لسان العرب فصل اللام
لأم: اللُّؤْم: ضِدُّ العِتْقِ والكَرَمِ. واللَّئِيمُ: الدَّنيءُ
الأَصلِ الشحيحُ النَّفْسِ، وَقَدْ لَؤُمَ الرجلُ، بِالضَّمِّ،
يَلْؤُمُ لُؤْماً، عَلَى فُعْلٍ، ومَلأَمةً عَلَى مَفْعَلةٍ، وَلَآمَةً
عَلَى فَعالةٍ، فَهُوَ لَئِيمٌ مِنْ قَوْمٍ لِئَامٍ ولُؤَماءَ،
ومَلأَمانُ؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ أَلائِمُ عَلَى غَيْرِ
قِيَاسٍ؛ قَالَ:
إِذا زالَ عنكمْ أَسْودُ العينِ كنتُمُ ... كِراماً، وأَنتم مَا أَقامَ
أَلائِمُ
وأَسْودُ الْعَيْنِ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ، والأُنثى مَلأَمَانَةٌ.
وَقَالُوا فِي النِّداء: يَا مَلأَمَانُ خِلَافَ قَوْلِكَ يَا
مَكْرَمانُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سُبَّ: يَا لُؤْمانُ وَيَا
مَلأَمَانُ وَيَا مَلأَمُ. وأَلْأَمَ: أَظْهَرَ خصالَ اللُّؤْم.
وَيُقَالُ: قَدْ أَلْأَمَ الرجلُ إِلْآماً إِذا صَنَعَ مَا يَدْعُوهُ
النَّاسُ عَلَيْهِ لَئيماً، فَهُوَ مُلْئِمٌ. وأَلْأَمَ: ولَدَ
اللِّئامَ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، واسْتَلْأَمَ أَصْهاراً «1» .
لِئاماً،
__________
(1) . قوله [واسْتَلْأَمَ أصهاراً لئاماً] هكذا في الأَصل، وعبارة
القاموس: واستلأَم أصهاراً اتخذهم لِئَامًا
(12/530)
واسْتَلْأَمَ أَباً إِذا كَانَ لَهُ أَبٌ
سوءٌ لئيمٌ ولَأَّمَه: نسبَه «1» . إِلى اللُّؤْمِ؛ وأَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
يرومُ أَذَى الأَحرارِ كلُّ مُلأَّمٍ، ... ويَنْطِقُ بالعَوْراء مَن
كانَ مُعْوِرا
والمِلأَمُ والمِلآمُ: الَّذِي يُعْذِرُ اللِّئامَ. والمُلْئِمُ:
الَّذِي يأْتي اللِّئام. والمُلْئِمُ: الرَّجُلُ اللَّئيم. والمِلأَمُ
والمِلْآمُ عَلَى مِفْعَل ومِفْعال: الَّذِي يَقُومُ يُعْذِرُ
اللِّئَامَ. واللَّأْم: الاتفاقُ: وَقَدْ تَلَاءَمَ القومُ
والْتَأَمُوا: اجْتَمَعُوا واتَّفقوا. وتَلاءَمَ الشَّيْئَانِ إِذا
اجْتَمَعَا وَاتَّصَلَا. وَيُقَالُ: الْتَأَمَ الفَرِيقان
وَالرَّجُلَانِ إِذا تَصالحا وَاجْتَمَعَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكين ... أَنَّهما قَدِ الْتَأَمَا
فإِنْ تَسْمَعْ بِلأْمِهما، ... فإِنَّ الأَمْرَ قَدْ فَقِما
وَهَذَا طعامٌ يُلائِمُنِي أَي يُوَافِقُنِي، وَلَا تَقُلْ يُلاوِمني.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ: لِي قائدٌ لَا يُلائِمُنِي
أَي يُوافِقني ويُساعدني، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْهَمْزَةُ فَتَصِيرُ
يَاءً، وَيُرْوَى
يُلاوِمني
، بِالْوَاوِ، وَلَا أَصل لَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنَ الرُّواة، لأَن
المُلاوَمة مُفاعَلة مِنَ اللَّوْم. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: مَن لَا يَمَسكم مِنْ مملوكِيكم فأَطْعِموه مِمَّا تأْكلون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْيَاءِ مُنْقَلِبَةً عَنِ
الْهَمْزَةِ، والأَصل لاءَمكم. ولَأَمَ الشيءَ لَأْماً ولاءَمَه
ولَأَّمَه وأَلْأَمَه: أَصلحه فالْتَأَمَ وتَلأَّمَ. واللِّئْمُ:
الصُّلْحُ، مَهْمُوزٌ. ولاءَمْت بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذا أَصلحت
بَيْنَهُمَا. وَشَيْءٌ لأْمٌ أَي مُلْتئِم. ولَاءَمْت بَيْنَ الْقَوْمِ
مُلاءَمَةً إِذا أَصلحتَ وَجَمَعْتَ، وإِذا اتَّفق الشَّيْئَانِ فَقَدِ
التَأَمَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَذَا طعامٌ لَا يُلائِمُني، وَلَا
تَقُلْ يُلاوِمُني، فإِنما هَذَا مِنَ اللَّوْم. واللِّئْم: الصُّلح
والاتفاقُ بَيْنَ النَّاسِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا دُعِيَتْ يَوْماً نُمَيْرُ بنُ غَالِبٍ، ... رأَيت وُجوهاً قَدْ
تَبَيَّنَ لِيمُها
وليَّن الْهَمْزَ كَمَا يُلَيَّنُ فِي اللِّيام جَمْعُ اللَّئيم.
واللِّئْم: فِعْلٌ مِنَ الملاءَمة، وَمَعْنَاهُ الصُّلْحُ.
ولَاءَمَنِيَ الأَمرُ: وَافَقَنِي. وريشٌ لُؤَامٌ: يُلائم بعضُه
بَعْضًا، وَهُوَ مَا كَانَ بَطْنُ القُذَّة مِنْهُ يَلِي ظَهْرَ
الأُخرى، وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ، فإِذا الْتَقَى بَطْنان أَو
ظَهْران فَهُوَ لُغاب ولَغْب؛ وَقَالَ أَوْس بْنُ حَجَر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكبٍ ... ظُهارٍ لُؤامٍ، فَهُوَ أَعْجَفُ
شاسِفُ
وَسَهْمٌ لَأْمٌ: عَلَيْهِ ريشٌ لُؤامٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ إِمْرِئِ
الْقَيْسِ:
نَطْعَنهم سُلْكَى ومَخْلوجةً، ... لَفْتَكَ لَأْمَيْنِ عَلَى نابِل
وَيُرْوَى: كَرَّكَ لأْمَيْنِ. ولَأَمْتُ السَّهْمَ، مِثْلَ فَعَلْت:
جَعَلْتُ لَهُ لُؤاماً. واللُّؤامُ: القُذَذُ الملتَئِمة، وَهِيَ
الَّتِي يَلِي بطنُ القُذّة مِنْهَا ظهرَ الأُخرى، وَهُوَ أَجود مَا
يَكُونُ ولَأَمَ السهمَ لَأْماً: جَعَلَ عَلَيْهِ رِيشًا لُؤاماً.
والْتَأَمَ الجرحُ الْتِئَاماً إِذا بَرَأَ والتَحَمَ. اللَّيْثُ:
أَلْأَمْتُ الجُرحَ بالدَّواء وأَلْأَمْتُ القُمْقُم إِذا سدَدْت
صُدوعَه، ولَأَمْت الجرحَ والصَّدْعَ إِذا سَدَدْتَهُ فالْتَأَمَ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه أَمر الشَّجَرَتَين فَجَاءَتَا، فَلَمَّا كَانَتَا
بالمَنْصَفِ لأَم بَيْنَهُمَا.
يُقَالُ: لَأَمَ ولَاءَمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذا جَمَعَ
بَيْنَهُمَا وَوَافَقَ. وتَلاءَمَ الشَّيْئَانِ والْتَأَما بِمَعْنًى.
وفلانٌ لِئْمُ فلانٍ ولِئَامُه أَي مثلُه وشِبهه، وَالْجَمْعُ أَلآمٌ
ولِئَامٌ؛ عن ابن
__________
(1) . [ولَأَّمَه نسبه إلخ] عبارة شرح القاموس: ورجل مُلَأَّمٌ
كمُعَظَّم منسوب إلى اللؤم وكذا مِلْآم، وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
يَرُومُ أَذَى الأَحرار كُلُّ ملأَم
(12/531)
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَنَقْعُد العامَ لَا نَجْني عَلَى أَحدٍ ... مُجَنَّدِينَ، وَهَذَا
الناسُ أَلآمُ؟
وَقَالُوا: لَوْلَا الوِئام هَلَكَ اللِّئَام؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ
الأَمثال، وَقِيلَ: الْمُتَلَائِمُونَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن شابَّة زُوِّجت شيخا فقتلته، فقال: أَيها النَّاسُ،
ليَنْكِح الرجلُ لُمَتَه مِنَ النِّسَاءِ، ولتَنْكِح المرأَةُ لُمَتها
مِنَ الرِّجَالِ
أَي شَكْلَهُ وتِرْبَه ومثلَه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْهَمْزَةِ
الذَّاهِبَةِ مِنْ وَسَطِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فإِن نَعْبُرْ فإِنَّ لَنَا لُماتٍ، ... وإِن نَغْبُرْ فنحنُ على
نُدورِ
أَي سَنَمُوتُ لَا مَحَالَةَ. وَقَوْلُهُ لُمَات أَي أَشباهاً.
واللُّمَة أَيضاً: الْجَمَاعَةُ مِنَ الرِّجَالِ مَا بَيْنَ
الثَّلَاثَةِ إِلى الْعَشَرَةِ. واللِّئْمُ: السيْف؛ قَالَ:
ولِئْمُك ذُو زِرَّيْنِ مَصْقولُ
واللَّأْمُ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. واللَّأْمَةُ واللُّؤْمَةُ:
مَتَاعُ الرَّجُلِ مِنَ الأَشِلّةِ والوَلايا؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ
زَيْدٍ:
حَتَّى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ لَهُ زَهَرٌ ... مِنَ التَناويرِ، شَكْل
العِهْنِ فِي اللُّؤَمِ
واللَّأْمَةُ: الدِّرْعُ، وَجَمْعُهَا لُؤَم، مِثل فُعَل، وَهَذَا
عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كَانَ يُحرِّضُ أَصحابَه يَقُولُ
تَجَلْبَبُوا السكِينةَ وأَكمِلُوا اللُّؤَمَ
؛ هُوَ جَمْعُ لَأْمة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فكأَنَّ واحدَته لُؤْمة.
واسْتَلْأَمَ لأْمَتَه وتلأَّمَها؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ:
لَبِسَها. وَجَاءَ مُلَأَّماً عَلَيْهِ لَأْمَةٌ؛ قَالَ:
وعَنْتَرة الفَلْحاء جَاءَ مُلَأَّماً، ... كأَنَّكَ فِنْدٌ مِن
عَمايةَ أَسْودُ «2»
قَالَ الفَلْحاء فأَنَّث حَمْلًا لَهُ عَلَى لَفْظِ عَنْتَرَةَ
لِمَكَانِ الْهَاءِ، أَلا تَرَى أَنه لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ
رَدَّهُ إِلى التَّذْكِيرِ فَقَالَ كأَنَّك؟ واللَّأْمَةُ: السِّلَاحُ؛
كُلُّهَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَدْ اسْتَلْأَمَ الرجلُ إِذا لبِس
مَا عِنْدَهُ مِنْ عُدّةٍ رُمْحٍ وَبَيْضَةٍ ومِغْفَر وَسَيْفٍ ونَبْل؛
قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِن تُغْدِفي دُوني القِناعَ، فإِنَّني ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ
المُسْتَلْئِمِ
الْجَوْهَرِيُّ: اللَّأْم جَمْعُ لَأْمَة وَهِيَ الدِّرْعُ، وَيَجْمَعُ
أَيضاً عَلَى لُؤَم مِثْلَ نُغَر، عَلَى غير قياس أَنه جَمَعَ لُؤْمَة.
غَيْرُهُ: اسْتَلْأَمَ الرجلُ لبِس اللأْمة. والمُلأَّم،
بِالتَّشْدِيدِ: المُدَرَّع. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ، صَلَّى الله عليه وسلم، من الخَنْدقِ
ووضَع لَأْمته أَتاه جبريلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فأَمره بالخروج إِلى
بَنِي قُرَيْظة
؛ اللَّأْمة، مَهْمُوزَةً: الدرعُ، وَقِيلَ: السِّلَاحُ. ولَأْمَةُ
الْحَرْبِ: أَداتها، وَقَدْ يُتْرَكُ الْهَمْزُ تَخْفِيفًا. وَيُقَالُ
لِلسَّيْفِ لَأْمَة وَلِلرُّمْحِ لَأْمَة، وإِنما سُمِّيَ لَأْمةً
لأَنها تُلائم الْجَسَدَ وَتُلَازِمُهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّأْمة
الدِّرْعُ الحصِينة، سُمِّيَتْ لَأْمة لإِحْكامِها وَجَوْدَةِ حلَقِها؛
قَالَ ابْنُ أَبي الحُقَيق فَجَعَلَ اللَّأْمَة البَيْضَ:
بفَيْلَقٍ تُسْقِطُ الأَحْبالَ رؤيتُها، ... مُسْتَلْئِمِي البَيْضِ
مِنْ فَوْقِ السَّرابِيل
وَقَالَ الأَعشى فَجَعَلَ اللَّأْمَة السلاح كُلَّهُ:
وقُوفاً بِمَا كَانَ مِنْ لَأْمَةٍ، ... وهنَّ صِيامٌ يَلُكْنَ
اللُّجُم
وَقَالَ غَيْرُهُ فَجَعَلَ اللَّأْمة الدِّرْعَ وَفُرُوجَهَا بَيْنَ
يَدَيْهَا وَمِنْ خَلْفِهَا:
كأَنَّ فُروجَ اللَّأَمةِ السَّرْد شَكَّها، ... عَلَى نفسِه، عَبْلُ
الذِّراعَيْن مُخْدِرُ
واسْتَلْأَمَ الحَجَر: مِنَ المُلاءَمة، عَنْهُ أَيضاً، وأَما
يَعْقُوبُ فَقَالَ: هُوَ مِنَ السِّلام، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
مَوْضِعِهِ.
__________
(2) . قوله [كأنك] تقدم له في مادة فلح: كأنه
(12/532)
واللُّؤْمَة: جَمَاعَةُ أَداةِ الفدَّان؛
قَالَهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُرَّةُ: هِيَ جُمَّاعُ آلَةِ
الْفَدَّانِ حَدِيدِهَا وَعِيدَانِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: اللُّؤْمَة
جماعةُ أَداة الْفَدَّانِ، وَكُلُّ مَا يَبْخَلُ بِهِ الإِنسان
لِحُسْنِهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. ابْنُ الأَعرابي: اللُّؤْمَة
السِّنَّة الَّتِي تُحْرَثُ بِهَا الأَرض، فإِذا كَانَتْ عَلَى
الْفَدَّانِ فَهِيَ العِيانُ، وَجَمْعُهَا عُيُنٌ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: اللُّؤْمَة السِّكَّة؛ قَالَ:
كالثَّوْرِ تَحْتَ اللُّؤْمَةِ المُكَبِّس
أَي المُطأْطئ الرأْس. ولَأْم: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
إِلى أَوْسِ بنِ حارِثَةَ بنِ لَأْم، ... ليَقْضِيَ حاجَتي فِيمنْ
قَضاها
فَمَا وَطِئَ الْحَصَى مثلُ ابْنِ سُعْدى، ... وَلَا لَبس النِّعالَ
ولا احْتَذاها
لبم: ابْنُ الأَعرابي قَالَ: اللَّبْمُ «1» . اختلاج الكتف.
لتم: اللَّتْم: الطَّعْن فِي النَّحْرِ مِثْلُ اللَّتْب. لَتَمَ مَنْحر
الْبَعِيرِ بالشَّفْرة، وَفِي مَنْحرِه لَتْماً: طَعَنه. ولَتَمَ
نَحْرَهُ: كلطَمَ خَدَّه. الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ
الأَعراب يَقُولُ لَتَمَ فُلَانٌ بشَفْرَتِه فِي لَبَّة بَعِيرِهِ إِذا
طَعَنَ فِيهَا بِهَا. قَالَ أَبو تُرَابٍ: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ
يُقَالُ خُذ الشَّفْرة فالْتُب بِهَا فِي لَبَّة الْجَزُورِ والْتُم
بِهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ لَتَمَ فِي لَبَّتها ولَتَبَ
بِالشَّفْرَةِ إِذا طَعَنَ بِهَا فِيهَا. ولَتَمَ الشيءَ بِيَدِهِ:
ضَرَبه. ولَتَمَتِ الحجارةُ رِجْلَ الْمَاشِي: عَقَرتْها. ولاتِمٌ
ومِلْتَم ولُتَيْم: أَسماء. ومُلاتِمات: اسْمُ أَبي قَبِيلَةٍ مِنَ
الأَزد، فإِذا سُئِلُوا عَنْ نَسبِهم قَالُوا نَحْنُ بَنُو مُلاتَم،
بِفَتْحِ التاء.
لثم: اللِّثَامُ: رَدُّ المرأَة قِناعَها عَلَى أَنفها وردُّ الرَّجُلِ
عمامَته عَلَى أَنفه، وَقَدْ لَثَمَتْ تَلْثِمُ «2» ، وَقِيلَ:
اللِّثَامُ عَلَى الأَنف واللِّفامُ عَلَى الأَرْنبة. أَبو زَيْدٍ
قَالَ: تَمِيمٌ تَقُولُ تَلَثَّمَت عَلَى الْفَمِ، وَغَيْرُهُمْ
يَقُولُ تَلَفَّمَت؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا كَانَ عَلَى الْفَمِ
فَهُوَ اللِّثام، وإِذا كَانَ عَلَى الأَنف فَهُوَ اللِّفام. وَيُقَالُ
مِنَ اللِّثَام: لَثَمْتُ أَلْثِمُ، فإِذا أَراد التَّقْبِيلَ قُلْتُ:
لَثِمْتُ أَلْثَمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فلَثِمْتُ فَاهَا آخِذاً بِقُرونِها، ... ولَثِمْتُ مِنْ شَفَتَيْهِ
أَطْيَبَ مَلْثَم
ولَثِمْتُ فَاهَا، بِالْكَسْرِ، إِذا قبَّلتها، وَرُبَّمَا جَاءَ
بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يُنْشِدُ
قَوْلَ جَمِيل:
فلَثَمْتُ فَاهَا آخِذاً بقرونِها، ... شُرْبَ النَّزِيف ببَرْدِ ماءِ
الحَشْرَج
بِالْفَتْحِ، وَيُرْوَى البيت لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ، أَبو
زَيْدٍ: تَمِيمٌ تَقُولُ تَلَثَّمَت عَلَى الْفَمِ، وَغَيْرُهُمْ
يَقُولُ تَلَفَّمَت، فإِذا كَانَ عَلَى طَرَفِ الأَنف فَهُوَ اللِّفام،
وإِذا كَانَ عَلَى الْفَمِ فَهُوَ اللِّثَام. قَالَ الْفَرَّاءُ:
اللِّثَام مَا كَانَ عَلَى الْفَمِ مِنَ النِّقَابِ، واللِّفام مَا
كَانَ عَلَى الأَرْنبة. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: أَنه كَرِهَ التَّلَثُّم مِنَ الْغُبَارِ فِي الغَزْوِ
، وَهُوَ شدُّ الْفَمِ بِاللِّثَامِ، وإِنما كَرِهَهُ رَغْبَةً فِي
زِيَادَةِ الثَّوَابِ بِمَا يَنَالُهُ مِنَ الْغُبَارِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ. والمَلْثَم: الأَنف وَمَا حَوْلَهُ وإِنها لحسنَةُ
اللِّثْمَةِ: مِنَ اللِّثام؛ وَقَوْلُ الحَذْلميّ:
وتَكْشِف النُّقْبةَ عَنْ لِثَامِها
لَمْ يُفَسِّرْ ثَعْلَبٌ اللِّثام، قَالَ «3» : وَعِنْدِي أَنه
جِلْدُهَا؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
__________
(1) . قوله [اللبم] ضبط في الأصل بالفتح، وهو الذي في نوادر ابن
الأعرابي، وضبطه المجد بالتحريك
(2) . قوله [وقد لَثَمَتْ تَلْثِمُ] هكذا ضبط في الصحاح والمحكم أيضاً،
ومقتضى إطلاق القاموس أنه من باب قتل، وفي المصباح: ولَثِمَتِ المرأة
من باب تعب لَثْماً مثل فلس. وتَلَثَّمَتْ والْتَثَمَتْ شدت اللثام.
(3) . قوله [قال] أي ابن سيدة
(12/533)
آلَت إِلى النِّصف مِنْ كَلْفاء أَتْأَقَها
... عِلْجٌ، ولَثَّمَها بالجَفْنِ والغارِ
إِنما أَراد أَنه صَيَّرَ الجفنَ والغارَ لِهَذِهِ الْخَابِيَةِ
كاللِّثام. ولَثِمَها ولَثَمَها يَلْثِمُها ويَلْثُمُها لَثْماً:
قَبَّلَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: واللُّثْم، بِالضَّمِّ، جَمْعُ لاثِمٍ.
واللَّثْم: القُبْلة. يُقَالُ: لَثَمَت المرأَةُ تَلْثِمُ لَثْماً
والْتَثَمَت وتَلَثَّمَت إِذا شدَّت اللِّثامَ، وَهِيَ حسنَة
اللِّثْمَة. وخُفٌّ مَلْثُوم ومُلَثَّم: جَرَحَتْهُ الْحِجَارَةُ؛
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَرْمِي الصُّوَى بمُجْمَراتٍ سُمْرِ ... مُلَثَّماتٍ، كمَرادِي
الصَّخْرِ
الْجَوْهَرِيُّ: لَثَمَ الْبَعِيرُ الْحِجَارَةَ بخُفِّه يَلْثِمُها
إِذا كسرَها. وخفٌّ مِلْثَم: يَصُكّ الْحِجَارَةَ. وَيُقَالُ أَيضاً:
لَثَمَتِ الحجارةُ خُفَّ الْبَعِيرَ إِذا أَصابته وأَدْمته.
لجم: لِجامُ الدَّابَّةِ: مَعْرُوفٌ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ
فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ أَلْجِمَة ولُجُم ولُجْم، وَقَدْ
أَلْجَمَ الْفَرَسَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سُئل عَمَّا يَعْلَمُه فكَتَمَه أَلْجَمَه اللهُ بلِجَامٍ مِنْ
نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، قَالَ المُمْسِك عَنِ الْكَلَامِ مُمَثَّل بِمَنْ أَلْجَمَ نَفْسَه
بلِجام، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُهُ
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، كَمَنْ يَرَى رَجُلًا حديثَ عَهْدٍ بالإِسلام
وَلَا يُحْسِن الصلاةَ وَقَدْ حَضَرَ وقتُها فَيَقُولُ عَلِّمُوني كيف
أُصَلِّي، وكم جَاءَ مُسْتَفْتِياً فِي حَلَالٍ أَو حَرَامٍ فإِنه
يَلْزَمُ فِي هَذَا وأَمثاله تَعْرِيفُ الْجَوَابِ. ومَن مَنَعَه
اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَبْلُغ العَرَقُ مِنْهُمْ مَا يُلْجِمُهم
أَي يَصِل إِلى أَفواههم فَيَصِيرُ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ اللِّجام
يَمْنَعُهُمْ عَنِ الْكَلَامِ، يَعْنِي فِي الْمَحْشَرِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ. والمُلَجَّم: مَوْضِعِ اللِّجام، وإِن لَمْ يَقُولُوا
لَجَّمْتُه كأَنهم تَوَهَّمُوا ذَلِكَ واستأْنفوا هَذِهِ الصِّيغَةَ؛
أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ خاضَ أَعْدائي مِنَ الإِثْمِ حَوْمةً ... يغِيبون فِيهَا، أَو
تَنال الْمُحَزِّمَا «1»
. ولَجَمَةُ الدابةِ: مَوْقِعُ اللِّجام مِنْ وَجْهِهَا. واللِّجام:
حبْلٌ أَو عَصًا تُدْخَل فِي فَمِ الدَّابَّةِ وتُلْزق إِلى قَفَاهُ.
وَجَاءَ وَقَدْ لفَظ لِجامَه أَي جَاءَ وَهُوَ مَجْهُودٌ مِنَ
الْعَطَشِ والإِعْياء، كَمَا يُقَالُ: جَاءَ وَقَدْ قَرَضَ رِباطَه.
واللِّجامُ: ضربٌ مِنْ سِمات الإِبل يَكُونُ مِنَ الْخَدَّيْنِ إِلى
صَفْقَي الْعُنُقِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. يُقَالُ: أَلْجَمْتُ
الدابةَ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْآخَرِ مَلجوم، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ،
وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَن يُقَالَ بهِ سمَةُ لِجَام. وتَلَجَّمَتِ
المرأَةُ إِذا استثْفَرت لِمَحِيضِهَا. واللِّجَامُ: مَا تشدُّه
الْحَائِضُ. وَفِي حَدِيثِ المُسْتحاضة:
تَلَجَّمِي
أَي شُدِّي لِجَامًا، وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: اسْتثْفِري أَي
اجْعَلِي مَوْضِعَ خُرُوجِ الدَّمِ عِصابةً تَمْنَعُ الدَّمَ،
تَشْبِيهًا بِوَضْعِ اللِّجَامَ فِي فَمِ الدَّابَّةِ. ولجَمَةُ
الْوَادِي: فُوَّهَتُه. واللُّجْمَة: العلَمُ مِنْ أَعلام الأَرض.
واللَّجَم: الصمْدُ الْمُرْتَفِعُ. أَبو عَمْرٍو: اللُّجْمَةُ الجَبل
المسطَّح لَيْسَ بِالضَّخْمِ. واللُّجَم: دُوَيْبَّة؛ قَالَ عَدِيُّ
بْنُ زَيْدٍ:
لَهُ مَنْخِرٌ مثْلُ جُحْر اللُّجَمْ «2»
. يَصِفُ فَرَسًا، وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّةٌ أَصغر مِنَ العَظاية.
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اللُّجَم دَابَّةٌ أَكبر مِنْ شَحْمَةِ الأَرض
وَدُونَ الحِرْباء؛ قَالَ أَدهم بْنُ أَبي الزَّعْرَاءِ:
لَا يَهْتدِي الغرابُ فِيهَا واللُّجَم
وَقِيلَ: هُوَ الوَزَغ؛ التَّهْذِيبُ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل:
__________
(1) . قوله [حومة] هكذا في الأصل. وفي المحكم: خوضة. وقوله [المحزما]
هكذا في الأصل أيضاً ولا شاهد فيه. وفي المحكم: الملحما، وفيه الشاهد
(2) . قوله [له منخر إلخ] هذه رواية المحكم، والذي في التكملة:
له ذَنَبٌ مِثْلُ ذَيْلِ الْعَرُوسِ ... إلى سبة مثل جحر اللُّجَم
وسبة بالفتح في خط المؤلف، وكذا في التهذيب
(12/534)
ومَرَّت عَلَى الأَلْجَامِ، أَلْجَامِ
حامرٍ، ... يُثِرْن قَطاً لَوْلَا سُراهن هُجَّدا «1»
أَراد جَمْعَ لُجْمَةِ الْوَادِي وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنْهُ؛ وَقَالَ
رُؤْبَةُ:
إِذا ارْتَمَتْ أَصحانه ولُجَمُهْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَاحِدَتُهَا لُجْمَة وَهِيَ نَوَاحِيهِ. ابْنُ
بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ اللُّجَم العاطوسُ وَهِيَ سَمَكَةٌ
فِي الْبَحْرِ وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهَا؛ وأَنشد لرؤبة:
وَلَا أُحِبُّ اللُّجَمَ الْعَاطُوسَا
واللَّجَمُ: الشُّؤْم. واللَّجَم: مَا يُتَطَيَّرُ مِنْهُ، وَاحِدَتُهُ
لَجَمَة. ومُلْجَم: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو لُجَيم: بطن.
لحم: اللَّحْم واللَّحَم، مُخَفَّفٌ وَمُثَقَّلٌ لُغَتَانِ: مَعْرُوفٌ،
يَجُوزُ أَن يَكُونَ اللحَمُ لُغَةً فِيهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فُتح
لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وَلَمْ يَضِعْ جارُكم لحمَ الوَضَم
إِنما أَراد ضَياعَ لَحْمِ الوَضم فَنَصَبَ لحمَ الْوَضْمِ عَلَى
الْمَصْدَرِ، وَالْجَمْعُ أَلْحُمٌ ولُحُوم ولِحَامٌ ولُحْمَان،
واللَّحْمة أَخصُّ مِنْهُ، واللَّحْمة: الطَّائِفَةُ مِنْهُ؛ وَقَالَ
أَبو الْغُولِ الطُّهَوي يَهْجُو قَوْمًا:
رَأَيْتُكمُ، بَنِي الخَذْوَاء، لَمّا ... دَنا الأَضْحَى وصَلَّلتِ
اللِّحَامُ،
توَلَّيْتُمْ بِوُدِّكُمُ، وقُلْتم: ... لَعَكٌّ مِنْكَ أَقْرَبُ أَو
جُذامُ
يَقُولُ: لَمَّا أَنتَنت اللحومُ مِنْ كَثْرَتِهَا عِنْدَكُمْ
أَعْرَضْتم عَنِّي. ولَحْمُ الشَّيْءِ: لُبُّه حَتَّى قَالُوا لَحْمُ
الثَّمرِ للُبِّه. وأَلْحَمَ الزرعُ: صَارَ فِيهِ القمحُ، كأَنّ ذَلِكَ
لَحْمُه. ابْنُ الأَعرابي: اسْتَلْحَمَ الزرعُ واستَكَّ وازدَجَّ أَي
الْتَفَّ، وَهُوَ الطِّهْلئ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ التفَّ.
الأَزهري: ابْنُ السِّكِّيتِ رجلٌ شَحِيمٌ لَحِيمٌ أَي سَمِين، ورجلٌ
شَحِمٌ لَحِمٌ إِذا كَانَ قَرِماً إِلى اللحْم والشَّحْمِ يَشْتهِيهما،
ولَحِمَ، بِالْكَسْرِ: اشْتَهَى اللَّحْم. وَرَجُلٌ شَحَّامٌ لَحَّامٌ
إِذا كَانَ يَبِيعُ الشحمَ وَاللَّحْمَ، ولَحُمَ الرجلُ وشَحُمَ فِي
بَدَنِهِ، وإِذا أَكل كَثِيرًا فلَحُم عَلَيْهِ قِيلَ: لَحُمَ وشَحُم.
وَرَجُلٌ لَحِيمٌ ولَحِمٌ: كَثِيرُ لَحْم الْجَسَدِ، وَقَدْ لَحُمَ
لَحَامةً ولَحِمَ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: كُثرَ لَحْمُ بدنهِ.
وَقَوْلُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَمَّا عَلِقْت اللَّحْمَ
سَبَقني
أَي سَمِنْت فثقُلت. وَرَجُلٌ لَحِمٌ: أَكول للَّحم وقَرِمٌ إِليه،
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَكل مِنْهُ كَثِيرًا فشكا منه، وَالْفِعْلُ
كَالْفِعْلِ. واللَّحَّامُ: الَّذِي يَبِيعُ اللَّحْمَ. وَرَجُلٌ
مُلْحِمٌ إِذا كَثُرَ عِنْدَهُ اللَّحْمُ، وَكَذَلِكَ مُشْحِم. وَفِي
قَوْلِ
عُمَرَ: اتَّقوا هَذِهِ المَجازِرَ فإِن لَهَا ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِن لِلَّحم ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر.
يُقَالُ: رَجُلٌ لَحِمٌ ومُلْحِمٌ ولاحِمٌ ولَحِيمٌ، فاللَّحِمُ:
الَّذِي يُكْثِر أَكلَه، والمُلْحِم: الَّذِي يَكْثُرُ عِنْدَهُ
اللَّحْمُ أَو يُطْعِمه، واللَّاحِمُ: الَّذِي يَكُونُ عِنْدَهُ لحمٌ،
واللّحِيمُ: الكثيرُ لحمِ الْجَسَدِ. الأَصمعي: أَلْحَمْتُ القومَ،
بالأَلف، أَطعمتهم اللحمَ؛ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرة يَصِفُ
ضَبُعًا:
وتَظَلُّ تَنْشِطُني وتُلْحِمُ أَجْرِياً، ... وسْطَ العَرِينِ، وليسَ
حَيٌّ يَمنعُ
قَالَ: جَعَلَ مأْواها لَهَا عَرِيناً. وَقَالَ غَيْرُ الأَصمعي:
لَحَمْتُ القومَ، بِغَيْرِ أَلف؛ قَالَ شَمِرٌ: وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وبيْتٌ لَحِمٌ: كَثِيرُ اللحْم؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ
الرَّاجِزِ يَصِفُ الْخَيْلَ:
نُطْعِمُها اللَّحْمَ، إِذا عَزَّ الشَّجَرْ، ... والخيْلُ فِي
إِطْعامِها اللَّحْمَ ضَرَرْ
__________
(1) . قوله [ومرت إلخ] في التكملة بخط المؤلف:
عوامد للأَلْجَام أَلْجَام حَامِرٍ ... يُثِرْنَ قَطًا لولا سراهن هجدا
(12/535)
قَالَ: أَراد نُطْعمها اللبنَ فَسَمَّى
اللَّبَنَ لَحْماً لأَنها تسمَنُ عَلَى اللَّبَنَ. وَقَالَ ابْنُ
الأَعرابي: كَانُوا إِذا أَجْدَبوا وقلَّ اللبنُ يَبَّسُوا اللحمَ
وحمَلوه فِي أَسفارهم وأَطعَموه الخيلَ، وأَنكر مَا قَالَ الأَصمعي
وَقَالَ: إِذا لَمْ يَكُنِ الشجرُ لَمْ يَكُنِ اللبنُ. وأَما قَوْلُهُ،
عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِن اللهَ يُبْغِضُ البيتَ اللَّحِمَ وأَهلَه
، فإِنه أَراد الَّذِي تؤْكل فِيهِ لُحومُ النَّاسِ أَخْذاً. وَفِي
حَدِيثٍ آخَرَ:
يُبْغِضُ أَهلَ الْبَيْتِ اللَّحِمِين.
وسأَل رَجُلٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ: أَرأَيت هَذَا الْحَدِيثِ
إِن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيُبْغِضُ أَهلَ الْبَيْتِ
اللَّحِمِين
؟ أَهُم الَّذِينَ يُكِثرون أَكل اللحْم؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: هُمُ
الَّذِينَ يُكْثِرُونَ أَكلَ لحومِ النَّاسِ. وأَما قَوْلُهُ
ليُبْغِضُ البيتَ اللَّحِمَ وأَهلَه
قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يأْكلون لُحُومَ النَّاسِ بالغِيبة، وَقِيلَ:
هُمُ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ أَكل اللَّحْمِ ويُدْمِنُونه، قَالَ:
وَهُوَ أَشبَهُ. وفلانٌ يأْكل لُحومَ النَّاسِ أَي يَغْتَابُهُمْ؛
وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وإِذا أَمْكَنَه لَحْمِي رَتَعْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ أَرْبَى الرِّبَا استِطالةُ الرَّجُلُ فِي عِرْضِ أَخيه.
ولَحِمَ الصقرُ ونحوُه لَحَماً: اشْتَهَى اللحْم. وبازٍ لَحِمٌ: يأْكل
اللحمَ أَو يَشْتَهِيهِ، وَكَذَلِكَ لاحِمٌ، وَالْجَمْعُ لَوَاحِمُ،
ومُلْحِمٌ: مُطْعِم للَّحم، ومُلْحَمٌ: يُطْعَم اللحمَ. وَرَجُلٌ
مُلْحَمٌ أَي مُطْعَم لِلصَّيْدِ مَرزوق مِنْهُ. ولَحْمَةُ الْبَازِي
ولُحْمَته: مَا يُطْعَمُه مِمَّا يَصِيده، يُضَمُّ وَيُفْتَحُ،
وَقِيلَ: لَحْمةُ الصقرِ الطائرُ يُطْرَح إِليه أَو يَصِيدُهُ؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ:
مِن صَقْع بازٍ لَا تُبِلُّ لُحَمُه
وأَلْحَمْتُ الطيرَ إِلحَاماً. وبازٍ لَحِمٌ: يأْكل اللَّحْمَ لأَن
أَكله لَحْمٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تدَلَّى حَثيثاً كأَنَّ الصِّوارَ ... يَتْبَعُه أَزرَقِيٌّ لَحِمْ
ولُحْمَةُ الأَسد: مَا يُلْحَمُه، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ. ولَحَمَ القومَ
يَلحَمُهم لَحْماً، بِالْفَتْحِ، وأَلْحَمَهم: أَطعمهم اللحمَ، فَهُوَ
لَاحِمٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا تَقُلْ أَلحَمْتُ، والأَصمعي
يَقُولُهُ. وأَلْحَمَ الرجلُ: كثُر فِي بَيْتِهِ اللَّحْمُ،
وأَلْحَمُوا: كثُر عِنْدَهُمُ اللَّحْمُ. ولَحَمَ العَظمَ يَلْحُمُه
ويَلْحَمُه لَحْماً: نَزَعَ عَنْهُ اللَّحْمَ؛ قَالَ:
وعامُنا أَعْجَبَنا مُقَدَّمُهْ، ... يُدعى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ
سُمُهْ،
مُبْتَرِكاً لِكُلِّ عَظْمٍ يَلحُمُهْ
وَرَجُلٌ لَاحِمٌ ولَحِيمٌ: ذُو لحمٍ عَلَى النَّسَبِ مِثْلُ تَامِرٍ
وَلَابِنٍ، ولَحَّام: بَائِعُ اللَّحْمِ. ولَحِمَت النَّاقَةُ
ولَحُمَتْ لَحَامَةً ولُحُوماً فِيهِمَا، فَهِيَ لَحِيمَةٌ: كَثُرَ
لحمُها. ولُحْمة جِلْدَةِ الرأْس وَغَيْرِهَا: مَا بَطَن مِمَّا يَلِي
اللَّحْمَ. وشجَّة مُتَلَاحِمَة: أَخذت فِي اللَّحْمِ وَلَمْ تبلُغ
السِّمْحاق، وَلَا فِعْلَ لَهَا. الأَزهري: شَجَّةٌ مُتَلاحِمَة إِذا
بَلَغَتِ اللَّحْمَ. وَيُقَالُ: تَلاحَمَتِ الشجّةُ إِذا أَخذت فِي
اللَّحْمِ، وتَلَاحَمَت أَيضاً إِذا بَرأَتْ والتَحمتْ. وَقَالَ
شَمِرٌ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ المُتلاحِمة مِنَ الشِّجاج الَّتِي
تَشُقُّ اللحمَ كلَّه دُونَ الْعَظْمِ ثُمَّ تَتَلاحَمُ بَعْدَ
شَقِّها، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا المِسْبارُ بَعْدَ تَلاحُمِ اللَّحْمِ.
قَالَ: وتَتَلاحَمُ مِنْ يومِها وَمِنْ غَدٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير فِي
حَدِيثِ: الشِّجاج
المتلاحِمة
هِيَ الَّتِي أَخذتْ فِي اللَّحْمِ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ الَّتِي
برأَتْ والتحَمتْ. وامرأَة مُتلاحِمة: ضيِّقةُ مَلاقي لَحْمِ الفَرْج
وَهِيَ مآزِم الفَرج. والمُتلاحِمة مِنَ النِّسَاءِ: الرَّتقاء؛ قَالَ
أَبو سَعِيدٍ: إِنما يُقَالُ لَهَا لاحِمةٌ كأَنَّ هُنَاكَ لَحْمًا
يَمْنَعُ مِنَ الْجِمَاعِ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ مُتلاحِمة. وَفِي
حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لِرَجُلٍ لِمَ طَلَّقْتَ امرأَتَك؟ قَالَ: إِنها كَانَتْ
مُتَلَاحِمَة، قَالَ: إِنّ ذَلِكَ مِنْهُنَّ لمُسْتَرادٌ
؛ قِيلَ: هِيَ الضيِّقة المَلاقي، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بِهَا رَتَقٌ.
والْتَحَمَ الجرحُ للبُرْء.
(12/536)
وأَلْحَمَه عِرْضَ فُلَانٍ: سَبَعهُ
إِيّاه، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: أَلْحَمْتُك عِرْضَ
فُلَانٍ إِذا أَمكنْتك مِنْهُ تَشْتُمه، وأَلْحَمْتُه سَيفي. ولُحِمَ
الرجلُ، فَهُوَ لَحِيمٌ، وأُلْحِمَ: قُتِل. وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: أَنه لَحَمَ رَجُلًا مِنَ العَدُوِّ
أَي قتَله، وَقِيلَ: قَرُب مِنْهُ حَتَّى لَزِق بِهِ، مِنَ الْتَحَمَ
الجرحُ إِذا الْتَزَق، وَقِيلَ: لَحَمَه أَي ضَرَبَهُ مِن أَصابَ
لَحْمَه. واللَّحِيمُ: القَتيلُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ
أَورده ابْنُ سِيدَهْ:
ولكنْ تَرَكتُ القومَ قَدْ عَصَبوا بِهِ، ... فَلَا شَكَّ أَن قَدْ
كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ
وأَورده الْجَوْهَرِيُّ:
فَقَالُوا: تَرَكْنا القومَ قَدْ حَضَروا بِهِ، ... وَلَا غَرْوَ أَن
قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده: فَقَالَ «2» تَرَكْنَاهُ؛
وَقَبْلَهُ:
وَجَاءَ خَلِيلاه إِليها كِلاهُما ... يُفِيض دُموعاً، غَرْبُهُنّ
سَجُومُ
واسْتُلحِمَ: رُوهِقَ فِي الْقِتَالِ. واستُلْحِمَ الرجلُ إِذا
احْتَوَشه العدوُّ فِي الْقِتَالِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للعُجَير
السَّلولي:
ومُسْتَلْحَمٍ قَدْ صَكَّه القومُ صَكَّة ... بَعِيد المَوالي، نِيلَ
مَا كَانَ يَجْمَعُ
والمُلْحَم: الَّذِي أُسِر وظَفِر بِهِ أَعداؤُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِنَّا لَعَطَّافون خَلْف المُلْحَمِ
والمَلْحَمَة: الوَقْعةُ الْعَظِيمَةُ الْقَتْلِ، وَقِيلَ: مَوْضِعُ
الْقِتَالِ. وأَلحَمْتُ القومَ إِذا قتلتَهم حَتَّى صَارُوا لَحْمًا.
وأُلْحِمَ الرجلُ إِلْحَاماً واسْتُلحِمَ اسْتِلْحَاماً إِذا نَشِب فِي
الْحَرْبِ فَلَمْ يَجِدْ مَخْلَصاً، وأَلْحَمَه غيرُه فِيهَا،
وأَلْحَمَه القتالُ. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَوْمَ مُؤْتةَ: أَنه أَخذ
الرَّايَةَ بَعْدَ قتْل زيدٍ فقاتَلَ بِهَا حَتَّى أَلْحَمَه القتالُ
فنزَلَ وعَقَرَ فرَسَه
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي صِفَةِ الغُزاة: وَمِنْهُمْ مَن
أَلْحَمَه القتالُ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سُهيل: لَا يُرَدُّ الدعاءُ عِنْدَ البأْس حِينَ يُلْحِم بعضُهم
بَعْضًا
أَي تشتَبكُ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ وَيَلْزَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الْيَوْمُ يومُ المَلْحَمَة
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
ويُجْمَعون للمَلْحَمَة
؛ هِيَ الْحَرْبُ وموضعُ الْقِتَالِ، وَالْجَمْعُ المَلاحِمُ مأْخوذ
مِنِ اشْتِبَاكِ النَّاسِ واختلاطِهم فِيهَا كاشتِباك لُحْمةِ
الثَّوْبِ بالسَّدى، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ اللحْم لِكَثْرَةِ لُحوم
الْقَتْلَى فِيهَا، وأَلْحَمْتُ الحربَ فالْتَحَمْتُ. والمَلْحَمَة:
القتالُ فِي الْفِتْنَةِ، ابْنُ الأَعرابي: المَلْحَمَة حَيْثُ
يُقاطِعون لُحومَهم بِالسُّيُوفِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ
المَلْحَمَة قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بمَلْحَمَةٍ لَا يَسْتَقِلُّ غُرابُها ... دَفِيفاً، ويمْشي الذئبُ
فِيهَا مَعَ النَّسْر
والمَلْحَمَة: الحربُ ذَاتُ الْقَتْلِ الشَّدِيدِ. والمَلْحَمَة:
الوَقعة الْعَظِيمَةُ فِي الْفِتْنَةِ. وَفِي قَوْلِهِمْ نَبيُّ
المَلْحَمَة قَوْلَانِ: أَحدهما نبيُّ الْقِتَالِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ
فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ
بُعِثْت بِالسَّيْفِ
، وَالثَّانِي نبيُّ الصَّلَاحِ وتأْليفِ النَّاسِ كَانَ يُؤَلِّف
أَمرَ الأُمَّة. وَقَدْ لَحَمَ الأَمرَ إِذا أَحكمه وأَصلحَه؛ قَالَ
ذَلِكَ الأَزهري عَنْ شَمِرٍ. ولَحِمَ بِالْمَكَانِ «3» يَلْحَمُ
لَحْماً: نَشِب بِالْمَكَانِ. وأَلْحَمَ بِالْمَكَانِ: أَقامَ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: لَزِم الأَرض، وأَنشد:
إِذا افْتَقَرا لَمْ يُلْحِمَا خَشْيةَ الرَّدى، ... وَلَمْ يَخْشَ
رُزءاً مِنْهُمَا مَوْلَياهُما
__________
(2) . قوله [فقال إلخ] كذا بالأَصل ولعله فقالا كما يدل عليه قوله وجاء
خليلاه
(3) . قوله [ولَحِمَ بالمكان] قال في التكملة بالكسر، وفي القاموس
كعلم، ولم يتعرضا للمصدر، وضبط في المحكم بالتحريك
(12/537)
وأَلْحَمَ الدابةُ إِذا وَقَفَ فَلَمْ
يَبرح وَاحْتَاجَ إِلى الضَّرْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِرَجُلٍ صُمْ يَوْمًا فِي الشَّهْرِ، قَالَ: إِني أَجد
قوَّةً، قَالَ: فصُمْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: إِني أَجد قوَّة، قال: فصُم
ثلاثة أَيام فِي الشَّهْرِ، وأَلْحَمَ عِنْدَ الثَّالِثَةِ
أَي وقَف عِنْدَهَا فَلَمْ يَزِدْه عَلَيْهَا، مِنْ أَلْحَمَ
بِالْمَكَانِ إِذا أَقام فَلَمْ يَبْرَحْ. وأَلْحَمَ الرجلَ: غَمَّه.
ولَحَمَ الشيءَ يَلْحُمُه لَحْماً وأَلْحَمَه فالْتَحَمَ: لأَمَه.
واللِّحَامُ: مَا يُلأَم بِهِ ويُلْحَم بِهِ الصَّدْعُ. ولاحَمَ الشيءَ
بِالشَّيْءِ: أَلْزَقَه بِهِ، والْتَحَمَ الصَّدْعُ والْتَأَم
بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمُلْحَم: الدَّعِيُّ المُلْزَقُ بِالْقَوْمِ
لَيْسَ مِنْهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى إِذا مَا فَرَّ كلُّ مُلْحَم
ولَحْمةُ النَّسَبِ: الشابِكُ مِنْهُ. الأَزهري: لَحْمةُ النَّسَبِ،
بِالْفَتْحِ، ولُحْمةُ الصَّيْدِ مَا يُصاد بِهِ، بِالضَّمِّ.
واللُّحْمَةُ، بِالضَّمِّ: الْقَرَابَةُ. ولَحْمَةُ الثَّوْبِ
ولُحْمَتُه: مَا سُدِّي بَيْنَ السَّدَيَيْن، يُضَمُّ وَيُفْتَحُ،
وَقَدْ لَحَمَ الثَّوْبَ يَلْحَمُه وأَلْحَمُه. ابْنُ الأَعرابي:
لَحْمَة الثَّوْبِ ولَحْمَة النَّسب، بِالْفَتْحِ. قَالَ الأَزهري:
ولُحْمَةُ الثَّوْبِ الأَعْلى «1» ولَحْمَتهُ، والسَّدَى الأَسفل مِنَ
الثَّوْبِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
سَتاهُ قَزٌّ وحَرِيرٌ لَحْمَتُهْ
وأَلْحَمَ الناسجُ الثوبَ. وَفِي الْمَثَلِ: أَلْحِمْ مَا أَسْدَيْتَ
أَي تَمِّمْ مَا ابْتَدَأْتَه مِنَ الإِحسان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوَلاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كلُحْمَةِ الثَّوْبِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ اخْتُلِفَ فِي ضَمِّ اللّحْمَة وَفَتْحِهَا
فَقِيلَ: هِيَ فِي النَّسَبِ بِالضَّمِّ، وَفِي الثَّوْبِ بِالضَّمِّ
وَالْفَتْحِ، وَقِيلَ: الثَّوْبُ بِالْفَتْحِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ:
النَّسَبُ وَالثَّوْبُ بِالْفَتْحِ، فأَما بِالضَّمِّ فَهُوَ مَا يُصاد
بِهِ الصيدُ، قَالَ: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ المُخالَطةُ فِي الوَلاءِ
وأَنها تَجْرِي مَجْرَى النَّسَبِ فِي المِيراث كما تُخالِطُ اللُّحمةُ
سَدَى الثوب حتى يَصِيرا كالشيء الواحد، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ
المُداخَلة الشَّدِيدَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ وَالْمَطَرِ: صَارَ الصِّغار لُحْمةَ الكِبار
أَي أَن القَطْرَ انتسَج لتتَابُعه فَدَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ
واتَّصل. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَيُقَالُ هَذَا الْكَلَامُ لَحِيمُ
هَذَا الكلامِ وطَريدُه أَي وَفْقُه وشَكْلُه. واستَلْحَمَ الطريقُ:
اتَّسَعَ. واسْتَلْحَمَ الرجلُ الطريقَ: رَكِبَ أَوْسَعَه واتَّبَعَه؛
قَالَ رُؤْبَةُ:
ومَن أَرَيْناهُ الطريقَ استَلْحَمَا
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ عَلَى أَكْسائِها ... أَهْوَجُ مِحْضِيرٌ، إِذا
النَّقْعُ دَخَنْ
استَلْحَمَ: اتَّبَعَ. وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: فاسْتَلْحَمَنا رجلٌ مِنَ العدُوّ
أَي تَبِعَنا يُقَالُ: استَلْحَمَ الطَّريدةَ والطريقَ أَي تَبع.
وأَلْحَم بَيْنَ بَنِي فُلَانٍ شَرًّا: جَنَاهُ لَهُمْ. وأَلْحَمَه
بصَرَه: حَدَّدَه نحوَه ورَماه بِهِ. وحَبْلٌ مُلاحَمٌ: شديدُ
الْفَتْلِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
مُلاحَمُ الغارةِ لَمْ يُغْتَلَبْ
والمُلْحَم: جِنْسٌ مِنَ الثِّيَابِ. وأَبو اللَّحَّام: كُنْيَةُ أَحد
فُرْسان العرب.
لحجم: طريقٌ لَحْجَمٌ: واسعٌ وَاضِحٌ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى حاءَه بَدَلًا مِنْ هَاءِ لَهْجَم.
لحسم: التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: اللَّهاسِمُ واللَّحاسِمُ
مَجارِي الأَوْدِية الضيّقةُ، واحدها لُهْسُم ولُحْسُم، وهي
اللَّخافيقُ.
لخم: اللَّخْم: القَطْعُ. وَقَدْ لَخَمَ الشيءَ لَخْماً: قطَعه.
ولَخُمَ الرجلُ: كثُر لَحْمُ وَجْهِهِ وغلُظ. وَبِالرَّجُلِ لَخْمةٌ
أَي ثِقَلُ نَفْسٍ وفَتْرةٌ. واللَّخَمَةُ:
__________
(1) . أي الأَعلى من الثوب
(12/538)
العَقَبة الَّتِي مِنَ المَتْن.
واللُّخَمَة: كلُّ مَا يُتطيَّرُ مِنْهُ. واللِّخَامُ: اللِّطامُ.
يُقَالُ: لاخَمَه ولامَخَه أَي لطَمَه. واللُّخْمُ، بِالضَّمِّ «1» :
ضَرْبٌ مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ، قَالَ رُؤْبَةُ:
كَثيرة حيتانُه ولُخُمهْ
قَالَ: والجَمَل سَمَكَةٌ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ؛ وَرَوَاهُ ابْنُ
الأَعرابي:
واعْتَلَجَتْ جِمالُه ولُخُمهْ
قَالَ: وَلَا يَكُونُ الجَمَل فِي العَذْب، وَقِيلَ: هُوَ سُمْكٌ
ضَخْمٌ، قِيلَ: لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلا قَطَعَهُ، وَهُوَ يأْكل
النَّاسُ، وَيُقَالُ لَهُ الكَوْسَج. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَةَ: اللُّخُمُ حَلالٌ
؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ، وَيُقَالُ لَهُ القِرْشُ؛
وَقَالَ المُخبَّل يَصِفُ دُرّة وغوَّاصاً:
بِلَبانهِ زَيْتٌ وأَخْرَجها ... منْ ذِي غَوارِبَ، وَسْطَه اللُّخُم
ولَخْمٌ: حَيٌّ مِنْ جُذام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَخْم حيٌّ مِنَ
الْيَمَنِ، وَمِنْهُمْ كَانَتْ مُلُوكُ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
وَهُمْ آلُ عَمْرِو بْنِ عَديّ بْنِ نَصْرِ اللَّخْمِيّ. قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ: مُلوك لَخْمٍ كَانُوا نَزَلُوا الْحِيرَةَ، وهم آل
المُنْذِر.
لخجم: اللَّخْجَمُ: البعيرُ المُجْفَر الْجَنْبَيْنِ، وَفِي
التَّهْذِيبِ: اللَّخْجَم البعيرُ الواسع الجوف.
لدم: اللَّدْمُ: ضرْبُ المرأَةِ صَدْرَها. لَدَمَت المرأَة وجهَها:
ضَرَبَتْهُ. ولَدَمَتْ خُبْزَ المَلَّة إِذا ضَرَبَتْهُ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ يَوْمَ أُحُد: فخرجْتُ أَسْعَى إِليها
، يَعْنِي أُمَّه،
فأَدْرَكْتُها قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلى القَتْلى فلَدَمَتْ فِي
صَدْري وَكَانَتِ امرأَة جَلْدةً
، أَي ضربَتْ وَدَفَعَتْ. ابْنُ سِيدَهْ: لَدَمَتِ المرأَةُ صدْرَها
تَلْدِمُه لَدْماً ضَرَبَتْهُ، والْتَدَمَتْ هِيَ. واللَّدْمُ: ضرْبُ
خُبْزِ الْمَلَّةِ إِذا أَخرجته مِنْهَا وضَرْبُ غيرهِ أَيضاً.
واللَّدْمُ: صوتُ الشَّيْءِ يَقعُ فِي الأَرض مِنَ الحَجر وَنَحْوِهِ
وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وللفُؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِه، ... لَدْمَ الغُلامِ وراءَ
الغَيْبِ بالحَجَرِ
وَقِيلَ: اللَّدْمُ اللَّطْم والضربُ بِشَيْءٍ ثَقِيلٍ يُسْمَعُ
وَقْعُه. والْتَدَمَ النساءُ إِذا ضربْنَ وُجوهَهُنَّ فِي الْمَآتِمِ.
واللَّدْمُ: الضرْبُ، والتِدامُ النِّسَاءِ مِنْ هَذَا، واللَّدْمُ
واللّطْمُ واحدٌ. والالْتِدَامُ: الاضْطراب. والْتِدَامُ النِّسَاءِ:
ضَرْبهُنّ صُدورَهنّ ووجوهَهن فِي النِّياحة. وَرَجُلٌ مِلْدَمٌ:
أَحمقُ ضَخْمٌ ثَقِيلٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ. وفَدْمٌ لَدْمٌ: إِتباع.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فَدْمٌ ثَدْمٌ لَدْمٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرُوِيَ
عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَن الْحَسَنَ قَالَ لَهُ فِي مَخْرجِه
إِلى الْعِرَاقِ: إِنه غَيْرُ صَوَابٍ، فَقَالَ: وَاللَّهُ لَا أَكون
مثلَ الضَّبُع تَسْمَعُ اللَّدْمَ فتخرُجُ فتُصاد
، وَذَلِكَ أَن الصَّيّاد يَجِيءُ إِلى جُحْرِهَا فَيَضْرِبُ بحجَر أَو
بيدِه، فَتَخْرُجُ وتَحْسبه شَيْئًا تَصِيده لتأْخذَه فيأْخذها، وَهِيَ
مِنْ أَحمق الدَّوابّ؛ أَراد أَني لَا أُخْدَع كَمَا تُخْدعُ الضَّبُعُ
باللَّدْم، ويُسمَّى الضرْبُ لَدْماً. ولَدَمْتُ أَلْدِمُ لَدْماً،
فأَنا لادِمٌ، وَقَوْمٌ لَدَمٌ مِثْلُ خادِمٍ وخَدَمٍ. وأُمُّ مِلْدَم:
الحُمَّى، اللَّيْثُ: أُمّ مِلدَم كُنْيَةُ الحُمَّى، وَالْعَرَبُ
تَقُولُ: قَالَتِ الْحُمَّى أَنا أُمُّ مِلْدَم آكُل اللَّحْمَ
وأَمَصُّ الدمَ، قَالَ: وَيُقَالُ
__________
(1) . قوله [واللخم بالضمّ إلخ] عبارة الصحاح: واللخم واللخم بالضم ضرب
إلخ والأَولى بضمتين
(12/539)
لَهَا أُمّ الهِبْرِزِيّ. وأَلْدَمَت
عَلَيْهِ الحُمّى أَي دامَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَتْ أُمُّ مِلْدَمٍ تستأْذن
؛ هِيَ الحُمَّى، وَالْمِيمُ الأُولى مَكْسُورَةٌ زَائِدَةٌ،
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهَا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. واللَّدِيمُ:
الثَّوْبُ الخلَق. وَثَوْبٌ لَدِيم ومُلَدَّم: خَلَقٌ. ولَدَمَه:
رَقَعَه. الأَصمعي: المُلَدَّم والمُرَدَّمُ مِنَ الثِّيَابِ
المُرقَّعُ، وَهُوَ اللَّديم. ولَدَمْت الثَّوْبَ لَدْماً ولَدَّمتُه
تَلْدِيماً أَي رَقَّعْتُه، فَهُوَ مُلَدَّم ولَدِيمٌ أَي مُرَقَّع
مُصْلَح. واللِّدامُ: مِثْلُ الرِّقاع يُلْدَمُ بِهِ الْخُفُّ
وَغَيْرُهُ. وتَلَدَّمَ الثوبُ أَي أَخْلَق واسْتَرْقَع. وتَلَدَّمَ
الرجلُ ثوبَه أَي رَقعَه، يتعدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، مِثْلُ تَرَدَّم.
واللَّدَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحُرَمُ فِي القَرابات. وَيُقَالُ: إِنما
سُمِّيَتِ الحُرْمَةُ اللَّدَمَ لأَنها تَلْدِمُ القَرابةَ أَي تُصْلِح
وتَصِل؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: اللَّدَمُ اللَّدَمُ إِذا أَرادت تَوْكِيدَ
المُحالفة أَي حُرْمَتُنا حُرْمَتُكم وَبَيْتُنَا بيتُكم لَا فَرْقَ
بَيْنَنَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَن الأَنصار لَمَّا
أَرادوا أَن يُبايعوه فِي بَيْعَةِ العَقَبة بِمَكَّةَ قَالَ أَبو
الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهان: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بينَنا
وبينَ القَوم حِبالًا ونحنُ قاطِعوها، فَنَخْشَى إنِ اللهُ أَعَزَّك
وأَظْهَرَكَ أَن تَرْجِعَ إِلى قَوْمِكَ، فتبسَّم النَّبِيُّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: بَلِ الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ
الهَدَمُ أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُم وأُسالمُ مَنْ سالَمْتُم
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
بَلِ اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ
، قَالَ: فَمَنْ رَوَاهُ
بَلِ الدَّم الدَّمُ والهَدَم الهَدَم
فإِن ابْنَ الأَعرابي قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: دَمِي دَمُك وهَدَمِي
هَدَمُك فِي النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فَقَدْ ظُلِمْتُ؛ قَالَ:
وأَنشد الْعُقَيْلِيُّ:
دَماً طَيِّباً يَا حَبَّذا أَنتَ مِنْ دَمِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْعَرَبُ تُدْخِلُ الأَلف
وَاللَّامَ اللَّتَيْنِ لِلتَّعْرِيفِ عَلَى الِاسْمِ فَتَقُومَانِ
مَقَامَ الإِضافة كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَمَّا مَنْ طَغى
وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى؛ أَي
الْجَحِيمَ مأْواه، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ
الْمَأْوى؛ الْمَعْنَى فإِن الْجَنَّةَ مأْواه؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ؛
مَعْنَاهُ فإِن الْجَنَّةَ هِيَ المأْوى لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ هَذَا
فِي كُلِّ اسْمٍ، يَدُلَّانِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الإِضمار فَعَلَى
قَوْلِ الْفَرَّاءِ قَوْلُهُ الدَّمُ الدَّمُ أَي دَمُكُمْ دَمِي
وهَدَمكم هَدَمي؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي رِوَايَةٍ:
الدَّمُ الدَّمُ
، قَالَ: هُوَ أَن يُهْدَرَ دَم الْقَتِيلِ، الْمَعْنَى إِن طلِب دمُكم
فَقَدْ طُلب دَمِي، فَدَمِي ودمُكم شَيْءٌ وَاحِدٌ، وأَما مَنْ رَوَاهُ
بَلِ اللَّدَم اللَّدَم والهَدَم الهَدَم
فإِن ابْنِ الأَعرابي أَيضاً قَالَ: اللَّدَم الحُرَم جَمْعُ لادِمٍ
والهدَم القَبر، فَالْمَعْنَى حُرَمكم حُرَمي وأُقْبَرُ حَيْثُ
تُقْبَرون؛ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: المَحْيا مَحْياكم والمَمات مماتُكم
لَا أُفارقكم. وَذَكَرَ الْقُتَيْبِيُّ أَن أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ فِي
مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ: حُرْمَتي مَعَ حُرْمَتِكم وبَيْتي مَعَ
بَيْتِكُمْ؛ وأَنشد:
ثُمَّ الْحَقي بهَدَمِي ولَدَمِي
أَي بأَصْلي وَمَوْضِعِي. واللَّدَمُ: الحُرَمُ جَمْعُ لادِم، سُمِّي
نساءُ الرَّجُلِ وحُرَمُه لَدَماً لأَنهن يَلْتَدِمْنَ عَلَيْهِ إِذا
مَاتَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: قُبِض رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَهُوَ فِي حَجْري ثُمَّ وضَعْت رأْسَه عَلَى وِسادَةٍ وقُمْتُ
أَلْتَدِمُ مع النِّساء وأَضْرِب وَجْهي.
والمِلْدَمُ والمِلْدَامُ: حَجَرٌ يُرْضَخُ بِهِ النَّوَى، وَهُوَ
المِرْضاخُ أَيضاً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ
سُمِّيَت الحُرْمة اللَّدَمَ قَالَ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ سُمِّيَتِ
الحُرَمُ اللَّدَم لأَن اللَّدَم جمعُ لادِمٍ. ولَدْمَانُ: مَاءٌ
مَعْرُوفٌ. ومُلادِمٌ: اسْمٌ؛ وَفِي
(12/540)
تَرْجَمَةِ دَعَعَ فِي التَّهْذِيبِ قَالَ:
قرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ للطِّرمَّاح:
لَمْ تُعالِجْ دَمْحَقاً بَائِتًا ... شُجَّ بالطَّخْفِ لِلَدْمِ
الدَّعاعْ
قَالَ: اللَّدْمُ اللَّعْقُ.
لذم: لَذِمَ بِالْمَكَانِ، بِالْكَسْرِ، لَذْماً وأَلْذَمَ: ثَبَت
ولَزِمَه وأَقام. وأَلذَمْتُ فُلَانًا بِفُلَانٍ إِلذاماً. ورجلٌ
لُذَمَةٌ: لازمٌ لِلْبَيْتِ، يَطَّرِدُ عَلَى هَذَا بابٌ فِيمَا زَعَمَ
ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْجَمْهَرَةِ، قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي مَوْقُوفٌ. وَيُقَالُ للأَرْنب: حُذَمةٌ
لُذَمة تَسبق الجَمْع بالأَكَمةِ؛ فحُذَمةٌ: حَدِيدَةٌ، وَقِيلَ:
حُذَمة إِذا عَدَتْ أَسرعت، ولُذَمة: ثابتةُ العَدْو لَازِمَةٌ لَهُ،
وَقِيلَ: إِتباع. واللُّذَمةُ: اللَّازِمُ لِلشَّيْءِ لَا يُفَارِقُهُ.
واللُّذُومُ: لُزُومُ الْخَيْرِ أَو الشَّرِّ. ولَذِمَه الشيءُ:
أَعجَبه، وَهُوَ فِي شِعْرِ الْهُذَلِيِّ. ولَذِمَ بِالشَّيْءِ
لَذَماً: لَهِجَ بِهِ وأَلذَمَه إِيَّاه وَبِهِ وأَلهَجَه بِهِ؛
وأَنشد:
ثَبْت اللِّقاء فِي الحروبِ مُلْذَما
وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الوَرْد الجعْديّ:
لَذِمْتَ أَبا حَسَّانَ أَنْبارَ مَعْشَرٍ ... جَنافَى عَلَيْكُمْ،
يَطْلُبون الغَوائلا
وأُلْذِمَ بِهِ أَي أُولِعَ بِهِ، فَهُوَ مُلْذَم بِهِ. وَرَجُلٌ
لَذُومٌ ولَذِمٌ ومِلْذَمٌ: مُولَع بِالشَّيْءِ؛ قَالَ:
قَصْرَ عَزِيز بالأَكالِ مِلْذَمِ
اللَّيْثُ: اللَّذِمُ المُولَع بِالشَّيْءِ، وَقَدْ لَذِمَ لَذَماً.
وَيُقَالُ للشجاعِ: مِلْذَمٌ لعَلَثِه بِالْقِتَالِ، وَلِلذِّئْبِ
مِلْذَم لعَلَثِه بالفَرْسِ. ولَذِمَ بِهِ لَذَماً؛ عَلِقَه؛ وأَما مَا
أَنشده مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
زَعَمَ ابْنُ سيِّئةِ الْبَنَانِ بأَنَّني ... لَذِمٌ لآخُذَ أَرْبَعاً
بالأَشْقَرِ
فَقَدْ يَكُونُ العَلِقَ وَعَلَى العَلِق، اسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنِ
الأَعرابي، وَقَدْ يَكُونُ اللَّهِجَ الحَرِيص، وَالْمَعْنِيَانِ
مُقتربان. وَيُقَالُ: أَلْذِمْ لفلانٍ كَرامتَك أَي أَدِمْها لَهُ.
وأُمُّ مِلْذم: كُنْيَةُ الحُمَّى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: بَعْضُهُمْ
يقولها بالذال المعجمة.
لزم: اللُّزومُ: مَعْرُوفٌ. والفِعل لَزِمَ يَلْزَمُ، وَالْفَاعِلُ
لازِمٌ وَالْمَفْعُولُ بِهِ ملزومٌ، لَزِمَ الشيءَ يَلْزَمُه لَزْماً
ولُزوماً ولازَمَهُ مُلازَمَةً ولِزاماً والْتَزَمَه وأَلْزَمَه
إِيَّاه فالْتَزَمَه. وَرَجُلٌ لُزَمَةٌ: يَلْزَم الشَّيْءَ فَلَا
يفارِقه. واللِّزَامُ: الفَيْصل جِدًّا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ؛ أَي مَا يَصْنَعُ
بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُهُ إِيَّاكم إِلى الإِسلام، فَقَدْ
كذَّبتم فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً
؛ أَي عَذَابًا لَازِمًا لَكُمْ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ أَبو
عُبَيْدَةَ فَيْصلًا، قَالَ: وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ
الْجَمَاعَةِ أَنه يَعْنِي يومَ بَدْرٍ وَمَا نَزَلَ بِهِمْ فِيهِ،
فإِنه لُوزِمَ بَيْنَ القَتْلى لِزَاماً أَي فُصل؛ وأَنشد أَبو
عُبَيْدَةَ لِصَخْرِ الغَيّ:
فإِمَّا يَنْجُوَا مِنْ حَتْفِ أَرْضٍ، ... فَقَدْ لَقِيا حُتوفَهما
لِزاماً
وتأْويل هَذَا أَن الحَتْف إِذا كَانَ مُقَدَّراً فَهُوَ لازِمٌ، إِن
نَجَا مِنْ حَتْفِ مكانٍ لَقِيَهُ الحَتْفُ فِي مَكَانٍ آخَرَ لِزاماً؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا زِلْتَ مُحْتَمِلًا عليَّ ضَغِينَةً، ... حَتَّى المَماتِ يَكُونُ
مِنْكَ لِزاماً
وقرئَ لَزاماً، وتأْويله فَسَوْفَ يَلْزمُكم تَكْذِيبُكُمْ لَزاماً
وتَلْزمُكم بِهِ الْعُقُوبَةُ وَلَا تُعْطَوْن التَّوْبَةَ،
(12/541)
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا يومُ بَدْرٍ
وَغَيْرُهُ مِمَّا يَلْزَمُهم مِنَ الْعَذَابِ. واللِّزام: مَصْدَرُ
لَازَمَ. واللَّزَام، بِفَتْحِ اللَّامِ: مَصْدَرُ لَزِمَ كالسَّلام
بِمَعْنَى سَلِمَ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا، فَمَنْ كَسَرَ
أَوقعه مُوقَع مُلازِم، وَمَنْ فَتَحَ أَوقعه مَوْقَعَ لازِم. وَفِي
حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ ذكرُ
اللِّزام
، وفسِّر بأَنه يَوْمُ بَدْرٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ المُلازَمة
لِلشَّيْءِ والدوامُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيضاً الفَصْل فِي
الْقَضِيَّةِ، قَالَ: فكأَنه مِنَ الأَضداد. واللِّزامُ: الموتُ
والحسابُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً
؛ مَعْنَاهُ لَكَانَ الْعَذَابُ لازِماً لَهُمْ فأَخّرَهم إِلى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ. واللَّزَمُ: فَصْلُ الشيء، من قوله لَكانَ لِزاماً
فَيْصَلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ اللُّزومِ. الْجَوْهَرِيُّ:
لَزِمْت بِهِ ولَازَمْتُه. واللِّزامُ: المُلازِمُ؛ قَالَ أَبو
ذُؤَيْبٍ:
فَلَمْ يرَ غيرَ عاديةٍ لِزاماً، ... كَمَا يَتَفَجَّر الحوضُ
اللَّقِيفُ
والعاديةُ: الْقَوْمُ يَعْدُون عَلَى أَرجلهم أَي فحَمْلَتُهم لِزامٌ
كأَنهم لَزِمُوه لَا يُفَارِقُونَ مَا هُمْ فِيهِ، واللَّقيفُ:
المُتهوِّر مِنْ أَسفله. والالْتِزَامُ: الاعتِناقُ. قَالَ
الْكِسَائِيُّ: تَقُولُ سَبَبْتُه سُبَّةً تَكُونُ لَزَامِ، مِثْلَ
قَطامِ أَي لَازِمَةً. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: لأَضْرِبَنَّك ضَرْبةً
تَكُونُ لَزَامِ، كَمَا يُقَالُ دَراكِ ونَظارِ، أَي ضَرْبَةً يُذكر
بِهَا فَتَكُونُ لَهُ لِزَاماً أَي لازِمةً. والمِلْزَم، بِالْكَسْرِ:
خَشَبَتَانِ مشدودٌ أَوساطُهما بحديدة تُجْعَل فِي طَرَفِهَا قُنّاحة
فتَلْزَم مَا فِيهَا لُزوماً شَدِيدًا، تَكُونُ مَعَ الصَّياقِلة
والأَبَّارِين. وَصَارَ الشيءُ ضربةَ لازِمٍ، كلازِبٍ، وَالْبَاءُ
أَعلى؛ قَالَ كُثيّر فِي مُحَمَّدِ بن الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ فِي
حَبْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ:
سَمِيُّ النبيِّ المُصْطَفى وابنُ عَمِّه، ... وفَكّاك أَغْلالٍ
ونَفّاع غارِمِ
أَبى فَهُوَ لَا يَشْرِي هُدىً بضَلالةٍ، ... وَلَا يَتَّقي فِي
اللَّهِ لَوْمةَ لائمِ
ونحنُ، بحَمْدِ اللهِ، نَتْلُو كِتابَه ... حُلولًا بِهَذَا الخَيْفِ،
خَيْفِ المَحارِم
بحيثُ الحمامُ آمِنُ الرَّوْعِ ساكِنٌ، ... وحيثُ العَدُوُّ كالصَّديقِ
المُلازِم
فَمَا وَرِقُ الدُّنْيا بِباقٍ لأَهْلهِ، ... وَمَا شِدَّةُ البَلْوَى
بضَرْبةِ لازِم
تُحَدِّثُ مَن لاقَيْت أَنك عائذٌ، ... بَل العائذُ الْمَظْلُومُ فِي
سِجْنِ عادِم
والمُلازِمُ: المُغالِقُ. ولازِم: فَرَسُ وُثَيل بن عوف.
لسم: أَلْسَمَه حُجَّتُه: أَلزَمَه كَمَا يُلْسَم ولَدُ الْمَنْتُوجَةِ
ضرْعَها. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِلْسامُ إِلْقامُ الفصيلِ الضرعَ
أَوَّلَ مَا يُولد. وَيُقَالُ: أَلْسَمْته إِلْساماً، فَهُوَ مُلْسَمٌ.
وَيُقَالُ: أَلْسَمْتُه حُجَّتَه إِلْسَاماً أَي لَقَّنْتُه إِياها؛
وأَنشد:
لَا يُلْسَمَنَّ أَبا عِمْرانَ حُجَّتَه، ... فَلَا تكونَنْ لَهُ
عَوْناً عَلَى عُمرا
ابْنُ الأَعرابي: اللَّسْم السكوتُ حَيَاءً لا عَقْلًا.
لضم: التَّهْذِيبُ: اللَّضْمُ العُنْفُ والإِلْحاحُ عَلَى الرَّجُلِ،
يُقَالُ: لَضَمْتُه أَلْضِمُه لَضْماً أَي عَنُفْتُ عَلَيْهِ
وأَلْحَحْت؛ وأَنشد:
مَنَنْتَ بِنائلٍ ولَضَمْتَ أُخْرى ... بِرَدٍّ، مَا كَذَا فِعْلُ
الكِرام
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع لَضَمَ لِغَيْرِ الليث.
لطم: اللَّطْمُ: ضَرْبُك الخدَّ وصَفْحةَ الْجَسَدِ ببَسْط الْيَدِ،
وَفِي الْمُحْكَمِ: بِالْكَفِّ مَفْتُوحَةً، لَطَمَه يَلْطِمُه لَطْماً
ولَاطَمَه مُلاطَمةً ولِطَاماً. والمَلْطِمانِ:
(12/542)
الْخَدَّانِ؛ قَالَ:
نَابِي المَعَدَّيْنِ أَسِيل مَلْطِمُه «2»
. وَهُمَا المَلْطَمانِ نَادِرٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: المَلاطِمُ
الْخُدُودُ، وَاحِدُهَا مَلْطَمٌ؛ وأَنشد:
خَصِمُون نَفّاعُون بِيضُ المَلاطِم
ابْنُ الأَعرابي: اللَّطْمُ إِيضاحُ الْحُمْرَةِ. واللَّطْمُ:
الضَّرْبُ عَلَى الْوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ. وَفِي الْمَثَلِ:
لَوْ ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتْني؛ قَالَتْهُ امرأَة لَطَمَتْها مَن
لَيْسَتْ بكفءٍ لَهَا. اللَّيْثُ: اللَّطِيمُ، بِلَا فِعْلٍ، مِنَ
الْخَيْلِ الَّذِي يأْخذ خدَّيه بياضٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا
رَجَعَتْ غُرّةُ الْفَرَسِ مِنْ أَحد شِقّي وَجْهِهِ إِلى أَحد
الْخَدَّيْنِ فَهُوَ لَطِيمٌ، وَقِيلَ: اللَّطِيمُ مِنَ الْخَيْلِ
الَّذِي سَالَتْ غُرّتُه فِي أَحد شِقّي وَجْهِهِ، يُقَالُ مِنْهُ:
لُطِمَ الْفَرَسُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ لَطِيمٌ؛
عَنِ الأَصمعي. واللَّطِيمُ مِنَ الْخَيْلِ: الأَبيضُ موضِع اللَّطْمةِ
مِنَ الْخَدِّ، وَالْجَمْعُ لُطُمٌ، والأُنثى لَطِيمٌ أَيضاً، وَهُوَ
مِنْ بَابِ مُدَرْهم أَي لَا فِعْل لَهُ، وَقِيلَ: اللَّطيمُ الَّذِي
غُرّته فِي أَحد شِقّي وَجْهِهِ إِلى أَحد الْخَدَّيْنِ فِي مَوْضِعِ
اللَّطْمة، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ لَطيماً إِلا أَن تَكُونَ غُرّتُه
أَعظمَ الغُررِ وأَفشاها حَتَّى تُصِيبَ عَيْنَيْهِ أَو إِحداهما، أَو
تُصِيبَ خَدّيه أَو أَحدَهما. وخَدٌّ مُلَطَّمٌ: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ.
واللَّطيمُ مِنْ خَيْلِ الحَلْبة: هُوَ التَّاسِعُ مِنْ سَوَابِقِ
الْخَيْلِ، وَذَلِكَ أَنه يُلْطَم وجهُه فَلَا يَدْخُلُ السُّرادِق.
واللَّطِيمُ: الصغيرُ مِنَ الإِبل الَّذِي يُفْصَل عِنْدَ طُلُوعِ
سُهَيْل، وَذَلِكَ أَن صَاحِبَهُ يأْخذ بأُذُنِه ثُمَّ يَلْطِمه عِنْدَ
طُلُوعِ سُهَيْلٍ وَيَسْتَقْبِلُهُ بِهِ ويَحْلِف أَن لَا يَذُوقَ
قَطْرَةَ لَبَن بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَصُرُّ أَخلافَ أُمِّه
كلَّها ويَفْصِله مِنْهَا، وَلِهَذَا قَالَتِ الْعَرَبُ: إِذا طَلَعَ
سُهيلْ، بَرَدَ الليلْ، وَامْتَنَعَ القَيْلْ، وَلِلْفَصِيلِ الوَيْلْ؛
وَذَلِكَ لأَنه يُفْصَل عِنْدَ طُلُوعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: اللَّطِيمُ
فَصيلٌ إِذا طَلَعَ سُهَيْلٌ أَخذه الرَّاعِي وَقَالَ لَهُ: أَتَرى
سُهَيْلًا؟ وَاللَّهِ لَا تَذُوقُ عِنْدِي قَطْرَةً ثُمَّ لَطَمَه
ونَحّاه. ابْنُ الأَعرابي: اللَّطِيمُ الْفَصِيلُ إِذا قَوِي عَلَى
الرُّكُوبِ لُطِمَ خَدُّه عِنْدَ عَيْنِ الشَّمْسِ، ثُمَّ يُقَالُ
اغْرُبْ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ الفصيلُ مؤدَّباً وَيُسَمَّى لَطِيماً.
واللَّطِيمُ: الَّذِي يَمُوتُ أَبواه. والعَجِيُّ: الَّذِي تَمُوتُ
أُمُّه. واليتيمُ: الَّذِي يَمُوتُ أَبوه. واللَّطِيم واللَّطِيمةُ:
المِسْكُ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: قَالَ ابْنُ
دُرَيْدٍ هِيَ كُلُّ ضربٍ مِنَ الطِّيب يُحمل عَلَى الصُّدْغ مِنَ
المَلْطِم الَّذِي هُوَ الْخَدُّ، وَكَانَ يَسْتَحْسِنُهَا، وَقَالَ:
مَا قَالَهَا إِلَّا بِطَالِعِ سَعْدٍ. واللَّطِيمةُ: وِعاءُ المِسْك،
وَقِيلَ: هِيَ الْعِيرُ تَحْمِلُهُ، وَقِيلَ: سُوقُه، وَقِيلَ: كلُّ
سُوقٍ يُجْلب إِليها غيرُ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حُرِّ الطِّيب والمتاعِ
غَيْرِ المِيرة لَطِيمةٌ، وَالْمِيرَةُ لِمَا يُؤْكَلُ؛ ثَعْلَبٌ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي: أَنه أَنشده لِعاهانَ بْنِ كَعْب بْنِ عَمْرِو بْنِ
سَعْدٍ:
إِذا اصْطَكَّتْ بضَيْقٍ حُجْرتاها، ... تَلاقِي العَسْجَدِيَّةِ
واللَّطِيمِ
قَالَ: العَسْجَدِيّة إِبل مَنْسُوبَةٌ إِلى سُوق يَكُونُ فِيهَا
العَسْجد وَهُوَ الذَّهَبُ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْعَسْجَدِيَّةُ
الَّتِي تَحْمِل الذَّهَبَ، واللَّطِيمُ: مَنْسُوبٌ إِلى سُوق يَكُونُ
أَكثرُ بَزِّها اللَّطِيمَ، وَهُوَ جَمْعُ اللَّطِيمَة، وَهِيَ العيرُ
الَّتِي تَحْمِلُ الْمِسْكَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: اللَّطِيمَة عِيرٌ
فِيهَا طِيبٌ، والعسجديةِ ركابُ المُلوكِ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّقَّ،
والدِّقُّ الْكَثِيرُ الثِّمَنِ الَّذِي لَيْسَ بجافٍ. الْجَوْهَرِيُّ:
اللَّطِيمةُ العيرُ تَحْمِلُ الطِّيبَ وبَزَّ التِّجار، وَرُبَّمَا
قِيلَ لسُوقِ العَطَّارِين لَطِيمَةٌ؛
__________
(2) . قوله [نابي] كذا في الأَصل وشرح القاموس بالباء، والذي في
المحكم: نائي
(12/543)
قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصف أَرطأة تَكنَّسَ
فِيهَا الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ:
كأَنَّها بيتُ عَطَّارٍ يُضَمِّنُه ... لَطَائِمَ المِسْكِ، يَحْويها
وتُنْتَهَبُ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: اللَّطِيمَةُ قِطْعةُ مِسْك، وَيُقَالُ فَارَّةُ
مِسْك؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي اللَّطِيمَة الْمِسْكِ:
فَقُلْتُ: أَعَطَّاراً نَرى فِي رِحالِنا؟ ... وَمَا إِنْ بمَوْماةٍ
تُباعُ اللَّطائِمُ
وَقَالَ آخَرُ فِي مِثْلِهِ:
عَرُفْتَ كإِتْبٍ عَرَّفَتْه اللَّطائِمُ
وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
قَالَ أَبو جَهْلٍ يَا قومِ اللَّطِيمَة اللَّطِيمَةَ
أَي أَدْرِكوها، وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ بإِضمار هَذَا الْفِعْلِ.
واللَّطِيمَة: الجِمالُ الَّتِي تَحْمِلُ العِطْرَ والبَزَّ غَيْرَ
المِيرة. ولَطَائِمُ المِسْك: أَوْعِيتُه. ابْنُ الأَعرابي: اللَّطيمةُ
سُوقُ الإِبل، واللَّطيمة والزَّوْمَلةُ مِنَ العِير الَّتِي عَلَيْهَا
أَحمالها، قَالَ: وَيُقَالُ اللَّطيمةُ والعِيرُ والزَّوْملة، وَهِيَ
الْعِيرُ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا «1» حِمْل أَو لَمْ يَكُنْ، وَلَا
تُسَمَّى لَطِيمَةً وَلَا زَوْملة حَتَّى تَكُونَ عَلَيْهَا أَحمالها؛
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فجاءَ بِهَا مَا شِئتَ مِنْ لَطَمِيَّةٍ، ... تَدُورُ البحارُ فوقَها
وتَمُوجُ
إِنما عَنَى دُرَّة. وَقَوْلُهُ: مَا شِئْتَ مِنْ لَطَمِيّة، فِي
مَوْضِعِ الْحَالِ. وتَلَطَّمَ وجهُه: ارْبَدّ. والمُلَطَّم:
اللَّئِيمُ. ولَطَّمَ الْكِتَابَ: ختَمه؛ وَقَوْلُهُ:
لَا يُلْطَمُ المصْبُورُ وَسْطَ بُيوتِنا، ... ونَحُجُّ أَهلَ الحقِّ
بالتَّحْكِيم
يَقُولُ: لَا يُظْلَم فِينَا فيُلْطَم وَلَكِنْ نأْخذ الْحَقَّ مِنْهُ
بِالْعَدْلِ عَلَيْهِ. اللَّيْثُ: اللَّطِيمَة سُوق فِيهَا أَوْعيةٌ
مِنَ العِطْر وَنَحْوُهُ مِنَ البِياعات؛ وأَنشد:
يَطُوفُ بِهَا وَسْطَ اللَّطِيمة بائعُ
وَقَالَ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
لَطَائِم المِسْكِ يَحْوِيها وتُنْتَهَبُ
يَعْنِي أَوْعِيَة المسك. أَبو سعيد: اللَّطِيمَة العَنْبَرةُ الَّتِي
لُطِمَت بِالْمِسْكِ فتَفَتَّقت بِهِ حَتَّى نَشِبَت رَائِحَتُهَا،
وَهِيَ اللَّطَمِيَّة، وَيُقَالُ: بالةٌ لَطَمِيّةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ عَلَيْهَا بَالَةً لَطَمِيَّةً، ... لَهَا مِنْ خِلالِ
الدَّأْيَتينِ أَرِيجُ
أَراد بِالْبَالَةِ الرَّائِحَةَ والشَّمّة، مأْخوذ مِنْ بَلْوته أَي
شَمَمْته، وأَصلها بَلوة، فقدَّم الْوَاوَ وَصَيَّرَهَا أَلفاً
كَقَوْلِهِمْ قاعَ وقَعا. وَيُقَالُ: أَعْطِني لَطِيمَةً مِنْ مِسك أَي
قِطْعَةً. واللَّطِيمَة فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ «2» : هِيَ
الْغَوَالِي المُعَنْبَرة، وَلَا تُسَمَّى لَطِيمة حَتَّى تَكُونَ
مَخْلُوطَةً بِغَيْرِهَا. الْفَرَّاءُ: اللَّطِيمَة سُوق
الْعَطَّارِينَ، واللَّطِيمَة العِيرُ تَحْمِلُ البُرَّ والطِّيبَ.
أَبو عَمْرٍو: اللَّطِيمَةُ سُوقٌ فِيهَا بَزٌّ وطِيب. ولاطَمَه
فتَلاطَمَا؛ والْتَطَمَتِ الأَمْواجُ: ضَرَبَ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ وَفِي
حَدِيثِ
حَسَّانَ:
يُلَطِّمُهنّ بالخُمُرِ النساءُ
أَي يَنْفُضْن مَا عَلَيْهَا مِنَ الغُبار، فَاسْتَعَارَ لَهُ
اللَّطْم، وَرَوِيَ يُطَلِّمُهنّ، وهو الضرب بالكف.
لعم: انْفَرَدَ بِهَا الأَزهري وَقَالَ: لَمْ أَسمع فِيهِ شَيْئًا
غَيْرَ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَجَدْتُهُ لِابْنِ الأَعرابي، قَالَ: اللَّعَمُ
اللُّعابُ، بِالْعَيْنِ، قَالَ: وَيُقَالُ لَمْ يتَلعْثَمْ فِي كَذَا
وَلِمَ يَتَلَعْلَمْ فِي كَذَا أَي لَمْ يتمكَّث وَلَمْ ينتظر.
__________
(1) . قوله [وَهِيَ الْعِيرُ الَّتِي كَانَ عليها إلخ] كذا في الأَصل،
وعبارة التهذيب: وهي العير كَانَ عَلَيْهَا حِمْلٌ أَوْ لم يكن
(2) . قوله [واللَّطِيمَة فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ إلخ] عبارة التهذيب:
واللَّطِيمَة فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ السوق، سميت لَطِيمَة لتصافق
الأَيدي فيها، قال: وأما لَطَائِم المسك فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ فهي
الغوالي إلخ
(12/544)
لعثم: تَلَعْثَمَ عَنِ الأَمر: نَكَل
وتمكَّث وتأَنَّى وتبصَّر، وَقِيلَ: التَّلَعْثُم الِانْتِظَارُ. وَمَا
تَلَعْثَمَ عَنْ شَيْءٍ أَي مَا تأَخَّر وَلَا كذَّب. وقرأَ فَمَا
تَلَعْثَمَ وَمَا تَلَعْذَمَ أَي مَا توقَّف وَلَا تمكَّث وَلَا
تَرَدَّدَ، وَقِيلَ: مَا تَلَعْثَمَ أَي لَمْ يُبْطِئ بِالْجَوَابِ.
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا
عرَضْتُ الإِسْلامَ عَلَى أَحَدٍ إِلا كَانَتْ فِيهِ كَبْوةٌ إِلا أَن
أَبا بَكْرٍ مَا تَلَعْثَمَ
أَي أَجاب مِنْ ساعتِه أَوَّلَ مَا دَعَوْتُهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ
وَلَمْ يتمكَّث وصدَّق بالإِسلام وَلَمْ يتوقَّف. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ أَنه قَالَ فِي أَحدِ إِخْوتِه: فليسَت فِيهِ
لَعْثَمَةٌ إِلا أَنه ابْنُ أَمَةٍ
؛ أَراد أَنه لَا توقُّفَ عَنْ ذِكْرِ مَناقبه إِلا عِنْدَ ذِكْرِ
صَراحةِ نَسبِه فإِنه يُعاب بهُجْنته. وَيُقَالُ: سأَلته عَنْ شَيْءٍ
فَلَمْ يَتَلَعْثَمْ وَلَمْ يتَلَعْذَمْ وَلَمْ يَتَتَمْتَمْ وَلَمْ
يتمرَّغ وَلَمْ يتفكَّر أَي لَمْ يَتَوَقَّفْ حتى أَجابني.
لعذم: قرأَ فَمَا تَلَعْذَمَ أَي مَا تردَّد كتلَعْثَم، وَزَعَمَ
يَعْقُوبُ أَن الذَّالَ بَدَلٌ مِنَ التَّاءِ، وَقَدْ تقدم.
لعظم: الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لَعْمَظْتُ اللحمَ أَي انتهَسْته عَنِ
الْعَظْمِ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا لَعْظَمْتُه على القلب.
لغم: لَغِمَ لَغَماً ولَغْماً: وَهُوَ استِخْبارُه عَنِ الشَّيْءِ لَا
يَسْتَيْقِنُهُ وإِخبارُه عَنْهُ غَيْرُ مُسْتَيْقِنٍ أَيضاً.
ولَغَمْتُ أَلْغَمُ لَغْماً إِذا أَخبَرْت صَاحِبَكَ بِشَيْءٍ لَا
تَسْتَيْقِنُهُ. وَلَغَمَ لَغْماً: كنَغَم نَغْماً. وَقَالَ ابْنُ
الأَعرابي: قُلْتُ لأَعرابي مَتى المَسِير؟ فَقَالَ: تَلَغَّموا بيومِ
السبْت، يَعْنِي ذكَروه، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَنهم حرَّكوا مَلاغِمَهم
بِهِ. واللَّغِيمُ: السِّرّ. واللُّغَامُ والمَرْغُ: اللُّعاب
للإِنسان. ولُغَام الْبَعِيرِ: زَبَدُه. واللُّغَامُ: زَبَدُ أَفواهِ
الإِبل، والرُّوالُ لِلْفَرَسِ. ابْنُ سِيدَهْ: واللُّغَام مِنَ
الْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ البُزاقِ أَو اللُّعاب مِنَ الإِنسان. ولَغَمَ
البعيرُ يَلْغَمُ لُغَامه لَغْماً إِذا رَمَى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمر: وأَنا تَحْتَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصِيبُني لُغَامُها
؛ لُغامُ الدَّابَّةِ: لُعابُها وزبدُها الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فِيهَا
مَعَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّبَدُ وَحْدَهُ، سُمِّيَ بالمَلاغِم، وَهِيَ
مَا حَوْلَ الفَم مِمَّا يَبْلُغه اللِّسَانُ ويَصِل إِليه؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
يَستعمِل مَلاغِمَهُ
؛ هُوَ جَمْعُ مَلْغَم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ: وَنَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقْصَع بِجِرّتها ويَسِيل لُغَامُها بَيْنَ
كَتِفَيَّ.
والمَلْغَمُ: الفمُ والأَنْف وَمَا حَوْلَهُمَا. وَقَالَ
الْكِلَابِيُّ: المَلاغِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْفَمُ والأَنف
والأَشْداق، وَذَلِكَ أَنها تُلَغَّم بِالطِّيبِ، وَمِنَ الإِبل
بالزَّبَدِ واللُّغامِ. والمَلْغَمُ والمَلاغِم: مَا حَوْلَ الْفَمِ
الَّذِي يَبْلُغُهُ اللِّسَانُ، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ مَفْعَلًا مِنْ
لُغامِ الْبَعِيرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مَوْضِعُ اللُّغامِ.
الأَصمعي: مَلاغِمُ المرأَة مَا حَوْلَ فَمِهَا. الْكِسَائِيُّ:
لَغَمْت أَلْغَمُ لَغْماً. وَيُقَالُ: لَغَمْتُ المرأَة أَلْغَمُها
إِذا قبَّلْت مَلْغَمها؛ وَقَالَ:
خَشَّمَ مِنْهَا مَلْغَمُ المَلْغومِ ... بشَمَّةٍ مِنْ شارِفٍ
مَزْكومِ
قدْ خَمَّ أَو قَدْ هَمَّ بالخُمومِ، ... ليسَ بمَعْشوقٍ ولا مَرْؤُومِ
خَشَّم مِنْهَا أَي نتُن مِنْهَا مَلْغُومُها بشَمَّة شَارِفٍ.
وتَلَغَّمْت بالطِّيب إِذا جَعَلْتُهُ فِي المَلاغِم؛ وأَنشد ابْنُ
بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
تَزْدَج بالجادِيّ أَو تَلَغَّمُهْ «3»
. وَقَدْ تلَغَّمَتِ المرأَةُ بِالزَّعْفَرَانِ والطِّيب؛ وأَنشد:
__________
(3) . قوله [تزدج إلخ] هكذا في الأَصل
(12/545)
مُلَغَّم بالزعفرانِ مُشْبَع
ولُغِمَ فلانٌ بالطِّيب، فَهُوَ مَلْغُوم إِذا جَعَلَ الطِّيب عَلَى
مَلاغِمه. والمَلْغَم: طَرَفُ أَنفه. وتلَغَّمَتِ المرأَة بِالطِّيبِ
تَلَغُّماً: وضَعَتْه عَلَى مَلاغمها. وكلُّ جَوْهَرٍ ذَوَّابٌ
كَالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ خُلِط بالزَّاوُوق مُلْغَمٌ، وَقَدْ أُلْغِمَ
فالْتَغَمَ. والغنَمُ تَتَلَغَّمُ بالعُشْب وبالشِّرْب تَبُلُّ
مَشافِرَها. واللَّغَم: الإِرْجافُ الحادُّ.
لغذم: تَلَغْذَمَ الرجلُ: اشتدَّ كَلَامُهُ. اللَّيْثُ: المُتَلَغْذِم
الشَّدِيدُ الأَكل.
لفم: اللِّفَام: النِّقَابُ عَلَى طَرَفِ الأَنف، وَقَدْ لَفَمَ
وتَلَفَّمَ. ولَفَمَتِ المرأَة فَاهَا بِلِفامِها: نَقَّبَته.
ولَفَمَتْ وتَلَفَّمَت والْتَفَمَت إِذا شدَّت اللِّفام. أَبو زَيْدٍ:
تَمِيمٌ تَقُولُ تلَثَّمت عَلَى الْفَمِ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ
تَلَفَّمَت. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مِنَ اللِّفَام لَفَمْت
أَلْفِمُ، فإِذا كَانَ عَلَى طَرَفِ الأَنف فَهُوَ اللِّفَام، وإِذا
كَانَ عَلَى الْفَمِ فَهُوَ اللِّثام. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الأَصمعي
إِذا كَانَ النِّقاب عَلَى الْفَمِ فَهُوَ اللِّثام واللِّفام، كَمَا
قَالُوا الدَّفَئِيُّ والدَّثَئِيُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُضِيءُ لَنَا كالبَدْر تَحْتَ غَمامةٍ، ... وَقَدْ زلَّ عَنْ غُرّ
الثَّنايا لِفامُها
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تَلَفَّمْت تَلَفُّماً إِذا أَخذت عِمَامَةً
فَجَعَلْتَهَا عَلَى فِيكَ شِبْه النِّقَابِ وَلَمْ تَبْلُغْ بِهَا
أَرنبة الأَنف وَلَا مارِنَه، قَالَ: وَبَنُو تَمِيمٍ تَقُولُ فِي
هَذَا الْمَعْنَى: تلَثَّمت تلَثُّماً، قَالَ: وإِذا انْتَهَى إِلى
الأَنف فغشِيَه أَو بَعْضَهُ فَهُوَ النقاب.
لقم: اللَّقْمُ: سُرعة الأَكل والمُبادرةُ إِليه. لَقِمَه لَقْماً
والْتَقَمَه وأَلْقَمَه إِياه، ولَقِمْت اللُّقْمةَ أَلْقَمُها لَقْماً
إِذا أَخَذْتَها بِفِيك، وأَلْقَمْتُ غَيْرِي لُقْمةً فلَقِمَها.
والْتَقَمْت اللُّقْمةَ أَلْتَقِمُها الْتِقَاماً إِذا ابْتَلَعْتها
فِي مُهْلة، ولَقَّمْتها غَيْرِي تَلْقِيماً. وَفِي الْمَثَلِ: سَبَّه
فكأَنما أَلْقَمَ فَاهُ حَجَراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَلْقَمَ عينَه خَصاصةَ الْبَابَ
أَي جَعَلَ الشَّقَّ الَّذِي فِي الْبَابِ يُحاذي عينَه فكأَنه
جَعَلَهُ لِلْعَيْنِ كاللُّقمة لِلْفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَهُوَ كالأَرْقم إِن يُتْرك يَلْقَم
أَي إِن تَتْرُكه يأْكلك. يُقَالُ: لَقِمْتُ الطعامَ أَلْقَمُه
وتَلَقَّمْتُه والْتَقَمْتُه. ورجُل تِلْقَام وتِلْقَامَة: كَبِيرُ
اللُّقَم، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَظِيمُ اللُّقَم، وتِلْقَامَة مِنَ
المُثُل الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا صَاحِبُ الْكِتَابِ. واللَّقْمَة
واللُّقْمَة: مَا تُهيِّئه لِلّقم؛ الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
التَّهْذِيبُ: واللُّقْمَة اسْمٌ لِمَا يُهيِّئه الإِنسان
لِلِالْتِقَامِ، واللَّقْمَةُ أَكلُها بِمَرَّةٍ، تَقُولُ: أَكلت
لُقْمَة بلَقْمَتَيْنِ، وأَكلت لُقْمَتَيْنِ بلَقْمَة، وأَلْقَمْت
فُلَانًا حجَراً. ولَقَّمَ البعيرَ إِذا لَمْ يأْكل حَتَّى يُناوِلَه
بِيَدِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَلْقَمَ البعيرُ عَدْواً بَيْنَا هُوَ
يَمْشِي إِذْ عَدا فَذَلِكَ الإِلْقَام، وَقَدْ أَلْقَمَ عَدْواً
وأَلْقَمْتُ عَدْواً. واللَّقَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَسَطُ الطَّرِيقِ؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
وعبدُ الرحِيمِ جماعُ الأُمور، ... إِليه انتَهى اللَّقَمُ المُعْمَلُ
ولَقَمُ الطَّرِيقِ ولُقَمُه؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: مَتْنُه
وَوَسَطُهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الأَسد:
غابَتْ حَلِيلتُه وأَخْطأَ صَيْده، ... فَلَهُ عَلَى لَقَمِ الطريقِ
زَئِير «1»
. واللَّقْمُ، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ لَقَمَ الطريقَ
وَغَيْرَ الطَّرِيقِ، بِالْفَتْحِ، يَلْقُمُه، بِالضَّمِّ، لَقْماً:
سدَّ فَمَهُ. ولَقَمَ الطريقَ وغيرَ الطَّرِيقِ يَلْقُمُه لَقْماً:
__________
(1) . هذا البيت لبشار بن بُرد
(12/546)
سدَّ فَمَهُ. واللَّقَمُ، محرَّك: مُعْظم
الطَّرِيقِ. اللَّيْثُ: لَقَمُ الطَّرِيقِ مُنْفَرَجُه، تَقُولُ:
عَلَيْكَ بلَقَمِ الطَّرِيقِ فالْزَمْه. ولُقْمَانُ: صَاحِبُ النُّسور
تَنْسُبُهُ الشعراءُ إِلَى عَادٍ؛ وَقَالَ:
تَراه يُطوِّفُ الآفاقَ حِرْصاً ... ليأْكل رأْسَ لُقْمَانَ بنِ عادِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قِيلَ إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لأَبي الْمُهَوَّشِ
الأَسَديّ، وَقِيلَ: لِيَزِيدَ بْنُ عَمْرِو بْنِ الصَّعِق، وَهُوَ
الصَّحِيحُ؛ وَقَبْلَهُ:
إِذَا مَا ماتَ مَيْتٌ مِنْ تَميمٍ ... فسَرَّك أَن يَعِيش، فجِئْ
بِزادِ
بخُبْزٍ أَو بسَمْنٍ أَو بتَمْرٍ، ... أَو الشَّيْءُ المُلَفَّفِ فِي
البِجادِ
وَقَالَ أَوس بْنُ غَلْفاء يَرُدُّ عَلَيْهِ:
فإنَّكَ، فِي هِجاء بَنِي تَميمٍ، ... كمُزْدادِ الغَرامِ إِلَى
الغَرامِ
هُمُ ضَرَبوكَ أُمَّ الرأْسِ، حَتَّى ... بَدَتْ أُمُّ الشُّؤُونِ مِنَ
العِظام
وهمْ ترَكوكَ أَسْلَح مِن حُبارَى ... رأَت صَقْراً، وأَشْرَدَ مِنْ
نَعامِ
ابْنُ سِيدَهْ: ولُقْمَان اسْمٌ؛ فأَما لُقْمَان الَّذِي أَثنى
عَلَيْهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا، وَقِيلَ: كَانَ حَكِيمًا لِقَوْلِ اللَّهُ
تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ
؛ وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَقِيلَ: كَانَ خَيّاطاً، وَقِيلَ:
كَانَ نَجَّارًا، وَقِيلَ: كَانَ رَاعِيًا؛ وَرُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ
أَن إِنْسَانًا وَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ قال: أَلَسْتَ
الَّذِي كنتَ تَرْعَى مَعِي فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا؟ قال: بلى،
فقال: فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: صِدْقُ الْحَدِيثِ وأَداءُ
الأَمانةِ والصَّمْتُ عَمَّا لَا يَعْنِيني
، وَقِيلَ: كَانَ حَبَشِيّاً غَلِيظَ المَشافر مشقَّق الرِّجْلَيْنِ؛
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الزَّجَّاجِ، وَلَيْسَ يَضُرُّهُ ذَلِكَ عِنْدَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لأَن اللَّهَ شَرَّفَهُ بالحِكْمة. ولُقَيم:
اسْمٌ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ لُقْمَان عَلَى تَصْغِيرِ
التَّرْخِيمِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرَ اللُّقَمِ؛ قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: لُقَيم اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لُقَيم بْنُ لُقْمانَ مِنْ أُخْتِه، ... وَكَانَ ابنَ أُخْتٍ لَهُ
وابْنَما
لكم: اللَّكْم: الضَّرْبُ بِالْيَدِ مَجْمُوعَةً، وَقِيلَ: هُوَ
اللَّكْزُ فِي الصَّدْرِ والدفْعُ، لَكَمَه يَلْكُمُه لَكْماً؛ أَنشد
الأَصمعي:
كأَن صوتَ ضَرْعِها تَشاجُلُ ... «1» . هاتِيك هَاتَا حَتنا تكايِلُ،
لَدْمُ العُجا تَلْكُمُها الجَنادِلُ
والمُلَكَّة: القُرْصة الْمَضْرُوبَةُ بِالْيَدِ. وخُفٌّ مِلْكَم
ومُلَكَّم ولَكَّام: صُلْب شَدِيدٌ يَكْسِرُ الْحِجَارَةَ؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ:
ستأتِيك مِنْهَا، إِنْ عَمَرْتَ، عِصابةٌ ... وخُفَّانِ لَكَّامَانِ
للقِلَعِ الكُبْدِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا شِعْرٌ لِلِصٍّ يتهزّأُ بِمَسْرُوقِهِ.
وَيُقَالُ: جَاءَنَا فلانٌ فِي نِخافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ أَي فِي
خُفَّيْنِ مُرقَّعَيْن. والمُلَكَّم: الَّذِي فِي جَانِبِهِ رِقاعٌ
يَلْكُم بِهَا الأَرض. وجَبَلُ اللُّكَامِ: مَعْرُوفٌ؛ التَّهْذِيبُ:
جبَل لُكامٍ مَعْرُوفٌ بِنَاحِيَةِ الشأْم. الْجَوْهَرِيُّ: اللُّكّام،
بِالتَّشْدِيدِ، جَبَلٌ بالشأْم. ومُلْكُومٌ: اسْمُ مَاءٍ بِمَكَّةَ،
شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
لمم: اللَّمُّ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الشَّدِيدُ. واللَّمُّ: مَصْدَرُ
لَمَّ الشَّيْءَ يَلُمُّه لَمّاً جَمَعَهُ وأصلحه. ولَمَّ اللهُ
__________
(1) . قوله: تشاجل: هكذا في الأَصل
(12/547)
شَعَثَه يَلُمُّه لَمّاً: جمعَ مَا
تَفَرَّقَ مِنْ أُموره وأَصلحه. وَفِي الدُّعَاءِ:
لَمَّ اللهُ شعثَك
أَيْ جَمَعَ اللهُ لَكَ مَا يُذْهب شَعَثَكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
أَيْ جمعَ مُتَفَرِّقَك وقارَبَ بَيْنَ شَتِيت أَمرِك. وَفِي
الْحَدِيثِ:
اللهمِّ الْمُمْ شَعَثَنا
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
وتَلُمّ بِهَا شَعَثي
؛ هُوَ مِنَ اللَّمّ الْجَمْعِ أَي اجْمَعْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ
أَمْرِنا. ورجُل مِلَمٌّ: يَلُمُّ الْقَوْمَ أَيْ يَجْمَعُهُمْ.
وَتَقُولُ: هُوَ الَّذِي يَلُمّ أَهل بَيْتِهِ وعشيرَته
وَيَجْمَعُهُمْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فابْسُط عَلَيْنَا كَنَفَيْ مِلَمّ
أَي مُجَمِّع لِشَمْلِنا أَي يَلُمُّ أَمرَنا. وَرَجُلٌ مِلَمٌّ
مِعَمٌّ إِذَا كَانَ يُصْلِح أُمور النَّاسِ ويَعُمّ النَّاسَ
بِمَعْرُوفِهِ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ دارَكُما لَمُومةٌ أَي تَلُمُّ
النَّاسَ وتَرُبُّهم وتَجْمعهم؛ قَالَ فَدَكيّ بْنُ أَعْبد يَمْدَحُ
عَلْقَمَةَ بْنَ سَيْفٍ:
لأَحَبَّني حُبَّ الصَّبيّ، ولَمَّني ... لَمَّ الهَدِيّ إِلَى الكريمِ
الماجِدِ «1»
. ابْنُ شُمَيْلٍ: لُمَّة الرجلِ أَصحابُه إِذَا أَرادوا سَفَرًا
فأَصاب مَن يَصْحَبُهُ فَقَدْ أَصاب لُمّةً، وَالْوَاحِدُ لُمَّة
وَالْجَمْعُ لُمَّة. وكلُّ مَن لقِيَ فِي سَفَرِهِ مِمَّنْ يُؤنِسُه
أَو يُرْفِدُه لُمَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُسَافِرُوا حَتَّى تُصيبوا لُمَّة «2» .
أَي رُفْقة. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، أَنها خَرَجَتْ فِي لُمَّةٍ
مِنْ نِسَائِهَا تَتوطَّأ ذَيْلَها إِلَى أَبي بَكْرٍ فَعَاتَبَتْهُ
، أَي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ نِسَائِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ هِيَ
مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ: اللُّمَّة
المِثْلُ فِي السِّنِّ والتِّرْبُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهَاءُ
عِوَضٌ مِنَ الْهَمْزَةِ الذَّاهِبَةِ مِنْ وَسَطِهِ، وَهُوَ مِمَّا
أَخذت عَيْنُهُ كَسَهٍ ومَهٍ، وأَصلها فُعْلة مِنَ المُلاءمة وَهِيَ
المُوافقة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَلَا وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قادَ
لُمَّة من الْغُوَاةِ
أَيْ جَمَاعَةً. قَالَ: وَأَمَّا لُمَة الرَّجُلِ مِثْلُهُ فَهُوَ
مُخَفَّفٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ شَابَّةً زُوِّجَت شَيْخًا
فقتَلتْه فقال: أيها الناس لِيتزوَّج كلٌّ مِنْكُمْ لُمَتَه مِنَ
النِّسَاءِ ولتَنْكح المرأةُ لُمَتَها مِنَ الرِّجَالِ
أَيْ شَكْلَهُ وتِرْبَه وقِرْنَه فِي السِّن. وَيُقَالُ: لَكَ فِيهِ
لُمَةٌ أَيْ أُسْوة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ نَعْبُرْ فنحنُ لَنَا لُمَاتٌ، ... وَإِنْ نَغْبُرْ فَنَحْنُ
عَلَى نُدورِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لُمَات أَي أَشباه وأَمثال، وَقَوْلُهُ:
فَنَحْنُ على ندور أي سنموت لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَكلًا شَدِيدًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ
عِنْدِي مِنْ هَذَا الْبَابِ، كَأَنَّهُ أَكلٌ يَجْمَعُ التُّراث
ويستأْصله، والآكلُ يَلُمُّ الثَّريدَ فَيَجْعَلُهُ لُقَماً؛ قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ شَدِيدًا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ
تأْكلون تُراث الْيَتَامَى لَمّاً أَيْ تَلُمُّون بِجَمِيعِهِ. وَفِي
الصِّحَاحِ: أَكْلًا لَمًّا
أَيْ نَصِيبَه وَنَصِيبَ صَاحِبِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ
لَمَمْتُه أَجمعَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: تأْكل لَمّاً وتُوسِع ذَمّاً
أَيْ تأْكل كَثِيرًا مُجْتَمَعًا. وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنِ
الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قرأَ: وإنَّ كُلًا لَمّاً، مُنَوَّنٌ،
ليُوَفِّيَنَّهم؛ قَالَ: يَجْعَلُ اللَّمَّ شَدِيدًا كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَرَادَ وَإِنَّ كُلًّا ليُوَفِّينهم جَمْعاً
لأَن مَعْنَى اللَّمِّ الجمع، تقول:
__________
(1) . قوله [لأَحبني] أَنشده الجوهري: وأحبني
(2) . قوله [حتى تصيبوا لُمة] ضبط لُمة في الأَحاديث بالتشديد كما هو
مقتضى سياقها في هذه المادة، لكن ابن الأَثير ضبطها بالتخفيف وهو مقتضى
قوله: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْهَاءُ عِوَضٌ إلخ وكذا قوله يقال لك فيه
لمة إلخ البيت مخفف فمحل ذلك كله مادة لأَم
(12/548)
لَمَمْت الشيء أَلُمُّه إِذَا جَمَعْتَهُ.
الْجَوْهَرِيُّ:
وإنَّ كُلًّا لَمًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ
، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَصْلُهُ لَمَمًّا، فَلَمَّا
كَثُرَتْ فِيهَا المِيماتُ حذفت منها واحد، وقرأَ
الزُّهْرِيُّ: لَمّاً
، بِالتَّنْوِينِ، أَيْ جَمِيعًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ
أَنْ يَكُونَ أَنَّ صِلَةَ لَمِنْ مَنْ، فَحُذِفَتْ مِنْهَا إِحْدَى
الْمِيمَاتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ لَمِن مَن، قَالَ: وَعَلَيْهِ
يَصِحُّ الْكَلَامُ؛ يُرِيدُ أَنَّ لَمّاً فِي قِرَاءَةِ الزُّهْرِيِّ
أَصْلُهَا لَمِنْ مَن فَحُذِفَتِ الْمِيمُ، قَالَ: وقولُ مَنْ قَالَ
لَمّا بِمَعْنَى إلَّا، فَلَيْسَ يُعْرَفْ فِي اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ سِيبَوَيْهِ نَشدْتُك اللَّهَ لَمّا فَعَلْت بمعنى
إلا فَعَلْتَ، وَقُرِئَ: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ
؛ أَيْ مَا كَلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ، وَإِنَّ كُلَّ
نَفْسٍ لَعَلَيْهَا «1» . حَافِظٌ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
أنْشُدك اللَّهَ لَمّا فَعَلْتَ كَذَا
، وَتُخَفَّفُ الْمِيمُ وتكونُ مَا زَائِدَةً، وَقُرِئَ بِهِمَا
لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ.
والإِلْمامُ واللَّمَمُ: مُقاربَةُ الذَّنْبِ، وَقِيلَ: اللَّمَم مَا
دُونَ الْكَبَائِرِ مِنَ الذُّنُوبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا
اللَّمَمَ
. وأَلَمَّ الرجلُ: مِنَ اللَّمَمِ وَهُوَ صِغَارُ الذُّنُوبِ؛ وَقَالَ
أُمَيَّةُ:
إنْ تَغْفِر، اللَّهمَّ، تَغْفِرْ جَمّا ... وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا
أَلَمّا؟
وَيُقَالُ: هُوَ مقارَبة الْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ مُوَاقَعَةٍ.
وَقَالَ الأَخفش: اللَّمَمُ المُقارَبُ مِنَ الذُّنُوبِ؛ قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لأُميَّة بْنِ أَبي الصّلْت؛ قَالَ: وَذَكَرَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ
أَبي طَرْفَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: مَرَّ أَبو خِراش يَسْعَى بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ:
لاهُمَّ هَذَا خامِسٌ إِنْ تَمّا، ... أَتَمَّه اللهُ، وَقَدْ أَتَمَّا
إِنْ تَغْفِرِ، اللَّهُمَّ، تَغْفِرْ جَمَّا ... وأيُّ عبدٍ لَكَ لَا
أَلَمَّا؟
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قِيلَ اللَّمَمُ نَحْوُ القُبْلة والنظْرة
وَمَا أَشبهها؛ وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ نَوْلٍ: إِنَّ
اللَّمَم التقبيلُ فِي قَوْلِ وَضّاح اليَمَن:
فَمَا نَوّلَتْ حَتَّى تَضَرَّعْتُ عندَها، ... وأنْبأتُها مَا رَخّصَ
اللهُ فِي اللَّمَمْ
وَقِيلَ: إِلَّا اللَّمَمَ: إِلَّا أَنْ يكونَ العبدُ ألَمَّ بفاحِشةٍ
ثُمَّ تَابَ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ
رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ؛ غَيْرَ أَنَّ اللَّمَم أَنْ يكونَ
الإِنسان قَدْ أَلَمَّ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا،
وَإِنَّمَا الإِلْمَامُ فِي اللُّغَةِ يُوجِبُ أَنَّكَ تأْتي فِي
الْوَقْتِ وَلَا تُقيم عَلَى الشَّيْءِ، فَهَذَا مَعْنَى اللَّمَم؛
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَيَدُلُّ عَلَى صاحب قَوْلِهِ قولُ الْعَرَبِ:
أَلْمَمْتُ بفلانٍ إلْمَاماً وَمَا تَزورُنا إلَّا لِمَاماً؛ قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ الأَحيانَ عَلَى غَيْرِ مُواظبة، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ إِلَّا اللَّمَم: يَقُولُ إِلَّا المُتقاربَ
مِنَ الذُّنُوبِ الصَّغِيرَةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ
يَقُولُ: ضَرَبْتُهُ مَا لَمَم القتلِ؛ يُرِيدُونَ ضَرْبًا مُتقارِباً
لِلْقَتْلِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ آخَرَ يَقُولُ: أَلَمَّ يَفْعَلُ كَذَا
فِي مَعْنَى كَادَ يَفْعَلُ، قَالَ: وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَنَّهَا
النَّظْرةُ مِنْ غَيْرِ تعمُّد، فَهِيَ لَمَمٌ وَهِيَ مَغْفُورَةٌ،
فَإِنْ أَعادَ النظرَ فَلَيْسَ بلَمَمٍ، وَهُوَ ذَنْبٌ. وَقَالَ ابْنُ
الأَعرابي: اللَّمَم مِنَ الذُّنُوبِ مَا دُون الْفَاحِشَةِ. وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ: كَانَ ذَلِكَ مُنْذُ شَهْرَيْنِ أَوْ لَمَمِهما، ومُذ
شَهْرٍ ولَمَمِه أَوْ قِرابِ شَهْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنَّ مما يُنْبِتُ
__________
(1) . قوله [وَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حافظ] هكذا في الأَصل
وهو إنما يناسب قراءة لما يالتخفيف
(12/549)
الربيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَوْ يُلِمُ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَوْ يَقْرُبُ مِنَ الْقَتْلِ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
فَلَوْلَا أَنَّهُ شَيْءٌ قَضَاهُ اللهُ لأَلَمَّ أَنْ يَذْهَبَ بصرُه
، يَعْنِي لِما يَرَى فِيهَا، أَيْ لَقَرُب أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: فِي أَرْضِ فُلَانٍ مِنَ الشَّجَرِ المُلِمّ
كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ الَّذِي قارَب أَنْ يَحمِل. وَفِي حَدِيثِ
الإِفْكِ:
وَإِنْ كنتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فاستغْفرِي اللَّهَ
، أَيْ قارَبْتِ، وَقِيلَ: اللَّمَمُ مُقارَبةُ الْمَعْصِيَةِ مِنْ
غَيْرِ إِيقاعِ فِعْلٍ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ اللَّمَم صِغَارُ
الذُّنُوبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي الْعَالِيَةِ: إِنَّ اللَّمَم مَا بَيْنَ الحَدَّين حدِّ
الدُّنْيَا وحدِّ الْآخِرَةِ
أَيْ صغارُ الذُّنُوبِ الَّتِي ليس عَلَيْهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا
وَلَا فِي الْآخِرَةِ، والإِلْمَامُ: النزولُ. وقد أَلَمَّ أَي نَزَلَ
بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: لَمَّ بِهِ وأَلَمَّ والْتَمَّ نَزَلَ. وأَلَمَّ
بِهِ: زارَه غِبّاً. اللَّيْثُ: الإِلْمَامُ الزيارةُ غِبّا،
وَالْفِعْلُ أَلْمَمْتُ بِهِ وأَلْمَمْتُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فلانٌ
يَزُورُنَا لِمَاماً أَيْ فِي الأَحايِين. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
اللِّمَامُ اللِّقاءُ اليسيرُ، وَاحِدَتُهَا لَمَّة؛ عَنْ أَبِي
عَمْرٍو. وَفِي حَدِيثِ
جَمِيلَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَوس بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ
رَجُلًا بِهِ لَمَمٌ، فَإِذَا اشْتَدَّ لَمَمُه ظَاهَرَ مِنِ امرأَته
فأَنزل اللَّهُ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: اللَّمَمُ هَاهُنَا الإِلْمامُ بِالنِّسَاءِ
وَشِدَّةُ الْحِرْصِ عَلَيْهِنَّ، وَلَيْسَ مِنَ الْجُنُونِ، فَإِنَّهُ
لَوْ ظَاهَرَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَغُلَامٌ
مُلِمٌّ: قارَب البلوغَ والاحتلامَ. ونَخْلةٌ مُلِمٌّ ومُلِمَّة:
قارَبتِ الإِرْطابَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتْ
أَنْ تُثْمِرَ. والمُلِمَّة: النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ
الدَّهْرِ ونوازِل الدُّنْيَا؛ وَأَمَّا قَوْلُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ:
أُعِيذُه مِنْ حادِثات اللَّمَّهْ
فَيُقَالُ: هُوَ الدَّهْرُ. وَيُقَالُ: الشِّدَّةُ، ووافَق الرجَزَ
مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ وَبَعْدَهُ:
وَمِنْ مُريدٍ هَمَّه وغَمَّهْ
وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
علَّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دُولاتِها ... تُدِيلُنا اللَّمَّةَ مِنْ
لَمَّاتِها،
فتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْراتِها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَحُكِيَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ
يُخْفِضُونَ بِلَعَلَّ، وَأَنْشَدَ:
لعلَّ أَبي المِغْوارِ منكَ قريبُ
وجَمَلٌ مَلْمُومٌ ومُلَمْلَم: مُجْتَمَعٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ،
وَرَجُلٌ مُلَمْلَم: وَهُوَ الْمَجْمُوعُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ. وحجَر
مُلَمْلَم: مُدَمْلَك صُلْب مُسْتَدِيرٌ، وَقَدْ لَمْلَمَه إِذَا
أَدارَه. وَحُكِيَ عَنْ أَعْرَابِيٍّ: جَعَلْنَا نُلَمْلِمُ مِثْلَ
الْقَطَا الكُدْرِيّ مِنَ الثَّرِيدِ، وَكَذَلِكَ الطِّينُ، وَهِيَ
اللَّمْلَمَة. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مُلَمْلَمَة، وَهِيَ المُدارة
الْغَلِيظَةُ الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ الْمُعْتَدِلَةُ الْخَلْقِ.
وكَتيبة مَلْمُومَة ومُلَمْلَمَة: مُجْتَمِعَةٌ، وَحَجَرٌ مَلْموم
وَطِينٌ مَلْموم؛ قَالَ أَبُو النَّجْمِ يَصِفُ هَامَةَ جَمَلٍ:
مَلْمُومة لَمًّا كَظَهْرِ الجُنْبُل
ومُلَمْلَمَة الفيلِ: خُرْطومُه. وَفِي حَدِيثِ
سُوَيْدِ بْنِ غَفلة: أَتَانَا مُصدِّقُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَتاه رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مُلَمْلَمَة فأَبى أَن
يأْخذَها
؛ قَالَ: هِيَ المُسْتدِيرة سِمَناً، مِنَ اللَّمّ الضَّمِّ
وَالْجَمْعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَإِنَّمَا رَدَّهَا لأَنه نُهِي
أَنْ يُؤْخَذَ فِي الزَّكَاةِ خيارُ الْمَالِ. وقَدح مَلْمُوم:
مُسْتَدِيرٌ؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وجَيْش لَمْلَمٌ: كَثِيرٌ
مُجْتَمِعٌ، وحَيٌّ لَمْلَمٌ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ أَحمر:
منْ دُونِهم، إِنْ جِئْتَهم سَمَراً، ... حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَسكَر
(12/550)
وَكَتِيبَةٌ مُلَمْلَمَة ومَلْمُومَة
أَيْضًا أَيْ مُجْتَمِعَةٌ مَضْمُومٌ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.
وَصَخْرَةٌ مَلْمُومة ومُلَمْلَمَة أَيْ مُسْتَدِيرَةٌ صُلْبَةٌ.
واللِّمَّة: شَعْرُ الرأْس، بِالْكَسْرِ، إِذَا كَانَ فَوْقَ الوَفْرة،
وَفِي الصِّحَاحِ؛ يُجاوِز شَحْمَةَ الأُذن، فَإِذَا بَلَغَتِ
الْمَنْكِبَيْنِ فَهِيَ جُمّة. واللِّمَّة: الوَفْرة، وَقِيلَ: فوقَها،
وَقِيلَ: إِذَا أَلَمَّ الشعرُ بِالْمَنْكِبِ فَهُوَ لِمَّة، وَقِيلَ:
إِذَا جاوزَ شَحْمَةَ الأُذن، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الجُمّة، وَقِيلَ:
أَكثرُ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ لِمَمٌ ولِمَامٌ؛ قَالَ ابْنُ مُفَرِّغ:
شَدَخَتْ غُرّة السَّوابِق مِنْهُمْ ... فِي وُجوهٍ مَعَ اللِّمَامِ
الجِعاد
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا رأَيتُ ذَا لِمَّةٍ أَحسَن مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ اللِّمَّةُ مِنْ شَعْرِ الرأْس: دُونَ الجُمّة، سمِّيت بِذَلِكَ
لأَنها أَلمّت بِالْمَنْكِبَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ الجُمّة.
وَفِي حَدِيثِ
رِمْثة: فَإِذَا رَجُلٌ لَهُ لِمَّةٌ
؛ يَعْنِي النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وَذُو
اللِّمَّة: فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذُو اللِّمَّة أَيْضًا: فَرَسُ عُكاشة بْنِ
مِحْصَن. ولِمَّةُ الوتِدِ: مَا تشَعَّثَ مِنْهُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ:
مَا تشَعّث مِنْ رأْس المَوتود بالفِهْر؛ قَالَ:
وأَشْعَثَ فِي الدارِ ذِي لِمَّةٍ ... يُطيلُ الحُفوفَ، وَلَا يَقْمَلُ
وَشَعْرٌ مُلَمَّم ومُلَمْلَمٌ: مَدهون؛ قَالَ:
وَمَا التَّصابي للعُيونِ الحُلَّمِ ... بعدَ ابْيِضاض الشعَرِ
المُلَمْلَمِ
العُيون هُنَا سادةُ الْقَوْمِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الحُلَّم وَلَمْ
يَقُلِ الحالِمة. واللَّمَّةُ: الشَّيْءُ الْمُجْتَمِعُ. واللَّمَّة
واللَّمَم، كِلَاهُمَا: الطَّائِفُ مِنَ الْجِنِّ. وَرَجُلٌ مَلمُوم:
بِهِ لَمَم، وَمَلْمُوسٌ وممسُوس أَيْ بِهِ لَمَم ومَسٌّ، وَهُوَ مِنَ
الْجُنُونِ. واللَّمَمُ: الْجُنُونُ، وَقِيلَ طرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ
يُلِمُّ بالإِنسان، وَهَكَذَا كلُّ مَا ألمَّ بالإِنسان طَرَف مِنْهُ؛
وَقَالَ عُجَير السَّلُولِيُّ:
وخالَطَ مِثْل اللَّحْمِ واحتَلَّ قَيْدَه، ... بِحَيْثُ تَلاقَى عامِر
وسَلولُ
وَإِذَا قِيلَ: بِفُلَانٍ لَمّةٌ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْجِنَّ تَلُمّ
الأَحْيان «2» . وَفِي حَدِيثِ
بُرَيدة: أَنَّ امْرَأَةً أَتت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ لَمَماً بابنتِها
؛ قَالَ شَمِرٌ: هُوَ طرَف مِنَ الْجُنُونِ يُلِمُّ بالإِنسان أَيْ
يَقْرُبُ مِنْهُ وَيَعْتَرِيهِ، فَوَصَفَ لَهَا الشُّونِيزَ وَقَالَ:
سيَنْفَع مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا السامَ وَهُوَ الْمَوْتُ. وَيُقَالُ:
أَصابتْ فُلَانًا مِنَ الْجِنِّ لَمَّةٌ، وَهُوَ المسُّ والشيءُ
الْقَلِيلُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَإِذَا وَذَلِكَ، يَا كُبَيْشةُ، لَمْ يَكُنْ ... إِلَّا كَلِمَّة
حالِمٍ بخَيالٍ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فَإِذَا وَذَلِكَ مُبْتَدَأٌ،
وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ: كَذَا ذَكَرَهُ الأَخفش وَلَمْ يَكُنْ
خبرُه: وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِحَبَّابِ بْنِ عَمَّارٍ
السُّحَيمي:
بَنو حَنيفة حَيٌّ حِينَ تُبْغِضُهم، ... كأنَّهم جِنَّةٌ أَوْ مَسَّهم
لَمَمُ
واللَّامَّةُ: مَا تَخافه مِنْ مَسٍّ أَوْ فزَع. واللامَّة: الْعَيْنُ
المُصيبة وَلَيْسَ لَهَا فِعْلٌ، هُوَ مِنْ بَابِ دارِعٍ. وَقَالَ
ثَعْلَبٌ: اللامَّة مَا أَلمَّ بِكَ ونظَر إِلَيْكَ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. والعَين اللامَّة: الَّتِي تُصيب
بِسُوءٍ. يُقَالُ: أُعِيذُه مِنْ كلِّ هامّةٍ ولامَّة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يُعَوِّذ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
__________
(2) . قوله: تلم الأحيان؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد تلمّ به بعض
الأَحيان
(12/551)
أَنَّهُ عَوَّذ ابْنَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ
أَبُوكُمْ إبراهيمُ يُعَوِّذ إسحاق ويعقوب بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ:
أُعِيذُكُما بِكَلِمَةِ اللَّهِ التَّامَّهْ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
وَهَامَّةٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ شرِّ كُلِّ سَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّة
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ لامَّة وَلَمْ يَقُلْ مُلِمَّة،
وَأَصْلُهَا مِنْ أَلْمَمْت بِالشَّيْءِ تأْتيه وتُلِمّ بِهِ ليُزاوِج
قَوْلَهُ مِنْ شرِّ كُلِّ سَامَّةٍ، وَقِيلَ: لأَنه لَمْ يُرَد طريقُ
الْفِعْلِ، وَلَكِنْ يُراد أَنَّهَا ذاتُ لَمَمٍ فَقِيلَ عَلَى هَذَا
لامَّة كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
كِلِيني لِهَمٍّ، يَا أُمَيْمة، ناصِب
وَلَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَقَالَ مُنْصِب. وَقَالَ اللَّيْثُ: العينُ
اللامَّة هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تُصيب الإِنسان، وَلَا يَقُولُونَ
لَمَّتْه العينُ وَلَكِنْ حُمِلَ عَلَى النَّسَبِ بِذِي وَذَاتِ. وَفِي
حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لِابْنِ آدَمَ لَمَّتَان: لَمّة مِنَ المَلَك،
ولَمّة مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَمَّا لَمَّة الْمَلَكِ فاتِّعادٌ
بِالْخَيْرِ وتَصْديق بِالْحَقِّ وَتَطْيِيبٌ بِالنَّفْسِ، وَأَمَّا
لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فاتِّعادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ
وَتَخْبِيثٌ بِالنَّفْسِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَأَمَّا لَمَّة الملَك فيَحْمَد اللهَ عَلَيْهَا ويتعوَّذ مِنْ لَمَّة
الشَّيْطَانِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: اللَّمَّة الهَمّة والخَطرة تَقَعُ فِي الْقَلْبِ؛
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَرَادَ إلمامَ المَلَك أَوِ الشَّيْطَانِ بِهِ
والقربَ مِنْهُ، فَمَا كَانَ مِنْ خَطَرات الْخَيْرِ فَهُوَ مِنَ
المَلك، وَمَا كَانَ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّرِّ فَهُوَ مِنَ
الشَّيْطَانِ. واللَّمَّة: كَالْخَطْرَةِ والزَّوْرة والأَتْية؛ قَالَ
أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وَكَانَ، إِذَا مَا الْتَمَّ مِنْهَا بحاجةٍ، ... يراجعُ هِتْراً مِنْ
تُماضِرَ هاتِرا
يَعْنِي دَاهِيَةً، جَعَلَ تُماضِر، اسْمَ امْرَأَةٍ، دَاهِيَةً.
قَالَ: والْتَمَّ مِنَ اللَّمّة أَيْ زَارَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ
لِلشَّيْطَانِ لَمَّةٌ أَيْ دُنُوٌّ، وَكَذَلِكَ للمَلك لَمَّة أَيْ
دُنوّ. ويَلَمْلَم وأَلَمْلَم عَلَى الْبَدَلِ: جَبَلٌ، وَقِيلَ:
مَوْضِعٌ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ مِيقاتٌ، وَفِي الصِّحَاحِ:
مِيقاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ؛ وَلَا أَدْرِي مَا
عَنى بِهَذَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِيقَاتُ هُنَا
مَعْلَماً مِنْ مَعالِم الْحَجِّ، التَّهْذِيبُ: هُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ
الْيَمَنِ للإِحرام بِالْحَجِّ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ. التَّهْذِيبُ:
وَأَمَّا لَمَّا، مُرْسَلة الأَلِف مشدَّدة الْمِيمِ غَيْرُ
مُنَوَّنَةٍ، فَلَهَا معانٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَحَدُهَا أَنَّهَا
تَكُونُ بِمَعْنَى الْحِينَ إِذَا ابْتُدِئَ بِهَا، أَوْ كَانَتْ
مَعْطُوفَةً بِوَاوٍ أَوْ فاءٍ وأُجِيبت بِفِعْلٍ يَكُونُ جَوَابَهَا
كَقَوْلِكَ: لَمَّا جَاءَ الْقَوْمُ قاتَلْناهم أي حينَ جاؤُوا
كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ
، وَقَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَ
؛ مَعْنَاهُ كُلُّهُ حِينَ؛ وَقَدْ يُقَدَّمُ الجوابُ عَلَيْهَا
فَيُقَالُ: اسْتَعَدَّ القومُ لِقِتَالِ العَدُوِّ لَمَّا أَحَسُّوا
بِهِمْ أَيْ حِينَ أَحَسُّوا بِهِمْ، وَتَكُونُ لَمَّا بِمَعْنَى لَمِ
الْجَازِمَةِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا
عَذابِ
؛ أَيْ لَمْ يَذُوقُوهُ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى إلَّا فِي قَوْلِكَ:
سأَلتكَ لَمَّا فَعَلَتْ، بِمَعْنَى إِلَّا فَعَلْتَ، وَهِيَ لُغَةُ
هُذَيْلٍ بِمَعْنَى إِلَّا إِذَا أُجيب بِهَا إِنَّ الَّتِي هِيَ جَحْد
كَقَوْلِهِ عزَّ وَجَلَّ: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ
، فِيمَنْ قرأَ بِهِ، مَعْنَاهُ مَا كَلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا
حَافِظٌ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ
لَدَيْنا مُحْضَرُونَ
؛ شَدَّدَهَا عَاصِمٌ، وَالْمَعْنَى مَا كُلٌّ إِلَّا جَمِيعٌ
لَدَيْنَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمَّا إِذَا وُضِعت فِي مَعْنَى
إِلَّا فكأَنها لمْ ضُمَّت إِلَيْهَا مَا، فَصَارَا جَمِيعًا بِمَعْنَى
إِنَّ الَّتِي تَكُونُ جَحداً، فَضَمُّوا إِلَيْهَا لَا فَصَارَا
جَمِيعًا حَرْفًا وَاحِدًا وَخَرَجَا مِنْ حَدِّ الْجَحْدِ، وَكَذَلِكَ
لَمَّا؛ قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلِهِمْ: لَوْلَا، إِنَّمَا هِيَ
لَوْ وَلَا جُمِعتا، فَخَرَجَتْ لَوْ مِنْ حدِّها وَلَا مِنَ الْجَحْدِ
إِذْ جُمِعتا فصُيِّرتا حَرْفًا؛ قَالَ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ
لَا أَعرفَ وَجْهَ لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ:
وَمِمَّا يدُلُّك عَلَى أَنَّ لَمَّا
(12/552)
تُكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا مَعَ إِنَّ
الَّتِي تَكُونُ جَحْدًا قولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ كُلٌّ
إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ؛ وَهِيَ قِرَاءَةُ قُرّاء الأَمْصار؛ وَقَالَ
الْفَرَّاءُ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ:
إِنْ كلُّهم لَمَّا كَذَّبَ الرسلَ
، قَالَ: وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: لَمَّا تُكُونُ
انتِظاراً لِشَيْءٍ متوقَّع، وَقَدْ تَكُونُ انْقِطَاعَةً لِشَيْءٍ
قَدْ مَضَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كَقَوْلِكَ: لَمَّا غابَ
قُمْتُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمَّا تَكُونُ جَحْدًا فِي مَكَانٍ،
وَتَكُونُ وَقْتًا فِي مَكَانٍ، وَتَكُونُ انْتِظَارًا لِشَيْءٍ
متوقَّع فِي مَكَانٍ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا فِي مَكَانٍ،
تَقُولُ: بِاللَّهِ لَمَّا قمتَ عَنَّا، بِمَعْنَى إِلَّا قمتَ عَنَّا؛
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا
لَيُوَفِّيَنَّهُمْ
، فَإِنَّهَا قُرِئَتْ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً، فَمَنْ خَفَّفَهَا
جَعَلَ مَا صِلَةً، الْمَعْنَى وَإِنَّ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ
ربُّك أَعمالَهم، وَاللَّامُ فِي لَمَّا لَامُ إِنَّ، وَمَا زَائِدَةٌ
مُؤَكَّدَةٌ لَمْ تُغيِّر الْمَعْنَى وَلَا العملَ؛ وَقَالَ
الْفَرَّاءُ فِي لَمَا هَاهُنَا، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلًا آخَرَ جَعَلَ
مَا اسْماً لِلنَّاسِ، كَمَا جَازَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا
مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ؛ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَن طابَ
لَكُمْ؛ الْمَعْنَى وَإِنْ كُلًّا لَما ليوفِّينَهم، وَأَمَّا اللَّامُ
الَّتِي فِي قَوْلِهِ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ فَإِنَّهَا لامٌ دَخَلَتْ
عَلَى نِيَّةِ يمينٍ فِيمَا بَيْنَ مَا وَبَيْنَ صِلَتِهَا، كَمَا
تَقُولُ هَذَا مَنْ لَيذْهبَنّ، وَعِنْدِي مَنْ لَغيرُه خيْرٌ مِنْهُ؛
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ
لَيُبَطِّئَنَّ؛ وَأَمَّا مَن شدَّد لَمَّا مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا
لَيُوَفِّيَنَّهُمْ
فَإِنَّ الزَّجَّاجَ جَعَلَهَا بِمَعْنَى إِلَّا، وَأَمَّا الْفَرَّاءُ
فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ لَمَنْ مَا، ثُمَّ قُلِبَتِ النُّونُ
مِيمًا فَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ، فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُنَّ
وَهِيَ الْوُسْطَى فَبَقِيَتْ لمَّا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا
الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَيْضًا لأَن مَنْ «1» .... لَا يَجُوزُ
حَذْفُهَا لأَنها اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ، قَالَ: وَزَعَمَ
الْمَازِنِيُّ أَنَّ لَمَّا أَصْلُهَا لمَا، خَفِيفَةٌ، ثُمَّ شدِّدت
الْمِيمُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ
أَيضاً لأَن الْحُرُوفَ نَحْوَ رُبَّ وَمَا أَشبهها يُخَفَّفُ، وَلَا
يثَقّل مَا كَانَ خَفِيفًا فَهَذَا مُنْتَقِضٌ، قَالَ: وَهَذَا جَمِيعُ
مَا قَالُوهُ فِي لمَّا مُشَدَّدَةً، وَمَا ولَما مُخَفَّفَتَانِ
مَذْكُورَتَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا. ابْنُ سِيدَهْ: ومِن خَفيفِه لَمْ
وَهُوَ حَرْفٌ جَازِمٌ يُنْفَى بِهِ مَا قَدْ مَضَى، وَإِنْ لَمْ
يَقَعْ بَعْدَه إِلَّا بِلَفْظِ الْآتِي. التَّهْذِيبُ: وَأَمَّا لَمْ
فَإِنَّهُ لَا يَلِيهَا إِلَّا الْفِعْلُ الغابِرُ وَهِيَ تَجْزِمُه
كَقَوْلِكَ: لَمْ يفعلْ ولَمْ يسمعْ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: لَمْ عزيمةُ فِعْلٍ قَدْ مَضَى، فَلَمَّا جُعِلَ
الْفِعْلُ مَعَهَا عَلَى جِهَةِ الْفِعْلِ الْغَابِرِ جُزِمَ، وَذَلِكَ
قَوْلُكَ: لَمْ يخرُجْ زيدٌ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا خرَجَ زَيْدٌ،
فَاسْتَقْبَحُوا هَذَا اللَّفْظَ فِي الْكَلَامِ فحمَلوا الْفِعْلَ
عَلَى بِنَاءِ الْغَابِرِ، فَإِذَا أُعِيدَت لَا وَلَا مَرَّتَيْنِ
أَوْ أَكثرَ حَسُنَ حِينَئِذٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا
صَدَّقَ وَلا صَلَّى؛ أَيْ لَمْ يُصَدِّق ولَمْ يُصَلِّ، قَالَ:
وَإِذَا لَمْ يُعد لَا فَهُوَ فِي الْمَنْطِقِ قَبِيحٌ، وَقَدْ جَاءَ؛
قَالَ أُمَيَّةُ:
وأيُّ عَبدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا؟
أَيْ لَمْ يُلِمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: لمْ حرفُ نَفْيٍ لِما مَضَى،
تَقُولُ: لَمْ يفعلْ ذَاكَ، تُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
الْفِعْلُ مِنْهُ فِيمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، وَهِيَ جَازِمَةٌ،
وَحُرُوفُ الْجَزْمِ: لَمْ ولَمَّا وأَلَمْ وأَلَمّا؛ قَالَ
سِيبَوَيْهِ: لَمْ نفيٌ لِقَوْلِكَ هُوَ يَفْعَلُ إِذَا كَانَ فِي
حَالِ الْفِعْلِ، ولَمَّا نفْيٌ لِقَوْلِكَ قَدْ فَعَلَ، يَقُولُ
الرجلُ: قَدْ ماتَ فلانٌ، فَتَقُولُ: لَمَّا ولَمْ يَمُتْ، ولَمَّا
أَصله لَمْ أُدخل عَلَيْهِ مَا، وَهُوَ يَقَعُ مَوْقِعَ لَمْ، تَقُولُ:
أَتيتُك ولَمَّا أَصِلْ إِلَيْكَ أَيْ وَلَمْ أَصِلْ إِلَيْكَ، قَالَ:
وَقَدْ يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى لَمْ فَتَكُونُ جَوَابًا
وَسَبَبًا لِما وقَع ولِما لَمْ يَقع، تَقُولُ: ضَرَبْتُهُ لَمَّا ذهبَ
وَلَمَّا لَمْ يذهبْ، وَقَدْ يُخْتَزَلُ الْفِعْلُ بَعْدَهُ تَقُولُ:
قاربْتُ المكانَ ولَمَّا، تُرِيدُ ولمَّا أَدخُلْه؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ
بري:
__________
(1) . هكذا بياض بالأصل
(12/553)
فجئتُ قُبورَهم بَدْأً ولَمَّا، ...
فنادَيْتُ القُبورَ فَلَمْ تُجِبْنَه
البَدْءُ: السيِّدُ أَيْ سُدْتُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَقَوْلُهُ:
ولَمَّا أَيْ وَلَمَّا أَكن سيِّداً، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ
يُخْتَزَلَ الفعلُ بَعْدَ لمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَّا جوابٌ
لِقَوْلِ الْقَائِلِ قَدْ فعلَ فلانٌ، فَجَوَابُهُ: لَمَّا يفعلْ،
وَإِذَا قَالَ فَعل فَجَوَابُهُ: لَمْ يَفعلْ، وَإِذَا قَالَ لَقَدْ
فَعَلَ فَجَوَابُهُ: مَا فَعَلَ، كأَنه قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلَ
فَقَالَ الْمُجِيبُ وَاللَّهِ مَا فَعَلَ، وَإِذَا قَالَ: هُوَ
يَفْعَلُ، يُرِيدُ مَا يُسْتَقْبَل، فَجَوَابُهُ: لَن يفعلَ وَلَا
يفعلُ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ. قَالَ: ولِمَ،
بِالْكَسْرِ، حَرْفٌ يُسْتَفْهَمُ بِهِ، تَقُولُ: لِمَ ذهبتَ؟ ولك أن
تدخل عَلَيْهِ مَا ثُمَّ تَحْذِفَ مِنْهُ الأَلف، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ
؟ وَلَكَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَيْهَا الْهَاءَ فِي الْوَقْفِ فَتَقُولُ
لِمَهْ؛ وَقَوْلُ زِيَادٍ الأَعْجم؛
يَا عَجَبا والدَّهرُ جَمٌّ عَجَبُهْ، ... مِنْ عَنَزِيٍّ سبَّني لَمْ
أَضْرِبُهْ
فَإِنَّهُ لَمَّا وَقَفَ عَلَى الْهَاءِ نَقَلَ حَرَكَتُهَا إِلَى مَا
قَبْلَهَا، وَالْمَشْهُورُ فِي الْبَيْتِ الأَول:
عَجِبْتُ والدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قولُ الْجَوْهَرِيِّ لِمَ حرفٌ يُسْتَفْهَمُ
بِهِ، تَقُولُ لِمَ ذهبتَ؟ وَلَكَ أن تدخل عليه ما، قَالَ: وَهَذَا
كَلَامٌ فَاسِدٌ لأَن مَا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي لِمَ، وَاللَّامُ هِيَ
الدَّاخِلَةُ عَلَيْهَا، وَحُذِفَتْ أَلفها فَرْقًا بَيْنَ
الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَالْخَبَرِيَّةِ، وَأَمَّا أَلَمْ فالأَصل
فِيهَا لَمْ، أُدْخِل عَلَيْهَا أَلفُ الِاسْتِفْهَامِ، قَالَ:
وَأَمَّا لِمَ فَإِنَّهَا مَا الَّتِي تَكُونُ اسْتِفْهَامًا وُصِلَت
بِلَامٍ، وَسَنَذْكُرُهَا مَعَ مَعَانِي اللَّامَاتِ وَوُجُوهِهَا،
إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
لهم: اللَّهْمُ: الابْتِلاعُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ لَهِمْتُ الشيءَ
وقَلَّما يُقَالُ إِلا الْتَهَمْت، وَهُوَ ابتلاعُكه بِمَرَّةٍ، قَالَ
جَرِيرٌ:
مَا يُلْقَ فِي أَشْداقِه تَلَهَّما «2»
ولَهِمَ الشيءَ لَهْماً ولَهَماً وتَلَهَّمَه والْتَهَمَه: ابْتَلعَه
بِمَرَّةٍ. وَرَجُلٌ لَهِمٌ ولُهَمٌ ولَهُومٌ: أَكولٌ. والمِلْهَمُ:
الكثيرُ الأَكْلِ. والْتَهَمَ الفصيلُ مَا فِي الضَّرْعِ: اسْتَوْفاه.
ولَهِمَ الماءَ لَهْماً: جرَعه، قَالَ:
جابَ لَهَا لُقْمانُ، فِي قِلاتِها، ... مَاءً نَقُوعاً لِصَدَى
هاماتِها،
تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلاتِها
وجَيْشٌ لُهامٌ: كَثِيرٌ يَلْتَهِم كُلَّ شَيْءٍ ويَغْتَمِر مَنْ
دَخَلَ فِيهِ أَي يُغَيِّبُه ويَسْتَغْرِقُه. واللُّهَامُ: الْجَيْشُ
الْكَثِيرُ كأَنه يَلْتَهِم كُلَّ شَيْءٍ. واللُّهَيْمُ وأُمُّ
اللُّهَيم: الحمَّى، «3» كِلَاهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ بالمَنِيَّة.
قَالَ شَمِرٌ: أُمُّ اللُّهَيْم كُنْيَةُ الْمَوْتِ لأَنه يَلْتَهِم
كُلَّ أَحد. واللُّهَيْمُ: الدَّاهِيَةُ، وَكَذَلِكَ أُمُّ اللُّهَيْم،
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَقُوا أُمَّ اللُّهَيْم، فجَهَّزَتْهم ... غَشُوم الوِرْدِ نَكْنِيها
المَنونا
واللِّهَمُّ مِنَ الرِّجَالِ: الرَّغِيبُ الرأْي الْكَافِي العظيمُ،
وَقِيلَ: هُوَ الجوادُ، وَالْجَمْعُ لِهَمُّون، وَلَا توصَف بِهِ
النِّسَاءُ. وفرسٌ لِهَمٌّ، عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ، ولِهْمِيمٌ
ولُهْمُومٌ: جَوادٌ سَابِقٌ يَجْرِي أَمام الْخَيْلِ لالْتِهامِه
الأَرض، وَالْجَمْعُ لَهامِيمُ. الْجَوْهَرِيُّ: اللُّهْمومُ
__________
(2) . قوله" قَالَ جَرِيرٌ مَا يُلْقَ إلخ" عبارة التهذيب: قال جرير:
كَذَاكَ اللَّيْثُ يَلْتَهِمُ الذُّبَابَا
وقال آخر: ما يلق إلخ. وفي التكملة: قال رؤبة يصف أسداً ما يلق إلخ.
(3) . قوله" واللُّهَيم وَأُمُّ اللُّهَيم الْحُمَّى" عبارة المحكم:
واللُّهَيْم وأم اللُّهَيْم المنية لأَنها تلتهم كل أحد، واللُّهَيْم
وَأُمُّ اللُّهَيْم الْحُمَّى كلاهما إلخ.
(12/554)
الجوادُ مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ،
وَقَالَ:
لَا تَحْسَبنَّ بَياضاً فِيَّ مَنْقَصةً، ... إِنّ اللَّهامِيمَ فِي
أَقرابِها بَلَق
وَفَرَسٌ لِهَمٌّ، مِثْلُ هِجَفٍّ: سَبّاق كأَنه يَلْتَهِم الأَرض.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: وأَنتم لَهامِيمُ الْعَرَبِ
، جَمْعُ لُهْمومٍ الْجَوَادُ مِنَ النَّاسِ والخيلِ، وَحَكَى
سِيبَوَيْهِ لِهْمِم وَهُوَ مُلْحَقٌ بزِهْلِقٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ
يُدْغَم، وَعَلَيْهِ وُجِّه قولُ غَيْلان:
شَأْو مُدِلّ سابِق اللَّهامِمِ
قَالَ: ظَهَرَ فِي الْجَمْعِ لأَنَّ مِثلَ وَاحِدِ هَذَا لَا يُدْغَم.
واللُّهْمومُ مِنَ الأَحْراحِ: الواسعُ. وَنَاقَةٌ لُهْمُومٌ: غَزيرة
القَطْرِ «1» . واللُّهُومُ مِنَ النُّوقِ: الغزيرةُ اللَّبَنِ.
وإِبِلٌ لَهَامِيمُ إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً، وَاحِدُهَا لُهْمُومٌ،
وَكَذَلِكَ إِذا كَانَتْ كثيرةَ الْمَشْيِ، وأَنشد الرَّاعِي:
لَهَامِيمُ فِي الخَرْقِ البَعيدِ نِياطُه
واللِّهَمُّ: الْعَظِيمُ. وَرَجُلٌ لِهَمٌّ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ،
مِثْلُ خِضمّ. وعدَدٌ لُهْمُومٌ: كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ جَيْشٌ
لُهْمُومٌ. وَجَمَلٌ لِهْمِيمٌ: عَظِيمُ الْجَوْفِ. وبَحْرٌ لِهَمٌّ:
كَثِيرُ الْمَاءِ. وأَلْهَمَه اللَّهُ خَيْراً: لَقَّنَه إِيّاه.
واسْتَلْهَمَه إِيّاه: سأَله أَن يُلْهِمَه إِيّاه. والإِلْهَامُ: مَا
يُلْقى فِي الرُّوعِ. ويَسْتَلْهِمُ اللَّهَ الرَّشادَ، وأَلْهَمَ
اللَّهُ فُلَانًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَسأَلك رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تُلْهِمُني بِهَا رُشْدي
، الإِلْهَامُ أَن يُلْقِيَ اللَّهُ فِي النَّفْسِ أَمراً يَبْعَثُه
«2» عَلَى الْفِعْلِ أَو التَّرْكِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الوَحْي،
يَخُصُّ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ. واللِّهْمُ:
المُسِنُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: اللِّهْمُ الثَّوْرُ المُسِنّ،
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ لُهومٌ، قَالَ صخرُ الْغَيِّ يَصِفُ
وَعِلًا:
بِهَا كَانَ طِفْلًا، ثُمَّ أَسْدَسَ فاسْتَوى، ... فأَصبَحَ لِهْماً
فِي لُهومٍ قَراهِبِ
وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
لاهُمَّ لَا أَدْرِي، وأَنْتَ الدَّارِي، ... كلُّ امْرىءٍ مِنْكَ
عَلَى مِقْدارِ
يُرِيدُ اللَّهُمَّ، وَالْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ فِي آخِرِهِ عِوَضٌ
مِنْ يَاءِ النِّدَاءِ لأَنّ مَعْنَاهُ يَا اللَّه. ابْنُ الأَعرابي:
الهُلُمُ ظِباء الْجِبَالِ، وَيُقَالُ لَهَا اللُّهُم، وَاحِدُهَا
لِهْمٌ، وَيُقَالُ فِي الْجَمْعِ لُهومٌ أَيضاً، قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ
الجُولان والثَّياتِل والأَبدانُ والعَنَبانُ والبَغابِغ. ابْنُ
الأَعرابي: إِذا كَبِرَ الوَعِلُ فَهُوَ لِهْمٌ، وجمعُه لُهُومٌ،
وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ ذَلِكَ لِبَقْرِ الْوَحْشِ أَيضاً، وأَنشد:
فأَصبح لِهْماً فِي لُهومٍ قَرَاهِبِ
ومَلْهَمٌ: أَرض: قَالَ طَرَفَةُ:
يَظَلُّ نِساءُ الحَيِّ يَعْكُفْنَ حَوْلَه، ... يَقُلْنَ عَسِيبٌ مِنْ
سَرارةِ مَلْهَمَا
وَقَدْ ذَكَرَهُ التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي
فَصْلِ الميم.
لهجم: طريقٌ لَهْجَمٌ ولَهْمج: موطوءٌ بَيّنٌ مُذلّل مُنقاد وَاسِعٌ
قَدْ أَثر فِيهِ السابلةُ حَتَّى اسْتَتَبَّ، وكأَن الْمِيمَ فِيهِ
زَائِدَةٌ والأَصل فِيهِ لَهِجَ وَقَدْ تَلَهْجَم، وَيَكُونُ
تَلَهْجُمُ الطَّرِيقِ سَعتَه واعتيادَ الْمَارَّةِ إِيَّاهُ.
الْفَرَّاءُ: طريقٌ لَهْجَمٌ وَطَرِيقٌ مُذنَّبٌ وَطَرِيقٌ مُوقَّعٌ
أَيْ مُذلَّل. وتَلَهْجَمَ لَحْيَا البعيرِ إِذَا تحرَّكا؛ قَالَ
حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الهلاليّ:
__________
(1) . قوله" غزيرة القطر" عبارة المحكم: وناقة لُهْمُوم غزيرة، ورجل
لهم ولُهْمُوم غزير الخير، وسحابة لُهْمُوم غزيرة القطر.
(2) . قوله: يبعثه أي يبعث المُلهَمَ.
(12/555)
كأَنّ وَحَى الصِّردانِ فِي جَوفِ ضالةٍ
... تَلَهْجُمُ لَحْيَيه، إِذَا مَا تَلَهْجَمَا
يَقُولُ: كأَنّ تَلَهْجُمَ لَحْيَيْ هَذَا الْبَعِيرِ وَحَى
الصِّرْدانِ، قَالَ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْمِيمُ فِيهِ
زَائِدَةً، وأَصله مِنَ اللَّهَج، وَهُوَ الوُلوعُ. والتَّلَهْجُمُ:
الوُلوعُ بِالشَّيْءِ. واللَّهْجَمُ: العُسُّ الضَّخْمُ؛ وَأَنْشَدَ
أَبُو زَيْدٍ:
ناقةُ شيخٍ للإِلهِ راهِبِ، ... تَصُفُّ فِي ثَلاثةِ المَحالِبِ:
فِي اللَّهْجَمَيْنِ والْهنِ المُقارِبِ
يَعْنِي بالمُقارِب العُسَّ بين العُسَّينِ.
لهذم: سيفٌ لَهْذمٌ: حادٌّ، وَكَذَلِكَ السِّنان والنابُ. ولَهْذَمَ
الشَّيْءَ: قطَعه. واللَّهاذِمةُ: اللُّصوص؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وأَصله مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَعرف لَهُ وَاحِدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ
وَاحِدُهُ مُلَهْذِماً، وَتَكُونَ الْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ. وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: اللَّهْذَمَةُ فِي كلِّ شَيْءٍ قاطعٍ. غَيْرُهُ: وَيُقَالُ
اللُّصوصُ لَهَاذِمةٌ وقَراضِبةٌ، مِنْ لَهْذَمْتُه وقَرْضَبْتُه إِذَا
قَطَعْتُهُ. اللَّيْثُ: اللَّهْذَمُ كلُّ شَيْءٍ مِنْ سِنانٍ أَوْ
سَيْفٍ قاطِع، ولَهْذَمَتُه فِعْلُه. والتَّلَهْذُمُ: الأَكْلُ؛ قَالَ
سُبَيْع:
لَولا الإِلهُ وَلَوْلَا حَزْمُ طالبِها ... تَلَهْذَمُوها،
كَمَا نالُوا مِنَ العِيرِ
لهزم: الأَزهري: اللِّهْزِمَتانِ مَضِيغتان عَليَّتان فِي أَصْلِ
الحَنكين فِي أَسفل الشِّدْقَيْن، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَضِيغَتَانِ فِي
أَصل الحَنكِ، وَقِيلَ: عِنْدَ مُنْحَنَى اللَّحْيَين أَسْفَلَ مِنَ
الأُذُنين وَهُمَا مُعْظَمُ اللَّحْيَيْن، وَقِيلَ: هُمَا مَا تَحْتَ
الأُذنين مِنْ أَعْلَى اللَّحْيَيْنِ والخدَّين، وَقِيلَ: هُمَا
مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ والأُذُن مِنَ اللَّحْي. وَفِي
حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والنَّسَّابة: أَمِنْ هامِها
أَوْ لَهَازِمها
أَيْ مِنْ أَشرافها أَنت أَو مِنْ أَوساطها؛ واللَّهَازِمُ: أُصولُ
الْحَنَكَيْنِ، واحدتُها لِهْزِمة، بِالْكَسْرِ، فَاسْتَعَارَهَا
لِوَسط النَّسَبِ والقبيلةِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
ثُمَّ يأْخذ بِلِهْزِمَتَيه
؛ يَعْنِي شِدْقَيْهِ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمان ناتئانِ فِي
اللَّحْيَيْنِ تَحْتَ الأَذنين، وَقِيلَ: هُمَا مَضِيغَتَانِ عَلِيّتان
تَحْتَهُمَا، وَالْجَمْعُ اللَّهَازم؛ قَالَ:
يَا خازِ بازِ أرْسِل اللَّهَازِما، ... إِنِّي أخافُ أَنْ تكونَ
لازِما
وقال آخَرُ:
أَزوحٌ أَنوحٌ مَا يَهَشُّ إِلَى النَّدَى، ... قَرَى مَا قَرَى
للضِّرْس بينَ اللَّهَازِمِ
ولَهْزَمَه: أَصابَ لِهْزِمَته. ولَهْزَمَ الشيبُ خَدَّيْهِ أَيْ
خالَطَهُما؛ وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ لأَحد بَنِي فَزارة:
إمَّا تَرَيْ شَيْباً عَلاني أَغْثَمُهْ، ... لَهْزَمَ خَدَّيَّ بِهِ
مُلَهْزِمُهْ
ولَهَزَه الشيبُ ولَهْزَمَه بِمَعْنًى. واللَّهَازِمُ عِجْلٌ، وتَيْم
اللَّات، وقَيْس بْنُ ثَعْلَبَةَ، وعَنَزة. الْجَوْهَرِيُّ: وتَيْم
اللَّهِ بْنُ ثَعْلبة بْنِ عُكابةَ يُقَالُ لَهُم اللَّهَازِم، وهم
حُلَفاءُ بَنِي عِجْلٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ
الْفَرَزْدَقِ:
وَقَدْ ماتَ بِسْطامُ بنُ قَيْسٍ وعامِرٌ.، ... وماتَ أَبُو غَسَّانَ
شيخُ اللَّهَازِمِ
لهسم: لَهْسَمَ مَا عَلَى الْمَائِدَةِ: أَكَلَه أَجمَعَ. وَفِي
النَّوَادِرِ: اللَّهَاسِمُ واللَّحاسِمُ مَجَارِي الأَوْدية الضيِّقة،
واحدُها لُهْسُمٌ ولُحْسُمٌ، وهي اللّخافِيقُ.
(12/556)
لوم: اللّومُ واللّوْماءُ واللّوْمَى
واللَّائِمَة: العَدْلُ. لَامَه عَلَى كَذَا يَلُومُه لَوْماً ومَلاماً
وَمَلَامَةً ولَوْمةً، فَهُوَ مَلُوم ومَلِيمٌ: استحقَّ اللَّوْمَ؛
حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا عَدَلُوا إِلَى الْيَاءِ
وَالْكَسْرَةِ اسْتِثْقَالًا لِلْوَاوِ مَعَ الضَّمَّة. وأَلامَه
ولَوَّمَه وأَلَمْتُه: بِمَعْنَى لُمْتُه؛ قَالَ مَعْقِل بْنُ خُوَيلد
الْهُذَلِيُّ:
حَمِدْتُ اللهَ أَنْ أَمسَى رَبِيعٌ، ... بدارِ الهُونِ، مَلْحِيّاً
مُلامَا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لُمْتُ الرجلَ وأَلَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ،
وَأَنْشَدَ بَيْتَ مَعْقِل أَيْضًا؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
ربِذٍ يَداه بالقِداح إِذَا شَتَا، ... هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ
مُلَوِّمِ
أَيْ يُكْرَم كَرَماً يُلامُ مِنْ أَجله، ولَوَّمَه شَدَّدَ
لِلْمُبَالَغَةِ. واللُّوَّمُ: جَمْعُ اللَّائِم مِثْلُ راكِعٍ
ورُكَّعٍ. وَقَوْمٌ لُوَّامٌ ولُوَّمٌ ولُيَّمٌ: غُيِّرت الواوُ
لِقُرْبِهَا مِنَ الطَّرَفِ. وأَلامَ الرجلُ: أَتى مَا يُلامُ
عَلَيْهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلَامَ صارَ ذَا لَائِمَةٍ. ولَامَه:
أَخْبَرَ بِأَمْرِهِ. واسْتلامَ الرجلُ إِلَى النَّاسِ أَيْ استَذَمَّ.
واستَلامَ إِلَيْهِمْ: أَتى إِلَيْهِمْ مَا يَلُومُونه عَلَيْهِ؛ قَالَ
الْقُطَامِيُّ:
فمنْ يَكُنِ اسْتَلامَ إِلَى نَوِيٍّ، ... فَقَدْ أَكْرَمْتَ، يَا
زُفَر، الْمُتَاعَا
التَّهْذِيبُ: أَلامَ الرجلُ، فَهُوَ مُليم إِذَا أَتى ذَنْباً يُلامُ
عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ
مُلِيمٌ
. وَفِي النَّوَادِرِ: لَامَني فلانٌ فالْتَمْتُ، ومَعّضَني
فامْتَعَضْت، وعَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، وحَضَّني فاحْتَضَضت، وأَمَرني
فأْتَمَرْت إِذَا قَبِلَ قولَه مِنْهُ. وَرَجُلٌ لُومَة: يَلُومُه
النَّاسُ. ولُوَمَة: يَلُومُ النَّاسُ مِثْلُ هُزْأَة وهُزَأَة.
وَرَجُلٌ لُوَمَة: لَوّام، يَطَّرِدُ عَلَيْهِ بابٌ «1» ...
ولاوَمْتُه: لُمْته ولامَني. وتَلاوَمَ الرجُلان: لامَ كلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا صاحبَه. وجاءَ بلَوْمَةٍ أَيْ مَا يُلامُ عَلَيْهِ.
والمُلاوَمَة: أَنْ تَلُوم رَجُلًا ويَلُومَك. وتَلاوَمُوا: لَامَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَلاوَموا بَيْنَهُمْ
أَيْ لامكَ بعضُهم بَعْضًا، وَهِيَ مُفاعلة مِنْ لامَه يَلومه لَوماً
إِذَا عذَلَه وعنَّفَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فتَلاوَمْنا.
وتَلَوَّمَ فِي الأَمر: تمكَّث وَانْتَظَرَ. وَلِي فِيهِ لُومةٌ أَي
تَلَوُّم، ابْنُ بُزُرْجَ: التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأَمر تُريده.
والتَّلَوُّم: الِانْتِظَارُ والتلبُّثُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ سَلَمة الجَرْميّ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوّمُ
بِإِسْلَامِهِمُ الْفَتْحَ
أَيْ تَنْتَظِرُ، وَأَرَادَ تَتَلَوّم فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ
تَخْفِيفًا، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذَا أجْنَبَ فِي السفَر تَلَوَّمَ مَا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ
أَيِ انْتَظَرَ وتَلَوّمَ عَلَى الأَمر يُريده. وتَلَوَّمَ عَلَى
لُوامَته أَيْ حَاجَتِهِ. وَيُقَالُ: قَضَى القومُ لُواماتٍ لَهُمْ
وَهِيَ الْحَاجَاتُ، وَاحِدَتُهَا لُوَامة. وَفِي الْحَدِيثِ:
بِئسَ، لَعَمْرُ اللهِ، عَمَلُ الشَّيْخِ المتوسِّم والشابِّ
المُتَلَوِّم
أَيِ المتعرِّض للأَئمةِ فِي الْفِعْلِ السيّء، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
مِنَ اللُّومَة وَهِيَ الْحَاجَةُ أَيِ الْمُنْتَظِرِ لِقَضَائِهَا.
ولِيمَ بِالرَّجُلِ: قُطع. واللَّوْمةُ: الشَّهْدة. واللامةُ واللامُ،
بِغَيْرِ هَمْزٍ، واللَّوْمُ: الهَوْلُ؛ وَأَنْشَدَ لِلْمُتَلَمِّسِ:
ويكادُ مِنْ لامٍ يَطيرُ فُؤادُها
واللامُ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه
قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ، قَالَ أَبُو الدَّقِيشِ: اللامُ
القُرْبُ، وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: اللامُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لامٍ،
كَمَا يَقُولُ الصائتُ أَيَا أَيَا إِذَا سَمِعَتِ النَّاقَةُ ذَلِكَ
طَارَتْ مِنْ حِدّة قَلْبِهَا؛ قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي الدَّقِيشِ
أَوفقُ لِمَعْنَى الْمُتَنَكِّسِ فِي الْبَيْتِ لأَنه قال:
__________
(1) . هكذا بياض بالأصل
(12/557)
ويكادُ مِنْ لامٍ يطيرُ فؤادُها، ... إِذْ
مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَحَكَى ابْنِ الأَعرابي أَنَّهُ قَالَ اللامُ
الشَّخْصُ فِي بَيْتِ الْمُتَلَمِّسِ. يُقَالُ: رأَيت لامَه أَيْ
شَخْصَهُ. ابْنُ الأَعرابي: اللَّوَمُ كَثْرَةُ اللَّوْم. قَالَ
الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ المَلِيم بِمَعْنَى
المَلوم؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ مَلِيم بَنَاهُ عَلَى
لِيمَ. واللائِمةُ: المَلامة، وَكَذَلِكَ اللَّوْمى، عَلَى فَعْلى.
يُقَالُ: مَا زِلْتُ أَتَجَرّعُ مِنْكَ اللَّوَائِمَ. والمَلاوِم:
جَمْعُ المَلامة. واللّامةُ: الأَمر يُلام عَلَيْهِ. يُقَالُ: لامَ
فلانٌ غيرَ مُليم. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ لَائِمٍ مُليم؛ قَالَتْهُ
أُم عُمَير بْنِ سَلْمَى الْحَنَفِيِّ تُخَاطِبُ وَلَدَهَا عُمَيراً،
وَكَانَ أَسْلَمَ أَخَاهُ لِرَجُلٍ كلابيٍّ لَهُ عَلَيْهِ دَمٌ
فَقَتَلَهُ، فَعَاتَبَتْهُ أُمُّه فِي ذَلِكَ وَقَالَتْ:
تَعُدُّ مَعاذِراً لَا عُذْرَ فِيهَا، ... وَمَنْ يَخْذُلْ أَخاه
فَقَدْ أَلاما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعُذْره الَّذِي اعْتَذَرَ بِهِ أَنَّ
الْكِلَابِيَّ التجأَ إِلَى قَبْرِ سَلْمَى أَبي عُمَيْرٍ، فَقَالَ
لَهَا عُمَيْرٌ:
قَتَلْنا أَخانا للوَفاءِ بِجارِنا، ... وَكَانَ أَبونا قَدْ تُجِيرُ
مَقابِرُهْ
وَقَالَ لَبِيَدٌ:
سَفَهاً عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم، ... وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ
حَكيم
ولامُ الإِنسان: شخصُه، غَيْرُ مَهْمُوزٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَهْرِيّة تَخظُر فِي زِمامِها، ... لَمْ يُبْقِ مِنْهَا السَّيْرُ
غيرَ لامِها
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ أُم مَكْتُومٍ: وَلِي قَائِدٌ لَا يُلاوِمُني
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالْوَاوِ، وأَصله
الْهَمْزُ مِنَ المُلاءمة وَهِيَ المُوافقة؛ يُقَالُ: هُوَ يُلائمُني
بِالْهَمْزِ ثُمَّ يُخَفَّف فَيَصِيرُ يَاءً، قَالَ: وَأَمَّا الْوَاوُ
فَلَا وَجْهَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ يُفاعِلني مِنَ اللَّوْم وَلَا
مَعْنَى لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَوْلُ عُمَرُ فِي حَدِيثِهِ:
لوْ ما أَبقَيْتَ
أَيْ هلَّا أَبقيت، وَهِيَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي مَعْنَاهَا
التَّحْضِيضُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ مَا تَأْتِينا
بِالْمَلائِكَةِ. وَاللَّامُ: حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ،
يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا وَزَائِدًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا
قَضَيْتُ عَلَى أَنَّ عَيْنَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لَمَّا
تَقَدَّمَ فِي أَخَوَاتِهَا مِمَّا عَيْنُهُ أَلف؛ قَالَ الأَزهري:
قَالَ النَّحْوِيُّونَ لَوّمْت لَامًا أَيْ كَتَبْتُهُ كَمَا يُقَالُ
كَوَّفْت كَافًا. قَالَ الأَزهري فِي بَابِ لَفيف حَرْفِ اللَّامِ
قَالَ: نَبْدَأُ بِالْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَتْ لمعانٍ مِنْ بَابِ
اللَّامِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، فَمِنْهَا اللَّامُ
الَّتِي تُوصَلُ بِهَا الأَسماء والأَفعال، وَلَهَا فِيهَا معانٍ
كَثِيرَةٌ: فَمِنْهَا لامُ المِلْك كَقَوْلِكَ: هَذَا المالُ لِزَيْدٍ،
وَهَذَا الْفَرَسُ لمحَمد، وَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ يسمِّيها لامَ
الإِضافة، سُمِّيَتْ لامَ المِلْك لأَنك إِذَا قُلْتَ إِنَّ هَذَا
لِزيد عُلِمَ أَنَّهُ مِلْكُه، فَإِذَا اتَّصَلَتْ هَذِهِ اللَّامُ
بالمَكْنيِّ عَنْهُ نُصِبَت كَقَوْلِكَ: هَذَا المالُ لَهُ وَلَنَا
ولَك وَلَهَا وَلَهُمَا وَلَهُمْ، وَإِنَّمَا فُتِحَتْ مَعَ
الْكِنَايَاتِ لأَن هَذِهِ اللامَ فِي الأَصل مَفْتُوحَةٌ، وَإِنَّمَا
كُسِرَتْ مَعَ الأَسماء ليُفْصَل بَيْنَ لَامِ الْقَسَمِ وَبَيْنَ
لَامِ الإِضافة، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ إِنَّ هَذَا المالَ
لِزيدٍ عُلِم أَنَّهُ مِلكه؟ وَلَوْ قُلْتَ إِنَّ هَذَا لَزيدٌ عُلم
أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ زَيْدٌ فكُسِرت ليُفرق بَيْنَهُمَا،
وَإِذَا قُلْتَ: المالُ لَك، فَتَحْتَ لأَن اللَّبْسَ قَدْ زَالَ،
قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَيُونُسَ وَالْبَصْرِيِّينَ. [لَامُ
كَيْ] : كَقَوْلِكَ جئتُ لِتقومَ يَا هَذَا، سُمِّيَتْ لامَ كَيْ لأَن
مَعْنَاهَا جئتُ لِكَيْ تَقُومَ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى لَامِ الإِضافة
أَيْضًا، وَكَذَلِكَ كُسِرت لأَن الْمَعْنَى جئتُ لِقِيَامِكَ. وَقَالَ
الْفَرَّاءُ فِي
(12/558)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَبَّنا
لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ هِيَ لَامُ كَيْ، الْمَعْنَى يَا رَبِّ
أَعْطيْتهم مَا أَعطَيتَهم لِيضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ وَقَالَ أَبُو
الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: الِاخْتِيَارُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ
اللَّامُ وَمَا أَشبهها بتأْويل الْخَفْضِ، الْمَعْنَى آتيتَهم مَا
آتيتَهم لِضَلَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَالْتَقَطَهُ آلُ
فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ؛ مَعْنَاهُ لِكَوْنِهِ لأَنه قَدْ آلَتِ
الْحَالُ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لامُ كَيْ فِي
مَعْنَى لَامِ الْخَفْضِ، وَلَامُ الْخَفْضِ فِي مَعْنَى لَامِ كَي
لِتقارُب الْمَعْنَى؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَحْلِفُونَ لَكُمْ
لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ؛ الْمَعْنَى لإِعْراضِكم «2» . عَنْهُمْ وَهُمْ
لَمْ يَحْلِفوا لِكَيْ تُعْرِضوا، وَإِنَّمَا حَلَفُوا لإِعراضِهم
عَنْهُمْ؛ وَأَنْشَدَ:
سَمَوْتَ، وَلَمْ تَكُن أَهلًا لتَسْمو، ... ولكِنَّ المُضَيَّعَ قَدْ
يُصابُ
أَراد: مَا كنتَ أَهلا للسُمُوِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى:
لِيَجْزِيَهم اللَّهُ أَحسنَ مَا كَانُوا يَعْملون
؛ اللَّامُ فِي لِيَجْزيَهم لامُ الْيَمِينِ كَأَنَّهُ قَالَ
لَيَجْزِيَنّهم اللَّهُ، فَحَذَفَ النُّونَ، وَكَسَرُوا اللَّامَ
وَكَانَتْ مَفْتُوحَةً، فأَشبهت فِي اللَّفْظِ لامَ كَيْ فَنَصَبُوا
بِهَا كَمَا نَصَبُوا بِلَامِ كَيْ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما
تَأَخَّرَ؛ الْمَعْنَى لَيَغْفِرنَّ اللهُ لَكَ؛ قَالَ ابْنُ
الأَنباري: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ غَلَطٌ لأَنَّ لامَ
الْقَسَمِ لَا تُكسَر وَلَا يُنْصَبُ بِهَا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ
مَعْنَى لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ* لَيَجْزيَنَّهم اللَّهُ لقُلْنا:
وَاللَّهِ ليقومَ زَيْدٌ، بتأْويل وَاللَّهِ لَيَقُومَنَّ زَيْدٌ،
وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ
الْعَرَبَ تَقُولُ فِي التَّعَجُّبِ: أَظْرِفْ بزَيْدٍ،
فَيَجْزِمُونَهُ لشبَهِه بِلَفْظِ الأَمر، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ
ذَلِكَ لأَن التَّعَجُّبَ عُدِلَ إِلَى لَفْظِ الأَمر، وَلَامُ
الْيَمِينِ لَمْ تُوجَدْ مَكْسُورَةً قَطُّ فِي حَالِ ظُهُورِ
الْيَمِينِ وَلَا فِي حَالِ إِضْمَارِهَا؛ وَاحْتَجَّ مَن احْتَجَّ
لأَبي حَاتِمٍ بِقَوْلِهِ:
إِذَا هُوَ آلَى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها، ... لِتُغْنِيَ عنِّي ذَا أَتى
بِك أَجْمَعا
قَالَ: أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النُّونَ وَكَسَرَ اللَّامَ؛ قَالَ
أَبو بَكْرٍ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَإِنَّمَا
رَوَاهُ الرُّوَاةُ:
إِذَا هُوَ آلَى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها، ... لِتُغْنِنَّ عنِّي ذَا
أَتى بِك أَجمَعا
قَالَ: الْفَرَّاءُ: أَصْلُهُ لِتُغْنِيَنّ فَأَسْكَنَ الْيَاءَ عَلَى
لُغَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَأَيْتُ قاضٍ ورامٍ، فَلَمَّا سَكَنَتْ
سَقَطَتْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ النُّونِ الأَولى، قَالَ: وَمِنَ
الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ اقْضِنَّ يَا رَجُلُ، وابْكِنَّ يَا رَجُلُ،
وَالْكَلَامُ الْجَيِّدُ: اقْضِيَنَّ وابْكِيَنَّ؛ وأَنشد:
يَا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ اللَّهِ بالرَّشَدِ، ... واقْرَأ
سَلَامًا عَلَى الأَنقاءِ والثَّمدِ
وابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بَعْدَ جِدَّتِه، ... طابَتْ أَصائِلُه في
ذلك البَلدِ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الأَنباري. قَالَ
أَبُو بَكْرٍ: سأَلت أَبَا الْعَبَّاسِ عَنِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ، قَالَ: هِيَ لَامُ كَيْ،
مَعْنَاهَا إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِكَيْ يَجْتَمِعَ
لَكَ مَعَ الْمَغْفِرَةِ تَمَامُ النِّعْمَةِ فِي الْفَتْحِ، فَلَمَّا
انْضَمَّ إِلَى الْمَغْفِرَةِ شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ مَعْنَى كَيْ،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ*، هِيَ لامُ كَيْ تَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ: لَا يَعْزُبُ
عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ، إِلَى قَوْلِهِ: فِي كِتابٍ مُبِينٍ أَحصاه
عَلَيْهِمْ لكيْ يَجْزِيَ المُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ والمُسِيءَ
بإساءَته. [لَامُ الأَمر] : وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِيَضْرِبْ زيدٌ
عَمْرًا؛ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَصلها نَصْبٌ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ
لِيُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ لَامِ التَّوْكِيدِ وَلَا يبالَى
بشَبهِها بلام
__________
(2) . قوله [يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ؛ المعنى لإعراضكم
إلخ] هكذا في الأصل
(12/559)
الْجَرِّ، لأَن لَامَ الْجَرِّ لَا تَقَعُ
فِي الأَفعال، وتقعُ لامُ التَّوْكِيدِ فِي الأَفعال، أَلَا تَرَى
أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ لِيضْرِبْ، وَأَنْتَ تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ
التَّوْكِيدِ إِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَتَضْرِبُ زَيْدًا؟ وَهَذِهِ
اللَّامُ فِي الأَمر أَكثر مَا اسْتُعْملت فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبِ،
وَهِيَ تَجْزِمُ الْفِعْلَ، فَإِنْ جاءَت لِلْمُخَاطَبِ لَمْ يُنْكَر.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ؛ أكثرُ
القُرّاء قرؤُوا: فَلْيَفْرَحُوا، بِالْيَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قرأَ:
فَبِذَلِكَ فلْتَفْرَحوا
؛ يُرِيدُ أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ؛ أَيْ مِمَّا يَجْمَعُ
الكُفَّار؛ وقَوَّى قراءةَ زَيْدٍ قراءةُ أُبيّ
فَبِذَلِكَ فافْرَحوا
، وَهُوَ البِناء الَّذِي خُلق للأَمر إِذَا واجَهْتَ بِهِ؛ قَالَ
الْفَرَّاءُ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَعيب قولَهم
فلْتَفْرَحوا
لأَنه وَجَدَهُ قَلِيلًا فَجَعَلَهُ عَيْباً؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ:
وَقِرَاءَةُ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ بِالتَّاءِ
فلْتَفرَحوا
، وَهِيَ جَائِزَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لامُ الأَمْرِ تأْمُر بِهَا
الغائبَ، وَرُبَّمَا أَمرُوا بِهَا المخاطَبَ، وَقُرِئَ:
فَبِذَلِكَ فلْتَفْرَحوا
، بِالتَّاءِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ حَذْفُ لامِ الأَمر فِي الشِّعْرِ
فَتَعْمَلُ مضْمرة كَقَوْلِ مُتمِّم بْنِ نُوَيْرة:
عَلَى مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُشِي [فاخْمِشِي] ، ... لكِ
الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أَوْ يَبكِ مَنْ بَكى
أَرَادَ: لِيَبْكِ، فَحَذَفَ اللَّامَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ لامُ أَمرِ
المُواجَهِ؛ قَالَ الشَّاعِرِ:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها: ... تِئْذَنْ، فَإِنِّي حَمْؤها
وجارُها
أَرَادَ: لِتَأْذَن، فَحَذَفَ اللامَ وكسرَ التاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ
يَقُولُ أَنتَ تِعْلَمُ؛ قَالَ الأَزهري: اللَّامُ الَّتِي للأَمْرِ
فِي تأْويل الْجَزَاءِ، مِنْ ذَلِكَ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: اتَّبِعُوا
سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ أَمر
فِيهِ تأْويلُ جَزاء كَمَا أَن قَوْلَهُ: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لَا
يَحْطِمَنَّكُمْ، نهيٌ فِي تأْويل الْجَزَاءِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي
كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وأَنشد:
فقلتُ: ادْعي وأدْعُ، فإنَّ أنْدَى ... لِصَوْتٍ أَنْ يُناديَ داعِيانِ
أَيْ ادْعِي ولأَدْعُ، فكأَنه قَالَ: إِنْ دَعَوْتِ دَعَوْتُ، وَنَحْوَ
ذَلِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَزَادَ فَقَالَ: يُقْرأُ قَوْلُهُ
وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ، بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ أَمر
فِي تأْويل الشَّرْطِ، الْمَعْنَى إِن تتَّبعوا سَبيلَنا حمَلْنا
خَطَايَاكُمْ. [لَامُ التَّوْكِيدِ] : وَهِيَ تَتَّصِلُ بالأَسماء
والأَفعال الَّتِي هِيَ جواباتُ الْقَسَمِ وجَوابُ إنَّ، فالأَسماء
كَقَوْلِكَ: إِنَّ زَيْدًا لَكَريمٌ وَإِنَّ عَمْرًا لَشُجاعٌ،
والأَفعال كَقَوْلِكَ: إِنَّهُ لَيَذُبُّ عَنْكَ وَإِنَّهُ ليَرْغَبُ
فِي الصَّلَاحِ، وَفِي القسَم: واللهِ لأُصَلِّيَنَّ وربِّي
لأَصُومَنَّ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ
لَيُبَطِّئَنَّ؛ أَيْ مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عَنِ
الْقِتَالِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: اللامُ الأُولى الَّتِي فِي قَوْلِهِ
لَمَنْ لامُ إِنَّ، وَاللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ لَيُبَطِّئَنَّ
لامُ القسَم، ومَنْ مَوْصُولَةٌ بِالْجَالِبِ لِلْقَسَمِ، كأَنّ هَذَا
لَوْ كَانَ كَلَامًا لَقُلْتَ: إِنَّ مِنْكُمْ لَمنْ أَحْلِف بِاللَّهِ
وَاللَّهِ ليُبَطِّئنّ، قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ مُجْمِعون عَلَى
أَنَّ مَا ومَنْ وَالَّذِي لَا يوصَلْنَ بالأَمر وَالنَّهْيِ إِلَّا
بِمَا يُضْمَرُ مَعَهَا مِنْ ذِكْرِ الْخَبَرِ، وأَن لامَ القسَمِ إِذا
جَاءَتْ مَعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فَلَفْظُ القَسم وَمَا أَشبَه لفظَه
مضمرٌ مَعَهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَمَّا لامُ التَّوْكِيدِ
فَعَلَى خَمْسَةِ أَضرب، مِنْهَا لامُ الِابْتِدَاءِ كَقَوْلِكَ لَزيدٌ
أَفضل مِنْ عمرٍو، وَمِنْهَا اللَّامُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي خَبَرِ
إِنَّ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قائلٍ: وَإِنْ
كانَتْ لَكَبِيرَةً؛ وَمِنْهَا الَّتِي تَكُونُ جَوَابًا لِلَوْ
ولَوْلا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ تَزَيَّلُوا
(12/560)
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا؛
وَمِنْهَا الَّتِي فِي الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُؤَكَّدِ
بِالنُّونِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ
الصَّاغِرِينَ؛ وَمِنْهَا لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ، وجميعُ لاماتِ
التَّوْكِيدِ تَصْلُحُ أَن تَكُونَ جَوَابًا لِلْقَسَمِ كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ؛ فَاللَّامُ الأُولى
لِلتَّوْكِيدِ وَالثَّانِيَةُ جَوَابٌ، لأَنّ المُقْسَم جُمْلةٌ
تُوصَلُ بِأُخْرَى، وَهِيَ المُقْسَم عَلَيْهِ لتؤكَّدَ الثانيةُ
بالأُولى، وَيَرْبُطُونَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِحُرُوفٍ يُسَمِّيهَا
النَّحْوِيُّونَ جوابَ القسَم، وَهِيَ إنَّ الْمَكْسُورَةُ
الْمُشَدَّدَةُ وَاللَّامُ الْمُعْتَرَضُ بِهَا، وَهُمَا بِمَعْنًى
وَاحِدٍ كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ إِنَّ زَيْدًا خَيْرٌ منك، وو الله
لَزَيْدٌ خيرٌ مِنْكَ، وَقَوْلُكَ: وَاللَّهِ ليَقومَنّ زيدٌ، إِذَا
أَدْخَلُوا لَامَ الْقَسَمِ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَدخلوا فِي
آخِرِهِ النُّونَ شَدِيدَةً أَو خَفِيفَةً لتأْكيد الِاسْتِقْبَالِ
وإِخراجه عَنِ الْحَالِ، لَا بدَّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهَا إِنِ
الْخَفِيفَةُ الْمَكْسُورَةُ وَمَا، وَهُمَا بِمَعْنًى كَقَوْلِكَ:
وَاللَّهِ مَا فعَلتُ، وو الله إنْ فعلتُ، بِمَعْنًى؛ وَمِنْهَا لَا
كَقَوْلِكَ: واللهِ لَا أفعَلُ، لَا يَتَّصِلُ الحَلِف بِالْمَحْلُوفِ
إِلَّا بأَحد هَذِهِ الْحُرُوفِ الْخَمْسَةِ، وَقَدْ تُحْذَفُ وَهِيَ
مُرادةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَاللَّامُ مِنْ حُرُوفِ
الزِّيَادَاتِ، وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُتَحَرِّكَةٌ وَسَاكِنَةٌ،
فأَما السَّاكِنَةُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما لَامُ التَّعْرِيفِ
ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا ألفُ الْوَصْلِ لِيَصِحَّ
الِابْتِدَاءُ بِهَا، فإِذا اتَّصَلَتْ بِمَا قَبْلَهَا سقَطت الأَلفُ
كَقَوْلِكَ الرجُل، وَالثَّانِي لامُ الأَمرِ إِذا ابْتَدَأتَها
كَانَتْ مَكْسُورَةً، وإِن أَدخلت عَلَيْهَا حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ
الْعَطْفِ جَازَ فِيهَا الكسرُ وَالتَّسْكِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ؛ وَأَمَّا اللاماتُ الْمُتَحَرِّكَةُ
فَهِيَ ثلاثٌ: لامُ الأَمر ولامُ التَّوْكِيدِ ولامُ الإِضافة. وَقَالَ
فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: فأَما لامُ الإِضافةِ فَعَلَى ثَمَانِيَةِ
أضْرُبٍ: مِنْهَا لامُ المِلْك كَقَوْلِكَ المالُ لِزيدٍ، وَمِنْهَا
لامُ الِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِكَ أَخٌ لِزيدٍ، ومنها لام الاستغاثة كقولك
الحرث بْنِ حِلِّزة:
يَا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأَرْبِعاء، أَمَا ... يَنْفَكُّ يُحْدِث لِي
بَعْدَ النُّهَى طَرَبا؟
وَاللَّامَانِ جَمِيعًا لِلْجَرِّ، وَلَكِنَّهُمْ فَتَحُوا الأُولى
وَكَسَرُوا الثَّانِيَةَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ المستغاثِ بِهِ
والمستغاثَ لَهُ، وَقَدْ يَحْذِفُونَ الْمُسْتَغَاثَ بِهِ ويُبْقُون
المستغاثَ لَهُ، يَقُولُونَ: يَا لِلْماءِ، يُرِيدُونَ يَا قومِ
لِلْماء أَي لِلْمَاءِ أَدعوكم، فَإِنْ عطفتَ عَلَى المستغاثِ بِهِ
بلامٍ أُخْرَى كَسَرْتَهَا لأَنك قَدْ أمِنْتَ اللَّبْسَ بِالْعَطْفِ
كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ:
يَا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ
وَالْبَيْتُ بِكَمَالِهِ:
يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ، ... يَا لَلْكهول
وَلِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ
وَقَوْلُ مُهَلْهِل بْنِ رَبِيعَةَ وَاسْمُهُ عَدِيٌّ:
يَا لَبَكْرٍ أنشِروا لِي كُلَيْباً، ... يَا لبَكرٍ أيْنَ أينَ
الفِرارُ؟
اسْتِغَاثَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصله يَا آلَ بكْرٍ فَخَفَّفَ
بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ بِشْر بْنَ
مَرْوانَ لَمَّا هَجَاهُ سُراقةُ البارِقيّ:
قَدْ كَانَ حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ: ... يَا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ
جَرِيرُ؟
وَمِنْهَا لَامُ التَّعَجُّبِ مَفْتُوحَةً كَقَوْلِكَ يَا لَلْعَجَبِ،
وَالْمَعْنَى يَا عجبُ احْضُرْ فَهَذَا أوانُك، وَمِنْهَا لامُ العلَّة
بِمَعْنَى كَيْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى
النَّاسِ؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل
(12/561)
التأدُّبِ، وَمِنْهَا لامُ الْعَاقِبَةِ
كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها، ... كَمَا لِخَرابِ الدُّورِ
تُبْنَى المَساكِنُ «1»
. أَيْ عَاقِبَتُهُ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ
الْآخَرِ:
أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها، ... ودُورُنا لِخَرابِ
الدَّهْر نَبْنِيها
وَهُمْ لَمْ يَبْنُوها لِلْخَرَابِ وَلَكِنْ مآلُها إِلَى ذَلِكَ؛
قَالَ: ومثلُه مَا قَالَهُ شُتَيْم بْنُ خُوَيْلِد الفَزاريّ يَرْثِي
أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، وَهُمْ كُرْدم وكُرَيْدِم ومُعَرِّض:
لَا يُبْعِد اللهُ رَبُّ البِلادِ ... والمِلْح مَا ولَدَتْ خالِدَهْ
«2» . فأُقْسِمُ لَوْ قَتَلوا خَالِدًا، ... لكُنْتُ لَهُمْ حَيَّةً
راصِدَهْ
فَإِنْ يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ، ... فلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ
الوالِدَهْ
وَلَمْ تَلِدْهم أمُّهم لِلْمَوْتِ، وَإِنَّمَا مآلُهم وعاقبتُهم
الموتُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِسِمَاك
أَخي مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِلِيِّ، وَكَانَ مُعْتَقَلا هُوَ
وَأَخُوهُ مَالِكٌ عِنْدَ بَعْضِ مُلُوكِ غَسَّانَ فَقَالَ:
فأبْلِغْ قُضاعةَ، إِنْ جِئْتَهم، ... وخُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ
وأبْلِغْ نِزاراً عَلَى نأْيِها، ... بأَنَّ الرِّماحَ هِيَ الهائدَهْ
فأُقسِمُ لَوْ قَتَلوا مالِكاً، ... لكنتُ لَهُمْ حَيَّةً راصِدَهْ
برَأسِ سَبيلٍ عَلَى مَرْقَبٍ، ... ويوْماً عَلَى طُرُقٍ وارِدَهْ
فأُمَّ سِمَاكٍ فَلَا تَجْزَعِي، ... فلِلْمَوتِ مَا تَلِدُ الوالِدَهْ
ثُمَّ قُتِل سِماكٌ فَقَالَتْ أمُّ سِمَاكٍ لأَخيه مالِكٍ: قبَّح
اللَّهُ الْحَيَاةَ بَعْدَ سِمَاكٍ فاخْرُج فِي الطَّلَبِ بِأَخِيكَ،
فَخَرَجَ فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه فِي نَفَرٍ يَسيرٍ فَقَتَلَهُ. قَالَ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ
لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً؛ وَلَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِذَلِكَ
وَإِنَّمَا مَآلُهُ العداوَة، وَفِيهِ: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ
سَبِيلِكَ؛ وَلَمْ يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ لِلضَّلَالِ وإِنما
مَآلُهُ الضَّلَالُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ
خَمْراً؛ وَمَعْلُومٌ أَنه لَمْ يَعْصِر الخمرَ، فَسَمَّاهُ خَمراً
لأَنَّ مَآلَهُ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَمِنْهَا لَامُ الجَحْد بَعْدَ
مَا كَانَ وَلَمْ يَكُنْ وَلَا تَصْحَب إِلَّا النَّفْيَ كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ، أَيْ لأَن يُعذِّبهم،
وَمِنْهَا لامُ التَّارِيخِ كَقَوْلِهِمْ: كَتَبْتُ لِثلاث خَلَوْن
أَيْ بَعْد ثَلَاثٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ ... جُدّاً، تَعَاوَره
الرِّياحُ، وَبِيلا
البائصُ: الْبَعِيدُ الشاقُّ، والجُدّ: البئرْ وأَرادَ ماءَ جُدٍّ،
قَالَ: وَمِنْهَا اللَّامَاتُ الَّتِي تؤكَّد بِهَا حروفُ المجازاة
ويُجاب بِلَامٍ أُخرى تَوْكِيدًا كَقَوْلِكَ: لئنْ فَعَلْتَ كَذَا
لَتَنْدَمَنَّ، وَلَئِنْ صَبَرْتَ لَترْبحنَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما
آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ
لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [الْآيَةَ] ؛
رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ النَّحْوِيِّ أَنه قَالَ:
الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ لَما آتَيْتُكُمْ لَمَهْما آتَيْتُكُمْ
__________
(1) . قوله [لخراب الدور] الذي في القاموس والجوهري: لخراب الدهر
(2) . قوله [رب البلاد] تقدم في مادة ملح: رب العباد
(12/562)
أَي أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ بِهِ
ولَتَنْصُرُنَّه، قَالَ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ الأَخفش:
اللَّامُ الَّتِي فِي لَمَا اسْمٌ «1» . وَالَّذِي بَعْدَهَا صلةٌ
لَهَا، وَاللَّامُ الَّتِي فِي لتؤمِنُنّ بِهِ ولتنصرنَّه لامُ
الْقَسَمِ كأَنه قَالَ وَاللَّهِ لتؤْمنن، يُؤَكّدُ فِي أَول
الْكَلَامِ وَفِي آخِرِهِ، وَتَكُونُ مِنْ زَائِدَةً؛ وَقَالَ أَبو
الْعَبَّاسِ: هَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، اللَّامُ الَّتِي تدخل في أَوائل
الْخَبَرِ تُجاب بِجَوَابَاتِ الأَيمان، تَقُولُ: لَمَنْ قامَ
لآتِينَّه، وَإِذَا وَقَعَ فِي جَوَابِهَا مَا وَلَا عُلِم أَن
اللَّامَ لَيْسَتْ بِتَوْكِيدٍ، لأَنك تضَع مَكَانَهَا مَا وَلَا
وَلَيْسَتْ كالأُولى وَهِيَ جَوَابٌ للأُولى، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ
مِنْ كِتابٍ فأَسْقط مِنْ، فَهَذَا غلطٌ لأَنّ مِنَ الَّتِي تَدْخُلُ
وَتَخْرُجُ لَا تَقَعُ إِلَّا مَوَاقِعَ الأَسماء، وَهَذَا خبرٌ، وَلَا
تَقَعُ فِي الْخَبَرِ إِنما تَقَعُ فِي الجَحْد وَالِاسْتِفْهَامِ
وَالْجَزَاءِ، وَهُوَ جَعَلَ لَما بِمَنْزِلَةِ لَعَبْدُ اللهِ واللهِ
لَقائمٌ فَلَمْ يَجْعَلْهُ جَزَاءً، قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ الَّتِي
تَصْحَبُ إنْ: فَمَرَّةً تَكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا، وَمَرَّةً تَكُونُ
صِلَةً وَتَوْكِيدًا كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ كانَ وَعْدُ
رَبِّنا لَمَفْعُولًا؛ فمَنْ جَعَلَ إنْ جَحْدًا جَعَلَ اللَّامَ
بِمَنْزِلَةِ إِلَّا، الْمَعْنَى مَا كَانَ وعدُ ربِّنا إِلا
مَفْعُولًا، وَمَنْ جَعَلَ إِنَّ بِمَعْنَى قَدْ جَعَلَ اللَّامَ
تَأْكِيدًا، الْمَعْنَى قَدْ كَانَ وعدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا؛
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ، يَجُوزُ
فِيهَا الْمَعْنَيَانِ؛ التَّهْذِيبُ: [لامُ التَّعَجُّبِ وَلَامُ
الِاسْتِغَاثَةِ] رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنَّهُ
قَالَ: إِذَا اسْتُغِيث بواحدٍ أَوْ بِجَمَاعَةٍ فَاللَّامُ
مَفْتُوحَةٌ، تَقُولُ: يَا لَلرجالِ يَا لَلْقوم يَا لَزَيْدٍ، قَالَ:
وَكَذَلِكَ إِذَا كُنْتَ تَدْعُوهُمْ، فأَما لَامُ المدعوِّ إِلَيْهِ
فإِنها تُكسَر، تَقُولُ: يَا لَلرِّجال لِلْعجب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني، ... فَيَا لَلنّاسِ لِلْواشي
المُطاعِ
وَتَقُولُ: يَا لَلْعَجَبِ إِذَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ كأَنك قُلْتَ يَا
لَلنَّاس لِلعجب، وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ يَا لَزيدٍ وَهُوَ مُقْبل
عَلَيْكَ، إِنما تَقُولُ ذَلِكَ لِلْبَعِيدِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَن
تَقُولَ يَا قَوْماه وَهُمْ مُقبِلون، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ يَا لَزيدٍ
ولِعَمْرو كسرْتَ اللَّامَ فِي عَمْرو، وَهُوَ مدعوٌ، لأَنك إِنما
فَتَحْتَ اللَّامَ فِي زَيْدٍ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَدْعُوِّ
وَالْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَطَفْتَ عَلَى زَيْدٍ استَغْنَيْتَ
عَنِ الْفَصْلِ لأَن الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَالِهِ؛ وَقَدْ
تَقَدَّمَ قَوْلُهُ:
يَا لَلكهولِ ولِلشُّبّانِ لِلعجب
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: يَا لَلْعَضِيهةِ وَيَا لَلأَفيكة وَيَا
لَلبَهيتة، وَفِي اللَّامِ الَّتِي فِيهَا وَجْهَانِ: فإِن أَرَدْتَ
الِاسْتِغَاثَةَ نَصَبْتَهَا، وإِن أَردت أَن تَدْعُوَ إِلَيْهَا
بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنْهُ كَسَرْتَهَا، كأَنك أَردت: يَا أَيها
الرجلُ اعْجَبْ لِلْعَضيهة، وَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْجَبوا
للأَفيكة. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: لامُ الِاسْتِغَاثَةِ مَفْتُوحَةٌ،
وَهِيَ فِي الأَصل لَامُ خفْضٍ إِلا أَن الِاسْتِعْمَالَ فِيهَا قَدْ
كَثُرَ مَعَ يَا، فجُعِلا حَرْفًا وَاحِدًا؛ وأَنشد:
يَا لَبَكرٍ أنشِروا لِي كُلَيباً
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنهم جَعَلُوا اللَّامَ مَعَ يَا حَرْفًا
وَاحِدًا قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فخَيرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ منكمْ، ... إِذَا الدَّاعِي المُثَوِّبُ
قال: يا لا
وَقَوْلُهُمْ: لِم فعلتَ، مَعْنَاهُ لأَيِّ شَيْءٍ فَعَلْتَهُ؟ والأَصل
فِيهِ لِما فَعَلْتَ فَجَعَلُوا مَا فِي الِاسْتِفْهَامِ مَعَ
الْخَافِضِ حَرْفًا وَاحِدًا واكتفَوْا بِفَتْحَةِ الْمِيمِ مِنَ
الْأَلِفِ فأسْقطوها، وَكَذَلِكَ قَالُوا: عَلامَ تركتَ وعَمَّ تُعْرِض
وإلامَ تَنْظُرُ وحَتَّامَ عَناؤُك؟ وَأَنْشَدَ:
فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ؛ أَرَادَ لأَي
علَّة
__________
(1) . قوله [اللَّامُ الَّتِي فِي لَمَا اسم إلخ] هكذا بالأصل، ولعل
فيه سقطاً، والأصل اللَّامُ الَّتِي فِي لَمَا موطئة وما اسم موصول
والذي بعدها إلخ
(12/563)
وبأيِّ حُجّة، وَفِيهِ لُغَاتٌ: يُقَالُ
لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فَعَلْتَ، ولِمَهْ فَعَلْتَ،
بِإِدْخَالِ الْهَاءِ لِلسَّكْتِ؛ وَأَنْشَدَ:
يَا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟ ... لَوْ خافَك اللهُ
عَلَيْهِ حَرَّمَهْ
قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ لامُ التَّعْقِيبِ للإِضافة وَهِيَ تَدْخُلُ
مَعَ الْفِعْلِ الَّذِي مَعْنَاهُ الِاسْمُ كَقَوْلِكَ: فلانٌ عابرُ
الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وَفُلَانٌ راهِبُ رَبِّه وراهبٌ لرَبِّه.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ
يَرْهَبُونَ، وَفِيهِ: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ؛ قَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا دَخَلَتِ اللَّامُ تَعْقِيباً
للإِضافة، الْمَعْنَى هُمْ رَاهِبُونَ لِرَبِّهِمْ وراهِبُو ربِّهم،
ثُمَّ أَدخلوا اللَّامَ عَلَى هَذَا، وَالْمَعْنَى لأَنها عَقَّبت
للإِضافة، قَالَ: وَتَجِيءُ اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى وَبِمَعْنَى
أَجْل، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها؛ أَيْ
أَوحى إِلَيْهَا، وَقَالَ تَعَالَى: وَهُمْ لَها سابِقُونَ؛ أَيْ
وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً؛ أَيْ خَرُّوا مِنْ أَجلِه سُجَّداً
كَقَوْلِكَ أَكرمت فُلَانًا لَكَ أَيْ مِنْ أَجْلِك. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ؛ مَعْنَاهُ
فَإِلَى ذَلِكَ فادْعُ؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى
الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ
أَسَأْتُمْ فَلَها؛ أَيْ عَلَيْهَا «2» . جَعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى
عَلَى؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
فَلَمَّا تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكاً ... لطولِ اجْتماعٍ لَمْ نَبِتْ
لَيْلةً مَعا
قَالَ: مَعْنَى لِطُولِ اجْتِمَاعٍ أَيْ مَعَ طُولِ اجْتِمَاعٍ،
تَقُولُ: إِذَا مَضَى شَيْءٌ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، قَالَ:
وَتَجِيءُ اللَّامُ بِمَعْنَى بَعْد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
حَتَّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص
أَيْ بعْد خِمْسٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِثَلَاثٍ خَلَوْن مِنَ
الشَّهْرِ أَيْ بَعْدَ ثَلَاثٍ، قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ لَامُ
التَّعْرِيفِ الَّتِي تَصْحَبُهَا الأَلف كَقَوْلِكَ: القومُ
خَارِجُونَ وَالنَّاسُ طَاعِنُونَ الحمارَ وَالْفَرَسَ وَمَا
أَشْبَهَهَا، وَمِنْهَا اللَّامُ الأَصلية كَقَوْلِكَ: لَحْمٌ لَعِسٌ
لَوْمٌ وَمَا أَشبهها، وَمِنْهَا اللَّامُ الزَّائِدَةُ فِي الأَسماء
وَفِي الأَفعال كَقَوْلِكَ: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ،
وَنَاقَةٌ عَنْسَل للعَنْس الصُّلبة، وَفِي الأَفعال كَقَوْلِكَ
قَصْمَله أَيْ كَسَّرَهُ، والأَصل قَصَمه، وَقَدْ زَادُوهَا فِي ذَاكَ
فَقَالُوا ذَلِكَ، وَفِي أُولاك فَقَالُوا أُولالِك، وَأَمَّا اللَّامُ
الَّتِي فِي لَقد فَإِنَّهَا دَخَلَتْ تأْكيداً لِقَدْ فَاتَّصَلَتْ
بِهَا كأَنها مِنْهَا، وَكَذَلِكَ اللَّامُ الَّتِي فِي لَما
مُخَفَّفَةً. قَالَ الأَزهري: وَمِنَ اللَّاماتِ مَا رَوى ابنُ هانِئٍ
عَنْ أَبِي زَيْدٍ يُقَالُ: اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد
الَّذِي يضرِبُك، وَهَذَا الوَضَع الشعرَ، يُرِيدُ الَّذِي وضَع
الشِّعْرَ؛ قَالَ: وأَنشدني المُفضَّل:
يقولُ الخَنا وابْغَضُ العُجْمِ ناطِقاً، ... إِلَى ربِّنا، صَوتُ
الحمارِ اليُجَدَّعُ
يُرِيدُ الَّذِي يُجدَّع؛ وَقَالَ أَيْضًا:
أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني ... لَفي شُغُلٍ عَنْ ذَحْلِها
اليُتَتَبَّعُ «3»
. يُرِيدُ: الَّذِي يُتتبَّع؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ
مُتمِّم:
وعَمْراً وَحَوْنًا بالمُشَقَّرِ ألْمَعا «4»
. قَالَ: يَعْنِي اللَّذَيْنِ مَعًا فأَدْخل عَلَيْهِ الأَلف
وَاللَّامَ صِلةً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ الحِصْنُ أَنْ يُرامَ،
وَهُوَ العَزيز أَنْ يُضَامَ، والكريمُ أَنْ يُشتَمَ؛ معناه
__________
(2) . قوله [فلها أي عليها] هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: فقال
أي عليها
(3) . قوله [أخفن اطنائي إلخ] هكذا في الأَصل هنا، وفيه في مادة تبع:
اطناني إن شكين، وذحلي بدل ذحلها
(4) . قوله [وحوناً] كذا بالأصل
(12/564)
هُوَ أَحْصَنُ مِنْ أَنْ يُرامَ، وأعزُّ مِنْ أَنْ يُضامَ، وأَكرمُ
مِنْ أَنْ يُشْتَم، وَكَذَلِكَ هُوَ البَخِيلُ أَنْ يُرْغَبَ إِلَيْهِ
أَيْ هُوَ أَبْخلُ مِنْ أَن يُرْغَبَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الشُّجاع أَنْ
يَثْبُتَ لَهُ قِرْنٌ. وَيُقَالُ: هُوَ صَدْقُ المُبْتَذَلِ أَيْ
صَدْقٌ عِنْدَ الابتِذال، وَهُوَ فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة.
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الْعَرَبُ تُدْخِل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى
الفِعْل الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ وَالْحِكَايَةِ؛
وَأَنْشَدَ لِلْفَرَزْدَقِ:
مَا أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه، ... وَلَا الأَصِيلِ،
وَلَا ذِي الرَّأْي والجَدَلِ
وأَنشد أَيضاً:
أَخفِنَ اطِّنائي إِنْ سكتُّ، وَإِنَّنِي ... لَفِي شُغْلٍ عَنْ
ذَحْلِهَا اليُتَتَبَّع
فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى يُتتبّع، وَهُوَ فعلٌ مُسْتَقْبَلٌ
لِما وَصَفْنا، قَالَ: وَيُدْخِلُونَ الأَلف وَاللَّامَ عَلَى أَمْسِ
وأُلى، قَالَ: وَدُخُولُهَا عَلَى المَحْكِيّات لَا يُقاس عَلَيْهِ؛
وأَنشد:
وإنِّي جَلَسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ... بِبابِك، حَتَّى كَادَتِ
الشمسُ تَغْرُبُ
فأَدخلهما عَلَى أَمْسِ وَتَرَكَهَا عَلَى كَسْرِهَا، وأَصل أَمْسِ
أَمرٌ مِنَ الإِمْساء، وَسُمِّيَ الوقتُ بالأَمرِ وَلَمْ يُغيَّر
لفظُه، والله أَعلم. |