حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 1 ص -71-
المعرب والمبني:
الاسم منه معرب ومبني
لشبه من الحروف مدني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب والمبني:
المعرب والمبني اسما مفعول مشتقان من الإعراب والبناء.
فوجب أن يقدم بيان الإعراب والبناء فالإعراب في اللغة مصدر
أعرب أي أبان. أي أظهر. أو أجال. أو حسن. أو غير أو أزال
عرب الشيء وهو فساده. أو تكلم بالعربية. أو أعطى العربون.
أو ولد له ولد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب والمبني:
أي من الاسم والفعل لذكره هنا المعرب والمبني من الفعل
أيضًا بقوله:
وفعل أمر ومضى بنيا
وأعربوا مضارعًا إلخ والقصر على الاسم وجعل ذكر الفعل هنا
استطراديًّا تعسف لا حاجة إليه وإن سلكه شيخنا وتبعه
البعض. قوله: "المعرب والمبني اسما مفعول إلخ" لم يضمر لأن
الترجمة للمعرب والمبني المصطلح عليهما والاشتقاق لما يعم
الاصطلاحي واللغوي ولأنهما في الترجمة بمعنى المعنى وفي
قوله المعرب والمبني اسما مفعول بمعنى اللفظ. قوله: "فوجب
أن يقدم إلخ" أي عكس ما فعل المصنف حيث أخر بيان الإعراب
بقوله والرفع والنصب إلخ ففي كلامه تلميح إلى اعتراض ابن
هشام على المصنف، وأجاب عنه سم بأنه ليس المراد هنا بيان
المعرب والمبني من حيث اتصافهما بالإعراب والبناء بالفعل
حتى يقال معرفة المشتق منه سابقة على معرفة المشتق بل، من
حيث قبولهما الإعراب والبناء وبيان سبب القبول وضابطه وذلك
لا يتوقف على بيان المشتق منه، وعلى هذا ففي تقديم بيان
المعرب والمبني على بيان الإعراب والبناء توطئة لإجرائهما
على الكلمة، لأن من عرف أولًا قابل الإعراب وغير قابله
تأتي له إجراء الإعراب على قابله ونفيه من غير قابله لأن
إجراء الإعراب على الكلمة وعدم إجرائه عليها فرعًا قبولها
وعدم قبولها فلذا بين أولًا القابل وغير القابل ثم بين
الإعراب، وقال سم فتأمله فإنه في غاية الدقة والنفاسة غفل
عنه المعترض بما ذكر. وقيل إنما قدم المعرب على الإعراب
نظرًا إلى تقدم المحل على الحال. وفي حواشي البعض أن كلام
الشارح يوهم أن المصنف أغفل الكلام على الإعراب مع أنه
سيأتي في قوله والرفع والنصب إلخ. ا. هـ. ودعواه الإيهام
ممنوعة كما علم من صدر القولة. قوله: "أي أبان" هذا أنسب
بالمعنى الاصطلاحي على أن الإعراب لفظي كما هو الصحيح
ولهذا قدم معنى الإبانة، والأنسب به على أنه معنوي
التغيير. قوله: "أي أظهر" أتى به لأن أبان يأتي بمعنى فصل
ولازمًا بمعنى ظهر. قوله: "أو أجال" يقال أعرب زيد دابته
أي أجالها ونقلها من مكان في مرعاها إلى آخر. قوله: "أو
أزال عرب الشيء" بفتحتين يقال عرب يعرب عربًا من باب فرح
أي فسد كذا في القاموس. قوله: "أو أعطى العربون" بفتحتين
وبضم فسكون ويقال: عربان بضم
ج / 1 ص -72-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عربي اللون. أو تكلم بالفحش. أو لم يلحن في الكلام. أو صار
له خيل عراب. أو تحبب إلى غيره. ومنه العروب المتحببة إلى
زوجها. وأما في الاصطلاح ففيه مذهبان: أحدهما أنه لفظي
واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين، وعرفه في التسهيل
بقوله: ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو
سكون أو حذف. والثاني أنه معنوي والحركات دلائل عليه،
واختاره الأعلم وكثيرون؛ وهو ظاهر سيبويه؛ وعرفوه بأنه
تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو
تقديرًا. والمذهب الأول أقرب إلى الصواب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإسكان وبإبدال العين همزة في الثلاثة ففيه ست لغات. قوله:
"أو لم يلحن في الكلام" هذا لازم للتكلم بالعربية، إلا أن
يراد بالتكلم بها التكلم بألفاظها بقطع النظر عن أحوال
أواخرها. قوله: "ما جيء به" أي شيء نطق به وإن لم يكن
طارئًا ليصدق على الواو من جاء أبوك لوجودها قبل دخول عامل
الرفع أفاده الدنوشري. قوله: "لبيان مقتضى العامل" أي
مطلوبه فالعامل كجاء ورأى والباء والمقتضى الفاعلية
والمفعولية والإضافة العامة لما في الحرف، والإعراب الذي
يبين هذا المقتضى الرفع والنصب والجر، لكن هذا التعريف
يقتضي اطراد وجود الثلاثة أعني المقتضى والإعراب والعامل
مع كل معرب، وليس كذلك بل هو أغلبي فقط لعدم تحقق المقتضى
في نحو لم يضرب زيد وخرج بهذا القيد حركة البناء والنقل
والاتباع والمناسبة والتخلص من التقاء الساكنين وسكون
البناء وحرفه وحذفه وسكون الوقف والإدغام والتخفيف. ثم إن
فسر العامل بما فسره به ابن الحاجب رحمه الله تعالى وهو ما
به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب لزم الدور كما قاله سم
لأخذ الإعراب في تعريف العامل وأخذ العامل في تعريف
الإعراب، قال: إلا أن يجعل التعريف لفظيًّا. ولزم القصور
أيضًا لعدم دخول نحو لم إذ لم يتقوّم بها معنى يقتضي الجزم
كما مر فإن فسر بالطالب لأثر مخصوص لم يلزم الدور ولا
القصور.
قوله: "من حركة" بيان لما. قوله: "أو سكون أو حذف" قال
الروداني: كونهما لفظيين إنما هو من حيث إشعار اللفظ بهما
لأن من سمعه بنقص حركة أو حرف علم بهما أو من حيث إن اللفظ
متعلقهما ومحل لهما. قوله: "والحركات" أي وجودًا وعدمًا
ليدخل السكون. وكان الأحسن أن يزيد والحروف أي وجودًا
وعدمًا ليدخل الحذف. وتوجيه جماعة كشيخنا والبعض الاقتصار
على الحركات بأنها الأصل أي في الجملة وإلا فقد تكون فرعًا
كفتحة ما لا ينصرف وكسرة جمع المؤنث السالم لا يدفع أحسنية
زيادة الحروف. قوله: "تغيير أواخر الكلم" أورد عليه أن
التغيير فعل الفاعل فهو وصف له فلا يصح حمله على الإعراب
الذي هو وصف للكلمة. وأجيب بأن المراد به المعنى الحاصل
بالمصدر وهو التغير أو هو مصدر المبني للمفعول. واستشكل
البعض قول المورد أن الإعراب وصف للكلمة وتأويل المجيب
التغيير بما يصح وصف الكلمة به بأن الإعراب مصدر أعرب أي
غير لغة واصطلاحًا فهو وصف للفاعل لا للكلمة، يدلك على هذا
قول النحاة هذا اللفظ معرب بصيغة المفعول وقد صرحوا بأن
الأصل في المعاني الاصطلاحية كونها أخص من اللغوية لا
مباينة لها، فالذي ينبغي إبقاء المصدر على ظاهره وعدم
ج / 1 ص -73-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن المذهب الثاني يقتضي أن التغيير الأول ليس إعرابًا لأن
العوامل لم تختلف بعد وليس كذلك. والبناء في اللغة وضع شيء
على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وأما في الاصطلاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتكاب التأويل فيه. وأنا أقول: يرد على هذا البعض قول
النحاة: هذا اللفظ مبني بصيغة المفعول فإنهم اشتقوه من
البناء وهو مفسر اصطلاحًا على القول بأنه معنوي بلزوم آخر
الكلمة حالة واحدة الذي هو وصف للكلمة قطعًا لا بإلزام آخر
الكلمة حالة واحدة فحيث لم يدل قولهم مبني على أن البناء
وصف للفاعل لم يدل قولهم معرب على أن الإعراب وصف للفاعل.
وحيث كان البناء اصطلاحًا وصفًا للكلمة بدليل تعريفهم له
كان مقابله وهو الإعراب كذلك، وحينئذٍ يكون التغيير بمعنى
التغيير ويكون الإعراب اصطلاحًا منقولًا من وصف الفاعل إلى
وصف الكلمة بقرينة أن مقابله وهو البناء كذلك والجري على
الأصل من أخصية المعاني الاصطلاحية إذا لم تقم قرينة على
خلافه كما هنا، ويكون قولهم معرب ومبني باعتبار حال ما قبل
النقل كما نقول بالنقل وباعتبارهم في قولهم معرب ومبني حال
ما قبل النقل على القول بأن الإعراب والبناء لفظيان، ولذلك
نظائر كقولهم هذه الكلمة منوّنة مع أن التنوين اصطلاحًا
النون المخصوصة نعم إن أول اللزوم في تعريف البناء
بالإلزام اندفع عن هذا البعض الإيراد وكان كل من الإعراب
والبناء وصفًا للفاعل وكان قولهم معرب ومبني باعتبار ما
بعد النقل أيضًا لكن يرجح ما قدّمناه تناسب القولين عليه
وتواردهما على محل واحد أعني القول بأن الإعراب والبناء
لفظيان والقول بأنهما معنويان لتوافقهما عليه على أن كلًا
من الإعراب والبناء وصف للكلمة. نعم قد يطلق الإعراب على
فعل الفاعل كما في قولك أعربت الكلمة لكن ليس هذا هو
المعقود له الباب بقرينة اختلافهم في أنه معنوي أو لفظي إذ
فعل الفاعل معنوي قطعًا هذا هو تحقيق المقام والسلام. ثم
المراد بالتغيير الانتقال ولو من الوقف إلى الرفع أو غيره
فلا يرد أن التعريف لا يشمل نحو سبحان اللازم النصب على
المصدرية والإضافة في أواخر الكلم للجنس فاندفع الاعتراض
بأن العبارة تقتضي توقف تحقق الإعراب على تغيير ثلاث أواخر
مع أنه ليس كذلك. وفي العبارة مقابلة الجمع بالجمع
المقتضية للقسمة آحادًا، فاندفع الاعتراض بأن العبارة تفيد
أن لكل كلمة أواخر مع أن الكلمة الواحدة ليس لها إلا آخر
واحد والمراد بالآخر الآخر حقيقة أو تنزيلًا لتدخل الأفعال
الخمسة فإن إعرابها بالنون وحذفها وهي ليست الآخر حقيقة
لأنها بعد الفاعل وهو إنما يأتي بعد الفعل، لكن لما كان
الفاعل الضمير بمنزلة الجزء من الكلمة كانت النون بمنزلة
الآخر، والمراد بتغيير الآخر ما يعم تغييره ذاتًا بأن يبدل
حرف بحرف حقيقة كما في الأسماء الستة والمثنى المرفوع
والمنصوب أو حكمًا كما في المثنى المنصوب والمجرور أو صفة
بأن تبدل حركة بحركة حقيقة كما في جمع المؤنث السالم
المرفوع والمنصوب أو حكمًا كما في جمعه المنصوب والمجرور.
وإنما جعل الإعراب والبناء في الآخر لأنهما وصفان للكلمة
والوصف متأخر عن الموصوف.
قوله: "لاختلاف العوامل الداخلة عليها" المراد بالاختلاف
لازمه وهو الوجود ليدخل المعرب في أول أحواله أفاده
الشنواني ومنه يؤخذ جواب اعتراض الشارح الآتي. وأل في
العوامل للجنس والمراد بدخول العامل على الكلمة طلبه إياها
ليشمل العامل المعنوي كالابتداء والعامل
ج / 1 ص -74-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال في التسهيل: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه
الإعراب وليس حكاية أو اتباعًا أو نقلًا أو تخلصًا من
سكونين ، فعلى هذا هو لفظي. وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة
أو سكونًا لغير عامل أو اعتلال؛ وعلى هذا هو معنوي؛
والمناسبة في التسمية على المذهبين فيهما ظاهرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتأخر. وخرج بقوله لاختلاف إلخ التغيير لاتباع أو نقل أو
نحوهما. قوله: "لفظًا أو تقديرًا" الأولى أنهما راجعان إلى
تغيير واختلاف العوامل ليدخل التغيير لفظًا كما في زيد
وتقديرًا كما في الفتى ووجود العامل لفظًا كما في جاء زيد
وتقديرًا كما في زيدًا ضربته. وجعل التغيير لفظيًا
وتقديريًا باعتبار داله من الحركة ونحوها والأظهر من جهة
المعنى أنهما منصوبان بنزع الخافض وإن ضعف من جهة اللفظ
بسبب أن النصب به سماعي أي على الراجح. ويصح أن يكون
مفعولًا مطلقًا على تقدير أي تغيير واختلاف لفظ أو تقدير.
قوله: "أقرب إلى الصواب" يقتضي أنه ليس بصواب لأن الأقرب
إلى الشيء غير ذلك الشيء. ويمكن دفعه بأن المغايرة هنا
اعتبارية والمعنى أن الأول الذي هو الصواب باعتبار ظننًا
أقرب إلى الصواب باعتبار نفس الأمر. ويقتضي أن الثاني قريب
إلى الصواب وهو كذلك على تأويل الاختلاف بالوجود لاندفاع
اعتراض الشارح عليه بهذا التأويل. فاعتراض الشارح عليه
المقتضي فساد الثاني لأقربه إلى الصواب إنما هو باعتبار
الظاهر وقطع النظر عن التأويل وللإشارة إلى إمكان الجواب
عبر بأقرب فاندفع ما أشار إليه البعض من تنافي كلام الشارح
ولا حاجة إلى دفعه بأن أفعل التفضيل ليس على بابه. فإن
قلت: بعد التأويل السابق كانا متساويين لا أقربية لأحدهما
على الآخر قلت: أقربية الأول حينئذٍ باعتبار عدم إحواجه
إلى تأويل بخلاف الثاني.
قوله: "لأن المذهب الثاني" أي لأن تعريف أهل المذهب الثاني
أو المراد لأن المذهب الثاني يقتضي باعتبار التعريف عليه
فافهم. قوله: "التغيير الأول" أي الانتقال من الوقف إلى
الرفع. قوله: "لم تختلف بعد" أي الآن أي حين التغيير الأول
أي لأن حقيقة اختلاف الأشياء أن يخلف كل منها الآخر. قوله:
"على صفة" أي حال والجار والمجرور حال من وضع. واحترز
بقوله على صفة إلخ عن الوضع لا على تلك الصفة فلا يسمى
بناء لغة كوضع ثوب على ثوب. وقوله الثبوت أي مدة طويلة فأل
للعهد ولم يعبر بالثبات المشهور استعماله في الدوام
لإيهامه الدوام الحقيقي. فإن قلت التعبير بالثبوت يوهم أن
المراد به ما يقابل الانتفاء قلت القرينة الظاهرة مانعة من
ذلك وهي لزوم عدم الفائدة في قوله على صفة إلخ على فرض أن
يراد من الثبوت ما قابل الانتفاء لانفهام الثبوت بمعنى
مقابل الانتفاء من قوله وضع شيء على شيء، فاندفع ما اعترض
به البعض. قوله: "لا لبيان إلخ" خرج به الإعراب. قوله: "من
شبه الإعراب" بكسر فسكون أو بفتحتين أي مشابهه في كون كل
حركة أو سكونًا أو حرفًا أو حذفًا ومن بيان لما. قوله:
"وليس" أي ما جيء به. وقوله حكاية إلخ أي لأجل الحكاية كما
في من زيدًا حكاية لمن قال رأيت زيدًا، أو الاتباع كما في
الحمد لله بكسر الدال اتباعًا لكسر اللام، أو النقل كما في
فمن أوتي بنقل ضمة الهمزة إلى النون أو التخلص من التقاء
الساكنين كما في اضرب الرجل فهذه
ج / 1 ص -75-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والاسم منه" أي بعضه "معرب" على الأصل فيه ويسمى متمكنًا
"و" منه أي وبعضه الآخر "مبني" على خلاف الأصل فيه ويسمى
غير متمكن ولا واسطة بينهما على الأصل الذي ذهب إليه
الناظم ويعلم ذلك من قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحركات ليست إعرابًا ولا بناء بل الإعراب والبناء مقدران
منع من ظهورهما هذه الحركات. ولا ينافي هذا ما سيأتي من
عدم الاتباع والتخلص من أسباب البناء على حركة لأن ما هنا
فيما إذا كان التابع والمتبوع والساكنان في كلمتين وما
سيأتي فيما إذا كان ذلك في كلمة، وكان عليه أن يقول ولا
مناسبة ولا وقفًا ولا تخفيفًا ولا إدغامًا، ولكن درج على
التعريف بالأعم. قوله: "لزوم آخر الكلمة" كان الأولى إسقاط
آخر لأن المبني قد يكون حرفًا واحدًا كتاء الفاعل. والمراد
باللزوم عدم التغير لعامل فلا يرد أن في آخر حيث لغات:
الضم والفتح والكسر. قوله: "حركة أو سكونًا" كان عليه أن
يزيد أو حرفًا أو حذفًا، وأمثلة الأربعة: هؤلاء، كم، لا
رجلين، ارم، فدخل في تعريف البناء بناء اسم لا والمنادى
للزومهما حالة واحدة ما داما منادى واسم لا ويحتمل تخصيص
التعريف بالبناء الأصلي فلا يردان لعروض بنائهما.قوله:
"لغير عامل" متعلق بلزوم وخرج به نحو سبحان والظرف غير
المتصرف كلدى بناء على إعرابها كما سيأتي في الإضافة
والاسم الواقع بعد لولا الامتناعية فإن لزومها حالة واحدة
للعامل وهو أسبح في الأول ومتعلق الظرف في الثاني
والابتداء في الثالث.
قوله: "أو اعتلال" خرج به نحو الفتى، وأورد عليه أن المراد
اللزوم لفظًا وتقديرًا والفتى غير لازم تقديرًا بل هو
متغير تقديرًا فهو خارج من قولنا لزوم فلا حاجة إلى قوله
أو اعتلال في إخراج ما ذكر. ويمكن الاعتذار عنه بأنه لما
كان لازمًا بحسب الظاهر وداخلًا بحسبه في اللزوم أتى بما
يخرجه صريحًا. هذا وفي كلام الشارح لف ونشر مرتب فقوله
لغير عامل راجع لقوله حركة وقوله أو اعتلال راجع لقوله
سكونًا كما قاله شيخنا السيد عن الشيخ يحيى، والأولى رجوع
قوله لغير عامل إلى الأمرين. قوله: "والمناسبة في التسمية"
أي تسمية الإعراب والبناء باللفظي على المذهب الأول
وتسميتها بالمعنوي على المذهب الثاني. قوله: "ظاهرة" لأن
ما جيء به للبيان أولًا للبيان من الحركات أو غيرها أمر
ملفوظ به والتغير واللزوم معنيان من المعاني المعقولة.
قوله: "أي بعضه" تفسير من ببعض أقرب إلى مذهب الزمخشري
الجاعل من التبعيضية اسمًا بمعنى بعض وعليه فمن مبتدأ
ومعرب خبر وهذا أحسن في المعنى. وأما على مذهب الجمهور من
حرفيتها فمعرب مبتدأ ثان مؤخر ومنه خبر مقدم ويكون تفسيره
المذكور بيانًا لحاصل المعنى. قوله: "على الأصل" أي الراجح
والغالب. قوله: "ويسمى متمكنًا" فإن كان متصرفًا يسمى
متمكنًا أمكن.
قوله: "ومنه أي وبعضه" دفع بتقدير ذلك ما يوهمه ظاهر
العبارة من انصباب المعرب والمبني على شيء واحد ومن أن
المعرب والمبني معًا بعض. وقوله الآخر أفاد به أن هذا
التقسيم للحصر وإن لم تفده العبارة والدليل على ذلك ما
سيذكره من أن علة البناء شبه الحرف شبهًا قويًّا
ج / 1 ص -76-
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا
والمعنوي في متى وفي هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعرب الأسماء ما قد سلما
من شبه الحرف وبناؤه "لشبه من الحروف مدني" أي
مقرب لقوته يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته
الحرف شبهًا قويًّا يقربه منه. والاحتراز بذلك من الشبه
الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم "كالشبه الوضعي"
وهو أن يكون الاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن المعرب ما سلم من هذا الشبه. قال السندوبي: وكما لا
تقتضي عبارته الحصر لا تقتضي ثبوت الواسطة خلافًا لبعض
الشراح. فإن قلت: ما تصنع في من التبعيضية فإنها تقتضي
ذلك. قلت: هي هنا على حد قوله تعالى:
{فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر} [البقرة: 253]، وقولهم منا ظعن ومنا أقام إذ
ليس في الآية والشاهد إلا قسمان فكذلك قول الناظم والاسم
إلخ. ا. هـ. وحاصل الجواب أن من التبعيضية إنما تقتضي
بعضية مدخولها وكل من المعرب والمبني على حدته مدخول لها
لا مجموعها لما عرفت من أن التقدير منه معرب ومنه مبني
فالذي تقتضيه العبارة أن كلًّا بعض من الاسم وهو صحيح.
قوله: "ولا واسطة" كان المناسب التفريع إلا أنه راعى قوله
على الأصح فقط فترك التفريع. قوله: "على الأصح" وقيل
المضاف إلى ياء المتكلم لا معرب ولا مبني والصحيح أنه
معرب. وذهب بعضهم إلى أن الأسماء قبل التركيب لا معربة ولا
مبنية وسينقل الشارح هذا قبيل قوله ومعرب الأسماء. قوله:
"ويعلم ذلك" أي عدم الواسطة. قوله: "من قوله ومعرب الأسماء
إلخ" أي مع قوله هنا ومبني لشبه إلخ. قوله: "وبناؤه" أي
الواجب فلا يرد على الناظم ما سيأتي في الإضافة أن من
أسباب البناء الإضافة إلى مبني لأنها مجوزة. وإنما قدر
الشارح ذلك مع أنه يصح تعلق قوله لشبه بقوله مبني ليتوافق
قسمًا التقسيم في الإطلاق فيتناسبا، وليفيد انحصار البناء
في كونه لشبه الحرف على حد الكرم في العرب لأن الإضافة
تأتي لما تأتي له اللام ولهذا قال الشارح يعني أن علة بناء
الاسم منحصرة إلخ. قوله: "لشبه من الحروف مدني" اعترض على
التعليل بأنه يقتضي تقدم وضع الحرف على وضع الاسم وإلا لزم
حمل الاسم الموجود على الحرف المعدوم ولا معنى لذلك مع أن
اللائق تقدم وضع الاسم لشرفه. وأجيب بأنا لا نسلم ذلك
الاقتضاء فإنه يمكن مع تقدم وضع الاسم إلحاقه بالحرف مع
تأخر وضعه بأن يوضع الاسم أولًا من غير نظر إلى حكمه من
إعراب أو بناء، ثم الحرف ثانيًا، ثم يحكم للاسم بحكم الحرف
لوجود المشابهة، وأيضًا يجوز أن يكون بناء الاسم لشبه
الحرف باعتبار تعقل الواضع وما رتبه في عقله بأن يكون تعقل
أولًا الأنواع الثلاثة عند إرادة وضعها ولاحظ معانيها
ومقتضاها وحكم باستحقاق بعضها الحمل على بعض فيما يقتضيه
من الحكم. وإنما اكتفى في بناء الاسم بشبهه للحرف من وجه
واحد ولم يكتف في منع الصرف بشبه الفعل إلا من جهتين جهة
اللفظ وجهة المعنى لأن الشبه الواحد بالحرف يبعده عن
الاسمية ويقربه من الحرف الذي ليس بينه وبينه مناسبة إلا
في الجنس الأعم وهو الكلمة، والفعل ليس كالحرف في البعد عن
الاسم لأن كلًا منهما له معنى في نفسه بخلاف الحرف. وإنما
لم يعرب الحرف إذا
ج / 1 ص -77-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضوعًا على صورة وضع الحروف. بأن يكون قد وضع على حرف أو
حرفي هجاء كما "في اسمي" قولك "جئتنا" وهما التاء ونا؛ وإذ
الأول على حرف والثاني على حرفين، فشابه الأول الحرف
الأحادي كباء الجر، وشابه الثاني الحرف الثنائي كعن.
والأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفي هجاء، وما
وضع على أكثر فعلي خلاف الأصل.
وأصل الاسم أن يوضع على ثلاثة فصاعدًا فما وضع على أقل
منها فقد شابه الحرف في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشبه الاسم كما بني الاسم إذا أشبه الحرف لعدم فائدة
الإعراب في الحرف وهي تمييز المعاني المتواردة على اللفظ
المفتقرة إلى الإعراب لأن الحرف لا تتوارد عليه تلك
المعاني.
قوله: "منحصرة في مشابهة الحرف إلخ" أي خلافًا لمن يجعل
البناء بغير شبه الحرف أيضًا كشبه الفعل كما في نزال
المشابه لأنزل، وشبه شبه الفعل كما في حذام المشابه لنزال
المشابه لأنزل، والوقوع موقع الضمير كما في المنادى
والتركيب كما في اسم لا وكل هذه في التحقيق ترجع لشبه
الحرف. قوله: "وهو الذي عارضه إلخ" كما في أي فإنها سواء
كانت موصولة أو شرطية أو استفهامية مشابهة للحرف، ولكن
عارض شبهها للحرف لزومها الإضافة التي هي من خواص الأسماء.
قوله: "كالشبه الوضعي" نسبة الشبه إلى الوضع نسبة له إلى
وجهه. فإن قلت: قال سيبويه: إذا سميت بباء اضرب قلت: اب
باجتلاب همزة الوصل وبالإعراب، وقال غيره قلت رب بالإتيان
بما قبل الحرف وبالإعراب وهذا ينافي اقتضاء الشبه الوضعي
للبناء. قلت: لا منافاة لأن شرط تأثير هذا الشبه كونه بأصل
وضع اللغة بخلاف وضع التسمية فإنه عارض فضعف عن تأثير
البناء ولما كان التعبير بالوضعي منبهًا على شرط تأثير هذا
الشبه اختاره على التعبير باللفظي الأنسب في مقابلة
المعنوي ولعل الإتيان بهمزة الوصل أو بما قبل الحرف لتكون
الكلمة ثنائية فيكون لها نظير بحسب الظاهر في الإعراب
بالحركات كيد ودم، فاندفع ما نقله البعض عن الطبلاوي وسكت
عليه من استشكال الإتيان بالهمزة مع تحرك الآخر بحركات
الإعراب وإنما قدم الوضعي مع إنكار كثيرين له تقديمًا
للحسي أو اهتمامًا به لكونه في مظنة المنع.
قوله: "على صورة وضع الحرف" المصدر بمعنى المفعول والإضافة
بيانية أي موضوع هو الحرف قاله شيخنا السيد. قوله: "قد وضع
على حرف إلخ" بالتنوين والإضافة على حد: قطع الله يد ورجل
من قالها. قوله: "في اسمي جئتنا" الإضافة على معنى من
واشتراط صحة الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف في الإضافة
التي على معنى من فيما إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف
أفاده الروداني. قوله: "قولك" ذكره لزيادة الإيضاح لا لما
قيل من أنه لو لم يذكره لم يصح التمثيل لأن المراد حينئذٍ
لفظ جئتنا والذي يراد لفظه علم كما سلف فتكون التاء ونا
فيه كالزاي من زيد لا اسمين لأن المراد اسمي مسمى جئتنا
التي نطق بها المصنف وهو جئتنا المستعمل في معناه كما في
قولك جئتنا يا زيد والتاء ونا فيه اسمان لا نفس جئتنا التي
نطق بها المصنف حتى يلزم ما ذكر على أن إرادة لفظ جئتنا
ثقة مع تقدير القول أيضًا فلو تم ما قيل لم يخلص منه تقدير
القول فتأمل. قوله: "كعن" هذا على مذهب غير الشاطبي ولو
جرى عليه لقال
ج / 1 ص -78-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعه واستحق البناء. وأعرب نحو يد ودم لأنهما ثلاثيان
وضعًا.
تنبيه: قال الشاطبي: نا في قوله جئتنا موضوعة على حرفين
ثانيهما حرف لين وضعًا أوليًّا كما ولا، فإن شيئًا من
الأسماء على هذا الوضع غير موجود نص عليه سيبويه
والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين وليس ثانيهما حرف لين
فليس ذلك من وضع الحرف والمختص به؛ ثم قال: وبهذا بعينه
اعترض ابن جني على من اعتل لبناء كم ومن بأنهما موضوعان
على حرفين فأشبها هل وبل. ثم قال: فعلى الجملة وضع الحرف
المختص به إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما
مثل به الناظم، فما أشار إليه هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما ولا. قوله: "والأصل في وضع الحروف إلخ" أراد بالأصل
الغالب فلا يرد قول الصرفيين الأصل في كل كلمة أن توضع على
ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما
لأن مرادهم بالأصل الملائم للطبع. قوله: "أو حرفي هجاء"
ظاهره ولو كان ثانيهما غير حرف لين وهو مذهب غير الشاطبي
بكون الثاني حرف لين كما سيذكره الشارح. قوله: "وأعرب نحو
يد ودم إلخ" جواب سؤال مقدر وارد على قوله فما وضع على أقل
منها إلخ وحاصله أنهم أعربوا ذلك مراعاة لأصله كما راعوه
في التصغير والنسب فأعادوا الياء مع قلبها واوًا في النسب
على ما سيأتي فقالوا في التصغير يدية ودمي وفي النسب يدوي
ودموي، وكذا راعوه في التثنية على شذوذ فقد جاء شذوذًا
يديان ودميان ودموان قاله السيوطي في جمع الجوامع. قال
البعض: قد يقال حكمة عدم مراعاتهم الأصل في التثنية أي
على اللغة غير الشاذة أنه لما طالت الكلمة بحرفي التثنية
لم تعد الياء لئلا يتزايد الثقل ولغة العرب مبنية على
التخفيف ما أمكن. ا. هـ. وهذا غير صحيح لوجود الطول بحرفين
في النسب إلى يد ودم لأن ياء النسب بحرفين وفي تصغير يد
لأن المؤنث بلا تاء إذا صغر لحقته التاء كما سيأتي مع أنهم
أعادوا الياء فيهما فلعل ترك إعادتها في التثنية على اللغة
الكثيرة للتخفيف لأن استعمال تثنية يد ودم أكثر من استعمال
تصغيرهما ونسبهما إليه فتنبه.
قوله: "قال الشاطبي" هو أبو إسحق شارح المتن وأما القارئ
صاحب حرز الأماني فهو أبو القاسم وما قاله الشاطبي قال يس
هو الحق لكن رجح الشيخ يحيى في حواشيه على المرادي ما لغير
الشاطبي. قوله: "وضعًا أوليًّا" احتراز عن نحو شربت ما
بالقصر والوقف لأن وضعه على حرفين ثانوي عرض بالتغيير لا
أولى فلا يعتد به. قوله: "فإن شيئًا" علة لمحذوف تقديره
وهذا الوضع خاص بالحرف لأن شيئًا إلخ. قوله: "من الأسماء"
أي المعربة لوجود أسماء مبنية على هذا الوضع كما الموصولة
والشرطية والاستفهامية. وقال الدماميني: المراد الأسماء
البحتة أي التي لا تؤدي مع المعنى الاسمي معنى الحرف فلا
يرد نحو ما المذكورة. قوله: "فليس ذلك من وضع الحرف المختص
به" لوجوده في الاسم معربًا نحو مع بناء على القول بأنها
ثنائية وضعًا. وقيل ثلاثية وضعًا وأصلها معي ونحو قد
الاسمية التي بمعنى حسب بناء على لغة إعرابها وإن كان
ج / 1 ص -79-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحقيق؛ من أطلق الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف ليس
إطلاقه بشديد. ا. هـ.
"و" كالشبه "المعنوي" وهو أن يكون الاسم قد تضمن معنى من
معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلًّا هو للحرف كتضمن
الظرف معنى في والتمييز معنى من بل بمعنى أنه خلف حرفًا في
معناه: أي أدى به معنى حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم. سواء
تضمن معنى حرف موجود كما "في متى" فإنها تستعمل للاستفهام
نحو متى تقوم، وللشرط نحو متى تقم أقم، فهي مبنية لتضمنها
معنى الهمزة في الأول ومعنى إن في الثاني، وكلاهما موجود
أو غير موجود "و" ذلك كما "في هنا" أي أسماء الإشارة فإنها
مبنية لأنها وتضمنت معنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغالب بناءها. قوله: "وبهذا بعينه" أي كون الوضع على
حرفين المختص بالحرف أن يكون الثاني حرف لين. قوله: "على
من اعتل إلخ" أي فالصحيح على ما ذكره الشاطبي أن علة بناء
كم الشبه المعنوي لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت
استفهامية ومعنى رب التكثيرية إن كانت خبرية. وعلة بناء من
الشبه المعنوي إن كانت استفهامية أو شرطية، والافتقاري إن
كانت موصولة، وحملت النكرة الموصوفة على الموصولة فلا
إشكال. قوله: "فعلى الجملة" أي أقول قولًا مشتملًا على
الجملة أي الإجمال أو جملة الأحوال وجميعها قال المنوفي
وكان حكمة الاختصاص كون الحرف آلة للغير فخفف في وضعه.
قوله: "قد تضمن معنى" أي زيادة على معناه الأصلي الموضوع
له أو لا وبالذات ولكون وضعه له أولًا وبالذات ووضعه لمعنى
الحرف ثانيًا وبالعرض جعل اسمًا ولم يجعل حرفًا، ولذا قال:
تضمن ولم يقل: وضع لئلا يتوهم منه الوضع الأولى وإنما
راعينا تضمنه معنى الحرف فبنيناه وفاء بحق العنى الثانوي
أيضًا. والحاصل أنا راعينا ما وضع له أولًا فجعلناه اسمًا
وما وضع له ثانيًا فبيناه وفاء بحق المعنيين. قوله: "من
معاني الحروف" أي من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحروف
وهي النسب الجزئية الغير المستقلة بالمفهومية على ما
اختاره العضد والسيد الجرجاني ونقله شيخنا السيد في باب
النكرة والمعرفة عن الشاطبي عن جميع النحاة إلا أبا حيان
من أن معاني الحروف جزئيات وضعًا واستعمالًا، فعلى هذا
يكون المتبادر من عبارة الشارح أن المعنى الذي تضمنه الاسم
المبني النسبة الجزئية. وقال الروداني: المراد بالمعنى هنا
متعلق المعنى لا النسبة الجزئية التي حقق السيد أنها معنى
الحرف. ا. هـ. والظاهر أن مراده بمتعلق المعنى كليه كما في
فن البيان، ولعل وجه ما ذكره أنه المتبادر من مثل قولهم
تضمنت من الاستفهامية الاستفهام والشرطية الشرط وغير ذلك.
قوله: "لا بمعنى أنه حل محلًا هو للحرف" أي بحيث يكون
الحرف منظورًا إليه جائز الذكر لكون الأصل في الموضع ظهوره
وإنما نفى التضمن بهذا المعنى لأنه بهذا المعنى لا يقتضي
البناء.
قوله: "خلف حرفًا في معناه" أي في إفهام معناه أي بحيث صار
الحرف مطروحًا غير منظور إليه وغير جائز الذكر مع الاسم.
قوله: "سواء تضمن إلخ" تعميم في قوله أن يكون الاسم قد
تضمن معنى إلخ. قوله: "أو غير موجود" معطوف على قوله موجود
من قوله سواء تضمن
ج / 1 ص -80-
وكنيابة عن الفعل بلا
تأثر وكافتقار أصلًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف كان من حقهم أن يضعوه فما فعلوا؛ لأن الإشارة معنى حقه
أن يؤدى بالحرف كالخطاب والتنبيه "وكنياية عن الفعل" في
العمل "بلا تأثر"بالعوامل ويسمى الشبه الاستعمالي، وذلك
موجود في أسماء الأفعال فإنها تعمل نيابة عن الأفعال، ولا
يعمل غيرها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى حرف موجود. قوله: "فما فعلوا" قال يس: نوزع فيه بأنهم
قد صرحوا بأن اللام العهدية يشار بها إلى معهود ذهنًا أو
خارجًا وهي حرف فقد وضعوا للإشارة حرفًا. ا. هـ. وأجيب بأن
المراد بالإشارة التي لم يضعوا لها حرفًا الإشارة الحسية
وهي ما كانت بشيء من المحسوسات كاليد والرأس والإشارة بأل
ليست كذلك، هذا وقد نقل ابن فلاح عن أبي علي كما في نكت
السيوطي أن هنا بنيت لتضمنها معنى أل كأمس وعلى هذا فقد
تضمنت معنى حرف موجود. قوله: "حقه أن يؤدي إلخ" لكونه نسبة
مخصوصة بين المشير والمشار إليه، كما أن الخطاب مثلًا نسبة
مخصوصة بين المخاطب والمخاطب، والتنبيه نسبة مخصوصة بين
المنبه والمنبه. قوله: "وكنيابة" أي وكشبه نيابة أي شبه في
نيابة كما يفيده عطفه على قوله كالشبه الوضعي ومثله يقال
في قوله وكافتقار أصلًا. قوله: "في العمل" زاد في التصريح
والمعنى. قوله: "بلا تأثر" التأثر قبول الأثر الذي هو
الإعراب، فالمعنى يبنى الاسم لشبهه الحرف في مجموع شيئين:
النيابة وعدم قبول الإعراب بحسب وضعه ومعناه بأن يأبى وضعه
ومعناه الإعراب، وبقولنا بحسب وضعه ومعناه اندفع عن المصنف
ما أوردوه عليه من أن التأثر قبول الأثر الذي هو الإعراب
فكأنه قال: يبني الاسم لعدم قبوله الإعراب وهو غير مستقيم
لما فيه من التهافت، ولأن عدم التأثر مسبب عن البناء فهو
متأخر عنه، وجعل سببًا له يقتضي تقدمه وهذا تناف. وأجيب
أيضًا بأن المراد بعدم التأثر سببه وهو عدم تسلط العامل
عليه ونظر فيه بأن عدم تسلط العامل فرع البناء فهو متأخر
عنه فلا يصلح سببًا له لتقدم السبب. ولك أن تمنع الفرعية
فتأمل. فإن قلت: وجه الشبه ينبغي أن يكون في المشبه به
أصلًا، وهل وجه الشبه هنا وهو مجموع النيابة عن الفعل وعدم
التأثر بالعامل أصل في الحرف؟ قلت: لا شك أن عدم التأثر
بالعامل أصل في الحرف دون الاسم لأن الأصل في الاسم
الإعراب فبتسليم أن النيابة عن الفعل أصل في كل من الاسم
والحرف لا في الحرف فقط تكون أصالة وجه الشبه بالمشبه به
باعتبار أحد جزأي وجه الشبه وهو عدم التأثر هكذا ينبغي
تقرير السؤال والجواب ومنه يعرف ما في صنيع البعض.
فائدة: قال الشيخ خالد: بلا تأثر متعلق بمحذوف نعت لنيابة
ولا هنا اسم بمعنى غير نقل إعرابها إلى ما بعدها لكونها
على صورة الحرف وتأثر مصدر حذف متعلقه والتقدير وكنيابة
كائنة بغير تأثير بعامل. ا. هـ. أقول: لم قيل بنقل إعراب
لا إلى تأثر وتقدير إعراب تأثر مع أن ذلك خلاف الظاهر، ولم
لم يقل بأن لا معربة محلًا أو تقديرًا وأنها مضافة إلى
تأثر وأن جر تأثر إعراب له لا للا إلا أن يستأنس لما مر
بالقياس على نقل إعراب إلا بمعنى غير إلى ما بعدها كما في:
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
لَفَسَدَتَا}
[الأنبياء: 22] فتأمل. قوله: "ويسمى الشبه الاستعمالي"
الضمير يعود إلى معلوم من السياق أي يسمى الشبه في النيابة
بلا تأثر الشبه الاستعمالي ومثله يقال في
ج / 1 ص -81-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيها بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من
الإعراب كما سيأتي، فأشبهت ليت ولعل مثلًا؛ ألا ترى أنهما
نائبتان عن أتمنى وأترجى، ولا يدخل عليهما فاعل.
والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل ولكنه
يتأثر بالعوامل كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم
كمال مشابهته للحرف "وكافتقار أصلًا" ويسمى الشبه
الافتقاري وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقارًا مؤصلًا
أي لازما كالحرف، كما في إذ وإذا وحيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ويسمى الشبه الافتقاري. قوله: "وذلك موجود في أسماء
الأفعال" فكلها مبنية للشبه الاستعمالي وفتحة نحو وراءك
فتحة حكاية لما قبل نقله من الظرفية إلى اسمية الفعل
خلافًا لابن خروف في جعله معربًا بالفتحة منصوبًا بما ناب
عنه كنصب المصدر. قوله: "ولا يعمل غيرها فيها" أي لعدم
دخول عامل عليها، ولو قال: ولا يدخل عليها عامل لكان أوضح
لإيهام ما عبر به أن العامل قد يدخل عليها ولا يعمل مع أن
العامل لا يدخل عليها اتفاقًا، ولا يرد قول زهير:
فلنعم حشو الدرع أنت إذا
دعيت نزال ولج في الذعر
لأنه من الإسناد إلى اللفظ.
قوله: "بناء على الصحيح" مقابلة أنها مبتدأ أغنى فاعلها عن
الخبر كما لجماعة أو مفعول مطلق لمحذوف وجوبًا موافق لها
في المعنى بناء على أنها موضوعة للحدث كما لجماعة منهم
المازني، وانظر ما علة البناء على هذين القولين. قوله:
"نائبتان عن أتمنى وأترجى" لعل معنى نيابتهما عن الفعلين
إفادتهما معناهما لا أن الأصل ذكر الفعلين فتركا وأقيم
مقامهما الحرفان كما في نيابة حرف النداء عن ادعو. قوله:
"كالمصدر النائب إلخ" مبني على أحد مذهبين ثانيهما أن
المنصوب بعده معمول للفعل المحذوف لا له وعليه فهو نائب عن
الفعل معنى لا عملًا. وإنما قيد بالنائب لأنه العامل
لزومًا وغيره وإن كان أيضًا يتأثر بالعوامل تارة يعمل
وتارة لا. قوله: "أصلًا" ألفه للإطلاق ولو جعلها ضمير
تثنية عائدًا على نيابة وافتقار لصلح واستغنى عن قوله بلا
تأثر المسوق لإخراج المصدر النائب عن فعله لأن نيابته عنه
عارضة في بعض التراكيب بخلاف اسم الفعل فإن نيابته عنه
متصلة حقيقة في المرتجل كآمين وتنزيلًا في المنقول كوراءك.
قوله: "وهو" أي الشبه الافتقاري، أن يفتقر الاسم، أي ذو أن
يفتقر الاسم، أو الضمير راجع إلى افتقار. قوله: "إلى
الجملة" أي أو ما قام مقامها كالوصف في أل الموصولة أو عوض
عنها كالتنوين في إذ. ا. هـ. دنوشري. ولعله أخذ التقييد
بالجملة من جعل تنوين افتقار للتعظيم وهو أولى من جعل
شيخنا إياه للتنويع لأن النوع كما يتحقق بالافتقار إلى
الجملة يتحقق بغيره. ولا يرد على كلامه القول المقصود منه
الحكاية لعدم افتقاره دائمًا إلى الجملة أو المفرد القائم
مقامها كالقصيدة والشعر لأنه قد ينصب المفرد المراد به
لفظه كقلت زيدًا أي قلت هذا اللفظ والمفرد الواقع على مفرد
كقلت كلمة إذا كنت تلفظت بزيد مثلًا، وقد ينزل منزلة الفعل
اللازم فلا ينصب شيئًا. هكذا ينبغي تقرير المقام ومنه يعلم
ما في كلام البعض.
ج / 1 ص -82-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والموصلات الاسمية. أما ما افتقر إلى مفرد كسبحان، أو إلى
جملة لكن افتقارًا غير مؤصل أي غير لازم كافتقار المضاف في
نحو:
{هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}
[المائدة: 119] إلى الجملة بعده فلا يبني لأن افتقار يوم
إلى الجملة بعده ليس لذاته وإنما هو لعارض كونه مضافًا
إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ألا
ترى أن يومًا في غير هذا التركيب لا يفتقر إليها نحو هذا
يوم مبارك؛ ومثله النكرة الموصوفة بالجملة فإنها مفتقرة
إليها لكن افتقارًا غير مؤصل لأنه ليس لذات النكرة وإنما
هو لعارض كونها موصوفة لها، والموصوف من حيث هو موصوف
مفتقر إلى صفته وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار.
تنبيهات: الأول إنما أعربت أي الشرطية والاستفهامية
والموصولة وذان وتان واللذان واللتان لضعف الشبه بما عارضه
في أي من لزوم الإضافة. وفي البواقي من وجود التثنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أي لازمًا" تفسير مراد إذ المؤصل غير العارض لكن
لما كان من شأنه اللزوم أطلق وأريد به اللازم فهو من إطلاق
الملزوم وإرادة اللازم بحسب الشأن. قوله: "كالحرف" إنما
افتقر الحرف في إفادة معناه إلى الجملة لأنه وضع لتأدية
معاني الأفعال أو شبه الأفعال إلى الأسماء. قوله: "كسبحان"
أي على المشهور من مذهبين ثانيهما أنه يستعمل مضافًا وغير
مضاف كقوله:
سبحان من علقمة الفاخر أي
براءة منه قال عبد الحكيم في حواشيه على شرح المواقف سبحان
نصب على المصدر بمعنى التنزيه والتبعيد من السوء الأصل
سبحت بتشديد الباء سبحانًا حذف الفعل وجوبًا لقصد الدوام
وأقيم المصدر مقامه وأضيف إلى المفعول فهو مصدر من الثلاثي
استعمل بمعنى مصدر الرباعي كما في أنبت الله نباتًا. ويجوز
أن يكون مصدر سبح في الأرض والماء كمنع إذا ذهب وأبعد أي
أبعد من السوء إبعادًا أو من إدراك العقول وإحاطتها فيكون
مضافًا إلى الفاعل. ولا يجوز أن يكون من سبح سبحانًا كمنع
أو سبح تسبيحًا إذا قال: سبحان الله فيهما للزوم الدور. ا.
هـ. مع بعض إيضاح وزيادة من القاموس. وفي كونه علم جنس على
التنزيه أو غير علم خلاف. قوله: "فلا يبني" جواب أما أي
فلا يبنى وجوبًا أعم من أن لا يبنى أصلًا كما في سبحان أو
يبنى جوازًا كما في يوم وببنائه على الفتح قرأ نافع. قوله:
"وعند زوال عارض الموصوفية" كذا في نسخ وهو المناسب لقوله
قبل لعارض كونها موصوفة وفي نسخ الوصفية وهو لا يناسب ما
قبله إلا أن يجعل المصدر من المبني للمفعول فيكون بمعنى ما
في النسخ الأولى. قوله: "إنما أعربت إلخ" جواب سؤال وارد
بالنظر إلى أي الشرطية والاستفهامية وذان وتان على الشبه
المعنوي، وبالنظر إلى أي الموصولة واللذان واللتان على
الشبه الافتقاري.
قوله: "من لزوم الإضافة" أي المفرد فخرج باللزوم كم فإنها
قد تضاف إلى المفرد وقد لا تضاف أصلًا وبالمفرد إذ وإذا
وحيث فإنها إنما تضاف إلى الجملة ولدن فإنها قد تضاف إلى
ج / 1 ص -83-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهما من خواص الأسماء، وإنما بنيت أي الموصولة وهي مضاف
لفظًا إذا كان مصدر صلتها ضميرًا محذوفًا نحو:
{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ
شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدّ}
[مريم: 69] قرئ بضم أي بناء، وبنصبها لأنها لما حذفت صدر
صلتها نزل ما هي مضافة إليه منزلته فصارت كأنها منقطعة عن
الإضافة لفظًا ونية مع قيام موجب البناء، فمن لاحظ ذلك بنى
ومن لاحظ الحقيقة أعرب. فلو حذف ما تضاف إليه أعربت أيضًا
لقيام التنوين مقامه كما في كل. وزعم ابن الطراوة أن أيهم
مقطوعة عن الإضافة فلذلك بنيت، وأن هم أشد مبتدأ وخبر. ورد
برسم المصحف الضمير متصلًا، والإجماع على أنها إذا لم تضعف
كانت معربة. وإنما بنى الذين وإن كان الجمع من خواص
الأسماء لأنه لم يجر على سنن الجموع لأنه أخص من الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفرد وقد، تضاف إلى الجملة فلم يوجد المعارض ولو سلم
وجوده في لدن فإعراب لدن لغة والمعارض قد لا يمنع إلا تحتم
البناء. وبهذا الأخير يجاب عن إيراد قد الاسمية لأن فيها
أيضًا لغتي الإعراب والبناء. قوله: "من وجود صورة التثنية"
اعترض بأن من قال بالإعراب حكم بأن التثنية حقيقية ومن قال
بالبناء لاشتراطه في إعراب التثنية إعراب المفرد وقبوله
التنكير وهو الأصح حكم بأنها صورية لأن مفرد ما ذكر مبني
لا يقبل التنكير، والشارح لفق بين القولين فحكم أولًا
بالإعراب وثانيًا بأن التثنية صورية والجواب منع التلفيق
بل هو جار على القول بالإعراب ولا ينافيه التعبير بالصورة
لأنه لما لم تجيء هذه التثنية على قياس التثنية لأن قياس
تثنية ما كان كذا وتا والذي والتي ذيان وتيان واللذيان
واللتيان كان كأنها غير حقيقة فلذلك قال صورة. قوله:
"وهما" أي الإضافة والتثنية. قوله: "إنما بنيت أي
الموصولة" دفع لما يرد على قوله لضعف الشبه بما عارضه إلخ
وكذا قوله فيما يأتي وإنما بنى الذين إلخ. قوله: "وبنصبها"
ذكره زيادة فائدة ولا دخل له في الإيراد وهذه القراءة
شاذة. قوله: "كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية" أما
الأول فللتنزيل المذكور. وأما الثاني فلأنه لا معنى لتقدير
المضاف إليه مع وجوده لفظًا، ومصب كأن مجموع قوله لفظًا
ونية لا كل واحد على حدته حتى يرد أنها على هذا التنزيل
منقطعة عن الإضافة نية تحقيقًا فتأمل. قوله: "مع قيام موجب
البناء" وهو شبه الحرف في الافتقار اللازم إلى جملة.
قوله: "فمن لاحظ ذلك" أي التنزيل المذكور مع قيام موجب
البناء. قوله: "ومن لاحظ الحقيقة" أي وجود المعارض للشبه
من الإضافة. قوله: "فلو حذف ما تضاف إليه" أي سواء ذكر صدر
الصلة أو حذف أعربت أيضًا أي كما أعربت حال الإضافة وحذف
صدر الصلة على لغة. قوله: "لقيام التنوين مقامه" أي مقام
ما تضاف إليه، ولما لم يحسن تنزيل هذا التنوين منزلة صدر
الصلة لتكون كأنها منقطعة عن الإضافة فتبنى اتفق على
إعرابها. قوله: "وزعم ابن الطراوة" هذا مقابل لقوله سابقًا
وهي مضافة لفظًا إذا كان صدر صلتها ضميرًا محذوفًا إلخ.
وحاصل ما زعمه ابن الطراوة شيئان ردهما الشارح على طريق
اللف والنشر المشوش. قوله: "وإن كان الجمع" أي اللغوي فلا
ينافي أنه اسم جمع والواو للحال. قوله: "لأنه لم يجر على
سنن
ج / 1 ص -84-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشأن الجمع أن يكون أعم من مفرده ومن أعربه نظر إلى مجرد
الصورة. وقيل هو على هذه اللغة مبني جيء به على صورة
المعرب ذو وذات الطائيتين حملهما على ذي وذات بمعنى صاحب
وصاحبة. الثاني عد في شرح الكافية من أنواع الشبه الشبه
الإهمالي، ومثل له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجموع" يرد عليه أن التثنية في ذان وتان واللذان واللتان
لم تجر أيضًا على سنن التثنية لما مر. ويمكن دفعه بأن جهة
عدم جريان التثنية فيما ذكر على سنن التثنية لفظية وجهة
عدم جريان الجمع في الذين على سنن الجموع معنوية والجهة
المعنوية أقوى فلهذا اعتبرت دون الجهة اللفظية. فاحفظه
فإنه نفيس. قوله: "لأنه أخص من الذي" لأن الذي يستعمل في
العاقل وغيره حقيقة والذين لا يستعمل حقيقة إلا في العاقل.
قوله: "ومن أعربه" أي بالواو رفعًا بالياء نصبًا وجرًا نظر
إلى مجرد الصورة أي إلى صورة الجمع المجردة عن النظر إلى
المعنى من كونه أخص من مفرده. قوله: "على هذه اللغة" اسم
الإشارة يرجع إلى لغة الإعراب لا بقيد كونه حقيقيًا فلا
ينافي قوله بعد مني إلخ أو إلى لغة من ينطق بالواو في حال
الرفع المعلومة من المقام.
قوله: "ومن أعرب ذو وذات" جواب سؤال وارد على الشبه
الافتقاري. قوله: "الشبه الإهمالي" أي شبه الاسم الحرف
المهمل في إهماله عن العمل أي كونه لا عاملًا ولا معمولًا.
قال في التصريح. وأدخله ابن مالك في الشبه المعنوي وأدخله
غيره في الاستعمالي. ا. هـ. وإنما يظهر القولان اللذان
ذكرهما إذ لم يرد بالمعنوي والاستعمالي خصوص معناهما
السابق بل أريد الأعم الشامل للشبه الإهمالي. وعد بعضهم من
أنواع الشبه الشبه الجمودي والأقرب إرجاعه إلى الشبه
الاستعمالي بمعنى يشمله لا بخصوص معناه السابق، وبعضهم
الشبه اللفظي فقد ذكر الناظم أن حاشا الاسمية بنيت لشبهها
الحرفية في اللفظ وكذا يقال في على الاسمية وكلا بمعنى
حقًا وقد الاسمية. ونقل شيخنا السيد أن الشبه اللفظي مجوز
للبناء لا محتم له، فعليه يجوز أن يكون حاشا وعلى وكلا
الاسميات معربة تقديرًا كالفتى. وقد الاسمية معربة لفظًا
وقد مر هذا. قوله: "ومثل له" أي للمشتمل عليه بفواتح السور
أي نحو ص وق والم وهذا مبني على أنها لا محل لها لكونها
متشابهة لا يعرف معناها ولم يصحبها عامل. أما على أنها
أسماء للسور مثلًا وأن محلها رفع بالابتداء أو الخبرية، أو
نصب على المفعولية لمحذوف أي اقرأ، أو جر بحرف القسم
المقدر فليست من هذا النوع بل كان منها مفردًا كص أو موازن
مفرد كحم موازن قابيل جاز إعرابه لفظًا أو تقديرًا بأن
يسكن حكاية لحاله قبل العلمية وما عدا ذلك كالم وكهيعص
يتعين فيه الثاني كذا في تفسير البيضاوي وحواشيه. وفي
الهمع أن المفرد إذا أعرب يصرف ويمنع من الصرف باعتبار
تذكير المسمى وتأنيثه، وأن موازنه إذا أعرب يمنع لموازنته
الاسم الأعجمي، وأن ما لم يكن مفردًا ولا موازنه وأمكن
جعله مركبًا مزجيًا كطسم يجوز فيه الحكاية وبناء الجزأين
على الفتح كخمسة عشر والإعراب على الميم مع فتح النون أو
على النون مع إضافة أول الجزأين لثانيهما وعلى هذا في ميم
الصرف وعدمه بناء على تذكير الحرف وتأنيثه. ا. هـ. بتصرف
وبقولنا ولم يصحبها عامل سقط ما للبعض من الاعتراض على
التعليل بكونها متشابهة بأن كونها متشابهة
ج / 1 ص -85-
ومعرب الأسماء ما قد سلما
من شبه الحرف كأرض وسما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفواتح السور والمراد الأسماء مطلقًا قبل التركيب فإنها
مبنية لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا
معمولة. وذهب بعضهم إلى أنها موقوفة أي لا معربة. ولا
مبنية، وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا ولأجل سكوته عن هذا
النوع أشار إلى عدم الحصر فيما ذكره بكاف التشبيه: "ومعرب
الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف" الشبه المذكور. وهذا على
قسمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يقتضي عدم المحل وعدم الإعراب لثبوت ذلك في غيرها من
المتشابه.
قوله: "والمراد" أي بما بني للشبه الإهمالي. وقوله:
الأسماء أي التي لم تكن مبنية قبل التركيب وبعده لا كمتى
وأين. وقوله: مطلقًا أي فواتح السور أولًا. والمراد
بالتركيب كما قاله الغنيمي ما يشمل الإسنادي والإضافي.
قوله: "وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا" أي قابلة للإعراب
فالخلاف بينه وبين ما قبله لفظي لأن الأول لا ينفي قبولها
للإعراب والثاني لا ينفي كونها غير معربة ولا مبنية بالفعل
فالخلاف بينهما إنما هو في التسمية وعدمها كذا قال البعض
وهو يدل على أن القولين متفقان على أنها معربة بالمعنى
المصطلح عليه في المعرب وهو ما سلم من شبه الحرف فرجع
الخلاف إلى قولين فقط: كونها مبنية لشبهها بالحرف، وكونها
معربة لسلامتها من شبهه. وقال في شرح الجامع وعلى أنها
معربة حكمًا فللمعرب معنيان: أحدهما المتصف بالاختلاف
بالفعل والثاني مقابل المبني فبين المبني والمعرب بالمعنى
الثاني تقابل العدم والملكة، وبين المبني والمعرب بالمعنى
الأول تقابل التضاد ولذا جاز ارتفاعهما. ا. هـ. ببعض
تلخيص. وقال الجامي في شرح قول ابن الحاجب في كافيته:
فالمعرب أي من الأسماء المركب الذي لم يشبه مبني الأصل أي
المبني الذي هو أصل في البناء ما نصه: اعلم أن صاحب الكشاف
جعل الاسماء المعدودة العارية عن المشابهة المذكورة معربة
وليس النزاع في المعرب الذي هو اسم مفعول من قولك أعربت
فإن ذلك لا يحصل إلا بإجراء الإعراب على آخر الكلمة بعد
التركيب بل في المعرب اصطلاحًا، فاعتبر العلامة مجرد
الصلاحية لاستحقاق الإعراب بعد التركيب وهو الظاهر من كلام
الإمام عبد القاهر، واعتبر المصنف مع الصلاحية حصول
الاستحقاق بالفعل ولهذا أخذ التركيب في تعريفه. وأما وجود
الإعراب بالفعل في كون الاسم معربًا فلم يعتبره أحد ولذلك
يقال لم يعرب الكلمة وهي معربة. ا. هـ. وهو حسن ينبغي أن
يحمل عليه موهم خلافه. قوله: "ولأجل سكوته عن هذا النوع"
أي وعن غيره كالشبه الجمودي وإن أوهم تقديمه الظرف خلافه.
قوله: "بكاف التشبيه" الأولى بكاف التمثيل. قوله: "ومعرب
الأسماء" قال يس: الإضافة على معنى من وضابطها موجود وهو
أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم وخصوص من وجه. ا.
هـ. واعتراض البعض عليه بأن شرط هذه الإضافة صحة حمل
الثاني على الأول كخاتم حديد مدفوع بما مر عن الروداني من
أن صحة الحمل أغلبي لا شرط لازم. وإنما صرح المصنف بتعريف
معرب الأسماء مع انفهامه من قوله: ومبني لشبه من الحروف
مدني. توطئة لتقسيمه إلى ظاهر الإعراب ومقدره. قوله: "ما
قد سلما من شبه الحرف" ما واقعة على اسم فاندفع الاعتراض
ج / 1 ص -86-
وفعل أمر ومضي بنيا
وأعربوا مضارعًا إن عريا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيح يظهر إعرابه "كأرض و" معتل يقدر إعرابه نحو "سما"
بالقصر لغة في الاسم. وفيه عشر لغات منقولة عن العرب: اسم
وسم وسمًا مثلثة، والعاشرة سماة. وقد جمعتها في قولي:
لغات الاسم قد حواها الحصر
في بيت سمر وهو هذا الشعر
اسم وحذف همزة والقصر
مثلثان مع سماة عشر
تنبيه: بدأ في الذكر بالمعرب لشرفه، وفي التعليل بالمبني
لكونه علته وجودية وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي
أولى من الاهتمام بالعدمي، وأيضًا فلأن أفراد معلول علة
البناء محصورة بخلاف علة الإعراب، فقدم علية البناء ليبين
أفراد معلولها "وفعل أمر و"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأن التعريف صادق على الحرف إذ الشيء لا يشبه نفسه. قوله:
"الشبه المذكور" أشار به إلى أن الإضافة في شبه الحرف
للعهد الذكرى والمعهود شبه الحرف المتقدم أعني المدني أي
الذي لم يعارضه معارض. وبجعل الإضافة عهدية دخلت أي ونحوها
من المعربات التي أشبهت الحرف شبهًا ضعيفًا فلا يقال
التعريف غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا ضعيفًا
فلا يقال غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا بالحرف.
قوله: "يظهر إعرابه" أي إن لم يمنع من ظهوره مانع كوقف
وإدغام وحكاية وتخفيف واتباع. قوله: "وفيه عشر لغات" بل
ثمانية عشر جمعت في هذا البيت:
سم سمة اسم سماة كذا سما
سماء بتثليث لأوّل كلها
قوله: "في الذكر" أي ذكر قسمي الاسم ولو قال في
التقسيم لكان أوضح إذ الذكر لا يخص التقسيم. قوله: "وفي
التعليل" المراد بالتعليل ما يشمل الصريح كما في المبني
والضمني كما في المعرب؛ لأن قوله ومعرب الأسماء ما قد سلما
من شبه الحرف يتضمن تعليل الإعراب بسلامة الاسم من شبه
الحرف لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلية فلا يرد أن
المصنف لم يعلل إعراب الاسم. والمراد أيضًا ما يشمل
التعليل بعلة تامة كما في المبني والتعليل بعلة ناقصة كما
في المعرب، فلا يرد أن علة إعراب الاسم ليست السلامة فقط
بل توارد المعاني التركيبية المختلفة عليه مع السلامة.
قوله: "فلأن" الفاء زائدة وهذا تعليل ثان لتقديم المبني في
التعليل. قوله: "أفراد معلول علة البناء" أي أفراد موصوف
معلول علة البناء لأن علة البناء شبه الحرف ومعلولها
البناء وموصوفه المبني وأفراده النوعية محصورة لأنها
المضمرات وأسماء الشرط وأسماء الاستفهام وأسماء الإشارة
والأسماء الموصولة وأسماء الأفعال وأسماء الأصوات وكذا
المنادى واسم لا إن جعل الكلام فيما يشمل البناء الأصلي
والعارض ويصح أن يراد أفراده الشخصية فيتعين جعل الكلام في
البناء الأصلي وإلا ورد أن أفراد المنادى واسم لا الشخصية
غير محصورة. قوله: "بخلاف علة الإعراب" أي أفراد معلول علة
الإعراب أي أفراد موصوف معلولها. قوله: "فقدم علة البناء
ليبين أفراد معلولها" أي فيما يأتي وكان الأولى حذفه لأن
تبيين أفراد معلول علة البناء لا
ج / 1 ص -87-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل "مضي بنيا" على الأصل في الأفعال الأولى على ما يجزم
به مضارعه من سكون أو حذف. والثاني على الفتح كضرب أو
تقديرًا كرمي. وبني على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه
صفة وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا، وبني على الفتح لخفته.
وأما نحو ضربت وانطلقنا واستبقن فالسكون فيه عارض أوجبه
كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصلح علة لتقديم علة البناء مع أنه أسلف تعليل تقديم علة
البناء فتأمل. قوله: "وفعل مضيّ" فيه إشارة إلى جرّ مضى
وتقدير حذفه المصنف لمماثلته المعطوف عليه وأبقى المضاف
إليه بحاله، وأن قوله بنيا الرافع لضمير التثنية خبر عن
المذكور والمحذوف فلا يلزم الإخبار عن مفرد بمتحمل ضمير
التثنية. ويحتمل كلام المصنف رفع مضى عطفًا على فعل على
أنه أقيم مقام المضاف عند حذفه أو على أنه بمعنى ماض.
ويحتمل أن ألف بنيا للإطلاق وأن ضميره يرجع إلى فعل مرادًا
به الجنس في ضمن نوعيه: فعل الأمر وفعل المضي. وأصل مضى
مضوي قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما
بالسكون، وقلبت ضمة الضاد كسرة للمناسبة.
قوله: "الأول على ما يجزم به مضارعه" تبع فيه التوضيح
وأورد عليه أن أمر الإناث مبني على السكون صحيحًا كاضربن
أو معتلًا كاخشين مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال
نون الإناث والأمر المؤكد بالنون مبني على سكون مقدر مع أن
مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون التوكيد والأمر الذي
لا مضارع له كهات وتعال مبني مع أنه لا مضارع له حتى يكون
مجزومًا. وأجاب بعضهم عن الأولين بأن المضارع الذي اتصلت
به نون الإناث أو نون التوكيد في محل جزم واستبعد لكن يأتي
قريبًا ما يؤيده. وبعضهم بأن المراد ما يجزم به مضارعه
بقطع النظر عن اللواحق ويرد عليه أمر الإناث المعتل فإنه
مبني على السكون ومضارعه المجرد من نون الإناث مجزوم بحذفي
آخره، وبعضهم عن الأخير بأن المراد لو كان له مضارع ولك أن
تستغني عن هذه التكلفات بجعل كلامه أغلبيًا. وقال شيخنا
السيد: التحقيق أن هات له مضارع يقال: هاتي يهاتي مهاتاة
كناجي يناجي مناجاة. ا. هـ. قوله: "من سكون" أي ظاهر أو
مقدر كمر بزيد وقوله أو حذف أي حذف حرف علة أو نون وقد لا
يبقى منه إلا حركة كما في قل أصله قل أأي عد نقلت حركة
الهمزة إلى اللام وحذفت. قوله: "لمشابهته المضارع" أي
والمضارع معرب والأصل في الإعراب الحركة. قوله: "في وقوعه
صفة إلخ" لا يخفى أن الواقع صفة وصلة وخبر أو حالًا هو
الجملة لا الفعل وحده لكن لما كان المقصود بالذات من
الجملة الفعل اعتبروه أو المراد وقوعه كذلك صورة قاله يس.
قوله: "وأما نحو ضربت إلخ" أشار بالأمثلة الثلاثة إلى
الصور الثلاث التي يعرض فيها سكون آخر الماضي وهي اتصاله
بتاء الضمير أو نا التي للفاعل أو نون النسوة.
قوله: "كراهتهم توالي أربع متحركات" أي في الثلاثي وبعض
الخماسي كانطلقت وحمل الرباعي والسداسي وبعض الخماسي
كتعظمت عليه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وإنما حمل
الأكثر على الأقل لأن في حمله على الأقل دفع المحذور بخلاف
العكس. ولا يرد على كراهتهم
ج / 1 ص -88-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالكلمة الواحدة لأن الفاعل كالجزء من فعله، وكذلك ضمة
ضربوا عارضة أوجبها مناسبة الواو.
تنبيه: بناء الماضي مجمع عليه وأما الأمر فذهب الكوفيون
إلى أنه معرب مجزوم بلام الأمر مقدرة. وهو عندهم مقتطع من
المضارع، فأصل قم لتقم فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف
المضارعة. قال في المغني وبقولهم أن قول، لا الأمر معنى
فحقه أن يؤدى بالحرف، ولأنه أخو النهي وقد دل عليه بالحرف.
ا. هـ "وأعربوا مضارعًا" بطريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك علبط وجندل لأنهما مزالان عن أصلهما وهو علابط وجنادل،
ولا نحو شجرة لأن تاء التأنيث على تقدير الانفصال. ويرد
عليه أن نحو قلنسوة يدل على اعتبارها وعدم تقدير انفصالها
وإلا وجب قلب الواو ياء والضمة كسرة لرفضهم الواو المتطرفة
المضموم ما قبلها وأيضًا جعل الفعل مع تاء الفاعل كالكلمة
الواحدة وعدم جعل الكلمة مع تاء تأنيثها كالكلمة الواحدة
تحكم. ومن ثم اختار بعضهم أن الموجب لسكون آخر الفعل فيما
مر تمييز الفاعل من المفعول في نحو أكرمنا بالسكون وأكرمنا
بالفتح وحملت التاء ونون النسوة على نا للمساواة في الرفع
والاتصال. قوله: "فيما هو إلخ" ظرف للتوالي لا لأربع
متحركات لئلا يلزم ظرفية الشيء في نفسه في نحو ضربت لا في
نحو انطلقت بل ظرفية الأربع فيه من ظرفية الجزء في الكل.
قوله: "لأن الفاعل إلخ" علة للتشبيه. قوله: "وكذلك ضمة
ضربوا إلخ" ليس من هذا القبيل على الأوجه فتحة ضربًا بل هي
أصلية لا لمناسبة الألف والأصلية ذهبت كما قيل بمثل ذلك في
مررت بغلامي. والفرق أن كسرة الإعراب غير سابقة على ياء
المتكلم حتى تستصحب بعد الإضافة إليها لوجود ياء المتكلم
قبل دخول عامل الجرّ فتكون الكسرة كسرة مناسبة فتستصحب بعد
دخول عامل الجر بخلاف فتحة بناء الفعل فإنها سابقة على
الألف فتستصحب بعدها هكذا ينبغي تقرير الفرق. قوله:
"أوجبها مناسبة الواو" لا يرد عليه نحو غزوا وقضوا حيث لم
يضم ما قبل الواو لوجود الضم قبلها تقديرًا إذ الأصل غزووا
وقضيوا قلبت الواو في الأول والياء في الثاني ألفًا
لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ثم حذفت الألف لالتقاء
الساكنين. قوله: "فذهب الكوفيون" قال شيخنا السيد أي
والأخفش. ومما ضعف به مذهبهم أن حذف الجازم وإبقاء عمله
ضعيف كحذف الجار. ولهم منع ذلك في لام الأمر.
قوله: "وتبعها حرف المضارعة" أي دفعا للبس بالمضارع الخبري
الصحيح العين واللام في الوقف وحمل المعتل العين أو اللام
كقم وارم والصحيح في الوصل عليه. قوله: "لأن الأمر معنى"
أي نسبي بين الآمر والمأمور فلا يستقل بالمفهومية وإنما
حذف النعت لأخذه من قوله فحقه إلخ فاتضح قوله فحقه إلخ
واندفع الاعتراض بأنه ليس كل معنى يؤدى بالحرف فإن المضي
معنى والاستقبال معنى وقد أديا بغير الحرف. قوله: "ولأنه
أخو النهي" أي نظيره في مطلق الطلب وإن كان الأمر طلب فعل
والنهي طلب ترك على كلام بين في محله. وبحث شيخنا السيد في
هذا التعليل فقال: قد يقال الأمر الذي هو أخو النهي ما كان
معنى غير مستقل كما هو معنى الحرف
ج / 1 ص -89-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمل على الاسم لمشابهته إياه في الإبهام والتخصيص، وقبول
لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل في الحركات
والسكنات وعدد الحروف وتعيين الحروف الأصول والزوائد. وقال
الناظم في التسهيل بجواز شبه ما وجب له، يعني من قبوله
بصيغة واحدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الأمر الذي هو مدلول فعل الأمر فمعنى مستقل لكونه مع
الحدث. قوله: "وأعربوا" أي العرب بمعنى نطقوا به معربًا أو
النحاة بمعنى حكموا بإعرابه. قوله: "على الاسم" أي مطلق
الاسم لا خصوص اسم الفاعل كما يؤخذ من قوله والجريان على
لفظ اسم الفاعل حيث لم يقل والجريان عليه. قوله: "في
الإبهام إلخ" ذكر لشبه المضارع بالاسم أربعة وجوه: أما
الأول والثاني فلاحتمال المضارع الحال والاستقبال وتخصيصه
بأحدهما بالقرينة كالآن وغدًا ومثل رجل فإنه مبهم ويتخصص
بقرينة كالوصف وأل. وأما الثالث والرابع فظاهران. فإن قلت
ذكروا في باب الإضافة أن المضاف لا يكون إلا اسمًا لأنه
يستفيد من المضاف إليه تعريفًا أو تخصيصًا وهما لا يكونان
إلا في الاسم فيشكل على قولهم هنا الفعل المضارع يشبه
الاسم في التخصيص. قلت المراد بالتخصيص المذكور في باب
الإضافة التخصيص الحاصل بالحرف المقدر كاللام أو من،
وتقديره لا يكون في الفعل، أو يقال ما هناك بالنظر للأمرين
معًا أي التعريف والتخصيص لا يكونان معًا إلا في الاسم، أو
المراد أن ذلك لا يكون بالأصالة إلا فيه. ثم ظاهر ما مر من
احتمال المضارع الحال والاستقبال أنه مشترك بينهما وهو أحد
الأقوال، ثانيها أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال
واعتمده جماعة كالدماميني والسيوطي لترجح كونه للحال عند
التجرد عن القرائن كما هو شأن الحقيقة وللأول أن يقول قد
يكثر استعمال المشترك في أحد معنييه بحيث يتبادر منه عند
الإطلاق فيترجح الحمل عليه ولأن المناسب أن يكون للحال
صيغة تخصه كما أن للماضي صيغة الفعل الماضي وللمستقبل صيغة
فعل الأمر، ثالثها عكسه وليس المراد بالحال عند أهل
العربية الآن وهو الزمان الفاصل بين الزمان الماضي
والمستقبل بل أجزاء من أواخر الماضي وأوائل المستقبل مع ما
بينهما من الآن ولهذا تسمعهم يقولون يصلي من قول القائل
زيد يصلي حال مع أن بعض أفعال صلاته ماض وبعضها باق فجعلوا
الصلاة الواقعة في الآناث المتتالية واقعة في الحال قاله
الدماميني وما ذكرنا من أن زمن فعل الأمر مستقبل هو
باعتبار الحدث المأمور به أما باعتبار الأمر والطلب فحال.
قوله: "والجريان" أي ولو باعتبار الأصل ليدخل يقوم فإنه
جار على لفظ قائم باعتبار الأصل لأن أصله يقؤم نقلت حركة
الواو إلى ما قبلها للثقل. قوله: "في الحركات" أي مطلقها
من غير نظر إلى خصوص الحركة. قوله: "وتعيين الحروف الأصول
والزوائد" أي تعيين مقدار كل منهما وإن اختلف محل الزائد
أو شخصه كما في يضرب وضارب وينطلق ومنطلق. قوله: "وقال
الناظم في التسهيل" أي لعدم ارتضائه التعليل السابق فقد
رده في شرحه بأن الوجه الأول والثاني يأتيان في الماضي فإن
زمانه يحتمل القرب والبعد فإذا دخلت عليه قد تخصص بالقرب،
والثالث أيضًا يأتي في الماضي فإنه يقبل اللام إذا كان
جوابًا للو. والرابع ليس بمطرد فقد لا
ج / 1 ص -90-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني مختلفة لولا الإعراب لالتبست. وأشار بقوله بجواز إلى
أن سبب الإعراب واجب للاسم وجائز للمضارع؛ لأن الاسم ليس
له ما يغنيه عن الإعراب لأن معانيه مقصورة عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجري المضارع على اسم الفاعل في جميع ما ذكر ولو سلم
فالماضي قد يجري على الاسم كفرح فهو فرح وأشر فهو أشر،
وغلب غلبًا وأجلب جلبًا فالأوجه الأربعة ليست تامة في
نفسها وبتقدير تمامها لا تفيد لأنها ليست علة حكم الأصل
وهو الاسم حتى يترتب على ثبوتها في الفرع وهو المضارع حكم
الأصل مع أن شرط القياس ذلك. وأجيب عن قوله وبتقدير تمامها
لا تفيد إلخ بأن وجود علة حكم الأصل في الفرع إنما يشترط
في قياس العلة. ويصح أن يكون ما هنا من قياس الشبه وقد
صرحوا بأنه يصح الإلحاق فيه بسبب المشابهة ولو في غير علة
الحكم لكن يرد عليه أن قياس الشبه لا يصار إليه مع إمكان
قياس العلة وهو ممكن هنا بأن يقاس المضارع على الاسم في
الإعراب بجامع توارد المعاني التركيبية التي يميزها
الإعراب على كل وإن أمكن تمييزها في الفرع بغير الإعراب
كما سيأتي. ودعوى أن قياس العلة متعذر هنا لأن علة إعراب
الاسم توارد المعاني التي لا يميزها إلا الإعراب لا مطلقًا
وهذا غير موجود في المضارع لا يسلمها المصنف.
قوله: "بجواز شبه" أي مشابه والباء سببية متعلقة بشابه في
كلام التسهيل حيث قال: شابه الاسم بجواز إلخ أي بسبب جواز
قبول المضارع المعاني المختلفة المشابه لما وجب للاسم من
قبوله المعاني المختلفة. ومعنى كون قبوله واجبًا أن معانيه
الواردة عليه التي يقبلها كالفاعلية والمفعولية والإضافة
في نحو ما أحسن زيدًا مقصورة عليه لا تتعدى إلى غيره.
ومعنى كون قبول المضارع جائزًا أن معانيه الواردة عليه
التي يقبلها كالنهي عن كل من الفعلين في المثالين اللذين
ذكرهما الشارح والنهي عن المصاحبة والنهي عن الأول وإباحة
الثاني غير مقصورة عليه بل تستفاد بوضع اسم مكانه. وإنما
قال شبه لاختلاف القبولين كما عرفت باعتبار الصفة لأن
أحدهما واجب والآخر جائز وباعتبار المعاني المقبولة أيضًا
فسقط اعتراض الدماميني على ذكر شبه بأنه فاسد، وسقط ما قد
يقال المتصف بالوجوب والجواز الإعراب لا قبول المعاني. نعم
يرد على المصنف أن الماضي أيضًا قابل للمعاني التركيبية
المختلفة نحو ما صام واعتكف فإنه يحتمل كون المعنى ما صام
وما اعتكف، وما صام معتكفًا، وما صام ولكن اعتكف. وأجيب
بأنه نادر فلا يعتبر وفيه بحث تأمل. قوله: "لالتبست" أي في
بعض الأحيان وإنما قيدنا ببعض الأحيان لأن الإعراب قد يدخل
فيما لا إلباس فيه نحو يشرب زيد الماء حملًا على ما فيه
الإلباس ليجري الباب على سنن واحد. ا. هـ. دماميني. بقي له
بحث وهو أن اللازم على فرض عدم الإعراب وهو الإجمال لا
الإلباس لاحتمال المعاني حينئذٍ على السواء من غير تبادر
خلاف المراد وقد قالوا: الإجمال من مقاصد البلغاء. وجوابه
أنه ليس من مقاصدهم في مقام البيان كمقام بيان الفاعلية
والمفعولية والإضافة بل يتحاشون عنه فيه فاعرفه. قوله:
"لأن معانيه" أي المعاني المتواردة عليه كالفاعلية
والمفعولية والإضافة.
ج / 1 ص -91-
من نون توكيد مباشر ومن
نون إناث كيرعن من فتن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه كما في نحو: لا
تعن بالجفاء وتمدح عمرًا، فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في
لا تأكل السمك وتشرب اللبن. يغني عن الإعراب في ذلك وضع
الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع:؛ فيقال: لا
تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحًا عمرًا، ولا
تعن بالجفاء ولك مدح عمرو؛ ومن ثم كان الاسم اصلًا
والمضارع فرعًا خلافًا للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن
الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء؛ قالوا لأن
اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال
في بعض المواضع كما في نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن كما
تقدم. واجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن أزالته بغير
الإعراب كما تقدم. وإنما يعرب المضارع "إن عريا. من نون
توكيد مباشر" له نحو ليسجنن وليكونا "ومن نون إناث كيرعن"
من قولك النسوة يرعن أي يخفن "من فتن" فإن لم يغر منهما لم
يعرب لمعارضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مقصورة عليه" أي لا تحصل إلا بلفظه فتعين إعرابه
طريقًا لبيانها. قوله: "لا تعن" بصيغة المجهول على المشهور
لأنه بمعنى تهتم بخلاف الذي بمعنى تقصد فمبني للفاعل.
قوله: "فيقال لا تعن بالجفاء ومدح عمرو إلخ" ومثل ذلك يقال
في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قوله: "ومن ثم" أي من أجل
أن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب بخلاف الفعل. قوله:
"كان الاسم" أي إعرابه أصلًا والمضارع أي إعرابه فرعًا.
قوله: "خلافًا للكوفيين" أي ولمن ذهب إلى أن الإعراب أصل
في الفعل فرع في الاسم لوجوده في الفعل من غير سبب فهو
لذاته بخلاف الاسم وهو باطل لما علمت من أن سبب الإعراب
فيهما توارد المعاني. قوله: "إن عريا" بكسر الراء ماضي
يعرى كرضي يرضى أي خلا، وأما عرا يعرو كعلا يعلو فبمعنى
عرض. قوله: "مباشر" أي ولو تقديرًا كقوله:
لا تهين الفقير علك أن تركع
يومًا والدهر قد رفعه
أصله تهينن بنون التوكيد الخفيفة حذفت لالتقاء الساكنين
أفاده يس وغيره. قوله: "ومن نون إناث" أي نون موضوعة
للإناث وإن استعملت مجازًا في الذكور كما في قوله:
يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
قوله: "لم يعرب" أي لفظًا وهو معرب محلًا إن دخل
عليه ناصب أو جازم كما في يس. وسكت عن محلية الرفع بالتجرد
والقياس أنها كذلك، إلا أن يقال التجرد ضعيف لأنه عامل
معنوي كذا قال شيخنا السيد. ثم رأيت شيخنا في باب إعراب
الفعل نقل عن سم أن له محل رفع في حال التجرد من الناصب
والجازم ونظر فيه. وجزم بأنه ليس له في حال التجرد محل رفع
ناقلًا ذلك عن القليوبي وغيره. قوله: "لمعارضة إلخ" فيه أن
عدم إعرابه هو الأصل فلا يحتاج إلى التعليل ويجاب بأن
المضارع لما أشبه الاسم في الأمور المتقدمة كان كأن
الإعراب
ج / 1 ص -92-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال فرجع إلى أصله من
البناء فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه معها تركيب خمسة
عشر، ومع الثانية على السكون حملًا على الماضي المتصل بها
لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة كما قاله في
شرح الكافية والاحتراز بالمباشر عن غير المباشر وهو الذي
فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر
كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو هل تضربان يا زيدان، وهل
تضربن يا زيدون، وهل تضربن يا هند، والأصل تضربانن وتضربون
وتضربين، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون
التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متأصل فيه فإذا خرج عنه فكأنه خرج عن الأصل فلهذا ذكر وجه
البناء. قوله: "بما هو من خصائص الأفعال" أي القوى بتنزيله
منزلة الجزء الخاتم للكلمة فاندفع الاعتراض بلزوم بناء
المضارع المقرون بلم أو قد أو حرف التنفيس أو ياء الفاعلة
لمعارضة الشبه فيه بما هو من خصائص الأفعال. لكن هذا
الاندفاع لا يظهر بالنسبة لياء الفاعلة لاتصالها بالآخر
وتنزلها منزلة الجزء من الفعل إلا أن يقال تنزل نون
التوكيد أقوى وأتم. قوله: "لتركيبه معها إلخ" تعليل لكون
البناء على الفتح كما قاله غير واحد لا لأصل البناء لأنه
ذكره لا لأن التركيب لا يصلح علة للبناء بدليل بعلبك كما
قيل لأن المراد هنا خصوص التركيب العددي كما يصرح به قول
الشارح تركيب خمسة عشر لا مطلق التركيب المزجي. والتركيب
العددي يصلح علة للبناء كما ستعرفه في بابه وإنما اقتضى
التركيب الفتح لأنه يحصل به ثقل فيحتاج معه إلى التخفيف
بالفتح. وقال شيخنا السيد ما ذكره الشارح علة لكون البناء
على الفتح مع نون التوكيد وعلى السكون مع نون الإناث
عازيًا لشرح الكافية إنما ذكره المصنف في شرح الكافية علة
لأصل البناء لا لكونه على الفتح أو السكون ففي عزوه إلى
شرح الكافية نظر.
قوله: "حملًا على الماضي المتصل بها" أي في كون كل ساكن
الآخر لفظًا لا في البناء على السكون لئلا ينافي ما سبق من
كون الماضي المتصل بنون الإناث مبنيًا على فتح مقدر وإن
درج شيخنا على المنافاة أخذًا بظاهر العبارة. وإنما علل
سكونه مع أن الأصل في المبني السكون لأنه لما استحق
الإعراب الذي أصله الحركة وبني مع نون التوكيد على حركة دل
على أن المنظور إليه فيه هو الحركة فاحتيج في خروجه عنها
مع نون الإناث إلى وجه. قوله: "لأنهما" أي الماضي والمضارع
وهذا تعليل للحمل على الماضي في كون الآخر لفظًا لا في
البناء على السكون لما عرفت. قوله: "مستويان في أصالة
السكون وعروض الحركة" لما مر من أن الأصل الأصيل في
الأفعال البناء وفي المبني السكون، فإن قلت: إذا كان
الماضي والمضارع مستويين في أصالة السكون فلا معنى لحمل
المضارع على الماضي. قلت: المراد بالاستواء الاشتراك ولو
مع التفاوت في القوة. ولما خرج المضارع عن أصله وأعرب ضعفت
أصالة السكون فيه فحمل على الماضي الذي لم يخرج فلم تضعف
أصالة السكون فيه. قوله: "لتوالي الأمثال" أي الممنوع
ج / 1 ص -93-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة
دليلًا على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل
الواحد وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى فهذا ونحوه
معرب. والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني
لتركبه معها. وما كان رفعه بالنون إذا اكد بالنون لم يبن
لعدم تركبه معها لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء.
تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو
المشهور والمنصور. وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقًا،
وطائفة إلى الإعراب مطلقًا. وأما نون الإناث فقال في شرح
التسهيل: إن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد
ذهب قوم منهم ابن درستويه وابن طلحة والسهيلي إلى أنه معرب
بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك إذا كانت كلها زوائد فلا يرد نحو النسوة جننّ لأن
الزائد المثل الأخير فقط. قوله: "لفوات المقصود منها
بحذفها" أي لعدم ما يدل عليها بخلاف نون الرفع فإنها وإن
أتى بها لمعنى مقصود لكن لا يفوت بحذفها لوجود الدليل
عليها وهو أن الفعل معرب لم يدخل عليه ناصب ولا جازم للعلم
حينئذٍ بأن نون الرفع مقدرة. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي
لدفعه وفيه أن التقاء الساكنين هنا على حده فهو جائز فلا
حاجة إلى حذف الواو والياء للتخلص منه. ويمكن دفعه بأنه
وإن كان جائزًا لا يخلو عن ثقل ما فالحذف للتخلص من الثقل
الحاصل به.
قوله: "لئلا يلتبس بفعل الواحد" لا يقال: كسر النون يدفع
اللبس لأنا نقول: لو حذفت لم تكسر النون لأن سبب الكسر
وقوعها بعد ألف تشبه ألف المثنى على أن اللبس حاصل حال
الوقف. قوله: "بني لتركبه معها" علل الشارح هنا أصل البناء
بالتركيب مخالفًا لما أسلفه وقد أسلفنا أن هذا ما درج عليه
الناظم في شرح الكافية فيكون الشارح هنا موافقًا له فافهم.
قوله: "لم تركب ثلاثة أشياء" اعترض بأنهم ركبوها في قولهم
لا ماء بارد ببناء الوصف معها على الفتح كما سيأتي في باب
لا. وأجيب هناك بأن لا إنما دخلت بعد تركيب الموصوف والوصف
وجعلهما كالشيء الواحد ولا يقاس على باب لا غيره، فلا يدعي
هنا تركيب الفعل مع الفاعل ثم إدخال نون التوكيد.
قوله: "بين المباشرة" أي بين نون التوكيد المباشرة لأن نون
الإناث لا تكون إلا مباشرة ولذا لم يقيدها الناظم
بالمباشرة. قوله: "إلى البناء" أي على الفتح حتى في المسند
إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة لكنه فيه مقدر منع من
ظهوره حركة المناسبة هذا هو الأقرب وإن توقف فيه البعض.
قوله: "إلى الإعراب مطلقًا" لكنه في المباشرة مقدر منع من
ظهوره حركة التمييز بين المسند للواحد والمسند للجماعة
والمسند للواحدة. قوله: "ما" أي سكون، ومن في قوله من
الشبه بالماضي تعليلية وجعل السكون هنا عارضًا للمضارع
باعتبار ما صار كالمتأصل فيه من الإعراب فلا ينافي ما
أسلفه الشارح من استواء المضارع والماضي في أصالة السكون
لأنه باعتبار
ج / 1 ص -94-
وكل حرف مستحق للبنا
والأصل في المبني أن يسكنا
ومنه ذو فتح وذو كسر وضم
كأين أمس حيث والساكن كم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الشبه بالماضي "وكل حرف مستحق للبنا" الذي به الإجماع
إذ ليس فيه مقتضى الإعراب لأنه لا يتعوره من المعاني ما
يحتاج إلا الإعراب "والأصل في المبني" اسما كان أو فعلًا
أو حرفًا "أن يسكنا" أي السكون لخفته وثقل الحركة،
والمبني ثقيل فلو حرك اجتمع ثقيلان "ومنه" أي من المبني ما
حرك لعارض اقتضى تحريكه. والمحرك "ذو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الأصيل فتنبه.
قوله: "الذي به" أشار به إلى الجواب عن الاعتراض بأن كلام
المصنف لا يفيد بناء الحروف بالفعل إذ لا يلزم من
الاستحقاق الحصول. وحاصل ما أشار إليه من الجواب أن أل في
البناء للعهد الحضوري أي البناء الحاضر في الحرف فيكون
كلام المصنف مفيدًا لبناء كل حرف واستحقاقه بناءه الحاصل
له. ويجاب أيضًا بأن حصول البناء للحرف علم من قوله:
لشبه من الحروف مدني
والقصد الآن بيان استحقاق الحرف بناءه الحاصل
له. قوله: "لا يعتوره" أي لا يتوارد عليه. قوله: "ما
يحتاج" أي معان تركيبية يحتاج التمييز بينها إلى الإعراب.
وأما المعاني الإفرادية كالابتداء والتبعيض والبيان
بالنسبة إلى من فتعتور الحرف لكن لا يميز بينهما بالإعراب.
قوله: "والأصل في المبني" أي الراجح فيه أو المستصحب لا
الغالب إذ ليس غالب المبنيات ساكنًا. قوله: "أي السكون"
فسر أن يسكن بالسكون لأنه عبارة النحاة لا لتأوله بالتسكين
والتسكين فعل الفاعل فهو وصف له لا للكلمة وإن توهمه شيخنا
والبعض لأن المصدر المؤول به أن يسكن مبني للمفعول قطعًا
أي كونه مسكنًا وهو وصف للكلمة قطعًا فلا تغفل. بقي شيء
آخر أورده السيوطي في نكته وهو أن المصنف لم يذكر أن غير
السكون والفتح والكسر والضم ينوب عنها كما ذكر نظير ذلك في
الإعراب فربما توهم عدم ذلك هنا، وليس كذلك فينوب عن
السكون الحذف في الأمر المعتل والأمر لاثنين أو جماعة أو
مخاطبة، وعن الفتح الكسر في نحو لا مسلمات لك، والياء في
نحو لا مسلمين ولا مسلمين لك، والألف في نحو "لا وتران في
ليلة" وعن الكسر الفتح في نحو سحر على رأي من يقول ببنائه،
وعن الضم الواو والألف في نحو يا زيدون ويا زيدان. ا. هـ.
وفيما ذكره من نيابة الفتح عن الكسر في نحو سحر نظر فتأمل.
قوله: "والمبني ثقيل" للزومه حالة واحدة ولافتقار الحرف
إلى ضميمة وتركب معنى الفعل ومشابهة الاسم المبني الحرف
الثقيل. وأما تعليل ثقله بكون مدلوله مركبًا لتضمنه معنى
الحرف زيادة على معناه الأصلي كما اقتصر عليه البعض فقاصر
كما قاله شيخنا على المبني من الأسماء للشبه المعنوي كمتى.
قوله: "ومنه" أشار به إلى عدم الانحصار فيما ذكره لأن من
المبني ما بني على حرف كيا زيدان ويا زيدون ولا رجلين، وما
بني على حذف كاغز واخش وارم واضربا واضربوا واضربي.
ج / 1 ص -95-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح وذو كسر و" ذو "ضم" فذو الفتح "كأين" وضرب ورب. وذو
الكسرة نحو "أمس" وجير. وذو الضم نحو "حيث" ومنذ "والساكن"
نحو "كم" واضرب وهل. فالبناء على السكون يكون في الاسم
والفعل والحرف لكونه الأصل. وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات
وأقربها إلى السكون. وأما الضم والكسر فيكونان في الاسم
والحرف لا الفعل لثقلهما وثقل الفعل، وبني أين لشبهه
بالحرف في المعنى وهو الهمزة إن كان استفهاما وإن كان
شرطًا وبني أمس عند الحجازيين لتضمنه معنى حرف التعريف
لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة. وبني حيث للافقتار اللازم إلى
جملة. وبني كم للشبه الوضعي أو لتضمن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ذو فتح" قدمه لأن الفتح أخف الحركات ويليه الكسر.
قوله: "وذو الضم نحو حيث" فإن قلت: من أين يعلم أن الناظم
أتى بها مثالًا للضم مع أن فيها الفتح والكسر أيضًا. قلت:
لأن أين تعينت مثالًا للفتح وأمس تعينت مثالًا للكسر فيكون
حيث مثالًا للضم وأيضًا الضم أشهروا الحمل على الأشهر
أرجح. قوله: "لا الفعل" وأما نحو ضربوا فمبني على فتح مقدر
والضمة للمناسبة كما مر. وأما رد بضم الدال فمبني على سكون
مقدر وضمته للاتباع. وأما نحو ع و ق فمبني على الحذف
والكسرة بنية. وأما رد بكسر الدال فمبني على سكون مقدر
والكسرة للتخلص من التقاء الساكنين. قوله: "لثقلهما وثقل
الفعل" أما الأول فلأن الضم إنما يحصل بإعمال العضلتين
معًا والكسر بإعمال العضلة السفلى بخلاف الفتح فإنه يحصل
بمجرد فتح الفم. وأما الثاني فلتركب معناه من حدث وزمان
قيل ونسبة على ما بين في محله. قوله: "وهو الهمزة" الضمير
يرجع إلى الحرف. قوله: "وبني أمس عند الحجازيين" أي بشروط
خمسة ذكرها الشارح في باب ما لا ينصرف: أن يراد به معين،
وأن لا يضاف، ولا يصغر، ولا يكسر، ولا يعرف بأل. وأما
التميميون فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال
الثلاثة للعلمية والعدل عن الأمس وأكثرهم يخص ذلك بحالة
الرفع ويبنيه على الكسر في غيرها فإن فقد شرط من الشروط
المتقدمة فلا خلاف في إعرابه وصرفه.
قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" معناه التعيين. وبيان ذلك
أنه اسم لمعين وهو اليوم الذي يليه يومك. وأما المقرون بأل
العهدية فهو لليوم الماضي المعهود بين المتخاطبين وليه
يومك أم لا وإذا نوّن كان صادقًا على كل أمس. وفيها ألغز
ابن عبد السلام بقوله. ما كلمة إذا عرفت نكرت وإذا نكرت
عرفت، ومراده بالأول حالة اقترانه بأل وبالثاني حالة بنائه
فاعرفه. فإن قلت: العلة التي ذكرها الشارح موجودة في جميع
المعارف لتضمنها التعيين فيلزم بناؤها قلت: التعيين الذي
هو معنى أل نسبة جزئية غير مستقلة بالمفهومية كما هو شأن
معنى الحرف بخلاف التعيين الاسمي الموجود في العلم مثلًا
فافهم. قال الشنواني والفرق بين العدل والتضمين أن العدل
يجوز معه إظهار أل بخلاف التضمين. ا. هـ. فعلى بنائه
لتضمنه معنى أل تكون أمس مؤدية معنى أل مع طرحها وعدم
النظر إليها وامتناع ذكرها، وعلى إعرابه إعراب ما لا ينصرف
للعلمية والعدل يكون أمس حالًا محل الأمس مع النظر إلى أل
وجواز ذكرها. قوله: "لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة"
ج / 1 ص -96-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفامية معنى الهمزة والخبرية معنى رب التي للتكثير.
تنبيه: ما بني من الأسماء على السكون فيه سؤال واحد لم
بني؟ وما بني منها على الحركة فيه ثلاث أسئلة: لم بني ولم
حرك ولم كانت الحركة كذا وما بني من الأفعال أو الحروف على
السكون لا يسأل عنه. وما بني منهما على حركة فيه سؤالان:
لم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟ وأسباب البناء على الحركة
خمسة: التقاء الساكنين كأين، وكون الكلمة على حرف واحد
كبعض المضمرات، أو عرضة لأن يبتدأ بها كباء الجر، أو لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدليل وصفه بالمعرفة في نحو قولهم أمس الدابر لا يعود.
وكان ينبغي حذف قوله ظاهرة لإيهامه أن الأداة مقدرة مع أن
من يعلل البناء بالتضمين المذكور يقول بتأدية أمس معنى حرف
التعريف مع طرح الحرف وقطع النظر عنه وبعد ذلك فالعلة
ناقصة، ولو قال لأنه معرفة وليس من أنواع المعرفة الآتية
لتم التعليل فافهم. قوله: "وبني كم للشبه الوضعي" أي على
مذهب غير الشاطبي وقوله أو لتضمن إلخ أي على مذهب الشاطبي
أيضًا. قوله: "وما بني من الأفعال" أي غير المضارع لأن
المضارع لما استحق الإعراب بسبب المشابهة السابقة حتى كأنه
أصل فيه استحق أن يسأل عنه إذا بني على السكون سؤالان: لم
بني؟ ولم سكن؟ كما يدل على ذلك قول الشارح سابقًا لمعارضة
شبه الاسم إلخ وقوله ومع الثانية على السكون حملا على
الماضي المتصل بها قاله البعض. أقول: يؤخذ منه أن قول
الشارح وما بني منهما على حركة إلخ محله أيضًا في غير
المضارع وأن سؤالي المضارع المبني على حركة لم بني ولم
كانت الحركة كذا وأنه لا يسأل عن تحريكه لموافقته ما
يستحقه المضارع من الإعراب الذي الأصل فيه الحركة، ويرد
على ما ذكر أنه لا يسأل عن سكون المبني من الأسماء ويسأل
عن تحريكه مع أنها أشد أصالة من المضارع في الإعراب الذي
الأصل فيه الحركة. اللهم إلا أن يقال لما ضعفت أصالة
المضارع في الإعراب لكون الأصل الأصيل فيه البناء فربما
توهم عدم تأصله في الإعراب بالكلية احتيج إلى دفع هذا
التوهم بالسؤال عند سكونه عن سبب سكونه وعدم السؤال عند
تحريكه عن سبب تحريكه لإشعار ذلك بأن له أصالة ما في
الإعراب الذي الأصل فيه الحركة بخلاف أصالة الاسم في
الإعراب فإنها قوية غير محتاجة إلى ذلك فتأمل.
قوله: "وأسباب البناء على الحركة" المقصود بالذات قوله على
الحركة لا قوله البناء، ولو قال وأسباب تحرك المبني لكان
أوضح. ونظير ذلك يقال في قوله وأسباب البناء على الفتح وما
بعده. قوله: "التقاء الساكنين" أي دفعه. وأورد هنا أيرادًا
أسلفناه مع جوابه عند الكلام على تعريف البناء على أنه
لفظي. قوله: "وكون الكلمة على حرف واحد" يرد عليه أن السبب
ما يلزم من وجوده الوجود والكون المذكور ليس كذلك فقد يوجد
ولا توجد الحركة كما في تاء التأنيث الساكنة وبعض الضمائر
كواو الجماعة وألف الاثنين وياء المخاطبة ويجاب بأن المراد
بالسبب هنا أعم من ذلك. قوله: "أو عرضة لأن يبتدأ بها"
اعترض بأنه يغني عنه ما قبله لأنه من أفراد ما قبله ويجاب
بأنه بصدد التنصيص على ما يصلح سببًا للبناء على حركة وكون
الكلمة عرضة لأن يبتدأ
ج / 1 ص -97-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه
المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالًا وخبرًا كما تقدم. وأسباب
البناء على الفتح: طلب الخفة كأين، ومجاورة الألف كأيان،
وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول.
والفرق بين معنيين بأداة واحدة نحو يا لزيد لعمرو،
والاتباع نحو كيف بنيت على الفتح اتباعًا لحركة الكاف؛ لأن
الياء بينهما ساكنة والساكن حاجز غير حصين. وأسباب البناء
على الكسر:
التقاء الساكنين كأمس. ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل
على المقابل كلام الأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بها يصلح سببًا باعثًا له ولو مع الذهول عن كون الكلمة على
حرف واحد كما أن كون الكلمة على حرف واحد يصلح سببًا
لبنائها على حركة وإن لم تكن عرضة لأن يبتدأ بها كتاء
الفاعل، هكذا ينبغي تقرير الاعتراض والجواب. قوله: "أولها
أصل في التمكن" أي حالة في التمكن أي أنها تعرب في بعض
الأحوال وليس المراد أنها متمكنة أصالة حتى يعترض بمنافاته
حكمهم بأن المبني غير متمكن. قوله: "كأول" أي إذا حذف ما
تضاف إليه ونوى معناه كابدأ بذا من أول بالضم. قوله: "أو
شابهت المعرب كالماضي" لأن بناءها على الحركة أقرب إلى
الإعراب من بنائها على السكون.
قوله: "يا مضار" أي على لغة من ينتظر. ونظر فيه الشنواني
بأن هذه الفتحة ليست فتحة البناء التي الكلام فيها بل هي
فتحة بنية. وحركة البناء على هذه اللغة إنما هي الضمة على
الحرف المحذوف للترخيم وكذا يقال في الموضعين الآتيين.
قوله: "والفرق بين معنيين" أي كالمستغاث به والمستغاث له
في المثال المذكور. وقوله بأداة واحدة متعلق بمحذوف صفة
لمعنيين أي منبه عليهما بأداة واحدة لا ظرف لغو متعلق
بالفرق لأن الفرق باختلاف الحركة لا بالأداة الواحدة.
قوله: "نحو يا لزيد لعمرو" بفتح لام المستغاث به للفرق
بينها وبين لام المستغاث له. وأورد عليه أن الفرق يحصل
بالعكس. وأجيب بأن المراد الفرق المصحوب بالمناسبة وهي هنا
أن المستغاث منادى والمنادى كضمير المخاطب واللام الداخلة
عليه مفتوحة. قوله: "نحو كيف" إن قلت لم مثل للفتح اتباعًا
بكيف وللفتح تخفيفًا بأين مع أنه يصح العكس وكون الفتح في
كل للأمرين معًا لأن الأسباب قد تتعدد. أجيب بأن وجه ما
صنعه أن الهمزة لما كانت ثقيلة ناسب أن يمثل بأين لطلب
الخفة بخلاف الكاف فإنها خفيفة فناسب أن يمثل بكيف
للاتباع. قوله: "التقاء الساكنين" فيه أن التقاء الساكنين
إنما هو سبب البناء على حركة والمعدود من أسباب الكسر كونه
الأصل في التخلص من التقاء الساكنين لأن الكسرة لا تلتبس.
بحركة الإعراب إذ لا تكون حركة إعراب إلا مع التنوين أو أل
أو الإضافة قاله يس. وعبارة الدماميني على المغني قالوا
وإنما كان الأصل في ذلك الكسر لأن الجزم في الأفعال عوض عن
الجر في الأسماء وأصل الجزم السكون فلما ثبت بينهما
التعارض وامتنع السكون في بعض المواضع جعلوا الكسر عوضًا
عنه. ا. هـ.
فائدة: الساكنان يلتقيان في الوقف مطلقًا سواء كان الأول
حرف لين أم لا، ولا يلتقيان في
ج / 1 ص -98-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرت حملًا على لام الجر، فإنها في الفعل نظيرتها في
الاسم، والإشعار بالتأنيث نحو أنت، وكونها حركة الأصل نحو
يا مضار ترخيم مضارر اسم فاعل، والفرق بين أداتين كلام
الجر كسرت فرقًا بينها وبين لام الابتداء في نحو لموسى
عبد، والاتباع نحو ذه وته بالكسر في الإشارة للمؤنثة.
وأسباب البناء على الضم أن لا يكون للكلمة حال الإعراب نحو
{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 3] بالضم، ومشابهته الغايات نحو يا زيد فإنه أشبه قبل
وبعد، قيل: من جهة أنه يكون متمكنًا في حالة أحرى، وقيل:
من جهة أنه لا تكون له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوصل إلا وأولهما حرف لين. وثانيهما مدغم متصل كدابة
ودويبة فلو لم يكن الأول حرف لين حرك. كما في اضرب الرجل
بكسر الباء أو حذف كما في اضرب الرجل بفتحها تريد اضربن
بنون التوكيد الخفيفة. ولو لم يكن الثاني مدغمًا حرك
كغلاماي ومن سكنه من القراء في ومحياي فللوصل بنية الوقف،
ولو لم يكن الثاني متصلًا حذف الأول نحو:
{دَعَوُا اللَّه} [يوسف: 22]،
{يَقُولُوا الَّتِي}
[الإسراء: 53]
{أَفِي اللَّهِ شَك} [إبراهيم: 10] وربما ثبت كقراءة:
{عَنْهُ تَلَهَّى}
[عبس: 10]، بإشباع الهاء وتشديد التاء
{مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُون} [الصافات: 25] بإثبات ألف ولا
وتشديد التاء وربما فرّ من التقائهما في المتصل بإبدال
الألف همزة مفتوحة قرىء
{وَلَا جَان}
[الرحمن: 39]
{وَلا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] بالهمزة. قال أبو حيان ولا ينقاس شيء من ذلك إلا في
الضرورة على كثرة ما جاء منه. همع بتلخيص وزيادة. قوله:
"ومجانسة العمل" نقض بكاف التشبيه وواو القسم وتائه إلا أن
يقال المراد أخذا من كلام الشاطبي ومجانسة الحرف اللازم
للحرفية عمله اللازم له، فخرج بلزوم الحرفية كاف التشبيه،
وبلزوم العمل واو القسم وتاؤه لأن الواو والتاء لا يلزمهما
الجر لانفكاكه عنهما إذا كانتا للعطف والخطاب. قوله:
"حملًا على لام الجر" أي الداخلة على ظاهر غير مستغاث به.
قوله: "فإنها" أي لام الأمر حالة كونها في الفعل نظيرتها
أي لام الجر حالة كونها في الاسم أي في أن كلا عمل العمل
الخاص بمدخوله. قوله: "والإشعار بالتأنيث" أي لأن الكسر
المعنوي يناسب المؤنث فيكون في الكسر اللفظي إشعار به.
قوله: "والفرق بين أداتين" قال هنا بين أداتين وفي يا لزيد
لعمرو جعل الأداة واحدة لاختلاف النوع هنا واتحاده هناك
فإن لام الابتداء نوع غير لام الجر بخلاف اللامين هناك
فإنهما من نوع حرف الجر. قوله: "كسرت فرقًا بينها إلخ" ولم
يعكس لتناسب حركة لام الجر عملها واعترض كلامه بأن الفرق
لا يظهر مع الضمير نحو الزيدون لهم عبيد إلا أن يقال
الكلام باعتبار الأغلب. قوله: "نحو لموسى عبد" الأنسب كسر
اللام ليكون مثالًا للام الجر المحدّث عنها. قوله:
"ومشابهة الغايات" هي الظروف المنقطعة عن الإضافة كقبل
وبعد سميت بذلك لصيرورتها بعد حذف المضاف إليه غاية في
النطق. ا. هـ. فاكهي وإنما لم يسم كل وبعض بذلك لوجود ما
هو عوض عن المضاف إليه وهو التنوين. قوله: "نحو يا زيد" أي
فضمة زيد لمشابهته للغايات وأما أصل بنائه فلتضمنه معنى
الخطاب الذي هو من معاني الحروف وأما كونه على حركة فلأن
له أصلًا في
ج / 1 ص -99-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمة حالة الإعراب. وقال السيرافي: من جهة أنه إذا نكر أو
أضيف أعرب. ومن هذا حيث فإنها إنما ضما لشبهها بقبل وبعد
من جهة أنها كانت مستحقة للإضافة إلى المفرد كسائر أخواتها
فمنعت ذلك كما منعت قبل وبعد الإضافة، وكونها حركة الأصل
نحو يا تحاج ترخيم تحاجج مصدر إذا سمى به، وكونها في
الكلمة كالواو في نظيرتها كنحن ونطيرتها همو، وكونه في
الكلمة مثله في نظيرتها نحو اخشوا القوم، ونظيرتها قل
ادعوا. والاتباع كمنذ. وقد بان لك أن ألقاب البناء ضم وفتح
وكسر وسكون، ويسمى أيضًا وقفًا. وهذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمكن أي حالة في الإعراب. قوله: "وقيل من جهة إلخ" لا
يخفى مغايرته لما قبله المتحد مع قول السيرافي معنى فقول
شيخنا أنه بمعنى قول السيرافي غير صحيح. قوله: "لا تكون له
الضمة حالة الإعراب" أي وهو منادى وأما الفتح والكسر
فيوجدان فيه وهو منادى معرب أما الأول فظاهر وأما الثاني
ففي حالة الاستغاثة به باللام. قوله: "وقال السيرافي" هذا
عين القول الأول. قوله: "ومن هذا حيث" أي مما ضم لمشابهته
الغايات حيث على لغة ضمها ولما كان شبهها بالغايات ليس من
الجهات السابقة بين الشارح وجه الشبه بقوله فإنها إنما ضمت
إلخ. قوله: "كالواو" أي في كون كل يكون علامة رفع ومن واد
واحد. قوله: "كنحن إلخ" حاصله أن نحن ضمير لجماعة الحاضرين
وهمو ضمير لجماعة الغائبين فهما نظيرتان فلما بنوا نحن على
حركة لالتقاء الساكنين اختاروا الضمة لتناسب الواو في
نظيرتها ولما كانت نحن لعدد أقله اثنان وهمو لعدد أقله
ثلاثة كانت همو أقوى فاستحقت واوها أن تكون أصلًا يحمل
عليه
الضم عند فقد سبب آخر له وكون علة الضم ما ذكر أحد أقوال.
قوله: "نحو اخشوا القوم إلخ" حاصله أنهم ضموا آخر قل عند
وصله بنحو ادعوا اتباعًا لثالث ما اتصل به لا نقلًا لأن
الهمزة همزة وصل فلما أرادوا تحريك واو اخشوا التي هي
لكونها فاعلًا بمنزلة الجزء الأخير من الفعل عند اتصال نحو
القوم به اختاروا الضمة حملًا للشيء على نظيره، فوجه الشبه
بين الضمتين كون كل في آخر الفعل أعم من أن يكون آخرًا
حقيقة أو تنزيلًا. وأورد على الشارح أن ضمة الواو
لمناسبتها لها كما قالوا في لتبلونّ فهي ضمة مناسبة لا ضمة
بناء، وضمة قل لاتباع ثالث ما بعده فهي ضمة اتباع لا ضمة
بناء. وأصل تحريكهما للتخلص من التقاء الساكنين وكلامنا في
أسباب ضم البناء فكان الأولى إسقاط هذا الأخير.
فائدة: ضم واو الجمع المفتوح ما قبلها الساكن ما بعدها هو
المشهور، وسمع كسرها وفتحها، كما سمع الضم في غير واو
الجمع نحو لو انطلقنا كذا في الهمع. قوله: "وقد بان لك" أي
من قوله والأصل في المبني أن يسكنا ومنه إلخ. قوله: "أن
ألقاب البناء" أي ألقاب أنواع البناء الأصلية فاندفع
بأنواع الاعتراض بأن هذه الألقاب ليست للبناء الذي هو جنس
كلي لأن حق ألقاب الشيء اتحادها معنى، والأمر هنا ليس كذلك
بل لأنواعه المخصوصة بمعنى أن كل نوع منها له لقب من هذه
الألفاظ، ويجري الاعتراض والجواب في قولهم ألقاب الإعراب
أيضًا، وبالأصلية الاعتراض بأن أنواع البناء لا تنحصر في
الأربعة فإن منه البناء على حرف كما
ج / 1 ص -100-
والرفع والنصب واجعلن إعرابًا
لاسم وفعل نحو لن أهابا
والاسم قد خصص بالجر كما
قد خصص الفعل بأن ينجزما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شروع في ذكر ألقاب الإعراب وهي أيضًا أربعة: رفع ونصب وجر
وجزم وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب. فمن هذه الأربعة ما
هو مشترك بين الأسماء والأفعال. وما هو مختص بقبيل منهما.
وقد أشار إلى الأول بقوله: "والرفع والنصب اجعلن إعرابًا
لاسم وفعل" فالاسم نحو أن زيدًا قائم والفعل "نحو" أقوم
و"لن أهابا" إلى الثاني أشار بقوله "والاسم قد خصص بالجر"
أي فلا يوجد في الفعل. قال في التسهيل: لأن عاملة لا يستقل
فيحمل غيره عليه بخلاف الرفع والنصب "كما قد خصص الفعل بأن
ينجزما" أي بالجزم لكونه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في يا زيدان ويا زيدون ولا رجلين والبناء على حذف كما في
اغز واخش وارم، واضربا واضربوا واضربي واعلم أن أنواع
البناء وأنواع الإعراب وإن اتحدتا في الصورة مختلفتان في
الحقيقة كما اختلفتا في الأسماء، فإن الأولى لازمة غير
مجتلبة لعامل، والثانية متغيرة مجتلبة لعامل. واصطلحوا على
تسمية الضمة والفتحة والكسرة والسكون في الإعراب رفعًا
ونصبًا وجرًا أو خفضًا وجزمًا. وفي البناء ضمًا وفتحًا
وكسرًا وسكونًا فلا يطلق اسم نوع من أنواع أحدهما على نوع
من أنواع الآخر. وهل حركات البناء أصل لعدم تغيرها؟ أو
حركات الإعراب لدلالتها على المعاني كالفاعلية والمفعولية
والإضافة وتغيرها إنما هو لمعان؟ أو كل أصل أقوال. قوله:
"رفع إلخ" بدأ بالرفع لأنه أشرف إذ هو إعراب العمد ولا
يخلو منه كلام، وثني بالنصب لأنه أوسع مجالًا فإن أنواعه
أكثر. قال أبو حيان ولو بدأ بالجر لأنه مختص بالاسم الذي
الإعراب فيه أصل لاتجه أيضًا. ا. هـ. دماميني. قوله: "وعن
المازني أن الجزم ليس بإعراب" وجهه أن الجزم ليس في الاسم
حتى يحمل عليه المضارع قاله الشيخ يحيى. قوله: "والرفع
والنصب اجعلن إعرابًا" اعترضه السيوطي بأن الفعل المؤكد
بالنون لا يتقدم معموله عليه والناظم مشى على ذلك في عدة
مواضع كقوله:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا
وقوله: وبه الكاف صلا، وعلله بعض شراح الجزولية
بأن تأكيد الفعل يقتضي اهتمامًا به فيقدم أفاده الشيخ
يحيى. وينبغي حمل امتناع التقدم إن سلم على حالة الاختيار
دون الضرورة كما هنا، وحينئذٍ يندفع الاعتراض. قوله:
"والاسم قد خصص بالجر" الباء داخلة على المقصور كما هو
الأكثر. لا يقال هذا تكرار مع قوله سابقًا بالجر والتنوين
إلخ لأنا نقول: ذكر الجر هناك لبيان علامة الاسم وهنا
لبيان أنه نوع من أنواع الإعراب خاص بالاسم. قوله: "لأن
عامله" أي عامل الجر أصالة وهو الحرف لا يستقل لافتقاره
إلى ما يتعلق به. وقوله فيحمل بالنصب لوقوعه بعد فاء جواب
النفي بإضماران. وقوله غيره عليه أن غير الجر في الاسم وهو
الجر في الفعل لو كان على الجر في الاسم. وقوله بخلاف
الرفع والنصب أي في الاسم فإنهما لقوة عاملهما أصالة
بالاستقلال يقبلان أن يحمل عليهما رفع المضارع ونصبه.
قوله: "كما قد خصص إلخ" الكاف قد تأتي لمجرد التنظير من
غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما هنا. قوله: "أي بالجزم"
فسر أن ينجزم بالجزم لأنه الواقع في عبارة النحاة لمناسبته
الرفع والنصب والخفض فيكون المصنف أطلق
ج / 1 ص -101-
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر
كسرا كذكر الله عبده يسر
واجزم بتسكين وغير ما ذكر
ينوب نحو جا أخو بني نمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه حينئذ كالعوض من الجر قاله في التسهيل. واعلم أن الأصل
في كل معرب أن يكون إعرابه بالحركات أو السكون. والأصل في
كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره
بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله:
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر
كسرا كذكر الله عبده يسر
تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعرابًا
وجعلها علامات إعراب؛ إذ هي إعراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللازم وأراد الملزوم باعتبار المعنى الأصلي للجزم.
قوله: "لكونه فيه حينئذٍ" أي حين إذ خص الاسم بالجر والفعل
بالجزم كالعوض من الجر ليحصل لكل من الاسم والفعل ثلاثة
أوجه من الإعراب: اثنان مشتركان وواحد مختص ولا يخفى أن
عامل الجزم أصالة الحرف فهو كالجر في عدم استقلال العامل
أصالة لأن الحرف غير مستقل جارًا كان أو جازمًا أو غيرهما،
فلا شرف للجزم على الجر باستقلال عامله، أصالة حتى يرد ما
ذكره البعض من لزوم اختصاص الإشراف وهو الاسم بالمرجوح وهو
الجر لعدم استقلال عامله، فيجاب بأن له جهة رجحان وهو كونه
ثبوتيًا فتعاد لا فالسؤال من أصله باطل وإن اغتر به
المذكور. فإن قلت: كان القياس خفض المضارع إذا أضيف إليه
اسماء الزمان نحو:
{هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119] لاقتضاء الإضافة جر المضاف إليه
وجزم الاسم الذي لا ينصرف لشبه الفعل، فلم لم يخفض المضارع
المذكور ولم يجزم الاسم المذكور؟. قلت: أما الأول فلأن
الإضافة في المعنى للمصدر المفهوم من الفعل لا الفعل. وأما
الثاني فلما يلزم من الإجحاف لو حذفت الحركة أيضًا بعد حذف
التنوين إذ ليس في كلامهم حذف شيئين من جهة واحدة. قوله:
"واعلم أن الأصل إلخ" توطئة للمتن. قوله: "فارفع بضم"
الباء للتصوير من تصوير النوع بصنفه ليوافق مذهب الناظم من
أن الإعراب لفظي وسيأتي للشارح كلام آخر. قوله: "وانصبن
فتحًا وجر كسرًا" الأقرب أن فتحًا وكسرًا منصوبان بنزع
الخافض ليتوافقا مع قوله بضم. وقوله بتسكين وإن كان النصب
به سماعيًا على الراجح لأنه لا يبعد عندي أن محل كونه
سماعيًا على هذا القول إذا لم يصرح بالخافض في نظير
المنصوب بحذفه.
قوله: "تنبيه لا منافاة إلخ" قصده الجواب عن منافاة ظاهر
قول المصنف فارفع بضم إلخ من كون الإعراب معنويًا لما هو
مذهبه من كونه لفظيًا. قوله: "لا منافاة بين جعل هذه
الأشياء" يعني الضم وأخواته إعرابًا كما هو مذهب المصنف لا
كما هو مقتضى قوله اجعلن إعرابًا لأن جعل الرفع والنصب
إعرابًا جار على المذهبين. والخلاف إنما يظهر في الضمة
وأخواتها؛ فعلى أنه لفظي هي نفس الإعراب، وعلى أنه معنوي
علامات إعراب. وقوله وبين جعلها علامات إعراب أي كما هو
ظاهر قوله فارفع بضم إلخ لأن المتبادر منه أن الضم وأخواته
علامات إعراب والمعنى فارفع معلمًا بضم إلخ وإن احتمل أن
تكون الباء للتصوير فتندفع المنافاة من أصلها كما مر.
ج / 1 ص -102-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حيث عموم كونها أثرًا جلبه العامل، وعلامات إعراب من
حيث الخصوص "وغير ما ذكر" من الإعراب بالحركات والسكون مما
سيأتي فرع عما ذكر "ينوب" عنه: فينوب عن الضمة الواو
والألف والنون. وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف
النون. وعن الكسرة الفتحة والياء. وعن السكون حذف الحرف.
فللرفع أربع علامات واللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث
علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة
أصول وعشرة فروع لها تنوب عنها. فالإعراب بالفرع النائب
"نحو جا أخو بني نمر" فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن
الضمة، وبني مضاف إليه والياء فيه نائبة عن الكسرة وعلى
هذا الحذو.
واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل
إما حرف وإما حذف؛ فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون
في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة والمثنى والمجموع على حده،
فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق
المثنى والمجموع، ولأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكلامه يقتضي أن القائل بأن الإعراب لفظي يجوّز جعل هذه
الأشياء علامات من حيث خصوصها بمعنى أن وجودها علامة على
وجود الإعراب من تعليم وجود الكلي بوجود جزئيه ولا مانع من
ذلك. وإن كان المشهور أن القائل بأن الإعراب لفظي يقول
مرفوع ورفعه كذا. والقائل بأنه معنوي يقول مرفوع وعلامة
رفعه كذا. بقي شيء آخر وهو أنه تقدم أن الضم وأخواته أنواع
البناء فكيف جعلت إعرابًا أو علامات إعراب ويمكن أن يقال
في عبارة المصنف ومن عبر مثل تعبيره مسامحة والأصل فارفع
بضمة وانصب بفتحة واجرر بكسرة فتكون الضمة والفتحة والكسرة
مشتركة بين الإعراب والبناء وكذا السكون. وقال شيخنا
السيد: البصريون يطلقون ألقاب البناء على علامات الإعراب
فاحفظه.
قوله: "من الإعراب بالحركات والسكون" بيان لما وقوله مما
سيأتي بيان لغير. قوله: "فرع عما ذكر إلخ" أي على طريق
التوزيع فالواو والألف والنون فروع الضمة، والألف والياء
والكسرة وحذف النون فروع الفتحة وهكذا. وليس المعنى أن كل
واحد من غير ما ذكر فرع عن كل واحد مما ذكر. وليس هذا حل
إعراب بل هو دخول على قول المصنف ينوب مناسب له أتى به
الشارح لأنه مقابل صريحًا لقوله سابقًا والأصل في كل معرب
أن يكون إعرابه إلى قوله رفعه بالضمة إلخ وبتقريرنا قول
الشارح فرع عما ذكر على هذا الوجه يسقط ما نقله البعض عن
البهوتي وسكت عليه من الاعتراض. قوله: "نحو جا أخو بني
نمر" بقصر جا لا للضرورة بل لكثرة حذف إحدى الهمزتين من
كلمتين إذا اجتمعتا. ونمر بفتح فكسر أبو قبيلة من العرب.
قوله: "والياء فيه نائبة عن الكسرة" لأنه ملحق بجمع المذكر
السالم. قوله: "وعلى هذا الحذو" يعني القياس من حذاه يحذوه
إذا تبعه وهو مرفوع بالابتداء خبره الظرف قبله أو مجرور
بدلًا من اسم الإشارة ومتعلق الظرف محذوف أي واجر على هذا
الحذو، أو منصوب مفعولًا لمحذوف أي احذ هذا الحذو. قوله:
"والمجموع على حده" أي حد المثنى وطريقه من الإعراب
بالحروف. واحترز به عن جمع التكسير فإن إعرابه بالحركات.
قوله: "فبدأ" أي إذا علمت ذلك
ج / 1 ص -103-
وارفع بواو وانصبن بالألف
واجرر بياء ما من الأسما أصف
ممن ذاك ذو إن صحبة أبانا
والفم حيث الميم منه بانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه فقال:
"وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء" أي نيابة عن
الحركات الثلاث "ما" أي الذي "من الأسما أصف" لك بعد "من
ذاك" أي من الذي أصفه لك "ذو إن صحبة أبانا" أي أظهر لا ذو
الموصولة الطائية فإن الأشهر فيها البناء عند طيء "والفم
حيث الميم منه بانا" أي انفصل، فإن لم ينفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبدأ والأولى الواو قاله شيخنا أي لعدم احتياجها إلى تقدير
بخلاف الفاء الفصيحة.
قوله: "ولأن إعرابها على الأصل إلخ" أي لأن الأصل في
المعرب بالفرع وهو الحرف أن يكون رفعه بالواو ونصبه بالألف
وجره بالياء ليجانس الفرع الأصل، ويؤخذ من هذه العلة
الثانية وجه تقديم ما ناب فيه حرف عن حركة على ما ناب فيه
حركة عن حركة لأنه لم يجر على الأصل ولا من بعض الوجوه
بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة فإن بعضه جاء على الأصل في
الإعراب بالفرع من كل وجه كالأسماء الستة وبعضه جاء على
الأصل من بعض الوجوه كالمثنى والجمع على حده فإن الأول جاء
على الأصل في الجر والثاني جاء عليه في الرفع والجر. قوله:
"وارفع بواو" المناسب الفاء لأن هذا تفصيل لقوله وغير ما
ذكر ينوب إلخ والواو توهم أنه أجنبي منه. قوله: "نيابة عن
الحركات الثلاث" مفعول مطلق لمحذوف أي تنوب هذه الأحرف
نيابة ولا يصح أن يكون مفعولًا لأجله تنازعه العوامل
الثلاثة لعدم صحة انفراد أحدها بالعمل فيه نظرًا إلى
متعلقه أعني قوله عن الحركات الثلاث إلا أن تجعل أل للجنس.
قوله: "ما من الأسما أصف" تنازعه العوامل الثلاثة فأعملنا
الأخير وأضمرنا فيما قبله ضميره وحذفناه لكونه فضلة ولا
يجوّز كون العامل غير الأخير لوجوب إبراز الضمير حينئذٍ
فيما بعد وإن كان فضلة. قوله: "ذو" مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة
مقدرة لأن إعرابها بالحروف إذا كانت مستعملة في معناها وهي
هنا المراد بها اللفظ. قوله: "إن صحبة أبانا" صحبة مفعول
لمحذوف يفسره المذكور من باب الاشتغال لا مفعول مقدم
لأبانا لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر
واشتراط كون الشاغل ضميرًا أكثريّ لا كلي أو الضمير مقدر
قاله يس. وقد يقال إذا جعل صحبة مفعولًا مقدمًا لأبانا فقد
ولى أن الفعل الظاهر تقديرًا. قوله: "لا ذو الموصولة"
احترز عنها مع أن الكلام في المعرب وهي مبنية دفعًا لتوهم
المبتدىء الذي لا يعرف أنها مبنية دخولها في قوله ذو.
قوله: "والفم حيث الميم منه بانا" استعمل حيث في الزمان
على رأي الأخفش أو في المكان الاعتباري أعني التركيب
واعترض كلامه بأنه يوهم أن الأصل فم بالميم فالذي ينبغي
وفوه إن لم يبدل من واوه ميم وقد يقال لا نسلم أن الأصل
الواو قال الناظم: الصحيح أن للفم أربع مواد ف م ي، ف م و،
ف م م، ف و ه. كذا في الروداني وبأن الفم إذا فارقته الميم
هو الفاء وحدها ولا تعرب أصلًا والمعرب هو فوك وهو غير
الفم بنقص الميم ففي عبارته حكم على ما لم يثبت له الحكم
مع ترك الحكم على ما ثبت له الحكم. وأجيب بأن المراد بالفم
العضو المخصوص لا اللفظ على تقدير مضاف أي ودال الفم حيث
الميم من داله بان والدال يعم ما معه ميم وما معه غيرها.
ج / 1 ص -104-
أب آخ حم كذاك وهن
والنقص في هذا الأخير أحسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه أعرب بالحركات أعني الظاهرة عليها. وفيه حينئذ عشر
لغات: نقصه وقصره وتضعيفه مثلث الفاء فيهن، والعاشرة اتباع
فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصًا و"أب" و"أخ" و"حم
كذاك" مما أصف "وهن" وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس،
وقيل: عما يستقبح ذكره وقيل: عن الفرج خاصة. فهذه الأسماء
الستة تعرب بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًّا.
وهذا الإعراب متعين في الأول منها وهو ذو ولهذا بدأ به،
وفي الثاني منها وهو الفم في حالة عدم الميم ولهذا ثني به،
وغير متعين في الثلاثة التي تليهما: وهي أب أخ وحم لكنه
الأشهر والأحسن فيها "والنقص في هذا الأخير" وهو من "أحسن"
من الإتمام وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة ولذلك أخره.
والنقص أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين وهي
النون. وفي الحديث
"من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "الظاهرة عليها" كان الأولى إسقاطه لتدخل الحركات
المقدرة في لغة القصر. قوله: "وفيه حينئذٍ" أي حين إذ لم
ينفصل منه الميم وقوله: عشر لغات قال شيخ الإسلام في شرحه
على الشذور ما نصه: الفم بالميم يعرب بالحركات مع تضعيف
ميمه وبدونه ومنقوصًا كقاض ومقصورًا كعصا بتثليث فائه فيها
فهذه مع لغة حذف الميم ثلاث عشرة لغة، واقتصر في التسهيل
على عشرة وأفصحها فتح فائه منقوصًا. ا. هـ. فأنت تراه ذكر
في الفم بالميم اثنتي عشرة لغة بزيادة ثلاث لغات على ما
ذكره الشارح وهي إعرابه على الياء كقاض مثلث الفاء وإسقاط
لغة اتباع فائه لميمه فإذا ضمت إلى الاثنتي عشرة كانت لغات
الفم بالميم ثلاث عشرة فما نقله البعض وسكت عليه من أنها
عشرون وأن شيخ الإسلام ذكرها في شرحه على الشذور لا أصل
له. وبقي لغات ثلاث نقلها الدماميني وغيره وهي فاه وفوه
وفيه قال: وجمع الثلاثة أفواه ثم وجه ذلك فراجعه. قوله:
"نقصه" مراده بالنقص حذف اللام وجعل الإعراب على الميم.
قوله: "وقصره" أي إعرابه بالحركات مقدرة على الألف كما في
فتى. قوله: "اتباع فائه لميمه" أي في حالة نقصه قيل: وهذه
اللغة أضعف اللغات ذكره شيخنا. قوله: "وأب" مبتدأ لأنه
معرفة لأن المراد لفظه وأخ وحم معطوفان عليه وكذاك خبر أي
كما ذكر من ذو والفم في كون كل مما أصف فقول الشارح مما
أصف بيان لحاصل معنى قوله كذاك. والحم أقارب الزوج وقد
يطلق على أقارب الزوجة. قوله: "وهن" مبتدأ محذوف الخبر أي
كذاك.
قوله: "عن أسماء الأجناس" كان ينبغي حذف أسماء لأن ما ذكر
كناية عن الأجناس نفسها قال الجوهري: الهن كناية ومعناه
شيء تقول: هذا هنك أي شيئك، ويمكن جعل عن متعلقة بمحذوف لا
بيكنى أي بدلًا على أسماء الأجناس فصح كلام الشارح. قوله:
"عما يستقبح ذكره" أي فرجًا كان أو غيره. قوله: "ولهذا ثني
به" أي لكونه متعين الإعراب بالحروف لا مطلقًا بل في حالة
عدم الميم. قوله: "أحسن" أي أكثر استعمالًا يس. قوله: "من
تعزى إلخ" قال الموضح في شرح شواهد ابن الناظم: تعزى
بمثناة مفتوحة فعين مهملة فزاي مشددة أي من انتسب وانتمى،
وهو
ج / 1 ص -105-
وفي أب وتالييه يندر
وقصرها من نقصهن أشهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهن أبيه ولا تكنوا"
ولقلة الإتمام في هن أنكر الفراء جوازه وهو محجوج بحكاية
سيبويه الإتمام عند العرب. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ
"وفي أب وتالييه" وهما أخ وحم "يندر" أي يقل النقص. ومنه
قوله:
12-
بأبه اقتدى عدي في الكرم
ومن يشابه أبه فما ظلم
"وقصرها" أي قصر أب وأخ وحم "من نقصهن أشهر" قصرها مبتدأ،
وأشهر خبره، ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على
أفعل التفضيل وهو قليل كما ستعرفه.
والمراد استغمال أب وأخ وحم مقصورة أي بالألف مطلقًا أكثر
وأشهر من استعمالها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي يقول يا لفلان ليخرج الناس معه في القتال إلى الباطل،
فأعضوه بهمزة مفتوحة فعين مهملة مكسورة فضاد معجمة مشددة،
أي قولوا له: عض على هن أبيك أي على ذكر أبيك استهزاء به،
ولا تجيبوه إلى القتال الذي أراده أي تمسك بذكر أبيك الذي
انتسبت إليه عساه أن ينفعك فأما نحن فلا نجيبك. ولا تكنوا
بفتح التاء وسكون الكاف بعدها نون مضمومة مخففة أي لا
تذكروا كناية الذكر وهي الهن بل اذكروا له صريح اسمه وهو
الأير بفتح الهمزة وسكون التحتية. ا. هـ. وقوله أي تمسك
بذكر أبيك الذي انتسبت إليه إلخ. يحتمل أيضًا أن معنى عض
على هن أبيك عض على ذكر أبيك حيث لم يلد من يعضدك على
الباطل من إخوتك.
فائدة: قال يس: الحديث المذكور في الجامع الصغير عن الإمام
أحمد والنسائي لكن بلفظ
"إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه"
إلخ وقد اقتصر ابن الأثير في النهاية على ما في الشرح. ا.
هـ.
قوله: "فما ظلم" أي ما حصل منه ظلم في المشابهة لأنه لم
يشابه أجنبيًّا فالفعل منزل منزلة اللازم أو ما ظلم أحدًا
في الصفة المشابه فيها لكونها صفة أبيه، فالمفعول محذوف
إيذانًا بالعموم، أو ما ظلم أباه بتضييع صفته، أو ما ظلم
أمه باتهامها فيه إذا لم يشابه أباه. قوله: "وقصرها من
نقصهن" عبر بضمير الإفراد ثم بضمير الجمع إشارة إلى جواز
الأمرين وإن كان الأفصح في الثلاث إلى العشر هن وفيما فوق
العشر ها كما يشير إليه الإفراد أولًا والجمع ثانيًا في
قوله تعالى:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُور}
[التوبة: 36]، الآية. ذكره السيوطي في كتابه المسمى
بالشماريخ في علم التاريخ: فما في حاشية شيخنا السيد من أن
العشر كما فوقها ليس على ما ينبغي. قوله: "أشهر" يفيد أن
النقص شهير وهو كذلك ولا ينافيه قوله وفي أب وتاليه يندر
أي النقص لأن الشهرة ضد الخفاء فلا تنافي الندرة التي هي
قلة الاستعمال. وأشهر أفعل تفضيل شاذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص182؛ والدرر 1/ 106 وشرح
التصريح 1/ 64، والمقاصد النحوية 1/ 129؛ وبلا نسبة في
أوضح المسالك 1/ 44؛ وتخليص الشواهد ص75، وشرح ابن عقيل
ص32؛ وهمع الهوامع 1/ 39.
ج / 1 ص -106-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة
بالحركات الظاهرة. ومن القصر قوله:
12-
إن أباها وأبا أباها
قد بلغا في المجد غايتاها
وفي المثل: مكره أخاك لا بطل. وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ
وحم ثلاث لغات أشهرها الإعراب بالأحرف الثلاثة، والثانية
أن تكون بالألف مطلقًا، والثالثة أن تحذف منها الأحرف
الثلاثة وهذا نادر. وأن في هن لغتين: النقص وهو الأشهر،
والإتمام وهو قليل؛ وزاد في التسهيل في أب التشديد فيكون
فيه أربع لغات، وفي أخ التشديد وأخو بإسكان الحاء فيكون
فيه خمس لغات، وفي حم حمو كقرو، وحمء كقرء وحمأ كخطأ،
فيكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه إما من شهر المبني للمجهول أو أشهر الزائد على
الثلاثي. قوله: "والمراد إلخ" إنما قال والمراد لأن المتن
لم يصرح بالأكثرية وكأن الشارح يشير إلى أن كلام المتن
حذفًا. قوله: "أكثر وأشهر إلخ" مقتضاه أن النقص فيهن كثير
وهو مناف لتصريح المصنف بندرته فيهن. إلا أن يقال الندرة
في كلام المصنف بالنسبة إلى القصر والإتمام فلا تنافي
كثرته في نفسه. قوله: "إن أباها إلخ" الشاهد في الثالث
صراحة وفي الأولين بقرينة الثالث إذ يبعد كل البعد التلفيق
بين لغتين فمن قال: الشاهد في الثالث فقط أراد الشاهد
صراحة. وقوله: غايتاها على لغة من يلزم المثنى الألف
والضمير إلى المجد وأنثه باعتبار الصفة أو الرتبة. والمراد
بالغايتين المبدأ والمنتهى كما قيل. أو غاية المجد في
النسب وغاية المجد في الحسب. وقيل: الألف بعد التاء
الفوقية للإشباع لا للتثنية.
قوله: "مكره أخاك" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر أو مكره مبتدأ
وأخاك نائب فاعل سد مسد الخبر على قول الكوفيين والأخفش من
أنه لا يشترط في الوصف اعتماده على نفي أو شبهه. قال في
التصريح: قيل أول من قاله عمرو بن العاص حين حمله معاوية
على مبارزة عليّ فلما التقيا قال له عمرو ذلك فأعرض عنه
عليّ رضي الله تعالى عنهم. وذكر الأخ للاستعطاف. قوله:
"وأن في هن لغتين" زاد في الهمع ثالثة دونهما وهي تشديد
النون. قوله: "وزاد في التسهيل إلخ" ذكر الروداني أنه
يجوّز في الأب والأخ المشددين إعرابهما بالحروف فيقال: هذا
أبوك وأخوك مثلًا بالتشديد والإعراب بالحروف. قوله: "كقرو"
القرو بفتح القاف وسكون الراء وبالواو يطلق على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم
في الدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 65، وشرح شواهد المغني
1/ 127؛ والمقاصد النحوية 1/ 133، 3/ 636؛ وله أو لرجل من
بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في أسرار
العربية ص46، والإنصاف ص18؛ وأوضح المسالك 1/ 46؛ وتخليص
الشواهد ص58؛ وخزانة الأدب 4/ 105، 7/ 453، ورصف المباني
ص24، 236، وسر صناعة الإعراب 2/ 705؛ وشرح شذور الذهب ص62؛
وشرح شواهد المغني 2/ 585، وشرح ابن عقيل ص33، وشرح المفصل
1/ 53، ومغني اللبيب 1/ 38؛ وهمع الهوامع 1/ 39.
ج / 1 ص -107-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه ست لغات.
تنبيه: مذهب سيبويه أن ذو بمعنى صاحب وزنها فعل بالتحريك
ولامها ياء. ومذهب الخليل أن وزنها فعل بالإسكان ولامها
واو فهي من باب قوة: وأصله ذوو وقال ابن كيسان: تحتمل
الوزنين جميعًا. وفوك وزنه عند الخليل وسيبويه فعل بفتح
الفاء وسكون العين، وأصله فوه لامه هاء وذهب الفراء إلى أن
وزنه فعل بضم الفاء؛ واب وأخ وحم وهن وزنها عند البصريين
فعل بالتحريك ولاماتها واوات بدليل تثنيتها بالواو. وذهب
بعضهم إلى أن لام حم ياء من الحماية لأن أحماء المرأة
يحمونها، وهو ومردود بقولهم في التثنية حمو إن وفي إحدى
لغاته حمو، وذهب الفراء إلى أن وزن أب وأخ وحم فعل
بالإسكان، ورد بسماع قصرها وبجمعها على أفعال وأما هن
فاستدل الشارح على أن أصله التحريك بقولهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصد والتتبع وقدح من خشب. قوله: "كقرء" القرء بفتح القاف
وسكون الراء وبالهمز يطلق على الجمع والحيض والطهر وقد تضم
قافه كما في القاموس. قوله: "وزنها فعل بالتحريك ولامها
ياء" أما الأول فلانقلاب لامها ألفًا في نحو ذواتًا وقيل
ذاتًا أيضًا بلا رد اللام كما في التسهيل وأما الثاني فلأن
يأتي اللام أكثر من واويه والحمل على الأكثر أرجح فأصلها
ذوي حذفت الياء اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو
وحركت الذال بحركة الواو اتباعًا لها، ثم في حال الرفع
حذفت ضمة الواو للثقل وفي النصب قلبت الواو ألفًا لتحركها
وانفتاح ما قبلها، في حال الجر حذفت كسرة الواو للثقل
فوقعت الواو متطرفة إثر كسرة فقلبت ياء. فإن قلت: لا وجه
للنقل والاتباع في حال النصب لفتح الواو والذال فتحًا
أصليًّا. قلت: يقدر ذهاب فتحهما الأصلي وفتح الواو بفتحة
الإعراب التي كانت على اللام المحذوفة وفتح الذال بفتحة
الاتباع لتكون حالة النصف كحالتي الرفع والجر على قياس ما
سيأتي للشارح ترجيحه في أب قبيل التنبيه الآتي، ولك أن لا
تتكلف ذلك على مقياس مقابله الآتي.
قوله: "فعل بالإسكان" أي مع فتح الفاء واستدل بأن الحركة
زيادة فلا يقدم عليها إلا مثبت. وأجيب عن حجة سيبويه بأن
الاسم إذا حذفت لامه ثم ثني لا ترد عينه إلى سكونها قاله
يس أي فالمقتضى لقلب اللام ألفًا موجود. قوله: "ولامها
واو" انظر ما دليله على أن لامها واو. ثم رأيت الاستدلال
بأن أول أحواله واو ولام أخواته غير فوك واو فأجرى الباب
على سنن واحد. قوله: "من باب قوة" أي من باب ما عينه ولامه
واو بقطع النظر عن حركة الفاء. قوله: "وأصله ذوو" حذفت
الواو الثانية اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو
الأولى وفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "بفتح الفاء وسكون
العين" لأن حركة العين زيادة فلا تثبت إلا بمثبت ولا يرد
جمعه على أفعال لأن ما على فعل الساكنة العين يجمع على
أفعال إذا كان معتل العين كثوب وسيف. قوله: "وأصله فوه"
حذفت الهاء، اعتباطًا لشبهها بحرف العلة في الخفاء وقربها
منه في المخرج ثم تارة يعوض عن واوه الميم لأنها من مخرجها
وأخف من الياء وتارة لا فتنقل حركة الإعراب إلى الواو
ويفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "لامه هاء" بدليل قولهم في
الجمع أفواه وفي التصغير فويه. قوله:
ج / 1 ص -108-
وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا
لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هنة وهنوات. وقد استدل بذلك بعض شراح الجزولية، واعترضه
ابن إياز بأن فتحه النون في هنة يحتمل أن تكون لهاء
التأنيث، وفي هنوات لكونه مثل جفنات فتح لأجل جمعه بالألف
والتاء وإن كانت العين ساكنة في الواحدة؛ وقد حكى بعضهم
في جمعه أهناء فبه يستدل على أن وزنه بالتحريك "وشرط ذا
الإعراب" بالأحرف الثلاثة في الكلمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بسماع قصرها" لأن قصرها يوجب فتح العين إذ لا مقتضى لقلب
اللام ألفًا إلا تحركها مع انفتاح ما قبلها. قوله:
"ويجمعها على أفعال" أي لأن ما على فعل الصحيح العين
الساكنة لا يجمع على أفعال بل على أفعل كما سيأتي في قول
الناظم:
لفعل اسمًا صح عينًا افعل
لكن هذا لا ينهض على القراء إلا في حم لا في أب وأخ لأن
مذهبه أن ما على فعل بالسكون وفاؤه همزة يجوّز جمعه على
أفعال وأفعل ومفاد كلام الشارح جواز جمع أخ على آخاء وتوقف
شيخنا في سماعه. قوله: "فبه يستدل" أي لا بما ذكره الشارح
كما يفيده تقديم المعمول لما علمت من رده. قوله: "وشرط ذا
الإعراب بالأحرف الثلاثة" أخذه الشارح من كون المقام مقام
الإعراب بالنائب ومن المثال ويكفي هذان في صرف اسم الإشارة
عن رجوعه إلى أقرب مذكور فلا اعتراض على المصنف. قوله: "أن
يضفن" أي ولو نية في فانصبا كما في التسهيل وجمع الجوامع
للسيوطي كقول العجاج:
خالط من سلمى خياشيم وفا
أي خياشيمها وفاها قال في الهمع: خص البصريون
ذلك بالضرورة، وجوّزه الأخفش والكوفيون وتابعهم ابن مالك
في الاختيار تخريجًا على أنه حذف المضاف إليه ونوى ثبوته
فأبقى المضاف على حاله. ورأيت بخط الشنواني عن سم أنه لا
يقاس على ذلك عند المصنف أيضًا غير فا من فو وفي وبقية
الأسماء الستة وأورد عليه أن هذا الاشتراط في ذو والفم بلا
ميم تحصيل الحاصل لأنهما ملازمان للإضافة. وأجيب بأن الشرط
ينصرف إلى ما هو محتاج إليه بدلالة العقل والمحتاج إليه
هنا هو ما عداهما، فقول الشارح في الكلمات الست فيه. ما
فيه ولا يرد على اشتراط الإضافة لا أبا لك لأنه مضاف إلى
الضمير واللام مقحمة على مذهب الجمهور فالشرط موجود فيه في
الحقيقة، نعم انجرار ما بعد اللام بها لا بالمضاف كما قاله
في المغني وعلله بأن اللام أقرب وبأن الجار لا يعلق فيكون
مستثنى من عمل المضاف في المضاف إليه. فإن قلت لو كان
مضافًا إلى الضمير لكان معرفة فيجب الرفع وتكرار لا كما
سيأتي في باب لا النافية للجنس. قلت تركوا الرفع والتكرار
نظرًا إلى عدم الإضافة بحسب الظاهر والحاصل أنا راعينا
الحقيقة تارة فأعربنا ما بعد لا بالحرف والظاهر تارة
فأعملنا لا فيه ولم نكررها. أقول: بقي أن يقال لم أعربنا
لا أبالي بالحرف مع إضافته في الحقيقة للياء وعدم إضافته
أصلًا في الظاهر؟ والقاطع للإشكال من أصله ما ذكره بعضهم
من حمل ما ذكر على لغة القصر وإنما ترك التنوين
ج / 1 ص -109-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الست "أن يضفن لا لليا" مع ما هن عليه من الإفراد "كجا أخو
أبيك ذا اعتلا" فكل واحد من هذه الأسماء مفرد مكبر مضاف
وإضافته لغير الياء. وقد احتوت هذه الأمثلة على أنواع غير
الياء، فإن غير الياء إما ظاهر أو مضمر، والظاهر إما معرفة
أو نكرة. واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف فإنها تكون
منقوصة معربة بالحركات الظاهرة نحو جاء أب ورأيت أخا ومررت
بحم. وكلها تفرد إلا ذو فإنها ملازمة للإضافة وإذا أفرد
فوك عوض من عينه وهي الواو وميم وقد تثبت الميم مع الإضافة
كقوله:
14-
يصبح ظمآن وفي البحر فمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للبناء وسيأتي بسط ذلك في باب لا. قوله: "لا لليا" معطوف
على متعلق يضفن المحذوف والتقدير أن يضفن لأي اسم لا للياء
ولم يقيد الياء بياء المتكلم لأن الإضافة لا تكون لياء
المخاطبة أصلًا لاختصاصها بالفعل. قوله: "مع ما هن عليه
إلخ" أشار به إلى دفع اعتراض على المصنف في سكوته عن
الشرطين المذكورين وحاصل الدفع أنه استغنى عن التصريح بهما
بكونه ذكرها كذلك. قوله: "ذا اعتلا" حال من المضاف لا من
المضاف إليه لعدم شرطه. والاعتلاء العلوّ. قوله: "أنواع
غير الياء" أي أنواع المضاف إليه المغاير للياء. قوله:
"عما إذا لم تضف" أي تلك الأسماء أي القابل منها لعدم
الإضافة فلا يرد أن ذوو الفم بلا ميم ملازمان للإضافة.
قوله: "فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة" يظهر لي
أنه ليس بقيد بالنسبة إلى أب وأخ وحم لإطلاقهم جواز قصرها
مثلًا فتفطن ولا يرد عليه قوله:
خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا
لأن لفظ المضاف إليه منوي الثبوت فهو كالمذكور صراحة أي
خياشيمها وفاها. ولا يرد عليه أيضًا أن من لغات الفم الفمى
كالفتى وهو مقصور معرب بالحركات المقدرة مع الإضافة وعدمها
لأن الكلام ليس في الفم بالميم بل ليس في ذي والفم مطلقًا
لما ذكرناه عند قول المصنف أن يضفن وما ذكرناه عند قول
الشارح عما إذا لم تضف فافهم. قوله: "عوض من عينه وهي
الواو ميم" وجه التعويض أن الإضافة إذا زالت يأتي التنوين
فيدخل على واو هي ساكن فتحذف للساكنين فعوضوا الميم عنها
لتبقى، وعند الإضافة لا يحتاج إلى الميم للأمن من ذلك لفقد
التنوين أفاده الدماميني، وتقدم وجه إيثار الميم دون
غيرها. قوله: "وقد تثبت" أي على قلة، إجراء لحال الإضافة
مجرى حال عدمها.
قوله: "يصبح" أي الحوت المذكور قبل. وجملة وفي البحر فمه
حالية. قوله: "لخلوف فم الصائم" بضم الخاء وقد تفتح لكن
الفتح لغة شاذة كما في تحفة ابن حجر بل قيل خطأ: أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14- الرجز لرؤبة في ديوانه ص159؛ والحيوان 3/ 265؛ وخزانة
الأدب 4/ 451، 454، 460، والدرر 1/ 114؛ وشرح شواهد المغني
1/ 467؛ والمقاصد النحوية 1/ 139؛ وبلا نسبة في شرح
التصريح 1/ 64؛ وهمع الهوامع 1/ 40.
ج / 1 ص -110-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يختص بالضرورة خلافًا لأبي علي، لقوله -صلى الله عليه
وسلم:
"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والاحتراز بقوله لا لليا عما إذا أضيفت للياء فإنها تعرب بحركات
مقدرة كسائر الأسماء المضافة للياء وكلها تضاف للياء إلا
ذو فإنها لا تضاف لمضمر وإنما تضاف لاسم جنس ظاهر غير صفة
وما خالف ذلك فهو نادر وبكونها مفردة عما إذا كانت مثناة
أو مجموعة سلامة فإنها تعرب إعرابهما. وإن جمعت جمع تكسير
أعربت بالحركات الظاهرة. وبكونها مكبرة عما إذا صغرت فإنها
تعرب أيضًا بالحركات الظاهرة. وأعلم أن ما ذكره الناظم من
أن إعراب هذه الأسماء بالأحرف هو مذهب طائفة من النحويين
منهم الزجاجي وقطرب والزبادي من البصريين، وهشام من
الكوفيين في أحد قوليه. قال في شرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تغير رائحته بعد الزوال. ومعنى أطيبيته عند الله حقيته
بثناء الله على صاحبه ورضاه به. ولا تختص أطيبيته بيوم
القيامة على المعتمد وذكره في رواية مسلم لكونه وقت
الجزاء. قوله: "فإنها تعرب بحركات مقدرة" أي على ما قبل
ياء المتكلم منع من ظهورها كسرة المناسبة في أبي وأخي وحمى
وهنى بلا رد للاماتها المحذوفة كما هو الشائع، أو منع من
ظهورها سكون ما قبل الياء للإدغام في الأربعة برد لاماتها
وقلبها ياء وإدغامها في ياء المتكلم وفي فيّ فيجب قلب عين
في ياء وإدغامها في ياء المتكلم معربًا بحركات مقدرة على
ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها سكونه للإدغام كما صرّح
به الرضي.
قوله: "لاسم جنس ظاهر" أراد باسم الجنس ما وضع لمعنى كلي
معرفًا أو منكرًا: وأراد بالصفة المشتق للدلالة على معنى
وذات لا المعنى القائم بالموصوف. وخرج بقوله اسم جنس العلم
والجملة فلا يقال: أنت ذو محمد أو ذو تقوم. وبقوله ظاهر
الضمير الراجع إلى بعض الأجناس فلا يقال: الفضل ذوه أنت
وبقوله غير صفة الصفة فلا يقال: أنت ذو فاضل هكذا ينبغي
تقرير عبارة الشارح. ووجه ما ذكره الشارح من الحصر أن ذو
صلة للوصف والضمير، والعلم لا يوصف بهما. والمشتق غني عنها
لصلاحيته بنفسه للوصف وكذا الجملة. قوله: "وما خالف ذلك
فهو نادر" كإضافته إلى العلم في نحو: أنا الله ذو بكة،
وإلى الجملة في نحو اذهب بذي تسلم: أي اذهب في وقت صاحب
سلامة. وفي نكت السيوطي أن إضافته إلى العلم قليلة وإلى
الجملة شاذة. وفي يس أنه أضيف إلى الضمير شذوذًا. قوله:
"أو مجموعة جمع سلامة" أي بالواو والنون أو الياء والنون
إن أريد بها من يعقل أو بالألف والتاء إن أريد بها ما لا
يعقل كأن يقال: أبوات وأخوات وقد سمع جمع أب وأخ وذي جمع
مذكر سالمًا قيل: وهن وحم وفم بلا ميم أيضًا.
قوله: "وأبعدها عن التكلف" بخلاف مذهب سيبويه فإن فيه تكلف
حركات مقدرة مع الاستغناء عنها بنفس الحروف لحصول فائدة
الإعراب بها وهي بيان مقتضى العامل. ولا محذور في جعل
الإعراب حرفًا من نفس الكلمة إذا صلح له كما جعلوه في
المثنى والمجموع على حده من نفسها. قوله: "وأتبع فيها ما
قبل الآخر للآخر" إن قلت: لم أتبعوا في هذه الأسماء دون
ج / 1 ص -111-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف. ومذهب
سيبويه والفارسي وجمهور البصريين أنها معربة بحركات مقدرة
على الحروف وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت: قام
أبو زيد فأصله أبو زيد ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو
فصار أبو زيد فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت. وإذا قلت
رأيت أبا زيد فأصله أبو زيد فقيل: تحركت الواو وانفتح ما
قبلها قلبت ألفا. وقيل: ذهبت حركة الباء ثم حركت اتباعًا
لحركة الواو ثم انقلبت الواو ألفًا، قيل: وهذا أولى
ليتوافق النصب مع الرفع والجر في الاتباع، وإذا قلت: مررت
بأبي زيد فأصله بأبو زيد فأتبعت حركة الباء لحركة الواو
فصار بأبو زيد فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت كما حذفت
الضمة ثم قلبت الواو ياء لكونها بعد كسرة كما في نحو ميزان
وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح وهذان المذهبان من جملة
عشرة مذاهب في إعراب هذه الأسماء وهما أقواها.
تنبيه: إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف توطئة لإعراب
المثنى والمجموع على حده بها، وذلك أنهم أرادوا أن يعربوا
المثنى والمجموع بالأحرف للفرق بينهما وبين المفرد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظائرها من الأسماء المعتلة نحو عصاك ورحاك. قلت الفرق أن
للاتباع في هذه الأسماء فائدة وهي الإشعار بأن ما قبل
الآخر كان في غير حالة الإضافة حرف إعراب نحو:
{إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف: 78]
{فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَه} [يوسف: 77]، بخلاف النظائر. ومن المقرر أن
الشيء إذا لزم شيئًا من باب أجرى جميع الباب على وتيرته
فلا يرد فوك وذو مال. قوله: "ثم انقلبت الواو ألفًا" أي
لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وهذا أولى" أورد عليه أن
حركة الياء على هذا عارضة للاتباع فلا تصلح موجبًا لقلب
الواو المتحركة ألفًا لما سيأتي في محله من أنه يشترط
أصالة الفتح. وأجيب بأن حركتها في الحقيقة غير عارضة.
والحكم بذهاب حركتها الأصلية والإتيان بحركة أخرى للاتباع
أمر تقديري ارتكبناه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وعلى
تسليم عروضها في الحقيقة يقال لما حلت محل الأصلية ونابت
عنها واتحدت معها نوعًا أعطيت حكمها أفاده الدماميني.
قوله: "وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح" أي لأن الأصل
في الإعراب أن يكون بالحركات ظاهرة أو مقدرة فمتى أمكن
تقديرها لم يعدل عنه، ولا يمكن تمشية كلام المصنف هنا عليه
لأنه في الإعراب بالنيابة كما قال سابقًا وغير ما ذكر ينوب
إلخ. قوله: "من جملة عشرة مذاهب" بل من جملة اثني عشر
مذهبًا ساقها السيوطي في همع الهوامع فراجعه. قوله: "إنما
أعربت هذه الأسماء بالأحرف" الأولى والمناسب لقوله في
السؤال الثاني وإنما اختيرت هذه الأسماء أن يقول هنا إنما
أعرب بعض المفردات بالأحرف إلخ ثم يقول: وكان ذلك البعض
الأسماء الستة لأنها تشبه المثنى إلخ وتصحيح كلام الشارح
أن يقال: المنظور إليه في السؤال الأول جهة عموم الأسماء
الستة وهي كونها بعضًا من الأسماء المفردة لا جهة خصوصها
وهي كونها هذه الأسماء بأشخاصها. قوله: "للفرق بينهما إلخ"
ولم يعكس ليكون
ج / 1 ص -112-
بالألف ارفع المثنى وكلا
إذا بمضمر مضافا وصلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأعربوا بعض المفردات بها ليأنس بها الطبع. فإذا انتقل
الإعراب بها إلى المثنى والمجموع لم ينفر منه لسابق الألفة
وإنما اختيرت هذه الأسماء لأنها تشبه المثنى لفظًا ومعنى
أما لفظا فلأنها لا تستعمل كذلك إلا مضافة والمضاف مع
المضاف إليه اثنان. وأما معنى فلاستلزام كل واحد منها آخر:
فالأب يستلزم ابنا والأخ يستلزم أخًا وكذا البواقي وإنما
اختيرت هذه الأحرف لما بينها وبين الحركات الثلاث من
المناسبة الظاهرة "بالألف ارفع المثنى" نيابة عن الضمة.
والمثنى اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة
أغنت عن العاطف والمعطوف: فاسم ناب عن اثنين يشمل المثنى
الحقيقي كالزيدين وغيره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل للأصل والفرع للفرع. قوله: "وكذا البواقي" فالحم
لكونه أقارب الزوج أو الزوجة يستلزم واحدًا منهما، وذو
لكونه بمعنى الصاحب يستلزم مصحوبًا، والفم يستلزم صاحبه
وكذا الهن. قوله: "ارفع المثنى" سيأتي شروط المثنى. قوله:
"والمثنى" أي اصطلاحًا أما لغة فهو المعطوف كثيرًا.
قوله: "اسم" أي معرب بدليل أن الكلام في المعرف فلا يرد
على التعريف أنتما. قوله: "ناب عن اثنين" أي اسمين اثنين
أعم من أن يكونا مذكرين أو مؤنثين مفردين كالزيدين أو جمعي
تكسير كالجمالين أو اسمي جمع كالركبين، أو اسمي جنس
كالغنمين. والمراد ناب عنهما في الحالة الراهنة لأن معنى
الفعل غير معتبر في التعاريف فلا يرد أن التعريف غير مانع
لدخول المثنى المسمى به والمراد النيابة عنهما بطريق الوضع
فلا يرد أن التعريف غير جامع لخروج نحو
{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْن} [الملك: 4] مما استعمل في الكثرة لأن
نيابته عن أكثر من اثنين ليست بطريق الوضع، على أن منهم من
جعله ملحقًا بالمثنى لا مثنى حقيقة. قوله: "في الوزن
والحروف" لم يقل والمعنى مراعاة لمذهب الناظم الذي يجوز
تثنية المشترك مرادًا بها معنياه المختلفان وجمعه كذلك عند
أمن اللبس بتثنيته مرادًا بها فردان لأحد معنييه. نحو عندي
عينان: منقودة ومورودة وبجمعه كذلك. ويجوز تثنية اللفظ
مرادًا بها حقيقته ومجازه وجمعه كذلك عند ذلك معللًا ذلك
بأن الأصل في التثنية والجمع العطف وهو في المتفقين
والمختلفين جائز بالاتفاق والعدول عنه اختصار فإذا جاز في
أحدهما فليجز في الآخر قياسًا. قال في شرح الجامع وبعضهم
بنى المسألة على جواز استعمال المشترك في معنييه أي واللفظ
في حقيقته ومجازه. فإن قلنا به جاز وإلا فلا. ا. هـ. وهو
ظاهر. قوله: "بزيادة" الباء سببية متعلقة بناب. قوله:
"أغنت عن العاطف والمعطوف" فلا يقال جاء زيد وزيد مثلًا في
غير ضرورة أو شذوذ إلا لنكتة كقصد تكثير نحو أعطيتك مائة
ومائة، وكفصل ظاهر نحو جاء رجل طويل ورجل قصير أو مقدر نحو
قول الحجاج: إنا لله محمد ومحمد في يوم. أي محمد ابني
ومحمد أخي وأل في العاطف للعهد والمعهود الواو خاصة ففي
كتاب العسكري لا يجوز في قام زيد فزيد قام الزيدان بخلاف
قام زيد وزيد. قال: ولهذا لا يجوز قام زيد فزيد الظريفان
لأن النعت كالمنعوت فكما لا يجتمع المنعوتان في لفظ واحد
كذلك نعتاهما كذا في الدماميني. وعلى هذا لا يجوز بالطريق
الأولى جاء زيد فعمرو
ج / 1 ص -113-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالقمرين، واثنين واثنتين، وكلا وكلتا، والألفاظ الموضوعة
للاثنين كزوج وشفع فخرج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظريفان وعندي أنه يجوز جاء زيد فزيد الظريفان وجاء زيد
فعمرو الظريفان لانتفاء اللبس المانع من جواز جاء الزيدان
في جاء زيد فزيد أو فعمرو ولأنه يغتفر في التابع ما لا
يغتفر في المتبوع فعليك بالإنصاف. وأل في المعطوف أيضًا
للعهد والمعهود المعطوف من لفظ المثنى فلا يرد أن التعريف
يدخل فيه اثنان لنيابته عن رجل ورجل واثنتان لنيابته عن
امرأة وامرأة لأن المعطوف ليس من لفظ المثنى.
قوله: "فاسم ناب عن اثنين يشمل إلخ" يتبادر من هذا مع
سكوته عن إخراج قوله ناب عن اثنين لما دل على أقل من اثنين
كرجلان أي ماش. ولما دل على أكثر كصنوان جمع صنو، ولما
أعرب كالمثنى والمراد به مفرد اسم جنس ككلبتي الحداد أو
علم كالبحرين لمكان. وجعله اتفقا في الوزن قيد أول أنه جعل
مجموع قوله اسم ناب عن اثنين جنسًا وهو خلاف المألوف
والموافق للمألوف جعل اسم جنسًا وناب عن اثنين فصلًا أول
مخرجًا لما مر. قوله: "كالقمرين" للشمس والقمر تغليبًا
للمذكر. ولم يغلبوا المؤنث إلا في مسألتين: قولهم ضبعان
بفتح فضم في تثنية ضبع للمؤنث، وضبعان بكسر فسكون للمذكر.
ونحو قولك كتبته لثلاث بين يوم وليلة وضابطه أن يكون معك
عدد مميز بمذكر ومؤنث كلاهما مما لا يعقل وفصلًا من العدد
ببين كذا في المغني. قال الدماميني ومن أمثلة المسألة
الثانية اشتريت عشرًا بين جمل وناقة. ثم قال ووقع تغليب
المؤنث في غير تينك المسألتين ففي التنزيل:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ
أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}
[البقرة: 234] والمراد عشرة أيام بلياليهن لكن أنث العدد
لتغليب الليالي وقوله تعالى:
{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 104] بعد قوله:
{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103] مشعر بأن
المراد بالعشر الأيام فأنث تغليبًا لليالي. وزعم زاعم أنه
عليه الصَّلاة والسَّلام غلب المؤنث في قوله:
"حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت
قرّة عيني في الصلاة" اهتمامًا بالنساء. وهذا
الحديث رواه النسائي عن أنس وليس فيه ذكر الثلاث ولا
أعلمها ثابتة من طريق صحيح. ا. هـ. أقول عد في آخر المغني
من أمثلة التغليب قولهم المروتين في الصفا والمروة وهذا من
تغليب المؤنث.
فائدة: أذكرني ذكر القمرين قول القائل:
رأت قمر السماء فأذكرتني
ليالي وصلها بالرقمتين
كلانا ناظر قمرًا ولكن
رأيت بعينها ورأت بعيني
قال الدماميني: هذا من المبالغة حيث ادعى أن القمر الحقيقي
هو وجهها وأن قمر السماء قمر مجازي لمشابهته وجهها. وقوله:
رأيت بعينها ورأت بعيني يرشد إليه. ا. هـ. أي لأن معنى
رأيت بعينها إلخ إني رأيت القمر الحقيقي وهي رأت القمر
المجازي لأني رأيت وجهها وهو القمر الحقيقي وهي رأت قمر
السماء وهو القمر المجازي قال الصلاح الصفدي: وهذا أحسن ما
يقال في معنى البيتين. وذهب بعضهم إلى أن نحو القمرين مثنى
حقيقة وأن التثنية إنما حصلت بعد
ج / 1 ص -114-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقيد الأول نحو العمرين في عمرو وعمر وبالثاني نحو
العمرين في أبي بكر وعمر، وبالثالث كلا وكلتا واثنان
واثنتان وثنتان؛ إذ لم يسمع كل ولا كلت، ولا اثن ولا اثنة
ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسمية المغلب عليه باسم المغلب مجازًا وهو مبني على جواز
تثنية اللفظ مرادًا بها حقيقته ومجازه. قوله: "كزوج وشفع"
فيه أنهما لم يوضعا لاثنين خاصة بل لأعم من اثنين وهو ما
انقسم بمتساويين ومثلهما زكا يقال: خسا أو زكا أي فردًا أو
زوجًا قاله الروداني. قوله: "فخرج بالقيد الأول نحو
العمرين" يصح ضبطه بالفتح فالإسكان تغليبًا للأخف وبالضم
فالفتح إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلّم:
"اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك" يعني عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام الذي هو أبو جهل تغليبًا للأشرف
الذي سبقت له السعادة فيكون في الحديث رمز إلى أنه الذي
يسلم. قال الدماميني يغلب الأخف لفظًا ما لم يكن غير الأخف
مذكرًا. أقول أو اقتضى تغليبه سبب غير التذكير كما قررناه
في العمرين بالضم فالفتح. وما نقلناه عن الدماميني نقله
الشمني عن التفتازاني. ثم نقل الدماميني عن ابن الحاجب أن
شرط التغليب تغليب الأدنى على الأعلى وضعفه، وعن غيره أن
شرطه تغليب الأعلى على الأدنى وضعفه. قوله: "وبالثاني نحو
العمرين" كان الأولى أن يقول نحو الزيدين في زيد وعمرو لأن
المثال الذي ذكره خارج بالقيد الأول لاختلاف الوزن أيضًا
فيه. قوله: "وبالثالث كلا وكلتا" قال شيخنا أي خرج بالثالث
ما لا زيادة فيه أغنت عن العاطف والمعطوف بأن لا يكون فيه
زيادة أصلًا أو يكون فيه زيادة لا تغني عن العاطف والمعطوف
بأن لا يكون له مفرد من لفظه. ا. هـ. فالأول نحو كلا وزوج
وشفع والثاني نحو كلتا واثنان واثنتان وثنتان إذ لم يسمع
كلت واثن واثنة وثنت، ومن هذا يعلم أنه كان ينبغي للشارح
ذكر زوج وشفع مع الألفاظ الخمسة لخروجهما أيضًا بالقيد
الثالث إلا أن يقال تركهما للمقايسة وأنه كان ينبغي له
تعليل خروج كلا بعدم الزيادة فيها أصلًا لا بعدم سماع مفرد
لها لإيهامه أن فيها زيادة لكن لا تغني عن العاطف والمعطوف
لعدم سماع مفرد لها فتأمل. واعلم أن إخراج زوج وشفع بالقيد
الثالث إنما هو على التنزل مع الشارح في دخول شفع وزوج في
قولنا اسم ناب عن اثنين وتقدم ما فيه.
فائدة: قال في التصريح ويشترط في كل ما يثنى عند الأكثرين
ثمانية شروط: أحدها الإفراد فلا يثنى المثنى ولا المجموع
على حده ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد ولا جمع
المؤنث السالم وإن ثنى غير ذلك من جمع التكسير واسم الجمع
واسم الجنس كما مر. الثاني الإعراب فلا يثنى المبني وأما
ذان وتان واللذان واللتان فصيغ موضوعة للاثنين وليس من
المثنى حقيقة على الأصل عند جمهور البصريين، وأما قولهم
منان ومنين فليست الزيادة فيهما للتثنية بل للحكاية بدليل
حذفها وصلًا ولا يرد نحو يا زيدان ولا رجلين لأن البناء
وارد على المثنى فهما من بناء التثنية لا من تثنية المبني.
الثالث عدم التركيب فلا يثنى المركب تركيبًا إسناديًّا
باتفاق ولا مزجيًا على الأصح فإن أريد الدلالة على اثنين
أو اثنتين مما سمى بهما أضيف إليهما ذوا أو ذوا تاو
المجوزون تثنية المزجي قال بعضهم: يقال معديكربان
وسيبويهان. وقال بعضهم: يحذف عجز المختوم بويه ويثنى صدره،
ويقال: سيبان. وأما العلم الإضافي فإنما يثنى جزؤه الأول
على
ج / 1 ص -115-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثنت وأما قوله:
15-
في كلت رجليها سلامى واحدة
فإنما أراد كلتا فحذف الألف للضرورة. فهذه المخرجات ملحقات
بالمثنى في إعرابه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصحيح وانظر حكم المركب التقييدي العلم. الرابع التنكير
فلا يثنى العلم باقيًا على علميته بل ينكر ثم يثنى مقرونًا
بأل أو ما يفيد فائدتها ليكون كالعوض من العلمية فيقال جاء
الزيدان ويا زيدان مثلًا ولهذا لا تثنى كنايات الإعلام
كفلان وفلانة لأنها لا تقبل التنكير. الخامس اتفاق اللفظ
وأما نحو الأبوين للأب والأم فتغليب وتقدم بيانه. السادس
اتفاق المعنى فلا يثنى اللفظ مرادًا به حقيقته ومجازه أو
مرادًا به معنياه المختلفان المشترك هو بينهما عند
الجمهور. وأما قولهم القلم أحد اللسانين فشاذ وأورد عليهم
جواز تثنية العلم إذ نسبة العلم المشترك إلى مسمياته كنسبة
المشترك إلى مسمياته. وأجاب ابن الحاجب بوجهين أقواهما أنه
لا يلزم من جواز تثنية العلم المشترك جواز تثنية المشترك
لأن تثنية المشترك باعتبار معنييه تلتبس تثنيته باعتبار
فردي أحد معنييه وهذا مفقود في تثنية العلم إذ ليس شيء من
معانيه جنسًا وقد مر أن المصنف يشترط أمن اللبس فلا يرد
عليه ما ذكر. السابع أن لا يستغنى عن تثنيته بتثنية غيره
نحو سواء فإنهم استغنوا عن تثنيته بتثنية سي فقالوا: سيان
لا سواءان أي قياسًا فلا ينافي أنه شذ سواءان وبعض فإنهم
استغنوا عن تثنيته بتثنية جزء أو بملحق بالمثنى نحو أجمع
وجمعاء فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بكلا وكلتا أو بغير ذلك
نحو ثلاثة وأربعة فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بستة وثمانية.
الثامن أن يكون له ثان في الوجود فلا يثنى الشمس والقمر،
وأما قولهم القمران فتغليب وقد مر بيانه. ا. هـ. مع زيادة
من الهمع وغيره ويظهر أن المركب التقييدي العلم كالمزجي.
وزاد بعضهم كالسيوطي في الهمع أن يكون لتثنيته فائدة فلا
يثنى كل وأحد وعريب وديار لإفادة الجميع العموم ورد زيادته
بأنه يغني عنه الاتفاق في المعنى غير ظاهر وأن لا يشبه
الفعل فلا يثنى أفعل من ورد بعضهم زيادة هذا بأن مانع
التثنية في افعل من عرض من التركيب أي مع من فلا يعتد به
إذ هو في حد ذاته يصح أن يثنى.
قوله: "سلامى" هي بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح
الميم العظم بين المفصلين من مفاصل أصابع اليد أو الرجل
قاله العيني. قوله: "وكلا" هذا شروع في ذكر بعض ما حمل على
المثنى. وألف كلا قيل: بدل عن واو وقيل: عن ياء وألف كلتا
للتأنيث والتاء بدل عن واو وقيل: عن ياء. وقيل: الألف
أصلية لام الكلمة والتاء زائدة للإلحاق وقيل: للتأنيث. فإن
قلت: إذا كانت ألف كلا أصلية وألف كلتا للتأنيث أو أصلية
فالألف فيهما غير مجتلبة لعامل فكيف تكون إعرابًا. أجيب
بأن الإعراب قد يكون حرفًا من نفس الكلمة كما في الأسماء
الستة والمثنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15- تمامه: كلتاهما مقرونة بزائدة، والرجز بلا نسبة في
أسرار العربية ص288؛ والإنصاف 2/ 439؛ وخزانة الأدب 1/
129، 133؛ والدرر 1/ 120، ولسان العرب 15/ 229 "كلا"؛
واللمع في العربية ص172؛ والمقاصد النحوية 1/ 159 ؛ وهمع
الهوامع 1/ 41.
ج / 1 ص -116-
كلتا كذاك اثنان واثنتان
كابنين وابنتين يجريان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليست منه "وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا" الألف للإطلاق أي
وارفع بالألف كلا إذا وصل بمضمر حال كونه مضافًا إلى ذلك
المضمر حملًا على المثنى الحقيقي و"كلتا كذاك" أي ككلا في
ذلك: تقول جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، فإن
أضيفا إلى ظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف رفعًا ونصبًا
وجرًّا. وبعضهم يعربهما إعراب المثنى في هذه الحالة أيضًا.
وبعضهم يعربهما إعراب المقصور مطلقًا ومنه قوله:
16-
نعم الفتى عمدت إليه مطيتي
في حين جدبنا المسسير كلانا
تنبيه: كلا وكلتا اسمان ملازمان للإضافة ولفظهما مفرد
ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى
واعتبار اللفظ فيفرد، وقد اجتمعا في قوله:
17-
كلاهما حين جد الجري بينهما
قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجمع على حده لكن ذلك الحرف قبل دخول العامل ليس إعرابًا
بل هو دال على التثنية أو الجمع أو غير دال على شيء كما في
الأسماء الستة وبعد دخوله إعراب فقد تغير الآخر بدخول
العامل عما كان عليه قبل دخوله تغير صفة فتدبر. قوله:
"بمضمر" متعلق بوصل مقدره لدلالة وصل المذكورة لأن أداة
الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر كذا قيل وفيه ما مر.
وقوله مضافًا حال من الضمير المستتر في وصل العائد إلى كلا
مؤسسة احترز به عما إذا اتصلت بالضمير غير مضافة إليه نحو
زيد وعمرو هما كلا الرجلين لأن الاتصال يشمل القبلي
والبعدي فعلم ما في كلام شيخنا. قوله: "أي وارفع إلخ" أشار
إلى أن كلا معطوف على المثنى وأن مضافًا حال من نائب فاعل
وصل وأن متعلق مضافًا محذوف لدلالة الكلام عليه. قوله:
"كلتا كذاك" مبتدأ وخبر هذا هو الظاهر. قوله: "في هذه
الحالة" أي حالة الإضافة إلى ظاهر. قوله: "مطلقًا" أي سواء
أضيفا إلى مضمر أو ظاهر. قوله: "عمدت" أي قصدت وبابه ضرب
كما في المختار والإسناد في جدبنا المسير مجاز عقلي والأصل
جددنا في المسير. قوله: "ملازمان للإضافة" أي إلى المعرب
الذي يدل على اثنين بلا تفرق ولو كان بحسب اللفظ مفردًا أو
جمعًا كما سيأتي في الإضافة.
قوله: "كلاهما" أي الفرسين وقوله: جد الجري مجاز عقلي
والأصل جدا في الجري وقوله: قد أقلعا أي كفا عن الجري
وقوله: رابي أي منتفخ والشاهد في أقلعا ورابي. قوله: "وبه
جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
17- البيت في البسيط، وهو للفرزدق في أسرار العربية ص287؛
وتخليص الشواهد ص66؛ وخزانة الأدب 4/ 299؛ والخصائص 3/
314؛ والدرر 1/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد
المغني ص552؛ ونوادر أبي زيد ص162؛ ولم أقع عليه في
ديوانه، وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156 "سكف"؛
وبلا نسبة في الإنصاف ص447؛ والخزانة 1/ 131؛ والخصائص 2/
421؛ وشرح شواهد الإيضاح ص171؛ وشرح المفصل 1/ 54؛ ومغني
اللبيب ص204، وهمع الهوامع 1/ 41.
ج / 1 ص -117-
وتخلف اليا في جميعها الألف
جرا ونصبا بعد فتح قد ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلا أن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن قال تعالى:
{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا}
[الكهف: 33] ولم يقل: آتتا فلما كان لكلا وكلتا حظ من
الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد
تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة
الإضافة إلى المضمر لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب
بالحركات. والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن
الظاهر أصل المضمر فجعل الفرع من الفرع والأصل مع الأصل
مراعاة للمناسبة "اثنان واثنتان" بالمثلثة اسمان من أسماء
التثنية وليسا بمثنيين حقيقة كما سبق "كابنين وابنتين"
بالموحدة اللذين هما مثنان حقيقة "يجريان" مطلقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن" أي نصًّا وأما اعتبار المعنى فلم يجىء فيه نصًّا
لأن الضمير في قوله تعالى:
{وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا}
[الكهف: 33] لا يتعين رجوعه إلى كلتا من قوله تعالى:
{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] بل يحتمل رجوعه إلى الجنتين وإن
كان رجوع الضمير إلى المضاف أكثر من رجوعه إلى المضاف إليه
ولهذا مشى في شرح الجامع على رجوع الضمير إلى كلتا قال
الدماميني: ويتعين الإفراد مراعاة للفظ في نحو: كلانا غني
عن أخيه وضابطه أن ينسب إلى كل منهما حكم الآخر بالنسبة
إليه لا بالنسبة إلى ثالث إذ المراد كل واحد منا غني عن
أخيه. قال في المغني: وقد سئلت قديمًا عن قول القائل زيد
وعمرو كلاهما قائم وكلاهما قائمان أيهما الصواب فكتبت أن
قدر كلاهما توكيدًا قيل قائمان لأنه خبر عن زيد وعمرو وإن
قدر مبتدأ فالوجهان والمختار الإفراد وعلى هذا فإذا قيل:
إن زيدًا وعمرًا فإن قيل: كليهما قيل: قائمان أو كلاهما
فالوجهان. ا. هـ. قوله: "اثنان واثنتان" تجوز إضافتهما إلى
ما يدل على اثنين لكن لا بد أن يكون الاثنان الواقع عليهما
المضاف غير الاثنين الواقع عليهما المضاف إليه لئلا يلزم
إضافة الشيء إلى نفسه لا فرق في ذلك بين الظاهر والضمير
على المرضي عندي. ويؤيده تصريح بعضهم كما في الروداني
بجواز اثنا كما إذا أريد بالاثنين أمران غير المخاطبين
مضافان إليهما كعبدين لهما. وأما ما نقله في التصريح عن
الموضح في شرح اللمحة وتبعه البعض من امتناع إضافة اثنين
واثنتين إلى ضمير تثنية لأنها إضافة الشيء إلى نفسه فغير
ظاهر على إطلاقه.
قوله: "من أسماء التثنية" أي من الأسماء الدالة وضعًا على
اثنين. قوله: "كابنين وابنتين إلخ" قال بعضهم: لما لم يتزن
له أن يقول مثل المثنى أتى بمثالين منه وأقام ذلك مقام
قوله كالمثنى. وقال آخر: كان يمكنه أن يقول مثل المثنى فيه
يجريان أي في الرفع بالألف إفاده في النكت. قوله: "مطلقًا"
أي سواء أفردا كقوله تعالى:
{حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَان}
[المائدة: 106] أي شهادة اثنين ليصح الإخبار به عن شهادة
بينكم أو ركبًا نحو:
{فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}
[البقرة: 60] أو ضيفًا نحو اثناكم واثنتاكم. قوله: "وتخلف
اليا" أي تقوم مقامها في بيان مقتضى العامل لا في النوع
الخاص بالألف وهو الرفع والمراد الخلف ولو تقديرًا ليدخل
نحو لبيك مما لم يستعمل مرفوعًا. قوله: "في هذه الألفاظ
جميعها" جعل الشارح جميعًا تأكيدًا لمحذوف وهو ممنوع عند
غير الخليل إلا أن يقال: هو حلّ معنى لا حلّ إعراب. قوله:
"بعد
ج / 1 ص -118-
وارفع بواو وبيا اجرر وانصب
سالم جمع عامر ومذنب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرفعان بالألف ومثل اثنتين ثنتان في لغة تميم "وتخلف اليا
في" هذه الألفاظ "جميعها" أي المثنى وما ألحق به "الألف
جرا ونصبا بعد فتح قد ألف" اليا فاعل تخلف قصره للضرورة
والألف مفعول به وجرًّا ونصبًا نصب على الحال من المجرور
بقي أي مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار
بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا.
وحاصل ما قاله أن المثنى وما أحلق به يرفع بالألف ويجر
وينصب بالياء المفتوح ما قبلها.
تنبيهان: الأول في المثنى وما ألحق به لغة أخرى وهي لزوم
الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا وهي لغة بني الحرث بن كعب
وقبائل أخر، وأنكرها المبرد وهو محجوج بنقل الأئمة. قال
الشاعر:
18-
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى
مساغًا لنا باه الشجاع لصمما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح قد ألف" ذكره وإن كان يؤخذ الفتح من السكوت على ما قبل
الألف الذي هو مفتوح لأن التصريح أقوى في البيان ولإفادة
علة فتح ما قبل ياء المثنى وهي ألفة الفتح مع الألف كما في
نكت السيوطي فقوله قد ألف في معنى التعليل. قوله:
"للضرورة" فيه أن قصر ذي الألف من أسماء حروف التهجي لغة
لا ضرورة إلا أن يقال: المراد أن القصر هنا متعين لضرورة
الوزن.
قوله: "نصب على الحال" فيه أن مجيء المصدر حالًا وإن كان
كثيرًا مقصور على السماع فالأولى كونه منصوبًا على الظرفية
بتقدير مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه والأصل وقت جر
ونصب كما في آتيك طلوع الشمس. قوله: "أي مجرورة ومنصوبة"
لم يقل أي مجرورًا ومنصوبًا مع أن المجرور بفي وهو لفظ جمع
مذكر لأن الغالب مراعاة ما أضيف إليه كل وجميع لا لمجرد
اكتساب التأنيث من المضاف إليه وإن اقتضاه كلام شيخنا
والبعض. قوله: "وسبب فتح" أي إبقاء فتح والسبب الذي ذكره
غير السبب المستفاد من كلام المصنف كما مر. قوله: "خلف عن
الألف" إنما كانت الألف أصلًا لأن الرفع أول أحوال الإعراب
ومثلها الواو في الجمع. قوله: "والألف لا يكون ما قبلها
إلا مفتوحًا" في معنى التعليل للإشعار. قوله: "لزوم الألف"
أي والإعراب بحركات مقدرة عليها كالمقصور وبعض من يلزمه
الألف يعربه بحركات ظاهرة على النون كالمفرد الصحيح فيقول
جاء الزيدان بضم النون ورأيت الزيدان بفتحها ومررت
بالزيدان بكسرها وهي لغة قليلة جدًا كذا في الدماميني
وغيره والظاهر على هذه اللغة منع صرف المثنى إذا انضم إلى
زيادة الألف والنون علة أخرى كالوصفية في نحو صالحان
فتأمل. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- البيت من الطويل، وهو للمتلمس في ديوانه ص34 ؛
والحيوان 4/ 263؛ وخزانة الأدب 7/ 487؛ والمؤتلف والمختلف
ص71؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص757؛ وسر صناعة الإعراب 2/
704؛ وشرح المفصل 3/ 128.
ج / 1 ص -119-
وشبه ذين وبه عشرونا
وبابه ألحق والأهلونا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعل منه أن هذان لساحران ولا وتران في ليلة. الثاني لو
سمي بالمثنى في إعرابه وجهان: أحدهما إعرابه قبل التسمية
والثاني يجعل كعمران فيلزم الألف ويمنع الصرف وقيده في
التسهيل بأن لا يجاوز سبعة أحرف فإن جاوزها كاشهيبابين لم
يجز إعرابه بالحركات "وارفع بواو" نيابة عن الضمة "وبيا
اجرر وانصب" نيابة عن الكسرة والفتحة "سالم جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لصمما" أي عض ونيب.
قوله: "وجعل منه إن هذان لساحران" وقيل: اسم إن ضمير الشأن
وهذان مبتدأ وساحران خبر مبتدأ محذوف دخلت عليه لام
الابتداء أي لهما ساحران والجملة خبر هذان والجملة خبر إن.
واعترض بأن حذف ضمير الشأن شاذ إلا مع أن المفتوحة المخففة
وكأن المخففة فإنهم استسهلوه معهما لكونه في كلام بني على
التخفيف فحذفه تبع لحذف النون. ورب شيء يحذف تبعًا ولا
يحذف استقلالًا كالفاعل يحذف مع الفعل ولا يحذف وحده وإنما
كان مع غيرهما شاذًّا لأن فائدة ضمير الشأن تمكين ما يعقبه
في ذهن السامع لأنه موضوع لمبهم يفسره ما بعده فإذا لم
يتعين للسامع منه معنى انتظر ما بعده ولهذا اشترط أن يكون
مضمون الجملة مهما وهذه الفائدة مفقودة عند حذفه وبأن حذف
المبتدأ ينافي التأكيد لأن تأكيد الشيء يقتضي الاعتناء به
وحذفه يقتضي خلافه. وأجيب عن هذا بمنع تنافيهما لعدم
تواردهما على محل واحد لأن التأكيد للنسبة والحذف للمبتدأ
ولأن المحذوف لدليل كالثابت وقد صرح الخليل وسيبويه بجواز
حذف المؤكد وبقاء التأكيد في نحو مررت بزيد وجاءني أخوه
أنفسهما بالرفع على تقديرهما صاحباي أنفسهما وبالنصب على
تقدير أعينهما أنفسهما قاله الدماميني. وقيل هذان مبني
لتضمنه معنى الإشارة كمفرده وجمعه وكذا هذين لما ذكر لكن
هذان أقيس لأن الأصل في المبني أن لا تختلف صيغه لاختلاف
العامل مع أن فيه مناسبة لألف ساحران وإنما قال لأكثر هذين
جرا ونصا نظرًا لصورة التثنية. قوله: "ويمنع الصرف"
للعلمية وزيادة الألف والنون. قوله: "كإشهيبابين" تثنية
اشهيباب وهي السنة المجدبة التي لا مطر فيها. قوله: "وارفع
بواو" أي ظاهرة كما في الزيدون أو مقدرة كما في صالحو
القوم أو منقلبة إلى الياء كما في مسلميّ على التحقيق.
قوله: "وبيا اجرر وانصب" ليس المجرور متنازعًا فيه لاجرر
وانصب على الأصح لتأخر العاملين فلا يصح عمل المتأخر
المعطوف فيما قبل المعطوف عليه للفصل به بل يقدر له معمول
آخر وعلى القول الثاني يصح كونه من باب التنازع لطلب
المعمول في الجملة قاله الشيخ يحيى. وبه يعرف ما في كلام
البعض وعلى هذا القول فالذي أعملناه هو الثاني إذ لو كان
الأول لوجب الإضمار في الثاني بلا حذف للضمير وقصر يا مع
حذف تنوينه للضرورة كما قاله الشنواني.
قوله: "نيابة عن الكسرة والفتحة" يحتمل أن يكون مفعولًا
مطلقًا لمحذوف وجوبًا أي نابت الياء فيما ذكر نيابة.
ويحتمل أن يكون قوله نيابة عن الكسرة مفعولًا لأجله لقوله
اجرر وقوله: والفتحة أي ونيابة عن الفتحة مفعولًا لأجله
لقوله وانصب فيكون كلامه على التوزيع والحذف
ج / 1 ص -120-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عامر و" جمع "مذنب" وهما عامرون ومذنبون ويسمى هذا الجمع
جمع المذكر السالم لسلامة بناء واحده. ويقال له جمع
السلامة لمذكر، والجمع على حد المثنى لأن كلا منهما يعرب
بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة. وأشار بقوله "وشبه دين"
إلى أن الذي يجمع هذا الجمع اسم وصفة فالاسم ما كان كعامر
علما لمذكر عاقل خاليًا من تاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الثاني لدلالة الأول. قوله: "سالم" تنازعه العوامل
الثلاثة قبله وأعمل الأخير وأضمر في الأولين ضميره وحذفه.
وإضافته إلى جمع من إضافة الصفة إلى الموصوف والصفة لبيان
الواقع بالنسبة لعامر ومذنب إذ لا جمع لهما غير سالم
ومخصصة بالنسبة لشبه ذين. ويشترط في هذا الجمع زيادة على
ما يأتي شروط التثنية كما قاله الروداني وغيره. وسيأتي
الكلام على جمع التكسير في بابه. قوله: "وجمع مذنب" دفع
بتقدير جمع هنا إيهام كلام المصنف اشتراك عامر ومذنب في
جمع واحد وإنما لم يبال المصنف بهذا الإيهام لضعفه جدا
بوضوح انتفاء الاشتراك فلا لبس والمضاف إلى متعدد إنما تجب
فيه المطابقة إذا خيف اللبس. قوله: "جمع المذكر السالم" أي
المذكر باعتبار معناه لا لفظه فدخل نحو زينب وحبلى لمذكرين
فإنهما يقال فيهما زينبون وحبلون. وخرج زيد وعمرو علمين
لمؤنثين فلا يجمعان هذا الجمع ويصح نصب السالم نعتًا لجمع
وجره نعتًا للمذكر والأرجح الثاني لأن السلامة في الحقيقة
للمذكر عند جمعه كما يفهم من قوله لسلامة بناء واحده نقله
شيخنا السيد عن الشنواني. قوله: "لسلامة بناء واحده" أي
بنيته أي لغير إعلال فدخل في جمع السلامة نحو قاضون
ومصطفون. قوله: "اسم وصفة" جمع الوصف بالواو لتكون الواو
فيه كواو الجماعة في الفعل بجامع الدلالة على الجمعية
وكانت واو الفعل أصلًا لأنها اسم وواو الوصف حرف والعلم
لتأويله بالمسمى كان وصفًا نقله الشيخ يحيى عن السهيلي.
قوله: "علمًا" أي شخصيًّا فلا يجمع العلم الجنسي بالواو
والنون أو الياء والنون إلا ما كان علمًا على الشمول
التوكيدي نحو أجمع فإنه يقال فيه أجمعون وأجمعين لأنه صفة
في أصله لأنه أفعل تفضيل أصالة قاله الروداني. ثم اشتراط
العلمية للإقدام على الجمعية واشتراط عدمها المصرح به في
قولهم: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره لتحقق
الجمعية بالفعل فلا منافاة بين الاشتراطين أو يقال العلمية
من الشروط المعدة بكسر العين أي المهيئة لقبول الجمعية وهي
لا توجد مع المشروط وبهذين الجوابين ينحل لغز الدماميني
المشهور الذي ذكره شيخنا والبعض.
قوله: "لمذكر عاقل" أي مذكر باعتبار المعنى لا اللفظ فدخل
زينب وسعدى علمين لمذكرين وخرج زيد وعمرو علمين لمؤنثين.
وإنما لم يعتبروا المعنى في طلحة واعتبروا اللفظ حيث لم
يجمعوه بالواو والنون أو الياء والنون بل جمعوه بالألف
والتاء لوجود المانع من مراعاة المعنى وهو تاء التأنيث كذا
نقل عن الغزي والمراد مذكر عاقل ولو تنزيلًا ومنه في الصفة
قوله تعالى:
{قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين}
[فصلت: 11]
{رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} [يوسف: 4] والمراد ما شأن جنسه العقل فدخل الصبي غير المميز
والمجنون هذا. وقد ذكر في التسهيل أنه يكفي ذكورة
ج / 1 ص -121-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين فلا يجمع هذا
الجمع ما كان من الأسماء غير علم كرجل أو علمًا لمؤنث
كزينب، أو لغير عاقل كلاحق علم فرس، أو فيه تاء التأنيث
كطلحة، أو التركيب المزجي كمعدي كرب وأجازه بعضهم، أو
الإسنادي كبرق نحره بالاتفاق أو الإعراب بحرفين كالزيدين
أو الزيدين علمًا. والصفة ما كان كمذنب صفة لمذكر عاقل
خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب
فعلان فعلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض أفراد المثنى والمجموع وعقله مع اتحاد المادة أي لا مع
اختلافها فلا يقال: رجلان في رجل وامرأة ولا عالمون في
عالم وقائمتين. قال سم: وقضية عبارته اشتراط العقل
والتذكير في التثنية أيضًا فليحرر. ا. هـ. أقول في
الدماميني على التسهيل أن إدخال المثنى في هذا الحكم سهو
وأنه لا حاجة إلى اشتراط اتحاد المادة هنا لأن الاتفاق في
اللفظ مأخوذ في تعريف كل من التثنية والجمع وتقدم الكلام
على التغليب. قوله: "خاليًا من تاء التأنيث" ما لم تكن عوض
فاء أو لام كما سيذكره الشارح. أما ألف التأنيث فلا يشترط
الخلو منها مقصورة أو ممدودة فلو سمي مذكر بسلمى أو صحراء
جمع هذا الجمع بحذف المقصورة وقلب همزة الممدودة واوًا.
وإنما اشترط الخلو من تاء التأنيث لأنها إن حذفت في الجمع
التبس بجمع ما لا تاء فيه وإن أبقيت لزم الجمع بين علامتين
متضادتين بحسب الظاهر ووقوع تاء التأنيث حشو وإنما اغتفروا
وقوعها حشوًا في التثنية لأنه ليس لتثنية ذي التاء صيغة
تخصها فلو حذفوا التاء من تثنيته لالتبست بتثنية ما لا تاء
فيه بخلاف جمعه.
قوله: "ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين" قال البعض: الأولى
حذفهما لأنهما شرطان لمطلق الجمع مصححًا أو مكسرًا وكلامنا
في شروط جمع السلامة بخصوصه. ا. هـ. ولك أن تقول لا دليل
على أن كلامنا في شروط جمع السلامة بخصوصه بل الظاهر أن
كلامنا في شروطه أعم من أن تخصه أولًا لكن يعكر عليه أنه
لم يستوف مطلق شروطه. قوله: "بحرفين" فيه مسامحة إذ
الإعراب بحرف فقط ولا دخل للنون فيه لكن لما كانت النون
قرينة حرف الإعراب قال ذلك تسمحًا، أو يقال: أراد بالحرفين
الواو والياء على سبيل التوزيع أي الواو في حال الرفع
والياء في حالي النصب والجر. قوله: "وأجازه بعضهم" أي
مطلقًا وقيل: إن ختم بويه جاز وإلا فلا وعلى الجواز في
المختوم بويه قيل: تلحق العلامة بآخره فيقال: سيبويهون
وقيل: تلحق بالجزء الأول ويحذف الثاني فيقال: سيبون. قوله:
"أو الإسنادي" فإذا أريد الدلالة على اثنين أو أكثر مما
سمي بأحد هذين المركبين قيل ذوا كذا وذوو كذا من إضافة
المسمى إلى الاسم كذات مرة وذات يوم. وسكت عن الإضافي لأنه
يثنى ويجمع جزؤه الأول وجوز الكوفيون تثنية الجزأين
وجمعهما قال الروداني: لا أظن أن أحدًا يجترئ على مثل ذلك
فيما فيه الإضافة إلى الله تعالى:
{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِد}
[النساء: 171]. ا. هـ. قوله: "كالزيدين أو الزيدان علمًا"
أي أعربا إعرابهما قبل التسمية لاستلزامه اجتماع إعرابين
في كلمة واحدة فإن أعربا بالحركات جاز جمعهما.
قوله: "صفة لمذكر عاقل" لا يرد عليه الجمع المطلق عليه
تعالى كما في:
{وَإِنَّا
ج / 1 ص -122-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا مما يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، فلا يجمع هذا
الجمع ما كان من الصفات لمؤنث، كحائض، أو لمذكر غير عاقل
كسابق صفة فرس أو فيه تاء التأنيث كعلامة ونسابة أو كان من
باب أفعل فعلاء كأحمر وشذ قوله:
19-
فما وجدت نساء بني تميم
حلائل أسودين وأحمرينا
أو من باب فعلان فعلى كسكران فإن مؤنثة سكرى أو يستوي في
الوصف به المذكر والمؤنث كصبورة جريح فإنه يقال فيه: رجل
صبور وجرير وامرأة صبور وجريح.
تنبيهات: الأول أجاز الكوفيون أن يجمع نحو طلحة هذا الجمع.
الثاني يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا من الثلاثي
المعوض من فائه تاء التأنيث نحو عدة أو من لامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لَمُوسِعُون}
[الذاريات: 47]
{فَنِعْمَ الْمَاهِدُون} [الذاريات: 48]،
{وَنَحْنُ الْوَارِثُون} [الحجر: 23]. لأنه سماعي لأن
أسماءه تعالى توقيفية والكلام في الجمع المقيس قال
الدماميني: معنى الجمعية في أسماء الله تعالى ممتنع وما
ورد منها بلفظ الجمع فهو للتعظيم يقتصر فيه على محل وروده
ولا يتعدى فلا يقال: الله رحيمون قياسًا على ما ورد
كوارثون. ا. هـ. قوله: "خالية من تاء التأنيث" أي من التاء
الموضوعة له وإن استعملت في غيره ليصح إخراج علامة فإن
تاءه لتأكيد المبالغة لا للتأنيث. قوله: "أفعل فعلاء"
بالإضافة التي لأدنى ملابسة أي ليست من باب أفعل الذي له
مؤنث على فعلاء وكذا يقال في نظيره وعبارته صادقة بأن لا
يكون من باب أفعل أصلًا كقائم وبأن يكون من باب أفعل الذي
ليس له مؤنث أصلًا كأكمر لكبير كمرة الذكر وبأن يكون له
مؤنث على غير فعلاء كفعلى بالضم نحو الأفضل فهذان القسمان
يجمعان هذا الجمع كالقسم الأول وكذا قوله ولا من باب فعلان
فعلى صادق بأن لا يكون من باب فعلان أصلًا كقائم وبأن يكون
من باب فعلان الذي ليس له مؤنث أصلًا كلحيان لطويل اللحية
وبأن يكون له مؤنث على غير فعلى كفعلانة نحو ندمان وندمانة
من المنادمة لا من الندم. وقوله: ليست من باب أفعل فعلاء
ولا من باب فعلان فعلى ولا مما إلخ هو بمعنى قول الموضح
قابلة للتاء أو تدل على التفضيل وإنما اعتبر في الصفة قبول
التاء لأن قبولها يدل على شبه الفعل لأنه يقبلها وجمع
الصفة هذا الجمع إنما هو لتكون الواو فيها كالواو في الفعل
الذي هو أخوها في الاشتقاق في الدلالة على الجمعية كما مر
وإنما جمع الأفضل لالتزام التعريف فيه عند جمعه فأشبه
الفعل اللازم للتنكير. قوله: "كصبور وجريح" على استواء
المذكر والمؤنث باطراد في فعول إذا كان بمعنى فاعل وأجرى
على موصوف مذكور وفي فعيل إذا كان بمعنى مفعول وأجرى على
موصوف مذكور فإن جعل نحو صبور وجريح علمًا جمع هذا الجمع.
قوله: "يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا إلخ" لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19- البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في ديوانه 2/ 116؛
والمقرب 2/ 50؛ وللحكيم الأعور بن عياش الكلبي في خزانة
الأدب 1/ 178؛ والدرر 1/ 132؛ وشرح شواهد الشافية ص143؛
وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 18؛ وشرح شافية بن الحاجب 2/
171؛ وشرح المفصل 5/ 60، وهمع الهوامع 1/ 45.
ج / 1 ص -123-
أولو وعالمون عليونا
وأرضون شذ والسنونا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو ثبة. فإنه يجوز جمعه هذا الجمع. الثالث يقوم مقام
الصفة التصغير فنحو رجيل يقال فيه: رجليون. الرابع لم
يشترط الكوفيون الشرط الأخير مستدلين بقوله.
20-
منا الذي هو ما إن طر شاربه
والعانسون ومنا المرد والشيب
فالعانس من الصفات المشتركة التي لا تقبل التاء
عند قصد التأنيث لأنها تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد ولا
حجة لهم في البيت لشذوذه "وبه" أي وبالجمع السالم المذكر
"عشرونا. وبابه" إلى التسعين "ألحق" في الإعراب بالحرفين
وليس بجمع وإلإ لزم صحة انطلاق ثلاثين مثلًا على تسعة
وعشرين، على ثلاثين وهو باطل "و" ألحق به أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخفى أن هذا لا ينافيه ما سيأتي من عد جمع الثلاثي المذكور
من الملحقات بجمع السلامة لا أنه جمع سلامة حقيقة لأن ما
هنا فيما إذا جعل علمًا وما سيأتي فيما إذا لم يجعل علمًا.
قوله: "فإنه يجوز جمعه هذا الجمع" أي عند الجمهور ومنعه
المبرد وأوجب جمعه على نحو عدات. قوله: "التصغير" لدلالته
على التحقير ونحوه مما يناسب المقام. قوله: "الشرط الأخير"
يعني أن لا يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث هذا هو الذي
يقتضيه صنيع الشارح بعد وإن خالف الكوفيون في اشتراط أن لا
يكون من باب أفعل فعلاء أو فعلان فعلى أيضًا كما في الهمع.
قوله: "ما إن طرّ" ما نافية وإن زائدة وطر بفتح الطاء من
باب مر أي نبت وتضم بهذا المعنى أيضًا وبمعنى قطع. والعانس
من بلغ أوان التزوج ولم يتزوج ذكرًا كان أو أنثى والأمرد
من لم يبلغ أوان الإنبات وليس مكررًا مع قوله ما إن طر
شاربه لأن المراد لم ينبت شاربه مع بلوغه أوان الإنبات
وتخلص ابن السكيت من التكرار بجعله ما بمعنى حين زيدت
بعدها إن لشبهها في اللفظ بما النافية انتهى عيني بتلخيص
وزيادة ويرد على البيت بعد ذلك أن العانس صادق على الشائب
فلا يكون قسيمًا له ودفعه الدماميني بتقدير صفة للشيب أي
والشيب غير العانسين. قوله: "وبه عشرونًا إلخ" شروع في ذكر
ما ألحق بالجمع وهو أربعة أنواع: أسماء جموع كعشرين وأولى،
وجموع لم تستوف شروط الجمع كأهلين وعالمين، وجموع سمي بها
كعليين، وجموع تكسير كأرضين وسنين. قوله: "وبابه" أي نظيره
وقوله إلى التسعين الغاية داخلة. قوله: "ألحق" أفرد ولم
يثن على إرادة المذكور. قوله: "بالحرفين" أي الواو والياء
على التوزيع أو المراد الواو والنون أو الياء والنون على
المسامحة السابقة. قوله: "وليس بجمع" بل هو اسم جمع لا
واحد له من لفظه ولا من معناه كما قاله الدنوشري
والروداني. قوله: "وعشرين" أي وانطلاق عشرين. قوله: "وهو"
أي اللازم باطل أي فكذا الملزوم. قوله: "وإن كان جمعًا" أي
غير مستوف لشروط الجمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20- البيت من البسيط، وهو لأبي قيس بن رفاعة الأنصاري في
إصطلاح المنطق ص341؛ ولسان العرب 6/ 149 "عنس"؛ ولأبي قيس
بن رفاعة أو لأبي قيس بن الأسلت في الدرر 1/ 131؛ وشرح
شواهد المغني ص716 ؛ والمقاصد النخوية 1/ 167؛ وبلا نسبة
في الأزهية ص97، وأمالي القالي 2/ 72؛ وسر صناعة الإعراب
ص683، ومغني اللبيب ص304؛ وهمع الهوامع 1/ 45.
ج / 1 ص -124-
وبابه ومثل حين قد يرد
ذا الباب وهو عند قوم يطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأهلونا" لأنه وإن كان جمعًا لأهل فأهل ليس بعلم ولا صفة
وألحق به "أولو" لأنه اسم جمع لا جمع "و" ألحق به أيضًا
"عالمونا" لأنه إما أن لا يكون جمعًا لعالم لأنه أخص منه
إذ لا يقال إلا على العقلاء والعالم يقال على كل ما سوى
الله ويجب كون الجمع أعم من مفرده أو يكون جمعًا له
باعتبار تغليب من يعقل فهو جمع لغير علم ولا صفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فأهل ليس بعلم ولا صفة" بل هو اسم جنس جامد للقريب
بمعنى ذي القرابة. وأورد عليه الوصف به في قولهم الحمد لله
أهل الحمد. وأجيب بأن الكلام في الأهل بمعنى القريب لا
المستحق فإن هذا وصف وجمعه على أهلين حقيقي لا ملحق كذا
قالوا. ولي فيه بحث لأنه إن كان المعتبر اللفظ فهو جامد
مطلقًا أو المعنى فهو في معنى المشتق مطلقًا فما الفارق
الداعي إلى كون الذي بمعنى القريب غير صفة، والذي بمعنى
المستحق صفة، إلا أن يختار الثاني، ويقال القريب بمعنى ذي
القرابة ملحق بالجامد لغلبة الاسمية عليه فتأمل. ثم رأيت
الروداني ذكر أن أهلا الوصف لم يستوف جمعه الشروط لأنه لا
يقبل التاء ولا يدل على التفضيل.
قوله: "لأنه اسم جمع" أي لذي ويكتب بالواو بعد الهمزة
للفرق بينه وبين إلى الجارة في الرسم نصبًا وجرًا وحمل
عليهما الرفع. قوله: "إما أن لا يكون جمعًا لعالم" أي بل
يكون اسم جمع له. قوله: "على كل ما سوى الله" أي على مجموع
ما سوى الله تعالى وهذا أحد إطلاقيه والإطلاق الثاني
إطلاقه على كل صنف من أصناف المخلوقات على حدته. قوله:
"ويجب كون الجمع إلخ" من تمام العلة والمتجه عندي أن هذا
كلي لا أغلبي وأنه لا يجوز أن يكون مساويًا لمفرده وإن
ذكره شيخنا والبعض إذ لو جاز كونه مساويًا له لم يكن في
الجمع فائدة ولم يتم قولهم أقل مراتب الجمع أن يشمل ثلاثة
من مفرده أو اثنين على الخلاف لأنهما إذا تساويا فأين
الشمول وما استند إليه من حصول المساواة على الاحتمال
الثاني في كلام الشارح سيظهر لك رده فتنبه وانصف. قوله:
"أو يكون جمعًا له" أي غير مستوف للشروط كما يفيده قوله
فهو جمع لغير علم ولا صفة. قوله: "باعتبار تغليب من يعقل"
اندفع باعتبار التغليب الاعتراض بأن الجمع بالواو والنون
أو الياء والنون من خواص العقلاء وكان عليه أن يزيد
وباعتبار إطلاق العالم على كل صنف من أصناف الخلق على حدته
ليندفع بهذا الاعتبار لزوم عدم كون الجمع أعم من مفرده
لأنا إذا جعلنا على هذا الاحتمال الثاني مفرد العالمين
عالمًا بمعنى صنف من الأصناف على حدته لم يلزم كون المفرد
أعم ولا مساويًا لأن مدلول المفرد حينئذٍ صنف من أصناف
العوالم ومدلول الجمع جميع تلك الأصناف فلم يكن المفرد أعم
ولا مساويًا بل الأعم الجمع فما ذكره شيخنا والبعض من لزوم
كون المفرد مساويًا لجمعه على الاحتمال الثاني وأنه لا
محذور في ذلك لأن كون الجمع أعم أغلبي غير مسلم كما انكشف
لك. لا يقال المساواة من حيث صدق عالم المفرد على أي عالم
كان وصدق الجمع على أي عالم كان لأنا نقول: فرق بين
الصدقين لأن صدق عالم المفرد عموم بدلي وصدق الجمع عموم
شمولي والمعتبر هنا العموم الشمولي وإلا لزم أن غالب
الجموع وهو كل جمع لغير علم كالرجال والصالحين مساوية
لمفردها فيبطل قولهما: إن
ج / 1 ص -125-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وألحق به "عليونا" لأنه ليس بجمع وإنما هو اسم لأعلى الجنة
"وأرضون" بفتح الراء جمع أرض بسكونها "شذ" قياسًا لأنه جمع
تكسير ومفرده مؤنث بدليل أريضة وغير عاقل "و" كذلك
"السنونا" بكسر السين جمع سنة بفتحها "وبابه" كذلك شذ
قياسًا. والمراد بيا به كل كلمة ثلاثية حذفت لامها عوضت
منها هاء التأنيث ولم تكسر. فهذا الباب اطراد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كون الجمع أعم أغلبي هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه
والسلام.
قوله: "لغير علم ولا صفة" بل اسم جنس لكل صنف من أصناف
المخلوقات أي فهو جمع لم يستوف شروط جمع السلامة لمذكر.
وقال الرضي العالم الذي يعلم منه ذات موجده تعالى ويكون
دليلًا عليه فهو بمعنى الدال. ا. هـ. وبالنظر إلى هذا يكون
صفة فيكون جمعه مستوفيًا للشروط كما قاله شيخنا. قوله:
"لأنه ليس بجمع" أي في هذه الحالة فلا ينافي ما قيل أنه في
الأصل جمع عليّ كسكيت من العلوّ ثم سمي به أعلى الجنة أو
الكتاب الموضوع فيه. قوله: "اسم لأعلى الجنة" وعلى هذا
التفسير يحتاج إلى تقدير مضاف في قوله تعالى:
{كِتَابٌ مَرْقُوم} [المطففين: 9، 20] أي محل كتاب. وفي
الكشاف أنه اسم لديوان الخير الذي دوّن فيه كل ما عملته
الملائكة وصلحاء الثقلين وعلى هذا يكون كتاب في قوله:
{إِنَّ كِتَابَ
الْأَبْرَار} [المطففين: 18] مصدرًا بمعنى
كتابة مع تقدير مضاف أي كتابة أعمال الأبرار. قوله:
"وأرضون" مبتدأ وشذ خبره وقوله والسنون مبتدأ خبره محذوف
أي كذلك. هذا ما درج عليه الشارح. قوله: "بفتح الراء" وحكي
إسكانها قاله الدماميني وقال شيخنا تسكينها ضرورة. قوله:
"شذ قياسًا" أي لا استعمالًا أما كونه شذ قياسًا فلعدم
استيفائه شروط جمع المذكر السالم وأما كونه لم يشذ
استعمالًا فلكثرة استعماله والشاذ استعمالًا ما ندر وقوعه
وإنما خص أرضين وباب سنين بالتنصيص على شذوذهما قياسًا مع
أن جميع الملحقات شاذة قياسًا ولهذا كانت ملحقة بجمع
المذكر السالم لا منه حقيقة لشدة شذوذهما لكونه من ثلاثة
أوجه ذكرها الشارح لأن كلًا منهما جمع تكسير ومفرده مؤنث
وغير عاقل بل أربعة لأن مفرد كل غير علم وغير صفة ويدل على
ما ذكرناه قول المصنف في شرحه على العمدة ما ملخصه: إن
عالمين وأهلين مستويان في الشذوذ وأن أرضين وسنين أشذ
منهما. ا. هـ. وقولنا مع أن جميع الملحقات شاذة شامل
لعليين وعلى شذوذه درج التسهيل ونازع فيه الدماميني بأنه
إذا جعل اسمًا لأعلى الجنة كان علمًا منقولًا عن جمع
والعلم المنقول عن جمع ولو كان المسمى به غير عاقل ولو كان
مفرده في الأصل غير علم ولا صفة يستحق هذا الإعراب ألا ترى
إلى قنسرين ونصيبين بل صرح المصنف بأنه إذا سمى بالجمع على
سبيل النقل يعني عن الجمع أو على سبيل الارتجال يعني لصيغة
تشبه صيغة الجمع ففيه تلك اللغات يعني التي سيذكرها الشارح
في الجمع المسمى به. ثم قال الدماميني نعم لو قيل إن عليين
غير علم بل هو جمع عليّ وصفت به الأماكن المرتفعة كان
شاذًا لعدم العقل.
قوله: "بدليل أريضة" وبدليل يا عبادي إن أرضي واسعة. قوله:
"كذلك" أي مثل أرضين في الشذوذ قياسًا فقوله بعد شذ قياسًا
بيان لوجه الشبه. قوله: "كل كلمة ثلاثية" ذكر ستة قيود:
ج / 1 ص -126-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمع بالواو والنون رفعًا وبالياء والنون جرًّا ونصبًا
نحو عضة وعضين وعزة وعزين وارة وارين وثبة وثبين وقلة
وقلين، قال الله تعالى:
{كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112]
{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ} [الحجر: 91]
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] وأصل سنة سنو أو سنه لقولهم في الجمع سنوات وسنهات،
وفي الفعل سانيت وسانهت. وأصل سانيت قلبوا الواو ياء حين
جاوزت متطرفة ثلاثة أحرف وأصل عضه عضو من العضو واحد
الأعضاء، أي أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء أي مفرقًا،
يقال: عضيته وعضوته تعضية أي فرقته تفرقة. قال ذو الرمة:
21-
وليس دين الله بالمعضى
أي بالمفرق لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه، أو عضه من العضة وهو
البهتان، والعضه أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كون الكلمة ثلاثية والحذف منها وكون المحذوف اللام
والتعويض عنها وكون العوض هاء التأنيث وعدم التكسير ولكن
من تأمل كلام الشارح الآتي في أخذ المحترزات عرف أن الشارح
ألغى القيد الأول فلم يخرج به وجعل ما يخرج به نحو إوزّون
خارجًا بقيد الحذف وهذا يقتضي أنه جعل قوله ثلاثية لبيان
الواقع لا للاحتراز وكل جائز. قوله: "ولم تكسر" أي تكسيرًا
تعرب معه بالحركات وإلا فسنون جمع تكسير وإنما اشترط
انتفاء التكسير لأنه إذا كسر ردت لامه المحذوفة والحامل
على جمعه بالواو والياء والنون جبر حذف لامه. وشرط بعضهم
شرطًا آخر وهو أن لا يكون له مذكر جمع بالواو أو الياء
والنون ليخرج نحو هنة فإن مذكره وهو هن جمع به فلو جمع هو
أيضًا به التبس المؤنث بالمذكر. قوله: "اطرد فيه الجمع" أي
كثر وشاع استعمالًا فلا ينافي قوله آنفًا شذ قياسًا. قوله:
"سنو أو سنه" أو للتخيير لا للشك كما زعمه شيخنا لثبوت
أصالة كل منهما بدليل. قوله: "لقولهم في الجمع إلخ" اعترض
بأن فيه دورًا لتوقف الجمع على المفرد لأنه فرع المفرد
وتوقف الحكم بأصالة ذلك الحرف في الفرد على ثبوته في الجمع
ودفع بأن توقف الجمع على المفرد توقف وجود وتوقف الحكم
بأصالة الحرف في المفرد على الجمع توقف علم فلم تتحد جهة
التوقف. قوله: "وفي الفعل سانيت" أي والفعل المسند إلى
التاء يرد الأشياء إلى أصولها. قوله: "وأصل سانيت" جواب
عما يقال ما ذكرت من الفعل يدل على أن الأصل الياء لا
الواو. قوله: "عضو" بدليل ما يأتي وبدليل جمعه على عضوات.
قوله: "أعضاء" أي كالأعضاء في التفرقة فقوله أي مفرقًا
بيان لحاصل المعنى. قوله: "أي مفرقًا" أي مفرقًا فيه أي
مفرقة أقوالهم في شأنه. قوله: "يقال عضيته وعضوته" الأول
بالتشديد والثاني بالتخفيف إذ لو كان مشددًا لقلبت واوه
لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف فقوله تعضية مصدر الأول ومصدر
الثاني عضو بفتح فسكون. وقوله أي فرقته تفرقة تفسير لهما
وإن كان بالأول أنسب. قوله: "لأنهم فرقوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21- الرجز لرؤبة في ديوانه ص81؛ وشرح التصريح 1/ 73، وشرح
شذور الذهب ص78؛ ولذي الرمة هنا في شرح الأشموني، وليس في
ديوانه.
ج / 1 ص -127-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السحر في لغة قريش: قال الشاعر:
22-
أعوذ بربي من النافثا
ت في عقد العاضه العضة
وأصل عزة -وهي الفرقة من الناس- عزو، وأصل أرة -وهي موضع
النار- أرى، وأصل ثبة -وهي الجماعة- ثبو وقيل: ثبي من ثبيت
أي جمعت والأول أقوى وعليه الأكثر لأن ما حذف من اللامات
أكثره واو. وأصل قلة وهي عودان يلعب بها الصبيان قلو، ولا
يجوز ذلك في نحو تمرة لعدم الحذف وشذ إضون جمع إضاة كقناة
وهي الغدير، وحرون جمع حرة، وإحرون جمع أحرة، والأحرة
الأرض ذات الحجارة السود، وأوزون جمع أوزة وهي البطة، ولا
في نحو عدة وزنة لأن المحذوف الفاء، وشذ رقون في جمع رقة
وهي الفضة، ولدون في جمع لدة وهي التراب، وحشون في جمع حشة
وهي الأرض الموحشة. ولا في يد ودم لعدم التعويض وشذ أبون
وأخون ولا في نحو اسم. وأخت لأن المعوض غير الهاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقاويلهم فيه" علة لقوله: جعلوا القرآن أعضاء أي فمنهم من
قال: سحر ومنهم من قال: شعر ومنهم من قال: أساطير الأولين.
قوله: "أو عضه" ويدل له تصغيره على عضيهة. قوله: "من
النافثات" جمع نافثة من النفث وهو البصق اليسير والعاضه
الساحر والعضه مبالغة العاضه والبيت يعطي أن النافثات غير
السحرة إلا أن يكون من الإظهار في مقام الإضمار.
قوله: "عزو" في التصريح عزي فلامه ياء. قوله: "وهي
الجماعة" أي لا وسط الحوض لأن ثبة بمعنى وسط الحوض ليست
مما نحن فيه على الصحيح لأنها محذوفة العين لا اللام من
ثاب يثوب إذا رجع وقيل: بل هي أيضًا محذوفة اللام من ثبيت
فعلى الأول لا تجمع بالواو والنون وعلى الثاني تجمع بهما.
قوله: "ولا يجوز ذلك إلخ" شروع في محترزات ضابط باب سنة
ولو عبر بالفاء لكان أحسن. قوله: "وشذ إضون" بكسر الهمزة
أي شذ قياسًا واستعمالًا وكذا يقال فيما يأتي فلا اعتراض
بأن الباب كله شاذ. قوله: "وإحرون" بكسر الهمزة وحكي فتحها
وبفتح الحاء وتشديد الراء وقوله جمع إحرة بكسر الهمزة وفي
التصريح أن إحرين أيضًا جمع حرة وأن أصل حرة إحرة حذفت
همزته وأن هذا الأصل ترك وصار نسيًا منسيًا أي فالمستعمل
حرة بلا همزة وعلى هذا يكون قول الشارح جمع إحرة بالنظر
إلى الأصل لا المستعمل الآن. قوله: "ولا في نحو عدة إلخ"
أصل عدة وزنة ورقة ولدة وحشة وعد ووزن ووراق وولد ووحش
بكسر الواو في الكل فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى
ما بعدها وحذفت الواو وعوض عنها هاء التأنيث. قوله: "وهي
الفضة" ظاهره مطلقًا وقيدها صاحب القاموس وغيره بالمضروبة.
قوله: "وهي التراب" أي المساوي في السن. قوله: "لعدم
التعويض" أي من لامهما المحذوفة وأصلهما يدي ودمي بسكون
الدال والميم. ا. هـ. تصريح وحكي في المصباح قولًا بفتح
الدال وقولًا بفتح الميم وقولًا بأن لام دم واو.
قوله: "وشذ أبون وأخون" أي وهنون وحمون وذوون وفون على
القول بسماع الكل كما
ج / 1 ص -128-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذ هو في الأول الهمزة وفي الثاني التاء. وشذ بنون في جمع
ابن وهو مثل اسم، ولا في نحو شاة وشفة لأنهما كسرًا على
شياه وشفاء. وشذ ظبون في جمع ظبة وهي حد السهم والسيف
فإنهم كسروه على ظبي بالضم وأظب ومع ذلك جمعوه على ظبين.
تنبيه: ما كان من باب سنة مفتوح الفاء كسرت فاؤه في الجمع
نحو سنين، وما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر قال الدماميني: نحو أبون يحتمل وجهين الأول أن يكون
الأصل أبوون أي برد اللام ثم أتبعوا كما أتبعوا في المفرد
المضاف ثم استثقلوا ضمة اللام فحذفوها ثم حذفوا اللام
للساكنين والثاني أنهم لم يردوا اللام بل استعملوه ناقصًا
كما كان في حالة إفراده وعدم إضافته. قوله: "اسم وأخت" أصل
الأول سمو بكسر السين أو ضمها وسكون الميم حذفت لامه
تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وسكنت السين وأصل أخت أخو بضم
الهمزة وسكون الخاء كما استظهره الروداني حذفت اللام وعوض
عنها تاء التأنيث لا هاؤه وكذا أصل بنت بنو بكسر فسكون كما
استظهره الروداني فعل به ما مر. وقيل أصل الكلمتين بفتحتين
كمذكريهما وهو مفاد كلام الشارح في النسب. قال في التصريح
والفرق بين تاء التأنيث وهائه أن تاء التأنيث لا تبدل في
الوقف هاء وتكتب مجرورة وهاء التأنيث يوقف عليها بالهاء
وتكتب مربوطة. ا. هـ. قوله: "وشذ بنون في جمع ابن" قال في
التصريح: وقياس جمعه جمع السلامة ابنون كما يقال في تثنيته
ابنان ولكن خالف تصحيحه تثنيته لعلة تصريفية أدت إلى حذف
الهمزة. ا. هـ. قال الروداني: هي أن أصل ابن بنو حذفت لامه
تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وتثنيته وجمعه بنوان وبنون
لأنهما يردان الأشياء إلى أصولها فأرادوا مناسبتهما للمفرد
كمناسبة هراو لهراوة ففعل بهما ما فعل بالمفرد من حذف
اللام وتعويض الهمزة لكن استثقال الانتقال من كسرة الهمزة
في الجمع إلى ضمة النون أوجب حذف الهمزة والفاصل بينهما
لكونه حاجزًا غير حصين كلا فاصل. ثم إن جمع ابن هذا الجمع
خاص بما إذا أريد به من يعقل قال في التسهيل: يقال في
المراد به من يعقل من ابن وأب وأخ وهن وذي بنون وأبون
وأخون وهنون وذوون. ا. هـ. أي وأما المراد به ما لا يعقل
فيجمع بالألف والتاء. قوله: "شاة وشفة" أما شاة فأصلها
شوهة قال في التصريح بسكون الواو فحذفت لامها وهي الهاء
وقصد تعويض هاء التأنيث منها فلقيت الواو هاء التأنيث فلزم
انفتاحها فقلبت ألفًا فصار شاة. ويرد عليه أن حركة الواو
عارضة فلا توجب قلبها ألفًا وقال الروداني لو قيل أصله
شوهة كرقبة لكان أقرب مسافة لأن إعلالًا واحدًا أولى من
إعلالين ولكان كشفة إذ أصله شفهة. ا. هـ. وأما شفة فأصله
شفهة بالتحريك كما يفيده كلام الروداني فحذفت لامها وهي
الهاء وقصد تعويض هاء التأنيث منها.
قوله: "على شياه" أصله شواه قلبت الواو ياء لانكسار ما
قبلها. قوله: "في جمع ظبة" بكسر الظاء كما في التصريح
وبضمها كما في القاموس ولامها واو كما في التصريح قال
لقولهم ظبوته إذا أصبته بالظبة. قوله: "وأظب" أصله أظبو
كأرجل. قوله: "كسرت فاؤه في الجمع" أي ما لم يكن مضعف
العين فيبقى فتحه كحرون في حرة أو يقال الكلام في المطرد
وحرون ونحوه مما شذ على أن الكلم في باب سنة وجرة ليست من
باب سنة كما علم من الضابط المتقدم.
ج / 1 ص -129-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع على الأفصح نحو مئين.
وحكي مئون وسنون وعزون بالضم. وما كان مضموم الفاء ففيه
وجهان الكسر والضم نحو ثبين وقلين "ومثل حين قد يرد ذا
الباب" فيكون معربا بالحركات الظاهرة على النون مع لزوم
الياء كقوله:
23-
دعاني من نجد فإن سنينه
لعبن بنا شينا وشيبننا مردا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "على الأفصح" راجع لكل من قوله: كسرت وقوله: لم يغير
بدليل قوله: وحكي إلخ فيستفاد من كلام الشارح أن في جمع
مفتوح الفاء مكسورها ومضمومها لغتين لكن الأفصح في الأولين
الكسر وهل هما في الثالثة على حد سواء أو لا، والذي يؤخذ
من عبارة جمع الجوامع للسيوطي أنهما سواء حيث قال وكثر فاء
كسرت أو فتحت في مفرد أشهر من ضمها أو ساغًا إن ضمت. ا.
هـ. وكذا يؤخذ من الشارح وأما عبارة التصريح فلفظها وما
كان مضموم الفاء ففي جمعه وجهان الضم والكسر نحو ثبين بضم
الثاء وكسرها وهو الأكثر. ا. هـ. وهي ليست نصًا في أكثرية
كسر جمع المضموم مطلقًا لاحتمال أن حكمه بالأكثرية على
الكسر في يبين فقط ففي نقل البهوتي عن شرح التوضيح أكثرية
الكسر فيما مفرده مضموم تساهل وإن نقله عنه البعض وسكت
عليه اللهم إلا أن يريد بشرح التوضيح شرحًا آخر غير
التصريح وهو في غاية البعد والذي يتجه عندي رجحان الضم في
حال الرفع لمناسبة الواو وللفرار من الانتقال من كسر إلى
ضم ورجحان الكسر في حالي النصب والجر لمناسبة الياء
وللفرار من الانتقال من ضم إلى كسر.
قوله: "نحو مئين" قضيته أنه من باب سنين وبه صرح في النكت
ولامها المحذوفة المعوض عنها هاء التأنيث ياء كما صرح به
في المصباح فزال توقف البعض فيها. قوله: "ومثل حين" حال من
ذا أو صفة لمحذوف أي ورودًا مثل ورود حين أي في الإعراب
بالحركات الظاهرة على النون ولزوم الياء ولزوم النون فلا
تسقط للإضافة لكن في باب سنين حينئذٍ لغتان التنوين وعدمه
كما في التصريح وكأن تركه مراعاة لصورة الجمع ثم رأيت
المرادي قال في شرحه على التسهيل علل المصنف ترك التنوين
بأن وجوده مع هذه النون كوجود تنوينين في كلمة واحدة وظاهر
كلامه أن من لم ينوّن يجر بالكسرة الظاهرة وظاهر كلام
الفراء أنه يمنع الصرف فيجر بالفتحة. ا. هـ. وانظر ما علة
منع الصرف. وبقي في باب سنين لغتان أخريان ذكرهما السيوطي
في جمع الجوامع: إحداهما أن يلزم الواو وفتح النون والظاهر
أن إعرابه على هذه اللغة بحركات مقدرة على الواو كما سيتضح
قبيل الكلام على قوله وجر بالفتحة إلخ. ثانيهما أن يلزم
الواو ويعرب على النون بالحركات. قوله: "دعاني" أي اتركاني
وعادتهم يخاطبون الواحد بلفظ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23- البيت من الطويل، وهو للصمة بن عبد الله القشيري في
تخليص الشواهد 71؛ وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76؛
وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح شواهد الإيضاح ص579؛ وشرح المفصل
5/ 11، 12؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 1/ 75؛ وجواهر الأدب ص157؛ وشرح ابن عقيل ص39؛
ولسان العرب 3/ 413 "نجد"، 13/ 501 "سنة"؛ ومجالس ثعلب
ص177، 320.
ج / 1 ص -130-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الحديث "اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف" في إحدى الروايتين "وهو" أي مجيء الجمع مثل حين "عند قوم" من
النحاة منهم الفراء "يطرد" في جمع المذكر السالم وما حمل
عليه خرجوا عليه قوله:
24-
رب حي عرندس ذي طلال
لا يزالون ضاربين
القباب
وقوله:
25-
وقد جاوزت حد الأربعين
والصحيح أنه لا يطرد بل يقتصر فيه على السماع.
تنبيهات: الأول قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده
مخالف للقياس من وجهين الأول من حيث الإعراب بالحروف
والثاني من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين تعظيمًا والشاهد في قوله: فإن سنينه لأنه لو كان
معربًا بالحروف لحذفت النون للإضافة. قوله: "في إحدى
الروايتين" والرواية الأخرى سنين كسني يوسف بإسكان الياء
وحذف النون.
قوله: "أي مجيء" لو قال أي ورود لكان أحسن لأنه المتقدم
ضمنًا في قوله يرد إلا أن يقال أشار بذلك إلى أن الورود
بمعنى المجيء وقوله الجمع يعني جمع سنة وبابه وإضافة مجيء
إلى الجمع بمعنى اللام والمعنى المجيء مثل حين الثابت
لسنين وبابه يطرد في جمع المذكر السالم فلا ركاكة في حل
الشارح لأنها إنما تكون إذا أريد بالجمع في قوله أي مجيء
جمع المذكر السالم القياسي. قوله: "عرندس" أي قويّ شديد
والطلال بالفتح الحالة الحسنة وفي قوله لا يزالون مراعاة
معنى الحي بعد مراعاة لفظه والقباب جمع قبة وهي التي تتخذ
من الأديم والخشب واللبد ونحوها وقد تطلق على ما يتخذ من
البناء والشاهد في ضاربين حيث أثبت النون ولم يحذفها
للإضافة فعلم أنه معرب بالحركات وقيل الأصل ضاربين بين
ضاربي القباب على الإبدال أو ضاربين للقباب فحذف المضاف أو
اللام وأبقى القباب على جره. قوله: "مخالف للقياس" أي
الأصل. قوله: "من حيث إن رفع المثنى" بكسر الهمزة أو
بفتحها على أنها مع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 59؛
وتخليص الشواهد ص75؛ وخزانة الأدب 8/ 61؛ والدرر 1/ 136 ؛
وشرح التصريح 1/ 77؛ ومغني اللبيب ص643؛ والمقاصد النحوية
1/ 176؛ وهمع الهوامع 1/ 47.
25- وقبله: وماذا تبتغي الشعراء مني. وهو لسحيم بن وثيل
الرياحي في إصلاح المنطق ص156؛ وتخليص الشواهد ص74؛ وتذكرة
النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68، وحماسة
البحتري ص13، والدرر 1/ 140، وسر صناعة الإعراب 2/ 627؛
وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح ابن عقيل ص41؛ وشرح المفصل 5/
11؛ ولسان العرب 3/ 513 "نجذ"، 8/ 99 "ربع"، 14/ 255
"دري"؛ والمقاصد النحوية 1/ 191؛ وبلا نسبة في الأشباه
والنظائر 7/ 247؛ وأوضح المسالك 1/ 61؛ وجواهر الأدب ص155؛
والمقتضب 3/ 332؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
ج / 1 ص -131-
ونون مجموع وما به التحق
فافتح وقل من بكسره نطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونصبه ليس بالألف وكذا نصب المجموع أما العلة في مخالفتهما
القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن
الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات فجعل
الفرع للفرع طلبًا للمناسبة وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد
وهي الأسماء التسعة بالحروف فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف
لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل.
ولأنهما لما كان في آخرهما حروف وهي علامة التثنية والجمع
تصلح أن تكون إعرابًا بقلب بعضها إلى بعض فجعل إعرابهما
بالحروف لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة.
وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف
الإعراب ثلاثة والإعراب ستة ثلاثة للمثنى وثلاثة للمجموع
فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس
المثنى بالمجموع في نحو رأيت زيداك، ولو جعل إعراب أحدهما
كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب فوزعت عليهما وأعطي
المثنى الألف لكونها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معموليها في تأويل مبتدأ والخبر محذوف أي من حيث ذلك موجود
هذا إن جرينا على مذهب الجمهور من اختصاص حيث بالجمل فإن
جرينا على مذهب الكسائي من عدم الاختصاص جاز الفتح من غير
تقدير خبر. قوله: "وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد" هذا
التوجيه يقتضي أن سبب إعراب المثنى والمجموع على حده
بالحروف إعراب بعض الآحاد بها لأنهما لو أعربا بالحركات
لزم مزية الفرع على الأصل وقد سبق عنه أن سبب إعراب بعض
الآحاد بها إرادة إعراب المثنى والمجموع بها ليكون توطئة
لإعرابهما بها وفي هذا دور فافهم. قوله: "لزم أن يكون
للفرع مزية على الأصل" اعترض بأن التثنية والجمع ليسا
فرعين لكل مفرد بل لمفردهما وبأن هذا يقتضي إعراب كل جمع
بالحروف لوجود الفرعية وليس كذلك. ويجاب عن الأول بأنهما
فرعان عن المفرد في الجملة وبأن من جملة المثنى أبوان
وأخوان ونحوهما ومن جملة الجمع أبون وأخون وحمون فلو أعربت
بالحركات لزم مزيتها على مفرداتها المعربة بالحروف وعن
الثاني بأن ما ذكر حكمة فلا يلزم اطرادها.
قوله: "لما كان" أي وجد، جواب لما قوله فجعل والفاء زائدة
في بعض النسخ بإسقاط لما وهي ظاهرة. قوله: "بقلب بعضها إلى
بعض" أي خلف بعضها عن بعض. قوله: "بغير حركة" أي بغير
اعتبار حركة للإعراب ظاهرة أو مقدرة وقوله أخف منها أي أخف
من وجودها ملغاة وهي صالحة للإعراب بها وقوله مع الحركة أي
مع اعتبار الحركة هكذا ينبغي تقدير هذا المحل. قوله: "فلأن
حروف الإعراب" أي في الاسم فلا يرد النون في الأفعال
الخمسة. قوله: "والإعراب ستة" أي رفع ونصب وجر في المثنى
ومثلها في الجمع. قوله: "في نحو رأيت زيداك" أي من كل مثنى
أو مجموع أضيف سواء كان مع الألف في حال النصب أو مع الواو
في حال الرفع لا الياء لتميزهما معها بفتح ما قبلها في
المثنى وكسره في الجمع فقول البعض أو الياء سهو. قوله:
"بقي الآخر بلا إعراب" إن كان المراد بقي الآخر بلا إعراب
أصلًا ورد عليه أن المقدم لا يستلزم التالي حينئذٍ لجواز
إعراب الآخر بحرفين فقط وإن كان المراد بلا إعراب على حد
إعراب الأسماء
ج / 1 ص -132-
ونون ما ثني والملحق به
بعكس ذاك استعملوه فانتبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدلولًا بها على التثنية مع الفعل اسمًا في نحو اضربا،
وحرفًا في نحو ضربا أخواك وأعطي المجموع الواو لكونها
مدلولا بها على الجمعية في الفعل اسمًا في نحو اضربوا
وحرفًا في نحو أكلوني البراغيث، وجرًّا بالياء على الأصل
وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة
النصب للجر دون الرفع لأن كلًّا منهما فضلة، ومن حيث
المخرج لأن الفتح من أقصى الحلق والكسر من وسط الفم والضم
من الشفتين. الثاني ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل
من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف هو مذهب قطرب
وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي. قيل: وهو
مذهب الكوفيين وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما
بحركات مقدرة على الألف "ونون مجموع وما به التحق" في
إعرابه "فافتح" طلبًا للخفة من ثقل الجمع،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الستة ورد عليه أن لزوم هذا لا يضر فلا يتم التوجيه إذ
لقائل أن يقول: هلا أعرب الآخر بغير إعراب الأسماء الستة
بأن يعرب بحرفين وإن كان المراد بلا إعراب رافع للالتباس
ولو أعرب الآخر بحرفين لزم التباس المثنى بالمجموع في
الرفع والنصب ورد عليه أن لنا احتمالين لا التباس فيهما
بأن يعرف المجموع بالأحرف الثلاثة والمثنى بالألف والياء
والعكس اللهم إلا أن يقال المثنى سابق على المجموع فهو
الأحق بأن يعطي الأحرف الثلاثة ويعطي المجموع حرفين
والمناسب أن يكون أحدهما الواو رفعًا لدلالتها على الجمعية
وحينئذٍ يحصل الالتباس ولا بد فيكون المراد بلا إعراب دافع
للالتباس لائق لكن هذا يؤدي إلى أن المراد بأحدهما في كلام
الشارح المثنى وبالآخر المجموع لا الأحد الدائر والآخر
الدائر فتأمل.
قوله: "اسمًا" حال من الضمير في بها العائد على الألف.
قوله: "لأن كلًا منهما فضلة" أي إعراب فضلة أو التقدير لأن
محل كل منهما فضلة. قوله: "ومن حيث المخرج" عطف على قوله:
لأن كلًّا منهما فضلة فهو علة ثانية للمناسبة أي ولتقارب
المخرج. قوله: "لأن الفتح إلخ" اعترضه البعض كشيخنا بأنه
غير ظاهر لأن الحركة تابعة للحرف في المخرج فإن كان الحرف
حلقيًا كالهمزة فحركته مطلقًا كذلك وقس على ذلك وهو مدفوع
بأن الحركة في حد ذاتها إن كانت فتحة فلها ميل إلى أقصى
الحلق وإن كانت كسرة فلها ميل إلى وسط الفم وإن كانت ضمة
فلها ميل إلى الشفتين والحس شاهد صدق على ذلك فإنك إذا
نطقت بالهمزة مفتوحة ورجعت إلى حسك وجدت لها ميلًا إلى
أقصى الحلق أو مكسورة وجدت لها ميلًا إلى وسط الفم أو
مضمومة وجدت لها ميلًا إلى الشفتين. قوله: "بحركات مقدرة"
رده الناظم بلزوم ظهور النصب في الياء لخفته وبلزوم تثنية
المنصوب بالألف لتحرك الياء وانفتاح ما قبلها وأجاب أبو
حيان عن الأول بأنهم لما حملوا النصب على الجر جعلوا الحكم
واحدًا فقدروا الفتحة كما قدروا الكسرة تحقيقًا للحمل وعن
الثاني بأن المانع من قلبها قصد الفرق بين المثنى وغيره.
قوله: "ونون مجموع" الأقرب نصبه على المفعولية لافتح
والفاء زائدة لتزيين اللفظ ورفعه مبتدأ يحوج
ج / 1 ص -133-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفرقا بينه وبين نون المثنى "وقل من بكسره نطق" من العرب.
قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق
به لغة، وجزم به في شرح الكافية، ومما ورد منه قوله:
26-
عرفنا جعفرًا وبني أبيه
وأنكرنا زعانف آخرين
وقوله:
27-
وقد جاوزت حد الأربعين
"ونون ما ثني والملحق به" وهو
اثنان واثنتان وثنتان "بعكس ذاك" النون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى تقدير الرابط في الخبر.
فائدة: تحذف نون الجمع ونون المثنى للإضافة وللضرورة
ولتقصير الصلة نحو:
خليليّ ما إن أنتما الصادقا هوى
إذا خفتما فيه عذولا وواشيا
ونحو قراءة الحسن والمقيمي الصلاة بنصب الصلاة. وقد تحذف نون
الجمع اختيارًا قبل لام ساكنة كقراءة بعضهم غير معجزي الله
بنصب الله. وقراءة بعضهم: "إنكم لذائقوا العذابَ"
[الصافات: 38] بنصب العذاب وهو أكثر من حذفها لا قبل لام
ساكنة كقراءة الحسن: "وما هم بضارين به من أحد" [البقرة:
102] كذا في التسهيل وشرحه للدماميني. وفي المغني يحذف
النونان لشبه الإضافة نحو لا غلامي لزيد ولا مكرمي لعمرو.
وإذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا وسيأتي بسط
إعرابهما في باب لا. قوله: "فافتح" أي ضامًا ما قبل الواو
ولو تقديرًا في نحو:
{وَأَنْتُمُ
الْأَعْلَوْن} [آل عمران: 139] إذ أصله
الأعلوون وكاسرًا ما قبل الياء ولو تقديرًا في نحو:
{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْن} [ص: 47] إذ أصله المصطفوين. قوله: "من ثقل الجمع" من تعليلية
متعلقة بطلبا. قوله: "وفرقا" أي وزيادة فرق إذ أصل الفرق
حاصل في نحو المصطفين بحذف ألف الجمع وقلب ألف المثنى ياء
وفي غيره بحركة ما قبل الياء. قوله: "وقل من بكسره نطق" أي
مع الياء. قال في التصريح ولم تكسر النون بعد الواو في نثر
ولا شعر لعدم التجانس. قوله: "لغة" أي لا ضرورة كما قيل
به. قوله: "وجزم به" أي بكونه لغة وهذا هو الراجح. قوله:
"زعانف" جمع زعنفة بكسر الزاي والنون وهو القصير وأراد بهم
الأدعياء الذين ليس أصلهم واحدًا. قوله: "حد الأربعين"
استشهد به هنا على أن كسر نون والملحق به لغة لبعض من
يعربهما بالحروف وسابقًا على أن إعرابه بالحركة على النون
لغة نظرًا إلى أن كلا محتمل ويرد عليه أن الشاهد لا يكفي
فيه الاحتمال كما صرحوا به وإن زعم البعض خلافه ويمكن أن
يجعل مثالًا. قوله: "وهو اثنان واثنتان وثنتان" الحصر
بالنسبة لما ذكره المصنف من الملحقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
26- البيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص429، والاشتقاق
ص538؛ وتخليص الشواهد ص72؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة
الأدب 8/ 956؛ والدرر 1/ 140؛ والمقاصد النحوية 1/ 187؛
وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 67؛ وشرح ابن عقيل ص40.
27- راجع التخريج رقم 25.
ج / 1 ص -134-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"استعملوه" فكسروه كثيرًا على الأصل في التقاء الساكنين،
وفتحوه قليلًا بعد الياء "فانتبه" لذلك وهذه اللغة حكاها
الكسائي والفراء كقوله:
28-
على أحوذيين استقلت عشية
فما هي إلا لمحة وتغيب
وقيل: لا تختص هذه اللغة بالياء بل تكون مع الألف أيضًا وهو
ظاهر كلام النظم، وبه صرح السيرافي كقوله:
29-
أعرف منها الجيد والعينانا
ومنخرين أشبها ظبيانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصحوبة بالنون وإن كان الملحق المصحوب بالنون لا ينحصر
في الألفاظ الثلاثة لأن منه المذروين والثنايين وما سمي به
من المثنى كالبحرين وباب التغليب كالقمرين على قول الجمهور
فاندفع ما اعترض به شيخنا والبعض. قوله: "بعكس ذاك" أي
بخلافه لأن الكثير هنا قليل هناك والقليل هنا كثير هناك
فالعكس لغويّ قطعًا فما حكاه البعض من أنه لا لغويّ ولا
منطقي غير صحيح. قوله: "على الأصل في التقاء الساكنين" قد
يقال: هذا خلاف الأصل لأن قياس التقاء الساكنين إذا كان
الأول حرف لين أن يحذف كما قال:
إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق
وإن يكن لينًا فحذفه استحق
ويجاب بأن محل الحذف ما لم يمنع مانع من حذفه ولو حذف هنا
للزم فوات الإعراب والتثنية. ووجه كون النون ساكنة أنها
عوض عما هو ساكن وهو التنوين أو أنها زائدة والزائد ينبغي
فيه التخفيف والساكن أخف. قوله: "على أحوذيين" تثنية
أحوذيّ وهو خفيف المشي لحذفه وأراد بهما جناحي قطاة يصفها
بالخفة والضمير في استقلت أي ارتفعت يرجع إليها. وقوله فما
هي إلا لمحة أي فما مسافة رؤيتها إلا مقدار لمحة. وقوله
وتغيب أي بعد تلك اللمحة جملة فعلية عطفت على الجملة
الاسمية قبلها. قوله: "أعرف منها" الضمير يرجع إلى سلمى في
البيت قبله كما قاله العيني. والجيد العنق. وقوله ومنخرين
إن كان بفتح النون الأخيرة فالأمر ظاهر أو بكسرها ففي
البيت تلفيق من لغتين وفي البيت تلفيق آخر من لغتين لأنه
جرى في قوله: والعينانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
28- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص55؛
وخزانة الأدب 7/ 458؛ والدرر 1/ 137؛ وشرح المفصل 4/ 141؛
والمقاصد النحوية 1/ 177؛ وبلا نسبة في أوضح المساك 1/ 63؛
وتخليص الشواهد ص79؛ وجواهر الأدب ص154 ؛ وسر صناعة
الإعراب 2/ 488؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛
ولسان العرب 3/ 486؛ "حوذ" والمقرب 3/ 136؛ وهمع الهوامع
1/ 49.
29- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص187؛ ولرؤبة أو رجل من
ضبة في الدرر 1/ 139؛ والمقاصد النحوية 1/ 184؛ ولرجل في
نوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 64؛
وتخليص الشواهد ص80؛ وخزانة الأدب 7/ 452، 453، 456، 457،
ورصف المباني ص24؛ وسر صناعة الإعراب 489؛ 705؛ وشرح
التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ وشرح المفصل 3/ 129، 4/
64، 67، 143، وهمع الهوامع.
ج / 1 ص -135-
ومائتا وألف قد جمعا
يكسر في الجر و في النصب معا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحكى الشيباني ضمها مع الألف كقول بعض العرب: هما خليلان
وقوله:
30-
يا أبتا أرقني القذان
فالنوم لا تألفه العيان
تنبيه: قيل: لحقت النون المثنى والمجموع عوضًا
عما فاتهما من الإعراب بالحركات ومن دخول التنوين وحذفت مع
الإضافة نظرًا إلى التعويض بها عن التنوين. ولم تحذف مع
الألف واللام وإن كان التنوين يحذف معهما نظرًا إلى
التعويض بها عن الحركة أيضًا. وقيل: لحقت لدفع توهم
الإضافة في نحو جاءني خليلان موسى وعيسى، ومررت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على لغة من يلزم المثنى الألف وفي قوله: ومنخرين على لغة
من ينصبه ويجره بالياء. وقال الدماميني: في قوله: ومنخرين
بالياء دلالة على أن أصحاب تلك اللغة لا يوجبون الألف بل
تارة يستعملون المثنى بالألف مطلقًا وتارة يستعملونه
كالجماعة. ا. هـ. وعلى هذا ينتفي التلفيق الثاني. والمنخر
بفتح الميم وكسر الخاء وبفتحهما وضمهما. وظبيان اسم رجل
على ما صوّبه العيني رادًا على من جعله تثنية ظبي
كالدماميني وعلى ما قاله العيني فانظر هل المراد أشبها
منخري ظبيان في الكبر أو أشبها نفس الرجل في العظم أو
القبح.
قوله: "أرّقني" أي أسهرني والقذان بكسر القاف وتشديد الذال
المعجمة جمع قذة بضم فتشديد أو قذذ كبطل والقذة والقذذ
البرغوث مثلث الباء والضم أفصح. قوله: "عما فاتهما من
الإعراب بالحركات إلخ" هذا مذهب سيبويه والصحيح الذي
اختاره المحقق الرضي وغيره أن النون عوض عن التنوين في
المفرد فقط لقيام الحروف مقام حركات الإعراب على الراجح
ولأن سيبويه يقول: إن إعراب المثنى والمجموع بحركات مقدرة
والمقدر كالثابت فلا يصح التعويض عنها، إلا أن يقال المراد
أنها عوض عن ظهور الحركات. فإن قلت: إذا كانت النون عوضًا
عن التنوين فقط فلم ثبتت مع أل مع أن المعوض عنه لا يثبت
مع أل قلت: قال الرضي: إنما سقط التنوين مع لام التعريف
لأنه يلزم عليه اجتماع حرف التعريف وحرف يكون في بعض
المواضع علامة التنكير وفي ذلك قبح لا يخفى والنون لا تكون
للتنكير أصلًا فلذلك ثبتت معها. ا. هـ. قوله: "ومن دخول
التنوين" أي الظاهر أو المقدر كما في الممنوع من الصرف.
قوله: "وحذفت مع الإضافة إلخ" حاصله أنه تارة رجح جانب
التعويض بها عن التنوين فحذفت مع الإضافة كما يحذف التنوين
معها تارة وتارة جانب التعويض بها عن الحركة فثبتت مع أل
كما ثبتت الحركة معها ولم يعكس للزوم الفصل بين المضاف
والمضاف إليه بالنون والفصل بينهما ممتنع بغير الأمور
الآتية في قول الناظم فصل مضاف إلخ. قوله: "نظرًا إلى
التعويض بها عن الحركة أيضًا" لا وجه لقوله أيضًا لأن
المنظور إليه في عدم الحذف مع أن أل هو كونها عوضًا عن
الحركة فقط إلا أن يكون المراد كما نظر إلى التعويض بها عن
التنوين في الحذف مع الإضافة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 1/ 92؛
وبلا نسبة في الدرر 1/ 142 ؛ وشرح التصريح 1/ 78 ، وهمع
الهوامع 1/ 49.
ج / 1 ص -136-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببنين كرام، ودفع توهم الأفراد في نحو جاءني هذان ومررت
بالمهتدين؛ وكسرت مع المثنى على الأصل في التقاء الساكنين
لأنه قبل الجمع، ثم خولف بالحركة في الجمع طلبًا للفرق،
وجعلت فتحة طلبًا للخفة وقد مر ذلك وإنما لم يكتف بحركة ما
قبل الياء فارقًا لتخلفه في نحو المصطفين. ولما فرغ من
بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء أخذ في بيان ما
نابت فيه حركة عن حركة وهو شيئان: ما جمع بالألف وتاء وما
لا ينصرف. وبدأ بالأول لأن فيه حمل النصب على غيره،
والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر فقال: "وما
بتا وألف قد جمعا" الباء متعلقة بجمع أي ما كان جمعا بسبب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وقيل لدفع إلخ" هذا هو الذي اختاره الناظم. قوله:
"لدفع توهم الإضافة" أي وحمل ما لا توهم فيه على ما فيه
توهم وكذا يقال فيما بعده. قوله: "ودفع توهم الإفراد" أورد
عليه أنه لو اعتبر دفع هذا التوهم لامتنعت إضافة جمع
المنقوص جرًا نحو مررت بقاضيك لالتباسه بالمفرد حينئذٍ.
وأجيب بالفرق بأنه في الجمع المذكور يمكن دفع الإلتباس
بالوقف على المضاف لعود النون حينئذٍ ولا كذلك ما نحن فيه
على تقدير عدم النون واقتصرنا في الإيراد على الجر لأنه لا
التباس حال النصب لأن ياء المفرد تفتح نصبًا وياء الجمع
تسكن، فما نقله شيخنا عن سم وأقره هو والبعض من زيادة
النصب سهو. قوله: "في نحو جاءني هذان" مبني على أنه مثنى
حقيقة والراجح خلافه أو يراد بالمثنى في أول التنبيه هو
وما ألحق به. قوله: "طلبًا للفرق" أي بين نوني المثنى
والجمع وكلامه هذا يقتضي أن طلب الفرق علة اختلاف الحركة
وهو مخالف لما قدمه من جعل الفرق علة للفتح إلا أن يحمل ما
مر على تعليل الفتح من جهة عمومه وهو كونه حركة غير كسرة
لا من جهة خصوصه. وحاصل ما استفيد من كلامه هنا أن تحريك
النون فيهما للتخلص من التقاء الساكنين وأن الكسر في
المثنى لكونه الأصل في التخلص وأن مخالفة حركة نون الجمع
لحركة نون المثنى للفرق وأن خصوص فتحها لطلب الخفة فافهم.
قوله: "وقد مر ذلك" أي مر أن علة الفتح طلب الخفة. قوله:
"لتخلفه في نحو المصطفين" فيه كما قال سم أن هذا التخلف لا
يضر لحصول الفرق بحذف الألف في الجمع وقلبها ياء في
التثنية كما مر على أنه لو كان الفرق بحركة النون للتخلف
المذكور لورد عليه أن النون الحاصل بحركتها الفرق تسقط في
حال إضافة نحو المصطفين ولو قال وإنما لم يكتف بحركة ما
قبل الياء فارقًا مبالغة في الفرق لكان أتم. قوله: "من
الأسماء" بيان لما مشوب بتبعيض. قوله: "ما نابت فيه حركة
عن حركة" لم يقل من الأسماء لعدم الاحتياج إلى التقييد به
هنا لأن ما ناب فيه حركة عن حركة لا يكون إلا من الأسماء
بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة. قوله: "والأول أكثر" لأنه
أفراد ثلاثة أنواع هي المثنى والمجموع على حده والجمع
بالألف والتاء. وأما الثاني فأفراد نوع واحد هو ما
لاينصرف. قوله: "وما" أي جمع قوله قد جمعا أي تحققت وحصلت
جمعيته فاندفع ما قيل يلزم تحصيل الحاصل إن أوقعت ما على
جمع وإعراب المفرد في حالتي النصب والجر بالكسر مع أن
المعرب به الجمع إن أوقعت ما على مفرد.
ج / 1 ص -137-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملابسته للألف والتاء أي كان لهما مدخل في الدلالة على
جمعيته "يكسر في الجر وفي النصب معًا" كسر إعراب خلافًا
للأخفش في زعمه أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد إذ لا
موجب لبنائه، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري عل
سنن أصله، وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم أن الجمع بالألف والتاء يطرد في خمسة أنواع ما فيه
تاء التأنيث مطلقًا وما فيه ألف التأنيث مطلقًا ومصغر مذكر
ما لا يعقل كدريهم وعلم مؤنث لا علامة فيه كزينب ووصف مذكر
عاقل كأيام معدودات ونظمها الشاطبي فقال:
وقسه في ذي التا ونحو ذكرى
ودرهم مصغر وصحرا
وزينب ووصف غير العاقل
وغير ذا مسلم للناقل
فيقتصر فيما عدا الخمسة على السماع كسموات وأرضات وسجلات
وحمامات وثيبات وشمالات وأمهات. ويستثنى من الأول خمسة
ألفاظ لا تجمع بالألف والتاء: امرأة وأمة وشاة وشفة وقلة،
زاد الروداني وأمة بالضم والتشديد وملة وقيل تجمع شفة على
شفهات أو شفوات وأمة على أموات أو أميات. ومن الثاني فعلاء
أفعل وفعلى فعلان غير منقولين إلى العلمية لما لم يجمع
مذكرهما بالواو والنون لم يجمع مؤنثهما بالألف والتاء
واختلف في فعلاء الذي لا أفعل له كعجزاء ورتقاء فقال ابن
مالك: يجمع بألف وتاء لأن المنع في حمراء تابع لمنع جمع
التصحيح وهو مفقود هنا ومنعه غيره. ويستثنى من الرابع باب
حزام في لغة من بناه قاله الروداني وغيره. قوله: "بتا"
بالتنوين لأنه مقصور للضرورة على ما مر والمقصور إذا لم
تدخل عليه أل ولم يضف ولم يوقف عليه ينوّن فإعرابه مقدر
على الألف المحذوفة لا على الهمزة المحذوفة لأن حذف الألف
لعلة تصريفية والمحذوف لعلة تصريفية كالثابت بخلاف الهمزة،
فهي أحق من الهمزة بجعلها حرف الإعراب ويجوز ترك تنوينه
للوصل بنية الوقف. قوله: "بسبب ملابسته" أشار بقوله بسبب
إلى أن الباء سببية وبقوله ملابسته إلى أن في عبارة المصنف
تقدير مضاف لأن السبب ليس وجود الألف والتاء ولو من غير
ملابستهما للكلمة بل السبب ملابستهما لها وبهذا يستغنى عما
أطال به البهوتي هنا من التعسف وبجعل الباء سببية يستغنى
عن تقييد الألف والتاء بالزيادة لأنهما إنما يكونان سببًا
في الجمعية إذا كانتا مزيدتين. قوله: "في الجر" إنما ذكره
مع أنه جاء على الأصل والكلام في النيابة ولهذا لم يذكر
الرفع للإشارة إلى أن النصب حمل على الجر. قوله: "معًا"
منصوب على الحال وهي بمعنى جميعًا عند الناظم فلا تقتضي
اتحاد الوقت فلا إشكال على مذهبه أما عند ثعلب وابن خالويه
فتقتضي اتحاد الوقت بخلاف جميعًا وعلى هذا تكون معًا هنا
مجازًا في مطلق الاجتماع بقرينة استحالة اجتماع النصب
والجر في وقت واحد.
قوله: "ليجري على سنن أصله" ولأنه لو لم يحمل نصبه على جره
لزم مزية الفرع على الأصل. فإن قلت: قد تحملت مزية كون جمع
المؤنث معربًا بالحركات فهلا تحملت تلك المزية أيضًا. قلت:
تحملها ثم لغرض فقد هنا وهو دفع الثقل الناشئ من اجتماع
الحرف والحركة ولا
ج / 1 ص -138-
كذا أولات والذي اسما قد جعل
كأذرعات فيه ذا أيضًا
قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره. وجوز الكوفيون
نصبه بالفتحة مطلقًا، وهشام فيما حذفت لامه، ومنه قول بعض
العرب: سمعت لغاتهم. ومحل هذا القول ما لم يرد إليه
المحذوف فإن رد إليه نصب بالكسرة كسنوات وعضوات.
تنبيه: إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم كما عبر به غيره
ليتناول ما كان منه لمذكر كحمامات وسرادقات، وما لم يسلم
فيه بناء الواحد نحو بنات وأخوات، ولا يرد عليه نحو أبيات
وقضاة لأن الألف والتاء فيهما لا دخل لهما في الدلالة على
الجمعية "كذ أولات" وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب
هذا الإعراب إلحاقًا له بالجمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلزم من تحمل المحذور لغرض تحمله لا لغرض قاله شيخ
الإسلام. وقوله: من اجتماع الحرف والحركة أي في جمع المذكر
السالم لو أعرب بحركة على الواو والياء. قوله: "مطلقًا" أي
حذفت لامه أولًا. قوله: "وهشام فيما حذفت لامه" لمشابهته
المفرد حيث لم يجر على سنن الجموع في رد الأشياء إلى
أصولها وجبر الحذف لامه. قوله: "سمعت لغاتهم" أي بفتح
التاء وهو جمع لغة أصلها لغو أو لغى حذفت اللام وعوض هنا
هاء التأنيث. قوله: "فإن رد إليه نصب بالكسرة" لانتفاء
العلتين المذكورتين.
قوله: "إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم إلخ" أجيب عمن عبر
به بأنه صار علمًا في اصطلاحهم على ما جمع بألف وتاء
مزيدتين. قوله: "وسرادقات" جمع سرادق وهو ما يمد فوق صحن
البيت كما في القاموس. قوله: "نحو بنات وأخوات" لم ترد
اللام في بنات وردت في أخوات حملًا لكل على جمع مذكره وهو
أبناء وأخوة لعدم الرد في أبناء والرد في أخوة قاله البعض
وفيه نظر لأنهم ردوا اللام في أبناء أيضًا لكنهم قلبوها
همزة كما هو شأن الواو بعد الألف الزائدة كما في كساء إلا
أن يقال لما غيرت عن أصلها كان كأنها لم ترد. قوله: "لا
دخل لهما في الدلالة على الجمعية" بل الدلالة على الجمعية
فيهما بالصيغة. قوله: "كذا أولات" أي مثل ما جمع بألف وتاء
في إعرابه السابق أولات فقول الشارح يعرب هذا الإعراب بيان
لوجه الشبه ولا يخفى أن المقصود لفظ أولات فيكون معرفة
بالعلمية فإن اعتبرت مؤنثة لتأولها بالكلمة أو اللفظة منعت
الصرف لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن اعتبرت مذكرة
لتأولها باللفظ أو الاسم صرفت وإنما لم تكن مؤنثة لفظًا
لأن ما فيها تاء التأنيث والمانع للصرف هو هاء التأنيث كما
سننقله عن شيخنا وبهذا يعرف ما في كلام البعض. وأصل أولات
ألى بضم الهمزة وفتح اللام قلبت الياء ألفًا ثم حذفت
لاجتماعها مع الألف والتاء المزيدتين فوزنه فعات قاله في
التصريح، قال الروداني فيه إنه يلزم من زيادتهما أن يكون
جمعًا حقيقيًا لا ملحقًا به وهو خلاف المفروض فالصواب أن
وزنه فعلت بلا حذف اللام وما قيل لا يلزم من زيادتهما أن
يكون جمعًا يدفعه أنا لم نجد زيادتهما في غير المفرد معنى
إلا وهو جمع بخلاف المفرد نحو أرطاة وسعلاة وبهماة فلو
كانتا زائدتين لكان جمعًا. ا. هـ. قوله: "لا واحد له من
لفظه" بل من معناه وهو ذات فهو في
ج / 1 ص -139-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور. قال تعالى:
{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْل} [الطلاق: 6] "والذي اسما قد جعل" من هذا الجمع "كأذرعات" اسم قرية
بالشام. وذاله معجمة أصله جمع أذرعة التي هي جمع ذراع "فيه
ذا" الإعراب "أيضًا قبل" على اللغة الفصحى ومن العرب من
يمنعه التنوين ويجره وينصبه بالكسرة، ومنهم من يجعله
كأرطاة علمًا فلا ينونه ويجره وينصبه بالفتحة. وإذا وقف
عليه قلب التاء هاء. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:
31-
تنورتها من أذرعات وأهلها
بيثرب أدنى دارها نظر عالي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤنث نظير أولى في المذكر إلا أن أولى مختص بالعاقلين
بخلاف أولات. قوله: "وإن كن" أصله كون بفتح الواو ثم نقل
إلى فعل بالضم توصلًا لما يأتي ثم نقلت ضمة الواو إلى
الكاف فسكنت الواو فاجتمع ساكنان فحذفت الواو لالتقاء
الساكنين. قوله: "والذي اسمًا" أي علمًا لمذكر أو مؤنث كما
في شرح التسهيل لابن عقيل لكن محل جواز منعه التنوين كما
في اللغتين الأخريين إذا سمي به مؤنث فإن سمي به مذكر لم
يمتنع التنوين لفقد التأنيث كما في التصريح وغيره. قال
شيخنا: وإنما لم يجعل من التأنيث اللفظي لأن ما فيه تاء
التأنيث والمانع من الصرف هو هاء التأنيث كما سيأتي. قوله:
"كأذرعات" بكسر الراء وقد تفتح "قاموس". قوله: "أيضًا" أي
كما قيل في أولات كذا قيل. ويبعده عدم وقوعه عقب قوله فيه
مع أن حمله على هذا المعنى يؤدي إلى عدم فائدة له والمفيد
الذي يقتضيه وقوعه عقب قوله ذا حمله على أن المعنى كما قيل
فيه غير هذا الإعراب من الوجهين اللذين سيذكرهما الشارح.
قوله: "قبل" أراد القبول القياسي لأنه إنما يتكلم في
الأصول القياسية. ا. هـ. يس. قوله: "على اللغة الفصحى"
المراعى فيها الحالة الأصلية فقط. وقال المرادي: إنما بقي
تنوينه مع أن حقه منع الصرف للتأنيث والعلمية أي إذا كان
علمًا على مؤنث لأن تنوينه ليس للصرف بل للمقابلة. ا. هـ.
أي وتنوين المقابلة يجامع علتي منع الصرف. قوله: "من يمنعه
التنوين" أي مراعاة للحالة الراهنة المقتضية منع تنوينه
لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن لم يكن تنوينه تنوين
صرف بل مقابلة كما مر لأنه مشبه لتنوين الصرف في الصورة
كما قاله شيخنا وغيره وبه يوجه ترك التنوين في الوجه
الثالث وقوله: ويجره وينصبه بالكسرة أي مراعاة للحالة
الأصلية. ففي هذه اللغة مراعاة الحالتين ومن كون المراعى
في جره ونصبه بالكسرة الحالة الأصلية يعلم أن الكسرة في
حال النصب نائبة عن الفتحة لا في حال الجر وإن ذكره شيخنا
والبعض تبعًا للتصريح. قوله: "ومنهم من يجعله كأرطأة"
والمراعى في هذه اللغة الحالة الراهنة فقط. قوله: "وإذا
وقف عليه قلب التاء هاء" يعني فلا يرد أن المنع إنما هو مع
هاء التأنيث لا مع تائه على أن التأنيث المعنوي موجود
أيضًا.
قوله: "تنورتها" أي نظرت بقلبي لا بعيني إلى نارها لشدة
شوقي إليها وجملة وأهلها بيثرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص31؛
وخزانة الأدب 1/ 56؛ والدرر 1/ 82؛ ورصف المباني ص345؛ وسر
صناعة الأعراب ص497؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 219 ؛ وشرح
التصريح 1/ 83؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1359؛ وشرح
المفصل 1/ 47؛ والكتاب 3/ 233؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛
والمقتضب 3/ 333؛ 4/ 38؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 69؛
وشرح ابن عقيل ص44؛ وشرح المفصل 9/ 34.
ج / 1 ص -140-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والوجه الثالث ممنوع عند البصريين جائز عند الكوفيين.
تنبيه: قد تقدم بيان حكم إعراب المثنى إذا سمي به وأما
المجموع على حده ففيه خمسة أوجه: الأول كإعرابه قبل
التسمية به. والثاني أن يكون كغسلين في لزوم الياء
والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة. والثالث أن
يجري مجرى عربون في لزوم الواو والإعراب بالحركات على
النون منونة. والرابع أن يجري مجرى هرون في لزوم الواو
والإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه المعجمة.
والخامس أن تلزمه الواو وفتح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالية وكذا جملة أدنى دارها إلخ ويثرب اسم لمدينة النبي
صلى الله عليه وسلّم سميت باسم من نزلها من العماليق وقد
ورد النهي عن تسميتها بيثرب ولأنه من التثريب وهو الحرج
وأما قوله تعالى:
{يَا أَهْلَ يَثْرِب} [الأحزاب: 13] فحكاية عمن قاله من المنافقين. وأدنى دارها مبتدأ
ونظر عالي خبر والكلام على حذف مضاف إما من المبتدأ أي نظر
أدنى دارها أو الخبر أي ذو نظر عالي. والمعنى أن نظر
الأقرب من دارها إلى نظر عظيم فكيف بنظري نفس دارها. قوله:
"جائز عند الكوفيين" هو الحق لوجود العلتين فيه وورود
السماع به فلا وجه لمنعه. قوله: "قد تقدم" أي في الشرح أي
وتقدم حكم إعراب المسمى بما جمع بألف وتاء في المتن وأورد
عليه أنه تقدم في المتن حكم إعراب المسمى بجمع المذكر
السالم حيث قال عليون ومقتضى كلام الشارح أنه لم يتقدم
والجواب أن مراده أنه لم يتقدم بسائر أوجهه بل بوجه واحد
وهو إعرابه كإعرابه قبل التسمية به. قوله: "كغسلين" هو ما
يسيل من جلود أهل النار وشبه بغسلين دون حين لشبه الجمع
بغسلين في كونه ذا زيادتين الياء والنون. قوله: "منونة" أي
إن لم يكن أعجميًّا فإن كان أعجميًّا امتنع التنوين وأعرب
إعراب ما لا ينصرف نحو قنسرين. ا. هـ. تصريح قال شيخنا:
ومثله يقال فيما بعده والعجمة ليست بقيد بل مدار عدم
التنوين على أن ينضم إلى العلمية مانع آخر كالعجمة
والتأنيث المعنوي أفاده البعض وقد كتب الروداني على قول
المصرح فإن كان أعجميًا إلخ ما نصه: هذا كلام ظاهري فإن
ضمير كان عائد إلى ما سمي به من الجمع وما ألحق به وقنسرون
وسائر الأعجميات ليس واحدًا منها بل هي أسماء مرتجلات
لمسمياتها فلا بد من زيادة نوع من أنواع الملحقات بالجمع
تركه الموضح وزاده الدماميني في شرح التسهيل وهو كل اسم
وافق لفظه لفظ الجمع نكرة كان كياسمين أو علمًا كصفين
ونصيبين وقنسرين وفلسطين فإنه يعرب إعراب الجمع للمشابهة
اللفظية كما منعوا سراويل من الصرف لتلك المشابهة والأولى
جعل عليين من هذا النوع. ا. هـ. ببعض تغيير وهو حسن جدًا
طالما كان يلوح ببالي.
قوله: "وشبه العجمة" لأن وجود الواو والنون في الأسماء
المفردة من خواص الأسماء
ج / 1 ص -141-
وجر بالفتحة ما لا ينصرف
ما لم يضف أو يك بعد أل ردف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النون ذكره السيرافي. وهذه الأوجه مترتبة كل واحد منها دون
ما قبله. وشرط جعله كغسلين وما بعده أن لا يتجاوز سبعة
أحرف، فإن تجاوزها كاشهيبايين تعين الوجه الأول.
قاله في التسهيل "وجر بالفتحة" نيابة عن الكسرة "ما لا
ينصرف" وهو ما فيه علتان من علل تسع كأحسن، أو واحدة منها
تقوم مقامهما كمساجد وصحراء كما سيأتي في بابه؛ لأنه شابه
الفعل فثقل فلم يدخله التنوين لأنه علامة الأخف عليهم
والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين لتآخيهما
في اختصاصهما بالأسماء ولتعاقبهما على معنى واحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأعجمية وقد نص بعضهم على أن نحو حمدون وسحنون يجوز فيه
الصرف والمنع للعلمية وشبه العجمة كما في الشيخ يحيى.
قوله: "أن تلزمه الواو وفتح النون" والإعراب بحركات مقدرة
على الواو لا النون كما يفيده كلام التصريح حيث قاسه على
المثنى عند من يلزمه الألف ويكسر نونه ويقدر الإعراب على
الألف لا النون ويؤيده أنه لا معنى لتقدير الحركات على
النون مع سهولة ظهورها عليها وما اعترض به من أنه يلزم
تقدير الإعراب في وسط الكلمة يمكن دفعه بأن النون لما كانت
في الأصل أعني في حالة الجمعية قبل التسمية عوضًا عن
التنوين وهو إنما يلحق الآخر استصحب ذلك بعد التسمية فتكون
الواو آخر الكلمة. قوله: "وجر" يحتمل كونه فعل أمر ناصبًا
ما لا ينصرف على المفعولية فيكون مثلث الآخر وكونه ماضيًا
مجهولًا رافعًا له بالنيابة عن الفاعل فيكون مفتوح الآخر
يؤيد الأول لاحقه والثاني سابقه والمراد بالفتحة ما يشمل
الظاهرة كأحمد والمقدرة كموسى وأورد اللفاني على قوله وجر
بالفتحة إلخ أنه منقوض بما سمي به مؤنث من الجمع بألف وتاء
والملحق به بناء على أنه معرب بإعراب أصله ويمكن دفعه بأنه
علم استثناؤه من قوله سابقًا والذي اسمًا قد جعل إلخ
فافهم. قوله: "وهو ما فيه علتان" العلة اصطلاحًا ما يترتب
عليه الحكم والحكم هنا وهو منع الصرف إنما يترتب على
اثنتين من التسع أو واحدة منها تقوم مقام اثنتين فالعلة في
الحقيقة على الأول مجموع الاثنتين فتسمية كل منهما علة من
تسمية الجزء باسم الكل أو أراد بالعلة ما يشمل العلة
الناقصة.
قوله: "لأنه شابه الفعل" أي في اجتماع علتين فرعيتين
إحداهما لفظية والأخرى معنوية كما سيأتي بسط ذلك وهذا
تعليل لقول المصنف: وجر إلخ ومحط التعليل قوله فامتنع الجر
بالكسرة لمنع التنوين. قوله: "فامتنع الجر بالكسرة لمنع
التنوين" فإذا نوّن للضرورة عاد الجر بالكسرة لأنه إنما
امتنع تبعًا له وقد عاد فيعود وهذا ظاهر على القول بأن
تنوين الضرورة تنوين صرف أما على القول بأنه تنوين آخر أتى
به لمجرد الضرورة وهو الراجح فقيل: لا يجر بالكسرة بل
بالفتحة مع التنوين الضروري وقيل يجر بالكسرة نظرًا إلى
أنه بصورة تنوين الصرف. قوله: "ولتعاقبهما" أي تناوبهما
على معنى واحد هو مطلق التمييز أعم من أن يكون نصًا أو
احتمالًا وذلك أنك إذا قلت: عندي راقود خلا كان القصد
المظروف نصًا لأن التمييز المنصوب على معنى من نصًا وإذا
قلت: عندي راقود خل احتمل أن يكون خل تمييزًا على معنى من
فيكون القصد المظروف وأن تكون إضافة راقود إليه على معنى
اللام فيكون القصد الظرف ووجه تعاقبهما أن راقودًا إن نوّن
لم يجر
ج / 1 ص -142-
............................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في باب راقود خلا وراقود خل، فلما منعوه الكسرة عوضوه منها
الفتحة نحو:
{فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا}
[النساء: 86] وهذا "ما لم يضف أو يك بعد أل ردف" أي تبع
فإن أضيف أو تبع أل ضعف شبه الفعل فرجع إلى أصله من الجر
بالكسرة نحو:
{فِي أَحْسَنِ
تَقْوِيم} [التين: 4]
{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ
فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، ولا فرق في أل
بين المعرفة كما مثل والموصولة نحو: "كالأعمى والأصم"
وقوله:
32-
وما أنت باليقظان ناظره إذا
نسيت بمن تهواه ذكر العواقب
بناء على أن أل توصل بالصفة المشبهة وفيه ما سيأتي. والزائدة
كقوله:
33-
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلّ بل ينصب تمييزًا وإلا جر بإضافة راقود إليه إضافة
المميز إلى التمييز والراقود دنّ طويل يطلى داخله بالقار
وهو معرب كما في زكريا. قوله: "نحو فحيوا بأحسن منها"
تمثيل للجر بالفتحة وقوله سابقًا كأحسن وكمساجد صحراء
تمثيل لذي العلتين وذي العلة. قوله: "ما لم يضف إلخ" أي
مدة عدم الإضافة والردف لأل لأن النفي مع العطف بأو يفيد
نفي كل نحو:
{مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ
فَرِيضَة} [البقرة: 236]، قاله سم فهو من عموم السلب. قوله: "ردف" ليس حشوًا
لأن البعدية لا تقتضي الاتصال. ا. هـ. يس.
قوله: "فإن أضيف" أي إلى ظاهر نحو مررت بأفضلكم أو مقدر
نحو:
ابدأ بذا من أول
في رواية الكسر بلا تنوين على نية لفظ المضاف إليه شنواني.
قوله: "ضعف شبه الفعل" أي لمصاحبته خاصة الاسم المؤثرة في
معناه وهي أل أو الإضافة لاختصاصهما بالاسم وتأثيرهما في
معناه التعريف أي في الجملة فلا ترد أل الزائد والإضافة
اللفظية وبقولنا المؤثرة في معناه يندفع الاعتراض بأن
مقتضى التعليل جر ما لا ينصرف بالكسرة إذا صحب حرف الجر
لأنه من خصائص الاسم. قوله: "وما أنت" في بعض النسخ ما أنت
فيكون في البيت الخرم بخاء معجمة فراء وهو حذف أول البيت
والناظر يطلق كثيرًا على إنسان العين والمراد به هنا القلب
بدليل الشرط. قوله: "بناء" بالنصب مفعول لأجله لمحذوف أي
ومثلنا بالأعمى والأصم واليقظان لأنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
32- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 1/
215.
33- تمام البيت:
شديدًا بأحناء الخلافة كاهله
وهو من الطويل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب
2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 451؛ وشرح
شواهد الشافية ص12؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب
3/ 200 "يد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في
لسان العرب 8/ 393 "وسع"؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في
أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/
306؛ والإنصاف 1/ 317؛ وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب
7/ 247؛ 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن
الحاجب 1/ 36؛ وشرح قطر الندى ص53؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛
وهمع الهوامع 1/ 24.
ج / 1 ص -143-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثل أل إذا في لغة طيئ كقوله:
34-
أإن شمت من نجد بريقا تألقا
تبيت بليل أم أرمد اعتاد أو لقا
تنبيهان: الأول ما الأولى موصولة والثانية حرفية، وهي ظرفية
مصدرية أي مدة كونه غير مضاف ولا تابع لأل الثاني ظاهر
كلامه أن ما لا ينصرف إذا أضيف أو تبع أل يكون باقيًا على
منعه من الصرف هو اختيار جماعة. وذهب جماعة منهم المبرد
والسيرافي وابن السراج إلى أنه يكون منصرفًا مطلقًا وهو
الأقوى. واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه
إذا زالت منه علة فمنصرف نحو بأحمدكم، وإن بقيت العلتان
فلا نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنينا على إلخ أو مفعول مطلق لمحذوف أي والتمثيل به بني
بناء أو الرفع خبر محذوف أي والتمثيل به بناء على إلخ أي
مبني. قوله: "أإن شمت إلخ" يحتمل أن تكون أن مصدرية حذفت
قبلها لام التعليل وأن تكون شرطية أتى بجوابها مرفوعًا لأن
فعل الشرط ماضٍ والاستفهام للتقرير وشمت بكسر الشين
المعجمة أي نظرت. وبريقًا تصغير برق وتألق لمع والأولق
الجنون وجملة اعتاد أو لقا حال من المضاف إليه أو نعت له
لأنه نكرة في المعنى كما في:
{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}
[الجمعة: 5] كذا قال العيني وتبعه غيره وفي الحالية نظر
لعدم شرط مجيء الحال من المضاف إليه.
قوله: "ظاهر كلامه" إنما كان ظاهر كلامه البقاء على المنع
لأن الضمير في يضف وما بعده يرجع إلى ما لا ينصرف ومفهومه
أنه إذا أضيف ما لا ينصرف أو تبع أل جر بالكسرة ولا شك أن
المحكوم عليه في هذا المفهوم ما لا ينصرف. قوله: "وهو
اختيار جماعة" هو مبني على أن الصرف هو التنوين فقط وهو
مفقود مع أل والإضافة وإنما جر بالكسرة لأمن دخول التنوين
فيه قاله في الهمع وظاهر صنيع الشارح أن هؤلاء يقولون
بالمنع وإن زالت منه علة ولا وجه له إلا الاستصحاب. قوله:
"وذهب جماعة إلخ" يحتمل أن القائل بهذا المذهب يقول الصرف
هو التنوين ولم يظهر لوجود أل أو الإضافة ويحتمل أن يقول
هو الجر بالكسرة فقول شيخنا والبعض إنه مبني على أن الصرف
هو الجر بالكسرة إن كان مستنده أن الواقع أن هؤلاء يقولون
إن الصرف هو الجر بالكسرة فمسلم وإن كان استنباطًا فلا.
قوله: "مطلقًا" أي وزالت منه علة أو لا. قوله: "وهو
الأقوى" التحقيق تفصيل الناظم. قوله: "إذا زالت منه علة"
أي بأن كانت إحدى علتيه العلمية لأن العلم لا يضاف ولا
تدخل عليه أل حتى ينكر. قوله: "فمنصرف" أي ولم يظهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
34- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 3/ 92،
96، والخصائص 2/ 396؛ والدرر 3/ 88؛ ولسان العرب 7/ 426
"وسط"، 12/ 103 "جلم" ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في
همع الهوامع 1/ 201.
ج / 1 ص -144-
واجعل لنحو يفعلان النونا
رفعا وتدعين وتسألونا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأحسنكم. ولما فرغ من مواضع في الاسم شرع في مواضعهما في
الفعل فقال "واجعل لنحو يفعلان" أي من كل فعل مضارع اتصل
به ألف اثنين اسمًا أو حرفًا "النونا رفعا" الأصل علامة
رفع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، يدل على ذلك ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنوين لوجود أل أو الإضافة.
قوله: "واجعل لنحو يفعلان إلخ" إنما أعربت هذه الأمثلة
بالحرف لمشابهة فعل الاثنين مثنى الاسم وفعل الجماعة
مجموعه فأجريا مجراهما في الإعراب بالحرف وحمل على الفعلين
فعل المخاطبة لمشابهته لهما ولأنها لو أعربت بالحركات
لكانت إما مقدرة على الضمائر أو على ما قبلها ولا سبيل إلى
الأول لأن الضمائر كلمات في ذاتها ولا يقدر إعراب كلمة على
كلمة أخرى ولا إلى الثاني لأن ضمائر الرفع المتصلة شديدة
الاتصال بالأفعال فكأن ما قبلها حشو والإعراب لا يقع حشوا
ولمن يعربها بحركات مقدرة على ما قبل الضمائر أن يقول إن
سلم أن ما قبلها كالحشو لا يسلم أن الإعراب لا يكون على ما
هو كالحشو وبدليل أن البناء الذي هو نظير الإعراب يكون على
ما هو كالحشو نحو ضربت وضربوا فافهم ولم يكن حرف إعرابها
الألف والواو والياء الموجودات لأنها أسماء والأسماء لا
تكون حروف إعراب وأيضًا لو كانت إعرابًا لأذهبها الجازم
كما في سائر حروف العلة ولا حرف علة آخر لوجوب حذفه
لالتقائه ساكنًا مع الضمائر الساكنة وكان حرف إعرابها
النون لمشابهتها حروف العلة لأنها تدغم في الواو نحو من
وأل وفي الياء نحو ومن يقنت وتبدل ألفًا في الوقف على
المنصوب المنون في اللغة المشهورة وفي الوقف على المؤكد
بنون التوكيد الخفيفة التالية فتحًا وفي الوقف على إذن
وجاز وقوع علامة الإعراب بعد الفاعل لأنه هنا ضمير رفع
متصل وهو كالجزء وقد تحذف هذه النون في حالة الرفع وجوبًا
فتقدر كما في نحو هل تضربان هل تضربن يا زيدون وهل تضربن
يا هند وجوازًا بكثرة في الفعل المتصل بنون الوقاية نحو
تأمروني بناء على الصحيح من أن المحذوف نون الرفع لا نون
الوقاية وإذا لم تحذف جاز الفك والإدغام وبالأوجه الثلاثة
قرئ تأمروني وبقلة في غير ذلك نحو:
أبيت أسرى وتبيتي تدلكي
وجهك بالعنبر والمسك الذكي
وفي الحديث
"والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا
تؤمنوا حتى تحابوا"
الأصل لا تدخلون ولا تؤمنون وقرئ:
{قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا}
[القصص: 48] أي يتظاهران فأدغم التاء في الظاء وحذف النون
كذا في التصريح وغيره لكن قال الدماميني وشارح الجامع إنه
شاذ وقال في الهمع لا يقاس عليه في الاختيار. قوله: "ألف
اثنين" أي شخصين سواء كانا مخاطبين أو مخاطبتين أو غائبين
أو غائبتين. قوله: "اسمًا" بأن كانت ضميرًا فاعلًا نحو
الزيدان يفعلان وقوله أو حرفًا أي دالًّا على التثنية نحو
فعلان الزيدان على لغة أكلوني البراغيث. قوله: "الأصل
علامة رفع" دفع بتقدير المضاف عدم تناسب كلامي المصنف لأنه
جعل أوّلًا النون إعرابًا وثانيًا الحذف علامة إعراب
والمناسب جعلهما معًا إعرابًا أو علامة إعراب وأرجع ما هنا
إلى
ج / 1 ص -145-
وحذفها للجزم والنصب سمه
كلم تكوني لترومي مظلمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعده؛ والتقديد اجعل النون علامة الرفع لنحو يفعلان "و"
لنحو "تدعين" من كل مضارع اتصل به ياء المخاطبة "وتسألونا"
من كل مضارع اتصل به واو الجمع اسمًا أو حرفًا.
فالأمثلة خمسة على اللغتين وهي يفعلان وتفعلان وتفعلون
ويفعلون وتفعلين، فهذه الأمثلة رفعها بثبات النون نيابة عن
الضمة "وحذفها" أي النون "للجزم والنصب سمه" أي علامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سيأتي من قوله: وحذفها إلخ ولم يعكس مع أن في العكس
التأويل وقت الحاجة لا قبلها لبعد التأويل في الثاني بحمل
الجزم والنصب على المعنى المصدري الذي هو فعل الفاعل
لأنهما لا يطلقان اصطلاحًا بهذا المعنى دون التأويل في
الأول ولا ينافي التأويل في الأول مذهب المصنف من كون
الإعراب لفظيًّا كما قيل لما قدمه الشارح من أنه لا منافاة
بين جعل الشيء إعرابًا وجعله علامة إعراب لأن جعله إعرابًا
من حيث عموم كونه أثرًا جلبه عامل وجعله علامة إعراب من
حيث خصوصه فاندفع ما أطال به البعض.
قوله: "اتصل به ياء المخاطبة" ترك التعميم هنا لأنها لا
تكون إلا اسمًا. قوله: "واو الجمع" المراد الجمع بالمعنى
اللغوي وهو الجماعة ليدخل نحو زيد وعمرو وبكر يفعلون وفي
نسخ واو الجماعة وهي ظاهرة. قوله: "فالأمثلة خمسة" تفريع
على ما يفيده تعميم الشارح في الفعل حيث قال من كل فعل إلخ
ويشعر به بدء المصنف الفعل تارة بالياء وتارة بالتاء من
ثبوت الأمرين لا على تعميمه في ألف الاثنين وواو الجماعة
بقوله اسمًا أو حرفًا لأن المعروف أن عدّها خمسة باعتبار
بدء يفعلان تارة بالياء وتارة بالتاء لا باعتبار اسمية
الألف والواو وحرفيتهما ويدل على ما ذكرناه قوله وهي
يفعلان وتفعلان إلخ فقوله: خمسة على اللغتين أي جارية على
كل من اللغتين وإن كان الاختلاف بين اللغتين في غير تفعلون
بالفوقية وتفعلين ومراده باللغتين لغة من يجرد الفعل
المسند إلى اثنين أو جماعة من العلامة ولغة من يلحقها به.
وهذه الخمسة بالتفصيل عشرة باعتبار أن تضربان بالفوقية
يصلح للمخاطبين والمخاطبتين والغائبتين والألف في الأولين
اسم فقط وفي الثالث تكون اسمًا وحرفًا ويضربان بالتحتية
للغائبين فقط اسمًا أو حرفًا فهذه ستة ويضربون بالتحتية
للغائبين اسمًا أو حرفًا وتضربون بالفوقية للمخاطبين اسمًا
فقط والعاشرة تضربين وإن نظر إلى تغليب المذكر على المؤنث
أو الحاضر على الغائب والعكس وإلى كون المؤنث حقيقي
التأنيث أو مجازيه زاد العدد وسمى يفعلان وتفعلان ويفعلون
وتفعلون وتفعلين أمثلة لأنه ليس المقصود هي بخصوصها بل هي
وما ماثلها في اتصال الألف أو الواو أو الياء.
فائدة: إذا قلت: هما تفعلان تعني امرأتين فهل يفتتح الفعل
بتاء فوقية حملًا للمضمر على المظهر ورعيًا للمعنى أو بياء
تحتية رعيًا للفظ فإن هذا اللفظ يكون للمذكرين الأول قول
ابن أبي العافية تلميذ الأعلم وهو الراجح الذي ورد به
السماع والثاني قول ابن الباذش قاله الدماميني. قوله:
"بثبات النون" أي بثبوتها أي بالنون الثابتة لكن عبر بذلك
لتكون المقابلة بقوله وحذفها إلخ أتم وهذه النون تكسر مع
الألف وتفتح مع الواو والياء تشبيهًا بنون المثنى والجمع
وقد تفتح مع الألف أيضًا قرئ:
{أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَج}
[الأحقاف: 17]، بفتحها وذكر ابن فلاح في المعنى
ج / 1 ص -146-
وسم معتلا من الأسماء ما
كالمصطفى والمرتقى
مكارما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيابة عن السكون في الأول وعن الفتحة في الثاني "كلم تكوني
لترومي مظلمه" الأصل تكونين وترومين، فحذفت النون للجازم
في الأول وهو لم، وللناصب في الثاني وهو أن المضمرة بعد
لام الجحود.
تنبيهان: الأول قدم الحذف للجزم لأنه الأصل والحذف للنصب
محمول عليه، وهذا مذهب الجمهور. وذهب بعضهم إلى أن إعراب
هذه الأمثلة بحركات مقدرة على لام الفعل. الثاني إنما ثبتت
النون مع الناصب في قوله تعالى:
{إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}
[البقرة: 237] لأنه ليس من هذه الأمثلة إذ الواو فيه لام
الفعل والنون ضمير النسوة والفعل معها مبني مثل يتربصن
ووزنه يفعلن بخلاف الرجال يفعون فإنه من هذه الأمثلة، وإذ
واوه ضمير الفاعل ونونه علامة الرفع تخذف للجازم والناصب
نحو:
{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
[البقرة: 237] ووزنه تفعوا، وأصله تعفووا. ولما فرغ من
بيان إعراب الصحيح من القبيلين شرع في بيان إعراب المعتل
منهما وبدأ بالاسم فقال: "وسم معتلا من الأسماء ما" أي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها تضم أيضًا قرىء شاذًّا:
{لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِه}
[يوسف: 37] بضمها قاله الروداني. قوله: "وحذفها للجزم إلخ"
وقد تحذف حيث لا ناصب ولا جازم كما مر. قوله: "مظلمه" بفتح
اللام على القياس وكسرها على الكثير. قوله: "لأنه الأصل"
أي الحذف للجزم أصل للحذف للنصب وإنما كان أصلًا لمناسبة
الحذف للسكون الذي هو الأصل الأصيل في الجزم ووجه المناسبة
كون كل عدم شيء فالسكون عدم الحركة والحذف عدم الحرف تأمل.
قوله: "والحذف للنصب محمول عليه" كما حمل النصب على الجر
في المثنى والجمع على حده لأن الجزم نظير الجر في
الاختصاص. قوله: "وهذا" أي إعراب تلك الأمثلة بثبوت النون
رفعًا وحذفها جزمًا ونصبًا مذهب الجمهور إلخ ولو قدمه
الشارح على التنبيه لكان أليق. قوله: "بحركات مقدرة على
لام الفعل" منع من ظهورها حركة المناسبة أي وثبوت النون أو
حذفها دليل على ذلك المقدر. ا. هـ. دماميني فالحذف عند
الجازم فرقا بين صورتي المجزوم والمرفوع لا به والجازم
إنما حذف الحركة المقدرة وكالجازم الناصب والمراد الحركات
وجودًا أو عدمًا ليدخل السكون.
قوله: "بخلاف الرجال يعفون" أي في الأمور الأربعة المذكورة
لكن لم يصرح بكون الفعل في هذا معربًا اكتفاء بدلالة قوله
علامة الرفع على الإعراب. قوله: "تعفووا" أي بواوين الأولى
لام الفعل والثانية ضمير الفاعل استثقلت الضمة على الأولى
فحذفت ثم الأولى لالتقاء الساكنين وخصت بالحذف لكونها جزء
كلمة بخلاف الثانية فكلمة عمدة. قوله: "وبدأ بالاسم" لكن
في ابتدائه بالاسم فصل بين النظائر وهي أبواب النيابة
ولهذا قدم الموضح الفعل المعتل. قوله: "معتلًا" مفعول ثان
وما مفعول أول والمعتل عند النحاة ما آخره حرف علة وعند
الصرفيين ما فيه حرف علة أولًا أو وسطًا أو آخرًا كالوعد
ووعد وكالبيع وباع وكالفتى والرمي ويغزو ويسمى الأول
مثالًا
ج / 1 ص -147-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم المعرب الذي حرف إعرابه ألف لينة لازمة "كالمصطفى"
وموسى والعصا، أو ياء لازمة قبلها كسرة كالداعي "والمرتقي
مكارما".
تنبيه: إنما سمي كل من هذين الاسمين معتلًا لأن آخره حرف
علة، أو لأن الأول يعل آخره بالقلب إما عن ياء نحو الفتى،
أو عن واو نحو المصطفى. والثاني يعل آخره بالحذف، فخرج
بالمعرب نحو متى والذي، وبذكر الألف في الأول والمنقوص نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمماثلته الصحيح في عدم إعلال الماضي واسمي الفاعل
والمفعول والثاني أجوف وذا الثلاثة لأنه في الحكاية عن
النفس بالماضي على ثلاثة أحرف كقلت وبعت والثالث ناقصًا
ومنقوصًا لنقص حرفه الأخير وقفًا وجزمًا من بعض أفراده
كأغز ولم يغز ونقص الإعراب كلا أو بعضًا من بعض آخر كالفتى
ويغزو وذا الأربعة لأنه في الحكاية على أربعة كدعوت
والمعتل بالفاء والعين ولا يكون في الفعل أو بالعين واللام
لفيف مقرون أو بالفاء واللام لفيف مفروق ومعتل الثلاثة
نادر كالواو والصحيح إن سلم من التضعيف والهمز فسالم وإلا
فلا فكل سالم صحيح ولا عكس. قوله: "الذي حرف إعرابه ألف
إلخ" دخل فيه المثنى على لغة من يلزمه الألف. قوله: "لينة"
لم يكتف بكون الألف عند الإطلاق تنصرف إلى اللينة لأن توهم
الشمول قائم والمطلوب في التعاريف الإيضاح.
قوله: "لازمة" أي في الأحوال الثلاثة لفظًا أو تقديرًا كما
في المقصور المنون واعترض بأنه لا يشمل الألف المنقلبة عن
الهمزة كالمقرإ اسم مفعول من أقرأه الكتاب لعدم لزومها إذ
يجوز النطق بدلها بالهمزة أي التي هي الأصل. وأجيب بأن
إبدال الهمزة المتحركة من جنس حركة ما قبلها شاذ والشاذ لا
يعترض به ومثل هذا الاعتراض والجواب يجري في قوله ياء
لازمة. قوله: "كالمصطفى وموسى والعصا" أشار بتعداد الأمثلة
أنه لا فرق بين العربي والعجمي ولا بين العاقل وغيره.
قوله: "كالداعي والمرتقي" أشار بزيادة الداعي إلى أنه لا
فرق بين الثلاثي والمزيد أو إلى أنه لا فرق بين ما ياؤه
أصلية كالمرتقي أو منقلبة عن واو كالداعي ولم يذكر المصنف
في معتل الأسماء ما آخره واو كما ذكره في معتل الأفعال
لأنه لا يوجد اسم معرب عربي آخره أصالة واو لازمة فلا يرد
الاسم المبني كذو الطائية والأعجمي قال في الهمع: كهندو
ورأيت بخط ابن هشام السمندو. ا. هـ. وما واوه عارضة التطرف
نحو يأثمو مرخم ثمود أو غير لازمة كالأسماء الستة حالة
الرفع. قوله: "مكارمًا" منصوب على المفعولية أو التمييز
المحول عن الفاعل أو الظرفية المجازية. قوله: "يعل" أي
بغير آخره بالقلب أي دائمًا فلا يرد أن الثاني قد يعل آخره
بالقلب كما في الداعي فإن ياءه منقلبة عن واو كما مر.
قوله: "والثاني يعل آخره بالحذف" أي حذف يائه للتنوين وفيه
أن الأول يعل آخره بحذف الألف للتنوين أيضًا. قوله: "فخرج
بالمعرب" لم يخرج من معتل الأسماء بالاسم الفعل والحرف
كيخشى وعلى ويرمي وفي نظرًا إلى أن شأن الجنس أن لا يخرج
به وبعضهم أخرجهما به نظرًا إلى أن الجنس إذا كان بينه
وبين فصله عموم وجهي كما هنا قد
ج / 1 ص -148-
فالأول الإعراب فيه قدرا
جميعه وهو الذي قد قصرا
والثان منقوص ونصبه ظهر
ورفعه ينوى كذا أيضًا يجر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرتقي، وبذكر اللينة المهموز نحو الخطأ، وبذكر الياء في
الثاني المقصور نحو الفتى، وبذكر اللزوم فيهما نحو رأيت
أخاك وجاء الزيدان في الأول، ومررت بأخيك وغلاميك وبنيك في
الثاني، وباشتراط الكسرة قبل الياء نحو ظبي وكرسي "فالأول"
وهو ما كان كالمصطفى "الإعراب فيه قدرا جميعه" على الألف
لتعذر تحريكها "وهو الذي قد قصرا" أي سمي مقصورًا، والقصر
الحبس، ومنه:
{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}
[الرحمن: 72] أي محبوسات على بعولتهن، وسمي بذلك لأنه
محبوس عن المد أو عن ظهور الإعراب "والثان" وهو ما كان
كالمرتقي "منقوص" سمي بذلك لحذف لامه للتنوين، أو لأنه نقص
منه ظهور بعض الحركات "ونصبه ظهر" على الياء لخفته نحو
رأيت المرتقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخرج بكل ما دخل في الآخر وفيه أن الحرف لم يدخل في المعرب
كما لم يدخل في الاسم. قوله: "وغلاميك" لا يقرأ بصيغة
الجمع للاستغناء به حينئذٍ عما بعده ولأن الغلام ليس علمًا
ولا صفة بل بصيغة التثنية واعتراض شيخنا والبعض عليه بأن
المثنى خارج باشتراط الكسرة يرده أن اشتراط الكسرة متأخر
عن اشتراط اللزوم وإنما الإخراج بالسابق. قوله: "نحو ظبي
وكرسي" مما آخره ياء قبلها ساكن صحيح أو معتل.
قوله: "جميعه" إما تأكيد للضمير في قدرًا العائد إلى
الإعراب أو نائب فاعل قدرًا وتأكيد للإعراب ولا يضر الفصل
بما توسط بينهما لكونه معمولًا للمؤكد فهو على حد:
{وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُن}
[الأحزاب: 51] لكن الفاصل في الآية معمول لعامل المؤكد
ويستثنى من تقدير الكسرة حال الجر ما لا ينصرف حال الجر
فإنه إنما يقدر فيه الفتحة خلافًا لابن فلاح معللًا بأنه
لا ثقل مع التقدير كما قاله سم. قوله: "على الألف" موجودة
كالفتى ومقدرة كفتى. قوله: "والقصر" أي في اللغة. قوله:
"لأنه محبوس عن المد" أي الفرعي وهو الزائد على المد
الطبيعي ووجه التسمية لا يوجبها فلا يعترض على هذا التعليل
بوجوده في نحو يخشى ولا على الثاني بوجوده في نحو غلامي
على أنه قد يقال: المراد الحبس الذاتي عن ظهور الحركات
والحبس عنه في نحو غلامي ليس ذاتيًا. قوله: "لحذف لامه" لا
يرد عليه حذف لام المقصور للتنوين ولا على الثاني نحو يدعو
ويرمي كما مر. قوله: "ونصبه ظهر على الياء" ما لم تكن
الياء آخر الجزء الأول من مركب مزجي أعرب إعراب المتضايفين
نحو معه بكرب وقالي قلا فتسكن ولا تظهر عليها الفتحة قال
في همع الهوامع بلا خلاف استصحابًا لحكمها حالة البناء
وحالة منع الصرف ووجه ذلك الرضي بأن هذه الإضافة ليست
حقيقية بل شبهت الكلمتان بالمتضايفين من حيث إن أحدهما عقب
الأخرى لكن في حواشي شيخنا عن سم أن الدماميني نقل عن
البسيط وشرح الصفار جواز فتح الياء وإسكانها. قوله:
"لخفته" لكونه فتحًا غير لازم للياء بخلاف الفتح في نحو
يبيع ورمي فإنه للزومه الياء لو أبقى استثقل فقلبت الياء
ألفًا فاندفع
ج / 1 ص -149-
وأي فعل آخر منه ألف
أو واو أو ياء فمعتلا عرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومرتقياه:
{أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الاحقاف: 31]
{دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} [الأحزاب: 46] "ورفعه ينوى" على الياء ولا يظهر نحو: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}
[القمر: 6]
{لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء الموجودة أو المحذوفة
و"كذا أيضًا يجر" بكسر منوي نحو:
{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع}
[البقرة: 186] و{أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ}. وإنما لم يظهر الرفع والجر استثقالا لا تعذرًا لإمكانهما. قال
جرير:
35-
فيوما يوافين الهوى غير ماضي
وقال الآخر:
36-
لعمرك ما تدري متى أنت جائي
ولكن أقصى مدة العمر عاجل
تنبيه: من العرب من يسكن الياء في النصب أيضًا. قال الشاعر:
37-
ولو أن واش باليمامة داره
وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
قال أبو العباس المبرد وهو من أحسن ضرورات الشعر؛ لأنه حمل
حالة النصب على حالتي الرفع والجر "وأي فعل" كان "آخر منه
ألف" نحو يخشى "أو واو" نحو يدعو "أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استشكال الفرق فتأمل. قوله: "ورفعه ينوي" عبر هنا بالنية
وسابقًا بالتقدير للتفنن. قوله: "ولا يظهر" فائدته بعد
قوله ينوي دفع توهم أن المراد ينوي جوازًا. قوله: "بكسر
منويّ" أي إذا كان منصرفًا وإلا قدرت الفتحة حال الجر.
قوله: "غير ماضي" أي وفاء غير نافذ بل مقطوع. قوله: "ولو
أن واش إلخ" واش اسم أن منصوب بفتحة مقدرة على الياء
المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها السكون العارض من
إجراء المنصوب مجرى المرفوع والمجرور.
قوله: "وهو من أحسن ضرورات الشعر" الأصح جوازه في السعة
بدليل قراءة جعفر الصادق من أوسط ما تطعمون أهاليكم بسكون
الياء. قوله: "وأي فعل" أي مضارع ولم يقيد به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
35- تمام البيت:
ويومًا ترى منهن غولا تغول
من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص140؛ وخزانة
الأدب 8/ 358؛ والخصائص 3/ 159؛ وشرح المفصل 10/ 101؛
والكتاب 3/ 314؛ ولسان العرب 11/ 507 "غول"، 15/ 283 "مض"؛
والمقاصد النحوية 1/ 227 ؛ والمقتضب 1/ 144؛ والمنصف 2/
114؛ ونوادر أبي زيد ص203 ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/
104؛ والمقتضب 3/ 354؛ والممتع في التصريف 2/ 556؛ والمنصف
ص637.
36- البيت في الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 729؛
وتذكرة النحاة ص637.
37- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وخزانة
الأدب 10/ 484؛ وشرح شواهد الشافية ص71 ، 4105؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 698؛ وبلا نسبة في بغية الوعاة 1/ 289؛ والدرر
1/ 166؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 177، 183؛ وشرح المفصل
6/ 51؛ ومغني اللبيب 1/ 289؛ وهمع الهوامع 1/ 53.
ج / 1 ص -150-
فالألف انو فيه غير الجزم
وأبد نصب ما كيدعو يرمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ياء" نحو يرمي "فمعتلا عرف" أي شرط، وهو مبتدأ مضاف وفعل
مضاف إليه، وكان بعده مقدرة، وهي إما شانية وآخر منه ألف
جملة من مبتدأ وخبر خبرها مفسرة للضمير المستتر فيها، أو
ناقصة وآخر اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة
ربيعة، وعرب جواب الشرط وفيه ضمير مستكن نائب عن الفاعل
على فعل وخبر المبتدأ جملة الشرط وقيل: هي وجملة الجواب
معًا، وقيل: جملة الجواب فقط. ومعتلا حال منه مقدم على
عامله. والمعنى أي فعل كان آخره حرفًا من الأحرف المذكورة
فإنه يسمى معتلا "فالألف انو فيه غير الجزم" وهو الرفع
والنصب نحو زيد يسعى ولن يخشى لتعذر الحركة على الألف،
والألف نصب بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده "وأبد" أي
أظهر نصب ما" آخره، واو "كيدعو" أو ياء نحو "يرمي" لخفة
النصب.
وأما قوله:
38-
أبي الله أن أسمو بأم ولا أب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الكلام في المعرب. قوله: "وكان بعده مقدرة" جواب عما
يقال أداة الشرط لا تدخل على الجملة الإسمية لكن اعترض بأن
الفعل لا يحذف بعد أداة الشرط غير أن ولو إلا إن كان
مفسرًا بفعل بعده كما نص عليه ابن هشام في شرح بانت سعاد
اللهم إلا أن يكون ذلك في غير الضرورة. قوله: "إما شأنية"
أي إما ناقصة شأنية أي اسمها ضمير الشأن وقوله: أو ناقصة
أي غير شانية ففي عبارته شبه احتباك فاندفع الاعتراض بأن
الشأنية من الناقصة على الأصح فلا تحسن مقابلتها بها وفي
بعض النسخ أو غير شأنية والأمر عليها ظاهر. قوله: "جملة من
مبتدأ وخبر خبرها" فهي في محل نصب وقولهم الجملة المفسرة
لا محل لها في مفسرة العامل لا ضمير الشأن. قوله: "وألف
خبرها" وعلى هذا فقوله أو واو أو ياء خبر مبتدأ محذوف أي
أو هو واو أو ياء فلا إشكال في رفعه. قوله: "وخبر المبتدأ
جملة الشرط" هذا هو الراجح وتوقف الفائدة على الجواب من
حيث التعليق لا من حيث الخبرية قاله في المغني. قوله: "حال
منه" أي من الضمير المستكن في عرف وهذا على المتبادر من
عدم جعل عرف بمعنى علم فإن جعل بمعنى علم فهو مفعوله
الثاني وهذا أولى لأن القصد علم كونه معتلًا لا معرفة ذات
مقيدة به. قوله: "والمعنى إلخ" لا يخفى أنه حل معنى لا حل
إعراب فلا يقال مقتضى حله
أن كان غير شأنية وأن معتلًا مفعول عرف بمعنى سمى. قوله:
"والألف نصب إلخ" ويجوز رفعه لكنه خلاف المختار كما سيعلم
من باب الاشتغال. قوله: "يفسره" أي معنى لا لفظًا والتقدير
أقصد الألف أو أعتبر أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
38- صدر البيت:
فما سودتني عامر في وراثة
وهو من الطويل. وهو لعامر بن الطفيل في الحيوان
2/ 95، وخزانة الأدب 8/ 343، 345، 348؛ وشرح شواهد الشافية
ص404؛ وشرح المغني ص953؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والشعر
والشعراء ص343، ولسان العرب 11/ 593 "كلل" والمقاصد
النحوية 1/ 242؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 185؛
والخصائص 2/ 342؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 183؛ والمحتسب
1/ 127؛ ومغني اللبيب ص677.
ج / 1 ص -151-
والرفع فيهما انو واحدف جازما
ثلاثهن تقض حكما لازما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
39-
ما أقدر الله أن يدني على شحط
من داره الحزن ممن داره صول
فضرورة "والرفع فيهما" أي الواوي واليائي "انو"
لثقله عليهما "واحدف جازمًا ثلاثهن" وأبق الحركة التي قبل
المحذوف دالة عليه "تقض حكما لازمًا" نحو لم يخش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لابس. قوله: "أبى الله إلخ" يعني أن علوه وسيادته من نفسه
لاتصافه بالأوصاف الحميدة لا أنها وراثة من آبائه. قوله:
"ما أقدر الله أن يدني على شحط من داره الحزن ممن داره
صول" ما تعجبية وعلى بمعنى مع والشحط بشين معجمة فحاء
مهملة مفتوحتين البعد. والحزن بفتح المهملة فسكون الزاي
موضع ببلاد العرب وصول بضم الصاد المهملة ضيعة من ضياع
جرجان كذا في شرح الشواهد للعيني والذي في القاموس أنه
قرية بصعيد مصر وهذا الشاهد ساقط في كثير من النسخ.
قوله: "ثلاثهن" من إضافة الصفة إلى الموصوف وإنما جاز حذف
الآخر في الجزم وليس علامة الرفع قال الرضي: لأن شأن
الجازم عندهم حذف الرفع الذي في الآخر والرفع الذي فيه
محذوف للاستثقال أو التعذر قبل دخول الجازم فلما دخل لم
يجد في الآخر إلا حرف العلة مشابها للحركة فحذفه. ومذهب
سيبويه أن الجازم حذف الحركة المقدرة وحرف العلة حذف عند
الجازم لا به فرقًا بين صورة المجزوم والمرفوع وكلام
المصنف محتمل لهذا المذهب أيضًا وإنما لم يلحق النصب
بالجزم في الفعل المعتل كما ألحق به في الأفعال الخمسة
لأنه إنما ألحق به ثم لتعذر الإعراب بالحركة بخلافه هنا
فأعرب نصبًا بالحركة على الأصل وقولنا بخلافه هنا هو
باعتبار الغالب فلا ينافي أن ما آخره ألف من المعتل متعذر
الحركة فتأمل. وقال بعضهم: إنما ثبتت ألف نحو يخشى نصبًا
لا جزمًا لأن الجزم ذهاب الحركات وإذا ذهبت فلا فائدة
لثبوت حرفها الذي هو الألف بخلاف النصب فإن الحركة فيه
موجودة إلا أنها تغيرت من ضمة إلى فتحة فلو حذفت الألف
بقيت الحركة التي هي الفتحة بلا حرف. واعلم أنه لا يحذف
حرف العلة إلا إذا كان متأصلًا فإن كان بدلًا من همزة
كيقرا ويقري ويوضو فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم فهو
قياسي لسكون الهمزة ويمتنع الحذف لأن العامل أخذ مقتضاه
وإن كان قبله فهو شاذ والأكثر حينئذٍ عدم الحذف بناء على
عدم الاعتداد بالعارض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
39- البيت من البسيط، وهو لحندج بن حندج المري في الجرر 6/
266؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1831؛ ومعجم البلدان 3/
435 "صول"؛ والمقاصد النحوية 1/ 381؛ وبلا نسبة في الأشباه
والنظائر 7/ 164؛ والإنصاف 1/ 128؛ وهمع الهوامع 2/ 167.
ج / 1 ص -152-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يغز ولم يرم. فالرفع نصب المفعولية، لأنو، وفيهما
متعلق به، وأحذف عطف على انو، وفي كل منهما ضمير مستتر وهو
فاعله، وجاز ما حال من فاعل احذف، وثلاثهن مفعول به إما لا
حذف والضمير في ثلاثهن لأحرف العلة الثلاثة، ومعمول الحال
محذوف وهي الأفعال الثلاثة المعتلة والتقدير احذف أحرف
العلة ثلاثهن حال كونك جازمًا الأفعال الثلاثة المذكورة،
أو يكون معمولًا للحال والضمير للأفغال ومعمول الفعل محذوف
وهو الأحرف الثلاثة. والتقدير احذف أحرف العلة حال كونك
جازمًا الأفعال ثلاثهن. وتقض مجزوم جواب احذف، وحكمًا
مفعول به إن كان تقض بمعنى تؤد ومفعول مطلق إن كان بمعنى
تحكم.
خاتمة: قد ثبت حرف العلة مع الجازم في قوله:
40-
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو يكون معمولًا للحال" لو قال أو للحال لكان أخصر
وأنسب بالعطف على قوله إما لا حذف. قوله: "إن كان تقض
بمعنى إلخ" والحكم على هذا بمعنى المحكوم به. واعلم أنه لا
ينحصر تقدير الإعراب في الاسم المعتل والفعل إذ منه في
الاسم ما سكن آخره للإدغام نحو:
{وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251] بإدغام الدال
في الجيم أو للوقف أو للتخفيف والمحكي نحو من زيدًا لمن
قال: ضربت زيدًا ومنه ما جعل علمًا من المركب الإسنادي على
مختار السيد وسيأتي في العلم والمشتغل آخره بحركة الاتباع
والمضاف لياء المتكلم لفظًا أو تقديرًا وكالياء بدلها نحو
يا غلامًا ويا أبتا ويا أمتا ومنه في الفعل ما سكن للإدغام
نحو زيد يضرب بكرًا أو للوقف أو للتخفيف نحو يأمركم بسكون
الراء ولا يختص ذلك بالشعر بل يجوز في النثر على الصحيح
وما حرك لالتقاء الساكنين: كـ{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ
كَفَرُوا} [البينة: 1] وما أدغم في آخره كلم يشد وما
حرك من القوافي في نحو:
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وكما تقدر الحركات تقدر الحروف كما في الأسماء الستة أو
المثنى أو الجمع إذا أضيف إلى كلمة أولها ساكن. قوله: "قد
ثبت حرف العلة" أي وجد وليس المراد خصوص حرف العلة الموجود
قبل دخول الجازم الذي هو لام الكلمة بل الأعم منه ومن
المزيد للإشباع فظهر قول الشارح بعد فقيل: ضرورة وقيل: بل
حذف إلخ أي فقيل: حرف العلة الموجود هو الأصلي وثبت مع
الجازم للضرورة وقيل: ليس هو الأصلي بل الأصلي حذف ثم
أشبعت الفتحة إلخ فلا حاجة إلى ما تكلفه البعض. هذا وفي
الهمع أن ثبوت حرف العلة مع الجازم لغة فيكون أهل هذه
اللغة قد اكتفوا عند دخول الجازم بحذف الحركة المقدرة.
قوله: "في قوله وتضحك إلخ" وأما قراءة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40- البيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في
الأغاني 16/ 258؛ وخزانة الأدب 2/ 196، 202؛ وسر صناعة
الإعراب 1/ 76؛ وشرح اختيارات المفصل ص768؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص 414؛ وشرح شواهد المغني 2/ 675؛ ولسان العرب 3/
517 "هذذ"، 5/ 75 "قدر" 6/ 115 "شمس"؛ ومغني اللبيب 1/
277؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 15؛ وشرح المفصل 5/
79، 10/ 107؛ والمحتسب 1/ 69.
ج / 1 ص -153-
............................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
41-
ألم يأتيك والأنباء تنمي
بما لاقت لبون بني زياد
وقوله:
42-
هجوت زبان ثم جئت معتذرًا
من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قنبل:
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90]، بإثبات الياء وتسكين الراء فقيل: من موصولة وتسكين
يصبر للتخفيف أو الوصل بنية الوقف وقيل: شرطية والياء
إشباع أو لإجراء المعتل مجرى الصحيح فجزم بحذف الحركة
المقدرة. قوله: "شيخة عبشمية" أي عجوز منسوبة إلى عبد شمس
ويمانيا أصله يمنيا حذفت إحدى ياءي النسب وعوض عنها الألف.
قوله: "والأنباء تنمي" بفتح الفوقية أي الاخبار تزداد
وتنتشر يقال: نما الشيء ينمو وينمي ازداد. ونمى الحديث
ينمي ارتفع ونماه بالتخفيف ينميه رفعه كذا في القاموس. قال
العيني: والجملة معترضة بين الفعل والفاعل وهو ما لاقت
والباء زائدة ويحتمل أنه تنازع يأتي وتنمي في ما لاقت
وأعمل الثاني وأضمر الفاعل في الأول وحينئذٍ فلا اعتراض
ولا زيادة والباء على هذا للتعدية قال في المغني: والمعنى
على الأول يعني زيادة الباء واعتراض الجملة أوجه إذ
الأنباء من شأنها أن تنمي بهذا وبغيره وقوله: لبون هي
الناقة ذات اللبن ويروى قلوص بفتح القاف وضم اللام وهي
الناقة الشابة. قوله: "هجوت زبان" اسم رجل والقصد الإنكار
عليه في الهجو ثم الاعتذار حيث لم يثبت على حالة واحدة.
قوله: "فقيل ضرورة" وعليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
41- البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير في الأغاني 17/
131؛ وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362، والدرر 1/ 162؛ وشرح
أبيات سيبويه 1/ 340؛ وشرح شواهد الشافية ص408؛ وشرح شواهد
المغني ص328، 808 ؛ والمقاصد النحوية 1/ 320، ولسان العرب
14/ 14 "أتى"، وبلا نسبة في أسرار العربية ص103، والأشباه
والنظائر 5/ 208؛ والإنصاف 1/ 30 ؛ وأوضح المسالك 1/ 76؛
والجني الداني ص50؛ وجواهر الأدب ص50؛ وخزانة الأدب 9/
524، والخصائص 1/ 333، 337؛ ورصف المباني ص149؛ وسر صناعة
الإعراب 1/ 87، 2/ 631، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛
وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104؛ والكتاب 3/ 316؛ ولسان العرب
5/ 75 "قدر" 14/ 324 "رضي"، 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"؛
والمحتسب 1/ 67، 215، ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387؛
والمقرب 1/ 50، 203؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف
2/ 81 ، 114، 115، وهمع الهوامع 1/ 52.
42- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 24؛
وخزانة الأدب 8/ 359؛ والدرر 1/ 162؛ وسر صناعة الإعراب 2/
630؛ وشرح التصريح 1/ 87؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛
وشرح شواهد الشافية ص406؛ وشرح المفصل 10/ 104؛ ولسان
العرب 15/ 492 "يا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 243 ؛ والممتع
في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 115ح وهمع الهوامع 1/ 52.
|