شرح الكافية الشافية باب: الإمالة
"ص":
إمالة الألف جعله1 كيا ... لفتحةٍ ككسرةٍ مقتفيا2
إن كان مبدلًا من اليا ظرفا ... أو شاع3 جعل الياء منه خلفا
دون مزيدٍ، أو شذوذ ولما ... تليه4 ها التأنيث ما الها عدما
وبدل العين أمل من فعل إن ... يؤل إلى "فلت" كماضي "خف" و"بن"
وقبل ياءٍ ألف تمال ... أو بعدها، واغتفر انفصال
__________
1 ع ك "جعلها" في مكان "جعله".
2 س ش "مقتضيًا" في مكان "مقتفيًا".
3 ط "ساغ" في مكان "شاع".
4 س ش "يليه".
(4/1967)
بحرفٍ أو حرفين إن بعض وقع ... هاء
كـ"بينها" فخالف من منع
كذا تمال قبل مكسورٍ تلا ... أو بعده1 بحرفٍ أو منفصلا
باثنين حرف منهما تسكنا ... أو حركا والبعض هاء بينا
وما من الكسرة واليا ظهرا ... يغلبه المستعل2 لا إن3 قدرًا
إن وصل المستعل4 بعد أو فصل5 ... بحرفٍ أو حرفين كـ"الواثق6 صل"
كذا إذا قدم ما لم ينكسر ... وخير إن سكن بعد منكسر
ومثل ذي استعلاءٍ الرا إن خلت ... من كسرةٍ وهي إذا ما كسرت
غالبة مستعليًا وما لحق ... به كـ"طارد" و"مدرارٍ" فثق
__________
1 س "أو بعضه" في مكان "أو بعده".
2 ع "المستمل" في مكان "المستعل".
3 الأصل "ما" في مكان "إن".
4 ع "المستقل" في مكان "المستعل".
5 ع "وصل" في مكان "فصل".
6 الأصل "الوامق" في مكان "الواثق".
(4/1968)
وليس حتمًا أن يمال ذو السبب ... بل هو حكم
صح عن بعض العرب
ولا تمل لسبب لم يتصل ... والمنع قد يوجبه ما ينفصل
فلا1 تمل في نحو "بعت تابلا" ... وامنع لنحو2 قاف "ناد قابلًا"3
والكسر إن يعرض زواله ففي ... تأثيره وجهان فاقف ما اقتفي
وقد أمالوا لتناسب بلا ... داعٍ سواه كـ"عمادٍ" أو "تلا"
ولا تمل ما لم ينل تمكنا ... دون سماعٍ غير "ها" وغير "نا"
نحو "بها" "فيها" و"قد مر بنا" ... و"عج علينا" و"ادن من مجمعنا"4
ولم يميلوا نحو "إلا" و"إلى" ... مما تراه من تمكن5 خل
__________
1 الأصل "ولا".
2 ط "كنحو" في مكان "لنحو".
3 ط س ش "قائلًا" في مكان "قابلًا".
4 ع "يجمعنا" في مكانٍ "مجمعنا"
5 ع "يمكن".
(4/1969)
وبسماعٍ لا قياسٍ ثبتا ... "أنى"1 ممالًا
و"بلى" ثم "متى"
كذاك "را"2 وأخواته و"لا" ... من بعد "إما" في كلامٍ نقلا
و"المال" و"الناس"3 أميلا دون جر ... والعلم "الحجاج" هكذا اشتهر4
كذا "العشا" ولشذوذٍ عزيت ... هذي وأمثال لها قد رويت
وأمل المفتوح قبل الراء إن ... تطرفت مكسورة حيث تعن5
كذا الذي يليه6 ها التأنيث في ... وقفٍ إذا ما كان غير ألف
"ش": إمالة الألف أن ينحى بها نحو الياء، وبالفتحة قبلها نحو الكسرة.
ولها أسباب منها: أن تكون مبدلة7 من ياءٍ أو صائرة إلى
__________
1 ع "أن" في مكان "أني".
2 ط "تا وأخواتها" الأصل "ذا وأخواتها" في مكان "را وأخواته".
3 س "والناس والمال".
4 س ش ع ك "استقر" في مكان "اشتهر".
5 الأصل "ولا تهن" في مكان "حيث تعن".
6 ك "تليه".
7 سقط من الأصل "مبدلة".
(4/1970)
الياء دون شذوذٍ، ولا زيادة، مع تطرفها
لفظًا أو تقديرًا.
فالمبدلة من الياء كألف "الهدى" و"هدى" و"فتاة" و"نواة"1. والصائرة إلى
الياء كألف "معزى" و"حبلى".
واحترز بعد الشذوذ من نحو "قفي"2 -في الإضافة- و"قفي" -في الوقف.
واحترز بنفي3 الزيادة من نحو قولهم في التصغير "قفي" وفي التكسير
"قفي".
واحترز بالتطرف من الكائنة عينًا فإن فيها تفصيلًا ياتي [بيانه إن شاء
الله تعالى4] .
وأشرت بقولي: "تقديرًا" إلى نحو "رماة" مما يلي ألفه هاء التأنيث ولهذا
قلت في النظم:
...........................ولما ... يليه ها التأنيث ما الها عدما
ثم أخذت في الكلام على الألف المبدلة من عين.
__________
1 النواة: عجم التمر ونحوه، وما ينبت على النوى كالفسيلة، وما زنته
خمسة دراهم.
2 القفا: مؤخر العنق، وقفا كل شيء خلفه.
3 ع ك "من نفي" في مكان "بنفي".
4 سقط ما بين القوسين من الأصل.
(4/1971)
وهي تمال باطراد إن كانت في فعل يكسر فاؤه
حين يسند إلى تاء1 الضمير يائيًّا كان كـ"بان"2 أو واويا كـ"خاف" فإنك
تقول فيهما "بنت" و"خفت" فتصيران في اللفظ على وزن "قلت".
والأصل "فعلت" فحذفت العين وحركت الفاء بحركتها.
ومن أسباب إمالة الألف:
تقدمها3 على ياء كـ"بايع"، أو تأخرها عنها متصلة كـ"بيان" أو منفصلة
بحرف كـ"شيبان، ضربت يداه"، أو بحرفين أحدهما هاء نحو: "بينها".
فلو لم يكن أحدهما هاء امتنعت الإمالة لبعد4 الياء واغتفر البعد مع
الهاء لخفائها.
ومن أسباب إمالة الألف: تقديمها على كسرة تليها كـ"عالم".
أو تأخرها عنها بحرف نحو "كتاب"، أو بحرفين أولهما
__________
1 الأصل "ياء" في مكان "تاء".
2 ع "بات" في مكان "بان".
3 الأصل "تقديمها" في مكان "تقدمها".
4 ع "كبعد" في مكان "لبعد".
(4/1972)
ساكن كـ"شملال"1 أو كلاهما متحرك وأحدهما
هاء نحو: "يريد أن يضربها".
وإن كان سبب الإمالة كسرة ظاهرة أو ياء موجودة، وكان بعد الألف حرف
استعلاء متصل أو منفصل بحرف كـ"واثق" أو بحرفين كـ"مواثيق" منع
الإمالة، وغلب سببها، وكذا إن تقدم حرف الاستعلاء ولم ينكسر نحو:
"غالب" فإن انكسر لم يمنع الإمالة [نحو "غلاب"2] .
فإن سكن بعد كسرة جاز أن يمنع وألا يمنع نحو: "إصلاح".
وتساوي الراء المفتوحة والمضمومة3 حرف الاستعلاء فلا يمال "عذار"4 ولا
"عذاران" كما يمال "مواثق" ولا "مواثيق" ولا يمال "راشد" كما لا يمال
"غالب".
وتغلب الراء المكسورة [حرف الاستعلاء وما5 يساويه في المنع من راءٍ6
مضمومةٍ، أو مفتوحةٍ، فيمال نحو [قوله تعالى]
__________
1 الشملال: السريع الخفيف، وفي ع "شملان".
2 ع سقط ما بين القوسين.
3 الأصل المضمومة والمفتوحة.
4 العذار: طعام الختان، وعذار الغلام جانب لحيته، وعذار الفرس: ما سال
من اللجام على خده.
5 الأصل "مما" في مكان "ما".
6 سقط من ع "من راء".
(4/1973)
{أَبْصَارِهِم} 1، و [قوله] {دَارُ
الْقَرَار} 2 من أجل الراء المكسورة] 3.
وإلى هذا أشرت بقولي:
ومثل ذي استعلاء الرا إن خلت ... من كسرةٍ وهي إذا ما كسرت
غالبة مستعليًا، وما لحق ... به....................
ثم بينت أن الإمالة لا تجب إذا وجد سببها دون معارض بل هي عند ذلك
مستعملة عند قومٍ، غير مستعملةٍ عند قومٍ.
وإياه أردت بقولي:
وليس حتمًا أن يمال ذو السبب ... بل هو حكم صح عن بعض العرب
ثم بينت أن سبب الإمالة إذا انفصل لا يؤثر، وأن سبب المنع قد يؤثر
منفصلًا، فيقال: "أتى أحمد" -بالإمالة- و"أتى قاسم" -بترك الإمالة.
__________
1 من الآية رقم "51" من سورة "القلم" ونصها: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} .
2 من الآية رقم "39" من سورة "غافر".
3 تكرر ما بين القوسين في ع.
(4/1974)
ثم بينت أن الألف المكسور ما بعدها إذا
زالت الكسرة بإدغام أو قفٍ جاز أن تمال، وألا تمال.
لكن الإمالة مع الإدغام العارض أحسن من الإمالة مع الإدغام اللازم.
ثم بينت أن الألف قد تمال طلب التناسب1 كإمالة ثاني الألفين في2 نحو:
"معرايا" و"رأيت عمادا".
وكإمالة ألفي3: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} 4 ليشاكل التلفظ
بهما التلفظ بما بعدهما.
ثم إن الإمالة لم تطرد فيما لا تمكن له إلا في ألفي "نا" و"ها" نحو "مر
بنا" [ونظر إلينا"5] و"مر بها، ونظر إليها، ويريد أن يضربها".
وقد جروا على القياس في ترك إمالة "ألا" و"أما" و"إلى" و"على" و"لدى".
ومما أميل على غير قياسٍ دون سبب "أنى" و"متى" و"بلى" و"يا" و"لا" في
قولهم: "إما لا" ومما أميل على غير قياس "را" وما أشبهها من فواتح
السور.
__________
1 الأصل "طلبا للتناسب".
2 ع ك "في" في مكان "من".
3 ع ك "وكألفي" في مكان "وكإمالة ألفي".
4 الآيتان "1، 2" من سورة "الضحى".
5 ع سقط ما بين القوسين.
(4/1975)
وكذا "الحجاج" -علمًا- و"الباب" و"المال"
و"الناس" -في غير جر.
وسوى بين1 إمالة "مال" و"ناس" و"باب" وإمالة "عاب" و"ناب" في2 الشذوذ.
وذلك قوله في الباب الذي ترجمته: "هذا باب ما أميل على غير قياس وإنما
هو شاذ3".
"وذلك "الحجاج" -إذا كان اسمًا لرجل -وذلك لأنه4 كثر في كلامهم فحملوه
على الأكثر؛ لأن الإمالة أكثر في كلامهم".
ثم قال في الباب المشار إليه: "وقال ناس5 يوثق بعربيتهم: "هذا باب"
و"هذا مال" [و"هذا ناب"6] و"هذا عاب" لما كانت بدلًا من الياء كما كانت
في "رميتهم" شبهت7 بها.
__________
1 ع ك سقط "بين".
2 الأصل "وفي الشذوذ" بزيادة الواو.
3 الكتاب 2/ 464 وما بعدها.
4 جميع النسخ "أنه" ولكن عبارة سيبويه "لأنه".
5 هكذا في كتاب سيبويه 2/ 464 "ناس" وفي جميع نسخ الكتاب "أناس".
6 سقط ما بين القوسين من ع. وهو غير موجود في سيبويه.
7 ع "وشبهة" في مكان "شبهت".
(4/1976)
وشبهوها في "مال" و"ناب"1 بالألف التي تكون
بدلًا من واو "غزوت". هذا نصه.
وقال ابن برهان في آخر شرح اللمع: "روى عبد الله بن داود2 عن أبي عمرو
بن العلاء: إمالة "الناس" في جميع القرآن -مرفوعًا ومنصوبًا
ومجرورًا-".
وهذا رواية لأحمد بن يزيد الحلواني3 عن أبي عمر الدوري4 عن الكسائي،
ورواية نصير5 وقتيبة6 عن الكسائي.
__________
1 في سيبويه "باب ومال".
2 عبد الله بن دواد الهمذاني الخريبي، ثقة، حجة، روى القراءة عن أبي
عمرو بن العلاء وحدث عن الأعمش وثور وهشام بن عروة توفي سنة 213هـ وله
ترجمة في طبقات ابن الجزري 1/ 418.
3 أحمد بن يزيد الحلواني الصفار، إمام كبير عارف صدوق، متقن ضابط قرأ
بمكة، والمدينة والعراق، وممن قرأ عليهم أبا عمر الدوري، مات بعد
الخمسين والمائتين من الهجرة "ابن الجزري 1/ 150".
4 حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان أبو عمر الدوري الأزدي، البغدادي
النحوي، الضرير، نزيل "سامهرا" شيخ القراء في زمانه، قرأ بسائر الحروف
السبعة وبالشواذ وتوفي عام 246هـ.
وفي ع، ك "أبو عمرو" وليس كذلك.
5 نصير بن يوسف بن أبي نصر الرازي ثم البغدادي، النحوي، ثقة، أخذ
القراءة عرضا عن الكسائي، وكان من جلة أصحابه وعلمائهم.
كان ضابطًا عالمًا بمعنى القراءات ونحوها ولغتها مات سنة 240هـ.
6 قتيبة بن مهران الأزاذاني -"قرية من أصبهان"- إمام مقرئ أخذ القراءة
عرضًا وسماعًا عن الكسائي وسليمان بن جماز. قيل إنه توفي في أوائل
القرن الثالث الهجري.
(4/1977)
ومن الإمالة المطردة إمالة كل فتحة وليتها
راء مكسورة نحو قوله تعالى: {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْر} 1 و {غَيْرُ
أُوْلِي الضَّرَر} 2.
وإمالة كل فتحةٍ وليتها تاء منقلبة3 للوقف هاء.
إلا أن إمالة هذه مخصوصة [بالوقف4] ، وإمالة التي تليها راء مكسورة
جائزة في الوصل والوقف.
__________
1 من الآية رقم "22" من سورة "المرسلات".
2 من الآية رقم "95" من سورة "النساء".
3 الأصل "مثقلة" في مكان "منقلبة".
4 ع سقط ما بين القوسين.
(4/1978)
|