مغني اللبيب عن كتب الأعاريب

إِي بِالْكَسْرِ والسكون
حرف جَوَاب بِمَعْنى نعم فَيكون لتصديق المخب 6 ر ولإعلام المستخبر ولوعد

(1/105)


الطَّالِب فَتَقَع بعد قَامَ زيد وَهل قَامَ زيد وَاضْرِبْ زيدا ونحوهن كَمَا تقع نعم بعدهن وَزعم ابْن الْحَاجِب أَنَّهَا إِنَّمَا تقع بعد الِاسْتِفْهَام نَحْو {ويستنبئونك أَحَق هُوَ قل إِي وربي إِنَّه لحق} وَلَا تقع عِنْد الْجَمِيع إِلَّا قبل الْقسم وَإِذا قيل أَي وَالله ثمَّ اسقطت الْوَاو جَازَ سُكُون الْيَاء وَفتحهَا وحذفها وعَلى الأول فيلتقي ساكنان على غير حدهما
أَي بِالْفَتْح والسكون
على وَجْهَيْن
حرف لنداء الْبعيد أَو الْقَرِيب أَو الْمُتَوَسّط على خلاف فِي ذَلِك قَالَ الشَّاعِر
12 - (ألم تسمعي أَي عبد فِي رونق الضحا ... بكاء حمامات لَهُنَّ هدير)
وَفِي الحَدِيث أَي رب وَقد تمد ألفها
وحرف تَفْسِير تَقول عِنْد عسجد أَي ذهب وغضنفر أَي أَسد وَمَا بعْدهَا عطف بَيَان على مَا قبلهَا أَو بدل لَا عطف نسق خلافًا للكوفيين وصاحبي الْمُسْتَوْفى والمفتاح لأَنا لم نر عاطفا يصلح للسقوط دَائِما وَلَا عاطفا ملازما لعطف الشَّيْء على مرادفه وَتَقَع تَفْسِيرا للجمل أَيْضا كَقَوْلِه
12 - (وترمينني بالطرف أَي أَنْت مذنب ... وتقلينني لَكِن إياك لَا أقلي)

(1/106)


وَإِذا وَقعت بعد تَقول وَقبل فعل مُسْند للضمير حُكيَ الضَّمِير نَحْو تَقول استكتمته الحَدِيث أَي سَأَلته كِتْمَانه يُقَال ذَلِك بِضَم التَّاء وَلَو جِئْت ب إِذا مَكَان أَي فتحت التَّاء فَقلت إِذا سَأَلته لِأَن إِذا ظرف ل تَقول وَقد نظم ذَلِك بَعضهم فَقَالَ
(إِذا كنيت بِأَيّ فعلا تفسره ... فضم تاءك فِيهِ ضم معترف)
(وَإِن تكن بإذا يَوْمًا تفسره ... ففتحة التَّاء أَمر غير مُخْتَلف)
أَي بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء
اسْم يَأْتِي على خَمْسَة أوجه
1 - شرطا نَحْو {أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} {أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ}
2 - واستفهاما نَحْو {أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا} {فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ} وَقد تخفف كَقَوْلِه
123 - (تنظرت نصرا والسماكين أَيهمَا ... عَليّ من الْغَيْث استهلت مواطره)
3 - وموصولا نَحْو {لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد} التَّقْدِير لننزعن الَّذِي هُوَ أَشد قَالَه سِيبَوَيْهٍ وَخَالفهُ الْكُوفِيُّونَ وَجَمَاعَة من الْبَصرِيين لأَنهم يرَوْنَ أَن أيا الموصولة معربة دَائِما كالشرطية والاستفهامية قَالَ الزّجاج

(1/107)


مَا تبين لي أَن سِيبَوَيْهٍ غلط إِلَّا فِي موضِعين هَذَا أَحدهمَا فَإِنَّهُ يسلم أَنَّهَا تعرب إِذا أفردت فَكيف يَقُول ببنائها إِذا أضيفت وَقَالَ الْجرْمِي خرجت من الْبَصْرَة فَلم أسمع مُنْذُ فَارَقت الخَنْدَق إِلَى مَكَّة أحدا يَقُول لَأَضرِبَن أَيهمْ قَائِم بِالضَّمِّ اه وَزعم هَؤُلَاءِ أَنَّهَا فِي الْآيَة استفهامية وَأَنَّهَا مُبْتَدأ وَأَشد خبر ثمَّ اخْتلفُوا فِي مفعول ننزع فَقَالَ الْخَلِيل مَحْذُوف وَالتَّقْدِير لننزعن الْفَرِيق الَّذِي يُقَال فيهم أَيهمْ أَشد وَقَالَ يُونُس هُوَ الْجُمْلَة وعلقت ننزع عَن الْعَمَل كَمَا فِي {لنعلم أَي الحزبين أحصى} وَقَالَ الْكسَائي والأخفش كل شيعَة وَمن زَائِدَة وَجُمْلَة الِاسْتِفْهَام مستأنفة وَذَلِكَ على قَوْلهمَا فِي جَوَاز زِيَادَة من فِي الْإِيجَاب وَيرد أَقْوَالهم أَن التَّعْلِيق مُخْتَصّ بِأَفْعَال الْقُلُوب وَأَنه لَا يجوز لَأَضرِبَن الْفَاسِق بِالرَّفْع بِتَقْدِير الَّذِي يُقَال فِيهِ هُوَ الْفَاسِق وَأَنه لم يثبت زِيَادَة من فِي الْإِيجَاب وَقَول الشَّاعِر
124 - (إِذا مَا لقِيت بني مَالك ... فَسلم على أَيهمْ أفضل)
يرْوى بِضَم أَي وحروف الْجَرّ لَا تعلق وَلَا يجوز حذف الْمَجْرُور وَدخُول الْجَار على مَعْمُول صلته وَلَا يسْتَأْنف مَا بعد الْجَار
وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ وَجَمَاعَة كَونهَا مَوْصُولَة مَعَ أَن الضمة إِعْرَاب فقدروا مُتَعَلق النزع من كل شيعَة وَكَأَنَّهُ قيل لننزعن بعض كل شيعَة ثمَّ قدر أَنه سُئِلَ من هَذَا الْبَعْض فَقيل هُوَ الَّذِي أَشد ثمَّ حذف المبتدآن المكتنفان للموصول وَفِيه تعسف ظَاهر وَلَا أعلمهم استعملوا أيا الموصولة مُبْتَدأ وَسَيَأْتِي ذَلِك عَن ثَعْلَب

(1/108)


وَزعم ابْن الطراوه أَن أيا مَقْطُوعَة عَن الْإِضَافَة فَلذَلِك بنيت وَأَن {هم أَشد} مُبْتَدأ وَخبر وَهَذَا بَاطِل برسم الضَّمِير مُتَّصِلا بِأَيّ وبالإجماع على أَنَّهَا إِذا لم تضف كَانَت معربة
وَزعم ثَعْلَب أَن أيا لَا تكون مَوْصُولَة أصلا وَقَالَ لم يسمع أَيهمْ هُوَ فَاضل جَاءَنِي بِتَقْدِير الَّذِي هُوَ فَاضل جَاءَنِي
4 - وَالرَّابِع أَن تكون دَالَّة على معنى الْكَمَال فَتَقَع صفة للنكرة نَحْو زيد رجل أَي رجل أَي كَامِل فِي صِفَات الرِّجَال وَحَالا للمعرفة ك مَرَرْت بِعَبْد الله أَي رجل
5 - وَالْخَامِس أَن تكون وصلَة إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ أل نَحْو يَا أَيهَا الرجل وَزعم الْأَخْفَش أَن أَبَا لَا تكون وصلَة وَأَن أيا هَذِه هِيَ الموصولة حذف صدر صلتها وَهُوَ الْعَائِد وَالْمعْنَى يَا من هُوَ الرجل ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ لنا عَائِد يجب حذفه وَلَا مَوْصُول الْتزم كَون صلته جملَة اسمية وَله أَن يُجيب عَنْهُمَا بِأَن مَا فِي قَوْلهم لَا سِيمَا زيد بِالرَّفْع كَذَلِك
وَزَاد قسما وَهُوَ أَن تكون نكرَة مَوْصُوفَة نَحْو مَرَرْت بِأَيّ معجب لَك كَمَا يُقَال بِمن معجب لَك وَهَذَا غير مسموع
وَلَا تكون أَي غير مَذْكُور مَعهَا مُضَاف إِلَيْهَا الْبَتَّةَ إِلَّا فِي النداء والحكاية يُقَال جَاءَنِي رجل فَتَقول أَي يَا هَذَا وَجَاءَنِي رجلَانِ فَتَقول أَيَّانَ وَجَاءَنِي رجال فَتَقول أيون
تَنْبِيه
قَول أبي الطّيب

(1/109)


125 - (أَي يَوْم سررتني بوصال ... لم ترعني ثَلَاثَة بصدود)
لَيست فِيهِ أَي مَوْصُولَة لِأَن الموصولة لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الْمعرفَة وَقَالَ أَبُو عَليّ فِي التَّذْكِرَة فِي قَوْله
126 - (أَرَأَيْت أَي سوالف وخدود ... برزت لنا بَين اللوى فزرود)
لَا تكون أَي فِيهِ مَوْصُولَة لإضافتها إِلَى نكرَة انْتهى
وَلَا شَرْطِيَّة لِأَن الْمَعْنى حِينَئِذٍ إِن سررتني يَوْمًا بوصالك آمنتني ثَلَاثَة أَيَّام من صدودك وَهَذَا عكس الْمَعْنى المُرَاد وَإِنَّمَا هِيَ للاستفهام الَّذِي يُرَاد بِهِ النَّفْي كَقَوْلِك لمن ادّعى أَنه أكرمك أَي يَوْم أكرمتني وَالْمعْنَى مَا سررتني يَوْمًا بوصالك إِلَّا روعتني ثَلَاثَة بصدودك وَالْجُمْلَة الأولى مستأنفة قدم ظرفها لِأَن لَهُ الصَّدْر وَالثَّانيَِة إِمَّا فِي مَوضِع جر صفة لوصال على حذف الْعَائِد أَي لم ترعني بعده كَمَا حذف فِي قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس} الْآيَة أَو نصب حَالا من فَاعل سررتني أَو مَفْعُوله وَالْمعْنَى أَي يَوْم سررتني غير رائع لي أَو غير مروع مِنْك وَهِي حَال مقدرَة مثلهَا فِي {طبتم فادخلوها خَالِدين} أَو لَا مَحل لَهَا على أَن تكون معطوفة على الأولى بفاء محذوفة كَمَا قيل فِي {وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة قَالُوا أتتخذنا هزوا قَالَ أعوذ بِاللَّه} وَكَذَا فِي بَقِيَّة

(1/110)


الْآيَة وَفِيه بعد والمحققون فِي الْآيَة على أَن الْجمل مستأنفة بِتَقْدِير فَمَا قَالُوا لَهُ فَمَا قَالَ لَهُم وَمن روى ثَلَاثَة بِالرَّفْع لم يجز عِنْده كَون الْحَال من فَاعل سررتني لخلو ترعني من ضمير ذِي الْحَال
إِذْ
على أَرْبَعَة أوجه
1 - أَحدهَا أَن تكون اسْما للزمن الْمَاضِي وَلها أَرْبَعَة استعمالات أَحدهَا أَن تكون ظرفا وَهُوَ الْغَالِب نَحْو {فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا} وَالثَّانِي أَن تكون مَفْعُولا بِهِ نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا فكثركم}
وَالْغَالِب على الْمَذْكُورَة فِي أَوَائِل الْقَصَص فِي التَّنْزِيل أَن تكون مَفْعُولا بِهِ بِتَقْدِير اذكر نَحْو {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} {وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة} {وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر} وَبَعض المعربين يَقُول فِي ذَلِك إِنَّه ظرف ل اذكر محذوفا وَهَذَا وهم فَاحش لاقْتِضَائه حِينَئِذٍ الْأَمر بِالذكر فِي ذَلِك الْوَقْت مَعَ أَن الْأَمر للاستقبال وَذَلِكَ الْوَقْت قد مضى قبل تعلق الْخطاب بالمكلفين منا وَإِنَّمَا المُرَاد ذكر الْوَقْت نَفسه لَا الذّكر فِيهِ وَالثَّالِث أَن تكون بَدَلا من الْمَفْعُول نَحْو {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم إِذْ انتبذت} فَإذْ بدل اشْتِمَال من مَرْيَم

(1/111)


على حد الْبَدَل فِي {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ}
وَقَوله تَعَالَى {اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء} يحْتَمل كَون إِذْ فِيهِ ظرفا للنعمة وَكَونهَا بَدَلا مِنْهَا وَالرَّابِع أَن يكون مُضَافا إِلَيْهَا اسْم زمَان صَالح للاستغناء عَنهُ نَحْو يَوْمئِذٍ وَحِينَئِذٍ أَو غير صَالح لَهُ نَحْو قَوْله تَعَالَى {بعد إِذْ هديتنا}
وَزعم الْجُمْهُور أَن إِذْ لَا تقع إِلَّا ظرفا أَو مُضَافا إِلَيْهَا وَأَنَّهَا فِي نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا} ظرف لمفعول مَحْذُوف أَي واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم قَلِيلا وَفِي نَحْو {إِذْ انتبذت} ظرف لمضاف إِلَى مفعول مَحْذُوف أَي وَاذْكُر قصَّة مَرْيَم وَيُؤَيّد هَذَا القَوْل التَّصْرِيح بالمفعول فِي {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء}
وَمن الْغَرِيب أَن الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ فِي قِرَاءَة بَعضهم {لقد من الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا} إِنَّه يجوز أَن يكون التَّقْدِير مِنْهُ إِذْ بعث وَأَن تكون إِذْ فِي مَحل رفع ك إِذا فِي قَوْلك أَخطب مَا يكون الْأَمِير إِذا كَانَ قَائِما أَي لمن من الله على الْمُؤمنِينَ وَقت بَعثه انْتهى فَمُقْتَضى هَذَا الْوَجْه أَن إِذْ مُبْتَدأ وَلَا نعلم بذلك قَائِلا ثمَّ تنظيره بالمثال غير مُنَاسِب لِأَن الْكَلَام فِي إِذْ لَا فِي إِذا وَكَانَ حَقه أَن يَقُول إِذْ كَانَ لأَنهم يقدرُونَ فِي هَذَا الْمِثَال وَنَحْوه إِذْ تَارَة وَإِذا

(1/112)


أُخْرَى بِحَسب الْمَعْنى المُرَاد ثمَّ ظَاهره أَن الْمِثَال يتَكَلَّم بِهِ هَكَذَا وَالْمَشْهُور أَن حذف الْخَبَر فِي ذَلِك وَاجِب وَكَذَلِكَ الْمَشْهُور أَن إِذا الْمقدرَة فِي الْمِثَال فِي مَوضِع نصب وَلَكِن جوز عبد القاهر كَونهَا فِي مَوضِع رفع تمسكا بقول بَعضهم أَخطب مَا يكون الْأَمِير يَوْم الْجُمُعَة بِالرَّفْع فقاس الزَّمَخْشَرِيّ إِذْ على إِذا والمبتدأ على الْخَبَر
2 - وَالْوَجْه الثَّانِي أَن تكون اسْما للزمن الْمُسْتَقْبل نَحْو {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} وَالْجُمْهُور لَا يثبتون هَذَا الْقسم ويجعلون الْآيَة من بَاب {وَنفخ فِي الصُّور} أَعنِي من تَنْزِيل الْمُسْتَقْبل الْوَاجِب الْوُقُوع منزلَة مَا قد وَقع وَقد يحْتَج لغَيرهم بقوله تَعَالَى {فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} فَإِن {يعلمُونَ} مُسْتَقْبل لفظا وَمعنى لدُخُول حرف التَّنْفِيس عَلَيْهِ وَقد أعمل فِي إِذْ فَيلْزم أَن يكون بِمَنْزِلَة إِذا
3 - وَالثَّالِث أَن تكون للتَّعْلِيل نَحْو {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون} أَي وَلنْ ينفعكم الْيَوْم اشتراككم فِي الْعَذَاب لأجل ظلمكم فِي الدُّنْيَا وَهل هَذِه حُرُوف بِمَنْزِلَة لَام الْعلَّة أَو ظرف وَالتَّعْلِيل مُسْتَفَاد من قُوَّة الْكَلَام لَا من اللَّفْظ فَإِنَّهُ إِذا قيل ضَربته إِذْ أَسَاءَ وَأُرِيد ب إِذْ الْوَقْت اقْتضى ظَاهر الْحَال أَن الْإِسَاءَة سَبَب الضَّرْب قَولَانِ وَإِنَّمَا يرْتَفع السُّؤَال على القَوْل الأول فَإِنَّهُ لَو قيل لن ينفعكم الْيَوْم وَقت ظلمكم الِاشْتِرَاك فِي الْعَذَاب لم

(1/113)


يكن التَّعْلِيل مستفادا لاخْتِلَاف زمني الْفِعْلَيْنِ وَيبقى إِشْكَال فِي الْآيَة وَهُوَ أَن إِذْ لَا تبدل من الْيَوْم لاخْتِلَاف الزمانين وَلَا تكون ظرفا لينفع لِأَنَّهُ لَا يعْمل فِي ظرفين وَلَا ل {مشتركون} لِأَن مَعْمُول خبر الأحرف الْخَمْسَة لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا وَلِأَن مَعْمُول الصِّلَة لَا يتَقَدَّم على الْمَوْصُول وَلِأَن اشتراكهم فِي الْآخِرَة لَا فِي زمن ظلمهم
وَمِمَّا حملوه على التَّعْلِيل {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون هَذَا إفْك قديم} {وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا الله فأووا إِلَى الْكَهْف} وَقَوله
27 - (فَأَصْبحُوا قد أعَاد الله نعمتهم ... إِذْ هم قُرَيْش وَإِذ مَا مثلهم بشر)
وَقَول الْأَعْشَى
128 - (إِن محلا وَإِن مرتحلا ... وَإِن فِي السّفر إِذْ مضوا مهلا)
أَي إِن لنا حلولا فِي الدُّنْيَا وَإِن لنا ارتحالا عَنْهَا إِلَى الْآخِرَة وَإِن فِي الْجَمَاعَة الَّذين مَاتُوا قبلنَا إمهالا لنا لأَنهم مضوا قبلنَا وَبَقينَا بعدهمْ وَإِنَّمَا يَصح ذَلِك كُله على القَوْل بِأَن إِذْ التعليلية حرف كَمَا قدمنَا
وَالْجُمْهُور لَا يثبتون هَذَا الْقسم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح راجعت أَبَا عَليّ مرَارًا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم} الْآيَة مستشكلا 5 إِذْ من الْيَوْم فآخر مَا تحصل مِنْهُ أَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة متصلتان وأنهما فِي حكم الله تَعَالَى

(1/114)


سَوَاء فَكَأَن الْيَوْم مَاض أَو كَانَ إِذْ مستقبله انْتهى
وَقيل الْمَعْنى إِذْ ثَبت ظلمكم وَقيل التَّقْدِير بعد إِذْ ظلمتم وَعَلَيْهِمَا أَيْضا ف إِذْ بدل من الْيَوْم وَلَيْسَ هَذَا التَّقْدِير مُخَالفا لما قُلْنَاهُ فِي {بعد إِذْ هديتنا} لِأَن الْمُدعى هُنَاكَ أَنَّهَا لَا يسْتَغْنى عَن مَعْنَاهَا كَمَا يجوز الِاسْتِغْنَاء عَن يَوْم فِي يَوْمئِذٍ لِأَنَّهَا لَا تحذف لدَلِيل وَإِذا لم تقدر إِذْ تعليلا فَيجوز أَن تكون أَن وصلتها تعليلا وَالْفَاعِل مستتر رَاجع إِلَى قَوْلهم {يَا لَيْت بيني وَبَيْنك بعد المشرقين} أَو إِلَى القرين وَيشْهد لَهما قِرَاءَة بَعضهم {إِنَّكُم} بِالْكَسْرِ على الِاسْتِئْنَاف
5 - وَالرَّابِع أَن تكون للمفاجأة نَص على ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَهِي الْوَاقِعَة بعد بَينا أَو بَيْنَمَا كَقَوْلِه
1129 - (استقدر الله خيرا وارضين بِهِ ... فَبَيْنَمَا الْعسر إِذْ دارت مياسير)
وَهل هِيَ ظرف مَكَان أَو زمَان أَو حرف بِمَعْنى المفاجأة أَو حرف توكيد أَي زَائِد أَقْوَال وعَلى القَوْل بالظرفية فَقَالَ ابْن جني عاملها الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّهَا غير مُضَافَة إِلَيْهِ وعامل بَينا وبينما مَحْذُوف يفسره الْفِعْل الْمَذْكُور وَقَالَ الشلوبين إِذْ مُضَافَة إِلَى الْجُمْلَة فَلَا يعْمل فِيهَا الْفِعْل وَلَا فِي بَينا وبينما لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف وَلَا فِيمَا قبله وَإِنَّمَا عاملهما مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الْكَلَام وَإِذ بدل مِنْهُمَا وَقيل الْعَامِل مَا يَلِي بَين بِنَاء على أَنَّهَا مَكْفُوفَة عَن الْإِضَافَة إِلَيْهِ كَمَا يعْمل تالي اسْم الشَّرْط فِيهِ وَقيل بَين خبر لمَحْذُوف وَتَقْدِير قَوْلك بَيْنَمَا أَنا قَائِم إِذْ جَاءَ زيد بَين أَوْقَات قيامي مَجِيء زيد ثمَّ حذف الْمُبْتَدَأ مدلولا عَلَيْهِ بجاء زيد وَقيل مُبْتَدأ وَإِذ خَبره وَالْمعْنَى حِين أَنا قَائِم حِين جَاءَ زيد
وَذكر ل إِذْ مَعْنيانِ آخرَانِ أَحدهمَا التوكيد وَذَلِكَ بِأَن تحمل على

(1/115)


الزِّيَادَة قَالَه أَبُو عُبَيْدَة وَتَبعهُ ابْن قُتَيْبَة وحملا عَلَيْهِ آيَات مِنْهَا {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} وَالثَّانِي التَّحْقِيق ك قد وحملت عَلَيْهِ الْآيَة وَلَيْسَ الْقَوْلَانِ بِشَيْء وَاخْتَارَ ابْن الشجري أَنَّهَا تقع زَائِدَة بعد بَينا وبينما خَاصَّة قَالَ لِأَنَّك إِذا قلت بَيْنَمَا أَنا جَالس إِذْ جَاءَ زيد فقدرتها غير زَائِدَة أعملت فِيهَا الْخَبَر وَهِي مُضَافَة إِلَى جملَة جَاءَ زيد وَهَذَا الْفِعْل هُوَ الناصب ل بَين فَيعْمل الْمُضَاف إِلَيْهِ فِيمَا قبل الْمُضَاف اهـ وَقد مضى كَلَام النَّحْوِيين فِي تَوْجِيه ذَلِك وعَلى القَوْل بالتحقيق فِي الْآيَة فالجملة مُعْتَرضَة بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل
مَسْأَلَة
تلْزم إِذْ الْإِضَافَة إِلَى جملَة إِمَّا اسمية نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل} أَو فعلية فعلهَا مَاض لفظا وَمعنى نَحْو {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} (وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه) {وَإِذ غَدَوْت من أهلك} أَو فعلية فعلهَا مَاض معنى لَا لفظا نَحْو {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد} {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} وَقد اجْتمعت الثَّلَاثَة فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا}

(1/116)


) الأولى ظرف لنصره وَالثَّانيَِة بدل مِنْهَا وَالثَّالِثَة قيل بدل ثَان وَقيل ظرف لثاني اثْنَيْنِ وَفِيهِمَا وَفِي إِبْدَال الثَّانِيَة نظر لِأَن الزَّمن الثَّانِي وَالثَّالِث غير الأول فَكيف يبدلان مِنْهُ ثمَّ لَا يعرف أَن الْبَدَل يتَكَرَّر إِلَّا فِي بدل الإضراب وَهُوَ ضَعِيف لَا يحمل عَلَيْهِ التَّنْزِيل وَمعنى {ثَانِي اثْنَيْنِ} وَاحِد من اثْنَيْنِ فَكيف يعْمل فِي الظّرْف وَلَيْسَ فِيهِ معنى فعل وَقد يُجَاب بِأَن تقَارب الْأَزْمِنَة ينزلها منزلَة المتحدة أَشَارَ إِلَى ذَلِك أَبُو الْفَتْح فِي الْمُحْتَسب والظرف يتَعَلَّق بوهم الْفِعْل وأيسر روائحه
وَقد يحذف أحد شطري الْجُمْلَة فيظن من لَا خبْرَة لَهُ أَنَّهَا أضيفت إِلَى الْمُفْرد كَقَوْلِه
130 - (هَل ترجعن لَيَال قد مضين لنا ... والعيش مُنْقَلب إِذْ ذَاك أفنانا)
وَالتَّقْدِير إِذْ ذَاك كَذَلِك وَقَالَ الأخطل
13 - (كَانَت منَازِل الأف عهدتهم ... إِذْ نَحن إِذْ ذَاك دون النَّاس إخْوَانًا)
أُلَّاف بِضَم الْهمزَة جمع آلف بِالْمدِّ مثل كَافِر وكفار وَنحن وَذَاكَ مبتدآن حذف خبراهما وَالتَّقْدِير عهدتهم إخْوَانًا إِذْ نَحن متآلفون إِذْ ذَاك كَائِن وَلَا تكون إِذْ الثَّانِيَة خَبرا عَن نَحن لِأَنَّهُ زمَان وَنحن اسْم عين بل هِيَ ظرف للْخَبَر الْمُقدر وَإِذ الأولى ظرف لعهدتهم وَدون إِمَّا ظرف لَهُ أَو للْخَبَر الْمُقدر أَو لحَال من إخْوَانًا محذوفة أَي متصافين دون النَّاس وَلَا يمْنَع ذَلِك

(1/117)


تنكير صَاحب الْحَال لتأخره فَهُوَ كَقَوْلِه
13 - (لمية موحشا طلل ... )
وَلَا كَونه اسْم عين لِأَن دون ظرف مَكَان لَا زمَان والمشار إِلَيْهِ ب ذَاك التجاور الْمَفْهُوم من الْكَلَام
وَقَالَت الخنساء
133 - (كَأَن لم يَكُونُوا حمى يتقى ... إِذْ النَّاس إِذْ ذَاك من عزبزا)
إِذْ الأولى ظرف ليتقى أَو لحمى أَو ل يَكُونُوا إِن قُلْنَا إِن ل كَانَ النَّاقِصَة مصدرا وَالثَّانيَِة ظرف ل بز وَمن مُبْتَدأ مَوْصُول لَا شَرط لِأَن بز عَامل فِي إِذْ الثَّانِيَة وَلَا يعْمل مَا فِي حيّز الشَّرْط فِيمَا قبله عِنْد الْبَصرِيين وبز خبر من وَالْجُمْلَة خبر النَّاس والعائد مَحْذُوف أَي من عز مِنْهُم كَقَوْلِهِم السّمن منوان بدرهم وَلَا تكون إِذْ الأولى ظرفا لبز لِأَنَّهُ جُزْء الْجُمْلَة الَّتِي أضيفت إِذْ الأولى إِلَيْهَا وَلَا يعْمل شَيْء من الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الْمُضَاف وَلَا إِذْ الثَّانِيَة بدل من الأولى لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكمل بِمَا أضيفت إِلَيْهِ وَلَا يتبع اسْم حَتَّى يكمل وَلَا تكون خَبرا عَن النَّاس لِأَنَّهَا زمَان وَالنَّاس اسْم عين وَذَاكَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر أَي كَائِن وعَلى ذَلِك فقس
وَقد تحذف الْجُمْلَة كلهَا للْعلم بهَا ويعوض عَنْهَا التَّنْوِين وتكسر الذَّال

(1/118)


لالتقاء الساكين نَحْو {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ} وَزعم الْأَخْفَش أَن إِذْ فِي ذَلِك معربة لزوَال افتقارها إِلَى الْجُمْلَة وَأَن الكسرة إِعْرَاب لِأَن الْيَوْم مُضَاف إِلَيْهَا ورد بِأَن بناءها لوضعها على حرفين وَبِأَن الافتقار بَاقٍ فِي الْمَعْنى كالموصول تحذف صلته لدَلِيل قَالَ
134 - (نَحن الألى فاجمع جموعه ... عك ثمَّ وجههم إِلَيْنَا)
أَي نَحن الألى عرفُوا وَبِأَن الْعِوَض ينزل منزلَة المعوض عَنهُ فَكَأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ مَذْكُور وَبِقَوْلِهِ
135 - (نهيتك عَن طلابك أم عَمْرو ... بعافية وَأَنت إِذْ صَحِيح)
فَأجَاب عَن هَذَا بِأَن الأَصْل حِينَئِذٍ ثمَّ حذف الْمُضَاف وَبَقِي الْجَرّ كَقِرَاءَة بَعضهم {وَالله يُرِيد الْآخِرَة} أَي ثَوَاب الْآخِرَة
تَنْبِيه
أضيفت إِذْ إِلَى الْجُمْلَة الاسمية فاحتملت الظَّرْفِيَّة والتعليلية فِي قَول المتنبي
136 - (أَمن ازديارك فِي الدجى الرقباء ... إِذْ حَيْثُ كنت من الظلام ضِيَاء)
وَشَرحه أَن أَمن فعل مَاض فَهُوَ مَفْتُوح الآخر لَا مَكْسُورَة على أَنه حرف جر كَمَا توهم شخص ادّعى الْأَدَب فِي زَمَاننَا وأصر على ذَلِك والازديار أبلغ من الزِّيَارَة كَمَا أَن الِاكْتِسَاب أبلغ من الْكسْب لِأَن الافتعال للتَّصَرُّف وَالدَّال بدل عَن التَّاء وَفِي مُتَعَلقَة بِهِ لَا بأمن لِأَن الْمَعْنى أَنهم أمنُوا دَائِما أَن تزوري فِي الدجى وَإِذ إِمَّا تَعْلِيل أَو ظرف مبدل من مَحل فِي الدجى وضياء مُبْتَدأ

(1/119)


خَبره حَيْثُ وابتدىء بالنكرة لتقدم خَبَرهَا عَلَيْهَا ظرفا وَلِأَنَّهَا مَوْصُوفَة فِي الْمَعْنى لِأَن من الظلام صفة لَهَا فِي الأَصْل فَلَمَّا قدمت عَلَيْهَا صَارَت حَالا مِنْهَا وَمن للبدل وَهِي مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَكَانَ تَامَّة وَهِي وفاعلها خفض بِإِضَافَة حَيْثُ وَالْمعْنَى إِذْ الضياء حَاصِل فِي كل مَوْضُوع حصلت فِيهِ بَدَلا من الظلام
إِذْ مَا
أَدَاة شَرط تجزم فعلين وَهِي حرف عِنْد سِيبَوَيْهٍ بِمَنْزِلَة إِن الشّرطِيَّة وظرف عِنْد الْمبرد وَابْن السراج والفارسي وعملها الْجَزْم قَلِيل لَا ضَرُورَة خلافًا لبَعْضهِم
إِذا
على وَجْهَيْن
1 - أَحدهمَا أَن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية وَلَا تحْتَاج لي جَوَاب وَلَا تقع فِي الِابْتِدَاء وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد بِالْبَابِ وَمِنْه {فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} {إِذا لَهُم مكر}
وَهِي حرف عِنْد الْأَخْفَش ويرجحه قَوْلهم خرجت فَإِذا إِن زيدا بِالْبَابِ كسر إِن لِأَن إِن لَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا وظرف مَكَان عِنْد الْمبرد وظرف زمَان عِنْد الزّجاج وَاخْتَارَ الأول ابْن مَالك وَالثَّانِي ابْن عُصْفُور وَالثَّالِث الزَّمَخْشَرِيّ وَزعم أَن عاملها فعل مُقَدّر مُشْتَقّ من لفظ المفاجأة قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة} الْآيَة إِن التَّقْدِير إِذا دعَاكُمْ فاجأتم الْخُرُوج فِي ذَلِك

(1/120)


الْوَقْت وَلَا يعرف هَذَا لغيره وَإِنَّمَا ناصبها عِنْدهم الْخَبَر الْمَذْكُور فِي نَحْو خرجت فَإِذا زيد جَالس أَو الْمُقدر فِي نَحْو فَإِذا الْأسد أَي حَاضر وَإِذا قدرت أَنَّهَا الْخَبَر فعاملها مُسْتَقر أَو اسْتَقر
وَلم يَقع الْخَبَر مَعهَا فِي التَّنْزِيل إِلَّا مُصَرحًا بِهِ نَحْو {فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} {فَإِذا هِيَ شاخصة} {فَإِذا هم خامدون} {فَإِذا هِيَ بَيْضَاء} {فَإِذا هم بالساهرة}
وَإِذا قيل خرجت فَإِذا الْأسد صَحَّ كَونهَا عِنْد الْمبرد خَبرا أَي فبالحضرة الْأسد وَلم يَصح عِنْد الزّجاج لِأَن الزَّمَان لَا يخبر بِهِ عَن الجثة وَلَا عِنْد الْأَخْفَش لِأَن الْحَرْف لَا يخبر بِهِ وَلَا عَنهُ فَإِن قلت فَإِذا الْقِتَال صحت خبريتها عِنْد غير الْأَخْفَش
وَتقول خرجت فَإِذا زيد جَالس أَو جَالِسا فالرفع على الخبرية وَإِذا نصب بِهِ وَالنّصب على الحالية وَالْخَبَر إِذا إِن قيل بِأَنَّهَا مَكَان وَإِلَّا فَهُوَ مَحْذُوف نعم يجوز أَن تقدرها خَبرا عَن الجثة مَعَ قَوْلنَا إِنَّهَا زمَان إِذا قدرت حذف مُضَاف كَأَن تقدر فِي نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد فاذا حُضُور الْأسد
مَسْأَلَة
قَالَت الْعَرَب قد كنت أَظن أَن الْعَقْرَب أَشد لسعة من الزنبور فَإِذا هُوَ هِيَ وَقَالُوا أَيْضا فَإِذا هُوَ إِيَّاهَا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه الَّذِي أنكرهُ سِيبَوَيْهٍ لما سَأَلَهُ الْكسَائي

(1/121)


وَكَانَ من خبرهما أَن سِيبَوَيْهٍ قدم على البرامكة فعزم يحيى بن خَالِد على الْجمع بَينهمَا فَجعل لذَلِك يَوْمًا فَلَمَّا حضر سِيبَوَيْهٍ تقدم إِلَيْهِ الْفراء وَخلف فَسَأَلَهُ خلف عَن مَسْأَلَة فَأجَاب فِيهَا فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت ثمَّ سَأَلَهُ ثَانِيَة وثالثة وَهُوَ يجِيبه وَيَقُول لَهُ أَخْطَأت فَقَالَ لَهُ سِيبَوَيْهٍ هَذ سوء أدب فَأقبل عَلَيْهِ الْفراء فَقَالَ لَهُ إِن فِي هَذَا الرجل حِدة وعجلة وَلَكِن مَا تَقول فِيمَن قَالَ هَؤُلَاءِ أبون ومررت بأبين كَيفَ تَقول على مِثَال ذَلِك من وأيت أَو أويت فَأَجَابَهُ فَقَالَ أعد النّظر فَقَالَ لست أكلمكما حَتَّى يحضر صاحبكما فَحَضَرَ الْكسَائي فَقَالَ لَهُ الْكسَائي تَسْأَلنِي أَو أَسأَلك فَقَالَ لَهُ سِيبَوَيْهٍ سل أَنْت فَسَأَلَهُ عَن هَذَا الْمِثَال فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ فا هُوَ هِيَ وَلَا يجوز النصب وَسَأَلَهُ عَن أَمْثَال ذَلِك نَحْو خرجت فَإِذا عبد الله الْقَائِم أَو الْقَائِم فَقَالَ لَهُ كل ذَلِك بِالرَّفْع فَقَالَ الْكسَائي الْعَرَب ترفع كل ذَلِك وتنصب فَقَالَ يحيى قد اختلفتما وأنتما رَئِيسا بلديكما فَمن يحكم بَيْنكُمَا فَقَالَ لَهُ الْكسَائي هَذِه الْعَرَب ببابك قد سمع مِنْهُم أهل البلدين فيحضرون ويسألون فَقَالَ يحيى وجعفر أنصفت فأحضروا فَوَافَقُوا الْكسَائي فاستكان سِيبَوَيْهٍ فَأمر لَهُ يحيى بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَخرج إِلَى فَارس فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ وَلم يعد إِلَى الْبَصْرَة فَيُقَال إِن الْعَرَب قد رشوا على ذَلِك أَو إِنَّهُم علمُوا منزلَة الْكسَائي عِنْد الرشيد وَيُقَال إِنَّهُم إِنَّمَا قَالُوا القَوْل قَول الْكسَائي وَلم ينطقوا بِالنّصب وَإِن سِيبَوَيْهٍ قَالَ ليحيى مرهم أَن

(1/122)


ينطقوا بذلك فَإِن ألسنتهم لَا تطوع بِهِ وَلَقَد أحسن الإِمَام الأديب أَبُو الْحسن حَازِم بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ القرطاجني إِذْ قَالَ فِي منظومته فِي النَّحْو حاكيا هَذِه الْوَاقِعَة وَالْمَسْأَلَة
(وَالْعرب قد تحذف الْأَخْبَار بعد إِذا ... إِذا عنت فَجْأَة الْأَمر الَّذِي دهما)
(وَرُبمَا نصبوا للْحَال بعد إِذا ... وَرُبمَا رفعوا من بعْدهَا رُبمَا)
(فَإِن توالى ضميران اكتسى بهما ... وَجه الْحَقِيقَة من إشكاله غمما)
(لذاك أعيت على الأفهام مَسْأَلَة ... أَهْدَت إِلَى سِيبَوَيْهٍ الحتف والغمما)
(قد كَانَت الْعَقْرَب العوجاء أحسبها ... قدما أَشد من الزنبور وَقع حما)
(وَفِي الْجَواب عَلَيْهَا هَل إِذا هُوَ هِيَ ... أَو هَل إِذا هُوَ إِيَّاهَا قد اخْتَصمَا)
(وَخطأ ابْن زِيَاد وَابْن حَمْزَة فِي ... مَا قَالَ فِيهَا أَبَا بشر وَقد ظلما)
(وغاظ عمرا عَليّ فِي حكومته ... يَا ليته لم يكن فِي أمره حكما)
(كغيظ عَمْرو عليا فِي حكومته ... يَا ليته لم يكن فِي أمره حكما)
(وفجع ابْن زِيَاد كل منتخب ... من أَهله إِذْ غَدا مِنْهُ يفِيض دَمًا)
(كفجعة ابْن زِيَاد كل منتخب ... من أَهله إِذْ غَدا مِنْهُ يفِيض دَمًا)
(وأصبحت بعده الأنقاس باكية ... فِي كل طرس كدمع سح وانسجما)
(وَلَيْسَ يَخْلُو امْرُؤ من حَاسِد أضم ... لَوْلَا التنافس فِي الدُّنْيَا لما أضما)
(والغبن فِي الْعلم أشجى محنة علمت ... وأبرح النَّاس شجوا عَالم هضما)
وَقَوله وَرُبمَا نصبوا إِلَخ أَي وَرُبمَا نصبوا على الْحَال بعد أَن رفعوا مَا بعد إِذا على الِابْتِدَاء فَيَقُولُونَ فَإِذا زيد جَالِسا
وَقَوله رُبمَا فِي آخر الْبَيْت بِالتَّخْفِيفِ توكيد لربما فِي أَوله بِالتَّشْدِيدِ

(1/123)


وغمما فِي آخر الْبَيْت الثَّالِث بِفَتْح الْغَيْن كِنَايَة عَن الْإِشْكَال والخفاء وغمما فِي آخر الْبَيْت الرَّابِع بضَمهَا جمع غمَّة
وَابْن زِيَاد هُوَ الْفراء واسْمه يحيى وَابْن حَمْزَة هُوَ الْكسَائي واسْمه عَليّ وَأَبُو بشر سِيبَوَيْهٍ واسْمه عَمْرو وَألف ظلما للتثنية إِن بنيته للْفَاعِل وللاطلاق إِن بنيته للْمَفْعُول وَعَمْرو وَعلي الْأَوَّلَانِ سِيبَوَيْهٍ وَالْكسَائِيّ والآخران ابْن الْعَاصِ وَابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا وَحكما الأول اسْم وَالثَّانِي فعل أَو بِالْعَكْسِ دفعا للايطاء وَزِيَاد الأول وَالِد الْفراء وَالثَّانِي زِيَاد ابْن أَبِيه وَابْنه الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ ابْن مرْجَانَة الْمُرْسل فِي قتلة الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وأضم كغضب وزنا وَمعنى وإعجام الضَّاد وَالْوَصْف مِنْهُ أضم كفرح وهضم مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي لم يوف حَقه
وَأما سُؤال الْفراء فَجَوَابه أَن أبون جمع أَب وَأب فعل بِفتْحَتَيْنِ وَأَصله أَبُو فَإِذا بنينَا مثله من أَوَى أَو من وأى قُلْنَا أَوَى كهوى أَو قُلْنَا وَأي كهوى أَيْضا ثمَّ تجمعه بِالْوَاو وَالنُّون فتحذف الْألف كَمَا تحذف ألف مصطفى وَتبقى الفتحة دَلِيلا عَلَيْهَا فَتَقول أوون أَو وأون رفعا وأوين أَو وَأَيْنَ جرا ونصبا كَمَا تَقول فِي جمع عَصا وَقفا اسْم رجل عصون وقفون وعصين وقفين وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يخفى على سِيبَوَيْهٍ وَلَا على أصاغر الطّلبَة وَلكنه كَمَا قَالَ أَبُو عُثْمَان الْمَازِني دخلت بَغْدَاد

(1/124)


فألقيت عَليّ مسَائِل فَكنت أُجِيب فِيهَا على مذهبي ويخطئونني على مذاهبهم اهـ وَهَكَذَا اتّفق لسيبويه رَحمَه الله تَعَالَى
وَأما سُؤال الْكسَائي فَجَوَابه مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ فَإِذا هُوَ هِيَ هَذَا هُوَ وَجه الْكَلَام مثل {فَإِذا هِيَ بَيْضَاء} {فَإِذا هِيَ حَيَّة} وَأما فَإِذا هُوَ إِيَّاهَا إِن ثَبت فخارج عَن الْقيَاس وَاسْتِعْمَال الفصحاء كالجزم ب لن وَالنّصب ب لم والجر ب لَعَلَّ وسيبويه وَأَصْحَابه لَا يلتفتون لمثل ذَلِك وَإِن تكلم بعض الْعَرَب بِهِ
وَقد ذكر فِي تَوْجِيهه أُمُور أَحدهمَا لأبي بكر بن الْخياط وَهُوَ أَن إِذا ظرف فِيهِ معنى وجدت وَرَأَيْت فَجَاز لَهُ أَن ينصب الْمَفْعُول وَهُوَ مَعَ ذَلِك مخبر بِهِ عَن الِاسْم بعده انْتهى
وَهَذَا خطأ لِأَن الْمعَانِي لَا تنصب المفاعيل الصَّحِيحَة وَإِنَّمَا تعْمل فِي الظروف وَالْأَحْوَال وَلِأَنَّهَا تحْتَاج على زَعمه إِلَى فَاعل وَإِلَى مفعول آخر فَكَانَ حَقّهَا أَن تنصب مَا يَليهَا وَالثَّانِي أَن ضمير النصب استعير فِي مَكَان ضمير الرّفْع قَالَه ابْن مَالك وَيشْهد لَهُ قِرَاءَة الْحسن / إياك تعبد / بِبِنَاء الْفِعْل للْمَفْعُول وَلكنه لَا يَتَأَتَّى فِيمَا أجازوه من قَوْلك فَإِذا زيد الْقَائِم بِالنّصب فَيَنْبَغِي أَن يُوَجه هَذَا على أَنه نعت مَقْطُوع أَو حَال على زِيَادَة أل وَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا ينقاس وَمن جوز تَعْرِيف الْحَال أَو زعم أَن إِذا تعْمل عمل وجدت وَأَنَّهَا رفعت عبد الله بِنَاء على أَن الظّرْف يعْمل وَإِن لم يعْتَمد فقد أَخطَأ لِأَن وجد ينصب الاسمين وَلِأَن مَجِيء الْحَال بِلَفْظ الْمعرفَة قَلِيل وَهُوَ قَابل للتأويل وَالثَّالِث أَنه مفعول بِهِ

(1/125)


وَالْأَصْل فَإِذا هُوَ يساويها أَو فَإِذا هُوَ يشابهها ثمَّ حذف الْفِعْل فانفصل الضَّمِير وَهَذَا هُوَ الْوَجْه لِابْنِ مَالك أَيْضا وَنَظِيره قِرَاءَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ {لَئِن أكله الذِّئْب وَنحن عصبَة} بِالنّصب أَي نوجدعصبة أَو نرى عصبَة وَأما قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا نعبدهم} إِذا قيل إِن التَّقْدِير يَقُولُونَ مَا نعبدهم فَإِنَّمَا حسنه أَن إِضْمَار القَوْل مستسهسل عِنْدهم وَالرَّابِع أَنه مفعول مُطلق وَالْأَصْل فَإِذا هُوَ يلسع لسعتها ثمَّ حذف الْفِعْل كَمَا تَقول مَا زيد إِلَّا شرب الْإِبِل ثمَّ حذف الْمُضَاف نَقله الشلوبين فِي حَوَاشِي الْمفصل عَن الأعلم وَقَالَ هُوَ أشبه مَا وَجه بِهِ النصب وَالْخَامِس أَنه مَنْصُوب على الْحَال من الضَّمِير فِي الْخَبَر الْمَحْذُوف وَالْأَصْل فَإِذا هُوَ ثَابت مثلهَا ثمَّ حذف الْمُضَاف فانفصل الضَّمِير وانتصب فِي اللَّفْظ على الْحَال على سَبِيل النِّيَابَة كَمَا قَالُوا قَضِيَّة وَلَا أَبَا حسن لَهَا على إِضْمَار مثل قَالَه ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ وَهُوَ وَجه غَرِيب أَعنِي انتصاب الضَّمِير على الْحَال وَهُوَ مَبْنِيّ على إجَازَة الْخَلِيل لَهُ صَوت صَوت الْحمار بِالرَّفْع صفة لصوت بِتَقْدِير مثل وَأما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ هَذَا قَبِيح ضَعِيف وَمِمَّنْ قَالَ بِالْجَوَازِ ابْن مَالك إِذا كَانَ الْمُضَاف إِلَى معرفَة كلمة مثل جَازَ أَن تخلفها الْمعرفَة فِي التنكير فَتَقول مَرَرْت بِرَجُل زُهَيْر

(1/126)


بالخفض صفة للنكرة وَهَذَا زيد زهيرا بِالنّصب على الْحَال وَمِنْه قَوْلهم تفَرقُوا أيادي سبا وأيدي سبا وَإِنَّمَا سكنت الْيَاء مَعَ أَنَّهُمَا منصوبان لثقلهما بالتركيب والإعلال كَمَا فِي معد يكرب وقالي قلا
3 - وَالثَّانِي من وَجْهي إِذا أَن تكون لغير مفاجأة فالغالب أَن تكون ظرفا للمستقبل مضمنة معنى الشَّرْط وتختص بِالدُّخُولِ على الْجُمْلَة الفعلية عكس الفجائية وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} وَقَوله تَعَالَى {فَإِذا أصَاب بِهِ من يَشَاء من عباده إِذا هم يستبشرون} وَيكون الْفِعْل بعْدهَا مَاضِيا كثيرا ومضارعا دون ذَلِك وَقد اجْتمعَا فِي قَول أبي ذُؤَيْب
137 - (وَالنَّفس راغبة إِذا رغبتها ... وَإِذا ترد إِلَى قَلِيل تقنع)
وَإِنَّمَا دخلت الشّرطِيَّة على الِاسْم فِي نَحْو (إِذا السَّمَاء انشقت) لِأَنَّهُ فَاعل بِفعل مَحْذُوف على شريطة التَّفْسِير لَا مُبْتَدأ، خلافًا للأخفش وَأما قَوْله
138 - (إِذا باهلي تَحْتَهُ حنظلية ... لَهُ ولد مِنْهَا فَذَاك المذرع)
فالتقدير إِذا كَانَ باهلي وَقيل حنظلية فَاعل باستقر محذوفا وباهلي فَاعل بِمَحْذُوف يفسره الْعَامِل فِي حنظلية وَيَردهُ أَن فِيهِ حذف الْمُفَسّر ومفسره جَمِيعًا ويسهله أَن الظّرْف يدل على الْمُفَسّر فَكَأَنَّهُ لم يحذف
وَلَا تعْمل إِذا الْجَزْم فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه

(1/127)


139 - (استغن مَا أَغْنَاك رَبك بالغنى ... وَإِذا تصبك خصَاصَة فتجمل)
قيل وَقد تخرج عَن كل من الظَّرْفِيَّة والاستقبال وَمعنى الشَّرْط وَفِي كل من هَذِه فصل