شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك

الإمالة
الألف المبدل من يا في طرف ... أمل كذا الواقع منه اليا خلف
دون مزيد أوشذوذ ولما ... تليه ها التأنيث ما الها عدما
الإمالة: عبارة عن أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء.

(4/182)


وتمال الألف إذا كانت طرفا بدلا من ياء أو صائرة إلى الياء دون زيادة أو شذوذ فالأول كألف رمى ومرمى والثاني كألف ملهى فإنها تصير ياء في التثنية نحو ملهيان.
واحترز بقوله دون مزيد أو شذوذ مما يصير ياء بسبب زيادة ياء التصغير نحو قفى أو في لغة شاذة كقول هذيل في قفا إذا أضيف إلى ياء المتكلم قفى.
وأشار بقوله ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما إلى أن الألف التي وجد فيها سبب الإمالة تمال وإن وليتها هاء التأنيث كفتاة.
وهكذا بدل عين الفعل إن ... يؤل إلى فلت كماضي خف ودن
أي كما تمال الألف المتطرفة كما سبق تمال الألف الواقعة بدلا من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن فلت بكسر الفاء سواء كانت العين واوا كخاف أو ياء كباع وكدان فيجوز إمالتها كقولك خفت ودنت وبعت.

(4/183)


فإن كان الفعل يصير عند إسناده إلى التاء على وزن فلت بضم الفاء امتنعت الإمالة نحو قال وجال فلا تملها كقولك قلت وجلت.
كذاك تالي الياء والفصل اغتفر ... بحرف أو مع ها ك جيبها أدر
كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء متصلة بها نحو بيان أو منفصلة بحرف نحو يسار أو بحرفين أحدهما هاء نحو أدر جيبها فإن لم يكن أحدهما هاء امتنعت الإمالة لبعد الألف عن الياء نحو بيننا والله أعلم.
كذاك ما يليه كمر أو يلي ... تالي كسر أو سكون قد ولى

(4/184)


كسرا وفصل الهاكلا فصل يعد ... فـ "درهماك" من يمله لم يصد
أي كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة نحو عالم أو وقعت بعد حرف يلي كسرة نحو كتاب أو بعد حرفين وليا كسرة أولهما ساكن نحو شملال أو كلاهما متحرك ولكن أحدهما هاء نحو يريد أن يضربها.
وكذلك يمال ما فصل فيه الهاء بين الحرفين اللذين وقعا بعد الكسرة أولهما ساكن نحو هذان درهماك والله أعلم.
وحرف الاستعلا يكف مظهرا ... من كسر أويا وكذا تكف را

(4/185)


إن كان ما يكف بعد متصل ... أو بعد حرف أو بحرفين فصل
كذا إذا قدم ما لم ينكسر ... أو يسكن أثر الكسر كالمطوع مر
حروف الاستعلاء سبعة وهي:الخاء والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والقاف وكل واحد منهما يمنع الإمالة إذا كان سببها كسرة ظاهرة أو ياء موجودة ووقع بعد الألف متصلا بها كساخط وحاصل أو مفصولا بحرف كنافخ وناعق أو حرفين كمناشيط ومواثيق.

(4/186)


وحكم حرف الاستعلاء في منع الإمالة يعطى للراء التي هي غير مكسورة وهي المضمومة نحو هذا عذار والمفتوحة نحو هذان عذاران بخلاف المكسورة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأشار بقوله كذا إذا قدم البيت إلى أن حرف الاستعلاء المتقدم يكف سبب الإمالة ما لم يكن مكسورا أو ساكنا إثر كسرة فلا يمال نحو صالح وظالم وقاتل ويمال نحو طلاب وغلاب وإصلاح.
وكف مستعل ورا ينكف ... بكسر را كغارما لا أجفو
يعني أنه إذا اجتمع حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة مع المكسورة غلبتهما المكسورة وأميلت الألف لأجلها فيمال نحو على أبصارهم ودار القرار.
وفهم منه جواز إمالة نحو حمارك لأنه إذا كانت الألف تمال لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضى لترك الإمالة وهو حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة فإمالتها مع عدم المقتضى لتركها أولى وأحرى.

(4/187)


ولا تمل لسبب لم يتصل ... والكف قد يوجبه ما ينفصل
إذا انفصل سبب الإمالة لم يؤثر بخلاف سبب المنع فإنه قد يؤثر منفصلا فلا يمال أتى قاسم بخلاف أتى أحمد.
وقد أمالوا لتناسب بلا ... داع سواه كعمادا وتلا
قد تمال الألف الخالية من سبب الإمالة لمناسبة ألف قبلها مشتملة على سبب الإمالة كإمالة الألف الثانية من نحو عمادا لمناسبة الألف الممالة قبلها وكإمالة ألف تلا كذلك.

(4/188)


ولا تمل ما لم ينل تمكنا ... دون سماع غيرها وغيرنا
الإمالة من خواص الأسماء المتمكنة فلا يمال غير المتمكن إلا سماعا إلا ها ونا فإنهما يمالان قياسا مطردا نحو يريد أن يضربها ومر بنا.
والفتح قبل كسر راء في طرف ... أمل كللا يسر مل تكف الكلف

(4/189)


كذا الذي تليه ها التأنيث في ... وقف إذا ما كان غير ألف
أي تمال الفتحة قبل الراء المكسورة وصلا ووقفا نحو بشرر وللايسر مل.
وكذلك يمال ما وليه هاء التأنيث من نحو قيمه ونعمه.

(4/190)


التصريف
حرف وشبهه من الصرف برى ... وما سواهما بتصريف حرى
التصريف: عبارة عن علم يبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك.
ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال فأما الحروف وشبهما فلا تعلق لعلم التصريف بها.
وليس أدنى من ثلاثي يرى ... قابل تصريف سوى ما غيرا

(4/191)


يعني أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين إلا إن كان محذوفا منه فأقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف ثم قد يعرض لبعضها نقص كيد وقل وم الله وق زيدا.
ومنتهى أسم خمس أن تجردا ... وإن يزد فيه فما سبعا عدا
الاسم قسمان: مزيد فيه ومجرد عن الزيادة.
فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقط وضعا وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو إحر نجام واشهيباب.
والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطا في أصل الوضع.
وهو إما ثلاثي كفلس أو رباعي كجعفر وإما خماسي وهو غايته كسفرجل.

(4/192)


وغير آخر الثلاثي افتح وضم ... وأكسر وزد تسكين ثانيه تعم
العبرة في وزن الكلمة بما عدا الحرف الأخير منها وحينئذ فالاسم الثلاثي إما أن يكون مضموم الأول أو مكسورة أو مفتوحة وعلى كل من هذه التقادير إما أن يكون مضموم الثاني أو مكسوره أو مفتوحة أو ساكنة فيخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة وذلك نحو قفل وعنق ودئل وصرد ونحو علم وحبك وإبل وعنب ونحو فلس وفرس وعضد وكبد.
وفعل أهمل والعكس يقل ... لقصدهم تخصيص فعل بفعل

(4/193)


يعني أن من الأبنية الاثنى عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل.
فالأول: ما كان على وزن فعل بكسر الأول وضم الثاني وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات حبك.
والثاني: ما كان على وزن فعل بضم الأول وكسر الثاني كدئل وإنما قل ذلك في الأسماء لأنهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يسم فاعله كضرب وقتل.
وافتح وضم واكسر الثاني من ... فعل ثلاثي وزد نحو ضمن
ومنتهاه أربع إن جردا ... وإن يزد فيه فما ستا عدا
الفعل ينقسم إلى مجرد وإلى مزيد فيه كما انقسم الاسم إلى ذلك

(4/194)


وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف وأكثر ما ينتهي في الزيادة إلى ستة وللثلاثي المجرد أربعة أوزان ثلاثة لفعل الفاعل وواحد لفعل المفعول فالتي لفعل الفاعل فعل بفتح العين كضرب وفعل بكسرها كشرب وفعل يضمها كشرف.
والذي لفعل المفعول فعل بضم الفاء وكسر العين كضمن.
ولا تكون الفاء في المبنى للفاعل إلا مفتوحة ولهذا قال المصنف وافتح وضم واكسر الثاني فجعل الثاني مثلثا وسكت عن الأول فعلم أنه يكون على حالة واحدة وتلك الحالة هي الفتح.
وللرباعي المجرد ثلاثة أوزان واحد لفعل الفاعل كدحرج وواحد لفعل المفعول كدحرج وواحد لفعل الأمر كدحرج.
وأما المزيد فيه فإن كان ثلاثيا صار بالزيادة على أربعة أحرف كضارب أو على خمسة كانطلق أو على ستة كاستخرج وإن كان رباعيا صار بالزيادة على خمسة كتدحرج أو على ستة كاحر نجم.

(4/195)


لاسم مجرد رباع فعلل ... وفعلل وفعلل وفعلل
ومع فعل فعلل وإن علا ... فمع فعلل حوى فعلللا
كذا فعلل وفعلل وما ... غاير للزيد أو النقص انتمى
الاسم الرباعي المجرد له ستة أوزان:
الأول: فعلل بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه نحو جعفر.

(4/196)


الثاني: فعلل بكسر أوله وثالثه وسكون ثانيه نحو زبرج.
الثالث: فعلل بكسر أوله وسكون ثانية وفتح ثالثه نحو درهم وهجرع.
الرابع: فعلل بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه نحو برثن.
الخامس: فعل بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه نحو هزبر.
السادس: فعلل بضم أوله وفتح ثالثه وسكون ثانيه نحو جخدب.
وأشار بقوله فإن علا إلخ إلى أبنية الخماسي وهي أربعة:
الأول: فعلل بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه وفتح رابعه وسفرجل.
الثاني: فعللل بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وكسر رابعه نحو جحمرش.
الثالث: فعلل بضم أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه وكسر رابعه نحو قذعمل.

(4/197)


الرابع: فعلل بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وسكون رابعه نحو قرطعب.
وأشار بقوله وما غاير إلخ إلى أنه إذا جاء شيء على خلاف ما ذكر فهو إما ناقص وإما مزيد فيه فالأول كيد ودم والثاني كاستخراج واقتدار.
والحرف إن يلزم فأصل والذي ... لا يلزم الزائد مثل تا احتذى
الحرف الذي يلزم تصاريف الكلمة هو الحرف الأصلي والذي يسقط في بعض تصاريف الكلمة هو الزائد نحو ضارب ومضروب.
بضمن فعل قابل الأصول في ... وزن وزائد بلفظه اكتفى

(4/198)


وضاعف اللام إذا أصل بقى ... كراء جعفر وقاف فستق
إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام فيقابل أولها بالفاء وثانيها بالعين وثالثها باللام فإن بقي بعد هذه الثلاثة أصل عبر عنه باللام.
فإن قيل ما وزن ضرب فقل فعل وما وزن زيد فقل فعل وما وزن جعفر فقل فعلل وما وزن فستق فقل فعلل وتكرر اللام على حسب الأصول.
وإن كان في الكلمة زائد عبر عنه بلفظه فإذا قيل ما وزن ضارب فقل فاعل وما وزن جوهر فقل فوعل وما وزن مستخرج فقل مستفعل.
هذا إذا لم يكن الزائد ضعف حرف أصلي فإن كان ضعفه عبر عنه بما عبر به عن ذلك الأصلي وهو المراد بقوله.

(4/199)


وإن يك الزائد ضعف أصلى ... فاجعل له في الوزن ما للأصل
فتقول في وزن أغد ودن افعوعل فتعبر عن الدال الثانية بالعين كما عبرت بها عن الدال الأولى لأن الثانية ضعفها وتقول في وزن قتل فعل ووزن كرم فعل فتعبر عن الثاني بما عبرت به عن الأول ولا يجوز أن تعبر عن هذا الزائد بلفظه فلا تقول في وزن أغدودن افعودل ولا في وزن قتل فعتل ولا في وزن كرم فعول.
واحكم بتأصيل حروف سمسم ... ونحوه والخلف في كلملم

(4/200)


المراد بسمسم الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه ولم يكن أحد المكررين صالحا للسقوط فهذا النوع يحكم على حروفه كلها بأنها أصول فإذا صلح أحد المكررين للسقوط في الحكم عليه بالزيادة خلاف وذلك نحو لملم أمر من لملم وكفكف أمر من كفكف فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط بدليل صحة لم وكف فاختلف الناس في ذلك فقيل هما مادتان وليس كفكف من كف ولا لملم من لم فلا تكون اللام والكاف زائدتين وقيل اللام زائدة وكذا الكاف وقيل هما بدلان من حرف مضاعف والأصل لمم وكفف ثم أبدل من أحد المضاعفين لام في لملم وكاف في كفكف.
فألف أكثر من أصلين ... صاحب زائد بغير مين
إذا صحبت الألف ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها نحو ضارب

(4/201)


وغضبي فإن صحبت أصلين فقط فليست زائدة بل هي إما أصل كإلى وإما بدل من أصل كقال وباع.
واليا كذا والواو إن لم يقعا ... كما هما في يؤيؤ ووعوعا
أي كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول فإنه يحكم بزيادتهما إلا في الثنائي المكرز.
فالأول: كصيرف ويعمل وجوهر وعجوز.
والثاني: كيؤيؤ لطائر ذي مخلب ووعوعة مصدر وعوع إذا صوت

(4/202)


فالياء والواو في الأول زائدتان وفي الثاني أصليتان.
وهكذا همز وميم سبقا ... ثلاثة تأصيلها تحققا
أي كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تقدمتا على ثلاثة أحرف أصول كأحمد ومكرم فإن سبقا أصلين حكم بأصالتهما كإبل ومهد.
كذاك همز آخر بعد ألف ... أكثر من حرفين لفظها ردف
أي كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدمها أكثر من حرفين نحو حمراء وعاشوراء وقاصعاء.

(4/203)


فإن تقدم الألف حرفان فالهمزة غير زائدة نحو كساء ورداء فالهمزة في الأول بدل من واو وفي الثاني بدل من ياء وكذلك إذا تقدم على الألف حرف واحد كماء وداء.
والنون في الآخر كالهمز وفي ... نحو غضنفر أصالة كفى
النون إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدمها أكثر من حرفين حكم عليها بالزيادة كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك وذلك نحو زعفران وسكران.
فإن لم يسبقها ثلاثة فهي أصلية نحو مكان وزمان.
ويحكم أيضا على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كغضنفر.

(4/204)


والتاء في التأنيث والمضارعة ... ونحو الاستفعال والمطاوعة
تزاد التاء إذا كانت للتأنيث كقائمة وللمضارعة نحو أنت تفعل أو مع السين في الاستفعال وفروعه نحو استخراج ومستخرج واستخرج أو مطاوعة فعل نحو علمته فتعلم أو فعلل كتدحرج.
والهاء وقفا كلمه ولم تره ... واللام في الإشارة المشتهره
تزاد الهاء في الوقف نحو لمه ولم تره وقد سبق في باب الوقف بيان ما تزاد فيه وهو ما الاستفهامية المجرورة والفعل المحذوف اللام للوقف نحو ره أو المجزوم نحو لم تره وكل مبنى على حركة نحو كيفه إلا ماقطع عن الإضافة كقبل وبعد واسم لا التي لنفي الجنس نحو لا رجل والمنادى نحو يا زيد والفعل الماضي نحو ضرب.

(4/205)


واطرد أيضا زيادة اللام في أسماء الإشارة نحو ذلك وتلك وهنالك.
وامنع زيادة بلا قيد ثبت ... إن لم تبين حجة كحظلت
إذا وقع شيء من حروف الزيادة العشرة التي يجمعها قولك سألتمونيها خاليا عما قيدت به زيادته فاحكم بأصالته إلا إن قام على زيادته حجة بينة كسقوط همزة شمأل في قولهم شملت الريح شمولا إذا هبت شمالا وكسقوط نون حنظل في قولهم حظلت الإبل إذا آذاها أكل الحنظل وكسقوط تاء ملكوت في الملك.

(4/206)