النحو الواضح في قواعد اللغة العربية

الإغراءُ والتحذيرُ:
الأمثلة:
1- الصدقَ
العملَ العملَ
الجِدَّ والعزمَ
2- الكذبَ
الكسلَ الكسلَ
يدَكَ والمدادَ
إياكُمْ والرياءَ
إياكَ مِنَ الكبْر
إياكِ أنْ تَتَهاوَني
البحث:
إذا أردت أن توصيَ إنساناً وتغريه بفضيلة كالصبر على مصيبة انتابته مثلاً، جاز لك أن تقول: "عليك بالصبر" أو "اعتصم بالصبر" أو نحو ذلك من الأساليب الكثيرة التي تراها في كلام البلغاء.
ومن بين هذه الأساليب، أساليب ثلاثة وضعتها العربُ لحَضِّ المخاطب وإغرائه بما يُحمَد فِعله. وسندرس معك هذه الأساليب لأن لها أحكاماً خاصة.
انظر إلى الأمثلة في الطائفة الأولى تجد المتكلم يغري المخاطب في كل منها بما يُحْمَدُ فِعله، فهو في المثال الأول يحثه على الصدق فيقول: "الصدق" وفي الثاني يدفعه إلى العمل فيقول: "العملَ العملَ" وفي المثال الثالث يحثه على الجدّ والعَزم فيقول: "الجدَّ والعزمَ".
والأسماء الأولى في هذه الأمثلة منصوبة بفعل محذوف تقديره "اِلزم"

(2/435)


ونحوه, فكل منها مفعول به للفعل المحذوف، أما كلمة "العمل" الثانية فتوكيد لفظي.
وأما كلمة "العزم" فمعطوفة على الجدِّ، ويجب حذف الفعل إذا كان الاسم مكررا أو معطوفاً عليه.
انظر إلى أمثلة القسم الثاني، تجد أنها مضادَّة لأمثلة القسم الأول في الغَرَض؛ لأن الأول حَثٌّ وإغراء بأمر محمود، وهذا تخويف وتحذير من أمر مكروه.
وإذا سألت عن إعراب الأمثلة الثلاثة الأولى من هذا القسم، علمت أن الأسماء الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره في المثالين الأولين "احْذَرْ"، وفي المثال الثالث "باعد" يدك "واحذر" المداد.
ويجبُ حذفُ الفعل هنا كما في أمثلة القسم الأول، إذا كان الاسم مكررا أو معطوفاً عليه.
وإذا تأملت الأمثلة الثلاثة الباقية؛ رأيت أنها مبدوءة بالضمير "إيَّا" وهو المحذَّر، ورأيت المحذَّر منه وهو الاسم التالي لإيَّا إما معطوفاً، وإما مجروراً بمنْ, وإما مَصْدَراً مؤولاً، وقد تكرر "إيَّا" في كل حال من هذه الأحوال الثلاث، ومن ذلك تعرف أن للتحذير تسعَ صُور، منها ثلاث تشبه صور الإغراء، وست مبدوءَة بإيَّا1.
وأقل الوجوه تكلفاً في إعراب الأمثلة المبدوءة بإيَّا أن تقول في تقدير المثال الأول: "إياكم" "باعدوا" و"احذروا" فإِياكم مفعول به في محل نصب
__________
1 يجيز بعض النحاة أن يجيء الاسم الصريح بعد "إيا" غير مسبوق بمن أو بالواو، نحو: إياك النميمة، ويقدرونه هكذا إياك "احذر" النميمة، ويعرب إياك مفعولا أول للفعل المحذوف, والنميمة مفعولا ثانيا؛ لأن "احذر" ينصب مفعولين، وعلى هذا تكون صور التحذير إحدى عشرة، منها ثمانٍ مبدوءة بإيا.

(2/436)


بفعل محذوف، والواو حرف عطف، و"الشر" منصوب بفعل محذوف ويكون العطف حينئذٍ من عطف الجمل.
والتقدير في المثال الثاني: "إيَّاك" "باعِدْ" من الكبر، فإيَّاك مفعول به لفعل محذوف، ومن الكبر جار ومجرور متعلقان بالفعل المحذوف.
والتقدير في المثال الثالث: "إياكِ" "بَاعِدِي" من أن تتهاوني؛ مفعول به لفعل محذوف, والمصدر المؤول مجرور بمن مقدرة.
والفعل المقدر في جميع أمثلة "إيا" محذوف وجوباً.
القاعدة:
229- الإغُرَاءُ حَثُّ الْمُخَاطَبِ عَلَى أَمْر مَحْمُودٍ ليَفْعَلَهُ، والاسم في الإِغْرَاءِ منصوب بفعل محذوف، ويَكونُ غَيرَ مُكَرَّرٍ، أوْ مُكرَّراً، أوْ معْطوفاً عَليْهِ.
230- التَّحْذِيرُ تنْبيهُ الْمُخَاطَبِ على أمره مكْرُوهٍ ليَجْتنِبَهُ، والاسْمُ في التَّحْذِيرِ يُنْصَبُ بِفعْلٍ مَحْذُوفٍ.
231- يَجِبُ حَذْفُ الْفِعْلِ في الإِغْراء والتَّحْذِيرِ إِذَا كان الاسم مكررا أو معطوفا عليه، ويَجبُ حَذْفُهُ فِي التَّحْذيرِ أيْضاً إِذَا كان التَّحْذِيرُ بإِيَّا، ويَجُوزُ حَذفُهُ وذِكرُهُ في غير هذه الْمَوَاضِعْ.
أسئلة:
1- ما الإغراء؟ وما التحذير؟
2- كم صُورةً للإِغراء؟ وما حُكم الاسم فيه؟
3- متى يحذف الْفِعْلِ في الإِغْراء إذا لم يُسْبَق بحرف عطف؟

(2/437)


4- كيف تُعرِب الاسم الثاني في الإغراء إذا لم يُسبق بحرف عطف؟
5- ما الصورة التي يتفق فيها التحذير، والإغراء؟
6- كم صورة للتحذير مع "إيا" غيرَ مكررة؟ وما إعراب "إيَّا"؟ وما إعراب المحذر منه في كل صورة؟
7- كيف تعرب "إيّا" الثانية في إحدى صور تكرارها؟
8- متى يحذف الفعل في التحذير وجوباً؟ ومتى يحذف جوازاً؟
نَمُوذَج: في تمييز الإغراء من التحذير، وبيان ما يجب حذف عامله وما يجوز
ثيابَكَ والمطرَ، وإياك أن تُسرف. الثَّبات والجَلَد, إيَّاكم والمجُونَ، إياكن من التبرج، المروءةَ، السيارةَ السيارةَ، الأَدبَ الأدبَ، الكَذِبَ والخداعَ، الوشَايَة.
التركيب نوعه حكم عامله السبب
ثيابَك والمطرَ تحذير واجب الحذف للعطف
إيّاك أن تسرِف تحذير واجب الحذف لأن التحذير بإيّا
الثبات والجلَدَ إغراء واجب الحذف للعطف
إيَّاكم والمُجُون تحذير واجب الحذف لأن التحذير بإيّا
إيَّاكنَّ من التَّبرُّج تحذير واجب الحذف لأن التحذير بإيّا
المروءَة إغراء جائز الحذف لعدم العطف أو التكرار
السَّيَّارةَ السَّيَّارةَ تحذير واجب الحذف للتكرار
الأدبَ الأدبَ إغراء واجب الحذف للتكرار
الكذب والخِدَاع تحذير واجب الحذف للعطف
الوشَايَةَ تحذير جائز الحذف لعدم العطف أو التكرار

(2/438)


تمرين 1:
- قدّر العامل في كل اسم منصوب في الجمل الخمس الأولى من النموذج السابق.
تمرين 2:
- بين في العبارة الآتية المنصوب على الإغراء؛ والمنصوبَ على التحذير، وأعرب المحذَّر منه والمحذّر إن وُجد:
شَبَّتِ النار في إِحدى القُرى في ليلةٍ مُظْلِمَة, ذاتِ رِيَاح وأنواءٍ، وبَيْنَما كان أهلُ القرية نائمين، إذ سُمع صوتٌ يُنادى: النجدةَ النجدةَ, النارَ النارَ! الهمةَ والغوثَ! فهبَّ الناسُ وطارُوا يحْملون جِرَارهم إلى مكان النارِ؛ فصاح بهم صائح: إيّاكم والتَّواني! فإن الخَطْبَ جَسِيمٌ، وإياكم إياكم مِنَ الحِيطان! فإِنها توشكُ أن تَتَدَاعى، إياكم أن تتركوا النساءَ والأطفالَ طُعْمَة للنار! فاسْتَبَقَ الشبَّان العَمَلَ وكانتْ بُطولَةٌ، وكانت شجاعة، حتى أخمدوا النارَ بعد لأيٍ وجَهْد.
تمرين 3:
- أغْر شخصاً بالتمسك بالصفات الآتية مع استيفاء صور الإغراء, وبين ما يجب حذف فعله وما يجوز:
الشهامة الشرف الإخلاص الشَّمَم النزاهة الهمة
تمرين 4:
- ضع معطوفاً عليه مناسباً في المكان الخالي من صور الإغراء الآتية:
1-......... والأدب.
2-........ والإقدام.
3-........ والحلم.

(2/439)


4-....... والمواظبة.
5-......... والزكاة.
6-........ والذمة.
تمرين 5:
- ضع معطوفاً مناسبا في المكان الخالي من صور الإغراء:
1- العِلَم.............
2- الاقتصاد..........
3- الحقّ..............
4- التَّأَنّي.............
5- الجِدَّ..............
6- اللين.............
تمرين 6:
- حَذِّر شخصاً مما يأتي مع استيفاء صور التحذير بغير إيّا، وبيِّن ما يجب حذف فعله وما يجوز:
مال اليتيم دعوة المظلوم الهَدْم الطِّلَاء الملَق الرياء
تمرين 7:
- ضع معطوفاً مناسبا في المكان الخالي من صور التحذير الآتية:
1- الغِيبَة..................
2- كَثْرَة الكلام.............
3- النِّفاق...............
4- الحَلِف..............
5- الوَحل.............
6- الدَّناءَة..............
تمرين 8:
- ضع معطوفاً عليه مناسباً في المكان الخالي من صور التحذير الآتية:
1-............. والعَجَلَةَ.
2-.............. والغُرور.
3-.............. والتَّأخر

(2/440)


4-............ والمخالفة.
5-.............. والمَيْسر.
6-............... والبذاءَة.
تمرين 9:
1- كم صورةً للتحذير بإيّا والمحذَّر منه مجرور بمن؟ مثل، واذكر حكم العامل.
2- كم صورة للتحذير والمحذَّر منه معطوف؟ مثل، واذكر حكم العامل.
تمرين 10:
1- كون ست جمل للإِغراء, مستوفياً صوره الثلاث.
2- كوّن ست جمل للتحذير بغير إيَّا, مستوفياً صوره الثلاث.
تمرين 11:
أ- نموذج في الإعراب:
1- الإخْلاَصَ الإخلاص.
الإخلاص: مفعول به لفعل محذوف وجوباً تقديره الْزَم.
الإخلاص: توكيد لفظي منصوب.
2- إياكم والأشرارَ.
إياكم: إياكم مفعول به في محل نصب لفعل محذوف وجوباً تقديره: باعدوا, والكاف حرف خطاب والميم للجمع.
والأشرار: الواو حرف عطف, الأشرار مفعول به لفعل محذوف تقديره احذروا.

(2/441)


ب- أعرب الجمل الآتية:
1- التدبير والاقتصاد.
2- إياك أن تطمع فيما ليس لك.
3- إياك إياك من المُزَاح.
4- ثوبك والماء.
5- النَّهَمَ النَّهَمَ.
6- إنْجاز الوعد.
تمرين 12:
- اشرح البيتين الآتيين، وأعرب الأول منهما:
إياكَ والأمرَ الَّذِي إنْ توسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ ضاقت عَلَيكَ المصادِرُ1
فَما حَسَنٌ أن يَعذِر المرء نفسه ... وليس له من سائر الناس عاذر
__________
1 موارد الماء: الطرق المؤدية إليه، والمصادر: طرق الرجوع عنه.

(2/442)


الاختِصَاصُ:
الأمثلة:
1- نحنُ -الشبانَ- نُجِلُّ آراءَ المُجَرّبين.
نَحْنُ -الطلبةَ- شِعَارُنا الْجِدُّ.
نَحْنُ -بَنِي العَربِ- نُغيث الْمَلْهُوفَ.
إِنَّا -معشرَ المصْرِيِّين- نَكْرِم الضّيْف.
2- عَلَيَّ -أيها المقدامُ- يُعَوَّلُ.
اعْفُ عَنَّا أيتها الفئة النادمة.
اتبعُوني -أيُّها المُرْشِدُ- تَفُوزوا.
البحث:
إذا قلت: "نحن" أو "إِنَّا" عَرَفَ السامع أنك تتكلم عن طائفتكم، ولكنه قد لا يعرف الطائفة التي تُنسب إليها وتتحدث بلسانها، فإذا قلت: "نحن الشبَّانَ" أو "نحن الطلبَة" بيَّنتَ المقصود من الضمير ووضحت للسامع نوعَ الطائفة التي أنت منها، وهذا يسمى "بالاختصاص" والاسم "المختص" منصوب بفعل محذوف وجوباً، تقديره "أَخُصُّ" فهو في الحقيقة مفعول به.
وإذا قلت: "عَلَىَّ يُعوَّل" فهِمَ السامع أنكَ تفخر بأنك سَنَدُ الناس عند الشدة, غير أنك إذا أردت أن تبيِّن له صفة فيك تؤيد صحة دعواك في موطن الفخر قلت: "أيُّها المقدام يُعوَّل".

(2/443)


وإذا قلت: "اعف عنا أيتها الفئة النادمة" فإنك تريد أن تبين الضمير في "عنا" في صورة من التواضع؛ لأن مِنْ أغْرَاضك أن تسأل العفَو وتسْتَجْدِيه.
وأَيُّها وأيّتُها مَبْنيان على الضم في محل نصب بفعل محذوف وجوبا تقديره أخصُّ.
وإذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأيت أن الأسماء المنصوبة على الاختصاص فيها أسماءٌ ظاهرة، قبل كلٍّ منها ضمير للمتكلم؛ وأنها معرَّفة بأل أو بالإضافة.
وحينما ترجع إلى أمثلة الطائفة الثانية ترى أن "أيها وأيتُها" متبوعة باسم مقرون بأل، مرفوع على أنه نعت تابع في إعرابه للفظ "أيّ" لا لمحله.
القاعدة:
232- الْمَنْصُوبُ عَلَى الاخْتِصَاص اسْمٌ ظاهِرٌ مُعَرَّفٌ بِأَلْ أَوْ بالإضَافَة، يُذْكَرُ بَعْدَ ضَمير الْمُتَكَلِّم غَالِباً لِبَيانِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ محذوف وجوباً تقديره "أَخُصُّ".
233- قَدْ يَكُونُ الاخْتِصَاصُ بِأَيّهَا أوْ أيَّتُها مَتْلُوَّتَيْنِ بِنَعْتٍ مقرون بأل مرفوع عَلَى أَنَّهُ تَابعٌ في الإِعْرَابِ للَفْظِ "أَيّ".
أسئلة:
1- ما شرط الاسم الظاهر المنصوب على الاختصاص؟
2- ما حُكم العامل في الاختصاص من حيث الذِّكرُ، والحذف؟
3- كيف تعرب إيا، وأيّةً في الاختصاص؟

(2/444)


4- ما الذي يشترط في الاسم التالي لأيُّها، وأَيَّتها؟ وما إعرابه؟
5- اشرح أغراض الاختصاص، ومَثِّل لكلِّ منها بمثال من عندك.
تمرين 1:
- بيِّن الأسماء المنصوبة على الاختصاص في العبارات الآتية، وقدِّر العامل، واذكر حكمه:
1- نحن -سكان المدن- نميل إلى التَّرَف.
2- بنا -معشر الشرقيين- نزْعَة إلى التفاخر بالمجد القديم.
3- إنَّا -الآباء- لا نَدَّخر جُهْدا في ترْبية أبنائنا.
4- نحن -أهل القرى- نطلب إنشاء مساكن على طراز صحيّ.
5- لا تَزْجُرْني -أَيها المسكين- فإن في قولٍ معروف صدقةً.
6- بثباتي -أَيها الصبور- نلت آمالي.
7- ما أَحوجني -أَيها الضعيف- إلى عفو ربي.
تمرين 2:
- ضع اسماً ظاهراً منصوباً على الاختصاص في المكان الخالي:
1- نحن.......... نخرج طَيِّباتِ الأرض.
2- إنَّا........... نرَبيِّ النشءَ.
3- نحن............. شعارنا إتقان الصناعة.
4- نحن............... نَصُدُّ جيوشَ الأعداء.

(2/445)


تمرين 3:
- ضع اسم مبنياً في محل نصب على الاختصاص في المكان الخالي:
1- جَرِّبني........ تَجِدْني خَيْر مِعْوَان.
2- أنا.......... في حاجةٍ إلى المال.
3- إنِّي........... لا أهابُ الموت.
4- إليَّ............ تَتَّجِه الآمال.
تمرين 4:
- ضع خبر مبتدأ مناسبا في كل مكان خالٍ، مع استيفاء أنواع الخبر:
1- إِنا المحامين..............
2- نحن طائفة التجار.............
3- نحن السباحين...............
4- نحن المسافرين..............
5- إنا الطيّارين..............
6- نحن الكتاب.............
تمرين 5:
- أتمم العبارات الآتية بما يناسبها:
1- بي أيُّها الطبيب...........
2- إِني أيُّها الفقير.............
3- بقولي أيها الشاعر..........
4- بتدبيري أيتها المقتصدة............

(2/446)


تمرين 6:
- اجعل كل تركيب مما يأتي خبراً لمبتدأ, بعده اسم منصوب على الاختصاص:
1- تشكو كثرة السيارات.
2- نتظلم من ضريبة المنازل.
3- نَهْدِي الأمة بأفكارنا.
4- إزارنا الشرف وخمارنا الأدب.
تمرين 7:
1- كون ثلاث جمل تشتمل كل منها على اسم منصوب على الاختصاص معرف بأل.
2- كوِّن ثلاث جمل تشتمل كل منها على اسم منصوب على الاختصاص معرف بالإضافة.
3- كون ثلاث جمل تشتمل كل منها على اسم مبني في محل نصب على الاختصاص.
تمرين 8:
أ- نموذج في الإعراب:
1- نحن -الجنود- نَحمي الوطن.
نحن: ضمير في محل رفع مبتدأ.
الجنود: منصوب على الاختصاص بفعل محذوف وجوبا تقديره أخص.
نحمي: فعل مضارع والفاعل مستتر وجوباً تقديره نحن، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
الوطن: مفعول به منصوب.

(2/447)


2- أنا -أيها المذنِبُ- أعتذر.
أَنا: ضمير في محل رفع مبتدأ.
أيُّها: أيُّ مبني على الضم في محل نصب على الاختصاص, وها للتنبيه.
المذنب: نعت مرفوع بالضمة الظاهرة.
أعتذر: فعل مضارع والفاعل مستتر تقديره أنا، والجملة في محل رفع خبر للمبتدأ.
ب- أعرب الجمل الآتية:
1- إِنَّا -معشرَ المثابرين- لا نَيْئَس.
2- نحن -التجار- نجاحنا في الصدق.
3- إِني -أيتها العاملة- أخدُم بلادي.
تمرين 9:
- اشرح الأبيات الآتية، وأعرب الثالث منها:
إِنَّا مُحَيُّوكِ يا سَلْمَى فحيِّينا ... وإن سَقَيْت كِرَام النَّاسِ فاسْقِينا1
وَإِن دعوتِ إلى جُلّى ومكرُمة ... يَوْماً سَرَاة كِرَامِ النَّاسِ فادعِينا2
إنَّا -بَنِي نهَشْلٍ- لاَ نَدَّعِي لأبٍ ... عَنْهُ وَلاَ هُوَ بالأبْناء يَشْرِينا3
__________
1 معنى الشطر الثاني: إن دعوت للأشراف بالسقيا فقلت: سقاهم الله, فادعي لنا أيضا لأننا منهم.
2 الجلَّى تأنيث الأجل, والمراد الشدائد العظيمة، والسراة كرام الناس.
3 لاَ نَدَّعِي لأبٍ: لا ننتسب لأب غير أبينا، ومعنى يشرينا هنا يبيعنا، فإنه يقال: شريت الشيء بمعنى بعته, واشتريته جميعا.

(2/448)


الاشتغال:
الأمثلة:
1- إنَ الغريبَ قابلتَهُ فَأَكْرِمْ مَثْوَاهُ.
هَل المجدَ يَبْنِيهِ سِوَى ذِي حَمِيَّة كَرِيمٍ عَلَى العِلاَّتِ مَاضِي الْعَزَائِم1؟
هَلَّا كلمةَ حَقٍّ تنالُ أجرَها؟
2- تأملتُ فَإِذا الشعوبُ يُنهِضها العملُ.
كلامُكَ إِنْ قلتَهُ فزنْهُ.
المقالةُ هَلْ هذبتَها؟
3- شرفَكَ صُنْهُ أو شرفُكَ
أَحَديثَ خُرَافَةٍ تُصَدِّقُه2؟ أو أَحَدِيثُ
الْمخْلِصَ أُمَجِّدُه أو الْمُخْلِصُ
البحث:
تأمل أمثال الطائفة الأولى، تجد أن الاسم الأولَ في كل منها متلُوّ بفعل، وأن هذا الفعل اشتغل عن نصب الاسم السابق عليه بنصب الضمير العائد عليه، كما في المثالين الأولين، أو بنصب اسم متصل بالضمير العائد عليه كما في المثال الثالث، وترَى أنَّ الفعل لو لم يشتغل بنصب الضمير أو
__________
1 العلات: الحالات المختلفة.
2 يقال: إن خرافة رجل من العرب, كان يتحدث أحيانا بما لا يمكن تصديقه، أو الخرافة الكذب.

(2/449)


ما اتصل بالضمير، لتسلط على الاسم السابق فنصبه، ولو أنك نظرتَ إلى بقية الأمثلة في الطائفتين الأخْريين لرأيت ذلك ماثلاً في جميعها. هذا الاسم المتقدم في هذه الأمثلة وأشباهها يُسَمَّى "مَشْغُولاً عنه".
ارجع بنا ثانية إلى الطائفة الأولى تجد المشغول عنه مسبوقاً بأدوات هي: "إِن" الشرطية، و"هل" و"هلَّا" التي للتّحضِيض1، وهذه الأمثلة لا تدخل إلا على الأفعال2 فإذا جاء بعدها اسم كان مفعولاً لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور في الجملة، ولما كان المذكور في الأمثلة طالباً مفعولاً به، وجب أن يكون الفعل المحذوف طالباً مفعولاً به كذلك، وعلى هذا يكون كل اسم من الأسماء: "الغريب" و"المجد" و"كلمة حق" واجب النصب بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، فالمشغول عنهُ في هذه الأمثال وأشباهها واجبُ النصب لوقوعه بعد أداة تختص بالدخول على الأفعال3.
وإذا تأملت الطائفة الثانية، رأيت المشغول عنه في المثال الأول مسبوقاً "بإذا الفجائية" وهي تختص بالدخول على الأسماء4، وفي المثالين التاليين متلوّاً بأداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كأدوات الشرط والاستفهام والتحضيض وغيرها، فالمشغول عنه في المثال الأول يجب رفعه بالابتداء لأن إذا الفجائية كما قلنا لا تدخل إلا على الجمل الاسمية, والمشغول عنه في المثالين التاليين يجب رفعه بالابتداء أيضاً؛ لأن الفعل الذي بعد الأدوات
__________
1 أدوات التحضيض هي: ألا, وإلا, ولا، ولولا, ولوما.
2 من الأدوات المختصة بالدخول على الأفعال إذا الشرطية, ولو, وأدوات التحضيض وأدوات الشرط الجازمة, وأدوات الاستفهام "ما عدا الهمزة" على أن أدوات الاستفهام لا تختص بالفعل إلا إذا وجد في حيزها، فإن لم يوجد فلا اختصاص نحو: أين المنزل؟
3 أدوات الاستفهام وأدوات الشرط "ما عدا إذا ولو وإن" لا يقع بعدها اشتغال إلا في الشعر، أما في النثر فلا يليها إلا صريح الفعل؛ لهذا اخترنا أمثلة من الشعر لهذه الأدوات.
4 مثل إذا الفجائية "ليتما" نحو: ليتما العمل أتقنته.

(2/450)


المذكورة كما أنه لا يصح أن يعْمَل فيما قبلها لا يصح أن يفسر فعلاً عاملاً قبلها. ومن ذلك يتضح أن المشغول عنه يجب رفعه إذا جاء بعد أداة تختص بالدخول على الأسماء, أو سَبَق أداةً لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
وإذا نظرت في الطائفة الثالثة رأيت أن المشغول عنه فيها ليس مسبوقاً بأداة تختص بالدخول على الأفعال أو الأسماء؛ وليس سابقاً أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها؛ لهذا يجوز أن تنصبه بفعل محذوف، ويجوز أن ترفعه على أنه مبتدأ.
القاعدة:
234- الإِشْتِغَالُ أَنْ يَتَقَدَّمَ اسْمٌ وَيَتَأَخَّرَ عَنْهُ عَامِلٌ مُشْتَغِلٌ عَنْ نَصْبِهِ بِضَمِيرِهِ، أَوْ نَصْبِ الْمُتَّصِلِ بَضَمِيرِهِ، بحيْثُ لَوْ تَفَرَّغَ لَهُ لنَصَبَهُ، وَيُسَمَّى هذا الاسمُ "مَشْغُولاً عَنْهُ".
235- يَجِبُ نَصْبُ المشْغُولِ عَنْهُ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وُجُوباً إِنْ وقع بعد ما يختص بالدخول على الأفْعَالِ.
وَيَجِب رَفْعُهُ إِنْ وَقَعَ بَعْدَ ما يختص بالدخول عَلَى الأسْمَاءِ كإِذَا الْفُجَائِيَّةِ، أَوْ قَبْلَ أداة لا يعمل ما بعدها فيما قَبْلَهَا.
وَيَجُوزُ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ فِيما سِوَى ذَلِكَ.
أسئلة:
1- ما الاشتغال؟ وكيف نقدر عامل النصب في المشغول عنه إذا كان منصوباً؟
2- متى يجب نصب المشغول عنه؟ ومتى يجب رفعه؟ ومتى يجوز نصبه ورفعه؟

(2/451)


3- ما الأدوات المختصة بالدخول على الأفعال؟
4- ما الأدوات المختصة بالدخول على الأسماء؟
نموذج: في بيان المشغول عنه؛ وموقعه من الإعراب؛ وحُكْمهِ من حيث وجوب النصب أو وجوب الرفع أو جواز الأمرين، مع ذكر السبب
السَّيارة ركبتها. إنِ البستان دخلتَهُ فلا تَقْطِفْ أزهاره. هَلاّ واجباً لوطنك أدّيتَه. الشعر ما أحلاه.
مَتى الوُدَّ تصِفْيهِ إذا كنتَ كلّما
بَدَتْ زَلَّةٌ من صاحبٍ تتعَتَّب؟
أصديقك عُدْتَه؟ الكريم إن عاوَنته شَكرك.
حيثما المال نلتَهُ فدَع البُخـ
ـلَ وجانِبْ طرائقَ الإسرافِ
الكتاب لو جالستَهُ لأنِست به. نظرت فإذا الطياَّرة يَرْكَبُها العربيّ. القناطر الخيرية مَنْ شَيَّدَها؟ المسكين لا تزجره.
المشغول عنه إعرابه حكمه السبب
السيَّارة مبتدأ أو مفعول جواز الرفع والنصب لأنه ليس مما يجب فيه الرفع أو النصب.
البستان مفعول به وجوب النصب لأنه وقع بعد ما يختص بالأفعال.
واجباً مفعول به وجوب النصب لأنه وقع بعد ما يختص بالأفعال.
الشعر مبتدأ وجوب الرفع لأنه وقع قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
الوُدّ مفعول به وجوب النصب لأنه وقع بعد ما يختص بالأفعال.

(2/452)


المشغول عنه إعرابه حكمه السبب
صديقك مفعول به أو مبتدأ جواز النصب والرفع لأنه ليس مما يجب فيه الرفع أو النصب
الكريم مبتدأ وجوب الرفع لأنه وقع قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
المال مفعول به وجوب النصب لأنه وقع بعد ما يختص بالأفعال.
الكتاب مبتدأ وجوب الرفع لأنه وقع قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
الطيارة مبتدأ وجوب الرفع لأنه وقع بعد إذا الفجائية المختصة بالأسماء.
القناطر الخيرية مبتدأ وجوب الرفع لأنه وقع قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
المسكين مفعول به أو مبتدأ جواز النصب والرفع لأنه ليس مما يجب فيه الرفع أو النصب.
تمرين 1:
- بين في الجمل الآتية المشغول عنه، وإعرابه، وبيِّن حكمه من حيث وجوب النصب، أو وجوب الرفع، أو جواز الأمرين مع ذكر السبب:
1- الشرير اجْتَنبْه.
2- باريس متى تزورُها؟
3- ليتما الوقت صرفته فيما يُجْدِي.
4- الأهرام إِن شاهدتها بَهرَتْك.
5- الصديق لا تضيِّعهْ.
6- لولا همةً عاليةٍ تبذُلها فتُشكر!

(2/453)


7- المال لو حفظته لحفظك.
8- أَلاَ صَدَقَة عاجلةً تقَدِّمها للفقير.
9- وطنك ألا ترفعه!
10- جَلِيسك أَنصِفْه.
11- خرجتُ, فإذا الغبارُ تثيره الرِّياح.
12- إذا الأقصر زرتها فشاهد مقابر الملوك.
13- ومَنْ نفسَهُ صانها أن تَزِلَّ
يعِش سيَّداً، ويمتْ سيَّدَا
14- كيف مجْد البلاد نبْنيه إنْ لَمْ
يَكْ فينا رأيٌ وفينا ثَبَاتُ
15- مهما لئيم القوم أكرمتَه
فلن تراه صاحباً مُخْلِصَا
16- حيثما الروض زرتَهُ تلقَ فيه
زَهَراً ناضراً وماء وطِيبا
تمرين 2:
- ضع اسماً مشغولاً عنه في المكان الخالي، وبين ما يجب رفعه، وما يجب نصبه، وما يجوز فيه الأمران، مع ذكر الأسباب:
1- إذا............... ادخرتَه نَفَعك.
2- ألاَّ............... عَمِلتَه.
3-................. لولا صاحبتَه لاستفدتَ.
4- إذا............. فهمتَه فأجِب عنه.
5-.............. هل ركبتَه؟
6-............. ألَّا أغْلقْته.
7- إن........... أعطيته شكر لك.
8-............. مَنْ دعاه به نصَره.
9- أ........... اشتريته.
10-........... حيثما شاهدته فعظمته.
11-............ لا تَقله.
12- إِنْ.......... تُخْفها تَظهر.
13-............. دارِه.
14-............ أحتقره.
15- لو.......... شاهدته لعرفت مجد آبائك.
16-.......... متى كرَّمته كرَّمك.

(2/454)


تمرين 3:
- ضع كل أداة من الأدوات الآتية وهي: إن، إذا الشرطية، لو، مرة قبل المشغول عنه، ومرة بعده، ثم اذكر حكمه وموقعه من الإعراب في الحالين.
تمرين 4:
- بين نوع "إذا" في كل جملة من الجمل الآتية، وموقع الاسم الذي بعدها من الإعراب، واذكر في أي هذه الأمثلة يكون الاشتغال:
1- إذا الرجل صاحبتَه فاختبره.
2- وعدتَ فإذا مواعيدك مواعيد عُرقُوب1.
3- إذا الهدية دخلت من الباب، خرجت الأمانة من الكوة2.
تمرين 5:
- استعمل الأفعال الآتية مرَّة مع اسم مشغول عنه واجب النصب، ومرَّة مع اسم واجب الرفع، وثالثة مع اسم يجوز فيه الوجهان:
شتمته, أهنته, جاملته, هذَّبته, زُرته, كتبته
__________
1 رجل من العرب كان أكذب أهل زمانه, أتاه سائل فقال: إذا أطلع نخلي، فلما أطلع قال: إذا أبلح، فلما أبلح قال: إذا أزهى، فلما أزهى قال: إذا أرطب، فلما أرطب قال: إذا أتمر، فلما أتمر جذه ليلا ولم يعطه شيئا.
2 فتحة في الحائط.

(2/455)


تمرين 6:
- اجعل كل اسم من الأسماء الآتية مشغولاً عنه في جملة تامة، مع استيفاء أحوال المشغول عنه الثلاث:
الواجب, النصيحة, العمل, الشرف, الشرير, رجل كريم
تمرين 7:
- إذا قال قائل: "ليتما محمداً قابلته" فكيف تعرب "محمداً"؟
تمرين 8:
1- كوِّن ثلاث جمل يكون المشغول عنه في كل منها واجب النصب.
2- كون ثلاث جمل يكون المشغول عنه في كل منها واجب الرفع.
3- كون ثلاث جمل يكون المشغول عنه في كل منها جائز النصب والرفع.
تمرين 9:
- هات ثلاثة أمثلة اشتغل فيها العامل عن نصب المشغول عنه بنصب اسم متصل بضميره.
تمرين 10:
أ- نموذج في الإعراب:
1- اذا المريض زرته فخَفِّف.

(2/456)


إذا: ظرف للزمان المستقبل وفيه معنى الشرط.
المريض: مفعول به لفعل محذوف وجوباً يفسره المذكور.
زرته: فعل وفاعل ومفعول به.
فخفف: الفاء واقعة في جواب الشرط، وخفف فعل أمر والفاعل أنت، والجملة جواب الشرط.
2- الناس إن تعاملْهم تعرفْهم.
الناس: مبتدأ مرفوع.
إن: حرف شرط جازم.
تعاملهم: فعل مضارع مجزوم فعل الشَرط، والفاعل أنت، والهاء مفعول، والميم للجمع.
تعرفهم: فعل مضارع مجزوم جواب الشرط, والفاعل أنت والهاء مفعول، والميم للجمع، والجملة الشرطية في محل رفع خبر المبتدأ.
ب- أعرب الجمل الآتية:
1- هَلَّا قولاً مَعْروفاً قُلتَه؟
2- المعلم مَنْ يُعظمه يُفلح.
3- الوطن اخْدُمه.
تمرين 11:
- اشرح البيتين الآتيين، وأعرب ثانيهما:
إذا أنت لم تَعْرِفْ لِنَفْسِك حقها ... هَوَانًا بها كانَتْ على النَّاسِ أَهْوَنا
فنفسَكَ أكرمْها وإن ضَاقَ مسكنٌ ... عليكَ بها فاطْلُبْ لنفسِكَ مَسْكنَا

(2/457)


النُّدْبَة:
الأمثلة:
أ- وَا عَلِيُّ أو وَا عَلِيَّا أو وَا عَلِيَّاهْ
وا قتيلَ الدارِ أو وا قتيلَ الدارَا أو وَا قتيلَ الدارَاهْ
وا من فَتَحَ مصرَ أوْ وا من فَتَحَ مصرَا أوْ وا من فَتَحَ مصراهْ
ب- وَا حجاجُ أو وا حجاجَا أو وا حجاجاهْ
وا مثير الحروبِ أو وا مثير الحروبَا أو وا مثير الحروباهْ
وا من يُؤْذِي الحيوانَ أوْ وا من يُؤْذِي الحيوانَا أوْ وا من يُؤْذِي الحيواناهْ
البحث:
عرفت فيما سبق لك من الدروس أن المنادى اسم يذكر بعد حرف من حروف النداء لاستدعاء مدلوله، وأن حروف النداء هي: يَا، وأَيا، وهَيَا، وأيْ، والهمزة. وإذا تأملت الأسماء في القسم "أ" رأيت أنها من نوع المنادى تجري عليها أحكامه من إِعراب وبناء؛ ولكن كلاً منها منادى خاص؛ لأنه منادَى محزونٌ له متفجع عليه، فإذا قلت: وا عليُّ، فكأنك تناديه لينظر ما أنت فيه من الوجد والحزن عليه، أو بعبارة أخرى تندبه، فهو "مندوب" ونداؤه يسمى "ندبة".
وإذا تأملت المندوب المتفجع عليه رأيت أنه معرفة لأنه علَمٌ، أو مضاف إلى معرفة، أو اسم موصول مشهور بصلته، فلا يكون نكرةً ولا مبهماً كالضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة التي لم تشتهر بصلتها.

(2/458)


وإذا تأملت أواخر المندوب أدركت أنه قد يكون في إعرابه وبنائه كالمنادى، وأنه يجوز أن تزاد في آخره ألف، وهذه تسمى "ألف الندبة" وأن تزاد بعد الألف هاء عند الوقف تسمى "هاء السكت".
وتستطيع أن تدرك أن أداة الندبة في الأمثلة هي "وا" على أنه يجوز استعمال "يا" إذا دلت القرائن على أنها للندبة.
تأمل أمثلة القسم "ب" تجد أن المندوب فيها ليس متفجعاً عليه بل متوجعاً منه, وتجد أيضاً أن آخره يكون مجردا من ألف الندبة، أو متصلاً بها وحدها، أو مع هاء السكت عند الوقف.
القواعد:
236- النُّدْبَةُ نِدَاءُ الْمُتَفَجَّعِ عَلَيْهِ أَوِ الْمُتَوَجَّعِ مِنْهُ. وأحْكامُ المَنْدُوبِ كأحْكام المُنَادى، فَهُو يُبنى عَلَى ما يُرفع به إذا كان علما مُفْرَداً، ويُنصب إِذَا كانَ مُضَافاً، ولَهُ أَدَاتانِ هُما "وَا" و"يَا" وَلا تُسْتَعْمَلُ الثَّانِيَةُ إِلاَّ عِنْدَ وُضُوحِ أَنَّها للنُّدْبَةِ.
237- الْمَنْدُوبُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَماً، أو مضافا إلى مَعْرِفَةٍ، أو اسْماً مَوْصُولاً مَشْهُوراً بِصِلَتِهِ خَالِياً مِنْ ألْ1.
238- يجُوزُ لكَ في الْمَنْدُوبِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ: أَنْ تُعَامِلَهُ مُعامَلة الْمُنَادَى غَيْرَ الْمَنْدُوبِ، أَوْ أَنْ تَزِيدَ عَلَى آخِرِهِ أَلفاً، أَوْ أَنْ تَزِيدَ بَعْدَ هَذِهِ الأَلِفِ هاء السكت عند الوقف.
__________
1 يرى النحاة أن شرط التعريف في المندوب خاص بالمتفجع عليه، أما المتوجع منه فيجوز أن يكون نكرة.

(2/459)


أسئلة:
1- الندبة, ما هي؟ وما معنى المتفجَّع عليه؟ وما معنى المتوجَّع منه؟
2- ما أَدوات النِّداء الخاصة بالندبة؟
3- ما شروط المندوب؟
4- ما الأوجه الجائزة في المندوب؟
تمرين 1:
- اندُب الأسماء الآتية، مستوعباً صُور الندبة الثلاث:
محمد, معاوية, فاتح القادسية, مقاتل المرتَدِّين, من بني بغدَاد, أبو عبيدة, من جمع القرآن.
تمرين 2:
1- اُنْدُب ثلاثة أسماء من الأعلام بصور الندبة الثلاث.
2- اُنْدُب ثلاثة أسماء من المضاف بصور الندبة الثلاث.
3- اُنْدُب اسماً موصولاً بصور الندبة الثلاث.
تمرين 3:
أ- نموذج في الإعراب:
1- وَا صَخْرَاهْ.
وا: حرف نداء ونُدْبة.

(2/460)


صخراه: منادى مندوب مبني على الضم المقدر بسبب الفتح المناسب لألف الندبة، والألف للندبة؛ والهاء للسكت.
2- يَا قلباه.
يا: حرف نداء وندبة.
قلباه: منادى مندوب، منصوب، وقلب مضاف وياء المتكلم المحذوفة لالتقائها ساكنة مع ألف الندبة مضاف إليه، والألف للندبة، والهاء للسكت.
ب- أعرب ما يأتي:
1- وا حسين.
2- وا أَبا بكراه.
3- وا حرَّ قلباه.
4- وا كبداه.
تمرين 4:
- اشرح القطع الشعرية الآتية، وأعرب الأبيات التي تشتمل على ندبة فيها:
1- قال أحمد بن عبد ربه يرثي ابناً له:
وا كبدَا قَدْ تقطَّعَتْ كبدِي ... وحرقتْها لواعج الكَمِد1
مَا مَات حَيٌّ لِمَيِّتٍ أَسَفاً ... أَعْذَرُ مِنْ وَالدٍ عَلَى وَلدِ
يا رحمةَ اللهِ جاوِرِي جَدثا ... دفنت فيهِ حُشَاشَتي بَيدِي2
ونوِّري ظُلمَةَ القُبُورِ علىَ ... مَنْ لمْ يَصِلْ ظلمُهُ إلى أحد
__________
1 اللواعج: جمع لاعج وهو المحرق المؤلم، والكمد: الحزن الشديد.
2 الجدث: القبر، والحشاشة: بقية الروح في المريض أو الجريح.

(2/461)


مَنْ كانَ خِلْوا مِنْ كلِّ بائِقَةٍ ... وَطَيِّبَ الرُّوحِ طاهرَ الجَسَدِ1
2- وقال أيضاً:
إذَا ذكرتُكَ يوماً قلت وا حزنا ... وما يَرُدُّ عَلَيْكَ القول وا حزنا2
يا سَيِّدِي وَمِزاجَ الروحِ في جَسَدِي ... هلَّا دَنا المَوْتُ مني حين منك دَنا
يا أطيْبَ الناس رُوحاً ضمَّه بَدنٌ ... اسْتَوْدِعُ الله ذاك الرُّوح والبَدَنَا
لوْ كنتُ أُعطَى بِهِ الدُّنيا مُعَاوَضَةً ... مِنْهُ لَمَا كانت الدنيا له ثَمَنَا
3- وقال عبد الله بن الأهتم يرثي ابناً له:
دعوتك يا بُنَيَّ فلمْ تُجِبْنِي ... فرُدَّت دَعْوَتي يأْساً عَلَيًّا
بَموْتِك ماتت اللذاتُ مِنِّي ... وكانَت حيَّةً ما دُمْتَ حَيَّا
فَيا أسَفَا عَلَيْكَ وَطُولَ شَوْقِي ... إليك لوان ذلك رَدَّ شيَّا
4- وقال أعرابي يرثي ابناً له:
يا قرةَ العينِ كنْتَ لِي سَكَناً ... في طُول لَيْلِي -نَعمْ- وَفي قِصَره3
شربتَ كأساً أبُوكَ شاربها ... لا بد يَوْماً لهُ على كِبَرِه
__________
1 البائقة: الشر.
2 أي: إني ليشتد ألمي حين أذكرك, ولكن البكاء وقولي: وا حزنا لا يفيد ولا يجدي.
3 السكن: ما تسكن إليه وتستريح له.

(2/462)


الاسْتِغَاثَة:
الأمثلة:
أ- يا لَرجلِ المروءةِ لِلْبائسين!
يا لَلْحُكَّامِ مِن الْغَلاء!
يا لمَحمد ويا لَعلي لِلْيتَامى!
يا لَلْكرام ولِلْمحسنين!
ب- يا لَلحرِّ!
يا لخَصبِ مصْرَ!
يا لَلأَزْهَارِ وَيَا لَلأَثْمَارِ!
يا لَلزِّحَامِ ولِلْجلبة!
البحث:
إذا أصابك ما لا قبل لك بدفعه، أو نزلت بغيرك كارثة، وأردت أن تستنجد بمن يستطيع دفعها وتخفيف ويلاتها، ناديته مستغيثاً به فقلت: "يَا لَرَجل المروءة" ويسمى المنادي "مستغاثاً به" ويسمى الاسم الدال على من أَصابته شدة، أو الدال على الشدة نفسها "مستغاثا من أجله".
والمستغاث به في الحقيقة منادى، فيكون علماً، ومضافاً، وشبيهاً به، ونكرة مقصودة، ولا يكون نكرة غير مقصودة؛ لأنه من غير المفهوم أن تستغيث بمن لا تَقْصد، ويخالف المنادى أيضاً في أنه قد يكون محلىًّ بأل.
وإذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأَيت لاماً داخلة على المستغاث به وهذه اللام حرف جر؛ وهي ومجرورها متعلقان بيا؛ لأنها هنا بمعنى "ألتجئ".
وإذا رجعت النظر إلى هذه الأمثلة رأيت للاستغاثة مع اللام أساليب ثلاثة، فقد يكون المستغاث به غير معطوف عليه كما في المثال الأول والثاني، وقد يكون معطوفاً عليه مع تكرار "يا" كما في المثال الثالث، وقد

(2/463)


يكون معطوفاً عليه من غير "يا" كما في المثال الرابع، أما المستغاث لأجله فقد يذكر مجروراً باللام كما في المثال الأول، أو بمن كما في المثال الثاني، وقد لا يذكر.
وإذا نظرت إلى لام المستغاث به في الأمثلة، رأيتها مفتوحة دائماً حينما تسبقها "يا" فإن سبقتها واو العطف من غير تكرار "يا" كسرت، كما في المثال الرابع، أما لام المستغاث لأجله فمكسورة دائماً, وهي مجرورها متعلقان "بيا" كما تعلق بها المستغاث به ولامُه.
وإذا تأملت أمثلة الطائفة الثانية لم تجد مُسْتَغاثاً بهِ ولا مستغاثاً لأجله، ولكنك تجد أساليب على صورة الاستغاثة، يقصد بها التعجب من شدة الشيء أو كثرته، ففي المثال الأول تعجبٌ من شدة الحر، وفي المثال الثالث تعجبٌ من كثرة الأزهار والأثمار، ويسمى المنادى في هذه الصورة "متعجباً منهُ" وهو يُشْبه المستغاث بهِ في جميع أحكامه كما ترى في الأمثلة.
وإذا نظرت في الأمثلة جميعها إلى أداة النداء الداخلة على المستغاث به أو المتعجب منه، رأيت أنها "يا" دائماً.
ويجوز أن يأتي المستغاث به والمتعجب منه غير مجرورين باللام بأن يبقيا على حالهما كما لو كانا مناديين، نحو: يا محمدُ، ويا حرُّ، أو أن يختما بألف نحو: يا محمداً ويا حرَّا، وهذه الألف لا تجتمع هي ولام المستغاث به أو المتعجب منه.
القواعد:
239- الاسْتِغاثَةُ نداءُ مَنْ يُعين عَلَى دَفْع شِدَّة، وأدَاتُهَا "يا" دُونَ بَقِيَّةِ أَحْرُفِ النِّدَاء.

(2/464)


ويُجر الْمُسْتَغَاثُ بِهِ بِلاَمٍ مَفْتُوحَةٍ، إِلاَّ إِذَا كانَ مَعْطُوفاً وَهُوَ غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِيَا فَتُكْسَرُ.
ويُجر الْمُسْتَغَاثُ لأَجْلِهِ بِلاَمٍ مَكْسُورَةٍ أوْ بِمِنْ, وَالْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ كالْمُسْتَغَاثِ به في جميع أَحْوَالِهِ1.
240- يَجُوزُ في المستغاث به والمتعجب مِنْهُ أن يَبْقَيَا على حالهما كما لو كانا مناديين, وأَنْ يُخْتَما بِأَلِفٍ زَائِدَةٍ.
أسئلة:
1- ما الاستغاثة؟ وما أداة النِّداء الخاصة بها؟
2- متى تُفتح لام المستغاث به؟ ومتى تُكسر؟
3- ما حركة لام المستغاث لأجله؟
4- ما الحروف التي يجرُّ بها المستغاث لأجله؟
5- ما الفرق في المعنى بين المستغاث به، والمتعجب منه؟
6- بأي شيء يتعلق الجار والمجرور في المستغاث به، والمتعجب منه، والمستغاث لأجله؟
7- ما أحوال المستغاث به، والمتعجب منه؟
__________
1 إذا وقفت على المستغاث به, أو المتعجب منه في الحال الأخيرة جاز أن يلحقهما هاء السكت، فتقول: يا محمداه.

(2/465)


نموذج:
في بيان المستغاث به، والمستغاث لأجله، والمتعجَّب منه، وحركةِ اللام الداخلة على كل منها فيما يأتي
يا للمحسنين للفقراء! يا أغنياء للبائسين! يا للعواطف! يا لرجال الإسعاف وللأطباء للمصابين! يا للوعَّاظ ويا للخطباء لفُشُوِّ الرذيلة! يا قوماً من قلة المصانع! يا لجمال الطبيعة!
الاسم نوعه حركة لامه, وسببها
يا للمحسنين مستغاث به الفتح لأنها مسبوقة بيا.
للفقراء مستغاث لأجله الكسر
يا أغنياء مستغاث به
للبائسين مستغاث لأجله الكسر
يا للعواطف متعجب منه الفتح لأنها مسبوقة بيا.
يا لرجال مستغاث به الفتح لأنها مسبوقة بيا.
وللأطباء مستغاث به الكسر لأنها غير مسبوقة بيا.
للمصابين مستغاث لأجله الكسر
يا للوعاظ مستغاث به الفتح لأنها مسبوقة بيا.
ويا للخطباء مستغاث به الفتح لأنها مسبوقة بيا.
لِفُشُوّ مستغاث لأجله الكسر.
يا قوماً مستغاث به
من قلة مستغاث لأجله
يا لجمال متعجب منه الفتح لأنها مسبوقة بيا.

(2/466)


تمرين 1:
- بين المستغاث به، والمتعجب منه، والمستغاث لأجله، وحركةَ اللام في الأمثلة الآتية:
يا لَعِظم ثواب المتصدِّق! يا لعُمال التنظيم لكثرة الأوحال! يا لرجال المال ويا لرجال الأعمال لقلة المشروعات النافعة! يا لحُسْن الشِّعر ويا لسحْر البيان! يا حُفَّاظَ الأمن لكثرة الجرائم! يا لرجال الزراعة من آفات القطن.
تمرين 2:
- استغث بمن يأتي بصور الاستغاثة التي تعرفها، مع ذكر مُسْتغاث من أجله:
الأطباء رجال المطافئ الشرْطيُّ الخفراء
رجال الري حماة القانون الأغنياء الكرماء
تمرين 3:
- تعجب مما يأتي بصور التعجب التي تعرفها:
جمال الجو سرعة الطيارة شدة البرد البحر المكر الخديعة
تمرين 4:
- ضع مستغاثاً في المكان الخالي:
1-.......... من السرقات.
2-.......... من كثرة الغبار.

(2/467)


3-.......... من دودة القطن.
4-......... من سوء حال العمال.
5-......... للفقراء.
6-........... للمنكوبين بالحريق.
7-........... من تحكُّم التجار.
8-........ قلة المصانع.
9-......... للمتعطلين.
10-........ للعَجَزَة.
11-........ للأمّيين.
12-......... لمن دَهَمَهم السيل.
تمرين 5:
- هات ثلاثة أمثلة للاستغاثة، مع ذكر المستغاث لأجله، وثلاثة أمثلة مختلفة للمتعجب منه.
تمرين 6:
أ- نموذج في الإعراب:
يا لأهل الخير للبائسات!
يا: حرف نداء واستغاثة.
لأهل: اللام حرف جر واستغاثة، وأهل مجرور باللام، والجار والمجرور متعلقان بيا المُضَمَّنة معنى ألتجئ.
الخير: مضاف إليه مجرور.
للبائسات: جار ومجرور متعلقان بيا.
ب- أعرب الجمل الآتية:
1- يا لَلْقاضي من شاهد الزور!

(2/468)


2- يا للعلماء ويا للأدباء!
3- يا للعادلين ولِلْمنصفين من الجَوْر!
تمرين 7:
أ- اشرح معنى البيتين الآتيين، وأعرب الأول منهما:
يا لَقومي إنَّ مِصراً ترْتجي ... من بَنيهَا عملاً يَرْفعُها
فانهَضوا للمَجدِ واسمُوا للعُلاَ ... إِنما موضِعُكم مَوْضعُها
ب- قال عُبيد الله الْجُعْفِيُّ يرثي الحسين بن علي -رضي الله عنه:
فيا لكِ حَسرةً ما دمتُ حيا ... تردَّدُ بينَ حلقي والتراقي1
حُسينا حين يَطلبُ بَذل نَصري ... على أهل العداوة والشِّقاق2
ولو أنِّي أواسيه بنفسي ... لَنِلْتُ كرامةً يوم التَّلاقي
معَ ابن الْمصطفى نفسي فِدَاهُ ... فَيا لله منْ أَلمِ الفراق
- اشرح الأبيات السابقة، وأعرب كل بيت فيه استغاثة.
__________
1 التراقي: جمع ترقوة, وهي عظم في أعلى الصدر.
2 حسينا: مفعول بفعل محذوف, والتقدير "اذكر" حسينا.

(2/469)


الوقف:
القسمُ الأول:
الأمثلة:
1- المَالُ آلَةُ المكارمْ.
صُنْ عَن الْقَبِيحِ نفسَكْ.
التَّطَلُّعُ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاس هَوَان.
اِعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كأَنَّكَ تعيشُ اَبَدَا.
2- يَسْعَدُ بالحياة الراضِي أو الراضْ.
لا يخيبُ جُهْدُ مُجدٍّ ساعْ أَوْ ساعِي.
يَكْرَهُ النَّاسُ الظَّالِمَ والباغِي.
كَفى بِكَ دَاءً أَنْ تَرَى المَوْتَ شافيَا.
3- السَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.
لِكُلِّ بِدَايَةٍ مُنتهَى.
4- سَمِعْتُ النُّصْحَ ورعيتُهْ.
قُلِ الحَقَّ وَتَمَسَّكْ بِهِ.
تمسكت مِنَ الشَّرِيعةِ بآدَابِها.

(2/470)


5- كثيرا ما تكون الأَمانِيُّ كاذبهْ.
يَبُقَى الأمل ما بقيت الحياهْ.
بأَبيها تُعجَب كُلُّ بنتْ.
بِالْعِلْمِ نهَضَتِ الأَمَم وسادتْ.
تَفْخَرُ الشُّعُوبُ بِنِسَائِها المتعلماتْ.
البحث:
كلنا يعرف أن الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، فإذا كانت الكلمة ساكنة الآخر في أصل وضعها وقف عليها كما هي، وإن كان آخرها متحرّكاً سُكن عند الوقف؛ ولهذا الإجمال تفصيل نشرحه فيما يأتي:
تأمل الطائفة الأولى تجد أن أواخر الكلمات الأخيرة فيها ليست ساكنة بأصل وضعها، وأن هذه الكلمات إما منونة وإما غير منونة، وأَننا عند الوقف سكّنا المتحرِّك غير المنون، أما المنون فمنه ما هو منصوب كما في المثال الرابع، ومنه ما هو غير منصوب كما في المثال الثالث، وقد حذف التنوين وسُكن الآخر في غير المنصوب عند الوقف وقُلب التنوين ألفاً في حالة النصب.
وإذا نظرت إلى الطائفة الثانية رأيت كل مثال منتهياً باسم منقوص، ورأيت من الأمثلة أنه يجوز في الوقف على المنقوص في حالة الرفع والجر إثبات الياء وحَذفها، سواء أكان معرفة أم نكرة، غير أن الغالب إثباتها في المعرفة وتركها في النكرة؛ أما في حالة النصب فالإثبات واجب في النكرة والمعرفة على حدّ سواء.
أما أمثلة الطائفة الثالثة فينتهي كل منها باسم مقصور، وإذا تأملته عند

(2/471)


الوقف رأيت ألفه ثابتة في كل حال, وأن المنّون منه حذف تنوينه.
وإذا بحثت في الطائفة الرابعة، رأيت الكلمات الأخيرة فيها منتهية بهاء الضمير، وأن هذه الهاء في الأمثلة مضمومة، أو مكسورة، أو مفتوحة، وإذا وقفتَ على هذه الهاءِ رأيت أنك تحذف إِشباعها حينما تكون مضمومة أو مكسورة.
وعند البحث في الطائفة الخامسة ترى الكلمات الأخيرة فيها منتهية بتاء التأنيث، وترى أن هذه التاء مرة قلبت هاء عند الوقف، وأخرى بقيت كما هي، وإذا تأملتها في الحال الأولى رأيتها في الكلمتين: "كاذبة" و"الحياة" هاء، وكلاهما اسم ليس بجمع مؤنث سالم ولا ملحق به، وقبل تاء التأنيث في الاسم الأول متحرك، وقبلها في الاسم الثاني ألف، وهكذا تقلب تاء التأنيث هاء في كل ما يشبه هذين الاسمين، أما تاء التأنيث في المثال الثالث فلم تقلب هاء؛ لأن ما قبلها ساكن غير ألف، وكذلك لم تقلب في المثال الرابع؛ لأنها ليست في اسم بل في فعل، كما أنها بقيت تاء في المثال الخامس؛ لأنها في جمع مؤنث سالم.
القواعد:
241- الْوَقْف: قطع النطق عند آخِرِ الْكلمَة.
242- تُتَّبَع عند الْوقْفِ الأحْكامُ الآتيةُ:
أ- إذا كان آخِرُ الكلمَةِ سَاكِناً بَقيَ عَلَى سُكونِهِ, وَإِنْ كانَ مُتَحَرِّكاً سُكِّنَ، وهذِهِ هِيَ القاعدة العامة في الْوَقْفِ.
ب- إِذَا كانَتِ الكلمَةُ مُنَوَّنَةً حُذف تَنْوِينُها في الرَّفْعِ وَالجَرِّ، وقُلب أَلِفاً فِي النَّصْبِ.
ج- يجُوزُ فِي المَنْقُوصِ المَرْفُوعِ وَالمَجْرُورِ إِثْبَاتُ الْيَاءِ وَتَرْكُهَا، سواء أكان معرفة أم نكرة، غير أن الغالب إثباتها في المعرفة وتركها في النكرة، أما في حالة النصب فيَجِبُ إِثْباتُها، سَوَاءٌ أَكانَتْ مَعْرِفَةً أَمْ نَكِرَةً.

(2/472)


د- تثبُت أَلِفُ المَقْصُور في جميع الأَحْوالِ.
هـ- يُحذف إِشبَاعُ هَاءِ الضَّمِيرِ إِذَا كانَتْ مَضْمُومَةً أَوْ مكسورَةً، أَمَّا المَفْتُوحَةُ فَيبْقَى إِشْبَاعُها.
و تُقلَبُ تَاءُ التَّأنِيثِ هَاءً إِذَا كانَ ما قَبْلَها مُتَحَرِّكاً أَوْ أَلِفاً في اسْمٍ لَمْ يَكنْ جَمْعَ مُؤنَّثٍ سَالماً, وَلاَ مُلْحَقاً بِهِ.
أسئلة:
1- ما الوقف؟ وما القاعدة العامة فيه؟
2- كيف تقف على المنون رفعاً، ونصباً، وجراً؟
3- متى يجوز إثبات ياء المنقوص، وحذفها عند الوقف؟ ومتى يجب إبقاؤها؟
4- كيف تقف على المقصور؟
5- كيف تقف على هاءِ الضمير؟
6- متى تُقلب تاء التأنيث هاء عند الوقف؟
تمرين 1:
- اِقرأ العبارة الآتية, وقف عند كل علامة, وقف وبين السبب.
قال الأحنفُ بنُ قَيْس: كثرةُ الضحكِ تُذهب الهيْبَة، وكثرة المُزاح تُذهب المُروءة, ومَنْ لزِمَ شيئاً عُرف به.
وقيل: إنَّ من دلائل النبل العفَو عن الجاني، والبذل في غير مُرَاءاة, والصبرَ عند النائبات, وأن يُرَى المرء شاكرا شاكياً, قانعاً لا ساخطاً, وأن يصدُر في أعماله عن روية وأناة, يَزينه أدبُه, ويسمو به شرفه, ذلك هو الفتى, هو ذُخُر

(2/473)


أمته ومَعقد آمالها, بلغ من الفضلِ مداه, ومن المجد أقصاه.
تمرين 2:
- ضع كل كلمة من الكلمات الآتية في آخر جملة, ثم قف عليها:
المحاباة, المهذبات, الفتاة, كتاباً, المجِدَّة, نبيلة, المنشودة, غرستُه, شجرة, الراجي, ثوبها, سار, العلا, نائياً, عصا
تمرين 3:
- اقرأ الشعر الآتي وبيِّن الطريقة التي اتبعت في الوقف على أواخر أبياته، مع بيان السبب:
قالت أعرابية ترثي ولدها, وكان قد رحل عنها ولم يَعُدْ:
طافَ يَبغي نجوَةً ... مِنْ هلاكٍ فَهلك1
لَيْت شعْرِي ضَلَّة ... أَيُّ شيءٍ قتلك2؟
أمريض لم تَعُدْ؟ ... أمْ عَدُوٌّ خَتلك؟
والمَنَايا رصدٌ ... للفتى حيث سلك
أيُّ شيءٍ حَسنٍ ... لفتى لَمْ يَكُ لك؟
كل شيء قاتلٍ ... حِين تلْقى أجلك
إنَّ أمْراً فادحاً ... عَنْ جَوَابي شَغَلك3
سأُعَزِّي النَّفْس إذ ... لم تُجب من سألك
__________
1 النجوة: النجاة.
2 ضلة: ضلالة.
3 الفادح: الأمر العظيم.

(2/474)


ليْتَ قَلبي ساعَةً ... صبْره عَنْكَ مَلك؟
لَيْتُ نَفسي قُدِّمت ... للمنايا بذلك؟
تمرين 4:
- اشرح الأبيات الآتية، ووضح الطريقة التي اتبعت في الوقف على أواخرها، مع ذكر السبب:
1- قال أعرابي يرثي أخاه:
أخ وأب بَرٌّ وإِمٌ شَفيقةٌ ... تَفَرَّق في الأبْرَارِ مَا هوَ جامعُهْ1
سلوتَ به عن كل ما كَانَ قَبْلَهُ ... وأَذْهَلني عَنْ كُلِّ مَنْ هُوَ تابعُهْ
2- وقال آخر:
لاَ يُعْجِبَنَّكَ حُسْنُ القصْر تَنزِله ... فَضيلةُ الشمس ليستْ في منازِلها
لَوْ زِيدتِ الشَّمسُ في أَبراجِهَا مائةً ... مَا زَادَ ذَلكَ شَيئاً في فضَائِلَها
تمرين 5:
- اشرح الأبيات الآتية، وبين كيف تقف على آخر كل بيت، مع بيان السبب:
1- قال أبو الطيب المتنبي:
إِذَا الجُودُ لَمْ يُرزق خَلاَصاً مِنَ الأذى ... فَلاَ الْحَمْدُ مَكْسُوباً ولا المال باقيا2
ولِلنَّفْسِ أخلاقٌ تَدُلُّ عَلَى الفتى ... أَكان سَخَاءً مَا أَتى أم تساخيا3
__________
1 أخ: خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو أَخٌ وأَبٌ وإِمٌ.
2 المراد بالأذى: المن بالنعمة.
3 أتى: فعل، والتساخي: تكلف السخاء.

(2/475)


1- وقال ابن سناء الملك:
وأظمأُ إِنْ أَبْدَى لِيَ الماءُ مِنَّةً ... وَلَوْ كانَ لي نَهْرُ الْمَجَرَّةِ مورِدَا1
وَلَوْ كان إدْراكُ الهُدَى بِتَذَلُّلٍ ... رأيتُ الهُدَى أَلَّا أميلَ إلى الهدى
__________
1 المجرة: رقعة واسعة في السماء, تشبه المكان المتسع من النهر، والمراد المكان الذي يرده طلبا للماء.

(2/476)


القسمُ الثاني:
الوَقْفُ بهَاءِ السَّكْت
الأمثلة:
1- لا تُخلف وفِهْ.
اِعْمَل وَلا تَنِهْ.
بِالصَّالِحِينَ اقتَدِهْ أَوْ اقتَدْ.
غَامَتِ السَّماءُ وَلَمْ تصْفُهْ أَوْ تصْفُ.
2- غَضبَ وَلا أَدْرِي بِمُقْتَضى مَهْ.
إلامَ التَّوَانِي إلى مَهْ أَوْ إلامْ.
3- رَضِيتُ بنصيبِيَهْ أَوْ بنصيبِي.
جِئْتُ وَلاَ تَسَلْ كيفَهْ أَوْ كيفْ.
البحث:
في آخر كل مثال من أمثال الطائفة الأولى فعل معتل الآخر حُذف آخره لِبناء الأمر أَوْ جَزْم المضارع، وإذا تأملت الفعلين المعتلين الأولين وجدتَ أن الباقي من كلّ منهما بعد الحذف حرف واحد أصلي، أما الفعلان الأخيران فالباقي من كل منهما أكثرُ من حرف أصلي، وإنك لتستطيع أن تدرك من الأمثلة أن الوقف على الفعلين الأولين وكذلك ما جاء على

(2/477)


شاكلتهما يجب أن يكون باجتلاب هاء ساكنة في الآخر تسمى "هاء السكت"، أما الفعلان الأخيران فلك أن تقف عليهما بهذه الهاء، ولك أن تقف بتسكين الآخر، ولكن الوقف بالهاء أولى، وكذلك الشأن في كل فعل من هذا النوع.
أنظر إلى المثالين في الطائفة الثانية تجد كلاًّ منهما مختوماً بما الاستفهامية المحذوفة الألف لمجيئها مجرورة بمضاف أو حرف جر، وإنك لتستطيع من تدبر المثالين أن تدرك أن الوقف على المجرورة بالمضاف إنما بكون بهاء السكت ليس غير، أما المجرورة بالحرف فيكون الوقف عليها بهاء السكت أو التسكين، والأول أولى.
تأمل مثالي الطائفة الثالثة تجد آخر كل منهما كلمة متحركة بحركة بناء لازمة1, وتر أنك عند الوقف عليها تختار بين أمرين هما: اجتلاب هاء السكت أو التسكين، وهكذا يكون الوقف على كل كلمة من هذا النوع ما عدا الفعل الماضي.
القاعدة:
243- من المواضع التي يُوقَف فِيهَا بِهَاءِ السَّكْتِ ما يأْتِي:
أ- الفِعْلُ الْمَحْذُوفُ الآخِرِ لِجزْمِ الْمُضَارِعِ أَوْ بِنَاءِ الأَمْرِ، وَالْوَقْفُ بِهاءِ السَّكتِ هُنَا وَاجِبٌ إِنْ بقي من الفعل بعد الحذف حرف وَاحِدٌ أَصْلِيّ، فَإِنْ بِقِيَ حَرْفَانِ أَصْلِيّان أَوْ أَكْثَرَ جازَ الوقف بهاء السكت وَجازَ التَّسْكِينُ، ويُستحسن الأَوَّلُ.
ب- مَا الاسْتِفْهامِيَّةُ إِذَا حُذفت أَلِفُهَا لِلْجَرِّ، وَيَكونُ اجْتِلابُ الْهَاءِ لِلوَقفِ
__________
1 المراد بحركة البناء اللازمة ما ليست عارضة، كحركة بناء المنادى واسم لا النافية للجنس, فإن حركة البناء في كل منهما عارضة.

(2/478)


وَاجِباً إنْ كانتْ "مَا" مَجرُورةً بِالْمُضَاف، أما المجرورة بالحرف فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا بهاء السكت أو التَّسْكِينِ، وَالْمُخْتارُ الأوَّلُ.
ج- كُلُّ مُتَحَرِّك بِحَرَكَة بناءٍ أَصْلِيَّةٍ إِلاَّ الْفِعْلَ الْمَاضي، وَهُنَا يَجُوزُ الوَقفُ بِهَاء السكت أو التسكين.
أسئلة:
1- ما حكم الفعل المعتل الآخر المحذوفة لامه عند الوقف؟
2- ما حكم ما الاستفهامية إذا جُرَّت وأردتَ الوقف عليها؟
3- كيف تقف على الكلمات المتحركة بحركة بناء لازمة؟
4- متى يجب أن تلحق هاء السكت آخرَ الكلمة عند الوقف؟ ومتى يجوز؟
5- ما المواضع التي يطَّرد فيها الوقفُ بهاء السكت؟
تمرين 1:
- أدخل كل حرف من الحروف الآتية على ما الاستفهامية في جمل تامة, ثم قف عليها:
من, إلى, عن, في, لام الجر.
تمرين 2:
- أدخل "لم" على مضارع الأفعال الآتية, ثم قف على كل مضارع:
وقى, وفى, وعَى, وشى, ولَى, وهى

(2/479)


تمرين 3:
- أيجوز أن تلحق هاء السكت عند الوقف آخر الكلمات الآتية؟ بيِّن السبب:
كتابي قلمك أنت هي ثم
الهرمان أمسِ إياك هو المؤمنون
تمرين 4:
- اقرأ الشعر الآتي، ووضح الطريقة التي اتبعت في الوقف على آخر بيت من أبياته، مع بيان السبب:
1- قال يحيى بن خالد البَرْمكي من قصيدة يَسْتَعْطِفُ بها الخليفة هارون الرشيد:
يَا كَمَنْ يَوَدُّ ليَ الرَّدَى ... يَكْفيك منِّي مَا بيَه
يَكْفيكَ ما أَبصَرْتَ من ... ذُلِّي وَذُلِّ مكانِيه
يَا عَطْفَةَ الملك الرِّضا ... عُودي عَلَيْنَا ثانِيه
2- قال عبيد الله بن قَيْسِ الرّقيَّاتِ:
بَكَرَ العواذلُ في الصَّبا ... حِ يَلُمْنَنِي وألومُهُنَّه1
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ علاك ... وَقَدْ كَبِرْت فَقُلْتُ إِنّه2
لا بد من شَيْبٍ فَدَعْـ ... ـنَ وَلا تُطلن ملامَكُنَّه
__________
1 بكر العواذل: جئن مبكرات، يلمنني أي: على اللهو، وألومهنه أي: على كثرة لومهن إياي.
2 إنه: إن حرف جواب بمعنى نعم.

(2/480)