؛ وأَن قَوْلَ الْآخَرِ:
يَا صاحِبَيَّ فَدَتْ نفْسي نُفوسَكما، ... وحيْثُما كُنْتُما لاقَيْتُما رَشَدَا
إِنما فِيهِ وَصْل لَا غَيْرَ، وَلَكِنَّ الأَخفش إِنما يُرِيدُ أَنه مِمَّا يَجُوزُ أَن يأْتي بَعْدَ الرَّوِيِّ، فإِذا أَتَى لَزِم فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، فأَجْمَل القَوْلَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ تفصِيله، وَجَمَعَهُ ابْنُ جِنِّي عَلَى وُصُول، وقياسُه أَن لَا يُجْمَع. والصِّلَةُ: كالوَصْل الَّذِي هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَ الرَّوِيّ وَقَدْ وَصَل بِهِ. وَلَيْلَةَ الوَصْل: آخِرُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ لاتِّصالها بِالشَّهْرِ الآخَر. والمَوْصِل: أَرض بَيْنَ العِراق وَالْجَزِيرَةِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ومَوْصِل كُورة مَعْرُوفَةٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وبَصْرَة الأَزْدِ مِنَّا، والعِراقُ لَنَا، ... والمَوْصِلانِ، ومِنَّا المِصْرُ والحَرَمُ
يُرِيدُ المَوْصِل وَالْجَزِيرَةَ. والمَوْصولُ: دابَّة عَلَى شَكْلِ الدَّبْرِ أَسْوَد وأَحْمَر تَلْسَع الناسَ. والمَوْصُول مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي لَمْ يَنْزُ عَلَى أُمِّه غيرُ أَبيه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَذَا فَصِيلٌ لَيْسَ بالمَوْصُولِ، ... لكِنْ لِفَحْلٍ طُرْقَةٍ فَحِيلِ
ووَاصِل: اسْمُ رَجُلٍ، وَالْجَمْعُ أَوَاصِل بقلْب الْوَاوِ هَمْزَةً كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ. ومَوْصُول: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَغَرَّكَ، يَا مَوْصُولُ، مِنْهَا ثُمالةٌ، ... وبَقْلٌ بأَكْنافِ الغَرِيفِ تُؤانُ؟
أَراد تُؤام فأَبدل.
__________
(1) . قوله [سميت بذلك إلخ] عبارة المحكم: سميت بذلك لاتصالها واتصال الناس فيها، والوَصَائِلُ ثياب يمانية مخططة بيض وحمر على التشبيه بذلك، واحدتها وَصِيلَة

(11/730)


واليَأْصُول: الأَصْلُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
يَهُزُّ رَوْقَيْ رِماليٍّ كأَنَّهما ... عُودَا مَدَاوِسَ يَأْصولٌ ويأْصولُ
يُرِيدُ أَصْلٌ وأَصْلٌ.
وعل: الوَعْلُ والوَعِلُ: الأُرْوِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الوَعِل والوُعِلُ جَمِيعًا تَيْس الْجَبَلِ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وَفِيهِ مِنَ اللُّغَاتِ مَا يَطَّرِد فِي هَذَا النَّحْوِ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ وُعِلٌ، بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ ذَلِكَ مطَّرِداً لأَنه لَمْ يَجِئْ فِي كَلَامِهِمْ فُعِلٌ اسْمًا إِلَّا دُئلٌ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما الوُعِلُ فَمَا سَمِعْتُهُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالْجَمْعُ أَوْعَالٌ ووُعُولٌ ووُعُلٌ ووَعِلَةٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والأُنثى وَعِلَة بِلَفْظِ الْجَمْعِ، ومَوْعَلَةٌ اسْمُ جَمْعٍ، وَنَظِيرُهُ مفْدَرةٌ، وَهِيَ الوُعُولُ أَيضاً. والأَوْعَالُ والوُعُول: الأَشرافُ والرؤُوس يشبَّهون بالأَوْعَال الَّتِي لَا تُرى إِلا فِي رؤوس الْجِبَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقومُ الساعةُ حَتَّى تَهْلِك الأَوْعَال
، يَعْنِي الأَشراف. وَيُقَالُ لأَشراف النَّاسِ الوُعُول، ولأَراذِلِهم التُّحُوت. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَا تَقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَعْلُوَ التُّحُوتُ وتَهْلِك الوُعُول
، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي يَغْلب الضُّعَفاءُ مِنَ النَّاسِ أَقْوِياءَهم. وَقَدِ اسْتَوْعَلَتِ الأَوْعال إِذا ذهبَتْ فِي قُلَلِ الْجِبَالِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَوْ كَلَّمَتْ مُسْتَوْعِلًا فِي عَمَايةٍ، ... تَصَبَّاهُ مِنْ أَعْلَى عَمَايةَ قِيلُها
يَعْنِي وَعِلًا مُسْتَوْعِلًا فِي قُلَّة عَمَايةَ، وَهُوَ جبَل. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي تَفْسِيرِ قولهِ: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ، قِيلَ: ثمانيةُ أَوْعَالٍ
أَي مَلَائِكَةٍ عَلَى صُورَةِ الأَوْعالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الوَعِل شاةٌ
يَعْنِي إِذا قَتله المُحْرِم. وَمَا لِي عَنْهُ وَعْلٌ ووَعْيٌ أَي مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لِي عَنْهُ وَغْلٌ، بَالِغِينَ مُعْجَمَةً، أَي لَجَأٌ. والوَعْلُ، خَفِيفٌ: بِمَنْزِلَةِ بُدّ. وهمْ عَلَيْنَا وَعْلٌ وَاحِدٌ، بِالتَّسْكِينِ، أَي ضِلَع وَاحِدٌ أَي مجتمِعون عَلَيْنَا بِالْعَدَاوَةِ. والوَعْلُ: المَلْجَأُ، واسْتَوْعَلَ إِليه. يُقَالُ: مَا وَجد وَعْلًا وَلَا وَغْلًا يَلْجَأُ إِليه أَي مَوْئلًا يَئِل إِليه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَعْلًا ونَجْنَجَها، ... مَخافةَ الرَّمْيِ، حَتَّى كُلُّها هِيمُ
وَقَالَ الْخَلِيلُ: مَعْنَاهُ لَمْ يَجِدْ بُدًّا، وأَنشد الْفَرَّاءُ هَذَا الْبَيْتَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَعْلًا يَعُودُ عَلَى عَيْرٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ وَمِثْلُهُ للقُلاخ:
إِني إِذا مَا الأَمْرُ كَانَ مَعْلا، ... وَلَمْ أَجِدْ مِنْ دُونِ شَرٍّ وَعْلا
وتَوَعَّلْت الْجَبَلَ: عَلَوْته مِثْلُ تَوَقَّلْت. وذُو أَوْعَالٍ وَذَاتُ أَوْعَالٍ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ هَضْبةٌ. وأُمُّ أَوْعَال: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وأُمُّ أَوْعَالٍ كَهَا أَو أَقْرَبَا، ... ذاتَ اليَمِينِ، غَيْرَ مَا إِنْ يَنْكَبَا
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الوُعُول إِليها. والوَعْلَةُ: الْمَوْضِعُ المَنِيعُ مِنَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: صخْرةٌ مُشْرِفةٌ عَلَى الْجَبَلِ، وَقِيلَ: الصَّخْرة المشرِفة مِنَ الْجَبَلِ. وَيُقَالُ لعُرْوة الْقَمِيصِ الوَعْلَةُ، ولِزِرِّه الزِّيرُ. ووَعْلَةُ القَدَح: عُرْوَتُه الَّتِي يُعَلَّق بِهَا، وَكَذَلِكَ الإِبْريق. ووَعْلَةُ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ جَرْم؛ قَالَ ابْنُ

(11/731)


سِيدَهْ: ووَعْلَة اسْمُ رَجُلٍ سمِّي بأَحد هَذِهِ الأَشياء. ووَعْلٌ: شعبانُ. ووَعِلٌ: شَوّالٌ، وَقِيلَ: وَعِلٌ شَعْبَانُ، وَجَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْعَال ووِعْلانٌ. ووُعَيْلَة: اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَرَوَّح واسْتَنْعَى بِهِ مِنْ وُعَيْلةٍ ... مَوارِدُ مِنْهَا مُسْتَقيمٌ وجائرُ
ووُعالٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ الأَخطل:
لِمَنِ الدِّيارُ بِحائلٍ فَوُعَالِ ... دَرَسَتْ، وغَيَّرها سنُون خَوَالي؟
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَمِنْ ظَلَّامةَ الدِّمَنُ البَوَالي، ... بمُرْفَضِّ الحُبَيِّ، إِلى وُعَالِ؟
الحُبَيُّ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَيُرْوَى الحَنيّ، بِالنُّونِ، وَكِلَاهُمَا مَسْموع.
وغل: الوَغْلُ مِنَ الرِّجَالِ: النَّذْل والضعيف السَّاقِطُ المقصِّر فِي الأَشياء، وَالْجَمْعُ أَوْغَال؛ وأَنشد:
وحاجِبٍ كَرْدَسَه فِي الحَبْلِ ... مِنَّا غُلامٌ كَانَ غيرَ وَغْلِ،
حَتَّى افْتَدَى مِنَّا بمالٍ جِبْلِ
والوَغْل والوَغِل: المدَّعي نسَباً لَيْسَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَوْغَالٌ. والوَغْلُ والوَغِلُ: السَّيِءُ الغِذاء، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَغِل عَلَى الْمُضَارَعَةِ. والوَغْل والواغِلُ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ: الَّذِي يدخُل عَلَى الْقَوْمِ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَن يَدْعُوه إِليه أَو يُنْفِق مَعَهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فمَتى وَاغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّوهُ، ... وتُعْطَفْ عَلَيْهِ كأْسُ السَّاقِي
وَيُرْوَى: وتَعْطِفْ عَلَيْهِ كفُّ السَّاقِي؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فاليومَ أُسقَى غيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْماً مِنَ اللَّهِ، وَلَا وَاغِلِ
وَقِيلَ: الوَاغِلُ الداخِل عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم، وَقِيلَ: هُوَ الداخِل عَلَيْهِمْ فِي طَعَامِهِمْ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الوَاغِلُ فِي الشَّرَابِ كالوارِش فِي الطَّعَامِ؛ وَقَدْ وَغَلَ يَغِلُ وَغَلاناً ووَغْلًا إِذا دَخَلَ عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم فشَرِب مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَن يُدْعى إِليه، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّرَابِ الوَغْلُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئة:
إِن أَكُ مِسْكِيراً فلا أَشرَب ... الوَغْلَ، وَلَا يَسلَمُ مِنِّي البَعير
وشُربٌ واغِلٌ عَلَى النسَب؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فشَرِبْنا غَيْرَ شُرْبٍ وَاغِلٍ، ... وعَلَلْنا عَلَلًا بَعْدَ نَهَلْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: المتَعَلّق بِهَا كالواغِل المُدَفَّع
؛ الواغِلُ الَّذِي يَهْجُم عَلَى الشُّرَّاب لِيَشْرَبَ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ فَلَا يَزال مُدَفَّعاً بَيْنَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
الْمِقْدَادِ: فَلَمَّا أَن وَغَلَتْ فِي بَطني
أَي دَخَلتْ. ووَغَلَ فِي الشَّيْءِ وُغولًا: دَخَلَ فِيهِ وَتَوَارَى بِهِ، وَقَدْ خُصَّ ذَلِكَ بالشجَر فَقِيلَ: وَغَل الرَّجُلُ يَغِل وُغولًا ووَغْلًا أَي دَخْلٍ فِي الشَّجَرِ وتَوارى فِيهِ. ووَغَلَ: ذهَب وأَبعَد؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَالَتْ سُلَيمى: أَتَنْوي اليومَ أَمْ تَغِلُ؟ ... وَقَدْ يُنَسِّيكَ بعضَ الحاجةِ العَجَلُ
وَكَذَلِكَ أَوْغَلَ فِي الْبِلَادِ وَنَحْوِهَا. وتَوَغَّلَ فِي الأَرض: ذهَب فأَبعَد فِيهَا، وَكَذَلِكَ أَوْغَلَ فِي العِلْم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفقٍ
؛

(11/732)


يُريد سِرْ فِيهِ برِفق وابلُغِ الْغَايَةَ القُصْوى مِنْهُ بالرِّفق، لَا عَلَى سَبِيلِ التهافُتِ والخُرْق، وَلَا تحمِل عَلَى نَفْسِكَ وتكلِّفها مَا لَا تُطيقه فتَعجِزَ وتَترُك الدِّينَ والعَمل. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرمة: مَن لَمْ يغتسِل يَوْمَ الْجُمْعَةَ فَلْيَسْتَوْغِل
أَي فَليغْسِل مَغابِنَه ومَعاطِفَ جَسَدِهِ، وَهُوَ اسْتِفْعال مِنَ الوُغُول الدُّخول، وكلُّ داخِل فَهُوَ واغِل؛ وكلُّ داخِل فِي شَيْءٍ دُخولَ مستعجِلٍ فَقَدْ أَوْغَلَ فِيهِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: غَلَّ فِي الْبِلَادِ وأَوْغَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا ذَهَبَ فِيهَا. أَوْغَلَ القومُ وتَوَغَّلوا إِذا أَمْعَنوا فِي السَّيْرِ. والوُغُول: الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ. والإِيغالُ: السَّير السريعُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ والإِمْعانُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ الأَعشى:
مَرِحَتْ حُرَّة، كقَنْطَرَةِ الرُّومِيِّ، ... تَفْرِي الهَجِير بالإِرْقال
تقطَعُ الأَمعَزَ المُكَوكِب، وَخْدًا، ... بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغال
وأَوْغَلَ الْقَوْمُ إِذا أَمْعَنوا فِي سَيرِهم داخِلين بَيْنَ ظَهْراني الجِبال أَو فِي أَرض العدُوِّ، وَكَذَلِكَ تَوَغَّلوا وتغَلْغَلوا، وأَما الوُغول فإِنه الدُّخول فِي الشَّيْءِ وإِن لَمْ يُبعَد فِيهِ، وأَوْغَلَتْه الحاجةُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
حَتَّى يَجِيء وجُنْحُ اللَّيْلُ يُوغِلُه، ... والشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرِّجْلين مَركوزُ
وَمَا لكَ عَنْ ذَلِكَ وَغْلٌ أَي بُدٌّ، وَقِيلَ أَي مَلجَأٌ، وَالْمَعْرُوفُ وَعْلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن غَيْنه بدَل مِنْ عَيْنِ وَعْل، وَزَعَمَ الأَصمعي أَن الوَاغِل الَّذِي هُوَ الداخِلُ عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم وَلَمْ يُدْعَ إِنما اشتقَّ مِنْ هَذَا أَي لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يلجَأُ إِليه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن كَانَ هَذَا فخَليقٌ أَن لَا يَكُونَ بدَلًا لأَنَّ المُبْدل لَا يَبْلُغُ مِنَ الْقُوَّةِ أَن يصرَّف هَذَا التَّصْرِيفَ. والوَغْلُ: الشَّجَرُ الملتفُّ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
فلمَّا رأَى أَنْ لَيْسَ دُونَ سَوادِها ... ضَراءٌ، وَلَا وَغْلٌ مِنَ الحَرَجات
واسْتَوْغَلَ الرجلُ: غَسَل مَغابِنَه وبَواطِن أَعضائه، والله أَعلم.
وفل: الوَفْلُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ.
وَقَلَ: وَقَلَ فِي الْجَبَلِ، بِالْفَتْحِ، يَقِلُ وَقْلًا ووُقولًا وتَوَقَّلَ تَوَقُّلًا: صَعَّد فِيهِ، وفرسٌ وَقِلٌ ووَقُلٌ ووَقَلٌ، وَكَذَلِكَ الوَعِل؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
عَوْداً أَحَمَّ القَرا إِزْمَوْلةً وَقَلا، ... يأْتي تُراثَ أَبيه يَتْبَعُ القَذفا
والواقِلُ: الصاعِدُ بَيْنَ حُزونةِ الْجِبَالِ، وكلُّ صاعِدٍ فِي شَيْءٍ مُتَوَقِّلٌ. وَقَلَ يَقِلُ وَقْلًا: رَفَع رِجلًا وأَثبَت أُخرى؛ قَالَ الأَعشى:
وهِقْلٌ يَقِلُ المَشْيَ ... معَ الرَّبْداءِ والرَّأْلِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَقَلُ الكَرَبُ الَّذِي لَمْ يُسْتَقص، فبقيتْ أُصوله بارِزة فِي الجِذْع، فأَمكن المُرْتَقِيَ أَن يَرْتَقِيَ فِيهَا، وكلُّه مِنَ التَّوَقُّل الَّذِي هُوَ الصُّعود. وَفِي الْمَثَلِ: أَوْقَلُ مِنْ غُفْرٍ، وَهُوَ وَلد الأُروِيَّة. وَفَرَسٌ وَقِلٌ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَحسن الدُّخُولَ بَيْنَ الْجِبَالِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَيْسَ بِلَبِدٍ فيُتَوَقَّل
؛ التَّوَقُّل: الإِسراعُ فِي الصُّعود. وَفِي حَدِيثِ
ظَبيان: فتَوَقَّلَتْ بِنَا القِلاص.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لمَّا كَانَ يومُ أُحُد كُنْتُ أَتَوَقَّلُ كَمَا تَتَوَقَّلُ الأُرْوِيَّةُ
أَي أَصعَد فِيهِ كَمَا تَصْعَد أُنثى الوُعول والوَقَلُ: الْحِجَارَةُ.

(11/733)


والوَقْلُ، بِالتَّسْكِينِ: شَجَرُ المُقْل، وَاحِدَتُهُ وَقْلَة، وَقَدْ يُقَالُ: الدَّوْمُ شَجَرُ المُقْل والوَقْلُ ثَمَره؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ واحدٍ مِنْ بَنِي كِلَابٍ يَقُولُ: الوَقْلُ ثَمَرَةُ المُقْل؛ وَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
وكأَنَّ عِيرَهُمُ، تُحَثُّ غُدَيَّةً، ... دَوْمٌ يَنُوءُ بيانِعِ الأَوْقَال «1»
. فالدَّوْم: شَجَرُ المُقْل، وأَوْقاله ثمارُه، وَجَمْعُ الوَقْل أَوْقال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمْ يَمْنَع الشُّرْبَ مِنْهَا غيرُ أَن هَتَفَتْ ... حَمامةٌ فِي سَحُوقٍ ذاتِ أَوْقالِ
والسَّحُوق: مَا طَالَ مِنَ الدَّوْم، وأَوْقاله: ثمارُه، والوَقْلَةُ أَيضاً: نَواتُه، وجمعه وُقُولٌ كبَدْرة وبُدورٍ وصَخْرة وصُخور، والله أَعلم.
وَكَلَ: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الوَكِيلُ: هُوَ الْمُقِيمُ الْكَفِيلُ بأَرزاق الْعِبَادِ، وَحَقِيقَتُهُ أَنه يستقلُّ بأَمر المَوْكول إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَبًّا وَيُقَالُ كافِياً؛ ابْنُ الأَنباري: وَقِيلَ الوَكِيلُ الْحَافِظُ، وَقَالَ أَبو إِسحاق: الوَكِيلُ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي توَكَّل بِالْقِيَامِ بِجَمِيعِ مَا خَلَق، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الوَكِيلُ الْكَفِيلُ ونِعْمَ الكَفِيل بأَرزاقِنا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِمْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
: كافِينا اللهُ ونِعْمَ الْكَافِي، كَقَوْلِكَ: رَازِقُنَا اللهُ ونِعْم الرَّازِقُ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ فِي الوَكِيل بِمَعْنَى الرَّبِّ:
وداخِلةٍ غَوْراً، وبالغَوْرِ أُخرِجتْ، ... وَبِالْمَاءِ سِيقَتْ، حِينَ حانَ دُخولُها
ثَوَتْ فِيهِ حَوْلًا مُظلِماً جَارِيًا لَهَا، ... فسُرَّتْ بِهِ حَقًّا وسُرَّ وَكِيلُها
داخِلة غَوْراً: يَعْنِي جَنِين النَّاقَةِ غارَ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ، وبالغَوْر أُخْرِجت: بالرَّحِم أُخْرجت مِنَ الْبَطْنِ، بِالْمَاءِ سِيقَتْ إِلى الرَّحم حِينَ حَمَلتْه، سُرَّت يَعْنِي الأُمّ بِالْجَنِينِ، وسُرَّ وَكِيلُها: يَعْنِي رَبَّ النَّاقَةِ سَرَّه خُروجُ الجَنين. والمُتَوَكِّل عَلَى اللَّهِ: الَّذِي يَعْلَمُ أَن اللَّهَ كافِلٌ رِزْقَهُ وأَمْرَه فيرْكَن إِليه وحْدَه وَلَا يتوَكَّل عَلَى غَيْرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَكِلَ بِاللَّهِ وتَوَكَّلَ عَلَيْهِ واتَّكَلَ استَسْلم إِليه، وَتَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ التَّوكُّل؛ يُقَالُ: تَوَكَّلَ بالأَمر إِذا ضَمِن القِيامَ بِهِ، ووَكَلْت أَمري إِلى فُلَانٍ أَي أَلجَأْتُه إِليه وَاعْتَمَدْتُ فِيهِ عَلَيْهِ، ووَكَّلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا استَكْفاه أَمرَه ثِقةً بكِفايتِه أَو عَجْزاً عَنِ القِيام بأَمر نَفْسِهِ. ووَكَلَ إِليه الأَمرَ: سلَّمه. ووَكَلَه إِلى رأْيه وَكْلًا ووُكُولًا: تَرَكَهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
لمَّا رأَيت أَنَّني راعِي غَنَمْ، ... وإِنَّما وَكْلٌ عَلَى بعضِ الخَدَمْ
عَجْزٌ وتَعْذِيرٌ، إِذا الأَمرُ أَزَمْ
أَراد أَنَّ التوكُّل على بعض الخدَم عَجْزٌ. وَرَجُلٌ وَكَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، ووُكَلَة مِثْلُ هُمَزة وتُكَلَة عَلَى البدَل ومُوَاكِل: عاجِزٌ كَثِيرُ الِاتِّكَالِ عَلَى غَيْرِهِ. يُقَالُ: وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ أَي عَاجِزٌ يَكِل أَمره إِلى غَيْرِهِ ويَتَّكِل عَلَيْهِ؛ قَالَتِ امرأَة:
وَلَا تكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
الوَكَل: الَّذِي يَكِلُ أَمره إِلى غَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذِهِ المرأَة هِيَ مَنْفوسة بِنْتُ زَيْدِ الْخَيْلِ؛ قال:
__________
(1) . قوله [بيانع] في التهذيب والتكملة: بناعم

(11/734)


والرَّجَز إِنما هُوَ لِزَوْجِهَا قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، وَهُوَ:
أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ، أَو أَشبِهْ عَمَلْ، ... وَلَا تَكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
يُصْبِحُ فِي مَضْجَعه قَدِ انْجَدَلْ، ... وارْقَ إِلى الخَيْرات زَنْأً فِي الجَبَلْ
وأَما الَّذِي قَالَتْهُ مَنْفوسة فإِنها قَالَتْهُ فِي وَلَدِهَا حَكِيمٍ:
أَشْبِهْ أَخي، أَو أَشبِهَنْ أَباكا ... أَمّا أَبي فَلَنْ تَنال ذَاكَا
تَقْصُر أَنْ تَنالَه يَداكا
وَقَالَ أَبو المُثلم أَيضاً:
حامِي الحَقيقةِ لَا وانٍ وَلَا وَكَل
اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ وَكَلٌ إِذا كَانَ ضَعِيفًا لَيْسَ بنافِذٍ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُوَاكِل أَي لَا تَجِدُهُ خَفِيفًا، بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَيُقَالُ: فِيهِ وَكَالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا مَشَى عُرِف فِي مَشْيِهِ أَنه غَيْرُ غَرِضٍ وَلَا وَكَلٍ
؛ الوَكَلُ والوَكِلُ: البليدُ وَالْجَبَانُ، وَقِيلَ: الْعَاجِزُ الَّذِي يَكِلُ أَمره إِلى غَيْرِهِ.
وَفِي مَقْتَل الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ سِنَانٌ قاتلُه للحجَّاج: وَلَّيْتُ رَأْسَه «2» امْرَأً غَيْرَ وَكَلَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَكَلْتُه إِلى غَيْرِ وَكَلَ
، يَعْنِي نفسَه. وَيُقَالُ: قَدِ اتَّكَلَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وأَوْكَلَ عَلَيْكَ فُلَانٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: قَدْ أَوْكَلْت عَلَى أَخيك الْعَمَلَ أَي خلَّيته كُلَّهُ. وَرَجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كَانَ يَكِلُ أَمرَه إِلى النَّاسِ. ووَاكَلْت فُلَانًا مُوَاكَلَةً إِذا اتَّكَلْت عَلَيْهِ واتَّكَل هُوَ عَلَيْكَ. والوَكَالُ: الضَّعْفُ؛ قَالَ أَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ:
إِذا وَاكَلْتَه لَمْ يُوَاكِل
وَقَالَ أَبو طَالِبٍ:
وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ، لَا أَبا لكَ، سَيِّداً ... يَحُوطُ الذِّمارَ غَيْرُ ذَرْبٍ مُوَاكِل
ووَاكَلَتِ الدابةُ وِكَالًا: أَساءت السيرَ؛ وَقِيلَ: المُوَاكِلُ مِنَ الدَّوَابِّ المُرْكِحُ إِلى التأَخُّر. وتَوَاكَلَ الْقَوْمُ مُوَاكَلَةً ووِكَالًا: اتَّكَل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. أَبو عَمْرٍو: المُوَاكِلُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَتَّكِل عَلَى صَاحِبِهِ فِي العَدْو. وَفِي حَدِيثِ
الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَابْنِ رَبِيعَةَ: أَتَياه يسأَلانه السِّقاية فتَوَاكَلا الكلامَ
أَي اتَّكَل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيهِ. يُقَالُ: اسْتَعَنْت القومَ فتَوَاكَلوا أَي وكلَني بعضُهم إِلى بَعْضٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ يَعْمَر: فَظَنَنْتُ أَنه سيَكِلُ الكلامَ إِليَ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ لُقْمان:
وإِذا كَانَ الشأْنُ اتَّكَلَ
أَي إِذا وَقَعَ الأَمر لَا يَنْهَض فِيهِ ويَكِله إِلى غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ المُوَاكَلَة
؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ الاتِّكال فِي الأُمور وأَن يَتَّكل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. يُقَالُ: رَجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كثُر مِنْهُ الاتِّكال عَلَى غَيْرِهِ فنُهي عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنافُر والتقاطُع، وأَن يَكِل صَاحِبَهُ إِلى نَفْسِهِ وَلَا يُعينه فِيمَا يَنُوبُه، وَقِيلَ: إِنما هُوَ مُفاعلة مِنَ الأَكْل، وَالْوَاوُ مُبْدَلة مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفَرَسٌ وَاكِلٌ: يَتَّكِلُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي العَدْوِ وَيَحْتَاجُ إِلى الضرْب. وَيُقَالُ: دابَّة فِيهَا وِكَالٌ شَدِيدٌ ووَكَالٌ شَدِيدٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. ووَكَلَتِ الدابةُ: فَتَرَت؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَكَلَتْ فقلْت لَهَا: النَّجاءَ تَناوَلي ... بِيَ حاجَتي، وتَجَنَّبي هَمْدانا
والوَكِيلُ: الجَريءُ، وَقَدْ يَكُونُ الوَكِيلُ لِلْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَقَدْ وَكَّلَه عَلَى الأَمْر، وَالِاسْمُ
__________
(2) . قوله [وليت رأسه] ضبط في الأصل والنهاية بفتح التاء والظاهر أنه بضمها

(11/735)


الوَكَالَة والوِكَالَةُ. ووَكِيلُ الرَّجُلِ: الَّذِي يَقوم بأَمره، سمِّي وَكِيلًا لأَن مُوَكِّله قَدْ وَكَل إِليه القيامَ بأَمره فَهُوَ مَوْكُولٌ إِليه الأَمرُ. والوَكِيلُ، عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: فَعِيل بمعنى مفعول. وتقول: اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنا إِلى أَنفسنا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
لَا تَكِلْني إِلى نَفْسِي طَرْفةَ عَيْنٍ فَأَهْلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
ووَكَلَها إِلى اللَّهِ
أَي صَرَف أَمْرَها إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَوَكَّلَ بِمَا بَيْنَ لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ تَوَكَّلْت لَهُ بالجنَّة
؛ قِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى تكَفَّل. الْجَوْهَرِيُّ: الوَكِيلُ مَعْرُوفٌ. يُقَالُ: وَكَّلْته بأَمر كَذَا تَوْكِيلًا. والتَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد عَلَى غَيْرِكَ، وَالِاسْمُ التُّكْلان. واتَّكَلْت عَلَى فُلَانٌ فِي أَمري إِذا اعْتَمَدْتُهُ، وأَصله اوْتَكَلْت، قُلِبَتِ الواوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ أُبدلت مِنْهَا التَّاءُ فأُدغمت فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ، ثُمَّ بُنِيَت عَلَى هَذَا الإِدغام أَسماءٌ مِنَ المِثال، وإِن لَمْ تَكُنْ فِيهَا تِلْكَ الْعِلَّةُ، توهُّماً أَن التَّاءَ أَصلية لأَن هَذَا الإِدغام لَا يَجُوزُ إِظهاره فِي حَالِ، فمِنْ تِلْكَ الأَسماء التُّكَلة والتُّكْلان والتُّخَمة والتُّهَمة والتُّجاهُ والتُّراثُ والتَّقْوَى، وإِذ صغَّرت قُلْتَ تُكَيْلَةٌ وتُخَيْمة، وَلَا تُعيد الْوَاوَ لأَن هَذِهِ حُرُوفٌ أُلْزِمَت البدَل فَبَقِيَتْ فِي التَّصْغِيرِ والجمعِ. ووَكَلَه إِلى نَفْسِهِ وَكْلًا ووُكُولًا، وَهَذَا الأَمر مَوْكُولٌ إِلى رأْيِك؛ وَقَوْلُهُ «1» :
كِلِينِي لهَمٍّ، يَا أمَيْمَةَ، ناصِبِ
أَي دَعِيني. ومَوْكَل، بِالْفَتْحِ: اسْمُ جَبَلٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ اسْمُ بَيْتٍ كَانَتِ المُلوك تنزِله. وغُرْفَةُ مَوْكَل: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ؛ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ فَقَالَ يَصِفُ اللَّيَالِيَ:
وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الَّذِي أَلْفَيْنَهُ ... قَدْ كَانَ خُلِّدَ فَوْقَ غُرْفةِ مَوْكَل
وَجَاءَ مَوْكَل عَلَى مَفْعَل نَادِرًا فِي بَابِهِ، والقِياس مَوْكِلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ مثل مَوْحَدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَسود:
وأَسبابُه أَهْلَكْنَ عَادًا، وأَنزلت ... عَزِيزاً تغنَّى فَوْقَ غُرْفَةِ مَوْكَلِ
وَلْوَلَ: الوَلْوَالُ: البَلْبالُ. ووَلْوَلَت المرأَةُ: دَعَتْ بالوَيْل وأَعْوَلَتْ، وَالِاسْمُ الوَلْوَالُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ أَصْواتَ كِلابٍ تَهْتَرِشْ، ... هاجَتْ بِوَلْوَالٍ ولَجَّتْ فِي حَرَشْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي وَلْوَلَتْ مأْخوذ مِنْ وَيْلٌ لَهُ عَلَى حَدِّ عَبَقْسِيٍّ وَخَرْبَانِ «2» . وَفِي حَدِيثِ
أَسماء: جَاءَتْ أُمُّ جَمِيلٍ فِي يَدِهَا فِهْرٌ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ.
وَفِي
حَدِيثِ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَسَمع تَوَلْوُلَها تُنادي يَا حَسَنان يَا حُسَينان
؛ الوَلْوَلَةُ: صوتٌ مُتَتَابِعٌ بالوَيْل وَالِاسْتِغَاثَةِ، وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةُ صَوْتِ النَّائِحَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فانْطَلَقَتا تُوَلْوِلان.
ووَلْوَلَتِ الفَرَسُ: صوّتتْ. والوَلْوَلُ: الهامُ الذكَرُ، وَقِيلَ: ذكَرُ البُوم. ووَلْوَلٌ: اسمُ سيفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّاب بْنِ أَسِيدٍ وافْتَخر يَوْمَ الجَمَل، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَيْفٌ كَانَ لعَتَّاب بْنِ أَسِيد وَابْنُهُ الْقَائِلُ يَوْمَ الْجَمَلِ:
أَنا ابْنُ عَتَّاب وسَيْفي وَلْوَلْ، ... والمَوْتُ دُونَ الجَمَل المُجَلَّلْ «3» .
__________
(1) . أي النابغة، وعجز البيت:
وليلٍ أقاسِيهِ بَطِيء الكَواكب
(2) . قوله [وخربان] هكذا في الأصل
(3) . قوله [أنا ابن عتاب إلخ] هكذا ضبطت القافية في الأصل بالسكون وفي التكملة برفع ولول وجر المجلل وكتب عليه: فيه إقواء

(11/736)


وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يقتُل بِهِ الرِّجَالَ فتُولْوِل نساؤُهم عليهم.
وَهِلَ: وَهِل وَهَلًا: ضعُف وفَزِعَ وجَبُن، وَهُوَ وَهِلٌ، ووَهَّلَه: أَفزعه. الْجَوْهَرِيُّ: الوَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، الفزَع، وَقَدْ وَهِلَ يَوْهَل فَهُوَ وَهِلٌ ومُسْتَوْهِل؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ إِبلًا:
وتَرى لِجَيْضَتهِنّ عِنْدَ رَحِيلِنا ... وَهَلًا، كأَنَّ بهنَّ جِنَّة أَوْلَق
ووَهَلْت إِليه إِذا فَزعْت إِليه. ووَهِلْت، بِالْكَسْرِ، إِذا فَزِعْت مِنْهُ؛ قَالَ: وشاهدُ مُسْتَوْهِلٍ قَوْلُ أَبي دُواد:
كأَنه يَرْفَئِيٌّ، باتَ عَنْ غَنَمٍ، ... مُستَوْهِلٌ فِي سَواد الليل مَذْؤُوبُ
وَفِي حَدِيثِ قَضَاءِ الصَّلاة والنَّوم عَنْهَا:
فقُمْنا وَهِلِينَ
أَي فَزِعِينَ. والوَهِل والمُسْتَوْهِل: الفَزِع النَّشِيط. ووَهِلْت إِليه وَهَلًا: فَزِعْت إِليه. ووَهِلْت مِنْهُ: فَزِعْت مِنْهُ. والوَهْلَةُ: الفَزْعة. ووَهَلْت إِليه، بِالْفَتْحِ، وأَنت تريد غيرَه: مثل وَهَمْت وسَهَوْت، ووَهَلْت فأَنا وَاهِل أَي سَهَوْت. ووَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنْهُ وَهِلًا: غَلِط فِيهِ ونَسِيه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهَلْت إِلى الشَّيْءِ وَعَنْهُ إِذا نَسِيته وغَلِطت فِيهِ. وتَوَهَّلْت فُلَانًا أَي عَرَّضته لأَن يَهِلَ ويَغْلَط؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَيْفَ أَنت إِذا أَتاكَ مَلَكان فتَوَهَّلاك فِي قَبْرك؟
أَبو سَعِيدٍ: أَبو زَيْدٍ وَهَلْت إِلى الشَّيْءِ أَهِلُ وَهْلًا، وَهُوَ أَن تُخْطِئ بِالشَّيْءِ فتَهِل إِليه وأَنت تُرِيدُ غيرَه. أَبو زَيْدٍ: وَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنِ الشَّيْءِ يَوْهَلُ وَهَلًا إِذا غلِط فِيهِ وسَها. ووَهَلْتُ إِليه، بِالْفَتْحِ، وأَنت تريد غيره: مثل وَهَمْت؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
رأَيت فِي المَنام أَني أُهاجِر مِنْ مَكَّة فذهَب وَهَلِي إِلى أَنها اليَمامةُ أَو هَجَرُ
؛ وَهَلَ إِلى الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ، يَهِل، بِالْكَسْرِ، وَهْلًا، بِالسُّكُونِ، ويَوْهَلُ إِذا ذَهَبَ وَهْمُه إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَهَلَ ابنُ عُمر
أَي ذَهَبَ وَهْمُه إِلى ذَلِكَ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى سَها وغَلِط. يُقَالُ مِنْهُ: وَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنِ الشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ، يَوْهَلُ وَهَلًا، بِالتَّحْرِيكِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: وَهِلَ أَنَسٌ أَي غَلِط. وكلَّمت فُلَانًا وَمَا ذهَب وَهَلِي إِلَّا إِلى فُلَانٍ أَي وَهْمِي. ولَقِيته أَوَّل وَهْلَةٍ ووَهَلَة ووَاهِلةٍ أَي أَوَّل شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل مَا تَرَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فلَقِيته أَوَّل وَهْلةٍ
أَي أَوَّل شَيْءٍ، والوَهْلَة المرَّة مِنَ الفزَع، أَي لَقِيَتُهُ أَوّل فَزِعَةٍ فَزِعتها بِلِقَاءِ إِنسان.
وَهْبَلَ: وَهْبِيلُ: حَيٌّ مِنَ النَّخَعِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن الْوَاوَ أَصْل وإِن لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنات الأَربعة، حَمْلًا لَهُ عَلَى وَرَنْتَلٍ إِذ لَا نَعْرِفُ لوَهْبِيلٍ اشْتِقَاقًا كما لم نَعْرِفه لِوَرَنْتَل.
وَيَلَ: وَيْلٌ: كَلِمَةٌ مِثْلَ وَيْحٍ إِلَّا أَنها كَلِمَةُ عَذاب. يُقَالُ: وَيْلَهُ ووَيْلَكَ ووَيْلي، وَفِي النُّدْبةِ: وَيْلاهُ؛ قَالَ الأَعشى:
قالتْ هُرَيْرَةُ لَمَّا جئتُ زائرَها: ... وَيْلِي عليكَ، ووَيْلِي منكَ يَا رَجُلُ
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْهَاءُ فَيُقَالُ: وَيْلَة؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ جَعْدة التَّغْلُّبِيُّ:
لأُمِّك وَيْلَةٌ، وَعَلَيْكَ أُخْرَى، ... فَلَا شاةٌ تُنِيلُ وَلَا بَعِيرُ
والوَيْل: حُلولُ الشرِّ. والوَيْلَةُ: الْفَضِيحَةُ والبَلِيَّة،

(11/737)


وَقِيلَ: هُوَ تَفَجُّع، وإِذا قال القائل: وا وَيْلَتَاه فإِنما يعني وا فَضِيحَتاه، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ
، قَالَ: وَقَدْ تجمَع الْعَرَبُ الوَيْل بالوَيْلات. ووَيَّلَه ووَيَّلَ له: أَكثر مِنْ ذكْر الوَيْل، وَهُمَا يَتَوَايَلان. ووَيَّلَ هُوَ: دَعا بالوَيْل لِمَا نزَل بِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
عَلَى مَوْطِنٍ أُغْشِي هَوازِن كلَّها ... أَخا الْمَوْتِ كَظًّا، رَهْبةً وتَوَيُّلا
وَقَالُوا: لَهُ وَيْلٌ وئِلٌ ووَيْلٌ وَئِيلٌ، هَمَزوه عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ. ووَيْلٌ وَائِلٌ: عَلَى النسَب والمُبالغة لأَنه لَمْ يستعمَل مِنْهُ فِعْل؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: امْتَنَعُوا مِنَ اسْتِعْمَالِ أَفعال الوَيْل والوَيْسِ والوَيْحِ والوَيْبِ لأَنَّ الْقِيَاسَ نفَاه ومَنَع مِنْهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَوْ صُرِّف الْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ لَوَجَبَ اعتلالُ فَائِهِ وعَيْنِه كوَعَد وباعَ، فتَحامَوا اسْتِعْمَالَهُ لِمَا كَانَ يُعْقِب مِنَ اجْتِمَاعِ إِعْلالين. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَيْلٌ لَهُ ووَيْلًا لَهُ أَي قُبْحاً، الرَّفْعُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَلَا فِعْل لَهُ، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: وَيْل بِهِ؛ وأَنشد:
وَيْل بِزَيْد فَتَى شَيْخٍ أَلُوذُ بِهِ ... فَلَا أُعشِّي لَدَى زَيْدٍ، وَلَا أَرِدُ
أَراد فَلَا أُعشِّي إِبلي، وَقِيلَ: أَراد فَلَا أَتَعَشَّى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ وَيْلٌ لزيدٍ ووَيْلًا لِزَيْدٍ، فَالنَّصْبُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، هَذَا إِذا لَمْ تضِفْه، فأَما إِذا أَضفْت فَلَيْسَ إِلا النصْب لأَنك لَوْ رَفَعْتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَبَرٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الرَّفْعِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
؛ وَشَاهِدُ النَّصْبِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
كَسَا اللُّؤْمُ تَيْماً خُضْرةً فِي جُلودِها، ... فَوَيْلًا لِتَيْمٍ مِنْ سَرابِيلِها الخُضْرِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا قرأَ ابنُ آدمُ السَّجْدةَ فسَجَدَ اعْتزَلَ الشيطانُ يَبْكي يَقُولُ يَا وَيْلَه
؛ الوَيْلُ: الحُزْن والهَلاك والمشقَّة مِنَ العَذاب، وكلُّ مَن وَقع فِي هَلَكة دَعا بالوَيْل، وَمَعْنَى النِّداءِ فِيهِ يَا حَزَني وَيَا هَلاكي وَيَا عَذابي احْضُر فَهَذَا وقْتُك وأَوانك، فكأَنه نادَى الوَيْل أَن يَحْضُره لِما عَرض لَهُ مِنَ الأَمر الفَظيع وَهُوَ النَّدَم عَلَى تَرْك السُّجُودِ لآدمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَضاف الوَيْلَ إِلى ضَمِيرِ الْغَائِبِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى، وعَدَلَ عَنْ حِكَايَةِ قَوْلِ إِبليس يَا وَيْلي، كَراهية أَن يُضيف الوَيْلَ إِلى نَفْسِهِ، قَالَ: وَقَدْ يَرِدُ الوَيْلُ بِمَعْنَى التَّعَجُّب. ابْنُ سِيدَهْ: ووَيْل كَلِمَةُ عَذاب. غَيْرُهُ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
ووَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَيْلٌ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ والخبرُ لِلْمُطَفِّفين؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَجاز وَيْلًا عَلَى مَعْنَى جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ وَيْلًا، وَالرَّفْعُ أَجْودُ فِي الْقُرْآنِ وَالْكَلَامِ لأَن الْمَعْنَى قَدْ ثبَت لَهُمْ هَذَا. والوَيْلُ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِكُلِّ مَن وَقع فِي عَذَابٍ أَو هَلَكةٍ، قَالَ: وأَصْلُ الوَيْلِ فِي اللُّغَةِ العَذاب والهَلاك. والوَيْلُ: الهَلاك يُدْعَى بِهِ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكة يَسْتَحِقُّها، تَقُولُ: وَيْلٌ لِزَيْدٍ، وَمِنْهُ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
، فإِن وَقع فِي هَلَكة لَمْ يستَحِقَّها قُلْتَ: وَيْح لِزَيْدٍ، يَكُونُ فِيهِ مَعْنَى التِّرَحُّم؛ وَمِنْهُ قَوْلِ
سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحُ ابنِ سُمَيَّة تَقْتُله الفِئةُ الباغِية
ووَيْلٌ: وادٍ فِي جهنَّم، وَقِيلَ: بابٌ مِنْ أَبوابها، وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ

(11/738)


اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الكافِر أَربعين خَرِيفاً لَوْ أُرسلت فيه الجبال لَمَاعَتْ مِنْ حَرِّه قَبْلَ أَن تَبْلُغَ قَعْرَه، والصَّعُودُ: جبَل مِنْ نَارٍ يَصَّعَّد فِيهِ سَبْعِينَ خَريفاً ثُمَّ يَهْوِي كَذَلِكَ
، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
؛ وَيْلٌ للمُكَذِّبين، قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن يُقَالَ وَيْلٌ دعاء هاهنا لأَنه قَبيح فِي اللَّفْظِ، وَلَكِنَّ الْعِبَادَ كُلِّموا بِكَلَامِهِمْ وَجَاءَ القُرآن عَلَى لُغَتِهِمْ عَلَى مِقدار فَهْمِهم، فكأَنه قِيلَ لَهُمْ: وَيْلٌ للمُكَذِّبين أَي هَؤُلَاءِ مِمَّن وجَب هَذَا القَوْلُ لَهُمْ؛ وَمِثْلُهُ: قاتَلَهُمُ اللَّهُ*، أُجْرِيَ هَذَا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ، وَبِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ. قَالَ الْمَازِنِيُّ: حَفِظْتُ عَنِ الأَصْمَعي: الوَيْلُ قُبُوح، والوَيْحُ تَرحُّم، والوَيْسُ تَصْغِيرُهُمَا أَي هِيَ دُونَهُمَا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَيْل هَلَكة، والوَيْح قُبُوحٌ، والوَيْسُ ترحُّم. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الوَيْل يُقَالُ لِمَنْ وقَع فِي هَلَكة، والوَيْحُ زَجْرٌ لِمَنْ أَشرف عَلَى هَلَكة، وَلَمْ يذكر في الوَيْسِ شيئا. وَيُقَالُ: وَيْلًا لَهُ وَائِلًا، كَقَوْلِكَ شُغْلًا شاغِلًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والهامُ يَدْعُو البُومَ وَيْلًا وَائِلا «4»
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِذا قَالَ الإِنسان يَا وَيْلاهُ قُلْتُ قَدْ تَوَيَّلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَوَيَّلَ إِنْ مَدَدْت يَدي، وَكَانَتْ ... يَميني لَا تُعَلّلُ بالقَلِيل
وإِذا قالت المرأَة: وا وَيْلَها، قُلْتُ وَلْوَلَتْ لأَنَّ ذَلِكَ يَتَحَوَّل إِلى حِكَايَاتِ الصَّوْت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّما عَوْلَتُه مِنَ التَّأَقْ ... عَوْلةُ ثَكْلى وَلْوَلَتْ بَعْدَ المَأَقْ
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ النَّحْوِيِّ أَنه قَالَ: قَوْلُهُمْ وَيْلَه كَانَ أَصلها وَيْ وُصِلَتْ بِلَهُ، وَمَعْنَى وَيْ حُزْنٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ وايْه، مَعْنَاهُ حُزْنٌ أُخْرِجَ مُخْرَج النُّدْبَة، قَالَ: والعَوْلُ الْبُكَاءُ فِي قَوْلِهِ وَيْلَه وعَوْلَه، ونُصِبا عَلَى الذمِّ وَالدُّعَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: وَيْلُ الشَّيْطَانِ وعَوْلُه، فِي الوَيْل ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ الوَيْل شِدَّة مِنَ الْعَذَابِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الأَصل وَيْ للشَّيطان أَي حُزْنٌ لِلشَّيْطَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيْ لِمَ فعلْت كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَفِي قَوْلِهِمْ وَيْل الشَّيْطَانِ سِتَّةُ أَوجه: وَيْلَ الشَّيْطَانِ، بِفَتْحِ اللَّامِ، ووَيْلِ، بِالْكَسْرِ، ووَيْلُ، بِالضَّمِّ، ووَيْلًا ووَيْلٍ ووَيْلٌ، فَمَنْ قَالَ وَيْلِ الشَّيْطَانِ قَالَ: وَيْ مَعْنَاهُ حُزْنٌ لِلشَّيْطَانِ، فَانْكَسَرَتِ اللَّامُ لأَنها لَامُ خَفْضٍ، وَمَنْ قَالَ وَيْلَ الشَّيْطَانِ قَالَ: أَصل اللَّامِ الْكَسْرُ، فَلَمَّا كَثُرَ استعمالُها مَعَ وَيْ صَارَ مَعَهَا حَرْفًا وَاحِدًا فَاخْتَارُوا لَهَا الْفَتْحَةَ، كَمَا قَالُوا يالَ ضَبَّةَ، فَفَتَحُوا اللَّامَ، وَهِيَ فِي الأَصل لَامُ خفْض لأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِيهَا كَثُرَ مَعَ يَا فَجُعِلَا حَرْفًا وَاحِدًا؛ وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ هُذَيْلٍ:
فَوَيْلٌ بِبَزّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الْحَصَى، ... فَوُقِّرَ مَا بَزٌّ هُنَالِكَ ضائعُ «5»
. شَعْلٌ: لقَب تأَبَّط شَرًّا، وَكَانَ تأَبَّط قَصِيرًا فَلَبِسَ سيفَه فجرَّه عَلَى الْحَصَى، فوَقَّره: جَعَلَ فِيهِ وَقْرةً أَي فُلولًا، قَالَ: وَيْل بِبَزٍّ فتعجَّب مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ وَيْبَك بِمَعْنَى وَيْلَك؛ قَالَ المُخَبَّل:
__________
(4) . قوله [والهام إلخ] بعده كما في التكملة:
والبوم يدعو الهام ثكلًا ثاكلا
(5) . قوله [فويل ببز إلخ] تقدم في مادة بزز بلفظ:
فوَيْل آمِّ بَزٍّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الْحَصَى ... وَوُقِّرَ بَزٌّ مَا هُنَالِكَ ضَائِعُ
وشرحه هناك بما هو أوضح مما هنا

(11/739)


يَا زِبْرِقان، أَخا بَنِي خَلَفٍ، ... مَا أَنت، وَيْبَ أَبيك والفَخْر
قَالَ: وَيُقَالُ مَعْنَى ويْبَ التَّصْغِيرُ وَالتَّحْقِيرُ بِمَعْنَى وَيْس. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: وَيْح لِزَيْدٍ بِمَعْنَى وَيْل لِزَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويقوِّيه عِنْدِي قَوْلُ سِيبَوَيْهِ تَبًّا لَهُ ووَيْحاً وويحٌ لَهُ وتَبٌّ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الترحُّم لأَن التَّبَّ الخَسار. ورجلٌ وَيْلِمِّهِ ووَيْلُمِّهِ: كَقَوْلِهِمْ فِي المُسْتجادِ وَيْلُمِّهِ، يُرِيدُونَ وَيْلَ أُمِّه، كَمَا يَقُولُونَ لابَ لَكَ، يُرِيدُونَ: لَا أَبَ لَكَ، فركَّبوه وَجَعَلُوهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ ابْنُ جِنِّي: هَذَا خَارِجٌ عَنِ الْحِكَايَةِ أَي يُقَالُ لَهُ مِنْ دَهائه وَيْلِمِّهِ، ثُمَّ أُلحقت الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ كداهِيةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي
قَوْلِهِ لأَبي بَصِير: وَيْلُمِّهِ مِسْعَر حَرْب
، تَعَجُّباً مِنْ شَجَاعَتِهِ وجُرْأَتِه وإِقدامِه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: وَيْلُمِّهِ كَيْلًا بِغَيْرِ ثمنٍ لَوْ أَنَّ لَهُ وِعاً
أَي يَكِيلُ العُلوم الجَمَّة بِلَا عِوَضٍ إِلا أَنه لَا يُصادِفُ واعِياً، وَقِيلَ: وَيْ كَلِمَةٌ مُفردة ولأُمِّه مُفْرَدَةٌ وَهِيَ كَلِمَةُ تفجُّع وتعجُّب، وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ أُمِّه تَخْفِيفًا وأُلقيت حركتُها عَلَى اللَّامِ، وينصَب مَا بَعْدَهَا عَلَى التَّمْيِيزِ، والله أَعلم.