المزهر في علوم اللغة وأنواعها النوع الرابع
والثلاثون
معرفة النحت (معرفته من اللوازم)
قال ابن فارس في فقه اللغة - باب النَّحت:
العرب تَنْحَت من كلمتين كلمة واحدة وهو جنسٌ من الاختصار وذلك (رجل
عَبْشميّ) منسوبٌ إلى اسمين وأنشد الخليل: // من الوافر //
(أقول لها ودمع العين جار ... ألم تحزنك حيعلة المنادي)
(1/371)
من قوله: حي عَلَى) وهذا مَذْهَبُنا في أن
الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف فأكثرها منحوتٌ مثل قول العرب للرَّجل
الشديدِ ضِبَطرٌ من ضَبَط وضَبَر وفي قولهمْ: صَهْصَلِق إنه من (صَهَل)
(وصَلَق) وفي الصِّلْدِم) إِنه من الصَّلْد) (والصَّدْم) .
قال: وقد ذكرنا ذلك بوجوهه في كتاب مقاييس اللغة.
انتهى كلام ابن فارس.
وقد ألَّف في هذا النوع أبو علي الظهير بن الخطير الفارسي العماني
كتابا سمَّاه تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب ولم أَقِفْ
عليه وإنما ذكره ياقوت الحموي في ترجمته في كِتابه معجم الأدباء.
قال ياقوت في معجم الأدباء: سأل الشيخ أبو الفتح عثمان بن عيسى الملطي
النحوي الظهير الفارسي عما وقع في ألفاظ العرب على مثال شَقَحْطَب
فقال: هذا يسمى في كلام العرب المنحوت ومعناه أن الكلمةَ منحوتَةٌ من
كلمتين كما ينحت النجار خشبتين ويجعلهما واحدة فشقحطب منحوت من شِقّ
حَطَب فسأله الملطي أن يُثْبت له ما وَقع من هذا المثال إليه ليعول في
معرفتها عليه فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حِفْظه وسمَّاها كتاب
تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب.
وفي إصلاح المنطق لابن السكيت وتهذيبه للتبريزي: يقال قد أكثر من
البَسْملة إذا أكثر من قول: (باسم اللَّه) ومن الهيلَلة إذا أكثر من
قول (لا إله إلا الله) ومن الحولقة إذا أكثر من قول: (لا حَوْلَ ولا
قوة إلا بالله) ومن الحمد لة أي من (الحمد للَّه) ومن الجَعْفَدة أي من
جعلت فداك ومن السَّبْحَلة أي من سبحان اللَّه.
وحكى الفراء عن بعض العرب: معي عشرة فأَحِّدْهنّ لي: أي صيرهن أَحَدَ
عشر.
وزاد الثعالبي في فقه اللغة: الحَيْعَلَة (حكاية) قول المؤذن: حي على
الصلاة حي على الفلاح.
والطَّلْبَقَة حكاية قول القائل: أطال الله بقاك والدمعزة قوله: أدام
اللَّه عزَّك.
(1/372)
وفي الصحاح: قد حيعل المؤذن كما يقال
حَوْلَق وتَعْبَشَم مُرَكبا من كلمتين.
وقال ابن دحية في التنوير: ربما يتّفقُ اجتماعُ كلمتين من كلمة واحدة
دالة على كلتا الكلمتين وإِن كان لا يمكن اشتقاق كلمةٍ من كلمتين في
قياس التصريف كقولهم: هَلَّل: أي قال لا إله إلا اللَّه وحَمْدَل أي
قال: الحمد للَّه.
والحَوْلَقَة قول: لا حَوْلَ ولا قوة إلا باللَّه ولا تقل حَوْقَل
بتقديم القاف فإن الحوقلة مِشْية الشيخ الضعيف.
والبسملة قول باسم اللَّه والسَّبْحَلة قول: سبحان اللَّه والهَيْلَلة
قول: لا إله اللَّه والحَسْبَلة قول: حسبي اللَّه والمشألة قول ما شاء
اللَّه يقال: فلان كثير المشألة إذا أكثر من هذه الكلمة والَحَيْعَلة:
قول حي على الشيء والحَيْهَلة حيهلا بالشيء والسَّمْعَلة: سلام عليكم
والطلبقة: أطال الله بقاك والدَّمْعَزة: أدام اللَّه عزك ومنه قول
الشاعر: // من الرجز //
(لا زلتَ في سَعْدٍ يدومُ ودَمعزه)
أي دوام عز والجَعْفَدة: جعلت فِداك وقولهم: الجَعْفَلة باللام خطأ
والكَبْتَعَة.
وفي الجمهرة: العَجَمْضَى: ضرب من التمر وهما اسمان جُعلا اسما واحدا:
عجم وهو النوى وضاجم واد معروف.
وفي الصحاح: يقال في النسبة إلى عبد شَمس: عَبْشَميّ وإلى عبد الدار
عبدري وإلى عبد القيس عَبْقسيّ يُؤْخَذ من الأول حرفان ومن الثاني
حرفان ويقال: تَعَبْشَم الرجلُ: إذا تعلَّق بسبب من أسباب عبد شمس إما
بحلف أو جوار أو ولاءوتعبقس إذا تعلق بعبد القيس.
قال: وأما عَبْشَمس بنُ زيد مناةَ بن تميم فإن أبا عمرو بن العلاء
يقول: أصله عَبُّ شمسٍ أو حب شمس وهو ضوؤها والعين مبدلة من الحاء كما
قالوا: حَبْقُرّ في عب قر وهو البَرد.
وقال ابنُ الأعرابي: اسمه عَبْءُ شَمسٍ بالهمز والعبء: العدل أي هو
عدلها ونظيرها يفتح ويكسر.
(1/373)
وقال ابنُ مالك في التسهيل: قد يُبْنى من جُزْأي المركب فعلل بفاء كل
منهما وعينه فإِن اعتلت عين الثاني كمل البناء بلامِه أو بلام الأول
ونسب إليه.
وقال أبو حيان في شرحه: وهذا الحكم لا يطرد إنما يقال منه ما قالته
العرب والمحفوظ عبشمي في عبد شمس وعبدري في عبد الدار ومرقسي في امرىء
القيسوعبشمي في عبد القيسوتيملي في تيم اللَّه.
انتهى.
وفي المستوفي لابن الفرحان: ينسب إلى الشافعي مع أبي حنيفة شفعنتي وإلى
أبي حنيفة مع المعتزلة حنفلتي.
وفي المجمل لابن فارس: الأزَل: القِدَم يقال هو أَزَلِيّ قال: وأرى
الكلمة ليست بمشهورة وأحسب أنهم قالوا للقديم لم يَزَل ثم نسب إلى هذا
فلم يستقم إلا بالاختصارفق الوا: يَزَليّ ثم أبدلت الياء ألفا لأنها
أخف فقالوا: أَزَلى وهو كقولهم في الرمح المنسوب إلى ذِي يَزَن:
أَزَنيّ.
وفي الصحاح قولهم: بَلْحَارث لبني الحارث بن كَعْب من شواذ التخفيف لأن
النون واللام قريبا المَخْرج فلمَّا لم يمكنهم الإدغامُ لسكون اللام
حذفوا النون كما قالوا: مَسْتُ وظَلْت وكذلك يفعلون بكل قبيلة تظهر
فيها لام المعرفة مثل بَلْعنبر وبَلْهُجَيم فأما إذا لم تظهر اللام فلا
يكون ذلك. |