شرح ألفية ابن مالك للحازمي عناصر الدرس
* الأصل في الحروف البناء
* الأصل في البناء وفروعه (الأصل) ـ (القاب البناء) ـ
* ألقاب الإعراب ومايختص به كل لقب
* علامة الإعراب الأصلية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
- هذا يقول: وجدت كتاب: موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب .. هل هو
المقصود بتمرين الطلاب؟
هو؟ ها نجيب: موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب، هل هو تمرين الطلاب؟ هذه
من كتب المبتدئين، يعني: لا بد أنها تكون معروفة، هو؟
- لا، موصل الطلاب هذا شرح قواعد الإعراب لابن هشام رحمه الله تعالى،
ليس هو، لكنه مفيد جداً.
- هذا يقول: ما الأصل في الفعل المضارع؛ لأنك ذكرت بالأمس ولم يجعل
الإعراب أصلاً له لكونه يتميز بغير الإعراب، فصار الإعراب فرعاً، ثم
ذكرت آخر الدرس لما صار المضارع في أكثر أحواله معرباً صار الإعراب
أصلاً له.
- كالأصل .. ليس أصلاً كالأصل، إن كنت قلتها فهو سبق، لكن بعضهم يصرح،
الصبان صرح أنه صار أصلاً له، ولا بأس.
- ذكرتم أن الحركات سبعة أنواع: الإعراب .. البناء .. البنية، ولم
تذكروا حركة المناسبة.
- نعم صحيح، حركة المناسبة داخلة.
- ما مقصود المصنف -رحمه الله تعالى- بقوله: مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ
مُبَاشِرٍ؟
- احترازاً من نون التوكيد غير المباشرة، وهي التي فصل بينها وبين
الفعل فاصل ظاهر أو مقدر، وهذا فيما إذا كان الفعل أسند إلى الواو أو
إلى الألف، أو الياء.
- إن كان واضع اللغة هو الله عز وجل، فهل يجوز أن نقول: إن الإشارة
معنىً كان حقه أن يوضع له حرف فلم يوضع؟
- نعم، هذا الأولى تركه.
- ما الأصل في الفعل المضارع: الإعراب أم البناء؟
- ما الأصل؟ الفعل المضارع ما الأصل فيه؟ البناء.
- هل الياء في: مدني إشباع، أم هي لام الكلمة ثبتت لعدم وجود ما يستدعي
حذفه؟
- لا، وجد ما يستدعي حذفه، مدنٍ مثل: قاضٍ، مدني هذا الأصل، نُوِّن:
ونَوِّنِ المُنَكَّرَ المَنقُوصَا، حينئذٍ وجب حذف الياء للتخلص من
التقاء الساكنين، لكن الخلاف إذا حذف التنوين في الوقف، هل ترجع أو لا؟
سيأتينا هذا.
- إذا كان الظرف متضمناً معنى في، والتمييز من، فلماذا لا يبنيان؟
- سيأتي معنى التضمن هناك.
- هل يقال في أل: الألف واللام، أم الهمزة واللام؟
- ذكرناه.
- نرجو أن يخصص أحد الدروس للمراجعة وطرح الأسئلة وإشكالات، وجزاكم
الله خيراً.
- الوقت الآن ..
- يقول: لماذا لا نحمل كلام المصنف: وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ
يُؤَمْ، أنه أراد بذلك أنه قد يقصد بالكلمة: الكلام لغةً.
- هو أراد بهذا طيب، ماذا أراد؟ وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ:
أنه أراد بذلك قد يقصد بالكلمة الكلام لغةً، وهذا المراد.
-حتى نداوي به هذا الجرح الذي لا دواء له ..
- ما شاء الله تبارك الله ..
- ضمير رفع متحرك، لماذا قلنا: احترزنا من متحرك عن واو الجماعة؟
- لا، عن الساكن ما عدا واو الجماعة، أليس كذلك؟ عن الساكن الذي هو ألف
الاثنين؛ لأننا نقول: يتصل بالفعل الماضي ضمير رفع متحرك، حينئذٍ يبنى
على السكون، طيب! ضمير رفع متحرك، إذا قلت: ضربا، الألف هذه فاعل، ساكن
.. ضمير رفع نعم لكنه ساكن، الفعل يكون معه مبنياً على الفتح لا على
السكون، وأما مع الواو نقول: هو مبني على الضم، إذاً: احترزنا بقول:
متحرك عن ساكنٍ ما عدى الواو.
- في المجزوم ونحوها، هل نقول مثلاً: في نحو لم يضرب مجزوم بالسكون، أم
مجزوم بلم وجزمه السكون؟
- يتوسع في هذا، أصل الفعل المضارع مجزوم
بلم، تبين العامل، وجزمه السكون، أو وعلامة جزمه السكون.
- هل نقول في: اذهبن أنه مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث، أم لأنه
الأصل في البناء السكون؟
- اذهبن، يعني: فعل أمر، هذا مبني على السكون؟ إذا اتصل به نون الإناث،
هنا لا نعلل؛ لأنه جاء على الأصل.
- كيف يكون السكون والحذف من الإعراب الظاهر لا المقدر، من أن كل منهما
عدم فسكون، والعدم حركة، والحذف عدم حركة .. ؟
- لذا قلنا: الظاهر المراد به .. ما المقصود بالظاهر .. أثر ظاهر أو
مقدر، أثر ظاهر، يعني: ملفوظ؟ لا، ما نفسره بملفوظ، وإنما نفسره
بموجود؛ لأن السكون موجود، والحذف كذلك موجود.
- كيف يكون العهد في التنوين مع أن المفترض أن السائل لا يعرف ما هو
التنوين؟
- موقف.
- هل يحذف التنوين من زيد بن حارثة، وكيف يلفظ هذا الاسم؟
- زيِدُ بنُ حارِثَة.
- ما علامة اسمية: نزالِ ودراكِ؟
-نزالِ ودراكِ، ما علامة اسميتهما؟
- واَلأَمْرُ إنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ فِيهِ هُوَ اسْمٌ: نعم ..
نعم هو هذا.
- أعربتم الياء في: مدني، بأنها زائدة، لم لا يقال: هي لام الكلمة،
وإنما لم تحذف لعدم وجود المقتضي الذي هو التقاء الساكنين، وذلك لأن
التنوين تحذف عند ..
- نعم، سيأتي هذا بحثه في المنقوص إذا وقف عليه.
بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين، أما بعد:
سبق معنا أن المصنف رحمه الله تعالى شرع في بيان ما يتعلق بالفعل من
كونه مبنياً، وقسم الفعل إلى ثلاثة أقسام، فعلٌ ماضٍ، وفعلٌ أمر، وفعلٌ
مضارع، وذكرنا أن الأصل في الأفعال هو البناء، والأصل في الأسماء
الإعراب، ولما كانت الأقسام ثلاثية، ومنه ما هو متفق عليه، ومنه ما هو
مختلف فيه، المتفق عليه هو إعراب الفعل المضارع بشرطه، وبناء الفعل
الماضي، وأما فعل الأمر فهو مختلف فيه مبني عند البصريين، ومعرب عند
الكوفيين:
وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا .. وأطلق البناء ولم يبينه، وعرفنا
أن فعل الأمر له أربعة أحوال، وأن الفعل الماضي له فيه ثلاثة مذاهب من
حيث البناء وتفصيل البناء، يعني: يبنى على أي شيء، ومذهب الجمهور أنه
يبنى على الفتح إذا لم يتصل به شيء، وإذا اتصل به ضمير رفع متحرك بني
على السكون، وإذا اتصل به ضمير الجمع أو واو الجماعة، بني على الضم،
والصواب: أنه يبنى على الفتح مطلقاً، سواء اتصل به ما يقتضي سكونه، أو
ما يقتضي بنائه؛ لأن كل من السكون والبناء على الضم عارض، وإذا كان
كذلك حينئذٍ نرجع إلى الأصل، والصواب: أن يقال أن الفعل الماضي مبني
على الفتح مطلقاً، حينئذٍ ضربت تقول: فعل ماضي مبني على الفتح المقدر
منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون دفع توالي أربعٍ متحركاتٍ فيما هو
كالكلمة الواحدة.
وعند ابن مالك رحمه الله تعالى: أن العلة
غير هذه العلة، وهي: التمييز بين فاعل والمفعول في نا، نا الدالة على
الفاعلين، ونا الدالة على المفعولين، أكرَمْنا .. أكرَمَنا، كل منهما
في اللفظ واحد، لكن أكرَمْنا نا هذه فاعل في محل رفع فاعل، أكرَمَنا،
نا هنا في محل نصب مفعول به، الذي يميز هذا عن ذاك هو السكون، وإلا
الأصل: أكرَمَنا في الموضعين، هذا الأصل.
حينئذٍ سُكِّنَ الفعل المتصل بنا الدالة على الفاعلين ليتميز أن هذا
الفعل مسند إلى الفاعل، وأن الذي فيه الفتح أكرَمَنا مسند إلى الفاعل
أيضاً، لكنه ضمير مستتر، أو تقول: زيدٌ أكرَمَنا، زيدٌ: مبتدأ، وأكرم:
فعل ماضي، وفاعله ضمير مستتر، و (نا) هنا دالة على المفعولين، والضمير
متصل في محل نصب مفعول به، وحملت النون والتاء على (نا) للمساواة في
الرفع والاتصال، يعني: من باب القياس؛ لأن الذي يبنى معه الفعل الماضي
على السكون ثلاثة: (تا) فاعل قمت، وقمنا (نا) الدالة على الفاعلين، و
(نون) النسوة.
نا: عرفنا أنها للتمييز، هي الأصل، والتاء قمت لم بني على السكون؟ ليس
عندنا لبس، وكذلك النسوة قمن، ليس عندنا لبس، قال: من باب القياس،
والعلة الجامعة هي المساواة في الرفع الاتصال، كل منها ضمائر متصلة،
وكل منها ضمائر رفع، هذه العلة عند ابن مالك، وعلى هذا وذاك الأصل
السماع، الأصل أنه مبني على السكون، وهذا هو الصحيح.
وأما فعل الأمر فله أربعة أحوال ذكرناها بالأمس.
............................... ... مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ
وَمِنْ ... وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً إِنْ عَرِيَا
......................................
يعني: الفعل المضارع معرب، وهل الأصل فيه الإعراب؟ الجواب (لا): الأصل
فيه من حيث إنه فعل البناء، ثم لما أشبه الاسم فيما ذكرنا بالأمس
حينئذٍ انتقل الحكم من الاسم وهو الإعراب إلى الفعل المضارع، لكن بشرط
ألا يتصل به إحدى النونين: نون التوكيد بنوعيها، ونون الإناث، فإن
اتصلت به نون التوكيد بنوعيها، حينئذٍ ينظر فيها: هل هي مباشرة أو لا؟
فإن كانت مباشرة، حينئذٍ بني الفعل معها على الفتح، وإن لم تكن مباشرة
حينئذٍ الفعل معرب على الأصل، وضابط الفرق بين النوعين مباشر وغير
المباشر أن الفعل المسند إلى المفرد الواحد: ((لَيُنْبَذَنَّ))
[الهمزة:4] نقول: هذا مبني، والنون هنا مباشرة، ليس ثم فاصل بين النون
نون التوكيد والفعل.
وأما إذا أسند الفعل إلى ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المؤنثة
المخاطبة، حينئذٍ نقول: ثم فاصل بين الفعل ونون التوكيد الثقيلة، ثم
هذا الفاصل في الألف ملفوظ به: ((وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ
لا يَعْلَمُونَ)) [يونس:89] وقد يكون محذوفاً، وقد يكون .. في الألف لا
يكون إلا ملفوظاً، وأما في الواو والياء فقد يكون ملفوظاً به وقد يكون
مقدراً، يعني: محذوفاً للتخلص من التقاء الساكنين، والمحذوف لعلة
كالثابت حينئذٍ هو كأنه موجود، ومنه: ((لَتُبْلَوُنَّ)) [آل عمران:186]
.. ((فَإِمَّا تَرَيِنَّ)) [مريم:26] هذا كله داخل في هذا، ولا يمكن
شرحها إلا بالرؤى، يعني: لا بد أن تشرح بالكتابة، أما بالنطق فلا تفهم.
إذاً: يشترط في نون التوكيد أن تكون
مباشرة، فإن لم تكن مباشرة حينئذٍ رجعنا إلى الأصل في الفعل المضارع،
فهو معرب، وهذا على الصحيح وهو قول الجمهور، أما من قال بالبناء
مطلقاً، أو قال بالإعراب مطلقاً، فقوله ضعيف.
وَمِنْ نُونِ إنَاثٍ: لم يقيدها بالمباشرة، لماذا؟ لأنها لا تكون إلا
مباشرة، نون الإناث لا تكون إلا مباشرة.
إذاً: إذا عري الفعل المضارع عن هاتين النونين، قلنا: هو معرب، وسيعقد
الناظم رحمه الله تعالى للنواصب والجوازم.
ثم قال رحمه الله:
وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وذُو كَسْرٍ وَضَمّ ... وَالأَصْلُ فِي
الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا
كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ
هذا هو النوع الثالث من أنواع الكلمة على الترتيب، قدمها بالأشرف
الاسم، ذكر المعرب منه والمبني ووجَّه علة المبني، وذكر أوجه الشبه، ثم
انتقل إلى النوع الثاني وهو الفعل، ثم لم يبق إلا الحرف.
والحروف كلها مبنية، ولذلك قال: وَكُلُّ حَْرفٍ .. جاء بقاعدة كلية،
وكل هذه من ألفاظ العموم، ولذلك هناك في قطر الندى قال: والحروف كلها
مبنية، لم يستثن منها حرف البتة، لماذا؟ لأن الحروف لا يوجد فيها علة
إعراب الاسم، ولا الفعل المضارع، وهو اعتوار المعاني المختلفة
التركيبية عليها، إذاً: لا تفتقر إلى الإعراب.
وإذا كان كذلك حينئذٍ نقول: الحرف مبني لما علل، ولذلك نقول: الأصل في
الاسم الإعراب ولا يعلل هذا الأصل، ولكن لما نظر غيره في غيره الفعل
والحرف احتجنا إلى التماس علة في الاسم المعرب من أجل أن نفهم لماذا
كان الأصل في الفعل البناء، ولماذا كان الأصل في الحرف البناء، والحكم
يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا علل الأصل الاسم بالإعراب ووجدت علته
حينئذٍ متى ما وجدت هذه العلة في الفعل فثم الحكم، ومتى ما وجدت في
الحرف فثم الحكم.
لما وجدت في بعض أنواع الفعل وهو الفعل المضارع حينئذٍ وجد الحكم وهو
الإعراب، نظرنا في الحرف فإذا به لا يمكن أن تتوارد عليه المعاني؛ لأن
الفعل يوجد مسنداً بل يكون مسنداً، حينئذٍ يمكن أن تتوارد عليه المعاني
التركيبية، وهو أحد ركني الإسناد، وأما الحرف فلا يسند ولا يسند إليه،
لا يخبر به ولا يخبر عنه.
إذاً: لا يمكن أن تتوارد عليه فلا يمكن أن توجد فيه علة الإعراب في
الاسم، فلا يمكن أن يكون معرباً، ولذلك قال:
وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ .. أي: مستوجب للبناء، اعترض على الناظم في
قوله: مستحق، قالوا: هذا فيه نوع إشكال؛ لأن الحرف أو الشيء قد يكون
مستحقاً للشيء ولا يعطاه، حينئذٍ قوله وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ
لِلْبِنَا، لا يلزم منه أن يكون مبنياً، فالأسماء كلها مستحقة للإعراب
ومع ذلك لم تعط كلها الإعراب، والأصل في الفعل أنه مستحق للبناء، ولم
يعط كل أنواع الفعل البناء.
اعترض بأن هذا لا يفيد بناء الحروف بالفعل،
إذ لا يلزم من الاستحقاق الحصول، لا يلزم من أن يكون مستحقاً للشيء أنه
حاصل له، وجوابه: أن أل في البناء (لِلْبِنَا) للعهد الحضوري، أي:
البناء الحاضر في الحرف، وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا، أي:
البناء الحاضر، فهو مبني، ومع ذلك مستحق له، يعني: أفاد بهذه الجملة:
أن الأصل في الحرف أن يكون مبنياً، لماذا؟ لأنه لو قال مبني .. لو قال
الحرف مبني، نحن نقول: اسم الاستفهام مبني أيضاً، الفعل المضارع مبني
.. الفعل الماضي مبني .. أسماء الشرط مبنية، هل التعبير بكونه مبنياً
يدل على أنه مستحق للبناء؟ إذا قلنا الفعل الماضي مبني، وقلنا: أسماء
الاستفهام وأسماء الشرط والمضمرات مبنية، هل ثم فرق بين البنائين؟ نعم،
الخبر واحد مبني، ولكن في الفعل الماضي مبني مع كونه مستحقاً للبناء،
يعني: الأصل فيه أنه مبني، وأسماء الشرط والمضمرات مبنية، لكن مع كونها
ليست مستحقة في الأصل البناء.
إذاً: القول بأن الشيء مبني لا يدل على أنه أصله، وعلى أنه مستحق لذلك
الشيء، ولكن إذا قيل: بأن أل هنا للعهد الحضوري، أي: البناء الحاضر،
فحينئذٍ أفادك بهذه الجملة حكمين: أن الحرف مبني، وأن هذا البناء أصل
ومستحق له، لله دره مع أنهم انتقدوه في هذا البيت.
حينئذٍ: وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا، أي بناء؟ البناء الذي
هو عليه، إذاً: هو مبني، فأل هنا للعهد الحضوري، ثم أفادك أن هذا
البناء الحرف مستحق له، بمعنى: أنه مبني والبناء أصل فيه، بخلاف
المضمرات مبنية، والبناء ليس أصلاً فيها، فهمتم الاعتراض والجواب؟ نعم.
إذاً: اعترض بأن هذا الكلام قوله: مستحق، لا يفيد بناء الحروف بالفعل،
إذ لا يلزم من الاستحقاق الحصول، وجوابه .. لذلك ابن أم غازي غير
البيت؛ لأنه ما فهم هذا الفهم، وجوابه: أن أل في البناء للعهد الحضوري،
أي: البناء الحاضر في الحرف، فيفيد كلام الناظم بناء كل حرف، يفيد أنه
مبني، واستحقاق بناءه الحاصل له، يعني أفادنا حكمين: أنه مبني، وأفادنا
أن هذا البناء ليس بعارضٍ، كما هو الشأن في المضمرات، بل هو أصل فيه،
فوافق أصله.
ويجاب أيضاً: بأن حصول البناء للحرف، علم من قوله: لِشَبَهٍ مِنَ
الْحُرُوفِ مُدْنِي، ومبني لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي، والمشبه
أخذ حكم المشبه به، في ماذا؟ في البناء، إذاً: هذه الجملة: وَكُلُّ
حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا، إن لم تدل على أن الحرف مبني وأفادنا
هنا أنه مستحق؛ لأن الإشكال هنا هذه الجملة تدل على أن الحرف مستحق
فحسب للبناء، ولا تدل على أنه مبني.
نقول: فيما مضى في قوله:
وَالاِسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِي ... لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ
مُدْنِي
يدل على أن الحرف مبني، إذاً: الحكم ببناء الحرف سابق .. العلم به
سابق، وهنا بهذا الشطر دلنا على أن ذاك البناء الذي انتقل من الحرف إلى
الاسم بناء أصلي وليس ببناء عارض، وهذا جواب جيد أيضاً، ولكن الجواب
الأول أحسن.
فالقصد الآن بهذا البيت والشطر بيان
استحقاق الحرف بنائه الحاصل له، ولإفادته أن البناء أصل فيه بخلاف
مبني، لو قال: مبني، لم نستفد أنه أصل فيه، إذاً: وَكُلُّ حَْرفٍ
مُسْتَحِقُّ، أي: مستوجب للبناء، نأخذ من هذا: أن الحرف مبني .. كل
الحروف مبنية، ثم البناء أصلي، وليس بطارئ كما هو الشأن في بعض
الأسماء.
قوله: (للبناء)، لماذا؟ لو أردنا أن نعلل نقول: للبناء هنا، وأقول: إذا
أردنا أن نعلل لأن الأصل عدم التعليل، إذ ليس فيه مقتضى الإعراب الذي
ذكرناه قبل قليل، ليس في الحرف مقتضى الإعراب، الذي هو ماذا؟ توارد
المعاني التركيبية المختلفة على الصيغة الواحدة أو اللفظ الواحد الذي
لا يميز هذا المعنى عن ذاك إلا الإعراب، هذا غير موجود في الحرف.
حينئذٍ يرد الإشكال: أن الحرف فيه معاني، من للابتداء، وترد للتبعيض،
وتأتي لبيان الجنس، هذه معاني أو لا؟ معاني مختلفة، هل تتوارد على
اللفظ الواحد وهو من، حينئذٍ نحتاج إلى ما يميزها، هل تتوارد؟ يعني:
يحتمل أن هذا اللفظ من يحتمل التبعيض، أو لبيان الجنس .. ؟ نقول: العلة
التي هي علة إعراب الاسم، أن المعاني حاصلة بماذا؟ بالتركيب نفس
التركيب، وأما الحرف هنا فالمعنى الذي يتوارد عليه معنىً إفرادي، ولذلك
لا تأكل السمك وتشربِ اللبنَ، لمن ننظر إليه لوحده تشرب فقط، وإنما
نظرنا إليه بعامله، هل هو معطوف على ما قبله أو لا، وهذا نتيجة
للتركيب.
وأما المعاني الإفرادية كالابتداء والتبعيض بمن فتعتور الحرف، لكن لا
يميز بينها بالإعراب، وإنما تعرف بالسياق، يعني: لا يدل الضم أو الفتح
أو الكسر أو السكون على المعنى، إذا أردت أن تعرف أن من هذه للتبعيض أو
لبيان الجنس لا تنظر إلى حركتها، هذا قطعاً، وإنما تنظر إلى المعنى
السابق واللاحق، ولذلك الحرف من حيث دلالته على المعنى، نقول: يدل على
المعنى في غيره، ما المراد؟ يدل على معنىً في غيره، هل معناه: أنه لا
يفهم منه المعنى البتة؟ نقول: لا، ليس هذا المراد، ولذلك نقول: الاسم
والفعل والحرف، كل منها كلمة، والكلمة قول مفرد.
إذاً: الاسم قول مفرد، والفعل قول مفرد، والحرف قول مفرد، هل الواضع
وضع اللفظ وجرده عن المعنى؟ نقول: لا لم يجرده عن المعنى، بل دل على
معنىً، لكن هذا المعنى لا يفهم بذاته لو أطلق اللفظ هكذا (من)، لا يفهم
منه الابتداء أو التبعيض إلا بعد تركيبه، إذاً: كونه دل على معنىً في
غيره مرادهم به أنه لا يدل على معنىً بذاته بنفسه بحيث يفهم منه المعنى
بخلاف الاسم والفعل، إذا قلت: زيد، فهمت منه المعنى مباشرة، إذا قلت:
قلم .. سماء .. أرض، اللفظ بنفسه إذا أطلق فهمت منه المعنى مباشرة.
إذاً: دل على معنى دون افتقاره إلى ضميمة كلمة سابقة ولا لاحقة، إذا
قلت: قام، فهمت منه معنىً وهو إخبار بوقوع حدث وهو القيام في زمن مضى
وانقطع، إذا قلت: يقوم كذلك، قم تفهم من الكلمة لوحدها، هذا المعنى لا
يفتقر إلى كلمة أخرى من أجل أن تفهم، بخلاف (من)، هذا لا يفهم منه
التبعيض أو الابتداء أو لبيان الجنس، (من): هذه محتملة لهذه المعاني
كلها، لكن متى يفهم منها الابتداء؟ لا بد أنك تركبها.
إذاً: افتقرت إلى كلمة سابقة التي هي
المتعلَق، وكلمة لاحقة التي هي المتعلِق، ولذلك يشترطون أن يكون الحرف
حرف الجر الأصلي أن يكون له متعلَق، لا بد منها .. لا بد للجر من
التعلق.
لا بد للجارِ من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتقي
لأن حروف الجر تعدي معاني الأفعال إلى الأسماء التي لا تتعدى بنفسها،
إذاً: الحرف فيه معنى، لكن هذه المعاني إفرادية، ثم لا يفهم المعنى
بإطلاق اللفظ هكذا فحسب، بل لا بد من أن يكون ثم ما يفسره من كلمة
سابقة تسمى متعلَقاً عند النحاة بفتح اللام، وكلمة لاحقة بعده: مررت
بزيدٍ، لا بد من: مر، وزيد، لا يطلق الحرف هكذا حتى يفهم، إذا قيل: بأن
المراد بالباء هنا التعدية .. لو قيل: الباء مجرد الباء هكذا، لا يفهم
منها التعدية ولا يفهم منها السببية ولا غيرها، ولكن لما قيل: مررت
بزيد ظهر معناها، ولا يظهر معناها إلا بكلمة سابقة كمر، وزيد كلمة
لاحقة.
إذاً: لا يرد أن علة إعراب الاسم موجودة في الحرف، نقول: ذاك المعنى
الموجود في الاسم معانٍ تركيبية، وهذه معانٍ إفرادية، فتفهم من التركيب
ولا نحتاج فيها إلى الإعراب.
وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا ... وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ
أنْ يُسَكَّنَا
إذاً: انتهى بقوله: وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا، من التقسيم
الثلاثي، بين لنا الاسم أن منه معربٌ ومبني، والفعل كذلك، والحرف كله
مبني.
ثم يبنى على أي شيء، ما هي ألقاب البناء؟ هذا الذي أراد أن يبينه
بقوله: وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أنْ يُسَكَّنَا، والأصل، أي:
الراجح فيه أو المستصحَب، وليس المراد به الغالب، إذ ليس غالب المبنيات
ساكناً، الأصل قد يطلق ويراد به الغالب الأكثر، وقد يراد به الراجح فيه
أو المستصحَب، قلنا لا يحمل على الغالب؛ لأنه ليس الغالب في المبنيات
أن يكون مسكناً على الأصل، بل منه ما هو مكسور ومضموم.
وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ: هنا عام يشمل الاسم والفعل والحرف، أنْ
يُسَكَّنَا: أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، والألف هذه للإطلاق،
والأصل في المبني السكون، هذا التقدير، فأن وما دخلت عليه في تأويل
مصدر، أنْ يُسَكَّنَا: سكَّن يُسكِّنُ تَسكيناً، هذا مصدر، هل المراد
به عين المصدر، أو المراد أثره؟ الثاني، لماذا؟ لأن التسكين هو فعلك
أنت، كونك تجعل الحرف الأخير عليه سكون، هذا فعلك، ولكن السكون أثر
التسكين، سكنت الآخر فنطقت به ساكناً، حينئذٍ المراد به أثر المصدر.
وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً أنْ
يُسَكَّنَا، أي السكون، لماذا؟ قالوا: لخفته، وثقل الفعل، وثقل الحركة،
والمبني ثقيل فلو حرك اجتمع فيه ثقيلان، المبني ثقيل؛ لأنه ملازم لحالة
واحدة، والحركة ثقيلة والسكون خفيف، فأعطي الثقيل الذي هو المبني
الخفيف، لماذا؟ سلوكاً مسلك التعادل والتناسب، هكذا يقال، سلوكاً مسلك
التعادل؛ لأن لا يعطى الثقيل الثقيل، كما أنه لا يعطى الخفيف الخفيف،
إنما يعطى الثقيل الخفيف، ويعطى الخفيف الثقيل، هذا الأصل فيه، هكذا
يقولون.
وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أنْ
يُسَكَّنَا: إذا كان كذلك لا يفهم منه أنه لا يوجد مبني إلا وهو ساكن،
بل منه ما خرج عن أصله، ولذلك قال: ومنه، أي: من المبني ما حرك لعارضٍ
اقتضى تحريكه، منه، يعني: بعضه، إشارةً إلى عدم الانحصار فيما ذكره؛
لأن من المبني ما بني، قال: (وَمِنْهُ)، أي: بعضه وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ
وذُو كَسْرٍ وَضَمْ، إذاً: الأصل فيه السكون، ثم منه ما حرك عن أصله
للتخلص من التقاء الساكنين، إما بفتح وإما بكسر وإما بضم، فألقاب
البناء على هذا تكون أربعة، هل هي محصورة في هذا النوع؟ الجواب: لا، ما
الذي دلنا؟ قوله: ومنه .. من هنا للتبعيض، فدل على أن بعضه مبني على
غير السكون، وذكر منه الفتح والكسر والضم؛ لأن من المبني ما بني على
حرف فيا زيدان، أو على حذف .. حذف حرف: أغزُ، هذا مبني على ماذا؟ على
حذف حرف العلة، والمبني فيه أصل أو فرع .. البناء فيه أغزُ، أصل أو
فرع؟ .. لماذا تترددون؟
وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا: على الأصل، ولذلك قلنا: قدم فعل
الأمر ليدل على أنه كأنه لا نزاع فيه، قدمه على المتفق عليه، فحينئذٍ
أغز، نقول: هذا فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، وهو لم يذكر الحذف،
كذلك: يا زيدان، يا: حرف نداء، زيدان: منادى مبني على الألف في محل
نصب.
إذاً: قد يبنى على حرف، وقد يبنى على حذف، وقد يبنى على حركةٍ، وقد
يبنى على سكون، لذلك قال: ومنه ذو فتح، أي: صحاب فتح، ذو هنا بمعنى:
صاحب، وهو مبتدأ مؤخر، (ومنه) هذا خبر مقدم، ذو فتح، أي: صاحب فتح،
قدمه على الكسر والضم؛ لأن الفتحة أخف الحركات.
قدم الفتح على الكسر وقدم الكسر على الضم، هل هو مقصود الترتيب هنا؟
نقول: نعم؛ لأن الحركة وإن كان جنسها ثقيلاً من حيث هي إلا أنها عند
التفصيل بعضها أثقل من بعض، فالكسر أثقل من الفتح، والضم أثقل من
الكسر، إذا أردنا أن نبدأ من الأخف نقول: فتحٌ ثم كسرٌ ثم ضمٌ، وإذا
أردنا العكس، نقول: الأثقل الضم، ثم الكسر، ثم الفتح، حينئذٍ صار
الترتيب هنا مقصوداً للناظم، ولذلك بدأ بالفتح؛ لأنه أقرب إلى السكون؛
لأن السكون خفيف، قلنا: صار أصلاً في البناء لخفته.
إذاً: إذا خرج عن أصله حينئذٍ أولى ما يبنى عليه ما هو أقرب الحركات
إلى السكون، ثم الكسر، ثم الضم.
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وذُو كَسْرٍ، يعني: ومنه وذُو كَسْرٍ، وَضَمْ،
يعني: ومنه ذو ضم.
كَأيْنَ أمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ: كَأيْنَ: الكاف هذه تمثيلية،
وليست استقصائية، كقولك: أين زيد؟ أين هذه اسم استفهام، الأصل أنها
معربة أو مبنية؟ معربة، لم بنيت؟ لشبهها بالحرف شبهاً قوياً، لِشَبَهٍ
مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي، ما نوع الشبه؟ معنوي، ما وجهه؟ أين زيدٌ،
أُدِّيَ بـ (أين) معنىً كان حقه أن يؤدَّى بالهمزة، هذا معنى الشبه
المعنوي، الأصل فيه أن يبنى على السكون، لكنه بني على الفتح، لماذا؟
للتخلص من التقاء الساكنين، أي .. أيْ: ساكن الياء، أين.
أمْسِ: مبني أو معرب؟ مبني، والأصل فيه الإعراب، لم بني؟ قلنا لم يذكر
فيما سبق، فنحتاج إلى بيانه.
أمْسِ: هذا مختلف فيه، أمس عند الحجازيين
بني لتضمنه معنى حرف التعريف؛ لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة، بدليل وصفه
بالمعرفة، تقول: أمس الدابرُ لا يعود، أمس: مبتدأ مرفوع بالابتداء، في
محل رفع مبتدأ، الدابر: بالضم هذا نعته، لا يعود: الجملة خبر، انظر نعت
بماذا؟ بالضم، الدابرُ؛ لأنه في محل رفع، فباعتبار المحل حينئذٍ نقول:
اتجه أن نعرب الدابر بالرفع.
إذاً: أمسِ، نقول: بني لتضمنه معنى حرف التعريف، والأصل فيه أن يسكن،
وهنا حرك بالكسر، لم؟ للتخلص من التقاء الساكنين، وهناك أين، قلنا: بني
على الفتح تخلصاً من التقاء الساكنين، لكنه رجع إلى ماذا؟ إلى الفتح
دون الكسر طلباً للخفة، وهنا بقي على أصله؛ لأن أمس أخف من أين.
حيثُ: هذا مبني على الضم، لم بني حيث؟ للشبه الافتقاري؛ لأنها ملازمة
للإضافة مثل الذي وإذ وإذا، لم حرك؟ ليعلم أن له أصلاً في الإعراب، لم
كانت الحركة ضمة؟ تمام ما شاء الله، جبراً لما فاته، يعني: فاته ماذا؟
الإعراب، فأعطي أقوى الحركات، جبراً لأنه صار فيه نقص، حيثُ: هذا على
لغة الضم، وإلا فيه ثلاث لغات: حيثِ .. حيثَ .. حيثُ، على هذه اللغة
نعلل بهذا، حينئذٍ نقول: التغير هنا والتبدل حيثِ .. حيثَ .. حيثُ هذا
ليس من أجل العامل بل تبدل لغات.
وَالسَّاكِنُ كَمْ، يعني: والساكن كثير، لا يحتاج إلى مثال، أو والساكن
كم الاستفهامية أو الخبرية، يحتمل هذا ويحتمل ذاك، وجعل كم هنا على
أنها هي مثال أولى؛ لأنه إذا قيل: والساكن كم، يعني: كثير لا يحصر،
حينئذٍ نقول: ما مَثَّلَ للساكن، أليس كذلك؟ لكن إذا قيل: والساكن،
يعني: مثال الساكن، لفظ كم الاستفهامية أو الخبرية حينئذٍ صح، وبني كم
للشبه الوضعي؛ لأنها وضعت على حرفين: كم، وهذا الأصل فيه أن يكون
للحرف، أو لتضمن الاستفهامية معنى الهمزة، الاستفهامية بنيت لتضمنها
معنى الهمزة، يعني: الشبه المعنوي .. الشبه المعنوي.
والخبرية تضمنت معنى: رُبَّ التي للتكثير، كم مال؟ يعني كثير، حينئذٍ
تضمنت معنى: رُبَّ، -رُبَّ التي للتكثير-، هذا أو ذاك على كلٍ هي
مبنية.
إذاً: أشار بهذا البيت إلى أن الحرف مبني، وأن بنائه على الأصل، ثم بين
لنا أن الأصل في البناء أن يكون على السكون لخفته ولثقل المبني، ثم بين
أن من ألقاب البناء الفتح والكسر والضم، فالبناء على السكون كما مَثَّل
هنا يكون في الاسم والفعل والحرف، لكونه الأصل، ولكونه خفيف، يكون في
الاسم والفعل والحرف، لماذا؟ لأنه الأصل، فحينئذٍ دخل الاسمَ، ودخل
الفعلَ، ودخل الحرفَ، كم .. اضرب .. هل، كم: هذه مثال للاسم، اضرب: هذا
مثال للفعل، وعلى قول الجمهور: قمتُ، أيضاً مثال للفعل، هل .. قد .. بل
الحرف، فدخل الكل الكلمات الثلاث: الاسم والفعل والحرف، لكونه الأصل،
وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات وأقربها إلى السكون.
وأما الضم والكسر فهذا يدخل الحرف ولا يدخل الفعل، يدخل الحرف مثل
ماذا؟ منذ على لغة من جر بها، لا .. يدخل حرف الضم، مثال لماذا أنا
ذكرت؟ الكسر والضم يدخلان الحرف، مثل ماذا؟ باء الجر: مررت بزيد، مبني
على الكسر، هذا حرف مبني على الكسر، حرف مبني على الضم: (منذ)، في لغة
من جَرَّ ِبها.
الضم هل يدخل الاسم؟ نعم حيثُ، الكسر هل
يدخل الاسم؟ نعم، أمسِ، لكن الضم والكسر هل يدخلان الفعل؟ الجواب: لا؛
لأن الفعل ثقيل والكسر ثقيل ولا يجتمعان، فإذا لم يجتمع الكسر مع الفعل
الذي هو أدنى من الضم فالضم من باب أولى، أليس كذلك؟
إذاً: الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف لا الفعل؛ لثقلهما وثقل
الفعل، وأما نحو: ضربوا على ما ذكرناه أولاً، ضرَبُوا، نقول: هذه
الحركة حركة مناسبة، والفتح مقدر، حينئذٍ ضرَبُوا: هذا مبني على الفتح،
ليس مبنياً على الضم؛ لأن الضم لا يدخل الفعل، وأما نحو: رُدُّوا بضم
الدال فمبني على سكون مقدر وضمته للإتباع كما ذكرناه أمس، ردَّ .. ردِّ
.. ردُّ، فحينئذٍ كيف يقال: الفعل لا يدخله الضم وردُ هذا فعل أمر مبني
على الضم؟! نقول: لا، ليس مبنياً على الضم بل هو مبني على السكون
المقدر، والحركة هذه للإتباع، إتباع الدال حركة الفاء، رُدُ.
كذلك اللغة الأخرى: رُدِّ، نقول: الكسر دخل الفعل، نقول: لا، لم يدخل
الفعل؛ لأنه فعل أمر مبني على السكون المقدر، ونحو: عي وقي، عي: هذا
فعل أمر من الوقاية، وقي: وقى يقي قي، قِه قي، نقول: هذا مبني على
الكسر، لا، ليس مبنياً على الكسر، وإنما هو مبني على حذف حرف العلة،
وقى يقي فحينئذٍ يحذف أوله حرف المضارعة، ثم يبنى على حذف آخره، فصار:
عي قي قِه .. عِه بهاء السكت .. إذاً: ردِّ ورُدُّ، نقول: هذا ليس
بمبني على الضم.
وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمْ ... وَالأَصْلُ فِي
الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا
كَأيْنَ أمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ
ثم قال:
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَاباً
وَالاِسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا ... لاِسْمٍ وَفِعْلٍ نَحْوُ
لَنْ أَهَابَا
قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
هذا شروع من المصنف في ذكر ألقاب الإعراب وهي أربعة.
الإعراب: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة أو ما نُزِّلَ
مُنَزَّلَتَه، حينئذٍ أثر ظاهر، قلنا: هذا الأثر إما حركة، وإما حرف،
وإما سكون، وإما حذف واحد منها، فالإعراب صار جنساً، تحته أنواع أربعة:
رفع وضم وكسر وجزم، أو الرفع والنصب والخفض والكسر، وهي أربعة.
وعن المازني: أن الجزم ليس بإعراب، وإنما أعطي الفعل الجزم من أجل أن
يكون ثلاثة أحوال، موافقةً للاسم؛ لأن الاسم إما أن يكون مرفوعاً وإما
أن يكون منصوباً، وإما أن يكون مجروراً وهذا محل وفاق، الفعل المضارع
أشبه الاسم فأخذ حكمه في الإعراب، فحينئذٍ ليس له إلا الرفع والنصب،
نقص واحد، قالوا: نكمل له بالجزم من أجل أن يتعادل مع الاسم، هكذا قيل!
وهذه الأربعة منها ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال، ومنها ما هو مختص
بقبيل منها، حينئذٍ صارت ثلاثة، هي أربعة من حيث الأنواع، ومن حيث
المحل هي ثلاثة، مشترك بين الأسماء والأفعال .. مختص بالأسماء .. مختص
بالأفعال.
وَالْرَّفْعَ: الرفع لغةً: العلو والارتفاع، وأما في الاصطلاح القول
بأن الإعراب لفظي وهو الصحيح، نفس الضمة وما ناب عنها، هذا المراد
بالرفع، الضمة نفسها، نقول: هي الإعراب .. هي الرفع، والرفعَ سواء كان
ظاهراً أو مقدراً.
وَالنَّصْبَ: النصب في اللغة: الاستقامة
والاستواء، وأما في الاصطلاح: فهو نفس الفتحة وما ناب عنها، نقول: هذا
هو النصب.
الْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ: هنا قدم الرفع على النصب لماذا؟ لأن الرفعَ
إعراب العمد: الفاعل والمبتدأ والخبر ونائب الفاعل، ولا يخلو كلامٌ من
اسم مرفوع البتة، لا يخلوا كلام، أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم
وفعل، اسمان: مبتدأ وخبر، كلاهما مرفوعان، اسم وفعل، الاسم هنا إما
فاعل وإما نائب فاعل، وهما مرفوعان.
إذاً: لا يمكن أن يوجد كلام وليس فيه اسم مرفوع البتة، أليس كذلك؟
إذاً: قدم الرفع؛ لأنه إعراب العمد، يعني: المبتدأ والخبر والفاعل
ونائب الفاعل، ثم عدم خلو أي كلام عن رفعٍ، لا يتصور وجود كلام لا يوجد
فيه اسم مرفوع البتة.
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ: ثنَّى بالنصب؛ لأنه قد يكون معمولاً لفعل،
والفعل هو الأصل في العمل، حينئذٍ صار أقوى من الخفض، الخفض هذا خاص
بالأسماء، والنصب مشترك، والفعل إنما أعرب حملاً على الاسم، فأيهما
أولى: أن يقدم ما هو خاصٌ بالاسم، أو ما هو مشترك مع غيره؟ الأولى: ما
هو خاصٌ بالاسم؛ لأنه أشرف، لكن هنا لما كان ما اختص بالاسم عامله لا
يكون إلا اسماً أو حرفاً وهو الجر، وعامل النصب قد يكون فعلاً: ضربت
زيداً، زيداً: هذا منصوب بماذا؟ بضرب، وقلنا: الأصل في العمل الأفعال.
فمن هذه الحيثية قدم النصب على الجر. ...
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَاباً ... لاِسْمٍ وَفِعْلٍ
نَحْوُ لَنْ أَهَابَا
اجْعَلَنْ الرفع، اجْعَلَنْ: هذا فعل أمر مبني على الفتح؟ اجعلن مبني
على الفتح لا تتردد! مبني على الفتح لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد
الخفيفة، اجعل: هذا يتعدى إلى مفعولين، أين مفعوله الأول؟ الرفع،
والنصب مفعوله الثاني؟ لا، هذا معطوف عليه أحسنت، إعراباً: هذا هو
المفعول الثاني؛ لأنه قال: اجعلن الرفع النصب إعراباً لاسم، لاسم: هذا
متعلق بإعراباً.
وهنا قدم معمول الفعل المؤكد بالنون، وهذا ممتنع عند الجماهير، معمول
الفعل .. الفعل إذا أكد بالنون معمولاته كلها لا تتقدم عليه، وهنا قدم
من أجل الوزن، ضرورة يعني.
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إعْرَاباً ... لاِسْمٍ .. نحو: إن
زيداً قائمٌ، (إن): حرف توكيد ونصب، وزيداً: اسم إن منصوب بها، وعلامة
نصبه الفتحة، قائمٌ: هذا خبر إن مرفوعاً بها، إذاً: اجتمع في هذا
المثال مثالان: الرفع والنصب للاسم، فالاسم مرفوع في هذا التركيب، وهو
قائمٌ خبر إن، والاسم منصوب في هذا التركيب وهو اسم إن.
وَفِعْلٍ: أطلق الفعل ومراده به المضارع، هل يرد اعتراض عليه بأنه يشمل
الماضي والأمر؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنه يتكلم في مقام الإعراب، وسبق
أنه نص على أن المضارع معرب، قال: وأعربوا مضارعاً، إذاً: لما أطلق هنا
الفعل يجب أن يحمل على المضارع ولا يشركه غيره فيه.
لاِسْمٍ وَفِعْلٍ مضارعٍ، نحو: يقوم، ولن أهابا، يقوم زيدٌ، يقوم: هذا
فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، إذاً: فعل مضارع رفع بالضم
على الأصل، نفس الضمة وما ناب عنها.
ولن أهابا، لن: حرف نصب، وأهابا: الألف هذه للإطلاق، أهاب: هذا فعل
مضارع منصوب بلن، ونصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا:
هذا شروع فيما اختص كل قبيل بنوع من أنواع الإعراب، اشتركا الاسم
والفعل المضارع في الرفع والنصب، وانفرد الاسم بالجر، وانفرد الفعل
بالجزم، إذ هي أربعة لا خامس لها: رفع ونصب وخفض وجزم، والاسْمُ قَدْ
خُصِّصَ بِالْجَرِّ، قوله بالجر: الباء هنا داخلة على المقصور كما هو
الأكثر.
والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، يعني: الاسم مخصوص بالجر، هل هذا
فيه معنىً زائد عن قوله فيما سبق بالجَرِّ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ؟
قلنا: العلامة لا تكون علامة إلا إذا اختصت بمدخولها، صحيح؟ يعني: ما
كان علامةً للاسم لا يجوز دخوله على الفعل، صح؟ (أل) الموصولة قلنا
فيها خلاف، هل هي من علامات الأسماء أو لا؟ قيل: من علامات الأسماء،
قيل: لا، ما السبب في هذا الخلاف؟ دخولها على الفعل المضارع، من جَوَّز
دخولها على الفعل المضارع منع اختصاص الاسم بها، لم يمنع دخولها على
الاسم انتبه! وإنما منع اختصاص الاسم بها فحسب، لم يجعلها علامةً له.
فحينئذٍ ما كان علامةً فهو خاص به، يلزم منه، وإلا فلا.
قوله: بالجَرِّ –هناك- لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ، دل على أنه مخصوص،
هل استفدنا من هذا الشطر شيء أم لا؟ نقول: نعم استفدنا، والاسْمُ قَدْ
خُصِّصَ بِالْجَرِّ، وقوله: سابقاً بالجر إلى آخره لبيان علامة الاسم،
وهنا لبيان أنه نوع من أنواع الإعراب خاص بالاسم فلا تكرار، هناك قلنا:
الشيء قد ينظر إليه باعتبارين هذه قاعدة، وخاصة عند النحاة يكثر عندهم
مثل هذه الأمثلة، الشيء الواحد قد يكون له اعتباران، مثلاً الجر هو
علامة وهو نوع من أنواع الإعراب، حينئذٍ قد نتحدث عنه من جهة كونه
علامة، فنقول: بالجَرِّ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ، وقد نتكلم عنه من
جهة أخرى، وهي كونه نوعاً من أنواع الإعراب، حينئذٍ نقول: والاسْمُ
قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، إذاً: افترقا فلا تكرار.
والاسم قد خصص بالجر، لماذا؟ قيل: لخفته؛ ولأن كل مجرور مخبر عنه في
المعنى، ولا يخبر عن الأسماء، إذاً: لا يدخل الجر إلا الاسم، فلا يدخل
الفعل؛ لأن المجرور مخبر عنه في المعنى، ولا يخبر إلا عن الاسم، بدليل:
ومسندٍ للاسم تمييز حصل، وهذا دل على أن الإسناد أو الإخبار إنما هو من
علامة الأسماء، وكل مجرور أو مضافٍ إليه فهو مخبر عنه في المعنى.
إذاً: والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، نقول: الباء هنا داخلة على
المقصور كما هو الأكثر، وسبب التخصيص وعلته: خفة الاسم، والجر هذا
ثقيل؛ لأنه حركة، ثم هو كسرة، والكسرة أثقل من الفتحة، فحينئذٍ مناسبةً
أعطي البسيط الخفيف الكسرة، بِالْجَرِّ: فلا يوجد حينئذٍ في الفعل ..
لا يمكن أن يكون الفعل مجروراً، لماذا؟ أحسن ما يعلل به نقول: امتناع
دخول عامل الجر عليه، هذه واضحة بينة.
إذا قلت: الجر من خصائص الأسماء، ما الذي
يعمل الجر في الاسم، ما العامل؟ الحرف والمضاف، يعني: حرف الجر هو الذي
يعمل الجر، والمضاف هو الذي يعمل الجر، طيب! إذا جوزنا أن يكون الفعل
مجروراً بالكسرة، ما الذي سيحدثه؟ حرف الجر ولا يدخل الفعل، المضاف
والفعل لا يضاف، كيف نأتي بالجر؟ وقد امتنع عامله من الدخول على الفعل،
إذاً: لا يدخل الجر الفعل لامتناع دخول عامله عليه، واضح هذا؟
إذاً: امتنع دخول عامل الجر على الفعل وهو حرف الجر لاختصاصه بالأسماء
وكذلك الإضافة، المضاف لا يضاف إلا إلى الاسم، والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ
بِالْجَرِّ، فلا يوجد في الفعل لامتناع دخول عامله عليه.
كَمَا ** قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأنْ يَنْجَزِمَا .. كَمَا قَدْ
خُصِّصَ، يعني: كتخصيص، الكاف هذه: للتشبيه، وقد تأتي الكاف لمجرد
التنظير من غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما هنا، أيهما حمل على
الآخر هنا: الجزم على الجر، أو الجر على الجزم، في كونه مختصاً به؟
ذكرنا أن المازني هناك ينكر ماذا؟ الجزم، يقول: ليس بإعراب؛ لأنه عدم
ليس بحركة، الإعراب حركة أو حرف نائب عنه .. عن الحركة، وأما الجزم
والعدم هذا ليس بشيء، حينئذٍ ليس بإعراب، قالوا: أعطي الفعل الجزم من
باب أن يتعادل مع الاسم المشبه به؛ لأنه أشبه الاسم في اعتوار المعاني
فأعرب لأجل هذه العلة، الاسم يعرب بماذا؟ برفع أو نصب أو جر، إذا أشبهه
قلنا: أخذ حكمه.
إذاً: الفعل يرفع وينصب لا يمكن أن يجر لامتناع دخول العامل عليه،
إذاً: صار هذا ثلاثة وهذا اثنين، قالوا: نكمل له القسمة ونعطيه الجزم،
إذاً: أيهما أولى أن يُشّبَهَ بالآخر: الجزم بالجر، أو العكس؟ الجزم،
يعني: الأصل أن يقال: والْفِعْلُ قَدْ خُصِّصَ بالجَزمِ كَمَا قَدْ
خُصِّصَ الاسْمُ بأن يجر مثلاً، هذا الأصل، لكن المراد هنا بالكاف مجرد
التنظير في التخصيص فحسب، يعني: خص الاسم بالجر، وخص الفعل بالجزم،
بقطع النظر عن أيهما ألحق بالآخر، وأيهما أقوى في الشبه من الآخر، هذا
المراد.
) والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا قَدْ خُصِّصَ .. إذاً: الكاف
قد تأتي لمجرد التنظير من غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما هنا:
كَمَا قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ: أي أنواع الفعل؟ المضارع؛ لأنه إذا أطلق
الفعل عنا انصرف إلى المضارع.
بِأنْ يَنْجَزِمَا، يعني: بجزمه، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر،
مجرور بالباء، يعني: كأنه قال: كَمَا قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بالجَزمِ
لكونه فيه كالعوض من الجر، فلا يجزم الاسم.
إذا قلنا: لا يجزم الاسم وأردنا علةً، نقول كما قلنا في صاحبه: لامتناع
دخول عامله عليه؛ لأن الجزم إنما يكون بأدوات الجزم، وهذه علامة للفعل
المضارع، ِفعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ .. يَلِي لَمْ فقط، أم
لم وأخواتها؟ ما المراد: لم فحسب، هذا ما نبهنا عليه:
ِفعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ، ولمَّا، وإن الشرطية، وكل أدوات
الشرط، فليس الحكم خاصاً بلم، فحينئذٍ أدوات الجزم خاصة بالفعل، فإذا
كان كذلك لا يُتصور حصول الجزم في الاسم؛ لامتناع دخول عامل الجزم على
الاسم، إذاً: خُصَّ الاسم بالجر، خُصَّ الفعل بالجزم، الجزم: عدم حركة،
والجر: حركة.
قالوا: الاسم خفيف بسيط؛ لأنه يدل على شيء
واحد، والفعل ثقيل؛ لأنه يدل على شيئين: حدث، وزمن، فأعطي الخفيف الذي
هو الاسم الثقيل الذي هو الكسر، وأعطي الثقيل الذي هو الفعل الخفيف
الذي هو السكون من باب التعادل والتناسب.
إذاً: بهذه الأبيات أو هذين البيتين أشار إلى أن ألقاب الإعراب أربعة:
رفع ونصب وجزم وخفض، وأن منها ما هو مشترك ومنها ما هو خاص.
يبقى أن ننبه: أن أنواع البناء وأنواع الإعراب متحدان في الصورة كما
ذكرنا، هناك قال:
مِنْهُ ذُو فَتْحٍ وذُو كَسْرٍ وَضَمْ وسكون ..
وهنا قال: رفع ونصب .. والرفع هو نفس الضمة، والنصب هو نفس الفتحة،
والجر هو نفس الكسرة وما ناب عنها، والجزم سكون وما ناب عنها، إذاً:
اتفقا واتحدا في الصورة، صورتهما واحدة، وإن اتحدتا في الصورة مختلفتان
في الحقيقة، لماذا؟ لأن السكون الذي يكون في المبني هل هو مجلوب لعامل
أو لا؟ لا، والسكون الموجود في: ((لَمْ يَلِدْ)) [الإخلاص:3] هل هو
مجلوب لعامل أم لا؟ مجلوب لعامل، إذاً: فرق بينهما، في الصورة متحدان،
إذا قلت: إن حرف شرط مبني على السكون، ((لَمْ يَلِدْ)) [الإخلاص:3]
السكون الذي على الدال في: ((لَمْ يَلِدْ)) [الإخلاص:3] في النطق هو
عينه الذي على النون في: إن، لكن ما الفرق بينهما؟ يلد: السكون جلبه
لم، وهنا غير مجلوب لشيء.
إذاً: من حيث الحقيقة مختلفان، ومن حيث الصورة متفقان.
ثم قال رحمه الله تعالى:
فَارْفَعْ بِضَمٍّ وَانْصِبَنْ فَتْحاً وَجُرّ ... وَاجْزِمْ
بِتَسْكِينٍ وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ ... كَسْراً كَذِكْرُ اللهِ عَبْدَهُ
يَسُرّ
يَنُوبُ نَحْوُ جَا أَخُو بَنِي نَمِرْ
هذه الأنواع الأربعة لها علامات، المعرب .. الأصل في كل معرب أن إعرابه
يكون بالحركات أو السكون هذا الأصل: أن يكون إعرابه بالحركات أو
السكون، والأصل في كل معرب بالحركات إن كان مرفوعاً فرفعه يكون بالضمة،
وإن كان منصوباً فنصبه يكون بالفتحة، وإن كان مخفوضاً أو مجروراً فجره
يكون بالكسرة، وإذا كان مجزوماً فجزمه يكون بالسكون.
إذاً: الإعراب له علامات .. علامات أصول، وعلامات فروع، هو أراد أن
يبين لنا بهذين البيتين أن الأصول أربعة، وأن الفروع هذه باعتبار
النائب وباعتبار المحل كما سيأتي.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ .. فارفع: الفاء هذه فاء الفصيحة، فصيحة: فعيلة،
يعني مفصحة بمعنى اسم الفاعل مفصحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، إذا
أردت معرفة علامات الأنواع السابقة الرفع والنصب، فأقول لك: فارفع بضم،
الباء هذه تسمى باء التصوير، من تصوير النوع بصنفه، يعني: ارفع رفعاً
مصوراً بضم، ما صورة هذا الرفع؟ على القول بأن الإعراب لفظي الرفع هو
عين الضمة.
إذا قلنا مثلاً: زيد يقوم .. يقوم زيد، إذا قلت: يقوم، هذا مرفوع، كيف
أصور الرفع؟ أنطق بالضمة: يقومُ، فنطقك بالضمة هو عين الإعراب، إذاً:
صورت هذا الرفع بماذا؟ بالتلفظ بالضمة، زيدٌ، إذا لفظت بالضمة حينئذٍ
صورت الرفع، إذاً: النوع الأول وهو الرفع إيجاده وتحقيقه في محله من
اسم أو فعل، يكون بنطقك بالضمة، فالضمة هي عين الإعراب، والإعراب الرفع
هو عين الضمة، فهما متحدان.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ، يعن: ارفع رفعاً مصوراً
بضم، تصويرك لهذا الرفع إنما يكون بضم.
هنا قال: بضمٍ، والأصل أن يقول: بالضمة، الضم: من ألقاب البناء، ومنه
ذو ضمٍ .. فكيف جعل إعراباً أو علامة إعراب؟ يقال في الجواب: بأن عبارة
المصنف هنا فيها مسامحة؛ لأن جرى عادة البصريين وهذا منسوب لهم وإن نسب
إليهم غيره: أنهم يفرقون بين ضمٍ وضمٍ، فإذا كان المبنيُ مبنياً على
الضم حذفوا منه التاء، وإذا كان المعرب معرباً بضم أضافوا إليه التاء،
فيقولون: زيدٌ مرفوع ورفعه ضمةٌ بالتاء، وإذا كان مبنياً حيثُ، قالوا:
مبني على الضم، فرقوا بينهما .. وهذا مجرد اصطلاح.
وقيل: البصريون يطلقون ألقاب البناء على علامات الإعراب، يتوسعون ..
يطلقون ألقاب البناء: الضم والكسر والفتح، على ألقاب الإعراب، يعني:
يتوسعون في إطلاق كل منهما على الآخر، والمسألة مجرد اصطلاح فحسب، إن
فُرِّق فهو أحسن، يعني: إن جعل للبناء الضم، وللإعراب الضمة فهذا أجود
وأحسن؛ لأن ثم فرقاً بين المبني والمعرب.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ، نقول: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعراباً
وجعلها علامات إعراب؛ لأن القول بأن الضمة علامة إعراب، هذا يوافق
القول بأن الإعراب معنوي وليس لفظي، إذا قلت: يقوم زيدٌ، زيدٌ: مرفوع
ورفعه ضمة، هذا على القول بأن الإعراب لفظي، إذا قلت: مرفوع وعلامة
رفعه .. علامة رفعه، حينئذٍ هذا نقول: هذا جرى على أنه معنوي، لكن جرت
عادة البصريين القائلين: بأنه لفظي، أنهم يتوسعون في العبارة، فقد
يُعَبِّرُون برَفْعُه .. برَفعِه، ورَفعُه ضمة، أو يقولون: وعلامة
رَفْعِه ضمة، وهذا ..
ثم جواب آخر: نقول: وجعلها علامات إعراب هي إعراب من حيث عموم كونها
أثراً جلبها العامل، وعلامات من حيث الخصوص، يعني: هي علامة من حيث
الخصوص، وهي إعراب لفظي من حيث كونها مجلوباً للعامل.
يقوم زيدٌ، زيدٌ: هذه الضمة ننظر لها نظرين: من جهة كونها مجلوبةً
للعامل، أي: جلبها فحينئذٍ هي عينه، ومن جهة خصوص التعبير عنها، لو
قلنا: علامة الرفع الضمة، قالوا: لا بأس به، لكن هذا فيه نظر.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ: إذاً الرفع يكون بضم وما ناب عنه، وسواء كان هذا
الضم ظاهراً أو مقدراً، والأمثلة واضحة.
وانْصِبَنْ فَتْحاً: وانصبن فتحاً، يعني: بفتح، فتحاً هنا منصوب بنزع
الخافض، إذاً: كأنه قال: وانصبن فتحاً، يعني: بفتح، وانصبن: مصوراً
النصب بفتح، حينئذٍ تكون الباء التي نزعت تكون ماذا؟ تكون للتصوير،
وَجُرّ كَسْراً ..
فَارْفَعْ بِضَمٍّ وانْصِبَنْ فَتْحاً وَجُرّ .. هذا فعل أمر أنت ..
كَسْراً: أيضاً منصوب بنزع الخافض، كأنه قال: وجر جراً مصوراً بكسر،
فكسراً هذا منصوب بنزع الخافض.
مثال ما ذكر: كَذِكْرُ اللهِ عَبْدَهُ يَسُرّ .. كَذِكْرُ: الكاف هذه
حرف جر للتشبيه تجر ما بعدها، وذكر: بالرفع على أنه مبتدأ، حينئذٍ لا
بد من التأويل، إما أن نقول: الكاف اسمية، مثل ذِكْرُ .. ومثل هذه تضاف
إلى الجمل ولا إشكال فيها، وإما أن يقال: بأن الكاف على أصلها حرف جر،
لكنها دخلت على محذوف، كقولك: ذكر، وهذا في جميع ما يمر بك في الأمثلة:
إذا دخلت .. أو دخل حرف الجر على جملة
كتسعدوا ونحو ذلك حينئذٍ لك توجيهان: إما أن تجعل الكاف اسمية، وإما أن
تجعلها حرفيةً ومدخولها محذوف؛ لأنه تقرر أن حرف الجر لا يدخل إلا على
الأسماء.
كَذِكْرُ اللهِ عَبْدَهُ يَسُرّ، ذكر: هذا مبتدأ مرفوع ورفعه ضمةٌ ..
فَارْفَعْ بِضَمٍّ، وهو مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بكسرٍ ..
وَجُرّ كَسْراً، عبده: هذا مفعول به لذكر المصدر؛ لأنه ينصب، أضيف هنا
فنصب، عبده: هذا منصوب بذكر، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وانْصِبَنْ فَتْحاً .. إذاً: مَثَّل للكل لكن لا على جهة الترتيب.
يَسُرّ، يعني: .. هذا مثال لأي شيء؟ هذا للمضارع المرفوع، فكأنه مثل
للاسم والفعل، والجملة في محل رفع المبتدأ ذِكْرُ
واجْزِمْ بِتَسْكينٍ: هذا النوع الرابع من أنواع الإعراب، واجزم آخر
الكلمة بتسكينٍ، نحو: لم يقم، وهذا خاص بالأسماء، بِتَسْكينٍ: هذا من
إطلاق المصدر وإرادة الأثر وهو السكون، واجزم بتسكينٍ، يعني: بالسكون،
كقولك أو نحو: لم يقم، لم: حرف نفي وجزم وقلب، ويقم: فعل مضارع مجزوم
بلم وجزمه سكون آخره، إذاً: هذه أربعة أنواع للإعراب:
النوع الأول: الرفع، وعلامته الأصلية الضمة، والثاني: النصب، وعلامته
الأصلية الفتحة، والثالث: الجر، وعلامته الأصلية الكسرة، والرابع:
الجزم، وعلامته الأصلية السكون، إذاً: أربع علامات أصلية، وثم فروع،
قال:
وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ يَنُوبُ: وغير ما ذكر من الإعراب بالحركات السابقة
والسكون ينوب عنه، يعني: يكون نائباً عنه، في ماذا؟ في الإعراب، إن كان
مرفوعاً بضمةٍ فما ناب عنه، ناب عنه في كونه مرفوعاً، وإذا ناب عنه في
كونه منصوباً حينئذٍ ناب عنه في نفس الإعراب.
واجْزِمْ بِتَسْكينٍ وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ .. من الحركات والسكون ينوب
عنه، فينوب عن الضمة ثلاثة أشياء: الواو والألف والنون، وعن الفتحة:
الألف الياء والكسرة وحذف النون، أربعة، وعن الكسرة أمران: الفتحة
والياء، وعن السكون: حذف الحرف.
فللرفع أربع علامات: علامةٌ أصلية وثلاثة فرعية، وللنصب خمس علامات:
علامةٌ أصلية وأربع فرعية، وللجر ثلاث علامات: علامةٌ أصلية وثنتان
فرعية، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة، منها أربعة أصول وعشرة
فروع، فروع باعتبار الحال نفسه، وأما باعتبار المحل فهي سبعة أبواب، إن
نظرنا إلى الذي ينوب .. النائب نفسه فهي عشرة، وإذا نظرنا إلى الأبواب
فهي سبعة: خمسة في الأسماء واثنان في الأفعال، خمسة في الأسماء ..
الأسماء الستة، والمثنى، وجمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم في
حالة النصب، والممنوع من الصرف في حالة الجر، هذه خمسة.
واثنان في الأفعال: الفعل المضارع معتل الآخر، والأفعال الخمسة،
والأحسن تقول: الأمثلة الخمسة.
وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ .. من الإعراب بالحركات والسكون ينوب عنه.
نَحْوُ جَا أخُو بَنِي نَمِرْ: جَا أخُو ..
جاء هذا الأصل، جاء بالقصر، لغةً أو ضرورةً؟ نقول: لغة، جاء إذا كان
مهموز هو وغيره، إذا تلاه همزة، يعني: مفتتح بالهمزة جاز حذف الهمزة
الأولى، جاء أخو .. أصلها: جاء أخو، حينئذٍ يجوز التخفيف لغةً، فيقال:
جا أخو بالقصر، حينئذٍ يكون من باب اللغة، لا من باب الضرورة، بقصر جا
لا للضرورة، بل لكثرة حذف إحدى الهمزتين من كلمتين إذا اجتمعتا.
أخُو بَنِي نَمِرْ .. جا: فعل ماضٍ مبني على الفتح فتح الهمزة المحذوفة
تخفيفاً، جا أخو، أخو: فاعل مرفوع ورفعه الواو نيابة عن الضمة، هنا
ناب، هذا مثال للضم في النيابة بالواو، وهو من الأسماء الستة، أخو:
مضاف، وبني: مضاف إليه، مجرور بماذا؟ بالياء؛ لأنه من الأسماء الستة،
لأنه ماذا؟
مثنى .. مجرور بالكسرة .. هل من قولٍ رابع؟ نعم محلق يا إخوان ملحق،
الأصل في هذه المسائل تكون واضحة، دارس الألفية يختلف عن المبتدئ، أنت
لست مبتدئ، الأصل هذه المسائل تكون واضحة، يعني: بَنِي أصلها: ابن،
سيأتي معنا غداً في جمع المذكر السالم: أن جمعه بواو ونون يعتبر شاذ،
يعني: من الملحق، إذاً: بني، نقول: ملحق بجمع المذكر السالم، مجرور
وجره الياء نيابةً عن الكسرة، إذاً: هو ملحق بالجمع.
نَمِرْ، نمر على وزن فعل، هذا يحتمل أنه ممنوع من الصرف إذا للعلمية
والتأنيث -إذا جعل اسماً لقبيلة-، ومصروفاً إذا جعل اسم رجل، يحتمل هذا
وذاك، نمرٍ .. نمرَ بالفتح، وكل منهما .. جَا أخُو بَنِي نَمِرْ، كل
منهما .. نقول نمر، ما إعرابه هنا؟ نعم، أخو بني، نعم أصلها: بنين،
حذفت النون للإضافة، إذاً: بني مضاف، ونمر مضاف إليه، إما أن يكون
مجروراً السكرة على الأصل إذا جعل اسماً لرجل أبو القبيلة الأصل، وإما
أن يكون مجروراً بالفتحة نيابةً عن الكسرة ممنوعاً من الصرف للعلمية
والتأنيث.
إذاً: جَا أخُو بَنِي نَمِرْ، أشار به إلى كون الواو نيابةً عن الضمة،
والياء نيابةً عن الكسرة، والفتحة نيابةً عن الكسرة إذا جعلناه ممنوعاً
من الصرف.
ثم شرع في بيان الأسماء، أو الأبواب التي تنوب عن هذه الحروف فقال:
وَارْفَعْ بَوَاوٍ وانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ .. وهذا يأتينا المغرب إن
شاء الله تعالى,
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- ما علة بناء من الشرطية؟
- أجيبوا .. من الشرطية ..
- الشبه الوضعي .. الشبه المعنوي قولان .. والراجح؟ الأظهر عند النحاة
أنه المعنوي، وإذا ألحق به الشبه الوضعي لا بأس.
- هذا يقول: ما كان علامةً لأمر ما فهو خاص به، ألا يرد على هذا أن قد
علامة للماضي وليست مختصة به، بل تدخل على المضارع؟
- هي ليست علامة مختصة، هي علامة مشتركة تدخل على الماضي وتدخل على
المضارع.
- قيل: أن البصريين يطلقون ألقاب البناء على .. هل على علامات الإعراب،
أم على ألقاب البناء؟
- لا، يقال: أنواع الإعراب وألقاب الإعراب، لا بأس هذا بذاك.
- والاسم قد خصص بالجر كما .. ما: اسم موصول ..
- لا ليس في الظاهر اسم موصول، ما مصدرية كتخصيص الفعل، فهي مؤولة
بمصدر.
- ضربوا: على الصحيح أنه مبني على الفتح المقدر، وعلى مذهب الجمهور:
مبني على الضم، هل هذا الإعراب صحيح؟
- نعم، هل نقول: هذا الإعراب صحيح؟ هو
مبني، إذا قلنا: جاء فعل ماضي مبني، نحن نقول: أعرب .. الإعراب خاص
بالمعربات، ثم تقول: جاء فعل ماضي مبني، إذا قلنا: أعرب جاء زيد، ماذا
تقول؟ جاء فعل ماضي مبني على الفتح، الأصل أن تقول: زيدٌ مرفوع فاعل،
وتترك جاء؛ لأن السؤال بماذا؟ عن الإعراب، أليس كذلك؟ نعم، الإعراب
يطلق بمعنيين: معنىً خاص ومعنىً عام، المعنى العام: هو الذي يكون
بإجراء وتنزل القواعد على الكلام العربي نفسه، فإن نزلت جاء على ما
قعده النحاة يسمى إعراب، ليس هو الإعراب الذي يقابل البناء لا، واضح
هذا.
- ما الأفصح في لغة العرب إذا كان ما اسم موصول بمعنى الذي؟ فهل إذا
قلنا: ما، اتفق على بنائه أفصح، أو نقول: الذي اتفق على بنائه؟
- ما أدري ماذا يقصد هذا؟! ما نفسها اتفق على بنائها، والذي أيضاً اتفق
على بنائه، هذا شيء وهذا شيء، لكن: ما، تفسر من حيث المعنى، ومن وما
وأل تساوي ما ذكر.
- ما هي الجمل التي ليس لها محل من الإعراب، وما هي الجمل التي لها محل
من الإعراب، وما هو الضابط في معرفتها؟
- هذا كتاب كامل اسمه: قواعد الإعراب، ونظمه الزواوي وشرحناه ترجع
إليه، كتاب كامل سنة جلسنا فيه أظن، هذه سبعة وهذه سبعة.
- لم أفهم قول الناظم: ذكر الله عبده يسر ..
- ذكر: هذا مثال للمرفوع، ولفظ الجلالة هذا مثال للمجرور، وعبده: هذا
مثال للمنصوب.
والله أعلم وصلى الله وسلم ... !!!
|