شرح الكافية الشافية

باب "ما" و"لا" و"إن" المشبهات بـ"ليس":
"ص":
أهل الحجاز ألحقوا بـ"ليس" "ما" ... إن عدمت "إلا" و"إن" وقدما
ذو خبر، وإن تؤخره بطل ... إعمال "ما"، كذاك يبطل العمل
بكون الاسم بعد معمول الخبر ... وبعد ظرف أبقه، أو حرف جر
"ش": ألحق أهل الحجاز "ما" النافية بـ"ليس" في العمل، فجعلوا لها اسمًا مرفوعًا، وخبرًا منصوبًا، وبلغتهم نزل القرآن، قال الله -تعالى: {مَا هَذَا بَشَر} 1. وقال -تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم} 2. وشرط في إلحاقها بـ"ليس"3 أربعة شروط:
__________
1 من الآية رقم 31 من سورة يوسف.
2 من الآية رقم 2 من سورة المجادلة.
وقد قرأ "أمهاتهم" -برفع التاء- المفصل عن عاصم.
وقرأ ابن مسعود "ما هن بأمهاتهم" مختصر ابن خالويه ص 153".
3 ك وع "ولا لحاقها بليس".

(1/430)


أحدها: بقاء النفي، فلا عمل لها عند زواله، كقوله -تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُول} 1. والثاني: عدم "إن"، فلا عمل لها عند وجودها كقول الشاعر:
180-
بني غدانة ما إن أنتم ذهب ... ولا صريف، ولكن أنتم خزف
والثالث: تأخر2 الخبر، فلا عمل لها -غالبًا- عند تقدمه كقولك: "ما قائم زيد".
والرابع: عدم تقدم3 معمول الخبر، فلا عمل لها إذا تقدم4، ولم يكن ظرفًا5، ولا جارًا ومجرورًا6 كقولك: "ما طعامك زيد آكل".
__________
1 من الآية رقم 144 من سورة آل عمران.
2 هـ "تأخير".
3 ع "تقديم".
4 ع ك "فلا تعمل إذا تقدم".
5 زادت ع "ولم يكن ظرفًا ولا خبرًا".
6 هـ "ولا مجرورًا".
180- من البسيط لم ينسبه أحد إلى قائله مع كثرة المستشهدين به من النحاة. غدانة: حي من يربوع.
الصريف: الفضة.
الخزف: ما عمل من الطين وشوي بالنار حتى يكون فخارًا.
"والبيت من شواهد المصنف في شرح عمدة الحافظ ص 27 وشرح التسهيل 1/ 60 وهو في الخزانة 2/ 124 واللسان 11/ 91 والمقاصد النحوية 2/ 91 والمغني 1/ 24 وهمع الهوامع 1/ 123".

(1/431)


فلو كان المفعول ظرفًا، أو جارًا ومجرورًا1 لم تبال2 بتقدمه نحو3 قولك: "ما عندك زيد مقيمًا".
"ص":
ورفع "ما بها زيد" بـ"ما" ... وموضع المجرور نصب زعما
وذاك فيه نظر، والمنعطف ... هنا على المنصوب إن بـ"بل" عطف
أو "لكن"4 ارفعه، ونصب ربما ... جاء هنا في خبر تقدما
"ش" من النحويين من يرى بقاء عمل "ما" إذا تقدم خبرها وكان ظرفًا أو جارًا أو مجرورًا، وهو اختيار أبي الحسن ابن عصفور، فإلى5 هذا المذهب6 أشرت بقولي:
ورفع "ما بها زيد" بـ"ما" ... وموضع المجرور نصب7
__________
1 هـ "أو مجرورًا".
2 ع وهـ "لم يبال".
3 ع وهـ "بتقديمه".
4 طـ "ولكن".
5 ع "وإلى".
6 سقط من ع وك "المذهب".
7 ك وع زادتا "نصب زعما".

(1/432)


وإذا عطف على خبر "ما" بـ"بل" أو"لكن" وجب رفع المعطوف؛ لأنه مثبت كالمقرون بـ"إلا" فاشتركا في الرفع نحو:
"ما زيد قائمًا بل قاعد"، و"ما عمرو كريمًا لكن بخيل".
ومن العرب من ينصب الخبر متقدما1، أشار إلى ذلك سيبويه.
وسوى بينه وبين قول من قال: "ملحفة جديدة". بالتاء -وبين قول من قال: {وَلاتُ حِينَ مَنَاص} 2 -بالرفع.
فإن المشهور: "ملحفة جديد"3 -بلا تاء- و {لَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} -بالنصب- وأنشد سيبويه4 شاهدًا على ذلك5:
181-
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ مثلهم بشر6
__________
181 - من البسيط سبق في باب كان وأخواتها.
1 ك ع "مقدما".
2 من الآية رقم 3 من سورة ص وينظر سيبويه 1/ 29.
3 ع هـ "جديدة".
4 هـ ك ع زادت "للفرزدق".
5 ك وع سقط "على ذلك".
6 قال سيبويه في الكتاب 1/ 29:
"وتقول: "ما زيد إلا منطلقًا" تستوي فيه اللغتان "يعني سيبويه لغة الحجازيين ولغة التميميين".
ومثله قوله -عز وجل: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} لم تقو "ما" حيث نقضت معنى "ليس" كما لم تقو حين قدمت الخبر.

(1/433)


"ص":
وما لـ"ما" عند تميم عمل ... لأنها حرف لديهم مهمل
وبعد بالبا قد يجرون الخبر ... كغيرهم وذا كثير1 اشتهر
وجاء مجرورًا بباء بعد "إن" ... كـ"ما إن الله بغافل" فدن
وجرت2 البا خبرًا من بعد "هل" ... وذو انتصار من بهذين استدل
"ش": لغة بني تميم في تركهم3 إعمال "ما" أقيس من لغة أهل الحجاز.
__________
= فمعنى "ليس" النفي، كما أن معنى "كان": الواجب، وكل واحد منهما يعني "كان" و"ليس" إذا جردته فهذا معناه.
فإن قلت "ما كان" أدخلت عليها ما ينفي به، فإن قلت "ليس زيد إلا ذاهبًا" أدخلت ما يوجب كما أدخلت ما ينفي.
فلم تقو "ما" في باب قلب المعنى كما لم تقو في تقديم الخبر.
وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق.
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذا هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
وهذا لا يكاد يعرف كما أن "لات حين مناص" كذلك.
وربما شيء هكذا وهو كقول بعضهم "هذه ملحفة جديدة" في القلة.
1 هـ "كبير" وع "كثيرًا".
2 هـ "وجرب".
3 ك وع "في ترك".

(1/434)


كذا قال سيبويه.
وهو كما قال؛ لأن العامل حقه أن يمتاز من غير العامل بأن يكون مختصًا بالأسماء إن كان من عواملها كحروف الجر، ومختصًا بالأفعال إن كان من عواملها كحروف الجزم، وحق ما لا يختص كـ"ما" النافية ألا يكون عاملًا1.
إلا أن شبها بـ"ليس" سوغ إعمالها إذا لم يعرض مانع من الموانع المذكورة2.
وزعم أبو علي أن دخول الباء الجارة على الخبر مخصوص بلغة أهل الحجاز، وتبعه في ذلك الزمخشري3:
__________
1 هـ "عالمًا".
2 قال سيبويه في الكتاب 1/ 28:
"هذا باب ما أجري مجرى "ليس" في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز: ثم يصير إلى أصله، وذلك الحرف "ما".
تقول: "ما عبد الله أخاك"، و"ما زيد منطلقًا".
وأما بنو تميم فيجرونها مجرى "أما" و"هل" أي: لا يعملونها في شيء وهو القياس؛ لأنه ليس بفعل، وليس "ما" كـ"ليس" ولا يكون فيها إضمار.
وأما أهل الحجاز فيشبهونها بـ"ليس" إذ كان معناها كمعناها".
3 قال الزمخشري في المفصل في باب خبر "ما" و"لا" المشبهتين بـ"ليس": "ودخول الباء في الخبر نحو قولك: "ما زيد بمنطلق" إنما يصح على لغة أهل الحجاز؛ لأنك لا تقول: "زيد بمنطلق".
قال ابن يعيش 2/ 116.
"يريد أن ما بعد "ما" التميمية مبتدأ وخبر والباء لا تدخل في خبر المبتدأ، وهذا فيه إشارة إلى مذهب الكوفيين.
وليس بسديد، وذلك؛ لأن الباء إن كان أصل دخولها على "ليس" و"ما" محمولة عليها لاشتراكهما في النفي فلا فرق بين الحجازية والتميمية في ذلك.
وإن كانت دخلت في خبر "ما" بإزاء اللام في خبر "إن" فالتميمية والحجازية في ذلك سواء".

(1/435)


والأمر بخلاف ما زعماه لوجوه1:
أحدها: أن أشعار بني تميم تتضمن دخول الباء على الخبر كثيرًا، منه قول الفرزدق2 أنشده سيبويه3:
182-
لعمرك ما معن بتارك حقه ... ولا منسئ معن ولا متيسر
ولو كان دخولها على الخبر مخصوصًا4 بلغة أهل الحجاز ما وجد في لغة غيرهم.
الثاني: أن الباء إنما دخلت على الخبر بعد "ما" لكونه منفيًا، لكونه خبرًا منصوبًا.
يدل على ذلك دخولها في نحو: "لم أكن بقائم"، وامتناع
__________
1 ك وع "زعمًا".
2 ك وع "قول العرب".
3 الكتاب 1/ 30.
4 ك وع "مخصوص".
182- من الطويل قاله الفرزدق في هجاء معن وهو رجل كلاء بالبادية "الديوان 384" منسئ: مؤخر.

(1/436)


دخولها في نحو: "كنت قائمًا".
وإذا ثبت كون المسوغ لدخولها النفي، فلا فرق بين منفي1 منصوب المحل، ومنفي مرفوع المحل.
الثالث: أن الباء المذكورة قد ثبت دخولها بعد بطلان العمل بـ"إن" كقول الشاعر:
183- لعمرك ما إن أبو مالك
بواه ولا بضعيف قواه
فكما دخلت على الخبر المرفوع بعد "إن" لكونه منفيًّا كذلك تدخل2 على الخبر المرفوع دون وجود "إن" وهو ما أردناه.
وقد دخلت -أيضًا- على الخبر المرفوع بعد "هل" كقوله:
__________
1 ع سقط "منفي".
2 هـ "يدخل".
183- من المتقارب قاله المتنخل الهذلي في مطلع قصيدة يرثي بها أباه "ديوان الهذليين 2/ 29" ورواية الديوان.
....................................... ... بوان...............................
أبو مالك: أبو الشاعر واسمه عويمر بن عثمان.
ورواية هـ........................ أبوك ... ........................................

(1/437)


184-
تقول إذا اقلولى عليها وأفردت ... ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم
وإذا دخلت على الخبر بعد "هل" لكون "هل" تشبه النافي، فلأن تدخل على الخبر بعد النافي نفسه أحق وأولى.
بل قد دخلت على الخبر المرفوع بعد "لكن" "كقول الشاعر:
185-
ولكن أجرًا لو فعلت بهين ... وهل ينكر المعروف في الناس والأجر
وبعد "إن" كقول امرئ القيس:
__________
184- من الطويل قال الفرزدق من قصيدة يهجو فيها جريرًا وبني كليب رهطه، ويعيرهم بإتيان الأتن والضمير في عليها يعود إلى الإتان في البيت السابق وهو:
وليس كليبي إذا جن ليله ... إذا لم يجد ريح الأتان بنائم
"الديوان ص 863 نشر الصاوي"
اقلولى: ارتفع عليها. أقردت: سكنت.
ورواية الأصل "يقول" ورواية باقي النسخ "تقول".
185- من الطويل قال العيني في المقاصد النحوية، هذا أنشده أبو علي وأبو الفتح ولم يعزواه إلى أحد "2/ 134".
وهو في شرح المفصل 8/ 139، والخزانة 4/ 160، وهمع الهوامع 1/ 127.

(1/438)


186-
فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها ... فإنك -مما أحدثت- بالمجرب
وبعد "أن" المفتوحة1 كقوله -تعالى2: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} 3
"ص":
وأعملوا4 في النكرات "لا" كـ"ما" ... مثاله: "لا ذو ارتياب مسلما"5
و"لا أنا باغيًا" آت عن ثقة ... وفيه بحث بارع من حققه
واسما لـ"لات": الحين" محذوفًا جعل ... ونصب "حين" خبرًا بعد نقل
__________
186- من الطويل قاله امرئ القيس "الديوان 42".
والضمير في "عنها" لأم جندب امرأة امرئ القيس، وتقدم ذكرها قبل البيت الشاهد. وهو:
خليلي مرا بي على أم جندب ... نقض لبانات الفؤاد المعذب
وللقصيدة قصة مبسوطة في موضعها.
الحقبة: السنة وأراد بها الحين.
1 هـ سقط ما بين القوسين.
2 من الآية رقم "33" من سورة "الأحقاف".
3 هـ وك وع سقط "على أن يحيى الموتى".
4 هـ "وأعلموا".
5 هكذا في الأصل -وفي باقي- النسخ "لا معتد مسلمًا".

(1/439)


وقد يري المحذوف بعد خبرًا ... والثابت اسمًا حيث مرفوعًا جرى
في "لات هنا" ما لـ"لات" عمل ... وبعضهم "هنا" لها اسمًا يجعَلُ
"ش": إلحاق "لا" بـ"ليس" في العمل عند من "قال به -وهم البصريون- مخصوص بالنكرات، كقولك: "لا رجل خيرًا من زيد" و"لا عمل أنفع من طاعة الله".
ومنه قول الرجل من الصحابة -رضي الله عنهم1- يقال له سواد بن قارب:
187-
وكن لي شفيعًا يوم لاذو شفاعة ... بمغن فتيلًا عن سواد بن قارب2
وذكر الشجري أنها عملت في معرفة، وأنشد للنابغة الجعدي3:
__________
1 هـ سقط "رضي الله عنهم".
2 جاء بعد هذا البيت في ع وك "ومثله:
تعز فلا شيء على الأرض باقيًا ... ولا وزر مما قضى الله واقيًا
3 الأمالي الشجرية 1/ 282.
187- من الطويل من شواهد المصنف في شرح عمدة الحافظ 28، وشرح التسهيل 1/ 61. والسيوطي في همع الهوامع 1/ 127. وذكره العيني 2/ 114 وصاحب الجمهرة 21.

(1/440)


188-
وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا ... سواها ولا في حبها متراخيًا
ويمكن عندي أن يجعل "أنا" مرفوع فعل1 مضمر ناصب "باغيًا" على الحال تقديره: لا أرى باغيًا، فلما أضمر الفعل برز الضمير، وانفصل.
ويجوز أن يجعل2 "أنا" مبتدأ، والفعل المقدر بعده خبرًا ناصبًا "باغيًا" على الحال.
ويكون هذا من باب الاستغناء بالمعمول عن العامل لدلالته عليه.
نظائره كثيرة، منها قولهم: "حكمك مسمطًا"3، أي:
حكمك لك مسمطًا أي: مثبتًا. فجعل "مسمطًا" -وهو حال-
__________
1 ع "مرفوع فعله".
2 ع ك "تجعل".
3 هذا مثل رواه الأزهري في تهذيب اللغة مادة "سمط" قال:
"من أمثال العرب السائرة قولهم للرجل يجيزون حكمه "حكمك مسمطًا".
قال المبرد: هو على مذهب لك حكمك مسمطًا. قال: معناه: مرسلًا، يعني جائزًا.
188- من الطويل، ينظر ديوان النابغة الجعدي ص 171.
باغيًا: طالبًا. متراخيًا: متهاونًا.
ورواية الشجري هي رواية الديوان
.............................. ... ولا عن حبها.......................

(1/441)


مغنيًا عن1 عامله مع كونه غير فعل، فإن يعامل2 "باغيًا" بذلك وعامله فعل أحق وأولى.
وأما "لات" فإنهم رفعوا3 بها "الحين" اسمًا، ولا يكادون يلفظون به بل بآخر منصوب خبرًا كقوله -تعالى: {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاص} 4.
أي: و5ليس الحين حين مناص.
و6 لا بد من تقدير المحذوف معرفة؛ لأن المراد نفي كون الحين الحاضر حينًا ينوصون فيه أي: يهربون، أو يتأخرون.
وليس المراد نفي جنس حين المناص.
ولذلك كان رفع الحين الموجود شاذًّا؛ لأنه7 محوج إلى تكلف مقدر8 يستقيم به المعنى، مثل أن يقال: معناه ليس حين
__________
1 هـ "معينًا".
2 هـ "نعامل".
3 ع ك "يرفعون".
4 من الآية رقم 3 من سورة ص.
5 هـ سقطت الواو من "وليس".
6 ك وع سقطت الواو من "ولا بد".
7 ك وع "لا أنه".
8 ك وع سقط "مقدر".

(1/442)


مناص1 موجودًا لهم حين2 تناديهم ونزول ما نزل بهم. إذ قد كان لهم قبل ذلك حين مناص، فلا يصح نفي جنسه مطلقًا، بل مقيدًا.
وقد نبهت على شذوذ رفع الحين -الثابت- اسمًا وجعل المحذوف خبرًا بقولي:
وقد يرى المحذوف بعد خبرا ... والثابت3 اسمًا حيث مرفوعًا جرى4
لأن "قد" تدل مع المضارع على التقليل.
وقد تقع5 "ساعة" و"أوان" بعد "لات"، فوقوع "ساعة"6 كقول الشاعر7:
189-
ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم
__________
1 ك وع سقط "مناص".
2 ك وع "عند تناديهم" موضع "حين تناديهم".
3 في الأصل "والتأنيث" موضع "والثابت".
4 في الأصل سقط "حيث مرفوعًا جرى".
5 الأصل "يقع".
6 الأصل سقط "فوقوع ساعة".
7 هـ "رجل من طيئ".
189- من الكامل نسبه العيني، 2/ 146 إلى محمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال: ويقال: إن قائله مهلهل بن مالك الكناني.

(1/443)


وأنشد الفراء والأخفش1:
190-
طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء
أي: ليس الأوان أوان صلح، فحذف المضاف إليه "أوان" منوي الثبوت. وبني كما فعل بـ"قبل" و"بعد".
إلا أن "أوانا" لشبهه بـ"نزال" وزنًا بني على الكسر، ونون اضطرارًا.
وأما "لات" الواقع بعدها "هنا" كقوله:
__________
1 الأصل سقط "الأخفش".
190- من الخفيف من قصيدة لأبي زبيد الطائي النصراني "الديوان ص 30" وللقصيدة التي منها البيت قصة، وطلبوا جواب لما في البيت قبله وهو
بعثوا حربنا إليهم وكانوا ... في مقام لو أبصروا ورخاء
ثم لما تشذرت وأنافت ... وتصلوا منها كريه الصلاء
قال الفراء في معاني القرآن 2/ 397 وما بعدها:
"ومن العرب من يضيف فيخفض أنشدوني:
........................... لات ساعة مندم ... ...............................
ثم قال: وأنشدني بعضهم:
طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء
فخفض "أوان" فهذا خفض".

(1/444)


191-
حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت
فللنحويين فيها مذهبان:
أحدهما: أن "لات" مهملة لا اسم لها ولا خبر.
و"هنا" في موضع نصب على الظرفية؛ لأنه إشارة إلى مكان.
و"حنت" مع "أن" مقدرة قبلها في موضع رفع بالابتداء، والتقدير: حنت نوار ولا هنالك حنين. وهذا توجيه الفارسي. والوجه الثاني: أن يكون "هنا" اسم "لات"، و"حنت": خبرها على حذف مضاف. والتقدير: وليس ذلك الوقت وقت حنين.
وهذا الوجه ضعيف؛ لأن فيه إخراج "هنا" عن الظرفية، وهو من الظرف التي لا تتصرف.
وفيه -أيضًا- إعمال "لات" في معرفة ظاهرة1 وإنما تعمل في نكرة. وهو اختيار ابن عصفور.
__________
1 هكذا في ك وهـ وع وسقط من الأصل "ظاهرة".
191- ثاني بيتين من الكامل اختلف في نسبتهما إلى قائلهما فقيل هما: لشبيب بن جعيل وعلى هذا الآمدي في المؤتلف ص 115، وقيل: هما لحجل بن نضلة ولهما قصة ذكرت في الخزانة 2/ 158 وفي المقاصد النحوية 1/ 418.
أجنت: أخفت وسترت.

(1/445)


"ص":
وملحق بـ"ما": "إن النافي لدى ... محمد فيه الكسائي أنشدا
إن هو مستوليًا -اعلم- وأبو ... بشر بإيماء إلى ذا يذهب
وبـ"إن الذين" مع "عبادًا ... أمثالكم" تلفي1 لذا اعتضادًا
"ش": لـ"إن" النافية -أيضًا- اسم مرفوع، وخبر منصوب إلحاقًا بـ"ما".
نص على ذلك أبو العباس محمد2 بن يزيد المبرد3، وأومأ سيبويه إلى ذلك دون تصريح بقوله في "باب عدة ما يكون عليه الكلم":
"ويكون4 "إن" كـ"ما" في معنى "ليس""5"". فلو أراد النفي دون العمل لقال: "ويكون "إن" كـ"ما" في النفي".
لأن النفي من6 معاني الحروف فـ"ما" به أولى من "ليس"؛ لأن "ليس" فعل، وهي حرف.
__________
1 ط "تلغى".
2 هـ "أحمد".
3 ينظر المقتضب جـ 1 ص 49 وما بعدها.
4 ع "وتكون".
5 ينظر كتاب سيويه 2/ 307.
6 ع "في معاني".

(1/446)


بخلاف العمل فإن "ليس" فيه هي أصل1 لـ"ما" و"لا" و"إن"؛ لأنها فعل، وهن حروف.
ومما يقوي إعمال "إن" إذا نفي بها ما أنشده2 الكسائي من قول الشاعر:
إن هو مستوليًا على أحد ... إلا على أضعف المجانين
ويروى:
........................... ... إلا على حزبه الملاعين
وإلى هذا أشرت بقولي:
...................... ... ...................... فيه الكسائي أنشدا
192-
إن هو مستوليًا................. ... .......................................
وذكر أبو الفتح في المحتسب أن سعيد بن جبير3 قرأ: {إِنَّ الَّذِيْنَ
__________
1 ك وع "الأصل".
2 ك وع "أنشد".
3 سعيد بن هشام الأسدي الوالبي التابعي، عرض على ابن عباس قتله الحجاج سنة 95 هـ. تقريبًا.
192- من المنسرح اشتهد به المصنف في شرح عمدة الحافظ ص 28 وشرح التسهيل 1/ 61، وروايته هناك هي رواية هنا، وقد ذكر هنا رواية ثانية وفي البيت رواية ثالثة هي رواية الخزانة 2/ 143.
......................................... ... إلا على حزبه المناحيس

(1/447)


إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} 1.
"على أن "إن" نافية، رفعت "الذين" اسمًا.
ونصبت2 "عبادًا3" خبرًا وَنَعْتًا.
والمعنى: ليس الأصنام الذين يدعون4 من دون الله عبادًا أمثالكم في الاتصاف بالعقل5.
فلو كانوا أمثالكم فعبدتموهم6 لكنتم بذلك مخطئين7 ضالين. فكيف حالكم في عبادة من هو دونكم بعدم الحياة8 والإدراك؟
__________
1 من الآية رقم "194" من سورة "الأعراف":
قال أبو الفتح "2/ 270 المحتسب":
"ينبغي والله أعلم -أن تكون "إن" هذه بمنزلة "ما" فكأنه قال: "ما الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم.
فأعمل "إن" إعمال" "ما" وفيه ضعف؛ لأن "إن" هذه لم تختص بنفي الحاضر اختصاص "ما" به فتجري مجرى "ليس" في العمل.
2 ك وع "ونصبت عبادًا أمثالكم".
3 سقط من الأصل ما بين القوسين.
4 ع وك "الذين تدعون".
5 ع "في الإنصاف بالفعل".
6 ك وع "فعبدتموهن".
7 هـ "لكنتم بذلك مخلصين".
8 ع تكرر قوله "من هو دونكم بعدم الحياة".

(1/448)