شرح الأشموني على ألفية ابن مالك
ج / 1 ص -480-
المفعول له:
"تعريفه":
ويسمى المفعول لأجله، ومن أجله.
وقدمه على المفعول فيه لأنه أدخل منه في المفعولية، وأقرب
إلى المفعول المطلق؛ بكونه مصدرا؛ كما أشار إلى ذلك بقوله:
298-
ينصب مفعولا له المصدر إن
أبان تعليلا كـ"جد شكرا ودن"
299-
وهو بما يعمل فيه متحد
وقتا وفاعلا وإن شرط
فقد
300-
فاجرره بالحرف وليس يمتنع
مع الشروط كلزهد ذا قنع
"ينصب مفعولا له المصدر" أي
القلبي "إن أبان تعليلا" أي: أفهم كونه علة للحدث، ويشترط
كونه من غير لفظ الفعل "كجد شكرا"، أي: لأجل الشكر، فلو
كان من لفظ الفعل كـ"حيل محيلا" كان انتصابه على المصدرية
"ودن" طاعة "وهو" أي: المفعول له "بما يعمل فيه متحد وقتا
وفاعلا" الجملة حالية، و"وقتا وفاعلا" نصب بنزع الخافض،
أي: يشترط لنصب المفعول له -مع كونه مصدرا قلبيا سيق
للتعليل- أن يتحد مع عامله في الوقت وفي الفاعل.
ج / 1 ص -481-
"شروطه":
فالشروط حينئذ خمسة: كونه مصدرا؛ فلا يجوز:
"جئتك السمن والعسل"، قاله الجمهور، وأجاز يونس: "أما
العبيد فذو عبيد"، بمعنى: مهما يذكر شخص لأجل العبيد
فالمذكور ذو عبيد، وأنكره سيبويه؛ وكونه قلبيا؛ فلا يجوز:
"جئتك قراءة للعلم"، ولا "قتلا للكافر"، وأجاز الفارسي:
"جئتك ضرب زيد": أي: لتضرب زيدا؛ وكونه علة؛ فلا يجوز:
"أحسنت إليك إحسانا إليك"؛ لأن الشيء لا يعلل بنفسه؛ وكونه
متحدا مع المعلل به في الوقت؛ فلا يجوز: "جئتك أمس طمعا
غدا في معروفك"؛ ولا يشترط تعيين الوقت في اللفظ، بل يكفي
عدم ظهور المنافاة، وفي الفاعل؛ فلا يجوز: "جئتك محبتك
إياي"؛ خلافا لابن خروف.
تنبيه: قد يكون الاتحاد في الفاعل تقديريا، كقوله تعالى:
{يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}1 لأن معنى: يريكم يجعلكم ترون, اهـ.
"وإن شرط" من الشروط المذكورة، ما عدا قصد التعليل "فقد
فاجروه بالحرف" الدال على التعليل، وهو اللام أو ما يقوم
مقامها؛ وفي بعض النسخ "باللام"، أي: أو ما يقوم مقامها؛
ففقد الأول -وهو كونه مصدرا- نحو:
{وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}2 والثاني -وهو كونه قلبيا- نحو:
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}3
بخلاف
{خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}4، والثالث -وهو الاتحاد في الوقت- نحو قوله "من الطويل":
428
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها
"لدى الستر إلا لبسة المتفضل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروم: 24.
2 الرحمن: 10.
3 الأنعام: 151.
4 الإسراء: 31.
428- التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانه ص14؛ والدرر 3/
78؛ وشرح عمدة الحافظ ص453؛ ولسان العرب 15/ 329 "نضا"؛
وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 226؛ والدرر 4/ 18؛ ورصف
المباني ص223؛ وشرح قطر الندى ص227؛ والمقرب 1/ 161؛ وهمع
الهوامع 1/ 194، 247.
اللغة والمعنى: نضت ثيابها: خلعت ثيابها. لدى: عند. لبسة
المتفضل: أي ثوبها الذي يلي جسدها، ثوب النوم.
يقول: إنه جاء خليلته بعد أن خلعت ثيابها، ولبست ثياب
النوم لترتاح.
الإعراب: فجئت: الفاء: بحسب ما قبلها، جئت: فعل ماض،
والتاء: فاعل. وقد: الواو: حالية، قد: =
ج / 1 ص -482-
والرابع -وهو الاتحاد في الفاعل- نحو "من
الطويل":
429-
وإني لتعروني لذكراك هزة
"كما انتفض العصفور بلله القطر"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= حرف تحقيق. نضت: فعل ماض، والتاء: للتأنيث، والفاعل: هي.
لنوم: جار ومجرور متعلقان بـ"نضت". ثيابها: مفعول به منصوب
وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. لدى: ظرف متعلق
بـ"نضت"، وهو مضاف. الستر: مضاف إليه مجرور. إلا: أداة
استثناء. لبسة: مستثنى بـ"إلا" منصوب، وهو مضاف. المتفضل:
مضاف إليه مجرور.
وجملة "جئت..." الفعلية بحسب ما قبلها. وجملة "نضت"
الفعلية في محل نصب حال.
الشاهد: قوله: "لنوم" حيث جره بلام التعليل، ولم ينصبه على
المفعول لأجله، لأن "النوم" وإن كان علة لخلع الثياب، فإن
الخلع قبل وقته، فلما اختلفا بالوقت جر باللام.
429- التخريج: البيت لأبي صخر الهذلي في الأغاني 5/ 169،
170؛ والإنصاف 1/ 253؛ وخزانة الأدب 3/ 254، 255، 257،
260؛ والدرر 3/ 79؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 957؛ وشرح
التصريح 1/ 336؛ ولسان العرب 2/ 155 "رمث"؛ والمقاصد
النحوية 2/ 67؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 29؛
وأمالي ابن الحاجب 2/ 646، 648؛ وأوضح المسالك 2/ 227؛
وشرح ابن عقيل ص361؛ وشرح قطر الندى ص228؛ وشرح المفصل 2/
67؛ والمقرب 1/ 162؛ وهمع الهوامع 1/ 194.
اللغة والمعنى: تعروني: تصيبني: الهزة: الاضطراب. انتفض:
تحرك. القطر: المطر.
يقول: إنه يصاب بهزة عنيفة إذا ما تذكر حبيبته، وينتفض
كالطير الذي بلله المطر. وهذا كناية عن شدة حبه وولعه بها.
الإعراب: وإني: الواو: بحسب ما قبلها، إني: حرف مشبه
بالفعل، والياء: ضمير في محل نصب اسم "إن". لتعروني:
اللام: المزحلقة. تعروني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة
على الواو للثقل، والنون: للوقاية، والياء: ضمير في محل جر
بالإضافة، من إضافة المصدر إلى مفعوله، والفاعل محذوف
تقديره: "لذكري إياك". هزة: فاعل "تعرو" مرفوع. كما:
الكاف: حرف جر، ما: حرف مصدري. انتفض: فعل ماض. العصفور:
فاعل مرفوع. والمصدر المؤول من "ما وما بعدها" في محل جر
بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لـ"هزة"
تقديره: "هزة كائنة كانتفاض العصفور". بلله: فعل ماض،
والهاء: ضمير في محل نصب مفعول به. القطر: فاعل مرفوع.
وجملة "إني لتعروني" الاسمية بحسب ما قبلها. وجملة
"تعروني" الفعلية في محل رفع خبر "إن". وجملة "انتفض
العصفور" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول
الحرفي. وجملة "بلله القطر" الفعلية في محل نصب حال،
تقديرها: "كما انتفض العصفور وقد بلله القطر". غير أن
الشاعر اضطر إلى الحذف لإقامة الوزن. =
ج / 1 ص -483-
وقد "انتفى الاتحادان في
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}1؛ "وليس يمتنع" جره باللام أو ما يقوم مقامها "مع" وجود "الشروط"
المذكورة.
301-
وقل أن يصحبها المجرد
والعكس في مصحوب "أل" وأنشدوا
302-
لا أقعد الجبن عن الهيجاء
ولو توالت زمر الأعداء
"كلزهد ذا قنع؛ وقل أن
يصحبها"، أي: اللام "المجرد" من "أل" والإضافة، كهذا
المثال، حتى قال الجزولي: إنه ممنوع، والحق جوازه؛ ومنه
قوله "من الرجز":
430-
من أمكم لرغبة فيكم جبر
"ومن تكونوا ناصريه ينتصر"
"والعكس في مصحوب أل" وهو أن
جره باللام كثير ونصبه قليل "وأنشدوا" شاهدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والشاهد فيه قوله: "لذكراك" حيث جاء اللفظ "ذكرى" مصدرا،
وهو علة لـ"عرو الهزة" غير أن فاعل "الذكرى" هو المتكلم
نفسه في حين أن فاعل "العرو" هو الهزة، فاختلف الفاعل،
لذلك جر المصدر "ذكرى" بلام التعليل، وامتنع أن ينصب
مفعولا لأجله.
1 الإسراء: 78.
430- التخريج: الرجز بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 336؛ وشرح
عمدة الحافظ ص399؛ والمقاصد النحوية 3/ 70.
شرح المفردات: أم: قصد. رغب في الشيء: أراده. جبر السائل:
أغناه بعد فقر.
المعنى: يقول: من قصدكم رغبة في العطاء أغنيتموه، ومن
ناصرتموه ظفر.
الإعراب: "من": اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. "أمكم":
فعل ماض، وهو فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره "هو"، و"كم": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
"لرغبة": جار ومجرور متعلقان بـ"أمكم". "فيكم": جار ومجرور
متعلقان بـ"رغبة". "جبر": فعل ماض للمجهول، وهو جواب
الشرط، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو".
"ومن": الواو حرف عطف، "من": اسم شرط جازم في محل رفع
مبتدأ. "تكونوا": فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه فعل الشرط،
والواو ضمير في محل رفع اسم "تكون". "ناصريه": خبر "تكون"
منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وهو مضاف، والهاء ضمير
في محل جر بالإضافة. "ينتصر": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب
الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو".
وجملة: "من أمكم..." الشرطية ابتدائية لا محل لها من
الإعراب. وجملة "أمكم" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة
"جبر" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير
مقترن بالفاء أو بـ"إذا". وجملة "من تكونوا..." الشرطية
معطوفة على جملة "من أمكم". وجملة "تكونوا..." في محل رفع
خبر المبتدأ "من". وجملة "ينتصر" جواب شرط جازم غير مقترن
بالفاء أو بـ"إذا" لا محل لها من الإعراب. =
ج / 1 ص -484-
لجوازه قول الراجز:
431-
لا أقعد الجبن عن الهيجاء
ولو توالت زمر الأعداء
تنبيهان: الأول: أفهم كلامه أن المضاف يجوز فيه الأمران على
السواء، نحو: "جئتك ابتغاء الخير، ولابتغاء الخير".
الثاني: أفهم أيضا جواز تقديم المفعول له على عامله،
منصوبا كان أو مجرورا، كـ"زهدا ذا قنع"، ولـ"زهد ذا قنع".
خاتمة: إذا دخلت "أل" على المفعول له أو أضيف إلى معرفة
تعرف بـ"أل" أو بالإضافة، خلافا للرياشي والجرمي والمبرد
في قولهم: إنه لا يكون إلا نكرة، وإن "أل" فيه زائدة،
وإضافته غير محضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الشاهد: قوله: "لرغبة"، فإنه مصدر قلبي واقع مفعولا
لأجله، وقد جره بحرف التعليل "اللام" مع كونه مجردا من
"أل" ومن الإضافة، وهذا قليل، والكثير أن يكون منصوبا.
431- التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 3/ 79؛ وشرح
التصريح 1/ 336؛ وشرح عمدة الحافظ ص398؛ والمقاصد النحوية
3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 195.
اللغة: أقعد: أتوانى عن القتال. الهيجاء: الحرب. توالت:
تتابعت. الزمر: ج الزمرة، وهي الجماعة.
المعنى: يقول: لست جبانا، ولا أتوانى عن اقتحام المعارك
وإن كان الأعداء كثيري العدد.
الإعراب: "لا": حرف نفي. "أقعد": فعل مضارع مرفوع، وفاعله
ضمير مستتر تقديره: "أنا". "الجبن": مفعول لأجله منصوب.
"عن الهيجاء": جار ومجرور معتلقان بـ"أقعد". "ولو": الواو
حالية، "لو": وصلية زائدة. "توالت": فعل ماض، والتاء
للتأنيث. "زمر": فاعل مرفوع، وهو مضاف. "الأعداء": مضاف
إليه مجرور بالكسرة.
وجملة: "لا أقعد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"ولو توالت..." حالية محلها النصب.
الشاهد: قوله: "لا أقعد الجبن" حيث ورد "الجبن" مفعولا
لأجله مع كونه محلى بـ"أل". |