شرح شافية ابن الحاجب ركن الدين الاستراباذي

الإمالة 1:
قوله2: "الإمالة: أن يُنْحَى بالفتحة نحو الكسرة...."3.
هذا4 التعريف أولى من تعريفها بأن ينحى بالألف نحو الياء5 ومن تعريفها"6 بأن ينحى بالفتحة7 نحو الكسرة وبالألف نحو الياء8؛ لأنهما لا يتناولان إمالة نحو {بِشَرَرٍ} 9، و {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
__________
1 خالف ابن الحاجب الزمخشري في جعله باب الإمالة بعد باب الوقف؛ لأن الزمخشري قدم الإمالة على الوقف في المفصل، فذكر الإمالة في ص235 وذكر الوقف في ص238، وللإمالة مصطلحات أخرى، كالكسر، والبطح، والاضطجاع "ينظر شرح الأشموني: 3/ 762".
2 قوله: موضعها بياض في "هـ".
3 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "الإمالة: أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة، وسببها قصد المناسبة لكسرة أو ياء، أو لكون الألف منقلبة عن مكسور أو ياء, أو صائرة ياء مفتوحة, وللفواصل، أو لإمالة قبلها على وجه. فالكسرة قبل الألف في نحو عِماد وشِملال، ونحو "درهمان" سوّغه خفاء الهاء مع شذوذه، وبعدها في نحو عالم، ونحو من الكلام قليل، لعروضها، بخلاف نحو من دار, للراء، وليس مقدرها الأصلي كملفوظها على الأفصح, كجاد وجواد، بخلاف سكون الوقف، ولا تؤثر الكسرة في المنقلبة عن واو، ونحو: من ماله وبابه، والكَبَا شاذ كما شذ العَشَا والمكا وباب وعال والحجاج والناس بغير سبب, وأما إمالة الربا، ومن دار؛ فلأجل الراء" "الشافية، ص10".
4 في الأصل، "هـ": وهذا.
5 وهذا تعريف الزمخشري في مفصله ص335.
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
7 بالفتحة: ساقط من "هـ".
8 واعترض ابن الحاجب على عبارة الزمخشري في تعريف الإمالة. "ينظر الإيضاح في شرح المفصل: 2/ 291, 292".
9 في قوله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32] .

(2/662)


الضَّرَرِ} 1؛ فإن الراء الأولى تُمال لأجل كسرة الراء الثانية، مع أنه لم يُنْحَ بالألف نحو الياء, ولا إمالة نحو "رحمة" لهذا الأمر.
وما ذكره في الكتاب يتناول جميع أنواع الإمالة2.
وسبب الإمالة3 قصد المناسبة لفظًا أو تقديرًا لكسرة قبل [ألف] 4 الإمالة أو بعدها أو لياء قبلها. أو [لكون] 5 الألف منقلبة عن حرف6 مكسور, أو عن ياء وإن لم تكن7 مكسورة، أو لكون الألف صائرة ياء مفتوحة، أو لكون الألف للفواصل، أو لإمالة قبل الألف على وجه.
أما الإمالة لكسرة قبل الألف بحرف ففي عماد، وبحرفين ثانيهما ساكن ففي شِمْلال -لناقة سريعة8 السير9- فلو كانت الكسرة قبل الألف بحرفين متحركين ثانيهما هاء، نحو: "يريد أن ينزعها
__________
1 وذلك في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] .
2 ما تجدر الإشارة إليه أن أصحاب الإمالة هم: بنو تميم ومن جاورهم من سائر أهل نجد كأسد وقيس. وأما أهل الحجاز فيفخِّمون بالفتح، وهو الأصل، ولا يميلون إلا في مواضع قليلة.
3 أسباب الإمالة مجوّزة لها لا موجبة، وتعبير أبي علي ومن تبعه عنها بالموجبات تَسَمّح, فكل ممال يجوز فتحه "ينظر شرح الأشموني 3/ 762".
4 لفظة "ألف" إضافة من "هـ".
5 في الأصل: يكون, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 في "هـ": حروف.
7 في "ق": يكن.
8 في "هـ": سريع.
9 الصحاح: "شمل": 5/ 1740.

(2/663)


ويضربها"1, أو لثلاثة أحرف تالي الكسرة فيها ساكن والذي قبل الألف هاء نحو: عندها, أو الذي بعد الساكن هاء نحو: "درهمان" لجازت الإمالة شاذة. ووجهه من القياس أن الهاء خفية فسوّغ الإمالة خفاء الهاء وسكون الحرف الذي بعد الكسرة؛ لأن وجود الهاء حينئذ كعدمها، فيعود إلى أن يكون الفصل بين الكسرة "112" والألف بحرف واحد أو بحرفين متحركين ليس ثانيهما هاء, أو بثلاثة أحرف ثاني الكسرة ساكن، وليس الذي قبل الألف2 ولا الذي بعد الساكن هاء، نحو: أكلتُ عِنَبًا وفَتَلْتُ قَتبًا، ولم تؤثر الكسرة في الإمالة.
ومثال ما تكون الكسرة فيه3 بعد الألف: عالم4.
فإن كانت الكسرة بعد الألف عارضة على غير الراء نحو: مِنْ كَلام, فإن إمالته قليلة؛ لعروض الكسرة. أما إذا كانت عارضة على الراء نحو: من دار، فإمالته كثيرة؛ لما في الراء من التكرار فكأن بعد الألف كسرتين.
وليس مقدر الكسرة كملفوظ الكسرة على الأفصح، كجاد وجواد، فإن أصلهما جادِد وجوادِد؛ لأنهم لما التزموا إدغام الدال الأولى في الدال الثانية صارت الكسرة كالعدم في الأفصح.
__________
1 ينظر الكتاب: 4/ 123.
2 لفظة "الألف" مطموسة في "هـ".
3 فيه: ساقطة من "هـ".
4 ومثل عالم: عابد، ومساجد، ومفاتيح، وعُذَافِر، وهابيل. وإنما أمالوها للكسرة التي بعدها؛ أرادوا أن يقربوها منها كما قربوا في الإدغام الصاد من الزاي حين قالوا: صدر، فجعلوها بين الصاد والزاي. "ينظر الكتاب: 4/ 117".

(2/664)


وإنما قال: "في الأفصح"؛ لأنه يجوز إمالة مثل: جادّ وجوادّ نظرًا إلى الأصل، بخلاف سكون المكسور للوقف، نحو: مِنْ دَار، ومن قرار؛ فإنه لا تمتنع1 الإمالة؛ لزوال السكون بالوصل, فكأن2 الكسرة بعد الألف موجودة، بخلاف الإدغام. [للزوم الإدغام] 3.
ولا تؤثر الكسرة الواقعة بعد ألف منقلبة عن واو، نحو: من4 بابه وماله، ومن باب ومال؛ لضعف5 هذا السبب6, وهو الكسرة لكون الألف منقلبة عن واو ولا ترجع إلى الياء بحال.
وإمالة الكِبَاء -لضرب من العود7- والمُكَاء -للصغير8- حالة الجر شاذة9؛ لأن ألفهما10 منقلبة عن واو؛ لأن الكباء من: كبا يكبو, والمكاء من: مكا يمكو: صَغِر. كما شذ إمالة العشا، والمكا11،
__________
1 في "ق": لا يمنع.
2 في "ق": وكأن.
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
4 لفظة "من" ساقطة من "هـ".
5 في "هـ": كضعف.
6 في الأصل، "هـ": النسب, وما أثبتناه من "ق".
7 الصحاح "كبا": 6/ 2471.
8 السابق "مكا": 6/ 2495.
9 في "هـ": شاذ.
10 في النسخ الثلاث: ألفها، والصحيح ما أثبتناه.
11 المكا -بالفتح مقصورا- هو جحر الثعلب والأرنب ونحوهما. "اللسان: مكا: 6/ 4251".
وقال سيبويه: "وقد قالوا: الكبا والعشا، والمكا وهو جحر الضبّ، كما فعلوا ذلك في الفعل". "الكتاب: 4/ 119".

(2/665)


وباب، ومال1، والحجاج2، والناس3 بغير سبب من الكسرة4 بعد الألف وغيرها.
وأما جواز إمالتهم الرِّبا، ومِنْ دار، مع أن ألفهما5 منقلبة عن واو؛ فلأجل الكسرة على الراء قبل الألف أو بعد الألف؛ لأن تلك الكسرة بمنزلة الكسرتين.
قوله6: "والياء إنما يؤثر [قبلها...."7 إلى آخره] 8.
أي: والياء9 إنما تؤثر في جواز الإمالة إذا كانت قبل الألف متصلة بها، نحو: سيال, لضرب من10 الشجر له شوك11،
__________
1 قال سيبويه: "وقال ناس ممن يوثق بعربيتهم: هذا باب، وهذا مال". "الكتاب: 4/ 128".
2 وشذ إمالة الحجاج أيضا، إذا كان اسما لرجل؛ لأنه على غير قياس؛ وذلك لأنه كثر في كلامهم فحملوه على الأكثر؛ لأن الإمالة أكثر في كلامهم. وأكثر العرب ينصبه ولا يميل ألف حجاج, إذا كان صفة يجرونه على القياس. "ينظر الكتاب: 4/ 127".
3 قال سيبويه: "وأما الناس فيميله من لا يقول: هذا مال بمنزلة الحجاج، وهم أكثر العرب لأنها كألف فاعل إذا كانت ثانية فلم تُمَل في غير الجر؛ كراهية أن تكون كباب رميت وغزوت لأن الواو والياء في قلتُ وبعتُ أقرب إلى غير المعتل وأقوى". "المصدر السابق: 4/ 128".
4 في النسخ الثلاث: الكثرة, والصحيح ما أثبتناه.
5 في النسخ الثلاث: ألفها، والصحيح ما أثبتناه.
6 قوله: موضعها بياض في "هـ".
7 تكملة عبارة ابن الحاجب: "..... في نحو: سيال وشيبان". "الشافية، ص10".
8 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
9 والياء: ساقطة من "هـ".
10 لفظة "من" مطموسة في "هـ".
11 الصحاح "سيل": 5/ 1734.

(2/666)


أو منفصلة عنها بحرف لكنها من كلمة الألف، نحو: شيبان, أو منزل منزلة كلمة الألف، نحو: فينا وعلينا، أو بحرفين ثانيهما هاء وأولهما غير مضموم، نحو: رأيت يدها، وهو بيني وبينهما، ويريد أن يكيلها؛ لأن الهاء خفية، فكان انفصال الياء عن الألف بحرف.
أما إذا كان أولها مضموما نحو: هو يَكِيلُها، فلا تمال1.
قوله2: "والمنقلبة [عن مكسور ... "3 إلى آخره] 4.
أي: ومثال الألف المنقلبة عن واو مكسورة نحو "خاف"5؛ لأن أصله خَوِف6. ومثال الألف المنقلبة عن ياء نحو ناب؛ لأن أصله نيب، بدليل جمعه على أنياب وتصغيره على نييب, ونحو رحى بدليل: رحيان في التثنية, ونحو: سال، بدليل أن مضارعه: يسيل, ونحو: رمى بدليل الرمي ويرمي.
ومثال الألف الصائرة ياء مفتوحة نحو: دعا؛ فإن ألفه وإن كانت منقلبة عن واو -لأنه من الدعوة- لكنها تصير ياء مفتوحة في "دُعي".
__________
1 في الأصل، "هـ": ولا, وما أثبتناه من "ق".
2 قوله: موضعها بياض في "هـ".
3 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالْمُنْقَلِبَةُ عَنْ مَكْسُورٍ نَحْوُ: خَافَ، وَعَنْ يَاءٍ نحو: ناب والرحى وسال ورمى، والصائرة ياء مفتوحة نحو: دعي وحُبْلى والعُلَا، بخلاف جال وحال". "الشافية, ص10".
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
5 وهي في خمس آيات من الكتاب الكريم: البقرة: 182، هود: 103، إبراهيم: 14، الرحمن: 46، النازعات: 40.
6 ينظر الكتاب: 4/ 121، والنشر: 2/ 33.

(2/667)


ما لم يسم فاعله؛ لكسرة ما قبلها، ونحو حبلى1، بدليل: حبليان.
[ولقائل أن يقول: لو لم يذكر حبلى ههنا لكان أولى2؛ لأن ألفها منقلبة عن ياء] 3.
ونحو العُلَى، وهو فُعَل جمع فُعْلى، فإن ألفها وإن كانت منقلبة عن واو؛ لأنه "113" من العلو، لكنها تصير ياء مفتوحة؛ لأنك تقول: عليا -وهو فعلى- مفرد عُلَى، بخلاف جال وحال، فإنه لا يصير ألفهما ياء مفتوحة مع أنها منقلبة عن الواو، فلا تجوز فيهما4.
واعلم أنه لا حاجة إلى قوله: "بخلاف جال وحال" لأنه يعلم ذلك من قوله "الصائرة ياء مفتوحة".
وإنما قال: "ينقلب ياء" لأنها لو لم تصر ياء نحو العصا, لا يجوز فيه الإمالة.
وإنما قال: "مفتوحة" لئلا يَرِد عليه النقض بمثل: جال وحال, فإن ألفهما تصير ياء في جبل وحيل، لكن لا ياء مفتوحة، مع أنه لا يجوز الإمالة فيهما.
__________
1 ينظر الكتاب: 4/ 120.
2 قال سيبويه: "ومما يميلون ألفه كل اسم كانت في آخره ألف زائدة للتأنيث أو لغير ذلك؛ لأنها بمنزلة ما هو من بنات الياء. ألا ترى أنك لو قلت في مِعْزى وفي حُبْلى فعلتُ على عدة الحروف، لم يجئ واحد من الحرفين إلا من بنات الياء. وناس كثيرون لا يميلون الألف ويفتحونها، يقولون: حبلى الألف ومعزى. "الكتاب: 4/ 120".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 في الأصل: فيها, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/668)


وإنما اعتُبرت الألف في الإمالة إذا صارت ياء مفتوحة؛ لأن الحركة تزيدها قوة في اليائية، وإن كان عارضا، بخلاف انقلابها ياء ساكنة؛ لأن الحرف الساكن كالميت لا سيما حرف1 المد واللين.
قوله2: "والفواصل نحو الضحى ... "3.
أي: ومثال الفواصل نحو: {وَالضُّحَى} 4؛ فإن الفواصل يمال لها ما لا يمال لغيرها. ألا ترى5 أن "الضحى" تمال للفواصل ولا تمال لغيرها؛ لأن ألفها بدل عن واو وليس ههنا شيء يجوز الإمالة.
ومثال الإمالة6 للإمالة نحو7: رأيت عمادا؛ فإن الإمالة في ميم عماد لكسرة العين وإمالة الدال لكسرة الميم8، فإمالة الدال لأجل إمالة الميم9.
ونحو "معزانا" فإنه يجوز إمالة فتحة النون تبعًا لإمالة فتحة الزاي, إجراء لما هو بمنزلة المتصل مجرى المتصل.
__________
1 في "ق": حروف.
2 قوله: ساقطة من "هـ".
3 تمام العبارة: "والإمالة نحو: رأيت عمادا" "الشافية، ص13".
4 سورة الضحى: الآية 1. وقيل: إن الإمالة في "الضحى" بسبب إمالة رءوس الآي قبل وبعد، فكانت من الإمالة للإمالة. "ينظر النشر: 2/ 34".
5 ألا ترى: ساقط من "ق".
6 الكلمتان ساقطتان من "هـ".
7 في الأصل، "ق": في نحو, وما أثبتناه من "هـ".
8 ينظر النشر: 2/ 34.
9 لفظة "الميم" ساقطة من "ق".

(2/669)


قوله1: "وقد تمال [ألف التنوين....2"] 3.
اعلم أن أكثر المميلين4 لا يميلون الألف المبدلة عن التنوين للوقف في نحو: "رأيت زيدا" لأن هذه الألف عارضة للوقف، فهي في حكم التنوين. وبعضهم يميلونها؛ نظرا إلى وجود الألف لا إلى الأصل5.
وإلى قول الأقلين أشار بقوله: "وقد تمال ألف التنوين"6.
قوله7: "والاستعلاء في غير باب خاف [وطاب وصغا مانع ... "8 إلى آخره9] .
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 تمام العبارة: "..... في نحو: رأيت زيدا". "الشافية، ص10".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 في "ق": الملين.
5 وسيبويه يرى أنها لا تمال؛ لأنها نون وليست كالألف في: معنى ومغزى. "الكتاب: 4/ 134".
6 حكاه سيبويه عن بعض العرب "المصدر السابق".
7 قوله: موضعها بياض في "هـ".
8 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والاستعلاء في غير باب خاف وطاب وصغا مانع، قبلها يليها في كلمتها، وبحرف، وبحرفين على رأي، وبعدها يليها في كلمتها، وبحرفين وبحرف على الأكثر، والراء غير المكسورة إذا وليت الألف قبلها، أو بعدها مُنعت منع المستعلية وتغلب المكسورة بعدها المستعلية وغير المكسورة، فيمال: طارد وغارم ومن قرارك، فإذا تباعدت فكالعدم في المنع والغلب عند الأكثرين فيمال: هذا كافر، ويفتح: مررتُ بقادر، وبعضهم يعكس، وقيل: هو الأكثر. وقد يمال ما قبل هاء التأنيث في الوقف وتحسن في نحو: رحمة، وتفتح في الراء نحو: كُدْرَة، وتتوسط في الاستعلاء في نحو: حقة" "الشافية، ص10، 11".
9 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".

(2/670)


اعلم أن حروف الاستعلاء سبعة، وهي: الصاد والضاد [والطاء والظاء1] والغين2 "والقاف والخاء"3, وهي لا تمنع4 الإمالة في نحو باب: خاف وطاب وصغا واستقى، وما كانت تنقلب [ألفه5] ياء كالوسطى.
والمراد بباب خاف: ما ألفه مقلوبة6 عن مكسور، وبباب طاب: ما ألفه مقلوبة7 عن ياء, وبباب صغا: ما ألفه مقلوبة8 عن ياء نحو رمى، أو صائرة ياء "مفتوحة9" نحو: دعا، لقولك: دُعِي.
وإنما لم تمنع10 المستعلية إمالتها لقوة السبب فيه؛ لأن الألف الممالة إما ياء11 في الأصل أو عليها كسرة، بخلاف غيرها؛ لضعف سببها.
[وصغا يصغو، إذا12 مال] 13.
__________
1 في "هـ": والظاء والطاء.
2 والغين: مطموسة في "هـ".
3 في "هـ": والخاء والقاف.
4 في الأصل "هـ": لا تمتنع, وما أثبتناه من "ق".
5 ألف: إضافة من "ق".
6 في "ق": منقلبة.
7 المصدر السابق.
8 المصدر السابق.
9 لفظة "مفتوحة" إضافة من "ق".
10 في الأصل، "هـ": لا تمتنع, وما أثبتناه من "ق".
11 لفظة "ياء" ساقطة من "هـ".
12 لفظة "إذا" ساقطة من "هـ".
13 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".

(2/671)


وتمتنع1 الإمالة في غيره؛ لأن هذه الحروف يعلو بها اللسان إلى الحَنَك الأعلى، والإمالة انخفاض، وسبب الإمالة في غيره ضعيف، بشرط وقوعها قبل الألف يليها من غير حرف بينهما نحو: صَاعِد وضامن وطالب وظالم وغالب وحامد وقاعد؛ لكراهتهم التسفُّل2 مع ما فيها من الاستعلاء، فإن وقعت مكسورة قبل الألف بحرف في كلمتها نحو: قِفاف وخفاف وصعاب وضباب وغلاب وطلاب [وظلام] 3, أو ساكنة بعد كسرة نحو: مِقْلات4 -للمرأة التي يعيش ولدها5، 6- ومصباح ومطعان، لا تمنع الإمالة على المشهور، وتمنعها عند بعض7.
وأما إذا كانت "114" مفتوحة، نحو قوائم8، فإنها تمنع الإمالة بلا خلاف.
ويعلم مما ذكرناه أن كلامه مطلق, والمراد به التقييد9 حتى يصحّ.
__________
1 في الأصل، "هـ": تمتنع, وما أثبتناه من "ق".
2 في الأصل: السفل, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 وظلام: إضافة من "ق".
4 في "ق": مقلاب.
5 ما بين الشرطتين ساقط من "ق"، "هـ".
6 والمقلات من النُّوق: التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها. "ينظر الصحاح: قلت: 1/ 261".
7 ولم يذكر سيبويه في مثله ترك الإمالة ههنا؛ لأجل حروف الاستعلاء وإن كانت مكسورة وهو مع ذلك قليل عندهم، والإمالة أكثر. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 3/ 17".
8 في "هـ": قائم.
9 في الأصل، "ق": المقيد, وما أثبتناه من "هـ".

(2/672)


وإن1 وقعت الحروف المستعلية بعد الألف بغير حرف مُنعت الإمالة، كعَاصِم وعاضل وعاطس وعاضد2 وواغل وباطل3 وناقف4, وإن وقعت بعدها بحرف من كلمتها [أو من غير كلمتها] 5، كنَاشِص وناشط وباهظ ونابغ [وسابق ونافخ وناهض] 6، 7 أو بعدها بحرفين من كلمتها أو من غير كلمتها نحو: معاريض ومناشيط ومواعيظ ومنافيخ ومباليغ ومجانيق ومقاريض؛ منعت الإمالة عند الأكثرين8.
وإنما مُنعت الإمالة إذا وقعت بعد الألف بحرفين عند الأكثر9, ولم يمنعها إذا وقعت قبلها بحرفين؛ لأن الإمالة إذا كان الاستعلاء قبل الألف عدول عن علو إلى سفل، وإن10 كان بعد الألف عدول عن سفل إلى علو، والعدول عن علو إلى سفل أقل كراهة من العدول عن سفل إلى علو.
__________
1 في "هـ": فإن.
2 في "ق": كاظم.
3 في "ق": وفاخر.
4 في "ق": وتاقف.
5 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ".
6 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق".
7 في الأصل: "ونحو: عالم وقاسم" موضع ما بين المعقوفتين.
8 ذكر سيبويه أن هذه الألفات جميعها لا يميلها أحد إلا من لا يؤخذ بلغته. "ينظر الكتاب: 4/ 129".
9 في "هـ": عند الأكثرين.
10 في الأصل: وإذا, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/673)


ويعلم من قوله: "وبحرف في كلمتها" أنه لو كان قبل الألف حرف الاستعلاء يليها بحرف في غير كلمتها نحو: "مرض عالم" لا1 يمنع الإمالة.
فقوله2: "وبحرف" معطوف على مقدر، تقديره: الاستعلاء مانع قبلها يليها بغير حرف وبحرف في كلمتها، لا بحرف في غير كلمتها، على رأي، ومانع بعدها يليها بغير حرف وبحرف3 وبحرفين، على الأكثر.
قوله4: "والرَّاءُ غَيْرُ الْمُكْسُورَةِ [إِذَا وَلِيت الأَلفَ قَبْلَهَا أو بعدها"5] .
اعلم أن الراء غَيْرُ الْمُكْسُورَةِ6 إِذَا وَلِيَتِ الأَلفَ قَبْلَهَا أَوْ بعدها منعت الإمالة منع المستعلية في غير خاف وطلب وصغا والوسطى؛ لأن [في] 7 الراء من التكرار، فيقوى أمر الفتحة فيها مع ضعف سبب الإمالة نحو: هذا راشد، وهذا حمارك, ورأيت حمارك8.
__________
1 لا: ساقطة من "هـ".
2 فقوله: ساقط من "هـ".
3 وبحرف: ساقط من "ق".
4 قوله: موضعها بياض في "هـ".
5 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
6 في النسخ الثلاث: الغير المكسورة, والأصح ما أثبتناه.
7 لفظة "في": إضافة من "ق"، "هـ".
8 قال سيبويه: "والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة، والوقف يزيدها إيضاحا، فلما كانت الراء كذلك قالوا: هذا راشد، وهذا فراس، فلم يميلوا؛ لأنهم كأنهم قد تكلموا براءين مفتوحتين، فلما كانت كذلك قويت على نصب الألفات، وصارت بمنزلة القاف، حيث كانت بمنزلة حرفين مفتوحين، فلما كان الفتح كأنه مضاعف وإنما هو من الألف، كان العمل من وجه واحد أخف عليهم". "الكتاب: 4/ 136".

(2/674)


وإنما قيد الراء بغير المكسورة؛ لأنها لو كانت مكسورة لم تمنع الإمالة؛ لأنها تكون مقدرة بكسرتين، وحينئذ يقوى السبب المجوز للإمالة، فمن ثَمَّت1 بحال طارد وغارم، ومن قرارِك2.
ولا يمال طالب وغانم ومن مزاجك. وإليه أشار بقوله: "وتغلب [الراء] 3 المكسورة بعدها المستعلية وغير المكسورة" أي: ويغلب الراء المكسورة الواقعة بعد الألف الحرف المستعلية؛ فلهذا أميل طارد وغارم.
وتغلب الراء المكسورة: الواقعة بعد الألف الراء غير المكسورة4؛ ولهذا5 أميل: من قرارك، فإن الراء الأولى تمنع الإمالة، والراء الثانية التي هي المكسورة غلبت الراء الأولى؛ فلهذا أُميلت6.
وفي عبارته نظر؛ لأنها توهم أن الراء المكسورة بعد الألف تغلب المستعلية بعدها كما تغلبها وهي قبل الألف، لكنه ليس كذلك، فإن الراء المكسورة لا تغلب المستعلية بعد الألف؛ فإنه لا يمال نحو:
__________
1 في "هـ": ثم.
2 حكاه سيبويه وعلل له. "ينظر الكتاب: 4/ 136, 137".
3 لفظة "الراء" إضافة من "ق".
4 في النسخ الثلاث: الغير المكسورة, وما أثبتناه هو الأصح.
5 في "ق"، "هـ": ولهذا.
6 في الأصل، "ق": أميل, وما أثبتناه من "هـ".

(2/675)


فارق، ومفاريق وهي الناقة، أو الأنيُق التي أخذها المخاض1, وحينئذ لو قال: وتغلب المكسورة بعد الألف المستعلية قبلها وغير المكسورة لكان أصوب؛ ليندفع هذا الوهم.
قوله2: "فإذا تباعدتْ" أي: فإذا تباعدت الراء عن الألف فهي كالعدم في منع الإمالة, وفي غلبتها -إذا كانت مكسورة- المستعلية، وغير المكسورة، عند أكثرها؛ لبعدها عن الألف الذي هو موضع الإمالة، فأمالوا: هذا كافر، ولم يميلوا: مررت بقادر3 كما لم يميلوا: مررت بقادم "115"؛ لأن بعد الراء عن الألف يجعلها كالعدم, فيعمل حرف الاستعلاء عمله في المنع.
وقال بعضهم: الأمر بالعكس، فلم يميلوا: "هذا كافر" [اعتبارًا للراء المضمومة في المنع وإن بعدت] 4، تفخيمًا للراء، وأمالوا: "مررت بقادر؛ اعتبارًا للراء المكسورة5. وقيل: هذا هو الأكثر.
__________
1 قال سيبويه: "وتقول: هذه ناقة فارق وأنيق مفاريق، فتنصب كما فعلت ذلك حيث قلت: ناعق ومنافق ومناشيط" "الكتاب: 4/ 137".
2 قوله: موضعها بياض في "هـ".
3 حكاه صاحب المفصل في ص337.
4 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق".
5 قال سيبويه: "وقد قال قوم ترتضى عربيتهم: مررت بقادر قبل، للراء حيث كانت مكسورة. وذلك أنه يقول: قارب كما يقول: جازم، فاستوت القاف وغيرها، فلما قال: مررت بقادر, أراد أن يجعلها كقوله: مررت بكافر، فيسويها ههنا.
وسمعنا من نثق به من العرب يقول، لهدبة بن خشرم:
عسى الله يغني عن بلاد بن قادر ... بمنهمر جون الرباب سكوب
ويقول: هذا قادر "أي: بدون إمالة". "الكتاب: 4/ 138, 139".

(2/676)


[إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث في الوقف] :
قوله1: "وَقَدْ يُمَالُ مَا قَبْلِ هَاءِ التَّأنِيثِ فِي الوقف2".
اعلم أن تاء التأنيث اللاحقة بالأسماء، نحو الرحمة والضاربة، تقلب هاء في الوقف -على الأفصح- كما تقدم3 في باب الوقف.
فإذا4 قُلبت تاء التأنيث هاء حال الوقف؛ فمنهم من أمالها5, كما أميلت ألف التأنيث6؛ لمشابهة هاء التأنيث ألف التأنيث لفظا وحكما: أما لفظا؛ فلخفائها كخفاء ألف التأنيث، وكون كل واحدة منهما7 زائدة، وسكون كل واحدة منهما وفتح ما قبل كل واحدة منهما. وأما حكما، فلكونها للتأنيث.
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 في الوقف: ساقط من "هـ".
3 في "هـ": كما مر.
4 في "هـ": وإذا.
5 في "ق": أماله.
6 وهو الكسائي؛ حيث اتفق الرواة عنه على الإمالة فيما قبل هاء التأنيث, إذا كان ما قبلها واحدا من خمسة عشر حرفا يجمعها قولك: فجثت زينب لذود شمس.
وقيل للكسائي: إنك تميل ما قبل هاء التأنيث, فقال: هذه طباع العربية. قال الحافظ أبو عمرو الداني: يعني بذلك أن الإمالة هنا لغة أهل الكوفة وهي باقية فيهم إلى الآن، وهم بقية أبناء العرب, يقولون: أخذته أخذة وضربته ضربة. قال: وحكى نحو ذلك عنهم الأخفش سعيد بن مسعدة. "ينظر النشر: 2/ 82، 84".
7 منهما: ساقطة من "ق".

(2/677)


ثم منهم من يعمم الإمالة في كل هاء التأنيث، سواء كان قبلها راء نحو: كُدْرَة، أو حرف الاستعلاء، نحو: حِقَّة، كما أميل الحمْقى والذكْرى، أو لم يكن قبلها شيء منهما نحو رحمة1.
ومنهم من يجعل الراء أو حرف2 الاستعلاء قبلها مانعا من الإمالة كما في صاعد وراشد؛ لأن الراء وحرف3 الاستعلاء [لما] 4 منعا الألف المخففة5 عن الإمالة6، فلأن يمنعا7 ما يشبه الألف عن الإمالة أولى وأجدر.
والأحسن أن8 الإمالة تحسن فيما لم يكن قبل هاء التأنيث راء ولا حرف الاستعلاء9 نحو رحمة، وتقبح عند قوم فيما قبلها راء نحو كدرة، وتتوسط في الحسن والقبح فيما قبل آخره حرف الاستعلاء نحو حقة؛ نظرًا إلى أن الراء المفتوحة أقوى في المنع من حروف10 الاستعلاء.
__________
1 وهذا مذهب أبي بكر بن الأنباري وابن شنبوذ وابن مِقْسم وأبي مزاحم الخاقاني وأبي الفتح فارس بن أحمد وشيخه أبي الحسن عبد الباقي الخراساني. وبه قرأ الداني على أبي الفتح المذكور, وبه قال السيرافي وثعلب والفراء. "ينظر النشر: 2/ 86".
2 في الأصل، "ق": أو حرف, وما أثبتناه من "هـ".
3 في الأصل، "ق": وحرف, وما أثبتناه من "هـ".
4 لما: إضافة من "ق".
5 في "هـ": المتخففة.
6 عن الإمالة: ساقط من "هـ".
7 في الأصل: يمنعها, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
8 لفظة "أن" ساقطة من "هـ".
9 في الأصل: استعلاء, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
10 في الأصل: حرف, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/678)


ثم اعلم أن إمالة هاء التأنيث رواية الكسائي1، وأصح الروايات عنه أن حرف الاستعلاء والراء إذا لم يكن قبلها ياء ولا كسرة يمنعان الإمالة.
قوله2: "والحروف لا تمال ... "3 إلى آخره4.
اعلم أن الحروف لا تمال؛ لأنه لا5 أصل لألفاتها فتمال لمناسبة, فإن سمي بالحروف كان حكمها حكم الأسماء في جواز الإمالة وعدم جوازها، فإن وجدت بعد التسمية ما يقتضي جواز الإمالة كأمّا وإمّا وإلا أميلت؛ لأن الألف الرابعة إذا كانت في الأسماء, محكوم عليها بأنها بدل عن ياء؛ فلهذا تمال الألف الرابعة إذا كانت في الأسماء، كحَتَّى بعد التسمية؛ فإنها6 تمال لما ذكرناه، ولأنه يقال في تثنيته: حَتَّيَانِ.
وإن لم يوجد بعد التسمية ما يقتضي جواز الإمالة فيها لم تُمَل كما لو سمي بنحو: إلى، وعلى؛ لأنك تقول في تثنيتهما7 حينئذ: إَلَوَانِ وعَلَوَانِ، ولا تؤثر كسرة إلى في جواز الإمالة وإن أثرت في كبا؛
__________
1 ينظر النشر: 2/ 84.
2 قوله: موضعها بياض في "هـ".
3 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالْحُرُوف لاَ تُمَالُ؛ فإِنْ سُمِّيَ بِهَا فَكَالأَسْماءِ، وَأُمِيلَ: بَلَى، وَيا، وَلاَ في إمَّا لا؛ لِتَضَمُّنِهَا الْجُمْلَةَ، وَغَيرُ الْمُتَمَكِّنِ كَالْحَرْفِ، وَذَا وأَنَّى ومتى كـ "بلى" وأميل عسى لمجيء عسيت". "الشافية، ص11".
4 إلى آخره: ساقط من "هـ".
5 لفظة "لا" ساقطة من "هـ".
6 في "هـ": فلهذا.
7 في الأصل: تثنيتها, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/679)


لأن إمالة كبا شاذة1, لا يقاس عليها.
قوله2: "وأُمِيل: بلى "ولا ويا"3 في أَمَّا لا".
وإنما أميلت بلى [ولا ويا] 4 في: أما لا -بفتح الهمزة- لتضمنها الجملة المتضمنة للفعل أو الاسم5، فإن بلى في جواب من قال: أَمَا قام زيد؟ 6 قائم مقام: قام زيد, وإن يا [في يا زيد] 7 قائم مقام: أدعو وأنادي, وإن معنى: أمّا لا، هو إن كنت لا تفعل ذلك فافعل هذا؛ أي: لئن كنت، فحذفت اللام وزيدت اللام وزيدت ما وقلبت النون ميما وأدغمت الميم في الميم.
فلما كانت هذه الحروف متضمنة للجمل، سوغت فيها الإمالة؛ لكونها واقعة موقع الفعل "116" أو الاسم8.
وإنما أميلت حروف التهجي، نحو: ياء وتاء وثاء؛ لأنها أسماء للحروف فشبهت بما أميل لموجب.
قوله9: "وغير المتمكن كالحرف".
__________
1 في الأصل: شاذ, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 قوله: موضعها بياض في "هـ".
3 في "هـ": ويا ولا.
4 المصدر السابق.
5 في "هـ": والاسم.
6 في الأصل: أقام زيد, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
7 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ".
8 في "هـ": والاسم.
9 قوله: موضعها بياض في "هـ".

(2/680)


اعلم أن الأسماء غير المتمكنة1 كالحروف في عدم جواز الإمالة لمشابهتها2 الحرف؛ ولهذا بنيت، لكن أميل منها الاسم المستقل، نحو: ذا ومتى وأنّى، كما3 أميل: بلى؛ لاستقلالها. فإذا أميل الحرف لاستقلاله, فإمالة الاسم المستقل أولى وأجدر، كأنى ومتى وذا.
وإنما قلنا: إنها مستقلة لجواز الاقتصار عليها في الجواب، تقول: ذا، لمن قال: من فعل كذا؟ وتقول: من أنى، لمن قال: ألك ألف فرس؟ وتقول: "متى" لمن قال: زيد يسافر.
ولا يمال غير المستقل من الأسماء غير المتمكنة4، نحو: إذا، وما الاستفهامية، والشرطية, والموصولة5, وما كذلك.
وأميل: عسى؛ لكون ألفها بدلا عن الياء وصيرورة ألفها ياء، نحو: عسيت.
وإنما ذكر "عسى" مع كونها فعلا صريحا من ذوات الياء؛ لئلا يتوهم أنها لعدم تصرفها، أي: لعدم مجيء المضارع والأمر والنهي وغيرها منها، تكون كالحرف، فلا تمال.
اعلم أنه لا تمال من الأفعال غير المتصرفة6 إلا "عسى".
__________
1 في النسخ الثلاث: الغير المتمكنة, وما أثبتناه هو الأصح.
2 في الأصل: لمشابهة, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 في الأصل: وإلى, والتمثيل الصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 في النسخ الثلاث: الغير المتمكنة, والأصح ما أثبتناه.
5 في "ق": والموصوفة.
6 في النسخ الثلاث: الغير المتصرفة, وما أثبتناه هو الأصح.

(2/681)


قوله1: "وقد تمال الفتحة منفردة"2.
أي: وقد تمال الفتحة نحو الكسرة منفردة عن الألف, إذا كانت تلك الفتحة3 على الراء [أو غيرها] 4 كما في قولهم: من الضَّرَرِ, ومن الكِبْرِ5، ومن المُحاذر6.
وإنما تمال الفتحة منفردة عن الألف مع الراء خاصة؛ لقوة الكسرة عليها؛ لما فيها من التكرار.
وإنما لم7 يمنع المستعلي الإمالة في الصغر؛ لأن الراء المكسورة تغلب المستعلي.
ولا يجوز إمالة ألف محاذر بعد إمالة فتحة الذال لأجل كسرة الراء8؛ لأن كسرة الذال عارضة، فلا9 تأثير لها فكأن بعد الألف فتحا وقبلها فتحا.
__________
1 قوله: ساقطة من "هـ".
2 لفظة "منفردة" ساقطة من "هـ".
3 في "هـ": الكسرة.
4 أو غيرها: إضافة من "ق".
5 نص عليه سيبويه, وعلل لإمالة الحرف الذي قبل الراء ههنا. "ينظر الكتاب: 4/ 142".
6 منع سيبويه إمالة الألف في نحو: من المحاذر، إذا أميلت فتحة الذال, قال: ولا تقوى على إمالة الألف، أي: ولا تقوى إمالة الفتحة على إمالة الألف لأجل إمالتها. وزعم ابن خروف أن من أمال ألف "عمادا" لأجل إمالة الألف قبلها, أمال هنا ألف "المحاذر" لأجل إمالة فتحة الذال، وضعف بأن الإمالة للإمالة من الأسباب الضعيفة، فينبغي ألا ينقاس شيء منها إلا في المسموح، وهو إمالة الألف لأجل إمالة الألف قبلها أو بعدها. "ينظر شرح الأشموني: 3/ 777".
7 لفظة "لم" ساقطة من "ق".
8 وهو مذهب سيبويه، كما ذكرنا في حاشية6 من الصفحة الحالية.
9 في "هـ": لا.

(2/682)


[تخفيف الهمزة] :
[قوله: "تخفيف الهمزة ... "1 إلى آخره] 2.
أي: لا يخلو3 تخفيف الهمزة4 عن هذه الثلاثة، وهي إبدال الألف أو الياء أو الواو من الهمزة وحذف الهمزة وجعل الهمزة بين بين؛ أي: بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها5. وقيل: بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها في بعض المحال، وسيجيء بيان ذلك والخلاف فيه.
والأصل: بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه، ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض, ثم الحذف؛ لأنه إذهاب الهمزة بغير عوض6.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ يَجْمَعُهُ الإبْدَالُ وَالْحَذْفُ وَبَيْنَ بَيْنَ أيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرْفِ حَرَكَتِهَا، وَقِيلَ: أوْ حرف حركة ما قبلها، وشرطه ألا يكون مبتدأ بها". "الشافية، ص11".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
3 لا يخلو: ساقط من "هـ".
4 الهمزة حرف حلقي يخرج من أقصى الحلق، وهو حرف مجهور، شديد، منفتح. "ينظر الكتاب: 4/ 433، 434، 436".
وفي الهمزة ثلاثة أشياء: التحقيق، والتخفيف, والبدل. والذي سيعالج في هذا الباب هو تخفيفها بصيرورتها بين بين، أو بإبدالها, أو بحذفها.
5 أي: فإن كانت مفتوحة جعلناها متوسطة في إخراجها بين الهمزة وبين الألف؛ لأن الفتحة من الألف، وذلك قولك: سال إذا خففنا: سأل، وقرا إذا خففنا: قرأ. وإذا كانت مضمومة فجعلناها بين بين أخرجناها متوسطة بين الهمزة والواو، كقولنا: لوم تخفيف: لؤم, وإذا كانت مكسورة جعلناها بين الياء وبين الهمزة. "ينظر الكتاب: 4/ 541-543".
6 وهذا الترتيب أخذه عن إمام النحاة سيبويه. "ينظر المصدر السابق 3/ 541".

(2/683)


وإنما لم يذكر له تعريفا وعدل إلى أقسامه؛ لأن اسمه اللغوي ينبئ عنه.
وشرط تخفيف الهمزة ألا تكون الهمزة مبتدأ بها؛ أي: أن يتقدمها شيء. مثال المبتدأ بها: أحد، إبل، أُم".
وإنما لم تخفف مبتدأ بها1؛ لأنها لو خففت لم يمكن تخفيفها بإبدال الألف عنها لامتناع وقوع الألف في الابتداء، ولإبدال الواو والياء عنها؛ لأن إبدالهما2 منها لا يكون إلا إذا كانت ساكنة أو متحركة قبلها مدة، أو مفتوحة قبلها مكسور أو مضموم, وكل3 ذلك منتف ههنا. ولا بالحذف؛ لأن تخفيفها بالحذف لا يكون إلا إذا تقدمها ساكن، وهو منتف ههنا. ولا بين بين4 لكراهتهم الابتداء بما يشبه الساكن؛ لأن الهمزة [المجعولة] 5 بين بين قريبة من الساكن.
لا يقال "117": ما ذكرتم منقوض بـ "خُذْ وكُلْ"، فإنه خففت الهمزة بالحذف ههنا ابتداء, وأنتم قلتم: لا يجوز ذلك؛ لأنا نقول: لا نسلم أن حذف الهمزة ههنا ابتداء؛ لأن المحذوف من أأخذ وأأكل هو الهمزة الثانية، وهي ليست ابتداء؛ بل بعد همزة الوصل, فلما حذفت الثانية حذفت همزة الوصل استغناء بحركة ما بعدها.
__________
1 بها: ساقطة من "هـ".
2 في الأصل: إبدالها, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 في "هـ": وكان.
4 في الأصل، "هـ": ولا بين بين, وما أثبتناه من "ق".
5 المجعولة: إضافة من "هـ".

(2/684)


وكذا حذف همزة أقول بعد نقل حركة الواو إلى القاف.
قوله1: "وهي ساكنة ومتحركة2...."3.
أي: الهمزة إما4 ساكنة وإما5 متحركة، فإن كانت ساكنة تبدل بحرف حركة ما قبلها؛ يعني: إن كانت قبلها فتحة قلبت6 ألفا كـ "راس", وإن كانت قبلها7 كسرة قلبت ياء كـ "بير", وإن كانت قبلها ضمة قلبت واوا نحو سُوت8. ولا فرق في ذلك بين أن تكون الهمزة والحركة التي قبلها في كلمة واحدة، كما ذكرنا، أو في
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 ومتحركة: ساقطة من "هـ".
3 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَهِيَ سَاكِنَةٌ وَمُتَحَرِّكَةٌ، فَالسَّاكِنَةُ تُبدل بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا: كَرَاسٍ، وَبِيْرٍ، وَسُوت، وَإِلَى الْهُدَاتِنَا، والذيتمن، ويقولوذن لي. وَالْمُتَحَرِّكَةُ إنْ كَانَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ وَهُوَ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ زَائِدَتَانِ لِغَيْرِ الإِلْحَاقِ, قُلِبَتْ إليْهَا وَأُدْغِمَتْ فِيهَا، كَخَطِيَّةٍ وَمَقْرُوَّةٍ وأُفَيِّس، وَقَوْلُهُمُ الْتَزِمَ في بَنِيّ وبَرِيَّة غير صحيح، ولكنه كثير، وإن كان ألفا فبين بين المشهور، وإن كان حرفا صحيحا أو معتلا غير ذلك نقلت حركتهما إليه وحذفت، نحو: مَسَلَة، وخَبُ، وشَيٌ، وسَوٌ، وجَيَل، وحَوَبة، وأبوَ يُّوب, وذُوَ مْرِهم, وابتغيَ مْرَهُ، وقاضوَ بِيك" "الشافية، ص11".
4 لفظة "إما": ساقطة من "ق".
5 لفظة "إما": ساقطة من "هـ".
6 قلبت: ساقطة من "هـ".
7 قلبت: ساقطة من "هـ".
8 في "هـ": كسوت. والسوت مخفف السوت وهو الخَفْق، من: سَأَتَه يسأَته سَأْتا, إذا خنقه حتى يموت. حكاه الجوهري عن أبي عمرو وأبي زيد "ينظر الصحاح: سأت: 1/ 250".

(2/685)


كلمتين كقوله تعالى: "إلى الهُدَاتِنا"1، 2 بقلب الهمزة ألفا، و"الذِيتُمِن"3، 4 بقلب الهمزة ياء، وكقوله تعالى5: "يقولُوذَنْ"6، 7, بقلب الهمزة واوا.
هذا حكم الهمزة الساكنة لغير الوقف.
وأما الساكنة للوقف إذا كان8 قبلها ساكن, فسيجيء9 الكلام عليها.
فإن10 كانت الهمزة متحركة؛ فإما أن يكون قبلها ساكن أو قبلها متحرك. فإن كان قبلها ساكن فإن كان ذلك الساكن واوا أو ياء وهما زائدتان لغير الإلحاق، قلبت الهمزة واوا أو ياء, وأدغمت فيها جوازا لا وجوبا كخَطِيّة ومَقْرُوّة وأُفَيِّس. فإن أصل خطية: خطيئة،
__________
1 سورة الأنعام: من الآية "71". وهي قراءة حمزة، حيث أبدل الهمزة ألفا بلا إمالة. "ينظر الإتحاف: 210".
2 في الأصل: {إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} وما أثبتناه من "ق"،"هـ".
3 في قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وإبدال الهمزة ياء ههنا عن ورش وأبي عمرو وأبي جعفر, وبه حمزة وجها واحدا. "ينظر الإتحاف: 167".
4 في الأصل: والذي اؤتمن, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في "ق": كقولك, وفي "هـ": كقولهم.
6 في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] وأبدل الهمزة واوا ساكنة وصلا ورش وأبو عمرو وأبو جعفر. "ينظر الإتحاف: 242".
7 في الأصل: {يَقُولُ ائْذَنْ} .
8 في الأصل: كانت, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
9 في الأصل: فيجيء, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
10 في "ق": وإن.

(2/686)


وأصل مقروة: مقروءة، وأُفَيِّس: "أفيئِس"1، تصغير أفؤس، جمع فأس؛ فقلبت الهمزة ياء في خطيئة، وأفيئس2 وأدغمت الياء في الياء، وقلبت الهمزة واوا3 في مقروءة، وأدغمت الواو4 في الواو.
وإنما أورد مثالين للذي يكون قبل5 الهمزة ياء؛ لأن الحركة قبل الياء في خطية مكسورة، وفي أفيس مفتوحة.
وقول النحويين: التزم قلب الهمزة ياء وإدغامها6 في نبي وبرية, غير صحيح7 لثبوت الهمزة فيهما في [بعض] 8 القراءات السبع، فإن نافعا9 يقرأ: "النبيء" بالهمز في جميع القرآن10،
__________
1 أفيئس: إضافة من "هـ".
2 في الأصل: أفياس, وفي "هـ": أفيس, وما أثبتناه من "ق".
3 في الأصل: ياء, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 الواو: ساقطة من "هـ".
5 في الأصل، "هـ": قيل, والصحيح ما أثبتناه من "ق".
6 في "هـ": وأدغمها.
7 في الأصل: غير صريح, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
8 لفظة "بعض" إضافة من المحقق.
9 هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء، أحد القراء السبعة، أصله من أصبهان، سكن المدينة وانتهت إليه رئاسة الإقراء فيها. أخذ القراءة عرضا في تابعي أهل المدينة مثل عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وأبي جعفر القارئ. روى عنه عيسى بن وردان ومالك بن أنس. مات في المدينة سنة 169هـ. "ينظر ترجمته في: غاية النهاية: 2/ 330، الإعلام 8/ 317".
10 ينظر النشر: 2/ 347، والإتحاف: 58.

(2/687)


ونافعا وابن ذكوان1 يقرآن: "البريئة"2 بالهمز3. وإذا كان كذلك فلو قيل: [قلب همزة نبي وبرية كثير] 4 لكان أولى.
وإن كان الساكن الذي قبل الهمزة المتحركة ألفا, جعلت الهمزة بين بين المشهورة؛ و5 هو أن تجعل الهمزة بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها، نحو: ساءل، ويُسائل، وقائل.
وإنما فعلوا ذلك؛ لتعذر نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وتعذر الإدغام، فلم يبق إلا بين بين.
[وإنما التزم بين بين] 6 المشهور لا الآخر7؛ لتعذر الآخر، لعدم حركة ما قبلها.
__________
1 هو عبد الله بن أحمد بن بشر "وقيل: بشير" بن ذكوان بن عمرو بن حسان بن داود حسنون بن سعد بن غالب بن نهر بن مالك بن النضير، أبو عمرو، وأبو محمد، القرشي الفهري الدمشقي الإمام الشهير, الراوي الثقة شيخ الإقراء بالشام وإمام جامع دمشق، أخذ القراءة عن أيوب بن تميم وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق. ولد يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومائة, وتوفي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شوال -وقيل: لسبع خلون منه- سنة اثنتين وأربعين ومائة. "ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء: 404, 405".
2 وذلك في قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6, 7] .
3 ينظر النشر: 2/ 403، والإتحاف: 59.
4 في "ق"، "هـ": كثر القلب في نبي وبرية.
5 الواو إضافة من "ق"، "هـ".
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
7 أي: بين بين البعيد.

(2/688)


وإن كان الساكن الذي قبل الهمزة المتحركة حرفا صحيحا أو معتلا غير الياء والواو1 الزائدتين للإلحاق2, وغير الألف المذكورة, تنقل3 حركة الهمزة إلى ذلك الحرف وتحذف الهمزة نحو مسألة؛ نقلت حركة الهمزة إلى السين4 وحذفت الهمزة5، ونحو: الخَبْء -لما خبئ- وشيء، وسَوْء لرجل سوء, وجيئل6 -للضبع- وحوأبة لموضع, واسم7 ماء، وسبع8, وأبو أيوب، وذو أمرهم، وابتغي أمره، وقاضو أبيك، تنقل9 حركة الهمزة إلى ما قبلها، وتحذف الهمزة، فيقال: الخبُ، وشيٌ، وسَوٌ، وجيَل، وحوَبة، وأبوَ يُّوب، وذُوَ مْرهم10 وابتغيَ مْره، وقاضوَ بيك.
قوله11: "وجاء باب: شيء وسوء مدغما" يعني: وجاءت الياء والواو "118" اللتان ليستا بزائدتين مشبهتين بالواو والياء
__________
1 في "هـ": الواو والياء.
2 في "هـ": لغير الإلحاق.
3 في "ق": ينقل.
4 في "هـ": العين.
5 فيقال: مسلة.
6 جيئل: اسم للضبع: على فَيْعَل، وهو معرفة بلا ألف ولام. قاله الجوهري في صحاحه "جأل": 4/ 1650.
7 في "هـ": أو اسم.
8 في "هـ": أو سبع.
9 في "ق": بنقل.
10 الواو ساقطة من "هـ".
11 قوله: ساقطة من "ق".

(2/689)


الزائدتين قي قلب الهمزة ياء إذا1 كان قبلها ياء, أو قلبها2 واوا إذا كان قبلها واو، وإدغام الياء في الياء في نحو شيّ3, وإدغام الواو في الواو نحو سوّ4.
لكن المشهور هو الأول، أي: نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وحذف الهمزة.
قوله: "والتُزم ذلك في باب: يَرَى، وَأرَى: يُرِي"؛ فإن يرى أصله: يَرْأَى؛ فنقلت حركة الهمزة إلى الراء وحذفت الهمزة فصار: يَرَى. وأصل أرى: يُرِي: أراي: يرئي من الإراءة؛ فنقلت حركة الهمزة إلى الراء وحذفت الهمزة، فصار: أرى يُرِي.
وإنما التزم الحذف فيه لكثرة استعمالهم إياه في كلامهم، بخلاف قولك: ينأى، مضارع: نأى, وأنأى، يُنئي؛ فإنه لم يلتزم5 حذفها فيه؛ لعدم كثرته في كلامهم كثرة: يرى، وأرى يُرِي.
وقيل: استعمل: أرأى، وأرأيته. رواه سيبويه عن أبي6 الخطاب7 عن العرب الموثوق بهم8.
__________
1 في "هـ": إذ.
2 في "ق": قبلها, "وفي "هـ": أو قبلها.
3 في الأصل: شيء, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 في الأصل: سؤ, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في الأصل: لم يلزم, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 لفظة "أبي" ساقطة من الأصل.
7 أبو الخطاب: هو عبد الحميد بن عبد المجيد، المعروف بالأخفش الكبير. أخذ اللغة والنحو عن يونس, مات ولم يعرف تاريخ وفاته. وذكره الزبيدي في الطبقة الرابعة من طبقات النحويين البصريين. "ينظر في ترجمته: طبقات النحويين واللغويين: 40، ومراتب النحويين: 23".
8 ينظر الكتاب: 3/ 546.

(2/690)


قوله: "وكثر في سَل".
أي: نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها, وحذف الهمزة كثر1 في سل لكثرته2.
أصل: "سل": اسأل؛ نُقلت حركة الهمزة إلى السين وحذفت الهمزة, فصار "اسَلْ"، ثم حذفت همزة الوصل3 استغناءً عنها بحركة ما بعدها.
ولما كان استعمال "سل" أكثر من استعمال "جر" الذي أصله "اجأرْ" ولم يبلغ كثرة يرى، وأرى يُرِي، لم يكثر حذف الهمزة من "اجأر" ولم يلتزم حذفها في "اسأل".
قوله: "وَإذَا وُقف4 عَلَى الْمُتَطَرِّفَةِ, وُقف بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ بعد التخفيف...."5.
اعلم أنه إذا وقف على الهمزة المتطرفة المتحركة في الوصل, وقف عليها بعد تخفيف الهمزة على ما يستحق من التخفيف لو كانت موصولة بما يقتضيه حكم6 الوقف في مثله7 من رَوْم أو إشمام8
__________
1 في "هـ": كثير.
2 في "هـ": فللكثرة.
3 في "ق": ثم حذفت الهمزة، أي: همزة الوصل.
4 في الأصل: وقفت, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 تكملة عبارة ابن الحاجب: "فَيَجيءُ فِي هَذَا الخَبُ وبَرِيّ ومقرُوّ السُّكُونُ وَالرَّوْمُ والإشْمَامُ, وَكَذَلِكَ شَيٌّ وَسَوٌّ؛ نَقَلْت أوْ أدغمت".
6 لفظة "حكم" ساقطة من "ق".
7 في مثله: ساقط من "ق".
8 في الأصل: وإشمام, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/691)


أو سكون، فإذا خففت1 همزة "الخبء" وهمزة "بريء" وهمزة "مقروء" على ما يقتضيه تخفيف الهمزة ههنا، جاز الوقف عليهما بعد التخفيف بالروم والإشمام والسكون؛ لأن تخفيف الخبء بتقدير الوصل إنما هو بنقل الحركة إلى الباء وحذف الهمزة، يبقى2 "الخَبُ" في الرفع, بباء مضمومة.
وإذا وقف على ما آخره حرف مضموم, جاز الوقف عليه بالروم والإشمام والسكون، على ما مر.
وتخفيف بريء، ومقروء في الرفع, بقلب الهمزة في بريء ياء وإدغامها في الياء، وفي مقروء، بقلب الهمزة واوا، وإدغامها في الواو، فصار في الرفع: بريّ بياء مشددة مضمومة، ومقروّ بواو مشددة مضمومة. وإذا وقف على مثله جاز الإسكان والروم والإشمام، كما مر.
وتخفيف شيء3، وسَوْء إنما يجوز بوجهين:
أحدهما: بنقل4 حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذف5 الهمزة، فيبقى: شَيٌ، وسَوٌ، والوقف على مثله في الرفع يجوز بالسكون والروم والإشمام.
__________
1 في "ق": خفف.
2 في الأصل، "هـ": بقي, وما أثبتناه من "ق".
3 في "ق"، "هـ": وتخفيف الهمزة في شيء.
4 في "هـ": بانتقال.
5 في "هـ": ثم حذفت.

(2/692)


والثاني: بقلب الهمزة في شيء ياء وإدغامها في الياء، وبقلب الهمزة في سوء واوا1 وإدغامها في الواو، فصار: شيٌّ، [و] 2 سوٌّ, والوقف3 على مثله جاز بالإسكان والروم والإشمام.
قوله4: "إلا أن يكون ما قبلها [ألفا5...."6 إلى آخره] 7.
أي: إذا كانت الهمزة متحركة بعد ألف كقراء، فالقياس في تخفيف همزتها أن تجعل بين بين -كما مر- وإذا كانت8 كذلك كان الوقف عليها بعد التخفيف بالروم، محافظة على بين بين, وهو حال9 الوصل. وأشار إليه بقوله: "فإن وُقِف بالروم فالتسهيل".
أي: فإن وقف عليها بالروم, كان الوقف عليها بالتسهيل "119" أي:
__________
1 واوا: ساقطة من "ق".
2 و: إضافة من "ق".
3 في "هـ": والموقوف.
4 قوله: موضعها بياض في "هـ".
5 في النسخ الثلاث: ألف, والصحيح ما أثبتناه.
6 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "إلاَّ أنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا ألِفاً إذَا وُقِفَ بالسُّكونِ وجَبَ قَلْبُهَا ألِفاً؛ إذْ لاَ تقل، وَتَعَذَّرَ التَّسْهِيلُ، فَيَجُوزُ الْقَصْرُ والتَّطْوِيلُ، وَإنْ وُقِفَ بالروم فالتسهيل كالوصل. وإن كان قبلها متحرك فتسع: مفتوحة وما قبلها الثَّلاَث، وَمَكْسُورَةٌ كَذَلِكَ, وَمَضْمُومَةً كَذَلِكَ، نَحْوُ سَألَ ومائة ومؤجل وسلم ومستهزئين وسئل ورءوف و"مستهزئون" ورءوس؛ فَنَحْوُ مُؤَجَّلٍ وَاوٌ، ونَحْوُ مِائَةٍ يَاءٌ، وَنَحْوُ "مستهزئون" وسئل بين بين المشهور، وقيل: البعيد، والباقي بين بين المشهور". "الشافية، ص11".
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
8 في "هـ": كان.
9 في "هـ": حالة.

(2/693)


بين بين, كما كان تخفيف الهمزة حالة الوصل بين بين ولم يوقف عليها بالإسكان والإشمام؛ لتعذرهما مع بين بين, فإذا1 أردت الوقف عليها بالإسكان ولم تراع بين بين وجب قلب الهمزة ألفا؛ لأنه يمتنع2 نقل حركتها إلى ما قبلها لوجود الألف قبلها ويمتنع التسهيل، وهو بين بين، مع إسكان الهمزة.
وإنما وجب قلب الهمزة ألفا لوجود الألف قبلها ووجوب قلب الهمزة حرفا من جنس حركة ما قبل الألف، فاجتمع ألفان؛ الألف التي قبل الهمزة والألف التي هي بدل عن الهمزة، وحينئذ منهم من يقصر الاسم3 حال الوقف بحذف أحد الألفين؛ لاجتماع الساكنين, ومنهم من يمد الاسم4 لإمكان الجمع بين الألفين الساكنين5 بالمد, ومنهم من يمد أطول من المد لألفين؛ نظرًا إلى المد الذي كان بين الألف والهمزة قبل قلب الهمزة ألفا، فيجمع الألف الذي6 قبل الهمزة والألف الذي هو7 يدل على الهمزة والمد الذي كان بين الألف والهمزة قبل قلب الهمزة ألفا8.
__________
1 في "ق": فإن.
2 في "ق": ممتنع.
3 في "هـ": الألف.
4 في "هـ": الألف.
5 الساكنين: ساقط من "هـ".
6 في "ق": التي.
7 في النسخ الثلاث: التي هي, والأنسب للمعنى ما أثبتناه.
8 ألف: ساقط من "هـ".

(2/694)


قوله: "وإن كان قبلها متحرك" قسيم1 لقوله: "وإن2 كان قبلها ساكن".
أي: فإن3 كان قبلها متحرك4 فالهمزة تنقسم بحركة ما قبلها إلى تسعة أقسام؛ ثلاثة منها أن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها الحركات الثلاث، أعني: الفتحة والضمة والكسرة5 نحو: سأل ومائة ومؤجل, وثلاثة منها أن تكون الهمزة مكسورة وقبلها6 الحركات الثلاث، نحو: سَئِم، ومستهزئين، وسئل, وثلاثة منها أن تكون الهمزة مضمومة وقبلها الحركات الثلاث، نحو: رءوف، ومستهزئون, ورءوس.
وإذا7 عرفت ذلك؛ فنقول: الهمزة المفتوحة إن كان قبلها ضمة نحو "مؤجل" قلبت واوا؛ لكراهتهم أن تجعل الهمزة بين بين؛ لأنهم لو جعلوها بين بين قرُبت8 من الألف وقلبها ضمة، فكره أن تكون الضمة قبل ما يشبه الألف.
وإن كان قبلها كسرة قُلبت ياء نحو مائة؛ لكراهتهم الكسرة قبل ما يشبه الألف لو جعلت بين بين.
__________
1 في الأصل، "هـ": قسم، وما أثبتناه من "ق".
2 في "ق": وإن.
3 في "ق": وأن.
4 في الأصل: ساكن, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في الأصل "هـ": أعني الضمة والفتحة والكسرة, وما أثبتناه من "ق".
6 في الأصل: قبلها.
7 في "هـ": فإذا, وفي الأصل: إذا, وما أثبتناه من "هـ".
8 في الأصل: قريبا, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/695)


والهمزة1 المضمومة إن كان قبلها كسرة نحو: مستهزئون، والهمزة المكسورة إذا كان2 قبلها ضمة نحو سئل، ففيها3 الخلاف؛ فالمشهور أن تجعل بين بين المشهور، وهو أن يجعل الهمزة بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها؛ فتكون همزة "مستهزئون" بين الهمزة والواو, وهمزة "سئل" بين الهمزة والياء.
وقيل: يجعل الهمزة بين بين البعيد؛ أعني: بين بين الشاذ، وهو أن يجعل الهمزة بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها, فتكون4 همزة: مستهزئون بين الهمزة والياء، و5 همزة: سئل بين الهمزة والواو.
وبعضهم يقلب الهمزة في نحو: مستهزئون ياء محضة, وفي نحو6 سئل واوا محضة. وأما البواقي بعد إخراج نحو: مؤجل، ومائة، ومستهزئون، وسئل, وهي خمسة أقسام؛ فتخفيف الهمزة فيها بين بين المشهور.
قوله: "وجاء مِنْسَاة وسال و [نحو] 7 الواجي وصلا....8".
__________
1 في "هـ": فالهمزة.
2 في "هـ": كانت.
3 في الأصل: ففيهما, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 فتكون ساقطة من "هـ".
5 الواو ساقطة من "هـ".
6 نحو: ساقطة من "ق".
7 لفظة "نحو" إضافة من "ق"، ومن الشافية.
8 وتكملة عبارة ابن الحاجب: "وأما: يشجج رأسه بالفهر واجي فعلى القياس، خلافًا لسيبويه". "الشافية، ص11".

(2/696)


أي: وجاء1: منساة، عن منسأة، وسال، عن قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} 2, 3, والواجي من الواجئ، في حال الوصل، بقلب الهمزة حرف لين4 من جنس حركة ما قبلها، وهذا ليس بقياس؛ لأن القياس في هذه الصورة5 حالة الوصل هو جعل الهمزة بين بين المشهور، لا إبدالها ألفا في منساة، وسال، ولا ياء في الواجي.
وقال ابن مالك -رحمة الله عليه6-: ليس سال7 في القراءة8 مخففا من سأل, وإنما هو مثل هاب9، أي: سال هذا معتل العين, مرادف لسأل -مهموز العين- لأنهم يقولون: سلت تسأل نحو: هبت تهاب، بمعنى: سألت تسأل.
__________
1 لفظة جاء ساقطة من "هـ".
2 سورة المعارج: الآية "1". وقرأها نافع وابن عامر وأبو جعفر، بلا همز بوزن قال وهي لغة قريش، فهو من السؤال أبدلت همزته على غير قياس، وكان القياس بين بين، أو من السيلان فألفه عن ياء كباع. وقرأها الباقون بالهمز من السؤال فقط، وهي اللغة الفاشية.
"ينظر الإتحاف: 423".
3 في "هـ": اكتفى بجزء الآية موضع الظاهرة.
4 في "هـ": حرفا.
5 في "ق": في الهمزة المتحركة, المتحرك ما قبلها.
6 ما بين الشرطتين إضافة من "هـ".
7 سورة المعارج: من الآية "11".
8 أي: قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر, وقيل: إنها لغة قريش. "ينظر النشر 2/ 390, والإتحاف: 423".
9 ينظر الكافية الشافية: 4/ 2108.

(2/697)


وأما الواجي "120" في قول عبد الرحمن بن حسان:
"25"
وَكُنْتُ أذَلَّ مِنْ وتد بقاع ... يشجج رأسه بالفهْرِ وَاجي1
فعلى القياس؛ لأن الهمزة سكنت للوقف، فصارت الهمزة ساكنة ما قبلها مكسورة, وقياسها أن تقلب ياء محضة كبيرة، خلافا لسيبويه، فإنه أنشده فيما جاء من التخفيف الخارج عن القياس2، وهو ضعيف لما ذكرناه3.
__________
1 هذا بيت من الوافر، قاله عبد الرحمن بن حسان بن ثابت يهجو عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي, وقبله:
وَأمَّا قَوْلُكَ الْخُلَفَاءُ مِنَّا ... فَهُمْ مَنَعُوا وريدك من وداجي
ولولاهم لَكُنْتَ كَحُوتِ بَحْرٍ ... هَوَى فِي مُظْلِمِ الْغَمَرَاتِ داجي
ينظر في البيت: الكتاب: 3/ 555، والمقتضب: 1/ 166، والمحتسب 1/ 81، والخصائص: 3/ 152، والمنصف: 1/ 76، والأضداد في اللغة: 209، والمفصل: 350، وشرح ابن يعيش: 9/ 114، والإيضاح في شرح المفصل: 2/ 341، وشرح شواهد الشافية: 341، واللسان "وجأ": 6/ 4766.
والشاهد في قوله "الواجي"؛ فأصله الواجئ، فسكنت الهمزة للوقف وما قبلها مكسور، فقلبت ياء قياسا, خلافا لسيبويه.
2 ينظر الكتاب: 3/ 555.
3 واعترض ابن الحاجب في شرح المفصل، وقال: "وأصله: واجئ، فقلبت الهمزة ياء, وقد أنشده سيبويه أيضا على مثل ذلك، وهو وهم عندي، فإن هذه الهمزة موقوف عليها، فالوجه أن تسكن لأجل الوقف, وإذا سكنت دبرها حركة ما قبلها، فيجب في التسهيل أن تقلب ياء، فليس لإيرادهم لها فيما خرج عن القياس من إبدال الهمزة حرف لين وجه مستقيم....". "الإيضاح في شرح المفصل6: 2/ 341".

(2/698)


والفهر: الحجر1.
والواجي: الداقّ2.
قوله: "والتزموا خُذْ وكُلْ على غير القياس للكثرة...."3.
اعلم أن قياس باب خذ وكل أن يقال فيه: اأْخُذ واأْكُل4، كما يقال: اأخر؛ اأشر، اأْلَم، من: أجر العظم يأجر5، وأشر يأشر, إذا بطر6، وألم يألم, إذا7 وجع8.
وأصلهما: اأخُذ، واأكُل9، [لكنه] 10 لما كثر استعمالهما حذفت الهمزة الأصلية تخفيفا للكثرة دون همزة الوصل؛ لكونها العلامة11, ثم استُغني عن همزة الوصل لتحرك ما بعدها، فحذفت، فقيل: خذ وكل.
__________
1 الصحاح "فهر: 2/ 784".
2 الواجئ: اسم فاعل من: وجأ التيس وجْئا ووجاء: إذا دق عروق خصيتيه بين حجرين من غير أن يخرجهما. "ينظر اللسان "وجأ": 6/ 4766".
3 تكملة عبارة ابن الحاجب: "وَقَالُوا: مُرْ، وَهُوَ أفْصَحُ مِنْ اؤْمُرْ، وَأَمَّا وأمر فأفصح من ومر". "الشافية، ص 11".
4 في "ق": أوكل.
5 أي: برأ على عثم, حكاه الجوهري عن الأصمعي. "ينظر الصحاح "أجر": 2/ 576".
6 ينظر المصدر السابق "أشر": 2/ 579.
7 إذا: ساقطة من "هـ".
8 ينظر الصحاح "ألم": 5/ 1863.
9 في "هـ": واأكل.
10 لكنه: إضافة من "ق".
11 في الأصل: العلامة, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/699)


وقالوا في الأمر من أمر يأمر: مُرْ، واأمُر1 بحذف الهمزة وبقائها؛ لأنه كثر استعماله، ولم يبلغ في الكثرة مبلغ كل وخذ، فجعل له حكم متوسط وهو جواز الأمرين, إلا أن "مر" أفصح "عند الابتداء به، واأمر2 أفصح3" عند الوصل بما قبله؛ لأنه إذا قيل: واأمر لم يكن ثقيلا؛ لعدم اجتماع الهمزتين؛ لأنه حذفت همزة الوصل، للاستغناء عنها بما تقدم.
قوله4: "وإذا خُفِّفت5 همزة6 باب الأحمر ... "7 إلى آخره.
[أي] 8: إذا نقل حركة الهمزة في باب الأحمر إلى لام التعريف وحذفت الهمزة, جاز ألا تحذف همزة الوصل -وهو الأكثر- لكون حركة اللام عارضة، فيقال: الَحْمَر، وجاز أن تحذف همزة الوصل لتحريك ما بعدها -وهو اللام- فيقال: لَحْمَر.
__________
1 في الأصل: وأمر, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في الأصل: وأمر, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 قوله: موضعها بياض في "هـ".
5 في الأصل: خفف.
6 لفظة "همزة" إضافة من "ق".
7 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وإذا خُففت همزة بَابُ الأَحْمَرِ، فَبَقَاءُ هَمْزَةِ اللاَّمِ أَكْثَرُ، فَيُقَالُ: الَحْمَر ولَحْمَر، وَعَلَى الأَكْثَرِ قِيلَ: مِنَ لَحْمر، بِفَتْحِ النُّونِ، وفِلَحمر، بِحَذْفِ الْيَاء، وَعَلَى الأَقَلِّ: "عاد لولَى"، ولم يقولوا: اسَلْ، ولا: اقُلْ لاتحاد الكلمتين". "الشافية، ص11".
8 لفظة "أي" إضافة من "ق"، "هـ".

(2/700)


وإنما اعتد بحركة اللام على هذه اللغة, ولم يعتد بها في نحو: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ} 1؛ لأن اللام2 في لحمر صار مع المعرف كالجر لفظا؛ لكونه حرفا واحدا متصلا به، ومعنى لصيرورته مع ما بعده لمعنى غير مدلول عليه3 ما بعده؛ لأنهما صارا لواحد معين بعد أن كان ما بعده بدونه لواحد لا بعينه، فلما كانت كالجزء أشبهت حركة سل.
والأظهر أن باب الاستغفار والاقتدار كباب الأحمر في جواز: الستغفار، والقتدار4.
وعلى الأكثر إذا دخل من أو في على الحمر، قِيلَ5: مِنْ لَحْمَرِ بِفَتْحِ النُّونِ, وَفِلَحْمَرِ بِحَذْفِ الياء لالتقاء الساكنين؛ لأن اللام في حكم الساكن.
وعلى الأقل: من لحمر بسكون النون، وفي لحمر بإتيان الياء.
وعلى الأقل جاءت6 قراءة أبي عمرو ونافع7 "عادَ لُّولى8" لأن أصله: {عَادًا الْأُولَى} 9, فلما نقلت حركة الهمزة إلى اللام كانت
__________
1 سورة البينة: من الآية 1.
2 في "هـ": اللين.
3 عليه: ساقط من "ق".
4 في "هـ": وعلى القتدار.
5 في "هـ": يقال.
6 في "هـ": جاء.
7 ووافقهما أبو جعفر ويعقوب. ينظر النشر: 1/ 404، والإتحاف: 60، وينظر كذلك: التكملة للفارسي: 45، والكشاف: 4/ 42.
8 سورة النجم: من الآية "50".
9 كما عليه قراءة الباقين.

(2/701)


اللام في حكم المتحرك على هذه اللغة، فيبقى التنوين ساكنا على حاله ولم يحرك لالتقاء الساكنين [لعدم التقاء الساكنين1، حينئذ فتدغم النون في اللام على ما هو القياس.
وأما على اللغة الكثيرة, فكانت2 اللام في حكم الساكن، فيلتقي ساكنان: التنوين ولام التعريف, فيجب كسر التنوين لالتقاء الساكنين] 3.
قوله4: "وَلَمْ يَقُولُوا: اِسَلْ، وَلاَ اقُل لاتِّحَادِ الْكَلِمَةِ".
هذا جواب عن سؤال مقدر، وتقدير السؤال: أن سل أصله: اسأل، فنقلت حركة الهمزة إلى السين وحذفت الهمزة، وأصل قل: أقول؛ فنقلت حركة الواو إلى القاف، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فحذفت همزة الوصل في: اسَلْ واقُل، اعتدادًا بالحركة العارضة، ولم تحذف الهمزة في: الحْمَر؛ لعدم الاعتداد بالحركة العارضة على اللام. والفرق "121" مشكل لكون كل واحدة من الحركتين عارضة.
والجواب عنه بالفرق: أما أولًا: فلاتحاد كلمة [الحرف المنقول عنه] 5 والحرف المنقول إليه في: اسل واقل، بخلاف الحمر؛ فإن الحرف المنقول إليه [لام التعريف6] وهو غير كلمة الحرف المنقول
__________
1 لعدم التقاء الساكنين: ساقط من "هـ".
2 في الأصل: فكان, وفي "هـ": وكانت, وما أثبتناه من "ق".
3 ما بين المعقوفتين تكرر في "ق".
4 قوله: موضعها بياض في "هـ".
5 ما بين المعقوفتين تكرر في "ق".
6 في الأصل: وهو لام التعريف.

(2/702)


عنه، فالحركة في مثل اسل واقل كاللازمة.
وأما ثانيًا1: فلأن نقل حركة ما بعد لام التعريف إلى لام التعريف غير غالب، ونقل الحركة في مثل اسأل واقول إلى ما قبلها غالب بل واجب، فيصير مثل2 حركة السين والقاف في اسَلْ واقُلْ كاللازمة.
اعلم3 أن الأخفش حكى عن بعض العرب اسَلْ في سَلْ؛ لعدم الاعتداد بحركة السين لعروضها4.
ولقائل أن يقول: ما ذكرتموه منقوض بالأمر من جأَر ورؤُف؛ فإنك تقول: اجْأَرْ وارْؤُفْ، فإذا نقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها وحذفت الهمزة, جاز إبقاء همزة الوصل وجاز حذفها، نحو: اجَرْ وارُفْ، وجَرْ ورُفْ؛ لأنهما مثل سَلْ.
ويمكن أن يجاب عنه بأن علة وجوب حذف همزة الوصل في سل ما ذكرناه ثمة مع كثرة الاستعمال, وكثرة الاستعمال منتفية5 في أمر: جار ورؤُف.
__________
1 في "هـ": ثانيها.
2 لفظة "مثل" ساقطة من "هـ".
3 في "هـ": وأعلم.
4 حكاه المبرد عن الأخفش، ثم قال معترضًا: "وهذا غلط شديد؛ لأن السين متصرفة كسائر الحروف، وألف الوصل لا أصل لها، فمتى وجد السبيل إلى إسقاطها سقطت, واللام مبنية على السكون لا موضع لها غيره. فأمرهما مختلف؛ ولذلك لحقتها ألف الوصل مفتوحة مخالفة لسائر اللغات". "المقتضب: 1/ 254".
5 لفظة "منتفية" ساقطة من "هـ".

(2/703)


[تخفيف الهمزتين المجتمعتين] :
قوله: "والهمزتان في كلمة [إن سكنت الثانية ... "1 إلى آخره] 2.
أي: إذا اجتمعت الهمزتان في كلمة واحدة، فإن كانت الهمزة الثانية ساكنة وجب قلب الهمزة الثانية حرفا من جنس حركة3 ما قبلها كآدم، ايت, أُوتُمن، في: أَأْدم، وائْتِ, وأُأْتُمن؛ طلبًا للتخفيف.
قوله: "وليس آجر منه"4.
أي: [و] 5 ليس آجر مما اجتمع فيه همزتان ثانيتهما ساكنة، فقلبت الثانية ألفا؛ لأن آجَرَ فاعل، لا أفعل كما توهمه بعضهم؛ فإنه توهم أن آجَرَ أصله: أأجر، فقلبت الثانية ألفا6.
__________
1 تكملة عبارة ابن الحاجب:..... وجب قلبها كآدم وايت وأوتمن، وَلَيْسَ آجَرَ مِنْهُ لأَنَّهُ فَاعَلَ، لاَ أَفْعَلَ؛ لِثُبُوتِ يُؤَاجِرُ. ومِمَّا قُلْتُهُ فِيهِ:
دَلَلْتُ ثَلاَثاً على أن يوجر ... لاَ يَسْتَقِيمُ مُضَارِعَ آجَرْ
فِعَالَةُ جَاءَ وَالإِفْعَالُ عز ... وصحة آجر تمنع أجر
"الشافية، ص11".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
3 لفظة "حركة" مطموسة في "هـ".
4 منه: ساقطة من "هـ".
5 و: إضافة من "ق", و"ليس" مطموسة في "هـ".
6 قال الزمخشري في مادة "أجر": "أجرك الله على ما فعلت، وأنت مأجور عليه, وآجرني فلان داره فاستأجرتها، وهو مُؤْجِر، ولا تقل: مُؤَاجِر، فإنه خطأ وقبيح، وليس آجر الأجير مؤاجرة، كقولك: شاهره وعاومه، وكما يقال: عامله وعاقده. وتقول: طلب الأجرة, فأعطاه الآجُرَّة". "أساس البلاغة: 12".

(2/704)


وإنما قلنا: إنه فاعل لا أفعل؛ لأن مضارعه يجيء على وزن يؤاجر، كآخذ يؤاخذ، فكما أن الألف في آخذ ليست مقلوبة عن همزة بل هي ألف فاعل، كذلك ألف آجر.
قوله: "ومما قلته [فيه] 1".
أي: ومما قلته2 في أن آجر فاعل لا أفعل, هذان البيتان وهما:
"26"
دللت ثلاثا على أن يوجر ... لاَ يَسْتَقِيمُ مُضَارِعَ آجَرْ
فِعَالَةُ جَاءَ وَالإِفْعَالُ عز ... وصحة آجر تمنع أجر3
أي: دللت ثلاثا على أن آجر فاعل لا أفعل، فعبر عنه بلازمة لأن كون آجر فاعل, يستلزم ألا يكون يُوجر مضارع آجر؛ لأن يوجر لا يكون إلا مضارع أفعل.
استدل على أن آجر فاعل، ليس أفعل، بدلائل ثلاثة:
أحدها: أن مصدر آجر جاء على إجارة، وفعالة يكون مصدر فاعل لا أفعل نحو: كاتبه كتابة وكتابا, وكتابة للفرد، وكتابا للجنس. فآجر فاعل لا أفعل؛ لأن صحة كون آجر فاعل يمنع كونه أفعل؛ لأن الأصل [عدم اشتراك اللفظ بين الوزنين] 4.
__________
1 فيه: إضافة من "ق".
2 في "ق": قلت.
3 البيتان لابن الحاجب في الشافية ص11، وفي شرح الرضي: 3/ 52.
4 في "ق": عدم الزيادة.

(2/705)


والثاني: أن آجر لو كان أفعل لكان مصدره إيجارا؛ لأن مجيء مصدر أفعل على إفعال قياس مطرد، لكنه لا يجيء مصدر آجر على إيجار.
والثالث: أنه جاء آجر يؤاجر، وهو فاعل يفاعل. وإذا صح مجيء آجر على وزن فاعل منع مجيئه على وزن أفعل؛ لأن "فاعل" لا بد له من أصل ثلاثي لا رباعي، نحو: كاتب من كتب, وقاتل من قتل، وهو قياس مطرد.
وإذا كان كذلك وجب أن يكون أصل آجر من "أجر" أي: فعل, لا "آجر" أي: أفعل.
ولقائل أن يقول: في الكل نظر، أما في الأول؛ فلأنه يدل "122" على أن آجر الذي مصدره إجارة فاعل، ولا يلزم منه ألا يكون آجر أفعل البتة؛ لجواز أن يكون مشتركا بين فاعل وأفعل، ومصدر الأول فِعَالة, ومصدر الثاني إِفْعال. وقد يخالف الأصل لدليل, وهو مجيء المضارع على يؤجر، والمصدر على إيجار.
وأما في الثاني: فلأنا لا نسلم أنه لا يجيء مصدره على إيجار، فإن صاحب كتاب المحكم1 حكى: آجرت المرأة البغيّ نفسها إيجارا2.
__________
1 هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي، المرسي، الضرير، المعروف بابن سيده، عالم بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بعلومها. توفي لأربع بقين من ربيع الآخر "458هـ". من تصانيفه: المحكم والمحيط الأعظم في لغة العرب, شرح الحماسة لأبي تمام، الوافي في علم القوافي، شرح إصلاح المنطق. ينظر في ترجمته: معجم الأدباء: 12/ 231-235، وفيات الأعيان: 11/ 431, وإنباه الرواة: 2/ 223, وبغية الوعاة 327، والشذرات: 3/ 305, 306".
2 ينظر المحكم, مادة "أجر".

(2/706)


وأما قوله1: "والإفعال عَزَّ" فإن أراد به أنه لم يوجد فممنوع, وإن أراد به أنه قليل فمسلم ولا يحصل به مطلوبه.
وأما في الثالث: فلأنا لا نسلم أنه لا بد لفاعل من ثلاثي، وأنه قياس مطرد.
والحق أن آجر2 مشترك بين فاعل وبين أفعل.
حكى ابن القطاع في كتاب الأفعال من كتاب الأبنية أنه يقال: آجره الله أجرا، وآجره يؤجره، وأجرت المملوك والأجير، وآجرته اؤجره: أعطيته أجره.
وهو ظاهر في أن آجر بالمعنى المذكور أفعل لا فاعل؛ لأن يؤجر لا يكون مضارعا لغير أفعل. وأما آجرت الدار والدابة ونحوهما ففيه لغتان، إحداهما: أنه فاعل، [والمضارع منه] 3 يؤاجر، والأخرى4: أفعل, والمضارع منه يؤجر.
والذي يدل عليه قول صاحب المحكم: وآجرت المرأة البغي نفسها مؤاجرة وإيجارا؛ أي: أباحتها بأجرة. فهذا من قبيل: آجرت الدار، مع أنه جاء له مصدران، فالمؤاجرة مصدر فاعل، والإيجار مصدر أفعل.
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 أن آجر: ساقط من "هـ".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 والأخرى: ساقط من "هـ".

(2/707)


قوله: "وإن تحركت [وسكن ما قبلها...."1 إلى آخره] 2.
أي: وإن اجتمعت همزتان في كلمة وتحركت الهمزة الثانية وسكن3 ما قبلها، فإن كانت الهمزة عينا ثبتت كـ "سئّال" و"جئّار"؛ "لأن"4 الأولى "لا"5 تكون مدغمة في الثانية حينئذ، والإدغام لا يمكن معه التسهيل، ولأنه6 لو سُهِّلت لم يعلم أنه فعال أو فعّال.
وإن كانت الهمزة لاما قلبت ياء كـ "قِرَأْي" نحو: قِمَطْر؛ من: قرأ, فإن نحو هذا تتحصن الهمزة الثانية منه بالإدغام، ولا يجوز أن يقال: قرَّاء، كما يقال: سئَّال.
وإن تحركت الهمزة الثانية وتحرك ما قبلها -أي: الهمزة الأولى- وجب قلب الهمزة الثانية ياء إن انكسر ما قبلها، نحو: جاءٍ وشاءٍ، وانكسرت الهمزة الثانية نحو: أيِمَّة. وإن لم ينكسر ما قبلها ولم تنكسر هي -أي: الهمزة الثانية- انقلبت الهمزة الثانية واوا.
وأشار إليه بقوله: "وواوا في غيره" أي: انقلبت7 الهمزة
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَإنْ تَحَرَّكَتْ وَسَكَنَ مَا قَبْلَهَا كَسَئّالٍ تَثْبُتُ، وَإِنْ تَحَرَّكَتْ وَتَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا قَالُوا: وَجَبَ قَلْبُ الثَّانِيَةِ يَاءً إنِ انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا أَوِ انْكَسَرَتْ، وَوَاواً فِي غَيْرِهِ نَحْوُ: جَاءٍ وأيِمة وأُوَيْدِم". "الشافية، ص11".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
3 في "هـ": وسكون.
4 في الأصل: كان, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في الأصل: أن, ولا: ساقطة من "ق".
6 في "هـ": ولأن.
7 في "ق": انقلب.

(2/708)


الثانية واوًا في غير الهمزة المكسور ما قبلها نحو أُوَيْدم في تصغير: آدم، ونحو: أوادم في جمع آدم.
اعلم أن أصل جاءٍ: جائئ عند1 غير الخليل، فكره اجتماع الهمزتين، فقلبت الهمزة الثانية ياء فصار: جائيٌ، ثم أعل إعلال قاضٍ.
وإنما قلنا: عند غير الخليل؛ لأن أصله عند الخليل: جايءٌ، بالقلب2 كما مر، فلم يكن من هذا الباب.
وأصل أَيِمَّة: أَإِمَّة؛ لأنه جمع إمام, وأصل أإمة: أَأْمِمَة؛ نقلت حركة الميم إلى الهمزة عند قصد [إدغام الميم الأولى في الميم الثانية3] فصار أَإِمَّة، فكره اجتماع همزتين4، فقلبت الهمزة الثانية ياء؛ لمناسبة الياء الكسرة.
وإذا5 صغرت آدم قلت: أُوَيْدم، أصله: أُأَيْدم؛ فكره اجتماع الهمزتين6, فقلبت الهمزة الثانية واوا؛ [لمناسبة الواو الضمة التي قبلها.
وإذا جمعت آدم جمع التكسير] 7 قلت: أَوَادِم، أصله: أَأَادِم، على وزن أفاعل، فكره اجتماع همزتين "123"، فقلبت الهمزة الثانية واوا، كما قلبت الواو همزة في كثير من المواضع.
__________
1 لفظة "غير": ساقطة من "هـ".
2 حكاه سيبويه في الكتاب: 3/ 549، واختاره سيبويه "السابق: 3/ 552".
3 في "ق": الإدغام, موضع ما بين المعقوفتين.
4 في "هـ": الهمزتين.
5 في الأصل: فإذا, وما أثبتناه من "ق".
6 في "ق"، "هـ": همزتين.
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".

(2/709)


قوله: "ومنه خطايا1....."2 إلى آخره3.
أي: والخطايا في التقدير الأصلي، مما اجتمع فيه همزتان ثانيتهما متحركة وأولاهما مكسورة، فقلبت الثانية ياء خلافا للخليل؛ لأن أصله عند سيبويه خطايئ4 فقلبت5 الياء همزة، فصار: خطائئ باجتماع همزتين6: الأولى هي التي بدل من الياء، والثانية الهمزة التي هي7 لام الكلمة، ثم أبدلت الثانية ياء فصار: خطائي، ثم عمل به ما عمل بمطايا، كما يجيء، حتى صار: خطايا.
وإنما قيد التقدير بالأصلي؛ لأن "خطائي" -بالهمزة ثم بالياء بعدها- تقديره أيضا، لكن ليس تقديره الأصلي [بل خطائئ بالهمزتين تقديره الأصلي] 8. وبالحقيقة هذا أيضا ليس تقديره الأصلي بل خطايئ -بالياء ثم بالهمزة- تقديره الأصلي، إلا أن "خطائئ" بالهمزتين أصلي9 بالنسبة إلى خطائي بالهمزة، ثم بالياء بعدها.
__________
1 في الأصل، "ق": الخطايا, وما أثبتناه من "هـ" والشافية.
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَمِنْهُ خَطَايَا فِي التَّقْدِير الأَصْلِيِّ، خِلاَفاً لِلْخَلِيل". "الشافية، ص11".
3 إلى آخره: ساقطة من "هـ".
4 ينظر الكتاب: 3/ 553.
5 في "ق": قلبت.
6 في "هـ": الهمزتين.
7 في "ق"، "هـ": "تلي" موضع "هى".
8 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
9 في "هـ": أصل.

(2/710)


وأما أصل خطايا عند الخليل فخطايئ، ثم قلبت اللام إلى موضع العين؛ لئلا تجتمع همزتان، فصار: خطائي، ثم حذفت الضمة عن1 الياء، وقلبت الهمزة ياء مفتوحة والياء ألفا، فصار: خطايا.
وكلا المذهبين حسن، إلا أن مذهب سيبويه أقيس وأصح؛ لما سمع عن العرب الموثوق بعربيتهم "اللهم اغفر لي خطائئي" بتحقيق الهمزتين2، فلو كانت خطايا مقلوبة كما زعم الخليل، لقيل: خطائي, بهمزة واحدة لا غير.
قوله: "وَقَدْ3 صَحَّ التَّسْهِيلُ وَالتَّحْقِيقُ4 فِي نَحْوَ أيمَّةٍ".
أي: قد صح تسهيل الهمزة وتحقيقها في أيمة.
اعلم أن النحاة قالوا: إن قلب الهمزة ياء في نحو: أيمة ملتزم5, فقال المصنف: هذا القول منهم غير صحيح؛ لأنه ثبت في القراءات السبع تسهيل هذه الهمزة -أي: جعلها بين بين- وتحقيقها6،
__________
1 في "هـ": من.
2 في المفصل، ص351: "وقد سمع أبو زيد من يقول: اللهم اغفر لي خطائئي, همزها أبو السمح ورداد ابن عمه، وهو شاذ" ا. هـ.
3 لفظة "قد" ساقطة من الأصل، ومن "هـ".
4 والتحقيق: ساقط من "ق".
5 ينظر المفصل، ص351، والنشر: 1/ 374.
6 قال الزمخشري في الكشاف "2/ 251" عند تفسيره الآية "12" من سورة التوبة: "فإن قلت: كيف لفظ أئمة؟ قلت: همزة بعدها همزة بين بين؛ أي: بين مخرج الهمزة والياء. وتحقيق الهمزتين قراءة مشهورة، وإن لم تكن بمقبولة عند البصريين. وأما التصريح بالياء فليس بقراءة، ولا يجوز أن تكون قراءة، ومن صرح بها فهو لاحن محرف" ا. هـ. وقال ابن الجزري ردا على كلام الزمخشري السابق: "وهذه مبالغة منه, والصحيح ثبوت كل من الوجوه الثلاثة، أعني: التحقيق, وبين بين، والياء المحضة عن العرب، ولكل وجه في العربية سائغ قبوله, والله تعالى أعلم". "النشر: 1/ 375".

(2/711)


والقراءات السبع متواترة, وإن قلنا: إنها ليست بمتواترة فلا أقل1 من أن تكون أخبار آحاد, عدول في قبول اللغة عنهم.
وأجيب عنه بأن مراد النحاة بأن قلب هذه الهمزة ياء2 ملتزم أنه قياس, وما خالفه شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وهو لا يخالف مجيء خلافه في القراءات السبع؛ لجواز أن يكون شاذا مخالفا للقياس.
قوله3: "والتُزم في باب أُكرِمُ حذف الثانية, وحُملت عليه أخواته".
أي: و4 التزم حذف الهمزة الثانية من باب مضارع أُفْعِل5 إذا كان للمتكلم، نحو: أُكْرِم؛ كراهة اجتماع الهمزتين فيما كثر بابه.
وإنما حذفت الثانية لا الأولى؛ لأن الأولى للعلامة؛ ولأن ضمة الأولى تدل على المحذوف؛ ولأن الاستثقال إنما جاء من الثانية، ثم حذفت الهمزة الثانية في أخواته، وهي: تُكرِم وتُكرم ويُكرِم وإن لم يجتمع همزتان؛ حملًا على أكرم؛ اطرادًا للباب.
قوله: "وقد التزموا قلبها6 مفردة [ياء مفتوحة في باب مطايا] 7".
__________
1 في "هـ": فلا أقبل.
2 لفظة "ياء" ساقطة من "هـ".
3 قوله: بياض في "هـ".
4 و: ساقطة من "ق".
5 في "هـ": أكرم.
6 في الأصل: قبلها, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".

(2/712)


أي: وقد التزموا قلب الهمزة مفردة عن همزة أخرى ياء مفتوحة في باب1 مطايا2 ورَكَايَا وشَوَايَا وحَوَايَا، جمع: مطية وركية -وهي البئر3- وشَوِيَّة -وهم4 بقية قوم هلكوا5- وحَوِيَّة, وهي كساء محشوّ حول سنام البعير6.
وهو: كل جمع على مثال مساجد وقعت بعد ألفه7 همزة بعدها ياء.
اعلم أن مطايا جمع مطية، وأصله: مطائي8 بإبدال الياء التي بعد ألف الجمع همزة؛ لكونه مدة مزيدة في الواحد9، كما في الصحيح، نحو: رسائل وصحائف جمع "124": رسالة وصحيفة، ثم استثقلت الكسرة على الهمزة لكونها حرف علة قبل حرف علة في آخر صيغة منتهى الجموع, فقلبت تلك الكسرة فتحة, فتحركت الياء
__________
1 لفظة "باب" ساقطة من "هـ".
2 في "ق": مطايي, تحريف.
3 الصحاح "ركا": 6/ 2397.
4 في "ق"، "هـ": وهي.
5 الصحاح "شوى": 6/ 2397.
6 المصدر السابق "حوى": 6/ 2321.
7 في "ق"، "هـ": ألف.
8 في "ق"، "هـ": مطائئ.
9 في الأصل: الواحدة, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".

(2/713)


وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفا، فصار مطاءا1، فاستثقلت الهمزة المفتوحة بين ألفين, فقلبت ياء فصار: مطايا2.
و3 من هذا الباب: خطايا، على القولين، أي: على4 قول سيبويه وعلى5 قول الخليل، كما مر.
قوله6: وفي كلمتين يجوز [تحقيقهما....7 إلى آخره] 8.
هذا قسيم لقوله: "والهمزتان في كلمة".
يعني: إذا9 اجتمعت همزتان في كلمتين، كقوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} 10 يجوز تخفيفهما11؛ وذلك بأن تخفف كل واحدة منهما على ما يقتضيه قياس تخفيف كل واحدة منهما لو انفردت، من الإبدال والحذف وبين وبين، كما مر، أو بأن تخفف
__________
1 في "هـ": مطاء.
2 في "هـ": مطاياه.
3 و: ساقطة من "هـ".
4 لفظة "على" ساقطة من "هـ".
5 لفظة "على" ساقطة من "هـ".
6 قوله: ساقطة من "ق".
7 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وفي كلمتين يجوز تحقيقهما، وتخفيفهما وَتَخْفِيفُ إِحْدَاهُمَا عَلَى قِيَاسِهَا، وَجَاءَ فِي نَحْو: يشاء إلى الواو أيضا في الثانية" "الشافية، ص11".
8 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
9 في "هـ": إن.
10 سورة محمد, من الآية "18".
11 وهي لغة أهل الحجاز "ينظر الكتاب: 3/ 550".

(2/714)


الأولى على ما يقتضيه قياس التخفيف لو انفردت, ثم تخفف الثانية على ما يقتضيه تخفيفها للاجتماع في كلمة، كما مر ويجوز تخفيف إحداهما، وذلك بأنهما إن كانتا غير متفقتين في حركتهما خففت أيهما شئت على ما يقتضيه قياس التخفيف1.
والخليل يختار تخفيف الثانية2.
[كل ذلك على القياس المتقدم في تخفيف الهمزة] 3.
ومنهم من يُقحم بينهما ألفا. قال ذو الرمة4:
"27"
........................ ... آأنتِ أَمْ أُمّ سالم5
__________
1 فمن كلام العرب تخفيف الأولى وتحقيق الآخرة، وهو قول أبي عمرو، تقول: "فقد جاء أشراطها"، وحكى سيبويه عن بعض العرب: "فقد جاء أشراطها"، بتحقيق الأولى وتخفيف الثانية "ينظر الكتاب: 3/ 549".
2 ينظر المصدر السابق.
3 ينظر المصدر السابق.
4 هو غيلان بن عقبة، من بني صعب بن مالك بن عدي بن عبد مناة، ويكنى أبا الحارث, وسمي ذا الرمة بقوله:
لم يبق فيها أبد الأبيد ... غير ثلاث ما ثلاث سود
وغير مرضوخ القفا موتود ... أشعث باقي رمة التقليد
5 هذه قطعة من بيت من بحر الطويل، لذي الرمة "في ديوانه: 622" والبيت بتمامه:
أيا ظبية الوعساء بين جُلاجل
وبين النقا آأنت أم أم سالم
ينظر في البيت: الكتاب: 3/ 551، والمقتضب: 1/ 163، والخصائص: 2/ 458, وأمالي ابن الشجري: 1/ 320، والإنصاف 482, والمفصل: 352، وشرح ابن يعيش: 1/ 94، 9/ 199، وشرح الشافية للرضي: 3/ 64 "136"، والهمع: 1/ 172، وشرح شواهد الشافية: 347-348 "168".
والشاهد في قوله "آأنت"، حيث فصل بين الهمزتين بألف زائدة؛ كراهية لاجتماعهما.

(2/715)


وأجاب عنه بعضهم بأنه يجعل الهمزة الأولى بين بين1 إذا ألقيت عليها حركة الهمزة الثانية, ويجعل2 الهمزة الثانية بين بين إذا قلبت الأولى "ألفا"3. وفيه نظر؛ لأنه لم يمكن4 جعل الهمزتين بين بين معا والمقدر خلافه.
قوله: وَجَاءَ فِي نَحْو: {يَشَاءُ إِلَى} [الْوَاوُ أيْضاً في الثانية] 5.
"أي"6: وجاء في نحو: {يَشَاءُ إِلَى} 7 مع تحقيق الهمزتين وتخفيف الهمزتين [وتخفيف إحداهما فقط] 8 الواو أيضا في الهمزة الثانية، أي: قلب9 الهمزة الثانية واوا10 وهو مذهب كثير من القراء11, وهو يشابه مذهب من يقول في سُئِل "سُوِل"؛ لأنه يقلبها حرفا من جنس حركة ما قبلها.
__________
1 في "هـ": الهمزتين بين بين.
2 في الأصل, "ق": وتجعل.
3 ألفا: إضافة من "ق"، "هـ".
4 في "ق"، "هـ": يكن.
5 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
6 لفظة "أي" ساقطة من "هـ".
7 في قوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] .
8 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق".
9 في الأصل: وقلب.
10 ينظر شرح الشافية، للرضي: 3/ 65.
11 وهم: نافع وابن كثير وأبو عمرو ورويس، وهذا مذهب أكثر المتقدمين "ينظر الإتحاف: 149".

(2/716)


قال بعضهم: إنما يثبت ذلك في مثل: آأنت، وأما في نحو: جاء أحدكم فلا. ثم1 منهم من يحقق بعد إقحام الألف بينهما، ومنهم من يخفف2.
وفي: اقرأ آية، ثلاثة أوجه: أن تقلب الأولى ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها، فينطق بألف بعده3 همزة محققة4, وأن تحذف الثانية بعد أن تلقى حركتها "على الأولى كمسالة5" 6, وأن يجعلا معا بين بين، وهي حجازية7.
اعلم أن في جعل الهمزتين بين بين معا نظرا8؛ لأن شرط جعل "الهمزة الأولى9 بين بين" أن تكون متحركة، وهمزة اقرأ ساكنة.
__________
1 في "هـ": "و" بدل "ثم".
2 ينظر الكتاب: 3/ 551، والمفصل: 352.
3 في "هـ": بعدها.
4 فيقال على هذه اللغة: اقرا آية، بتخفيف الهمزة الأولى؛ لأن الهمزة الساكنة إذا خففت أبدل مكانها الحرف الذي منه حركة ما قبلها. "ينظر الكتاب: 3/ 550".
5 في "هـ": على الأولى نحو مسألة.
6 فيقال على هذه اللغة: اقر آية؛ لأنك خففت همزة متحركة قبلها حرف ساكن, فحذفتها وألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها. "ينظر المصدر السابق".
7 قال سيبويه: "وأما أهل الحجاز فيقولون: اقرأ آية؛ لأن أهل الحجاز يخففونها جميعا, يجعلون همزة اقرأ ألفا ساكنة ويخففون همزة آية. ألا ترى أن لو لم تكن إلا همزة واحدة خففوها، فكأنه قال: اقرا، ثم جاء بآية ونحوها" "المصدر السابق".
8 في "هـ": نظر.
9 الأولى: إضافة من "ق".

(2/717)


قوله: "وجاء في المتفقتين1...."2 إلى آخره3.
"أي"4: وجاء في الهمزتين المجتمعتين في كلمتين5, المتفقتين في الفتح أو الضم أو الكسر حذف6 إحدى الهمزتين.
مثال المتفقتين7 في الفتح: {جَاءَ أَحَدَهُمُ} 8.
ومثال المتفقتين في الضم: {أَولِيَاءُ أُولَئِكَ} 9.
ومثال المتفقتين في الكسر10: في البغاء إلى11.
وإنما قال: "حذف إحداهما" من غير تعيين أنها الأولى أو الثانية؛ لأن منهم من يقول: المحذوفة هي الأولى، بناء على أن الأولى وقعت آخر الكلمة محل التغيير. ومنهم من يقول: المحذوفة هي الثانية بناء على أن الاستثقال إنما جاء عندها.
__________
1 في الأصل، "هـ": المتفقين, وما أثبتناه من "ق".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وجاء في المتفقتين حذف إحداهما وقلب الثانية كالساكنة"."الشافية، ص11".
3 إلى آخره: ساقط من "هـ".
4 لفظة "أي": ساقطة من "هـ".
5 في "ق": الكلمتين.
6 في "هـ": حذفت.
7 في "هـ": المتفقتين.
8 في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] .
9 وذلك في سورة الأحقاف, من الآية "32".
10 في "هـ": الكسرة.
11 في الأصل، "هـ": في البغضاء إلى.

(2/718)


وجاء في المتفقتين1 أيضا قلب الثانية حرفا من جنس حركة ما قبلها, كما جاء في الهمزة الثانية2 قلبها حرفا من جنس حركة ما قبلها, فقلبت3 الثانية في: {جَاءَ أَحَدَهُمُ} ألفا، وفي {أَولِيَاءُ أُولَئِكَ} واوا, وفي "في البغاء4 إلى" ياء. وهذه القراءة رواية البصريين عن ورش5.
__________
1 في "هـ": المتفقتين.
2 في الأصل، "ق": الساكنة.
3 في "ق": فتقلب.
4 في "ق"، "هـ": البغضاء.
5 ينظر النشر: 1/ 378، والإتحاف: 324، 392، وورش هو: أبو سعيد، عثمان بن سعيد القرشي، شيخ القراء المحققين، انتهت إليه رئاسة الإقراء.

(2/719)