شرح شافية ابن الحاجب الرضي الأستراباذي قال: " وَالْمَرَّةُ مِنَ الثُّلاَثِيَّ
الْمُجَرَّدِ الَّذي لا تَاءَ فِيهِ عَلَى فَعْلَة، نَحْوُ ضَرْبَةٍ
وَقَتْلَةٍ، وَبِكَسْرِ الْفَاءِ لِلنَّوْعِ، نَحْوُ ضِرْبَةٍ
وَقِتْلَةٍ، ومَا عَدَاهُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُسْتَعْمَلِ، نَحْوُ
إنَاخَة، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَاءٌ زِدْتَهَا، وَنَحْوُ أَتَيْتُهُ
إتْيَانَةً وَلَقِيتُهُ لَقَاءَةً شَاذٌّ " أقول: اعلم أن بناء المرة
إما أن يكون من الثلاثي المجرد أو غيره، والثلاثي المجرد إما مجرد عن
التاء أولا
__________
ورد هذا الفعل لازما، ومتعديا.
تقول: برقش الرجل برقشة، إذا ولى هاربا.
وتقول: برقش الرجل الشئ، إذا نقشه بألوان شتى.
(2) تقول: قلقلت الشئ قلقلة، وقلقالا (بكسر أوله وفتحه، وضمه نادر) ،
إذا حركته، وقال في اللسان: " فإذا كسرته فهو مصدر، وإذا فتحته فهو اسم
مثل الزلزال والزلزال ".
والذي في القاموس: قلقل الشئ قلقة وقلقالا (بالكسر ويفتح) حركة، أو
بالفتح الاسم، وتقول: خلخل العظم، إذا أخذ ما عليه من اللحم.
(*)
(1/178)
فالمجرد عنها تجعلها على فَعْلَة بفتح
الفاء وحذف الزوائد إن كانت فيهِ، نحو خرجت خرجت ودخلت دخلة وذو التاء
تبقيهِ على حاله، نحو دريت دِرَايَةً ونشدت (1) نشدة ولا تقول دَرْيَةً
وَنَشْدَةً، كذا قال المصنف، ولم أعثر في مصنف على ما قاله، بل أطلق
المصنفون أن المرة من الثلاثي لمجرد على فَعْلَة، قال سيبويه: إذا أردت
الوحدة من الفعل جئت بها أبدا على فَعْلَة على الأصل، لأن أصل المصادر
فَعْل، هذا قوله، والذي أرى أنك ترد ذا التاء أيضاً من الثلاثي إلى
فَعْلَة، فتقول: نشدت نَشْدَةً بفتح النون وغير الثلاثي المجرد
تُخَلِّيهِ على حاله، سواء كان رباعيًّا كَدَحْرَجَة أو ذا
زيادة كانْطِلاقٍ وَإِخْرَاج وتَدَحْرُج، فإن لم تكن فيه الاء زدتها،
نحو أكرمته إكرامة، وإن كان فيه تاء خليتها، نحو عَزَّيته تعزية: أي
واحدة، والأكثر الوصف في مثله بالواحدة رفع اللبس، نحو عَزَّيْتُه
تعْزِيَةً واحدة، ولو قلنا بحذف تلك التاء والمجئ بتاء الوحدة فلا بأس
واستدل سيبويه على أن أصل مصادر جميع الثلاثي متعدياً كان أو لازما فعل
ببناء الوحدة، فال: لا شك أن الجنس من نحو تَمْرَةٍ وَتُفَّاحَة بحذف
التاء، فكان القياس أن يكون الجنس في نحو خَرْجَة ودَخْلَة كذلك أيضاً،
ونعنى بالجنس المصدر المطلق، نحو خَرْجٍ وَدَخْلٍ، إلا أنهم تصرفوا في
مصادر الثلاثي بزيادة الحروف وتغيير التركيب لخفته، دون الرباعي وذي
الزيادة ثم اعلم أنه إن جاء للرباعي وذي الزيادة مصدران أحدهما أشهر
فالوحدة على
__________
(1) تقول: نشد الضالة نشدا ونشدة ونشدانا (بكسر الاخيرين) : اطلبها،
وإذا عرفها (*)
(1/179)
ذلك الأشهر دون الغريب، تقول: دحرج
دحْرَجَة واحدة، ولا تقول دِحْراجَة، وكذا لا تقول قاتلت قتالة، ولا
كذب كذابة وقد شذ في الثلاثي حرفان لم تحذف منهما الزوائد ولم يردَّا
إلى بناء فعلة، بل ألحق بهما التاء كما هما، وهما إتْيَانة ولِقاءة،
ويجوز أتْيَة وَلَقْية على القياس، قال أبو الطيب: 27 - لَقِيْتُ
بِدَرْبِ الْقُلَّةِ الْفَجرَ لَقْيَةً * شف كَمَدِي وَاللَّيْلُ فيهِ
قَتِيلُ (1) قوله " وما عداه " أي: ما عدا الثلاثي المجرد الخالي من
التاء، وهو ثلاثة: الرباعي، وذو الزيادة، والثلاثي ذو التاء، على ما
ذهب إليه المصنف قوله " فإن لم تكن تاء " أي: فيما عداه وقوله " وبكسر
الفاء للنوع نحو ضِرْبَة " أي: ضرباً موصوفاً بصفة، وتلك
الصفة إما أن تذكر نحو " حَسَنُ الرِّكبة " و " سيّئ الْمِيْتَة " و "
جلست جِلْسَة حسنة " أو تكون معلومة بقرينة الحال، كقوله: - 28 - هَا
إِنَّ تَاعِذْرةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ نَفَعَتْ * فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَد
تَاهَ فِي البلد (2)
__________
(1) البى من قصيدة طويلة لابي الطيب المتنبي يمدح فيها سيف الدولة
الحمداني: وأولها: لَيَالِيَّ بَعْدَ الظَّاعِنِينَ شُكُولُ * طِوَالٌ،
وليل العاشقى طويل والظاعنين: أي الراحلين.
وشكول: أي متشاكلة متشابهة.
ودرب القلة.
موضع وراء الفرات، وأصل الدرب المضيق في الجبال، واستعمل في كل مدخل
الى بلاد الروم وفي كل باب طريق واسع.
وأصل القلة أعلى الجبل، وذكر المؤلف لهذا البيت كذكره لامثالهمن شعر
المتنبي وأبى تمام والبحتري وأبي العلاء ليس على سبيل الاستشهاد ولكنه
للتمثيل (2) هذا البيت من قصيدة طويلة للنابغة الذبيانى، ويروى عجزه
هكذا: * فإن صاحبها محالف النكذ * (*)
(1/180)
أي عذر بليغ: وقد لا تكون الْفَعْلَة مرة والْفِعْلَة نوعاً كالرحمة
والنشدة |