شرح الأشموني على ألفية ابن مالك

ج / 1 ص -165-        الْمُعَرَّفُ بِأَدَاةِ الْتَّعرِيفِ:
"الخلاف بين سيبويه والخليل في حرف التعريف، وأدلة المذهبين":
106-

أل حرف تعريف أو اللام فقط                     فنمط عرفت قل فيه "النمط"

"أَلْ" بجملتها "حَرْفُ تَعْرِيفٍ" كما هو مذهب الخليل وسيبويه، على ما نقله عنه في التسهيل وشرحه "أَوْ اللاَّمُ فَقَطْ" كما هو مذهب بعض النحاة، ونقله في شرح الكافية عن سيبويه "فَنَمَطٌ عَرَّفْتَ قُلْ فِيهِ النَّمَطْ" فالهمزة على الأول -عند الأول- همزة قطع أصلية، وصلت لكثرة الاستعمال، وعند الثاني زائدة معتد بها في الوضع، وعلى الثاني همزة وصل زائدة لا مدخل لها في التعريف، وقول الأول أقرب، لسلامته من دعوى الزيادة فيما لا أهلية فيه للزيادة، وهو الحرف، وللزوم فتح همزته، وهمزة الوصل مكسورة وإن فتحت فلعارض كهمزة "أيمن الله"، فإنها فتحت لئلا ينتقل من كسر إلى ضم دون حاجز حصين، وللوقف عليها في التذكر، وإعادتها بكمالها حيث اضطر إلى ذلك، كقوله "من الرمل":
124-

يَا خَلِيْلَيَّ ارْبَعَا وَاسْتَخْبِرَا الْـ                       ـمَنْزِلَ الْدَّارِسَ عَنْ حي حِلاَلِ

مِثْلَ سَحْقِ الْبُرْدِ عَفَّى بَعْدَكَ الْـ                  ـقَطْرُ مَغْنَاهُ وَتَأْوِيبُ الْشَّمَالِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
124- التخريج: البيتان لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص120؛ وخزانة الأدب 7/ 198، 5/ 207؛ والخصائص 2/ 255؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 333؛ وشرح المفصل 9/ 17؛ والمقاصد النحوية 1/ 511؛ وبلا نسبة في المنصف 1/ 66.
اللغة: الخليل: الصديق الصدوق. اربعا: أقيما، قفا. الحلال: المقيم فيه. السحق: الثوب البالي. =

 

ج / 1 ص -166-        وكقوله "من الرجز":
125-

دَعْ ذَا وَعَجِّلْ ذَا وَأَلحِقْنَا بِذَا الْ                      بالشَّحْمِ إِنَّا قَدْ مَلِلْنَاهُ بَجَلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= البرد: الثوب المخطط. عفى: محا. القطر الماء أو المطر. المغني: المنزل. تأويب: رجوع. الشمال: الريح الشمالية.
المعنى: يخاطب الشاعر خليليه مستوقفا إياهما لاستخبار منزل أحبته الدارس والذي طمسته الرياح فأضحى كالثوب البالي.
الإعراب: يا: حرف نداء. خليلي: منادى منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. اربعا: فعل أمر مبني على حذف النون، و"الألف": ضمير في محل رفع فاعل. واستخبرا: "الواو": حرف عطف، "استخبرا": معطوف على "اربعا" وتعرب إعرابها. المنزل: مفعول به منصوب بالفتحة. الدارس: نعت "المنزل" منصوب بالفتحة. عن حي: جار ومجرور متعلقان بـ"استخبرا". حلال: نعت "حي" مجرور بالكسرة. مثل: حال منصوب، وهو مضاف. سحق: مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. البرد: مضاف إليه مجرور بالكسرة. عفى: فعل ماض. بعدك: ظرف مكان متعلق بـ"عفى"، وهو مضاف، و"الكاف": ضمير في محل جر بالإضافة. القطر: فاعل مرفوع بالضمة. مغناه: مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. وتأويب: "الواو": حرف عطف, "تأويب": معطوف على "القطر" مرفوع، وهو مضاف. الشمال: مضاف إليه مجرور.
وجملة "يا خليلي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "اربعا": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "استخبرا": معطوفة على جملة "اربعا".
الشاهد: قوله: "المنزل... القطر" حيث فصلت "أل" التعريف عن المعرف في أول كلا الشطرين، وهذا دليل، بحسب رأي سيبويه، على أن التعريف هو "أل" وليس اللام وحدها.
125- التخريج: الرجز لغيلان بن حريث في الدرر 1/ 245؛ والكتاب 4/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 510؛ ولحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 369؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص41، 70، 153؛ والكتاب 3/ 325؛ واللامات ص41؛ ولسان العرب 15/ 6 "طرا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص121؛ والمقتضب 1/ 84، 2/ 94؛ والمنصف 1/ 66؛ وهمع الهوامع 1/ 79.
اللغة: بجل: حسب، يكفي.
الإعراب: دع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنت". ذا: اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به. وعجل ذا": تعرب إعراب: "دع ذا". وألحقنا: "الواو": حرف عطف، "ألحقنا": فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنت"، و"نا": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. بذا: جار ومجرور متعلقان بـ"ألحق". بالشحم: جار ومجرور بدل من سابقه. إنا: حرف مشبه بالفعل، و"نا": ضمير متصل مبني في محل نصب اسم "إن". قد: حرف تحقيق. مللناه: فعل ماض، و"نا": ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به. بجل: اسم فاعل مضارع بمعنى "يكفي"، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو".
وجملة "دع": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عجل": معطوفة على سابقتها. وجملة =

 

ج / 1 ص -167-        ودليل الثاني شيئان:
الأول: هو أن المعرف يمتزج بالكلمة حتى يصير كأحد أجزائها، ألا ترى أن العامل يتخطاه، ولو أنه على حرفين لما تخطاه؟ وأن قولك: "رجل" و"الرجل" في قافيتين لا يعد إيطاء، ولو أنه ثنائي لقام بنفسه.
الثاني: أن التعريف ضد التنكير، وعلم التنكير حرف أحادي، وهو التنوين، فليكن مقابله كذلك.
وفيهما نظر؛ وذلك لأن العامل يتخطى "ها" التنبيه في قولك: "مررت بهذا" وهو على حرفين، وأيضا فهو لا يقوم بنفسه، و"لا" الجنسية من علامات التنكير وهي على حرفين، فهلا حمل المعرف عليها؟
"أنواع أل التعريف":
واعلم أن اسم الجنس الداخل عليه أداة التعريف قد يشار به إلى نفس حقيقته الحاضرة في الذهن، من غير اعتبار لشيء مما صدق عليه من الأفراد، نحو: "الرجل خير من المرأة" فالأداة في هذا لتعريف الجنس، ومدخولها في معنى علم الجنس.
وقد يشار به إلى حصة مما صدق عليه من الأفراد معينة في الخارج ، لتقدم ذكرها في اللفظ صريحا أو كناية، نحو:
{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}1 فالذكر تقدم ذكره في اللفظ مكنيا عنه بما في قولها: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}2 فإن ذلك كان خاصا بالذكور، والأنثى تقدم ذكرها صريحا في قولها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى}3، أو لحضور معناها في علم المخاطب، نحو: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}4، أو حسه، نحو: "القرطاس" لمن فوق سهما، فالأداة لتعريف العهد الخارجي، ومدخولها في معنى علم الشخص.
وقد يشار به إلى حصة غير معينة في الخارج، بل في الذهن، نحو قولك: "ادخل السوق" حيث لا عهد بينك وبين مخاطبك في الخارج، ومنه:
{وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= "ألحقنا": معطوفة على الجملة الأولى. وجملة "إنا قد مللناه": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "مللناه": في محل رفع خبر "إن".
الشاهد: قول: "بذال" حيث فصل "أل" التعريف عن المعرف عند اضطراره إلى ذلك لإقامة الوزن ثم أعادها فيما بعد مع حرف الجر "بالشحم"، وهذا دليل بحسب سيبويه أن أداة التعريف هي "أل" لا اللام وحدها.
1 آل عمران: 36.
2 آل عمران: 35.
3 آل عمرن: 36.
4 التوبة: 40.
5 يوسف: 13.

 

ج / 1 ص -168-        والأداة فيه لتعريف العهد الذهني، ومدخولها في معنى النكرة، ولهذا نعت بالجملة في قوله "من الكامل":
126-

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيْمِ يَسُبُّنِي                 "فمضيت ثمت قلت لا يعنيني"

وقد يشار به إلى جميع الأفراد على سبيل الشمول: إما حقيقة، نحو: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}1، أو مجازا، نحو: "أنت الرجل علما وأدبا"، فالأداة في الأول لاستغراق أفراد الجنس ولهذا صح الاستثناء منه، وفي الثاني لاستغراق خصائصه مبالغة، ومدخول الأداة في ذلك في معنى نكرة دخل عليها "كل".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
126- التخريج: البيت لرجل من سلول في الدرر 1/ 78؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 1/ 310؛ والكتاب 3/ 24؛ والمقاصد النحوية 4/ 58؛ ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص126؛ ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص171؛ وبلا نسبة في الأزهية ص263؛ والأشباه والنظائر 3/ 90؛ والأضداد ص132؛ وأمالي ابن الحاجب ص631؛ وجواهر الأدب ص307؛ وخزانة الأدب 1/ 357، 358، 3/ 201، 4/ 207، 208، 5/ 23، 503، 7/ 197، 9/ 197، 9/ 119، 383؛ والخصائص 2/ 338، 3/ 330؛ والدرر 6/ 154؛ وشرح شواهد الإيضاح ص221؛ وشرح شواهد المغني 2/ 841؛ وشرح ابن عقيل ص475؛ والصاحبي في فقه اللغة ص219؛ ولسان العرب 12/ 781 "ثم"، 15/ 296 "منن"، ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 465؛ وهمع الهوامع 1/ 9، 2/ 140.
شرح المفردات: اللئيم: الدنيء، الخسيس. يعنيني: يقصدني.
الإعراب: "ولقد": الواو بحسب ما قبلها، واللام رابطة جواب القسم، و"قد" للتحقيق. "أمر": فعل مضارع مرفوع، وفاعله... وجوبا "أنا". "على اللئيم": جار ومجرور متعلقان بـ"أمر". "يسبني": فعل مضارع مرفوع، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به، وفاعله... جوازا "هو". "فمضيت": الفاء حرف عطف، "مضيت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "ثمت": حرف عطف، والتاء للتأنيث. "قلت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "لا": حرف نفي. "يعنيني": فعل مضارع، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به. وفاعله... جوازا تقديره: "هو".
وجملة: "يسبني" في محل جر نعت "اللئيم". وجملة: "مضيت" معطوفة على جملة "أمر"، فهي مثلها لا محل لها من الإعراب. وجملة: "قلت" معطوفة لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا يعنيني" في محل نصب مفعول به.
الشاهد: قوله: "على اللئيم يسبني" حيث جاءت جملة "يسبني" نعتا للمعرفة "اللئيم" والذي سوغ ذلك هو أن "أل" جنسية، فالمنعوت نكرة معنى لا لفظا. وأجاز ابن مالك أن تكون الجملة حالا. وفي البيت شاهد آخر للنحاة، وهو تعين الفعل المضارع للمضي إذا عطف الفعل الماضي عليه.
1 العصر: 2.

 

ج / 1 ص -169-        "أل الزائدة":
107-

وقد تزاد لازما كالات                             والآن والذين ثم اللات

108-

ولا ضطرار كبنات الأوبر               كذا "وطبت النفس يا قيس" السري

"وَقَدْ تُزادُ" "أل" كما يزاد غيرها من الحروف؛ فتصحب معرفا بغيرها، وباقيا على تنكيره؛ وتزاد "لاَزِما"، وغير لازم؛ فاللازم في ألفاظ محفوظة، وهي الأعلام التي قارنت "أل" وضعها "كَالَّلاتِ" والعزى، على صنمين، والسموءل، واليسع، علمي رجلين "وَ" الإشارة، نحو: "الآنَ" للزمن الحاضر، بناء على أنه معرف بما تعرفت به أسماء الإشارة لتضمنه معناها، فإنه جعل في التسهيل ذلك علة بنائه، وهو قول الزجاج، أو أنه متضمن معنى أداة التعريف؛ ولذلك بني، لكنه رده في شرح التسهيل، أما على القول بأن الأداة فيه لتعريف الحضور فلا تكون زائدة "وَالَّذِينَ ثُم اللاَّتِي" وبقية الموصولات مما فيه "أل"، بناء على أن الموصول يتعرف بصلته، وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بـ"أل" إن كانت فيه، نحو "الذي"، وإلا فبنيتها، نحو: "من" و"ما" إلا "أيا" فإنها تتعرف بالإضافة، فعلى هذا لا تكون "أل" زائدة.
وغير اللازم على ضربين: اضطراري، وغيره، وقد أشار إلى الأول بقوله:
"وَلاِضْطِرَارٍ" أي: في الشعر "كَبَنَاتِ الأَوبَرِ" في قوله "من الكامل":
127-

وَلَقَدْ جَنيْتُك أَكْمُؤا وَعَسَاقِلا                      وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الأَوْبَرِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
127- التخريج: البيت بلا نسبة في الاشتقاق ص402؛ والإنصاف 1/ 319؛ وتخليص الشواهد ص167؛ وجمهرة اللغة ص331؛ والخصائص 3/ 58؛ ورصف المباني ص78؛ وسر صناعة الإعراب ص366؛ وشرح التصريح 1/ 151؛ وشرح شواهد المغني 1/ 166؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، 4/ 170 "حجر"، 4/ 385 "سور"، 4/ 622 "عير"، 5/ 271 "وبر"، 6/ 271 "جحش"، 11/ 7 "أبل"، 11/ 159 "حفل"، 11/ 448 "عسقل"، 12/ 18 "اسم"، 14/ 155 "جنى"، 15/ 309 "نجا"؛ والمحتسب 2/ 224؛ ومغني اللبيب 1/ 52، 220؛ والمقاصد النحوية 1/ 498؛ والمقتضب 4/ 48؛ والمنصف 3/ 134.
شرح المفردات: جنى الثمرة: قطفها من الشجرة. الأكمؤ: ج الكمأة، وهي نوع من الفطر، يعرف أيضا بـ"شحم الأرض" أو "جدري الأرض" يؤكل مشويا أو مطبوخا. العساقل: ج العسقول، وهو نوع من الكمأة. بنات الأوبر: نوع من الكمأة صغار فيها شعر صغير، بلون التراب، رديئة الطعم تشبه اللفت.
الإعراب: "ولقد": الواو بحسب ما قبلها، واللام موطئة للقسم، "قد": حرف تحقيق. "جنيتك": =

 

ج / 1 ص -170-        أراد "بنات أوبر"؛ لأنه علم على ضرب من الكمأة رديء، كما نص عليه سيبويه، وزعم المبرد أن "بنات أوبر" ليس بعلم، فـ"أل" عنده غير زائدة، بل معرفة و"كَذَا" من الاضطراري زيادتها في التمييز، نحو: "وطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ السَّرِي" في قوله "من الطويل":
128-

رَأَيْتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجُوهَنَا           صَدَدْتَ وَطِبْتَ النَّفْس يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو

أراد "طبت نفسا"؛ لأن التمييز واجب التنكير، خلافا للكوفيين.
وأشار إلى الثاني بقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= فعل ماض والتاء فاعل، والكاف في محل نصب مفعول به. "اكمؤا": مفعول به ثان منصوب. "وعساقلا": الواو: حرف عطف، "عساقلا": معطوف على "أكمؤا": منصوب مثله بالفتحة: "ولقد": الواو حرف عطف، واللام موطئة للقسم. "قد": حرف تحقيق. "نهيتك": فعل ماض، والتاء فاعل، والكاف في محل نصب مفعول به. "عن بنات": جار ومجرور متعلقان بـ"نهيتك" وهو مضاف. "الأوبر": مضاف إليه مجرور.
الشاهد: قوله: "بنات الأوبر" حيث زاد "أل" على العلم مضطرا، لأن "بنات أوبر" علم على نوع من الكمأة رديء. والعلم لا تدخله "أل" فرارا من اجتماع معرفين: العلمية و"أل"، فزادها هنا للضرورة.
128- التخريج: البيت لرشيد بن شهاب في الدرر 1/ 249؛ وشرح اختيارات المفضل ص1325؛ وشرح التصريح 1/ 151، 394؛ والمقاصد النحوية 1/ 502، 3/ 225؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص168؛ والجنى الداني ص198؛ وجواهر الأدب ص319؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ وشرح عمدة الحافظ ص153، 479؛ وهمع الهوامع 1/ 80، 252.
شرح المفردات: صددت: أعرضت. طبت النفس: انشرحت. قيس: هو قيس بن مسعود اليشكري. عمرو: صديق قيس.
المعنى: يقول هاجيا قيس بن مسعود الذي فر عن صديقه عمرو لما رأى الوقع نازلا برجاله، راضيا بالهزيمة والنجاة.
الإعراب: "رأيتك": فعل ماض، والتاء فاعل، والكاف في محل نصب مفعول به. "لما": ظرف زمان متعلق بـ"رأى". "أن": زائدة. "عرفت": فعل ماض، والتاء فاعل. "وجوهنا" مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"نا": في محل جر بالإضافة. "صددت": فعل ماض، والتاء فاعل، وهو جواب "لما". "وطبت": الواو: حرف عطف، "طبت": فعل ماض، والتاء فاعل. "النفس": تمييز منصوب. "يا": حرف نداء. "قيس": منادى مبني في محل نصب. "عن عمرو": جار ومجرور متعلقان بـ"صددت".
وجملة: "رأيتك" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لما عرفت صددت" الشرطية في محل نصب حال من الكاف في "رأيتك". وجملة "عرفت" في محل جر بالإضافة. وجملة "صددت" جواب شرط =

 

ج / 1 ص -171-        109-

وبعض الاعلام عليه دخلا                         للمح ما قد كان عنه نقلا

110-

كالفضل والحارث والنعمان                            فذكر ذا وحذفه سيان

"وَبَعْضُ الأَعْلاَمِ" أي: المنقولة "عَلَيْهِ دَخَلاَ لِلمْحِ مَا قَدْ كَانَ" ذلك البعض "عَنْهُ نُقِلاَ" مما يقبل "أل": من مصدر "كَالْفَضْلِ، وَ" صفة، مثل "الْحَارِثِ"، واسم عين، مثل "النُّعْمَان" وهو في الأصل اسم من أسماء الدم؛ وأفهم قوله: "وبعض الاعلام" أن جميع الأعلام المنقولة مما يقبل "أل" لا يثبت له ذلك، وهو كذلك، فلا تدخل على نحو: "محمد" و"صالح"، و"معروف"؛ إذ الباب سماعي؛ وخرج عن ذلك غير المنقول: كسعاد، وأدد، والمنقول عما لا يقبل "أل": كيزيد، ويشكر، فأما قوله "من الطويل":

رَأَيْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكا1

فضرورة سهلها تقدم ذكر الوليد؛ ثم قوله: "للمح" أراد أن جواز دخول "أل" على هذه الأعلام مسبب عن لمح الأصل -أي: ينتقل النظر من العلمية إلى الأصل فيدخل "أل"- "فَذِكْرُ" أل "ذَا" حينئذٍ "وَحَذْفُهُ سِيَّانِ"؛ إذ لا فائدة مترتبة على ذكره، وإن أراد أن دخول "أل" سبب للمح الأصلِ فليسا بسيين، لما يترتب على ذكره من الفائدة، وهو لمح الأصل، نعم، هما سيان من حيث عدم إفادة التعريف، فليحمل كلامه عليه، قال الخليل: دخلت "أل" في الحارث والقاسم والعباس والضحاك والحسن والحسين لتجعله الشيء بعينه.
تنبيه: في تمثيله بالنعمان نظر؛ لأنه مثل به في شرح التسهيل لما قارنت الأداة فيه نقله، وعلى هذا فالأداة فيه لازمة، والتي للمح الأصل ليست لازمة.
111-

وقد يصير علما بالغلبه                    مضاف أو مصحوب أل كالعقبه

112-

وحذف أل ذي إن تناد أو تضف                  أوجب وفي غيرهما قد تنحذف

"وَقَدْ يَصِيرُ عَلَما" على بعض مسمياته "بِالْغَلَبَهْ" عليه "مُضَافٌ": كابن عباس، وابن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة المنادى معترضة لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "طبت النفس" حيث ذكر التمييز معرفا بـ"أل" التعريف، وكان حقه أن يكون نكرة، وإنما زاد الألف واللام الضرورة.
1 تقدم بالرقم 35.

 

ج / 1 ص -172-        عمر، وابن الزبير، وابن مسعود، فإنه غلب على العبادلة حتى صار علما عليهم دون من عداهم من إخوتهم "أَوْ مَصْحُوبُ أَلْ" العهدية: "كَالْعَقَبَهْ" والمدينة، والكتاب، والصعق، والنجم: لعقبة أيلي، ومدينة طيبة، وكتاب سيبويه، وخويلد بن نفيل، والثريا "وَحَذْفَ أَلْ ذِي" الأخيرة "إِنْ تُنَادِ" مدخولها "أَوْ تُضَفْ أَوْجِبْ"؛ لأن أصلها المعرفة، فلم تكن بمنزلة الحرف الأصلي اللازم أبدا، كما هي في نحو اليسع، كما تقدم، فتقول: "يا صعق" و"يا أخطل"، و"هذه عقبة أيلي"، و"مدينة طيبة"، ومنه "من الوافر":
129-

"ألا أبلغ بني خلف رسولا"                        أَحَقّا أَنَّ أخْطَلَكُمْ هَجَانِي

والأخطل: من يهجو ويفحش، وغلب على الشاعر المعروف حتى صار علما عليه دون غيره، وتقول: "أعشى تغلب"، "ونابغة ذبيان" "وَفِي غَيْرِهِمَا" أي: في غير النداء والإضافة "قَدْ تَنْحَذِفْ" سمع "هذا عيوق طالعا"، و"هذا يوم اثنين مباركا فيه".
تنبيهان: الأول: المضاف في أعلام الغلبة كابن عباس لا ينزع عن الإضافة بنداء ولا غيره؛ إذ لا يعرض في استعماله ما يدعو إلى ذلك.
الثاني: كما يعرض في العلم بالغلبة الاشتراك فيضاف طلبا للتخصيص كما سبق،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
129- التخريج: البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص164؛ وتخليص الشواهد ص176؛ وخزانة الأدب 10/ 273، 277؛ والدرر 1/ 227؛ والكتاب 3/ 137؛ والمقاصد النحوية 1/ 504؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص353؛ وهمع الهوامع 1/ 72.
اللغة: بنو خلف: قوم الأخطل من بني تغلب. الرسول: أي الرسالة.
الإعراب: ألا: حرف استفتاح. أبلغ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنت". بني: مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. خلف: مضاف إليه مجرور بالكسرة. رسولا: مفعول به ثان منصوب. أحقا: "الهمزة": للاستفهام الإنكاري، "حقا": منصوب على الظرفية: أن: حرف مشبه بالفعل. أخطلكم: اسم "أن" منصوب وهو مضاف، و"كم": ضمير في محل جر بالإضافة. هجاني: فعل ماض، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو".
وجملة "ألا أبلغ...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هجاني": في محل رفع خبر "إن". والمصدر المؤول في محل رفع مبتدأ مؤخر، أو فاعل للظرف.
الشاهد: قوله: "أخطلكم" حيث حذف "أل" التعريف لإضافته إلى الضمير، والأصل: "الأخطل".

 

ج / 1 ص -174-        "تعريف العدد":
خاتمة: عادة النحويين أنهم يذكرون هنا تعريف العدد، فإذا كان العدد مضافا وأردت تعريفه عرفت الآخر، وهو المضاف إليه، فيصير الأول مضافا إليه إلى معرفة؛ فتقول: "ثلاثة الأثواب"، و"مائة الدرهم"، و"ألف الدينار"؛ ومنه قوله "من الكامل":
132-

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهْ إزَارَهُ                    فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= فاعل. "لنا": جار ومجرور متعلقان بـ"قلن". "ليلاي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. "منكن": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. "أم": حرف عطف. "ليلى": مبتدأ مرفوع. "من البشر": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ.
وجملة "... بالله" ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وجملة "قلن" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ليلاي منكن" في محل نصب مفعول به. وجملة: "ليلى من البشر" معطوفة على جملة "ليلاي منكن".
والشاهد فيه قوله: "ليلاي" حيث أضاف العلم لأنه مشترك بين عدة مسميات، فأشبه النكرة. وفي البيت شاهدان آخران أولهما قوله: "ظبيات" حيث فتح عين الكلمة، وهي الباء، تبعا لفائها وهي الظاء. وثانيهما حذف همزة الاستفهام قبل المبتدأ والخبر، والأصل: "أليلاي" بدليل وقوع "أم" المتصلة بعدها.
132- التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه والنظائر 5/ 123؛ والجنى الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب 2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 67 "خمس"؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150.
شرح المفردات: مذ عقدت يداه إزاره: أي تجاوز حد الطفولة. الإزار: الثوب الذي يحيط بالنصف الأسفل من البدن. سما: ارتفع.
المعنى: يقول: ظهرت منه النجابة منذ حداثته ولم يكن قد بلغ الخمسة أشبار.
الإعراب: "ما": حرف نفي. "زال": فعل ماض ناقص. "مذ": ظرف زمان مبني في محل نصب، متعلق بخبر "ما زال". "عقدت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. "يداه": فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "إزاره": مفعول به منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "فسما": الفاء حرف عطف، "سما": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو". "فأدرك": الفاء حرف عطف، "أدرك": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو". "خمسة": مفعول به، وهو مضاف. "الأشبار": مضاف إليه مجرور.
وجملة: "ما زال..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "عقدت..." في محل جر =

 

ج / 1 ص -175-        وقوله "من الطويل":
133-

وَهَلْ يُرْجِعُ التَّسْلِيم أَوْ يَكْشِفُ العَنَا                  ثَلاَثُ الأثَافِي وَالدِّيَارُ البَلاَقِعُ

وأجاز الكوفيون "الثلاثة الأثواب" تشبيها بـ"الحسن الوجه"؛ قال الزمخشري: "وذلك بمعزل عند أصحابنا عن القياس واستعمال الفصحاء".
وإذا كان العدد مركبا ألحقت حرف التعريف بالأول، تقول: "الأحد عشر درهما"، و"الاثنتا عشرة جارية" ولم تلحقه بالثاني؛ لأنه بمنزلة بعض الاسم؛ وأجاز ذلك الأخفش والكوفيون؛ فقالوا: "الأحد العشر درهما"، و"الاثنتا العشرة جارية"؛ لأنهما في الحقيقة اسمان، والعطف مراد فيهما، ولذلك بنيا، ويدل عليه إجازتهم "ثلاثة عشر"، و"أربعة عشر"، وتاء التأنيث لا تقع حشوا، فلولا ملاحظة العطف لما جاز ذلك؛ ولا يجوز "الأحد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بالإضافة. وجملة "سما" معطوفة على الجملة السابقة. وجملة "أدرك" معطوفة أيضا.
الشاهد: قوله: "خمسة الأشبار" حيث عرف المضاف إليه وهو ينوي تعريف المضاف.
133- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص1274؛ والأشباه والنظائر 5/ 122، 280؛ وإصلاح المنطق ص303؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 213؛ والدرر 6/ 201؛ وشرح شواهد الإيضاح ص308؛ وشرح المفصل 2/ 122؛ ولسان العرب 6/ 67 "خمس"؛ ومجالس ثعلب ص275؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 358؛ وتذكرة النحاة ص344؛ والمقتضب 2/ 176، 4/ 144؛ والمنصف 1/ 64؛ وهمع الهوامع 2/ 150.
اللغة: يرجع: يعيد. العنا: التعب. الأثافي: حجارة الموقد، وهي ثلاثة. البلاقع: ج البلقع، وهو المكان الخالي من الأنس.
المعنى: يتساءل الشاعر عما إذا كانت ثلاثة الأثافي ترد السلام، أو تكشف المشقة والتعب.
الإعراب: وهل: "الواو": بحسب ما قبلها، و"هل": حرف استفهام. يرجع: فعل مضارع مرفوع بالضمة. التسليم: مفعول به. أو: حرف عطف. يكشف: فعل مضارع مرفوع بالضمة. العنا: مفعول به منصوب بالفتحة. ثلاث: فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. الأثافي: مضاف إليه مجرور بالكسرة. والديار: "الواو": حرف عطف، "الديار": معطوف على "ثلاث" مرفوع بالضمة. البلاقع: نعت "الديار" مرفوع.
وجملة "هل يرجع..." بحسب ما قبلها. وجملة "يكشف": معطوفة على سابقتها.
الشاهد: قوله: "ثلاث الأثافي" حيث أدخل على المعدود "أل" التعريف مكتفيا بذلك عن تعريف اسم العدد.

 

ج / 1 ص -176-        العشر الدرهم"؛ لأن التمييز واجب التنكير، نعم، يجوز عند الكوفي، وقد استعمل ذلك بعض الكتاب.
وإذا كان معطوفا عرفت الاسمين معا، تقول: "الأحد والعشرون درهما"؛ لأن حرف العطف فصل بينهما.
واعلم أن في تعريف المضاف قد يكون المعرف إلى جانب الأول كما تقدم، وقد يكون بينهما اسم واحد، نحو: "خمسمائة الألف"، وقد يكون بينهما اسمان، نحو: "خمسمائة ألف الدينار" وقد يكون بينهما ثلاثة أسماء، نحو: "خمسمائة ألف دينار الرجل" وقد يكون بينهما أربعة أسماء، نحو: "خمسمائة ألف دينار غلام الرجل"، وعلى هذا، لو قلت: "عشرون ألف رجل" امتنع تعريف المضاف إليه؛ لأن المضاف منصوب على التمييز، فلو عرف المضاف إليه صار المضاف معرفة بإضافته إليه، والتمييز واجب التنكير، نعم، يجوز ذلك عند الكوفيين، ولو قلت: "خمسة آلاف دينار" جاز تعريف المضاف إليه، نحو: "خمسة آلاف الدينار"، وكذلك حكم المائة؛ لأن مميزها يجوز تعريفه كما عرفت، ولا تعرف الآلاف لإضافتها، والله أعلم.