حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 3 ص -197-        النداء:

وللمُنادى النَّاء أو كالنَّاء يَا                              وأَيْ وآكَذا أيا ثُمَّ هَيَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والقطع نحو: مررت برجال قصير وطويل وربعة، وإن كان غير واف تعين قطعه إن لم ينو معطوف محذوف، نحو: مررت برجال طويل وقصير، فإن نوى معطوف محذوف فمن الأول، نحو: اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر بالنصب، التقدير وأخواتهما لثبوتها في حديث آخر. والله تعالى أعلم.
النداء:
فيه ثلاث لغات أشهرها كسر النون مع المد، ثم مع القصر، ثم ضمها مع المد. واشتقاقه من ندى الصوت وهو بعده، يقال: فلان أندى صوتًا من فلان إذا كان أبعد صوتًا منه "وللمنادى الناء" أي: البعيد "أو" من هو "كالناء" لنوم أو سهو، أو ارتفاع محل، أو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النعت وهناك قول بجواز قطع التوكيد. قوله: "وكان وافيًا به" أي: مستوعبًا لأنواعه. قوله: "وربعة" بفتح الراء وسكون الموحدة وفتحها الذي بين الطويل والقصير. قوله: "تعين قطعه" أي: لأنه حينئذٍ بدل بعض من غير رابط كما في المغني وبهذا يتبين بطلان قول البعض محل التعيين إذا جعل بدل كل, فإن جعل بدل بعض جاز الاتباع على أنه لا يتصور إلا كونه بدل بعض؛
لأن الغرض أنه لم ينو معطوف محذوف فلا تكن من الغافلين. قوله: "فمن الأول" أي: ما كان فيه البدل وافيًا بالمبدل منه فيجوز فيها الأمران البدل والقطع.
النداء:
هو لغة الدعاء بأي: لفظ كان واصطلاحًا طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو ملفوظ به أو مقدر والمراد بالإقبال ما يشمل الإقبال الحقيقي والمجازي المقصود به الإجابة كما في نحو: يا ألله ولا يرد يا زيد لا تقبل؛ لأن يا لطلب الإقبال لسماع النهي والنهي عن الإقبال بعد التوجه, واعترض نيابة حرف النداء عن أدعو؛ بأن أدعو خبر والنداء إنشاء, وأجيب بأن أدعو نقل إلى الإنشاء وإنما ينادى المميز وأما نحو: يا جبال ويا أرض فقيل: إنه من باب المجاز لتشبيه ما ذكر بالمميز في الانقياد واستعارته في النفس له على طريق الاستعارة بالكناية, ويا تخييل ولك أن تقول: من الجائز أن الله لما ذكر حال الخطاب تمييزًا فلم يقع النداء إلا لمميز، وهمزة النداء منقلبة عن واو مثل كساء كما في الغزي.
قوله: "ثم مع القصر" أي: ثم أشهرها كسر النون مع القصر أي: بالنسبة للثالث وقوله ثم ضمها مع المد أي: ثم أشهرها ضمنها مع المد وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه وقدر بعضهم خبرًا في الموضعين أي: ثم كسرها مع القصر يلي الأول ثم ضمها مع المد يلي الثاني. هذا وقد أسلفنا في مبحث علامات الاسم نقلًا عن المصباح أن في النداء لغة رابعة وهي الضم مع القصر فتنبه. قوله: "واشتقاقه" أي: أخذه من ندى الصوت لتلاقيهما في المادة وإنما فسرنا الاشتقاق بالأخذ لاختلاف المأخوذ والمأخوذ منه معنى. قوله: "وللمنادى إلخ" في حاشية المغني

 

ج / 3 ص -198-                       والهَمْزُ للدَّانِي ووا لِمن نُدِبْ         أو يا وغَيْرُ واو لدَى اللَّبِس اجْتُنِبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انخفاضه، كنداء العبد لربه وعكسه من حروف النداء "يا وأي" بالسكون وقد تمد همزتها "وآكذا أيا ثم هيا" وأعمها يا فإنها تدخل في كل نداء، وتتعين في الله تعالى "والهمز" المقصور "للداني" أي: القريب نحو: أزيد أقبل "ووا لمن ندب" وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه، نحو: واولداه وارأساه "أو يا" نحو: يا ولداه يا رأساه "وغيروا" وهو يا "لدى اللبس اجتنب" أي: لا تستعمل يا في الندبة إلا عند أمن اللبس كقوله:
903-

حَمَلتَ أَمْرًا عَظيِمًا فاصْطَبَرْتَ لَهُ                     وقُمْتَ فيهِ بأَمْرِ اللهِ يا عُمَرا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للسيوطي ما نصه: حكى أبو حيان: أن بعضهم ذهب إلى أن حروف النداء أسماء أفعال تتضمن ضمير المنادي فعلى هذا استكملت الهمزة أقسام الكلمة؛ لأنها تأتي حرفًا للاستفهام وفعل أمر من وأي: بمعنى وعد ولها في ذلك نظائر ا. هـ. أي: كعلى والمنادي في عبارته بكسر الدال.
قوله: "الناء" بحذف الياء والاستغناء بالكسرة وكذا ما بعده. قوله: "أي: البعيد" قال شيخنا: الضابط في البعد وضده العرف ا. هـ. قيل إنما نودي البعيد بالأدوات الآتية المشتملة على حرف المد؛ لأن البعيد يحتاج في ندائه إلى مد الصوت ليسمع وهو ظاهر في غير أي: بقصر الهمز. قوله: "من هو كالناء" هذا حل معنى لا حل إعراب حتى يقال: إن الشارح حمل عبارة المتن على ما يمتنع عند البصريين وهو حذف الموصول وبعض الصلة مع أنه لا ضرورة إلى ذلك في عبارة المتن لجواز كون الكاف اسمية بمعنى مثل معطوفة على الناء. قوله: "أو ارتفاع محل" أراد به ما يعم المحل الحسي والمحل المعنوي الذي هو الرتبة بقرينة تمثيله لارتفاع محل المنادى بنداء العبد لربه. قوله: "ثم هيا" قيل هي فرع أيا بإبدال الهمزة هاء, وقيل: أصل فليست هاؤها بدلًا من همزة أيا وكلامه محتمل للقولين, وإن كان إلى الثاني أقرب, ولزيادة أحرفهما عن يا كان فيهما دلالة على زيادة بعد مناداهما عن منادى يا.
قوله: "وأعمها يا" أي: باعتبار المحال كما يدل عليه بقية كلامه. قوله: "تدخل في كل نداء" ولا يقدر عند الحذف سواها. قوله: "في الله تعالى" أي: لفظ الله تعالى مدلوله عن كل ما لا يليق, وكما تتعين في لفظ الجلالة تتعين في المستغاث وأيها وأيتها؛ لأن الأربعة لم يسمع نداؤها إلا بيا لا لبعدها حقيقة أو تنزيلًا؛ لأنه غير لازم. قوله: "ووا لمن ندب إلخ" قال الرضي: وقد يستعمل في النداء المحض وهو قليل ا. هـ. وقال في المغني: أجاز بعضهم استعمال وافي النداء الحقيقي. قوله: "وا ولداه" فوا حرف نداء وندبة وولدا منادى مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة, والألف للندبة والهاء للسكت. قوله: "وهو يا" أخذ هذا الحصر من قوله:
قبل ووا لمن ندب أو يا. قوله: "وقمت فيه إلخ" فصدور ذلك بعد موت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
903- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص736؛ والدرر 3/ 42؛ وشرح التصريح 2/ 164، 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 792؛ وشرح عمدة الحافظ ص289؛ والمقاصد النحوية 4/ 229؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 9؛ وشرح قطر الندى ص222؛ ومغني اللبيب 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 180.

ج / 3 ص -199-                       وغَيْرُ مُنْدُوبٍ ومُضْمَر وما  جا مُسْتَغاثًا قد يُعَرَّى فاعْلَما


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن خيف اللبس تعينت وا.
تنبيهات: الأول من حروف نداء البعيد آي بمدى الهمزة وسكون الياء، وقد عدها في التسهيل فجملة الحروف حينئذ ثمانية. الثاني ذهب المبرد إلى أن أيا وهيا للبعيد، وأي والهمزة للقريب، ويا لهما. وذهب ابن برهان إلى أن أيا وهيا للبعيد والهمزة للقريب وأي للمتوسط ويا للجميع، وأجمعوا على أن نداء القريب بما للبعيد يجوز توكيدًا وعلى منع العكس "وغير مندوب ومضمر وما جا مستغاثًا قد يعرى" من حروف النداء لفظًا "فاعلما" نحو:
{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29]، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر دليل على أنه مندوب وليس الدليل الألف؛ لأنها تلحق آخر المستغاث والمتعجب منه كما يأتي أفاده سم. قوله: "فإن خيف اللبس إلخ" فتقول عند قصد ندبة زيد الميت وبحضرتك من اسمه زيد: وازيد بالواو إذ لو أتيت بيا لتبادر إلى فهم السامع أنك قصدت النداء. قوله: "من حروف نداء البعيد آي إلخ" هذا مكرر مع قوله سابقًا, وقد تمد همزتها إلا أن يقال: أعاده ليؤيده بنقله عن التسهيل أو توطئة لقوله فجملة الحروف ثمانية. قوله: "ذهب المبرد إلخ" انظر ماذا يقول في آي وآ بمد الهمزة فيهما هل يجعلهما للبعيد أو للقريب أولهما فإن أراد بقوله: وأي والهمزة للقريب مقصورتين ومدودتين فلا إشكال, ونظير ذلك يقال فيما نقله عن ابن برهان.
قوله: "على أن نداء القريب بما للبعيد" أي: في غير صورة تنزيله منزلة البعيد بقرينة قوله: يجوز توكيدًا إذ عند التنزيل المذكور لا تأكيد فتلخص أنه يجوز نداء القريب بما للبعيد للتوكيد وللتنزيل, والمراد توكيد النداء إيذانًا بأن الأمر الذي يتلوه مهم جدا كما أفاده في الكشاف. قوله: "وعلى منع العكس" أي: لعدم تأتي التوكيد في صورة العكس, ومحل منعه إذا لم ينزل البعيد منزلة القريب وإلا جاز نداؤه بما للقريب إذ لا مانع منه حينئذٍ كما قاله سم. قوله: "قد يعرى من حروف النداء لفظًا" وإن لزم عليه حذف النائب والمنوب عنه, فقد قال الدماميني: لا نسلم أن العوضية تنافي الحذف بدليل إقام الصلاة ا. هـ. وقال بعضهم: يا للتنبيه لا عوض عن الفعل لكن لما وقعت في محل أشبهت العوض ا. هـ. أما حذف المنادى وإبقاء حرف النداء فذهب ابن مالك إلى جوازه قبل الأمر والدعاء, واستشهد على ذلك ووجه الدماميني جوازه قبل الأمر والدعاء بأنهما مظنة النداء, ووقوعه معهما كثير
فحسن التخفيف معهما بالحذف. وذهب أبو حيان إلى منعه وعلله بأن الجمع بين حذف فعل النداء وحذف المنادى إجحاف, ولم يرد بذلك سماع عن العرب، ويا في الشواهد للتنبيه كهي قبل ليت ورب وحبذا على ما صرح به في التسهيل, وعلله في شرحه بأن مولى يا أحد هذه الثلاثة قد يكون وحده ولا يكون معه منادى ثابت ولا محذوف.
قوله: "نحو: يوسف أعرض عن هذا" أشار بتعداد الأمثلة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المنادى مفردًا أو مضافًا أو شبيهًا به ولا فرق في المفرد بين أن يكون مقصودًا للنداء لذاته كيوسف أو وصلة لنداء غيره كأي: ولا بين أن يكون معربًا قبل النداء كيوسف أو مبنيا قبله كمن

ج / 3 ص -200-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31]،
{أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} [الدخان: 88]، نحو: خيرًا من زيد أقبل، ونحو: من لا يزال محسنًا إلي، أما المندوب والمستغاث والمضمر فلا يجوز ذلك فيها؛ لأن الأولين يطلب فيهما مد الصوت والحذف ينافيه, ولتفويت الدلالة على النداء مع المضمر.
تنبيهان: الأول عد في التسهيل من هذا النوع لفظ الجلالة والمتعجب منه، ولفظه: ولا يلزم الحرف إلا مع الله والمضمر والمستغاث والمتعجب منه والمندوب، وعد في التوضيح المنادى البعيد وهو ظاهر. الثاني أفهم كلامه جواز نداء المضمر والصحيح منعه مطلقًا نحو: وشذ يا إياك قد كفيتك وقوله:
904-

يا أَبْجَرَ ابْنَ أَبْجَرٍ يا أَنْتَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو معربًا قبله في بعض الأحوال ومبنيا في البعض الآخر كأي, هذا ما ظهر لي.
وأما ما ذكره البعض فلا يتم كما يؤخذ مما قررناه. فعلم أن المنادى في المثال الأخير وهو من مفرد؛ لأنه اسم موصول لا شبيه بالمضاف؛ لأنه لم يعمل فيما بعده ولم يعطف عليه ما بعده فهو مبني على ضم مقدر كما قاله سم. قوله: "أن أدوا إليّ عباد الله" أي: أدوا إليّ الطاعة يا عباد الله, وهذا أحد وجهين؛ الثاني: أن عباد الله مفعول أدوا كقوله:
{فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ} ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "مع المضمر" أي: لقلة ندائه. قوله: "والمتعجب منه" نحو قولهم: يا للماء والعشب إذا تعجبوا من كثرتهما. قوله: "إلا مع الله" لأن نداءه على خلاف الأصل لوجود أل فيه, فلو حذف حرف النداء لم يدل عليه دليل أفاده سم. قوله: "والمتعجب منه"؛ لأنه كالمستغاث لفظًا وحكمًا.
قوله: "المنادى البعيد" أي: حقيقة أو تنزيلًا؛ لأن مد الصوت معه مطلوب ليسمع فيجيب والحذف ينافيه. قوله: "والصحيح منعه مطلقًا" ظاهره أن الخلاف جار في مطلق الضمير, وليس كذلك بل الخلاف في ضمير المخاطب فقط. وأما ضمير المتكلم والغائب فنداؤهما ممنوع اتفاقًا كما في التصريح فلا يقال: يا أنا ولا يا هو. ولا يرد أنه سمع يا هو يا من لا هو إلا هو؛ لأن هو في مثله اسم للذات العلية لا ضمير ا. هـ. ويمكن دفع الاعتراض بأن مصب تصحيح المنع في عبارته الإطلاق أي: والصحيح منع نداءه المضمر حالة كون المضمر مطلقًا عن التقييد بكونه ضمير متكلم أو غائب فيكون مقابل الصحيح المنع حالة كون الضمير مقيدًا بذلك, ويمكن أيضًا أن يفرض كلام الشارح كالمصنف في ضمير المخاطب فقط, ويكون معنى قول الشارح مطلقًا سواء كان ضمير رفع أو نصب, أخذا مما بعده أو يكون معناه نثرًا أو نظمًا أخذا مما بعده أيضًا فاعرف ذلك. قوله: "وشذ يا إياك قد كفيتك" جعل بعضهم يا فيه للتنبيه وإيا مفعول فعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
904- الرجز للأحوص في ملحق ديوانه ص216؛ وشرح التصريح 2/ 164؛ والمقاصد النحوية 4/ 232؛ ولسالم بن دارة في خزانة الأدب 2/ 139، 143، 146؛ والدرر 3/ 27؛ ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 325؛ وأوضح المسالك 4/ 11؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 359؛ وشرح عمدة الحافظ ص301، وشرح المفصل 1/ 127، 130؛ والمقرب 1/ 76؛ وهمع الهوامع 1/ 174.

 

ج / 3 ص -201-                                   وذاكَ في اسمِ الجِنْس والمُشارِ لَهْ            قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ فَانْصُرْ عَاذِلَهْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وذاك" أي: التعري من الحروف "في اسم الجنس والمشار له قل ومن يمنعه" فيهما أصلًا ورأسًا "فانصر عاذله" بالذال المعجمة أي: لائمه على ذلك، فقد سمع في كل منهما ما لا يمكن رد جميعه، فمن ذلك في اسم الجنس قولهم: أطرق كرًا، وافتد مخنوق، وأصبح ليل. وفي الحديث:
"ثوبي حجر" وفي اسم الإشارة قوله:
905-

إذا هَمَلَتْ عَينِي لَها قالَ صاحِبِي                        بمثْلِكَ هَذا لَوْعَةٌ وغَرامُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محذوف يفسره المذكور. قوله: "يا أبجر" بموحدة فجيم فراء قال في القاموس: الأبجر الذي خرجت سرته والعظيم البطن وقد بجر كفرح فيهما ا. هـ. وتمامه:

أنت الذي طلقت عام جعتا

وجعل بعضهم يا فيه للتنبيه وأنت الأولى مبتدأ وأنت الثانية تأكيدًا والموصول خبرًا. قوله: "أي: التعري" أي: المفهوم من يعري ولم يقل أي التعرية مع أنها مصدر يعرى؛ لأن التعري أوفق بتذكير اسم الإشارة. قوله: "في اسم الجنس" أي: المعين كما سيأتي في الشرح.
قوله: "والمشار له" اعترض بأن حقه أن يقول: والمشار به وأجيب بأن في كلامه حذف مضاف أي: ولفظ المشار له من حيث إنه مشار له, وهو اسم الإشارة وبأنه معطوف على الجنس أي: واسم المشار له أي: الاسم الدال عليه من حيث أنه مشار إليه. وظاهر كلامه جواز نداء اسم الإشارة مطلقًا وقيده الشاطبي بغير المتصل بالخطاب. قوله: "أصلًا ورأسًا" العطف للتوكيد والمراد أنه لا يحكم بالقلة فقط. وأما قول البعض المراد بمنعه أصلًا منع القياس عليه وبمنعه رأسًا منع وروده فهو مع ما فيه من التحكم مردود بما سيفيده
الشارح من اعتراف المانعين بالورود حيث قال: ومذهب البصريين المنع فيهما وحمل ما ورد على شذوذ أو ضرورة.
قوله: "أطرق كرًا" أصله يا كروان رخم بحذف النون وحذفت معها الألف لكونها لينًا زائدًا ساكنًا مكملًا أربعة. قال الناظم: ومع الآخر احذف الذي تلا إلخ, ثم قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتمامه: إن النعام في القرى. وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أشرف منه، أي: اخفض يا كرًا عنقك للصيد فإن من هو أكبر وأطول عنقًا منك وهو النعام قد صيد. تصريح بزيادة. قوله: "وافتد مخنوق" مثل يضرب لكل مضطر وقع في شدة وهو يبخل بافتداء نفسه بماله ا. هـ. تصريح. قوله: "وأصبح ليل" مثل يضرب لمن يظهر الكراهة للشيء أي: صر صبحًا ا. هـ. تصريح. ولو قال: أي ائت بالصبح أو تبدل بالصبح لكان أوضح. قوله:
"ثوبي حجر" قاله -صلى الله عليه وسلّم- حكاية عن موسى عليه الصَّلاة والسَّلام حين فر الحجر بثوبه حين وضعه عليه وذهب ليغتسل, وكان رخامًا كما في الفارضي. قوله: "إذا هملت عيني" أي: أسالت الدموع لها أي: لأجل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
905- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1592؛ والدرر 3/ 24؛ وشرح التصريح 2/ 165؛ وشرح عمدة الحافظ ص297؛ والمقاصد النحوية 4/ 235؛ وهمع الهوامع 1/ 174؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 15؛ ومغني اللبيب 2/ 641.ش

ج / 3 ص -202-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
906-

إنَّ الأُلَى وَصَفُوا قَومِي لَهُم فَبِهِم             هذا اعْتَصِمْ تَلقَ منْ عاداكَ مَخْذُولا

وقوله:
907-

ذا ارْعِواءً فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعالِ الرْ                رَأسِ شَيبًا إلى الصِّبا مِنِّ سَبِيلِ

وجعل منه قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] وكلاهما عند الكوفيين مقيس مطرد، ومذهب البصريين المنع فيهما وحمل ما ورد، على شذوذ أو ضرورة، ولحنوا المتنبي في قوله:
908-

هَذِي بَرَزْتِ لَنا فَهِجْتِ رَسِيسًا

والإنصاف القياس على اسم الجنس لكثرته نظمًا ونثرًا، وقصر اسم الإشارة على السماع إذا لم يرد إلا في الشعر, وقد صرح في شرح الكافية بموافقة الكوفيين في اسم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحبوبة وبمثلك خبر مقدم ولوعة مبتدأ مؤخر وهذا منادى وفيه الشاهد. قال البعض: ويحتمل أن يكون مبتدأ ولوعة بدل أو عطف بيان وحينئذٍ لا شاهد فيه ا. هـ. ومما يبعده تذكير اسم الإشارة مع تأنيث لوعة. قوله: "قومي لهم" قومي خبر إن ولهم متعلق بصلة الموصول, وهي وصفوا فيكون قد فصل بين العامل والمعمول بأجنبي للضرورة واعتصم أي: استمسك. قوله: "ذا ارعواء" أي: يا ذا ارعو ارعواء أي: انكف عن دواعي الصبا انكفافًا. قوله:
"وجعل منه قوله تعالى إلخ" لم يقل وقوله تعالى؛ لأن ما ذكره أحد أوجه منها أن هؤلاء بمعنى الذين خبر أنتم. قوله: "على شذوذ" أي: في النثر أو ضرورة في النظم. قوله: "ولحنوا المتنبي" قد يمنع التلحين بأن المتنبي كوفي, ومذهب الكوفيين جواز حذف حرف النداء من اسم الإشارة. قاله الدماميني. قوله:
"هذي" أي: يا هذي وجعله بعضهم مفعولًا مطلقًا أي: برزت هذه البرزة وحينئذٍ لا شاهد فيه. ورده الناظم بأنه لا يشار إلى المصدر على طريق المفعول المطلق إلا منعوتًا بذلك المصدر نحو: ضربته ذلك الضرب لكن تقدم في باب المفعول المطلق أن غير الناظم لا يشترط ذلك فهجت أي: أثرت رسيسًا أي: هما. وتمامه:

ثم انصرفت وما شفيت نسيسًا

بنون مفتوحة أي: بقية النفس. قوله: "إذ لم يرد إلا في الشعر" أي: لم يرد نصا إلا في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
906- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص298.
907- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص513؛ والمقاصد النحوية 4/ 230.
908- عجزه:

ثم انْثَنَيْتِ وما شَفيت نَسِيسًا

والبيت من الكامل، وهو للمتنبي في ديوانه 2/ 301؛ ومغني اللبيب 2/ 641؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 177.

 

ج / 3 ص -203-                           وابْن المُعَرَّفَ المنادى المفرَدا   على الذي في رَفْعِهِِ قد عُهِدا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنس فقال وقولهم في هذا أصح.
تنبيه: أطلق هنا اسم الجنس وقيده في التسهيل بالمبنى للنداء, إذ هو محل الخلاف, فأما اسم الجنس المفرد غير المعين كقول الأعمى يا رجلًا خذ بيدي فنص في شرح الكافية على أن الحرف يلزمه. فالحاصل أن الحرف يلزم في سبعة مواضع: المندوب والمستغاث والمتعجب منه والمنادى البعيد والمضمر ولفظ الجلالة واسم الجنس غير المعين وفي اسم الإشارة واسم الجنس المعين ما عرفت "وابن المعرف المنادى المفردا على الذي في رفعه قد عهدا" أي: إذا اجتمع في المنادى هذان الأمران: التعريف والإفراد فإنه يبني على ما يرفع به لو كان معربًا. وسواء كان ذلك التعريف سابقًا على النداء نحو: يا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشعر فلا ترد الآية لقبولها التأويل. قوله: "إذ هو محل الخلاف" يقتضي أن غير المعين يلزمه الحرف اتفاقًا, وليس كذلك فقد صرح المرادي بأن بعضهم أجاز حذف الحرف معه أيضًا نحو: رجلًا خذ بيدي وأجاب بعضهم بجعل أل في الخلاف للعهد والمعهود الخلاف بين البصريين والكوفيين, فغير المعين يلزمه الحرف اتفاقًا منهما, وهذا لا ينافي حكاية قول فيه عن بعض النحاة وإنما يصح هذا الجواب إذا كان البعض المجيز من غير الفريقين فراجعه. قوله: "على أن الحرف يلزمه" أي: على الصحيح لما مر عن المرادي خلافًا لما يوهمه كلام الشارح من أن لزومه للحرف متفق عليه.
قوله: "وابن المعرف إلخ" إنما بني لوقوعه موقع الكاف الاسمية في نحو: أدعوك المشابهة لفظًا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية ومماثلته لها إفرادًا وتعريفًا, وإنما احتيج إلى قولنا المشابهة لفظًا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية؛ لأن الاسم لا يبنى إلا لمشابهة الحرف ولا يبنى لمشابهة الاسم المبني, وخرج بقولنا ومماثلته لها إفرادًا وتعريفًا المضاف والشبيه به؛ لأنهما لم يماثلا الكاف الاسمية إفرادًا والنكرة غير المقصودة؛ لأنها لم تماثلها تعريفًا. وجعل السيد علة البناء المشابهة لكاف ذلك في الخطاب والإفراد بلا واسطة, ويرد عليه وجود هذه العلة في النكرة غير المقصودة مع عدم بنائها وبني على حركة للإعلام بأن بناءه غير أصلي وكانت ضمة؛ لأنه لو بني على الكسر لالتبس بالمنادى المضاف إلى ياء المتكلم عند حذف يائه اكتفاء بالكسرة، أو على الفتح لالتبس به عند حذف ألفه اكتفاء بالفتحة. قاله الفاكهي. وأورد عليه أن المنادى المضاف للياء يجوز فيه الضم عند حذف يائه فلا يحصل الفرق، وأجيب بأنه قليل فلا ينظر إليه.
قوله: "المنادى" ليس بقيد بل بيان لموضوع المسألة؛ لأن الكلام في أحكام المنادى وأخره عن قوله المعرف ضرورة ا. هـ. غزي. قوله: "في رفعه" أي: رفع نظيره على ما قاله الغزي، أو المراد رفعه في غير النداء، أو المراد رفعه على فرض إعرابه، وإلى هذا يشير قول الشارح: على ما يرفع به لو كان معربًا، فاندفع ما يقال الرفع إعراب فينافي قوله وابن. قوله: "على ما يرفع به" من حركة ظاهرة أو مقدرة أو حرف. قوله: "سابقًا على النداء" كالعلم والصحيح بقاؤه على تعريفه

ج / 3 ص -204-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيد أو عارضًا فيه بسبب القصد والإقبال وهو النكرة المقصودة نحو: يا رجل أقبل تريدك رجلًا معينًا. والمراد بالمفرد هنا أن لا يكون مضافًا ولا شبيهًا به كما في باب لا, فيدخل في ذلك المركب المزجي والمثنى والمجموع نحو: يا معد يكرب ويا زيدان ويا زيدون ويا هندان ويا رجلان ويا مسلمون، وفي نحو: يا موسى ويا قاضي ضمة مقدرة.
تنبيهات: الأول قال في التسهيل ويجوز نصب ما وصف من معرف بقصد وإقبال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعلمية وازداد بالنداء وضوحًا. وقيل سلب تعريفه بالعلمية وتعرف بالنداء، ورده الناظم بنداء ما لا يمكن سلب تعريفه كلفظ الجلالة واسم الإشارة فإنهما لا يقبلان التنكير. فإن قلت: العلم إذا أريد إضافته نكر فما الفرق قلت: ليس المقصود من الإضافة إلا تعريف المضاف أو تخصيصه, فلو أضيف مع بقاء التعريف كانت الإضافة لغوًا, وليس المقصود من النداء التعريف بل طلب الإصغاء؛ فلا حاجة إلى تنكير المنادى إذا كان معرفة سم.
قوله: "بسبب القصد" أي: قصد المنكر بعينه وقوله والإقبال أي: إقبال المتكلم على المنادى أي: إلقائه الكلام نحوه, وليس المراد إقبال المنادى على المتكلم كما قد يتوهم لتأخره عن النداء فيلزم كون الكلمة حالة النداء غير معرفة وتوقف تعريفها على إقبال المنادى, حتى إنه إذا لم يقبل بقيت الكلمة على تنكيرها وهو باطل. والعطف من عطف اللازم قال الدماميني: التعريف لم يحصل بمجرد القصد والإقبال بل بهما مع كون الكلمة مناداة بدليل انتفائه في أنت رجل عالم مع وجود القصد والإقبال, وحينئذٍ فقول الشارح بسبب القصد والإقبال أي: مع كون الكلمة مناداة. قوله: "المركب المزجي" المراد به ما يشمل العددي كخمسة عشر؛ لأنه أيضًا من المفرد, نعم أجرى الكوفيون اثني عشر واثنتي عشرة مجرى المضاف كما سيأتي في الشرح. قوله: "والمثنى والمجموع" الظاهر كما قال البعض أن نحو: يا زيدان ويا زيدون من النكرة المقصودة لا من العلم؛ لأن العلمية زالت إذ لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد اعتبار تنكيره؛ ولهذا دخلت عليهما أل فتعريفهما بالقصد والإقبال. قوله: "ويا قاضي" بحذف التنوين اتفاقًا لحدوث البناء وإثبات الياء, إذ لا موجب لحذفها. قاله الخليل. وذهب المبرد إلى أن الياء تحذف؛ لأن النداء دخل على اسم منون محذوف الياء فيبقى حذفها بحاله وتقدر الضمة فيها, ومحل الخلاف بينهما إذا لم يصر بحذف الياء ذا أصل واحد وإلا ثبتت الياء اتفاقًا كما في مراسم فاعل من أرى. قاله في التسهيل.
قوله: "ويجوز نصب ما وصف" أي: بمفرد معرف أو منكر أو بجملة أو بظرف أي: جوازًا برجحان بل أوجبه كثير ذاهبين إلى أنه من شبيه المضاف كما يفيده قول الهمع، أما الموصوفة بمفرد أو جملة أو ظرف فمن شبيه المضاف فتنصب وجوز الكسائي فيها البناء ا. هـ. وعلى هذا لا يختص الشبيه بالمضاف بما عمل فيما بعده أو عطف عليه ما بعده. ويؤخذ من التصريح أن الأحوال ثلاثة وأنه يجب النصب في حال ورود النداء على الموصوف وصفته بأن يطرأ النداء بعد الوصف بالصفة؛ لأنه حينئذٍ من شبيه المضاف، ويجب البناء في حال ورود الوصف بالصفة على

 

ج / 3 ص -205-                             وانْوِ انْضِمامَ ما بَنَوا قَبْلَ النِّدا  وليُجْرَ مُجْرَى ذي بِناء جُدِّدا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحكاه في شرحه عن الفراء وأيده بما روي من قوله -صلى الله عليه وسلم- في سجوده: $"يا عظيمًا يرجى لكل عظيم" وجعل منه قوله:
909-

أَدَارًا بِحُزْوَى هِجْتِ للعَينِ عَبْرَةً

الثاني: ما أطلقه هنا قيده في التسهيل بقوله غير مجرور باللام للاحتراز من نحو: يا لزيد لعمرو, ونحو: ياللماء والعشب، فإن كلا منهما مفرد وهو معرب. الثالث: إذا ناديت اثني عشر واثنتي عشرة قلت: يا اثنا عشر ويا اثنتا عشرة بالألف، وإنما بني على الألف؛ لأنه مفرد في هذا الباب كما عرفت. وقال الكوفيون: يا اثني عشر ويا اثنتي عشرة بالياء إجراء لهما مجرى المضاف "وانو انضمام ما بنوا قبل الندا" كسيبويه وحذام في لغة الحجاز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النداء بأن يطرأ بعد النداء فيكون المنادى الموصوف وحده وهو مفرد مقصود, ثم يرد الوصف ويجوز كل في احتمال الأمرين. واستشكل الدماميني جواز وصف المنادى المقصود بالجملة والظرف والنكرة مع أنه معرفة, والثلاثة لا يوصف بها إلا النكرات، قال: وغاية ما يتمحل له أن هذا المنادى كان قبل النداء نكرة فيصح وصفه بجميع ذلك ويقدر أنه وصف بها قبل النداء، ثم جاء النداء داخلًا على الموصوف وصفته جميعًا لا داخلًا على المنادى فقط, ثم وصف بعده ا. هـ. وجوابه المذكور إنما يتم على النصب. وأجاب في التصريح بأنه يغتفر في المعرفة الطارئة ما لا يغتفر في الأصلية ثم نقل عن الموضح أن الجملة أي: في نحو: يا عظيمًا يرجى لكل عظيم حال من الضمير المستتر في الوصف لا نعت في حالة النصب؛ لأنها حينئذٍ عاملة فيما بعدها, قال: فهو من الشبيه بالمضاف وفيه رد على ابن مالك حيث جعل الجملة نعتًا ا. هـ. قال شيخنا: وغرض الشارح بقوله ويجوز نصب إلخ التنبيه على أن كلام المصنف هنا مقيد بعدم الوصف.
قوله: "هجت" أي: أثرت والعبرة الدمع. قوله: "قيده في التسهيل" هذا التقييد مأخوذ من قول المصنف في الاستغاثة إذا استغيث اسم منادى خفضًا باللام فما هنا مقيد بما سيأتي أفاده سم. قوله: "إجراء لهما مجرى المضاف" أي: لشبههما به في الصورة. قوله: "وانو انضمام ما بنوا قبل الندا" فإن قيل المبنيات إنما يحكم على محلها فلا يقدر فيها, فالجواب أن المقدر هنا حركة بناء لا حركة إعراب ا. هـ. فارسي أي: وحركة البناء لا تكون محلية؛ لأنها ليست من مقتضيات العامل والحركة المحلية من مقتضياته فانحصرت في حركة الإعراب. قوله: "ما بنوا" أي: أو حكوا كما سيذكره الشارح. قوله: "في لغة الحجاز" راجع لحذام فقط أي: وأما في لغة تميم فهو معرب فيكون في حالة النداء مبنيا على الضم بناء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
909- عجزه:

فماءُ الهوى يَرْفَضُّ أو يَتَرَقْرَقُ

والبيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص456؛ وخزانة الأدب 2/ 190؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 488؛ والكتاب 2/ 199؛ والمقاصد النحوية 4/ 236، 579؛ وبلا نسبة في الأغاني 10/ 119؛ وأوضح المسالك 4/ 388؛ والمقتضب 4/ 203.

ج / 3 ص -206-                          والمُفْرَدَ المَنْكورَ والمضَافا         وشِبْهَهُ انْصِبْ عادِمًا خِلافا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخمسة عشر "وليجر مجرى ذي بناء جددا" ويظهر أثر ذلك في تابعه فتقول: يا سيبويه العالم برفع العالم ونصبه كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه نحو: يا زيد الفاضل، والمحكي كالمبني تقول يا تأبط شرا المقدام والمقدام "والمفرد المنكور والمضافا وشبهه انصب عادمًا خلافًا" أي: يجب نصب المنادى حتمًا في ثلاثة أحوال: الأول النكرة غير المقصودة كقول الواعظ:

يا غافلًا والموتْ يَطْلُبُهُ

وقول الأعمى: يا رجلًا خذ بيدي. وقوله:
910-

أيا رَاكِبًا إمّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجددًا. قوله: "وليجر مجرى ذي بناء جددا" يحتمل أن المراد يجري مجراه في كونه في محل نصب, وعلى هذا يرجع اسم الإشارة في قول الشارح, ويظهر أثر ذلك إلى ما ذكر من نية الضم ونصب المحل, ويحتمل أن المراد مجرى مجراه في جواز رفع تابعه ونصبه كما أشار إليه الفارضي, وعلى هذا كان ينبغي للشارح أن يسقط قوله: ويظهر أثر ذلك في تابعه ويقتصر على قوله: فتقول يا سيبويه العالم إلخ فتدبر.
قوله: "برفع العالم" أي: مراعاة للضم المقدر ونصبه أي: مراعاة لمحل المتبوع ولم يجر مراعاة لكسرة البناء؛ لأنها لأصالتها بعيدة عن حركة الإعراب بخلاف الضم فإنه لعروضه بيا أشبهت حركة الإعراب العارضة بالعامل المتأصلة في المتبوعية, وإطلاق الرفع على حركة التابع فيه مسامحة؛ لأن التحقيق أنها حركة اتباع. قوله: "والمحكي كالمبني" مقتضاه أن المحكي ليس بمبني وهو مذهب السيد؛ ولهذا جعل إعرابه تقديريا وهو أوجه مما في التصريح أنه مبني, ويمكن تفسير البناء في كلامه بما قابل الإعراب فيشمل الحكاية فيرجع الخلاف لفظيا فافهم. ومعنى كونه كالمبني أنه يبنى على ضم منوي ويرفع تابعه وينصب. قوله: "والمضافا" أي: لغير ضمير الخطاب أما المضاف إليه فلا ينادى, فلا يقال: يا غلامك لاستلزامه اجتماع النقيضين لاقتضاء النداء خطاب الغلام وإضافته إلى ضمير الخطاب عدم خطابه لوجوب تغاير المتضايفين وامتناع اجتماع خطابين لشخصين في جملة واحدة أفاده الدنوشري نقلًا عن المتوسط, وهو أولى مما ذكره البعض.
قوله: "يا غافلًا والموت يطلبه" قال البعض: الواو استئنافية ليصح كونه مثالًا للنكرة غير المقصودة إذ لو جعلت حالية لكان من أمثلة الشبيه بالمضاف لا مما نحن بصدده ا. هـ. وفيه أن المعنى على الحالية لا على الاستئناف فالأولى عندي أنه من شبيه المضاف لا من المفرد وإن درج عليه الشارح وغيره لما عرفته فتدبر.
قوله: "أيا راكبًا أما عرضت فبلغن" تمامه:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
910- عجزه:

نَدامَايَ من نجرانَ أنْ لا تَلاقِيا

=

ج / 3 ص -207-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن المازني أنه أحال وجود هذا النوع. الثاني: المضاف سواء كانت الإضافة محضة نحو:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [آل عمران: 147، الحشر: 10]، أو غير محضة نحو: يا حسن الوجه. وعن ثعلب إجازة الضم في غير المحضة. الثالث: الشبيه بالمضاف وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه نحو: يا حسنًا وجهه ويا طالعًا جبلًا ويا رفيقًا بالعباد ويا ثلاثة وثلاثين فيمن سميته بذلك، ويمتنع في هذا إدخال يا على ثلاثين خلافًا لبعضهم, وإن ناديت جماعة هذه عدتها، فإن كانت غير معينة نصبتهما أيضًا وإن كانت معينة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نداماي من نجران أن لا تلاقيا

أصل أما إن ما فأدغمت نون الشرطية في ميم ما الزائدة وعرضت أي: أتيت العروض وهي مكة والمدينة وما بينهما ونجران بلد باليمن. تصريح. قوله: "أحال وجود هذا النوع" أي: نداء غير المقصود مدعيًا أن نداء غير المعين لا يمكن. قوله: "وعن ثعلب إجازة الضم" فيه تورك على قول الناظم عاد ما خلافًا إلا أن يقال المراد خلافًا معتدًا به, أو عادما في الجملة. قوله: "ما اتصل به شيء من تمام معناه" أي: متممه بأن يكون معمولًا أو معطوفًا قبل النداء كما يفيده كلام التسهيل, وصرح به في التصريح أو نعتًا على ما مر من الخلاف فالموصول نحو: يا من فعل كذا من المفرد فيقدر ضمه كما في سم, والمعمول إما مرفوع أو منصوب أو مجرور؛ ولهذا عدد الأمثلة. قوله: "ويا طالعًا جبلًا" هو معرفة بدليل نعته بمعرفة, ولا يقال موصوفه المقدر نكرة؛ لأنه تنوسي بإقامته مقامه؛ ولذلك كان هو المنادى دون الموصوف المقدر قاله الشنواني. ثم نقل عن الرضي جواز تعريف نعت النكرة المقصودة وتنكيره وكذا عن الشيخ خالد قال: لكون التعريف مجددًا, قال: وينبغي أن نعت شبه
المضاف كذلك. قوله: "فيمن سميته بذلك" أي: حالة كونه مستعملًا فيمن سميته بمجموع المعطوف والمعطوف عليه فيجب نصبهما للطول بلا خلاف:
الأول لشبهه بالمضاف والثاني لعطفه على المنصوب.
قوله: "ويمتنع في هذا إدخال يا إلخ" أي: لأن ثلاثين جزء علم حينئذٍ كشمس من عبد شمس والمخالف نظر إلى الأصل المنقول عنه. قوله: "نصبتهما أيضًا" أي: وجوبًا أما الأول فلأنه نكرة غير مقصودة وأما الثاني فلعطفه على المنصوب. قوله: "وإن كانت" أي: الجماعة معينة إلخ قال الحفيد الظاهر أن هذا الحكم الذي قاله محله فيما إذا أريد بثلاثة ثلاثة معينة وبثلاثين ثلاثون معينة وإنما قلت ذلك؛ لأن المنادى إنما يبنى إذا كان مفرد المعين, وكذا لا يجوز في تابعه الوجهان إذا كان مع أل إلا إذا أريد به معين أما إذا أريد بالمجموع معين فلا يستحق كل منهما بناء بل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والبيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص في الأشباه والنظائر 6/ 243؛ وخزانة الأدب 2/ 194، 195، 197؛ وشرح اختيارات المفضل ص767؛ وشرح التصريح 2/ 167؛ وشرح المفصل 1/ 128؛ والعقد الفريد 5/ 229؛ والكتاب 2/ 200؛ ولسان العرب 7/ 173 "عرض"؛ والمقاصد النحوية 4/ 206؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 413، 9/ 223؛ ورصف المباني ص137؛ وشرح شذور الذهب ص145؛ وشرح ابن عقيل ص515؛ وشرح قطر الندى ص203؛ والمقتضب 4/ 204.

 

ج / 3 ص -208-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضممت الأول وعرفت الثاني بأل ونصبته أو رفعته، إلا إن أعدت معه يا فيجب ضمه وتجريده من أل, ومنع ابن خروف إعادة يا وتخييره في إلحاق أل مردود.
تنبيه: انتصاب المنادى لفظًا أو محلا عند سيبوه على أنه مفعول به وناصبه الفعل المقدر، فأصل يا زيد عنده أدعو زيدًا، فحذف الفعل حذفًا لازمًا لكثرة الاستعمال ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته، وأجاز المبرد نصبه بحرف النداء لسده مسد الفعل، فعلى المذهبين يا زيد جملة وليس المنادى أحد جزأيها فعند سيبويه جزآها أي: الفعل والفاعل مقدران، وعند المبرد حرف النداء سد مسد أحد جزأي الجملة أي: الفعل والفاعل مقدر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظاهر فيه نصبهما كما لو سمي رجل بثلاثة وثلاثين سم. قوله: "ضممت الأول" أي: لأنه نكرة مقصودة تصريح. قوله: "وعرفت الثاني" قال في التصريح وجوبًا؛ لأنه اسم جنس أريد به معين فوجب إدخال أداة التعريف عليه وهي أل ا. هـ. ولم يكتف بحرف النداء؛ لأنه لم يباشره وقضية التعليل امتناع يا زيد ورجل, وهو ما نقله السيوطي عن الأخفش. ونقل عن المبرد الجواز قال سم. وقياس قول المبرد الجواز في مسألتنا بدون أل. قوله: "ونصبته" أي: عطفًا على محل الأول أو رفعته أي: عطفًا على لفظه والوجهان مأخوذان من قول المصنف الآتي:

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا                       ففيه وجهان ورفع ينتفى

قوله: "فيجب ضمه" قال شيخنا: أي: بناؤه على ما يرفع به فلا يرد أنه يبنى على الواو ا. هـ. ولو قال: فيجب بناؤه على الواو لكان أوضح. قوله: "وتجريده من أل"؛ لأنه لا يجمع بين يا وأل إلا مع لفظ الجلالة والجملة المحكية المصدرة بأل كما يأتي. قوله: "مردود" كان الظاهر مردودان ليطابق الخبر المبتدأ, وهو منع وتخيير ويمكن أن يقرأ تخيير بالنصب على أنه مفعول معه أو يقدر لواحد منهما خبر على حد: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض. وهذا الجواب أولى لإيهام ما قبله أن ابن خروف لو قال بأحد الأمرين ولم يجمع بينهما لم يرد عليه وليس كذلك فافهم. ووجه رد الأول أن الثاني ليس جزء علم حتى يمتنع دخول يا عليه، ووجه رد الثاني أنه اسم جنس أريد به معين فيجب تعريفه بأل لما تقدم لا أنه مخير فيه. وللبعض هنا كلام لا يساوي التعرض له ويؤخذ رده مما تقدم فتأمل. قوله: "وإفادته فائدته" هي طلب الإقبال, وعلم من كلامه أن شرط الحذف, وهو الدلالة وشرط وجوبه وهو سد الحرف مسده موجودان لكن سد مسده عند سيبويه في اللفظ وعند المبرد في اللفظ والعمل.
قوله: "نصبه بحرف النداء إلخ" في الهمع أنه على هذا مشبه بالمفعول به لا مفعول به. قوله: "يا زيد جملة" أي: مفيد مفاد الجملة وواقع موقعها وليس المراد أنه بنفسه جملة, كذا قال البعض وهو ظاهر على مذهب سيبويه وعلى أول الاحتمالين الآتيين في تقرير مذهب المبرد. قوله: "والفاعل مقدر" أي: محذوف تبعًا لحذف الفعل الذي استتر فيه ويحتمل أن المراد مستتر في يا؛ لأنها لما عملت عمله جاز أن يستتر فيها ما استتر في الفعل, ثم رأيت بعضهم ذكره مقتصرًا عليه

 

ج / 3 ص -209-                           ونحو زيدٍ ضُمَّ وافْتَحَنَّ مِنْ        نَحْوِ أَزَيْدُ بْنَ سَعِيدٍ لا تَهِنْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمفعول ههنا على المذهبين واجب الذكر لفظًا أو تقديرًا إذ لا نداء بدون المنادى "ونحو زيد ضم وافتحن من نحو أزيد بن سعيد لا تهن" أي: إذا كان المنادى علمًا مفردًا موصوفًا بابن متصل به مضاف إلى علم نحو: يا زيد بن سعيد جاز فيه الضم والفتح، والمختار عند البصريين غير المبرد الفتح، ومنه قوله:
911-

يا حَكَمُ بْنَ المُنْذِرِ بْنِ الجارُودْ                    سُرادِقُ المَجْدِ عَليكَ مَمْدودْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن الأول أوفق بكلامه في تقرير مذهب سيبويه, وعلى الثاني يكون يا زيد بنفسه جملة, وكذا على ما حكاه أبو حيان عن بعضهم: أن أحرف النداء أسماء أفعال متحملة لضمير المنادى بكسر الدال فتنبه. قوله: "أو تقديرًا" اعترضه شيخنا بأن التقدير ينافي وجوب الذكر, وأجاب البعض بأن المراد بالذكر الملاحظة, وكلام الشارح مبني على مذهب ابن مالك من جواز حذف المنادى قياسًا قبل الأمر والدعاء كما مر بيانه. قوله: "ونحو" مفعول ضم
ومفعول افتحن ضمير محذوف يعود على نحو: وتهن بفتح التاء مضارع وهن أي: ضعف وبضمها مضارع أهان والهاء مكسورة فيهما. قوله: "بابن متصل" أنت خبير بأن المراد بابن لفظه فهو حينئذٍ علم فكيف وصفه بالنكرة حيث قال: متصل مضاف فكان حقه أن يقول: متصلًا مضافًا بالنصب على الحال.
قوله: "مضاف إلى علم" أعم من أن يكون مفردًا أو غيره. حفيد سم. قوله: "جاز فيه الضم" أي: على الأصل والفتح إما على الاتباع لفتحة ابن إذ الحاجز بينهما ساكن فهو غير حصين وعليه اقتصر في التسهيل أو على تركيب الصفة مع الموصوف, وجعلهما شيئًا واحدًا كخمسة عشر وعليه اقتصر الفخر الرازي تبعًا للشيخ عبد القاهر, أو على اقحام ابن وإضافة زيد إلى سعيد؛ لأن ابن الشخص تجوز إضافته إليه لملابسته إياه حكاه في البسيط مع الوجهين السابقين، فعلى الوجه الأولى فتحة زيد فتحة اتباع وعلى الثاني فتحة بنية وعلى الثالث فتحة إعراب، وفتحة ابن على الأول والثالث فتحة إعراب وعلى الثاني فتحة بناء ا. هـ. تصريح ببعض تغيير. ونقل شيخنا عن حواشي الجامي أنه لا يتصور الرفع في تابع العلم الموصوف بابن إذا كان أي: العلم الموصوف بابن مفتوحًا, ثم نقل عن الطبلاوي ما نصه: واعلم أنه لا يجوز في تابع العلم الموصوف بابن إلا النصب نحو: يا زيد ابن عمرو العاقل بنصب العاقل كما جزم به العصام وصرح به غيره ا. هـ. ومقتضى النقل الأول تصور رفعه إذا ضم العلم الموصوف بابن ومقتضى الثاني عدم تصور رفعه مطلقًا, وكأن المانع من الرفع عند ضم ذلك العلم الفصل بين التابع والمتبوع فحرره.
قوله: "يا حكم بن المنذر إلخ" من الرجز المذيل شذوذًا كما قرر في محله والسرادق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
911- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وللكذاب الحرمازي في شرح أبيات سيبويه 1/ 472؛ والشعر والشعراء 2/ 689؛ والكتاب 2/ 203؛ ولرؤبة أو للكذاب الحرمازي في شرح التصريح 2/ 169؛ ولسان العرب 10/ 158 "سردق" والمقاصد النحوية 4/ 210؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 22؛ ورصف المباني ص356؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 526؛ وشرح المفصل 2/ 5؛ والمقتضب 4/ 232.

ج / 3 ص -210-                              والضَّمُّ إنْ لَمْ يَلِ الابْنُ عَلَمَا  أو يَلِ الابْنَ عَلَمٌ قَدْ حُتِمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: شرط جواز الأمرين كون الابن صفة كما هو الظاهر، فلو جعل بدلًا أو عطف بيان أو منادى أو مفعولًا بفعل مقدر تعين الضم، وكلامه لا يوفي بذلك وإن كان مراده "والضم إن لم يل الابن علما ويل الابن علم قد حتما" الضم مبتدأ خبره قد حتما وإن لم يل شرط جوابه محذوف، والتقدير فالضم متحتم أي: واجب. ويجوز أن يكون قد حتما جوابه والشرط وجوابه خبر المبتدأ. واستغنى بالضمير الذي في حتم رابطًا؛ لأن جملة الشرط والجواب يستغنى فيهما بضمير واحد لتنزلهما منزلة الجملة الواحدة، وعلى هذا فلا حذف. ومعنى البيت أن الضم متحتم أي: واجب إذا فقد شرط من الشروط المذكورة كما في نحو: يا رجل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل لانتفاء علمية المنادى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بضم السين المهملة ما يمد فوق صحن الدار. قوله: "شرط جواز الأمرين" حاصل ما ذكره المصنف والشارح من الشروط ستة وشرط في التسهيل سابعًا, وهو أن يكون المنادى ظاهر الضم بأن يكون صحيح الآخر وسيذكره الشارح. وشرط النووي في شرح مسلم أن تكون البنوة حقيقية وشرط بعضهم في العلمين التذكير وغلطوه فنحو: يا زيد بن فاطمة كيا زيد بن عمرو كذا في الفارضي قال شيخنا: وينبغي أن يزاد كون لفظ ابن مفردًا لا مثنى ومجموعًا, ولا يخفى أخذ هذا من صنيع المصنف.
قوله: "وكلامه لا يوفى بذلك" أي: لأن ابنا في المثال محتمل للوصفية وغيرها. قوله: "ويل الابن علم" معطوف على يل الأول والواو فيه بمعنى؛ أو لأن انتفاء أحدهما كاف في تحتم الضم. قوله: "وعلى هذا فلا حذف" أي: للجواب بل هو مذكور لكن فيه حذف فاء الجواب للضرورة وفي الاحتمال الأول أيضًا ارتكاب ضرورة؛ لأن شرط حذف الجواب أن يكون الشرط فعلًا ماضيًا فحيث كان مضارعًا كان حذفه مخصوصًا بالشعر قاله الشيخ خالد. قوله: "ومعنى البيت أن الضم متحتم أي: واجب إذا فقد شرط من الشروط المذكورة" يعني الشروط الأربعة المشار إليها في قوله: والضم إلخ بدليل بقية كلامه, وليس مراده بالشروط المذكورة ما يعم هذه الأربعة وغيرها حتى يصح اعتراض البعض بأنه لم يعلم من البيت إلا وجوب الضم عند فقد شرط من شروط أربعة, فكيف قال من الشروط المذكورة. لا يقال مثال المصنف يفيد اشتراط إفراد العلم الموصوف بابن؛ لأنا نقول هذا إلى إفادة مثاله اشتراط افراد العلم المضاف إليه ابن أيضًا وهو باطل. وإذا أردت استيفاء محترزات الشروط الستة المذكورة متنًا وشرحًا, قلنا خرج بكون المنادى مفردًا نحو: يا عبد الله بن زيد، وبالعلم نحو: يا رجل ابن زيد، وبكونه بعده ابن نحو: يا زيد الفاضل، وبكونه متصلًا به نحو: يا زيد الفاضل ابن عمرو، وبكونه صفة له نحو: يا زيد ابن عمرو على أنه بدل، وبكونه مضافًا إلى علم نحو: يا زيدا ابن أخينا فيجب النصب في الأول والضم في
البقية.
قوله: "يا رجل ابن عمرو" في وجوب الضم في هذا المثال نظر؛ لأنه تقدم أنه يجوز نصب

ج / 3 ص -211-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الأولى، واتصال الابن به في الثانية والوصف به في الثالثة، ولم يشترط هذا الكوفيون كقوله:
912-

فَما كَعْبُ بْنُ مامَةَ وابْنُ أَرْوَى                        بِأَجْوَدَ مِنْكَ يا عُمَرَ الجَوَادَا

بفتح عمر، وعلى هذه الثلاثة يصدق صدر البيت. ونحو: يا زيد ابن أخينا لعدم إضافة ابن إلى علم هو مراد عجز البيت.
تنبيهات: الأول لا إشكال أن فتحة ابن فتحة إعراب إذا ضم موصوفه, وأما إذا فتح فكذلك عند الجمهور. وقال عبد القاهر: هي حركة بناء؛ لأنك ركبته معه. الثاني: حكم ابنة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النكرة المقصودة الموصوفة في قوله: ويجوز نصب ما وصف إلخ إلا أن يجعل وجوب الضم نسبيا بمعنى امتناع الفتح للاتباع أو للتركيب فتنبه. قوله: "ويا زيد الفاضل" يصدق هنا أنه لم يل الابن علمًا لصدق السالبة بنفي الموضوع سم, وقد أساء البعض التصرف فوجه بصدق السالبة بنفي الموضوع صدق لم يل الابن علمًا بيا زيد الفاضل ابن عمرو فتأمل. قوله: "واتصال الابن إلخ" أي: وانتفاء اتصال إلخ وكذا قوله والوصف به إلخ.
قوله: "ولم يشترط هذا" أي: كون الوصف ابنًا فأجازوا الفتح مع كل وصف نصب, قال في التصريح, بناء على أن علة الفتح التركيب وقد جاء نحو: لا رجل ظريف بفتحهما فجوزوا ذلك هنا ا. هـ. قوله: "فما كعب بن مامة" هو الذي آثر رفيقه بالماء ومات عطشًا. ومامة اسم أبيه قال شيخنا السيد وابن أروى أو سعدى هو الجواد الطائي المشهور ا. هـ. ورواية المغني والعيني وابن سعدى, قال السيوطي في شرح شواهده: هو أوس بن حارثة الطائي وسعدى أمه ا. هـ. وكذا قال العيني وبه يعرف ما في كلام شيخنا السيد المقتضى أنه حاتم والمراد بعمر عمر بن عبد العزيز كما قاله السيوطي وغيره. قوله: "بفتح عمر" خرّج على أن أصله يا عمرًا بالألف عند من يجيز إلحاقها في غير الندبة والاستغاثة والتعجب, أو أن أصله يا عمرًا بالتنوين للضرورة, ثم حذف لالتقاء الساكنين ا. هـ. زكريا وفي التخريج الثاني نظر ظاهر.
قوله: "فكذلك عند الجمهور" أي: لأن مذهبهم أن الفتح في الأول ليس للتركيب بل للاتباع أو لإضافته إلى ما بعد ابن. نعم إعرابية فتحة ابن علي الإضافة المذكورة غير ظاهرة؛ لأن ابن علي الإضافة مقحم بين المتضايفين ففتحته غير مطلوبة لعامل اللهم إلا أن يجعل مضافًا تقديرًا إلى مثل ما أضيف إليه ما قبله مقدرًا قبله يا أو أعني مثلًا فتأمل. قوله: "لأنك ركبته معه" أي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
912- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 4/ 442؛ والدرر 3/ 34؛ وشرح التصريح 2/ 169؛ وشرح شواهد المغني ص56؛ والمقاصد النحوية 4/ 254؛ واللمع ص194؛ والمقتضب 4/ 208؛ وبلا نسبة في
أوضح المسالك 4/ 23؛ وشرح ابن عقيل ص291؛ وشرح قطر الندى ص210؛ ومغني اللبيب ص19؛ وهمع الهوامع 1/ 176.

 

ج / 3 ص -212-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيما تقدم حكم ابن فيجوز الوجهان نحو: يا هند ابنة زيد, خلافًا لبعضهم ولا أثر للوصف ببنت هنا فنحو: يا هند بنت عمرو واجب الضم. الثالث: يلتحق بالعلم يا فلان بن فلان ويا ضل بن ضل. ويا سيد بن سيد ذكره في التسهيل وهو مذهب الكوفيين. ومذهب البصريين في مثله مما ليس بعلم التزام الضم. الرابع: قال في التسهيل: وربما ضم الابن اتباعًا, يشير إلى ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من يا زيد ابن عمرو بالضم اتباعًا لضمة الدال. الخامس: قال فيه أيضًا: ومجوز فتح ذي الضمة في النداء يوجب في غيره حذف تنوينه لفظًا وألف ابن في الحالتين خطأ وإن نون فللضرورة. السادس: اشترط في التسهيل لذلك كون المنادى ذا ضمة ظاهرة، وعبارته: ويجوز فتح ذي الضمة الظاهرة اتباعًا وكلامه هنا يحتمله، فنحو: يا عيسى ابن مريم يتعين فيه تقدير الضم إذ لا فائدة في تقدير الفتح وفيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتركيب خمسة عشر والظاهر في إعرابه على هذا القول أن يقال: زيد ابن منادى مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء التركيبي, وحركة زيد على هذا حركة بنية. قوله: "ولا أثر للوصف ببنت هنا" الفرق بين ابنة وبنت أن ابنة هي ابن بزيادة التاء بخلاف بنت فإنها بعيدة الشبه, أو كثرة استعمال ابنة في مثل هذا التركيب دون بنت. وفي التصريح أن امتناع الفتح لتعذر الاتباع؛ لأن بينهما حاجزًا حصينًا وهو تحرك الباء الموحدة ا. هـ. وهو لا يأتي إلا على القول بأن الفتح للاتباع ومثل الوصف ببنت الوصف ببنيّ تصغير ابن.
قوله: "يلتحق بالعلم إلخ" أي: لكثرة استعمال المذكورات كالعلم. قوله: "ويا ضل ابن ضل" بضم الضاد المعجمة علم جنس لمن لا يعرف هو ولا أبوه. قوله: "ومجوز فتح ذي الضمة" مبتدأ خبره يوجب والمراد بالمجوز اجتماع الشروط المتقدمة. قوله: "في غيره" أي: غير النداء كجاء زيد بن عمرو. قوله: "وألف ابن" أي: إذا لم تقع ابتداء سطر كما في الدماميني عن ابن الحاجب ولم تكن البنوة مجازية, ولم يثن الابن ولم يجمع كما في الفارضي. وقوله في الحالتين أي: النداء وعدمه ومثل ابن ابنة نظير ما تقدم ومقتضى عبارته وجوب تنوين الموصوف ببنت في غير النداء, إذ لا يجوز فتحه في النداء وهو خلاف ما في الدماميني, حيث قال: فيه وجهان رواهما سيبويه عن العرب الذين يصرفون هندًا ونحوه, فيقولون: هذه هند بنت عاصم بتنوين هند وتركه لكثرة الاستعمال.
قوله: "وإن نون فللضرورة" كقوله:

جارية من قيس بن ثعلبة

ولا فرق في العالم في جميع ما ذكر بين الاسم والكنية واللقب على ما صرح به ابن خروف وجزم الراعي بوجوب تنوين المضاف إليه, وكتابة ألف ابن إذا كان الموصوف بابن مضافًا كما في: قام أبو محمد بن زيد واختاره الصفدي في تاريخه بعد نقل الخلاف, واختاره أيضًا المصنف إذا كان المضاف إليه ابن مضافًا. قوله: "يحتمله" بل هو أقرب إلى تمثيله بنحو: أزيد بن

 

ج / 3 ص -213-                                واضْمُمْ أو انْصِبْ ما اضْطِرَارًا نُوِّنا        مما له استِحقاقٌ ضَمذٍ بُيِّنَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلاف ا. هـ "واضمم أو انصب ما اضطرارًا نونًا مما له استحقاق ضم بينا" فقد ورد السماع بهما، فمن الضم قوله:
913-

سَلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عَلَيهَا

وقوله:
914-

ليتَ التَّحِيَّةَ كانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا                    مكانَ يا جَمَلٌ حُيِّيتَ يا رَجُلُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سعيد. قوله: "وفيه خلاف" فقد أجاز الفراء تقدير الضمة والفتحة ا. هـ. دماميني فالضمة على الأصل والفتحة على الاتباع أو التركيب أو الإضافة إلى ما بعد ابن كما في: يا زيد بن سعيد. قوله: "واضمم أو انصب" في عبارته إشارة إلى بناء المنون اضطرارًا إذا ضم وإعرابه رجوعًا إلى الأصل في الأسماء إذا نصب. قال سم: وظاهره جواز الوجهين ولو فيما ضمه مقدر, ويفرق بين هذا وما تقدم بأن القصد ثم الاتباع للتخفيف ولا تخفيف مع التقدير ولا كذلك هذا ا. هـ. وإذا ضممت المنادى المفرد المنون ضرورة فلك في نعته الضم والنصب, وإن نصبته تعين نصب نعته فإن نون مقصور نحو: يا فتى للضرورة فإن نوى الضم جاز في نعته الوجهان أو النصب تعين نصب نعته كذا في شرح التسهيل للمرادي وغيره. قوله: "مما له استحقاق ضم بينا" يحتمل أن مما حال من ما واستحقاق مبتدأ, وله متعلق ببين مضمنًا معنى أثبت وبين خبره والجملة صلة ما, ومن الأوجه في هذه العبارة ما ذكره الشاطبي أن له هو الخبر وجملة بين بمعنى أظهر صفة لضم, قال: واحترز به من الضم المقدر فإنه لا يضطر إلى تنوينه فإن الحرف الذي قدرت فيه الضمة ساكن نحو: يا قاضي ويا فتى فإذا نون حذف لالتقائه ساكنًا مع التنوين فلم يفد التنوين في وزن الشعر شيئًا ا. هـ. قال شيخنا وتبعه البعض: وقد يقال فائدته تظهر فيما إذا اضطر إلى التحريك عند التقاء الساكنين فينون ثم يحرك أي: فالأولى أن بين بمعنى ذكرناه سابقًا. قوله: "ليت إلخ" قبله:

حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت                  فحي ويحك من حياك يا جمل

وقوله: فأشكرها بالنصب جواب التمني. وقوله: مكان جعله العيني منصوب على الظرفية ولم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
913- عجزه:

وليس عليك يا مَطَرُ السَّلامُ

والبيت من الوافر، وهو للأحوص في ديوانه ص189؛ والأغاني 15/ 234؛ وخزانة الأدب 2/ 150، 152؛ 6/ 507؛ والدرر 3/ 21؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 605، 3/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 171؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والكتاب 2/ 202؛ وبلا نسبة في الأزهية ص164؛ والأشباه والنظائر 3/ 213؛ والإنصاف 1/ 311؛ وأوضح المسالك 4/ 28؛ والجنى الداني ص149؛ والدرر 5/ 182؛ ورصف المباني ص177، 355؛ وشرح شذور الذهب ص147؛ وشرح ابن عقيل ص517؛ ومجالس ثعلب ص92، 542؛ والمحتسب 2/ 93.
914- البيت من البسيط، وهو لكثير عزة في ديوانه ص453؛ والدرر 3/ 22؛ والشعر والشعراء 1/ 518؛ والمقاصد النحوية 4/ 214؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 173.

ج / 3 ص -214-                            وَبِاضْطِرارٍ خُصَّ جَمْعُ يا وَأَل      إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيِّ الجُمَل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن النصب قوله:
915-

أَعَبْدًا حَلَّ في شَعَبَي غَرِيبًا

وقوله:
916-

ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إليَّ وقَالَتْ                         يا عَدِيًّا لقد وَقْتَكَ الأوَاقِي

واختار الخليل وسيبويه الضم. وأبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي والمبرد النصب.
ووافق الناظم والأعلم الأولين في العلم والآخرين في اسم الجنس "وباضطرار خص جمع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يذكر متعلقه ولعل التقدير: أتمنى يا رجل حييت في مكان يا جمل حييت. قوله: "أعبدًا إلخ" لا حاجة لجعل نصب هذا ضرورة لما صرح به المصنف في التسهيل أن الموصوف يجوز نصبه, كما مر ونص الرضي على أن هذا من الشبيه بالمضاف فنصبه لذلك سم, وكونه من الشبيه بالمضاف أحد قولين كما مر بيان ذلك. وشعبي بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة والباء الموحدة. قوله: "ضربت صدرها إلخ" أي: متعجبة من نجاتي مع ما لقيت من الحروب، فإلي بمعنى مني, وعادة النساء الضرب على صدورهن عند رؤية مهول, وأصل أواقي وواقي جمع واقية من الوقاية وهي الحفظ, فأبدلت الواو الأولى همزة كما سيأتي في قول الناظم, وهمزًا أول الواوين رد إلخ.
قوله: "ووافق الناظم والأعلم إلخ" وجهه أن اسم الجنس أصل بالنظر إلى العلم والإعراب أصل بالنظر إلى البناء فلما اضطر الشاعر أعطى الأصل للأصل والفرع للفرع ا. هـ. حفيد قال السيوطي: والمختار عندي عكسه وهو اختيار النصب في العلم لعدم الإلباس فيه, والضم في النكرة المقصودة؛ لئلا تلتبس بالنكرة غير المقصودة إذ لا فارق مع التنوين للضرورة إلا الحركة لاستوائهما في التنوين ولم أقف على هذا الرأي لأحد ا. هـ. وفيه أن تعليله اختيار نصب العلم لا يتجه؛ لأنه كما لا إلباس في نصبه لا إلباس في ضمه فلا يتم التعليل إلا بضميمة كون الرجوع عند الضرورة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
915- عجزه:

ألُؤْمًا لا أبا لك واغتربا

والبيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص650؛ وإصلاح المنطق ص221؛ والأغاني 8/ 21؛ وجمهرة اللغة ص1181؛ وخزانة الأدب 2/ 183؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 98؛ وشرح التصريح 1/ 331، 2/ 171، 289؛ والكتاب 1/ 339، 344؛ ولسان العرب 1/ 503 "شعب"؛ ومعجم ما استعجم ص799، 861؛ والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221؛ ورصف المباني ص52.
916- البيت من الخفيف، هو للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب 2/ 165؛ والدرر 3/ 22؛ وسمط اللآلي ص111؛ ولسان العرب 15/ 401 "وقي"؛ والمقاصد النحوية 4/ 211؛ والمقتضب 4/ 214؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص177؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 800؛ وشرح التصريح 2/ 370؛ وشرح شذور الذهب ص146؛ وشرح ابن عقيل ص517؛ وشرح المفصل 10/ 10؛ والمنصف 1/ 218؛ وهمع الهوامع 1/ 173.

ج / 3 ص -215-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا وأل" في نحو: قوله:
917-

عَبَّاسُ يا المَلِكُ المُتَوَّجُ والَّذِي                      عَرَفَتْ له بَيتَ العُلا عَدْنانُ

وقوله:
918-

فَيَالغُلامانِ اللَّذانِ فَرَّا                              إيَّاكُما أن تُعْقِبانَا شَرًّا

ولا يجوز ذلك في الاختيار خلافًا للبغداديين في ذلك "إلا مع الله" فيجوز إجماعًا للزوم أل له حتى صارت كالجزء منه فتقول: يا ألله بإثبات الألفين، ويا الله بحذفهما، ويا الله بحذف الثانية فقط "و" إلا مع "محكي الجمل" نحو: يا ألمنطلق زيد فيمن سمي بذلك، نص على ذلك سيبويه، وزاد عليه المبرد ما سمي به من موصول مبدوء بأل نحو: الذي والتي وصوبه الناظم. وزاد في التسهيل اسم الجنس المشبه به نحو: الأسد شدة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى الأصل في الأسماء وهو الإعراب أولى فتدبر. قوله: "جمع يا" أي: مثلًا لظهور أن سائر حروف النداء كذلك سم. قوله: "المتوج" أي: الذي على رأسه تاج, ويجوز فيه الرفع والنصب ا. هـ. عيني وأراد بعدنان: القبيلة المعهودة بدليل التأنيث في قوله: عرفت, فقول البعض: تبعًا للعيني وعدنان أبو العرب غير مناسب هنا. قوله: "ولا يجوز ذلك في الاختيار"؛ لأن النداء معرف وأل معرفة ولا يجمع بين أداتي تعريف ا. هـ. تصريح وفي الحفيد أن النحويين مختلفون في نداء العلم الذي فيه أل كالحرث وأن ابن هشام اختار المنع, ثم بحث أنه لا مانع من ندائه؛ لأنهم إنما منعوا نداء ما فيه أل لئلا يجتمع معرفان, وذلك غير لازم هنا؛ لأن أل هنا غير معرفة إلا أن يكون المنع لأجل الصورة اللفظية إلا أنه ينتقض بنحو: يا المنطلق زيد ا. هـ. قال سم: ويؤيد الجواز ما يأتي عن المبرد فيما سمي به من موصول مبدوء بأل نحو: الذي والتي إلا أن يفرق بتأتي إسقاط أل في العلم لكونها زائدة عليه بخلاف نحو: الذي والتي مسمى بهما وفيه تأمل ا. هـ.
قوله: "نحو: يا ألمنطلق زيد" بقطع الهمزة؛ لأن المبدوء بهمزة الوصل فعلًا أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته كما أفاده في التصريح, قال البعض: وانظر ما الفرق بين هذا وبين يا الله حيث جوز فيه الشارح الأوجه الثلاثة ا. هـ. وأنت خبير بأن لاسم الجلالة خواص لا يشاركه فيها غيره فلا يبعد أن يكون منها جواز الأوجه الثلاثة. قوله: "نحو: الذي والتي" أي: مع الصلة إذ هو محل الخلاف, وأما مجرد الموصول المسمى به فوفاق قاله في التصريح أي: متفق على منع ندائه. قوله: "وصوبه الناظم" قال أبو حيان: والذي نص عليه سيبويه المنع, وفرق بينه وبين الجملة أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
917- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 32؛ والدرر 3/ 31؛ وشرح التصريح 2/ 173؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ وهمع الهوامع 1/ 174.
918- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص230؛ والإنصاف 1/ 326؛ والدرر 3/ 30؛ وخزانة الأدب 2/ 294؛ وشرح ابن عقيل ص518؛ وشرح عمدة الحافظ ص299؛ وشرح المفصل 2/ 9؛ واللامات ص53؛ واللمع في العربية ص196؛ والمقاصد النحوية 4/ 215؛ والمقتضب 4/ 243؛ وهمع الهوامع 1/ 174.

 

ج / 3 ص -216-                          والأَكْثَرُ اللَّهُمَّ بالتَّعْوِيض وشَذَّ يا اللَّهمَ في قَرِيض


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقبل، وهو مذهب ابن سعدان. قال في شرح التسهيل: وهو قياس صحيح؛ لأن تقديره: يا مثل الأسد أقبل, ومذهب الجمهور المنع "والأكثر" في نداء اسم الله تعالى أن يحذف حرف النداء ويقال: "اللهم بالتعويض" أي: بتعويض الميم المشددة عن حرف النداء "وشذ يا اللهم في قريض" أي: شذ الجمع بين يا والميم في الشعر كقوله:
919-

إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا                            أقول يا اللّهمَّ يا اللَّهُمَّا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسمية فيها بشيئين كل منهما اسم تام, والذي بصلته بمنزلة اسم واحد كالحرث فلا يجوز نداؤه همع.
قوله: "نحو: يا الأسد شدة أقبل" قال شيخنا: وتبعه البعض الظاهر أنه من الشبيه بالمضاف فينصب؛ لأن شدة تمييز ا. هـ. وفيه أن شدة ليس تمييزًا للأسد تمييز مفرد حتى يكون الأسد عاملًا في شدة فيكون من الشبيه بالمضاف, بل هو تمييز نسبة عامله مثل المحذوفة التي بمعنى مماثل وحينئذٍ يكون التركيب من المضاف تقديرًا. ويكون نصب الأسد لحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه في الإعراب. قوله: "لأن تقديره يا مثل الأسد" أي: فالمنادى في الحقيقة لم تدخل عليه أل, واعترضه الشاطبي بلزوم جواز نحو: يا القرية؛ لأن تقديره يا أهل القرية, ولا يقول به الناظم وابن سعدان. قال سم:
ويمكن الفرق بأن وجه الشبه فيما نحن فيه دل على معنى المثلية وصير اللفظ في قوله: يا مثل الأسد, ولا كذلك ما أورد فتأمل. قوله: "ويقال اللهم بالتعويض" فهو منادى مبني على ضم ظاهر على الهاء في محل نصب حذفه منه حرف النداء, وعوض عنه الميم. قال شيخنا: ويحتمل أن يكون مبنيا على ضم مقدر على الميم لصيرورتها كالجزء منه ا. هـ. أي: فيكون جعل حركة البناء على الميم كجعل حركة الإعراب على الهاء في نحو: عدة وزنة بجامع العوضية, والمتجه الأول والفرق أن التعويض في نحو: عدة وزنة عن جزء الكلمة, فلصيرورة الهاء جزءًا وجه قوي, وفي اللهم عن كلمة مستقلة فليس لصيرورة الميم جزءًا أو كالجزء وجه قوي. قوله: "أي: بتعويض الميم المشددة إلخ" وإنما أخرت تبركًا بالبداءة باسم الله تعالى ا. هـ. سم ولا يجب أن يكون العوض في محل المعوض عنه بخلاف البدل, واختيرت الميم عوضًا عن يا للمناسبة بينهما. فإن يا للتعريف والميم تقوم مقام لام التعريف في لغة حمير كقوله:

يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

وكانت مشددة ليكون العوض على حرفين كالمعوض. قوله: "إني إذا ما حدث إلخ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
919- الرجز لأبي خراش الهذلي في الدرر 3/ 41؛ وشرح أشعار الهذلين 1346؛ والمقاصد النحوية 4/ 216؛ ولأمية بن أبي الصلت في خزانة الأدب 2/ 295؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص232؛ والإنصاف ص341؛ وأوضح المسالك 4/ 31؛ وجواهر الأدب ص96؛ ورصف المباني ص306؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 419، 2/ 430؛ وشرح ابن عقيل ص519؛ وشرح عمدة الحافظ ص300؛ ولسان العرب 13/ 469، 417 "أله"؛ واللمع في العربية ص197؛ والمحتسب 2/ 238؛ والمقتضب 4/ 242؛ ونوادر أبي زيد ص165؛ وهمع الهوامع 1/ 178.

ج / 3 ص -217-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول مذهب الكوفيين أن الميم في اللهم بقية جملة محذوفة, وهي: أمنا بخير، وليست عوضًا عن حرف النداء؛ ولذلك أجازوا الجمع بينهما في الاختيار. الثاني قد تحذف أل من اللهم كقوله:
920-

لاهُمَّ إن كنْتَ قَبِلتَ حَجَّتِجْ

وهو كثير من الشعر. الثالث قال في النهاية: تستعمل اللهم على ثلاثة أنحاء: أحدها النداء المحض نحو: اللهم أثبنا. ثانيها أن يذكرها المجيب تمكينًا للجواب في نفس السامع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحدث الحادث من مكاره الدنيا وألمّ نزل ا. هـ. زكريا.
فائدة: لا يوصف اللهم عند سيبويه كما لا يوصف غيره من الأسماء المختصة بالنداء, وأجاز المبرد وصفه بدليل:
{قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 46]، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]، ونحوهما وهو عند سيبويه على النداء المستأنف ا. هـ. دماميني وعلل بعضهم مذهب سيبويه بأن اللهم بالاختصاص والتعويض خرج عن كونه متصرفًا, وصار مثل حيهل إذ الميم بمنزلة صوت مضموم إلى اسم مع بقائهما على معنييهما بخلاف, مثل: سيبويه وخالويه حيث صار الصوت جزءًا من الكلمة. قوله: "بقية جملة محذوفة إلخ" رد بأنه يقال اللهم لا تؤمهم بخير, وبأنه كان يحتاج إلى العاطف في نحو: اللهم اغفر لي. قوله: "حجتج" بالجيم المبدلة من ياء المتكلم وفي بعض النسخ حجتي بالياء.
قوله: "على ثلاثة أنحاء" جمع نحو: بمعنى قسم أي: حالة كون هذه اللفظة كائنة على ثلاثة أقسام من الاستعمال كينونة ملابسة, وقوله: أحدها النداء أي: استعمالها في النداء؛ فصح كلام الشارح وتناسب, واندفع اعتراض البعض بأن المناسب لقوله: أحدها النداء أن يقول: ولهذه اللفظة ثلاثة معان, واعتراضه على قوله: ثانيها أن يذكرها المجيب بأن المناسب لما قبله أن يقول: ثانيها تمكين الجواب إلخ, وعلى قوله: ثالثها أن تستعمل دليلًا إلخ, بأن المناسب أن يقول: ثالثها الندرة إلخ فتأمل. قوله: "ثانيها أن يذكرها المجيب إلخ" قال شيخنا وتبعه البعض: إن اللهم في الموضعين الأخيرين خرجت عن النداء, والظاهر أن اللهم فيهما لا معربة ولا مبنية لعدم التركيب, وفيه نظر؛ لأنا لا نسلم خروجها في الموضعين عن النداء بالكلية لم لا يجوز أن تكون فيهما للنداء مع التمكين أو الندرة, وقد يشير إليه قول الشارح في الموضع الأول المقابل لهذين الموضعين أحدها النداء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
920- عجزه:

فلا يَزَالُ شاحجٌ يأتيك بجْ

والرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 3/ 40؛ والمقاصد النحوية 4/ 570؛ وبلا نسبة في الدرر 6/ 229؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 177؛ وشرح التصريح 2/ 367؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287؛ وشرح شواهد الشافية ص215؛ وشرح المفصل 9/ 75، 10/ 50؛ ولسان العرب 10/ 103 "دلق"؛ ومجالس ثعلب 1/ 143؛ والمحتسب 1/ 75؛ والمقرب 2/ 166؛ والممتع في التصريف 1/ 355؛ ونوادر أبي زيد ص164؛ وهمع الهوامع 1/ 178، 2/ 157.

 

ج / 3 ص -218-        فصل: تابع المنادى ذي الضم المضاف دون أل

تابع ذي الضَّمِّ المضافَ دونَ أل                       أَلزِمْهُ نَصْبًا كأَزَيدُ ذا الحِيَل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأن يقول لك القائل: أزيد قائمك فتقول له: اللهم نعم أو اللهم لا. ثالثها: أن تستعمل دليلًا على الندرة وقلة وقوع المذكور نحو قولك: أنا أزورك اللهم إذا لم تدعني، ألا ترى أن وقوع الزيارة مقرونًا بعدم الدعاء قليل.
فصل:
"تابع" المنادى "ذي الضم المضاف دون أل ألزمه نصبًا" مراعاة لمحل المنادى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحض، ولئن سلم خروجها عن النداء بالكلية فلا نسلم أنها لا معربة ولا مبنية لعدم التركيب؛ لأن خروج الكلمة عن معناها الأصلي لا يستلزم خروجها عما لها من إعراب أو بناء أو تركيب, فالمتجه عندي أنها باقية على تركيبها, وأنه يقال: اللهم منادى أي: ولو صورة مبني على ضم إلى آخر ما مر فتأمل. قوله: "إذا لم تدعني" بسكون الدال وضم العين المهملة.
فصل:
قوله: "تابع ذي الضم" لو قال: ذي البناء لشمل نحو: يا زيدان ابني عمرو ويا زيدون أصحاب بكر, والمراد الضم: لفظًا أو تقديرًا كيا سيبويه ذا الفضل. وخرج المنصوب فإن تابعه غير النسق والبدل منصوب مطلقًا نحو: يا أخانا الفاضل ويا أخانا الحسن الوجه ويا خيرًا من عمرو فاضلًا والمستغاث المجرور فإن تابعه يتعين جره كما صرح به الرضي, وأما المستغاث الذي في آخره زيادة الاستغاثة فلا ترفع توابعه كما صرح به أيضًا الرضي نحو: يا زيدًا وعمرًا ولا يجوز وعمرو؛ لأن المتبوع مبني على الفتح قاله سم. وأنا أقول: سيأتي في باب الاستغاثة من هذا الشرح تجويز نصب تابع المستغاث المجرور باللام مراعاة للمحل, وصرح به في الهمع أيضًا ويرد على نصب النسق المعرف الخالي من أل كعمرو, والبدل التابعين للمستغاث الذي في آخره زيادة الاستغاثة ما سيصرح به المصنف من أنهما كالمستقل بالنداء اللهم إلا أن يخص بغير صورة المستغاث المذكور, وهو بعيد ويرد على التعليل بأن المتبوع مبني على الفتح أنه قد يمنع لم لا يجوز أن يكون مبنيا على ضم مقدر, منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة, بل هذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه, وحينئذٍ يجوز في تابعه الرفع والنصب فاعرفه.
قوله: "المضاف" بالنصب صفة لتابع ومحل وجوب نصب التابع المضاف إذا كانت إضافته محضة, وإلا جاز رفعه كما صرح به السيوطي, ويشير إليه الشارح, لكن إنما ينعت المنادى المضموم بمضاف إضافة غير محضة إذا كان نكرة مقصودة؛ لما مر أنه يجوز نعتها بالنكرة؛ لكون تعريفها طارئًا فلا يقال كيف ينعت المضموم المضاف إضافة غير محضة مع كون المنعوت معرفة والنعت نكرة ومثل المضاف الشبيه بالمضاف, فيتعين نصبه كما صرح به السيوطي, وجوز الرضي رفعه ويؤيده تجويز السيوطي رفع المضاف إضافة غير محضة؛ لأنها على تقدير الانفصال، فضارب

 

ج / 3 ص -219-                                      وما سِواه ارفع أو انصِب واجْعَلا   كمستقِلٍّ نسقًا وبدلًا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعتًا كان "كأزيد ذا الحيل" أو بياتًا نحو: يا زيد عائد الكلب، أو توكيدًا نحو: يا زيد نفسه ويا تميم كلهم أو كلكم.
تنبيهان: الأول أجاز الكسائي والفراء وابن الأنباري الرفع في نحو: يا زيد صاحبنا، والصحيح المنع؛ لأن إضافته محضة، وأجازه الفراء في نحو: يا تميم كلهم وقد سمع، وهو محمول عند الجمهور على القطع أي: كلهم يدعى. الثاني: شمل قوله ذي الضم العلم والنكرة المقصودة والمبني قبل النداء؛ لأنه يقدر ضمه كما مر "وما سواه" أي: ما سوى التابع المستكمل للشرطين المذكورين وهما الإضافة والخلو من أل، وذلك شيئان: المضاف المقرون بأل، والمفرد "ارفع أو انصب" تقول: يا زيد الحسن الوجه والحسن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيد في تقدير ضارب زيدًا وضارب زيدًا شبيه بالمضاف. وقوله: دون أل حال من تابع أو من الضمير في المضاف, فقول البعض تبعًا للشيخ خالد حال من المضاف فيه تساهل وقصور.
قوله: "نعتًا إلخ" أشار به إلى أن المراد بالتابع ما عدا البدل والنسق بقرينة المقابلة. قوله: "كلهم أو كلكم" أشار به إلى أن الضمير في تابع المنادى يجوز أن يكون بلفظ الغيبة نظرًا إلى كون لفظ المنادى اسمًا ظاهرًا, والاسم الظاهر من قبيل الغيبة وبلفظ الخطاب نظرًا إلى كون المنادى مخاطبًا فعلمت أنه يجوز أيضًا: يا زيد نفسه ونفسك قاله الدماميني، ثم قال: ويجوز: يأيها الذي قام ويأيها الذي قمت, وقد توهم بعض الناس أنك إذا قلت: يأيها الذي قام وقعدت كان فيه التفات وليس كذلك؛ لأن الالتفات من خلاف الظاهر, وكلا الفريقين موافق للظاهر فالغيبة لظاهر لفظ الظاهر والخطاب لظاهر المنادى ا. هـ. ملخصًا، وفيه نظر؛ لأن مقتضى الظاهر إذا سلك أحد الطريقين في كلام أن لا يعدل إلى غيره فيه فتدبر. قوله: "الأول إلخ" عبارة السيوطي في جمع الجوامع وجوز الكوفيون وابن الأنباري رفع النعت المضاف إضافة محضة, والفراء رفع التوكيد والعطف نسقًا ا. هـ. بزيادة من شرحه.
قوله: "لأن إضافته محضة" أي: لغلبة الاسمية على صاحب، وفيه إشارة إلى أن ما إضافته غير محضة يجوز رفعه وبه صرح السيوطي كما مر. قوله: "على القطع" قضيته جواز قطع التوكيد وهو كذلك على قول. قوله: "والمبني قبل النداء" يوهم صنيعه أن المبني قبل النداء قسم مباين للقسمين قبله العلم والنكرة المقصودة وليس كذلك فلو قال ولو مبنيين قبل النداء لكان أحسن، مثال العلم المبني قبل النداء يا سيبويه ومثال النكرة المقصودة المبنية قبل النداء: يا من خلقني أي: يا إلهًا خلقني. قوله: "أي: ما سوى التابع" أي: من تابع المضموم خاصة.
قوله: "المضاف المقرون بأل" أي: تابع ذي الضم المضاف المقرون بأل والمفرد وكذا الشبيه بالمضاف على ما مر عن الرضي والمضاف إضافة غير محضة على ما مر عن السيوطي وأشار إليه الشارح. ووجه جواز الأمرين في الأول والثالث والرابع إلحاقها بالمفرد؛ لأن غير المحضة ومنها إضافة المقرون كلا إضافة، فإن قلت فلم لم يلحق الشبيه والمضاف إضافة غير

ج / 3 ص -220-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجه، ويا زيد الحسن والحسن، ويا غلام بشر وبشرًا، ويا تميم أجمعون وأجمعين، فالنصب اتباعًا للمحل، والرفع اتباعًا للفظ؛ لأنه يشبه المرفوع من حيث عروض الحركة.
تنبيهان: الأول شمل كلامه أولًا وثانيًا التوابع الخمسة، ومراده النعت والتوكيد وعطف البيان، وسيأتي الكلام على البدل وعطف النسق. الثاني: ظاهر كلامه أن الوجهين على السواء "واجعلا كمستقل" بالنداء "نسقًا" خاليًا عن أل "وبدلًا" تقول: يا زيد بشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محضة به إذا نوديا مستقلين قلت محافظة على إعرابهما الذي هو الأصل فألحقا به تابعين لمشابهتهما له مع حصول الإعراب لفظًا أو تقديرًا, وهذا في حالة رفعهما على القول بأنه اتباع لا إعراب كما سيأتي ولم يلحقا به مستقلين محافظة على الإعراب فروعي الإعراب في الحالين ا. هـ. سم ببعض تغيير، فإن قلت لم لم يجز في التابع المفرد البناء كما جاز في تابع اسم لا المفرد نحو: لا رجل ظريف فيها؟ قلت؛ لأن المنادى لفظًا ومعنى هو المتبوع ولا دخل ليا في التابع والمنفي بلا في الحقيقة هو التابع لا المتبوع غالبًا فكأن لا باشرت التابع وذلك؛ لأن معنى لا رجل ظريف فيها لا ظرافة في الرجال الذين فيها فالمنفي مضمون الصفة بناء على الغالب من انصباب النفي على القيد فحصل الفرق بين التابعين.
قوله: "والمفرد" دخل فيه نعت النكرة المقصودة معرفًا بأل أو لا فيجوز: يا رجل العاقل والعاقل ويا رجل عالم وعالمًا نعم إن نصبت رجلًا لجواز نصب النكرة المقصودة الموصوفة تعين نصب صفته. قوله: "ارفع" ظاهره أن رفع التابع المذكور إعراب. واستشكل بأنه لا عامل هناك يقتضي رفع التابع بل هناك ما يقتضي نصبه, وهو أدعو وأجيب بأن العامل فيه مقدر من لفظ عامل المتبوع مبنيا للمجهول, وهو مع ما فيه من التكلف يؤدي إلى التزام قطع التابع. وقال السيوطي في متن جمع الجوامع وشرحه: واعتقد قوم بناء النعت إذا رفع؛ لأنهم رأوا حركته كحركة المنادى حكاه في النهاية ا. هـ. والمتجه وفاقًا لبعضهم أن ضمة التابع اتباع لا إعراب ولا بناء وفي قول الشارح والرفع اتباعًا للفظ إشارة إليه, وعلى هذا يكون في التعبير بالرفع تسمح فاعرفه. قوله: "ويا غلام بشر" أي: بتنوين بشر؛ لأنه معرب بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة الاتباع على ما حققناه. قوله: "أولا" أي: في قوله:
تابع ذي الضم وثانيًا أي: في قوله: وما سواه. قوله: "ومراده النعت إلخ" أي:
بقرينة إفراد البدل وعطف النسق بحكم يخصهما بعد ذلك فالآتي مخصص لما تقدم وقوله: والتوكيد أي: لفظيا أو معنويا.
قوله: "ظاهر كلامه إلخ" عليه قد يفرق بين هذا والنسق مع أل حيث رجح الرفع فيه كما يأتي بأن ذلك أقرب إلى الاستقلال فكانت الحركة الواجبة عند الاستقلال أولى سم وأقربية المنسوق مع أل إلى استقلاله بالنداء من حيث العاطف الذي هو كالعامل وإن بعد من حيث أل التي لا تجامع حرف النداء. قوله: "على السواء" كلام ابن المصنف يقتضي ترجيح النصب سم. قوله: "وبدلًا" لم يقيده أيضًا بالخلو من أل؛ لأنه لا يكون في النداء إلا خاليًا من أل؛ ولهذا قال

 

ج / 3 ص -221-                                 وإنْ يَكنْ مصحوبَ أل ما نُسِقا         ففِيهِ وجْهانِ ورَفْعٌ يُنْتَقَى


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالضم، وكذلك يا زيد وبشر، وتقول: يا زيد أبا عبد الله وكذلك يا زيد وأبا عبد الله، وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب؛ لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل.
تنبيه: أجاز المازني والكوفيون: يا زيد وعمرا ويا عبد الله وبكرا "وإن يكن مصحوب أل ما نسقا ففيه وجهان" الرفع والنصب "ورفع ينتقى" أي: يختار وفاقًا للخليل وسيبويه والمازني لما فيه من مشاكلة الحركة ولحكاية سيبويه أنه أكثر، وأما قراءة السبعة:
{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10]، بالنصب فللعطف على فضلًا من: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} [سبأ: 10]، اختار أبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي النصب؛ لأن ما فيه أل لم يل حرف النداء فلا يجعل كلفظ ما وليه وتمسكًا بظاهر الآية إذ إجماع القراء سوى الأعرج على النصب. وقال المبرد: إن كانت أل معرفة فالنصب وإلا فالرفع؛ لأن المعرف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيوطي في جمع الجوامع وشرحه: لا يبدلان أي: النكرة المقصودة والإشارة ولا ذو أل من المنادى. قال سم: وكأن وجهه أن البدل على نية تكرار العامل وهو الحرف هنا وهو لا يدخل على ما فيه أل, لكن نقل الدماميني عن المصنف أن من البدل ما يرفع وينصب لشبهه بالتوكيد والنعت في عدم صلاحيته لتقدير حرف نداء قبله نحو: يا تميم الرجال والنساء وصحة هذه المسألة مبنية على أن عامل البدل عامل المبدل منه. قوله: "يا زيد بشر بالضم" أي: بلا تنوين وكذا يضم بشر بلا تنوين في صورة العطف.
قوله: "وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب" أي: إنهما معه كالمستقل بالنداء فيعاملان تابعين له بما يعاملان به مستقلين بالنداء. قوله: "لأن البدل في نية تكرار العامل" ظاهر على مذهب غير المصنف أما على ما ذهب إليه من أن العامل في المبدل عامل في المبدل منه كبقية التوابع فيوجه بأن البدل لما كان هو المقصود وكان المبدل منه في نية الطرح كان كالمباشر له العامل, ونظير ذلك ما وجه به رفع تابع أي في نحو: يأيها الرجل من أنه لما كان هو المقصود وأي صلة إليه وجب رفعه. قوله: "أجاز المازني" أي: قياسًا على المنسوق المقرون بأل وفرق الجمهور بما سيعلم من تعليل جواز الوجهين في المقرون. وفي تعبيره بالاجازة إشارة إلى أنهم يجيزون جعله كالمستقل هذا هو الظاهر وإن توقف شيخنا فقال: وهل المراد مع إجازتهم الضم أو الرفع ا. هـ.
قوله: "ما نسقا" ظاهره ولو مضافًا نحو: يا زيد والحسن الوجه ولا بعد فيه. قوله: "ففيه وجهان الرفع والنصب" لامتناع تقدير حرف النداء قبله فأشبه النعت. سيوطي. قوله: "ورفع" سوغ الابتداء به كون الكلام في معرض التقسيم كما في الفارضي.
قوله: "لما فيه من مشاكلة الحركة" أي: مع كونه أقرب إلى الاستقلال فكانت الحركة الواجبة عند الاستقلال أولى كما مر عن سم. قوله: "فللعطف على فضلًا" وقال ابن معطي: مفعول معه وضعفه ابن الخشاب وقيل
مفعول لمحذوف أي: وسخرنا له الطير. قوله: "فلا يجعل كلفظ ما وليه" أي: فلا

ج / 3 ص -222-                         وأيها مَصْحوبَ أل بعدُ صِفه         يلزَم بالرَّفعِ لدى ذِي المعْرِفَهْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشبه المضاف.
تنبيه: هذا الاختلاف إنما هو في الاختيار، والوجهان مجمع على جوازهما إلا فيما عطف على نكرة مقصودة نحو: يا رجل الغلام فلا يجوز فيه عند الأخفش, ومن تبعه إلا الرفع "وأيها مصحوب أل بعد صفه يلزم بالرفع لدى
ذي المعرفه" يجوز في ضبط هذا البيت أن يكون مصحوب منصوبًا فأيها مبتدأ ويلزم خبره, ومصحوب مفعول مقدم بيلزم, وصفة نصب على الحال من مصحوب أل وبالرفع في موضع الحال من مصحوب أل وبعد في موضع الحال مبني على الضم لحذف المضاف إليه وهو ضمير يعود إلى أي. والتقدير: وأيها يلزم مصحوب أل حال كونه صفة لها مرفوعة واقعة أو واقعًا بعدها. ويجوز أن يكون مصحوب مرفوعًا على أنه مبتدأ ويكون خبره يلزم والجملة خبر أيها والعائد على المبتدأ محذوف أي: يلزمها ويجوز أن يكون صفة هو الخبر. والمراد إذا نوديت أي: فهي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تطلب مشاكلته له. قوله: "إن كانت أل معرفة" أي: كما في الآية فالنصب أي: فالمختار النصب لما في الشرح من أن المعرف يشبه المضاف أي: من حيث تأثر ما فيه أل المعرفة بتعريف أل وتأثر المضاف بتعريف الإضافة أو تخصيصها. قوله: "وإلا فالرفع" أي: وإلا تكن للتعريف كالتي من بنية الكلمة نحو: اليسع والتي للمح الصفة نحو: الحرث فالمختار الرفع؛ لأن أل حينئذٍ كالمعدومة. قوله: "إلا الرفع" ترد عليه الآية إلا أن يمنع عطف والطير على جبال سم.
فائدة: إذا ذكر بعد نعت المنادى تابع كيا زيد الظريف صاحب عمرو فإن قدر الثاني نعتًا للمنادى نصب لا غير أو نعتًا لنعت المنادى لفظ به كما يلفظ بالنعت. دماميني. وقوله: لفظ به كما يلفظ بالتابع إن أراد على سبيل الأولوية للمشاكلة فذاك أو على سبيل الوجوب فممنوع عندي, ولم لا يجوز النصب مراعاة لمحل نعت المنادى فعليك بالإنصاف. قوله: "مصحوب أل" سيأتي أنه يقوم مقامه اسم الإشارة والموصول. قوله: "بالرفع" ظاهره ولو كان مضافًا نحو: يأيها الحسن الوجه ولا بعد فيه. قوله: "وبعد في موضع الحال" أي: من صفة لتقدمه عليها فلا يضر تنكيرها أو من مصحوب أل كما يشير إلى جواز الأمرين قوله: الآتي واقعة أو واقعًا, فالأول ناظر للأول والثاني للثاني.
قوله: "في موضع الحال مبني على الضم" هذا مبني على ما ذهب إليه بعضهم من جواز وقوع الظرف المقطوع عن الإضافة حالًا كما نبه عليه شيخنا. قوله: "مرفوعة" مقتضاه أن بالرفع نعت لصفة لا حال من مصحوب أل وإلا لقال مرفوعًا إلا أن يقال التأنيث باعتبار كون مصحوب أل صفة أو أنه أشار إلى جواز وجه آخر. قال البعض: لكن يرد عليه لزوم الفصل بين النعت ومنعوته بأجنبي ا. هـ. وفيه أن الفاصل هنا ليس أجنبيا بل هو العامل في بالرفع؛ لأن العامل في الصفة هو العامل في الموصوف والعامل في الحال هو العامل في صاحبها فيكون يلزم عاملًا في مصحوب أل وفي الحال منه وفي صفة الحال فتدبر. قوله: "والعائد على المبتدأ" أي: الأول

ج / 3 ص -223-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نكرة مقصودة مبنية على الضم وتلزمها ها التنبيه مفتوحة، وقد تضم لتكون عوضًا عما فاتها من الإضافة، وتؤنث لتأنيث صفتها نحو: يأيها الإنسان يأتيها النفس ويلزم تابعها الرفع، وأجاز المازني نصبه قياسًا على صفة غيره من المناديات المضمومة. قال الزجاج: لم يجز هذا المذهب أحد قبله ولا تابعه أحد
بعده، وعلة ذلك أن المقصود بالنداء هو التابع وأي وصلة إلى ندائه. وقد اضطرب كلام الناظم في النقل عن الزجاج فنقل في شرح التسهيل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما العائد على المبتدأ الثاني فمستتر في يلزم, وكذا العائد على أيها في الإعراب الأول. قوله: "ويجوز أن يكون صفة هو الخبر" أي: والجملة خبر أي: وعائدها محذوف أي: صفة لها أو بعدها ويلزم إما بالياء التحتية فهو خبر بعد خبر أو بالتاء الفوقية فهو نعت صفة وبالرفع حال من فاعل يلزم وجعله مفعولًا بزيادة الياء تكلف مستغنى عنه, وإن اقتصر عليه الشيخ خالد وتبعه شيخنا والبعض.
قوله: "والمراد إذا نوديت أي: إلخ" لا يخفى أن ما ذكر إلى قوله: ويلزم تابعها الرفع لم يستفد من المتن لا منطوقًا ولا مفهومًا فكيف يراد منه. وما اعتذر به البعض من أنه مستفاد من ذكر أي: مبنية على الضم مقرونة بها مرادًا بها معين غير نافع في قوله: وقد تضم إلى قوله: ويلزم تابعها الرفع. قوله: "لتكون عوضًا إلخ" علة تلزمها. قوله: "عوضًا عما فاتها إلخ" كما عوضوا عنه ما في:
{أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الاسراء: 110]، وخص ها بالنداء؛ لأنه موضع تنبيه وما بالشرط؛ لأنها مبهمة فتوافق الشرط. دماميني. قوله: "وتؤنث" أي: على سبيل الأولوية لا الوجوب كما في الدماميني والهمع عن صاحب البديع.
قوله: "ويلزم تابعها الرفع" فيه ما قدمناه عند قول المصنف ارفع أو انصب فلا تغفل. قوله: "قال الزجاج إلخ" فيه نظر؛ لأن ابن الباذش ذكر أنه مسموع من لسان العرب؛ ولأنه قرشء شاذا:
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وهي تعضد المازني قاله السندوبي.
قوله: "أن المقصود بالنداء هو التابع" ومع ذلك ينبغي أن لا يكون محله نصبًا؛ لأنه بحسب الصناعة ليس مفعولًا به بل تابع له ويؤيد ذلك قول ابن المصنف وسيذكره الشارح أيضًا أنه لو وصفت صفة أي: تعين الرفع سم وأنا أقول يرد عليه أن تابع ذي محل له محل متبوعه وحينئذٍ ينبغي أن يكون محل تابع أي: نصبًا وأن يصح نصب نعته، ويؤيده ما قدمناه عن الدماميني في يا زيد الظريف صاحب عمرو أنه إن قدر صاحب عمرو نعتًا للظريف لفظ به كما يلفظ بالنعت إن رفعًا فرفع وإن نصبًا فنصب, على ما بيناه سابقًا اللهم إلا أن يكون منع نصب نعت تابع أي: لعدم سماعه أصلًا نعم يصح ما بحثه من أنه ليس لتابع أي: محل نصب ولا يجوز نصب نعته على أن رفع التابع إعراب وأن عامله فعل مقدر مبني للمجهول أي: يدعي العاقل كما مر لكن ما بعد أي: على هذا ليس تابعًا لأي في الحقيقة فلا يظهر حمل كلامه على هذا مع قوله بل تابع له فتأمل.

 

ج / 3 ص -224-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنه هذا الكلام ونسب إليه في شرح الكافية موافقة المازني وتبعه ولده. وإلى التعريض بمذهب المازني الإشارة بقوله: لدى ذي المعرفة، وظاهر كلامه أنه صفة مطلقًا, وقد قيل عطف بيان. قال ابن السيد: وهو الظاهر. وقيل إن كان مشتقا فهو نعت وإن كان جامدًا فهو عطف بيان وهذا أحسن.
تنبيهات: الأول يشترط أن تكون أل في تابع أي جنسية كما ذكره في التسهيل فإذا قلت: يأيها الرجل فأل جنسية وصارت بعد للحضور كما صارت كذلك بعد اسم الإشارة. وأجاز الفراء والجرمي اتباع أي بمصحوب أل التي للمح الصفة نحو: يا أيها الحرث، والمنع مذهب الجمهور ويتعين أن يكون ذلك عطف بيان عند من أجازه. الثاني: ذهب الأخفش في أحد قوليه إلى أن المرفوع بعد أي خبر لمبتدأ محذوف, وأي موصولة بالجملة، ورد بأن بأنه لو كان كذلك لجاز ظهور المبتدأ بل كان أولى ولجاز وصلها بالفعلية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وأي: وصلة إلى ندائه" إنما آثروا أيا؛ لأنها لوضعها على الإبهام واحتياجها وضعًا إلى المخصص ألصق بما بعدها من غيرها ولما شابهها اسم الإشارة بكونه وضع مبهمًا مشروطًا إزالة إبهامه بالإشارة الحسية أو الوصف بعده قام مقامها في التوصل إلى نداء ما فيه أل. وأما ضمير الغائب فإنه وإن وضع مبهمًا مشروطًا إزالة إبهامه لكن بما قبله غالبًا, وهو المفسر, وأما الموصول فإنه وإن أزال إبهامه ما بعده لكنه جملة ا. هـ. دماميني عن الرضي باختصار، وأيضًا ضمير الغائب وكثير من الموصولات لا يباشرها حرف النداء. قوله: "إنه صفة له مطلقًا" أي: مشتقًا كان أو جامدًا لتأول الجامد بالمشتق كالمعين والحاضر؛ أو لأن كثيرًا من المحققين على أنه لا يشترط في النعت أن يكون مشتقًا أو مؤولًا به, بل الضابط دلالته على معنى في متبوعه كالرجل لدلالته على الرجولية.
قوله: "وقد قيل عطف بيان" ظاهره مطلقًا لتصح المقابلة. قوله: "جنسية" أي: لا زائدة لازمة كاليسع أو غير لازمة كاليزيد ولا التي للمح الأصل كالحرث ولا التي للعهد كالزيدين ولا الداخلة على العلم بالغلبة كالصعق والنجم، فعلم ما في كلام البعض من القصور. والمراد أنها جنسية بحسب الأصل أي: قبل دخول يا كما يدل عليه بقية كلامه فلا ينافي في أن مصحوبها بعد دخول يا معين حاضر كما سيذكره. قوله: "وصارت بعد للحضور" أي: بسبب وقوع مدخولها صفة لمنكر قصد به معين حاضر لا بسبب انقلاب أل عهدية حتى يرد أن المصرح به أنها غير عهدية أفاده سم. قوله: "أن يكون ذلك عطف بيان" أي: لا نعتًا؛ لأن العلم لا ينعت به هكذا ينبغي التعليل. قوله: "وأي: موصولة بالجملة" والتقدير: يا من هو الرجل. وقال الفارضي: التقدير يا لذي هو الرجل ا. هـ. قال شيخنا: والأول أولى؛ لأن يا لا تدخل على نحو: الذي على الراجح كما مر. قوله: "لجاز ظهور المبتدأ" أي: لأن هذا ليس من مظان وجوب حذف المبتدأ. وله أن يقول باب النداء باب حذف وتخفيف بدليل جواز الترخيم فيه دون غيره؛ فلهذا التزموا حذف المبتدأ

 

ج / 3 ص -225-                        وأيُّ هذا أيّها الذي وَرَدْ   ووَصْفُ أيٍّ بِسِوى هذا يُرَدُّ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والظرف. الثالث: ذهب الكوفيون وابن كيسان إلى أن ها دخلت للتنبيه مع اسم الإشارة. فإذا قلت: يأيها الرجل تريد يأيها ذا الرجل, ثم حذف ذا اكتفاء بها. الرابع: يجوز أن توصف صفة أي, ولا تكون إلا مرفوعة مفردة كانت أو مضافة كقوله:
921-

يأَيُّها الجاهِلُ ذو التَّنَزِّي                             لا تُوعِدَنِّي حَيَّةً بالنَّكْزِ

"وأي: هذا أيها الذي ورد" أيهذا مبتدأ وأيها الذي عطف عليه وسقط العاطف للضرورة وورد جملة خبر، ووحد الفاعل إما لكون الكلام على حذف مضاف, والتقدير لفظ: أيهذا وأيها الذي ورد أو هو من باب:
922-

نَحْنُ بما عِندنا وأنْتَ بما                                      عنْدَكَ راضٍ.....


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: ولجاز وصلها إلخ وله أن يقول: التزموا فيها ضربًا من الصلة كما التزموا فيها ضربًا من الوصف على رأيكم. همع.
قوله: "يأيها الجاهل إلخ" التنزي نزع الإنسان إلى الشر. والنكز بفتح النون وسكون الكاف آخره زاي اللسع أي: لا توعدني باللسع حالة كونك مشبهًا للحية في ذلك. قوله: "وأيهذا إلخ" نحو: يأيهذا الرجل فأي: منادى مبني على الضم في محل نصب وها للتنبيه وذا صفة أي: في محل رفع والرجل صفة لذا أو عطف بيان مرفوع بضمة ظاهرة ونحو: يأيها الذي قام فالذي صفة أي في محل رفع, وهذا كله مبني على أن حركة التابع إعراب. وتقدم ما فيه قال شيخنا, ولعل مذهب المازني يجري هنا أيضًا فيجوز كون ذا والذي في محل نصب. قوله: "للضرورة" بل تقدم أن الواو العاطفة تحذف اختيارًا.
قوله: "من باب نحن بما عندنا إلخ" أي: من الحذف من الأول لدلالة الثاني, ويحتمل كلام المصنف العكس, وفي الأولى منهما عند احتمالهما وعدم تعيين القرينة أحدهما قولان قيل الحذف من الثاني؛ لأن الأواخر أليق بالحذف من الأوائل, وقيل من الأول لعدم الفصل. وتمام البيت "والرأي: مختلف" وهو كما قال شيخنا من المنسرح. قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
921- الرجز لرؤبة في ديوانه ص63؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 471؛ وشرح المفصل 6/ 138؛ والمقاصد النحوية 4/ 219؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 169؛ وجمهرة اللغة ص825؛ والكتاب 2/ 192؛ والمقتضب.
922- تمامه:

نحن بما عندنا وأنت بما                       عندك راض والرأي مختلف

والبيت من المنسرح، وهو لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص239؛ وتخليص الشواهد ص205؛ والدرر 5/ 314؛ والكتاب 1/ 75؛ والمقاصد النحوية 1/ 557؛ ولعمرو بن امرئ القيس الخزرجي في الدرر 1/ 147؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 279؛ وشرح شواهد الإيضاح ص128، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف 1/ 95؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 100، 6/ 65، 7/ 116؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 726؛ وخزانة الأدب 10/ 295، 476؛ وشرح ابن عقيل ص125؛ والصاحبي في فقه اللغة ص218؛ ولسان العرب 3/ 360 "قعد"؛ ومغني اللبيب 2/ 622؛ والمقتضب 3/ 112، 4/ 73؛ وهمع الهوامع 2/ 109.

ج / 3 ص -226-                           وذو إشارَة كأيٍّ في الصفه       إن كان تَرْكُها يُفِيتُ المعرفه


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: ورد أيضًا وصف أي في النداء باسم الإشارة وبموصول فيه أل كقوله:
923-

أل أيها ذا الباخِعُ الوَجْدُ نَفْسَه                  لشيء نَحَتْهُ عن يَدَيهِ المقادِرُ

ونحو: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحج: 6]، ووصف أي بسوى هذا الذي ذكر "يرد" فلا يقال: يأيها زيد ولا يأيها صاحب عمرو.
تنبهان: الأول يشترط لوصف أي باسم الإشارة خلوه من كاف الخطاب كما هو ظاهر كلامه وفاقًا للسيرافي وخلافًا لابن كيسان فإنه أجاز يأيها ذاك الرجل. الثاني لا يشترط في اسم الإشارة المذكور أن يكون منعوتًا بذي أل وفاقًا لابن عصفور والناظم كقوله:
924-

أيُّهذانِ كُلا زادَ كُما                         ودَعَانِي واغِلًا فيمَنْ وَغَل

واشترط ذلك غيرهما "وذو إشارة كأي في الصفة" في لزومها ولزوم رفعها كونها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ألا أبهذا الباخع" أي: المهلك والوجد بالرفع فاعل الباخع ونفسه مفعول، ولا يصح جر الوجد بإضافة الباخع إليه لعدم جواز إضافة اسم الفاعل المتعدي إلى مرفوعه.
قوله: "ووصف أي بسوى هذا يرد" قال الشاطبي: حشو لا فائدة فيه ويجاب بأنه لما علم بقوله: وأي هذا إلخ, أن اللزوم ليس على ظاهره كان مظنة توهم شيء آخر فدفعه بهذا ا. هـ. طبلاوي واسم الإشارة في قوله: سوى هذا يرجع لما ذكر من مصحوب أل واسم الإشارة والموصول المقرون بأل. قوله: "خلوه من كاف الخطاب" أي: لأنه المقصود بالنداء كما تقدم فهو المخاطب ووصله بكاف المخاطب يقتضي أن المشار إليه غير المخاطب فيحصل التنافي. ولابن كيسان أن يجعل الخطاب في مثل: يا ذاك للمشار إليه فلا يحصل التنافي لكن يمنعه ما تقدم في باب اسم الإشارة من أن المخاطب بالكاف غير المشار إليه إلا أن يخصه بغير النداء فتأمل. قوله: "ودعاني" أي: أتركاني. والواغل من يدخل على القوم وهم يشربون ولم يدع.
قوله: "في لزومها إلخ" أي: لا في لزوم إفراد موصوفها, بل يراعى حال المشار إليه نحو: يا هذان الرجلان ويا هؤلاء الرجال. وأل في قوله: الصفة عهدية أي: الصفة المذكورة في أي إلا أنها تتناول اسم الإشارة مع أن اسم الإشارة لا يوصف باسم الإشارة, وكأنه ترك ذلك اتكالًا على ظهور أن اسم الإشارة لا يوصف باسم الإشارة فكأنه معلوم الانتفاء سم. قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
923- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1037؛ وشرح المفصل 2/ 7؛ ولسان العرب 8/ 5 "بخع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 217؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 474؛ ولسان العرب 15/ 312 "نحا"؛
والمقتضب 4/ 259.
924- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 33؛ وشرح شذور الذهب ص199؛ وشرح عمدة الحافظ ص281؛ ومجالس ثعلب ص52؛ والمقاصد النحوية 4/ 239، 240؛ وهمع الهوامع 1/ 175.

ج / 3 ص -227-                                     في نحو سَعْدَ سَعْدَ الاوس يَنْتَصِبْ          ثانٍ وضُمَّ وافْتَحَ أوَّلا تُصِبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأل على ما مر. نحو: يا ذا الرجل ويا ذا الذي قام هذا "إن كان تركها" أي: ترك الصفة "يفيت المعرفه" أي: بأن تكون هي مقصودة بالنداء واسم الإشارة قبلها لمجرد الوصلة إلى ندائها كقولك: لقائم بين قوم جلوس يا هذا القائم. أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء بأن قدرت الوقوف عليه فلا يلزم شيء من ذلك، ويجوز في صفته حينئذ ما يجوز في صفة غيره من المناديات المبنيات على الضم "في نحو" يا "سعد سعد الاوس" وقوله:
925-

يا تَيم تيمَ عَدِيِّ لا أبا لَكمُ

وقوله:
926-

يا زَيد زيد اليَعْمُلاتِ الذُّبَّلِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"على ما مر" لعل مراده على ما مر من اشتراط كون أل جنسية على الراجح. قوله: "نحو: يا ذا الرجل ويا ذا الذي قام" ونحو: يا هذا الرجل ويا هذا الذي قام ويا هؤلاء الكرام فها للتنبيه واسم الإشارة منادى مقدر فيه الضم وما بعده له صفة مرفوعة. قوله: "يفيت المعرفة" أي: يفوت على المخاطب بالمنادى. قوله: "بأن تكون هي" أي: الصفة. قوله: "هو المقصود بالنداء" بأن عرفه المخاطب بدون الوصف كما إذا وضع المتكلم يده عليه. قوله: "فلا يلزم شيء من ذلك" مقتضاه حتى كون الصفة مقرونة بأل فيقتضي صحة يا هذا رجل وليس كذلك, ويمكن تصحيح عبارته بجعل من بيانية وجعل الإشارة إلى مجموع ما مر من ذكر الصفة ورفعها وقرنها بأل, فالمعنى لا يلزم مجموع الثلاثة أي: بل بعضها وهو القرن بأل هكذا ينبغي الجواب لا كما أجاب البعض فتدبر.
قوله: "في نحو: سعد سعد الأوس" أي: من كل تركيب وقع فيه المنادى مفردًا مكررًا ووقع بعد المرة الثانية مضاف إليه. وسعد الأوس هو سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه كما في التصريح. قوله: "زيد اليعملات" بفتح الميم أضيف زيد إلى اليعملات؛ لأنه كان يحدو لها وهي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
925- عجزه:

لا يَلْفِيَنَّكُمْ في سوأةٍ عُمَرُ

والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص212؛ والأزهية ص238؛ والأغاني 21/ 349؛ وخزانة الأدب 2/ 298؛ 301، 4/ 99، 107؛ والخصائص 1/ 345؛ والدرر 6/ 29؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ وشرح شواهد المغني 2/ 855؛ وشرح المفصل 2/ 10؛  والكتاب 1/ 53، 2/ 205؛ واللامات ص101؛ ولسان العرب 14/ 11 "أبي"؛ والمقاصد النحوية 4/ 240؛ والمقتضب 4/ 229؛ ونوادر أبي زيد ص139؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/  204؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 725؛ وجواهر الأدب ص199، 421 وخزانة الأدب 8/ 317، 10/ 191؛ ورصف المباني ص245؛ وشرح ابن عقيل ص522؛ وشرح المفصل 2/ 105، 3/ 21؛ ومغني اللبيب 2/ 457؛ وهمع الهوامع 2/ 122.
926- الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص99؛ وخزانة الأدب 2/ 302، 304؛ والدرر 6/ 28؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 27؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433، 2/ 855؛ ولبعض بني جرير في شرح المفصل 2/ 10؛=

ج / 3 ص -228-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ينتصب ثان" حتمًا "وضم وافتح أولًا تصب" فإن ضممته؛ فلأنه منادى مفرد معرفة، وانتصاب الثاني حينئذ؛ لأنه منادى مضاف أو توكيد أو عطف بيان أو بدل أو بإضمار أعني. وأجاز السيرافي أن يكون نعتًا وتأول فيه الاشتقاق. وإن فتحته فثلاثة مذاهب: أحدها وهو مذهب سيبويه أنه منادى مضاف إلى ما بعد الثاني. والثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه. وعلى هذا قال بعضهم: يكون نصب الثاني على التوكيد وثانيها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع يعملة وهي الناقة القوية الحمولة. والذبل جمع ذابل بمعنى الضامر كركع جمع راكع ا. هـ. زكريا وعبارة القاموس وهي الناقة الشديدة النجيبة المعتملة المطبوعة على العمل, والجمل يعمل ولا يوصف بهما إنما هما اسمان ا. هـ. ولو قال زكريا جمع ذابلة كما عبر الشمني لكان أنسب باليعملات.
قوله: "لأنه منادى مضاف" فهو بتقدير يا والفرق بين هذا والبدل أن هذا يجوز معه ذكر حرف النداء, ولا يجوز ذلك في البدل, وإن قيل إنه على تقدير تكرار العامل إذ هو عند ذلك القائل كالتقدير المعنوي الذي لا يتكلم به.
شاطبي. قوله: "أو توكيد" قاله المصنف. قال أبو حيان: ولم يذكره أصحابنا؛ لأنه لا معنوي وهو ظاهر ولا لفظي لاختلاف جهتي التعريف؛ لأن الأول معرف بالعلمية أو النداء والثاني بالإضافة؛ لأنه لم يضف حتى سلب تعريف العلمية ا. هـ. قال ابن هشام: وثم مانع أقوى من ذلك وهو اتصال الثاني بما لم يتصل به الأول. قال سم: ولا يخفى أن كلا الأمرين إنما يرد على المصنف إذا سلم أنه مانع وإلا فقد يتمسك بظاهر تعريف التوكيد اللفظي فإنه صادق مع اختلاف جهتي التعريف ومع اتصال الثاني بما لم يتصل به الأول. قوله: "وتأول فيه الاشتقاق" أي: جعله مشتقا بتأوله بالمنسوب إلى الأوس وضعفه الشاطبي بأن النعت بالجامد على تأوله بالمشتق موقوف على السماع.
قوله: "والثاني مقحم" أي: زائد بناء على جواز إقحام الأسماء وأكثرهم يأباه وعلى جوازه ففيه فصل بين المتضايفين وهما كالشيء الواحد, وكان يلزم أن ينون الثاني لعدم إضافته ا. هـ. تصريح وعليه ففتحته غير إعراب؛ لأنها غير مطلوبة لعامل بل فتحته اتباع فيما يظهر، وإن كان يرد عليه أن بين المتبع والمتبع له حاجزًا حصينًا، لكن صرح الشارح بأن نصب الثاني توكيد ويوافقه تفسير الحفيد الإقحام بالتأكيد اللفظي, وعلى هذا فالفتحة فتحة إعراب ولا يبعد أن الفصل بالثاني مغتفر؛ لأنه كلا فصل لاتحاد الاسمين لفظًا ومعنى وأن عدم تنوين الثاني على هذا الوجه والذي قبله للمشاكلة فيندفع قول صاحب التصريح ففيه فصل إلخ. وقوله وكان يلزم إلخ فتأمل ولا يصح إعرابه بدلًا أو عطف بيان كما كان في صورة الضم؛ لأنهما ما يكونان بعد تمام الاسم الأول والأول لا يكمل إلا بالإضافة بخلاف صورة الضم فإن الاسم الأول فيهما غير مضاف.

 

ج / 3 ص -229-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو مذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف دل عليه الآخر، والثاني مضاف إلى الآخر ونصبه على الأوجه الخمسة، وثالثها: أن الاسمين ركبا تركيب خمسة عشر ففتحتهما فتحة بناء لا فتحة إعراب ومجموعهما منادى مضاف وهذا مذهب الأعلم.
تنبيهات: الأول صرح في الكافية بأن الضم أمثل الوجهين، الثاني: مذهب البصريين أنه لا يشترط في الاسم المكرر أن يكون علمًا بل اسم الجنس نحو: يا رجل رجل قوم والوصف نحو: يا صاحب صاحب زيد كالعلم فيما تقدم، وخالف الكوفيون في اسم الجنس فمنعوا نصبه وفي الوصف فذهبوا إلى أنه لا ينصب إلا منونًا نحو: يا صاحبًا صاحب زيد، الثالث: إذا كان الثاني غير مضاف نحو: يا زيد زيد جاز ضمه بدلًا، ورفعه ونصبه عطف بيان على اللفظ أو المحل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إلى محذوف" أي: مماثل لما أضيف إليه الثاني. قوله: "ونصبه" أي: الثاني على الأوجه الخمسة بل الستة وهي أن يكون منادى مستأنفًا أو منصوبًا بأعني أو عطف بيان أو بدلًا أو توكيدًا أو نعتًا وكأنه لم ينظر إلى السادس لضعفه. قوله: "أن الاسمين ركبا" قيل فيه تكلف تركيب ثلاثة أشياء ولا وجه له إذ المركب شيئان فقط قاله في التصريح, وقال الفارسي: الاسمان مضافان للمذكور وهو ضعيف لما فيه من توارد عاملين على معمول واحد. قوله: "ففتحتهما فتحة بناء" فيه أن فتحة الأول على القول بالتركيب فتحة بنية ويمكن تصحيح عبارته بأن المراد ففتحة مجموعهما الذي هو المركب وفتحته هي فتحة آخره, ولو قال ففتحة الثاني فتحة بناء لكان واضحًا. ثم هذا القول لا يشمله قول المصنف ينتصب ثان إلا أن يراد بالنصب ما يعم فتحة الإعراب وغيره. قوله: "أمثل الوجهين" أي: أحسنهما وأشار هنا إلى أمثليته بتقديمه. قوله: "بل اسم الجنس" مبتدأ خبره كالعلم.
قوله: "وخالف الكوفيون إلخ" عبارة الهمع وخالف الكوفيون فأوجبوا في اسم الجنس ضم الأول وفي الوصفين ضمه بلا تنوين أو نصبه منونًا. قوله: "جاز ضمه بدلًا" نقله المصنف عن الأكثر ورده بأنه لا يتحد لفظ بدل ومبدل منه إلا ومع الثاني زيادة بيان, وجوز الدماميني أن يكون منادى ثانيًا وأن يكون تأكيدًا لفظيا وقوله ضمه بدلًا أي: بناؤه على الضم ومن لازمه عدم التنوين. قوله: "عطف بيان" رده المصنف في شرح الكافية فقال: إنه توكيد على اللفظ أو المحل لا عطف بيان كما يقول أكثر النحويين؛ لأن الشيء لا يبين نفسه. قوله: "على اللفظ أو المحل" لف ونشر مرتب.

 

ج / 3 ص -230-        المنادى المضاف إلى ياء المتكلم:

واجعل مُنادًى صَحَّ إن يُضَفْ لِيَا                    كعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عبْدا عَبْدِيَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنادى المضاف إلى ياء المتكلم:
"واجعل منادى صح" آخره "إن يضف ليا" المتكلم "كعبد عبدي عبد عبدا عبديا" والأفصح والأكثر من هذه الأمثلة الأول وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة نحو:
{يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16]، ثم الثاني: وهو ثبوتها ساكنة نحو: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} [الزخرف: 68]، والخامس: وهو ثبوتها مفتوحة نحو: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53]، وهذا هو الأصل، ثم الرابع: وهو قلب الكسرة فتحة والياء ألفًا نحو: {يَا حَسْرَتَا} [يس: 30]. وأما المثال الثالث وهو حذف الألف والاجتزاء بالفتحة فأجازه الأخفش والمازني والفارسي كقوله:
927-

ولستُ براجِعٍ ما فات مِنِّي                        بلَهْفَ ولا بليتَ ولا لو انِّي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنادى المضاف إلى ياء المتكلم:
أفرده بترجمة؛ لأن له أحكامًا تخصه, وتقدم أن الأصل في ياء المتكلم قيل السكون, وقيل الفتح وجمع بأن السكون أصل أوّل إذ هو الأصل في كل مبني والفتح أصل ثان إذ هو الأصل فيما وضع على حرف واحد. قوله: "صح آخره" بأن يكون آخره حرفًا غير لين أو لينًا قبله ساكن كدلو وظبي وهذا القيد يخرج نحو: مسلمي تثنية وجمعًا وجوز العصام حذف يائه لدلالة ياء التثنية والجمع على الإضافة وعدم التباسه بالمفرد عند الحذف, قال سم: وفيه نظر في الجمع لالتباسه حينئذٍ بالمفرد في صورة اثبات يائه ساكنة ا. هـ. ويشترط مع ما ذكره المصنف أن يكون غير وصف مشبه للفعل كما سيأتي. قوله: "عبدًا" ينبغي أن يكون منصوبًا بفتحة مقدرة على الدال لا بالفتحة الموجودة؛ لأنها لأجل الألف سم. قوله: "وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة" نقل البعض عن الحفيد أنه قيد ذلك بأن يشتهر الاسم بالإضافة إلى الياء أولًا, فلا يقال في يا عدوي: يا عدو؛ لأنه لا دلالة على الياء. والذي في التوضيح وشرحه إنما هو اشتراط الاشتهار بالإضافة في الوجه السادس وهو الضم وهذا هو المتجه فافهم.
قوله: "والخامس" عطفه على الثاني بالواو إشارة إلى أنهما في مرتبة للقول بالأصالة في كل، وجعل السيوطي السكون أفصح من الفتح, ولعل وجهه أن السكون أخف من الفتح. قوله: "والياء ألفًا" أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن الألف أخف من الياء ا. هـ. تصريح. والظاهر أن هذه الألف اسم؛ لأنها منقلبة عن اسم وينبغي أن يحكم بأنها مضاف إليه, وأنها في محل جر سم.
قوله: "وهو حذف الألف" فيه جمع بين حذف العوض والمعوض وهو لا يجوز، ويجاب بأنها بدل الياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
927- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179؛ والإنصاف 1/ 390؛ وأوضح المسالك 4/ 37؛ وخزانة الأدب 1/ 131؛ والخصائص 3/ 135؛ ورصف المباني ص288؛ وسر صناعة الإعراب 1/ =

 

ج / 3 ص -231-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصله بقولي يا لهفا. ونقل عن الأكثرين المنع. قال في شرح الكافية وذكروا أيضًا وجهًا سادسًا وهو الاكتفاء عن الإضافة بنيتها وجعل الاسم مضمومًا كالمنادى المفرد. ومنه قراءة بعض القراء: "رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ" [يوسف: 33]، وحكى يونس عن بعض العرب: يا أم لا تفعلي وبعض العرب يقولون: يا رب اغفر لي ويا قوم لا تفعلوا. أما المعتل آخره ففيه لغة واحدة وهي ثبوت يائه مفتوحة نحو: يا فتاي ويا قاضي.
تنبيهان: الأول ما سبق من الأوجه هو فيما إضافته للتخصيص كما أشعر به تمثيله، أما الوصف المشبه للفعل فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو: يا مكرمي ويا ضاربي. الثاني: قال في شرح الكافية: إذا كان آخر المضاف إلى ياء المتكلم ياء مشددة كبني, قيل يا بني أو يا بني لا غير فالكسر على التزام حذف ياء المتكلم فرارًا من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفرق بين الإبدال والتعويض سم. على أنه قد يمنع عدم الجواز بدليل وأقام الصلاة وأجاب إجابًا.
قوله: "ونقل عن الأكثرين المنع" أي: ولا دلالة في البيت على الجواز لاحتمال أن المراد بهذه اللفظة ولا نداء. قوله: "وجهًا سادسًا" يظهر أن قائله يحذف الياء والكسرة ثم يعامله معاملة الاسم المفرد فيضم آخره ضمة مشاكلة للمفرد المبني فهو منصوب تقديرًا بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة المشاكلة. وتعرفه بالإضافة المنوية كما اختاره المصنف لا محلا. وتعرفه بالقصد كما قيل, وإلا لم يكن لغة في المضاف. قال أبو حيان: والظاهر أن حكمه في الاتباع حكم المبني على الضم غير المضاف لا حكم المضاف للياء ا. هـ. أي: إنه يجوز في تابعه الوجهان وهو لا يظهر على أن تعرفه بالإضافة المنوية ونصبه مقدر فإن مقتضاه عدم جواز الوجهين في تابعه, وقد يوجه ما قاله أبو حيان, وإن قلنا تعرفه بالإضافة المنوية ونصبه مقدر بأنه عومل معاملة المفرد فأعطى حكمه, وإن لم يكن منه حقيقة أفاده سم, قال في التصريح وإنما يأتي هذا الوجه السادس فيما يكثر نداؤه مضافًا كالرب تعالى والأب والأم والابن حملًا للقليل على الكثير.
قوله: "أما المعتل آخره" بأن يكون آخره حرفًا لينًا قبله حركة مجانسة له وأما ما حذف لامه كأخ فلا ترد لامه خلافًا للمبرد, ووقع في عبارة البعض هنا خلل فاحذره. قوله: "وهي ثبوت يائه مفتوحة" وتسكين ورش محياي من إجراء الوصل مجرى الوقف. قوله: "فيما إضافته للتخصيص" كان الأولى للتعريف والمراد فيما إضافته محضة بقرينة المقابلة. قوله: "المشبه للفعل" أي: المضارع في كونه بمعنى الحال أو الاستقبال. قوله: "فإن ياءه ثابتة لا غير" قد يوجه بشدة طلبه لها لكونه عاملًا يشبه الفعل. قوله: "وهي إما مفتوحة أو ساكنة" أي: إن لم يكن الوصف مثنى أو مجموعًا على حده وإلا تعين الفتح نحو: يا ضاربي ويا ضاربي. قوله: "كبني"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 521، 2/ 728؛ وشرح عمدة الحافظ ص512؛ وشرح قطر الندى ص205؛ ولسان العرب 9/ 321 "لهف"؛ والمحتسب 1/ 277؛ والمقاصد النحوية 4/ 248؛ والمقرب 1/ 181، 2/ 201؛ والممتع في التصريف 2/ 622.

 

ج / 3 ص -232-                                وفَتْحٌ أو كَسْرٌ وحَذْفُ اليا اسْتَمَرّ        في يابن أمِّ يابنَ عَمِّ لا مَفَرّ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توالي الياآت مع أن الثالثة كان يختار حذفها قبل ثبوت الثنتين, وليس بعد اختيار الشيء إلا لزومه. والفتح على وجهين: أحدهما أن تكون ياء المتكلم أبدلت ألفًا ثم التزم حذفها؛ لأنها بدل مستقل. الثاني: أن ثانية ياءي بني حذفت ثم أدغمت أولاهما في ياء المتكلم ففتحت؛ لأن أصلها الفتح كما فتحت في يدي ونحوه ا. هـ. وقد تقدمت بقية الأحكام في باب المضاف إلى ياء المتكلم "وفتح أو كسر وحذف اليا" والألف تخفيفًا لكثرة الاستعمال "استمر في" قولهم "يابن أم" ويا ابنة أم و"يابن عم" ويا ابنة عم "لا مفر" أما الفتح ففيه قولان: أحدهما أن الأصل أما وعما بقلب الياء ألفا فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلًا عليها. الثاني أنهما جعلا اسمًا واحدًا مركبًا وبني على الفتح والأول قول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: تصغير ابن وأصله بنو بفتحتين, وإذا صغرته حذفت ألف الوصل ورددت اللام المحذوفة فيبقى بنيو فتقلب الواو ياء لاجتماع الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون وتدغم الياء في الياء، وعلى القول بأن لامه ياء يكون فيه ما عدا القلب. قوله: "قيل يا بني" بكسر الياء أو يا بني بفتحها لا غير، أورد عليه شيخنا أن فيه لغة ثالثة قرئ بها في السبع وهي إسكان الياء مخففة, ووجهه أنه حذف ياء المتكلم ثم استثقلت الياء المشددة المكسورة فحذف الياء الثانية التي هي لام الكلمة وأبقى الأولى وهي ياء التصغير ساكنة. قوله: "على التزام حذف ياء المتكلم" أي: وإبقاء الياء الثانية على كسرها لأجل ياء المتكلم. قوله: "مع أن الثالثة" كان الأوضح؛ ولأن الثالثة؛ لأن هذا تعليل آخر لالتزام الحذف. قوله: "أبدلت ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة التي قبلها فتحة. قوله: "ثم التزم حذفها" أي: وأبقيت الفتحة دليلًا عليها. قوله: "مستثقل" أي: حرف مستثقل وهو الياء أي: وبدل الثقيل ثقيل. قوله: "ففتحت؛ لأن أصلها الفتح" وعلى القول بأن أصلها السكون يوجه الفتح بأنه احتيج للتحريك؛ لئلا يلتقي ساكنان والفتح أخف سم. قوله: "بقية الأحكام" أي: بقية أحكام المضاف المذكور ككسر آخره وجوبًا إذا لم يكن واحدًا من الأمور الأربعة المتقدمة في قوله:

آخر ما أضيف لليا اكسر إذا

لم يك معتلًا إلخ وسلامة الألف مطلقًا إلى آخر ما مر أي: فلا نعيد تلك الأحكام هنا. قوله: "وفتح أو كسر" أي: للميم وأجاز قوم ضمها أيضًا سم. قوله: "وحذف اليا" أي: مع الكسر والألف أي: مع الفتح ففيه مع ما قبله لف ونشر مشوش لكن حذف الألف, إنما يأتي على قول الكسائي الآتي ومن وافقه لا على قول سيبويه والبصريين فلهذا أسقطه المصنف. قوله: "استمر" أي: اطرد، وفي نسخة اشتهر وأفرد الضمير مع رجوعه إلى الفتح أو الكسر وحذف الياء على التأول بالمذكور أو على حذف خبر أحد المتعاطفين لدلالة الآخر. قوله: "ويا ابنة عم" في التصريح أن بنتا كابنة.
قوله: "فحذفت الألف وبقيت الفتحة" قد تقدم منع الجمهور لهذا في غير هذه الصورة

ج / 3 ص -233-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكسائي والفراء وأبي عبيدة وحكي عن الأخفش, والثاني قيل هو مذهب سيبويه والبصريين, وأما الكسر فظاهر مذهب الزجاج وغيره أنه مما اجتزى فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من غير تركيب. قال في الارتشاف: وأصحابنا يعتقدون أن: ابن أم وابنة أم وابن عم وابنة عم حكمت لها العرب بحكم اسم واحد وحذفوا الياء كحذفهم إياهم من أحد عشر إذا أضافوه إليها. وأما إثبات الياء والألف في قوله:
928-

يابْنَ أُمِّي ويا شُقَيِّقَ نَفسِي

وقوله:
929-

يا ابْنَةَ عَمَّا لا تلُومِي واهْجَعِي

فضرورة. أما ما لا يكثر استعماله من نظائر ذلك نحو: يابن أخي ويا ابن خالي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: يا عبد وهم لا يمنعون ذلك هنا, والفرق ثبوت السماع الصحيح هنا سم, وقوله: قد تقدم أي: في قول الشارح ونقل عن الأكثرين المنع. قوله: "والثاني أنهما" أي: ابنا وما بعده. قوله: "وبني" أي: المجموع على الفتح فيكون نحو: يابن أم مبنيا على ضم مقدر كخمسة عشر، ونقل السيوطي عن الرضي أن مجموع الكلمتين مع تركيبهما وفتحهما مضاف إلى الياء المحذوفة. قوله: "من غير تركيب" هذا هو محل مخالفة ظاهر مذهب الزجاج لما في الارتشاف. قوله: "قال في الارتشاف إلخ" هذا مقابل قوله فظاهر مذهب الزجاج إلخ. قوله: "وحذفوا الياء" أي: وأبقوا الكسرة دليلًا عليها؛ لأن الكلام في الكسر. قوله: "ويا شقيق" تصغير شقيق. قوله: "فضرورة" وقال بعضهم: هما لغتان قليلتان, قيل وقلب الياء ألفًا أجود من إثباتها وإذا ثبتت الياء ففيها وجهان الإسكان والفتح فالحاصل خمسة أوجه، ونص بعضهم على أن الخمسة لغات، ومر قريبًا لغة سادسة وهي الضم. قوله: "فالياء فيه ثابتة لا غير" ساكنة أو مفتوحة ولا يجوز حذفها لبعدها عن المنادى تصريح أي: مع عدم سماع حذفها في غير يابن أم يا ابن عم فلا يرد أن البعد موجود فيهما أيضًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
928- عجزه:

أنت خلَّفْتني لدَهْرِ شديد

والبيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد في ديوانه ص48؛ والدرر 5/ 57؛ وشرح التصريح 2/ 179؛ والكتاب 2/ 213؛ ولسان العرب 10/ 182 "شقق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 222؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 40؛ وشرح قطر الندى ص207؛ وشرح المفصل 2/ 12؛ والمقتضب 4/ 250؛ وهمع الهوامع 2/ 54.
929- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 1/ 364؛ والدرر 5/ 58؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 440؛ وشرح التصريح 2/ 179؛ وشرح المفصل 2/ 12؛ والكتاب 2/ 214؛ ولسان العرب 12/ 424 "عمم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 224؛ ونوادر أبي زيد ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 41؛ ورصف المباني ص159؛ وشرح قطر الندى ص208؛ والمقتضب 4/ 252؛ وهمع الهوامع 2/ 54.

 

ج / 3 ص -234-                     وفي النِّدا أبَتِ أمَّتِ عَرَض  واكْسِرْ أو افْتَحْ ومِنَ اليا التَّا عِوَض


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالياء فيه ثابتة لا غير، ولهذا قال في يابن أم يابن عم ولم يقل في نحو: يابن أم يابن عم.
تنبيه: نص بعضهم على أن الكسر أجود من الفتح وقد قرئ:
{قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ} [طه: 94] بالوجهين "وفي الندا" قولهم يا "أبت" ويا "أمت" بالتاء "عرض" والأصل يا أبي ويا أمي "واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض" ومن ثم لا يكادان يجتمعان، ويجوز فتح التاء وهو الأقيس وكسرها وهو الأكثر، وبالفتح قرأ ابن عامر وبالكسر قرأ غيره من السبعة.
تنبيهات: الأول فهم من كلامهم فوائد: الأولى أن تعويض التاء من ياء المتكلم في أب وأم لا يكون إلا في النداء. الثانية أن ذلك مختص بالأب والأم. الثالثة أن التعويض فيهما ليس بلازم فيجوز فيهما ما جاز في غيرهما من الأوجه السابقة فهم ذلك من قوله: عرض. الرابعة منع الجمع بين التاء والياء؛ لأنها عوض عنها وبين التاء والألف؛ لأن الألف بدل من الياء. وأما قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولهذا قال في يابن أم يابن عم" ولا يرد يا ابنة أم يا ابنة عم؛ لأن ابنة هي ابن بزيادة التاء. قوله: "وفي الندا أبت أمت عرض" وكل منهما منصوب؛ لأنه معرب فإنه من أقسام المضاف بفتحة مقدرة على ما قبل التاء منع من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة لأجل التاء؛ لاستدعائها فتح ما قبلها لا على التاء؛ لأنها في موضع الياء التي يسبقها إعراب المضاف إليها سم. قوله: "ومن الياء التا عوض" إنما عوض تاء التأنيث عن الياء إذا أضيف إليها الأب أو الأم؛ لأن كلا منهما مظنة التفخيم والتاء تدل عليه كما في علامة ا. هـ. حفيد. ووجهه في الكشاف بأن تاء التأنيث وياء الإضافة متناسبتان في أن كلا منهما زيادة مضمومة إلى الاسم في آخره, وفيما ذكر تصريح بأن التاء حرف لا اسم إذ لم تنقلب الياء إليها بخلاف الألف في نحو: يا عبدًا كما مر بيانه.
قوله: "ويجوز فتح التاء إلخ" كان الأولى والفتح أقيس والكسر أكثر؛ لأن جواز كل مستفاد من عبارة المصنف. قوله: "وهو الأقيس" لأن التاء عوض عن الياء وحركتها الفتح وتحركها بحركة أصلها هو الأصل ا. هـ. حفيد. قوله: "وهو الأكثر" أي: لأن الكسر عوض عن الكسر الذي كان يستحقه ما قبل الياء وزال حين مجيء التاء؛ لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحًا. قوله: "لا يكون إلا في النداء" أخذ الحصر من تقديم الجار والمجرور. قوله: "مختص بالأب والأم" أي: لأنه لم يقل نحو: أبت أمت. قوله: "من الأوجه السابقة" أي: في المنادى المضاف لياء المتكلم. قوله: "فهم ذلك من قوله: عرض" نظر فيه سم بأن العروض لا ينافي اللزوم, وقد يقال شأن العارض عدم اللزوم. قوله: "وبين التاء والألف" مشى ابن الحاجب على جواز الجمع بينهما؛ لأنه جمع بين عوضين بخلاف ما قبله سم أي: فإن فيما قبله جمعا بين العوض والمعوض عنه وفي

ج / 3 ص -235-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
930-

أَيَا أَبَتِي لا زِلت فِينا فإنَّما               لنَا أَمَلٌ في العيشِ ما دُمتَ عائِشا

فضرورة, وكذا قوله:
931-

يا أَبَتا َعَلَّكَ أو عَسَاكَا

وهو أهون من الجمع بين التاء والياء لذهاب صورة المعوض عنه. وقال في شرح الكافية الألف فيه هي الألف التي يوصل بها آخر المنادى إذا كان بعيدًا أو مستغاثًا به أو مندوبًا، وليست بدلًا من ياء المتكلم، وجوز الشارح الأمرين. الثاني: اختلف في جواز ضم التاء في يا أبت ويا أمت فأجازه الفراء وأبو جعفر النحاس، ومنعه الزجاج، ونقل عن الخليل أنه سمع من العرب من يقول: يا أبت ويا أمت بالضم، وعلى هذا فيكون في ندائهما عشر لغات: الست السابقة في نحو: يا عبد، وهذه الأربعة, أعني تثليث التاء والجمع بينهما وبين الألف في نحو: يا أبتا على ما مر. الثالث: يجوز إبدال هذه التاء هاء وهو يدل على أنها تاء التأنيث قال في التسهيل وجعلها هاء في الخط والوقف جائز، وقد قرئ بالوجهين في السبع, ورسمت في المصحف بالتاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 قوله: بين عوضين تغليب؛ لأن الألف بدل عن الياء لا عوض عنها كما مر, ووقع للبعض خطأ فاحش في تقرير مذهب ابن الحاجب فانظره. قوله: "التي يوصل بها آخر المنادى إلخ" أي: بناء على القول بجواز ذلك في المنادى البعيد والمستغاث والمندوب.
قوله: "وجوز الشارح الأمرين" أي: كونها عوضًا عن الياء وكونها التي يوصل بها آخر المنادى. قوله: "على ما مر" أي: على القول الذي مر عن شرح الكافية أن هذه الألف هي التي يوصل بها آخر المنادى المتقدم وليست بدلًا عن ياء المتكلم, لا على القول بأنها بدل عن ياء المتكلم؛ لأن الجمع على هذا ضرورة كالجمع بين الياء والتاء لا لغة حتى تعد في اللغات, وإلا كانت إحدى عشرة لغة بزيادة الجمع بين الياء والتاء, وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "إبدال هذه التاء هاء" أي: في الوقف. قوله: "على أنها تاء التأنيث" أي: بحسب الأصل. قوله: "ورسمت في المصحف بالتاء" أي: فرسمها بالتاء أولى كما قاله الدماميني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
930- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 178؛ والمقاصد النحوية 4/ 251.
931- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 164؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433؛ وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90؛ والكتاب 2/ 375؛ والمقاصد النحوية 4/ 252؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ والإنصاف 1/ 222؛ والجنى الداني ص446، 470؛ والخصائص 2/ 96؛ والدرر 2/ 159؛ ورصف المباني ص29، 249، 355؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502؛ وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 78، 9/ 33؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 14/ 349 "روي"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص130؛ والمقتضب 3/ 71؛ ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699؛ وهمع الهوامع 1/ 132.

 

ج / 3 ص -236-        أسماء لازمت النداء:

وَفُلُ بعض ما يخصُّ بالنِّدا                           لُؤمانْ نَومانُ كذا واطَّرَدَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسماء لازمت النداء:
"وفل بعض ما يخص بالندا" أي: لا يستعمل في غير النداء, ويقال للمؤنثة: يا فلة, واختلف فيهما فمذهب سيبويه أنهما كنايتان عن نكرتين، ففل كناية عن رجل وفلة كناية عن امرأة، ومذهب الكوفيين أن أصلهما فلان وفلانة فرخما، ورده الناظم بأنه لو كان مرخمًا لقيل فيه فلا ولما قيل في التأنيث فلة. وذهب الشلوبين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن فل وفلة كناية عن العلم نحو: زيد وهند بمعنى فلان وفلانة، وعلى ذلك مشى الناظم وولده. قال الناظم في شرح التسهيل وغيره: أن يا فل بمعنى يا فلان ويا فلة بمعنى يا فلانة، قال: وهما الأصل فلا يستعملان منقوصين في غير نداء إلا في ضرورة فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم, وأن أصلهما فلان وفلانة، وخالفهم في الترخيم ورده بالوجهين السابقين و"لؤمان" بالهمز وضم اللام، وملأم وملأمان بمعنى عظم اللؤم و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسماء لازمت النداء:
يجوز كون لازمت فعلًا ماضيًا كضاربت وكونه اسم فاعل كضاربة مضافًا إلى النداء أو منونًا ناصبًا النداء على المفعولية سم. قوله: "بعض ما يخص بالنداء" أشار إلى أن هناك ألفاظًا أخر تختص بالنداء كأبت وأمت. قوله: "أي: لا يستعمل في غير النداء" أشار به إلى أن الباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "عن نكرتين" أي: من جنس الإنسان لا مطلقًا. قوله: "بأنه لو كان" أي: المذكور من فل وفلة مرخمًا أي: مرخم فلان وفلانة لقيل فيه أي: في بعضه وهو فل بقرينة ما بعده فلا؛ لأنه لا يحذف في الترخيم مع الآخر ما قبله من حرف مد زائد إلا إذا كان المرخم خماسيا فصاعدًا وفلان على أربعة أحرف فحق ترخيمه يا فلا. وقوله: ولما قيل في التأنيث فلة أي: بل كان يقال فلان, وكان الأخصر والأوضح أن يقول: ورده الناظم بأنهما لو كانا مرخمين لقيل في الأول فلا وفي الثاني فلان.
قوله: "وذهب الشلوبين إلخ" الفرق بين هذا المذهب ومذهب الكوفيين مع أنهما كنايتان عن العلم عند الكوفيين, أيضًا اعتبار الترخيم عندهم دون الشلوبين ومن معه. قوله: "كناية عن العلم" أي: الشخصي لمن يعقل وكأن الظاهر كنايتان. قوله: "وهما الأصل" المراد بالأصل هنا وفي قوله الآتي وأن أصلهما فلان وفلانة ما كانا عليه قبل تخفيفهما بحذف الألف والنون لا بالترخيم, والحاصل أن الشلوبين والناظم ومن وافقهما يقولون هما كنايتان عن العلم وأصلهما فلان وفلانة فدخلهما مجرد الحذف تخفيفًا لا ترخيمًا. والكوفيون يقولون هما كنايتان عن العلم وأصلهما فلان وفلانة فدخلهما خصوص الترخيم. وبهذا تعلم أن قول البعض فيما كتبه قبيل

 

ج / 3 ص -237-                                  في سَبِّ الانْثَى وَزْنُ يا خَباثِ        والأَمْرُ هكذا مِنَ الثلاثِي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"نومان" بفتح النون بمعنى كثير النوم "كذا" أي: مما يختص بالنداء.
تنبيهان: الأول الأكثر في بناء مفعلان نحو: ملأمان أن يأتي في الذم، وقد جاء في المدح نحو: يا مكرمان حكاه سيبويه والأخفش، ويا مطيبان. وزعم ابن السيد أنه يختص بالذم, وأن مكرمان تصحيف مكذبان وليس بشيء. الثاني: قال في شرح الكافية: إن هذه الصفات مقصورة على السماع بإجماع وتبعه ولده، وهو صحيح في غير مفعلان فإن فيه خلافًا، أجاز بعضهم القياس عليه فتقول: يا مخبثان وفي الأنثى يا مخبثانة "واطردا في سب الأنثى وزن" يا فعال نحو: "يا خباث" يا لكاع يا فساق وأما قوله:
932-

أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي                             إلى بيت قَعِيدتُهُ لَكاعِ

فضرورة "والأمر هكذا" أي: اسم فعل الأمر مطرد "من الثلاثي" عند سيبويه نحو:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة أن مادة فلان مخالفة لمادة فل عند المصنف, كما أن الأمر كذلك على مذهب سيبويه الصحيح فيه نظر. قوله: "بالهمز" أي: الساكن. قوله: "أي: مما يختص بالنداء" بيان لوجه الشبه. قوله: "يا مكرمان" بفتح الراء زكريا، وهو العزيز المكرم. دماميني. قوله: "تصحيف مكذبان" أي: تحريفه وسماه تصحيفًا لقربه من التصحيف لقرب رسم الدال من رسم الراء وقرب رسم الباء من رسم الميم المخلوطة بما بعدها. قوله: "وليس بشيء" مع أنه يبقى عليه مطيبان إلا أن يمنع وروده.
قوله: "مقصورة على السماع" ويؤخذ ذلك من تعبيره بالاطراد فيما بعدها دونها. قوله: "وهو" أي: الاجماع. قوله: "فتقول يا مخبثان إلخ" قضيته عدم سماع مخبثان ويعكر عليه قول الهمع الذي سمع منه أي: من مفعلان ستة ألفاظ: مكرمان وملأمان ومخبثان وملكعان ومطيبان ومكذبان. قال: وحكى ابن سيده رجل مكرمان وملأمان وامرأة ملأمانة فمنهم من أجاز استعماله في غير النداء بقلة وخرجه أبو حيان على إضمار القول وحرف النداء, والأصل رجل مقول فيه يا مكرمان. قوله: "وزن يا فعال" أي: موازن ثاني يا فعال وكذا يقال في قوله الآتي: وشاع في سب الذكور وزن يا فعل وفي الإتيان بيا هنا, وفيما يأتي إشارة إلى اختصاص سب الأنثى والذكور المذكورين بالنداء. قوله: "قعيدته" سميت امرأة الرجل قعيدة للزومها البيت لكاع أي: خسيسة.
قوله: "فضرورة" وقيل التقدير: قعيدته يقال لها يا لكاع. قوله: "والأمر هكذا إلخ" وجه ذكره هنا مناسبته لنحو: خباث المتعلق بما هنا في وزنه وبنائه على الكسر وشروطه سم أي: فذكره هنا من باب الاستطراد وقوله: هكذا أي:
كخباث في الوزن لا في النداء. قوله: "أي: اسم فعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
932- البيت من الوافر، وهو للحطيئة في ملحق ديوانه ص156، وجمهرة اللغة ص662؛ وخزانة الأدب 2/ 404، 405؛ والدرر 1/ 254؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 4/ 57؛ والمقاصد النحوية 1/ 473، 4/ 229؛ ولأبي الغريب النصري في لسان العرب 8/ 323 "لكع"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 45؛ والدرر 3/ 39؛ وشرح شذور الذهب ص120؛ وشرح ابن عقيل ص76؛ والمقتضب 4/ 238؛ وهمع الهوامع 1/ 82، 178.

ج / 3 ص -238-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزال وتراك من نزل وترك.
تنبيهان: الأول أهمل الناظم من شروط القياس على هذا النوع أربعة شروط: الأول أن يكون مجردًا فأما غير المجرد فلا يقال منه إلا ما سمع نحو: دراك من أدرك. الثاني: أن يكون تاما فلا يبنى من ناقص. الثالث: أن يكون متصرفًا. الرابع: أن يكون كامل التصرف فلا يبنى من يدع ويذر. الثاني ادعى سيبويه سماعه من غير الثلاثي شذوذًا كقرقار من قرقر في قوله:
933-

قالت له رِيحُ الصّبا قَرْقار

وعرعار من عرعر في قوله:
934-

يَدْعُو وَلِيدهمْ بها عَرْعارِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمر" أي: فكلامه على حذف مضافين وقول شيخنا: فكلامه على حذف مضاف أي: ودال الأمر هو مع كونه لا يناسب صنيع الشارح يرد عليه أن دال الأمر أعم من اسم فعل الأمر.
قوله: "من الثلاثي" جعله الشارح مختصا بقوله: والأمر هكذا, مع أنه يعود لما قبله أيضًا فالوجه تعليقه باطرد سم, وعليه فالأمر معطوف على وزن وهكذا حال وعلى صنيع الشارح الأمر مبتدأ هكذا حال ومطرد خبر أو هكذا خبر أول ومطرد خبر ثان. قوله: "عند سيبويه" وقال المبرد: هو مسموع فلا يقال قوام ولا قعاد في قم واقعد, إذ ليس لأحد أن يبتدع صيغة لم تقلها العرب.
قال الأندلسي: ومنع المبرد قوي، فالأولى أن يتأول قول سيبويه هو مطرد على أنه أراد بالاطراد الشياع ا. هـ. دماميني وفي التوضيح مع شرحه والمبرد لا يقيس فيهما أي: في فعال سبا وفعال أمرًا أي: فلا يقال يا قباح قياسًا على فساق ولا قعاد قياسًا على نزال ا. هـ. ومنه يعلم أن الخلاف بين سيبويه والمبرد في فعال سبا وفعال أمرًا, والموافق لهذا أن يجعل قول الشارح عند سيبويه متعلقًا باطرد في كلام المتن ومطرد في كلام الشارح على التنازع وإن كان الأقرب إلى صنيع الشارح تعلقه بمطرد في كلامه فعلم ما في قول البعض أن عند سيبويه متعلق باطرد. قوله: "على هذا النوع" قال البعض: أي: على ما ورد منه أو المراد في هذا النوع وهو اسم الفعل ا. هـ. وهو موافق لقول شيخنا أي: نوع نزال ا. هـ. وقال شيخنا السيد: قوله: على هذا النوع أي: وكذا ما قبله أو يراد بالنوع ما هو على وزن فعال منادى أو اسم فعل ا. هـ. وهذا هو الموافق لما في التوضيح وشرحه فانظره.
قوله: "أن يكون مجردًا" أي: عن الزوائد, وفيه أن هذا معلوم من اشتراط المصنف كونه ثلاثيا؛ لأن الثلاثي عند النحاة لا يشمل المزيد. قوله: "متصرفًا" فخرج نحو: نعم وبئس. قوله: "ادعى سيبويه سماعه" أي: سماع اسم فعل الأمر المبني على الكسر لا بقيد كونه على وزن فعال. قوله: "كقرقار" أي:
صوت وعرعار أي: العب. قوله: "يدعو وليدهم" أي: صغيرهم بها عرعار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
933- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 6/ 307، 309؛ ولسان العرب 5/ 89 "قرر"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 51؛ والكتاب 3/ 276؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77.
934 صدره:

مُتَكنِّفي جَنْبَي عكاظ كِلَيهما

والبيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص56؛ وخزانة الأدب 6/ 312؛ وشرح المفصل 4/ 52؛ ولسان العرب 4/ 561 "عرر"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص197.

 

ج / 3 ص -239-                          وشاعَ في سَبِّ الذكورِ فُعَلُ      ولا تَقِسء وجُرّ في الشعْرِ فُلُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقاس عليه الأخفش. ورد المبرد على سيبويه سماع اسم الفعل من الرباعي. وذهب إلى أن قرقار وعرعار حكاية صوت، وحكاه عن المازني. وحكى المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو مثله. والصحيح ما قاله سيبويه؛ لأن لو كان حكاية صوت لكان الصوت الثاني مثل الأول نحو: غاق غاق فلما قال عرعار وقرقار فخالف لفظ الأول لفظ الثاني علم أنه محمول على عرعر وقرقر "وشاع في سب الذكور" يا "فعل" نحو قولهم: يا فسق يا لكع يا غدر يا خبث "ولا تقس" عليه بل طريقه السماع، واختار ابن عصفور كونه قياسًا ونسب لسيبويه "وجر في الشعر فل" قال الراجز:
935-

في لُجَّةٍ أمْسِكْ فُلانًا عن فُلِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: هلموا للعرعرة وهي لعبة الصبيان ا. هـ. فارضي. ووليد فاعل يدعو كما قاله شيخنا السيد وانظر مرجع ضمير بها. قوله: "حكاية صوت" أي: قرقار حكاية صوت الرعد، وعرعار حكاية صوت الصبيان.
قوله: "لكان الصوت الثاني" أي: لكان اسم الصوت الثاني. وقوله: مثل الأول تصدق المماثلة بأن يقال عرعر وقرقر وبأن يقال عارعار وقارقار. قوله: "علم أنه" أي: ما ذكر محمول على عرعر وقرقر بصيغة الأمر أي: دال عليه دلالة اسم الفعل على الفعل. قوله: "يا فسق إلخ" هي غير منصرفة للوصفية والعدل عن فاسق وألكع وغادر وخبيث. قوله: "يا لكع" ذكر في القاموس من معاني اللكع اللئيم والعبد والأحمق والصغير الوسخ، قيل قد يرد في غير النداء كحديث:
"لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس في الدنيا لكع ابن لكع" وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام في الحسن بن علي رضي الله عنهما: "أين لكع" أي: الصغير. وقيل هو في الحديثين ليس من المختص بالنداء, بل هو فيهما وصف منصرف غير معدول كحطم ومؤنثه لكعة. أما المختص بالنداء فغير منصرف؛ لأنه معدول عن ألكع ومؤنثه لكاع. قوله: "بل طريقه السماع" أي: والمسموع منه الألفاظ الأربعة المذكورة.
قوله: "في لجة" متعلق بتدافع الشيب في بيت آخر. واللجة بفتح اللام اختلاط الأصوات في الحرب. وقوله: أمسك فلانًا عن فل مقول لقول محذوف أي: في لجة مقول فيها أمسك فلانًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
935- الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص407؛ وخزانة الأدب 2/ 389؛ والدرر 3/ 37؛ وسمط اللآلي ص257؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 439؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 5/ 119؛ وشرح شواهد المغني 1/ 450؛ والصاحبي في فقه اللغة 229؛ والطرائف الأدبية ص66؛ والكتاب 2/ 248، 3/ 452؛ ولسان العرب 2/ 355 "لجج"؛ 13/ 324, 325 "فلن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 228؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 43؛ وشرح ابن عقيل ص527؛ وشرح المفصل 1/ 48؛ والمقتضب 4/ 238؛ والمقرب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 177.

ج / 3 ص -240-        ...........................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والصواب أن أصل هذا فلان وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة كقوله:
936-

دَرَسَ المَنا بِمُتالِعٍ فَأبانِ

أي: درس المنازل. وليس هو فل المختص بالنداء إذ معناهما مختلف على الصحيح، كما مر أن المختص بالنداء كناية عن اسم الجنس, وفلان كناية عن علم ومادتهما مختلفة. فالمختص مادته ف ل ى فلو صغرته قلت فلى، وهذا مادته ف ل ن فلو صغرته قلت فلين، وقد تقدم بيان ما ذهب إليه المصنف.
خاتمة: يقال في نداء المجهول والمجهولة يا هن ويا هنة، وفي التثنية والجمع يا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن فل. أي: امنع فلانًا عن فلان. يصف الشاعر إبلًا أقبلت وقد أثارت أيديها الغبار، وشبه تزاحمها ومدافعة بعضها بعضًا بقوم في لجة يدفع بعضهم بعضًا, فيقال أمسك فلانًا عن فلان أي: احجز بينهم. قوله: "والصواب إلخ" اعتراض على قول المصنف: وجرّ في الشعر فل المقتضى أن فل المجرور في الشعر هو فل المحدث عنه وهو المختص بالنداء. قوله: "درس المنا إلخ" درس عفا، ومتالع بضم الميم وبالتاء الفوقية اسم موضع، وكذلك أبان بالموحدة. تصريح. وفي القاموس أن درس يأتي لازمًا بمعنى عفا, ومتعديًا يقال درسته الريح. قوله: "أن المختص" بدل من ما مر أو بيان. وقوله: كناية عن اسم الجنس أي: على قول سيبويه. قوله: "وفلان" أي: الذي هو أصل فل الواقع في البيت مجرورًا أي: وما ثبت لفلان ثبت لفل الواقع في البيت؛ لأن أصله فلان كما مر.
قوله: "فالمختص مادته ف ل ى" أي: بالفك في هذا وما بعده كما في النسخ الصحاح على عادة أهل التصريف إذا أرادوا بيان الحروف الأصول من غير نظر إلى كونه فعلًا أو غيره. قوله: "وقد تقدم بيان ما ذهب إليه المصنف" لعله يشير بهذا إلى الجواب عن الاعتراض على المصنف المذكور بقوله: والصواب إلخ. وحاصله أن هذا التصويب إنما يظهر على مذهب سيبويه؛ لأن اختلاف المعنى والمادة الذي ذكره إنما يأتي على مذهبه دون مذهب المصنف؛ لاتحاد فل وفلان عليه معنى لكون كل عنده كناية عن العلم ومادة لكون أصل فل عنده فلانًا كما مر. وكمذهبه في الاتحاد المذكور مذهب الكوفيين. فدعوى البعض أن المادة مختلفة عند المصنف باطلة فتنبه. قوله: "في نداء المجهول" أي: المجهول اسمه. قوله: "يا هن إلخ" أي: لكن هن في الأصل كناية عن اسم الجنس وإن استعمل كثيرًا كناية عما يستقبح ذكره أو عن الفرج خاصة كما مر في مبحث الأسماء الستة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
931- عجزه:

فتقادمت بالحبس فالسُّوبانِ

والبيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص138؛ والدرر 6/ 308؛ وسمط اللآلي ص13؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح شواهد الشافية ص397؛ ولسان العرب 8/ 37 "تلع"، 13/ 5 "أبن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 246؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 44؛ وهمع الهوامع 2/ 156.