شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو

باب الإبدال
مدخل
...
باب الإبدال:
بكسر الهمزة مصدر أبدل، وهو في الاصطلاح جعل حرف مكان حرف آخر مطلقًا، فخرج بقيد المكان العوض، فإنه قد يكون في غير مكان المعوض منه كتاء "عدة" وهمزة "ابن"، وبقيد الإطلاق القلب، فإنه مختص بحروف العلة.
"الأحرف التي تبدل من غيرها" أربعة أقسام:
ما يبدل إبدالا شائعًا للإدغام، وهو جميع الحروف إلا الألف.
وما يبدل إبدالا نادرًا، وهو ستة أحرف، وهي "الحاء والخاء والعين المهملة والقاف، والضاد، والذال" المعجمتان كقولهم في "وكنة" وهي بيت القطا في الجبل: "وقنة"، وفي أغن: أخن، وفي ربع: ربح، وفي خطر: عطر، وفي جلد: جضد، وفي تلعثم: تلعذم".
وما يبدل "إبدالا شائعًا لغير إدغام"، وهو قسمان: ما هو غير ضروري في التصريف، وهو اثنان وعشرون حرفًا يجمعها هجاء قولك: لجد صرف شكس آمن طي ثوب عزته، وما هو ضروري في التصريف، وهو "تسعة: يجمعها" هجاء قولك: "هدأت موطيا" وهي لهاء، والدال المهملة، والهمزة، والتاء المثناة من فوق، والميم، والواو، والطاء المهملة، والياء المثناة تحت، والألف "وخرج بقولنا: شائعًا"، ما أبدل نادرًا "نحو قولهم في: أصيلان، تصغير: أصيل، على غير قياس" كما بحثه في شرح الهادي، وذكر أن كلام سيبويه يدل عليه1، وقال ابن السيد، كأنه تصغير "أصلان", وهو
__________
1 الكتاب 4/ 240.

(2/689)


عكس قياس المصغر، لأن حكم الجمع إذا صغر أن يصغر على لفظ واحده، وهذا جاء مصغرًا على لفظ جمعه، وفي الصحاح1: الأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب، وجمعه أصل، وآصال، وأصائل، ويجمع أيضًا على أصلان مثل بعير وبعران، ثم صغروا الجمع فقالوا: أصيلان، ثم أبدلوا من النون لامًا فقالوا: أصيلال، انتهى.
فهذان النقلان مخالفان لصنيع الموضح، وصنيعه أولى من وجه، لأن الحمل على تصغير المفرد شذوذًا أولى من الحمل على تصغير الجمع شذوذًا لكثرته، كـ"مغيربان" تصغير "مغرب"، و"عشيشيان" تصغير "عشية"، ونحوهما.
وصنيعهما أولى من وجه آخر لسلامته من دعوى الزيادة التي الأصل عدمها، "وفي اضطجع" إذا نام على جنبه، "وفي نحو: علي" بتشديد الياء علمًا "في الوقف"، أو ما جرى مجراه: "أصيلال" بإبدال من النون لقرب المخرج.
وكان الفراء يقول1: أصيلال تصغير "آصال"، وجعلوا زيادة اللام عوضًا عما حذفوا، لأنهم لو جاءوا به على الأصل لقالوا: أويصال، وشبهه بـ"دهر، وأدهر"، ثم قالوا: دهارير، وزعم أنهم أرادوا أداهير، "والطجع" بإبدال اللام من الضاد، و"علج" بإبدال الجيم من الياء المشددة لاشتراكهما في المخرج لكونهما من وسط اللسان واشتراكهما في الجهر، وإنما اختص ذلك بالوقف، لأنه يزيدها خفاء.
"قال" النابغة: [من البسيط]
942-
وقفت فيها أصيلالا أسائلها ... أعيت جوابًا وما بالربع من أحد
والمعنى: وقفت بدار الحبيبة أحيانًا، وسألتها عن الحبيبة، فعجزت عن الجواب. وما بها أحد يجيبني.
"وقال" منظور عن حبة الأسدي في ذئب: [من الرجز]
__________
1 الصحاح "أصل".
2 المخصص 9/ 57.
942- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، والإنصاف 1/ 269، وخزانة الأدب 2/ 122، 124، 126، 11/ 36، والدرر 1/ 458، 486، 2/ 531، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، وشرح شواهد الإيضاح ص191، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 231، ولسان العرب 11/ 17 "أصل"، واللمع ص151، والمقتضب 4/ 414، وبلا نسبة في أسرار العربية ص260، ورصف المباني ص324، وشرح الأشموني 3/ 820، ومجالس ثعلب ص504 والإنصاف 1/ 170.

(2/690)


943-
لما رأى أن لا دعه ولا شبع ... مال إلى أرطأة حقف فالطجع
والدعة: سعة العيش، والهاء عوض من الواو، والأرطأة: شجرة من شجر الرمل، والحقف: المعوج من الرمل، والجمع: حقاف وأحقاف، فالطجع.
قال المازني: بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مطبقين، ويبدل مكان الضاد أقرب الحروف إليها وهي اللام.
"وقال" أعرابي من البادية: [من الرجز]
944-
خالي عويف وأبو علج ... المطعمان اللحم بالعشج
يريد: أبو علي والعشي، فأبدل الجيم من الياء المشددة، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف، قاله السيد في شرح الشافية، "وتسمى هذه اللغة عجعجة قضاعة"، قال الجوهري1: وعجعجة في قضاعة يحولون الياء جيمًا مع العين، يقولون: هذا راعج خرج معج، أي: هذا راعي خرج معي، انتهى.
وقد يحولون الياء جيمًا وإن لم تجتمع معه العين، قال أبو عمرو: قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت؟ فقال: فقيمج، فقلت: من أيهم؟ فقال: من مرج، يريد فقيمي، ومري.
__________
943- الرجز لمنظور بن حبة الأسدي في المقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الاقتضاب ص311، والأشباه والنظائر 2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371، وتاج العروس 15/ 6 "أبز"، 19/ 124 "أرط", 21/ 399 "ضجع", والتنبيه والإيضاح 2/ 234، والخصائص 1/ 63، 263، 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة الإعراب 1/ 321، وشرح الأشموني 3/ 821، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 226، وشرح شواهد الشافية ص274، وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 64، ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أرط"، 8/ 219، "ضجع", 14/ 325 "رطا", والمحتسب 1/ 107، والممتع في التصريف 1/ 403، والمنصف 2/ 329.
944- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 2/ 205 "ج"، 320 "عجج", 4/ 395 "شجر"، 11/ 582 "كثل"، 13/ 49 "برن"، وأوضح المسالك 4/ 372، وكتاب العين 5/ 337، وجمهرة اللغة ص42، 242، وسر صناعة الإعراب 1/ 175، وشرح ابن الناظم ص595، وشرح الأشموني 3/ 821، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص212، وشرح المفصل 9/ 74، 10/ 55، والصاحبي في فقه اللغة ص55، والكتاب 4/ 182، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 29، والممتع في التصريف 1/ 353، والمنصف 2/ 178، 3/ 79، وتهذيب اللغة 1/ 68، 10/ 135، وتاج العروس 5/ 396 "ج"، 6/ 92 "عجج"، 18/ 27 "صيص"، "كتل"، "برن".
1 الصحاح "عجج".

(2/691)


وقد تبدل من الياء المخففة حملا على المشددة كقوله: [من الرجز]
945-
لاهم إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهات ينزى وفرتج
يريد: اللهم إن كنت قبلت حجتي، فلا يزال يأتي بي شاحج هذه صفته والشاحج، بمعجمة فمهملة، فجيم، من شمج البغل أي صوت، والأقمر: الأبيض، والنهات: النهاق، وينزى: يحرك، وفرتج: أي وفرتي، وهي الشعر إلى شحمة الأذن، "وهدأت: سكنت" من السكون ضد الحركة، قال: يعقوب1: أهدأت الصبي إذا جعلت تضرب عليه رويدًا لينام، "وموطيًّا" حال من التاء في "هدأت"، وهو اسم فاعل "من أوطأته جعلته وطيئًا" إلا أنك خففت همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وانكسار ما قبلها، "والياء فيه بدل من الهمزة، وذكره الهاء" في النظم2 "زيادة على ما في التسهيل3، وجمعها فيه في" هجاء قولك: "طويت دائمًا" وفيه مناقشة من ثلاثة أوجه: إسقاط الهاء كما مر، وتكرار الألف، وإعمال الماضي في "دائمًا"، وهو مثل "أبدًا"، قاله الموضح في الحواشي. "ثم إنه" لما ذكر الهاء "لم يتكلم هنا"، أي في باب الإبدال، "عليها، مع عده إياها" فيه، "ووجهه"، أي وجه عدم تكلمه عليها هنا، "أن إبدالها من غيرها إنما يطرد في الوقف على نحو: رحمه ونعمه، وذلك مذكور في باب الوقف" فاستغنى به. "وأما إبدالها من غير التاء فمسموع" لا يقاس عليه "كقولهم" في: إياك "هياك، و" في: لأنك قائم "لهنك قائم، و" في: أرقت الماء "هرقت الماء، و" في: أردت الشيء "هردت الشيء، و" في: أرحت الدابة "هرحت الدابة"، فأبدلوا في الجميع الهاء من الهمزة لاتفاقهما مخرجًا، لأنهما من أقصى الحلق.
__________
945- الرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 1/ 391، والمقاصد النحوية 4/ 570، وبلا نسبة في لسان العرب 2/ 205 "ج"، 5/ 241 "نهز", 10/ 103 "دلق" 12، 206 "دلقم"، والارتشاف 3/ 126، والدرر 2/ 512، وسر صناعة الإعراب 1/ 177، وشرح ابن الناظم ص595، وشرح الأشموني 2/ 449، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص215، وشرح المفصل 9/ 75، 10/ 50، ومجالس ثعلب 1/ 143، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 166، والممتع في التصريف 1/ 355، ونوادر أبي زيد ص164، وهمع الهوامع 1/ 178، 2/ 157، وتاج العروس 5/ 395، "ج"، 15/ 364 "نهز" 25/ 303 "دلق"، "دلم" ومقاييس اللغة 4/ 29.
1 إصلاح المنطق ص276.
2 يقصد قوله في الألفية:
أحرف الابدال هدأت موطيا ... فأبدل الهمزة من واو ويا
3 التسهيل ص300.

(2/692)


فصل في إبدال الهمزة:
"تبدل من الواو والياء" وجوبًا "في أربع مسائل:
إحداها: أن تتطرف إحداهما"، وهي لام، أو زائدة للإلحاق "بعد ألف زائدة"، سواء كسر أول كلمتها أم فتح أم ضم:
"نحو: كساء، وسماء، ودعاء"، فالهمزة فيهن مبدلة عن واو، والأصل: "كساو، وسماو، ودعاو".
"ونحو: بناء، وظباء، وفناء"، فالهمزة فيهن مبدلة عن ياء، والأصل: "بناي، وظباي، وفناي" فأبدلت الواو والياء همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة على أحد القولين، وقيل: إن الواو والياء أبدلتا ألفين لتحركهما، ووقوعهما بعد فتحة، لم يحجز بينهما إلا ساكن معتل1، زائد مع أنهما في مظنة التغيير، وهو الطرف، فقلبتا ألفين، فاجتمع ساكنان، فوجب إما الحذف أو التحريك، لا سبيل إلى الحذف، لأنه يفوت المد فيهن إن حذفت الأولى، ويفوت لام الكلمة إن حذفت الثانية، ولما امتنع الثاني تعين التحريك وكانت الثانية أولى لأربعة أوجه:
أحدها: أن تحريك الأولى2 يفوت حكمها، وهو المد.
الثاني: أن التغيير في الآخر أولى.
الثالث: أن حرف الإعراب محرك تقديرًا، فلا يعد في تحريكه لفظًا.
الرابع: أن في تحريكه تحصيلا لظهور الإعراب الذي يحصل3 به الفرق بين المعاني، ونحو: "علباء، وقوباء"، فالهمزة فيهما مبدلة من ياء زائدة للإلحاق بـ"قرطاس، وفرناس".
__________
1 سقط من "ب".
2 في "ب": "الثاني".
3 في "ب": "يحصد".

(2/693)


"بخلاف نحو: قاول، وبايع، و" نحو: "إداوة، وهداية"، لأن الواو والياء لم يتطرفا فيهن. أما الأولان فلوقوعهما عينًا، وأما الأخيران فلأن كلمتهما بنيت على تاء التأنيث، بخلاف التأنيث العارض، فإنه لا يمنع الإبدال، كـ"بناء، وبناءة".
"و" بخلاف "نحو: "غزو، وظبي" لعدم تقدم الألف عليهما، "و" بخلاف "نحو: واو" اسمًا للحرف، "وآي" جمع "آية" لأصالة الألف فيهما، أما "واو" فوزنه: "فعل" بفتحتين، وفي كون عينه ياء أو واوًا، قولان: الأول لأبي علي، والثاني لأبي الحسن.
وعلى القولين فالألف منقلبة عن أصل، وأما "آي" فأصله "أيَي" بفتحتين، قلبت الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، "و" الواو والياء "تشركهما في ذلك" الحكم "الألف" فإنها إذا تطرفت بعد ألف زائدة أبدلت الهمزة، وذلك "في نحو: حمراء فإن أصلها: حمرى" بألف مقصورة، "كـ: سكرى"، "فزيدت ألف قبل الآخر للمد كألف: كتاب، وغلام"، فالتقى ألفان لا يمكن النطق بهما، "فأبدلت" الألف "الثانية همزة"، لأنها من مخرج الألف، وظهرت الحركة التي كانت مقدرة فيهما.
المسألة "الثانية" من إبدال الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما عينًا لاسم فاعل فعل، أعلت فيه" أي في الفعل "نحو: قائل: وبائع" أصلهما: "قاول، وبايع" ولكنهم أعلوهما حملا على الفعل، فكما قالوا: "قال، وباع"، فقلبوا عينهما ألفًا كذلك قلبوا عين اسم فاعلهما ألفًا لوقوعها متحركة بعد فتحة مفصولة بحاجز غير حصين، ثم قلبوا الألف همزة على حد القلب في "كساء، هذا قول الأكثرين.
وقال المبرد1 دخلت ألف "فاعل" على ألف "قال، وباع" ونحوهما، فالتقى ألفان، ولم يمكن الحذف للإلباس، فوجب تحريك إحداهما، وكانت العين، لأن أصلها الحركة، والألف إذا تحركت صارت همزة، وتكتب ياء على حكم التخفيف، ولا تنقط، قاله المرادي2.
"بخلاف نحو: عين، فإنه: عاين، وعور، فهو: عاور" لأن العين لما صحت في الفعل خوف الإلباس بـ"عان، وعار" صحت في اسم الفاعل، وما ذكره تبعًا لغيره من أن اسم الفاعل فرع الفعل في الإعلال والتصحيح مشكل من وجهين:
__________
1 المقتضب 1/ 99.
2 شرح المرادي 6/ 13.

(2/694)


أحدهما: أن اسم الفاعل قد يدخله الإعلال، ولم يكن له فعل أصلا كـ"جائز" بالجيم، والزاي، وهو البستان، "وجائزة" مؤنثة، [وهي الخشبة في وسط السقف، فإن ادعوا أنهما نقلا من أسماء الفاعلين فقد كثروا النقل في أسماء الأجناس] 1، وهو قليل، بل قيل: ممنوع.
والوجه الثاني: أن الصحيح أن الوصف فرع من المصدر2، لا عن الفعل.
المسألة "الثالثة" من إبدال الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما بعد ألف مفاعل، وقد كانت" إحداهما "مدة" زائدة "في الواحد نحو": عجوز و "عجائز، و" صحيفة و"صحائف"، وسيأتي توجيهه "بخلاف: قسورة" وهو الأسد، "وقساور"، لأن الواو ليست بمدة، ومعيشة ومعايش"، لأن المدة في الواحد أصلية فلا تبدل، لأن أصلها الحركة لكونها عين الكلمة، فإذا وقعت بعد ألف "مفاعل" تحركت بحركتها، فتعاصت عن الإبدال.
"وشذ: مصيبة ومصائب، ومنارة ومنائر" بالإبدال، مع أن المدة في الواحد أصلية، لأنها عين الكلمة، والذي سهل إبدالها همزة تشبيه الأصلي بالزائد.
"وتشارك الواو والياء في هذه المسألة"، وهي مسألة الجمع, "الألف"، فتبدل همزة "نحو: قلادة وقلائد، ورسالة ورسائل"، وذلك لأنك لما جمعت "قلادة ورسالة" على "مفاعل" وقعت ألف الجمع ثالثة. ووقع بعدها ألف "قلادة، ورسالة"، فاجتمع ألفان، فلم يكن بد من حذف إحدى الألفين، أو تحريكها، فلو حذفوا الألف الأولى فاتت الدلالة على الجمع، ولو حذفوا الثانية لتغير بناء الجمع، لأن هذا الجمع لا بد
أن يكون بعد ألفه حرف مكسور، بينها وبين حرف الإعراب، ليكون كـ"مفاعل" فلم يبق إلا حركة الألف الثانية بالكسر لتكون كعين "مفاعل"، فلما حركت انقلبت همزة، ثمن شبهت واو "عجوز" وياء "صحيفة" بألف "قلادة، ورسالة"، لأن قبلهما حركة من جنسهما وهما ساكانا، فجريا مجرى الألف، هذا تعليل ابن جني3.
وقال الخليل4: إنما همزت الألف والياء والواو في "رسائل وصحائف وعجائز" لأن حروف اللين فيهن ليس أصلهن الحركة وإنما هي حروف ميتة، لا تدخلها الحركات فلما وقعن بعد الألف همزت، ولم يظهرن، إذ كن لا أصل لهن في الحركة، انتهى.
__________
1 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
2 في "ب": "المقدر".
3 المنصف 1/ 327.
4 الكتاب 4/ 356، والمنصف 1/ 326.

(2/695)


المسألة "الرابعة" مما تبدل فيه الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما ثاني حرفين لينين، بينهما ألف "مفاعل" سواء كان اللينان ياءين كـ"نيائف؛ جمع؛ نيف"، وهو الزيادة على العقد، وهو من ناف ينيف، وقول الشاطبي، وأصله: ينوف كـ"هين" فإن أصله "هيون" مبني على أنه من ناف ينوف، وتقدم في العدد بيانه.
"أو واوين كـ: أوائل؛ جمع؛ أول, أو مختلفين" بأن تكون إحداهما ياء والأخرى واوًا "كـ: سيائد؛ جمع؛ سيد, إذا أصله: سيود" اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وسبقت فأبدل ما بعد ألف الجمع همزة في الأمثلة الأربعة استثقالا لتوالي ثلاث لينات متصلة بالطرف، "وأما قوله"، وهو جندل بن المثنى الطهوي: [من الرجز] .
946-
حنى عظامي وأراه ثاغري ... وكحل العينين بالعواور
بغير إبدال، "فأصله: بالعواوير" بياء مثناة تحتانية قبل الراء، "لأنه جمع: عوار" بضم المعين وتخفيف الواو "وهو الرمد" الشديد. "فهو: مفاعيل كـ: طواويس، لا: مفاعل" كـ: مساجد، "فلذلك صحح" فيه الواو لبعده من الطرف، ثم حذفت الياء، وبقي التصحيح بحاله، لأن حذف الياء عارض، والاعتبار بالأصل، لأن المحذوف في حكم الموجود وفاعل "كحل" بالتخفيف ضمير يرجع إلى الدهر في أبيات قبله، "وعكسه قول الآخر"، وهو حكيم بن معية الربعي: [من الرجز]
947-
فيها عيائيل أسود ونمر
"فأبدل الهمزة من ياء "مفاعيل" لأن أصله: "مفاعل" لأن "عيائيل" جمع "عيل" بكسر الياء" المشددة، وقبلها عين مهملة مفتوحة على زنة "فيعل"، وأصله "عيول"، قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. "واحد العيال"، قاله صاحب الضياء،
__________
946- الرجز للعجاج في الخصائص 3/ 326، وليس في ديوانه ولجندل بن المثنى الطهوري في شرح أبيات سيبويه 2/ 429، وشرح شواهد الشافية ص374، والمقاصد النحوية 4/ 571، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 785، وأوضح المسالك 4/ 374، والخصائص 1/ 195، 3/ 164، وسر صناعة الإعراب 2/ 771، وشرح ابن الناظم ص597، وشرح الأشموني 3/ 829، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 131، وشرح الكافية الشافية 4/ 2085، وشرح المرادي 6/ 17, وشرح المفصل 5/ 7، 10/ 91، 92، والكتاب 4/ 370، ولسان العرب 4/ 615، "عور" والمحتسب 1/ 107، 124 والممتع في التصريف 1/ 329 والمنصف 2/ 49، 3/ 50، وتاج العروس 13/ 156 "عور", والمخصص 1/ 109.
947- تقدم تخريج الرجز برقم 911.

(2/696)


"والياء زائدة" في عيائيل "للإشباع، مثلها في قوله"، وهو الفرزدق: [من البسيط]
948-
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهم تنقاد الصياريف
بزيادة الياء. "فلذلك أعل" بإبدال الهمزة من الياء، و"نفي" مصدر نوعي مضاف إلى مفعوله، وفاعله "تنقاد"، وهو أيضًا مصدر مضاف إلى فاعله، والأصل، كنفي الدراهم نقد الصيارف.
وما ذكره ممن أنه لا فرق في اللينين بين الياءين والواوين، والواو والياء هو مذهب سيبويه، والخليل ومن وافقهما.
وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط، ولا همزة في الياءين، ولا في الواو مع الياء فتقول: "نيايف، وسياود، وصوايد" على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين إنما كان لثقلهما، ولأن لذلك نظيرًا، وهو اجتماع الواوين أول الكلمة، وأما إذا اجتمعت الياءان، أو الياء والواو فلا إبدال، لأنه التقت الياءان، أو الياء والواو أول الكلمة، فلا همز نحو: "بين" اسم موضع، ونحو: "يوم".
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه1 من أن الإبدال مطلقًا للقياس والسماع.
أما القياس فلأن الإبدال في "أوائل" إنما هو بالحمل على "كساء، ورداء" لشبهه به من جهة قربه من الطرف، وفي "كساء، ورداء" لا فرق بين الياء والواو، فكذا هنا.
وأما السماع فحكى أبو زيد في "سيقة: سيائق"، بالهمز، وهي "فعيلة" من "ساق"، وحكى الجوهري في تاج اللغة: جيد وجيائد بالهمز.
وفهم من إطلاقه "مفاعل" أن هذا الإبدال لا يختص2 بتالي ألف الجمع، حتى لو بنيت من "القول" مثل "عوارض" لقلت: "قوائل" بالهمز، هذا مذهب سيبويه3
__________
948- البيت للفرزدق في الإنصاف 1/ 27، وخزانة الأدب 4/ 424، 426، وسر صناعة الإعراب 1/ 25: والكتاب 1/ 28، وتاج العروس "درهم"، واللسان 9/ 190، "صرف" والمقاصد النحوية 3/ 521، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في أسرار العربية 45، والأشباه والنظائر 2/ 29، وأوضح المسالك 4/ 376، وتخليص الشواهد 169، وسر صناعة الإعراب 2/ 769، وشرح ابن الناظم ص299، وشرح الأشموني 2/ 337، وشرح ابن عقيل 2/ 102، وشرح قطر الندى 268، ولسان العرب 1/ 683" "قطرب"، 2/ 295 "سجح"، 3/ 425 "نقد" والمقتضب 2/ 258.
1 الكتاب 4/ 377.
2 في "ب": "يختصر".
3 الكتاب 4/ 369.

(2/697)


والجمهور، وخالف في ذلك الأخفش والزجاج1، فذهبا إلى منع الإبدال في المفرد لخفته بخلاف الجمع.
"وهنا مسألة خاصة بالواو، اعلم أنه إذا اجتمع واوان، وكانت الأولى مصدرة" في أول الكلمة، "والثانية إما متحركة" مطلقًا "أو ساكنة متأصلة الواوية أبدلت الواو الأولى همزة" وجوبًا لأمرين:
أحدهما: أن التضعيف في أول الكلمة قليل، وإنما جاء منه أحرف معلومة كـ"ددن" فلما قل التضعيف بالحروف الصحاح في أول الكلمة امتنع في الواو لثقلها.
والثاني: أنهم لما كانوا يجيزون البدل في "وجوه" ونحوه، وهي واو مفردة لأجل أنها بالضمة كالواوين، كانوا خلقاء أن يلتزموا الإبدال إذا وجد الواوان، لأن الواوين أثقل من واو وضمة. وهذان التعليلان لسيبويه2، ويدخل تحت ذلك صورتان:
إحداهما: أن تكون الواو الثانية متحركة.
والصورة الثانية: أن تكون الواو الثانية متأصلة الواوية "فـ" الصورة "الأولى نحو جمع: واصلة وواقية، تقول: أواصل وأواق"، كـ"ضاربة وضوارب"، "وأصلهما: وواصل، وواق"، بواوين، فأبدلت الواو الأولى همزة، وأعل "أواق"، إعلال "قاض"، فإذا دخلت عليه "أل" ثبتت ياؤه كقوله: [من الخفيف]
949-
ضربت صدرها إلى وقالت ... يا عديا لقد وقتك الأواقي
"و" الصورة "الثانية نحو: الأولى، أنثى، الأول"، مقابل "الآخر" بالكسر "أصلها، "وولي" بواوين أولهما فاء مضمومة، والثانية عين ساكنة" متأصلة الواوية، قلبت الواو الأولى همزة لما مر، وجمعها: "أول" وأصله: "وول"، ففعل به ما تقدم.
"بخلاف نحو: ووفي، وووري" مبنيتين للمفعول. "فإن" الواو الأولى لا يجب أن تبدل همزة، لأن الواو "الثانية ساكنة منقلبة عن ألف: فاعل" بفتح العين، وهو "وافى، و: وارى"، فليست متأصلة الواوية، لأنها بدل من ألف زائدة.
__________
1 الارتشاف 1/ 127.
2 الكتاب 4/ 431.
949- البيت للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب 2/ 165، والدرر 1/ 387، وسمط اللآلي 111، واللسان 15/ 404 "وقي"، والمقاصد النحوية 4/ 211، والمقتضب 4/ 214، ولعدي أخي المهلهل في تاج العروس "وقى"، وبلا نسبة في رصف المباني 177، وسر صناعة الإعراب 2/ 800، وشرح الأشموني 2/ 448، وشرح شذور الذهب ص146، وشرح المفصل 10/10، والمنصف 1/ 218، وهمع الهوامع 1/ 173.

(2/698)


"وبخلاف نحو: "الوولي" بواوين مخففا من "الوؤلي" بواو مضمومة فهمزة، وهي أنثى "الأوأل". أفعل تفضيل من "وأل" إذا لجأ"، فإن الواو الأولى لا يجب أن تبدل همزة، لأن الواو الثانية منقلبة عن همزة، فليست متأصلة الواوية، ويفهم من نفي الوجوب الجواز: "وخرج باشتراط التصدر1 نحو: هووي، ونووي، في المنسوب إلى: هوى، ونوى"، فلا تبدل الواو الأولى همزة لعدم تصدرها.
__________
1 في "ب": "التصدير".

(2/699)


فصل في عكس ذلك:
"وهو إبدال الواو الياء من الهمزة: ويقع ذلك" الإبدال "في بابين:
أحدهما: باب الجمع الذي على" وزن "مفاعل، وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه"، أي الجمع، "وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع، وكانت لام الجمع همزة أو ياء أو واوًا، وخرج باشتراط العروض" في الهمزة "نحو: المرآة، والمرائي، فإن الهمزة موجودة في المفرد، لأن المرآة: مفعلة": بكسر الميم، "من الرؤية، فلا تغير في الجمع"، بالإبدال، لأن هذه الهمزة أصلية في الجمع، وسبب الإبدال عروضها فيه على أنه قد سمع "المرايا" بإبدال شذوذًا كقوله: [من الرجز]
950-
مثل المرايا ولعاب الأقطار
"وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو: صحائف، وعجائز، ووسائل" جمع "صحيفة، وعجوز، ورسالة"، "فلا تغير الهمزة في شيء من ذلك أيضًا"، وإن كانت في الجمع لفقد علة الإبدال الآتية:
"وأما ما حصل فيه ما شرطناه" من وقوع الهمزة بعد ألف الجمع وكون الهمزة عارضة في الجمع، وكون لام الجمع معتلة، فيجب فيه عملان: قلب كسرة الهمزة فتحة: ثم قلبها"، أي الهمزة، "ياء في ثلاث مسائل، وهي أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصلية، أو واوًا منقلبة ياء، و" قلب الهمزة "واوا في مسألة واحدة، وهي أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة" في اللفظ سالمة من القلب ياء، فهذه أربع مسائل تحتاج إلى أربعة أمثلة.
"مثال ما لامه همزة: خطايا"، جمع "خطيئة: فعلية" من الخطأ، "أصلها: خطايئ" على زنة "مفاعل" "بياء مكسورة، هي ياء "خطيئة" وهمزة بعدها، هي لامها، ثم أبدلت الياء" المكسورة "همزة على حد الإبدال" المتقدم "في: صحائف"،
__________
950- لم أقف عليه في المصادر المتاحة.

(2/700)


جمع "صحيفة"، "فصار: خطائئ، بهممزتين"، الأولى المبدلة من الياء، والثانية لام الكلمة، "ثم أبدلت الهمزة الثانية"، وهي لام الكلمة، "ياء، لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد" همزة "مكسورة، فما ظنك بها بعد" همزة "مكسورة، ثم قلبت كسرة" الهمزة "الأولى فتحة للتخفيف، إذ كانوا قد يفعلون ذلك" الفتح "في ما لامه صحيحة نحو: مداري" جمع "مدرى" بكسر الميم، وسكون الدل المهملة، وفتح الراء، آلة تشبه المسلة، تكون مع الماشطة، تصلح بها قرون النساء، "وعذارى"، جمع "عذارء"، وهي البكر، "في: المداري، والعذاري" بكسر الراء فيهما، "قال" امرؤ القيس الكندي: [من الطويل]
951-
ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فيا عجبا من رحلها المتحمل
"وقال" أيضًا: [من الطويل]
952-
غدائره مستشزرات إلى العلا ... تضل المدارى في مثنى ومرسل
ففتح الراء فيهما، فإذا فعل ذلك في ما لامه راء، وهو حرف صحيح، "ففعل" ذلك" الفتح "هنا" في ما لامه غير صحيحة "أولى" لثقل الكسرة، و"تضل" بالضاد المعجمة أي: تغيب، و"المثنى": الشعر المفتول، و"المرسل" بخلافه، والغرض بيان كثرة العشر، "ثم قلبت الياء" المفتوحة "ألفًًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار "خطاءا" بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف" لكونها من مخرجها, وهي متوسطة بين ألفين، "فاجتمع شبه ثلاث ألفات"، وذلك مستكره، "فأبدلت الهمزة ياء". ولم تبدل واوا لأن الياء أخف منها "فصار: خطايا، بعد خمسة أعمال":
أولها: إبدال الياء همزة.
وثانيها: إبدال الهمزة الثانية ياء.
وثالثها: قلب كسر الهمزة الأولى فتحة.
ورابعها: قلب الياء ألفًا.
وخامسها: قلب الألف ياء على الترتيب.
__________
951- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص11، وشرح شواهد المغني 2/ 558، واللسان 4/ 592 "عقر"، وتهذيب اللغة 1/ 218، ومقاييس اللغة 4/ 90، وتاج العروس 13/ 102 "عقر"، وبلا نسبة في رصف المباني ص349، 447، ومغني اللبيب 1/ 209، وأوضح المسالك 4/ 379.
952- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص17، ولسان العرب 4/ 405 "شزر", 7/ 56 "عقص"، ومعاهد التنصيص 1/ 8، والمقاصد النحوية 4/ 587، وتاج العروس 1/ 283، "شفا" وأساس البلاغة "دري"، والمزهر 1/ 185.

(2/701)


هذا مذهب سيبويه1، وجمهور البصريين، وذهب الخليل1 إلى أن مدة الواحد لا تبدل في هذا همزة، لئلا يلزم اجتماع همزتين، بل تقلب بتقديم الهمزة على الياء، فيصير "خطائي"، ثم يفعل فيه ما تقدم من قلب الكسرة فتحة، ثم قلب الياء ألفًا، ثم قلب الألف ياء.
واعترض بأنهم قد نطقوا به على الأصل، سمع من كلامهم: "اللهم اغفر لي خطائئي" بهمزتين، ولو كان كما قال الخليل لم يكن ثم همزة ثانية: البتة.
"ومثال ما لامه ياء أصلية: قضايا" جمع "قضية" أصلها: قضايي؛ بياءين؛ الأولى ياء: فعلية، والثانية لام قضية، ثم أبدلت" الياء "الأولى بهمزة كما في: صحائف" فصار "قضائي" "ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة" فصارت "قضاءي"، "ثم قلبت الياء ألفًا" فصار "قضاءا"، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، "ثم قلبت الهمزة" المتوسطة بين الألفين "ياء" رجوعًا إلى أصلها، "فصار: قضايا، بعد أربعة أعمال":
أحدها: إبدال الياء الأولى همزة.
والثاني: قلب كسر الهمزة فتحة.
والثالث: قلب الياء الثانية ألفًا.
والرابع: قلب الهمزة ياء على الترتيب.
"ومثال ما لامه واو قلبت في المفرد يا: مطية" وهي الراحلة "فإن [أصلها] 2: مطيوة، فعيلة، من: المطا، وهو الظهر، أو من: المطو، وهو المد، يقال: مطوت بهم في السير، أي، مددت، اجتمع فيها الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، ثم أبدلت الواو3 ياء، ثم أدغمت الياء فيها"، أي في الباء "وذلك على حد الإبدال والإدغام في: سيود، وميوت، إذ قيل فيهما: سيد، وميت" بقلب الواو، وإدغام الياء في الياء، وجمعها "مطايا"، وأصلها "مطايو" بياء مكسورة قبل الواو، "ثم قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة"، فصار "مطايي" بياءين "كما" قلبت الواو لتطرفها "في: الغازي، والداعي"، وأصلهما: "الغازو، والداعو"، قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، "ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في: صحائف"، فصار "مطائي"،
__________
1 الكتاب 4/ 37.
2 إضافة من "ب"، "ط".
3 سقط من "ب".

(2/702)


"ثم أبدلت الكسرة فتحة": فصار "مطاءي" "ثم" أبدلت "الياء ألفًا" فاجتمع شبه ثلاث ألفات، "ثم" أبدلت "الهمزة" المتوسطة بين الألفين "ياء فصار: مطايا، بعد خمسة أعمال"1.
أحدها: قلب الواو ياء.
والثاني: قلب الياء الأولى همزة.
والثالث: إبدال الكسرة فتحة.
والرابع: إبدال الياء ألفًا.
والخامس: إبدال الألف ياء، ولم يرجع إلى أصلها، لأن الواو أثقل من الياء، أو لأنها لما أعلت في المفرد أعلت في الجمع.
"ومثال ما لامه واو" ظاهرة، "سلمت في الواحد، هراوة" وهي العصا الضخمة، "و" جمعها "هراوى" أصلها: "هراوو" بواوين، "وذلك أنا قلبنا ألف: هرواة، في الجمع همزة على حد القلب في: رسالة، ورسائل"، فصار "هرائو"، "ثم أبدلنا الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة" فصار"هرائي"، "ثم فتحنا الكسرة" فصار "هراءي"، "فانقلبت الياء ألفًا" لتحريكها، وانفتاح ما قبلها، فصار "هراءا"، بهمزة بين ألفين، "ثم قلبنا الهمزة واوًا"، ليشاكل الجمع واحده، "فصار: هرواى، بعد خمسة أعمال أيضًا":
أحدها: قلب الألف همزة.
والثاني: إبدال الواو ياء.
والثالث: قلب الكسرة فتحة.
والرابع: قلب الكسرة فتحة.
والخامس: قلب الهمزة واوا.
وشذ في هذا الباب ثلاثة أنواع:
أحدها: تصحيح الهمزة التي بعد الألف كقوله: [من الطويل]
953-
................................. ... ........ حتى أزيروا المنائيا
__________
1 في "ب": "أحوال".
953- تمام البيت:
فما برحت أقدامنا في مقامنا ... ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا
وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188، ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص397، 598، وشرح الأشموني 2/ 439، وشرح المرادي 6/ 20، والمقاصد النحوية 4/ 188.

(2/703)


بالهمزة، والقياس "المنايا" ولكنه أتى به على الأصل.
والثاني: تصحيحها، وتصحيح الهمزة التي هي لام بعدها كقولهم: اللهم اغفر لي خطائئي, بهمزتين، والقياس "خطاياي"، وهذا أشذ مما قبله.
والثالث: أبدال ما بعد الألف حرفًا لا يقتضيه القياس نحو: "هدية، وهداوا"، والقياس "هدايا".
"الباب الثاني" من البابين اللذين يقع فيما إبدال الواو والياء من الهمزة "باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة" واحدة، "والذي يبدل منهما أبدًا هو الثانية، لا الأولى، لأن إفراط الثقل بالثانية حصل، و" إذا اجتمع همزتان في كلمة فلهما ثلاث أحوال، لأنه "لا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة، أبو بالعكس"، بأن تكون الأولى ساكنة، والثانية متحركة، "أو يكونان متحركتين"، ويمتنع أن يكونا ساكنين معًا.
"فإن كانت الأولى متحركة" بفتحة، أو كسرة، أو ضمة، "والثانية ساكنة أبدلت الثانية حرف علة"، ألفًا، أو ياء, أو واوا "من جنس حركة الأولى" كراهة اجتماع الهمزتين مع عسر النطق بالثانية الساكنة "فتبدل ألفًا بعد الفتحة نحو: آمنت"، والأصل: "أأمنت" بهمزة مفتوحة، فهمزة ساكنة، أبدلت الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها.
"ومنه" أي ومن إبدال الهمزة الثانية ألفًا "قول عائشة، رضي الله عنها، وكانت"، تعني النبي-صلى الله عليه وسلم- "يأمرني" إذا حضت "أن آتزر1، وهو بهمزة" مفتوحة، "فألف"، قال المطرزي2: "وعوام المحدثين يحرفونه فيقرءونه بألف" مهموزة "وتاء مشددة، ولا وجه له" في العربية "لأنه" فعل مضارع، ووزنه "أفتعل" بكسر العين، مشتق "من الإزار، ففاؤه، همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة"، فأبدلت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها، وأجاز البغداديون: أتزر، وأتمن، وأتهل"، من الإزار، والأمانة، والأهل، بقلب الهمزة الثانية تاء، وإدغامها في التاء، وحكى الزمخشري: "أتزر" بالإدغام. وقال ابن مالك3: إنه مقصور على السماع كـ"اتكل"، وإذا جاز في الماضي جاز في المضارع.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الحيض برقم 300.
2 المغرب في ترتيب المعرب 1/ 37.
3 التسهيل ص312.

(2/704)


وفي حديث آخر، وأن كان قصيرًا فليتزر به، رواه مالك في الموطأ1 بهذا اللفظ في جميع رواياته، وسيأتي.
"و" تبدل الهموة الثانية "ياء بعد الكسرة نحو: إيمان"، أصله: "إئمان". بهمزتين مكسورة فساكنة، قلبت الهمزة الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. "وشذت قراءة بعضهم"، وهو الأعمش، راوي أبي بكر صاحب عاصم: "إئلافهم" [قريش: 2] بالتحقيق"2، وأجاز الكسائي أن يبتدأ: "إئت" بهمزتين نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء وقال3 إنه قبيح، لأن العرب لا تجمع بين همزتين، الثانية منهما ساكنة. انتهى. "و" تبدل الهمزة الثانية "واوًا بعد ضمة نحو: أوتمن"، بالبناء للمفعول، أصله: "أؤتمن" بهمزتين، مضمومة فساكنة، قلبت الهمزة الثانية، واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، "وأجاز الكسائي أن يبتدأ "أؤتمن" بهمزتين" مضمومة فساكنة، "نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء3، ورده" بأن العرب تجمع بين همزتين، لثانية منهما ساكنة، ذكر هذا الرد على الكسائي في إجازته أن يبتدأ، {ائْتِ بِقُرْآَنٍ} [يونس: 15] بهمزتين، لا في "أؤتمن".
"وإن كنت" الهمزة "الأولى ساكنة، و" الهمزة "الثانية متحركة"4، وهو النوع الثاني، ولا يكونان في موضوع الفاء لتعذر الابتداء بالساكن، بل في موضع العين، أو في موضع اللام.
"فإن كانتا في موضع العين أدغمت الاولى في الثانية" لاجتماع المثلين، وصححت "نحو: سأال" بفتح السين وتشديد الهمزة "فعال" للمبالغة في كثرة السؤال، "ولأال، ورأأس" بفتح أولهما وتشديد ثانيهما على زنة "فعال" للنسب لبائع اللؤلؤ والرءوس.
"وإن كانتا في موضع اللام أبدلت الثانية ياء مطلقًا"، سواء أكانت طرفًا أم غير طرف، "فتقول في" بناء "مثال: "قمطر" بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء المهملة: "من قرأ، قرأي" بكسر القاف وفتح الراء وسكون الهمزة، والأصل: "قرأأ" بهمزتين، أولاهما ساكنة فالتقى في الطرف همزتان، فوجب إبدال الثانية ياء،
__________
1 الموطأ 1/ 141.
2 انظر هذه القراءة في البحر المحيط 8/ 514، وشرح ابن الناظم ص599.
3 الوقف والابتداء 1/ 155.
4 في "ب": "محركة".

(2/705)


وأن كانت أولاهما ساكنة، يمكن إدغامها بحيث تصير مع التي بعدها كالشيء الواحد، لأن الطرف محل التغيير، فلم يغتفر فيه ذلك، كما اغتفر في نحو: "سأل" قاله الشارح1.
"و" تقول "في" بناء "مثال: سفرجل، منه" أي من "قرأ" "قرأيأ، بهمزتين، بينهما ياء مبدلة من همزة" وهي غير طرف، والأصل "قرأأء" بثلاث همزات، أبدلت الثانية ياء، لأنها في موضع اللام وصحت الأولى والثالثة، قاله المرادي2.
"وإن كانتا متحركتين" وهو النوع الثالث "فإن كانتا في الطرف أو كانت الثانية مكسورة، أبدلت" الثانية في الصورتين "ياء مطلقًا"، سواء انفتح ما قبلها أم ضم أم انكسر، ولا يجوز إبدالها واوا، لأن الواو الأخيرة لو كانت أصلية، ووليت كسرة أو ضمة لقلبت ياء ثالثة، فصاعدًا، وكذلك تقلب رابعة فصاعدًا بعد فتحة، فلو أبدلت الهمزة الأخيرة واوًا؛ فيما نحن بصدده؛ لأبدلت بعد ذلك ياء فتعينت الياء، "وإن لم تكن" الهمزة الثانية "طرفًا؛ وكانت مضمومة؛ أبدلت واوًا مطلقًا"، سواء انضم ما قبلها؛ أو انفتح، أو انكسر، "وإن كانت" الثانية "مفتوحة؛ فإن انفتح ما قبلها، أو انضم؛ أبدلت واوًا" فيهما، "وإن انكسر" ما قبلها "أبدلت ياء".
والحاصل: أن الهمزتين المتحركتين لا يخلو أن يكونا في الطرف أو لا.
فالأول ثلاثة أنواع، لأن الهمزة الأولى إما مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة.
والثاني تسعة أنواع، قامت من ضرب ثلاثة أحوال الأولى في ثلاثة أحوال الثانية، فالمطرفة تبدل ياء في جميع أنواعها، وغير المتطرفة منها أربعة تبدل فيها ياء وهي المفتوحة بعد كسرة، والمكسورة بعد فتحة أو كسرة، أو ضمة، وخمسة تبدل فيها واوًا، وهي المفتوحة بعد فتحة أو ضمة، والمضمومة بعد فتحة أو كسرة أو ضمة.
"أمثلة المتطرفة" بعد مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة "أن تبني من: قرأ، مثل: جعفر، أو: زبرج، أو: برثن" فتقول: "قرأأ، وقرئئ"، و"قرؤؤ" بهمزتين، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء، لأن الواو لا تقع طرفًا فيما زاد على الثلاثة. فيصير "قرأي" بفتح الأولى، و"قرئي" بكسرها و"قرؤي" بضمها، ثم إن كان قبل الياء فتحة؛ كما في المثال الأول؛ فإن الياء تقلب ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ويصير مقصورًا، وإن كان قبلها كسرة؛ كما في المثال الثاني؛ فإن الياء تحذف حركتها للاستثقال، وتعل إعلال "قاض".
__________
1 شرح ابن الناظم ص599.
2 شرح المرادي 6/ 25.

(2/706)


ويصير منقوصًا، وإن كان قبلها ضمة؛ كما في المثال الثالث؛ فإن الضمة تقلب كسرة، لتسلم الياء من القلب واوًا، وتعل إعلال "قاض" ويصير منقوصًا أيضًا.
"وأمثلة المكسورة" بعد مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة "أن تنبني من: أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم، بمعنى: قصد "مثل: أصبع، بفتح الهمزة، أو كسرها، أو ضمها، والباء فيهن مكسورة، فتقول في الأول" وهو فتح الهمزة "أأمم، بهمزتين، مفتوحة فساكنة" على مثال "أصبع" بفتح الهمزة وكسر الباء "ثم تنقل حركة الميم الأولى" وهي الكسرة "إلى الهمزة الساكنة "قبلها، ليتمكن من إدغامه في الميم الثانية لاجتماع المثلين1، "ثم تبدل الهمزة" الثانية المنقولة إليها كسرة الميم "ياء"2، لما تقدم من أن الهمزة المكسورة بعد مفتوحة تقلب ياء. "وكذا تفعل في الباقي أيضًا"، فتقول في بناء مثل "إصبع" بكسر الهمزة والباء من "أم، إئمم" بهمزتين، مكسورة، فساكنة، فتنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة قبلها. ليتوصل إلى إدغام المثلين، إذ اجتماعهما موجب للإدغام وكسر الباء من "أم: أؤمم" بهمزتين مضمومة فساكنة، ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة قبلها توصلا إلى الإدغام، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء, "وذلك" العمل "واجب".
"وأما قراءة ابن عامر: والكوفيين" كعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف والأعمش، " {أَئِمَّةً} " [التوبة: 12] جمع "إمام" بالتحقيق"3 من غير إبدال "فمما يوقف عنده، ولا يتجاوز"، والقياس: "أيمة" بقلب الهمزة ياء، فإن قلت: كان القياس قلب الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها كـ"آنية"، جمع "إناء" قلت، لما وقع بعدها مثلان، وأرادوا الإدغام، نقلوا حركة الميم الأولى؛ وهي الكسرة؛ إلى الهمزة قبلها، وأدغموا الميم في الميم، فصار "أئمة" فقلبوا الهمزة الثانية ياء محضة.
"وأمثلة المضمومة" بعد مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة "أوب" بفتح الهمزة، وضم الواو، وتشديد الموحدة، "جمع: أب"، بفتح الهمزة، وتشديد الموحدة، "وهو المرعى. وأن يبنى من: أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم "مثل: إصبع، بكسر الهمزة وضم الباء، أو" أن يبنى من "أم" مثل: أبلم" بضم الهمزة واللام، وبينهما باء ساكنة موحدة، هو سعف المقل، "فتقول: أوم، بهمزة مفتوحة أو مكسورة
__________
1 في "ب": "المثيل".
2 سقط من "ب".
3 انظر الإتحاف ص341، والنشر 1/ 378-379، وشرح ابن الناظم ص601.

(2/707)


أو مضمومة، وواو مضمومة"، فاستوفى الأقسام الثلاثة، فالصواب حذف قوله: مفتوحة، للاستغناء عنه بذكر "أوب"، وصار ذكر "أوب" زائدًا، "وأصل الأول"، وهو "أوب" "أأبب" بهمزتين مفتوحة فساكنة، وضم الباء الأولى "على وزن: أفلس، وأصل الثاني والثالث: إئمم، وأؤمم" بكسر الهمزة في الأول، وضمها في الثاني، "فنقلوا فيهن" حركة أول المثلين إلى الساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية. "ثم أبدلوا الهمزة واوًا" لأنها تجانس حركتها، "وأدغموا أحد المثلين في الآخر" لاجتماعهما1.
"ومثال المفتوحة بد مفتوحة: أوادم؛ جمع؛ آدم"، أصله "أأدم" بهمزتين مفتوحتين، بعدهما ألف، قلبت الهمزة الثانية واوا لما سيأتي.
"ومثال المفتوحة بعد مضمومة1 "أويدم" تصغير: "آدم"، أصله "أأيدم بهمزتين مضمومة فمفتوحة، قلبت الثانية منهما واوا، لأن الهمزة الثانية؛ إذا كانت مفتوحة، ولم تكن طرفًا؛ تقلب واوًا، سواء كان ما قبلها مفتوحًا كما في تكسير "آدم"، أو مضمومًا كما في تصغيره، والتمثيل بجمع "آدم" وتصغيره مبني على أنه [عربي، واضطرب فيه كلام الزمخشري، فذهب في الكشاف إلى أنه] 2 أعجمي على وزن "فاعل" كـ"آزر"3. وذهب في المفصل إلى أنه عربي على وزن "أفعل"4.
"ومثال المفتوحة بعد مكسورة أن تبني من "أم" مثالا على وزن "إصبع" بكسر الهمزة وفتح الباء"، فتقول: "إيم" بهمزة مكسورة وياء مفتوحة. والأصل "إئمم" بهمزتين مكسورة فساكنة، نقلت حركة الميم الأولى، وهي الفتحة، إلى الساكن قبلها توصلا إلى إدغام المثلين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء1.
"وإذا كانت الهمزة الأولى من" الهمزتين "المتحركتين همزة مضارعة" للمتكلم، متعديًا كان المضارع. أو لازمًا "نحو: أؤم" القوم، "و: أئن" من كذا، ["مضارعي: أممت" القوم، "وأننت" من كذا] 2، "جاز في" الهمزة "الثانية التحقيق تشبيهًا لهمزة المتكلم لدلالتها على معنى" زائد في كلمتها "بهمزة الاستفهام نحو: {أَأَنَذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ، وذلك مطرد في خمسة أفعال، رواه أبو زيد في كتاب الهمزتين.
__________
1 سقط من "ب".
2 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
3 الكشاف 1/ 125.
4 المفصل ص363.

(2/708)


فصل في إبدال الياء من أختيها الألف والواو
...
فصل في إبدال من أختيها الألف والواو:
"وأما إبدالها من الألف ففي مسألتين:
إحداهما: أن ينكسر ما قبلها كقولك في" جمع "مصباح: مصابيح، وفي" جمع "مفتاح، مفاتيح، وكذلك تصغيرهما" كقولك في تصغير "مصباح: مصيبيح"، وفي تصغير "مفتاح: مفيتيح" فتقلب الألف في التكسير والتصغير ياء لانكسار ما قبلها.
المسألة "الثانية: أن يقع قبلها ياء تصغير كقولك في" تصغير "غلام: غليم" لأن ما بعد ياء التصغير لا يكون إلا متحركًا1، والألف لا تقبل الحركة، وما قبل الألف لا يكون إلا متحركًا، وياء التصغير لا تكون إلا ساكنة، فوجب قلب الألف حرفًا يتحرك بعد ياء التصغير، ولا يمنع2 سكون ما قبله، فقلبت الألف3، لمناسبتها ما قبلها، ولأنها لو قلبت واوا لزم بعد ذلك قلبها ياء كما في "سيد".
"وأما إبدالها"، أي الياء، "ومن الواو ففي عشر مسائل:
إحداها: أن تقع بعد كسرة وهي إما طرف" سواء أكانت في فعل مبني للفاعل أو للمفعول، أو في اسم "كـ: رضي، وقوي" مبنيين للفاعل، "وعفي" مبنيًا للمفعول، "والغازي، والداعي" في اسم الفاعل3 قلبت الواو في هذه الأمثلة الخمسة ياء لوقوعها طرفًا بعد كسرة، وأصلها، "رضو"، لأنها من "الرضوان"، و"قوو" لأنه من "القوة"، و"عفو"، لأنه من "العفو" والغازو، والداعو" لأنهما من "الغزو، والدعوة".
"أو" تقع الواو "قبل تاء التأنيث كـ: شجية"، اسم فاعلة من "الشجو"4 بالشين المعجمة والجيم، وهو الحزن، "وأكسية". جمع "كساء"، "وغازية"،
__________
1 في "ط": "محركًا".
2 في "ط": "لا يمكن".
3 سقط من "ب".
4 في "ب": "الشجر".

(2/709)


اسم فاعلة من "الغزو"، "وعريقية"، و"تريقية" "في تصغير: عرقوة"، و"ترقوة"، فقلبت الواو في الجميع ياء لوقوعها طرفًا بعد الكسرة، لأن تاء التأنيث في حكم الانفصال، ولم يفرقوا بين كون التاء بنيت الكلمة عليها، أم لا، وكان ينبغي في "عريقية" أن لا تقلب الواو ياء, لأن الكلمة قد بنيت على التاء بدليل أنه ليس لنا اسم معرب1، آخره واو. قبلها ضمة، فدل أن "عرقوة" بمنزلة "عنفوان".
"وشذ: سواسوة" بالتصحيح، "في جمع: سواء " بفتح السين المهمة والمد بمعنى: مستو، يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر، أي مستوون فيه، فكأنه جمع "مستو" بحذف الزائد، إلا أنه زيد فيه سين أخرى، وقالوا: "سواسية" على الأصل، ووقع الجوهري2 أنه جعل "سوا" كلمة، و"سية" كلمة أخرى، ووزن كلا منهما بوزن يخصها، والتحرير ما تقدم عليه قوله: [من الطويل]
954-
سواسية سود الوجوه كأنهم ... ظرابي غربان بمجرودة النخل
ووزنها "فعافلة" وفيه شذوذ من جهات:
إحداها: تكرار الفاء في الجمع مع عدم تكرارها في الواحد، وهو نظير تكرار العين في التصغير في "عشيشية".
الثانية: جمع فعال؛ على هذا الوزن؛ وإنما قياسه أسوية، كـ: قباء، وأقبية.
الثالثة: أن قياس الفاء، إذا تكررت زائدة أن تكون العين مكررة معها أيضا كـ"مرمريس"، وإذا تكررت وحدها. فقياسها أن تكون أصلا نحو "قرقف، وسندس". وفي حواشي الصحاح لابن بري: "سواسية" جمع "سواء" على غير الواحد كـ"باطل، وإباطيل"، وكأنه جمع "سوساة"، ووزن "سوساة، فعللة" كـ"شوشاة"، لا "فعلاة" لندور باب "سلس"، ولا "فوعلة" لندور باب "كوكب"، ولا "فعفلة"، لأن الفاء لا تتكرر وحدها، فبطل حينئذ كون "سواسية فعالية، وفواعلة، وفعافلة"، وتعين "فعاللة" وهذا كلام حسن، نقله الموضح في الحواشي.
"و" شذ "مقاتوة" بقاف وتاء مثناة فوق "بمعنى: خدام"، جمع "مقتو"، اسم فاعل من "القتو" وهو الخدمة، أصله "مقتوو"، قلبت الواو الثانية ياء لتطرفها
__________
1 في "ب": "معروف".
2 الصحاح "سوا".
954- البيت للبعيث في لسان العرب 1/ 571 "ظرب" وتهذيب اللغة 14/ 377، والشعر والشعراء 1/ 497، والقافية في هذه المصادر "محل" مكان "النخل".

(2/710)


بعد الكسرة، ثم أعل إعلال "قاض"، قال: [من الوافر] .
955-
............................... ... متى كنا لأهلك مقتوينا
أي: خدامًا، وقال: [من المنسرح] .
956-
إني امرؤ من بني جذيمة لا ... أحسن قتو الملوك والحفدا
أي: خدمة الملوك، وكان حق الجمع "مقاتية" ولا ثالث لهما، قال في المحكم1، قال أبو علي، أخبرني أبو بكر عن أبي العباس أنه لم يسمع مثل "مقاتوة" إلا حرفًا واحدًا، أخبرني به أبو عبيدة، وهو "سواسوة" ومعناه سواء، انتهى.
أو تقع الواو قبل ألف التأنيث المقصورة، كأن تبني من "الغزو" مثل "هندباء" فتقول: "غزوياء"، أو الممدودة، كأن تبني من "الغزو" مثل "أربعاء" فتقول": "أغزياء"، "أو قبل الألف والنون الزائدتين" المضارعتين لألفي2 التأنيث "كقولك في مثال: قطران"، بفتح القاف وكسر الطاء، "من: الغزو: غزيان" بقلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة لأن ألفي التأنيث وما ضارعها في حكم الانفصال.
المسألة "الثانية" من إبدال الياء من الواو "أن تقع" الواو "عينًا لمصدر فعل3 أعلت فيه"، أي في الفعل، "ويكون قبلها كسرة، وبعدها ألف"، فهذه أربعة شروط "كـ: صيام، وقيام" من مصادر الثلاثي، "وانقياد، واعتياد" من مصادر المزيد، والأصل فيهن: "صوام, وقوام، انقواد، واعتواد"، فقلبت الواو فيهن ياء، لأنها
__________
955- صدر البيت:
تهددنا وأوعدنا رويدًا
وهو لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص79، وجمهرة اللغة ص408، وأساس البلاغة "قتو"، وخزانة الأدب 7/ 427-429، 8/ 80-81، وشرح شواهد الإيضاح ص292، ولسان العرب 1/ 356 "خصب" 15/ 169 "قتا"، 15/ 212 "قوا"، والمنصف 2/ 133، ونوادر أبي زيد ص188، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 269، والأشباه والنظائر 1/ 289؛ ولسان العرب 1/ 391، "ذنب".
956- البيت بلا نسبة في جمهرة اللغة ص408، والمخصص 3/ 141، والخصائص 2/ 104، 303، والمحتسب 2/ 25، وهو برواية "والخببا" مكان "والحفدا" في لسان العرب 1/ 342 "خبب"، 15/ 169 "قتا"، وتاج العروس "قتا"، وكتاب العين 5/ 198، ومقاييس اللغة 5/ 58، والمخصص 3/ 141، وديوان الأدب 4/ 71، وتهذيب اللغة 7/ 14، 9/ 253، وأساس البلاغة "قتو" والأشباه والنظائر 1/ 289، وخزانة الأدب 7/ 428.
1 المحكم 6/ 334 "قتو".
2 في "ب": "لألف".
3 في "ب": "الفعل الذي".

(2/711)


لما أعلت في أفعالها بقلبها ألفًا، واستثقل بقاؤها في المصدر صحيحة بعد الكسرة، وقيل حرف يشبه الياء في المد، أعلت1 في المصدر بقلبها ياء حملا للمصدر على فعله في الإعلال، ليصير العمل في اللفظ من وجه واحد.
"بخلاف نحو: سوار، وسواك" بكسر أولهما، اسمي جنس، فلا تقلب الواو، فيهما ياء "لانتفاء المصدرية، و" بخلاف "نحو: لاوذ لواذا، وجاور جوارًا" بالجيم2؛ فإن "لواذًا، وجوارًا"؛ وإن كانا مصدرين؛ لا تقلب الواو فيهما ياء "لصحة عين الفعل" فيهما، وهو "لاوذ، وجاور"، بخلاف: "راج رواجًا"، لعدم الكسرة قبلها.
"و" بخلاف: ["حال حولا، وعاد المريض عودًا"، فإن "حولا، وعودًا؛ وإن كانا مصدرين، أعل فعلهما، وهو: "حال، وعاد" بقلب عينهما ألفًا، لا تقلب الواو فيهما ياء "لعدم الألف" بعدها، "وقل الإعلال فيه"، أي: فيما عدم الألف] 3، "نحو قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ} [النساء: 5] , وقوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] في قراءة نافع وابن عامر في النساء4، وفي قراة ابن عامر في المائدة"5. وأصلهما "قومًا" قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، "وشذ التصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم: نارت الظبية" تنور "نوارًا" بالنون والراء المهملة "بمعنى نفرت" والقياس: نيارًا، ولكنه جاء بالتصحيح، قال العجاج، وأنشده ابن جني6: [من الرجز]
957-
يخلطن بالتأنس النوارا
قال في شرح الكافية7: "ولم يسمع له نظير".
__________
1 في "ب": "اعتلت".
2 سقط من "ب".
3 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
4 وأيضًا ابن عباس. وقد قرءوا "قِيَمًا". انظر الإتحاف ص186، ومعاني القرآن للفراء 1/ 256.
5 وأيضًا عاصم والجحدري، انظر الإتحاف ص203، والنشر 2/ 256.
6 المنصف 1/ 303، 3/ 52, والمحتسب 1/ 182.
957- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 87، وإصلاح المنطق ص125، وتهذيب اللغة 15/ 235، ولسان العرب 5/ 244 "نور"، والمحتسب 1/ 182، والمنصف 1/ 303، 3/ 52.
7 شرح الكافية الشافية 4/ 2116.

(2/712)


المسألة "الثالثة": "أن تقع" الواو "عينا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهي في الواحد إما معلة" أي: منقلبة "نحو: دار وديار وحيلة" بحاء مهملة وياء مثناة تحتانية، "وحيل وديمة وديم وقيمة وقيم وقامة وقيم" والأصل: "داور وحول ودوم وقوم"، ولكن لما أنكسر ما قبل الواو في الجميع، وكانت في المفرد معلة بقلبها ألفًا في الأول والأخير، وياء فيما بينهما، ضعفت، فتسلطت الكسرة عليها واستفدنا من تكثير الأمثلة أنه إذا كانت الواو معلة في الواحد لا يشترط وقوع الألف بعدها كما في "ديار" خلافًا للمرادي1، وسيأتي إيضاحه.
"وشذ: حاجة، وحوج"، والقياس: "حيج"، لأن قبلها كسرة، والواو أعلت في الواحد، "وإما شبيهة بالمعلة، وهي الساكنة، وشرط القلب في هذه أن تكون بعدها في الجمع ألف كـ: سواط وسياط، وحوض وحياض، وروض ورياض"، والأصل فيها2: "سواط، وحواض، ورواض"، ولكن لما انكسر ما قبل الواو في الجمع، وكانت الواو في الواحد ساكنة، ضعفت، فتسلطت الكسرة عليها، وقوى تسليطها وجود الألف، "فإن فقدت" الألف "صححت الواو نحو: كوز وكوزة، وعود، بفتح أوله" وهو بالعين المهملة، "للمسن من الإبل"، وهو الذي جاوز في السن البازل هو الذي له سبعين سنين، "وعودة" لأنه لما عدمت الألف قل عمل اللسان، فخف3 النطق بالواو بعد الكسرة فصححت4، ولم يجز إعلالها، لأنه انضم إلى عدم الإعلال تحصين الواو ببعدها من الطرف بسبب هاء التأنيث.
"وشذ قولهم" في جمع "ثور": "ثيرة" بإبدال الواو ياء، والقياس: "ثورة" بالتصحيح، وقيل: الأصل5 "ثورة" بسكون الواو، فأعل بقلب الواو ياء، ثم فتحت الياء، وزعم المبرد أنه مقصور من "فعالة" والأصل، "ثيارة"6 فلذا أعل، ثم قصر بعد ذلك, نقله ابن مالك عنه7، والمعروف عنه إنما قال: "ثيرة", ليكون القلب دليلا
__________
1 شرح المرادي 6/ 32.
2 سقط من "ب".
3 في "ب": "فحفف".
4 في "ب": "فصحت".
5 في "ب": "الأول".
6 المقتضب 1/ 130.
7 شرح الكافية الشافية 4/ 2114.

(2/713)


على أنه جمع "ثور" [من الحيوان، لا جمع "ثور" من] 1 الأقط، والمخصص أنهم لما قالوا في جمع "ثور" من الحيوان: "ثيران" بقلب الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها حملوا "ثيرة" في جمعه عليه، وليس لـ"ثورة" من الأقط ما يحمل جمعه في القلب عليه. قاله الجاربردي2.
"وتصحيح الواو إن تحركت في الواحد نحو: طويل، وطوال، وشذ" قياسًا واسعمالا قوله: [من الطويل]
958-
تبين لي أن القماءة ذلة ... وأن أعزاء الرجال طيالها
بإبدال الواو ياء، والقياس: "طوالها" كما رواه القالي.
وفي شرح الكافية3: وأما الطيال جمع طويل فيمكن أن يجعل من باب جواد وجياد كأنه جمع طائل من طاله إذا فاقه في الطول. انتهى. والقماءة بالمد: القصر.
"قيل: ومنه" أي من شذوذ إعلال الواو المتحركة: " {الصَّافِنَاتُ} " [ص: 31] جمع "صافنة" وهي من الخيل التي تقوم على طرف سنبك يد أو رجل، وهي من الصفات المحمودة في الخيل، لا تكاد تكون إلا في العرب الخلص، " {الْجِيَادُ} " [ص: 31] جمع "جواد"، وهو الذي يسرع في جريه، وقيل: الذي يجوز بالركض، وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين، واقفة وجارية بمعنى: إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها، وكان القياس: "الجواد" بالتصحيح، لأن الواو محركة في الواحد. "وقيل": "الجياد" في الآية ليس بشاذ، وإنما هو" جمع: جيد" بتشديد الياء، "لا" جمع "جواد.
والحاصل: أن الواو تصحح إن تحركت في الواحد كـ"طويل، وطوال"، "أو أعلت لامه" أي الواحد بالياء أو بالواو.
__________
1 ما بين المعكوفين إضافة من "ب"، "ط".
2 شرح الشافية 2/ 452.
958- البيت لأنيف بن زبان في الحماسة البصرية 1/ 35, وشرح شواهد الشافية ص385، ولأثال بن عبدة بن الطبيب في خزانة الأدب 9/ 488، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 386، وشرح الأشموني 3/ 844، وشرح المفصل 5/ 45, 10/ 88، وعيون الأخبار 4/ 54، واللسان 11/ 410 "طول"، والمحتسب 1/ 184, ومجالس ثعلب 2/ 412، والمقاصد النحوية 4/ 88، والممتع في التصريف 2/ 497، والمنصف 1/ 342، وتاج العروس "طول".
3 شرح الكافية الشافية 4/ 2116.

(2/714)


فالأول "كجمع: ريان" نقيض عطشان "فعلان" من "الري"، أصله: "رويان" اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء.
"و" الثاني كجمع "جو" بفتح الجيم "وتشديد الواو"، وهو ما بين السماء والأرض، واسم بلدة باليمامة، "فيقال" في جمعهما: "رواء، وجواء" كـ"رجال" "بتصحيح العين"، وهي الواو، والأصل: "رواي، وجواو"، أبدلت الياء والواو همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة، ولا يجوز مع ذلك إعلال عينهما، "لئلا يتوالى إعلالان"، إعلال العين بإبدالها ياء للكسرة قبلها، وإعلال اللام بإبدالها1 همزة لوقوعها طرفًا بعد ألف زائدة نحو: "كساء، ورداء"، فاقتصر على إعلال اللام، [لأنه محل التغيير، وكذلك ما أشبههما مما اعتلت فيه اللام] 2 بإبدالها همزة، وصححت فيه العين.
"وهذا الموضع"؛ وهو إبدال الياء من الواو إذا وقعت عينًا إلى آخره؛ "ليس محررًا في الخلاصة، ولا في غيرها من كتب الناظم3، فتأمله"، بل كلامه في الخلاصة في دعوى القياس، وفي نقل السماع يخالفه كلامه في التسهيل4.
أما في1 دعوى القياس فإن اعتماده هنا على التصحيح قياسًا، لأنه جعله5 الغالب في كلام العرب، وعادته البناء على الغالب، والقياس عليه، فهو قد ارتضى هنا فيما كان على "فعل" من المصادر المعتلة أن لا يغير، ولا تقلب واواه، وفي التسهيل على خلاف ذلك، لأنه قال4: تبدل الياء بعد كسرة من واو، هي عين مصدر الفعل معتل العين، ولم يقل، قبل ألف كما قال ذلك في الجمع، وأفرده بذلك دون المصدر فاقتضى أن "فعلا" تقلب واوه ياء في القياس، لأنه لم يستثنه. وأما في نقل السماع فإنه زعم هنا أن الغالب في كلام العرب تصحيح "فعل" والنادر هو الإعلال، حيث قال:
955-
.......................... والفعل ... منه صحيح غالبًا نحو الحول
وجعل في التسهيل4 التصحيح قليلا، والغالب الإعلال، حيث قال: قد يصحح ما حقه الإعلال من "فعل" مصدرًا أو جمعًا، فأتى بـ"قد" المشعرة بالتقليل على
__________
1 سقط من "ب".
2 سقط ما بينهما من "ب".
3 في "ب": "النظم".
4 التسهيل ص304.
5 في "ب": "جعل".

(2/715)


عادته إذا أراد تقليل، وقال في شرح الكافية1، ونبه بتصحيح ما وزنه "فعل" كـ"الحول"، على أن [إعلال] 2 المصدر المذكور مشروط بوجود الألف فيه، حتى يكون على "فعال"، انتهى.
وقد علمت أن الإعلال المذكور يكون في غير "فعال" نحو: "انقاد انقيادا"، والأصل: "انقوادًا". وأطلق "فعالا"، وقد علم أنه إذا كان معتل اللام صحح، نحو: "رواء، وحواء".
المسألة "الرابعة: أن تقع" الواو "طرفًا رابعة فصاعدًا"، لأن ما هي فيه إذ ذاك لا يعدم نظيرًا يستحق الإعلال، فيحمل عليه هو، قاله الشارح3.
وسواء كانت في فعل، أو اسم "تقول" في الفعل: "عطوت" بمعنى: أخذت، "وزكوت" بمعنى: نميت، بإقرار الواو على صورتها، لأنها ثالثة، "فإذا جئت بالهمزة، أو التضعيف قلت: أعطيت، وزكيت" بإبدال الواو ياء، لأنها صارت رابعة، "وتقول في اسم المفعول" من "أعطيت، وزكيت"، إذا اتصل به علامة تثنية، "معطيان، ومزكيان" بإبدال الواو ياء، وإنما أبدلت في الفعل الماضي المزيد، واسم مفعوله ياء، وإن لم تكن بعد كسرة، لأنهم "حملوا الماضي"، وهو "أعطيت، وزكيت" "على المضارع"، وهو "يعطي ويزكي"، "و" حملوا "اسم المفعول"، وهو "معطيان ومزكيان" "على اسم الفاعل"، وهو "معطيان ومزكيان" بكسر الطاء والكاف، "فإن كلا منهما"، أي من المضارع واسم الفاعل. "قبل آخره كسرة"، وهم يحملون الفرع على أصله كما يحملون الأصل على فرعه.
"وسأل سيبويه" شيخه "الخليل عن وجه إعلال نحو4: تغازينا، وتداعينا"، والأصل: "تغازونا، وتداعونا"، فأبدلت الواو ياء "مع أن المضارع"، وهو "يتغازي، ويتداعى"، "لا كسر قبل آخره"، حتى يحمل الماضي عليه "فأجاب" الخليل عن سؤال سيبويه4 "بأن الإعلال"، وهو قلب الواو ياء "ثبت" في "تغازي" وتداعي"، "قبل مجيء التاء في أوله".
"وهو" توجيه حسن وحاصله أنهم أعلوا5: "غازينا وداعينا، حملا على:
__________
1 شرح الكافية الشافية 4/ 2113.
2 إضافة من شرح الكافية الشافية 4/ 2113.
3 شرح ابن الناظم ص603.
4 الكتاب 4/ 393.
5 في "ب": "أعملوا".

(2/716)


يغازي، ويداعي" بكسر ما قبل آخرهما، قبل مجيء التاء. "ثم استصحب" الإعلال "معها"، أي مع التاء كاستصحابه مع هاء التأنيث نحو: "المعطاة"1.
المسألة "الخامسة: أن تلي" الواو "كسرة، وهي"، أي الواو، "ساكنة مفردة" عن مثلها "نحو: ميزان"، أصله: "موزان"، لأنه من الوزن"، "وميقات" أصله: "موقات"، لأنه من "الوقت"، قلبت الواو فيهما ياء لسكونها وانكسار ما قبلها "بخلاف نحو: صوان"، وهو وعاء الشيء، "و: سوار"، لأن الواو فيهما متحركة لا ساكنة، ونحو: "اجلواذ" بالجيم والذال المعجمة، وهو دوام السير مع السرعة، "واعلواط"، بالعين والطاء المهملتين، وهو التعلق بالعنق، يقال: اعلوط بعيره إذا تعلق بعنقه وعلاه، لأن الواو فيهما مشددة لا مفردة. "اجلياذ" شاذ لا يقاس عليه.
قاله في التسهيل2.
المسألة "السادسة: أن تكون" الواو "لاما لـ"فعلى" بالضم" حال كونها "صفة، نحو: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} [الصافات: 6] ، وقولك: للمتقين الدرجة العليا"، والأصل: "الدنوى، والعلوى"، لأنهما من "الدنو، والعلو" قلبت الواو فيهما ياء لاستثقال الواو والضمة وعلامة التأنيث في الصفة، فخففت لامها بقلبها ياء، والدليل على صحة كونها صفة؛ جريانها على موصوفها كما مثل، هذا هو الأصل، واستعمالهم لها غير جارية على موصوف مزال عن الأصل، ومعامل معاملته.
"وأما قول الحجازيين": المسافة "القصوى", بالتصحيح "فشاذ قياسًا3، فصيح استعمالا، نبه به على الأصل"، وهو الواو، "كما" نبه على الأصل "في" الفعل نحو: "استحوذ، و" في الاسم نحو: "القود" بالتصحيح فيهما، والقياس فيهما: "استحاذ، والقاد" بالإعلال، ولكنه ترك تنبيها على الأصل، وبنو تميم يقولون: "القصيا"، بالإعلال على القياس، "فإن كانت: فعلى" بالضم" اسمًا" أي4: غير صفة "لم تغير" لامها4 بإبدالها ياء، بل تقر الواو على أصلها فرقا بين الاسم والصفة، ولم يعكسوا، لأن الاسم أخف5 من الصفة "كقوله"، وهو ذو الرمة: [من الطويل]
__________
1 في "ب": "المعطاة".
2 التسهيل ص300.
3 انظر الارتشاف 1/ 134، وشرح الكافية الشافية 4/ 2122.
4 سقط من "ب".
5 في "ب": "أخص".

(2/717)


959-
أدارًا بحزوى هجت للعين غبرة ... فماء الهوى يرفض أو يترقرق
بإقرار الواو على حالها في "حزوى" بحاء مهملة مضمومة، وزاي ساكنة: اسم موضع، و"دارًا" منادى بالهمزة، وحقه الضم، لأنه نكرة مقصودة، ولكنه، لما وصف بالجار والمجرور بعده1؛ سوغ نصبه، لأن النكرة المقصودة إذا وصفت ترجح نصبها على ضمها، وفي الحديث: "يا عظيمًا يرجى لكل عظيم"، و"العبرة" بفتح العين: الدمع، و"ماء الهوى" دمعه2، ولكونه يبعث عليه، أضيف إليه و"يرفض" يسيل بعضه في إثر بعض، و"يترقرق" يبقى في العين متحيرًا يجيء ويذهب.
وما ذكره الموضح من أن لام "فعلى"؛ إذا كانت واوا؛ تبدل ياء في الصفة، وتسلم في الاسم، تبع فيه الناظم.
وقال المرادي3: أنه مخالف لقول أهل التصريف؛ فإنهم يعكسون، فيبدلونها في الاسم دون الصفة، ويجعلون "حزوى" شاذا.
قال الناظم في بعض كتبه، وما قلته مؤيد بالدليل، وموافق لقول أئمة اللغة.
حكى الأزهري4 عن الفراء، وعن ابن السكيت أنهما قال: ما كان من النعوت مثل "الدنيا، والعليا" فإنه بالياء، فإنهم يستثقلون الواو مع الضمة أوله، وليس فيه اختلاف، إلا أن أهل الحجاز أظهروا الواو في "القصوى" وبنو تميم قالوا: "القصيا" انتهى.
المسألة "السابعة: أن تلتقي هي"، أي الواو، و"الياء" ويجتمعان5 "في كلمة" واحدة، "والسابق منهما ساكن متأصل ذاتا وسكون" بالنصب على التمييز، فإذا اجتمعت هذه الشروط، وجب قلب الواو ياء، تقدمت الواو، أو تأخرت، لأنها أثقل من الياء تحصيلا للتخفيف ما أمكن، "ويجب حينئذ"، أي حين إذا قلبت الواو ياء، "إدغام الياء" المنقلبة عن الواو "في الياء" السالمة لاجتماع المثلين.
__________
956- البيت لذي الرمة في ديوانه ص456، وخزانة الأدب 2/ 190، وشرح أبيات سيبويه 1/ 488، والكتاب 2/ 199، والمقاصد النحوية 4/ 236، 579، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 121، وأوضح المسالك 4/ 388، وشرح الأشموني 2/ 445، والمقتضب 4/ 303.
1 سقط من "ب".
2 في "ب": "دفقه".
3 شرح المرادي 6/ 45-46.
4 تهذيب اللغة 9/ 219.
5 في "ب": "تجمعان".

(2/718)


"مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء" على الواو: "سيد، وميت، أصلهما: سيود، وميوت"، لأنهما من "ساد، يسود" اتفاقًا، و"مات، يموت" على إحدى اللغتين، ووزنهما عند المحققين من أهل البصرة، "فيعل" بكسر العين1، وذهب البغداديون إلى أنه "فيعل" بفتح العين كـ"ضيغم، وصيرف" نقل إلى "فيعل" بكسر العين، قالوا: لأنا لم نر في الصحيح ما هو على "فيعل" بالكسر، وهذا ضعيف، لأن المعتل قد يأتي فيه ما لا يأتي في الصحيح، فإنه نوع على انفراده، فيجوز أن يكون هذا بناء مختصًا بالمعتل كاختصاص جمع "فاعل" منه بـ"فعلة"، كـ"قضاة، ورماة"، ولو كان "سيد: فيعلا"، بالفتح لقالوا: "سيد" بالفتح.
"ومثاله فيما تقدمت فيه الواو" على الياء "طي، ولي" بالتشديد "مصدرًا: طويت ولويت، وأصلهما، طوي ولوي"، بفتح أولهما وسكون ثانيهما، قلبت، الواو منهما2 ياء وأدغمت في الياء.
"ويجب التصحيح" في الواو "إن كانا"، أي الياء والواو، "من كلمتين، نحو: يدعو ياسر"3 بتقديم الواو على الياء، "و: يرمي واعد"، بتقديم الياء على الواو، "أو كان السابق منهما"، أي من الواو والياء، "متحركًا، نحو: طويل". بتحريك الواو بالكسر، "و: غيور"، بتحريك الياء بالضم، "أو" كان السابق "عارض الذات" جوازًا، وهو ثلاثة أنواع: المبدل عن ألف نحو: "سوير"، والمبدل عن ياء كما إذا بنيت من "البيع" موازن "بيطر"، قلت: "بيع" ثم بنيته لما لم يسم فاعله، فقلت: "بويع"، والمبدل عن همزة "نحو: روية"، بضم الراء وفتح الياء المثناة تحت مخفف4 "رؤية" بالهمزة فجميع ذلك لا إبدال فيه، ولا إدغام لعروض الحرف الأول بخلاف "أويم"، مخفف "أأيم"، وهو مثال "أبلم"، من "الأيمة"، أبدلت الهمزة الثانية واوًا لانضمام التي قبلها، فصار "أويم"، وهذا الإبدال واجب، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، فصار "أيم"، وهذا الإبدال [والإدغام واجب، لأن الواو عارضة الذات وجوبًا، إذ أصلها الهمزة، فإن العروض الذي يحمي عن الإبدال، إنما] 5 هو
__________
1 انظر الإنصاف 2/ 896، المسألة رقم 115.
2 سقط من "ب".
3 في "ب": "بالشر".
4 في "ب": "مخففة".
5 سقط ما بين المعكوفين من "ب".

(2/719)


المعروض الجائز، لا الواجب، "أو" كان السابق منهما "عارض السكون نحو: قوي"، بسكون الواو، "فإن أصله الكسر"، لأنه فعل ماض، "ثم إنه سكن للتخفيف، كما يقال في: علم"، بكسر اللام: "علم" بسكونها، وأجاز بعضهم: "قي" بالإدغام بعد القلب.
"وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع:
نوع أعل ولم يستوف الشروط كقراءة بعضهم: "إن كنتم للرُّيَّا تعبرون" [يوسف: 43] ، بالإبدال والإدغام"1 مع أن الواو عارضة الذات2، لأنها مخففة من الهمزة سمع الكسائي هذه القراءة3، وحكى ذلك، وقال ابن مالك في شرح الكافية4: وحكى بعضهم اطراده على لغة.
"ونوع صحح مع استيفائها"، أي الشروط، "نحو: ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون الياء، وهو السنور الذكر، وإنما لم يدغم لأنه اسم موضوع، وليس على وجه الفعل، قاله الجوهري5، "وأيوم" بفتح الهمزة وسكون الياء على زنة "أفعل"، لأنهم يقولون؛ إذا كانوا في يوم حصل لهم فيه شدة: يوم أيوم، أي كثير الشدة "وعوى" بفتح الواو "الكلب عوية": نبح، "ورجاء"، بالجيم والمد، "ابن حيوة"، بفتح الحاء وسكون الياء، قال في الصحاح6: وإنما لم يدغم "حيوة" لأنه اسم رجل ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.
"ونوع أبدل فيه لياء واوًا، وأدغمت الواو فيها" على عكس القاعدة "نحو": عوى الكلب "عوة"، والقياس: "عية"، و"نهو" بضم النون والهاء وتشديد الواو، "عن المنكر" والقياس: "نهي" لأن أصله "نهوي"، لأنه "فعول" من "النهي".
"واطرد في تصغير ما يكسر على: مفاعل" من محرك الواو "نحو: جدول"، وجداول "وأسود" اسمًا "للحية" وأساود "الإعلال والتصحيح". فاعل
__________
1 الرسم المصحفي: {لِلرُّؤْيَا} والقراءة المستشهد بها قرأها أبو عمرو والأزرق وأبو جعفر، انظر الإتحاف ص265، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص607.
2 سقط من "ب".
3 الارتشاف 1/ 142.
3 شرح الكافية الشافية 4/ 2124.
5 الصحاح "ضون".
6 الصحاح "حيا".

(2/720)


"اطرد" فتقول في تصغير "جدول، وأسود: جديول، وأسيود"، بالتصحيح، و"جديل، وأسيد"، بالإعلال، أما الإعلال؛ وهو الأرجح؛ فهو جار مجرى "سيد، وميت" على القياس، وما التصحيح فلأنك أجريت هذه الياء مجرى ألف "جداول، وأساود" لأنه كل واحد من ياء التصغير وألف التكسير جيء به المعنى، فلو كان "أسود" صفة تعين فيه الإعلال، لأنه لم يجمع على "أساود" قاله الشارح1.
واحترزنا بقولنا، من محرك الواو من نحو: "عجوز، وعمود" فإنهما؛ وإن كسرا على "مفاعل"؛ فالإعلال واجب في مصغرهما، تقول2: "عجيز، وعميد"، ولا يجوز الصتحيح، والفرق قوة المحرك وضعف الساكن، وعدم الاعتداد بحركة التصغير لعروضها. قاله ابن إياز.
المسألة "الثامنة: أن تكون" الواو "لام مفعول" الفعل "الذي ماضيه على "فعل" بكسر العين"، سواء في ذلك المتعدي واللازم. فالأول "نحو: رضيه؛ فهو: مرضي، و" الثاني نحو: "قوي على زيد، فهو: مقوي"، والأصل فيهما: "مرضوء، ومقوو" بواوين، بعد العين، أولهما واو مفعول، وثانيهما لامه، قلبت لامه ياء حملا للاسم على الفعل، فإنه إذ ذاك واجب الإعلال، إذا الحرف الذي قبل الآخر مكسور، فصارا "مرضويا، ومقوويا" فاجتمع فيهما الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وأبدلت الضمة كسرة لتسلم الياء من القلب واوًا، "وشذت قراءة بعضهم": "رَاضِيَةً "مرضوة"" [الفجر: 28] بالتصحيح، وجعله في التسهيل3 مرجوحًا.
"فإن كانت عين الفعل مفتوحة وجب التصحيح نحو: مغزو، ومدعو" والأصل: "مغزوو، ومدعوو", بواوين، واوا "مفعول" ولام الكلمة، فأدغمت الأولى في الثانية لاجتماع المثلين، "والإعلال شاذ كقوله" وهو عبد يغوث الحارثي: [من الطويل]
960-
ولقد علمت عرسي مليكة إنني ... أنا الليث معديا علي وعاديا
__________
1 شرح ابن الناظم ص609.
2 سقط من "ب".
3 التسهيل ص309.
960- البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب 2/ 101، والاقتضاب ص778، 791، وسر صناعة الإعراب 2/ 691، وشرح أبيات سيبويه 2/ 432، وشرح اختيارت المفصل ص771، =

(2/721)


فأعل "معديا"، وأصله: "معدوو"، وعرس الرجل زوجه، و"مليكة" بالتصغير: اسمها، وأنشده المازني "معدوا" بالتصحيح، وأنشده غيره بالإغلال، وإلى جوازهما أشار الناظم بقوله:
983-
وصحح المفعول من نحو عدا ... وأعلل إن لم تتحر الأجودا
فالتصحيح حملا على فعل الفاعل، والإعلال، حملا على فعل المفعول، والتصحيح أولى، لأن الحمل على فعل الفاعل أولى.
المسألة "التاسعة: أن تكون" الواو "لام: فعول" بضم الفاء "جمعًا، نحو: عصا وعصي، وقفى وقفي، ودلو ودلي"، والأصل: "عصوو، وقفوو، ودلوو"، فاستثقلوا اجتماع واوين في الجمع، فقلبوا الواو الأخيرة ياء، ثم أعلت الأولى بالقلب ياء، والإدغام، وكسر ما قبل الياء لتصحح، "والتصحيح شاذ، قالوا: أبو وأخو" جمعين لـ"أب, وأخ" حكاهما ابن الأعرابي، "ونحو" بحاء مهملة، "جمعا لـ: نحو, وهو الجهة". حكى سيبويه1 عن بعض الأعراب، إنكم لتنظرون في نحو كثيرة، "ونجو؛ بالجيم؛ جمعًا لـ: نجو؛ وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبهو"، فتح الموحدة وسكون الهاء، "وهو المصدر، و" جمعه "بهو" حكاه أبو حاتم عن أبي زيد، والجموع المذكورة، مضمومة الأول والثاني، والأصل فيها: "أبوو، وأخوو، ونحوو، ونجوو، وبهوو"، بواوين، أدغمت أولاهما في الثانية.
"فإن كان: فعول؛ مفردًا وجب التصحيح، نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21] ، و {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83] ، وتقول: نما المال نموا"، إذا زاد، "وسما زيد سموا" إذا علا، وجميع هذه الأمثلة مصادر مفردة مضمومة الأول والثاني، والأصل فيها: "عتوو، وعلوو، ونموو، وسموو"، بواوين أدغمت أولاهما في الثانية.
__________
= والمفضليات ص71، وشرح الكاتب للجواليقي ص395، والكتاب 4/ 385، ولسان العرب 5/ 219، "نظر" 15/ 34 "عدا"، والمقاصد النحوية 4/ 589، وبلا نسبة في أدب الكاتب 569، وأمالي ابن الحاجب ص331، وأوضح المسالك 4/ 390، وشرح الأشموني 3/ 867، وشرح شافية ابن الحاجب ص172، وشرح شواهد الشافية ص400، وشرح المرادي 6/ 71، وشرح المفصل 5/ 36، 10/ 22، 110، واللسان 6/ 115، "شمس" 14/ 148 "جفا" والمحتسب 2/ 207، والمقرب 2/ 187، والممتع في التصريف 2/ 550، والمنصف 1/ 118, 2/ 122.
1 الكتاب 4/ 384.

(2/722)


"وقد يعل" بقلب الواوم الأخيرة ياء، وإعلال الأولى كإعلال "طي"، "نحو: عتا الشيخ عتيا" إذا تكبر، "وقسا قلبه قسيا" والذي في النظم يقتضي التسوية بين الجمع والمفرد، فإنه قال:
984-
كذاك ذا وجهين جا الفعول من ... ذي الواو لام جمع أو فرد يعن
إلا أن الإعلال في الجمع أولى لثقله، والتصحيح في المفرد أولى لخفته.
المسألة "العاشرة: أن تكون" الواو "عينًا لـ: فعل" بضم الفاء وتشديد العين، حال كونه" جمعًا صحيح اللام كـ: صيم" جمع "صائم"، و"نيم" جمع "نائم"، وعينهما واو، وأصلهما: "صوم، ونوم" فاجتمع في الجمع واوان وضمة، فكأنه اجتمع ثلاث واوات مع ثقل الجمع، فعدل إلى التخفيف بقلب الواوين ياءين؛ لأن الياءين أخف من الواوين، "والأكثر فيه التصحيح" على الأصل، "تقول: صوم، ونوم" والكثير الشائع الإعلال وإليه يشير قول الناظم:
985-
وشاع نحو نيم في نوم ... .............................
"ويجب" التصحيح "إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان"، إعلال العين، وإعلال اللام، "وذلك كـ: شوي، وغوي" بإعجام أولهما، وضمه، وتشديد ثانيهما، "جمع: شاو، وغاو" اسمي فاعل من "شوى يشوي، وغوى يغوي"، والأفصح في الماضي فتح الواو لا كسرها، وفي المضارع بالعكس، والأصل في الجمع: "شوي، وغوي" فأعلت اللام بقلبها ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ثم بحذفها لالتقاء الساكنين، فلو أعلت العين بقلبها ياء، لتوالى على الكلمة إعلالان، وذلك مستكره عندهم. "أو فصلت من العين" عطف على قوله: اعتلت، أي: ويجب التصحيح إن فصلت اللام من العين بألف "نحو: صوام، ونوام، لبعدها" أي العين، "حينئذ" أي حين إذ فصلت بألف "من الطرف، وشذ قوله"، وهو أبو النجم الكلابي: [من الطويل]
961-
ألا طرقتنا مية ابنة منذر ... فما أرق النيام إلا كلامها
والقياس: النوام بالتصحيح، وإليه أشار الناظم بقوله:
985-
............................. ... ونحو نيام شذوذه نمي
أي: روي.
__________
961- البيت لأبي النجم الكلابي في المقاصد النحوية 4/ 578، وهو لذي الرمة في ديوانه 1003، وخزانة الأدب 3/ 419، 420، وشرح شواهد الشافية ص381، وشرح المفصل 10/ 93، والمنصف 2/ 5، 49، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 391، وشرح ابن الناظم ص641، وشرح الأشموني 3/ 870، واللسان 12/ 596 "نوم" والممتع في التصريف 2/ 498، ويروى "سلامها" مكان "كلامها".

(2/723)


فصل في إبدال الواوين من أختيها الألف والياء:
"أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة، وهي أن ينضم ما قبلها" سواء أكانت في فعل أم في اسم، فالأول "نحو: بويع، و: ضورب" مبنيين للمفعول وأصلهما قبل البناء للمفعول: "بايع، وضارب" فلما بنيتهما للمفعول ضممت أولهما، فتعذر1 بقاء الألف بعد ضمة، لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، فقلبت الألف واوا لمجانسة حركة ما قبلها، "وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} " [الأعراف: 20] نحو2: "ضويرب"، مصغر "ضارب". إن لم تكن الألف ثانية منقلبة عن ياء نحو "ناب"، وهو السن، فإنها حنيئذ2 ترجع إلى أصلها، وهو الياء، فتقول: "نييب".
"وأما إبدالها"، أي الواو، "من الياء ففي أربع مسائل:
إحداها: أن تكون" الياء "ساكنة مفردة" عن مثلها "في غير جمع"، سواء كانت في اسم. أم فعل، فالأول "نحو: موقن، و: موسر" أصلهما "ميقن، وميسر"، اسمي فاعل من "اليقين، واليسر" أبدلت الياء فيهما واوًا لوقوعها بعد ضمة، والثاني نحو: "يوقن، ويوسر".
"ويجب سلامتها" من الإبدال، "إن تحركت"، لأنها تعاصت بالحركة عن الإبدال "نحو: هيام"3 [بضم الهاء، وتخفيف الياء] 4. قال الجوهري5، هو أشد العطش، والهيام كالجنون من العشق، والهيام داء يأخذ الإبل، فتهيم في الأرض، ولا ترعى.
__________
1 في "ب": "فتقدر".
2 سقط من "ب".
3 قال ابن الناظم في شرحه ص604، "ولو تحركت الياء قويت على الضمة ولم تعل غالبًا نحو: هيام". وانظر شرح ابن عقيل 2/ 561.
4 إضافة من "ب"، "ط".
5 الصحاح "هيم".

(2/724)


"أو أدغمت" الياء في مثلها "كـ: حيض" جمع: حائض، فلا تبدل الياء فيه واوًا لأن المدغم والمدغم فيه بمنزلة حرف واحد، يرتفع اللسان بهما دفعة واحدة، ولذلك يجوز الجمع بين ساكنين، إذا كان الأول حرف لين والثاني مدغمًا كـ"دابة"، لأن لين الحرف الأول وامتداده كالحركة فيه، والمدغم كالمتحرك، وإذا كان كذلك لم تتسلط الحركة على قلبها واوًا، وهذا المثال خارج أيضا بقوله: في غير جمع، لأن "حيضًا"1 جمع، والمثال الجيد أن تبنى من "البيع" مثل "حياض"، فتقول "بياع"، ولا تعل لما ذكرنا.
"أو كانت" الياء المفردة "في جمع، ويجب في هذه" المسألة "قلب الضمة" الواقعة قبل الياء المفردة في الجمع "كسرة" لثقل الضمة والياء والجمع، وذلك "كـ: هيم" جمع "أهيم، وهيماء"، "وبيض"، جمع "أبيض، وبيضاء" "في جمع أفعل، وفعلاء" وغيرهما كـ"عيط" جمع "عائط" على حد قولهم: "بازل، وبزل"، و"العائط" بمهملتين: [الناقة] 2 التي لا تحمل، ويجمع على "عيط، وعوط".
المسألة "الثانية: أن تقع" الياء "بعد ضمة، وهي إما لام فعل كـ: نهو الرجل، وقضو" بفتح أولهما، وضم ثانيهما، إذا تعجبت من عقله وقضائه. "بمعنى: ما أنهاه، أي: ما أعقله"، والنهية، العقل، "وما أقضاه" أي: ما أحكمه، والقضاء، الحكم, والأصل: "نهي، وقضي" من "نهيت، وقضيت" فأبدلت الياء فيهما واوا لوقوعها بعد ضمة.
"أو لام اسم مختوم بتاء" للتأنيث، "بنيت الكلمة عليها" من أول الأمر، ولم يسبق لها حذف. "كأن تبني من: الرمي"، اسمًا مختومًا بالتاء "مثل: مقدرة" بفتح الميم وسكون القاف وضم الدال. "فإنك تقول: مرموة"، بالواو، والأصل "مرمية"، أبدلت الياء واوًا لوقوعها بعد ضمة.
"بخلاف" ما إذا أدخلت التاء بعد بناء الكلمة، فيجب قلب الضمة كسرة لتسلم الياء "نحو: توانى توانية، فإن أصله قبل دخول التاء "توانيًا" بالضم للنون"، لأنه من باب "التفاعل"، فإن "توانى توانيًا"، "كـ: تكاسل تكاسلا" بضم السين "فأبدلت ضمته"، أي ضمة النون "كسرة, لتسلم الياء من القلب" واوا، "ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة" بعد الإعلال، "وبقي الإعلال"، وهو إبدال الضمة كسرة,
__________
1 في "ط": "حيض".
2 إضافة من "ط".

(2/725)


"بحاله" على ما كان عليه، ولم يتغير الحكم بإعادة الضمة إلى أصلها، وإبدال الياء واوًا، لأن ذلك يؤدي إلى وقوع اسم معرب، في آخره واو، قبلها ضمة لازمة، لأن التاء العارضة في حكم الانفصال، فلا يعتد بها.
"أو لام اسم مختوم بالألف والنون" الزائدتين، "كأن تبني من: الرمي" اسمًا "على وزن سبعًا"، بفتح السين المهملة وضم الياء الموحدة، "اسم الموضع الذي يقول فيه" خلف "بن الأحمر"، بل تميم بن أبي مقبل على الصحيح: [من الطويل]
962-
ألا يا ديار الحي بالسبعان ... أمل عليها بالبلى الملوان
وهما الليل والنهار. "فإنك تقول: رموان"، بضم الميم، والأصل: "رميان" فأبدلت الياء، واوًا لوقوعها بعد ضمة، ولك أن تقول إذا بني من "الغزو" مثل: "ظربان"، فإنه يقال: "غزيان"، فيعطى ما قبل الألف والنون حكم ما وقع آخرًا محضًا كـ"رضي"، ومقتضى هذا أن لا يقال في مثل "سبعان" من "الرمي": "رموان"، لأنه لا يجوز أن يقال في مثل "عضد" من "الرمي": "رمو" لأنه ليس لنا اسم متمكن، آخره واوًا لازمة بعد ضمة، بل يجب أن يقلب الضمة كسرة لتسلم الياء فتقول: "رم" فلذا يجب أن يقال: "رميان" بإعلال الحركة دون الحرف. قاله الموضح في الحواشي.
المسألة "الثالثة: أن تكون" الياء "لامًا لـ: فعلى، بفتح الفاء اسمًا لا صفة، نحو: تقوى، وشروى"، بالشين المعجمة، بمعنى: المثل يقال لك: [وشروه] 1، أي مثله، حكاه ابن جني في شرح غريب تصريف المازني، "و: فتوى" بالفاء المثناة الفوقانية: والأصل: "تقيى، وشريى، وفتيى"، لأنها من "تقيت، وشريت، وفتيت"، أبدلت الياء فيهن واوًا فرقًا بين الاسم والصفة، وخصوا الاسم بالإعلال لأنه أخف من الصفة، فكان أحمل للثقل.
"قال الناظم" في شرح الكافية2، "وابنه" في شرح الخلاصة3: "وشذ: سعيى" اسمًا "لمكان" بعينه، "وريا" اسمًا "للرائحة, وطغيى" اسمًا "لولد البقرة الوحشية، انتهى" كلامهما في الشرحين المذكورين، وفيه نظر.
__________
962- تقدم تخريج البيت برقم 27، 919.
1 إضافة من "ط".
2 شرح الكافية الشافية 4/ 2121.
3 شرح ابن الناظم ص606.

(2/726)


"فأما الأول" وهو "سعي" من "السعي"، "فيحتمل أنه منقول من صفة كـ: خزيا، وصديا، مؤنثي: خزيان، وصديان"، واستصحب التصحيح بعد جعله اسمًا، كما أوله الفارسي.
"وأما الثاني" وهو "ريا" من "الري" "فقال النحويون" سيبويه وغيره: "ريا" "صفة، غلبت عليها الاسمية" وليس بشاذ، "والأصل: رائحة ريا، أي: مملوءة طيبًا".
"وأما الثالث" وهو "طغي" من "الطغيان"، "فالأكثر فيه ضم الطاء"، فلعلهم استصحبوا التصحيح، حين فتحوا للتخفيف"، كذا تعقبوه، وتبعهم الموضح، ثم قال في الحواشي، وظهر لي بعد أن مراده شذوذ الاستعمال، فإني قرأت بخطه حاشية هنا إبدال الواو من الياء لامًا لـ"فعلى" لا يقاس عليه لانتفاء السبب، واستلزام مزيد الثقل. انتهى، و"طغيى" بإعجام الغين، ورواة ضبطه مختلفة، فقال الأصمعي: يروى بضم الطاء على مثال "حبلى"، وقال أحمد بن يحيى: بفتح الطاء على مثال "سكرى"، وقال أبو عبيدة: بفتح الطاء والتنوين، قاله ابن السيد.
المسألة: "الرابعة: أن تكون" الياء المضموم ما قبلها "عينًا لـ: فعلى، بالضم" في الفاء "اسمًا كـ: طوبى" بمعنى "طيب" "مصدرًا لـ: طاب" يطيب، "أو اسمًا للجنة". بالجيم، ومنه "شجرة طوبى"، "أو صفة جارية مجرى الأسماء" في عدم جريانها على موصوف، وإيلائها العوامل، "وهي: فعلى أفعل، كـ: الطوبى، والكوسى، والخورى"، بالخاء المعجمة والراء المهملة، "مؤنثات: أطيب، وأكيس، وأخير"، أسماء تفضيل جارية مجرى الأسماء الجامدة. "والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء" الجامدة "أن: أفعل، التفضيل يجمع على: أفاعل، فيقال" في جمع "الأفضل، والأكبر"، "الأفاضل، والأكابر كما يقال في جمع: أفكل" هو اسم جامد للرعدة "أفاكل"، والأصل: "الطيبى، والكيسى، والخيرى" بضم أولها، أبدلت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها.
"فإن كانت: فعلى" بالضم "صفة محضة"، أي جارية على موصوف "وجب قلب ضمته كسرة" لتسلم الياء من القلب واوًا فرقًا بين الصفة والاسم، "ولم يسمع من ذلك إلا" كلمتان: " {قِسْمَةٌ ضِيزَى} " [النجم: 22] بالضاد والزاي المعجمتين، "أي جائرة"، بالجيم والراء المهملة، من قولهم: ضازه يضيزه، إذا بخسه

(2/727)


حقه، وجاز عليه فيه، "ومشية"، بكسر الميم, "حيكى"، بالحاء المهملة "أي يتحرك فيها المنكبان"، يقال: حاك في مشيه، إذا حرك منكبيه، وأصلهما: "ضيزى، وحيكى" بضم أولهما، فأبدلت الضمة كسرة، لتصح الياء على حد قولهم في جمع أبيض: بيض، "هذا كلام النحويين، وقال الناظم" في النظم:
963-
وإن يكن عينا لفعلى وصفا ... فذاك بالوجهين عنهم يلفى
"و" قال "ابنه" في شرحه1: "يجوز في عين: فعلى، صفة أن تسلم الضمة، فتقلب الياء واوًا، وأن تبدل الضمة كسرة، فتسلم الياء" من القلب، "فتقول: الطوبى، والطيبى، والكوسى، والكيسى، والضوقى والضيقى" ترديدًا بين حمله على مذكره تارة، وبين رعاية الزنة أخرى. انتهى. مخالفة لكلام النحويين، سيبويه2 وأتباعه من وجهين:
أحدهما: أن الناظم وابنه أجازا في "فعلى" وصفًا وجهين3، والنحويون جزموا بأحدهما، فقالوا: تقلب ياء "فعلى" اسمًا واوًا كـ"طوبى، وكوسى"، ولا تقلب في الصفة، ولكن يكسر ما قبلها، فتسلم الياء كقولهم: "قسمة ضيزى، ومشية حيكى".
والوجه الثاني: أنهم ذكروا أنثى "الأفعل" في باب الأسماء فحكموا لها بحكم الأسماء في إقرار الضمة، وقلب الياء واوًا، وذكرها الناظم في باب الصفات4، وأجاز فيها الوجهين، ونص على أن الوجهين مسموعان من العرب، وقال الشلوبين: لم يجئ من هذا مقلوبًا إلا "فعلى، أفعل".
__________
1 شرح ابن الناظم ص605.
2 في "ب": "وابنه".
3 انظر شرح ابن الناظم ص605.
4 شرح الكافية الشافية 4/ 2120.

(2/728)


فصل في إبدال الألف من أختيها الواو والياء:
في الأسماء والأفعال "وذلك" الإبدال "مشروط بعشرة شروط" مذكورة في النظم:
"الأول أن يتحركا"، أي الواو والياء، وإليه الإشارة بقوله:
968-
......... بتحريك ... ... ......................
"فلذلك" الشرط؛ وهو التحريك؛ "صحتا في: القول، و: البيع" مصدري "قال، وباع" لسكونهما.
"و" الشرط الثاني: أن تكون حركتهما أصلية"، وهو المشار إليه بقوله:
968-
................... أصل ... ........................
"فلذلك" الشرط؛ وهو أصالة الحركة؛ "صحتا في: جيل، وتوم"، بفتح أولهما وثانيهما حال كونهما "مخففي: جيأل"، بفتح الجيم وسكون الياء المثناة التحتانية وفتح الهمزة، بعدها لام: اسمًا للضبع، "وتوءم" بفتح التاء المثناة فوق وسكون الواو وفتح الهمزة: وهو الولد، يولد معه آخر في بطن واحد، ويقال لهما: "توءمان"، ولم يعلا لعروض الحركة.
"و" الشرط "الثالث: أن ينفتح ما قبلهما"، [وهو المشار إليه بقوله] 1:
968
.............................. ... ........... بعد فتح متصل
"ولذلك صحتا في: العوض، والجيل، والسور"، لأن الكسرة في الأولين، والضمة في الثالث: لا يجانسان الألف.
"و" الشرط "الرابع: أن تكون الفتحة متصلة"، وهو المشار إليه بقوله:
968-
........................... ... ............... متصل
"أي في كلمتهما2، ولذلك صحتا في: ضرب واحد، وضرب ياسر"، لأن الفتحة في كلمة، والواو والياء في كلمة أخرى.
__________
1 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
2 في "ب": "كلمتيهما".

(2/729)


"و" الشرط "الخامس، أن يتحرك ما بعدهما، إن كانتا عينين، وألا يليهما ألف. ولا ياء مشددة، إن كانتا لامين"، وهو المشار إليه بقوله:
969-
إن حرك الثاني وإن سكن كف ... إعلال غير اللام وهي لا يكف
970-
إعلالها بساكن غير ألف ... أو ياء التشديد فيها قد ألف
"ولذلك صحت العين في: بيان، وطويل، وخورنق"، اسم قصر بالعراق، لسكون ما بعدها، وهو الألف في "بيان"، والياء في "طويل"، والواو في "خورنق". "و" صحت "اللام في: رميا، وغزوا"، في الأفعال، "و: فتيان، وعصوان"، في الأسماء لسكون الألف، "و: علوي، وفتوي"، لسكون أول ياءي النسب. لأنهم لو أعلوا قبل الألف. لاجتمع ساكنان، فيحذف أحدهما، فيصير اللفظ "رمى، وغزا"، فيلتبس المثنى بالمفرد، وأما نحو: "فتيان، وعصوان"، فمحمول عليه، وأما نحو: "علوي، وفتوي"؛ فلا يبدل واوه ألف، لأنه يؤدي إلى التسلسل، لأن ياء النسب تستوجب قلب الألف واوًا، فلو كان تحريك الواو, وانفتاح ما قبلها يوجب قلبها ألفًا، لكنا لا نزال في قلب إلى الألف، وقلب إلى الواو.
"وأعلت العين في: قام، وباع"، من الأفعال، "وباب، وناب"، من الأسماء "لتحرك ما بعدها، و" أعلت "اللام في: غزا، ودعا" من الواوي، "ورمى، وبكى"، من اليائي، "إذ ليس بعدهما ألف ولا ياء مشددة، وكذلك" تعل إذا وليت غير الألف والياء المشددة من السواكن كما في "يخشون ويمحون، وأصلهما، يخشيون، ويمحوون فقلبتا"، أي الياء في "يخشيون"، والواو في "يمحوون" "ألفين" لتحركهما وانفتاح ما قبلهما "ثم حذفتا"، أي الألفان "للساكنين"، وهما الألف وواو الجماعة1، وما مثل به من "يمحون" بالواو المفتوح ما قبلها تبع فيه ابن مالك في شرح الكافية2، ولم يثبت لغة إلا أن يقرأ بالبناء للمفعول.
"و" الشرط "السادس: ألا تكون إحداهما"، أي الواو والياء، "عينًا لـ: فعل"، بكسر العين، "الذي الوصف ممنه على: أفعل، نحو: هيف، فهو: أهيف"، من الصفات المحمودة، "وعور، فهو: أعور" من الصفات المذمومة، واحترز بقوله: "الذي الوصف منه على "أفعل" من نحو: "خاف" فإنه، وإن كان مكسور العين، فالوصف منه على "فاعل" نحو: "خائف".
__________
1 شرح ابن لناظم ص608.
2 شرح الكافية الشافية 4/ 2127.

(2/730)


"و" الشرط "السابع: ألا تكون" إحدى الواو والياء "عينًا لمصدر هذا الفعل" الذي الوصف منه على "أفعل" "كـ: الهيف" بفتحتين، وهو ضمور البطن ورقة الخصر، "والعور" بفتحتين، وهو فقد إحدى العينين، وإلى هذين أشار الناظم بقوله:
971-
وصح عين فعل وفعلا ... ذا أفعل كأغيد وأحولا
وإنما لزم تصحيح الفعل المذكور حملا على "أفعل" لموافقته له في المعنى في اختصاص كل منهما بالخلق والألوان نحو: "اعور، واحول"، وحمل المصدر على فعله.
"و" الشرط "الثامن: ألا تكون الواو عينًا لـ: افتعل، الدال على معنى التفاعل، أي التشارك في الفاعلية، والمفعولية نحو: اجتوروا"، بالجيم. من: "المجاورة"، "واشتوروا"، بالشين المعجمة، من: "المشاورة" لأن حركة التاء في حكم السكون، "فإنه في معنى: تجاوروا، وتشاوروا"، فإن لم يدل على التفاعل وجب إعلاله مطلقًا نحو: "اختان، بمعنى "خان"، و"اختار" بمعنى "خار". "فأما الياء فلا يشترط فيها ذلك". وهو الدلالة على التفاعل، فتعل "لقربها من الألف" في المخرج. "ولهذا أعلت في: استافوا، مع أن معناه: تسايفوا", أي تضاربوا بالسيوف، لأن الياء أشبه بالألف من الواو، فكانت أحق بالإعلال منها، وإلى هذا الشرط أشار الناظم بقوله:
972-
وإن يبن تفاعل من افتعل ... والعين واو سلمت ولم تعل
"و" الشرط "التاسع: ألا تكون إحداهما"، أي الواو والياء "متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال"، وهو القلب ألفًا، "فإن كانت" إحداهما "كذلك"، أي متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال، "صحت" الأولى، "وأعلت الثانية نحو: الحيا، والهوى، والحوى" بالحاء المهملة المفتوحة، "مصدر: حوى، إذا اسود"، والأصل فيهن: "الحيى، والهوى، والحوو"، لأنه من "الحوة"، وهي سمرة الشفتين، فقلبت لامهن ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فلو قلبنا عينهن ألفًا للعلة المذكورة لتوالي إعلالان: إعلال العين، وإعلال اللام، ولزم اجتماع ألفين، فيجب حذف إحداهما لالتقاء الساكنين، ثم تحذف الأخرى لملاقاة التنوين عند التنكير، فيصير الاسم المتمكن على حرف واحد، وهو ممتنع، فاقتصرنا على إعلال اللام، لأن محل التغيير الطرف، والعين تحصنت بوقوعها حشوا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
973-
وإن لحرفين ذا الاعلال استحق ... صحح أول وعكس قد يحق

(2/731)


"وربما عكسوا، فاعلوا الأولى، وصححوا الثانية"، وإليه أشار الناظم بقوله:
973-
.............................. ... ........ وعكس قد يحق
"نحو: آية، في أسهل الأقوال" الستة:
أحدها: أن أصلها: "أيية" بفتح الياء الأولى كـ"قصبة" فالقياس في إعلالها "أياة" فتح العين، وتعل اللام، لكن عكسوا شذوذًا، فأعلوا الياء الأولى لتحركها، وانفتاح ما قبلها دون الثانية، هذا قول الخليل1.
الثاني: أن أصلها: "أيية" بسكون العين كـ"حية"، فأعلت بقلب الياء الأولى ألفًا اكتفاء بشرط العلة، وهو فتح ما قبلها فقط دون تحريكها. قاله الفراء. وعزى لسيبويه2، واختاره ابن مالك، وقال في التسهيل3: إنه أسهل الوجوه, لكونه ليس فيه إلا الاجتزاء بشرط العلة، وإذا كانوا قد عولوا عليه فيما لم يجتمع فيه ياءان نحو: "طائي"، وسمع: اللهم تقبل تابتي وصامتي، ففيما اجتمع فيه ياءان أولى، لأنه أثقل.
الثالث: أن أصلها: "آيية" كـ"ضاربة" حذفت العين استثقالا لتوالي ياءين. أولهما مكسور، ولذلك كانت أولى بالحذف من الثانية، ونظيره في الحذف "بالة"، الأصل: "بالية", قاله الكسائي3: ورد بأنه كلام يلزم قلب الياء همزة لوقوعها بعد ألف زائدة في قولهم: "آي".
الرابع: أن أصلها: "أيية"4 بضم الياء الأولى كـ"سمرة" فقلبت العين ألفًا، ورد بأنه إنما كان يجب قلب الضمة كسرة.
الخامس: أن أصلها: "أيية" بكسر الياء الأولى كـ"نبقة" فقلبت الياء الأولى ألفًا، ورد بأن ما كان يجوز فيه الفك والإدغام كـ "حيي، وحي".
السادس: أن أصلها: "أيية" كـ"قصبة" كالأول، إلا أنه أعلت الثانية على القياس فصار "أياة" كـ"حياة، ونواة"، ثم قدمت اللام إلى مواطن العين، فوزنها: "فعلة"5 "فإن قلت": قد ادعيت أن القول الأول6 أسهل الأقوال.
__________
1 لسان العرب 14/ 61 "أيا".
2 الكتاب 4/ 389، انظر الإرتشاف 1/ 147.
3 التسهيل ص310.
4 الارتشاف 1/ 147.
5 في "ب": "فلعلة".
6 سقط من "ب".

(2/732)


"ولنا أسهل منه", وهو "قول بعضهم: إنها: فعلة، كـ: نبقة، فإن الإعلال" في الأولى بقلبها ألفًا، وهو "حينئذ على القياس" لأنها محركة1 وقبلها مفتوح وإعلال الثانية ممتنع لعدم انفتاح ما قبلها، "وأما إذا قيل: إن أصلها: آيية، بفتح الياء الأولى، أو: أيية، بسكونها، أو: آيية" على وزن "فاعلة، فإنه يلزم" على كل قوم من هذه الثلاثة محذور.
أما على القول الأول بأن أصلها "أيية" بفتح الياء الأولى فإنه يلزم "إعلال" الحرف "الأول دون الثاني"، وهو شاذ كما تقدم.
"و" أما على القول بأن أصلها: "أيية"، بسكون الياء الأولى فإنه يلزم "إعلال" الحرف "الساكن"، وهو الياء الأولى2 بقلبها ألفًا، والقاعدة أن علة القلب مركبة من شيئين، تحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يوجد إلا أحدهما.
"و" أما على2 القول بأن أصلها: "آيية" على وزن3 "فاعلة" فإنه يلزم "حذف العين"، وهي الياء الأولى "لغير موجب"4 لحذفها.
والقول الأول، وهو أن أصلها: "أيية" كـ"نبقة" سالم من ذلك. "قلت: ويلزم على" هذا القول "الأول" شيء آخر، وهو "تقديم الإعلال"4 وهو قلب الياء الأولى ألفًا "على الإدغام"، وهو إدغام الياء في الياء، وذلك أنه اجتمع فيه موجب الإعلال، وهو تحرك الياء الأولى وانفتاح ما قبلها، وموجب الإدغام، وهو اجتماع المثلين، الساكن أولهما، وقدم5 فيه الإعلال على الإدغام، "والمعروف العكس"، وهو تقديم الإدغام على موجب2 الإعلال، "بدليل إبدال همزة، {أَئِمَّةً} [التوبة: 12] ، ياء لا ألفًا، فتأمله".
وجه الدلالة من ذلك أن إبدال الهمزة ياء إنما هو لأجل الإدغام لأنه لما نقل لأجله حركة الميم الأولى للساكن قبلها أعني، الهمزة الثانية قلبت ياء مراعاة لحفظ حركة الحرف المدغم، وإنما قلبت ياء, لأنها من جنس الكسرة6، فلو بدئ بالإعلال لأبدلت
__________
1 في "ب": "متحركة".
2 سقط من "ب".
3 في "ب": "زنة".
4 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
5 في "ب": "تقدم".
6 قبله في "ب": "الحركة التي هي".

(2/733)


الهمزة الثانية ألفًا لوجود شرطه، فلما أبدلوها ياء بعد النقل، ولم يبدلوها ألفًا قبل ذلك علم أن عنايتهم بموجب الإدغام أهم من عنايتهم بموجب الإعلال، لأنهم إذا كانوا يقدمون ما هو من متعلقات الإدغام على الإعلال، فلأن يقدموا الإدغام على الإعلال من باب أولى. وفي شرح الشافية للجاربردي1: وإنما لم يجئ الإدغام في باب "قوي" مع أن أصله: "قوو"، لأن الإعلال مقدم2 على الإدغام. وإنما قلنا، الإعلال مقدم2، لأن سبب الإعلال موجب للإعلال، وسبب الإدغام مجوز3 للإدغام، ويدل عليه امتناع التصحيح في "رضي" وجواز الفك في "حيي". انتهى.
وفصل بعضهم فقال: إذا اجتمع موجب الإعلال والإدغام فلا يخلو إما أن يكون في العين أو في اللام، فإن كان في العين قدم موجب الإدغام، وإن كان في اللام قدم موجب الإعلال، والعلة في ذلك أن الطرف محل التغيير، فلم يغتفر فيه ذلك، كما اغتفر في العين.
"و" الشرط "العاشر: ألا تكون" إحدى الواو والياء "عينًا لما آخره زيادة تختص بالأسماء"4 كالألف والنون، وألف التأنيث، وإليه أشار الناظم بقوله:
974-
وعين ما آخره قد زيد ما ... يخص الاسم واجب أن يسلما
"فلذلك صحتا"، أي الواو والياء، "في نحو: الجولان" مصدر "جال يجول بالشيء" إذا طاف به"، "والهيمان" مصدر "هام على وجهه يهيم" إذا ذهب من العشق ونحوه "والصورى"، بفتح الصاد المهملة، والواو والراء المهملة، اسم واد، قاله الصغاني. وقال المرادي5: اسم ماء وخلا منه الصحاح والقاموس. "والحيدى"، بفتح الحاء المهملة والياء المثناة التحتانية والدال المهملة: المائل, وحمار حيدى أي يعدل عن ظله لنشاطه، لأن الاسم بزيادة الألف والنون, وألف التأنيث يبعد شبهه بما هو الأصل في الإعلال. وهو الفعل.
"وشذ الإعلال في: ماهان, ودران"، والأصل: "موهن، ودوران"، هذا قوله سيبويه6، والمازني7، وزعم المبرد8 أن القياس في ما كان مختومًا بألف ونون
__________
1 شرح الكافية الشافية 2/ 432.
2 في "ب": "تقدم".
3 في "ب": "يجوز".
4 في "ب": "تخص الأسماء".
5 شرح المرادي 6/ 54.
6 الكتاب 4/ 363.
7 التصريف 2/ 9.
8 المقتضب 1/ 260.

(2/734)


الإعلال، وأن "ماهان، وداران"، لا شذوذ فيهما، وأن صحيح "الجولان"، والهيمان" شاذ، لأن الألف والنون لا يخرجا الاسم عن مشابهة الفعل، لكونهما في تقدير الانفصال.
قال الفارسي1: ويؤيده قولهم في "زعفران، وزعيفران"، فبقيا في التصغير، ولم يحذفا.
وقيل: لما صحح "النزوان، والغليان"، وحرف العلة لام، واللام محل التغيير، صحح العين في بعض المواضع كـ"الجولان" إذ العين أولى بالتصحيح من اللام.
وذهب الأخفش2 إلى أن تصحيح ما فيه ألف التأنيث المقصورة كـ"صورى" شاذ، لا يقاس عليه؛ لأن هذه الألف في آخر الاسم لفظًا كألف اتصلت بفعل3 دالة على التثنية نحو: "فعلا" فلم تخرجه هذه الزيادة عن4 صورة "فعل"، ومذهب سيبويه5 وأتباعه أن تصحيح هذا النوع قياس، لأن ألف التأنيث مختصة6 بالاسم، فهي كالألف والنون في "الطوفان" ويترتب على القولين ما إذا بنيت من "القول" أو "البيع" اسما على وزن "جمزى"، فعلى قول الأخفش تقول: "قالى، وباعى"، وعلى قول سيبويه تقول: "قولى، وبيعى"، لأن تصحيح نحو: "صورى" عنده قياس7.
__________
1 التكملة ص204.
2 انظر شرح الكافية الشافية 4/ 2134.
3 في "ب": "بألف" مكان "بفعل".
4 في "ب": "في".
5 الكتاب 4/ 351.
6 في "ب": "مخصصة".
7 الكتاب 4/ 351.

(2/735)


فصل في إبدال التاء المثناة فوق "من الواو والياء" المثناة تحت:
"إذا كانت الواو والياء فاء لـ: الافتعال" غير مبدلتين من همزة "أبدلت" فاء "الافتعال" "تاء" مثناة فوقانية [على اللغة الفصحى] 1، "وأدغمت" التاء "في تاء الافتعال، وفي ما تصرف2 منها"، أي من صيغة "الافتعال" كالفعل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لما بينهما من قرب المخرج، ومنافاة الصفة "نحو: اتصل واتعد"، أي قبل الوصل والوعد، ففاؤهما واو، لأنهما "من: الوصل، والوعد" وأصلهما،: "اوتصل، واوتعد"، قلبت الواو تاء مثناة فوقانية، وأدغمت في تاء "الافتعال", لأن الإدغام يرفع الثقل، ولم تقلب الواو ياء مثناة تحتانية على ما هو مقتضى القياس، لأنها إن قلبت ياء. أو لم تقلب لزم قلبها تاء في هذه اللغة، فالأولى الاكتفاء بإعلال واحد، كذا ذكره ابن الحاجب.
قال التفتازاني، وفيه نظر، لأنه لو قلبت الواو ياء تحتانية، لا يجوز قلب الياء التحتانية فوقانية، لتدغم كما في الياء المنقلبة عن الهمزة. انتهى.
وأجيب بأنه يجوز ههنا للفرق بين المنقلبة عن الواو والمنقلبة عن الهمزة، لأن الهمزة لا تبدل بالتاء بخلاف الواو، "واتسر"، أصله: "ايتسر"، ففاؤه ياء، لأنه "من: اليسر". قلبت ياؤه تاء، وأدغمت في تاء "الافتعال"، لاهتمامهم بالإدغام، لأنه يصير الحرفين كحرف واحد.
"وقال" الأعشى، ميمون بن قيس يهدد علقمة بن علاثة: [من الطويل]
__________
1 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
2 في "ب": "تفرق".

(2/736)


963-
فإن تتعدني أتعدك بمثلها ... وسوف أزيد الباقيات القوارضا
أصل "تتعدني، وأتعدك": "توتعدني، وأوتعدك" من "الوعد"، أبدلت الواو تاء، وأدغمت في التاء، والقوارض، جمع قارضة، وهي: الكلمة المؤذية. "وقال" طرفة بن العبد: [من الطويل]
964-
فإن القوافي تتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر
أصل: "تتلجن": "توتلجن" من "الولوج" بالجيم، وهو الدخول، أبدلت الواو تاء وأدغمت في التاء. لما مر. و"الموالج" جمع "مولج" موضع الولوج و"تولجها" تدخلها، و"الأبر" جمع إبراة الخياط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
986-
ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا ... ....................................
وقيدنا هذه اللغة بقولنا: الفصحى، احترازًا من لغة بعض الحجازيين فإنهم يبدلونها من جنس حركة ما قبلها، فيقولون: "يا تعد، ياتسر، موتعد، موتسر، ايتعاد، ايتسار"، وقيدنا الواو والياء بقولنا: غير مبدلتين من همزة، كما في التسهيل1، احترازًا من نحو: "اؤتمن ائتمانا"، و"ائتزر" وهو المراد بقوله: "وتقول في: افتعل، من "الإزار": ايتزر"، بإبدال الهمزة ياء تحتانية، "ولا يجوز إبدال" هذه "الياء" التحتانية "تاء" فوقانية: "وإدغامها في التاء, لأن هذه الياء" التحتانية "بدل من همزة، وليست" ياء "أصلية" وقول من قال: "اتزر" من "ايتزر" خطأ، قاله التفتازاني، "وشذ قولهم في: افتعل، من: الأكل: اتكل" بتشديد التاء الفوقانية، وإليه أشار الناظم بقوله:
986-
...................................... ... وشذ في ذي الهمز نحو اتكلا
وجعله في التسهيل قليلا، فقال2: وقد تبدل، وهي بدل من الهمزة، قال الموضح
__________
963- البيت للأعشى في ديوانه ص201، وخزانة الأدب 1/ 184، وسر صناعة الإعراب 1/ 147، ولسان العرب 3/ 464 "وعد"؛ وتاج العروس 9/ 380 "وعد" والمقاصد النحوية 4/ 579، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 396، وشرح المفصل 10/ 37، والممتع في التصريف 2/ 386.
964- البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص47، والخصائص 1/ 14، وسر صناعة الإعراب 1/ 147, والمقاصد النحوية 4/ 581، والممتع في التصريف 1/ 386, وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 397, وشرح المفصل 1/ 37، ولسان العرب 2/ 400 "ولج" والارتشاف 3/ 295.
1 التسهيل ص310.
2 التسهيل ص312.

(2/737)


في حواشيه على التسهيل: مثاله في الواو قول بعضهم: "اتمن"، وفي الياء قول بعضهم: "اتزر"، انتهى.
"وقول الجوهري1 في "اتخذ": إنه "افتعل" من "الأخذ" وهم"، لأنه لو كان من "الأخذ" لوجب أن يقال: "ايتخذ" بغير إدغام، قاله التفتازاني، "وإنما التاء أصل، وهو من: تخذ" بمعنى "أخذ" "كـ: اتبع، من: تبع". قاله الفارسي، وذهب بعضهم إلى أن "اتخذ" مما أبدل فاؤه تاء؛ لأن فيه لغة، وهي "وخذ" بالواو، فالتاء ليست بأصل، وعلى هذا يقال: "اتخذ" كـ"اتعد"، وحكي عن البغداديين، أنهم أجازوا الإبدال في ذي الهمز، وحكوا من ذلك ألفاظا، وهي: "اتزر، واتمن، واتهل، واتكل"، من "الإزار، والأمانة، والأهل، والأكل"، ومنه الحديث: "وإن كان قصيرًا فليتزر به"، كذا في جميع روايات الموطأ2، وقد تقدم3.
__________
1 الصحاح "أخذ".
2 الموطأ 1/ 14.
3 تقدم ص705 من هذا الجزء.

(2/738)


فصل في إبدال الطاء:
"تبدل وجوبًا من تاء: الافتعال، الذي فاؤه وصاد، أو ضاد، أو طاء، أو ظاء، وتسمى" هذه الأحرف الأربعة "أحرف الإطباق"، لانطباق اللسان معها على الحنك الأعلى، فينحصر الصوت حينئذ بين اللسان وما حاذاه من الحنك الأعلى، ولم يقل: الحروف المطبقة، لأن هذه التسمية تجوز فيها، لأن المطبق إنما هو اللسان والحنك، وأما الحروف فهو مطبق عنده.
وإنما أبدلت تاء "الافتعال" إثر المطبق تاء لاستثقال اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من اتفاق المخرج، وتباين الصفة إذ التاء من حروف الهمس، والمطبق من حروف الاستعلاء، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرج المطبق، واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء, وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
987-
طا تا افتعال رد إثر مطبق ... ................................
"تقول في: افتعل، من: صبر: اصطبر"، وأصله "اصتبر"، قلبت التاء طاء، "ولا تدغم" الصاد في الطاء، "لأن الصفيري"، وهو الصاد، "لا يدغم إلا في" صفيري "مثله"، لئلا يذهب صفيره.
قال المرادي1: وإذا أبدلت بعد الصاد ففيه وجهان:
البيان: فيقال: "اصطبر".
والإدغام بقلب الثاني إلى الأول، فيقال: "اصبر" بصاد مشددة.
قال سيبويه2: حدثنا هارون أن بعضهم قرأ: "أن يصلحا"3، يريد: {أَنْ يُصْلِحَا} [النساء: 128] . انتهى.
__________
1 شرح المرادي 6/ 82.
2 الكتاب 4/ 467.
3 هي قراءة عاصم الجحدري وعثمان البتى. انظر المحتسب 1/ 201، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 366.

(2/739)


"ومن "ضرب" اضطرب"، والأصل: "اضترب"، أبدلت التاء طاء، "ولا تدغم" الضاد في الطاء، "لأن الضاد" المعجمة "حرف مستطيل"، فإدغامه في غيره يفوت استطالته، وجاء قليلا: "اصلح، واضرب"، بقلب الثاني إلى الأول. ثم الإدغام.
قال التفتازاني، وهذا عكس الإدغام1، فعل رعاية لصفير الصاد، واستطالة الضاد. "ومن "طهر" بالطاء" المهملة؛ "اططهر"، والأصل: "اطتهر"، أبدلت التاء طاء. "ثم يجب الإدغام لاجتماع المثلين". وهما الطاءان، "في كلمة" واحدة "وأولهما ساكن"، ولا مانع من الإدغام، "ومن: ظلم" بالمعجمة. "اظطلم"، بمعجمة فمهملة، والأصل: "اظتلم"، أبدلت التاء طاء، "ثم لك ثلاثة أوجه":
"الإظهار" على الأصل.
"والإدغام مع إبدال الأول"؛ وهو الظاء المعجمة؛ طاء مهملة "من جنس الثاني" على القياس.
"ومع عكسه"، وهو إبدال الثاني؛ وهو الطاء المهملة؛ ظاء معجمة؛ من جنس الأول كما هو عكس القياس، فهذه ثلاثة أوجه. "وقد روي بهن قوله"، وهو زهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان المزني: [من البسيط]
965-
هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوًا ويظلم أحيانًا فيظلم
روي "فيطلم" بتشديد المهملة، "ويظلم"، بتشديد المعجمة، و"فيظطلم" بالإظهار، وروي فيه وجه رابع، وهو "ينظلم" على زنه "ينقطع"، قاله الجيلي، والمعنى أن هرمًا هو الجواد الذي يعطيك عطاءه عفوًا، أي بسهولة ولا يمن به، ولا يمطل سائله، ويظلم أحيانًا؛ بالبناء للمجهول؛ أي يطلب منه في غير موضع الطلب، فيظلم، أي: فيحتمل ذلك ممن سأله، ولا يرد من استجداه في الأوقات التي مثله يطلب فيها، وفي الأوقات التي مثله لا يطلب فيها، قاله الجاربردي2.
__________
1 سقط من "ب".
965- البيت لزهير أبي سلمى في ديوانه 119، والاقتضاب ص310، وسر صناعة الإعراب 1/ 219، والسمط 467، وشرح أبيات سيبويه 2/ 403، وشرح شواهد الشافية 493، وشرح المفصل 10/ 47، 149، والكتاب 4/ 468، ولسان العرب 12/ 3771 "ظلم" والمقاصد النحوية 4/ 582، ومقاييس اللغة 3/ 469، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 141، وأوضح المسالك 3/ 399، ولسان العرب 13/ 273 "ظنن"، وشرح الأشموني 3/ 873، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 189.
2 شرح الشافية 2/ 556.

(2/740)


فصل في إبدال الدال المهملة:
"تبدل وجوبًا من تاء: الافتعال، الذي فاؤه دال، أو ذال، أو زاي" لاستثقال مجيء التاء بعدها، "تقول في "افتعل" من: دان" يدين دينا: "اددان، ثم تدغم" الدال في الدال، "لما ذكرنا في: اطهر" من أن اجتماع مثلين في كلمة، وأولهما ساكن، يوجب الإدغام، "ومن: زجر"، أي منع، "ازدجر"، والأصل: "ازتجر"، قلبت التاء دالا، "ولا تدغم" الزاي في الدال، "لما ذكرنا في: اصطبر" من أن حرف الصفير لا يدغم إلا في مثله، والإدغام بقلب الدال زايًا نحو: "ازجر" ضعيف، "ومن: ذكر"، بالمعجمة: "اذدكر، ثم تبدل المعجمة مهملة، وتدغم" على القياس. "وبعضهم يعكس"، فيبدل المهملة معجمة، ويدغم على غير القياس، فيقول: "اذكر"، بتشديد المعجمة. "وقد قرئ شاذا: "فهل من مذَّكر" [القمر: 15] بالمعجمة1" والحاصل ثلاثة أوجه: "اذدكر" بلا إدغام، و"اذكر" بالذال المعجمة بقلب المهملة إليها. و"ادكر"، بالدال المهملة بقلب المعجمة إليها.
__________
1 الرسم المصحفي: {مُدَّكِرٍ} , والقراءة المستشهد بها قرأها قتادة، انظر البحر المحيط 8/ 178، والكشاف 4/ 38.

(2/741)


فصل في إبدال الميم:
"أبدلت وجوبًا من الواو في: فم، وأصله: فوه، بدليل" تكسيره على "أفواه"، والتكسير يرد الأشياء إلى أصولها، "فحذفوا الهاء" لخفائها "تخفيفًا، ثم أبدلوا الميم من الواو" لكونها من مخرجها، "فإن أضيف" إلى ظاهر، أو مضمر "رجع به إلى الأصل"، وهو الواو، "فقيل": "فو زيد، و"فوك"، لأن الإضافة ترد الأشياء إلى أصولها، "وربما بقي الإبدال" مع الإضافة إلى المظهر والمضمر. "نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: ""لخلوف فم الصائم" أطيب عن الله من ريح المسك" 1، وقول رؤبة: [من الرجز]
966-
يصبح ظمآن وفي البحر فمه
وزعم الفارسي أن الميم لا تثبت إلا في الشعر، ويرده الحديث المتقدم.
و" أبدلت الميم "من النون بشرطين: سكونها: ووقوعها قبل الباء" الموحدة "سواء كانتا في كلمة أو كلمتين".
فالأول "نحو: {انْبَعَثَ " أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] .
"و" الثاني نحو: {مَنْ بَعَثَنَا" مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] , وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
975-
وقبل با اقلب ميما النون إذا ... كان مسكنا...................
وإنما أبدلت الميم من النون قبل الباء، لأن النطق بالنون الساكنة قبل الباء عسر لاختلاف مخرجيهما مع منافرة لين النون وغنتها لشدة الباء، فإذا وقعت النون ساكنة قبل الباء قلبت ميمًا، لأنها من مخرج الباء، وكالنون في الغنة "و" أبدلت الميم من النون "شذوذًا في نحو قوله", وهو رؤبة: [من الرجز]
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الصوم برقم 1795.
966- تقدم تخريج الرجز برقم 24.

(2/742)


967-
يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المختضب البنام
أراد: يا هالة، فرخمه بحذف التاء، لأنه علم امرأة، و"المنطق": النطق، و"التمتام": من التمتمة، وهو تكرير التاء، و"البنام"، الأصابع، "وأصله: البنان"، أبدلت الميم من النون شذوذًا، حيث لم يتقدمها باء موحدة.
"وجاء عكس ذلك" وهو إبدال النون من الميم "في قولهم" في صفة الشعر: "أسود قاتن"، بالقاف الفوقانية والنون، "وأصله: قاتم"، أبدلت الميم نونًا.
هذا آخر الإبدال:
وحاصل ما ذكره أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الألف والواو والياء.
والياء1 تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والألف والواو.
والواو تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والألف والياء.
والألف تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والواو والياء.
والميم تبدل من حرفين، وهما: الواو والنون.
والتاء تبدل من حرفين، وهما: الواو والياء.
والطاء تبدل من التاء.
والدال تبدل من التاء.
وقد تبدل هذه الحروف من غير ما ذكر.
__________
967- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183، وجواهر الأدب ص98، وسر صناعة الإعراب 2/ 422، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 216، وشرح شواهد الشافية ص455، وشرح المفصل 10/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 580، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 401، وشرح الأشموني 3/ 860، وشرح المفصل 10/ 35.
1 في "ط": "والتاء".

(2/743)