شرح الأشموني على ألفية ابن مالك

ج / 3 ص -45-          أسماء لازمت النداء:
595-

و"فل" بعض ما يخص بالندا                        "لؤمان نومان" كذا واطردا

"وَفُلُ بَعْضُ مَا يُخَصُّ بِالنِّدَا" أي: لا يستعمل في غير النداء ويقال للمؤنثة: يا فلة واختلف فيهما؛ فمذهب سيبويه أنهما كنايتان عن نكرتين، فـ"فل" كناية عن رجل و"فلة" كناية عن امرأة، ومذهب الكوفيين أن أصلهما فلان وفلانة فرخما، ورده الناظم بأنه لو كان مرخمًا لقيل فيه: "فلا" ولما قيل في التأنيث: "فلة"، وذهب الشلوبين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن "فل" و"فلة" كناية عن العلم نحو: "زيد" و"هند" بمعنى فلان وفلانة، وعلى ذلك مشى الناظم وولده، قال الناظم في شرح التسهيل وغيره أن "يا فل" بمعنى "يا فلان" و"يا فلة" بمعنى "يا فلانة"، قال: وهما الأصل فلا يستعملان منقوصين في غير نداء إلا في ضرورة فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم وأن أصلهما فلان وفلانة، وخالفهم في الترخيم ورده بالوجهين السابقين، و"لُؤْمَانُ" بالهمز وضم اللام، و"ملأم" و"ملأمان" بمعنى عظيم اللؤم و"نَومَانُ" بفتح النون بمعنى كثير النوم "كَذَا" أي مما يختص بالنداء.
تنبيهان: الأول الأكثر في بناء "مفعلان" نحو: "ملأمان" أن يأتي في الذم، وقد جاء في المدح نحو: "يا مكرمان"، حكاه سيبويه والأخفش، و"يا مطيبان"، وزعم ابن السيد أنه يختص بالذم وأن "مكرمان" تصحيف "مكذبان"، وليس بشيء.
الثاني: قال في شرح الكافية: إن هذه الصفات مقصورة على السماع بإجماع وتبعه ولده، وهو صحيح في غير "مفعلان" فإن فيه خلافًا، أجاز بعضهم القياس عليه فتقول: "يا

 

ج / 3 ص -46-          مخبثان"، وفي الأنثى "يا مخبثانة".
"يا فَعَالِ":
596-

في سب الأنثى وزن "يا خَبَاثِ"                        والأمر هكذا من الثلاثي

وَاطَّردَا "فِي سَبِّ الأُنْثَى وَزْنُ" "يا فَعَال" نحو: "يَا خَبَاثِ" "يا لكاع" "يا فساق" وأما قوله: "من الوافر":
898-

أُطَوِّف مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي                             إلَى بَيتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ

فضرورة "وَالأَمْرُ هَكَذَا" أي: اسم فعل الأمر مطرد "مِنَ الثُّلاَثِي" عند سيبويه نحو نزال وتراك من نزل وترك.
تنبيهان: الأول: أهمل الناظم من شروط القياس على هذا النوع أربعة شروط؛ الأول:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
898- التخريج: البيت للحطيئة في ملحق ديوانه ص156؛ وجمهرة اللغة ص662؛ وخزانة الأدب 2/ 404، 405؛ والدرر 1/ 254؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 4/ 75؛ والمقاصد النحوية 1/ 473، 4/ 229؛ ولأبي الغريب النصري في لسان العرب 8/ 323 "لكع"؛ وبلا نسبة في أوضح 4/ 45؛ والدرر 3/ 39؛ وشرح ابن عقيل ص76؛ والمقتضب 4/ 238؛ وهمع الهوامع 1/ 82، 178.
اللغة والمعنى: أطوف: أجول، أتنقل من مكان إلى آخر، آوي: ألجأ. القعيدة: التي تقعد فيه، أي امرأته. لكاع: لئيمة أو حمقاء.
يقول: ينتقل كثيرًا من أجل اكتساب الرزق: ثم يعود إلى بيته حيث يجد امرأته اللئيمة الحمقاء.
الإعراب: أطوف: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. ما: مصدرية ظرفية. أطوف: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. ثم حرف عطف. آوي: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. إلى بيت: جار ومجرور متعلقان بـ"آوي". قعيدته: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والهاء في محل جر بالإضافة. لكاع: خبر المبتدأ مبني على الكسر في محل رفع.
وجملة "أطوف ما أطوف" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "أطوف" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول. والجملة المصدرية من "ما وما بعدها" في محل نصب مفعول مطلق تقديره: "أطوف تطويفًا ثم..." وجملة "آوي" الفعلية معطوفة على جملة "أطوف" الأولى. وجملة "قعيدته لكاع" الاسمية في محل نعت لـ"بيت".
وفي البيت شاهدان: أولهما قوله: "ما أطوف" حيث وصل "ما" المصدرية والظرفية بمضارع غير منفي. وهو قليل. وثانيهما قوله: "لكاع" حيث جاءت "لكاع" خبرًا، على الشذوذ، لأن الاستعمال الشائع بين العرب أن السب للأنثى بوزن "فعال" لا يكون إلا منادى. وقيل: التقدير: قعيدته يقال لها: لكاع.

 

ج / 3 ص -47-           أن يكون مجردًا فأما غير المجرد فلا يقال منه إلا ما سمع نحو: "دراك" من "أدرك"، الثاني: أن يكون تامًا فلا يبنى من ناقص، الثالث: أن يكون متصرفًا، الرابع: أن يكون كامل التصرف فلا يبنى من "يدع" و"يذر".
الثاني: ادعى سيبويه سماعه من غير الثلاثي شذوذًا كـ"قرقار" من "قرقر" في قوله: "من الرجز":
899-

"حتى إذا كان على مطار                    يمناه واليسرى على الثرثار"

قَالَتْ لَهُ رِيحُ الصَّبَا قَرْقَار

وعرعار من "عرعر" في قوله "من الكامل":
900-

"متكنفي جنبي عكاظ كليهما"                        يَدْعُو وَلِيدَهُمْ بِهَا عَرْعَارِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
899- التخريج: الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 6/ 307، 309؛ ولسان العرب 5/ 89 "قرر"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 51؛ والكتاب 3/ 276؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77.
المعنى: يصف الشاعر سحابًا فيقول: إذا استوى الليل والنهار وهبت ريح الصبا هيجت رعده قائلة: قرقر بالرعد.
الإعراب: حتى: حرف ابتداء وغاية: إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. كان: فعل ماض ناقص. على مطار: جار ومجرور بمحذوف خبر "كان". يمناه: اسم "كان" مؤخر مرفوع، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. واليسرى: "الواو": حالية، "اليسرى": مبتدأ مرفوع. على الثرثار: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. قالت: فعل ماض و"التاء": للتأنيث. له: جار ومجرور متعلقان بـ"قالت". ريح: فاعل مرفوع، وهو مضاف، الصبا: مضاف إليه مجرور. قرقار: اسم فعل أمر بمعنى: "قرقر" وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنت".
وجملة "إذا كان على مطار يمناه" ابتدائية لا محل لها. وجملة "كان على مطار يمناه": مضاف إليها محلها الجر. وجملة "قالت": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "قرقار": في محل نصب مقول القول. وجملة "واليسرى على الثرثار": حالية محلها النصب.
الشاهد فيه قوله: "قرقار" حيث وقع اسم فعل أمر من الرباعي، وهذا شاذ:
900- التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص56؛ وخزانة الأدب 6/ 312؛ وشرح المفصل 4/ 52؛ ولسان العرب 4/ 561 "عرر"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص197.
اللغة: متكنفي: محيطي.
الإعراب: متكنفي: حال منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف. جنبي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف. عكاظ: مضاف إليه مجرور. كليهما: بدل من "جنبي" مجرور بالياء لأنه ملحق =

 

ج / 3 ص -48-          وقاس عليه الأخفش، ورد المبرد على سيبويه سماع اسم الفعل من الرباعي، وذهب إلى أن "قرقار" و"عرعار" حكاية صوت، وحكاه عن المازني، وحكى المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو مثله، والصحيح ما قاله سيبويه؛ لأنه لو كان حكاية صوت لكان الصوت الثاني مثل الأول نحو: "غاق غاق"، فلما قال: "عرعار" و"قرقار" فخالف لفظ الأول لفظ الثاني علم أنه محمول على "عرعر" و"قرقر".
"يا فُعَلُ":
597-

وشاع في سب الذكور فعل                   ولا تقس وجر في الشعر "فل"

"وَشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُورِ" يا "فُعَلُ" نحو قولهم: "يا فسق"، "يا لكع"، "يا غدر"، "يا خبث"، "وَلاَ تَقِسْ" عليه بل طريقه السماع، واختار ابن عصفور كونه قياسًا ونسب لسيبويه.
"وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ" قال الراجز:
901- 

فِي لُجَّةٍ أمْسِكْ فُلاَنًا عَنْ فُلِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بالمثنى، وهو مضاف، و"هما" ضمير في محل جر بالإضافة. يدعو: فعل مضارع مرفوع. وليدهم: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"هم": ضمير في محل جر بالإضافة. بها: جار ومجرور متعلقان بـ"يدعو". عرعار: اسم فعل أمر بمعنى "عرعر"، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنتم".
وجملة "يدعو..." في محل نصب حال. وجملة "عرعار": في محل نصب مفعول به.
الشاهد فيه قوله: "عرعار" حيث وقع اسم فعل من الرباعي، وهذا شاذ.
901- التخريج: الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص407؛ وخزانة الأدب 2/ 389؛ والدرر 3/ 37 وسمط اللآلي ص257؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 439؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 5/ 119؛ وشرح شواهد المغني 1/ 450، والصاحبي في فقة اللغة 229؛ والطرائف الأدبية ص66؛ والكتاب 2/ 248، 3/ 452؛ ولسان العرب 2/ 355 "لجج"، 13/ 324، 325 "فلن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 228؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص527؛ وشرح المفصل 1/ 48؛ والمقتضب 4/ 238؛ والمقرب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 177.
شرح المفردات: اللجة: الجلبة واختلاط الأصوات في الحرب.
الإعراب: "في لجة": جار ومجرور متعلقان بـ"تضل" في البيت السابق. "أمسك": فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنت". "فلانًا": مفعول به منصوب "عن فل": جار ومجرور متعلقان بـ"أمسك" =

 

ج / 3 ص -49-          كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله: "فَارفَعْ بِضَم، وَانْصِبَنْ فَتْحَا، وَجُرْ كَسْرا كَذِكْرُ اللَّهِ عَبْدَهُ يَسُرْ" فـ"ذكر": مبتدأ، وهو مرفوع بالضم، والاسم الكريم مضاف إليه، وهو مجرور بالكسر، و"عبده": مفعول به، وهو منصوب بالفتح. ثم أشار إلى ما بقي وهو الجزم بقوله: "واجزم بتسكين" نحو: لم يقم.
تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعرابا وجعلها علامات إعراب؛ إذ هي إعراب من حيث عموم كونها أثرا جلبه العامل، وعلامات إعراب من حيث الخصوص.
"وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ" من الإعراب بالحركات والسكون مما سيأتي، فرع عما ذكر "يَنُوبُ" عنه، فينوب عن الضمة الواو والألف والنون، وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف النون، وَعن الكسرة الفتحة والياء، وعن السكون حذف الحرف: فللرفع أربع علامات، وللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة أصول، وعشرة فروع لها تنوب عنها.
فالإعراب بالفرع النائب "نَحْوَ جَا أخُو بَنِي نَمِرْ" فـ"أخو": فاعل، والواو فيه نائبة عن الضمة، و"بني": مضاف إليه، والياء فيه نائبة عن الكسرة، وعلى هذا الحذو.
واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل إما حرف وإما حذف، فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة، والمثنى، والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق المثنى والمجموع، ولأن إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه، فقال:
"إعراب الأسماء الستة":
27-

وارفع بواو وانصبن بالألف                   واجرر بياء ما من الأسما أصف

"وَارْفَعْ بِوَاو وانْصِبَنَّ بِالأَلِف وَاجْرُرْ بِيَاء" أي: نيابة عن الحركات الثلاث "مَا" أي: الذي "مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ" لك بعد "مِنْ ذَاكَ" أي: من الذي أصفه لك.
28-

من ذاك "ذو" إن صحبة أبانا                       والفم حيث الميم منه بانا

 

ج / 3 ص -50-          "ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا" أي: أظهر، لا ذو الموصولة الطائية، فإن الأشهر فيها البناء عند طيئ "وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا" أي: انفصل، فإن لم ينفصل منه أعرب بالحركات الظاهرة عليها. وفيه حينئذٍ عشر لغات: نقصه، وقصره، وتضعيفه -مثلث الفاء فيهن1- والعاشرة إتباع فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصا.
29-

أب أخ حم كذاك وهن                   والنقص في هذا الأخير أحسن

30-

وفي أب وتالييه يندر                       وقصرها من نقصهن أشهر

و"أَبٌ" و"أَخٌ" و"حَمٌ كَذَاكَ" مما أصفه "وَهَنُ" وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس، وقيل: عما يستقبح ذكره، وقيل: عن الفرج خاصة، فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعا، وبالألف نصبا، وبالياء جرا، وهذا الإعراب متعين في الأول منها -وهو ذو- ولهذا بدأ به، وفي الثاني منها -وهو الفم- في حالة عدم الميم، ولهذا ثنى به، وغير متعين في الثلاثة التي تليهما -وهي "أب"، و"أخ", و"حم"- لكنه الأشهر والأحسن فيها "وَالْنَّقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ" وهو "هن" "أَحْسَنُ" من الإتمام، وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة، ولذلك أخره. والنقص: أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين، وهي النون، وفي الحديث: $"من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا", ولقلة الإتمام في "هن" أنكر الفراء جوازه، وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عند العرب، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ "وَفِي أَبٍ وَتَالِيَيْهِ" وهما "أخ" و"حم" "يَنْدُرُ" أي: يقل النقص، ومنه قوله "من الرجز":
15-

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ فِي الكَرَمْ                         ومن يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي بفتحها وضمها وكسرها.
15- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص182؛ والدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 64؛ والمقاصد النحوية 1/ 129؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص57؛ وشرح ابن عقيل ص32؛ وهمع الهوامع 1/ 39. =

 

ج / 3 ص -51-          "يا لي"، وقد أجاز أبو الفتح1 في قوله "من الطويل":
903-

فَيَا شَوقُ مَا أَبْقَى وَيَا لِي مِنَ النَّوَى           وَيَا دَمْعُ مَا أَجْرَى وَيَا قَلْبُ مَا أَصْبَى

أن يكون استغاث بنفسه وأن يكون استغاث لنفسه، والصحيح وفاقًا لابن عصفور أن "يا لي" حيث وقع مستغاث له، والمستغاث به محذوف بناء على ما سيأتي من أن العامل في المستغاث فعل النداء المضمر، فيصير التقدير "يا أدعو لي" وذلك غير جائز في غير "ظننت" وما حمل عليها.
الثالث: اختلف في اللام الداخلة على المستغاث: فقيل هي بقية "آل" والأصل "يا آل زيد"، فـ"زيد": مخفوض بالإضافة، ونقله المصنف عن الكوفيين، وذهب الجمهور إلى أنها لام الجر، ثم اختلفوا؛ فقيل: زائدة لا تتعلق بشيء وهو اختيار ابن خروف، وقيل: ليست بزائدة فتتعلق، وفيما تتعلق به قولان؛ أحدهما: بالفعل المحذوف وهو مذهب سيبويه واختاره ابن عصفور، والثاني: تتعلق بحرف النداء وهو مذهب ابن جني.
الرابع: إذا وصفت المستغاث جررت صفته نحو: "يا لزيد الشجاع للمظلوم"، وفي النهاية لا يبعد نصب الصفة حملًا على الموضع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبو الفتح هو ابن جني.
903- التخريج: البيت للمتنبي في ديوانه 1/ 185.
اللغة: النوي: الفراق. ما أصبى: ما أشد صبوتي ، أي ميلي إلى الهوى.
المعنى: أيها الشوق المبرح، لم تبق في شيئًا صحيحًا، ويا لخوفي من الفراق، فكم أجرى دموعي، وكم أمال قلبي إلى من أهوى.
الإعراب: فيا "الفاء": للاستئناف، "يا": حرف نداء شوق: منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب. ما: نكرة تامة في محل رفع مبتدأ. أبقى: فعل ماض لإنشاء التعجب مبني على الفتح المقدر على الألف، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو"، والمتعجب منه محذوف، بتقدير "ما أبقاك" ويا: "الواو": للعطف، "يا": حرف نداء واستغاثة. لي: جار ومجرور متعلقان بفعل النداء "أدعو". من النوى: جار ومجرور متعلقان بـ"أدعو" ويا دمع ما أجرى: "الواو" للعطف، والباقي انظر إعراب "يا شوق ما أبقى".
وجملة "يا شوق": بحسب الفاء . وجملة "ما أبقى" اعتراضية. وجملة "أبقى": خبر "ما" محلها الرفع. وجملة "يا لي" معطوفة على جملة "يا شوق"، وكذلك جملة "ما أجرى". وجملة "أجرى" خبر المبتدأ "ما" محلها الرفع. وجملة "يا قلب": معطوفة على جملة "يا شوق". وجملة "ما أصبى": استئنافية لا محل لها. وجملة "أصبى": خبر المبتدأ "ما" محلها الرفع.
والتمثيل فيه قوله: "ويا لي من النوى" حيث تحتمل "يا لي" أن يكون مستغاثًا به، وأن يكون مستغاثًا لأجله.

 

ج / 3 ص -52-          599-

وافتح مع المعطوف إن كررت "يا"                  وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا

"وَافْتَحْ" اللام "مَعَ" المستغاث "المَعْطُوفِ إنْ كَرَّرْتَ يَا" كقوله "من الخفيف":
904-

يَا لَقَومِي وَيَا لأَمْثَالِ قَومِي                      لأُنَاسٍ عُتُوُّهُمْ فِي ازْدِيَادِي

"وَفِي سِوَى ذَلِكَ" التكرار "بِالكَسْرِ ائْتِيَا" على الأصل لأمن اللبس، نحو "من البسيط":
905-

"يبكيك ناء بعيد الدار مغترب"                     يا للكهول وللشبان للعجب


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
904- التخريج: البيت بلا نسبة  في أوضح المسالك 4/ 46؛ وشرح التصريح 12/ 181؛ والمقاصد النحوية 4/ 256.
اللغة: شرح المفردات: العتو: التمرد.
المعني: يستغيث الشاعر بقومه وبأمثال قومه ليدفعوا عنه ظلم قوم طغيانهم يتفاقم، وشرهم يزداد.
الإعراب: يا: حرف نداء واستغاثة. لقومي: اللام: حرف جر زائد، "قومي": مستغاث مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه مفعول به لفعل الاستغاثة المحذوف تقديره "أدعو". ويا: الواو حرف عطف، "يا": مفعول به لفعل محذوف تقديره "أدعو"، وهو مضاف. قومي: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على ما قبل الباء، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. لأناس: اللام: حرف جر، "أناس": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: "أدعوهم". عتوهم: مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، "هم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. في: حرف جر. ازدياد: اسم مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متلعقان بمحذوف خبر المبتدأ تقديره "موجود".
وجملة "عتوهم" في ازدياد" في محل جر نعت "أناس".
الشاهد فيه قوله: "يا لقومي ويا لأمثال قومي" حيث جر المستغاث "قومي" و"أمثال" بلام واجبة الفتح.
905- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 47؛ وخزانة الأدب 154؛ والدرر 3/ 42؛ ورصف المباني ص220؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ وشرح شواهد الإيضاح ص203؛ ولسان العرب 12/ 561، 12/ 563 "لوم"، والمقاصد النحوية 4/ 257؛ والمقتضب 4/ 256؛ والمقرب 1/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 180.
اللغة: شرح المفردات: النائي: البعيد. الكهول: ج الكهل، وهو من شاب شعر رأسه، أو من كانت سنه بين الثلاثين والخمسين.
المعنى: يقول: إنه يبكيه رغم أنه من ديار بعيدة عن دياره، ويدعو الناس، كهولًا وشبابًا، للعجب من هذا الأمر. =

 

ج / 3 ص -53-          تنبيهات: الأول: يجوز مع المعطوف المذكور إثبات اللام وحذفها، وقد اجتمعا في قوله "من الخفيف":
906-

يَا لَعَطَافِنَا وَيَا لَرباحِ                      وَأَبِي الحَشْرَجِ الفَتَى النَّفَّاحِ

الثاني: علم مما ذكر أن كسر اللام مع المستغاث من أجله واجب على الأصل وهو ظاهر في الأسماء الظاهرة، وأما المضمر فتفتح معه إلا مع الياء نحو: "يا لزيد لك"، وإذا قلت: "يا لك" احتمل الأمرين، وقد قيل في قوله "من الطويل":

فيا لك من ليل "كأن نجومه                  بكل مغار الفتل شدت بيذبل"1

أن اللام فيه للاستغاثة.
الثالث: فيما تتعلق به لام المستغاث من أجله خلاف؛ فقيل:
 بحرف النداء، وقيل:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإعراب: يبكيك: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. ناء: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة. بعيد: نعت "ناء" مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. الدار: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. مغترب: نعت ثان لـ"ناء" مرفوع بالضمة الظاهرة. يا: حرف نداء واستغاثة. للكهول: اللام حرف جر زائد، "الكهول": مستغاث مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره "أدعو". وللشبان: الواو حرف عطف، "الشبان":اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره "أدعوكم". للعجب: اللام حرف جر، "العجب": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره. "أدعوكم".
الشاهد فيه قوله: "وللشبان" حيث كسرت لام المستغاث المعطوف لأنه لم تعد معه "يا".
906- التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 155؛ والدرر 3/ 43؛ وشرح المفصل 1/ 131؛ والكتاب 2/ 216-217؛ وكتاب اللامات ص89؛ والمقاصد النحوية 4/ 286؛ والمقتضب 2/ 257؛ وهمع الهوامع 1/ 180.
اللغة: عطاف ورباح وأبو الحشرج: أسماء رجال. النفاح. الكثير العطاء.
الإعراب: يا: حرف نداء واستغاثة. لعطافنا: اللام للاستغاثة حرف جر زائد، "عطافنا": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أدعو"، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ويا: "الواو": حرف عطف، "يا": حرف نداء واستغاثة. لرباح: معطوف على "عطاف" مجرور لفظًا منصوب محلًا، وأبي: "الواو": حرف عطف، "أبي": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أدعو"، وهو مضاف. الحشرج: مضاف إليه مجرور. الفتى: بدل من "أبي" مجرور باعتبار اللفظ. النفاح: نعت "الفتى" مجرور.
الشاهد فيه قوله: "يا لعطافنا... وأبي" حيث دخلت اللام مفتوحة على المستغاث في الأول والثاني، وحذفت مع الثالث.
1 تقدم بالرقم 542.

 

ج / 3 ص -54-          بفعل محذوف، أي: أدعوك لزيد، وقيل: بحال محذوفة، أي: مدعوا لزيد.
الرابع: قد يجر المستغاث من أجله بـ"من"، كقوله "من البسيط":
907-

يَا للرِّجَالِ ذَوِي الأَلبَابِ مِنْ نَفَرٍ                 لاَ يَبْرَحُ السَّفَهُ المُرْدِي لَهُمْ دِينَا

600-

وَلاَمُ مَا اسْتُغِيثَ عَاقَبَتْ أَلِفْ                       ومثله اسم ذو تعجب ألف

"ولام ما استغيث عاقبت ألف" فكما تقول: "يا لزيد" تقول أيضًا يا زيدا، ومنه قوله "من الخفيف":
908- 

يَا يَزِيدَا لآمُلٍ نَيلَ عِز                            وَغِنًى بَعْدَ فَاقَةٍ وَهَوَانِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
907- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 3/ 44؛ والمقاصد النحوية 4/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 180.
اللغة: الألباب: ج اللب، هو العقل. النفر: الرجال من ثلاثة إلى تسعة: السفه: خفة العقل.
المردي: المهلك، أو الدنيء.
الإعراب: يا: حرف نداء واستغاثة. للرجال: اللام حرف جر زائد، "الرجال": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه مفعول به لفعل الاستغاثة المحذوف وتقديره: "أدعو". ذوي: نعت الرجال مجرور باعتبار اللفظ، وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف، الألباب: مضاف إليه مجرور، من نفر: جار ومجرور متعلقان بفعل الاستغاثة المحذوف. لا يبرح: فعل مضارع ناقص. السفه: اسم "لا يزال" مرفوع. المردي: نعت "السفه". لهم: جار ومجرور متعلقان بـ"دينا". دينا: خبر "لا يبرح" منصوب بالفتحة.
وجملة "يا للرجال..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا يبرح..." في محل جر نعت "نفر".
الشاهد فيه قوله: "من نفر" حيث جر المستغاث منه بـ"من".
908- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 49؛ والجنى الداني ص177، والدرر 4/ 126؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 791؛ ومغني اللبيب 2/ 371؛ والمقاصد النحوية 4/ 262.
اللغة: شرح المفردات: أمل: اسم فاعل من "أمل يأمل"، والأمل: الرجاء. الفاقة: العوز: الهوان: الذل.
المعنى: يستغيث الشاعر بيزيد أن يمنحه العز والغنى، وينتشله من براثن الفاقة والهوان.
الإعراب: يا: حرف نداء واستغاثة. يزيدا: مستغاث مبني على الضمة المقدرة لاشتغال المحل =

 

ج / 3 ص -55-          ولا يجوز الجمع بينهما، فلا تقول يا لزيدًا، وقد يخلو منهما، كقوله "من الوافر":
909-

أَلاَ يَا قَومِ لِلعَجَبِ العَجِيبِ                        "وللغفلات تعرض للأريب"

"وَمِثْلُهُ" في ذلك "اسْمٌ ذُو تَعَجُّبٍ أُلِفْ" بلا فرق كقولهم: "يا للماء" و"يا للدواهي" إذا تعجبوا من كثرتهما، ويقال: "يا للعجب"، و"يا عجبًا لزيد"، و"يا عجب له".
تنبيه: جاء عن العرب في نحو: "يا للعجب" فتح اللام باعتبار استغاثته وكسرها باعتبار الاستغاثة من أجله وكون المستغاث محذوفًا.
خاتمة في مسائل متفرقة: الأولى إذا وقف على المستغاث أو المتعجب منه حالة إلحاق الألف جاز الوقف بهاء السكت.
الثانية: قد يحذف المستغاث، فيلي "يا" المستغاث من أجله، لكونه غير صالح لأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بالحركة المناسبة، وهو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أدعو". لآمل: اللام حرف جر، "آمل": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بفعل الاستغاثة المحذوف تقديره "أدعو". نيل: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. عز: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وغني: الواو حرف عطف، "غني": معطوف على "عز" مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. بعد: ظرف زمان منصوب متعلق بـ"آمل"، وهو مضاف، فاقة: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. وهوان: الواو حرف عطف، "هوان": معطوف "على فاقة" مجرور بالكسرة الظاهرة.
الشاهد فيه قوله: "يا يزيدا" حيث جاء بالمستغاث به مختوما بالألف لكونه لم يأت معه باللام المفتوحة التي تدخل على المستغاث به.
909- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 152؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ والمقاصد النحوية 4/ 263.
اللغة: شرح المفردات: الغفلات: ج الغفلة، وهي السهو أو الإهمال. الأريب: العاقل؟
المعنى: يدعو الشاعر قومه للتنبه إلى صروف الدهر، وأن يتدبروا أمورهم، لأنه الإنسان مهما كان بصيرًا ومجربًا قد تعرض له غفلات تغير له مجرى حياته.
الإعراب: ألا: حرف استفتاح: يا: حرف نداء واستغاثة. قوم: مستغاث به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة وتقديره: "يا قومي"، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة، ويجوز أن يكون مبنيًا على الضم في محل نصب. للعجب: اللام: حرف جر، "العجب": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: "أدعو". العجيب: نعت "العجب": مجرور بالكسرة الظاهرة. وللغفلات: الواو حرف عطف، "للغفلات": معطوف على "للعجب". تعرض: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هي". للأريب: اللام حرف جر، "الأريب": اسم مجرور =

 

ج / 3 ص -56-          يكون مستغاثًا، كقوله "من البسيط":
910-

يا لأناس أبو إلا مثابرة                   على التوغل في بغي وعدوان

أي: يا لقومي لأناس.
الثالثة: قد يكون المستغاث مستغاثًا من أجله، نحو: "يا لزيدي لزيد" أي: أدعوك لتنصف من نفسك، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بالكسرة الظاهرة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل "تعرض".
وجملة: "تعرض" في محل جر نعت "الغفلات".
الشاهد فيه قوله: "يا قوم" حيث ترك لام المستغاث والألف جميعًا، وكان القياس أن يقول: "يا لقومي" أو "يا قوما".
910- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 3/ 45؛ والمقاصد النحوية 4/ 271؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
اللغة: أبوا: امتنعوا. المثابرة: المواظبة. التوغل: التعمق. البغي: الظلم والعدوان.
الإعراب: يا: حرف نداء واستغاثة. لأناس: جار ومجرور متعلقان بفعل الاستغاثة المحذوف تقديره: "أدعو". والمستغاث به محذوف، تقديره: "يا لقومي". أبوا: فعل ماض، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. إلا: أداة حصر. مثابرة: مفعول به. على التوغل: جار ومجرور متعلقان بـ"مثابرة". في بغي: جار ومجرور متعلقان بـ"التوغل" وعدوان: "الواو": حرف عطف، "عدوان": معطوف على "بغي" مجرور بالكسرة.
وجملة "يا لأناس": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبوا": في محل جر نعت "أناس".
الشاهد فيه قوله: "يا لأناس" حيث حذف المستغاث به، وأبقى المستغاث له، تقديره: "يا لقومي لإناس".