لسان العرب فصل الميم
مأي: مَأَيْتُ فِي الشَّيْءِ أَمْأَى مَأْياً: بالغتُ. ومأَى الشجرُ
مَأْياً: طَلَع، وَقِيلَ: أَوْرَقَ. ومأو
مَأَوْتُ الجلْدَ والدَّلوَ والسِّقاءَ مأو
مَأْواً ومَأَيْتُ السقاءَ مَأْياً إِذا وَسَّعْتَه وَمَدَدْتَهُ
حَتَّى يَتَّسِعَ. وتَمَأّى الجلدُ يَتَمَأّى تَمَئِّياً تَوَسَّع،
وتَمَأَّتِ الدلوُ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: تَمَئِّيها امْتِدَادُهَا،
وَكَذَلِكَ الْوِعَاءُ، تَقُولُ: تَمَأَّى السِّقاءُ والجِلدُ فَهُوَ
يَتَمأَّى تَمَئِّياً ومأو
تَمَؤُّواً، وإِذا مددتَه فاتَّسع، وَهُوَ تَفَعُّل؛ وَقَالَ:
دَلْوٌ تَمَأَّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ، ... أَو بأَعالي السَّلَمِ
المُضَرَّبِ،
بُلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ، ... إِذا اتَّقَتْكَ بالنَّفِيِّ
الأَشْهَبِ،
فَلَا تُقَعْسِرْها ولكِنْ صَوِّبِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: المَأْيُ النَّمِيمة بَيْنَ الْقَوْمِ. مَأَيْتُ
بَيْنَ الْقَوْمِ: أَفسدت. وَقَالَ الليث: مأو
مَأَوْتُ بَيْنَهُمْ إِذا ضَرَبْتَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، ومَأَيتُ إِذا
دَبَبْتَ بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ؛ وأَنشد:
ومَأَى بَيْنَهُمْ أَخُو نُكُراتٍ ... لمْ يَزَلْ ذَا نَمِيمَةٍ
مَأْآءَا
وامرأَة مَأْآءَةٌ: نَمَّامةٌ مِثْلُ مَعَّاعةٍ، ومُسْتَقْبِلُه
يَمْأَى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ومَأَى بَيْنَ الْقَوْمِ مَأْياً
أَفسَدَ ونَمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: مَأَى مَا بَيْنَهُمْ مَأْياً أَي
أَفسد؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ويَعْتِلُونَ مَن مَأَى فِي الدَّحْسِ، ... بالمأْسِ يَرْقَى فوقَ كلِّ
مَأْسِ
والدَّحْسُ والمَأْسُ: الْفَسَادُ. وَقَدْ تَمَأّى مَا بَيْنَهُمْ أَي
فَسَدَ. وتَمَأَّى فِيهِمُ الشَّر: فَشا واتَّسع. وامرأَة مَاءَةٌ،
عَلَى مِثْلِ ماعةٍ: نَمَّامَةٌ مَقْلُوبٌ، وَقِيَاسُهُ مآةٌ عَلَى
مِثال مَعاةٍ. وماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مُواءً «1» ومأَتِ السنورُ
كَذَلِكَ إِذا صَاحَتْ، مِثْلَ أَمَتْ تَأْمُو أُماء؛ وَقَالَ
غَيْرُهُ: مَاءَ السنورُ يَمُوءُ كَمَأَى. أَبو عَمْرٍو: أَمْوَى إِذا
صَاحَ صِياحَ السنورِ. والمِائةُ: عَدَدٌ مَعْرُوفٌ، وَهِيَ مِنَ
الأَسماء الْمَوْصُوفِ بِهَا، حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَرَرْتُ برجُلٍ
مائةٍ إِبلُه، قَالَ: وَالرَّفْعُ الْوَجْهُ، وَالْجَمْعُ مِئاتٌ
ومِئُونَ عَلَى وَزْنِ مِعُونَ، ومِئٌ مِثَالُ مِعٍ، وأَنكر
سِيبَوَيْهِ هَذِهِ الأَخيرة، قَالَ: لأَن بَنَاتَ الْحَرْفَيْنِ لَا
يُفعل بِهَا كَذَا، يَعْنِي أَنهم لَا يَجْمَعُونَ عَلَيْهَا مَا قَدْ
ذَهَبَ مِنْهَا فِي الإِفراد ثُمَّ حذفَ الْهَاءِ فِي الْجَمْعِ، لأَن
ذَلِكَ إِجحاف فِي الِاسْمِ وإِنما هُوَ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ
المِئِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ فِي المِائَة مِنَ الْعَدَدِ: أَصلها مِئًى
مِثْلَ مِعًى، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ، وإِذا جُمِعَتْ
بِالْوَاوِ وَالنُّونِ قُلْتَ مِئُون، بِكَسْرِ الميم، وبعضهم يقول
مُؤُونَ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الأَخفش: وَلَوْ قُلْتَ مِئَاتٌ مِثْلَ
مِعاتٍ لَكَانَ جَائِزًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصلها مِئْيٌ. قَالَ
أَبو الْحَسَنِ: سَمِعْتُ مِئْياً فِي مَعْنَى مِائةٍ عَنِ الْعَرَبِ،
ورأَيت هُنَا حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رضِيّ الدِّين الشَّاطِبِيِّ
اللُّغَوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: أَصلها مِئْيةٌ، قَالَ أَبو
الْحَسَنِ: سَمِعْتُ مِئْيَةً فِي مَعْنَى مِائةٍ، قَالَ: كَذَا
حَكَاهُ الثَّمَانِينِيُّ فِي التَّصْرِيفِ، قَالَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ
يَقُولُ مِائَة دِرْهَمٍ، يُشِمُّونَ شَيْئًا مِنَ الرَّفْعِ فِي
الدَّالِ وَلَا يُبَيِّنُونَ، وَذَلِكَ الإِخفاء، قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: يُرِيدُ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي الدَّالِ
مِنْ دِرْهَمٍ وَيَبْقَى الإِشمام عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا
لَكَ لَا تَأْمَنَّا؛ وَقَوْلِ امرأَة مِنْ بَنِي عُقَيْل تَفْخَرُ
__________
(1) . قوله [ومَاءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مُوَاءً] كذا في الأَصل وهو
من المهموز، وعبارة القاموس: مُؤَاء بهمزتين.
(15/269)
بأَخوالها مِنَ الْيَمَنِ، وَقَالَ أَبو
زَيْدٍ إِنه للعامرِيَّة:
حَيْدَةُ خَالِي ولَقِيطٌ وعَلي، ... وحاتِمُ الطائيُّ وهَّابُ
المِئِي،
ولمْ يكنْ كخالِك العَبْدِ الدَّعِي ... يَأْكلُ أَزْمانَ الهُزالِ
والسِّني
هَناتِ عَيْرٍ مَيِّتٍ غيرِ ذَكي
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد المِئِيَّ فَخَفَّفَ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
أَلَمْ تكنْ تَحْلِفُ باللهِ العَلي ... إِنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيرِ
المَطِي
وَمِثْلُهُ قَوْلُ مُزَرِّد:
وَمَا زَوّدُوني غَيْرَ سَحْقِ عَباءةٍ، ... وخَمْسِمِئٍ مِنْهَا
قَسِيٌّ وزائفُ «1»
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُمَا عِنْدَ الأَخفش مَحْذُوفَانِ
مُرَخَّمَانِ. وَحُكِيَ عَنْ يُونُسَ: أَنه جَمْعٌ بِطَرْحِ الْهَاءِ
مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لأَنه
لَوْ أَراد ذَلِكَ لَقَالَ مِئًى مِثْلَ مِعًى، كَمَا قَالُوا فِي
جَمْعِ لِثةٍ لِثًى، وَفِي جَمْعِ ثُبةٍ ثُباً؛ وَقَالَ فِي
الْمُحْكَمِ فِي بَيْتِ مُزَرِّد: أَرادَ مُئِيٍّ فُعُول كحِلْيةٍ
وحُلِيٍّ فَحَذَفَ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُرِيدَ مِئِين فَيَحْذِفُ
النُّونَ، لَوْ أَراد ذَلِكَ لَكَانَ مئِي بِيَاءٍ، وَأَمَّا فِي
غَيْرِ مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فمِئٍ مِنْ خَمْسِمِئٍ جَمْعُ مِائَة
كسِدْرة وسِدْرٍ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَنه لَا يُقَالُ
خَمْسُ تَمْرٍ، يُرَادُ بِهِ خَمْس تَمْرات، وأَيضاً فإِنَّ بَنَاتِ
الْحَرْفَيْنِ لَا تُجْمَعُ هَذَا الْجَمْعَ، أَعني الْجَمْعِ الَّذِي
لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَا كانَ حامِلُكُمْ مِنَّا ورافِدُكُمْ ... وحامِلُ المِينَ بَعْدَ
المِينَ والأَلَفِ «2»
إِنَّمَا أَراد الْمِئِينَ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ، وأَراد الْآلَافَ
فَحَذَفَ ضَرُورَةً. وَحَكَى أَبو الْحَسَنِ: رأَيت مِئْياً فِي
مَعْنَى مِائَةٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وهذه دَلَالَةٌ
قَاطِعَةٌ عَلَى كَوْنِ اللَّامِ يَاءً، قَالَ: ورأَيت ابْنَ الأَعرابي
قَدْ ذَهَبَ إِلى ذَلِكَ فَقَالَ فِي بَعْضِ أَماليه: إِنَّ أَصل
مِائَةٍ مِئْيَةٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبي عَلِيٍّ فَعَجِبَ مِنْهُ
أَن يَكُونَ ابْنُ الأَعرابي يَنْظُرُ مِنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ في
مثله، وقالوا ثلاثمائةٍ فأَضافوا أَدنى الْعَدَدِ إِلى الْوَاحِدِ
لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَمْعِ كَمَا قَالَ:
فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجِينا
وَقَدْ يُقَالُ ثَلَاثُ مِئَاتٍ ومِئِينَ، والإِفراد أَكثر عَلَى
شُذُوذِهِ، والإِضافة إِلى مِائَة فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ وَيُونُسَ
جَمِيعًا فِيمَنْ ردَّ اللَّامَ مِئَوِيٌّ كمِعَوِيٍّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ
أَنَّ مِائَة أَصلها عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مِئْية سَاكِنَةُ الْعَيْنِ،
فَلَمَّا حُذِفَتِ اللَّامُ تَخْفِيفًا جَاوَرَتِ الْعَيْنُ تَاءَ
التأْنيث فَانْفَتَحَتْ عَلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ فَقِيلَ مِائَةٌ،
فإِذا رَدَدْتَ اللَّامَ فَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَن تقرأَ الْعَيْنَ
بِحَالِهَا مُتَحَرِّكَةً، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ الرَّدِّ مَفْتُوحَةً
فَتُقْلَبُ لَهَا اللَّامُ أَلفاً فَيَصِيرُ تَقْدِيرُهَا مِئاً
كَثِنًى، فإِذا أَضفت إِليها أَبدلت الأَلف وَاوًا فَقُلْتَ مِئَوِيٌّ
كَثِنَوِيٍّ، وأَما مَذْهَبُ يُونُسَ فإِنه كَانَ إِذا نَسَبَ إِلى
فَعْلة أَو فِعْلة مِمَّا لَامُهُ يَاءٌ أَجراهُ مجْرى مَا أَصله
فَعِلة أَو فِعِلة، فَيَقُولُونَ فِي الإِضافة إِلى ظَبْيَة ظَبَوِيٌّ،
وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ الْعَرَبِ فِي النِّسْبَةِ إِلى بِطْيَة بِطَوِيّ
وإِلى زِنْيَة زِنَوِيّ، فَقِيَاسُ هَذَا أَن تُجْرِيَ مِائَةً وإِن
كَانَتْ فِعْلة مَجْرَى فِعَلة فَتَقُولَ فِيهَا مِئَوِيٌّ فَيَتَّفِقُ
اللَّفْظَانِ مِنْ أَصلين مُخْتَلِفَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ
سِيبَوَيْهِ يقال ثَلَاثمائةٍ، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولُوا مِئِينَ
أَو مِئاتٍ كَمَا تَقُولُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، لأَن مَا بَيْنَ
الثَّلَاثَةِ إِلى الْعَشَرَةِ يَكُونُ جَمَاعَةً نَحْوَ ثَلَاثَةِ
رِجَالٍ وَعَشَرَةِ رِجَالٍ، ولكنهم شبهوه بأَحد
__________
(1) . قوله [عباءة] في الصحاح: عمامة.
(2) . قوله [ما كان حاملكم إلخ] تقدم في أل ف: وكان.
(15/270)
عَشَرَ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَمَنْ قَالَ
مِئِينٌ ورَفَع النونَ بِالتَّنْوِينِ فَفِي تَقْدِيرِهِ قَوْلَانِ:
أَحدهما فِعْلِينٌ مِثْلُ غِسْلِينٍ وَهُوَ قَوْلُ الأَخفش وَهُوَ
شَاذٌّ، وَالْآخَرُ فِعِيل، كَسَرُوا لِكَسْرَةِ مَا بَعْدَهُ وأَصله
مِئِيٌّ ومُئِيٌّ مِثَالُ عِصِيّ وعُصِيّ، فأَبدلوا مِنَ الْيَاءِ
نُونًا. وأَمْأَى القومُ: صَارُوا مِائَةً وأَمْأَيْتُهُمْ أَنا، وإِذا
أَتممت القومَ بِنَفْسِكَ مِائَةً فَقَدْ مَأَيْتَهم، وَهُمْ
مَمْئِيُّون، وأَمْأَوْا هم فهم مُمْؤُون. وإِن أَتممتهم بِغَيْرِكَ
فَقَدَ أَمْأَيْتَهُمْ وَهُمْ مُمْأَوْنَ. الْكِسَائِيُّ: كَانَ
الْقَوْمُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فأَمْأَيْتُهم، بالأَلف، مِثْلَ
أَفعَلْتُهم، وَكَذَلِكَ فِي الأَلف آلَفْتُهم، وَكَذَلِكَ إِذا
صَارُوا هُمْ كَذَلِكَ قُلْتَ: قَدْ أَمْأَوْا وآلَفُوا إِذا صَارُوا
مِائَةً أَو أَلْفاً. الْجَوْهَرِيُّ: وأَمْأَيْتُها لَكَ جَعَلْتُهَا
مِائَةً. وأَمْأَتِ الدراهمُ والإِبلُ والغنمُ وَسَائِرُ الأَنواع:
صَارَتْ مِائَةً، وأَمْأَيْتها مِائةً. وشارطْتُه مُمَاآةً أَي عَلَى
مائةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كَقَوْلِكَ شَارَطْتُهُ مُؤالفةً.
التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ المِائَةُ حُذِفَتْ مِنْ آخِرِهَا
وَاوٌ، وَقِيلَ: حَرْفُ لِينٍ لَا يُدْرَى أَواو هُوَ أَو يَاءٌ، وأَصل
مِائَة عَلَى وَزْنِ مِعْية، فَحُوِّلَتْ حَرَكَةُ الْيَاءِ إِلى
الْهَمْزَةِ، وَجَمْعُهَا مِأَيات عَلَى وَزْنِ مِعَيات، وَقَالَ فِي
الْجَمْعِ: وَلَوْ قُلْتَ مِئات بِوَزْنِ مِعات لَجَازَ. ومأو
المَأْوة: أَرض مُنْخَفِضَةٌ، وَالْجَمْعُ مَأْوٌ
مَأْوٌ.
متا: مَتَوْت فِي الأَرض كمَطَوْت. ومَتَوْت الحبلَ وغيرَه مَتْواً
ومَتَيْتُه: مَدَدْتُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَتَتْه الوَحْشُ وارِدةً، ... فتَمَتَّى النَّزْعَ مِنْ يَسَرِهْ
فكأَنه فِي الأَصل فَتَمَتَّتَ فَقُلِبَتْ إِحدى التاءَات يَاءً،
والأَصل فِيهِ مَتَّ بِمَعْنَى مَطَّ وَمَدَّ بِالدَّالِ. والتَّمَتِّي
فِي نَزْع الْقَوْسِ: مَدُّ الصُّلْب. ابْنُ الأَعرابي: أَمْتَى الرجلُ
إِذا امتدَّ رزقُه وَكَثُرَ. وَيُقَالُ: أَمْتَى إِذا طَالَ عمرُه،
وأَمْتَى إِذا مشَى مِشْية قَبِيحَةً، والله أَعلم.
مَحَا: مَحَا الشيءَ يَمْحُوه ويَمْحَاه مَحْواً ومَحْياً: أَذْهَبَ
أَثَرَه. الأَزهري: المَحْوُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ أَثرُه، تَقُولُ:
أَنا أَمْحُوه وأَمْحاه، وطيِء تَقُولُ مَحَيْتُه مَحْياً ومَحْواً.
وامَّحَى الشيءُ يَمَّحِي امِّحاءً، انْفَعَلَ، وَكَذَلِكَ امْتَحَى
إِذا ذَهَبَ أَثرُه، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ امْتَحَى، والأَجود امَّحَى،
والأَصل فِيهِ انْمَحَى، وأَما امْتَحَى فَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ. ومَحَا
لَوْحَه يَمْحُوه مَحْواً ويَمْحِيه مَحْياً، فَهُوَ مَمْحُوٌّ
ومَمْحِيٌّ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قلبها فأُدغمت فِي
الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامٌ الْفِعْلِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
كَمَا رأَيتَ الوَرَقَ المَمْحِيَّا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وامْتَحَى لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. والمَاحِي: مِنْ
أَسماء سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، مَحَا اللَّهُ بِهِ الكفرَ وآثارَه، وَقِيلَ: لأَنه يَمحُو
الكفرَ ويُعَفِّي آثارَه بإِذن اللَّهِ. والمَحْوُ: السَّوَادُ الَّذِي
فِي الْقَمَرِ كأَن ذَلِكَ كَانَ نَيِّراً فمُحِي. والمَحْوَة:
المَطْرة تمحُو الجَدْبَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَصبحت الأَرض
مَحْوَةً وَاحِدَةً إِذا تَغَطَّى وجْهُها بِالْمَاءِ حَتَّى كأَنها
مُحِيَتْ. وتركتُ الأَرضَ مَحْوَةً وَاحِدَةً إِذا طَبَّقَها المطرُ،
وَفِي الْمُحْكَمِ: إِذا جِيدَتْ كلُّها، كَانَتْ فِيهَا غُدْرانٌ أَو
لَمْ تَكُنْ. أَبو زَيْدٍ: تَرَكَتِ السماءُ الأَرضَ مَحْوَةً
وَاحِدَةً إِذا طَبَّقَها المطرُ. ومَحوَة: الدَّبُورُ لأَنها تَمْحُو
السحابَ مَعْرِفَةٌ، فإِن قُلْتَ: إِنَّ الأَعلام أَكثر وُقُوعِهَا فِي
كَلَامِهِمْ إِنما هُوَ عَلَى الأَعيان المرئِيَّاتِ، فَالرِّيحُ وإِن
لَمْ تَكُنْ مَرْئِيَّةً فإِنها عَلَى كُلِّ حَالٍ جِسْمٌ،
(15/271)
أَلا تَرَى أَنها تُصادِمُ الأَجرام، وكلُّ
مَا صادَمَ الجِرْم جِرْمٌ لَا مَحالة، فإِن قِيلَ: وَلِمَ قَلَّتِ
الأَعلام فِي الْمَعَانِي وَكَثُرَتْ فِي الأَعيان نَحْوَ زَيْدٍ
وَجَعْفَرٍ وَجَمِيعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ عَلَمٌ وَهُوَ شَخْصٌ؟
قِيلَ: لأَن الأَعيان أَظهر لِلْحَاسَّةِ وأَبدى إِلى الْمُشَاهَدَةِ
فَكَانَتْ أَشبه بالعَلَمِية مِمَّا لَا يُرى وَلَا يُشَاهَدُ حِسًّا،
وإِنما يُعْلَمُ تأَمُّلًا وَاسْتِدْلَالًا، وَلَيْسَتْ مِنْ مَعْلُومِ
الضَّرُورَةِ لِلْمُشَاهَدَةِ، وَقِيلَ: مَحْوةُ اسْمٌ للدَّبُور
لأَنها تَمْحُو الأَثَرَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
سَحابات مَحَتْهُنَّ الدَّبُورُ
وَقِيلَ: هِيَ الشَّمال. قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: مِنْ أَسماء
الشَّمال مَحْوةُ، غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ:
هَبَّتْ مَحْوَةُ اسمُ الشَّمال مَعْرِفة؛ وأَنشد:
قَدْ بكَرَتْ مَحْوَةُ بالعَجَاجِ، ... فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ
الرَّجَاجِ
وَقِيلَ: هُوَ الجَنوب، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيت الشَّمالُ مَحْوةَ
لأَنها تَمْحُو السحابَ وتَذْهَبُ بِهَا. ومَحْوَة: رِيحُ الشَّمَال
لأَنها تَذْهَبُ بِالسَّحَابِ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تَنْصَرِفُ وَلَا
تَدْخُلُهَا أَلف وَلَامٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنكر عَلِيُّ بْنُ
حَمْزَةَ اخْتِصَاصَ مَحْوَة بالشَّمال لِكَوْنِهَا تَقْشَعُ السحابَ
وتَذْهَب بِهِ، قَالَ: وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الجَنوب؛ وأَنشد للأَعشى:
ثمَّ فاؤوا على الكَريهَةِ والصَّبْرِ، ... كَمَا تَقْشَعُ الجَنُوبُ
الجَهاما
ومَحْوٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. وَفِي الْمُحْكَمِ:
والمَحْوُ اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ بَعْدَ الفَتَى ... الْمُغَادَرِ، بالمَحْو،
أَذْلالَها
والأَذْلالُ: جَمْعُ ذِلّ، وَهِيَ الْمَسَالِكُ والطُّرُق. يُقَالُ:
أُمورُ اللَّهِ تَجْري عَلَى أَذْلالها أَي عَلَى مجَاريها وطُرُقِها.
والمِمْحَاةُ: خِرْقة يُزَالُ بِهَا المَنيُّ وَنَحْوُهُ.
مخا: التَّهْذِيبُ عَنِ ابْنُ بُزُرْجَ فِي نَوَادِرِهِ: تَمَخَّيْتُ
إِليه أَي اعْتَذَرْتَ، وَيُقَالُ: امَّخَيتُ إِليه؛ وأَنشد الأَصمعي:
قَالَتْ وَلَمْ تَقْصِدْ لَهُ وَلَمْ تَخِهْ، ... وَلَمْ تُراقِبْ
مَأْثَماً فتَمَّخِهْ
مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ منْ تَشَيُّخِهْ، ... أَشْهَبَ مثْلَ النَّسْرِ
بَيْنَ أَفْرُخِهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:
مَا بالُ شَيْخِي آضَ مِن تَشَيُّخِهْ، ... أَزْعَرَ مِثْلَ النَّسْرِ
عِنْدَ مَسْلَخِهْ
وَقَالَ الأَصمعي: امَّخَى مِنْ ذَلِكَ الأَمر امِّخَاءً إِذا حَرِجَ
مِنْهُ تَأَثُّماً، والأَصل انْمَخَى. الْجَوْهَرِيُّ: تَمَخَّيتُ مِنَ
الشيءِ وامَّخَيْتُ مِنْهُ إِذا تبرّأْت مِنْهُ وتَحَرّجت.
مدى: أَمْدَى الرجلُ إِذا أَسَنّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ مِنْ
مَدَى الْغَايَةِ. ومَدَى الأَجَل: مُنْتَهَاهُ. والمَدَى: الْغَايَةُ؛
قَالَ رُؤْبَةُ:
مُشْتَبِه مُتَيِّه تَيْهاؤهُ، ... إِذا المَدَى لم يُدْرَ ما مِيداؤُه
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المِيداءُ مِفْعال مِنَ المَدَى، وَهُوَ
الْغَايَةُ والقَدْر. وَيُقَالُ: مَا أَدري مَا مِيْدَاءُ هَذَا الأَمر
يَعْنِي قَدْرُهُ وَغَايَتُهُ. وَهَذَا بِمِيداء أَرضِ كَذَا إِذا
كَانَ بحِذائها، يَقُولُ: إِذا سَارَ لَمْ يدرِ أَما مَضَى أَكثر أَم
مَا بَقِيَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي
(15/272)
المِيدَاء مِفْعَالٌ مِنَ المَدَى غَلَطٌ،
لأَن الْمِيمَ أَصلية وَهُوَ فِيعالٌ مِنَ المَدَى، كأَنه مَصْدَرُ
مَادَى مِيدَاءً، عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ فاعَلْتُ فِيعالًا. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَتَبَ لِيَهُودِ
تَيْماءَ: أَن لَهُمُ الذمَّةَ وَعَلَيْهِمِ الجِزْيَة بِلَا عَداءٍ
النهارَ مَدًى والليلَ سُدًى
أَي ذَلِكَ لَهُمْ أَبداً مَا دَامَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. يُقَالُ:
لَا أَفعله مَدَى الدهرِ أَي طُولَه، والسُّدى: المُخَلَّى؛ وَكَتَبَ
خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ: المَدَى الْغَايَةُ أَي ذَلِكَ لَهُمْ أَبداً
مَا كَانَ النهارُ والليلُ سُدًى أَي مُخَلًّى، أَراد مَا تُرك الليلُ
وَالنَّهَارُ عَلَى حَالِهِمَا، وَذَلِكَ أَبداً إِلى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ. وَيُقَالُ: قطْعة أَرض قَدْر مَدَى الْبَصَرِ، وَقَدْرُ
مَدِّ الْبَصَرِ أَيضاً؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المؤذِّن يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِه
؛ المَدَى: الْغَايَةُ أَي يَسْتكمل مغفرةَ اللَّهِ إِذا اسْتَنْفَد
وُسْعَه فِي رَفْعِ صَوْتِهِ فَيَبْلُغُ الْغَايَةَ فِي الْمَغْفِرَةِ
إِذا بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الصَّوْتِ، قِيلَ: هُوَ تَمْثِيلٌ أَي أَن
الْمَكَانَ الَّذِي يَنْتَهِي إِليه الصَّوْتُ لَوْ قُدّر أَن يَكُونَ
مَا بَيْنَ أَقصاه وَبَيْنَ مَقام الْمُؤَذِّنِ ذنوبٌ تملأُ تلك
الْمَسَافَةَ لَغَفَرَها اللَّهُ لَهُ؛ وَهُوَ مِني مَدَى البصرِ،
وَلَا يُقَالُ مَدّ الْبَصَرِ. وَفُلَانٌ أَمْدَى الْعَرَبِ أَي
أَبْعَدُهم غَايَةً فِي الْغَزْوِ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ قَالَ عُقَيْلٌ
تَقَوَّلَهُ، وإِذا صَحَّ مَا حَكَاهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكِ
الشَّاتَيْنِ. وَيُقَالُ: تَمَادَى فُلَانٌ فِي غَيِّه إِذا لَجَّ
فِيهِ، وأَطال مَدَى غَيِّه أَي غَايَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتمادى بِي
أَي يَتطاول ويتأَخر، وَهُوَ يَتَفَاعَلُ مِنَ المَدى. وَفِي
الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَوْ تَمادى بِيَ الشهرُ لَواصَلْتُ.
وأَمْدى الرجلُ إِذا سُقي لَبَناً فأَكثر. والمُدْيةُ والمِدْية:
الشَّفْرة، وَالْجَمْعُ مِدًى ومُدًى ومُدْيات، وَقَوْمٌ يَقُولُونَ
مُدْية فإِذا جَمَعُوا كسَروا، وآخرُون يقولون مِدْية فإِذا جمعوا
ضَمُّوا، قَالَ: وَهَذَا مُطَّرِدٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِدُخُولِ كُلِّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الأُخرى. والمَدْية، بِفَتْحِ الْمِيمِ،
لُغَةٌ فِيهَا ثَالِثَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ الْفَارِسِيُّ:
قَالَ أَبو إِسحق سُمِّيَتْ مُدْية لأَن بِهَا انْقِضَاءَ المَدَى،
قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لاقُو العدوِّ غَدًا وَلَيْسَتْ
مَعَنا مُدًى
؛ هِيَ جَمْعُ مُدْية، وَهِيَ السِّكِّينُ والشَّفْرة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَوْفٍ: وَلَا تَفُلُّوا المَدى بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَكُمْ
، أَراد لَا تَخْتَلِفُوا فَتَقَعَ الْفِتْنَةُ بَيْنَكُمْ
فَيَنْثَلِمَ حَدُّكم، فَاسْتَعَارَهُ لِذَلِكَ. ومَدْيةُ القَوس «3»
كَبِدُها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَرْمِي وإِحْدى سِيَتَيْها مَدْيَهْ، ... إِنْ لَمْ تُصِبْ قَلْباً
أَصابَتْ كُلْيَهْ
والمَدِيُّ، عَلَى فَعِيل: الْحَوْضُ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ نَصائبُ،
وَهِيَ حِجَارَةٌ تُنْصَب حولَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا أُمِيلَ فِي المَدِيّ فَاضَا
وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ مَاءً ورَدَهُ:
أَثَرْتُ مَدِيَّهُ، وأَثَرْتُ عَنْهُ ... سَواكِنَ قَدْ تَبَوَّأْن
الحُصونا
وَالْجَمْعُ أَمْدِيةٌ. والمَدِيُّ أَيضاً: جَدْوَلٌ صَغِيرٌ يَسِيلُ
فِيهِ مَا هُريقَ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ. والمَدِيُّ والمَدْيُ: مَا
سَالَ «4» مِنْ فُرُوغِ الدَّلْوِ يُسَمَّى مَدِيّاً مَا دَامَ
يُمَدُّ، فإِذا استقَرَّ وأَنْتَنَ فهو غَرَب.
__________
(3) . قوله [ومَدْيَة القوس إِلى قوله في الشاهد وإحدى سيتيها مَدْيَة]
ضبط في الأصل بفتح الميم من مَدْيَة في الموضعين وتبعه شارح القاموس
فقال: والمَدْيَة، بالفتح، كبد القوس: وأَنشد البيت. وعبارة الصاغاني
في التكملة: والمُدْيَة بالضم كبد القوس؛ وأنشد البيت.
(4) . قوله [والمَدِيّ والمَدْي مَا سَالَ إلخ] كذا في الأصل مضبوطاً.
(15/273)
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَدِيُّ الْمَاءُ
الَّذِي يَسِيلُ مِنَ الْحَوْضِ ويَخْبُثُ فَلَا يُقْرَبُ. والمُدْيُ:
مِنَ الْمَكَايِيلِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِكْيَالٌ
ضَخْم لأَهل الشَّامِ وأَهل مِصْرَ، وَالْجَمْعُ أَمْداءٌ.
التَّهْذِيبِ: والمُدْيُ مِكْيَالٌ يأْخذ جَريباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَجْرَى لِلنَّاسِ المُدْيَيْنِ
والقِسْطَيْنِ
؛ فالمُدْيانِ الجَريبانِ، والقِسْطانِ قِسطانِ مِنْ زَيْتٍ كُلٌّ
يَرْزُقهما الناسَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ مُدْيَيْنِ مِنَ
الطَّعَامِ وقِسْطَيْن مِنَ الزَّيْتِ، والقِسْط نِصْفُ صَاعٍ.
الْجَوْهَرِيُّ: المُدْيُ القَفيز الشَّامِيُّ وَهُوَ غَيْرُ المُدِّ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المُدْيُ مِكْيَالٌ لأَهل الشَّامِ يُقَالُ لَهُ
الجَريب، يَسَعُ خَمْسَةً وأَربعين رِطْلًا، والقَفِيزُ ثَمَانِيَةُ
مَكاكِيكَ، والمَكُّوك صَاعٌ وَنِصْفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البُرُّ بالبُرِّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ
أَي مِكْيَالٌ بِمِكْيَالٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والمُدْيُ مِكْيَالٌ
لأَهل الشَّامِ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكاً، والمَكُّوك صَاعٌ
وَنِصْفٌ، وَقِيلَ: أَكثر مِنْ ذَلِكَ.
مذي: المَذْيُ، بِالتَّسْكِينِ: مَا يَخْرُجُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ
وَالتَّقْبِيلِ، وَفِيهِ الْوُضُوءُ. مَذَى الرجلُ والفَحْلُ،
بِالْفَتْحِ، مَذْياً وأَمْذَى، بالأَلف، مِثْلُهُ وَهُوَ أَرَقُّ مَا
يَكُونُ مِنَ النُّطْفَةِ، وَالِاسْمُ المَذْيُ والمَذِيُّ،
وَالتَّخْفِيفُ أَعلى. التهذيب: وهو المذا وَالْمَذَى مِثْلُ الْعَمَى
«1» . وَيُقَالُ: مَذَى وأَمْذَى ومَذَّى، قَالَ: والأَول أَفصحها.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كنتُ رَجُلًا مَذَّاءً فاستحيتُ أَن
أَسأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَمرتُ
المِقْداد فسأَله فَقَالَ فِيهِ الْوُضُوءُ
؛ مَذَّاء أَي كَثِيرُ المَذْي. قَالَ ابْنُ الأَثير: المَذْيُ،
بِسُكُونِ الذَّالِ مُخَفَّفُ الْيَاءِ، الْبَلَلُ اللَّزِج الَّذِي
يَخْرُجُ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ مُلاعبة النساءِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ
الغُسْل، وَهُوَ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْله وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ،
والمَذَّاءُ فَعَّالٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي كَثْرَةِ المَذْي، مَنْ
مَذَى يَمْذِي لَا مِنْ أَمْذى، وَهُوَ الَّذِي يَكْثُرُ مَذْيُه.
الأُمَوِيّ: هُوَ المَذِيُّ، مُشَدَّدٌ، وبعضٌ يُخَفِّف. وَحَكَى
الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: المَذِيُّ والوَدِيُّ والمَنِيُّ
مُشَدَّدَاتٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَنِيُّ وَحْدَهُ مُشَدَّدٌ،
والمَذْيُ والوَدْيُ مُخَفَّفَانِ، والمَذْيُ أَرق مَا يَكُونُ مِنَ
النُّطْفَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: المَذِيُّ، مُشَدَّدٌ،
اسْمُ الماءِ، وَالتَّخْفِيفُ مَصْدَرُ مَذَى. يُقَالُ: كلُّ ذَكَرٍ
يَمْذِي وَكُلُّ أُنثى تَقْذي؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَخطل:
تَمْذِي إِذا سَخَنَتْ فِي قُبْلِ أَذرُعِها، ... وتَدْرَئِمُّ إِذا
مَا بَلَّها المَطَرُ
والمَذْيُ: الماءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ صُنْبُور الْحَوْضِ. ابْنُ
بَرِّيٍّ: المَذِيُّ أَيضاً مَسِيل الْمَاءِ مِنَ الْحَوْضِ؛ قَالَ
الرَّاجِزُ:
لَمَّا رَآهَا تَرْشُفُ المَذِيَّا، ... ضَجَّ العَسِيفُ واشْتَكى
الْوُنِيّا
والمَذِيَّةُ: أُم بَعْضِ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ يُعَيَّرُ بِهَا.
وأَمْذَى شَرَابَهُ: زَادَ فِي مِزاجه حَتَّى رَقَّ جِدًّا. ومَذَيْتُ
فَرَسِي وأَمْذَيْته ومَذَّيْته: أَرسلته يَرْعَى. والمِذَاء: أَن
تَجْمع بَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَتَتْرُكَهُمْ يُلَاعِبُ بَعْضُهُمْ
بَعْضًا. والمِذَاء: الْمُمَاذَاةُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الغَيْرَةُ مِنَ الإِيمان
والمِذَاءُ مِنَ النِّفَاقِ
«2» ؛ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّجَالِ والنساء للزنا، سُمِّيَ
مِذَاءً لأَنَّ بَعْضَهُمْ يُماذِي بعضاً مِذاءً.
__________
(1) . قوله [وهو المذا والمذى مثل العمى] كذا في الأصل بلا ضبط.
(2) . قوله [
والمِذَاء من النفاق
إلخ] كذا هو في الأصل مضبوطاً بالكسر كالصحاح، وفي القاموس: والمَذَاء
كسماء، وكذلك ضبط في التكملة مصرحاً بالفتح، وَقَدْ رُوِيَ
بِالْوَجْهَيْنِ فِي الْحَدِيثَ.
(15/274)
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المِذاءُ أَن يُدخِل
الرجلُ الرجالَ عَلَى أَهله ثُمَّ يُخَلِّيَهم يُماذِي بعضُهم بَعْضًا،
وَهُوَ مأْخوذ مِنَ المَذْي، يَعْنِي يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ ثم يخليهم يُماذِي بعضهم بَعْضًا مِذاءً. ابْنُ
الأَعرابي: أَمْذَى الرجلُ ومَاذَى إِذا قَادَ عَلَى أَهله، مأْخوذ
مِنَ المَذْي، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَمْذَيْت فَرَسِي ومَذَيته إِذا
أَرسلته يَرْعَى، وأَمْذَى إِذا أَشهد. قَالَ أَبو سَعِيدٍ فِيمَا جاءَ
فِي الْحَدِيثِ:
هُوَ المَذاءُ
، بِفَتْحِ الْمِيمِ، كأَنه مِنَ اللِّين وَالرَّخَاوَةِ، مِنْ
أَمْذَيْت الشرابَ إِذا أَكثرت مِزاجَه فذهبتْ شِدَّتُه وحِدَّتُه،
وَيُرْوَى المِذال، بِاللَّامِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
والمَذَاء: الدِّياثة، والدَّيُّوث: الَّذِي يُدَيِّث نفسَه عَلَى
أَهله فَلَا يُبَالِي مَا يُنال مِنْهُمْ، يُقَالُ: دَاثَ يَدِيث إِذا
فَعَلَ ذَلِكَ، يُقَالُ: إِنه لَدَيُّوثٌ بَيِّن المَذاءِ، قَالَ:
وَلَيْسَ مِنَ المَذْي الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ
الشَّهْوَةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه مِنْ مَذَيْت فَرَسِي. ابْنُ
الأَنباري: الوَدْي الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ بَعْدَ
الْبَوْلِ إِذا كَانَ قَدْ جَامَعَ قَبْلَ ذَلِكَ أَو نَظَرَ، يُقَالُ:
وَدَى يَدِي وأَوْدَى يُودِي، والأَول أَجود. والمَذْي: مَا يَخْرُجُ
مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ عِنْدَ النَّظَرِ. يُقَالُ: مَذَى يَمْذِي
وأَمْذَى يُمْذِي، والأَول أَجود. والمَاذِيُّ: العسَل الأَبيض.
والماذِيَّةُ: الخَمْرة السَّهْلَةُ السَّلِسة، شُبِّهَتْ بِالْعَسَلِ،
وَيُقَالُ: سُمِّيت ماذِيَّةً لِلِينِها. يُقَالُ: عَسَلٌ مَاذِيٌّ
إِذا كَانَ لَيِّناً، وَسُمِّيَتِ الْخَمْرُ سُخامِيَّةً لِلينها
أَيضاً. وَيُقَالُ: شَعْرٌ سُخامٌ إِذا كَانَ ليِّناً. الأَصمعي:
المَاذِيَّةُ السَّهْلَةُ اللَّيِّنة، وَتُسَمَّى الْخَمْرُ ماذِيَّةً
لِسُهُولَتِهَا فِي الْحَلْقِ. والمِذَى: المَرايا، وَاحِدَتُهَا
مَذْيَةٌ، وَتُجْمَعُ مَذْياً ومَذَيات ومِذًى ومِذاء؛ وَقَالَ أَبو
كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ فِي المَذِيَّة فَجَعَلَهَا عَلَى فَعِيلة:
وبَياضُ وجْهكَ لَمْ تَحُلْ أَسْرارُه ... مِثْلُ المَذِيَّةِ، أَو
كشَنْفِ الأَنْضُرِ
قَالَ فِي تَفْسِيرِ المَذِيَّة: المِرآة، وَيُرْوَى: مِثْلُ
الوَذِيلة. وأَمْذَى الرجلُ إِذ تَجَرَ فِي المِذَاء، وَهِيَ المَرائي.
والمَذِيَّةُ: المِرآةُ المَجْلُوَّة. والماذِيَّةُ مِنَ الدُّرُوعِ:
الْبَيْضَاءُ. ودِرْعٌ ماذِيَّة: سَهْلَةٌ ليِّنة، وَقِيلَ: بَيْضَاءُ.
والماذِيُّ: السِّلَاحُ كُلُّهُ مِنَ الْحَدِيدِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ
وأَبو خَيْرَةَ: الماذِيُّ الْحَدِيدُ كُلُّهُ الدِّرْع والمِغْفَر
وَالسِّلَاحُ أَجمع، مَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ فَهُوَ مَاذِيٌّ؛ قَالَ
عَنْتَرَةُ:
يَمْشُونَ، والمَاذِيُّ فوقَ رؤوسهِمْ، ... يَتَوَقَّدُونَ تَوَقُّدَ
النَّجْم
وَيُقَالُ: المَاذِيُّ خَالِصُ الْحَدِيدِ وجَيِّدُه. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وقَضَيْنا عَلَى مَا لَمْ تَظْهَرْ ياؤُه مِنْ هَذَا الْبَابِ
بِالْيَاءِ لِكَوْنِهَا لَامًا مَعَ عَدَمِ م ذ و، والله أَعلم.
مرا: المَرْوُ: حِجَارَةٌ بيضٌ بَرَّاقة تَكُونُ فِيهَا النَّارُ
وتُقْدَح مِنْهَا النَّارُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
الواهِبُ الأُدْمَ كالمَرْوِ الصِّلاب، إِذا ... مَا حارَدَ الخُورُ،
واجْتُثَّ المَجاليحُ «1»
وَاحِدَتُهَا مَرْوَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المَرْوَة بِمَكَّةَ،
شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ شُمَيْلٍ: المَرْوُ حَجَرٌ أَبيض
رَقِيقٌ يُجْعَلُ منها المَطارُّ، يُذْبَحُ بِهَا، يَكُونُ المَرْوُ
مِنْهَا كأَنه البَرَدُ، وَلَا يَكُونُ أَسود وَلَا أَحمر، وَقَدْ
يُقْدَح بِالْحَجَرِ الأَحمر فَلَا يُسَمَّى مَرْواً، قَالَ: وَتَكُونُ
المَرْوَة مِثْلَ جُمْعِ الإِنسان وأَعظم وأَصغر. قَالَ شَمِرٌ: وسأَلت
عَنْهَا أَعرابيّاً مِنْ بَنِي أَسد فَقَالَ: هِيَ هَذِهِ القدَّاحات
الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا النَّارُ. وَقَالَ أَبو
__________
(1) . قوله [الواهب الأدم] وقع البيت في مادة جلح محرفاً فيه لفظ
الصلاب بالهلاب واجتث مبنياً للفاعل، والصواب ما هنا.
(15/275)
خَيْرَة: المَرْوَة الْحَجَرُ الأَبيض
الهَشُّ يَكُونُ فِيهِ النَّارُ. أَبو حَنِيفَةَ: المَرْوُ أَصلب
الْحِجَارَةِ، وَزَعَمَ أَن النَّعام تبتلعُه وَذَكَرَ أَن بَعْضَ
الْمُلُوكِ عَجِب مِنْ ذَلِكَ ودَفَعَه حَتَّى أَشهده إِياه
المُدَّعِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِذا أَصاب أَحدُنا صَيْدًا وَلَيْسَ
مَعَهُ سِكِّين أَيَذْبَحُ بالمَرْوة وشِقَّةِ العَصا؟
المَرْوَة: حَجَرٌ أَبيض بَرَّاق، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُقْدَح
مِنْهَا النَّارُ، ومَرْوَةُ المَسْعَى الَّتِي تُذكرُ مَعَ الصَّفا
وَهِيَ أَحد رأْسَيْه اللذَيْنِ ينتهِي السعيُ إِليهما سُمِّيَتْ
بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ فِي الذَّبْحِ جِنْسُ الأَحجار لَا المَرْوةُ
نفسُها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِذا رَجُلٌ مِنْ خَلْفي
قَدْ وَضَعَ مَرْوَتَه عَلَى مَنْكِبي فإِذا هُوَ عليٌ
، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَقِيَه عِنْدَ أَحجار المِرَاء
؛ قِيلَ: هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ قُباء، فأَما المُراء، بِضَمِّ
الْمِيمِ، فَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ النَّخْلَ. والمَرْوَةُ: جَبَلُ
مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ
. والمَرْوُ: شَجَرٌ طَيِّبُ الرِّيحِ. والمَرْوُ: ضَرْبٌ مِنَ
الرَّيَاحِينِ؛ قَالَ الأَعشى:
وآسٌ وَخِيرِيٌّ ومَرْوٌ وسَمْسَقٌ، ... إِذا كَانَ هِنْزَمْنٌ،
ورُحْتُ مُخَشَّما «1»
وَيُرْوَى: وسَوْسَنٌ، وسَمْسقٌ هُوَ المَرْزَجُوش، وهِنْزَمْنٌ: عيدٌ
لَهُمْ. والمُخَشَّمُ: السَّكْرَانُ. ومَرْو: مَدِينَةٌ بِفَارِسَ،
النَّسَبُ إِليها مَرْوِيٌّ ومَرَوِيٌّ ومَرْوَزيٌّ؛ الأَخيرتان مِنْ
نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النِّسْبَةُ
إِليها مَرْوَزِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، والثَّوْبُ مَرْوِيٌّ عَلَى
الْقِيَاسِ. ومَروان: اسْمُ رَجُلٍ: ومَرْوان: جَبَلٌ. قَالَ ابْنُ
دُرَيْدٍ: أَحسب ذَلِكَ. والمَرَوراةُ: الأَرض أَو الْمَفَازَةُ
الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا. وَهِيَ فَعَوْعَلةٌ، وَالْجَمْعُ
المَرَوْرَى والمَرَوْرَيات والمَرارِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَالْجَمْعُ مَرَوْرَى، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ
صَمَحْمَح وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ عَثَوْثل لأَن بَابَ صَمَحْمَح أَكثر
مِنْ بَابِ عَثَوْثَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَرَوْراةٌ عِنْدَ
سِيبَوَيْهِ فَعَلْعَلَةٌ، قَالَ فِي بَابِ مَا تُقْلب فِيهِ الْوَاوُ
يَاءً نَحْوَ أَغْزَيْتُ وغازَيْتُ: وأَما المَرَوْراةُ فَبِمَنْزِلَةِ
الشَّجَوْجاة وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ صَمَحْمَح، وَلَا تَجْعَلْهُما
عَلَى عَثَوْثَل، لأَن فَعَلْعَلًا أَكثر. ومَرَوْراةُ: اسْمُ أَرض
بِعَيْنِهَا؛ قَالَ أَبو حيَّة النُّميري:
وَمَا مُغْزِلٌ تحْنو لأَكْحَلَ، أَيْنَعَتْ ... لَهَا بِمَرَوْراةَ
الشروجُ الدَّوافِعُ
التَّهْذِيبِ: المَرَوْرَاةُ الأَرض الَّتِي لَا يَهْتَدِي فِيهَا إِلا
الخِرِّيت. وَقَالَ الأَصمعي: المَروْرَاةُ قَفْرٌ مُسْتو، وَيُجْمَعُ
مَرَوْرَياتٍ ومَرارِيَّ. والمَرْيُ: مَسْح ضَرْع النَّاقَةِ لتَدِرَّ.
مَرَى الناقةَ مَرْياً: مَسَحَ ضَرْعَها لِلدِّرَّةِ، وَالِاسْمُ
المِرْيَة، وأَمرَتْ هِيَ دَرَّ لبنُها، وَهِيَ المِرْيَة والمُرْيَة،
وَالضَّمُّ أَعلى. سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا حَلَبتها مِرْيَةً، لَا
تُرِيدُ فِعْلًا وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ نَحْواً مِنَ الدِّرَّة.
الْكِسَائِيُّ: المَرِيُّ النَّاقَةُ الَّتِي تَدِرُّ عَلَى مَنْ
يَمْسَحُ ضُروعها، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ،
وَقَدْ أَمْرَتْ، وَجَمْعُهَا مَرايا. ابْنُ الأَنباري: فِي قَوْلِهِمْ
مَارَى فُلَانٌ فُلَانًا مَعْنَاهُ قَدِ اسْتَخْرَجَ مَا عِنْدَهُ مِنَ
الْكَلَامِ والحُجَّة، مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِمْ مَرَيْت الناقةَ إِذا
مسحتَ ضَرْعَها لِتَدِرَّ. أَبو زَيْدٍ: المَرِيُّ النَّاقَةُ تُحْلَب
عَلَى غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا
__________
(1) . قوله [وخيري] هو بكسر الخاء كما ترى، صرح بذلك المصباح وغيره،
وضبط في مادة خير من اللسان بالفتح خطأ.
(15/276)
تَكُونُ مَرِيّاً وَمَعَهَا وَلَدُهَا،
وَهُوَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَجَمْعُهَا مَرايا. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ له امْرِ الدمَ بِمَا شِئْتَ
، مَنْ رَوَاهُ أَمِرْه فَمَعْنَاهُ سَيِّلْه وأَجْرِه وَاسْتَخْرِجْهُ
بِمَا شِئْتَ، يُرِيدُ الذَّبْحَ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مور، وَمَنْ
رَوَاهُ امْرِهِ أَي سَيِّلْه وَاسْتَخْرِجْهُ، فَمِنْ مَرَيْتُ
الناقةَ إِذا مَسَحْتَ ضَرعَها لِتَدِرَّ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
مَرَى الدمَ وأَمْراه إِذا اسْتَخْرَجَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير،
وَيُرْوَى: أَمِر الدمَ مَنْ مارَ يَمُور إِذا جَرَى، وأَماره
غَيْرُهُ؛ قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصحاب الْحَدِيثِ
يَرْوُونَهُ مشدَّد الرَّاءِ وَهُوَ غَلط، وَقَدْ جاءَ فِي سُنَنِ أَبي
دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ أَمْرِرْ، بِرَاءَيْنِ مُظْهَرَتَيْنِ،
وَمَعْنَاهُ اجْعَلِ الدمَ يمُرّ أَي يَذْهَبُ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا
مَنْ رَوَاهُ مُشَدَّدَ الرَّاءِ يَكُونُ قَدْ أَدغم، قَالَ: وَلَيْسَ
بِغَلَطٍ؛ قَالَ: وَمِنَ الأَول حَدِيثُ
عَاتِكَةَ:
مَرَوْا بالسُّيوفِ المُرْهَفاتِ دِماءهُمْ
أَي اسْتَخْرَجُوهَا واستدرُّوها. ابْنُ سِيدَهْ: مَرَى الشيءَ
وامْتَرَاه اسْتَخْرَجَهُ. وَالرِّيحُ تَمْرِي السَّحَابَ وتَمْتَرِيه:
تَسْتَخْرِجُهُ وتَسْتَدِرُّه. ومَرَت الريحُ السحابَ إِذا أَنزلت
مِنْهُ الْمَطَرَ. وَنَاقَةٌ مَرِيٌّ: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، حَكَاهُ
سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ وَلَا فِعْلَ لَهَا،
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ فَهِيَ تَدُرّ بالمَرْيِ
عَلَى يَدِ الْحَالِبِ، وَقَدْ أَمْرَتْ وَهِيَ مُمْرٍ. والمُمْري:
الَّتِي جَمَعَت ماءَ الْفَحْلِ فِي رَحِمِهَا. وَفِي حَدِيثِ
نَضْلة بْنِ عَمْرٍو: أَنه لَقِيَ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، بمَرِيَّيْن
؛ هِيَ تَثْنِيَةُ مَرِيٍّ بِوَزْنِ صَبيّ، وَيُرْوَى:
مَرِيَّتَيْنِ
، تَثْنِيَةُ مَرِيَّة، والمَرِيُّ والمَرِيَّة: النَّاقَةُ
الْغَزِيرَةُ الدَّرِّ، مِنَ المَرْي، وَوَزْنُهَا فَعِيلٌ أَو فَعُول.
وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: وَسَاقَ مَعَهُ نَاقَةً مَرِيّاً.
ومِرْيَةُ الفَرَس: مَا استُخْرج مِنْ جَرْيه فدَرَّ لِذَلِكَ عَرَقُه،
وَقَدْ مَراهُ مَرْياً. ومَرَى الفرسُ مَرْياً إِذا جَعَلَ يَمْسَحُ
الأَرض بِيَدِهِ أَو رِجْلِهِ ويَجُرُّها مِنْ كَسْر أَو ظَلَع.
التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ مَرَى الفرسُ والناقةُ إِذا قَامَ أَحدهما
عَلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ بحَثَ الأَرض بِالْيَدِ الأُخرى، وَكَذَلِكَ
النَّاقَةُ؛ وأَنشد:
إِذا حُطَّ عَنْهَا الرَّحْلُ أَلْقَتْ برأْسِها ... إِلى شَذَبِ
العِيدانِ، أَو صَفَنَتْ تَمْرِي
الْجَوْهَرِيُّ: مَرَيْتُ الفرسَ إِذا استخرجتَ مَا عِنْدَهُ مِنَ
الجَرْيِ بِسَوْطٍ أَو غَيْرِهِ، وَالِاسْمُ المِرْيَة، بِالْكَسْرِ،
وَقَدْ يُضَمُّ. ومَرَى الفرسُ بِيَدَيْهِ إِذا حَرَّكهما عَلَى الأَرض
كَالْعَابِثِ. ومَرَاه حَقَّهُ أَي جَحَده؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
مَا خَلَفٌ مِنْكِ يَا أَسماءُ فاعْتَرِفي، ... مِعَنَّة البَيْتِ
تَمْري نِعْمةَ البَعَلِ
أَي تَجْحَدُهَا، وَقَالَ عُرْفُطة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدي:
أَكُلَّ عِشاءٍ مِنْ أُمَيْمةَ طائفُ، ... كَذِي الدَّيْنِ لَا يَمْري،
وَلَا هُوَ عارِفُ؟
أَي لَا يَجْحَد وَلَا يَعْترف. ومَارَيْتُ الرجلَ أُمَارِيه مِراءً
إِذا جَادَلْتَهُ. والمِرْيةُ والمُرْيَةُ: الشَّكُّ والجدَل،
بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وقرئَ بِهِمَا قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا
تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُمَا لُغَتَانِ، قَالَ: وأَما مِرْيَةُ النَّاقَةِ
فَلَيْسَ فِيهِ إِلا الْكَسْرُ، وَالضَّمُّ غَلَطٌ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: يَعْنِي مَسْحَ الضَّرْعِ لتَدُرَّ الناقةُ، قَالَ: وَقَالَ
ابْنُ دُرَيْدٍ مُرْيَة الناقةِ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ اللُّغَةُ
الْعَالِيَةُ؛ وأَنشد:
شامِذاً تَتَّقي المُبِسَّ عَلَى المُرْيَةِ، ... كَرْهاً، بالصِّرْفِ
ذِي الطُّلَّاء
(15/277)
شَبَّهَ» بِنَاقَةٍ قَدْ شَمَذَتْ بذَنَبها
أَي رَفَعَتْهُ، والصِّرْف: صِبْغٌ أَحمر، والطُّلَّاء: الدَّمُ.
والامْتِرَاءُ فِي الشيءِ: الشَّكُّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ التَّماري.
والمِراءُ: المُماراةُ والجدَل، والمِراءُ أَيضاً: مِنَ الامْتِراءِ
والشكِّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا
مِراءً ظاهِراً
؛ قَالَ: وأَصله فِي اللُّغَةِ الجِدال وأَن يَستخرج الرجلُ مِنْ
مُناظره كَلَامًا وَمَعَانِي الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا منْ مَرَيْتُ
الشاةَ إِذا حَلَبْتَهَا وَاسْتَخْرَجْتَ لَبَنَهَا، وَقَدْ مَارَاهُ
مُمَاراةً ومِيراءً. وامْتَرَى فِيهِ وتَمَارَى: شَكَّ؛ قَالَ
سِيبَوَيْهِ: وَهَذَا مِنَ الأَفعال الَّتِي تَكُونُ لِلْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ فِي
صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لَا يُشاري وَلَا يُمَارِي
؛ يُشاري: يَسْتَشْري بِالشَّرِّ، وَلَا يُمَارِي: لَا يُدافع عَنِ
الْحَقِّ وَلَا يُرَدِّدُ الْكَلَامَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى
، وقرئَ:
أَفتَمْرُونَه عَلَى مَا يَرَى
؛ فَمَنْ قرأَ أَفَتُمارُونَهُ
فَمَعْنَاهُ أَفتجادلونه فِي أَنه رأَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
بِقَلْبِهِ وأَنه رأَى الكُبْرى مِنْ آيَاتِهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ:
وَهِيَ قِرَاءَةُ الْعَوَّامِ، وَمَنْ قرأَ
أَفتَمرونه
فَمَعْنَاهُ أَفتجحدونه، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ
أَفَتَمْرُونه عَلَى مَا يَرَى
أَي تَدْفَعُونَهُ عَمَّا يَرَى، قَالَ: وَعَلَى فِي مَوْضِعِ عَنْ.
ومارَيْتُ الرجلَ ومارَرْتُه إِذا خَالَفْتَهُ وتَلَوَّيْتَ عَلَيْهِ،
وَهُوَ مأْخوذ مِنْ مِرار الفَتْل ومِرارِ السِّلسِلة تَلَوِّي
حَلَقِها إِذا جُرَّتْ عَلَى الصَّفا. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةَ مثلَ مِرار السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا.
وَفِي حَدِيثِ
الأَسود «3» : أَنه سأَل عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ مَا فَعَلَ الَّذِي
كَانَتِ امرأَتُه تُشارُّه وتُماريه؟
وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا
تُماروا فِي الْقُرْآنِ فإِنَّ مِراءً فِيهِ كُفْرٌ
؛ المِراءُ: الْجِدَالُ. والتَّماري والمُمَارَاة: الْمُجَادَلَةُ
عَلَى مَذْهَبِ الشَّكِّ والرِّيبة، وَيُقَالُ لِلْمُنَاظَرَةِ
مُمَارَاة لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَخْرِجُ مَا عِنْدَ
صَاحِبِهِ ويَمْتَريه به كَمَا يَمْتري الحالبُ اللبنَ مِنَ الضَّرْع؛
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا عَلَى
الِاخْتِلَافِ فِي التأْويل، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا عَلَى
الِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ أَن يقرأَ الرَّجُلُ عَلَى حَرْفٍ
فَيَقُولَ لَهُ الْآخَرُ لَيْسَ هُوَ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ عَلَى
خِلَافِهِ، وَقَدْ أَنزلهما اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كِلَيْهِمَا،
وَكِلَاهُمَا مُنَزَّلٌ مقروءٌ بِهِ، يُعلم ذَلِكَ بِحَدِيثِ
سَيِّدِنَا
رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى
سَبْعَةِ أَحرف
، فإِذا جَحَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قراءَة صَاحِبِهِ لَمْ
يُؤْمَنْ أَن يَكونَ ذَلِكَ قَدْ أَخْرَجه إِلى الكُفر لأَنه نَفى
حَرفاً أَنزله اللَّهُ عَلَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالتَّنْكِيرُ فِي المِراء إِيذاناً
بأَن شَيْئًا مِنْهُ كُفْرٌ فَضلًا عمَّا زَادَ عَلَيْهِ، قَالَ:
وَقِيلَ إِنما جَاءَ هَذَا فِي الجِدال والمِراء فِي الْآيَاتِ الَّتِي
فِيهَا ذِكْرُ القَدَر وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَعَانِي، عَلَى مَذْهَبِ
أَهل الْكَلَامِ وأَصحاب الأَهْواءِ والآراءِ، دُونَ مَا تَضمَّنته
مِنَ الأَحكام وأَبواب الحَلال وَالْحَرَامِ، فإِن ذَلِكَ قَدْ جَرى
بَيْنَ الصَّحَابَةِ فمَن بَعْدَهُمْ مِن الْعُلَمَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ أَجمعين، وَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الغَرَضُ مِنْهُ والباعِثُ
عَلَيْهِ ظُهورَ الْحَقِّ ليُتَّبَع دُونَ الغَلَبة والتَّعْجِيز.
اللَّيْثُ: المِرْيةُ الشَّكُّ، وَمِنْهُ الامْتراء والتَّماري فِي
القُرآن، يُقَالُ: تَمارى يَتَمارى تَمارِياً، وامْتَرَى امْتِراءً
إِذا شكَّ. وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَبِأَيِّ
آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى
؛ يَقُولُ: بأَيِّ نِعْمةِ رَبِّك تُكَذِّبُ أَنها لَيْسَتْ مِنْهُ،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى أَيها الإِنسان بأَيِّ نِعْمَةِ
رَبِّكَ الَّتِي تَدُلُّكَ عَلَى أَنه واحد تتشكك.
__________
(2) . قوله [شبه] أي الشاعر الحرباء بناقة إلخ كما يؤخذ من مادة ش م ذ.
(3) . قوله [وفي حديث الأسود] كذا في الأصل، ولم نجده إلا في مادة مرر
من النهاية بلفظ تمارّه وتشارّه.
(15/278)
الأَصمعي: القَطاةُ المارِيَّةُ،
بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، هِيَ المَلْساءُ المُكْتنزة اللَّحْمِ. وَقَالَ
أَبو عَمْرٍو: القَطاة المارِيةُ، بِالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ لُؤْلُؤيَّة
اللَّوْنِ. ابْنُ سِيدَهْ: الماريَّة، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، مِنَ
القَطا المَلْساء. وامرأَة مارِيَّةٌ: بَيْضَاءُ بَرَّاقَةٌ. قَالَ
الأَصمعي: لَا أَعلم أَحداً أَتى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ إِلَّا ابْنَ
أَحمر، وَلَهَا أَخوات مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا. والمَريء: رأْس
المَعِدة والكَرِش اللَّازِقُ بالحلْقُوم وَمِنْهُ يَدْخُلُ الطَّعَامُ
فِي الْبَطْنِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَقرأَني أَبو بكر الإِياديُّ
المَريءَ لأَبي عُبَيْدٍ فَهَمَزَهُ بِلَا تَشْدِيدٍ، قَالَ:
وأَقرأَنيه الْمُنْذِرِيُّ المَرِيُّ لأَبي الْهَيْثَمِ فَلَمْ
يَهْمِزْهُ وَشَدَّدَ الياءَ. والمارِيُّ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ الأَبيضُ
الأَمْلَس. والمُمْرِيةُ مِنَ الْبَقَرِ: الَّتِي لَهَا وَلَدٌ ماريٌّ
أَي بَرَّاقٌ. والمارِيَّةُ: الْبَرَّاقَةُ اللَّونِ. والمارِيَّةُ:
الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ لِابْنِ أَحمر.
مارِيَّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها ... طَلٌّ، وبَنَّس عَنْها
فَرْقَدٌ خَصِرُ «1»
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
كَمُمْرِيةٍ فَرْدٍ مِنَ الوَحْشِ حُرَّةٍ ... أَنامَتْ بِذي
الدَّنَّيْنِ، بالصَّيْفِ، جُؤْذَرا
ابْنُ الأَعرابي: المارِيَّةُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. ابْنُ بُزُرْجَ:
المارِيُّ الثَّوْبُ الخَلَقُ؛ وأَنشد:
قُولا لِذاتِ الخَلَقِ المَارِيِ
وَيُقَالُ: مَراهُ مائةَ سوْطٍ ومَراهُ مائةَ دِرْهم إِذا نَقَده
إِيّاها. ومارِيةُ: اسْمُ امرأَة، وَهِيَ مارِيةُ بِنْتُ أَرْقَمَ بْنَ
ثَعْلبةَ بْنِ عَمرو بْنِ جَفْنَة بْنِ عَوْف بْنِ عَمرو بْنِ رَبيعة
بْنُ حارِثة بْنِ عَمروٍ مُزَيْقِياء بْنِ عَامِرٍ، وابنها الحرث
الأَعرج الَّذِي عَنَاهُ حَسَّانُ بِقَوْلِهِ:
أَوْلادُ جَفْنةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمِ، ... قَبْرِ ابنِ مارِيةَ
الكَريمِ المُفْضِلِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هِيَ مارِيةُ بنتُ الأَرقم بْنَ ثَعْلَبَةَ
بْنِ عَمْرِو بْنِ جَفْنة بْنِ عَمْرِو، وَهُوَ مُزَيقياء بْنُ
عَامِرٍ، وَهُوَ ماءُ السَّمَاءِ بْنِ حَارِثَةَ، وَهُوَ الغِطْريفُ
بْنِ إمْرئ الْقَيْسِ، وَهُوَ البِطْريقُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَهُوَ
البُهْلُول بْنُ مَازِنٍ، وَهُوَ الشَّدَّاخُ، وإِليه جِماعُ نَسَب
غَسَّان بْنِ الأَزْد، وَهِيَ الْقَبِيلَةُ الْمَشْهُورَةُ، فأَما
العَنْقاء فَهُوَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو مُزَيْقِيَاءَ. وَفِي
الْمَثَلِ: خُذْه وَلَوْ بقُرْطَيْ مارِيةَ؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ مَثَلًا
فِي الشَّيْءِ يُؤمَر بأَخْذه عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَانَ فِي
قُرْطَيْها مِائَتَا دِينَارٍ. والمُرِيُّ: مَعْرُوفٌ، قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ: لَا أَدري أَعربي أَم دَخِيلٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَاشْتَقَّهُ أَبو عَلِيٍّ مِنَ المَريء، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ
مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مرر، وَذَكَرَهُ
الْجَوْهَرِيُّ هُنَاكَ. ابْنُ الأَعرابي: المَريءُ الطَّعَامُ «2»
الْخَفِيفُ، والمَري الرَّجُلُ الْمَقْبُولُ فِي خَلْقه وخُلُقه.
التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُ المِرْآةِ مَراءٍ مِثْلَ مَراعٍ، وَالْعَوَامُّ
يَقُولُونَ فِي جَمْعِهَا مَرايا، وَهُوَ خطأٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
مزا: مَزا مَزْواً: تَكَبَّرَ. والمَزْو والمَزْيُ والمَزيَّة فِي
كُلِّ شَيْءٍ: التَّمام والكمَال. وتَمازَى القومُ: تَفاضَلُوا.
وأَمْزَيْته عَلَيْهِ: فَضَّلته؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَباها
ثَعْلَبُ. والمَزِيَّةُ: الفَضِيلة. يقال:
__________
(1) . قوله [أوردها] كذا بالأصل هنا، وتقدم في ب ن س أوّدها وكذلك هو
في المحكم هناك غير أنه تحرف في تلك المادة من اللسان مارية بماوية.
(2) . قوله [المريء الطعام] كذا بالأصل مهموزاً وَلَيْسَ هُوَ مِنْ
هَذَا الْبَابِ. وقوله [المري الرجل] كذا في الأصل بلا ضبط ولعله بوزن
ما قبله.
(15/279)
لَهُ عَلَيْهِ مَزِيَّةٌ، قَالَ: وَلَا
يُبْنى مِنْهُ فِعْلٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لَهُ عِنْدِي
قَفِيَّةٌ ومَزِيَّةٌ إِذا كَانَتْ لَهُ مُنْزِلَةٌ لَيْسَتْ
لِغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: أَقْفَيْتُه، وَلَا يُقَالُ أَمزَيْتُه. وَفِي
نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ هَذَا سِرْبُ خَيْلِ غارةٍ قَدْ وقَعَت
عَلَى مَزاياها أَي عَلَى مَواقِعِها الَّتِي يَنْصَبُّ عَلَيْهَا
مُتقدِّم ومُتأَخِّر. وَيُقَالُ: لِفُلانٍ عَلَى فُلَانٍ مازِيةٌ أَي
فَضْلٌ، وَكَانَ فُلَانٌ عَنِّي مازِيةً العامَ وقاصِيةً وكالِيةً
وزاكِيةً. وقَعَد فُلَانٌ عَنِّي مازِياً ومُتَمازِياً أَي مُخَالِفًا
بَعِيدًا. والمَزِيَّةُ: الطَّعَامُ يُخص بِهِ الرَّجُلُ؛ عَنْ
ثَعْلَبٍ.
مسا: مَسَوْتُ عَلَى النَّاقَةِ ومَسَوْتُ رَحِمَها أَمْسُوها مَسْواً
كِلَاهُمَا إِذا أَدخَلْتَ يَدَكَ فِي حَيَائِهَا فَنَقَّيْته.
الْجَوْهَرِيُّ: المَسْيُ إِخْراج النُّطْفة مِنَ الرَّحِم عَلَى مَا
ذَكَرْنَاهُ فِي مَسَط، يُقَالُ: مَساه يَمْسِيه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَسطُو عَلَى أُمِّك سَطْوَ الماسِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فاسْطُ عَلَى أُمك لأَن قَبْلَهُ:
إِنْ كُنْتَ مِنْ أَمْرِك فِي مَسْماسِ «1»
والمسْماسُ: اخْتِلاطُ الأَمْر والتِباسُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مَسَتْهُنَّ أَيامُ العُبورِ، وطُولُ مَا ... خَبَطْن الصُّوَى،
بالمُنْعَلاتِ الرَّواعِفِ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَسَى يَمْسِي مَسْياً إِذا ساءَ خُلُقُه
بَعْدَ حُسْن. ومَسا وأَمْسى ومَسَّى كُلُّهُ إِذا وعَدَك بأَمر ثُمَّ
أَبْطَأَ عَنْكَ. ومَسَيْتُ الناقةَ إِذا سَطَوْتَ عَلَيْهَا وأَخرجت
وَلَدَهَا. والمَسْيُ: لُغَةٌ فِي المَسْو إِذا مَسَطَ النَّاقَةَ،
يُقَالُ: مَسَيْتُها ومَسَوْتُها. ومَسَيْتُ الناقَة والفَرس ومَسَيْتُ
عَلَيْهِمَا مَسْياً فِيهِمَا إِذا سَطَوْت عَلَيْهِمَا، وَهُوَ إِذا
أَدْخَلْت يَدَكَ فِي رَحِمِهَا فَاسْتَخْرَجْتَ مَاءَ الْفَحْلِ
وَالْوَلَدِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: اسْتِلآماً لِلْفَحْلِ كَراهةَ أَن
تَحْمِل له؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا أَدخلت يَدَكَ فِي
رَحِمِهَا فنقَّيْتَها لَا أَدري أَمن نُطفة أَم مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكُلُّ اسْتِلالٍ مَسْيٌ. والمَساء: ضِدُّ الصَّباح. والإِمْساء:
نَقِيض الإِصْباح. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا الصَّباح والمَساء كَمَا
قَالُوا الْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ. وَلَقَيْتُهُ صباحَ مَساءَ:
مَبْنِيٌّ، وصَباحَ مَساءٍ: مُضَافٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ
أَمْسِية؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ اللِّحْيَانِي: يَقُولُونَ
إِذا تَطَيَّروا مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ مَساءُ اللَّهِ لَا
مَسَاؤُكَ، وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ. والمُسْيُ والمِسْيُ: كالمَساء.
والمُسْيُ: مِنَ المَساء كالصُّبْح مِنَ الصَّباحِ. والمُمْسى:
كالمُصْبَح، وأَمْسَينا مُمْسًى؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
الحمدُ لِلَّهِ مُمْسانا ومُصْبَحَنا، ... بالخَيْرِ صَبَّحَنا رَبي
ومَسَّانا
وَهُمَا مَصْدَرَانِ وَمَوْضِعَانِ أَيضاً؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ
يَصِفُ جَارِيَةً:
تُضيءُ الظَّلامَ بالعِشاءِ، كأَنها ... مَنارةُ مُمْسى راهِبٍ
مُتَبَتِّلِ
يُرِيدُ صَوْمَعَتَهُ حَيْثُ يُمسي فِيهَا، وَالِاسْمُ المُسْيُ
والصُّبْح؛ قَالَ الأَضبط بْنُ قُرَيْعٍ السَّعْدِيُّ:
لِكُلِّ هَمٍّ مِنَ الأُمُورِ سَعَهْ، ... والمُسْيُ والصُّبْحُ لَا
فَلاحَ مَعَهْ
وَيُقَالُ: أَتيته لِمُسْيِ خامسةٍ، بِالضَّمِّ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ.
وأَتَيته مُسَيّاناً، وَهُوَ تَصْغِيرُ مَساء، وأَتيته أُصْبوحة كُلِّ
يَوْمٍ وأُمْسِيَّةَ كُلِّ يَوْمٍ. وأَتيته مُسِيَّ أَمْسِ «2» أَي
__________
(1) . قوله [في مسماس] ضبط في الأصل والصحاح هنا وفي مادة م س س بفتح
الميم كما ترى، ونقله الصاغاني هناك عن الجوهري مضبوطاً بالفتح وأنشده
هنا بكسر الميم. وعبارة القاموس هناك: والمسماس، بالكسر، والمسمسة
اختلاط إلخ ولم يتعرض الشارح له.
(2) . قوله [أتيته مسي أمس] كذا ضبط في الأصل.
(15/280)
أَمْسِ عِنْدَ المَساء. ابْنُ سِيدَهْ:
أَتيتُه مَساء أَمْسِ ومُسْيَه ومِسْيَه وأَمْسِيَّتَه، وَجِئْتُهُ
مُسَيَّاناتٍ كَقَوْلِكَ مُغَيْرِباناتٍ نَادِرٌ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ
إِلا ظَرْفًا. والمَساء: بَعْدَ الظُّهْرِ إِلى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِلى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَقَوْلُ النَّاسِ كَيْفَ
أَمْسَيتَ أَي كَيْفَ أَنت فِي وَقْتِ المَساء. ومَسَّيْتُ فُلَانًا:
قُلْتَ لَهُ كَيْفَ أَمْسَيْتَ. وأَمْسَيْنا نَحْنُ: صِرْنا فِي وَقْتِ
المَساءِ؛ وَقَوْلُهُ:
حَتَّى إِذا مَا أَمْسَجَتْ وأَمْسَجا
إِنما أَراد حَتَّى إِذا أَمْسَتْ وأَمْسى، فأَبدل مَكَانَ الْيَاءِ
حَرْفًا جَلْداً شَبِيهًا بِهَا لِتَصِحَّ لَهُ الْقَافِيَةُ
وَالْوَزْنُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا أَحد مَا يدلُّ عَلَى أَن
مَا يُدَّعى مِنْ أَن أَصل رَمَت وغَزَت رَمَيَت وغَزَوَتْ وأَعْطَتْ
أَعْطَيَتْ واسْتَقْصَت اسْتَقْصَيَت وأَمْسَتْ أَمْسَيَتْ، أَلا تَرَى
أَنه لَمَّا أَبدل الْيَاءَ مِنْ أَمْسَيَتْ جِيمًا، وَالْجِيمُ حَرْفٌ
صَحِيحٌ يَحْتَمِلُ الْحَرَكَاتِ وَلَا يَلْحَقُهُ الِانْقِلَابُ
الَّذِي يَلْحَقُ الياءَ وَالْوَاوَ، صحَّحها كَمَا يَجِبُ فِي
الْجِيمِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَمْسَجا فَدَلَّ عَلَى أَن أَصل غَزا
غَزَوَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَقِيتُ مِنْ فُلَانٍ التَّماسِي أَي
الدَّواهي، لَا يُعْرَفُ وَاحِدُهُ وأَنشد لِمِرْدَاسٍ:
أُداوِرُها كيْما تَلِينَ، وإِنَّني ... لأَلْقى، عَلَى العِلَّاتِ
مِنْهَا، التَّماسِيا
وَيُقَالُ: مَسَيْتُ الشيءَ مَسْياً إِذا انْتَزَعْتُهُ؛ قَالَ ذُو
الرُّمَّةِ:
يَكادُ المِراحُ العَرْبُ يَمْسِي غُروضَها، ... وَقَدْ جَرَّدَ
الأَكْتافَ مَوْرُ المَوارِكِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَمْسى فلانٌ فُلَانًا إِذا أَعانَه
بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَكِبَ فُلَانٌ مَساء الطَّرِيقَ إِذا
رَكِبَ وسَط الطَّرِيقِ. وَمَاسَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذا سَخِرَ
مِنْهُ، وساماهُ إِذا فاخَره. وَرَجُلٌ ماسٍ، عَلَى مِثَالِ ماشٍ: لَا
يَلْتَفِتُ إِلى مَوْعِظَةِ أَحد وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ. وَقَالَ
أَبو عُبَيْدٍ: رَجُلٌ ماسٌ عَلَى مِثَالِ مالٍ، وَهُوَ خطأٌ.
وَيُقَالُ: مَا أَمْساهُ، قَالَ الأَزهري: كأَنه مَقْلُوبٌ كما قالوا
هارٍ وهارٌ وهائرٌ، وَمِثْلُهُ رَجُلٌ شَاكِي السِّلاحِ وشاكٌ، قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الماسُ فِي الأَصل ماسِياً،
وَهُوَ مَهْمُوزٌ فِي الأَصل. وَيُقَالُ: رَجُلٌ ماسٌ أَي خفيفٌ، وَمَا
أَمْساه أَي مَا أَخَفَّه، وَاللَّهُ أَعلم.
مشي: المَشي: مَعْرُوفٌ، مَشى يَمْشي مَشْياً، وَالِاسْمُ المِشْيَة؛
عَنِ اللِّحْيَانِي، وتَمَشَّى ومَشَّى تَمْشِيَةً؛ قَالَ
الْحُطَيْئَةُ:
عَفا مُسْحُلانٌ مِنْ سُلَيْمى فحامِرُهْ، ... تَمَشَّى بِهِ ظِلْمانُه
وجَآذِرُهْ
وأَنشد الأَخفش لِلشَّمَّاخِ:
ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تَمَشَّى نَعامُها، ... كمَشْيِ النَّصارى فِي
خِفافِ الأَرَنْدَجِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَلَا تَمَشَّى فِي فضاءٍ بُعْداً
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
تَمَشَّى بِهَا الدَّرْماءُ تَسْحَبُ قُصْبَها، ... كأَنْ بَطْنُ
حُبْلى ذاتِ أَوْنَين مُتْئِمِ
وأَمْشاهُ هُوَ ومَشَّاهُ، وتَمَشَّتْ فِيهِ حُمَيَّا الكأْس.
والمِشْيَةُ: ضَرْب مِنَ المَشْي إِذا مَشى. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ:
أَتيته مَشْياً، جاؤوا بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ فِعْله، وَلَيْسَ
فِي كُلِّ شيءٍ يُقَالُ ذَلِكَ، إِنما يُحْكَى مِنْهُ مَا سُمع.
وَحَكَى اللِّحْيَانِي أَن نساءَ الأَعراب يَقُلْنَ فِي
(15/281)
الأُخَذ: أَخَّذْته بدُبَّاءِ مُمَلإٍ مِنَ
الماءِ مُعَلَّقٍ بتِرْشاءٍ فَلَا يَزَالُ فِي تِمْشاءٍ، ثُمَّ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: التِّمْشاءُ المَشي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَعِنْدِي أَنه لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الأُخْذة. وَكَّلُّ مستمرٍّ
ماشٍ وإِن لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَيَوَانِ فَيُقَالُ: قَدْ مَشَى هَذَا
الأَمر. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَن يَحُجَّ ماشِياً
فأَعْيا قَالَ: يَمْشِي مَا رَكِب ويركَبُ مَا مَشى
أَي أَنه يَنْفُذُ لِوَجْهِهِ ثُمَّ يعُود مِنْ قَابِلٍ فَيَرْكَبُ
إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي عَجَز فِيهِ عَنِ المَشْي ثُمَّ يَمْشي مِنْ
ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كلَّ مَا ركِب فِيهِ مِنْ طَرِيقِهِ. والمَشَّاءُ:
الَّذِي يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بالنَّمِيمة. والمُشَاةُ: الوُشاة.
والمَاشِيَةُ: الإِبل وَالْغَنَمُ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ المَوَاشِي
اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الإِبل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ؛ قَالَ ابْنُ
الأَثير: وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَنَمِ. ومَشَتْ مَشَاء:
كثُرت أَولادُها. وَيُقَالُ: مَشَتْ إِبل بَنِي فُلَانٍ تَمْشي مَشَاء
إِذا كَثُرَتْ. والمَشَاء: النَّماء، وَمِنْهُ قِيلُ المَاشِيَةُ.
وكلُّ مَا يَكُونُ سَائِمَةً لِلنَّسْلِ والقِنْية مِنْ إِبل وشاءٍ
وَبَقَرٍ فَهِيَ مَاشِيَةٌ. وأَصل المَشَاء النَّماء وَالْكَثْرَةُ
والتَّناسُل؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
مِثْلِيَ لَا يُحْسِنُ قَوْلًا فَعْفَعِي، ... العَيْرُ لَا يَمْشِي
مَعَ الهَمَلَّعِ،
لَا تأْمُرِيني ببناتِ أَسْفَعِ
يَعْنِي الْغَنَمَ. وأَسْفَع: اسْمُ كَبْش. ابْنُ السِّكِّيتِ:
المَاشِيةُ تَكُونُ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ. يُقَالُ: قَدْ أَمْشَى
الرَّجُلُ إِذا كثرَت ماشِيَتُه. ومَشَت الماشِيةُ إِذا كَثُرَتْ
أَولادُها؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
فكُلُّ قَرينةٍ ومَقَرِّ إِلْفٍ ... مُفارِقُه إِلى الشَّحَطِ،
القَرِينُ
وكلُّ فَتًى، وإِن أَثْرَى وأَمْشَى، ... ستَخْلِجُه، عَنِ الدُّنْيا،
مَنُونُ
وكلُّ فَتًى، بِمَا عَمِلتْ يَداهُ، ... وَمَا أَجْرَتْ عَوامِلُه،
رَهِينُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن إِسمعيلَ أَتى إِسحقَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ
إِنَّا لَمْ نَرِثْ مِنْ أَبينا مَالًا وَقَدْ أَثْريْتَ وأَمْشَيْتَ
فأَفِئْ عليَّ مِمَّا أَفاء اللهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: أَلم تَرْضَ أَني
لَمْ أَسْتَعْبِدْك حَتَّى تَجِيئني فتَسأَلني المالَ؟
قَوْلُهُ: أَثْرَيْتَ وأَمْشَيْتَ أَي كثُر ثَراكَ أَي مالُك وكثُرت
ماشيتُك، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَسْتَعْبِدْك أَي لَمْ أَتَّخِذْكَ
عَبْدًا، قِيلَ: كَانُوا يَسْتَعْبدون أَولادَ الإِماء؛ وَكَانَتْ
أُمُّ إِسمعيل أَمة، وَهِيَ هاجَر، وأُمُّ إِسحق حُرَّة، وَهِيَ سارةُ.
وناقةٌ مَاشِيَةٌ: كَثِيرَةُ الأَولاد. والمَشَاء: تَناسُل المالِ
وَكَثْرَتُهُ، وَقَدْ أَمْشَى القَوْمُ وامْتَشَوْا؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
فأَنْتَ غَيْثُهُمُ نفْعاً وطَوْدُهُمُ ... دَفْعاً، إِذا مَا مَرادُ
المُمْتَشِي جَدَبا
وأَفْشَى الرجلُ وأَمْشَى وأَوْشَى إِذا كَثُرَ مَالُهُ، وَهُوَ
الفَشاء والمَشَاء، مَمْدُودٌ. اللَّيْثُ: المَشَاء، مَمْدُودٌ، فِعْلُ
الْمَاشِيَةِ، تَقُولُ: إِن فُلَانًا لَذُو مَشَاءٍ وماشِيةٍ. وأَمْشَى
فُلَانٌ: كَثُرَتْ ماشيتُه؛ وأَنشد لِلْحُطَيَئَةِ:
فَيَبْني مَجْدَها ويُقِيمُ فِيهَا، ... ويَمْشِي، إِن أُرِيدَ بِهِ
المَشاءُ
قَالَ أَبو الهَيثَم: يَمْشِي يكثُر. ومَشَى عَلَى آلِ فُلَانٍ مالٌ:
تَناتَجَ وكثُر. ومالٌ ذُو مَشَاء أَي نَماء يَتَناسَلُ. وامرأَة
ماشِيَةٌ: كَثِيرَةُ الْوَلَدِ. وَقَدْ مَشَتِ المرأَةُ تَمْشِي
مَشَاء، مَمْدُودٌ، إِذا كَثُرَ وَلَدُهَا، وَكَذَلِكَ المَاشِيَةُ
إِذا كَثُرَ نَسْلُهَا؛ وَقَوْلُ كُثَيِّرٌ:
(15/282)
يَمُجُّ النَّدَى لَا يذكرُ السَّيرَ
أَهْلُه، ... وَلَا يَرْجِعُ المَاشِي بِهِ، وهْوَ جادِبُ
يَعْنِي بالمَاشِي الَّذِي يَسْتَقْرِيه؛ التَّفْسِيرُ لأَبي
حَنِيفَةَ. ومَشَى بطنُه مَشْياً: اسْتَطْلَق. والمَشِيُّ والمَشِيَّة:
اسْمُ الدَّوَاءِ. وَشَرِبَتْ مَشِيّاً ومَشُوًّا ومَشْواً، الأَخيرتان
نَادِرَتَانِ، فأَما مَشُوٌّ فإِنهم أَبدلوا فِيهِ الْيَاءَ وَاوًا
لأَنهم أَرادوا بِنَاءَ فَعُول فَكَرِهُوا أَن يَلْتَبِسَ بفَعِيل،
وأَمَّا مَشْوٌ فإِنَّ مِثْلَ هَذَا إِنما يأْتي عَلَى فَعُول
كالقَيُوء. التَّهْذِيبُ: والمَشَاء، مَمْدُودٌ، وَهُوَ المَشُوُّ
والمَشِيُّ، يُقَالُ: شَرِبت مَشُوًّا ومَشِيًّا ومَشَاء؛ أَو استطلاقُ
الْبَطْنِ، وَالْفِعْلُ اسْتَمْشَى إِذا شَرِبَ المَشِيَّ، والدَّواء
يُمْشِيه. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء: قَالَ لَهَا بِم تَسْتَمْشِينَ
أَي بمَ تُسْهِلِينَ بَطْنَكِ؟ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد
المَشْي الَّذِي يَعْرِض عِنْدَ شُرْب الدَّوَاءِ إِلى المَخْرج. ابْنُ
السِّكِّيتِ: شَرِبْتُ مَشُوًّا ومَشاء ومَشِيّاً، وَهُوَ الدَّوَاءُ
الَّذِي يُسهل مِثْلَ الحَسُوِّ والحَساء؛ قَالَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ
وَذَكَرَ المَشِيَّ أَيضاً، وَهُوَ صَحِيحٌ، وسُمي بِذَلِكَ لأَنه
يَحْمِلُ شَارِبَهُ عَلَى المَشْي والتَّرَدُّد إِلى الْخَلَاءِ، وَلَا
تَقُلْ شَرِبْتُ دَوَاءَ المَشْيِ. وَيُقَالُ: اسْتَمْشَيْتُ
وأَمْشَانِي الدَّواء. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ مَا تداوَيْتم بِهِ المَشِيُّ.
ابْنُ سِيدَهْ: المَشْوُ والمَشُوُّ الدَّواء المُسْهِل؛ قَالَ:
شَرِبْتُ مَشْواً طَعْمه كالشَّرْيِ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: والمَشْيُ خطأٌ، قَالَ: وَقَدْ حَكَاهُ أَبو
عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْوَاوُ عِنْدِي فِي المَشُوِّ
مُعَاقَبَةٌ فَبَابُهُ الْيَاءُ. أَبو زَيْدٍ: شَرِبْتُ مَشِيّاً
فَمَشَيْت عَنْهُ مَشْياً كَثِيرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَشِيُّ،
بِيَاءٍ مشدَّدة، الدَّوَاءُ، والمَشْيُ، بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ: اسْمٌ
لِمَا يَجِيءُ مِنْ شَارِبِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
شَرِبْتُ مُرًّا مِن دواءِ المَشْيِ، ... مِنْ وَجَعٍ بِخَثْلَتي
وحَقْوِي
ابْنُ الأَعرابي: أَمْشَى الرجلُ يُمْشِي إِذا أَنْجَى دَواؤه «3» ،
ومَشَى يَمْشِي بالنَّمائم. والمَشا: نَبْتٌ يُشْبِهُ الجَزَر،
وَاحِدَتُهُ مَشاةٌ. ابْنُ الأَعرابي: المَشا الجَزَرُ الَّذِي يُؤكل،
وَهُوَ الإِصْطَفْلِينُ: وَذَاتُ المَشا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:
أَجَدُّوا نَجاءً غَيَّبَتْهُمْ، عَشِيَّةً، ... خَمائِلُ مِنْ ذاتِ
المَشا وهُجُولُ
مصا: أَبو عَمْرٍو: المَصْواء مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا لَحْمَ
عَلَى فَخِذيها. الْفَرَّاءُ: المَصْواء الدُّبُر؛ وأَنشد:
وبَلَّ حِنْوَ السَّرْجِ مِنْ مَصْوائِه
أَبو عُبَيْدَةَ والأَصمعي: المَصْواء الرَّسْحاء. والمُصايةُ:
القارُورةُ الصَّغِيرَةُ والحَوْجَلةُ الكبيرة.
مضي: مَضَى الشيءُ يَمْضِي مُضِيّاً ومَضاء ومُضُوًّا: خَلَا وَذَهَبَ؛
الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ. ومَضَى فِي الأَمر وَعَلَى الأَمر مُضوًّا،
وأَمْرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ، نَادِرٌ جِيء بِهِ فِي بَابِ فَعُول
بِفَتْحِ الْفَاءِ. ومَضَى بِسَبيله: مَاتَ. ومَضَى فِي الأَمر مَضاء:
نَفَذَ. وأَمْضَى الأَمرَ: أَنفذه. وأَمِضَيت الأَمرَ: أَنفذته. وَفِي
الْحَدِيثِ:
ليسَ لَك مِنْ مالِكَ إِلا مَا تَصَدَّقْت فأَمْضَيْت
أَي أَنْفَذْتَ فِيهِ عَطاءَك وَلَمْ تَتَوَقَّفْ فِيهِ. ومَضَى السيفُ
مَضاءً: قَطَعَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ جَرير:
فَيَوْماً يُجازِينَ الهَوى غَيْرَ ماضِيٍ، ... ويَوْماً تُرَى
مِنْهُنَّ غُولٌ تُغَوَّلُ
__________
(3) . قوله [أنجى دواؤه] في القاموس والتكملة: ارتجى دواؤه.
(15/283)
قَالَ: فإِنما ردَّه إِلى أَصله
لِلضَّرُورَةِ لأَنه يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ أَن يُجرى الحرفُ المُعتلُّ
مُجرى الْحَرْفِ الصَّحِيحِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ لأَنه الأَصل؛
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى يُجارِينَ، بِالرَّاءِ ومُجاراتُهنَّ
الهَوى يَعْنِي بأَلسِنَتِهنَّ أَي يُجاريِنَ الهَوى بأَلسنتهنَّ وَلَا
يُمْضِينَه، قَالَ: وَيُرْوَى غيرَ مَا صِباً أَي مِنْ غَيْرِ صِباً
مِنْهُنَّ إِليَّ؛ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ: الصَّحِيحُ غَيْرَ مَا
صِبًا، قَالَ: وَقَدْ صحَّفه جَمَاعَةٌ. ومَضَيْتُ عَلَى الأَمر
مُضِيّاً ومَضَوْتُ عَلَى الأَمر مَضُوًّا ومُضُوًّا مِثْلَ الوَقُودِ
والصعودِ، وَهَذَا أَمرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ، والتَّمَضِّي تَفَعُّل
مِنْهُ، قَالَ:
أَصْبَحَ جِيرانُكَ، بَعْدَ الخَفْضِ، ... يُهْدِي السَّلامَ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ
وقَرَّبوا، لِلْبَيْنِ والتَّمَضِّي، ... جَوْلَ مَخاضٍ كالرَّدَى
المُنْقَضِ
الجَوْلُ: ثَلَاثُونَ مِنَ الإِبل. والمُضَواء: التَّقدُّم؛ قَالَ
الْقُطَامِيُّ:
فإِذا خَنَسْنَ مَضَى عَلَى مُضَوائِه، ... وإِذا لَحِقْنَ بِهِ
أَصَبْنَ طِعانا
وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ مُضَواء فِي بَابِ فُعَلاء وأَنشد الْبَيْتَ،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصلها مُضَياء فأَبدلوه إِبدالًا شَاذًّا،
أَرادوا أَن يُعَوِّضوا الْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ
عَلَيْهَا. ومَضى وتَمَضَّى: تقدَّم؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
تَمَضَّتْ إِليْنا لَمْ يرِبْ عَيْنَها القَذى ... بكَثْرةِ نِيرانٍ،
وظَلْماءَ حِنْدِسِ
يُقَالُ: مَضَيْت بِالْمَكَانِ ومَضَيْتُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ:
مَضَيْتُ بَيْعِي «1» أَجَزْتُه. والمَضَاءُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ
المَضَاء بْنُ أَبي نُخَيْلةَ يَقُولُ فِيهِ أَبوه:
يَا رَبِّ مَنْ عابَ المَضَاءَ أَبَدا، ... فاحْرِمْه أَمْثالَ
المَضاءِ وَلَدَا
وَالْفَرَسُ يُكَنَّى أَبا المَضَاء.
مطا: المَطْوُ: الجِدُّ والنَّجاء فِي السَّيْرِ، وَقَدْ مَطا مَطْواً؛
قَالَ إمرؤُ الْقَيْسَ:
مَطَوْتُ بِهِمْ حتَّى يَكِلَّ غَرِيُّهُمْ، ... وحتَّى الجِيادُ مَا
يُقَدْنَ بأَرْسانِ «2»
ومَطا إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وأَصل المَطْو الْمَدُّ فِي هَذَا.
ومَطا إِذا تَمَطَّى. ومَطا الشيءَ مَطْواً: مدَّه. ومَطا بِالْقَوْمِ
مَطْواً: مدَّ بِهِمْ. وتَمَطَّى الرَّجُلُ: تَمدَّد. والتَّمَطِّي:
التَّبَخْتُرُ ومَدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ، وَيُقَالُ
التَّمَطِّي مأْخوذ مِنَ المَطِيطةِ وهو الماءُ الخاثر فِي أَسفل
الْحَوْضِ لأَنه يَتَمَطَّطُ أَي يتمَدَّد، وَهُوَ مِثْلُ تَظَنَّيْتُ
مِنَ الظَّنِّ وتَقَضَّيْتُ مِنَ التَّقَضُّض، والمُطَواءُ مِنَ
التَّمَطِّي عَلَى وَزْنِ الغُلَواءِ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ المَطا
التَّمَطِّي؛ قَالَ ذَرْوةُ بْنُ جُحْفةَ الصَّمُوتي:
شَمَمْتُها إِذْ كَرِهَتْ شَمِيمِي، ... فَهْيَ تَمَطَّى كمَطا
المَحْمُومِ
وإِذا تَمَطَّى عَلَى الحُمَّى فَذَلِكَ المُطَواءُ، وَقَدْ تقدَّم
تَفْسِيرُ المَطِيطاء وَهُوَ الخُيَلاءُ والتَّبَخْتُر. وَفِي
الْحَدِيثِ:
إِذا مَشَتْ أُمَّتي المُطَيْطا
، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ؛
__________
(1) . قوله [ويقال مضيت بيعي إلخ] كذا بالأصل. وعبارة التهذيب: ويقال
أَمْضَيْت بيعي ومَضَيْت على بيعي أي إلخ.
(2) . قوله [غريهم] كذا في الأصل. وعبارة القاموس: الغريّ كغني الحسن
منا ومن غيرنا، وبعد هذا فالذي في الديوان: حتى تكل مطيهم.
(15/284)
هي مِشْية فِيهَا تَبَخْتُر ومَدُّ
الْيَدَيْنِ. وَيُقَالُ: مَطَوْتُ ومَطَطْتُ بِمَعْنَى مدَدْت؛ قَالَ
ابْنُ الأَثير: وَهِيَ مِنَ الْمُصَغَّرَاتِ الَّتِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ
لَهَا مُكَبَّرٌ، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ ذَهَبَ
إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى
؛ أَي يَتَبَخْتَرُ، يَكُونُ مِنَ المَطِّ والمَطْوِ، وَهُمَا
الْمَدُّ، وَيُقَالُ: مَطَوْتُ بِالْقَوْمِ مَطْواً إِذا مدَدْت بِهِمْ
فِي السَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مَرَّ عَلَى بلال وقد مُطِيَ
فِي الشَّمْسِ يُعذَّبُ فَاشْتَرَاهُ وأَعْتَقه
؛ مَعْنَى مُطِيَ أَي مُدَّ وبُطحَ فِي الشَّمْسِ. وكلُّ شيءٍ
مَدَدْتَه فَقَدْ مَطَوْتَه؛ وَمِنْهُ المَطْوُ فِي السَّيْر. ومَطا
الرجلُ يَمْطو إِذا سارَ سَيْرًا حسَناً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ تَمَطَّت غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، ... بِنَا حَراجِيجُ المَطِيِّ
النُّفَّهِ
تَمَطَّتْ بِنَا أَي سارَتْ بِنَا سَيْراً طَويلًا مَمْدُودًا؛
وَيُرْوَى:
بِنَا حراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَمَطَّتْ بِهِ أُمُّه فِي النِّفاس، ... فليسَ بِيَتْنٍ وَلَا
تَوْأَمِ
فسَّره فَقَالَ: يُرِيدُ أَنها زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشهر حَتَّى
نَضَّجَتْهُ وجرَّتْ حَمْلَه؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
تَمَطَّتْ بِهِ بَيْضاءُ فَرْعٌ نَجِيبةٌ ... هِجانٌ، وبَعْضُ
الوالِداتِ غَرامُ
وتَمَتَّى: كَتَمَطَّى عَلَى الْبَدَلِ، وَقِيلَ لأَعرابي: مَا هَذَا
الأَثر بِوَجْهِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ شِدَّة التَّمَتِّي فِي السُّجُودِ.
وتمَطَّى النهارُ: امتدَّ وَطَالَ، وَقِيلَ: كلُّ مَا امْتَدَّ وَطَالَ
فَقَدْ تمَطَّى. وتمَطَّى بِهِمُ السَفرُ: امْتَدَّ وطالَ، وتمَطَّى
بِكَ العهْدُ كَذَلِكَ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المُطَوَاءُ.
والمَطاةُ والمَطا أَيضاً: التَّمَطِّي؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، حَكَاهُ
فِي الجُمل قَرَنَهُ بالمَطا الَّذِي هُوَ الظَّهْر. والمَطِيَّةُ مِنَ
الدَّوابِّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ
المَطْوِ أَي المَدّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَطِيَّة مِنَ الدَّوابِّ
الَّتِي تَمْطُو فِي سَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا مَطَايَا ومَطِيٌّ؛ وَمِنْ
أَبيات الْكِتَابِ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرِي ... ليْلًا، وَلَا أَسْمَعُ
أَجْراسَ المَطِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَراد لَا يُؤَرِّقْني الكَرِيُّ فاحتاجَ فأَشمَّ
الساكنَ الضَّمَّةَ، وإِنما قَالَ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ لأَن بَعْدَهُ
وَلَا أَسمعُ، وَهُوَ فِعْلٌ مَرْفُوعٌ، فحُكْمُ الأَول الَّذِي عُطف
عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْلُ أَن يَكُونَ مَرْفُوعًا، لَكِنْ لِمَا لَمْ
يُمْكِنْهُ أَن يُخلص الْحَرَكَةَ فِي يؤرِّقْني أَشمها وَحَمَلَ
أَسمعُ عَلَيْهِ لأَنه وإِن كَانَتِ الْحَرَكَةُ مُشَمَّةً فإِنها فِي
نِيَّةِ الإِشباع، وإِنما قُلْنَا فِي الإِشمام هُنَا إِنه ضَرُورَةٌ
لأَنه لَوْ قَالَ لَا يُؤَرِّقُنِي فأَشبع لَخَرَجَ مِنَ الرَّجَزِ
إِلى الْكَامِلِ، وَمُحَالٌ أَن يَجْمَعَ بَيْنَ عَرُوضَيْنِ
مُخْتَلِفَيْنِ؛ وأَنشد الأَخفش:
أَلم تَكُنْ حَلَفْتَ باللهِ العَلي، ... أَنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ
المَطي؟
جَعَلَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ ياءٍ فَعِيلٍ الْقَافِيَةَ وأَلقى
الْمُتَحَرِّكَةَ لَمَّا احْتَاجَ إِلى إِلقائها، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ:
إِنما أَلقى الزَّائِدَ وَذَلِكَ لَيْسَ بِحَسَنٍ لأَنه مستخفٌّ
للأَوَّل، وإِنما يَرْتَدِع عِنْدَ الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا جاءَ لَفْظٌ
لَا يَكُونُ مَعَ الأَول تَرْكَهُ كَمَا يَقِفُ عَلَى الثَّقِيلِ
بِالْخِفَّةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ الأَخفش فِي الْعَلِيِّ
وَالْمَطِيِّ إِلى حَذْفِ الْحَرْفِ الأَخير الَّذِي هُوَ لَامٌ
وَتَبْقِيَةُ يَاءِ فَعِيلٍ، وإِن كَانَتْ
(15/285)
زَائِدَةً، كَمَا ذَهَبَ فِي نَحْوِ مَقُول
ومَبيع إِلى حَذْفِ الْعَيْنِ وإِقرار وَاوِ مَفْعُولٍ، وإِن كَانَتْ
زَائِدَةً، إِلا أَن جِهَةَ الْحَذْفِ هُنَا وَهُنَاكَ مُخْتَلِفَتَانِ
لأَن الْمَحْذُوفَ مَنِ المَطيّ وَالْعَلِيِّ الْحَرْفُ الْآخَرُ،
وَالْمَحْذُوفُ فِي مَقُولٍ لِعِلَّةٍ لَيْسَتْ بِعِلَّةِ الْحَذْفِ
فِي المطِيّ والعَليّ، وَالَّذِي رَآهُ فِي المَطِيّ حَسَنٌ لأَنك لَا
تَتَنَاكَرُ الْيَاءَ الأُولى إِذا كَانَ الْوَزْنُ قَابِلًا لَهَا
وَهِيَ مكلمة لَهُ، أَلا تَرَى أَنها بإِزاءِ نُونِ مستفْعلن؟ وإِنما
اسْتَغْنَى الْوَزْنُ عَنِ الثَّانِيَةِ فإِياها فَاحْذِفْ، وَرَوَاهُ
قُطْرُبٌ: أَنّ مَطَايَاكَ، بِفَتْحِ أَن مَعَ اللَّامِ، وَهَذَا
طَرِيقٌ، وَالْوَجْهُ الصَّحِيحُ كَسْرُ إِن لِتَزُولَ الضَّرُورَةُ،
إِلا أَنا سَمِعْنَاهَا مَفْتُوحَةَ الْهَمْزَةِ. وَقَدْ مَطَتْ
مَطْواً. وامْتَطاها: اتَّخَذَهَا مَطِيَّةً. وامْتَطَاها وأَمْطَاها:
جَعَلَهَا مَطِيَّتَه. والمَطِيَّةُ: النَّاقَةُ الَّتِي يُرْكب
مَطاها. والمَطِيَّةُ: الْبَعِيرُ يُمْتَطى ظَهْرُهُ، وَجَمْعُهُ
المَطَايا، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى. الْجَوْهَرِيُّ:
المَطِيَّةُ وَاحِدَةُ المَطِيِّ والمَطايا، والمَطِيُّ وَاحِدٌ
وَجَمْعٌ، يُذَكَّرُ ويؤنث، والمَطايا فَعالى، أَصله فَعائلُ إِلا أَنه
فُعِل بِهِ مَا فُعِلَ بخَطايا. قَالَ أَبو الْعُمَيْثِلِ:
الْمَطِيَّةُ تذكر وتؤنث؛ وأَنشد أَبو زيد لِرَبِيعَةَ بْنِ مَقْرُوم
الضَّبِّي جَاهِلِيٌّ:
ومَطِيّةٍ، مَلَثَ الظَّلامِ، بَعَثْتُه ... يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ
دَامِي الأَظْلَل
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مِنْهُ امْتَطَيتها أَي اتَّخَذْتُهَا
مَطِيَّةً. وَقَالَ الأُموي: امْتَطَيْنَاها أَي جَعَلْنَاهَا
مَطايانا. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: تَرَكَتِ المُخَّ رَارًا والمَطِيَّ هَارًا
؛ المَطِيّ: جَمْعُ مَطِيَّةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُرْكَبُ
مَطاها أَي ظهرها، ويقال: يُمْطِى بِهَا فِي السَّيْرِ أَي يُمَدُّ،
والهارُ: الساقطُ الضَّعِيفُ. والمَطَا، مَقْصُورٌ: الظَّهر
لِامْتِدَادِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْل الْمَتْنِ مِنْ عَصَب أَو عَقَب
أَو لَحْمٍ، وَالْجَمْعُ أَمْطَاء. والمَطْوُ: جَرِيدَةٌ تُشَقُّ
بشِقَّيْنِ ويُحْزَم بِهَا القَتُّ مِنَ الزَّرْعِ، وَذَلِكَ
لِامْتِدَادِهَا. والمَطْوُ: الشِّمراخ، بلغة بَلْحَرثِ بْنِ كَعْبٍ،
وَكَذَلِكَ التَّمطِيةُ، وَالْجَمْعُ مِطاء، والمَطا، مَقْصُورٌ:
لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَطْوُ
والمِطْوُ، بِالْكَسْرِ، عِذْق النَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ مِطاء مِثْلَ
جَرْو وجِراء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الْجَمْعِ قَوْلُ
الرَّاجِزِ:
تَخَدَّدَ عَنْ كَوافِرِه المِطاء
والمَطْوُ والمِطْوُ جَمِيعًا: الكُباسة وَالْعَاسِيُّ؛ وأَنشد أَبو
زِيَادٍ:
وهَتَفُوا وصَرَّحُوا يَا أَجْلَحْ، ... وَكَانَ هَمّي كلَّ مُطْوٍ
أَمْلَحْ
كَذَا أَنشده مُطْو، بِالضَّمِّ، وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الشَّيْخُ
مُحَمَّدُ بْنُ بَرِّيٍّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى المِطو،
بِالْكَسْرِ، وأَورده بِالْكَسْرِ، ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ
رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ
حَمْزَةَ الْبَصْرِيُّ وَقَدْ جاءَ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ
فِيهِ الضَّمُّ. ومَطا الرجلُ إِذا أَكل الرَّطْبَ مِنَ الكُباسة.
والمِطْوُ: سَبَل الذُّرة. والأُمْطِيُّ: الَّذِي يُعمل مِنْهُ
العِلْكُ، واللُّبايةُ شَجَرُ الأُمْطِيّ. ومِطْوُ الشَّيْءِ:
نَظِيرُهُ وَصَاحِبُهُ؛ وَقَالَ:
نادَيْت مِطْوِي، وَقَدْ مالَ النهارُ بهمْ، ... وعَبْرةُ الْعَيْنِ
جارٍ دَمْعُها سَجمُ
ومَطا إِذا صاحبَ صَدِيقاً. ومِطْو الرَّجُلِ: صديقُه وَصَاحِبُهُ
وَنَظِيرُهُ، سَرَوِيَّةٌ، وَقِيلَ: مِطْوه صَاحِبُهُ فِي السَّفَرِ
لأَنه كَانَ إِذا قُويِس بِهِ فَقَدَ مُدَّ مَعَهُ؛ قَالَ يَصِفُ
(15/286)
سَحاباً، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ
لِرَجُلٍ مِنْ أَزْد السَّراة يَصِفُ بَرْقًا، وَذَكَرَ الأَصبهاني
أَنه لِيَعْلَى بْنِ الأَحول:
فَظَلْتُ، لَدَى البَيْتِ الحَرامِ، أُخِيلُه، ... ومِطْوايَ
مُشْتاقانِ لَهُ أَرِقانِ «3»
أَي صاحِبايَ، وَمَعْنَى أُخِيله أَنظر إِلى مَخِيلته، والهاءُ
عَائِدَةٌ عَلَى الْبَرْقِ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
أَرِقْتُ لِبَرْقٍ دُونه شَرَوانِ ... يَمانٍ، وأَهْوَى البَرْقَ كلَّ
يَمانِ
والمَطا أَيضاً: لُغَةٌ فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَمْطاءٌ ومَطِيٌّ،
الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَقَدْ لاقَ المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ ... حديثٌ، إِنْ عَجِبْتَ لَهُ،
عَجِيبُ
والأُمْطِيُّ: صَمْغٌ يُؤْكَلُ، سُمِّيَ بِهِ لِامْتِدَادِهِ، وَقِيلَ:
هُوَ ضَرْبٌ مِنَ نَبَاتِ الرَّمْلِ يَمْتَدُّ وَيَنْفَرِشُ. وَقَالَ
أَبو حَنِيفَةَ: الأُمْطِيُّ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْل قُضْباناً،
وَلَهُ عِلْك يُمْضَغ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ وَوَصَفَ ثَوْرَ وَحْشٍ:
وبالفِرِنْدادِ لَهُ أُمطِيُ
وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ المَدِّ لأَن العلكَ يَمْتَدّ.
معي: ابْنُ سِيدَهْ: المَعَى والمِعَى مِنْ أَعْفاج الْبَطْنِ،
مُذَكَّرٌ، قَالَ: ورَوى التأْنيث فِيهِ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ،
وَالْجَمْعُ الأَمْعَاءُ، وَقَوْلُ الْقُطَامِيُّ:
كأَنَّ نُسُوعَ رَحْلي، حِينَ ضَمَّتْ ... حَوالِبَ غُرَّزاً ومِعًى
جِياعا
أَقام الْوَاحِدَ مَقَامَ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا. قَالَ الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ: والمِعَى
أَكثر الْكَلَامِ عَلَى تَذْكِيرِهِ، يُقَالُ: هَذَا مِعًى وَثَلَاثَةُ
أَمْعَاء، وَرُبَّمَا ذَهَبُوا بِهِ إِلى التأْنيث كأَنه وَاحِدٌ دلَّ
عَلَى الْجَمْعِ، وأَنشد بَيْتَ الْقُطَامِيِّ: ومِعًى جِياعا. وَقَالَ
اللَّيْثُ: وَاحِدُ الأَمْعَاءِ يُقَالُ مِعًى ومِعَيان وأَمْعاء،
وَهُوَ المَصارين. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي الْبَطْنِ
مِمَّا يَتَرَدَّدُ فِيهِ مِنَ الحَوايا كُلِّهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
المؤمنُ يأْكل فِي مِعًى واحد والكافر يأْكل فِي سَبْعَةِ أَمْعاءٍ
، وَهُوَ مَثَل لأَن الْمُؤْمِنَ لَا يأْكل إِلا مِنَ الْحَلَالِ
وَيَتَوَقَّى الْحَرَامَ وَالشُّبْهَةَ، وَالْكَافِرُ لَا يُبَالِي مَا
أَكل وَمِنْ أَين أَكل وَكَيْفَ أَكل، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أُرى
ذَلِكَ لتَسمية الْمُؤْمِنِ عِنْدَ طَعامه فَتَكُونُ فِيهِ الْبَرَكَةُ
وَالْكَافِرُ لَا يَفعل ذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنه خَاصٌّ بِرَجُلٍ كَانَ
يُكثر الأَكل قَبْلَ إِسلامه فَلَمَّا أَسلم نَقَصَ أَكله، وَيَرْوِي
أَهل مِصْرَ أَنه أَبو بَصْرة الغِفاريّ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا
نَعْلَمُ لِلْحَدِيثِ وَجْهًا غَيْرَهُ لأَنا نَرَى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَكْثُر أَكله وَمِنَ الْكَافِرِينَ مَن يَقِلُّ
أَكله، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا
خُلْفَ لَهُ فَلِهَذَا وُجِّه هَذَا الْوَجْهَ، قَالَ الأَزهري:
وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَحسَبه الصَّوَابَ الَّذِي لَا يَجُوزُ
غَيْرُهُ، وَهُوَ أَن
قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ يأْكل
فِي مِعًى واحد والكافر يأْكل فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ
، مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِلْمُؤْمِنِ وزُهْدِه فِي الدُّنْيَا وقَناعَته
بالبُلْغة مِنَ الْعَيْشِ وَمَا أُوتي مِنَ الكِفاية، وَلِلْكَافِرِ
وَاتِّسَاعِ رَغبته فِي الدُّنْيَا وحِرْصِه عَلَى جَمْع حُطامها
ومَنْعها مِنْ حَقِّهَا مَعَ مَا وصَف اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الكافرَ
مِنْ حِرْصه عَلَى الْحَيَاةِ ورُكونه إِلى الدُّنْيَا واغْتِراره
بزُخْرُفِها، فالزُّهد فِي الدُّنْيَا مَحْمُودٌ لأَنه مِنْ أَخلاق
الْمُؤْمِنِينَ، والحِرْصُ عَلَيْهَا وجَمْعُ عَرَضِها مَذْمُومٌ لأَنه
مِنْ أَخلاق الْكُفَّارِ، وَلِهَذَا قِيلَ: الرُّغْبُ شُؤْمٌ، لأَنه
يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى اقْتِحَامِ النَّارِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ
كَثْرَةَ الأَكل دُونَ اتِّسَاعِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا والحِرْص
عَلَى جَمْعِهَا، فَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ فِي مِثْلِ الْكَافِرِ
اسْتِكْثَارُهُ مِنَ الدنيا والزيادةُ
__________
(3) . عجز البيت مختلّ الوزن.
(15/287)
عَلَى الشَّبَعِ فِي الأَكل دَاخِلٌ فِيهِ،
ومثَل الْمُؤْمِنِ زهدُه فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةِ اكْتِرَاثُهُ
بأَثاثِها واستعدادُه لِلْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُوَ تَخْصِيصٌ
لِلْمُؤْمِنِ وتَحامِي مَا يجرُّه الشَّبَعُ مِنَ القَسْوة وطاعةِ
الشَّهْوَةِ، ووَصْفُ الْكَافِرِ بكَثرة الأَكل إِغلاظٌ عَلَى
الْمُؤْمِنِ وتأْكيد لِمَا رُسِمَ لَهُ، واللَّه أَعلم. قَالَ الأَزهري
حِكَايَةً عَنِ الْفَرَّاءِ: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
الْمُؤْمِنُ يأْكل فِي مِعًى واحدةٍ
، قَالَ: ومِعًى واحدٌ أَعْجَبُ إِليَّ. ومِعَى الفأْرة: ضَرْبٌ من
رَدِيءِ تَمْرِ الْحِجَازِ. والمِعَى مِن مَذانِب الأَرض: كلُّ مِذْنَب
بالحَضِيض يُناصِي مِذْنَباً بالسَّنَدِ وَالَّذِي فِي السَّفْح هُوَ
الصُّلْبُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بالصَّمَّان فِي قِيعانها
مَساكاتٍ لِلْمَاءِ وإِخاذاً مُتَحَوِّية تُسَمَّى الأَمْعاء
وَتُسَمَّى الحَوايا، وَهِيَ شِبْهُ الغُدْران، غَيْرَ أَنها
مُتضايِقةٌ لَا عَرْضَ لَهَا، ورُبما ذَهَبَتْ فِي الْقَاعِ غَلْوَةً.
وَقَالَ الأَزهري: الأَمْعَاء مَا لانَ مِنَ الأَرض وانْخَفض، قَالَ
رُؤْبَةُ:
يَحْبُو إِلى أَصلابه أَمْعَاؤه
قَالَ: والأَصْلاب مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض. قَالَ أَبو عَمْرٍو:
ويَحْبُو أَي يَميلُ، وأَصْلابُه وَسَطُهُ، وأَمْعاؤه أَطْرافُه.
وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: المِعَى سَهْل بَيْنَ
صُلْبَيْنِ، قَالَ ذُو الرمة:
بِصُلْبِ المِعَى أَو بُرْقةِ الثَّوْرِ لَمْ يَدَعْ ... لَهَا جِدَّةً
جَوْلُ الصَّبا والجَنائبِ «1»
قَالَ الأَزهري: المِعَى غَيْرُ مَمْدُودٍ الْوَاحِدَةُ أَظن مِعاةٌ
سَهْلة بَيْنَ صُلْبَيْن، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تراقِبُ بَيْنَ الصُّلْبِ مِنْ جانِبِ المِعَى، ... مِعَى واحِفٍ،
شَمْساً بَطِيئًا نُزُولُها «2»
وَقِيلَ: المِعَى مَسِيل الْمَاءِ بَيْنِ الحِرار. وَقَالَ الأَصمعي:
الأَمْعاء مَسايلُ صِغَارٌ. والمُعَيُّ: اسْمُ مَكَانٍ أَو رَمْل،
قَالَ الْعَجَّاجُ:
وخِلْتُ أَنْقاء المُعَيِّ رَبْرَبا
وقالوا: جاءا مَعاً وجاؤوا مَعاً أَي جَمِيعًا. قَالَ أَبو الْحَسَنِ:
مَعًا عَلَى هَذَا اسْمِ وأَلفه مُنقلبة عَنْ يَاءٍ كرَحًى، لأَن
انْقِلَابَ الأَلف فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَنِ الْيَاءِ أَكثر مِنِ
انْقِلَابِهَا عَنِ الْوَاوِ، وَهُوَ قَوْلُ يُونُسَ، وَعَلَى هَذَا
يَسْلَمُ قَوْلُ حَكِيم بْنِ مُعَيَّة التَّمِيمِي مِنَ الإِكْفاء
وَهُوَ:
إِنْ شِئْتِ، يَا سَمْراء، أَشْرَفْنَا مَعَا، ... دَعا كِلانا رَبَّه
فأَسْمَعا
بالخَيْرِ خَيْراتٍ، وإِن شَرّاً فأَى، ... وَلَا أُرِيدُ الشرَّ إِلا
أَنْ تَأَى
قَالَ لُقمان بْنُ أَوْس بْنِ رَبِيعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ
مَنَاةَ بْنِ غَنَمٍ:
إِن شِئْتِ أَشرفْنا كِلانا، فدَعا ... اللَّهَ جَهْداً رَبَّه،
فأَسْمَعا
بالخَيرِ خَيراتٍ، وإِن شَرٌّ فأَى، ... وَلَا أُريدُ الشرَّ إِلَّا
أَن تَأَى
وَذَلِكَ أَن امرأَة قَالَتْ فأَجابها:
قَطَّعَكِ اللَّهُ الجَلِيلُ قِطَعَا، ... فَوْقَ الثُّمامِ قِصَداً
مُوَضَّعَا
تاللَّهِ مَا عَدَّيْتُ إِلَّا رُبَعا، ... جَمَعْتُ فِيهِ مَهْرَ
بِنْتي أَجْمعَا
والمَعْوُ: الرُّطب، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وأَنشد:
تُعَلَّلُ بالنَّهِيدَةِ، حينَ تُمْسِي، ... وبالمَعْوِ المُكَمَّمِ
والقَمِيمِ
__________
(1) . قوله" جول" هو رواية المحكم، وفي معجم ياقوت: نسج.
(2) . قوله" بين الصلب إلخ" كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة:
تراقب بين الصلب والهضب والمعى ... مِعَى وَاحِفٍ شَمْسًا بَطِيئًا
نزولها
(15/288)
النَّهِيدةُ: الزُّبْدة، وَقِيلَ: المَعْو
الَّذِي عَمَّه الإِرْطابُ، وَقِيلَ: هُوَ التَّمْرُ الَّذِي أَدرَك
كُلَّهُ، وَاحِدَتُهُ مَعْوةٌ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ قِيَاسٌ
وَلَمْ أَسمعه. قَالَ الأَصمعي: إِذا أَرطب النَّخْلُ كُلُّهُ فَذَلِكَ
المَعْوُ، وَقَدْ أَمْعَتِ النَّخْلَةُ وأَمْعَى النَّخْلُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
رأَى عثمانُ رجُلًا يَقْطَعُ سَمُرَةً فَقَالَ أَلَسْتَ تَرْعَى
مَعْوَتَها
أَي ثَمَرَتَها إِذا أَدْرَكَتْ، شبَّهها بالمَعْو وَهُوَ البُسْرُ
إِذا أَرْطَب، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا بِشْرُ يَا بشْرُ أَلا أَنتَ الوَلي، ... إِنْ مُتُّ فادْفِنِّي
بدارِ الزَّيْنَبي،
فِي رُطَبٍ مَعْوٍ وبِطِّيخٍ طَرِي
والمَعْوَة: الرُّطَبة إِذا دَخلها بَعْضُ الْيُبْسِ. الأَزهري:
الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْقَوْمِ إِذا أَخصبوا وصَلَحت حالُهم هُمْ فِي
مِثْلِ المِعَى والكَرِش، قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا أَيُّهذا النائمُ المُفْتَرِشْ، ... لستَ عَلَى شيءٍ، فَقُمْ
وانْكَمِشْ
لستَ كقَوْمٍ أَصْلَحُوا أَمْرَهم، ... فأَصْبَحُوا مِثْلَ المِعَى
والكَرِشْ
وتَمَعَّى الشرُّ: فَشا. والمُعَاء، مَمْدُودٌ: أَصواتُ السَّنانير.
يُقَالُ: مَعَا يَمْعُو ومَغا يَمْغُو، لَوْنَانِ أَحدهما يَقْرُبُ
مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ أَرفع مِنَ الصَّئِيِّ. والمَاعِي: اللَّيِّنُ من
الطعام.
مغا: مَغا السِّنَّوْرُ مَغْواً ومُغُوّاً ومُغاء: صاحَ. الأَزهري:
مَعا السنورُ يَمْعُو ومَغا يَمْغو، لَوْنَانِ أَحدهما يَقْرُبُ مِنَ
الْآخَرِ، وَهُوَ أَرفع مِنَ الصَّئِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: مَغَوْتُ
أَمْغُو ومَغَيْتُ أَمْغِي بمعنى نَغَيْتُ.
مقا: مَقا الفَصيلُ أُمَّه مَقْواً: رَضِعَها رَضْعاً شَدِيدًا.
ومَقَوْتُ الشيءَ مَقْواً: جَلَوْتُه، ومَقَيْتُ لُغَةٌ. وَمَقَوْتُ
السيفَ: جَلَوْتُهُ. وَكَذَا الْمِرْآةَ والطَّسْت حَتَّى قَالُوا مَقا
أَسنانه، ومَقْو الطَّسْتِ جَلاؤه، ومَقَوْتُه أَيضاً: غَسَلْتُهُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَذَكَرَتْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَتْ:
مَقَوْتُمُوه مَقْوَ الطَّسْتِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ
، أَرادت أَنهم عَتَبُوه عَلَى أَشياء فأَعتبهم وأَزال شَكْواهم
وَخَرَجَ نقِيّاً مِنَ العَتْب ثُمَّ قَتَلُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ. ابْنُ
سِيدَهْ: مَقَى الطسْتَ والمِرآة وَغَيْرَهُمَا مَقْياً جَلاها
ويَمْقِيها، ومَقَوْت أَسناني ونَقَّيتها. وَقَالُوا: امْقِه مِقْيَتَك
مَالَكَ «1» وامْقُه مَقْوَكَ مالَك ومُقاوَتَك مالَك أَي صُنْه
صِيانَتَك مالَكَ. والمُقْيَةُ: المَأْقُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَاللَّهُ
أَعلم.
مكا: المُكاء، مُخفف: الصَّفِير. مَكا الإِنسان يَمْكُو مَكْواً
ومُكاءً: صَفَرَ بفِيه. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَن يَجمع بَيْنَ
أَصابع يَدَيْهِ ثُمَّ يُدخِلها فِي فِيهِ ثُمَّ يَصْفِر فِيهَا. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ
إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً
. ابْنُ السِّكِّيتِ: المُكاءُ الصَّفير، قَالَ: والأَصوات مَضْمُومَةٌ
إِلا النِّداء والغِناء؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لِحَسَّانَ:
صَلاتُهُمُ التَّصَدِّي والمُكاء
اللَّيْثُ: كَانُوا يطُوفون بِالْبَيْتِ عُراة يَصْفِرُون بأَفواههم
ويُصفِّقُون بأَيديهم. ومَكَتِ اسْتُه تَمْكُو مُكاءً: نَفَخَتْ، وَلَا
يَكُونُ ذَلِكَ إِلا وَهِيَ مَكْشُوفة مَفْتُوحَةٌ، وَخَصَّ بعضهم به
__________
(1) . قوله [مقيتك مالك] ضبط في الأصل مقيتك بالكسر كما ترى وفي المحكم
أيضاً والتكملة بخط الصاغاني نفسه بالكسر، وقال السيد مرتضى بفتح الميم
وسكون القاف وكأَنه اتكل على إطلاق المجد وقلده المصححون الأَول فضبطوه
بالفتح.
(15/289)
اسْتَ الدّابَّة. والمَكْوةُ: الِاسْتُ،
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لصَفِيرها؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ رَجُلًا
طَعَنَه:
تَمْكُو فَريصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَمِ
يَعْنِي طَعْنةً تَنْفَحُ بِالدَّمِ. وَيُقَالُ لِلطَّعْنَةِ إِذا
فَهَقَتْ فَاهَا «1» : مَكَتْ تَمْكُو. والمُكَّاء، بِالضَّمِّ
وَالتَّشْدِيدِ: طَائِرٌ فِي ضَرْبِ القُنْبُرةِ إِلا أَن فِي
جَنَاحَيْهِ بَلَقاً، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَجْمَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ
يَصْفِرُ فِيهِمَا صَفِيراً حَسَنًا؛ قَالَ:
إِذا غَرَّدَ المُكَّاءُ فِي غَيْرِ رَوْضةٍ، ... فَوَيْلٌ لأَهْلِ
الشَّاءِ والحُمُراتِ
التَّهْذِيبُ: والمُكَّاء طَائِرٌ يأْلَف الرِّيف، وَجَمْعُهُ
المَكاكِيُّ، وَهُوَ فُعّالٌ مِنْ مَكا إِذا صَفَرَ. والمَكْوُ
والمَكا، بِالْفَتْحِ مَقْصُورٌ: جُحْر الثَّعْلَبِ والأَرنب
وَنَحْوُهُمَا، وَقِيلَ: مَجْثِمُهُما؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَمْ بهِ مِنْ مَكْوِ وَحْشِيَّة
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وكَمْ دُونَ بَيتِكَ مِنْ مَهْمَةٍ، ... ومِنْ حَنَشٍ جاحِرٍ فِي مَكا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُهْمَزُ، وَالْجَمْعُ أَمْكَاء،
وَيُثَنَّى مَكاً مَكَوانِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ:
بُنى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بَعْدَ صَيْدَنِ
وَقَدْ يَكُونُ المَكْوُ لِلطَّائِرِ والحَيَّة. أَبو عَمْرٍو:
تَمَكَّى الغلامُ إِذا تَطهَّر لِلصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ تَطَهَّرَ
وتَكَرَّعَ؛ وأَنشد لِعَنْتَرَةَ الطَّائِيِّ:
إِنَّكَ، والجَوْرَ عَلَى سَبِيلِ، ... كالمُتَمَكِّي بدَمِ القَتِيلِ
يُرِيدُ كالمُتَوَضِّئِ والمُتَمَسِّح. أَبو عُبَيْدَةَ: تَمَكَّى
الْفَرَسُ تَمَكِّياً إِذا ابْتَلَّ بِالْعَرَقِ؛ وأَنشد:
والقُودُ بعْدَ القُودِ قَدْ تَمَكَّيْن
أَي ضَمَرْنَ لِمَا سالَ مِنْ عَرَقِهنَّ. وتَمَكَّى الفرسُ إِذا حَكَّ
عَيْنَهُ برُكبته. وَيُقَالُ: مَكِيَتْ يَدُهُ تَمْكى مَكاً شَدِيدًا
إِذا غَلُظت، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي مَجِلَتْ مِنَ الْعَمَلِ؛ قَالَ
يَعْقُوبُ: سَمِعْتُهَا مِنَ الْكِلَابِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ
التَّرْجَمَةِ: مِيكائيلُ اسْمٌ، يُقَالُ هُوَ مِيكَا أُضيف إِلى إِيل،
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ مِيكائين، بِالنُّونِ لُغَةٌ، قَالَ
الأَخفش: يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، قَالَ: وَيُقَالُ مِيكالُ، وَهُوَ
لُغَةٌ؛ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
ويَوْمَ بَدْرٍ لَقِيناكُمْ لَنَا مَدَدٌ، ... فَيَرْفَعُ النَّصرَ
مِيكالٌ وجِبْريلُ
ملا: المِلاوةُ والمُلاوةُ والمَلاوةُ والمَلا والمَلِيُّ، كُلُّهُ:
مَدَّة الْعَيْشِ. وَقَدْ تَمَلَّى العَيْشَ ومُلِّيَه وأَمْلاه
اللَّهُ إِياه ومَلَّاهُ وأَمْلى اللهُ لَهُ: أَمْهلَه وطوَّلَ لَهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ
؛ الإِمْلاء: الإِمْهالُ والتأْخير وإِطالةُ العُمُر. وتَمَلَّى
إِخْوانَه: مُتِّعَ بِهِمْ. يُقَالُ: مَلَّاك اللَّهُ حَبيبَك أَي
مَتَّعَك بِهِ وأَعاشَك مَعَهُ طَوِيلًا؛ قَالَ التَّمِيمِيُّ فِي
يَزِيدَ بْنِ مِزْيد الشَّيْباني:
وَقَدْ كنتُ أَرْجُو أَنْ أُمَلَّاك حِقْبةً، ... فحالَ قَضاءُ اللهِ
دُونَ رَجائِيا
أَلا فَلْيَمُتْ مَنْ شَاءَ بَعْدَكَ، إِنما ... عَلَيْكَ، منَ
الأَقْدارِ، كَانَ حِذارِيا
وتَمَلَّيْت عُمُري: اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. وَيُقَالُ لِمَنْ لَبِس
الجَديدَ: أَبْلَيْتَ جَديداً وتَمَلَّيْت حَبيباً أَي
__________
(1) . قوله [فهقت فاها] كذا ضبط في التهذيب.
(15/290)
عِشْتَ مَعَهُ مِلاوةً مِنْ دَهْرِكَ
وتَمَتَّعْت بِهِ. وأَمْلَى لِلْبَعِيرِ فِي القَيْدِ: أَرْخى ووَسَّع
فِيهِ. وأَمْلى لَهُ فِي غَيِّه: أَطالَ. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً
؛ اشْتِقَاقُهُ مِنَ المَلْوة وَهِيَ الْمُدَّةُ مِنَ الزَّمَانِ،
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: البَسْ جَدِيدًا وتَمَلَّ حَبِيبًا أَي
لتَطُلْ أَيامُك مَعَهُ؛ وأَنشد:
بوِدِّيَ لَوْ أَني تَمَلَّيْتُ عُمْرَه ... بِما ليَ مِنْ مالٍ طَريفٍ
وتالِدِ
أَي طالَتْ أَيامي معَه؛ وأَنشد:
أَلا لَيْتَ شِعْري هَلْ تَرُودَنَّ ناقَتي ... بِحزْمِ الرَّقاشِ مِنْ
مَتالٍ هَوامِلِ؟
هُنالِكَ لَا أُمْلي لَهَا القَيْدَ بالضُّحى، ... ولَسْتُ، إِذا
راحَتْ عليَّ، بعاقِلِ
أَي لَا أُطِيلُ لَهَا الْقَيْدَ لأَنها صَارَتْ إِلى أُلَّافِها
فتَقِرُّ وَتَسْكُنُ، أَخذ الإِمْلاءَ مِنَ المَلا، وَهُوَ مَا اتَّسَع
مِنَ الأَرض. ومرَّ مَليٌّ مِنَ اللَّيْلِ ومَلًا: وَهُوَ مَا بَيْنَ
أَوَّله إِلى ثُلُثِهِ، وَقِيلَ: هُوَ قِطْعة مِنْهُ لَمْ تُحَدَّ،
وَالْجَمْعُ أَمْلاء، وَتَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ:
ومرَّ عَلَيْهِ مَلًا مِنَ الدَّهْرِ
أَي قطْعة. والمَلِيُّ: الهَوِيُّ مِنَ الدَّهْرِ. يُقَالُ: أَقامَ
مَلِيّاً مِنَ الدَّهْرِ. وَمَضَى مَلِيٌّ مِنَ النَّهَارِ أَي ساعةٌ
طَويلة. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَمَلَّأْتُ مِنَ الطَّعَامِ تَمَلُّؤاً.
وَقَدْ تَمَلَّيْت الْعَيْشَ تَمَلِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي
طَويلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ العزيز: وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي طَوِيلًا. والمَلَوانِ: الليلُ وَالنَّهَارُ؛
قَالَ الشَّاعِرُ:
نَهارٌ ولَيْلٌ دائمٌ مَلَواهما، ... عَلَى كلِّ حالِ المَرْءِ
يَخْتَلِفانِ
وَقِيلَ: المَلَوانِ طَرفا النَّهَارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ، ... أَمَلَّ عَليها بالبِلى
المَلَوانِ
وَاحِدُهُمَا مَلًا، مَقْصُورٌ. وَيُقَالُ: لَا أَفعله مَا اخْتَلَفَ
المَلَوانِ. وأَقام عِنْدَهُ مَلْوَةً مِنَ الدَّهْرِ ومُلْوَةً
ومِلْوَةً ومَلاوَةً ومُلاوَةً ومِلاوةً أَي حِينًا وبُرهة مِنَ
الدَّهْرِ. اللَّيْثُ: إِنه لَفِي مِلَاوَةٍ مِنْ عَيْشٍ أَي قَدْ
أُمْلِيَ لَهُ، وَاللَّهُ يُمْلي مَن يَشَاءُ فيؤجِّله فِي الخَفْض
والسِّعة والأَمْن؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُلاوةً مُلِّيتُها، كأَني ... ضارِبُ صَنْجِ نَشْوةٍ مُغَنِّي
الأَصمعي: أَمْلَى عَلَيْهِ الزَّمنُ أَي طَالَ عَلَيْهِ، وأَمْلَى
لَهُ أَي طَوَّلَ لَهُ وأَمْهَلَه. ابْنُ الأَعرابي: المُلَى الرَّماد
الحارُّ، والمُلَى الزَّمَانُ «2» مِنَ الدَّهْرِ. والإِمْلاء
والإِمْلالُ عَلَى الْكَاتِبِ وَاحِدٌ. وأَمْلَيْتُ الْكِتَابَ أُمْلِي
وأَمْلَلْتُه أُمِلُّه لُغَتَانِ جَيِّدتان جاءَ بِهِمَا الْقُرْآنُ.
واسْتَمْلَيْته الْكِتَابَ: سأَلته أَن يُمْلِيَه عليَّ، وَاللَّهُ
أَعلم. والمَلاةُ: فَلاة ذَاتَ حَرٍّ، وَالْجَمْعُ مَلًا؛ قَالَ
تأَبَّط شَرًّا:
ولَكِنَّني أُرْوي مِنَ الخَمْرِ هامَتي، ... وأَنْضُو المَلا
بالشَّاحِبِ المُتشَلْشِل
وَهُوَ الَّذِي تَخَدَّدَ لَحْمُهُ وقلَّ، وَقِيلَ: المَلا وَاحِدٌ
وَهُوَ الفَلاةُ. التهذيب في ترجمة ملأَ: وأَما المَلا المُتَّسَعُ
مِنَ الأَرض فَغَيْرُ مَهْمُوزٍ، يُكْتَبُ بالأَلف وَالْيَاءِ
وَالْبَصْرِيُّونَ يكتبونه بالأَلف؛ وأَنشد:
__________
(2) . وقوله [المُلَى الرماد والمُلَى الزمان] كذا ضبطا بالضم في
الأصل.
(15/291)
أَلا غَنِّياني وارْفَعا الصَّوْتَ
بالمَلا، ... فإِنَّ المَلا عِنْدي يَزيدُ المَدى بُعْدا
الْجَوْهَرِيُّ: المَلا، مَقْصُورٌ، الصَّحراء؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ
فِي المَلا المُتَّسعِ مِنَ الأَرض لِبِشْرٍ:
عَطَفْنا لَهُمْ عَطْفَ الضَّرُوسِ مِنَ المَلا ... بِشَهْباء لَا
يَمْشِي الضَّراءَ رَقِيبُها
والمَلا: مَوْضِعٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ قَيْسِ بْنِ ذَريح:
تبكِي عَلَى لُبْنى، وأَنْتَ تَرَكْتَها، ... وكُنْتَ عَلَيْها بالمَلا
أَنْتَ أَقْدَرُ
ومَلا الرجلُ يَمْلُو: عَدا؛ وَمِنْهُ حِكَايَةُ الْهُذَلِيِّ: فرأَيتُ
الَّذِي ذَمى يَمْلُو أَي الَّذِي نَجا بذَمائه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَقَضَيْنَا عَلَى مَجْهُولِ هَذَا الْبَابِ بِالْوَاوِ لِوُجُودِ مَ ل
وو عدم مَ لَ يَ. وَيُقَالُ: مَلا البعيرُ يَمْلُو مَلْواً أَي سارَ
سَيْرًا شَدِيدًا؛ وَقَالَ مُلَيْح الْهُذَلِيُّ:
فأَلْقَوْا عَلَيْهِنَّ السِّياطَ، فَشَمَّرَتْ ... سَعالى عَليْها
المَيْسُ تَمْلُو وتَقْذِفُ
مني: المَنى، بالياءِ: القَدَر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَرَيْتُ وَلَا أَدْري مَنَى الحَدَثانِ
مَنَاهُ اللَّهُ يَمْنِيه: قدَّره. وَيُقَالُ: مَنى اللهُ لَكَ مَا
يسُرُّك أَي قَدَّر اللَّهُ لَكَ مَا يَسُرُّك؛ وَقَوْلُ صَخْرِ
الْغَيِّ:
لعَمرُ أَبي عَمْرٍو لقَدْ ساقَه المَنى ... إِلى جَدَثٍ يُوزَى لهُ
بالأَهاضِبِ
أَي ساقَه القَدَرُ. والمَنى والمَنِيَّةُ: الْمَوْتُ لأَنه قُدِّر
عَلَيْنَا. وَقَدْ مَنى اللَّهُ لَهُ الْمَوْتَ يَمْنِي، ومُنِي لَهُ
أَي قُدِّر؛ قَالَ أَبو قِلابة الْهُذَلِيُّ:
وَلَا تَقُولَنْ لشيءٍ: سَوْفَ أَفْعَلُه، ... حَتَّى تُلاقِيَ مَا
يَمْني لَكَ المَانِي
وَفِي التَّهْذِيبِ:
حَتَّى تبَيّنَ مَا يَمْنِي لَكَ المَانِي
أَي مَا يُقَدِّر لَكُ الْقَادِرُ؛ وأَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَ
بَيْتٍ:
حَتَّى تُلاقيَ مَا يَمْنِي لَكَ المَانِي
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِيهِ: الشِّعْرُ لسُوَيْد بْنِ عامرٍ
المُصْطلِقي وَهُوَ:
لَا تَأْمَنِ المَوتَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ، ... إِنَّ المَنَايا
تُوافي كلَّ إِنْسانِ
واسْلُكْ طَريقَكَ فِيها غَيْرَ مُحْتَشِمٍ، ... حتَّى تُلاقيَ مَا
يَمْني لَكَ المَانِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مُنْشِدًا أَنشد النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
لَا تَأْمَنَنَّ، وإِنْ أَمْسَيْتَ فِي حَرَمٍ، ... حَتَّى تلاقيَ مَا
يَمْنِي لَكَ المَانِي
فالخَيْرُ والشَّرُّ مَقْرونانِ فِي قَرَنٍ، ... بكُلِّ ذلِكَ يأْتِيكَ
الجَدِيدانِ
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَدرك
هَذَا الإِسلام
؛ مَعْنَاهُ حَتَّى تُلاقيَ مَا يُقدِّر لكَ المُقَدِّرُ وَهُوَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. يقال: مَنَى اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا يَمْنِي
مَنْياً، وَبِهِ سُمِّيَتِ المَنِيَّةُ، وَهِيَ الْمَوْتُ، وَجَمْعُهَا
المَنَايا لأَنها مُقدَّرة بِوَقْتٍ مخصوص؛ وقال آخر:
مَنَتْ لَكَ أَن تُلاقِيَني المَنَايَا ... أُحادَ أُحادَ فِي الشَّهْر
الحَلالِ
أَي قدَّرت لك الأَقْدارُ. وقال الشَّرفي بْنُ الْقُطَامِيِّ:
المَنَايا الأَحْداث، والحِمامُ الأَجَلُ، والحَتْفُ
(15/292)
القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: المَنِيَّة قدَرُ الْمَوْتِ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ
أَبي ذُؤَيْبٍ:
مَنَايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها ... جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ
بالأَنَسِ الجُبْلِ
فَجَعَلَ الْمَنَايَا تُقرِّب الْمَوْتَ وَلَمْ يَجْعَلْهَا الْمَوْتَ.
وامْتَنَيْت الشيءَ: اخْتَلقْته. ومُنِيتُ بِكَذَا وَكَذَا: ابْتُلِيت
بِهِ. ومَنَاه اللهُ بحُبها يَمنِيه ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها
مَنْياً ومَنْواً. وَيُقَالُ: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي ابْتُلي بِهَا
كأَنما قُدِّرت لَهُ وقُدِّر لَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: منَوْتُه
ومَنَيْته إِذا ابْتَلَيْتَهُ، ومُنِينا لَهُ وُفِّقْنا. ودارِي مَنَى
دارِك أَي إِزاءَها وقُبالَتها. وَدَارِي بمَنَى دارِه أَي
بِحِذَائِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ:
تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ، ... خَوارِجَ مِنْ تَبالَةَ أَو
مَناها
فَمَا رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ، ... حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها
وَفِي الْحَدِيثِ:
البيتُ المَعْمُور مَنَى مَكَّةَ
أَي بِحذائها فِي السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: إِن الْحَرَمَ حَرَمٌ مَنَاه مِن السماواتِ السَّبْعِ
والأَرَضِين السَّبْعِ
أَي حِذاءه وقَصْدَه. والمَنى: القَصْدُ؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ مَا يُبَلِّغُها، ... بصاحِبِ الهَمِّ، إِلَّا
الجَسْرةُ الأُجُدُ
قِيلَ: أَراد قَصْدَها وأَنَّث عَلَى قَوْلِكَ ذهَبت بعضُ أَصابعه،
وإِن شِئْتَ أَضمرت فِي أَمْسَتْ كَمَا أَنشده سِيبَوَيْهِ:
إِذا مَا المَرْءُ كَانَ أَبُوه عَبْسٌ، ... فحَسْبُكَ مَا تُريدُ إِلى
الكَلامِ
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنازِلها فَحَذَفَ، وَهُوَ
مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما قَوْلُ لَبِيدٌ:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ
قِيلَ: إِنه أَراد بالمَنَا المَنازِل فَرَخَّمَهَا كَمَا قَالَ
الْعَجَّاجُ:
قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
أَراد الحَمام. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُ دَرَس الْمَنَا أَراد
الْمَنَازِلَ، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ الْكَلِمَةَ اكْتِفاء بالصَّدْر،
وَهُوَ ضَرُورَةٌ قَبِيحَةٌ. والمَنِيُّ، مشَدّد: مَاءُ الرَّجُلِ،
والمَذْي والوَدْي مُخَفَّفَانِ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَخطل
يَهْجُو جَرِيرًا:
مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ، ... أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ
أَنْ تَعيبا
قَالَ: وَقَدْ جَاءَ أَيضاً مُخَفَّفًا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ رُشَيْدُ
بْنُ رُمَيْضٍ:
أَتَحْلِفُ لَا تَذُوقُ لَنا طَعاماً، ... وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ
أَبي سُواجِ؟
وجمعهُ مُنْيٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِني؛ وأَنشد:
أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ، ... مُنْيُ الرِّجالِ عَلَى
الفَخذَيْنِ كالمُومِ
وَقَدْ مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى
؛ وَقُرِئَ بِالتَّاءِ عَلَى النُّطْفَةِ وَبِالْيَاءِ عَلَى
المَنِيِّ، يُقَالُ: مَنَى الرَّجلُ وأَمْنَى مِنَ المَنِيِّ
بِمَعْنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خُرُوجَ الْمَنِّي. ومَنَى
اللهُ الشَّيْءَ: قَدَّرَه، وَبِهِ سُمِّيَتْ مِنًى، ومِنًى بِمَكَّةَ،
يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يُمْنَى فِيهَا
مِنَ الدِّمَاءِ أَي يُراق، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِن قَوْلِهِمْ
مَنَى اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَوْتَ أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر
هُنَالِكَ. وامْتَنَى الْقَوْمُ وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قَالَ ابْنُ
شُمَيْلٍ: سُمِّيَ مِنًى لأَن الْكَبْشَ مُنِيَ بِهِ أَي
(15/293)
ذُبح، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أُخذ مِنَ
المَنايا. يُونُسُ: امْتَنَى الْقَوْمُ إِذا نَزَلُوا مِنًى. ابْنُ
الأَعرابي: أَمْنَى القومُ إِذا نَزَلُوا مِنًى. الْجَوْهَرِيُّ:
مِنًى، مَقْصُورٌ، مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، قَالَ: وَهُوَ مُذَكَّرٌ،
يُصْرَفُ. ومِنًى: مَوْضِعٌ آخَرُ بِنَجْدٍ؛ قِيلَ إِياه عَنَى لَبِيدٌ
بِقَوْلِهِ:
عَفَتِ الدِّيارُ محَلُّها فَمُقامُها ... بمِنًى، تأَبَّدَ غَوْلُها
فرِجامُها
والمُنَى، بِضَمِّ الْمِيمِ: جَمْعُ المُنْيَة، وَهُوَ مَا يَتَمَنَّى
الرَّجُلُ. والمَنْوَةُ: الأُمْنِيَّةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهم غَيَّرُوا الآخِر بالإِبدال كَمَا غَيَّرُوا
الأَوَّل بِالْفَتْحِ. وَكَتَبَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ:
يَا ابنَ المُتَمَنِّيةِ، أَراد أُمَّه وَهِيَ الفُرَيْعَةُ بِنْتُ
هَمَّام؛ وَهِيَ الْقَائِلَةُ:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها، ... أَمْ هَلْ سَبِيلٌ
إِلى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
وَكَانَ نَصْرٌ رَجُلًا جَمِيلًا مِنْ بَنِي سُلَيم يَفْتَتِنُ بِهِ
النِّسَاءُ فَحَلَقَ عُمَرُ رأْسه وَنَفَاهُ إِلى الْبَصْرَةِ، فَهَذَا
كَانَ تَمَنِّيهَا الَّذِي سَمَّاهَا بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبير لِلْحَجَّاجِ: إِن شِئْتَ أَخبرتك مَنْ
لَا أُمَّ لَهُ يَا ابنَ المُتَمنِّية. والأُمْنِيّة: أُفْعولةٌ
وَجَمْعُهَا الأَمَانِي، وَقَالَ اللَّيْثُ: رُبَّمَا طُرِحَتِ الأَلف
فَقِيلَ مِنْيَةٌ عَلَى فعلة قوله [فَقِيلَ مِنْيَةٌ عَلَى فِعْلَةٍ]
كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله على فعولة حتى يتأتى ردّ أَبي منصور
عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ.: وَهَذَا لَحْنٌ عِنْدَ الْفُصَحَاءِ،
إِنما يُقَالُ مُنْيَة عَلَى فُعْلة وَجَمْعُهَا مُنًى، وَيُقَالُ
أُمْنِيّةٌ عَلَى أُفْعولة وَالْجَمْعُ أَمَانِيُّ، مشدَّدة الْيَاءِ،
وأَمانٍ مُخَفَّفَةٌ، كَمَا يُقَالُ أَثافٍ وأَثافيُّ وأَضاحٍ
وأَضاحِيُّ لِجَمْعِ الأُثْفِيّةِ والأُضْحيَّة. أَبو الْعَبَّاسِ:
أَحمد بْنُ يَحْيَى التَّمَنِّي حَدِيثُ النَّفْسِ بِمَا يَكُونُ
وَبِمَا لَا يَكُونُ، قَالَ: والتَّمَنِّي السُّؤَالُ لِلرَّبِّ فِي
الْحَوَائِجِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا تَمَنَّى أَحدُكم فَلْيَسْتَكثِرْ فإِنَّما يسْأَل رَبَّه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فلْيُكْثِرْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّمَنِّي تَشَهِّي حُصُولِ الأَمر المَرْغوب
فِيهِ وحديثُ النَّفْس بِمَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ، وَالْمَعْنَى
إِذا سأَل اللهَ حَوائجَه وفَضْله فلْيُكْثِرْ فإِن فَضْلَ اللَّهِ
كَثِيرٌ وَخَزَائِنَهُ وَاسِعَةٌ. أَبو بَكْرٍ: تَمَنَّيْتُ الشيءَ أَي
قَدَّرته وأَحْبَبْتُ أَن يَصِيرَ إِليَّ مِن المَنَى وَهُوَ
الْقَدْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ تَمَنَّيْت الشيءَ ومَنَّيْتُ
غَيْرِي تَمْنِيةً. وتَمَنَّى الشيءَ: أَراده، ومَنَّاه إِياه وَبِهِ،
وَهِيَ المِنْيَةُ والمُنْيَةُ والأُمْنِيَّةُ. وتَمَنَّى الكتابَ:
قرأَه وكَتَبَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا إِذا تَمَنَّى
أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ
؛ أَي قَرَأَ وتَلا فأَلْقَى فِي تِلاوته مَا لَيْسَ فِيهِ؛ قَالَ فِي
مَرْثِيَّةِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
تَمَنَّى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه، ... وآخِرَه لاقَى حِمامَ
المَقادِرِ «1»
والتَّمَنِّي: التِّلاوةُ. وتَمَنَّى إِذا تَلا الْقُرْآنَ؛ وَقَالَ
آخَرُ:
تَمَنَّى كِتابَ اللهِ آخِرَ لَيْلِه، ... تَمَنِّيَ داودَ الزَّبُورَ
عَلَى رِسْلِ
أَي تَلَا كِتَابَ اللَّهِ مُتَرَسِّلًا فِيهِ كَمَا تَلَا داودُ
الزَّبُورَ مترَسِّلًا فِيهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والتِّلاوةُ
سُمِّيَتْ أُمْنِيَّة لأَنَّ تَالِيَ القرآنِ إِذا مَرَّ بِآيَةِ
رَحْمَةٍ تَمَنَّاها، وإِذا مرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ تَمَنَّى أَن
يُوقَّاه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا
يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ الْكِتَابُ إِلا تِلاوة، وَقِيلَ:
إِلَّا أَمانِيَ
إِلا أَكاذيبَ، والعربُ تَقُولُ: أَنت إِنما تَمْتَنِي هَذَا القولَ
أَي تَخْتَلِقُه، قال:
__________
(1) . قوله [أول ليله وآخره] كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية: أول
ليلة وآخرها.
(15/294)
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَمَانِيَّ نُسِب
إِلى أَنْ الْقَائِلَ إِذا قَالَ مَا لَا يَعْلَمُهُ فكأَنه إِنما
يَتَمَنَّاه، وَهَذَا مستَعمل فِي كَلَامِ النَّاسِ، يَقُولُونَ
لِلَّذِي يَقُولُ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَهُوَ يُحبه: هَذَا مُنًى
وَهَذِهِ أُمْنِيَّة. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَيْسَ الإِيمانُ بالتَّحَلِّي وَلَا بالتَّمَنِّي وَلَكِنْ
مَا وَقَر فِي الْقَلْبِ وصَدَّقَتْه الأَعْمال
أَي لَيْسَ هُوَ بِالْقَوْلِ الَّذِي تُظهره بِلِسَانِكَ فَقَطْ،
وَلَكِنْ يَجِبُ أَن تَتْبَعَه معرِفةُ الْقَلْبِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ
التَّمَنِّي الْقِرَاءَةُ والتِّلاوة. يُقَالُ: تَمَنَّى إِذا قرأَ.
والتَّمَنِّي: الكَذِب. وَفُلَانٌ يَتَمَنَّى الأَحاديث أَي
يَفْتَعِلها، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ المَيْنِ، وَهُوَ الْكَذِبُ. وَفِي
حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ
وَلَا شَرِبت خَمراً فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسلام
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أَسلمت
أَي مَا كَذَبْت. والتَّمَنِّي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَى يَمْنِي
إِذا قَدَّر لأَن الْكَاذِبَ يُقدِّر فِي نَفْسِهِ الْحَدِيثَ ثُمَّ
يَقُولُهُ، وَيُقَالُ للأَحاديث الَّتِي تُتَمَنَّى الأَمَانِيُّ،
وَاحِدَتُهَا أُمْنِيّةٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
فَلَا يغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وعَدَتْ، ... إِنَّ الأَمَانِيَّ
والأَحْلامَ تَضلِيلُ
وتَمَنَّى: كَذَبَ ووضَعَ حَدِيثًا لَا أَصل لَهُ. وتَمَنَّى الحَديث:
اخْتَرَعَهُ. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ دَأْبٍ وَهُوَ يُحدِّث: أَهذا
شَيْءٌ رَوَيْتَه أَم شَيْءٌ تَمَنَّيْته؟ مَعْنَاهُ افْتَعَلْتَه
واخْتَلَقْته وَلَا أَصل لَهُ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا
تَمَنَّيْت هَذَا الْكَلَامَ وَلَا اخْتَلَقْته. وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: مُنْيةُ النَّاقَةِ الأَيام الَّتِي يُتعَرَّف فِيهَا
أَلاقِحٌ هِيَ أَم لَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ ضِرابِ الفَحْل إِياها
وَبَيْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَهِيَ الأَيام الَّتِي
يُسْتَبْرَأُ فِيهَا لَقاحُها مِنْ حِيالها. ابْنُ سِيدَه: المُنْيَةُ
والمِنْيَة أَيّام النَّاقَةِ الَّتِي لَمْ يَسْتَبِنْ فِيهَا لَقاحُها
مِنْ حِيالها، وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ فِي أَوَّل مَا تُضرب: هِيَ فِي
مُنْيَتِها، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا أَبها حَمْلٌ أَم لَا،
ومُنْيَةُ البِكْر الَّتِي لَمْ تَحْمِلْ قَبْلَ ذَلِكَ عشرُ لَيَالٍ،
وَمُنْيَةُ الثِّنْي وَهُوَ الْبَطْنُ الثَّانِي خَمْسَ عَشْرَةَ
لَيْلَةً، قِيلَ: وَهِيَ مُنْتَهَى الأَيام، فإِذا مَضَتْ عُرف أَلاقِح
هِيَ أَم غَيْرُ لَاقِحٍ، وَقَدِ استَمْنَيْتُها. قَالَ ابْنُ
الأَعرابي: البِكْرُ مِنَ الإِبل تُسْتَمْنَى بَعْدَ أَربع عَشْرَةَ
وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، والمُسِنَّةُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيام، قَالَ:
والاسْتِمْنَاء أَن يأْتي صَاحِبُهَا فَيَضْرِبَ بِيَدِهِ عَلَى صَلاها
ويَنْقُرَ بِهَا، فإِن اكْتارَتْ بِذَنَبِهَا أَو عَقَدت رأْسها
وَجَمَعَتْ بَيْنَ قُطْرَيها عُلِم أَنها لَاقِحٌ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ
الشَّاعِرِ:
قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ، ... والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ
مَسْتُورُ
قَالَ: مَسْتُورٌ إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.
كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ، ... كَوْرُ خِمارٍ عَلَى عَذْراءَ
مَعْجُورُ
قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ مُنْيَةُ القِلاصِ والجِلَّةِ
سَواء عَشْرُ لَيَالٍ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: تُمْتَنَى
القِلاصُ لِسَبْعِ لَيَالٍ إِلا أَن تَكُونَ قَلُوص عَسْراء
الشَّوَلانِ طَويلة المُنية فتُمْتَنى عَشْرًا وَخَمْسَ عَشْرَةَ،
والمُنْيَة الَّتِي هِيَ المُنْية سَبْعٌ، وَثَلَاثٌ للقِلاص
وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ
قَالَ تُمْتَنى القِلاصُ لِسَبْعٍ: إِنَّهُ خطأٌ، إِنما هُوَ تَمْتَني
القِلاصُ، لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها،
فَهِيَ مُمْتَناةٌ، قَالَ: وَقُرِئَ عَلَى نُصَير وأَنا حَاضِرٌ.
يُقَالُ: أَمْنَتِ الناقةُ فَهِيَ تُمْنِي إِمْنَاء، فَهِيَ مُمْنِيةٌ
ومُمْنٍ، وامْتَنَتْ، فَهِيَ مُمْتَنِيَة إِذا كَانَتْ فِي مُنْيَتِها
عَلَى أَن الفِعل لَهَا دُونَ راعِيها، وَقَدِ امْتُنيَ لِلْفَحْلِ؛
قَالَ: وأَنشد فِي ذَلِكَ لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ بَيْضَةً:
(15/295)
وبَيْضاء لَا تَنْحاشُ مِنَّا، وأُمُّها
... إِذا مَا رأَتْنا زيِلَ مِنَّا زَويلُها
نَتُوجٍ، وَلَمْ تُقْرَفْ لِما يُمْتَنى لَهُ، ... إِذا نُتِجَتْ
ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
وَرَوَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ الرُّوَاةِ: لِمَا يُمْتَنَى،
بِالْيَاءِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا رَوَى شَمِرُ لَكَانَتِ الرِّوَايَةُ
لِمَا تَمْتَني لَهُ، وَقَوْلُهُ: لَمْ تُقْرَفْ لَمْ تُدانَ لِما
يُمْتَنى لَهُ أَي يُنْظَرُ إِذا ضُربت أَلاقح أَم لَا أَي لَمْ
تَحْمِلِ الْحَمْلَ الَّذِي يُمْتَنَى لَهُ؛ وأَنشد نُصَيْرٌ لِذِي
الرُّمَّةِ أَيضاً:
وَحَتَّى اسْتَبانَ الفَحْلُ بَعْدَ امْتِنائِها، ... مِنَ الصَّيْف،
مَا اللَّاتي لَقِحْنَ وحُولها
فَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ امْتِنائه فَيَكُونُ الْفِعْلُ لَهُ إِنما قَالَ
بَعْدَ امْتِنائها هِيَ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ الْفَرَّاءُ
مُنْية النَّاقَةِ ومِنْية النَّاقَةِ الأَيام الَّتِي يُستبرأُ فِيهَا
لَقاحها مِنْ حِيالها، وَيُقَالُ: النَّاقَةُ فِي مُنْيَتِها. قَالَ
أَبو عُبَيْدَةَ: المُنْيَةُ اضْطِراب الْمَاءِ وامِّخاضه فِي الرَّحِم
قَبْلَ أَن يَتَغَيَّرَ فَيَصِيرَ مَشِيجاً، وَقَوْلُهُ: لَمْ تُقْرَف
لِمَا يُمْتَنى لَهُ يَصِفُ الْبَيْضَةَ أَنها لَمْ تُقْرَف أَي لَمْ
تُجامَع لِمَا يُمْتنى لَهُ فيُحتاج إِلى مَعْرِفَةِ مُنْيتها؛ وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ هِيَ حَامِلٌ بِالْفَرْخِ مِنْ غَيْرِ أَن
يُقَارِفَهَا فَحْلٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ:
نَتُوجٍ وَلَمْ تُقْرِف لِمَا يُمْتَنى له
بِكَسْرِ الرَّاءِ، يُقَالُ: أَقْرَفَ الأَمرَ إِذا دَانَاهُ أَي لَمْ
تُقْرِف هَذِهِ البيضةُ لِمَا لَهُ مُنيةٌ أَي هَذِهِ البيضةُ حَمَلت
بالفَرْخ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ جِهَةِ حَمْلِ النَّاقَةِ، قَالَ:
وَالَّذِي رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً صَحِيحٌ أَي لَمْ تُقْرَف
بِفَحْلٍ يُمْتَنَى لَهُ أَي لَمْ يُقارِفْها فَحْلٌ. والمُنُوَّةُ «2»
: كالمُنْية، قُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا لِلضَّمَّةِ؛ وأَنشد أَبو
حَنِيفَةَ لِثَعْلَبَةَ بْنُ عُبَيْدٍ يَصِفُ النَّخْلَ:
تَنادَوْا بِجِدٍّ، واشْمَعَلَّتْ رِعاؤها ... لِعِشْرينَ يَوماً مِنْ
مُنُوَّتِها تَمْضِي
فَجَعَلَ المُنوَّة لِلنَّخْلِ ذَهَابًا إِلى التَّشْبِيهِ لَهَا
بالإِبل، وأَراد لِعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ مُنوَّتها مَضَتْ فَوَضَعَ
تَفعل مَوْضِعَ فَعلت، وَهُوَ وَاسِعٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فَقَالَ:
اعْلَمْ أَن أَفْعَلُ قَدْ يقع موضع فَعَلْت؛ وأَنشد:
ولَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّني، ... فَمَضَيْتُ ثُمَّت
قلتُ لَا يَعْنِيني
أَراد: وَلَقَدْ مَرَرْتُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مُنْيَة الحِجْر
عِشْرُونَ يَوْمًا تُعْتَبَرُ بِالْفِعْلِ، فإِن مَنَعت فَقَدَ
وسَقَتْ. ومَنَيْت الرَّجُلَ مَنْياً ومَنَوْتُه مَنْواً أَي
اخْتَبَرْتُهُ، ومُنِيتُ بِهِ مَنْياً بُلِيت، ومُنِيتُ بِهِ مَنْواً
بُلِيت، ومانَيْتُه جازَيْتُه. وَيُقَالُ: لأَمْنِينَّك مِناوَتَك أَي
لأَجْزِيَنَّك جَزَاءَكَ. ومَانَيْته مُمَانَاة: كافأْته، غَيْرُ
مَهْمُوزٍ. ومَانَيْتُك: كافأْتك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسَبْرة بْنِ
عَمْرٍو:
نُمَانِي بِهَا أَكْفاءَنا ونُهينُها، ... ونَشْرَبُ فِي أَثْمانِها
ونُقامِرُ
وَقَالَ آخَرُ:
أُمَانِي بِهِ الأَكْفاء فِي كلِّ مَوْطِنٍ، ... وأَقْضِي فُروضَ
الصَّالِحينَ وأَقْتَري
ومانَيْتُه: لَزِمْته. ومانَيْتُه: انْتَظَرْتُه وطاوَلْتُه.
والمُمَانَاة: المُطاولةُ. والمُمَاناةُ: الانْتِظار؛ وأَنشد
يَعْقُوبُ:
عُلِّقْتُها قَبْلَ انْضِباحِ لَوْني، ... وجُبْتُ لَمَّاعاً بَعِيدَ
البَوْنِ،
مِنْ أَجْلِها بفِتْيةٍ مانَوْنِي
أَي انتَظَرُوني حَتَّى أُدْرِك بُغْيَتي. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
__________
(2) . قَوْلُهُ [والمنوَّة] ضبطت فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الأصل
بالضم، وقال في شرح القاموس: هي بفتح الميم.
(15/296)
هَذَا الرِّجْزُ بِمَعْنَى المُطاولة
أَيضاً لَا بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ؛
وأَنشد لغَيْلان بْنِ حُريث:
فإِنْ لَا يَكُنْ فِيهَا هُرارٌ، فإِنَّني ... بسِلٍّ يُمانِيها إِلى
الحَوْلِ خائفُ
والهُرار: داءٌ يأْخذ الإِبل تَسْلَح عَنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ
لأَبي صُخَيْرة:
إِيَّاكَ فِي أَمْركَ والمُهاواهْ، ... وكَثْرةَ التَّسْويفِ
والمُمَانَاهْ
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنشدني أَبو
عَمْرٍو:
صُلْبٍ عَصاه للمَطِيِّ مِنْهَمِ، ... ليسَ يُمَانِي عُقَبَ
التَّجَسُّمِ
قَالَ: يُقَالُ مانَيْتُك مُذُ اليومِ أَي انْتَظَرْتُكَ. وَقَالَ
سَعِيدٌ: المُنَاوَة المُجازاة. يُقَالُ: لأَمْنُوَنَّكَ مِناوَتَك
ولأَقْنُوَنَّك قِناوَتَكَ. وتَمَنٍّ: بَلَدٌ بَيْنَ مَكَّةَ
وَالْمَدِينَةِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
كأَنَّ دُموعَ العَيْنِ، لِمَا تَحَلَّلَتْ ... مَخارِمَ بِيضاً مِنْ
تَمَنٍّ جِمالُها،
قَبَلْنَ غُروباً مِنْ سُمَيْحَةَ أَتْرَعَتْ ... بِهِنَّ السَّواني،
فاسْتدارَ مَحالُها
والمُمَانَاةُ: قِلَّة الغَيرةِ عَلَى الحُرَمِ. والمُمَانَاةُ:
المُداراةُ. والمُمَانَاةُ: المُعاقَبةُ فِي الرُّكوب. والمُمَانَاةُ:
المكافأَةُ. وَيُقَالُ للدَّيُّوث: المُماذِلُ والمُمَانِي والمُماذِي.
والمَنَا: الكَيْلُ أَو المِيزانُ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ، بِفَتْحِ
الْمِيمِ مَقْصُورٌ يُكْتَبُ بالأَلف، والمِكيال الَّذِي يَكِيلون بِهِ
السَّمْن وَغَيْرَهُ، وَقَدْ يكون من الْحَدِيدِ أَوزاناً،
وَتَثْنِيَتُهُ مَنَوانِ ومَنَيانِ، والأَوَّل أَعلى؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وأُرى الْيَاءَ مُعَاقَبَةً لِطَلَبِ الْخِفَّةِ، وَهُوَ
أَفصح مِنَ المَنِّ، وَالْجَمْعُ أَمْناء، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ
هُوَ مَنٌّ ومَنَّانِ وأَمْنانٌ، وَهُوَ مِنِّي بِمَنَى مِيلٍ أَي
بقَدْرِ مِيلٍ. قَالَ: ومَناةُ صَخْرَةٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: صَنَمٌ
كَانَ لهُذَيْل وخُزاعَة بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، يَعْبُدونها
مِنْ دُونِ اللَّهِ، مِنْ قَوْلِكَ مَنَوتُ الشَّيْءَ، وَقِيلَ:
مَنَاةُ اسْمُ صَنَم كَانَ لأَهل الْجَاهِلِيَّةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى
؛ وَالْهَاءُ للتأْنيث ويُسكت عَلَيْهَا بالتاءِ، وَهُوَ لُغَةٌ،
وَالنِّسْبَةُ إِليها مَنَوِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم كَانُوا يُهِلُّون لمَناة
؛ هُوَ هَذَا الصَّنَمُ الْمَذْكُورُ. وعبدُ مناةَ: ابْنُ أُدِّ بْنِ
طابِخَة. وزيدُ مَناةَ: ابْنُ تَميم بْنِ مُرٍّ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ؛
قَالَ هَوْبَر الحارِثي:
أَلا هَلْ أَتَى التَّيْمَ بنَ عَبْدِ مَناءَةٍ ... عَلَى الشِّنْءِ،
فِيمَا بَيْنَنا، ابنُ تَمِيمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْوَزِيرُ مَنْ قَالَ زيدُ مَناه
بِالْهَاءِ فَقَدْ أَخطأَ؛ قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ الطَّائِيُّ فِي
قَوْلِهِ:
إِحْدَى بَني بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاه، ... بَينَ الكئيبِ الفَرْدِ
فالأَمْواه
وَمَنِ احْتَجَّ لَهُ قَالَ: إِنما قَالَ مَناةٍ وَلَمْ يُرِدِ
التَّصْرِيعَ.
مها: المَهْوُ مِنَ السُّيُوفِ: الرَّقِيق؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
وصارِم أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه، ... أَبْيَض مَهْو فِي مَتْنِهِ رُبَدُ
وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الفِرِنْد، وَزْنُهُ فَلْعٌ مَقْلُوبٌ مِنْ
لَفْظِ مَاهٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَذَلِكَ لأَنه أُرِقَّ حَتَّى
صَارَ كَالْمَاءِ. وَثَوْبٌ مَهْوٌ: رَقِيق، شُبِّهَ بِالْمَاءِ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي عَطَاءٍ:
قَمِيصٌ مِنَ القُوهِيِّ مَهْوٌ بَنائِقُهْ
وَيُرْوَى: زَهْوٌ ورَخْفٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ. الْفَرَّاءُ:
(15/297)
الأَمْهَاء السُّيوف الْحَادَّةُ. ومَهْوُ
الذهَب: مَاؤُهُ والمَهْوُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ،
وَقَدْ مَهُوَ يَمْهُو مَهَاوَةً وأَمْهَيْتُه أَنا. والمُهَاة،
بِضَمِّ الْمِيمِ: مَاءُ الْفَحْلِ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ، مَقْلُوبٌ
أَيضاً، وَالْجَمْعُ مُهْيٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ مَا لَا
يُفارق واحدَه إِلا بِالْهَاءِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ بِتَكْسِيرٍ؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ
تَقُولُ فِي جَمْعِهِ هُوَ المُها، فَلَوْ كَانَ مُكَسَّرًا لَمْ
يَسُغْ فِيهِ التَّذْكِيرُ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلا حُكاةٌ وحُكًى
وطُلاةٌ وطُلًى، فإِنهم قَالُوا هُوَ الحُكَى وَهُوَ الطُّلَى،
وَنَظِيرُهُ مِنَ الصَّحِيحِ رُطبَةٌ ورُطَب وعُشَرةٌ وعُشَرٌ. أَبو
زَيْدٍ: المُهَى مَاءُ الْفَحْلِ، وَهُوَ المُهْيةُ. وَقَدْ أَمْهَى
إِذا أَنزل الْمَاءَ عِنْدَ الضِّراب. وأَمْهَى السمْنَ: أَكثر
مَاءَهُ، وأَمْهَى قِدْرَهُ إِذا أَكثر ماءَها، وأَمْهَى الشَّرابَ:
أَكثر مَاءَهُ، وَقَدْ مَهُوَ هُوَ مَهَاوَةً فَهُوَ مَهْوٌ، وأَمْهَى
الحَدِيدة: سَقاها الْمَاءَ وأَحَدَّها؛ قَالَ امْرُؤُ القَيس:
راشَه مِنْ رِيش ناهِضَةٍ، ... ثُمَّ أَمْهَاهُ عَلَى حَجَرِهْ
وأَمْهَى النَّصْلَ عَلَى السِّنان إِذا أَحدَّه ورقَّقه. والمَهْيُ:
تَرْقيق الشَّفْرة، وَقَدْ مَهَاها يَمْهِيها. وأَمْهَى الفَرَس:
طَوَّلَ رَسَنَه، والاسمُ المَهْيُ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ. ومَهَا
الشيءَ يَمْهاهُ ويَمْهِيه مَهْياً مُعَاقَبَةً أَيضاً: مَوَّهَه.
وحَفَر الْبِئْرَ حَتَّى أَمْهَى أَي بَلَغَ الْمَاءَ، لُغَةٌ فِي
أَماه عَلَى الْقَلْبِ، وحَفَرْنا حَتَّى أَمْهَيْنا. أَبو عُبَيْدٍ:
حَفَرْتُ الْبِئْرَ حَتَّى أَمَهْتُ وأَمْوَهْتُ، وإِن شِئْتَ حَتَّى
أَمْهَيْتُ، وَهِيَ أَبعد اللُّغَاتِ، كُلُّهَا إِذا انْتَهَيْتَ إِلى
الْمَاءِ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فإِنَّكَ كالقَرِيحةِ عامَ تُمْهَى، ... شَرُوبَ الماءِ ثُمَّ تعُودُ
ماجَا
ابْنُ بُزُرْج فِي حَفْرِ البِئرِ: أَمْهَى وأَماهَ، ومَهَتِ العَيْنُ
تَمْهُو؛ وأَنشد:
تَقولُ أُمامةُ عندَ الفِراقِ، ... والعَيْنُ تَمْهُو عَلَى المَحْجَرِ
قَالَ: وأَمْهَيْتها أَسَلْت دَمْعَها. ابْنُ الأَعرابي: أَمْهَى إِذا
بَلَغ مِنْ حاجَته مَا أَراد، وأَصله أَن يبلُغَ الماءَ إِذا حَفَر
بِئراً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنه قَالَ لعُتْبة بْنِ
أَبي سُفْيَانَ وَقَدْ أَثنى عَلَيْهِ فأَحْسَن: أَمْهَيْتَ يَا أَبا
الوليدِ أَمْهَيْت
أَي بالغْتَ فِي الثَّنَاءِ واسْتَقْصَيْت، مِنْ أَمْهَى حافِرُ البئرِ
إِذا اسْتَقْصَى فِي الحَفْرِ وبَلَغَ الماءَ. وأَمْهَى الفَرسَ
إِمْهَاءً: أَجْراه ليَعْرَقَ. أَبو زَيْدٍ: أَمْهَيْتُ الفَرَس
أَرْخَيت لَهُ مِنْ عِنَانِهِ، وَمِثْلُهُ أَمَلْت بِهِ يَدِي إِمالَةً
إِذا أَرْخَى لَهُ مِنْ عِنانه. واسْتَمْهَيت الفَرَس إِذا
اسْتَخْرَجْت مَا عِنْدَه مِنَ الجَرْيِ؛ قَالَ عَدِيّ:
هُمْ يَسْتَجِيبُونَ للدَّاعِي ويُكْرِهُهمْ ... حَدُّ الخَمِيس،
ويَسْتَمْهُونَ فِي البُهَمِ
والمَهْوُ: شدَّةُ الجَرْيِ. وأَمْهَى الحَبْلَ: أَرْخاه. وأَمْهَى فِي
الأَمرِ حَبْلًا طَويلًا عَلَى الْمَثَلِ. اللَّيْثُ: المَهْيُ
إِرْخاءُ «1» الحَبل ونحوِه؛ وأَنشد لطرفَة:
لَكالطِّوَلِ المُمْهَى وثِنْياهُ فِي اليَدِ
الأُموي: أَمْهَيْت إِذا عَدَوْتَ، وأَمْهَيْت الفرسَ إِذا أَجْرَيْته
وأَحْمَيْته. وأَمْهَيْت السَّيفَ: أَحْدَدْته. والمَهَاةُ: الشمسُ؛
قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصلْت:
ثُمَّ يَجْلُو الظَّلامَ رَبٌّ رَحِيمٌ ... بمَهَاةٍ، شُعاعُها
مَنْشُور
وَاسْتَشْهَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِبَيْتٍ نَسَبَهُ
إِلى أَبي
__________
(1) . قوله [المهي إلخ] هكذا في الأصل والتهذيب.
(15/298)
الصَّلْتِ الثَّقَفِي:
ثمَّ يَجْلُو الظَّلامَ رَبٌّ قَديرُ ... بمَهَاةٍ، لهَا صَفاءٌ ونُورُ
وَيُقَالُ للكَواكب: مَهاً؛ قَالَ أُمية:
رَسَخَ المَهَا فِيهَا، فأَصْبَحَ لَوْنُها ... فِي الوارِساتِ،
كأَنَّهُنَّ الإِثْمِدُ
وَفِي النَّوَادِرِ: المَهْوُ البَرَدُ. والمَهْو: حَصًى أَبيض يُقَالُ
لَهُ بُصاقُ القَمَر. والمَهْوُ: اللُّؤْلُؤُ. وَيُقَالُ لِلثَّغْرِ
النَّقِيِّ إِذا ابيضَّ وَكَثُرَ مَاؤُهُ: مَهاً؛ قَالَ الأَعشى:
ومَهاً تَرِفُّ غُروبُه، ... يَشْفِي المُتَيَّمَ ذَا الحَرارهْ
والمَهَاة: الحِجارة «1» الْبِيضُ الَّتِي تَبْرُق، وَهِيَ البلَّوْرُ.
والمَهَاةُ: البلَّوْرة الَّتِي تَبِصُّ لشدَّة بَيَاضِهَا، وَقِيلَ:
هِيَ الدُّرَّةُ، وَالْجَمْعُ مَهاً ومَهَواتٌ ومَهَياتٌ؛ وأَنشد
الْجَوْهَرِيُّ للأَعشى:
وتَبْسِمُ عَن مَهاً شَبِمٍ غَرِيٍّ، ... إِذا تُعْطي المُقَبِّلَ
يَسْتَزيدُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَن رَجُلًا سأَل ربهُ أَن يُرِيَه مَوْقِع
الشَّيْطَانِ مِنْ قَلْب ابنِ آدمَ فرأَى فِيمَا يَرى النائمُ جَسَدَ
رجُلٍ مُمَهًّى يُرى داخِلُه مِنْ خَارِجِهِ؛ المَها: البِلَّوْرُ،
ورَأَى الشيطانَ فِي صُورَةِ ضِفْدع لَهُ خُرطُوم كخُرطومِ البَعُوضة
قَدْ أَدْخَله فِي مَنْكِبه الأَيسر، فإِذا ذكَر اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
خَنَسَ.
وكلُّ شيءٍ صُفِّيَ فأَشبه الْمَهَا فَهُوَ مُمَهًّى. والمَهَاةُ:
بَقرةُ الْوَحْشِ، سُمِّيت بِذَلِكَ لِبَيَاضِهَا عَلَى التَّشْبِيهِ
بالبِلَّوْرة والدُّرَّة، فإِذا شُبِّهت المرأَة بالمَهاةِ فِي البَياض
فإِنما يُعنى بِهَا البِلَّوْرة أَو الدُّرَّة، فإِذا شُبهت بِهَا فِي
الْعَيْنَيْنِ فإِنما يُعنى بِهَا الْبَقَرَةُ، وَالْجَمْعُ مَهاً
ومَهَوات، وَقَدْ مَهَتْ تَمْهُو مَهاً فِي بَيَاضِهَا. وناقةٌ
مِمْهَاء: رَقِيقة اللَّبن. ونُطْفة مَهْوَةٌ: رَقِيقة. وسَلَحَ
سَلْحاً مَهْواً أَي رقِيقاً. والمَهَاء، بِالْمَدِّ: عَيْبٌ أَو
أَوَدٌ يَكُونُ فِي القِدْحِ؛ قَالَ:
يقِيمُ مَهاءهُنَّ بإِصْبَعَيْهِ
ومَهَوْت الشيءَ مَهْواً: مِثْلُ مَهَيْتُه مَهْياً. والمَهْوَةُ مِنَ
التَّمْرِ: كالمَعْوةِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَالْجَمْعُ مَهْوٌ.
وَبَنُو مَهْوٍ: بَطْن مِنْ عَبْدِ الْقَيْسَ. أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ
أَمثالهم فِي بَابِ أَفْعَل: إِنه لأَخْيَبُ مِن شَيْخٍ مَهْوٍ
صَفْقةً؛ قَالَ: وَهُمْ حَيٌّ مِن عَبْدِ القَيْس كَانَتْ لَهُمْ فِي
المَثَل قِصَّةٌ يَسْمُج ذِكرها. والمِمْهَى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ
بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
وباتَتْ لَيلةً وأَدِيمَ لَيْل، ... عَلَى المِمْهَى، يُجَزُّ لها
الثَّغامُ
موا: المَاوِيَّة: المِرْآةُ، كأَنها نُسِبت إِلى الماءِ لصَفائها وأَن
الصُّورَ تُرى فِيهَا كَمَا تُرى فِي الْمَاءِ الصَّافِي، وَالْمِيمُ
أَصلية فِيهَا، وَقِيلَ: المَاوِيَّة حَجر البِلَّوْرِ، وَثَلَاثُ
مَاوِيَّاتٍ، وَلَوْ تُكُلِّف مِنْهُ فِعْلٌ لَقِيلَ مُمْواةٌ؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ مَأْوٍ «2» نَادِرَةٌ حُكْمُهُ مَأَوٍ،
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي جَمْعِهِ ماوِيٌّ؛ وأَنشد:
تَرَى فِي سَنى الماوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى، ... عَلَى غَفَلاتِ
الزَّيْنِ والمُتَجَمَّلِ
وُجُوهاً لَوَ انَّ المُدْلِجينَ اعْتَشَوْا بِها، ... صَدَعْنَ
الدُّجى حتَّى تَرَى اللَّيْلَ يَنْجَلي
وَقَدْ يَكُونُ الماوِيُّ لُغَةً فِي الماوِيَّة. قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [والمَهَاة الحجارة] هي عبارة التهذيب.
(2) . قوله [والجمع مأو إلخ] كذا بالأصل مضبوطاً.
(15/299)
ماوِيَّةٌ كَانَتْ فِي الأَصل مَائِيَّةً، فَقُلِبَتِ المدَّة وَاوًا
فَقِيلَ مَاوِيَّةٌ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ شاوِيٌّ. وماوِيَّة: اسْمُ
امرأَة، وَهُوَ مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ماوِيّ، يَا رُبَّتَما غارةٍ ... شَعْواء، كاللَّذْعةِ بالمِيسَمِ
أَراد يَا ماوِيَّة فَرخَّم. قَالَ الأَزهري: رأَيت فِي الْبَادِيَةِ
عَلَى جادَّة الْبَصْرَةِ إِلى مَكَّةَ مَنْهلةً بَيْنَ حَفَرِ أَبي
مُوسَى ويَنْسُوعةَ يُقَالُ لها ماوِيَّة.
مومي: الْجَوْهَرِيُّ: المَوْمَاةُ وَاحِدَةُ المَوَامي وَهِيَ
المَفاوِزُ. وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: الْمَوْمَاةُ أَصله مَوْمَوة،
عَلَى فَعْلَلةٍ، وَهُوَ مُضَاعَفٌ قُلِبَتْ وَاوُهُ أَلفاً
لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.
ميا: مَيَّةُ: اسْمُ امرأَة، ومَيٌّ أَيضاً، وَقِيلَ: مَيَّةُ مِنْ
أَسماء القِرَدةِ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة. اللَّيْثُ: مَيَّةُ
اسْمُ امرأَة، قَالَ: زَعَمُوا أَن القِرْدةَ الأُنثى تُسَمَّى
مَيَّةَ، وَيُقَالُ منَّة. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَيَّةُ
القِرْدةُ؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ. وأَما قَوْلُهُمْ مَيَّ فَفِي
الشِّعْرِ خَاصَّةً، فإِما أَن يَكُونَ اللَّفْظُ فِي أَصله هَكَذَا،
وإِما أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ أَمال. ابْنُ حَنْظَل: والمايِيَّةُ
حِنْطة بَيْضَاءُ إِلى الصُّفْرَةِ وَحَبُّهَا دُونَ حَبِّ
البُرْثجانِيَّة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. |