همع الهوامع في شرح جمع الجوامع الثلاثي الْمَزِيد
أفعل
(أفعل) (وللمزيد) من الثلاثي (أفعل) وَهُوَ (للتعدية) كأخرجت زيدا
(والصيرورة) كأغد الْبَعِير أَي صَار ذَا غُدَّة (وَالسَّلب) كأشكيته
أَي أزلت شكايته (والتعريض) كأقتلت فلَانا إِذا عرضته للْقَتْل وأبعت
الشَّيْء إِذا عرضته للْبيع (وَوُجُود الشَّيْء على صفته) كأحمدت
فلَانا وأبخلته وأجبنته أَي وجدته متصفا بِالْحَمْد وَالْبخل والجبن
(والإعانة) كأحلبت فلَانا وأرعيته أَي أعنته على الْحَلب والرعي
(وَبِمَعْنى فعل) كأحزنه بِمَعْنى حزنه وأشغله بِمَعْنى شغله وأحبه
بِمَعْنى حبه (ومطاوعته) ككببت الرجل فأكب وقشعت الرّيح السَّحَاب
فأقشع (والإغناء عَنهُ) كأرقل وأعنق أَي سَار سيرا سَرِيعا وأذنب
بِمَعْنى أَثم وَأقسم بِمَعْنى حلف
فعل
(وَفعل) وَهُوَ (للتعدية) نَحْو أدبت الصَّبِي (والتكثير) كفتحت
الْأَبْوَاب وذبحت الْغنم (وَالسَّلب) كقردت الْبَعِير وحلمته أَي أزلت
قراده وحلمه (والتوجه) كشرق وَغرب وغور وكوف وبصر أَي توجهه نَحْو
الشرق والغرب والغور والكوفة وَالْبَصْرَة
(3/303)
(واختصار الْحِكَايَة) كأمن وَهَلل وأيه
وَسبح وسوف إِذا قَالَ آمين وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَيَا أَيهَا
وَسُبْحَان الله وسوف (وَبِمَعْنى فعل) مخفف الْعين كَقدْر بِمَعْنى
قدر وَبشر وميز بِمَعْنى بشر وماز
تفعل
(و) بِمَعْنى (تفعل) كولى بِمَعْنى تولى أَي أعرض وفكر بِمَعْنى تفكر
ويمم بِمَعْنى تيَمّم (والإغناء عَنْهُمَا) كعرد فِي الْقِتَال أَي فر
وعيره بالشَّيْء أَي أعابه وعول عَلَيْهِ أَي اعْتمد وكعجزت الْمَرْأَة
صَارَت عجوزا
فَاعل
(وفاعل) وَهُوَ (للاشتراك) فِي
الفاعلية والمفعولية كضارب زيد عمرا فَإِن كلا من زيد وَعَمْرو من
جِهَة الْمَعْنى فَاعل ومفعول إِذْ فعل كل وَاحِد مِنْهُمَا
بِصَاحِبِهِ مثل مَا فعل بِهِ الآخر (وَبِمَعْنى فعل) كجاوزت الشَّيْء
وجزته وواعدت زيدا ووعدته (وَبِمَعْنى أفعل) كباعدت الشَّيْء وأبعدته
وضاعفته وأضعفته (والإغناء عَنْهُمَا) كبارك الله فِيهِ أَي جعل فِيهِ
الْبركَة وقاسى وبالى بِهِ أَي كابد وَأَكْثَرت بِهِ وكواريت الشَّيْء
بِمَعْنى أخفيته
تفَاعل
(وتفاعل) وَهُوَ للمشاركة كتضارب
زيد وَعَمْرو (والتجهيل) كتغافل وتجاهل وتباله وتمارض وتطارش (ومطاوعة
فَاعل) كباعد فتباعد وضاعفت الْحساب فتضاعف (وَبِمَعْنى فعل) كتواني
وونى وَتَعَالَى وَعلا (والإغناء عَنهُ) كتثاءب وتمارى
(3/304)
(فَإِن تعدى هُوَ) أَي تفَاعل (أَو تفعل
دون التَّاء لاثْنَيْنِ) أَي مفعولين (فمعها) أَي التَّاء يتَعَدَّى
(لوَاحِد) كنازعته الحَدِيث وناسيته الْبغضَاء أَي تنازعنا الحَدِيث
وتناسينا الْبغضَاء وعلمته الرماية فتعلمها وجنبته الشَّرّ فتجنبه
(وَإِلَّا) بِأَن تعدى دونهَا لوَاحِد (لزم) مَعهَا كضارب زيد عمرا
وتضارب زيد وَعَمْرو وأدبت الصَّبِي وتأدب الصَّبِي
تفعل
(وَتفعل) وَهُوَ (لمطاوعة فعل) ككسرته فتكسر وعلمته فتعلم (والتكلف)
كتحلم وتصبر وتشجع إِذا تكلّف الْحلم وَالصَّبْر والشجاعة وَكَانَ غير
مطبوع عَلَيْهَا (والاتخاذ) كتبنيت الصَّبِي اتخذته ابْنا وتوسدت
التُّرَاب اتخذته وسَادَة (والتكوين بمهلة) كتفهم وتبصر وَتسمع وتعرف
وتجرع وتحسى (والتجنب) كتأثم وتحرج وتهجد إِذا تجنب الْإِثْم والحرج
والهجود (والصيرورة) تأيمت الْمَرْأَة وتحجر الطين وتجبن اللَّبن
(وَبِمَعْنى استفعل) كتكبر وتعظم (و) بِمَعْنى (فعل) كتعدى الشَّيْء
وعداه إِذا جاوزه وَتبين وَبَان (والإغناء عَنهُ) أَي عَن فعل كتلكم
وتصدى
افتعل
(وافتعل) وَهُوَ (للاتخاذ) كاذبح واطبخ واشتوى أَي اتخذ ذَبِيحَة وطبخا
وشواء (وَالتَّصَرُّف) ويعبر عَنهُ بالتسبب كاعتمل واكتسب إِذا تسبب
فِي الْعَمَل وَالْكَسْب (وَالتَّصَرُّف) ويعبر عَنهُ بالتسبب كاعتمل
واكتسب إِذا تسبب فِي الْعَمَل وَالْكَسْب
(3/305)
(والمطاوعة) كأنصفته فانتصف وأشعلت النَّار
فاشتعلت (والتخير) كانتخب وَاصْطفى وانتقى (وَبِمَعْنى تفَاعل)
كاشتوروا وَتَشَاوَرُوا (وَتفعل) كابتسم وَتَبَسم (واستفعل) كاعتصم
واستعصم (وَفعل) كاقتدر وَقدر (والإغناء عَنهُ) أَي عَن فعل كاستلم
الْحجر والتحى الرجل قَالَ فِي الارتشاف وَأكْثر بِنَاء افتعل من
الْمُتَعَدِّي
انفعل
(وانفعل) وَهُوَ (لمطاوعة فعل علاجا) نَحْو صرفته فَانْصَرف وقسمته
فانقسم وسبكته فانسبك (وَلَا يبْنى) انفعل (من غَيره) أَي من غير مَا
يدل على علاج من فعل ثلاثي فَلَا يُقَال عَرفته فانعرف وَلَا جهلته
فانجهل وَلَا سمعته فانسمع وَكَذَا لَو دلّ على معالجة وَلم يكن ثلاثيا
لَا يُقَال أحكمته فانحكم وَلَا أكملته فانكمل وشذ نَحْو فحمته فانفحم
وأدخلته فاندخل (وَلَا) يَبْنِي (من لَازم خلافًا لأبي عَليّ)
الْفَارِسِي فَإِنَّهُ زعم أَنه قد جَاءَ من لَازم نَحْو منهو ومنغو
وَخرج على أَنه مُطَاوع أهويته وأغويته
استفعل
(واستفعل) وَهُوَ (للطلب) كاستغفر واستعان واستطعم أَي سَأَلَ الغفران
والإعانة وَالْإِطْعَام (والتحول) كاستنسر البغاث أَي صَار نسرا
واستحجر الطين (والاتخاذ) كاستعبد عبدا واستأجر أَجِيرا (والوجود)
كاستعظمته إِذا وجدته عَظِيما
(3/306)
(وَبِمَعْنى افتعل) كاستحصد الزَّرْع
واحتصد (ومطاوعته) كأحكمه فاستحكم (و) بِمَعْنى (فعل) كاستغنى وأغنى
(والإغناء عَنهُ) كاستحيا واستأثر
افْعَل
(وَافْعل) وَهُوَ (للألون) كاحمر واسود (والعيوب) كاحول (وَلَا يبْنى
من مضاعف الْعين (فَلَا يُقَال فِي رجل أجم بالجسم أَي لَا رمح مَعَه
فِي الْحَرْب اجمم لما فِيهِ من الثّقل (وَلَا من (معتل اللَّام) فَلَا
يُقَال فِي رجل ألمي وَهُوَ الأسمر الشفتين المي (وتلي عينه ألف) نَحْو
احمار واحوال (وَقيل) وَعَلِيهِ الْخَلِيل (هُوَ الأَصْل) وَافْعل
مَقْصُور مِنْهُ وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور بِدَلِيل أَنه لَيْسَ
شَيْء من افْعَل إِلَّا وَقَالَ فِيهِ افعال
افعوعل
(وافعوعل) وَهُوَ (للْمُبَالَغَة) اخشوشن الشَّيْء كثر خشونته واعشوشب
الْمَكَان كثر عشبه (والصيرورة) كاحلولي الشَّيْء صَار حلوا واحقوقف
الْجِسْم والهلال صَار كل مِنْهُمَا أحقف أَي منحنيا (وافعول وافعولل
وافعيل) أبنية (نَوَادِر) كاجلوذ إِذا مضى وأسرع فِي السّير واعلوط
الْبَعِير إِذا تعلق بعنقه وعلاه واخروط بهم السّير إِذا اشْتَدَّ
وكاعثوجج الْبَعِير أسْرع واهبيخ الرجل تكبر (وَمَا عَداهَا) أَي
الْأَبْنِيَة الْمَذْكُورَة
(3/307)
(مُلْحق) وَذَلِكَ (فوعل) كحوقل الشَّيْخ
كبر و (فعول) كجهور أَي رفع صَوته بالْقَوْل و (فعلل) ذُو الزِّيَادَة
كجلبب و (فيعل) كبيطر و (فعيل) كعذيط أَي أحدث عِنْد الْجِمَاع وفعلى
كسلقى الرجل إِذا أَلْقَاهُ على ظَهره
مَسْأَلَة
(مَا لَيْسَ فِيهِ) أَي فِي أُصُوله (حرف عِلّة صَحِيح) ثمَّ إِن سلم
من التَّضْعِيف والهمزة فسالم أَيْضا (وَإِلَّا) فَلَا فَكل سَالم
صَحِيح وَلَا عكس وَإِلَّا بِأَن كَانَ فاؤه أَو عينه أَو لامه حرف
عِلّة (فَهُوَ معتل فبالفاء) يُقَال لَهُ (مِثَال) لِأَنَّهُ يماثل
الصَّحِيح فِي صِحَّته (و) معتل (العني أجوف) لِأَن إعلاله فِي جَوْفه
أَي وَسطه وَذُو الثَّلَاثَة لكَون ماضيه على ثَلَاثَة عِنْد
الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء فَهُوَ خَاص بِالْفِعْلِ (و) معتل (اللَّام
مَنْقُوص) لنقصانه عَن قبُول بعض الْإِعْرَاب (وَذُو الْأَرْبَعَة)
لكَونه على أَرْبَعَة أحرف عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء فَهُوَ
خَاص بِالْفِعْلِ أَيْضا (و) المعتل (بحرفين لفيف) لالتفاف حرفي
الْعلَّة فِيهِ أَي اجْتِمَاعهمَا ثمَّ هُوَ (مقرون إِن تواليا) كويل
وَيَوْم وثوى (وَإِلَّا فمفروق) والمتعل بِالثَّلَاثَةِ قَلِيل جدا
كواو وياء لاسمي الحرفين فَلهَذَا لم نتعرض لذكره
الْمُضَارع
(الْمُضَارع) إِنَّمَا يحصل (بِزِيَادَة حرف
المضارعة على الْمَاضِي) وَذَلِكَ
الْهمزَة وَالنُّون وَالتَّاء وَالْيَاء لِأَن مَعْنَاهُمَا متغاير
وتغاير الْمَعْنى يَقْتَضِي تغاير اللَّفْظ (فَإِن كَانَ) الْمَاضِي
(مُجَردا) من الزِّيَادَة وَهُوَ (على فعل) بِالْفَتْح (ثلثت عينه) فِي
الْمُضَارع أَي فتحت وَكسرت وضمت نَحْو ضرب يضْرب وَنصر ينصر وَعدل
يعدل وَلَا شَرط للكسرة والضمة فيجوزان سَوَاء كَانَت الْعين أَو
اللَّام حرف حلق كدخل يدْخل وَرجح يرجح أم لَا
(3/308)
(وَشرط الْفَتْح كَونهَا) أَي الْعين (أَو
اللَّام حرف حلق) وَسَيَأْتِي نَحْو سَأَلَ يسال ومنح يمنح بِخِلَاف
غَيره وَعليَّة جَوَاز الْفَتْح فِيمَا ذكر التَّخْفِيف لاستثقال حرف
الْحلق واكتفي فِيمَا إِذا كَانَ ألفا نَحْو أكل يَأْكُل بسكوته وَلَو
كَانَت الْعين وَاللَّام مَعًا من جنس وَاحِد فَلَا فتح أَيْضا لسكونها
بِالْإِدْغَامِ نَحْو صَحَّ يَصح وَلم أحتج إِلَى تَقْيِيده بِكَوْنِهِ
غير ألف كَمَا نقل ابْن الْحَاجِب لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ إِذْ لَا
يكون أصلا فِي فعل كَمَا نبه عَلَيْهِ شرَّاح كَلَامه ثمَّ الحركات
الثَّلَاث تسْتَعْمل فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة كمضارع صبغ ونهق ودبغ
وَرجح وَقد لَا يسْتَعْمل فِيهَا إِلَّا حَرَكَة كَمَا تقدم وَقد
يسْتَعْمل فِيهَا حركتان كمضارع صلح وَفرع فِي الْفَتْح وَالضَّم مَعًا
وَكَذَا الضَّم وَالْكَسْر فِي غير الحلقي قد يَجْتَمِعَانِ كمضارع فسق
وَعَكَفَ وَقد لَا كَمَا تقدم فَمَا أشكل فَهَل يتَوَقَّف فِيهِ على
السماع لاستعمال الْعَرَب الْوَجْهَيْنِ فِي بعضه واقتصارهم فِي بعض
على وَجه أَو يَجْعَل بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ أخف وَأكْثر خلاف وَقيل
يجوزان فِي كل مضارع سمعا فِيهِ أم لَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي
نختاره أَنه إِن سمع الْكسر أَو الضَّم أتبع وَإِلَّا جَازَ فِيهِ
الْكسر وَالضَّم (ولزموا الضَّم فِي بَاب الْمُبَالغَة على الصَّحِيح)
نَحْو ضاربني فضربته أضربه وكابرته فكبرته أكبره وفاضلني ففضلته أفضله
وَجوز الْكسَائي فتح عين مضارع هَذَا النَّوْع إِذا كَانَ عينه أَو
لامه حرف حلق قِيَاسا نَحْو فاهمني ففهمته أفهمهُ وفاقهني فققهته أفقهه
وَحكى الجوهوي واضأني فوضأته أوضؤه وَقَالَ وَذَلِكَ بِسَبَب الْحَرْف
الحلقي وروى غَيره شاعرته فشعرته أشعره وفاخرني ففخرته أفخره
بِالْفَتْح وَرِوَايَة أبي ذَر (و) لزموا الضَّم (فِي المضاعف
الْمُتَعَدِّي) نَحْو شدّ يشد وعد يعد
(3/309)
لِأَنَّهُ كثيرا تلحقها الضمائر المنصوبة
فَلم كسر لزم الْخُرُوج من كسرة إِلَى ضمتين متواليتين فضم ليجري
اللِّسَان على سسن وَاحِد بِخِلَاف اللَّام (و) لزموا الضَّم (فِي
الأجوف والمنقوص بِالْوَاو) للمناسبة وَلِئَلَّا يَنْقَلِب يَاء فيلتبس
باليائي نَحْو قَالَ يَقُول وجاد يجود ودعا يَدْعُو وَعلا يَعْلُو (و)
لزموا الْكسر فيهمَا أَي فِي الأجوف والمنقوص (بِالْيَاءِ) لما ذكر
سَوَاء كَانَ غير مِثَال نَحْو بَاعَ يَبِيع وَرمى يَرْمِي أم مِثَالا
نَحْو وَفِي يَفِي (و) لزموا الْكسر (فِي المضاعف اللَّازِم) نَحْو
صَحَّ يَصح وضج يضج وَأَن يَئِن (و) لزموا الْكسر (فِي الْمِثَال)
نَحْو وسم يسم لِئَلَّا يلْزم إِثْبَات الْوَاو فِيهِ لارْتِفَاع
الْعلَّة الْمُوجبَة للحذف وَهِي وُقُوعهَا بَين يَاء وكسرة فَيلْزم
وَاو بعْدهَا ضمة وَهُوَ مستثقل وَسَوَاء كَانَ صَحِيح اللَّام أم لَا
نَحْو وَفِي يَفِي هَذَا إِلَّا لم تكن عينه أَو لامه حرف حلق (فَإِن
كَانَ عينه أَو لامه) حرفا (حلقيا فالفتح) وَارِد (أَيْضا) مَعَ الْكسر
نَحْو وعد يعد وَوضع يضع ويعرت الشَّاة تَيْعر إِلَّا أَن يكون منقوصا
وَيكون يائيا فَفِيهِ الْكسر كَمَا سبق نَحْو وعى يعي (أَو) كَانَ
الْمَاضِي على (فعل) بِالْكَسْرِ (فتحت) الْعين فِي الْمُضَارع نَحْو
علم يعلم بمخالفة عينهما (وتكسر) أَيْضا (فِي الْمِثَال) لتسقط الْفَاء
فَتحصل الخفة نَحْو ورث يَرث وومق يمق وَجَاء الْفَتْح فِيهِ بِلَا
شذوذ كوله يَله ووهل يهل وَلم يضم فِي هَذَا الْبَاب كَرَاهَة
اجْتِمَاع ثقيلين وهما الْكسر وَالضَّم فِي بَاب وَاحِد (أَو) كَانَ
الْمَاضِي على (فعل) بِالضَّمِّ (ضمت) أَيْضا فِي الْمُضَارع نَحْو ظرف
يظرف لِأَن هَذَا الْبَاب مَوْضُوع للصفات اللَّازِمَة فاختير للماضي
وللمضارع فِيهِ حَرَكَة لَا تحصل إِلَّا بانضمام إِحْدَى الشفتين إِلَى
الْأُخْرَى رِعَايَة لتناسب بَين الْأَلْفَاظ ومعانيها (وَمَا عدا
ذَلِك) الْمَذْكُور (شَاذ) كفتح مضارع أبي وركن وَقَنطَ وَلَيْسَ حلقي
الْعين أَو اللَّام
(3/310)
وكدت المضمومة وَكسر مضارع نم وَبت وَحب
وعل المضاعف الْمُتَعَدِّي وَحسب وَنعم المكسور وطاح وتاه الواوي
الْعين وَضم مضارع فر وكر وهب المضاعف اللَّازِم وَحضر وَقَنطَ المكسور
(أَو لُغَة) غير فصيحة كَقَوْل بني عَامر قلى يقلى بفتحهما وَوجه
بِالْكَسْرِ يجه بِالضَّمِّ وَقَول طيىء بَقِي يبْقى بفتحهما وَقَول
تَمِيم ضللت تضل بكسرهما (وَغير فعل) من الرباعي والمزيد مِنْهُ وَمن
الثلاثي (يكسر مَا قبل آخِره) فِي الْمُضَارع سَوَاء كَانَ عين
الْفِعْل أَو اللَّام الأولى كدحرج يدحرج وَقَاتل يُقَاتل (مَا لم يكن
أول ماضيه تَاء مزيدة) وَذَلِكَ تفعل وتفاعل وتفعلل فَلَا يُغير مَا
قبل الآخر نَحْو تعلم يتَعَلَّم وتجاهل يتجاهل وتدحرج يتدحرج إِذْ لَو
كسر لالتبس أَمر مخاطبها بمضارع علم وجاهل ودحرج إِذْ الْمُغَايرَة
حِينَئِذٍ إِنَّمَا هِيَ بحركة التَّاء وَقد لَا يرفع اللّبْس
لاحْتِمَال الذهول عَنْهَا وَلم يسْتَثْن ابْن الْحَاجِب تفعل وَلَا
بُد مِنْهُ وَاسْتثنى المكرر اللَّام نَحْو احمر واحمار فَإِنَّهُ
يُقَال فيهمَا يحمر ويحمار وَالتَّحْقِيق أَنه لَا يسْتَثْنى لِأَنَّهُ
كَانَ فِي الأَصْل مكسورا وَزَالَ بِالْإِدْغَامِ (وَيضم حرف المضارعة
من رباعي) أَي مَاض ذِي أَرْبَعَة أحرف (وَلَو بِزِيَادَة) نَحْو يدحرج
وَيكرم وَيعلم ويضاعف (وَإِلَّا يفتح) نَحْو يذهب وينطلق ويستخرج وَوجه
ذَلِك بِأَن الثلاثي كثير فِي كَلَامهم وَمَا زَاد على الرباعي ثقيل
فَاخْتَارُوا الْفَتْح لخفته للكثير والثقيل وَالضَّم للقليل (وكسره)
أَي أول الْمُضَارع (إِلَّا الْيَاء إِن كسر ثَانِي الْمَاضِي) كتعلم
(أَو زيد أَوله تَاء) كيتدحرج ويتعلم (أَو وصل) كيستعين (أَو الْيَاء)
أَيْضا (مُطلقًا) قرئَ فَإِنَّهُم (فإنّهم يِئْلمون كَمَا تِئْلمون}
[النِّسَاء: 104]
(3/311)
بِكَسْر الْيَاء وَالتَّاء (أَو فِي) مَا
فاؤه وَاو نَحْو (وَجل) وَقُرِئَ بِهِ (وقلب الْفَاء) الَّتِي هِيَ
وَاو (حِينَئِذٍ يَاء) لوقوعها سَاكِنة بعد كسرة نَحْو ييجل (أَو ألفا)
نَحْو يَا جلّ (لُغَات) منقولة
الْأَمر
(مَسْأَلَة) (الْأَمر من ذِي همز) للوصل (يفْتَتح بِهِ) نَحْو انْطلق
واستخرج واقتدر واخشوشن (وَغَيره) يفْتَتح (بتالي حرف المضارعة) إِن
كَانَ متحركا الْآن نَحْو دحرج وتدحرج أَو أصلا نَحْو أكْرم إِذا
الأَصْل فِي يكرم ويؤكرم (فَإِن كَانَ) تالي حرف المضارعة (سَاكِنا
فبالوصل) يفتح نَحْو اضْرِب وَاعْلَم واخرج (وحركة مَا قبل آخِره
كالمضارع) لِأَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْهُ
الْمَبْنِيّ للْمَجْهُول
(مَسْأَلَة) فِي الْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول (الْجُمْهُور أَن
فعل الْمَفْعُول مغير) من فعل الْفَاعِل فَهُوَ فرع عَنهُ (وَقَالَ
الكوفية والمبرد وَابْن الطراوة أصل) وَنسبه فِي شرح الكافية لسيبويه
(للزومه فِي أَفعَال) فَلم ينْطق لَهَا بفاعل كزهي وعني فَلَو كَانَ
فرعا للَزِمَ أَلا يُوجد إِلَّا حَيْثُ يُوجد الأَصْل ورد بِأَن
الْعَرَب قد تَسْتَغْنِي بالفرع عَن الأَصْل بِدَلِيل أَنه وَردت جموع
لَا مُفْرد لَهَا كمذاكير وَنَحْوه وَهِي لَا شكّ ثوان عَن
الْمُفْردَات قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي كَبِير
فَائِدَة (وَيضم أَوله مُطلقًا) مَاضِيا كَانَ أَو مضارعا (و) يضم
(مَعَه ثَانِي ذِي تَاء) مزيدة سَوَاء كَانَت للمطاوعة نَحْو تعلم
وتوعد وتدحرج أم لَا نَحْو تكبر وتجبر حذرا من الالتباس
(3/312)
(ويقلب ثالثه) أَي ذِي التَّاء (واوا)
لوقوعها بعد ضمة كَمَا فِي توعد (و) يضم مَعَ الأول أَيْضا (ثَالِث
ذِي) همز (الْوَصْل) لِئَلَّا يلتبس بِالْأَمر فِي بعض أَحْوَاله نَحْو
استخرج واستحلي (وَيكسر مَا قبل الآخر فِي الْمَاضِي) كَمَا تقدم
(وَيفتح فِي الْمُضَارع) كيضرب ويتعلم ويستخرج (فَإِن كَانَ) الْمَاضِي
(مِثَالا) أَي معتل الْفَاء (بِالْوَاو جَازَ قَلبهَا همزَة) سَوَاء
كَانَ مضعفا نَحْو (أد) فِي (ود) أم لَا نَحْو أعد فِي وعد صَحِيح
اللَّام كَمَا مثل أم لَا نَحْو أُتِي فِي وقِي (أَو أجوف) أَي معتل
الْعين (وأعل فَفِيهِ الْقلب يَاء) لِأَن الأَصْل فِي قَالَ وَبَاعَ
مثلا قَول وَبيع استثقلت الكسرة على الْوَاو وَالْيَاء فنقلت إِلَى
الْفَاء بعد حذف ضمتها فَسلمت الْيَاء وانقلبت إِلَيْهَا الْوَاو
لسكونها بعد كسرة فَصَارَ قيل وَبيع وَالْقلب واوا بِحَذْف حَرَكَة
الْعين لِأَن الثّقل إِنَّمَا نَشأ مِنْهَا وإبقاء ضمة الْفَاء فَسلمت
الْوَاو وَردت إِلَيْهَا الْيَاء لوقوعها سَاكِنة بعد ضمة نَحْو قَول
وبوع قَالَ: 1760 -
(لَيْت شَبابًا بُوعَ فاشْترَيْتُ ... )
وَقَالَ: 1761 -
(حُوكَتْ على نَوْلَيْن إذْ تُحَاكُ ... )
وَقَالَ: 1762 -
(نوط إِلَى صُلبٍ شَدِيد الحمَل ... )
(والإشمام وأفصحها الأولى) وَبهَا ورد الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى:
(وَقِيلَ يَأَرضَ
(3/313)
ابلَعيِ} و {وَغِيضَ المَاءُ} [هود: 44]
(ثمَّ الإشمام) وَبِه قَرَأَ ... وَحَقِيقَته ضم الشفتين مَعَ النُّطْق
بحركة الْفَاء بَين حركتي الضَّم وَالْكَسْر ممتزجة مِنْهُمَا (وَشرط)
أَبُو عَمْرو (الداني إسماعه و) أَبُو عَمْرو (ابْن الطُّفَيْل عَدمه)
أَي عَدمه إسماعه (فَالْمُرَاد) بِهِ عِنْده (الرّوم) لِأَنَّهُ
إِشَارَة إِلَى الْحَرَكَة من غير توصيت وَخرج بِقَيْد الإعلال مَا
كَانَ معلا وَلم يعل نَحْو (غور) فِي الْمَكَان فَحكمه حكم الصَّحِيح
قَالَ ابْن مَالك (وَيتَعَيَّن أَحدهَا) أَي اللُّغَات الثَّلَاث (إِذا
أسْند) الْفِعْل (للتاء أَو النُّون وألبس بِغَيْرِهِ) من الأشكال
فَفِي بِعْت وَدنت وَخفت يتَعَيَّن غير الْكسر وَفِي لذن وفدن ورعن
يتَعَيَّن غير الضَّم لِئَلَّا يلتبس بِفعل الْفَاعِل قَالَ أَبُو
حَيَّان وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن مَالك لم يذكرهُ أَصْحَابنَا وَلم
يعتبروه بل جوزوا الثَّلَاثَة وَأَن ألبس وَلم يبالوا بالإلباس كَمَا
لم يبالوا بِهِ حِين قَالُوا مُخْتَار لاسم الْفَاعِل أَو اسْم
الْمَفْعُول والفارق بَينهمَا تقديري لَا لَفْظِي (وتجري اللُّغَات
الثَّلَاث وَفِي وزن انفعل وافتعل) من الأجوف المعل نَحْو انقيد واختير
وانقود واختور وانقيد واختير بِخِلَاف غَيره وَلَو اعتل نَحْو اعتور
(3/314)
وَحكم الْهمزَة تَابع للعين فتكسر وتضم
وتشم كَذَا قَالَ ابْن مَالك وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع تضم مُطلقًا
لِأَن الْكسر فِي الإشمام عَارض وَقِيَاسًا فِي حَالَة الْكسر على أَمر
المخاطبة نَحْو اغزي وَفرق ابْن الضائع بِأَن هَذِه حَالَة عارضة
بِخِلَاف اختير وَنَحْوه فَإِن ذَلِك صَار أصلا فِي المعتل مُلْتَزما
وَبِأَن الْكسر فِي اغزي للمضير الْمُتَّصِل وَهُوَ معرض للانفصال
وَهنا الْأَمر عَارض فِي نفس الْفِعْل لَازم لَهُ لَا لشَيْء مُنْفَصِل
(وَأنكر خطاب) أَن يجْرِي فِيهِ (غير الأولى) وَالْتزم الْقلب يَاء (و)
أنكر أَبُو الحكم الْحسن (بن عذرة) فِيهِ (الثَّانِيَة) وَأَجَازَ مَعَ
الْقلب يَاء الإشمام (وتقلب فِي الْمُضَارع فِي الْجَمِيع ألفا) لِأَن
الأَصْل مثلا يَقُول وَيبِيع وينقرد ويختير نقلت حَرَكَة الْوَاو
وَالْيَاء من الْعين استثقالا ثمَّ قلبا ألفا لتحركها فِي الأَصْل
وانفتاح مَا قبلهمَا الْآن (و) تقلب (لَام) الْمَاضِي (المعتل اللَّام)
بِالْألف (يَاء) وَإِن كَانَت منقلبة عَن وَاو نَحْو غزي فِي غزا وهدي
فِي هدى (وَأوجب الْجُمْهُور ضم فَاء المضاعف) ثلاثيا كَانَ أَو غَيره
نَحْو حب وَاشْتَدَّ قَالَ تَعَالَى: {هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا}
[يُوسُف: 65] (وَأَجَازَ قوم الْكسر أَيْضا و) أجَاز (المهاباذي)
الإشمام وَبِهِمَا قرئَ فِي (ردَّتْ)
(3/315)
(وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا) عِنْد
الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء وَنَحْوهَا (الإلباس) لحُصُول الفك
حِينَئِذٍ فَيظْهر (وَلَا يبْنى) هَذَا الْبناء (فعل جامد وَكَذَا
نَاقص من) كَانَ وَكَاد وأخواتهما (على الصَّحِيح وفَاقا للفارسي
وَجوزهُ سِيبَوَيْهٍ والسيرافي والكوفيون قَالَ أَبُو حَيَّان
وَالَّذِي نختاره مَذْهَب الْفَارِسِي لِأَنَّهُ لم يسمع وَالْقِيَاس
يأباه
صيغتا التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل
(مَسْأَلَة) تبني صيغتا التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل من فعل ثلاثي
مُجَرّد تَامّ مُثبت متصرف قَابل للكثرة غير مَبْنِيّ للْمَفْعُول
وَلَا معبر عَن فَاعله بأفعل فعلاء فَلَا يبنيان اخْتِيَارا من اسْم
وَلَا من فعل رباعي كدحرج وَلَا ثلاثي مزِيد (أفعل) كَانَ أَو غَيره
وَلَا نَاقص ككان وَكَاد وأخواتهما وَعلل بِأَنَّهَا بِمُجَرَّد
الزَّمَان وَلَا دلَالَة لَهَا على الحَدِيث فَلَا فَائِدَة فِي
التَّعَجُّب بهَا وَلَا منفي لُزُوما نَحْو مَا عاج بالدواء أَو
جَوَازًا نَحْو مَا ضرب لِأَن فعل التَّعَجُّب مُثبت فمحال أَن يَبْنِي
من منفي وَلَا غير متصرف كنعم وَبئسَ ويدع ويذر لِأَن الْبناء مِنْهُ
تصرف وَلَا مَا لَا يقبل الْكَثْرَة والتفاضل كمات وفني وَحدث بِهِ
إِذْ لَا مزية فِيهِ لبَعض فاعليه على بعض وَلَا مَبْنِيّ للْمَفْعُول
لُزُوما كزهي أَو لَا كضرب لخوف اللّبْس وَلَا مَا فَاعله أَي وَصفه
على أفعل كحمر وسود وعور وَعلله الْجُمْهُور بِأَن حق مَا يصاغان
مِنْهُ أَن يكون ثلاثيا مَحْضا وأصل هَذَا النَّوْع أَن يكون فعله على
أفعل قَالَ ابْن مَالك وأسهل مِنْهُ أَن يُقَال لِأَن بِنَاء وَصفه على
أفعل وَلَو بني مِنْهُ أفعل تَفْضِيل لالتبس أَحدهمَا بِالْآخرِ وَإِذا
امْتنع صوغ التَّفْضِيل امْتنع صوغ التَّعَجُّب
(3/316)
لتساويهما وزنا وَمعنى وجريانهما مجْرى
وَاحِدًا فِي أُمُور كَثِيرَة وَبِهَذَا التَّعْلِيل جزم ابْن
الْحَاجِب (وَجوزهُ الْأَخْفَش فِي كل فعل مزِيد) كَأَنَّهُ رَاعى
أَصله لِأَن أصل جَمِيع ذَلِك الثلاثي (و) جوزه (قوم من أفعل) فَقَط
كأكرم وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَنسبه لسيبويه ومحققي أَصْحَابه
وَثَالِثهَا وَصَححهُ ابْن عُصْفُور يجوز إِن لم تكن الْهمزَة فِيهِ
للنَّقْل وَمن المسموع فِيهِ مَا أتقنه وَمَا أصوبه وَمَا أخطأه وَمَا
أيسره وَمَا أعدله وَمَا أسنه وَإِن كَانَت للنَّقْل لم يجز وَإِن سمع
فشاذ نَحْو مَا أأتاه للمعروف وَمَا أعطَاهُ للدراهم (و) جوزه (قوم من
النَّاقِص) قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي تَقول مَا أكون عبد الله قَائِما
وأكون بِعَبْد الله قَائِما (و) جوزه (خطاب) الماردي (وَابْن مَالك من
فعل الْمَفْعُول إِذا أَمن اللّبْس نَحْو) مَا أجنه من جن وَمَا أشغله
من شغل وَمَا أزهاه من زهي قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ فِي التَّفْضِيل
أَكثر مِنْهُ فِي التَّعَجُّب كأزهى من ديك وأشغل من ذَات النحيين
وَأشهر من غَيره وأعذر وألوم وَأعرف وَأنكر وأخوف وأرجى قَالَ كَعْب:
1763 -
(فَلَهْو أخْوَف عِندي ... )
(3/317)
(و) جوزه (الْكسَائي وَهِشَام والأخفش من
العاهات) نَحْو مَا أعوره (وَزَادا) أَي الْكسَائي وَهِشَام (والألوان)
أَيْضا نَحْو مَا أحمره وَمنع ذَلِك الْأَخْفَش كَسَائِر الْبَصرِيين
(وَثَالِثهَا) قَالَه بعض الْكُوفِيّين يجوز (من السوَاد وَالْبَيَاض
فَقَط) دون سَائِر الألوان (وَقد يُغني مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط) فِي
فعل عَن صوغ التَّعَجُّب والتفضيل مِنْهُ (فعل آخر) يصاغ مِنْهُ نَحْو
قَالَ من الْمُقَابلَة لَا يُقَال مِنْهُ مَا أقيله اسْتغْنَاء بِمَا
أَكثر قائليه وَمَا أنومه فِي سَاعَة كَذَا كَمَا استغنوا بتركت عَن
ودعت قَالَ ابْن عُصْفُور وَغَيره وَمن الْأَفْعَال الَّتِي اسْتغنى
عَن الصوغ فِيهَا قَامَ وَقعد وَجلسَ وَغَضب وشكر اسْتغْنَاء بِمَا
أحسن قِيَامه وَنَحْوه وَقَالَ ابْن الْحَاج بل لِأَنَّهَا لَا
يتَصَوَّر فِيهَا المفاضلة فَلَا يرجع قيام على قيام فِيمَا يدل
عَلَيْهِ لفظ قيام وَكَذَا الْقعُود وَالْجُلُوس (وَمَا فقد) الشوط
(توصل إِلَيْهِ بجائز) يصاغ مِنْهُ (وَنصب مصدر التَّعَجُّب من بعده)
مَفْعُولا فِي (مَا أفعل) وتمييزا فِي (أفعل من) (أَو جر بِالْبَاء)
فِي (أفعل) نَحْو مَا أَشد دحرجته وحمرته وَكَونه مُسْتَقْبلا وأشدد
بذلك وَهُوَ أَشد احمرارا من الدَّم ويؤتي بمصدر الْمَنْفِيّ والمبني
للْمَفْعُول غير صَرِيح إبْقَاء للفظهما نَحْو مَا أَكثر أَلا تقوم
وَأَن يضْرب فَإِن أَمن اللّبْس جَازَ كَونه صَرِيحًا نَحْو مَا أسْرع
نِفَاس هِنْد وَمَا لَا مصدر لَهُ مَشْهُورا أُتِي بِهِ صلَة ل (مَا)
نَحْو مَا أَكثر مَا يذر زيد الشَّرّ وَأكْثر مَا يذر وَلَا يفعل ذَلِك
بالجامد إِذْ لَا مصدر لَهُ وَلَا بِمَا لَا يقبل الْكَثْرَة فِيمَا
ذكره ابْن هِشَام
(3/318)
وَمثل غَيره بِمَا أفجع مَوته وأفجع
بِمَوْتِهِ وَلَا بِمَا يلْزمه النَّفْي أَو النَّهْي من بَاب كَانَ
وَأَجَازَ ابْن السراج مَا أحسن مَا لَيْسَ يذكرك زيد وَلَا مَا يزَال
يذكرنَا وَلَا تحذف همزَة أفعل (وشذ حذف همزَة خير وَشر فِي
التَّعَجُّب) سمع مَا خير اللَّبن للصحيح وَمَا شَره للمبطون
وَالْأَصْل مَا أخيره وَمَا أشره فَلَمَّا حذفت الْهمزَة نقلت حَرَكَة
الْيَاء إِلَى الْخَاء وَلم يحْتَج إِلَى ذَلِك فِي (شَرّ) وَبَعْضهمْ
يحذف ألف (مَا) لالتقاء الساكنين فَيُقَال (مخيره ومحسنه ومخبثه)
(وَكثر) حذفهَا مِنْهُمَا (فِي التَّفْضِيل) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال
نَحْو هُوَ خير من فلَان وَشر مِنْهُ وندر إِثْبَاتهَا فيهمَا فِي
قَوْله: 1764 -
(بلالُ خَيْرُ النَّاس وابنُ الأخيَر ... )
وَقِرَاءَة أبي قلَابَة {من الْكذَّاب الأشر} [الْقَمَر: 26] كَمَا ندر
الْحَذف من غَيرهمَا كَقَوْلِه: 1765 -
(وحَبُّ شيْء إِلَى الإنسَان مَا مُنِعَا ... )
(3/319)
(وَمَا ورد بِخِلَاف ذَلِك فشاذ مسموع) لَا
يُقَال عَلَيْهِ (فأقمن بِهِ) من قَوْلهم هُوَ قمن بِكَذَا أَي حقيق
صِيغ من اسْم وَكَذَا قَوْلهم مَا أَذْرع فُلَانَة من امْرَأَة ذِرَاع
أَي خَفِيفَة الْيَد فِي الْغَزل كَذَا قَالَ ابْن مَالك لَكِن حكى
ابْن القطاع ذرعت الْمَرْأَة (وَمَا أخصره) من اختصر فَهُوَ من غير
الثلاثي الْمُجَرّد من مَبْنِيّ للْمَفْعُول (و) مَا (أعساه) وأعس بِهِ
من عَسى وَهُوَ جامد (و) مَا (أزهاه) من زهي وَهُوَ مَبْنِيّ
للْمَفْعُول (و) هِيَ (أسود من القار) كَذَا فِي حَدِيث صفة جَهَنَّم
من سود فَهُوَ أسود وسوداء وَفِي صفة الْحَوْض مَاؤُهُ أَبيض من
اللَّبن (وأشغل من ذَات النحيين) من شغل وَهِي مَبْنِيّ للْمَفْعُول
(قَالَ أَبُو حَيَّان) وشذ أَيْضا (قَوْلهم مَا أعظم الله وَمَا أقدره)
فِي قَوْله: 1766 -
(مَا أقْدَر اللهَ أَن يُدْني على شَحَطٍ ... ) لعدم قبُول صِفَات الله
الْكَثْرَة
(3/320)
(وَالْمُخْتَار وفَاقا للسبكي وَجَمَاعَة)
كَابْن السراج وَأبي البركات بن الْأَنْبَارِي والصيمري (جَوَازه)
وَالْمعْنَى فِي مَا أعظم الله أَنه فِي غَايَة العظمة وَمعنى
التَّعَجُّب فِيهِ أَنه لَا يُنكر لِأَنَّهُ مِمَّا تحار فِيهِ
الْعُقُول وإعظامه تَعَالَى وتعظيمه الثَّنَاء عَلَيْهِ بالعظمة
واعتقادها وَكِلَاهُمَا حَاصِل والموجب لَهما أَمر عَظِيم وَالدَّلِيل
على جَوَاز إِطْلَاق صِيغَة التَّعَجُّب والتفضيل فِي صِفَاته تَعَالَى
لقَوْله {أسمع بهم وَأبْصر} [مَرْيَم: 38] أَي مَا أسمعهُ وَمَا أبصره
(و) قَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِيمَا رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق فِي
السِّيرَة عَنهُ (أَي رب (مَا أحلمك) أَي يَا رب مَا أحلمك) وَقَوله
:
(لله أرْحم بِالْمُؤمنِ من هَذِه بِوَلَدِهَا) وَقَوله لأبي مَسْعُود
وَقد حزب رب مَمْلُوكه:
(لله (أقدر عَلَيْك) مِنْك عَلَيْهِ) // رَوَاهُ مُسلم // فَهَذِهِ
شَوَاهِد صَحِيحَة لم يذكر السُّبْكِيّ مِنْهَا إِلَّا اثر أبي بكر
وَعَجِبت كَيفَ لم يذكر هذَيْن الْحَدِيثين الْمَشْهُورين والعذر لَهُ
أَنه تكلم على التَّعَجُّب وهما فِي التَّفْضِيل
(3/321)
|