شرح الكافية الشافية

باب: القسم
"ص":
جملة اسمية او فعليه ... للقسم اجعل قاصدا أليه
نحو: "علي عهده" و"أقسم" ... به" وجملة الجواب تختم
وإن تكن من جمل الأسماء ... مثبتة فاللام قبل جاء
أو "إن" نحو "قسمي الله لذا1 ... أو إنه بر بعيد من أذى"
وإن تصدر بمضارع ثبت ... مستقبلا فالنون إياه تلت
واللام قبل، وهي -وحدها- ترد ... مع حرف تنفيس، وإن حال قصد
__________
1 ع وهـ "كذا".

(2/833)


أو قارنت معموله كـ"لإلى"1 ... من قبل "تحشرون" ذو "الله" تلا
إفرادها في غير ذي شذ وفي ... "مرة أثأرن" بالنون اكتفى
"ش": القسم جملة يجاء بها لتوكيد جملة، وترتبط إحداهما بالأخرى ارتباط جملتي الشرط والجزاء. وكلتاهما اسمية، وفعلية.
[والمؤكدة هي الأولى] 2.
والمؤكدة هي الثانية. وهي المسماة جوابا. ولذلك قلت:
........................... ... وجملة الجواب تختم
وجعلت:
.............. "على عهده" ... .......................
مثالا للجملة الاسمية ...
و.............."أقسم ... به".....................
مثالا للجملة الفعلية.
ونبهت على أن جملة الجواب إن كانت اسمية، مثبتة
__________
1 ط "كلا إلى".
2 هـ وسقط ما بين القوسين.

(2/834)


لزمها اللام. أو "إن" نحو: "والله لزيد ذا" و1"لعمرك2 إنه بعيد من أذى".
ثم نبهت على أن جملة الجواب إن صدرت بفعل مضارع مثبت مستقبل صحب اللام. وإحدى3 نوني التوكيد كقوله تعالى: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِين} 4.
ثم نبهت بقولي:
............. وهي وحدها ترد5 ... .....................................
على أن اللام تنفرد مع ما قرن بحرف التنفيس كقول الشاعر:
474-
فوربي لسوف يجزى الذي أسـ ... ـلفه المرء سيئا أو جميلا
ومع ما أريد الحال نحو: "والله لأظنك صادقا".
__________
1 ع وك "أو"
2 ع "لعمروك".
3 ع ك "وأحد"
4 من الآية رقم "32" من سورة يوسف
5 ع ك سقط "ترد".
474- من الخفيف لم ينسب إلى قائل معين "التصريح 2/ 204".

(2/835)


ومع معمول ما قدم معموله كقوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} 1.
وكقول الشاعر:
475-
قسما لحين تشب نيران الوغي ... يلفي لدي شفاء كل غليل
و"ذو" من قولي:
..................................... ... ..................... ذو "الله" تلا
بمعنى "الذي"
ثم أشرت بقولي:
إفرادها2 في غير ذي شذ ... ............................
إلى أن انفراد3 اللام إذا لم يكن المضارع مقترنا بحرف تنفيس ولا مقدما معموله، ولا مرادا به الحال شاذ. وكذلك انفراد النون.
فمن انفراد اللام شذوذا قول الشاعر:
__________
1 من الآية رقم "158" من سورة "آل عمران".
2 في الأصل "وإفرادها".
3 هـ "إفراد".
475- من الكامل.

(2/836)


476-
تألى ابن أوس حلفة ليردني ... على نسوة كأنهن مفائد1
وأنشد الفراء في كتاب2 المعاني:
477-
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع
ومن انفراد النون قول الآخر:
478-
وقتيل مرة أثأرن فإنه ... فرغ وإن أخاكم لم يثأر
__________
1 ع "مقايد".
2 هـ سقط "كتاب".
476- من الطويل من أبيات لزيد بن حصين أوردها له صاحب الحماسة 1/ 310 تألي حلف حلفة: منصوب على المصدرية من تالي على غير اللفظ.
المفائد: جمع مفأد وهي عيدان الحديد التي يشوى عليها اللحم يشير بذلك إلى خستهن.
ابن أوس: هو قيس بن أوس بن حارثة الطائي المشهور.
وكان أقسم ليأخذن زيدا أسيرا في قصة جرت له معه فقتله زيد. وقيل أسره [التبريزي 1/ 217] .
477- من الطويل أنشده الفراء في كتاب المعاني في أوائل سورة البقرة ولم ينسبه ثم أنشده ثانيا في سورة الإسراء عند قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِن} 2/ 131.
وقال: أنشدني الكسائي للكميت بن معروف."الخزانة 4/ 220، 545".
478- من الكامل لعامر بن الطفيل ورواية الديوان 56، والمفضليات 364، والأصمعيات 252، والخزانة 4/ 216، وشرح الدرة لابن الخباز 29.
................................ ... فرع وإن أخاهم لم يقصد
قتيل مرة: أخو الشاعر قتله بنو مرة فرغ: هدر لم يثأر، أو فرع: شريف على كلتا الروايتين.
وفي اصلاح المنطق لابن السكيت ص19. يقال: ذهب دمه فرغا أي: هدرا باطلا.

(2/837)


"ص":
والماضي مثبتا مصرفا يلي ... "لقد" كذا "لربما1 -أيضا- ولي
أو "لبما" واللام حسب قد ترد ... وأفردت حتما لتصريف فقد
أو سبق معمول وقد يعري لدى ... طول كلام مع تصرف بدا
ويكتفى بـ"قد" كـ"قد أفلح من". ... وذا بلا استطالة غير حسن
وقد يلي2 مضارع "قد" أو "بما" ... أو "ربما" إذا مضيا أفهما
وإن يك الجواب منفيا فلا ... توقعه إلا بعد "ما" و"إن" و"لا"
والماضي لفظا آتيا معنى نفي ... بأخوي "ما" وبـ"ما" قد ينتفي
__________
1 في الأصل "كربما".
2 س وش "قد تلي".

(2/838)


وحذف ما ينفي المضارع اشتهر ... ومع سواه دون لبس ذا ندر
ومع حذف قسم قد يحذف ... نافي مضارع بحيث يعرف
وشذ "لن" و"لم" جوابا و"لما" ... نفيا وترك اللام في النثر الزمان
"ش": إذا صدرت جملة الجواب بفعل ماض متصرف مثبت فحقه أن يقترن باللام و"قد" كقوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} 1.
أو باللام و"ربما" كقول قيس العامري:
479-
لئن نزحت دار لليلي للربما ... غنينا بخير والديار جميع] 2
أو باللام و"بما" بمعنى "ربما" كقول عمر بن أبي ربيعة:
480-
فلئن بان أهله ... لبما كان يؤهل
__________
1 من الآية رقم 91" من سورة "يوسف".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
479- من الطويل ذكره صاحب الخزانة 4/ 223 وروى "للبنى" موضع لليلى وذكره 4/ 541 وروى "لسلمى" موضع "لليلى" ولم ينسبه في الموضعين.
480- من مجزوء الخفيف قاله عمر بن أبي ربعة ورواية الديوان 340.
.................. ... فبما كان يؤهل
بان: فارق.

(2/839)


ثم نبهت بقولي:
......... واللام حسب قد ترد ... ....................................
على أن الماضي المجاب به إذا كان مثبتا، متصرفا قد يقرن باللام وحدها كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} 1.
وكقول امرأة من الصحابة رضي الله عنها.
فوالله لنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح فأناخ2.
ثم نبهت بقولي:
................................. ... وأفردت حتما لتصريف فقد
على وجوب3 انفراد اللام لعدم تصرف الفعل الماضي كقول الشاعر:
481-
لعمري لنعم الفتى مالك ... إذا الحرب أصلت لظاها رجالا
وعلى وجوب انفرادها لتقدم معمول الفعل كقول أم حاتم
__________
1 من الآية رقم "51" من سورة "الروم".
2 أخرجه أحمد في مسنده 6/ 380 عن امرأة من بني غفار.
3 ع ك "وجود".
481- من المتقارب.

(2/840)


الطائي:
482-
لعمري لقدما غضني الجوع عضة ... فآليت ألا أمنع الدهر جائعا
ثم نبهت1 بقولي:
........... وقد يعرى لدي ... طول كلام مع تصرف بدا
إلى نحو قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُود} 2.
ثم أشرت إلى اقترانه عند الاستطالة بـ"قد" وحدها كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} 3.
ولو جيء دون استطالة بفعل ماض مجرد كـ"قتل"، أو مقرون بـ"قد" وحدها كـ"قد أفلح" لمن يحسن.
ثم قلت:
وقد يلي مضارع "قد" أو "بما" ... أو "ربما" إذا مضيا أفهما
فأشرت بذلك إلى قول الشاعر:
__________
1 ع ك "ثم أشرت".
2 من الآية رقم "4" من سورة "البروج".
3 من الآية رقم "9" من سورة "الشمس".
482- من الطويل، نسبه المصنف لقائله.
عضني الجوع: آلمني.
آليت: أقسمت.

(2/841)


483-
لئن أمست ربوعهم يبابا ... لقد تدعو الوفود لها وفودا
وإلى قول عمر بن أبي ربيعة:
484-
فلئن تغير ما عهدت وأصبحت ... صدفت فلا بذل ولا ميسور
485-
لبما تساعف1 في اللقاء ولبها2 ... [فرح بقرب مزارنا مسرور] 3
وإلى قول مطيع بن إياس:
486-
فلئن صرت لا تحير جوابا ... لبما قد ترى وأنت خطيب
__________
1 ع ك "يساعف".
2 ع ك "وليها".
3 هـ سقط ما بين القوسين.
483- من الوافر ذكره في الخزانة 4/ 223 وعرضا ولم ينسبه.
ربوعهم: ديارهم.
يبابا: خرابا.
484، 485- من الكامل قالهما عمر بن أبي ربيعة، ورواية الديوان "131" توافق رواية الأصل التي اعتمدناها.
صدفت: أعرضت.
اللب: القلب.
486- نسب المصنف هذا البيت لمطيع بن إياس تبعا للقالي في أماليه الذي أورد الأبيات التي قالها مطيع بن أياس في رثاء يحيى بن زياد الحارثي "الأمالي 1: 270" ومنها الشاهد ونسبه صاحب الدرر اللوامع 2/ 41 تبعا للعيني لصالح بن عبد القدوس "المقاصد النحوية 3/ 347".
تحير: مضارع أحار -بالحاء المهملة- بمعنى أجاب.
والجملة بعد اللام في "لبما" الواقعة في جواب القسم: جواب القسم لا جواب الشرط -كما وهم العيني.

(2/842)


فلما انتهى الكلام على الجواب المثبت أخذت أبين الجواب1 المنفي.
فنبهت على أنه لا يُنفى إلا بـ"ما" أو "إن" أو "لا". ولا فرق في ذلك بين الجملة الاسمية، والجملة الفعلية.
إلا أن الاسمية إذا نفيت بـ"لا"وقدم الخبر، أو كان2 المخبر عنه معرفة لزم تكرارها3 في غير الضرورة نحو: "والله لا زيد في الدار، ولا عمرو"4 و"لعمري لا أنا هاجرك ولا مهينك".
ثم قلت:
والماضي لفظا آتيا معنى نفي ... بأخوي "ما" وبـ"ما" قد ينتفي
__________
1 ع ك سقط "الجواب".
2 في الأصل "وقدم الجزاء وكان المخبر".
3 ع "تكراها".
4 هكذا في جميع النسخ والأقرب أن يكون المثال "والله لا في الدار زيد ولا عمرو".

(2/843)


فنبهت على قولهم: "تالله لا زرتك". و"والله إن كلمتك". بمعنى: لا أزورك وإن أكلمك.
ومن الأول قول الشاعر:
487-
ردوا فوالله ما ذدناكم أبدا ... ما دام في مائنا ورد لنزال
ومن الثاني قوله تعالى: {إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِه} 1.
وأشرت بقولي:
............................... ... ........ وبـ"ما" قد ينتفي
إلى قوله تعالى: {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَك} 2 بمعنى: لا يتبعون.
وجعل الفراء هذا من إجراء "لئن" مجرى "لو" كما أجريت
__________
1 من الآية رقم "41" من سورة "فاطر".
2 من الآية رقم "145" من سورة "البقرة".
487- من البسيط لم ينسب إلى قائل معين، ورواية السيوطي في همع الهوامع 1/ 9.
................................. ... ما دام في مائنا ورد لوراد
الذود: السوق والطرد والدفع.
الورد: الإشراف على الماء وغيره دخله أم لم يدخله، نزل بالقوم: حل بهم.

(2/844)


مجراها في [قوله تعالى:] 1 {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} 2.
ثم نبهت على اشتهار حذف ما ينفي المضارع نحو: "والله أقوم" بمعنى: والله لا أقوم.
وجاز ذلك للعلم3 بأن الإثبات غير مراد لأنه لو4 كان مراد لجيء باللام والنون فقيل: والله لأقومن.
وإذا لم يرد إثبات تعين كون النفي مرادا إذ لا بد للكلام من أحدهما ومن ذلك قوله تعالى: {تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُف} 5 أي: لا تزال تذكر يوسف6.
ثم أشرت بقولي:
.................................... ... ومع سواه دون لبس7 ذا ندر
إلى أن نافي الماضي قد يحذف إذا دلت قرينة على إرادة النفي؛ كقول أمية بن أبي عائذ الهذلي:
__________
1 من الآية رقم "51" من سورة "الروم"
2 سقط من الأصل ومن هـ "من بعده يكفرون".
3 هـ "العلم".
4 ع "إن".
5 من الآية رقم 85" من سورة "يوسف".
6 سقط من الأصل ومن هـ "يوسف".
7 هـ "ليس".

(2/845)


488-
فإن شئت آليت بين1 المقا ... م والركن والحجر الأسود
489-
نسيتك ما دام عقلي معي ... أمد به أمد السرمد
أراد: لا نسيتك فحذف النافي لأن المعنى لا يصح إلا بتقديره.
ولأنه لو أراد الإثبات لقال: "لقد نسيتك".
وقد يحذف أيضا نافي الجملة الاسمية إذا لم يستقم المعنى إلا بتقديره كقوله عبد الله2 بن رواحة رضي الله عنه:
490-
فوالله ما نلتم وما نيل منكم ... بمعتدل وفق ولا متقارب
__________
1 هـ سقط "بين".
2 سقط من الأصل "عبد الله" وكذلك سقط من هـ.
488، 489- من المتقارب قاله أمية بن أبي عائذ الهذلي "شرح السكري 493" ولا توجد هذه الأبيات في ديوان الهذليين لأن القسم الذي فيه شعر أمية بن أبي عائذ من رواية الأصمعي مفقود.
السرمد: الدائم والطويل من الليالي.
490- نسبه المصنف لعبد الله بن رواحة وليس في ديوانه وهو من الطويل ونسبه المصنف في شرح التسهيل لحسان بن ثابت 1/ 39 حيث أورد هناك رأيا يخالف رأيه هنا فقال: =

(2/846)


أراد: ما1 ما نلتم، وما نيل منكم بمعتدل فحذف "ما" النافية، وأبقى "ما" الموصولة.
وجاز ذلك لدلالة الباء الزائدة في الخبر2. ولدلالة العطف بـ"ولا".
وهذا البيت وبيت أمية غريبان.
ثم أشرت بقولي:
ومع حذف قسم قد يحذف ... .................................
إلى أنه قد يجمع بين حذف القسم وحذف نافي الجواب كقول النمر بن تولب:
__________
= وإذا كان الموصول اسما أجاز الكوفيون حذفه إذا علم، وبقولهم في ذلك أقول، وإن كان خلاف قول البصريين إلا الأخفش لأن ذلك ثابت بالقياس والسماع.
فالقياس على "أن" فإن حذفها مكتفى بصلتها جائز بإجماع مع أن دلالة صلتها عليها أضعف من دلالة صلة الموصول من الأسماء عليه؛ لأن صلة الاسم مشتملة على عائد يعود عليه.
وأما السماع فمنه قول حسان رضي الله عنه:
فوالله ما نلتم وما نيل منكم ... ....................................
أراد: ما الذي نلتم وما نيل منكم.
1 سقطت "ما" من الأصل وفي ع "بما ما".
2 يقصد قوله "بمعتدل".

(2/847)


491-
وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم ... تلاقونه حتى يئوب المنخل
أراد: والله لا تلاقونه فحذف1 القسم، وحرف2 النفي.
ثم نبهت على أن جواب القسم قد ينفي بـ"لن" وبـ"لم"3 وذلك4 في غاية من5 الغرابة.
وشاهد الأول قول أبي طالب يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا6.
__________
1 ع ك "بحذف".
2 هـ "وحذف النفي".
3 ع وك "ولم".
4 هـ "سقط "ذلك".
5 سقط من الأصل ومن ع "من".
6 هكذا في هـ وسقط من ك ع "تسليما كثيرا" وفي الأصل "عليه السلام".
491- من الطويل قائله النمر بن تولب "الديوان 85" ورواية الديوان.
وقولي إذا ما غاب يوما بعيرهم ... ........................................
والمنخل: شاعر يشكري اتهمه النعمان بامرأته المتجردة فحبسه، ثم انقطعت أخباره فضربت به العرب المثل فيمن يذهب ولا يعود.
"جمهرة أشعار العرب ص141، شرح شواهد المغني للسيوطي 214".

(2/848)


492-
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتى أوارى في التراب دفينا
وشاهد الثاني: ما حكى الأصمعي قال: قلت لأعرابي: ألك بنون؟ قال: نعم، وخالقهم لم تقم عن مثلهم منجبة.
ثم أشرت بقولي:
................. ولما ... نفيا.................
- وعطفه على ما شذ من نفي الجواب بـ"لن" و"لم" إلى أن الجواب المنفي حقه أن يكون بغير لام.
فإن1 جاءت اللام في بعض المواضع حكم بالشذوذ، وخص بالضرورة فلذلك قلت:
................................ ... وترك اللام في النثر الزما
ومن شواهد ذلك قول مسعود بن بشير:
493-
أما والذي لو شاء لم يخلق النوى ... لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي
__________
1 في الأصل "وان".
492- هذا واحد من خمسة أبيات من الكامل تنسب لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم "ديوان أبي طالب ص4، غاية المطالب في شرح ديوان أبي طالب للخطيب ص176".
493- من الطويل وبعده في أمالي القالي 2/ 196:
يوهمنيك الشوق حتى كأنما ... أناجيك من قرب وإن لم تكن قربي

(2/849)


قال ابن برهان بعد إنشاده:
494-
لما أغفلت شكرك فاصطنعني ... وكيف1 ومن عطائك2 جل مالي3
شبهها بـ"ما" الموصولة؛ فلذلك أدخل عليها اللام، والله أعلم4.
"ص":
وقد يجيء بين نفيين القسم ... وربما استغنوا بما قبل ارتسم
وقد يكون مثبتا جواب ما ... أُولي "لا" نافي ما تقدما
أو زائدا مؤكدا، وقيل في ... "لا أقسم" الوجهان فاقف ما اقتُفي
وناب5 عن "أقسم" منصوبا "قسم" ... وشبهه كذا "القضا" بذا اتسم
__________
1 ك "فكيف".
2 ع "عطاياك".
3 هـ "ما إلى".
4 هكذا في الأصل فقط وسقط "والله أعلم" من باقي النسخ.
5 ع "وبان".
494- من الوافر قاله النابغة الذبياني من قصيدة في مدح النعمان بن المنذر "الديوان 139".

(2/850)


واستعملوا كذلك اليقينا ... والحق، والنذر رأوا يمينا
و"لك"1 أو على في الأيمان ... قل رافع "الله" أو "الرحمن"
وكثر استغناؤهم2 بـ"علما". ... وشبهه و"خفت" جاء قسما
كذا "عاهدت" و"واثقت"3 وما ... ساواهما4، أو نال قربا منهما
"ش": قد يقصد المقسم توكيد نفي المحلوف عليه فيوقع القسم بين نافيين كقول بعض الطائيين:
495-
أخلاء لا تنسوا مواثيق بيننا ... فإني لا والله ما زلت ذاكرا
وقد يُستغنى بالنافي المتقدم على القسم عن النافي المباشر للجواب كقول المتنخل:
__________
1 ط "كذاك".
2 ع "استفاهم".
3 ع "ووثقت".
4 س "سواهما".
495- من الطويل لم أقف على اسم قائله ورواية ع وك "أخلاي".

(2/851)


496-
فلا والله نادى الحي ضيفي ... هدوا بالمساواة والعلاط
أراد: ما نادى
فحذف "ما" استغناء1 عنها بـ"لا" التي قبل القسم. وإلى2 هذا أشرت بقولي:
وقد يجيء بين نفيين القسم ... وربما استغنوا بما قبل ارتسم3
ثم قلت:
وقد يكون مثبتا جواب ما ... أُولي "لا" نافي ما تقدما
فنبهت بذلك على مثل قول عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه:
__________
1 ع وك "واستغنى".
2 في الأصل وهـ "فإلى".
3 في الأصل "اتسم".
496- من الوافر قاله المتنخل اليشكري من قصيدة مشهورة يفتخر بأن ضيفه مصون لا ينادى في الحي بما يكره "شرح ديوان الهذليين للسكري 1269، ديوان الهذليين 2/ 21".
العلاط: -بعين فطاء مهملتين- الخصومة، ومصدر علطه بشر: ذكره بسوء يقول: لا والله لا ينادي الحي ضيفي بعد الهدوء بالمساءة.

(2/852)


497-
فلا وأبي لنأتيها جميعا ... ولو كانت بها عرب وروم
كأنه قال: فلا ندعها، ثم قال: وأبي لنأتيها جميعا.
وفيه شاهد على الاستغناء باللام عن نون التوكيد.
وقيل في "لا" من [قوله تعالى:] {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم} 1 وشبهه إنها نفي لقول2 الكافرين المخالف3 لما أقسم عليه فحذف المنفي وبقي حرف النفي كما يفعل في الجواب.
وقيل "لا" زائدة للتوكيد، ولا يمنع من ذلك التقديم. لأن ما قبل، وما بعد [في حكم جملة واحدة.
ثم نبهت على أن فعل القسم] 4 قد ينوب عنه لفظ القسم، واليمين والألية، والقضاء واليقين والحق، وغير ذلك.
__________
1 من الآية رقم "75" من سورة "الواقعة".
2 ع وك "كقول".
3 ك وع "المخالفين".
4 ع سقط ما بين القوسين.
497- من الوافر قاله ابن رواحة في غزوة مؤتة "الديوان ص103، سيرة ابن هشام" 793" ورواية الديوان:
فلا وأبي مآب لنأتينها ... وإن كانت بها عرب وروم
ومآب: مدينة في أطراف الشام من نواحي البلقاء.

(2/853)


فمن [نيابة لفظ القسم قول الشاعر:
498-
قسما لأصطبرن على ما سمتني ... ما لم تسومي هجرة وصدودا
ومن] 1 نيابة اليمين قول زهير:
499-
يمينا لنعم السيدان2 وجدتما ... على كل حال من سحيل ومبرم
[ومن نيابة "ألية" قول رجل من طيئ إسلامي:
500-
ألية ليحيقن بالمسيء -إذا ... ما حوسب الناس طرا- سوءا ما عملا] 3
__________
1 هـ سقط ما بين القوسين.
2 ع "السبيل إن".
3 هـ سقط ما بين القوسين
498- من الكامل، وسمتني: كلفتني، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر "قاموس" والصدود: الإعراض.
499- من الطويل من معلقة زهير بن أبي سلمى.
يمينا: مصدر مؤكد لقوله أقسمت في البيت قبله وهو:
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله ... رجال بنوه من قريش وجرهم
السيدان: الحارث بن عوف، وهرم بن سنان.
السحيل: الحبل لم يحكم فتله، وأراد به الأمر السهل الضعيف.
المبرم: الحبل المفتول مرتين، وأراد به الأمر الشديد القوي.
500- من البسيط يحيق: ينزل، والحيق: ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله. طرا: جميعا وهو منصوب على المصدر أو الحال "لسان".

(2/854)


ومن نيابة القضاء ما حكى ثعلب عن بعض1 من يثق به:
إن العرب تنصب قضاء الله وتجعله قسما.
ومن نيابة اليقين ما أنشده أبو على من قول الشاعر:
501-
ويقينا لأشربن بماء ... وردوه فعاجلا وتئيه
ومن نيابة "الحق" قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ، لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِين} 2، 3.
وأشرت بقولي:
...................... ... والنذر4 رأوا يمينا
إلى قول الشاعر:
502-
عليَّ إلى البيت المحرم حجة ... أوافي بها نذرا ولم أنتعل نعلا
__________
1 ع وك "عمن يثق به".
2 ع وك "ومن نيابة الحق قول الحق تعالى فالحق".
3 الآيتان "84، 85" من سورة "ص"
4 ع "والنذور".
501- من الخفيف، التئية: التلبث والتحبس.
502- من الطويل.

(2/855)


503-
لقد منحت ليلى المودة غيرنا ... وإن لها منا المودة والبذلا
وأشرت بقولي:
و"لك"1 أو "على" في الأيمان ... قل رافع "الله" أو "الرحمن"
إلى قول الشاعر:
504-
لك الله لا أُلفى لعهدك ناسيا ... فلا تك إلا مثل ما أنا كائن
وإلى قوله:
505-
نهى الشيب قلبي عن صبا وصبابة ... ألا فعلي الله أوجد صابيا
وإلى قول ابن أبي ربيعة:
__________
1 هـ "ذلك أو على".
503- من الطويل. البذل: العطاء.
504- من الطويل.
505- من الطويل. الصبوة: جهلة الفتوة ويقال: صبا إليها: حن الصبابة: القليل من المال والبقية من الشراب، والصبابة: الشوق، وقيل: رقته وحرارته.

(2/856)


506-
لقد حليتك العين أول نظرة ... فأعطيت مني يابن عم قبولا
507-
أميرا على ما شئت مني مسلطا ... فسل فلك الرحمن تمنع سولا
ومن استغنائهم بـ"علم" عن القسم1 قول ضريب بن أسد القيسي:
508-
إني علمت على ما كان من خلق ... لقد أراد هواني اليوم داود
ودخل تحت هذا:
................. ... وشبهه.......
قوله تعالى: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه} 2 فإنه جارٍ مجرى "نقسم": ولذلك قال بعده3: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّة} 4.
__________
1 ع وك "ومن استغنائهم عن القسم بعلم".
2 من الآية رقم "1" من سورة "المنافقون".
3 ع ك هـ "ولذلك قال بعد ذلك".
4 من الآية رقم "2" من سورة المنافقون".
506، 507- بيتان من الطويل "ديوان عمر 356" والرواية فيه:
............................... ... ............... تمنح سولا
508- من البسيط.

(2/857)


وفي الحديث:
"أمرت بالسواك حتى خفت لأدردن" 1.
فأجرى "خفت" مجرى القسم.
ومن إجراء "عاهدت" و"واثقت" مجرى اليمين قول الشاعر:
509-
أرى محرزا عاهدته ليوافقن ... فكان كمن أغريته بخلاف
وقال في "واثقت":
510-
واثقت مية لا تنفك ملغية ... قول الوشاة فما ألغت لهم قيلا
وتناول2 قولي:
............................. وما ... ساواهما أو نال قربا منهما
قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ
__________
1 في النهاية لابن الأثير 2/ 20 الدرد: سقوط الأسنان والمعنى: حتى خشيت أن يذهب بأسناني.
2 ع وك "ويتناول".
509- من الطويل.
غرى بالشيء: أولع به
510- من الطويل
وثق به ثقة وموثقا: ائتمنه، والميثاق والموثق: العهد.

(2/858)


دِمَاءَكُمْ} 1.
و [قوله:] {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} 2.
و [قوله:] {تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَه} 3.
"ص":
ويحذف الفعل فينصب ما حلف4 ... به، وما به يجر قد عرف
والباء أصل وارو "لله" و"من ... ربي" يمينين و"من ربي" زكن
و"الله" في اليمين جره اشتهر ... عنهم إذا ما عوضوا من حرف جر
همزة الاستفهام أو "ها" مثبتا ... ألفها أو مسقطا، وقد أتى
عنهم "فالله" "هألله"5 و"ها ... الله" كل نقله ما إن وهى
وما به علق خافض القسم ... فحذفه إلا مع البا ملتزم
__________
1 من الآية رقم "84" من سورة "البقرة".
2 من الآية رقم "187" من سورة "آل عمران"
3 من الآية رقم "49" من سورة "النمل"
4 هـ "حذف".
5 ط "ها الله".

(2/859)


وحذف إحدى جملتي ذا الباب قد ... شاع لدى أمن التباس واطرد
"ش": لما كان القسم مستطالا لتضمنه جملتين كثر تخفيفه:
تارة بحذف الجملة الأولى.
وتارة [بحذف الجملة الثانية.
وتارة بالاقتصار على بعض الجملة الأولى.
وتارة] 1 بالاقتصار على بعض الجملة الثانية.
فمن الاقتصار على بعض الجملة2 الأولى قولهم: "قسما لأفعلن".
الأصل: أقسم قسما، ثم حذف الفعل، وناب اسم مصدره3 عنه.
وكذلك يحذفون الفعل ويدعون المحلوف به مجرورا بأحد الحروف المستعملة في القسم.
وقد يحذف4 الجار، ويبقى عمله في "الله" خاصة:
__________
1 ع سقط ما بين القوسين
2 سقط من الأصل ومن هـ "الجملة".
3 ع وك "اسم المصدر".
4 ع وك "يحذفون" ينظر في هذه المسألة: سر صناعة الإعراب لابن جني 1 / 149.

(2/860)


بضعف إن كان الحذف بلا عوض.
وبغير ضعف إن كان بعوض.
فإن حذف الفعل، ولم ينو حرف الجر نصب المحلوف به1 كائنا ما كان2 فمن ذلك قول الشاعر:
511-
إذا ما الخبر تأدمه بلحم ... فذاك أمانة الله الثريد
ومثله قول الآخر:
512-
لا: كعبة الله ما هجرتكم ... إلا وفي النفس منكم أرب3
وأشرت بقولي:
......................................... ... ................ وما به يجر قد عرف
إلى الواو، والتاء، والباء، واللام.
ومن ثم قلت:
__________
1 ع وك سقط "به".
2 ع سقط "ما كان".
3 ع سقط ما بين القوسين.
511- سبق الحديث عن هذا البيت في باب حروف الجر.
512- من المنسرح لم ينسبه أحد ممن استشهدوا به لقائل معين.

(2/861)


والباء أصل....
ولكونها أصلا1 فضلت بثلاثة أمور:
أحدها: التعلق بفعل ظاهر، أو مضمر.
والثاني: دخولها على كل مخلوق به.
والثالث: استعمالها في الطلب وغيره.
والواو بدل فيها، والتاء بدل من الواو.
ومن دخول الباء على ضمير المحلوف به، والفعل ظاهر قول الشاعر:
513-
بك رب أقسم لا بغيرك لا أرى ... أبدا موالي غير من والاكا
ومن دخولها على الضمير، والفعل مضمر قوله2:
514-
رأى برقا، فأوضع فوق بكر ... بلا بك3 ما أسأل ولا أغاما4
__________
1 ع "أصل".
2 ع وك "قول الشاعر".
3 هـ "يك".
4 ك "أشاما".
513- من الكامل.
514- من الوافر نسبه القيسي في إيضاح شواهد الإيضاح من 61 متابعا لأبي زيد في النواد ص146 لعمر بن يربوع بن حنظلة بن يربوع بن زيد مناة بن تميم ويروى "ولا أشاما" ورواية النوادر "وما أغاما".
ورواية المصنف هي رواية صاحب الخصائص 2/ 19.
أوضع: لزم. من قولهم أوضعت الإبل: لزمت المرعى، أو أسرع من قولهم: أوضعت الناقة: أسرعت أسأل: أجرى. أشام البرق: نظر إليه أين يقصد وأين يمطر. أغاما: أصاب السماء بالغيم ولهذا البيت قصة ذكرت في الحيوان 1/ 186 واللآلئ للبكري 703.

(2/862)


ودخولها1 على ظاهر والفعل ظاهر كثير كقوله تعالى2: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} 3.
ومن تعلقها بفعل ضمير مضمر قوله تعالى: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين} 4.
ومن دخولها في القسم الطلبي قول الشاعر:
515-
رقي بعمركم لا تهجرينا ... ومنينا المنى ثم امطلينا
ولقرب من الأصل فضلت على التاء بأن جر بها كل ظاهر محلوف به.
__________
1 ك "ومن دخولها".
2 من الآية رقم "52" من سورة "النور".
3 ع وك سقط {لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} .
4 من الآية رقم "82" من سورة "ص".
515- من الوافر قاله ابن قيس الرقيات "الديوان ص137".

(2/863)


ولبعد التاء من الأصل لم يجر بها إلا اسم1 الله تعالى2 وقد يجر بها الرب3،
وقيل: لا يجر بها "الربط إلا مضافا إلى الكعبة".
وجروا المحلوف به في التعجب باللام كقولهم: "لله4 لا يؤخر الأجل" بمعنى: تالله5.
ومنه قول الشاعر:
516-
لله يبقى على الأيام مبتقل ... جون السراة، رباع، سنُّه غرد
__________
1 سقط من الأصل ومن هـ "اسم".
2 سقط من الأصل ومن هـ.
3 ع وك "وقد تجر الرب".
4 هـ "به" في مكان "لله".
5 ع "تا الله".
516- من البسيط قاله أبو ذؤيب الهذلي "ديوان الهذليين 1/ 124".
ونسبه في اللسان في مادة "بقل" إلى مالك بن خويلد "وفي غرد" إلى أبي ذؤيب.
المبتقل: الذي يرعى البقل، أو الذي نبت الشعر في وجهه.
السراة: الظهر وهو أعلى كل شيء.
الجون: الأبيض أو الأسود أو الأحمر.
غرد: طيب الصوت.
رباع: القوي. يقال للذكر من الإبل إذا طلع إحدى أسنانه الأربع التي تلي الثنايا رباع، وذلك إذا دخل في السنة الرابعة.

(2/864)


ويُروى: تالله1.
وقالوا أيضا في القسم: "من ربي إنك لأشر".
وأجازوا ضم ميم "من" هذه.
وزعم بعضهم أن "من" مختصر" من "أيمن" وليس بصحيح؛ لأنه لو كان كذلك لم يله "الرب" وليس يسكن2 نونه.
ولما كان إقسامهم بـ"الله" أكثر من غيره خص في القسم بدخول التاء عليه.
وتحذف جارة بغير عوض قليلا، وبعوض كثيرا.
والعوض: إما همزة الاستفهام ممدودة، وإما قطع همزة الوصل، وإما هاء ثابتة الألف وساقطتها.
فيقال: "آلله لأفعلن" و"فألله3 لأفعلن4" و"هآ الله" -بالمد- و"هالله" -بلا مد.
ومن العرب من يقول: "هآ ألله" -بالمد والهمز-5 و"هألله" -بهمزة دون مد-
__________
1 هذه رواية ديوان الهذليين 1/ 124.
2 ع، ك "تسكن".
3 ع "تالله".
4 ع ك سقط "لأفعلن".
5 ع ك "الهمزة".

(2/865)


ومذهب الأخفش1 "أن الجر -هنا- بالعوض من الحرف لا بالحرف المحذوف.
وتبع الأخفش في هذا جماعة من المحققين وهو مذهب قوي؛ لأنه2 شبيه بتعويض الواو من الباء، والتاء من الواو3.
ولا4 خلاف في أن 5 الجر بعد الواو، والتاء بهما، فكذا ينبغي أن يكون الجر بعد "آ" أو6 "ها" بهما لا بالمعوض منه.
ومن النحويين من يجعل الجر بالحرف المحذوف، وإن كان لا يلفظ به، كما كان النصب بعد الفاء والواو. و"أو"7 و"حتى" و"كي" الجارة بـ"أن" المحذوفة، وإن كانت لازمة الحذف.
ولا يجوز تعليق غير الباء من خوافض القسم بفعل ظاهر.
بل يجب كون ما تعلق به مضمرا.
وإلى هذا أشرت بقولي:
وما به علق خافض القسم ... فحذفه إلا مع البا ملتزم
وقد عوملت جملتا القسم في جواز حذف إحداهما معاملة
__________
1 هـ "للأخفش".
2 سقط من الأصل "لأنه".
3 ع وك "من الباء".
4 هـ "فلا".
5 ع وك وهـ "في كون".
6 ع هـ "وها".
7 ك ع سقط "وأو".

(2/866)


جملتي الشرط وأكثر ما يحذف المقسم عليه لتقدم ما هو في معناه كقوله تعالى: {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} 1.
أو لدلالة معمول باق، كدلالة قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَة} 2 على "لتبعثن" أو نحوه.
وأكثر ما يحذف المقسم به إذا كان المقسم عليه مسبوقا بـ"لقد"، و3مؤكدا، بالنون كقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّه} 4.
"ص":
بالطلب البا اخصص كذا "نشدتكما"5 ... الله" أو "بالله" أو "عمرتكا"6
و"عمرك الله" كذا و"الله" قد ... يقال كل طلبا في ذي اعتمد
وفيه بعد "قعدك7 الله" استحق ... نصبا كذا8 بعد "قعيدك" اتفق
__________
1 من الآية رقم "30" من سورة "الأنعام".
2 الآية رقم "6" من سورة "النازعات".
3 في كل النسخ "أو مؤكدا" والأقرب أن يكون "ومؤكدا".
4 من الآية رقم "3" من سورة "العنكبوت".
5 ط "أنشدتكا".
6 س وش "بالله عمرتكا".
7 ط "فعلك الله".
8 ط "كذي".

(2/867)


والعمر إن لم يك رافعا، ولم ... ينصب فرفعه مع اللام انحتم
ودونها انصب، وأضفه أبدا ... كذا المناسبان لفظ1 "قعدا"2
وضم عينه امنع إلا أن يجر ... فعند ذاك الضم كالفتح استقر
"ش": قد تقدم التنبيه على أن الباء هي أصل الحروف الخافضة للقسم، وأن لها على غيرها مزايا.
ومن مزاياها: استعمالها في القسم الطلبي.
فأشير3 في هذا البيت إلى ذلك.
ثم قلت:
...... كذا "نشدتكا الله" ... أو "بالله" "عمرتكا"
فنبهت بذلك على قولهم في الاستعطاف: "نشدتك الله أو بالله" بمعنى: ذكرتك الله مستحلفا4.
ومثله "عمرتك الله" معنى واستعمالا، إلا أن "عمرتك" مستغنٍ عن الباء.
__________
1 ط "لفظا".
2 ط "قعدا" بضبط القاف بالضم والعين بالفتح.
3 هـ وك ع "فأشرت".
4 ع "مستلحقا".

(2/868)


وأصل "نشدتك الله": طلبت منك بالله.
وأصل "عمرتك الله": سألت الله تعميرك، ثم ضمنا معنى "استحلفت" مخصوصين بالطلب.
والمستحلف1 عليه بعدهما مصدر بـ"إلا" أو لما" بمعناها، أو باستفهام، أو أمر، أو نهي.
ومن ورود "عمرتك" قول الشاعر:
517-
عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا ... هل كنت جارتنا أيام ذي سلم
واستعملوا "عمرك الله" بدلا من اللفظ بـ"عمرتك الله".
كقول قيس العامري:
518-
يا عمرك الله إلا قلت صادقة ... أصادقا وصف المجنون أم كذبا
وكان الأصل أن يقال: "تعميرك الله" لكن خفف بحذف
__________
1 ع وك "والمحلوف عليه" وفي الأصل "والمستخلف".
517- من البسيط من قصيدة للأخوص اليربوعي الأنصاري "الديوان 201" ذو سلم: جبل قريب من المدينة.
518- من البسيط نسبه المصنف إلى قيس العامري وهو في ديوانه ص83.

(2/869)


الزوائد1.
وحكى المازني عن أعرابي: "عمرك الله".
قال أبو علي: والمراد2: عمرك الله تعميرا، فأضاف
__________
1 في "عمرك الله" بنصب "عمر" آراء:
فقد ذكر أبو العباس المبرد أن انتصابه على المصدر بتقدير عمرتك الله تعميرا وهذا ما قرره سيبويه حين استشهد بقول الأخوص السابق:
عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا ... هل كنت جارتنا أيام ذي سلم
وذكر أبو العباس وجها آخر هو أن ينتصب بتقدير حذف الجار؛ لأنه ذكره مع قولهم "يمين الله" و"عهد الله" في قول من نصبهما، وإنما النصب فيهما بتقدير أقسم بيمين الله وبعهد الله. فلما حذفوا الباء وصل الفعل فعمل.
وعلى هذا يكون قولهم: "عمرك الله" تقديره أقسم بعمرك الله، فيكون عمرك الله قسما محذوف الجواب. ويكون المعنى أقسم بتعميرك الله أي: بإقرارك له بالدوام والبقاء.
وقال أبو علي:
"عمرك الله" مصدر استعملوه بحذف الزوائد، وأصله بالزيادة "تعميرك الله" والأصل فيه "عمرتك الله تعميرا مثل تعميرك إياه نفسك" أي: سألت الله تعميرك مثل سؤالك إياه تعمير نفسك.
فالتعمير الأول مضاف إلى الفاعل يعني الكاف والاسمان الآخران مفعول بهما -يعني إياه نفسك.
قال أبو علي: ثم اختصر هذا الكلام وحذفت زوائد المصدر.
فعلى قول أبي على لم يكن قولهم "عمرك الله" قسما؛ لأنه إخبار بأن المتكلم يدعو للمخاطب.
2 هـ "فالمراد".

(2/870)


المصدر إلى المفعول، ورفع به الفاعل1 كقول الحطيئة:
519-
أمن رسم دار مربع ومصيف ... لعينيك من ماء الشئون وكيف
وذكر الأخفش في كتابه "الأوسط" وجه الرفع فقال: أصله: أسألك بتعميرك الله، أي: بأن يعمرك الله.
وحذفت2 زوائد المصدر، والفعل، والباء، فانتصب ما كان مجرورا بها.
وأما "قعدك الله" و"قعيدك الله" فقيل: "هما مصدران بمعنى المراقبة كـ"الحس" و"الحسيس".
__________
1 قال أبو علي عقيب كلامه في "عمرك الله": [الأمالي الشجرية 1/ 350] .
وجدت في بعض الكتب: حكي عن أبي العباس عن أبي عثمان أنه سمع أعرابيا يقول: "عمرك الله" قال أبو علي: ولا يجيء هذا على تفسير النصب، والمعنى فيه -إن كان ثبتا- أنه أراد: عمرك الله تعميرا فأضاف المصدر إلى المفعول، وذكر الفاعل بعد كقول الحطيئة:
أمن رسم دار مربع ومصيف ... لعينيك من ماء الشئون وكيف
2 هكذا في الأصل وفي جميع النسخ "حذف".
519- من الطويل مطلع قصيدة للحطيئة في مدح سعيد بن العاص وإلى المدينة المنورة "الديوان ص81".
رسم الغيث الدار: عفاها وأبقى فيها أثرا لاصقا بالأرض.
الشئون: مجاري الدموع. الوكيف: سقوط الدمع أو القطر.

(2/871)


وانتصابهما بتقدير "أقسم" أي:1 أقسم2 بمراقبتك الله3.
وقيل: "قعد" و"قعيد" بمعنى: الرقيب4 والحفيظ من قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد} 5: أي: رقيب حفيظ.
ونظيرهما "خل" و"خليل" و"ند" و"نديد".
__________
1 ك "أي أي".
2 سقط من الأصل "أقسم".
3 في قولهم: "قعدك ألا تفعل، و"قعيدك ألا تقوم" و"قعدك الله" و"قعيدك الله" وجهان:
أحدهما: أنهما مصدران جاءا على الفعل والفعيل كـ"الحس" و"الحسيس" ومعناهما: المراقبة فانتصابهما بتقدير "أقسم" فكأنه قيل: أقسم بمراقبتك الله.
فلما أضمر الفعل "أقسم" عدى بنفسه؛ لأن الفعل إذا كان يتعدى بالخافض ثم أضمر حذف الخافض، ووصل الفعل فنصب كما قال الشاعر:
أتيت بعبد الله في القد موثقا ... فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر
والقول الآخر: أن معنى القعد والقعيد: الرقيب الحفيظ من قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد} أي رقيب حفيظ فـ"قعد" و"قعيد" في هذ القول من صفات القديم سبحانه وتعالى فهو الرقيب الحفيظ.
فإذا قيل "قعدك الله" أو "قعيدك الله" على هذا المعنى نصب اسم "الله" على البدل.
4 سقطت الواو من الأصل ومن هـ.
5 من الآية رقم "17" من سورة "ق".

(2/872)


وإذا كانا بمعنى الرقيب1 والحفيظ فالمعنى بهما الله تعالى ونصبهما بتقدير "أقسم" معدى بالباء.
ثم حذف الفعل والباء، وانتصبا، وأبدل منهما "الله".
ومن شواهد نصب2 ما بعد ["قعد" قول الشاعر:
520-
قعدك الله قد علمت بأني ... في هواك استطبت كل معنِّي
ومن شواهد نصب ما بعد] "قعيد"3 قول قيس العامري:
521-
قعيدك رب الناس يا أم مالك ... ألم تعلمينا نعم مأوى المعصب
وقال الفرزدق:
__________
1 سقطت الواو من الأصل ومن هـ.
2 ع وك "ومن شواهد النصب".
3 سقط ما بين القوسين من الأصل ومن هـ.
520- من الخفيف.
قعدك الله: مصدر واقع موقع الفعل والمعنى: سألت الله أن يحفظك.
521- من الطويل ذكره صاحب اللسان في مادة "قعد" ونسبه إلى قريبة الأعرابية. مأوى: المكان الذي أوى إليه.
المعصب: السيد، أو الذي يتعصب بالخرق جوعا، والرجل الفقير.

(2/873)


522-
قعيدكما الله الذي أنتما له ... ألم تسمعا بالبيضتين المناديا
ثم قلت:
والعمر إن لم يك رافعا ولم ... ينصب فرفعه مع اللام انحتم
فنبهت بذلك على وجوب الرفع عند اقترانه باللام، وعدم إعماله عمل الفعل كقوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} 1.
ثم قلت:
ودونهما انصب........ ... ...........................
فنبهت على وجوب2 النصب عند3 نزع اللام، وعدم إعماله عمل الفعل كقول أبي شهاب الهذلي:
__________
1 من الآية رقم "72" من سورة "الحجر".
2 هكذا في ع وك وهـ. أما في الأصل فجاءت كلمة "جواز" موضع "وجوب".
3 هـ "على نزع اللام".
522- من الطويل قاله الفرزدق "الديوان ص895".
البيضتان: موضع، قال ياقوت: إنما هو البيضة بالإفراد، وأن الشاعر ثناه، ورواية ياقوت:
حبيب دعا والرمل بيني وبينه ... واسمعني سقيا لذلك داعيا
أعيذكما الله الذي أنتما له ... ألم تسمعا بالبيضتين المناديا

(2/874)


523-
فإنك عمر الله إن تسأليهم ... بأحسابنا إذا تجل الكبائر
524-
ينبوك أنا نفرج الهم كله ... بحق وأنا في الحروب مساعر
ثم قلت:
................... وأضفه أبدا ... كذا المناسبان لفظ "قعدا"
[فنبهت بذلك على وجوب إضافة "عمر" المستعمل في هذا الباب مجردا من الطلب كان أو مضمنا معناه.
إلا أن الطلبي لا يضاف إلا إلى ضمير المخاطب. وغير الطلبي يضاف إلى الظاهر والمضمر.
و"قعد" و"قعيد" مثل "عمر" الطلبي في لزوم الإضافة إلى ضمير المخاطب، وإليهما أشرت بقولي:
.................................... ... كذا المناسبان لفظ "قعدا"] 1
ثم قلت:
وضم عينه امنع إلا أن يجر ... فعند ذاك الضم كالفتح استقر
__________
1 سقط ما بين القوسين من هـ.
523، 524- من الطويل قاله أبو شهاب الهذلي "شرح أشعار الهذليين للسكري 2/ 695" مساعر: جمع مسعر، وهو الذي يسعر في الحرب أي: يوقدها، كما تسعر النار.

(2/875)


فنبهت بذلك على أن "عمرا" المستعمل في هذا الباب يلتزم في عينه الفتح.
وإن كان في غير القسم ذا لغتين.
وقد روي الفتح والضم1 في قول ابن أبي ربيعة:
525-
أأقام أمس خليطنا أم سارا ... سائل بعمرك أي ذاك اختارا
وإليه أشرت بقولي:
........................................ ... فعند ذاك الضم كالفتح استقر2
__________
525- من الكامل "ديوان عمر ص119".
الخليط: الذي خلطته بنفسك، أو المجاور لك.
1 ع وك وهـ "وقد روي الضم والفتح".
2 ذهب أبو العلاء المعري في قول العرب "عمرك الله" إلى خلاف ما أجمع عليه الأئمة النحويون من المتقدمين والمتأخرين.
فزعم أن الـ"عمر" مأخوذ من قولهم: "عمرت البيت الحرام" إذا زرته قال: ومنه اشتقاق الاعتمار والعمرة.
ونصب عمرك من قولهم: "عمرك الله" بتقدير: اذكرك عمرك الله.
قال: كأنك قلت اذكرك خدمتك الله.
قال:
ويحتمل أن يكون قولهم: "عمرك الله" مأخوذا من "عمرت الديار" من العمارة أي: بعمرك المنازل المشرفة بذكر الله وعبادته.
ذكر هذا المعنى في تفسيره لقول المتنبي:
عمرك الله هل رأيت بدورا ... قبلها في براقع وعقود
وأورده عنه التبريزي في تفسيره لشعر أبي الطيب ونقله عنه الشجري في الأمالي 1/ 351.
كما اختصره عن أبي العلاء أبو المرشد سليمان المعري في كتابه تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب ص112.

(2/876)


"ص":
وكـ"لعمر": "أيمنٌ" و"ايم""ايمنُ" ... وإم" أيضا وكذا "م"1 و"من"
مثلثين، ولهمز غير "إم" ... في البدء فتح: وانكساره زعم
وعاريا من لام الابتدا يقل ... وذا إضافة إلى "الله" قبل
ووافرا للكاف و"الكعبة" قد ... يضاف والحديث فيه قد ورد
و"ايم الذي نفس محمد" وما ... "أيمن" ذا جمعا في الأولى فاعلما
"ش": من المخصوص بالقسم "أَيْمُن" المقول فيه "إِيمُن" و"أَيْمُن" و"لَيْمُن"2.
واحترزت بهذه القيود الثلاثة من "أيمن" جمع يمين"، فإنه يستعمل قسما وغير قسم.
ويلزم همزته الفتح والقطع، ويلزم ميمه الضم.
__________
1 ط "أم ومن".
2 ع سقط "ليمن".

(2/877)


وكذا كل جمع على "أفعل" كـ"أنعم" و"أفلس".
وبجواز1 هذه الأمور الثلاثة في "أَيمُن" المشار إليه علم ضعف قول الكوفيين: إنه جمع "يمين".
إذ لو كان كما زعموا لم يجز كسر همزته، ولا حذفها، ولا فتح عينه.
كما لا يجوز في "أنعم" ونحوه.
وإذا انتفى كونه جمعا تعين كونه اسما مفردا مشتقا من "اليمين".
ونبهت بقولي:
وكـ"لعمر" "أيمن"......... ... ...............................
على لزومه الإضافة والرفع بالابتداء.
ثم ذكرت ما فيه من اللغات، وهي اثنتا عشرة لغة:
ثلاث مع الوفور وهي:
فتح الهمزة مع ضم الميم، وفتحها.
وكسر الهمزة مع ضم الميم.
وفتح الهمزة أو كسرها مع حذف النون.
__________
1 ك "لجواز".

(2/878)


وكسر الهمزة مع حذف الياء والنون.
والاقتصار على ميم ونون مضمومتين، أومفتوحتين أو مكسورتين والاقتصار على ميم مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة.
وبعض النحويين يجعل هذه الميم1 بدلا من الواو كالتاء.
وبعضهم أيضا يجعل "مِنِ الله" بكسرتين غير مأخوذ من "أيمن" بل يجعلها2 "من" المستعملة3 في قولهم: "من ربي إنك لأشر".
ولما فرغت من ذكر لغات هذا الاسم نبهت على أن استعماله عاريا من لام الابتداء يقل.
وأن استعماله مقرونا بها يكثركقول الشاعر:
526-
فقال فريق القوم لما نشدتهم ... نعم، وفريق ليمن الله ما ندري
__________
1 هـ "هذا الميم".
2 ك "يجعلهما" ع "يجبلهما".
3 ع وك "المستعمل".
526- من الطويل قاله نصيب بن رباح "الديوان 94" ورواية المصنف هي رواية الديوان وذكر أبو علي القالي في الأمالي تسعة أبيات من القصيدة، وروى البيت الشاهد بروايتين هما:
فقال فريق القوم لا وفريقهم ... نعم وفريق قال: ويلك ما ندري
فقال فريق القوم لا وفريقهم ... نعم وفريق أيمن الله ما ندري
"الأمالي 2/ 207".

(2/879)


وأنه يضاف في لغاته كلها إلى "الله".
ولا يضاف إلى غيره منقوصا إلا ما ندر في حديث النبي عليه السلام1 من كلامه في الصحيحين2:
"وأيم الذي نفس محمد بيده [لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون"] 3.
وأضيف غير منقوص إلى "الكعبة" [وإلى كاف الضمير] 4 كقول عروة بن الزبير -رضي الله عنهما:
"ليمنك لئن ابتليت لقد عافيت"5.
وقولي:
............................. وما ... "أيمن" ذا جمعا في الاولى
نبهت به على أن فيه قولين:
__________
1 ع وك "صلى الله عليه وسلم".
2 أخرجه البخاري في الجهاد 23، ومسلم في الأيمان 25، والنسائي في الأيمان 40.
3 هـ سقط ما بين القوسين.
4 ع سقط ما بين القوسين.
5 "فقد عافية".
وينظر النهاية لابن الأثير 1/ 66.

(2/880)


أحدهما: أنه جمع "يمين".
والآخر: أنه مفرد مشتق من اليمين، وهو الصحيح.
وقد تقدم الاستدلال على صحته. والله أعلم1.
"ص":
و"جير" أو "جير" ينوب عن قسم ... كذا ينوب عنه -أيضا- "لا جرم"
وبجواب سابق من شرط أو ... يمين استغنوا، وربما اكتفوا
بما لشرط، وهو تال قسما ... ومطلقا تغليب شرط حتما2
في جملة قدم فيها ذو خبر ... نحو: "الفتى والله إن يقصد يبر"
وبجواب القسم اغن إن وصل ... بالفاء بعد الشرط حتما ذا فعل
وصاحب الأصول ذي الفا جعلا ... تقديرها كلفظها مؤولا
[وبجواب "لو" و"لولا" استغنيا ... حتما إذا ما تلوا أو تليا
__________
1 سقط من الأصل ومن هـ "والله أعلم".
2 في الأصل "ختما" وفي باقي النسخ "حتما" -بالحاء المهملة.

(2/881)


وقد يرى نحو: "لقد فعلت" من ... بعدهما من بعد إقسام يعن] 1
ولام نحو "لئن" اثر القسم ... سموا موطئا، ولم تلتزم2
وزيد دون قسم نحو: "لئن ... كان الرحيل غدا" احفظ واستبن
"ش": يقال: "جير3 لأفعلن" بالكسر والفتح4.
و"لا جرم لأفعلن".
فيستغنى عن ذكر المقسم به بـ"جير" وبـ"لا جرم".
فمن الاستغناء بـ"جير" قول الشاعر:
527-
قالوا: قهرت فقلت: جير ليعلمن ... عما قليل أينا المقهور
ومن الاستغناء بـ"لا جرم" قول الراجز:
528-
أسأت إذ خالفتني ولا جرم
__________
1 سقط ما بين القوسين من هـ.
2 س وش، وط وع وك "يلتزم".
3 هـ "جير معا لأفعلن".
4 ع وك "بالفتح والكسر".
527- من الكامل لم أقف على اسم قائله.
528- رجز لم ينسب لقائل معين.

(2/882)


529-
ليبدون منك أسوأ الندم
و"جير": حرف بمعنى "نعم" [لا اسم بمعنى "حقا".
لأن كل موضع وقعت فيه "جير" يصلح أن يوقع1 فيه "نعم"] 2.
وليس كل موضع وقعت فيه "جير" يصلح أن يوقع فيه "حقا" فإلحاقها بـ"نعم" أولى.
وأيضا فإنها3 أشبه بـ"نعم" لفظا واستعمالا، ولذلك بنيت.
ولو وافقت "حقا" في الاسمية لأعربت، ولجاز أن يصحبها الألف واللام كما أن "حقا" كذلك.
ولو لم تكن بمعنى "نعم" لم تعطف عليها في قول بعض الطائيين:
530-
أبَى كرما، لا آلفا جير أو نعم ... بأحسن إيفاء، وأنجز موعد
__________
1 ك "توقع".
2 ع سقط ما بين القوسين.
3 ك ع "فإنه".
529- رجز لم ينسب لقائل معين.
530- من الطويل.
لا: مقصود لفظها مفعول به. آلفا: حال من فاعل أبى. جير: مفعول به لـ"آلفا".

(2/883)


ولم1 يؤكد "نعم" بها في قول طفيل الغنوي:
531-
وقلن على البردي أول مشرب ... نعم جير إن كانت رواء أسافله
ولا قوبل2 بها "لا" في قول الراجز:
532-
إذا يقول لا أبو العجير
533-
يصدق لا إذا قول جير
فهذا تقابل ظاهر، ومثله في التقدير قول الكميت:
534-
يرجون عفوي، ولا يخشون بادرتي ... لا جير لا جير، والغربان لم تشب
__________
1 ك "ولو لم".
2 هـ "ولا قول".
531- من الطويل "ديوان طفيل الغنوي ص10" والضمير في "قلن" يعود إلى الظعائن في بيت سابق هو:
ظعائن أبرقن الخريف وشمنه ... وخفن الهمام أن تقاد قنابله
البردي: غدير ينبت البردي وهو خبر مقدم وأول مشرب: مبتدأ مؤخر والجملة مقول القول، وقوله: أجل جير مقول لقول محذوف أي: فقيل لهن: أجل جير، رواء: جمع ريان كعطاش جمع عطشان وأسافل: جمع أسفل: المكان المنخفض.
532، 533- رجز لم ينسب إلى قائل معين ورواية ع وك وهـ هي رواية المغني والسيوطي في شرح الشواهد 1/ 362 وهي:
إذا تقول لا ابنة العجير ... تصدق لا إذا تقول جير
534- من البسيط نسبه المصنف لقائله.
البادرة: ما يبدر من حدة في الغضب من قول أو فعل.

(2/884)


أراد: لا يثبت مرجوهم، نعم تلحقهم بادرتي أي: سرعة غضبي.
وقريب منه اجتماع "أجل" و"لا" في قول ذي الرمة:
535-
ترى سيفه لا ينصف الساق نعله ... أجل لا ولو كانت طوالا محامله
واحتج من ادعى اسمية "جير" بتنوينه في قول الشاعر:
536-
وقائلة أسيت، فقلت جير ... أسي إنني من ذاك إنه
ولا حجة فيه لأنه فعل مضطر.
ويحتمل أن يكون قائله أراد توكيد "جير" بـ"إن" التي بمعنى "نعم" فحذف همزتها وخفف.
ويحتمل أن يكون شبه آخر النصف بآخر البيت فنون تنوين
__________
535- ديوان ذي الرمة ص561 من قصيدة من البحر الطويل. ينصف الساق: يبلغ نصفه. نعل السيف: حديدة في أسفل غمد السيف المحامل: علاقة السيف.
536- من الوافر ينسب لذي الرمة من أبيات أولها "الخزانة 4/ 238":
ألا يا طال بالغربات ليلى ... وما يلقى بنو أسد بهنه
أسيت: بتاء الخطاب من الأسى وهو الحزن، أسي: خبر مبتدأ محذوف والتقدير: أنا أسي أي: حزين، ومن: تعليلية، ذاك: اسم إشارة يعود إلى ما لقي بنو أسد من التزوج بالغربات، وهذه الأبيات ليست في ديوان ذي الرمة.

(2/885)


الترنم وهو لا يختص بالأسماء، بل يلحق الحرف والفعل.
وحكى أبو عبيد1 عن أبي زيد أنه يقال2: "جير لا أفعل".
قال: معناها "نعم"3.
ومن شواهد كونها بمعنى "نعم" قول الشاعر:
537-
متى تبأى4 بقومك في معد ... تقل تصديقك العلماء جير
وأنشد صاحب المحكم5:
__________
1 أبو عبيد القاسم بن سلام الخزاعي، كان مؤدبا، وولي القضاء في طرسوس. كان فقيها محدثا نحويا. توفي سنة 224هـ.
2 في الأصل "قال".
3 قال أبو زيد في النوادر 184: "معنى جير: نعم وأجل".
4 تبأى: البأو في اللسان الفخر، وذكر البيت.
5 علي بن اسماعيل بن سيده أبو الحسن اللغوي من أهل مرسية كان أكمه ابن أكمه توفي سنة 458هـ.
537- من الوافر ذكره ابن الشجري في أماليه 1/ 374، 2/ 324 ولم ينسبه وروايته:
متى تفخر ببيتك في معد ... .................................
ومعنى الشطر الثاني: يقول العلماء جير لتصديقك فلما حذفت اللام من لتصديقك انتصب المصدر.

(2/886)


538-
قالت: أراك هاربا للجور
539-
من هدة1 السلطان قلت: جير
وقال الفراء2:
"لا جرم3 أنهم"4: كلمة كانت في الأصل -والله أعلم- بمنزلة "لا بد أنك قائم" و"لا محالة أنك ذاهب".
فجرت على ذلك وكثر استعمالهم إياها حتى صارت بمنزلة "حقا".
ألا ترى أن العرب تقول: "لا جرم لآتينك" و"لا جرم لقد أحسنت".
وجعل المفسرون تفسيرها: "حقا إنهم في الآخرة هم الأخسرون".
وأصله من جرمت، أي: كسبت5.
__________
1 في الأصل "هذه"
2 معاني القرآن للفراء 2، 8، 9.
3 من الآية رقم "22" من سورة "هود".
4 هـ سقط "إنهم".
5 في القاموس جرم يجرم: قطع 4/ 88.
538، 539- رجز نسبه في اللسان "مادة جير" لبعض الأغفال. هدة السلطان: صوته. ورواية ابن الخباز في شرح الدرة قال أراك هاربا من جور.

(2/887)


وبنو فزارة يقولون: "لا جر أنك1 قائم"2 فيحذفون الميم.
وبعض بني كلاب يقول3: "لا ذا جرم"4.
ونبهت بقولي:
وبجواب5 سابق من شرط أو ... يمين استغنوا................
على6 أنه إذا اجتمع في كلام واحد شرط وقسم استُغني بجواب أحدهما عن جواب الآخر.
وكان الشرط حقيقا بأن "7" يستغنى بجوابه مطلقا لأن تقدير سقوطه مخل بمعنى الجملة التي هو منها.
وتقدير8 سقوط القسم غير مخل؛ لأنه مسوق9 لمجرد التوكيد، والاستغناء عن التوكيد سائغ.
ففضل الشرط بلزوم الاستغناء بجوابه مطلقا إذا تقدم عليه وعلى القسم ذو خبر نحو:
__________
1 في الأصل "بأنك"
2 ينظر معاني القرآن للفراء 2/ 9.
3 ع وك "يقول".
4 ينظر معاني القرآن للفراء 2/ 9.
5 هـ "وجواب".
6 هـ سقط "على".
7 في الأصل "أن يستغنى".
8 ع "وبتقدير".
9 هـ "مسبوق".

(2/888)


................................... ... "الفتى والله إن يقصد1 يبر"
فإن لم يتقدم ذو خبر، وأخر القسم وجب الاستغناء عن جوابه بجواب الشرط.
وإن أخر الشرط استُغني في أكثر الكلام عن جوابه بجواب القسم كقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُن} 2.
ولا يمتنع3 الاستغناء بجواب الشرط مع تأخره.
ومن شواهد ذلك قول الأعشى:
540-
لئن منيت بنا عن غب معركة ... لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل
و4 قول الفرزدق:
__________
1 ع "تقصد".
2 من الآية رقم "52" من سورة "النور".
3 ع وك "ولا يمنع".
4 ع وك وهـ "ومنها قول".
540- سبق الحديث عن هذا البيت وهو من البسيط "ديوان الأعشى ص149".
ننتفل: نتبرأ.

(2/889)


541-
لئن بل لي أرضي بلال بدفعة ... من الغيث في يمنى يديه انسكابها
542-
أكن كالذي صاب الحيا أرضه التي ... سقاها وقد كانت جديبا جنابها
[وقول1 ذي الرمة:
543-
لئن كانت الدنيا علي كما أرى ... تباريح من مي فللموت أروح] 2
وقوله -أيضا-3:
544-
لئن قطع اليأس الحنين فإنه ... رقوء لتذراف4 الدموع السوافك
وقال آخر5 أنشده الفراء6:
__________
1 ع وك وهـ "ومنها قول".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
3 ع وك وهـ "ومنها قول ذي الرمة -أيضا-".
4 هـ "المذراف".
5 ع وك وهـ "ومنها قول الآخر".
6 معاني القرآن للفراء 2/ 130.
541، 542- من الطويل قالهما الفرزدق في مدح بلال من قصيدة "الديوان" 1/ 54"
الحيا: الغيث
الجدب: انقطاع المطر ويبس الأرض
543- من الطويل ديوان ذي الرمة ص118.
544- من الطويل قاله ذو الرمة "الديوان ص507".
عيون سوافك: تذري بالدموع. رقوء: جعل اليأس دواء لتذراف العيون.

(2/890)


545-
لئن كان ما حدثته اليوم صادقا ... أصم في نهار القيظ1 للشمس باديا
546-
وأركب حمارا بين سرج وفروة ... وأعر من الخاتام صغرى شماليا
فتثبت2 المزية للشرط3 من ثلاثة أوجه:
أحدها: لزوم الاستغناء بجوابه عند [تقدمه، وعند] 4 تقدم ذي خبر.
والثاني: لزوم الاستغناء بجوابه عند تقدمه، وعدم تقدم ذي خبر.
والثالث: جواز الاستغناء بجوابه عند تأخره، وعدم تقدم5 ذي خبر.
فلو تأخر القسم، وقرن بفاء وجب الاستغناء بجوابه؛ لأن
__________
1 هـ الفيض
2 ك وع وهـ "فثبتت".
3 هـ "للشروط".
4 ع وك وهـ سقط ما بين القوسين
5 ع سقط "تقدم".
545، 546- من الطويل أنشدهما الفراء في معاني القرآن 2/ 130 ولم ينسبهما وقال العيني 4/ 438 أقول: قائلتهما امرأة فصيحة من عقيل، وهو ما قاله الفراء.
القيظ: شدة الحر، باديا: بارزا للشمس، ويروى ضاحيا.
الخاتام: لغة في الخاتم، صغرى شماليا: الخنصر.
ومعنى قولها: وأركب حمارا بين سرج وفروة: الدعاء على نفسها الهيئة التي ينادى بها على المجرم.

(2/891)


الفاء تقتضي الاستئناف، وعدم تأثر ما بعدها بما1 قبلها.
ومنه2 قول قيس بن العيزارة:
547-
فإما أعش حتى أدب على العصا3 ... فوالله أنسى4 ليلتي بالمسالم
فعلى هذا نبهت بقولي:
وبجواب القسم اغن إن وصل ... بالفاء بعد الشرط حتما ذا فعل
ثم نبهت5 بقولي:
وصاحب الأصول ذي الفاجعلا ... تقديرها كلفظها مؤولا
على قول ابن السراج:
"وتقول6: "إن تقدم والله أزرك" تعترض7 باليمين فيكون بمنزلة ما لم يذكر.
وإن جعلت الجواب للقسم أتيت باللام فقلت8: "إن
__________
1 ع "بها قبلها".
2 ك وع "ومنها".
3 ع "الغضا".
4 ك وع "أمسى".
5 ك وع "ونبهت".
6 سقط من الأصل "وتقول".
7 في الأصل "يعترض".
8 هـ "فتقول".
547- من الطويل قائله قيس بن العيزارة "ديوان الهذليين بشرح السكري 601".

(2/892)


تقم -يعلم الله- لأزورنك".
تريد1: فيعلم الله لأزورنك. هكذا قال، ولم يذكر عليه شاهدا.
ثم قلت:
وبجواب "لو" و"لولا" استغنيا ... حتما إذا ما تلوا أو تليا
فنبهت بذلك على نحو قول الشاعر:
548-
فأقسم لو أبدي الندي2 سواده ... لما مسحت تلك المسالات عامر
[المسالات3: جمع مسالة، وهي جانب اللحية] 4. وعلى نحو قول الآخر:
__________
1 ع "يريد".
2 ع وك "البدي".
3 سقط من الأصل "المسالات".
4 هـ سقط ما بين القوسين.
548- من الطويل أنشده الجوهري ولم يعزه وروايته.
فلو كان في الحي النجي سواده ... ..........................................
ورواية الأصل هي رواية العيني 4/ 450 والأشموني 4/ 28.
أبدى: أظهر الندي: مجلس القوم ومتحدثهم سواده: شخصه مسالات: جمع مسالة، قال الجوهري: مسالا الرجل جانبا لحيته الواحد: مسالة وأنشد البيت:

(2/893)


549-
والله لولا الله ما اهتدينا
550-
ولا تصدقنا ولا صلينا
ثم قلت:
وقد يرى نحو: "لقد فعلت" من ... بعدهما من بعد إقسام يعن1
فنبهت بذلك على قول عبد الله بن الزبير2.
551-
فوالله لولا خشية النار بغتة ... علي لقد أقبلت نحري مغولا3
ثم قلت:
ولام نحو "لئن" اثر القسم ... سموا موطئا ولم يلتزم
__________
1 ع "يمن".
2 ع وك "عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما".
3 ك "معولا".
549، 550- رجز ينسب لعبد الله بن رواحة رضي الله عنه "الديوان ص107" والرواية هناك:
يا رب لولا أنت ما اهتدينا
وفي سيرة ابن هشام 756 والبخاري 5/ 44، وابن الأثير 2/ 89 نسب لعامر بن الأكوع قاله في خيبر وفي العيني 4/ 451 نسب إلى سلمة بن الأكوع. وهو من الرجز المسدس.
551- من الطويل نسبه المصنف لقائله.
بغتة: فجأة.

(2/894)


فأشرت بذلك إلى أن أدوات الشرط المقدم عليها قسم ملفوظ به أو محذوف تقرن بها في الغالب لام مفتوحة يؤكد بها طلب القسم لجوابه.
وأكثر ما يكون ذلك مع "إن" والقسم محذوف كقوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِين} 1.
وقد اقترنت بـ"ما" الشرطية في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّه} 2.
ومثله قول القطامي:
552-
ولما رزقت ليأتينك سيبه ... جلبا وليس إليك ما لم ترزق
ومن ورودها بعد القسم الظاهر قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} 3.
__________
1 من الآية رقم "145" من سورة "البقرة"
2 من الآية رقم "81" من سورة "آل عمران".
3 من الآية رقم "109" من سورة "الأنعام".
552- من الكامل قال القطامي "الديوان ص36".
السيب: العطاء جلبا: مسوقا إليك، من قولهم جلبه: ساقه من موضع لآخر.

(2/895)


وقد يجاء مع نية القسم بـ"إن" مستغنية عن اللام كقوله تعالى: [ {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} 1.
وكقوله تعالى:] 2 {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3.
قال سيبويه رحمه الله4: "ولا بد من هذه اللام مظهرة أو مضمرة"5.
وقد يجاء بـ"لئن" والقسم غير مراد كقول عمر بن أبي ربيعة:
553-
ألمم بزينب إن البين قد أفدا ... قال الثواء لئن كان الرحيل غدا
ومثله ما أنشده الفراء:
__________
1 من الآية رقم "73" من سورة "المائدة".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
3 من الآية رقم "23" من سورة "الأعراف"
4 ع وك وهـ سقط "رحمه الله".
5 كتاب سيبويه 1/ 436.
553- من البسيط قاله عمر بن أبي ربيعة "الديوان ص391" وفي ملحقات الديوان ص489 جاء البيت بصورة أخرى هي:
يا أم طلحة إن البين قد أفدا ... ...................................
أفد البن: عجل وأسرع: الثواء طول الإقامة.

(2/896)


554-
ولا يدعني1 قومي صريحا لحرة2 ... لئن كنت مقتولا ويسلم عامر
وإلى هذا وشبهه3 أشرت بقولي:
وزيد دون قسم نحو: "لئن ... [لكان الرحيل غدا" احفظ4 واستبن]
قال الفراء: "اللام في "لئن" ملغاة" يعني في:
.............................. ... لئن كنت مقتولا.....] 5
والله أعلم6.
__________
1 في الأصل "ويدعى".
2 ك "بحرة".
3 ع وك سقط "وشبهه".
4 سقط من الأصل ومن هـ ما بين القوسين.
5 ع وك وهـ سقط ما بين القوسين.
6 سقط من هـ ومن الأصل "والله أعلم".
554- من الطويل قاله قيس بن زهير بن جذيمة.
وأراد بعامر: عامر بن الطفيل.
والمعنى: لئن قتلت وعامر سالم من القتل، فلست بصريح النسب حر الأم.
سيبويه 1/ 427،معاني القرآن 1/ 67، شرح أبيات المغني للبغدادي 4/ 368، 372.

(2/897)