لسان العرب

فصل الواو
وبه: الوَبْهُ: الفِطنَةُ. والوَبْهُ أَيضاً: الكِبْرُ. وَبَهَ لِلشَّيْءِ وَبْهاً ووُبُوهاً ووَبَهَ لَه وَبْهاً ووَبَهاً، بِالسُّكُونِ وَالْفَتْحِ: فَطَنَ. الأَزهري: نَبِهْتُ للأَمر أَنْبَهُ نَبَهاً ووَبِهْتُ لَهُ أَوْبَهُ وَبَهاً وأَبَهْتُ آبَهُ أَبْهاً، وَهُوَ الأَمْرُ تَنْساه ثُمَّ تَنْتَبِه لَهُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَبَهْتُ آبَهُ وبُهْتُ أَبُوه وبِهْتُ أَباه، وَفُلَانٌ لَا يُوبَهُ بِهِ وَلَا يُوبَهُ لَهُ أَي لَا يُبَالى بِهِ. وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:
رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَر ذِي طِمْرَيْن لَا يُوبَهُ لَهُ لَوْ أَقسم عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ
؛ مَعْنَاهُ لَا يُفْطَنُ لَهُ لِذِلَّتِه وقِلَّةِ مَرآتِه وَلَا يُحْتَفَلُ بِهِ لِحَقارته، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْفَضْلِ فِي دِينِهِ والإِخْباتِ لِرَبِّهِ بِحَيْثُ إِذَا دَعاهُ استجابَ لَهُ دُعاءَه. وَيُقَالُ: أَبَهْتُ لَهُ آبَهُ وأَنت تِيبَهُ، بِكَسْرِ التَّاءِ، مِثْلُ تِيجَلُ أَي تُبالي. ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا أَبِهْتُ لَهُ وَمَا أَبَهْتُ لَهُ وَمَا بُهْتُ لَهُ وَمَا وَبَهْت لَهُ وَمَا وَبِهْتُ لَهُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وَمَا بَأَهْتُ لَهُ وَمَا بَهَأْتُ لَهُ؛ يُرِيدُ مَا فَطِنْتُ [فَطَنْتُ] لَهُ. وَرُويَ
عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: إِنِّي لآبَهُ بِكَ عَنْ ذَلِكَ الأَمر إِلَى خَيْرٍ مِنْهُ إِذَا رَفَعْتَهُ عَنْ ذَلِكَ.
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ جَاءَتْ تَبُوه بَواهاً أَي تَضِجُّ.
وجه: الوَجْهُ: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ الوُجُوه. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: حَيِّ الوُجُوهَ وحَيِّ الأُجُوه. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي الْوَاوِ إِذَا انْضَمَّتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ
أَي يُشْبِه بَعْضُها بَعْضًا لأَن وُجُوهَ الْبَقَرِ تَتَشَابَهُ كَثِيرًا؛ أَراد أَنها فِتَنٌ مُشْتَبِهَةٌ لَا يُدْرَى كَيْفَ يُؤْتَى لَهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَعِنْدِي أَن الْمُرَادَ تأْتي نواطِحَ لِلنَّاسِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لِنَوَائِبِهِ. ووَجْهُ كُلِّ شَيْءٍ: مُسْتَقْبَلُه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سَلَمَةَ: أَنها لَمَّا وَعَظَتْ عَائِشَةَ حِينَ خَرَجَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ قَالَتْ لَهَا: لَوْ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَارَضَكِ بِبَعْضِ الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ قَدْ وَجَّهْتِ سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ
فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ؛ قَوْلُهَا: وَجَّهْتِ سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَزَلْتِ سِدافَتَهُ، وَهِيَ الحجابُ، مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها أَمامَكِ. الْقُتَيْبِيُّ: وَيَكُونُ مَعْنَى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرْتِ بِلُزُومِهِ وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ. والوَجْهُ: المُحَيَّا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً
؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وُجُوهَكُمْ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَهُ: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ هُوَ والأُمَّةُ، وَالْجَمْعُ أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ تَكُونُ الأَوْجُهُ لِلْكَثِيرِ، وَزَعَمَ أَن فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مَكَانَ وُجُوهِكُمْ، أُراه يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ*
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَراد إِلَّا إيَّاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كانَتْ وُجُوهُ بُيُوت

(13/555)


أَصحابِهِ شَارِعَةً فِي الْمَسْجِدِ
؛ وَجْهُ البيتِ: الخَدُّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بَابُهُ أَي كَانَتْ أَبواب بُيُوتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لخَدِّ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْبَابُ وَجْهُ الكَعْبةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهكم
؛ أَراد وُجوهَ الْقُلُوبِ، كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
لَا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم
أَي هَوَاها وإرادَتُها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْداءِ: لَا تَفْقَهُ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهاً
أَي تَرَى لَهُ مَعَانيَ يَحْتَمِلُهَا فتَهابَ الإِقْدامَ عَلَيْهِ. ووُجُوهُ الْبَلَدِ: أَشرافُه. وَيُقَالُ: هَذَا وَجْهُ الرأْيِ أَي هُوَ الرأْيُ نَفْسُه. والوَجْه والجِهَةُ بِمَعْنًى، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَالِاسْمُ الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا، وَالْوَاوُ تَثْبُتُ فِي الأَسماء كَمَا قَالُوا وِلْدَةٌ، وَإِنَّمَا لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْهَاءِ فِي الْمَصَادِرِ. واتَّجَهَ لَهُ رأْيٌ أَي سَنَحَ، وَهُوَ افْتَعَلَ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وأُبدلت مِنْهَا التَّاءُ وأُدغمت ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ قَوْلُكَ قَعَدْتُ تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك. ووَجْهُ الفَرَسِ: مَا أَقبل عَلَيْكَ مِنَ الرأْس مِنْ دُونِ مَنَابت شَعْرِ الرأْس. وَإِنَّهُ لعَبْدُ الوَجْهِ وحُرُّ الوَجْهِ، وَإِنَّهُ لسَهْلُ الوَجْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الوَجْنَةِ. ووَجْهُ النَّهَارِ: أَوَّلُهُ. وَجِئْتُكَ بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار. وكان ذلك على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وَبِهِ يُفَسِّرُهُ ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: أَتيته بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي فِي أَوَّله؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
مَنْ كَانَ مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ، ... فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نهارِ
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ
؛ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل النَّهَارِ. ووَجْهُ النَّجْمِ: مَا بَدَا لَكَ مِنْهُ. ووَجْهُ الْكَلَامِ: السبيلُ الَّذِي تَقْصِدُهُ بِهِ. وجاهاهُ إِذَا فاخَرَهُ. ووُجُوهُ الْقَوْمِ: سَادَتُهُمْ، وَاحِدُهُمْ وَجْهٌ، وَكَذَلِكَ وُجَهَاؤهم، وَاحِدُهُمْ وَجِيهٌ. وصَرَفَ الشيءَ عَنْ وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ. وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ: وَجْهُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الِاسْمُ الوِجْهَة والوُجْهة، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا، وَالْوَاوُ تَثْبُتُ فِي الأَسماء كَمَا قَالُوا وِلْدَةٌ، وَإِنَّمَا لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْهَاءِ فِي المصادرِ. وَمَا لَهُ جِهَةٌ فِي هَذَا الأَمرِ وَلَا وِجْهَةٌ أَي لَا يُبْصِرُ وجْهَ أَمره كَيْفَ يأْتي لَهُ. والجِهَةُ والوِجْهَةُ جَمِيعًا: الموضعُ الَّذِي تَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ وَتَقْصِدُهُ. وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قَالَ:
نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ، ... لَمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِطْرَدِ
وَيُرْوَى: هِدْيَةَ رَوْقِهِ. وخَلِّ عَنْ جِهَتِه: يُرِيدُ جِهَةَ الطريقِ. وَقَلْتُ كَذَا عَلَى جِهَةِ كَذَا، وَفَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْعَدْلِ وَجِهَةِ الْجَوْرِ؛ وَالْجِهَةُ: النَّحْوُ، تَقُولُ كَذَا عَلَى جِهَةِ كَذَا، وَتَقُولُ: رَجُلٌ أَحمر مِنْ جِهَتِهِ الْحُمْرَةُ، وأَسود مِنْ جِهَتِهِ السَّوَادُ. والوِجهةُ والوُجهةُ: القِبلةُ وشِبْهها فِي كُلِّ وُجْهَةٍ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ اسْتَقْبَلْتَهُ وأَخذت فِيهِ. وتَجَهْتُ إِلَيْكَ أَتْجَهُ أَي توجهتُ، لأَن أَصل التَّاءِ فِيهِمَا وَاوٌ. وتوَجَّه إِلَيْهِ: ذَهَبَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً. وَقَالَ الأَصمعي: تَجَهَ، بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لمِرْداسِ بْنِ حُصين:
قَصَرْتُ لَهُ القبيلةَ، إِذْ تَجِهْنا ... وَمَا ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي
والأَصمعي يَرْوِيهِ: تَجَهْنا، وَالَّذِي أَراده اتَّجَهْنا، فَحَذَفَ أَلف الْوَصْلِ وَإِحْدَى التَّاءَيْنِ، وقَصَرْتُ:

(13/556)


حبَسْتُ. والقبيلةُ: اسْمُ فَرَسِهِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا، وَقِيلَ: الْقَبِيلَةُ اسْمُ فرسٍ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لطُفيلٍ:
بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ، ... وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّبِ
واتَّجَهَ لَهُ رأْيٌ أَي سَنَحَ، وَهُوَ افْتَعَل، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وأُبدلت مِنْهَا التَّاءُ وأُدغمت ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ قَوْلُكَ قَعَدْتُ تُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك. وتَجَهْتُ إِلَيْكَ أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التَّاءِ فِيهِمَا وَاوٌ. ووَجَّه إِلَيْهِ كَذَا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ فِي حاجةٍ ووجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّهِ وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وَإِلَيْكَ. وَيُقَالُ فِي التَّحْضِيضِ: وَجِّهِ الحَجَرَ وجْهةٌ ما لَهُ وجِهَةٌ مَا لَهُ ووَجْهٌ مَا لَهُ، وَإِنَّمَا رُفِعَ لأَن كُلَّ حَجَرٍ يُرْمى بِهِ فَلَهُ وجْهٌ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ وجِّه الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مَا لَهُ ووَجْهاً مَا لَهُ، فَنُصِبَ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ مَا فَضْلًا، يُرِيدُ وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر إِذَا لَمْ يَسْتَقِمْ مِنْ جهةٍ أَن يُوَجِّهَ لَهُ تَدْبِيرًا مِنْ جِهةٍ أُخرى، وأَصل هَذَا فِي الحَجَرِ يُوضَعُ فِي الْبِنَاءِ فَلَا يَسْتَقِيمُ، فيُقْلَبُ عَلَى وجْهٍ آخَرَ فَيَسْتَقِيمُ. أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الأَمر بِحُسْنِ التَّدْبِيرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الخُرْقِ: وَجِّهْ وَجْهَ الحَجَرِ وِجْهةً ما له، وَيُقَالُ: وِجْهة مَا لَهُ، بِالرَّفْعِ، أَي دَبِّرِ الأَمر عَلَى وجْهِه الَّذِي يَنْبَغِي أَن يُوَجَّهَ عَلَيْهِ. وَفِي حُسْنِ التَّدْبِيرِ يُقَالُ: ضَرَبَ وجْهَ الأَمر وعيْنَه. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ وَجِّه الْحَجَرَ جهةٌ مَا لَهُ، يُقَالُ فِي مَوْضِعِ الحَضِّ عَلَى الطَّلَبِ، لأَن كُلَّ حَجَرٍ يُرْمى بِهِ فَلَهُ وجْهٌ، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى رَفَعَهُ، وَمَنْ نَصَبَهُ فكأَنه قَالَ وَجِّه الْحَجَرَ جِهَتَه، وَمَا فضْلٌ، وَمَوْضِعُ الْمَثَلِ ضَعْ كلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَهُ. ابْنُ الأَعرابي: وَجِّه الْحَجَرَ جِهَةً مَا لَهُ وجهةٌ مَا له ووِجْهةً ما له ووِجهةٌ مَا لَهُ ووَجْهاً مَا لَهُ ووَجْهٌ مَا لَهُ. والمُواجَهَةُ: المُقابلَة. والمُواجَهةُ: اسْتِقْبَالُكَ الرَّجُلَ بِكَلَامٍ أَو وَجْهٍ؛ قَالَهُ اللَّيْثُ. وَهُوَ وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ مِنْ تِلْقاءِ وَجْهِكَ. وَاسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ التُّجاهَ اسْمًا وَظَرْفًا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: داريِ وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دَارِكَ، وَتُبَدُلُ التَّاءُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَكَانَ لِعَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَجْهٌ مِنَ النَّاسِ حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ اللَّهِ عَلَيْهَا
، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما بَعْدَهَا. والوُجاهُ والتُّجاهُ: الوجْهُ الَّذِي تَقْصِدُهُ. وَلَقِيَهُ وِجاهاً ومُواجَهةً: قابَل وجْهَهُ بوجْهِه. وتواجَهَ المنزلانِ وَالرَّجُلَانِ: تَقَابَلَا. والوُجاهُ والتُّجاه: لُغَتَانِ، وَهُمَا مَا اسْتَقْبَلَ شَيْءٌ شَيْئًا، تَقُولُ: دارُ فلانٍ تُجاهَ دَارِ فُلَانٍ. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ:
وطائفةٌ وُجاهَ الْعَدُوِّ
أَي مُقابَلتَهم وحِذاءَهم، وَتُكْسَرُ الْوَاوُ وَتُضَمُّ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
تُجاهَ العدوِّ
، وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ مِثْلُهَا فِي تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وَرَجُلٌ ذُو وَجْهينِ إِذَا لَقِيَ بِخِلَافِ مَا فِي قَلْبِهِ. وَتَقُولُ: توجَّهوا إِلَيْكَ ووَجَّهوا، كلٌّ يُقَالُ غَيْرَ أَن قَوْلَكَ وَجَّهوا إِلَيْكَ عَلَى مَعْنَى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الْفِعْلُ اللَّازِمُ. أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ مَعْنَاهُ أَين أَتَوَجَّه. وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والوجْهُ: الجاهُ. وَرَجُلٌ مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ: ذُو جَاهٍ وَقَدْ وَجُهَ وَجاهةً. وأَوْجَهَه: جَعَلَ لَهُ وجْهاً عِنْدَ النَّاسِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:

(13/557)


ونادَمْتُ قَيْصَر فِي مُلْكِه، ... فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا
وَرَجُلٌ وَجِيهٌ: ذُو وَجاهةٍ. وَقَدْ وَجُه الرجلُ، بِالضَّمِّ: صَارَ وَجِيهاً أَي ذَا جاهٍ وقَدْر. وأَوجَهَه اللَّهُ أَي صَيَّرَه وَجِيهاً. ووجَّهَه السلطانُ وأَوجَهَه: شرَّفَه. وأَوجَهْتُه: صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه مِنَ الوَجْهِ؛ قَالَ المُساوِرُ بْنُ هِنْدِ بْنِ قيْس بْنِ زُهَيْر:
وأَرَى الغَواني، بَعْدَ ما أَوْجَهْنَني، ... أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ: شيخٌ أَعْوَرُ
وَرَجُلٌ وَجْهٌ: ذُو جَاهٍ. وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذُو وَجْهَينِ. وأَحْدَبُ مُوَجَّهٌ: لَهُ حَدَبَتانِ مِنْ خَلْفِهِ وأَمامه، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَهل الْبَيْتِ: لَا يُحِبُّنا الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ: صَيَّرتَهْا وَجْهاً وَاحِدًا، كَمَا تَقُولُ: تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً وَاحِدًا. ووَجَّهَها المطرُ: قَشَرَ وَجْهَها وأَثر فِيهِ كحَرَصَها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْمَثَلِ: أَحمق مَا يتَوَجَّهُ أَي لَا يُحْسِنُ أَن يأْتي الْغَائِطَ. ابْنُ سِيدَهْ: فُلَانٌ مَا يتَوَجَّهُ؛ يَعْنِي أَنه إِذَا أَتى الْغَائِطَ جَلَسَ مُسْتَدِبِرَ الرِّيحِ فتأْتيه الرِّيحُ بِرِيحِ خُرْئِه. والتَّوَجُّهُ: الإِقبال وَالِانْهِزَامُ. وتَوَجَّهَ الرجلُ: وَلَّى وكَبِرَ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
كعَهْدِكِ لَا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني، ... وَلَا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِفُ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَبِرَ سِنُّهُ: قَدْ تَوَجَّهَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ شَمِطَ ثُمَّ شَاخَ ثُمَّ كَبِرَ ثُمَّ تَوَجَّهَ ثُمَّ دَلَف ثُمَّ دَبَّ ثُمَّ مَجَّ ثُمَّ ثَلَّبَ ثُمَّ الْمَوْتُ. وَعِنْدِي امرأَة قَدْ أَوْجَهَتْ أَي قَعَدَتْ عَنِ الْوِلَادَةِ. وَيُقَالُ: وَجَّهَتِ الريحُ الْحَصَى تَوْجِيهاً إِذَا سَاقَتْهُ؛ وأَنشد:
تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ
وَيُقَالُ: قَادَ فلانٌ فُلَانًا فوَجَّه أَي انْقَادَ وَاتَّبَعَ. وشيءٌ مُوَجَّهٌ إِذَا جُعِلَ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَخْتَلِفُ. اللِّحْيَانِيُّ: نَظَرَ فلانٌ بِوُجَيْهِ سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ. وَقَالَ الأَصمعي: وَجَهْتُ فُلَانًا إِذَا ضَرَبْتَ فِي وجْهِه، فَهُوَ مَوْجوهٌ. وَيُقَالُ: أَتى فُلَانٌ فُلَانًا فأَوْجَهَهُ وأَوْجَأَهُ إِذَا رَدَّهُ. وجُهتُ فُلَانًا بِمَا كَرِهَ فأَنا أَجُوهه إِذَا اسْتَقْبَلْتَهُ بِهِ؛ قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وكأَن أَصله مِنَ الوَجْه فقُلِبَ، وَكَذَلِكَ الجاهُ وأَصله الوَجْهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَسَمِعْتُ امرأَة تَقُولُ أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر مِنْ هَذَا أَي تَسْتَقْبِلَنِي. قَالَ شَمِرٌ: أُراه مأْخوذاً مِنَ الوَجْهِ؛ الأَزهري: كأَنه مَقْلُوبٌ. وَيُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ فوَجَّهُوا لِلنَّاسِ الطريقَ تَوْجِيهًا إِذَا وَطِئُوه وسَلَكوه حَتَّى اسْتَبَانَ أَثَرُ الطَّرِيقِ لِمَنْ يَسْلُكُهُ. وأَجْهَتِ السماءُ فَهِيَ مُجْهِيَةٌ إِذَا أَصْبَحت، وأَجْهَت لَكَ السَّبيلُ أَي اسْتَبَانَتْ. وبيتٌ أَجْهَى: لَا سِتْرَ عَلَيْهِ. وبيوتٌ جُهْوٌ، بِالْوَاوِ، وعَنْزٌ جَهْواء: لَا يَسْتُرُ ذَنَبُها حَيَاءَهَا. وَهُمْ وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ أَلفٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ووَجَّهَ النخلةَ: غَرَسَهَا فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها الشَّمالُ. والوَجِيهُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي تَخْرُجُ يَدَاهُ مَعًا عِنْدَ النِّتاج، وَاسْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ التَّوْجيهُ. وَيُقَالُ لِلْوَلَدِ إِذَا خَرَجَتْ يَدَاهُ مِنَ الرَّحِمِ أَوّلًا: وَجِيهٌ، وَإِذَا خَرَجَتْ رِجْلَاهُ أَوّلًا: يَتْنٌ. والوجيهُ: فَرَسٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ نَجِيبٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ. والتَّوْجيهُ فِي الْقَوَائِمِ: كالصَّدَفِ إلَّا أَنه دُونَهُ، وَقِيلَ: التَّوْجيهُ مِنَ الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ

(13/558)


وتَداني الْحَافِرَيْنِ والْتِواءٌ مِنَ الرُّسْغَيْنِ. وَفِي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ، وَذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ:
كِلِيني لهَمٍّ، يَا أُمَيمَةَ، ناصِبِ
فَالْبَاءُ هِيَ الْقَافِيَةُ، والأَلف الَّتِي قَبْلَ الصَّادِ تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ بَيْنَ التأْسيس وَالْقَافِيَةِ، وإِنما قِيلَ لَهُ تَوْجِيهٌ لأَن لَكَ أَن تُغَيِّرَه بأَيِّ حرفٍ شئتَ، وَاسْمُ الْحَرْفِ الدَّخِيلُ. الْجَوْهَرِيُّ: التَّوْجيهُ هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي بَيْنَ أَلف التأْسيس وَبَيْنَ الْقَافِيَةِ، قَالَ: وَلَكَ أَن تُغَيِّرَهُ بأَي حَرْفٍ شئتَ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: أَنِّي أَفِرّ، مَعَ قَوْلِهِ: جَمِيعًا صُبُرْ، واليومُ قَرّ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ تَوْجيهٌ؛ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: التَّوْجِيهُ اسْمٌ لِحَرَكَاتِهِ إِذا كَانَ الرَّوِيُّ مُقَيَّداً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّوْجيهُ هُوَ حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ الرويِّ الْمُقَيَّدِ، وَقِيلَ لَهُ تَوْجِيهٌ لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ إِليه لَا غَيْرَ، وَلَمْ يَحْدُث عَنْهُ حرفُ لِينٍ كَمَا حَدَثَ عَنِ الرَّسِّ والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الْحَرْفُ الَّذِي بَيْنَ أَلف التأْسيس والرَّوِيِّ فإِنه يُسَمَّى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلًا لِدُخُولِهِ بَيْنَ لَازِمَيْنِ، وَتُسَمَّى حَرَكَتُهُ الإِشباعَ، وَالْخَلِيلُ لَا يُجِيزُ اخْتِلَافَ التَّوْجِيهِ وَيُجِيزُ اخْتِلَافَ الإِشباع، وَيَرَى أَن اخْتِلَافَ التَّوْجِيهِ سِنادٌ، وأَبو الْحَسَنِ بِضِدِّهِ يَرَى اخْتِلَافَ الإِشباع أَفحش مِنَ اخْتِلَافِ التَّوْجِيهِ، إِلا أَنه يَرَى اخْتِلَافَهُمَا، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، جَائِزًا، وَيَرَى الْفَتْحَ مَعَ الْكَسْرِ وَالضَّمِّ قَبِيحًا فِي التَّوْجِيهِ والإِشباع، وَالْخَلِيلُ يَسْتَقْبِحُهُ فِي التَّوْجِيهِ أَشدّ مِنَ اسْتِقْبَاحِهِ فِي الإِشباع، وَيَرَاهُ سِناداً بِخِلَافِ الإِشباع، والأَخفش يَجْعَلُ اخْتِلَافَ الإِشباع بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ أَو الْكَسْرِ سِناداً؛ قَالَ: وَحِكَايَةُ الْجَوْهَرِيُّ مُنَاقِضَةٌ لِتَمْثِيلِهِ، لأَنه حَكَى أَن التَّوْجِيهَ الْحَرْفُ الَّذِي بَيْنَ أَلف التأْسيس وَالْقَافِيَةِ، ثُمَّ مثَّله بِمَا لَيْسَ لَهُ أَلف تأْسيس نَحْوَ قَوْلِهِ: أَني أَفرّ، مَعَ قَوْلِهِ: صُبُرْ، واليومُ قَرّ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّوْجِيهُ فِي قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ فِي الْقَافِيَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَضُمَّهُ وَتَفْتَحَهُ، فإِن كَسَرْتَهُ فَذَلِكَ السِّنادُ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَتَحْرِيرُهُ أَن تَقُولَ: إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ كَقَوْلِهِ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
وَقَوْلُهُ فِيهَا:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بِالرَّاعِي الحَمِقْ
وَقَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ:
سِرّاً وَقَدْ أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ
قَالَ: وَالتَّوْجِيهُ أَيضاً الَّذِي بَيْنَ حَرْفِ الرَّوِيِّ الْمُطْلَقِ والتأْسيس كَقَوْلِهِ:
أَلا طالَ هَذَا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ
فالأَلف تأْسيس، وَالنُّونُ تَوْجِيهٌ، وَالْبَاءُ حَرْفُ الرَّوِيِّ، وَالْهَاءُ صِلَةٌ؛ وَقَالَ الأَخفش: التَّوْجيهُ حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي إِلَى جَنْبِ الرَّوِيّ الْمُقَيَّدِ لَا يَجُوزُ مَعَ الْفَتْحِ غَيْرُهُ نَحْوَ:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ
الْتَزَمَ الْفَتْحَ فِيهَا كُلِّهَا، وَيَجُوزُ مَعَهَا الْكَسْرُ وَالضَّمُّ فِي قَصِيدَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا مثَّلنا. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصله مِنَ التَّوْجِيه، كأَن حَرْفَ الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ عِنْدَهُمْ أَي كأَنَّ لَهُ وَجْهَيْنِ: أَحدهما مِنْ قَبْلِهِ، وَالْآخَرُ مِنْ بَعْدِهِ، أَلا تَرَى أَنهم اسْتَكْرَهُوا اخْتِلَافَ الْحَرَكَةِ مِنْ قَبْلِهِ مَا دَامَ مُقَيَّدًا نَحْوَ الحَمِقْ والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كَمَا يَسْتَقْبِحُونَ اخْتِلَافَهَا فِيهِ مَا دَامَ مُطْلَقًا نَحْوَ قَوْلِهِ:

(13/559)


عَجْلانَ ذَا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ
مَعَ قَوْلِهِ فِيهَا:
وَبِذَاكَ خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ
وَقَوْلُهُ:
عَنَمٌ يكادُ مِنَ اللَّطافَةِ يُعْقَدُ
فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْحَرَكَةُ قَبْلَ الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ تَوجيهاً، إَعلاماً أَن لِلرَّوِيِّ وَجْهَيْنِ فِي حَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ مُقَيَّدًا فَلَهُ وَجْهٌ يَتَقَدَّمُهُ، وإِذا كَانَ مُطْلَقًا فَلَهُ وَجْهٌ يتأَخر عَنْهُ، فَجَرَى مَجْرَى الثَّوْبِ المُوَجَّهِ ونحوِه؛ قَالَ: وَهَذَا أَمثل عِنْدِي مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه يَجُوزُ فِيهِ وُجُوهٌ مِنَ اخْتِلَافِ الْحَرَكَاتِ، لأَنه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لمَا تَشدَّد الْخَلِيلُ فِي اخْتِلَافِ الْحَرَكَاتِ قَبْلَهُ، ولمَا فَحُشَ ذَلِكَ عِنْدَهُ. والوَجِيهَةُ: خَرَزَةٌ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الخَرَزِ. وَبَنُو وَجِيهةَ: بطن.
وده: الوَدْهُ: فعلٌ مُمات، وَقَدْ وَدِهَ وَدَهاً. وأَوْدَهَني عن كذا: صَدَّني. اسْتَوْدَهتِ الإِبلُ واسْتَيْدَهَتْ، بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ، إِذا اجْتَمَعَتْ وَانْسَاقَتْ، وَمِنْهُ اسْتِيداهُ الخَصْمِ. واسْتَوْدَهَ الخَصْمُ: غُلِبَ وانقادَ ومُلِكَ عَلَيْهِ أَمْرُه، وَكَذَلِكَ اسْتَيْدَهَ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي نُخَيْلَةَ:
حَتَّى اتْلأَبُّوا بعد ما تَبَدُّدِ، ... واسْتَيْدَهُوا للقَرَبِ العَطَوَّدِ
أَي انْقَادُوا وَذَلُّوا، وَهَذَا مَثَلٌ؛ قَالَ المُخَبَّلُ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْلِ حَتَّى تَنَهْنَهَتْ، ... إِلى ذِي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
يَقُولُ: أَطاعوا الَّذِي كَانَ يأْمرهم بِالْحِلْمِ، وَرُوِيَ: واسْتَيْقَهُوا مِنَ الْقاهِ، وَهُوَ الطَّاعَةُ. والوَدْهاءُ: الحَسَنةُ اللونِ في بياضٍ.
وره: الوَرَهُ: الحُمْقُ فِي كُلِّ عَمَلٍ، وَيُقَالُ: الخُرْقُ فِي الْعَمَلِ. والأَوْرَهُ: الَّذِي تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ وَفِيهِ حُمْقٌ وَلِكَلَامِهِ مَخارِجُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتمالكُ حُمْقاً، وَقَدْ وَرِهَ وَرَهاً. وكَثِيبٌ أَوْرَهُ: لَا يَتمالكُ. وامرأَة وَرْهاءُ: خَرْقاءُ بِالْعَمَلِ. وامرأَة وَرْهاءُ الْيَدَيْنِ: خَرْقاءُ؛ قَالَ:
تَرَنُّمَ وَرْهاءِ الْيَدَيْنِ تَحامَلَتْ ... عَلَى البَعْلِ، يَوْمًا، وَهِيَ مَقَّاءُ ناشِزُ
المَقَّاءُ: الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَقَدْ وَرِهَتْ تَوْرَهُ؛ قَالَ الفِنْدُ الزِّمَّانِيُّ يَصِفُ طَعْنَة:
كجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْهاءِ ... رِيعَتْ، وهْيَ تَسْتَفْلي
وَيُرْوَى لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عابِسٍ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنَفِ: قَالَ لَهُ الحُبابُ وَاللَّهِ إِنك لضَئِيلٌ وإِن أُمَّك لوَرْهاءُ
؛ الوَرَهُ، بِالتَّحْرِيكِ: الخُرْقُ فِي كُلِّ عَمَلٍ، وَقِيلَ: الْحُمْقُ. وَرَجُلٌ أَوْرَهُ إِذا كَانَ أَحمق أَهوج، وَقَدْ وَرِهَ يَوْرَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: قَالَ لِرَجُلٍ نَعَمْ يَا أَوْرَهُ
والوُرَّهُ: الرِّمال الَّتِي لَا تتماسكُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَنْهَا وأَثْباج الرِّمالِ الوُرَّهِ
وتَوَرَّهَ فُلَانٌ فِي عَمَلِ هَذَا الشَّيْءَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ حَذاقةٌ. وَرِيحٌ وَرْهاءُ: فِي هُبوبها خُرْقٌ وعَجْرَفَةٌ. ابْنُ بُزُرْج: الوَرِهَةُ الكثيرةُ الشحمِ، وَرِهَتْ فَهِيَ تَرِهُ مِثْلُ وَرِمَتْ فَهِيَ تَرِمُ. وَسَحَابٌ وَرِهٌ وَسَحَابَةٌ وَرِهَةٌ إِذا كَثُرَ مَطَرُهَا؛ قَالَ الهُذَلِيُّ:

(13/560)


جُوفُ رَبابٍ ورِهٍ مُثْقَلِ
وَدَارٌ وارهةٌ: وَاسِعَةٌ. والوَرَهْرَهَةُ: المرأَة الْحَمْقَاءُ. والهَوَرْوَرةُ: الْهَالِكَةُ.
وفه: الوافِهُ: قَيِّمُ البِيعةِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى بَيْتِ النَّصَارَى الَّذِي فِيهِ صَلِيبُهُمْ، بِلُغَةِ أَهل الْجَزِيرَةِ، كالواهِفِ، ورُتْبَتُهُ الوَفْهِيَّةُ. وَفِي كِتَابِهِ لأَهل نَجْرانَ: لَا يُحَرَّكُ راهبٌ عَنْ رَهبانيتِهِ، وَلَا يُغَيَّرُ وافِهٌ عَنْ وَفْهِيَّتِهِ، وَلَا قِسِّيسٌ عَنْ قسِّيسِيَّتِهِ. وَجَاءَ فِي بَعْضِ الأَخبار: واقِهٌ، بِالْقَافِ أَيضاً، وَالصَّوَابُ الفاء، ويروى واهِفٌ.
وَقَهَ: الوَقْهُ: الطَّاعَةُ، مَقْلُوبٌ عَنِ الْقاهِ، وَقَدْ وَقِهْتُ وأَيْقَهْتُ واسْتَيْقَهْتُ. وَيُرْوَى: واسْتَيْقَهُوا للمُحَلِّمِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ عِنْدِي أَن الْقَاهَ مَقْلُوبٌ مِنَ الوَقْه، بِدَلَالَةِ قَوْلِهِمْ وَقِهْتُ واسْتَيْقَهْتُ، وَمِثْلُ الوَقْهِ والْقاهِ الوجهُ والجاهُ فِي الْقَلْبِ. وَرَوَى
الأَزهري عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: فِي كِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَهل نَجْرَانَ: لَا يُحَرَّكُ راهبٌ عَنْ رَهْبانِيَّتهِ، وَلَا واقِهٌ عَنْ وَقاهِيَتِه، وَلَا أُسْقُفٌّ عَنْ أُسْقُفِّيَّتِهِ، شَهِدَ أَبو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ والأَقرعُ بْنُ حابِسٍ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ لَنَا أَبو زَيْدٍ، بِالْقَافِ، وَالصَّوَابُ وافِهٌ عَنْ وَفْهِيَّتهِ؛ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بُزُرْج بِالْفَاءِ. وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي واهِفٌ، وكأَنه مقلوب.
وَلَهَ: الوَلَهُ: الْحُزْنُ، وَقِيلَ: هُوَ ذِهَابُ الْعَقْلِ وَالتَّحَيُّرِ مِنْ شِدَّةِ الْوَجْدِ أَو الْحُزْنِ أَو الْخَوْفِ. والوَلَهُ: ذِهَابُ الْعَقْلِ لفِقْدانِ الْحَبِيبِ. وَلهَ يَلِه مِثْلُ وَرِم يَرِمُ ويَوْلَهُ عَلَى الْقِيَاسِ، ووَلَه يَلِهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَلِهَ يَوْلَه وَلَهاً وولَهاناً وتَوَلَّه واتَّلَه، وَهُوَ افْتَعَلَ، فأُدغم؛ قَالَ مُلَيْحٌ الْهُذَلِيُّ:
إِذا مَا حَالَ دُونَ كلامِ سُعْدَى ... تَنائي الدارِ، واتَّلَه الغَيُورُ
والوَلَهُ يَكُونُ مِنَ الْحُزْنِ وَالسُّرُورِ مِثْلَ الطَّرَبِ. وَرَجُلٌ وَلْهانُ ووالِهٌ وآلِهٌ، عَلَى الْبَدَلِ: ثَكْلانُ. وامرأَة وَلْهَى ووالهٌ ووالِهَةٌ ومِيلاهٌ: شَدِيدَةُ الْحُزْنِ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْجَمْعُ الوُلَّه، وَقَدْ وَلَّهها الحُزْنُ والجَزَعُ وأَوْلَهها؛ قَالَ:
حاملةٌ دَلْوِيَ لَا محمولَهْ، ... مَلأَى مِنَ الْمَاءِ كعينِ المُولَهْ
المُولَهُ: مُفْعَلٌ مِنَ الوَلَهِ، وَكُلُّ أُنثى فَارَقَتْ وَلَدَهَا فَهِيَ والِهٌ؛ قَالَ الأَعشى يَذْكُرُ بَقَرَةً أَكل السِّبَاعُ وَلَدَهَا:
فأَقبلَتْ والِهاً ثَكْلى عَلَى عَجَلٍ، ... كلٌّ دَهَاهَا، وكلٌّ عندَها اجْتَمعا
ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مِيلاهٌ، وَهِيَ الَّتِي فَقدت وَلَدَهَا فَهِيَ تَلِهُ إِليه. يُقَالُ: وَلَهَتْ إِليه تَلِهُ أَي تَحِنُّ إِليه. شَمِرٌ: المِيلاهُ الناقةُ تُرِبُّ بِالْفَحْلِ، فإِذا فَقَدَتْهُ وَلَهَتْ إِليه؛ وَنَاقَةٌ والِهٌ. قَالَ: وَالْجَمَلُ إِذا فَقَدَ أُلَّافَهُ فحنَّ إِليها والِهٌ أَيضاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلِهَتْ نفْسيَ الطَّرُوبُ إِليهم ... وَلَهاً حالَ دُونَ طَعْمِ الطعامِ
ولِهَتْ: حَنَّتْ. وَنَاقَةٌ والِهٌ إِذا اشْتَدَّ وَجْدُها عَلَى وَلَدِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: المِيلاهُ الَّتِي مِنْ عَادَتِهَا أَن يَشْتَدَ وجْدُها عَلَى وَلَدِهَا، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ سَحَابًا:
كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَه ... يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّبُ

(13/561)


والتَّوْلِيهُ: أَن يُفَرَّقَ بَيْنَ المرأَة وَوَلَدِهَا، زَادَ التَّهْذِيبُ: فِي الْبَيْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُوَلَّهُ والدةٌ عَلَى وَلَدِهَا
أَي لَا تُجْعَلُ وَالِهًا، وَذَلِكَ فِي السَّبَايَا، والوَلَهُ يَكُونُ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، وَبَيْنَ الإِخوة، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَوَلَدِهِ، وَقَدْ وَلِهتْ وأَوْلهها غيرُها، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ:
لَا تُوَلَّه وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا
أَي لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَكُلُّ أُنثى فَارَقَتْ وَلَدَهَا فَهِيَ والِهٌ. وَفِي حَدِيثِ
نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ: غَيْرَ أَن لَا تُوَلِّه ذَاتَ وَلَدٍ عَنْ وَلَدِهَا.
وَفِي حَدِيثِ
الفَرَعَةِ: تُكْفِئُ إِناءَك وتُوَلِّه ناقَتَك
أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذَبْحِكَ وَلَدَهَا، وَقَدْ أَولَهْتُها ووَلَّهْتُها تَوْلِيهاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيحِ.
وماءٌ مُولَهٌ ومُوَلَّهٌ: أُرْسلَ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَهَبَ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
مَلأَى مِنَ الْمَاءِ كعينِ المُولَهْ
وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو:
تَمْشِي مِنَ الْمَاءِ كَمَشْيِ المُولَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي أَنها دَلْوٌ كَبِيرَةٌ، فَإِذَا رَفَعَهَا مِنَ الْبِئْرِ رَفَعَتْ مَعَهَا الدِّلاءَ الصِّغَار، فَهِيَ أَبداً حَامِلَةٌ لَا مَحْمُولَةٌ لأَن الدلاءَ الصغارَ لَا تَحْمِلُهَا؛ وَقَوْلُ مُليح:
فهنَّ هَيَّجْنَنا، لمَّا بَدَوْنَ لَنا، ... مِثْلَ الغَمامِ جَلَتْهُ الأُلَّهُ الهُوجُ
عَنى الرياحَ لأَنه يُسْمَعُ لَهَا حَنِينٌ كحَنينِ الرِّيَاحِ، وأَراد الوُلَّهَ، فأَبدل مِنَ الْوَاوِ هَمْزَةً لِلضَّمَّةِ. والمِيلاهُ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الهُبُوبِ ذاتُ الحَنِين. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَزَعَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ أَن الْعَنْكَبُوتَ تسمَّى المُولَه، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبْتٍ. والمِيلَه: الفَلاةُ الَّتِي تُوَلِّه الناسَ وتُحَيِّرُهم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلِّ مِيلَهِ ... بِنَا حَراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ
أَراد الْبِلَادَ الَّتِي تُوَلِّهُ الإِنسان أَي تُحَيِّرُهُ. والوَلِيهةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ. والوَلَهانُ: اسْمُ شَيْطَانٍ يُغْري الإِنسانَ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوَلَهانُ اسْمُ شَيْطَانِ الماءِ يُولِعَ الناسَ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ
؛ وأَما مَا أَنشده الْمَازِنِيُّ:
قَدْ صَبَّحَتْ حَوْضَ قِرىً بَيُّوتا، ... يَلِهْنَ بَرْدَ مائِه سُكُوتا،
نَسْفَ العجوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتا
قَالَ: يَلِهْنَ بردَ الْمَاءِ أَي يُسْرِعْنَ إِليه وإِلى شُرْبِهِ ولَهَ الوالِه إِلى وَلَدِهَا حَنِيناً.
وَمِهَ: وَمِهَ النهارُ وَمَهاً: اشْتَدَّ حرُّه. ابْنُ الأَعرابي: الوَمْهةُ الإِذْوابَةُ مِنْ كُلِّ شيءٍ.
وَهْوَهَ: الوَهْوَهَةُ: صِيَاحُ النِّسَاءِ فِي الحُزْنِ. ووَهْوَه الكلبُ فِي صَوْتِهِ إِذا جَزِعَ فردَّده، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ووَهْوَهَ العَيْرُ: صَوَّتَ حَوْلَ أُتُنِه شَفَقَةً. وحمارٌ وَهْواهٌ: يَفْعَلُ ذَلِكَ ويُوَهْوِه حَوْلَ عانَتِه؛ قَالَ رؤْبة يَصِفُ حِمَارًا:
مُقْتَدِرُ الضَّيْعَةِ وَهْواهُ الشَّفَقْ
والوَهْوَهةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الفَرَسِ إِذا غَلُظَ، وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يَكُونُ فِي حَلْقِه آخِرَ صَهِيله. وَفَرَسٌ وَهْواهُ الصَّهِيل إِذا كَانَ ذَلِكَ يَصْحَبُ آخِر صَهيلِه. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ أَصوات الْفَرَسِ الوَهْوهةُ. وَفَرَسٌ مُوَهْوِهٌ: وَهُوَ الَّذِي يَقْطَعُ مِنْ نفَسِه شِبْهَ النَّهْمِ غَيْرَ أَن ذَلِكَ خلقةٌ مِنْهُ لَا يَسْتَعِينُ فِيهِ بحَنْجَرَتِه. قَالَ: والنَّهْمُ خروجُ الصوتِ عَلَى

(13/562)


الإِبْعاد؛ وأَنشد بَيْتَ رؤْبة: وَهْواهُ الشَّفَقْ؛ وأَنشد أَيضاً لَهُ:
وَدُونَ نَبْحِ النابحِ المُوَهْوِه
قَالَ أَبو بَكْرٍ النَّحْوِيُّ فِي قَوْلِ رؤْبة وَهْواهُ الشَّفَقْ: يُوَهْوِهُ مِنَ الشَّفقة يُدارِكُ النَّفَس كأَنَّ بِهِ بُهْراً، قَالَ: وَقَوْلُهُ مُقْتَدِر الضَّيْعةِ؛ مَعْنَاهُ أَن ضَيْعة هَذَا المِسْحَلِ فِي هَذِهِ الأُتُنِ لَيْسَ فِي أُتُنٍ كَثِيرَةٍ فتنتشِر عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَنَى بالضَّيْعةِ عَنْ أُتُنِه أَي أُتُنُه عَلَى قدرِ نحوٍ مِنْ ثمانٍ أَو عشرٍ فحِفظُها متيسِّر عَلَيْهِ. والوَهْوَهُ والوَهْواهُ مِنَ الْخَيْلِ أَيضاً: النشِيطُ الْحَدِيدُ الَّذِي يَكَادُ يُفْلِتُ عَنْ كُلِّ شيءٍ مِنْ حِرْصِه ونَزَقِه، وَقِيلَ: فَرَسٌ وَهْوَهٌ ووَهْواهٌ إِذا كَانَ حَرِيصًا عَلَى الجَرْي نشِيطاً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبلٍ يَصِفُ فَرَسًا يَصِيدُ الْوَحْشَ:
وَصَاحِبِي وَهْوهٌ مُسْتَوْهِلٌ زَعِلٌ، ... يَحُولُ دُونَ حِمارِ الوَحْشِ والعَصَرِ
ووَهْوهَ الأَسدُ فِي زَئيره، فَهُوَ وَهْواهٌ، والوَهْوهُ: الَّذِي يُرْعَدُ مِنَ الامْتِلاء. وَرَجُلٌ وَهْواهٌ: مَنْخُوب الْفُؤَادِ.
ويه: وَيْهِ: إِغْراءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَوِّن فَيَقُولُ وَيْهاً، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وإِذا أَغْرَيْتَه بِالشَّيْءِ قُلْتَ: وَيْهاً يَا فلانُ وَهُوَ تَحْريضٌ كَمَا يُقَالُ: دونَك يَا فلانُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَجَاءَتْ حوادثُ، فِي مِثْلِها ... يُقَالُ لمثلِيَ: وَيْهاً فُلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فُلُ يُرِيدُ يَا فُلَانُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ حَاتِمٍ:
وَيْهاً فِدىً لكُمُ أُمِّي وَمَا وَلَدَتْ، ... حامُوا عَلَى مَجْدِكمْ، واكْفُوا مَنِ اتَّكَلا
وَقَالَ الأَعشى
وَيْهاً خُثَيْمٌ إِنه يومٌ ذَكَرْ، ... وزاحَمَ الأَعداءُ بالثَّبْتِ الغَدَرْ
وَقَالَ آخَرُ:
وَيْهاً فِداءً لَكَ يَا فَضالَهْ، ... أَجِرَّهُ الرُّمْحَ وَلَا تُهالَهْ
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
فإِذ شَمَّرَتْ لَكَ عَنْ ساقِها، ... فَوَيْهاً رَبيعَ وَلَا تَسْأَمِ
يُرِيدُ ربيعةَ الخيرِ بْنَ قُرْطِ بْنُ سَلَمة بْنِ قُشَيْرٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما عَمْرَوَيهِ وَمَا أَشبهها فأَلْزَمُوا آخِرَه شَيْئًا لَمْ يَلْزَمِ الأَعجمية، فَكَمَا تَرَكُوا صَرْفَ الأَعجمية جَعَلُوا ذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّوْتِ، لأَنهم رأَوه قَدْ جَمعَ أَمرين فحَطُّوهُ دَرَجَةً عَنْ إِسماعيل وشِبْهِه، وَجَعَلُوهُ فِي النَّكِرَةِ بِمِثَالِ غاقٍ، منوَّنة مَكْسُورَةٍ، فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وسِيَبوَيْه وَنَحْوَهُ اسْمٌ بُنِيَ مَعَ الصَّوْتِ، فَجَعَلَا اسْمًا وَاحَدًا، وَكَسَرُوا آخِرَهُ كَمَا كَسَرُوا غاقٍ لأَنه ضارَعَ الأَصوات، وَفَارَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ لأَن آخِرَهُ لَمْ يُضارِعِ الأَصوات فيُنَوَّنُ فِي التَّنْكِيرِ، وَمَنْ قَالَ: هَذَا سيبويهُ ورأَيت سيبويهَ فأَعربه بإِعراب مَا لَا يَنْصَرِفُ ثَنَّاه وجمَعه، فَقَالَ السِّيبَوَيْهانِ والسِّيبَوَيْهُونَ، وأَما مَنْ لَمْ يُعْرِبْهُ فإِنه يَقُولُ فِي التَّثْنِيَةِ ذَوا سيبويهِ، وَكِلَاهُمَا سيبويِهِ، وَيَقُولُ فِي الْجَمْعِ: ذَوُو سِيبويهِ، وَكُلُّهُمْ سيبويهِ. وواهَ: تَلَهُّفٌ وتَلَوّذٌ، وَقِيلَ: اسْتِطَابَةٌ، ويُنَوَّنُ فَيُقَالُ: وَاهًا لفلانٍ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وَاهًا لرَيَّا ثُمَّ وَاهًا واهَا ... يَا لَيْتَ عَيْناها لَنَا وَفَاهَا
«2» . بثمنٍ نُرْضي بِهِ أَباها،
__________
(2) . قوله عيناها: هُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يعرب المثنى بالحركات

(13/563)


فاضتْ دموعُ العينِ مِنْ جَرَّاها ... هِيَ المُنَى لَوْ أَنَّنا نِلْناها
قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِذا نوَّنْتَ فكأَنك قُلْتَ اسْتِطَابَةً، وإِذا لَمْ تُنَوِّنْ فكأَنك قُلْتَ الِاسْتِطَابَةَ، فَصَارَ التَّنْوِينُ عَلَمَ التَّنْكِيرِ وتركُهُ عَلَمَ التَّعْرِيفِ؛ وأَنشد الأَزهري:
وهْو إِذا قِيلَ لَهُ ويْهاً كُل، ... فإِنهُ مُواشِكٌ مُسْتَعْجِل
وهْو إِذا قِيلَ لَهُ وَيْهاً فُل، ... فإِنه أَحْجِ بِهِ أَن يَنْكُل
أَي إِذا دُعِيَ لِدَفْعِ عَظِيمَةٍ، فَقِيلَ لَهُ يَا فُلَانُ، نَكَلَ وَلَمْ يُجِبْ، وإِن قِيلَ لَهُ كُلْ أَسرع، وإِذا تَعَجَّبَتْ مِنْ طِيبِ الشَّيْءِ قُلْتَ: وَاهًا لَهُ مَا أَطْيَبَه وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَتَعَجَّبُ بَوَاهًا فَيَقُولُ: وَاهًا لِهَذَا أَي مَا أَحْسَنَه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَتَقُولُ فِي التَّفْجِيع وَاهًا وواهَ أَيضاً. ووَيْهِ: كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي الاستحثاث.