فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

بَابُ المَفْعُولِ بِهِ
المنصوبات خمسة عشر كما سيأتي بيانها، والباب الأول من هذه المنصوبات [بَابُ المَفْعُولِ بِهِ] أي هذا باب بيان حقيقة المفعول به، وأل في المفعول موصولة؛ لأن المفعول على زنة مفعول، وأل الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة موصولية، أي الذي فُعل به، أي باب الذي فُعِل به الفعل، والضمير في به يعود على أل، وهذا من أدلة القائلين بأن أل الموصولية اسم، لأن من علامات الأسماء عود الضمير إليها، ومنه قولهم: قد أفلح المتقي ربه، فالضمير في ربه باتفاق أنه يعود على أل، وأل موصولية، والضمائر لا ترجع إلا إلى الأسماء، فدل على أن أل اسم، وهذا هو الصحيح، إذًا الضمير في [بِهِ] عائد على أل، فحينئذٍ تكون أل الموصولة اسماً، وقيل: بل يعود على موصوف محذوف تقديره باب الشيء الذي فُعِل به، لكن النظر في أل، وفي مرجع الضمير، وهل يعود على موصوف محذوف أولا؟ نقول: هذا قبل جعله علماً، فلما جُعل علماً صار الضمير جزءًا من الكلمة كدال زيد، تقول: المفعول به صار علماً ولقباً على ما سيذكره، بمعنى أنه كالجزء الواحد، فكل كلمة فيه تعتبر في مقابلة حرف من حروف زيد، فحينئذٍ الضمير هنا لا اعتبار له أي لا مرجع له، وكذلك أل لا اعتبار لها، فهو جامد فلا ينظر إليه إلا من جهة كونه لقبًا وعلماً، والنظر في الاشتقاق قبل النقل. قال الناظم:

(1/494)


مَهْمَا تَرَ اسْمًا وَقَعَ الفِعْلُ بِهِ ... فَذَاكَ مَفْعُولٌ فَقُلْ بِنَصْبِهِ
[مَهْمَا تَرَ اسْمًا وَقَعَ الفِعْلُ بِهِ] مهما شرطية تجزم فعلين، وترَ فعل مضارع، فعل الشرط، مجزوم وجزمه حذف حرف العلة، وحينئذٍ يحذف من النطق ومن الكتابة أيضاً، قال تعالى: (لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) [عبس:23] حُذفت الياء نطقًا وكتابة، وقد يُوجد نطقا وكتابة مع كونه مجزوما، والجازم إذا وُجد ووجد معه الحرف الذي يجب حذفه للجازم، إما أن يُخرَّج على أنه إشباع للحركة، يُشبع الحركة والحرف محذوف، وإما أنه ذكره من باب الضرورة لأجل الوزن. قال الشاعر:
أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ
ألم يأتيك الياء ثابتة مع وجود الجازم، فالفعل مجزوم قطعًا، والأصل في جزمه حذف حرف العلة وهو الياء، وهنا الياء موجودة فقال: يأتيك، فحينئذٍ لا بد من تخريج هذه الياء، فنقول: إما للإشباع، أشبع الكسرة من أجل الوزن حتى تولدت الياء، أو أنه ذكرها ابتداءً من أجل الوزن دون إشباع.
هَجَوتَ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِرًا مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ
لم تهجو: بإثبات الواو، والأصل حذفها للجازم، نقول: الواو حذفت للجازم، نعم، وهذه الواو الملفوظ بها ليست هي واو الفعل، وإنما هي إشباع للحركة.

(1/495)


إِذَا العَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ وَلاَ تَرَضَّاهَا وَلاَ تَمَلَّقِ
ولا ترضاها: بالألف، ولا تملق إذاً قد يبقى الحرف الذي يكون علة في الفعل المضارع الذي يجزم، فيحذف حرف العلة، وحينئذٍ نحكم بكون الحرف محذوفًا لا إشكال في هذا، فنقول: الحرف محذوف لكن ذكره ليس هو عين الحرف الذي قد حذف، ويخرج بأحد التخريجين السابقين.
[اسْمًا] مفعول به [وَقَعَ الفِعْلُ بِهِ] أي ما وقع عليه فعل الفاعل، هذا هو المفعول به، واسماً خرج به الفعل والحرف، فالفعل لا يكون مفعولاً به ما لم يرد به اللفظ نحو: كتبت قال، أي هذا اللفظ. والحرف لا يكون مفعولاً به ما لم يرد به اللفظ نحو: كتبت في، أي هذا الحرف. وإذا قيل: خرج الفعل والحرف فحينئذٍ يُجعل ذلك علماً على الاسم، فيضم إلى علامات الأسماء، فإذا قيل: الفاعل هو الاسم المرفوع، فالاسم خرج الفعل وخرج به الحرف، إذاً اختص بالاسم فحينئذٍ تقول: من علامات الاسم وقوعه فاعلاً، لأن الفاعل لا يكون إلا اسماً، فينحصر في الأسماء، ولا يدخل الأفعال ولا الحروف، فحينئذٍ صار من علاماته التي يميز بها عن أخويه، كذلك المفعول به، لا يكون إلا اسماً، فخرج الفعل فلا يوصف بكونه مفعولاً به، وخرج الحرف فلا يوصف بكونه مفعولاً به، فحينئذٍ من علامات الأسماء كونها مفعولاً به. والمراد بالاسم هنا ما يشمل الاسم الصريح، والاسم المؤول بالصريح، فنحو: ضربت زيداً، فزيداً مفعول به وهو اسم صريح، يعني لا يحتاج إلى جعله

(1/496)


مفعولاً به إلى تأويل، والاسم المؤول بالصريح هو ما نحتاج في جعله مفعولاً به إلى تأويل، نحو: ظننت أنَّ زيداً قائم، ذكرنا أن أفعال القلوب تنصب المبتدأ على أنه مفعول أول لها، والخبرَ على أنه مفعول ثان، وأنه قد يسد مسد المفعولين أنَّ المفتوحة وأنْ المصدرية، نحو: ظننت أنَّ زيداً قائم، فأن زيداً قائم سدت مسد المفعولين؛ لأن أنَّ هذه في تأويل المفرد، والأصل إذا أردنا أن نقدر نقول: أنَّ حرف توكيد ونصب، وزيدًا اسمها، وقائمٌ خبرها، أنَّ وما ودخلت عليه وهو معمولاها في تأويل مصدر، مفعول به، تقديره ظننت قيامَ زيد، فقيام زيد مفعول به، وهو مفرد لكنه سد مسد مفعولي ظننت.
ومنه قوله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم:9] الفعل ودَّ دائماً يقع بعده لو المصدرية، فحينئذٍ تؤول لو مع ما بعدها بمصدر يُنصب على أنه مفعول به، والتقدير هنا: ودوا مداهنتك، فمداهنتك مفعولٌ به، إذاً قوله: [اسْمًا] سواء كان صريحاً كضربت زيداً، فزيداً هذا صريح ملفوظ به مباشرة دون تأويل، أو مؤولاً بالصريح، نحو: ظننت أن زيداً قائم، و (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم:9].
[وَقَعَ الفِعْلُ بِهِ] وقع الفعل يعني الصادر من الفاعل، وبه الباء هنا بمعنى على؛ لأن مادة الوقوع إنما تتعدى بعلى لا بالباء، وقع الفعل به أي عليه، لأن قوله به، جار ومجرور متعلق بوقع، والوقوع

(1/497)


وما تصرف منه إنما يتعدى بعلى لا بالباء، إذاً المفعول به: هو اسم وقع فعل الفاعل عليه إثباتاً أو نفياً، وفسروا الوقوع هنا بتعلقه بما لا يعقل إلا به إثباتاً أو نفياً. مثلا ضربت زيداً ضربت فعل وفاعل، وزيداً مفعول به، هل ثَمَّ ملابسة وارتباط بين المفعول به والفاعل والفعل؟ نقول: نعم، وهو كون زيد محلاً لوقوع فعل الفاعل وهو الضرب، لو قيل: من المضروب؟ قيل: زيد، إذاً هذه العلاقة هي تعلق المفعول به بالعامل على جهة إيقاع الفاعل ذلك الفعل على المفعول به، لكن لو قال: ما ضربت زيدا، حينئذٍ المفعول به وهو زيدًا ما وقع عليه فعل الفاعل، بل ليس عندنا فعل أصلا، لأنه نفي، والنفي عدم ليس بشيء، فكيف نقول: زيدًا مفعول به وقع عليه فعل الفاعل والضرب منفي ما حصل ضرب أصلا؟! كذلك النهي نحو: لا تضرب زيدا. فهذا إشكال أورده بعضهم، والجواب: أنَّ هذا اصطلاح، ولذلك أرادو أن يعمموا الوقوع، فقالوا: الوقوع الأصل فيه الوقوع بالفعل فضربت زيدًا الأصل أن تضربه فيكون زيد مضروبا، فهذا وقوع الفعل عليه بالفعل صريح ولا إشكال فيه، لكن في مثل هذا التركيب ما ضربت زيدا، ولا تضرب زيدا، قالوا: ثم علاقة وارتباط ذهني قصد أن النفي هنا قد نفي الضرب عن محل لو وقع عليه لكان محلا له وقابلا له، إذا ثم ارتباط، تعلق زيد هنا بالضرب بمعنى أنه لو أراد إيقاعه لوقع ولكنه منفي عنه، فحينئذ صار مفعولا به بالقوة لا بالفعل كضربت زيدا فزيدا مضروب بالفعل يعني وقع عليه الضرب، لكن ما ضربت زيدا لو أراد أن

(1/498)


يوقع الضرب بزيد لكان زيدا محلا للضرب وقابلا له.
إذا قوله: [مَهْمَا تَرَ اسْمًا وَقَعَ الفِعْلُ بِهِ] المراد بالوقوع هنا تعلقه يعني تعلق المفعول به بما لا يعقل إلا به، يعني لا يتصور ويتخيل في الذهن إلا به، فحينئذ ما ضربت النفي إنما يصح إذا كان ثَمَّ ما هو محل لوقوع هذا الضرب وإلا لم يصح نفي الضرب، ما ضربت هكذا دون أن يعلق في الذهن محل لإيقاع الضرب هذا لا يمكن أن يوجد. على كلٍّ المفعول به يتعلق به الفعل إثباتا أو نفيا.
والحاصل: أن المفعول به هو اسم وقع عليه الفعل الصادر عن الفاعل، نحو: ضربت زيدا، زيدا هذا مفعول به لأنه وقع عليه فعل الفاعل وهو الضرب، ونحو: ما ضربت زيدا، زيدا مفعول به لأنه لو أراد الفاعل إيقاع الحدث الذي هو الضرب على زيد لكان زيدا محلا لذلك.
وبعض النحاة يرى أن من علامة صدق الحد على المفعول به أن تصوغ من الفعل التام اسم مفعول تام فتقول: ضربت زيدا، فزيدا هذا إذا أردت أن تتأكد هل هو مفعول به أولا؟ فاجعل زيدا مبتدأ، ثم ايت بمصدر الفعل ضرب الذي هو الضرب فتأتي منه باسم مفعول تام تجعله خبرا للمبتدأ، فإذا صح فهو مفعول به وإلا فليس بمفعول به، فتقول: زيدٌ مضروبٌ إذًا صح التركيب فهو مفعول به. ونحو: جلس زيد على الكرسي، تقول: الكرسي مجلوس عليه، هذا لم يصح إلا بواسطة، والعلامة هنا أن يصح أن يؤتى من مصدر الفعل اسم مفعول تام يعني لا يفتقر إلى جار ومجرور، وهنا لم يأت

(1/499)


تاما وإنما صح بالجار والمجرور وهو لفظ عليه.
[فَذَاكَ] أي الاسم الذي وقع عليه فعل الفاعل [مَفْعُولٌ] به [فَقُلْ بِنَصْبِهِ] أي بعد إثبات حقيقة المفعول فقل أي احكم بنصبه أي بأنه منصوب، إما بالفتحة وإما بالألف وإما بالياء، وعامل النصب في المفعول إما أن يكون فعلا سواء كان ملفوظا به أو محذوفا، فالملفوظ نحو: ضربت زيدا، فزيدا مفعول به لفعل مذكور، والمحذوف نحو: قوله تعالى: (بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) [البقرة:135] ملةَ هذا مفعول به لفعل محذوف تقديره بل أتبع ملة إبراهيم. وإما أن يكون الناصب له الوصف نحو: أنا ضاربٌ زيدا، فزيدا مفعول به والعامل فيه ضارب وهو وصف، ومنه قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق:3] في قراءة من نون الوصف. وإما أن يكون الناصب له المصدر نحو قوله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ) [البقرة:251] فالناس مفعول به، والعامل فيه دفع وهو مصدر، وإما أن يكون الناصب له اسم الفعل، نحو قوله تعالى: عَلَيْكُمْ) أَنْفُسَكُمْ () أنفسكم مفعول به والناصب له عليكم وهو اسم فعل أمر. إذًا ينصب المفعول إما بالفعل سواء كان ملفوظا به أو مقدرا أو بالوصف أو بالمصدر أو باسم الفعل.
كَمِثْلِ زُرْتُ العَالِمَ الأَدِيبَا ... وَقَدْ رَكِبْتُ الفَرَسَ النَّجِيْبَا
[كَمِثْلِ] يعني وذلك المفعول به كمثل [زُرْتُ العَالِمَ الأَدِيبَا] الألف للإطلاق، ... وزرت فعل وفاعل، والعالم مفعول به منصوب،

(1/500)


والأديب من أدُب كحسُن أدبا فهو أديب ويجمع على أدباء، وأدَّبه علَّمه فتأدب واستأدب، إذًا العالم مفعول به لأن الفعل الذي دل عليه زرت وهو الزيارة قد وقعت عليه، والوقوع هنا معنى, لأنه قد يكون حسا وقد يكون معنى، نحو: تعلمت المسألة فليس عندنا وقوع حسي يدرك بالحس مثل الضرب الواقع على زيد، وإنما هو تعلق معنوي. [وَقَدْ رَكِبْتُ الفَرَسَ النَّجِيْبَا] الألف للإطلاق، والنجيب هو الكريم الحسيب، وركبت فعل وفاعل، والفرس مفعول به لأنه اسم وقع عليه فعل الفاعل وهو الركوب، والركوب أمر حسي.
وَظَاهِرًا يَأْتِي وَيَأْتِي مُضْمَرَا ... فَأَوَّلٌ مِثَالُهُ مَا ذُكِرَا
[وَظَاهِرًا] أي واسما ظاهرا فهو صفة لموصوف محذوف، حال مقدمة من فاعل يأتي، و [يَأْتِي] فعل مضارع مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود على المفعول به. إذًا المفعول به قسمان:
الأول: قد يكون اسما ظاهرا، والثاني: قد يكون اسما مضمرا.
والظاهر: هوما دل على مسماه بلا قيد، والقيد هو التكلم، أو الخطاب، أو الغَيبة. والمضمر: هو ما دل على مسماه بقيد، وهو التكلم، أو الخطاب، أو الغيبة؛ لأنه كما سبق أن الاسم ثلاثة أنواع: وهي الاسم المبهم، والاسم المضمر، والاسم الظاهر. فالظاهر كزيد، والمبهم كهذا والذي وسبق أنه يريد بالمبهم أسماء الإشارات

(1/501)


والموصولات، والمضمر كهو. [فَأَوَّلٌ] الفاء فاء الفصيحة، والأول أي الأسبق وهو الظاهر، [مِثَالُهُ مَا ذُكِرَا] الألف للإطلاق، وذُكر فعل ماضٍ مغير الصيغة، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على المثال السابق، وحذف الفاعل للعلم به، يعني ما قد ذكرته لك فيما سبق من قولي زرت العالم، وركبت الفرس، فالعالم والفرس كل منهما اسم ظاهر.
وَالثَّانِي قُلْ مُتَّصِلٌ وَمُنْفَصِلْ ... كَزَارَنِي أَخِي وَإِيَّاهُ أَصِلْ
[وَالثَّانِي] الذي هو المضمر، [قُلْ] إنه قسمان: [مُتَّصِلٌ وَمُنْفَصِلْ] والمتصل أصلها موتصل قلبت الواو تاءا فأدغمت التاء في التاء. والضمير ينقسم إلى قسمين: الأول: بارز، والثاني: مستتر؛ لأنه إما أن يكون له صورة في اللفظ أي ينطق به، أولا؟ الأول البارز، والثاني المستتر. نحو: ضربت فالتاء ضمير نطقت بها فهذا بارز, وقم الفاعل ضمير مستتر لم تنطق به لأنه ليس له صورة.
ثم البارز ينقسم بحسب الاتصال والانفصال إلى قسمين، إذًا المتصل والمنفصل قسمان من أقسام البارز، وليسا قسمين للمستتر، والضمير المتصل: هو الذي لا يستقل بنفسه، فلذلك لا يبتدأ به أي لا يقع في أول الكلام، ولا يلي إلا في الاختيار، كتاء قمت، ونا قمنا فهذا ضمير متصل بمعنى أنه لا يستقل بنفسه فلذلك لا يقع في أول الكلام ولا يقع بعد إلا. والمنفصل عكسه الذي يستقل بنفسه، بمعنى أنه يقع في ابتداء الكلام ويصح أن يقع بعد إلا، كأنا وأنت وهو، فأنا ضمير منفصل، لأنه يصح الابتداء به، ويقع بعد إلا، تقول: ما قام إلا أنا، وتقول: أنا ضعيف، فأنا مبتدأ وضعيف خبر.

(1/502)


وينقسم المتصل بحسب موقعه في الإعراب إلى ثلاثة أقسام:
الأول: مرفوع المحل كتاء قمت، فالتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
والثاني: منصوب المحل ككاف أكرمك زيدٌ، فالكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
والثالث: مخفوض المحل كالهاء في مررت بغلامه، فالهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل خفض.
وينقسم المنفصل بحسب موقعه في الإعراب إلى قسمين:
الأول: مرفوع المحل، والثاني: منصوب المحل. ولا يكون مخفوض المحل أبدا. ً
إذا ً مخفوض المحل يكون في المتصل فقط، ولا يكون في المنفصل، وإنما يكون في محل رفع وفي محل نصب فقط، وكونه في محل نصب قد يكون مفعولا ًبه وهو الذي عناه الناظم هنا.
فالمرفوع اثنتا عشرة كلمة من الضمائر المتصلة: وهي أنا، ونحن، وأنتَ، وأنتِ، وأنتما، وأنتم، وأنتن، وهو، وهي، وهما، وهنَّ.
والمنصوب اثنتا عشرة كلمة من الضمائر المتصلة: وهي إيَّاي، وإيَّانا، وإياكَ، وإياكِ، وإياكما، وإياكم، وإياكن، وإياه، وإياها، وإياهما، وإياهم، وإياهن. والضمير إيَّا فقط، فهو ضمير منفصل في محل نصب مفعول به، والكاف حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، ومنه: ((إِيَّاكَنَعْبُدُ وَإِيَّاكَ

(1/503)


نَسْتَعِينُ (5))) إيا في الموضعين في محل نصب مفعول به مقدم. إذًا [وَالثَّانِي قُلْ مُتَّصِلٌ] أي الضمير متصل بعامله، فيكون مفعولا ًبه في محل نصب، مثل: زيدٌ أكرمَك فالكاف في محل نصب مفعول به لأنه ضمير متصل، وزيد أكرمَنا فأكرم فعل ماض، ونا الدال على المفعولين ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. [وَمُنْفَصِلْ] والمثال ما ذكرناه.
[كَزَارَنِي أَخِي] زار فعل ماض، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به، إذًا الكاف تأتي في محل نصب مفعول به نحو: أكرمك، ونا تأتي في محل نصب مفعول به، نحو زيد أكرمنا، ومثَّل الناظم للياء، وأخي الياء ضمير متصل في محل جر. إذًا الياء قد تكون في محل جر وقد تكون في محل نصب. [وَإِيَّاهُ أَصِلْ] إياَّ ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم، والأصل أَصِلْه فقصد الحصر فانفصل الضمير وتقدم لإفادة ذلك. والهاء حرف دال على الغيبة مبني على الضم لا محل له من الإعراب، كالكاف من ذاك وذلك فلا إشكال فلا نقول: مضاف ومضاف إليه، وقد قيل، لكن هذا هو الصواب. وأَصِلْ فعل مضارع مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الوقف. والعامل في المفعول به أربعة: الفعل، والوصف، والمصدر، واسم الفعل. وأنه يكون على نوعين: يكون ظاهرا ًويكون مضمرا ً، والضمير: يكون متصلا ويكون منفصلا.

(1/504)