نحو مير مبادئ قواعد اللغة العربية الفصل الثالث: في
بيان الحروف غير العاملة
وهي سبعة عشر قسما:
الأول: حروف التنبيه، وهي ثلاثة:
أَلَا، وأَمَّا، وهَا (1).
والثاني: حروف الإيجاب، وهي ستة:
نَعَمْ، وبَلَى، واَجَلْ، وإِيْ، وجَيْرِ، وإنَّ. (2).
والثالث: حروف التفسير، وهي حربفين:
أَيْ وأَنْ، كقوله: «نَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيْمُ» (2).
والرابع: الحروف المصدرية، وهي
ثلاثة: مَا، وأَنْ، وأَنَّ (4) وإذا دخلت مَا، وأَنْ على الفعل يكون
الفعل بمعنى المصدر.
__________
(1) ومن حروف التنبيه «يَا» إذا لم تدخل على منادي كدخولها على ليت
ورب، نحو: «يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي
الآخِرَةِ». [أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري» (2/ 49 -
50) (رقم: 1126).
(2) ومنها أيضًا كلا ولا، وتستخدمان لنفي الجواب. وتفيد «كلا» منع
النفي ردع المخاطب وزجره، تقول لمن يزين لك السوء ويغريك بإتيانه:
«كلا» أي لا أجيبك إلى ذلك، فارتدع عن طلبك، وتقول لمن قال لك: أتأكل:
لا أريد.
وإن حرف جواب بمعنى نعم، قال الشاعر:
ويقلن شيبُ قد عَلاَك ... وقد كبرتَ فَقلتُ إنَّه
[قاله ابن قيس الرُّقيات، كما نقله شمس الدين النواجي في «الشفاء في
بديع الاكتفاء» (34)]
(3) القرآن الكريم، سورة الصافات (37): 104
(4) والمعروف أن «أَنَّ» تدخل على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ وترفع
الخبر، والمصدر يؤول منها ومما دخلت عليه، نحو: «عَلِمْتُ مُحَمَّدًا
نَاجِحٌ» أي عَلِمْتُ نَجَا مُحَمَّدٍ.
ومن الحروف المصدرية أيضًا: «لَوْ» وأكثر ما تقع بعد «وَدَّ ويَوَدُّ»
كقوله تعالى: «وَدُّوْا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوْنَ» [القرآن الكريم،
سورة القلم (68): 9]، و «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ
سَنَةٍ» [القرآن الكريم، سورة البقرة (2): 96]، وقد تقع بعد غيرهما
كقول قتيلة:
مَا كَانَ ضرك لَو مننت فَرُبمَا ... من الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق
[قالته قتيلة بنت النَّضر بن الْحَارِث، كما نقله الجرّاوي في «الحماسة
المغربية = مختصر كتاب صفوة الأدب ونخبة ديوان العرب» (1/ 99) (رقم
40)]
وكَيْ: مثل: إِرْحَمِ النَّاسَ لَكَيْ تُرْحَمَ.
وهمزة التسوية: تحو قوله تعالى: «سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ
أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» [القرآن الكريم، سورة البقرة (2): 6] ,
والتقدير سواء عليهم إنذارك وعدمه، والذي في قوله تعالى: «وَخُضْتُمْ
كَالَّذِيْ خَاضُوْا» [القرآن الكريم، سورة التوبة (9): 69] أي كخوضهم.
(/35)
والخامس: حروف
التحضيض، وهي أربعة: أَلَّا، وهَلَّا، ولَوْلَا، ولَوْمَا (1).
والسادس: حروف التوقع، هو قَدْ،
ويجيء لتحقيق الماضي أو لتقريبه إلى الحال، إذا دخل على الماضي،
وللتقليل إذا دخل على المضارع.
والسابع: حروف الاستفهام، وهي
ثلاثة: مَا والهمزة، وهَلْ (2).
والثامن: حرف الردع، وهو كَلَّا،
معناه المنع والزجر، وتأتي في معنى حقًّا أيضًا، كقوله تعالى: «كَلَّا
سَوْفَ تَعْلَمُونَ» (3).
والتاسع: التنوين، وهو خمسة أقسام:
1 - التمكن، مثل: «زَيْدٌ».
2 - والتنكير، مثل «صَهٍ» أي أُسْكُتْ سُكُوْتًا مَّا فِيْ وَقْتٍ
مَّا، وأما «صَهْ» بغير تنوين، فمعناه: اُسْكُتِ السُّكُوْتَ الْآنَ.
3 - والعوض، مثل: «يَوْمَئِذٍ»،
4 - والمقابلة، مثل: «مُسْلِمَاتٌ» (4).
5 - والترنُّم: وهو الذي يكون في آخر الأبيات، نحو: قول جرير:
«أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلُ وَالْعِتَابْ ... وَقُوْلِيْ إنْ أَصَبْتُ
لَقَدْ أصَابَنْ» (5)
وتنوين الترنُّم متصل بالاسم والفعل والحروف. والباقية خاصة بالاسم.
والعاشر: نون التأكيد في آخر المضارع؛
ثقيلة كانت أو خفيفة، مثل: «اِضْرَبَنَّ»، و «اِضْرِبَنْ».
والحادي عشر: حروف الزيادة، وهي
ثمانية: إِنْ، وأَنْ، ومَا، ولَا، ومِنْ، والْكَافُ، والْبَاءُ،
واللَّامُ؛ والأربعة الأخيرة قد ذكرت في الحروف الجارة.
__________
(1) من حروف التحضيض «أَلَا»، نحو: «أَلَا تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ
اللهُ لَكُمْ» [القرآن الكريم، سورة النور (24): 22].
(2) «مَا» الاستفهامية ليست حرفًا، وإنما هي اسم مبني له محل من
الإعراب حسب موقعها من الجملة، نحو: «مَا اِسْمُكَ»، فما اسم مضمن معنى
الحرف في محل رفع مبتدأ.
(3) القرآن الكريم، سورة التكاثر (102): 3؛ وتعرب في هذا المعنى
مفعولًا مطلقًا.
(4) تنوين المقابلة: وهو التنوين اللاحق لنحو «مُسْلِمَاتٍ» جعل في
مقابلة النون في «مُسْلِميْنَ».
(/36)
والثاني عشر:
حروف الشرط، وهي حرفين: أَمَّا، ولَوْ (1).
وأمَّا للتفصيل يجب الفاء في جوابه، كقوله تعالى: «فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ
وَّسَعِيْدٌ. فَأَمَّا الَّذِيْنَ شَقُوْا فَفِي النَّارِ ... وَأَمَّا
الَّذِيْنَ سُعِدُوْا فَفِي الْجَنَّةِ» (2).
ولَوْ موضوعة لانتفاء الثاني لانتفاء الأول، مثل: «لَوْ كَانَ
فِيْهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا» (3).
والثالث عشر: لَوْلَا، وهي موضوعة لانتفاء الثاني لوجود الأول، مثل:
«لَوْلَا عَلِيٌ لَهَلَكَ عُمَرُ» (4).
والرابع عشر: اللام المفتوحة، وهي
للتأكيد، مثل: «لَزَيْدٌ أَفْضَلٌ مِّنْ عَمْرٍو».
والخامس عشر: مَا بمعني مَا دَامَ [أي المصدرية الظرفية]، مثل:
«أَقُوْمُ مَا جَلَسَ الْأَمِيْرُ».
والسادس عشر: حروف العطف، وهي عشرة:
الْوَاوُ، والْفَاءُ، وثُمَّ، وحَتَّى، وإِمَّا، وَاوٌ، وأَمَّ، ولَا،
وبَلْ، ولَكِنْ، فقط.
تَمَّتْ.
__________
(1) ومن حروف الشرط: إِنْ، وإِذْ مَا؛ وهما عاملتان. ولَوْ، ولَوْلَا،
ولَوْمَا وهي غير عاملة، نحو: إن تجهد تنجح، إذ ما تدرس تنجح، لو جئت
لأكمتك، لولا رحمة الله لهلك الناس، لوما الكتابة لضاع أكثر العلم،
ولما جاء أكرمته.
إن تجزم الفعل المضارع وإذما تجزم الفعل المضارع.
(2) القرآن الكريم، سورة هود (11): 105 - 108
(3) القرآن الكريم، سورة الأنبياء (21): 22
(4) أخرجه ابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1103)
جاءت امرأة حاملة من الزنا حضرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله
عنه، فأمر الخليفة برميها الجمار، فمنع علي رضي الله عنه، وقال: ترجم
الزنا بعد وضع الحمل، فقال عمر رضي الله عنه هذه المقولة، ومثله: لولا
رحمة الله لهلك الناس.
(/37)
|