توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك

الفصل الثاني:
اعتماد المرادي على السماع:
ومن الأمثلة ما يلي:
مسألة "1":
في باب المعرب والمبني, بعد قول الناظم:
وقصرها ما نقصهن أشهر
قال بعد الشرح: "وذهب الفراء إلى أن وزن أب وأخ وحم فعل بالإسكان. ورد بسماع قصرها وبجمعها على أفعال".
مسألة "2":
في باب الضمير, بعد قول الناظم:
غيري اختار الانفصالا
بعد الشرح قال: "وهم الأكثرون ومنهم سيبويه ووجهه أن الضمير في البابين خبر في الأصل وحق الخبر الانفصال، وكلاهما مسموع".
مسألة "3":
في باب العلم, بعد قول الناظم:
ومثله برة للمبره ... كذا فجار علم للفجره
بعد الشرح قال المرادي في تنبيه له: "لما كان لعلم الجنس خصوص من وجه وشياع من وجه جاء في بعضه عن العرب وجهان: إعطاؤه حكم المعارف وإعطاؤه حكم النكرات، وطريق ذلك السماع، ومن المسموع فيه الوجهان غدوة وبكرة وعشية".
مسألة "4":
في باب المبتدأ والخبر, بعد قول الناظم:
والأصل في الأخبار أن تؤخرا

(1/213)


قال: "ومنع الكوفيون تقديم الخبر إلا في نحو في داره زيد. وهم محجوجون بالسماع".
مسألة "5":
في باب المشبهات بليس, بعد قول الناظم:
وقد تلى لات وإن ذا العملا
بعد أن ذكر الخلاف في إعمال "أن" عمل "ليس" قال:
"والصحيح الإعمال، وقد سمع في النظم والنثر فمن النثر قولهم:
"إن ذلك نافعك ولا ضارك، وإن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية ... ".
والنظم قوله:
إن هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين ... "
مسألة "6":
في باب الفاعل, بعد قول الناظم:
والتاء مع جمع سوى السالم من ... مذكر كالتاء مع إحدى اللبن
بعد الشرح المطول قال:
"وأما جمع المذكر السالم فلا يجوز إلحاق التاء معه إذا لم يسمع، ولذلك استثناه خلافا للكوفيين فأجازوا الوجهين في الجموع الثلاثة".
مسألة "7":
في باب الاستثناء بعد قول الناظم:
وقيل حاش وحشا فاحفظهما
قال: "وقد سمع الاستثناء بحشى في قوله:
حشا رهط النبي فإن منهم ... بحورا لا تكدرها الدلاء
ولم يسمع بحاش".

(1/214)


في الإضافة, بعد قول الناظم:
وذي الإضافة اسمها لفظيه ... وتلك محضة ومعنويه
بعد الشرح قال في تنبيهات له:
"الأول: ذهب ابن برهان وابن الطراوة إلى أن إضافة المصدر إلى مرفوعه أو منصوبه غير محضة، والصحيح أنها محضة، لورود السماع بنعته بالمعرفة كقوله:
إن وجدي بك الشديد أراني ... عاذرا فيك من عهدت عذولا
مسألة "9":
في باب الإضافة, بعد قول الناظم:
ومن بني فلم يفندا
بعد الشرح قال:
"وقد ورد السماع بالبناء قبل الجملة الاسمية في قوله:
على حين الكرام قليل
فإنه روي بالفتح".
ومن الأمثلة على القياس:
وقل ميوله إلى القياس.
ومن الأمثلة:
مسألة "1":
في باب المشبهات بليس:
قال:
"ما النافية حرف مهمل عند بني تميم، وهو القياس، لعدم اختصاصه".
مسألة "2":
في باب المفعول فيه, بعد قول الناظم:

(1/215)


وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر
بعد الشرح قال:
"وكثير في الزمان نحو: "كان ذلك خفوق النجم وطلوع الثريا" أي: وقت خفوق النجم، ووقت طلوع الثريا، وكثرته تقتضي القياس عليه".
مسألة "3":
في باب المفعول معه, بعد قول الناظم:
ينصب تالي الواو مفعولا معه ... في نحو سيري والطريق مسرعه
قال:
"وهذا الباب مقيس على الأصح وقد فهم ذلك من قوله: "نحو"".
ميوله للبصريين:
لاحظت أن المرادي يميل إلى المذهب البصري وكثيرا ما يرجحه ويصححه، ويعلل لذلك، ولكثرته رأيت أن أذكر بعض الأمثلة.
مسألة "1":
في باب المعرب والمبني, بعد قول الناظم:
كلتا كذاك اثنان واثنتان
قال في تنبيهات له -في الثاني منها:
"ما تقدم من أن كلا وكلتا مفردا اللفظ مثنيا المعنى هو مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى أنهما من قبيل المثنى لفظا ومعنى.
ويرده أمور منها الإخبار عنهما في الكلام الفصيح كما تقدم".
مسألة "2":
في باب إن وأخواتها, بعد قول الناظم:
بعد إذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمي

(1/216)


بعد الشرح المطول قال:
" ... قد حكي عن الكوفيين تفضيله على الكسر في هذا المثال وعن بعضهم تفضيل الكسر عليه، ومذهب البصريين أن الكسر لازم، وهو صحيح".
مسألة "3":
في باب التنازع بعد قول الناظم:
والثان أولى عند أهل البصره ... واختار عكسا غيرهم ذا أسره
قال: فقال البصريون: إعمال الثاني أرجح لقربه، وقال الكوفيون إعمال الأول أرجح لسبقه ... والصحيح مذهب البصريين.
لأن إعمال الثاني هو الأكثر وإعمال الأول قليل. نقل ذلك سيبويه عن العرب.
مسألة "4":
في باب المفعول المطلق, بعد قول الناظم:
وكونه أصلا لهذين انتخب
بعد أن ذكر الخلاف بين البصريين والكوفيين في الأصالة قال:
"والصحيح مذهب البصريين؛ لأن الفرع لا بد فيه من معنى الأصل وزيادة والفعل يدل على الحدث والزمان".
من الأمثلة التي رجح فيها المذهب الكوفي:
ورجح المرادي المذهب الكوفي وصححه وهذا قليل.
من ذلك:
مسألة "1":
في باب الموصول, بعد قول الناظم:
والنون إن تشدد فلا ملامه

(1/217)


بعد الشرح قال المرادي:
"وأما مع الياء فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون، وهو الصحيح، لقراءة ابن كثير: "ربنا أرنا اللَّذينِّ أضلانا" بالتشديد".
مسألة "2":
في باب الموصول, بعد قول الناظم:
أي كما وأعربت ما لم تضف ... وصدر وصلها ضمير انحذف
في قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} .
قال: وذهب الكوفيون: إلى أن أيهم علق عنه شيعة بما فيه من معنى الفعل كأنه قيل: لننزعن من كل متشيع في أيهم أشد ...
وقال ابن الطراوة: غلطوا، ولم تبن إلا لقطعها عن الإضافة، وهم مبتدأ وأشد خبره، وليس بشيء لأنها لا تبنى إلا إذا أضيفت ولأن "أيا" أتت في رسم المصحف موصولة بالضمير ولو كان مبتدأ لفصل".
مخالفته لآراء النحاة:
ولاحظت أن المرادي في شرحه كثيرا ما كان يخالف النحاة في آرائهم ويعلل للمخالفة.
مسألة "1":
في باب الكلام, بعد قول الناظم:
......... يلي لم كيشم
قال المرادي:
"والعامة يفتحون عين الماضي ويضمون عين المضارع. قال ابن درستويه وهو خطأ وليس كما قال, بل هو لغة حكاها الفراء وابن الأعرابي ويعقوب وغيرهم".
مسألة "2":
في باب المعرب والمبني, بعد قول الناظم:

(1/218)


وقصرها من نقصهن أشهر
في تنبيهات له ذكر الخلاف بين النحويين, ثم قال المرادي: "وذهب بعضهم إلى أن لام "حم" ياء من الحماية، لأن أحماء المرأة يحمونها وهو مردود بقوله في التثنية حموان، وفي إحدى لغاته حمو".
مسألة "3":
في باب المعرب والمبني, بعد قول الناظم:
كلتا كذاك اثنان واثنتان
قال بعد الشرح:
"وزعم البغداديون أن "كلتا" قد نطق لها بمفرد في قول الراجز:
في كلت رجليها سلامى واحده
وليس بصحيح، بل أراد "في كلتا" فحذف الألف للضرورة", ثم قال بعد ذلك: "وذهب الجرمي إلى أن التاء في "كلتا" زائدة للتأنيث، وهو ضعيف؛ لأن تاء التأنيث لا تقع حشوا ولا بعد ساكن غير الألف".
مسألة "4":
في باب الضمير, بعد قول الناظم:
وفي قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي
قال في تنبيهات له: "الأول: ذهب بعضهم إلى أن حذف النون من "قد" و"قط" لا يجوز إلا في الضرورة.
والصحيح جوازه في الاختيار".
مسألة "5":
في باب الموصول, بعد قول الناظم:
ومن وما وأل تساوي ما ذكر
بعد الشرح قال: "وزاد أبو عليّ في أقسام "من" أن تكون نكرة غير موصوفة كقول الشاعر:
ونعم من هو في سر وإعلان
والصحيح: أنها لا تكون نكرة غير موصوفة".

(1/219)


مسألة "6":
في باب المشبهات بليس, بعد قول الناظم:
وبعد ما ليس جر البا الخبر ... وبعد لا ونفي كان قد يجر
بعد الشرح قال: "ولا خلاف في زيادة الباء بعد ما الحجازية، ومنع الفارسي والزمخشري زيادتها بعد ما التميمية. والصحيح الجواز، لوجود ذلك في أشعار بني تميم".
مسألة "7":
في باب إن وأخواتها, بعد قول الناظم:
لإن أن ليت لكن لعل ... كأن عكس ما لكان من عمل
قال في "كأن" "وهي مركبة من كاف التشبيه و"أن". قبل: بلا خلاف وليس بصحيح، بل قيل: ببساطتها".
مسألة "8":
في باب ظن وأخواتها, بعد قول الناظم:
ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول
بعد الشرح قال: "ومنع ابن ملكون شيخ الشلوبين حذف أحدهما اختصارا وليس بصحيح".
مسألة "9":
في باب الإضافة, بعد قول الناظم:
ومَعَ مَعْ فيها قليل
بعد الشرح قال: "وزعم أبو جعفر النحاس: أن الإجماع منعقد على حرفيتها إذا كانت ساكنة, وليس بصحيح، بل الصحيح أنها باقية على اسميتها، وهذا مفهوم من قوله: "فيها" يعني أن الإسكان قليل في موضع الاسمية، ولو كانت المسكنة حرفا لم يكن الإسكان لغة في الاسمية".

(1/220)