إسفار الفصيح باب ما أدخلت فيه
الهاء من وصف المذكر
(تقول: رجل راوية للشعر) 1: إذا كان ينشده ويحفظه، فزادوا الهاء
للمبالغة في الوصف.
(و) كذلك (رجل علامة) 2: أي عالم جدا، أو كثير العلم.
(ونسابة) 3: وهو العالم بالأنساب، وهي معرفة أسماء الآباء والأجداد.
__________
1 ما تلحن فيه العامة 125، ومجاز القرآن 2/277، والمذكر والمؤنث للفراء
60، وللمبرد 88، ولابن الأنباري 1/164، وللمفضل 50، ولابن التستري 54،
والتكملة لأبي علي 366، والعين 8/311، والجمهرة 1/235، والصحاح 6/2365
(روى) . وذكر ابن درستويه (203/ب) أن هذا النعت ليس مخصوصا بالذكر دون
الأنثى، كما ذهب ثعلب، بل هو لهما جميعا، لأن المرأة قد تكون راوية كما
يروي الرجل، وتكون أيضا أروى منه، ثم ذكر أن دخول الهاء في نعت المؤنث
علىضربين:
أحدهما: على معنى المبالغة في النعت للمذكر، والآخر: على تأنيث المرأة
لا على المبالغة في الرواية، كقولك: روت تروي فهي راوية.
2 ما تلحن فيه العامة 125، ومجاز القرآن 2/277، والمذكر والمؤنث للفراء
60، وللمبرد 88، ولابن الأنباري 2/184، ولابن التستري 54، والتكملة
لأبي علي 366، وديوان الأدب 1/331، والعين 2/152، والجمهرة 2/948،
والصحاح 5/1990 (علم) .
3 المذكر والمؤنث للمبرد 88، ولابن الأنباري 2/184، ولابن التستري 54،
والتكملة لأبي علي 366، وديوان الأدب 1/330، والجمهرة 2/948، والصحاح
1/224 (نسب) .
(2/793)
(ومجذامة) 1 بكسر أوله: مأخوذ من الجذم،
وهو القطع. فقيل: معناه: أنه الكثير القطع للمفاوز والطرق2. وقيل: هو
الكثير الفصل للأمور والقطع لها3 [123/أ] . وقيل: هو السريع القطع
للشيء4. وقيل: هو السريع القطع للمودة5.
(و) رجل (مطرابة) 6: أي كثير الطرب شديده. والطرب: خفة تصيب الإنسان
لشدة الفرح والحزن.
(و) رجل (معزابة) 7: إذا كان يعزب بإبله في الرعي، أي يبعدها لعزه
وقدرته. قال الأعشى8:
تذهل الشيخ عن بنيه وتلوي ... بلبون المعزابة المعزال
(وذلك إذا ما مدحوه كأنهم9 أرادوا به داهية) فأنثوه، وفي رواية مبرمان
عن ثعلب: (إذا أرادوا به غاية المدح) .
__________
1 المذكر والمؤنث للفراء 60، ولابن الأنباري 2/120، ولابن التستري 54،
والصحاح (جذم) 5/1884.
2 الجبان 283.
3 الجبان 283.
4 العين (جذم) 6/96.
5 الصحاح (جذم) 5/1884.
6 المذكر والمؤنث للفراء 60، وللمفضل 50، ولابن الأنباري 2/121، ولابن
التستري 54.
7 المصادر السابقة، والعين 1/361، والصحاح 1/181 (عزب) .
8 ديوانه 63.
9 في الفصيح 308: "كأنما".
(2/794)
(وكذلك إذا ذموه، فقالوا: رجل لحانة) 1 أي
مخطئ في كلامه، لا يأتي بصواب فيه.
(وهلباجة) 2: أي أحمق. وقيل: هو الثقيل الكسلان النوام3.
(ورجل فقاقة) 4 بالتخفيف: أي أحمق كثير الكلام. وقيل: هو المخلط5.
و (جخابة) 6 بتخفيف الخاء وتشديدها أيضا: أي أحمق كثير الكلام – أيضا –
والصياح فيما لا يحتاج إليه (في حروف كثيرة، كأنهم أرادوا به بهيمة) .
قال أبو سهل: فقول أبي العباس – رحمه الله -: (وذلك إذا مدحوه، كأنهم
أرادوا به داهية، وكذلك إذا ذموه كأنهم أرادوا [123/ب]
__________
1 العين 3/230، والتهذيب 5/63، والمحكم 3/258 (لحن) .
2 المذكر والمؤنث للفراء 60، ولابن الأنباري 2/185، ولابن فارس 47،
ونوادر أبي مسحل 1/4، والغريب المصنف (15/ب) ، والعين 4/117، والجمهرة
2/1114، والصحاح 1/351 (هلبج) .
3 ابن درستويه (204/ب) .
4 المذكر والمؤنث للفراء 60، وللمفضل 50، ولابن الأنباري 1/164، ونوادر
أبي مسحل 1/4، والغريب المصنف (16/أ) ، والتهذيب 8/297، والصحاح
4/1544، والمحكم 6/88 (فقق) .
5 المحكم (فقق) 6/88.
6 المذكر والمؤنث للفراء 60، وللمفضل 50، ونوادر أبي مسحل 1/4، والغريب
المصنف (16/ب) ، والعين 4/16، والصحاح 1/97 والمحكم 5/11 (جخب) .
(2/795)
به بهيمة) .
فالداهية: هي الأمر العظيم المجاوز للحد والمقدار المعلوم الذي لا ينفع
فيه دواء.
والبهيمة: كل دابة من ذوات الأربع من دواب البر والبحر، وهي مأخوذة من
الإبهام، وهو اشتباه الشيء، فلا يدرى وجهه1، فالبهيمة لا تميز ولا تفرق
بين الحسن والقبيح.
فكما أن في آخر الداهية والبهيمة هاء، كذلك أتوا بها2 في وصف الإنسان
المذكر الممدوح والمذموم تشبيها بهما، فإذا مدحوه وبالغوا في ذلك شبهوه
بالداهية، وأرادوا أن أمره وفعله منكر زائد على غيره كالداهية، وكذلك
أيضا إذا ذموه وبالغوا في ذلك3 شبهوه بالبهيمة التي لا تنطق بشيء يفهم،
ولا تفرق بين الفعل القبيح والحسن. وهذا هو معنى قول الكوفيين
وطريقتهم4. وأما البصريون فإنهم قالوا: الهاء في هذا الباب للمبالغة في
الوصف الذي يمدح به أو يذم5. وقال
__________
1 المقاييس (بهم) 1/311.
2 أي الهاء.
3 ش: "في ذمه".
4 المذكر والمؤنث للفراء 60، ولابن الأنباري 1/164، 2/120.
5 المذكر والمؤنث لأبي حاتم (5/أ) ، والمقتضب 4/262، والأصول 2/408،
والتكملة لأبي علي 366، وابن درستويه (205أ) ، والعين 2/152، 8/311،
والجمهرة 1/235، 2/948، والصحاح 5/1990 (علم، روي) .
(2/796)
بعضهم: ألحقوا هذه الهاء في هذه الأسماء
للمبالغة1 وجعلوا زيادة اللفظ دليلا على زيادة ما يقصدونه من مدح أو
ذم، وكأنهم أرادوا في المدح معنى داهية وفي الذم معنى بهيمة. قال أبو
سهل: وهذا معنى [124/أ] ما رواه مبرمان عن ثعلب رحمه الله.
وقال بعض النحويين: وصفوا المذكر بهذه الأوصاف المؤنثة كما وصفوا
المؤنث بالأوصاف المذكرة2.
وأما قوله: "في حروف كثيرة" فأراد أن لهذا نظائر كثيرة في الكلام.
ويقال للمؤنث في فصول هذا الباب – كما يقال للمذكر – بالهاء لأنهم لما
أتوا بها في وصف المذكر لمعنى المبالغة والتكثير أشركوا فيه المؤنث
أيضا3.
وتجمع هذه الفصول كلها بالألف والتاء، فيقال: رجال راويات، وعلامات،
ونسابات، ومجذامات، ومطرابات، ومعزابات، ولحانات، وهلباجات، وفقاقات،
وجخابات.
__________
1 قوله: "في الوصف الذي يمدح.... للمبالغة" ساقط من ش.
2 القول عن الأخفش في المذكر والمؤنث للسجستاني (157/أ) وينظر: التبصرة
2/630.
3 قال ابن درستويه: "العامة تغلط فيه فتتوهم أن الهاء للمؤنث، وحذفها
للمذكر في كل شيء".
(2/797)
|