شرح ألفية ابن مالك للحازمي عناصر الدرس
* متى يجوز الوجهان في الإسم المتقدم؟
* متى يترجح رفع الإسم المتقدم؟
* أحوال الضمير المشغول به
* قد يكون الوصف عاملاَ مشغولا به
* اتصال الضمير بتابع الإسم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله
وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم: اشْتِغَالُ العَامِلِ عَنِ المَعْمُولِ، وعرفنا أن هذا
الباب إنما وسطه بين المرفوعات والمنصوبات لأنه يشمل بعضاً من
المرفوعات وبعضاً من المنصوبات، يعني: بعضه مرفوع وبعضه منصوب، بعضه
مرفوع إما على جهة الوجوب، وإما على جهة الرجحان، وبعضه منصوب إما
وجوباً وإما رجحاناً. عرَّفه بقوله:
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً شَغَلْ ... عَنْهُ بِنَصْبِ
لَفْظِهِ أَوِ الْمَحَلّ
وعرفنا أن قوله: عَنْهُ؛ المراد بالضمير هنا الاسم السابق، وأما
بِنَصْبِ لَفْظِهِ أَوِ الْمَحَلّ، فاللفظ والمحل للاسم السابق على
الصحيح، للاسم السابق لا للمضمر، لأنَّ نصبه محلي أبداً، هذا ما ذهب
إليه ابن هشام في التوضيح وكذلك الأشموني، وهو الظاهر المناسب؛ لأن
الضمير لا يقال فيه أنه مجرور أو أنه منصوب، إنما يقال: في محل نصب،
ولذلك في قوله:
بِنَصْبِ لَفْظِهِ: أي بنصب لفظ الاسم السابق كزيداً ضربته.
أَوِ الْمحَلّ: يعني محل الاسم السابق ينصب، مثل هذا ضربته، ووجه بعضهم
بِنَصْبِ لَفْظِهِ أي: نصب لفظ المضمر، بِنَصْبِ لَفْظِهِ أي: لفظ ذلك
المضمر، أَوِ الْمَحَلّ يعني: محل ذلك المضمر، وحينئذٍ يحتاجون إلى
تأويل، فمرادهم إذا قيل: كيف ينصب لفظ المضمر! قالوا: لا، إذا تعدى
إليه بنفسه حينئذٍ نصبه لفظاً، هذا كناية، ضربته هاهنا منصوب لفظاً؛
لأن الفعل تعدى إليه بنفسه، فإذا تعدى إليه بغيره بواسطة حرف: مررت به؛
قالوا: هنا منصوب محلاً، وهذا فيه نوع تكلف، وهو الذي سار عليه ابن
عقيل وغيره من الشراح، المكودي مشى على الأول وجوز الثاني.
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ: إن ضمير اسم سابق.
فِعْلاً شَغَلْ: شغل ذلك المضمر.
عَنْهُ: عن الاسم السابق.
بِنَصْبِ لَفْظِهِ: أي الاسم السابق أو المحل.
فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ: قلنا: الصواب أنه منصوب بفعل مضمر وجوباً
يفسره المذكور، فهو موافق له في اللفظ والمعنى أو في المعنى دون اللفظ،
لأنه قد يتعين ألا يفسر بالمذكور، مثل: زيداً مررت به، مرَّ هذا لا
يتعدى بنفسه، فلا يقال: مررت زيداً إلا على الشذوذ كما سيأتي، مررت
زيداً لا يصح، فحينئذٍ كيف نفسره ونحن نقول: لا بد أن يكون مضمراً
مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا، موافق له، نقول: نعم، قد يكون موافقاً
له في المعنى دون اللفظ، جاوزت زيداً مررت به، إذاً: مرَّ وجاوز بمعنىً
واحد.
هذا الاسم السابق قلنا: له خمسة أحوال: إما أنه يجب نصبه -لازم النصب-،
وإما أنه جائز النصب، وإما أنه لازم الرفع، وإما أنه جائز الرفع، وإما
أنه مستوٍ في الطرفين، يعني: يجوز نصبه ورفعه على سواء دون ترجيح.
قال الناظم:
وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا ... يَخْتَصُّ
بِالْفِعْلِ كَإِنْ وَحَيْثُمَا
هذه المسألة الأولى، والأبيات في هذا الباب تحتاج إلى أن إعادة النظر
فيها من جهة الإعراب من أجل ضبطها، وإلا فيها نوع ركة.
وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلاَ السَّابِقُ
مَا ... يَخْتَصُّ: هذه المسألة الأولى وهي وجوب النصب، متى؟ إن تلا
الاسم السابق أداة تختص بالفعل، وحينئذٍ ما يختص بالفعل لا يليه إلا
فعل، سواء كان ملفوظاً به أو مقدراً، وهنا يكون مقدراً؛ لأن الاسم
المنصوب السابق فعله واجب الحذف، فلزم أن يكون مقدراً.
لا يختص بالفعل ولا يدخل على الاسم، قلنا: هذه أربعة أنواع: أدوات
الشرط وأدوات الاستفهام، وهذه خاصة بالشعر، لا يقع الاسم بعدها منصوباً
على الاشتغال إلا في الشعر خاصة إلا إذا مطلقاً وإن بماض، وما عداها
فلا، كذلك أسماء الاستفهام.
وهنا يرد السؤال -كما أورده البعض-: كيف نقول أدوات الاستفهام خاصة
بالفعل ونحن نقول: أين زيد، لأننا مثَّلنا أين زيداً وجدته؟ قلنا:
زيداً هذا واجب النصب، وجدته: عمل في ضمير يعود على السابق، لماذا وجب
النصب؟ لوقوعه بعد أداة لا يليها إلا الفعل، ونحن نقول: أين زيد؟ زيد:
مبتدأ مؤخر، وأين: خبر مقدم، هل هذا تعارض؟
أين زيد؟ ليس عندنا فعل هنا، لم تختص
بالفعل، هي نفسها خبر، فهي جملة اسمية، وهنا: أين زيداً وجدته؟ نقول:
الجواب عن هذا سهل، وهو أن اختصاص أسماء الاستفهام بالفعل إذا ذكر
الفعل، وأما إذا لم يذكر الفعل فلا، ليست خاصة بالفعل، وإنما لها فلسفة
عند النحاة والبيانيين، هي خاصة بالفعل إذا ذكر، ولذلك يقال: هل زيد
قائم؟ هنا دخلت على جملة اسمية، هل قام زيد؟ فعلية، هل زيد قام؟ هذا
ليس فصيح، على جعل زيد مبتدأ وقام خبر ليس بفصيح، بل يُلَحَّن
ويُغَلَّظ عند البيانيين، لماذا؟ لأن (هل) إذا وجد الفعل في حيزها
حينئذٍ اختصت به ولا يفصل بينها وبين الفعل فاصل البتة، فيتعين لتخريج
هذا التركيب أن نقول: زيد فاعل لفعل محذوف، هل قام زيد قام؟ إذاً: هل
زيد قام كيف تعربه؟ نقول: هل: حرف استفهام، وزيد: فاعل لفعل محذوف
وجوباً يفسره المذكور، لماذا قدرناه فاعل لفعل محذوف؟ لأن (هل) إذا وجد
الفعل اختصت به، حينئذٍ قوله: سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ؛ قلنا: هذا
مثَّل به للمشترك، المثال الصحيح في المشترك: هل زيد قائم؟ دخلت على
الجملة الاسمية، هل قام زيد؟ دخلت على الجملة الفعلية، أما هل زيد قام؟
غلط، إلا على تأويل أن يكون زيد فاعل للفعل محذوف، وحينئذٍ اختصاص
أدوات الاستفهام بالفعل نقول: إذا وجد في حيزها، يعني: ذكر لفظ الفعل
في الجملة التي بعدها، فلا يجوز أن يفصل بين (هل) والفعل البتة إلا على
ما ذكرناه، وحينئذٍ يليها الفعل إما لفظاً: هل قام زيد، وإما تقديراً:
هل زيد قام، إذاً: لا إشكال في قولنا: بأن أدوات الاستفهام مما يختص
بالفعل، هذا مقيد بما إذا ذكر الفعل، وأما إذا لم يذكر حينئذٍ نقول:
تدخل على الجملة الاسمية، ولذلك وفاقاً عند النحاة أنهم إذا مثلوا
للحرف المشترك مثلوا بـ (هل)، ثم إذا جاءوا في هذا الموضع قالوا: هل
زيداً ضربته، قالوا: يجب النصب هنا؛ لأن الاسم المتقدم تلا ما يختص
بالفعل، وهذا ليس بتعارض ليس بتناقض، هل زيد قائم؛ دخلت على جملة اسمية
ولا إشكال، هل قام زيد؛ دخلت على جملة فعلية، هل زيداً ضربته، حينئذٍ
نقول: هذا من باب الاشتغال، فالاسم المتقدم تقدم عليه أداة تختص
بالفعل، كيف تختص بالفعل وهي؟؟؟، نقول: هل زيد قائم؟ نقول: لوجود الفعل
وهو ضربت، فلما وجد الفعل دل على أن (هل) هنا متمحضة للفعلية، فهي خاصة
به، فلا يلتبس هذا بذاك.
إذاً: أدوات الاستفهام هل هي من خصائص الفعل؟
نعم، أدوات الاستفهام هنا في هذا الباب
نقول: من خصائص الفعل، كيف نقول من خصائص الفعل، بمعنى أنه لا يليها
إلا فعل، أين زيداً لقيته؟ هل زيداً ضربته؟ نقول: هذه في هذا المقام
لوجود الفعل بعدها تعين أن تكون أدوات الاستفهام -غير الهمزة-، أدوات
الاستفهام خاصة بالفعل، وأما هناك: سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ؛ نقول:
هناك نمثل بـ (هل) للمشترك بين الجملة الاسمية والجملة الفعلية، لكن لا
نمثل إلا بما هو خالص الجملة الاسمية، هل زيد قائم؟ ولا نقول: هل زيد
قام مثال للجملة الاسمية، زيد قام، نقول: مبتدأ وخبر لا إشكال، مبتدأ
زيد، وقام الجملة خبر، لكن إذا دخلت عليها (هل) ليست اسمية، بل هي
فعلية، هل زيد قام؟ زيد: فاعل لفعل محذوف، لماذا نقدر؟ لأن (هل) هنا
وجد في حيزها الفعل فتخلصت له، فهي مختصة به إذا وجد، إذا لم يوجد
حينئذٍ صارت داخلة على الجملة الاسمية والجملة الفعلية، إذاً: لا
تعارض.
إذا تلا الاسم المتقدم ما يختص بالفعل تعين نصبه، لماذا؟ لئلا نخرج هذه
الألفاظ –الأدوات- الخاصة بالفعل عما وضعت له في لسان العرب.
وَإنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا بِالاِبْتِدَا ... يَخْتَصُّ فالرَّفْعَ
الْتَزِمْهُ أَبَدَا
هذا خاص بالقسم الثاني، وهو ما وجب فيه النصب، وقلنا: الصواب إخراجه من
باب الاشتغال، وإنما ذكره الناظم وغيره، ابن الحاجب لم يذكره أصلاً في
الكافية، لمَّا ذكره غيره من باب تتميم القسمة فحسب؛ لأن المحتمل من
جهة الصناعة النحوية الاسم المتقدم خمسة أوجه، منها وجوب الرفع وإن لم
يكن من باب الاشتغال فلا إشكال.
متى يجب رفعه؟ في مسألتين: الأولى: وَإنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا
بِالاِبْتدَا، أن يتبع الاسم السابق ما يختص بالابتداء، كـ (إذا)
الفجائية.
الثاني: إذا تلا الاسم -وقع بعد الاسم-
أدوات لا يعمل ما بعدها في ما قبلها، نقول: هذا خاص بالرفع، إن وقع بعد
الاسم ما لا يعمل ما بعده في ما قبله وجب الرفع، مثل لام الابتداء
مثلاً، لام الابتداء لا يعمل ما بعدها في ما قبلها حينئذٍ يتعين الرفع،
في هاتين المسألتين يجب الرفع، زيد إن لقيته فأكرمه، زيد إن لقيته،
زيدٌ: مبتدأ، زيداً إن لقيته، زيداً: هذا غلط، لا يجوز، لا يجوز أن
نقول: زيداً إن لقيته، لماذا؟ لأن الاسم هنا تلاه (إن)، و (إن) حرف
شرط، وأدوات الشرط لا يعمل ما بعدها في ما قبلها فلا يفسر عاملاً، فيجب
حينئذٍ الرفع، فإذا وجب الرفع نقول: الأصل أنه خرج من باب الاشتغال
بالكلية، والصبان في الحاشية ينافي هذا، يقول: لا، بل بقي على أصله،
وعدم جواز النصب لعارض، عدم جواز النصب هنا لعارض، فحينئذٍ لا لذاته:
زيداً لقيته، وإنما لعارض وهو دخول (إن) بعد زيد، فتعين الرفع، لكن هذا
ليس بجيد، لماذا؟ لأننا كما ذكرنا أن الاشتغال حقيقته فرع، التراكيب هي
الأصل، وحينئذٍ نقول: زيد إن لقيته؛ هذا التركيب هل هو من باب الاشتغال
أو لا؟ نطبق عليه حد الاشتغال: وهو أنه إذا فرِّغ العامل عن الضمير هل
ينصب الاسم المتقدم أو لا؟ زيدٌ إن لقيتَ؛ هل إذا أسقطنا الضمير يتعدى
الفعل فينصب زيد؟ نقول: لا، إذاً: ليس من باب الاشتغال، وأما التقريرات
الذهنية والتجويزات العقلية هذه لا حدود لها، وإنما العبرة بالألفاظ
نفسها، وحينئذٍ نقول: الصواب ما رجحه ابن هشام رحمه الله تعالى وابن
الحاجب أنه يجب إسقاط هذا القسم من باب الاشتغال.
وبعضهم كذلك في ما تعين نصبه، يعني: إذا تعين نصبه حينئذٍ لا يجوز فيه
الرفع، وباب الاشتغال يجوِّز الأمرين، وإن كان الأصل فيه النصب إلا أنه
لا يمنع الرفع، زيدٌ ضربته زيداً ضربته، يجوز فيه الوجهان وإن ترجح
الرفع، زيدٌ اضربه زيداً اضربه؛ يجوز فيه الوجهان، هذا الأصل في باب
الاشتغال، فما تعين نصبه أو تعين رفعه الأصل أنه ليس من باب الاشتغال،
لكن الأكثر على منع الرفع دون النصب؛ لأن الأصل في باب الاشتغال هو أنه
ينصب، ولذلك لم يتعرضوا إلى إخراج هذه الأمثلة إلا بعضهم على قلة، أن
ما وجب فيه النصب وجب إخراجه من باب الاشتغال، فيتعين حينئذٍ ثلاث
مسائل في باب الاشتغال: وهو ما جاز فيه الوجهان على السواء، أو ترجح
الرفع مع جواز النصب، أو العكس، ثلاثة مسائل فحسب هي الخاصة بباب
الاشتغال، أما ما وجب نصبه فهو خارج، وما تعين رفعه فهو خارج.
إنْ تَلاَ السَّابِقُ: إن تبع السابق.
مَا: أداة.
يَخْتَصُّ: بالابتداء، كـ (إذا) الفجائية.
فالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ: التزم الرفع –فوجب-.
أَبَدَا: في مدة الزمان المتقدم على جهة التأبيد، لا يكون في حال من
الأحوال منصوباً، إذاً: خرج عن الأصل.
كَذَا أي: مثل السابق في التزام الرفع.
إذَا الْفِعْلُ: يعني: إذا تلا الفعل.
مَا: أداة.
لَمْ يَرِدْ مَا: لم يرد ما قبله معمولاً
لما بعده، وهذه قلنا اثنا عشر نوعاً: كفاء السببية ولام الابتداء
وأدوات الشرط والتحضيض وأدوات الاستفهام .. هذه كلها لا يعمل ما بعدها
في ما قبلها، قد يقول قائل: إذا لا يعمل ما بعدها في ما قبلها ننصبه
ونقدر له عامل محذوف، إذا قيل: زيداً هل ضربته؛ نقول: هنا لا يصح نصب
زيد، لأنه وقع بعده أداة وهو (هل) وما بعد (هل) وهو ضرب لا يعمل في ما
قبله.
إذاً لو قيل: زيد هل ضربتَ، ضربت بإسقاط الهاء؛ هل يتسلط ضرب على زيد
الذي هو قبل (هل)؟ نقول: لا يتسلط أبداً، وحينئذٍ يتعين رفعه ولا يجوز
نصبه، فإذا قيل: زيداً هل ضربته؟ نقول: هذا العامل المتأخر لم يعمل في
السابق لوجود الحائل والمانع بينهما، إذا لم يعمل حينئذٍ يمتنع أن
يفسَّر العامل المحذوف بالعامل المذكور؛ لأننا قلنا:
فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفعْلٍ أُضْمِرَا ... حَتْماً مُوَافِقٍ لِمَا
قَدْ أُظْهِرَا
زيداً هل ضربته؟ زيداً بماذا نفسره؟ يمتنع أن يكون ضرب الثاني مفسِّر
للسابق؛ لأن ما لا يعمل لا يفسر، حينئذٍ بقي مقطوعاً، وإذا بقي مقطوعاً
يحتاج إلى أن يدل دليل على المحذوف، لأنه لا يصح حذف العامل إلا بدليل،
وسيأتي: وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِما
إِنْ عُلِما: يعني الناصب للفضلة يجوز حذفه بشرط: إن عُلِما، يعني: إن
دل عليه دليل، فإن لم يدل عليه دليل حينئذٍ لا يجوز الحذف، فإذا قيل:
زيداً هل ضربته، زيداً نقول: هذا عامل لمعمول محذوف، ما الذي دل عليه
وهو واجب الحذف؟ لم يدل عليه شيء فامتنع النصب.
كَذَا إِذَا الْفِعْلُ تَلاَ مَا لَمْ يَرِدْ ... مَا قَبْلُ
مَعْمُولاً لِمَا بَعْدُ وُجِدْ
لِمَا وُجِدْ بَعْدُ.
إذاً: مسائل الرفع -وجوب الرفع- ثنتان، ووجوب النصب واحدة.
وَاخْتِيرَ نَصْبُ على الرفع في ثلاث
مسائل، المسألة الأولى: إذا وقع الاسم قبل فعل ذي طلب، زيداً اضربه،
قلنا: الطلب هنا عام لكن نمثل بالأمر من أجل أننا شرحنا هذا فيما سبق،
زيداً اضربه، زيدٌ اضربه؛ يجوز الوجهان: الرفع على أنه مبتدأ، وجملة
اضربه هذه في محل رفع خبر المبتدأ، وهذا لا إشكال فيه، وجماهير النحاة
على جواز إيقاع الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ وإن كان خلافاً
للقياس؛ لأن القياس يقتضي أن تكون الجملة خبرية كاسمها، يعني: محتملة
للصدق والكذب، فإن لم يكن كذلك بأن كانت إنشائية وهي ما لا يحتمل الصدق
والكذب؛ الأصل في الخبر أن يكون واقعاً، إذا حكمت على شيء تحكم عليه
بشيء واقع، لا تحكم عليه بشيء لم يقع، زيدٌ اضربه؛ هل هو مثل زيدٌ
قائم؟ زيد: مبتدأ، قائم: خبره، حكمت على زيد بكونه قائم، القيام ثابت
أو لا؟ ثابت، وصفت زيد بكونه قائم ثابت موجود القيام، وأما زيداً
اضربه؛ حكمت عليه بشيء سيقع في المستقبل، إذاً: هذا خلاف القياس، وهذا
القياس مرجح للنصب على الرفع، فتقول: زيداً اضربه؛ أرجح من قولك: زيدٌ
اضربه؛ وإن جاز الوجهان، وإنما يكون من باب فصيح وأفصح، أفصح: زيداً
اضربه، فصيح: زيدٌ اضربه؛ لأنه موافق للغة، وحينئذٍ نقول: زيداً اضربه،
زيداً: مفعول به لفعل محذوف وجوباً يفسره المذكور، الفعل المذكور بعده،
تقديره: اضرب زيداً اضربه، لا نجمع بينهما إلا في مقام التعليم، زيداً
اضربه، اضرب زيداً، فزيداً: هذا مفعول به لفعل محذوف، واجب الحذف؟ واجب
الحذف، لمَ؟ لأن اضربه؛ هذا عوض عنه، ولا يجمع بين العوض والمعوض عنه،
لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر؛ لأنك حذفت الأول زيداً، اضرب زيداً
حذفت اضرب من أجل اضربه الثاني، وحينئذٍ لا يجمع بينهما، أنت عوضت عنه،
وإذا عوضت عنه يبقى المحذوف كما هو على شأنه، فهو واجب الحذف لما
ذكرناه.
مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا: اضرب زيداً، وقلنا: هذا يكون في صورة
واحدة، متى يكون المقدر المحذوف موافقاً للمذكور لفظاً ومعنىً؟ إذا
اتصل الضمير بالفعل نفسه، ضربته، أما مررت به وضربت أخاه هذا لا يفسر
بلفظه؛ لأنه يمتنع، لا يوجد، إذا قلت: زيدٌ ضربت أخاه، زيداً ضربت
أخاه، لو قدرته من نفس اللفظ: زيداً ضربت أخاه، ضربت من أنا؟ أخا زيد،
لو قدرته بمثل الملفوظ به: ضربت زيداً ضربت أخاه؛ ضربتهما معاً، هل هذا
المراد؟ لا، المراد: أهنت زيداً ضربت أخاه، أهنت زيداً، لا بد أن يقدر
من السياق يقتبس فعل مناسب للمقام، أهنت زيداً ضربت أخاه، يعني: أهانه
بضرب أخيه، وحينئذٍ نقول: هذا يقدر من معنى الفعل المذكور الملابس
للمعنى الجُمْلِي الكلي في الكلمة كلها، فزيداً اضربه نقول: اضرب زيداً
كما ذكرناه.
وَاخْتِيرَ نَصْبُ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ
((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا)) [المائدة:38]، ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
فَاجْلِدُوا)) [النور:2]، ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا))
[المائدة:38] هل هو من باب الاشتغال أو لا؟ قرأ السبعة بالرفع فيهما
-في الموضعين-، ظاهره أنه من باب زيداً وعمْراً اضرب أخاهما، زيداً
وعمْراً، ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)) [المائدة:38] تعدد اللفظ
والمعنى واحد، إذاً: من باب الاشتغال، زيداً وعمْراً فاقطعوا أيديهما،
اضرب أخاهما، إذاً: مثله، في الظاهر أنه مثله، ((الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا)) [النور:2] نقول:
هذا وإن كان ظاهره من باب الاشتغال إلا أنه ليس من باب الاشتغال،
فالسارق والسارقة: مبتدأ محذوف الخبر، مما يتلى عليكم حكم السارق
والسارقة، مما يتلى جار ومجرور خبر مقدم، والسارق: ليس المراد السارق
والسارقة، حكم السارق والسارقة، فاقطعوا: هذه جملة مستأنفة، إذاً: ليست
من باب زيداً اضربه حتى تقول يجوز فيه الوجهان، والنصب أرجح. إذا قيل
بأن النصب أرجح فيما إذا تلا الاسم المشغول عنه ما دل على الطلب قَبْلَ
فِعْلٍ ذِي طَلَبْ، حينئذٍ يكون الأرجح هنا: والسارقَ بالنصب، ولماذا
عُدل عن النصب وهو أرجح إلى الرفع؟ نقول رحمك الله: ليست المسألة من
باب الاشتغال، بل التقدير: مما يتلى عليكم حكم السارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما، فالسارق والسارقة نقول: مبتدأ ومعطوف عليه، والخبر محذوف هو
الجار والمجرور السابق مما يتلى عليكم، واقطعوا: هذه جملة مستأنفة،
فَلَمْ يلزم الإخبار بالجملة الطلبية عن المبتدأ.
إذاً: فاقطعوا ليست جملة خبرية.
ولم يستقم عمل فعل من جملة في مبتدأ مخبر عنه بغيره من جملة أخرى، وهذا
قول سيبويه في توجيه الآية، وذهب المبرد إلى أن (أل) موصولة بمعنى
الذي، السارق (أل) هذه موصولة بمعنى الذي، وسبق معنا أن المبتدأ إذا
كان فيه معنى العموم جاز ولم يجب دخول الفاء في الخبر، جاز دخول الفاء
في الخبر، هي فاء السببية.
الذي يأتيني فله درهم، مر معنا، الذي يأتيني: هذا مبتدأ، الذي يأتيني
صلة الموصول، الفاء هذه سببية رابطة، شبِّه لما في معنى الجملة من
الشرط بجملة الشرط، كأنه قال: من يأتيني له درهم، نفس المعنى، شبه به
فأدخلت الفاء على الخبر، فله درهم: الجملة مبتدأ وخبر في محل رفع،
الفاء هذه سببية، لا يعمل ما بعدها في ما قبلها.
((وَالسَّارِقُ)) مثل الذي، (أل) هذه موصولة، و (أل) الموصولة من صيغ
العموم.
صِيَغُهُ كُلٌ أَو الجَمِيعُ ... وقَد تَلاَ الَّذِي الَّتِي الفُرُوعُ
السارق الذي يسرق والتي تسرق فاقطعوا أيديهما، الفاء هذه سببية، وسبق
أن فاء السببة لا يعمل ما بعدها في ما قبلها، على هذا التوجيه قول
المبرد .. إذاً: المثال هذا داخل في الاشتغال على من جوّز أن مسألة
وجوب الرفع من باب الاشتغال، لأنه وجب الرفع هنا, والسارق واجب الرفع،
لماذا وجب الرفع؟
كَذَا إِذَا الْفِعْلُ تَلاَ مَا لَمْ يَرِدْ ... مَا قَبْلُ
مَعْمُولاً لِمَا بَعْدُ وُجِدْ
داخل في المسألة الثانية. إذاً: من باب
الاشتغال؟ من باب الاشتغال عند الصبان ومن وضع هذه المسألة في باب
الاشتغال، وليست من بابه إذا قلنا: هذا ليس من باب الاشتغال، وحينئذٍ
نقول: ((وَالسَّارِقُ)) هذا مبتدأ، وفاء السببية لا يعمل ما بعدها فيما
قبلها.
وَاخْتِيرَ نَصْبُ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ: هذه المسألة الأولى.
الثاني مما يختار فيه النصب: وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ ..
الْفِعْلَ: هذا مفعول أول، وإِيلاَؤُهُ: مصدر مضاف إلى المفعول الثاني،
وهذا أولى، أولى من العكس.
غَلَبْ: إِيلاَؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ، يعني: ما كان من الأدوات يدخل
على الأسماء وعلى الأفعال إلا أن دخوله على الأفعال أكثر، حينئذٍ يترجح
النصب، قلنا: هذا أربعة: همزة الاستفهام (وما وإن ولا) النافيات أربعة.
أزيداً تضربه؟ نقول: هذا يجوز فيه النصب والرفع، أزيداً أزيدٌ؛ الرفع
على أنه مبتدأ والجملة خبر، وزيداً على أنه مفعول به لفعل محذوف يفسره
المذكور، أتضرب زيداً تضربه، جاز الوجهان واختير النصب لكون الهمزة
تدخل على الأسماء والأفعال، ولذلك استثنينا مما يختص بالفعل همزة
الاستفهام، قلنا: أدوات الاستفهام كلها إلا همزة الاستفهام؛ فإنها تدخل
على الأسماء والأفعال، إلا أنها أغلب على الأفعال، فإذا وقع الاسم
المشغول عنه بعد همزة الاستفهام ترجح النصب ولم يجب لما ذكرناه.
المسألة الثالثة مما يترجح فيه النصب:
وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلاَ فَصْلٍ عَلَى مَعْمُولِ
لا بد من التقدير؛ لأن العطف هنا ليس على المعمول، هذا فيه توسع من
الناظم رحمه الله تعالى، على جملة معمول.
مَعْمُولِ فِعْلٍ متصرف، خرج به الجامد: نعم وبئس والتعجب، هذه لا
تأثير فيها في العطف، يعني: إذا عطفت على ما قبلها حينئذٍ نقول: لا
تأثير لأفعال التعجب فيما بعدها، إذا عطف على فعل غير متصرف لا أثر له
فيما بعده، هكذا. إذا عطف على فعل جامد غير متصرف لا أثر له فيما بعده؛
لأنه قال: عَلَى مَعْمُولِ فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ: أراد بالاستقرار أنه لم
يُبنَ على غيره، هذا مراده، يعني كأنه يقول: الفعل قد يكون مستقراً،
أنه أريد به المعنى أصالة، ابتدئ به قام زيد؛ هذا الفعل عند ابن مالك
في هذا التعبير مستقر، لماذا؟ لأنه لم يُجعل مبنياً على اسم سابق، لو
قيل: زيد قام أبوه؛ قام هنا الفعل ليس مستقراً، لأنه بني على غيره، جعل
خبراً عن المبتدأ، فمراده بهذا التركيب: قام زيد وعمروٌ أكرمته؛ هذا
مثال، قام زيد وعمرو، عمرو انظر البيت: وَبَعْدَ عَاطِفٍ، يعني: وقع
الاسم المشغول عمرو بعد عاطف ولو غير الواو.
بِلاَ فَصْلٍ: لم يفصل بينهما احترازاً من (أمَّا)، (أمَّا) يجوز فيها
الوجهان والرفع أجود إلا إذا وقع الفعل بعدها طلباً فيختار النصب.
إذاً: بِلاَ فَصْلٍ، وعمرو، بلا فصل، معطوف
على جملة فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ، لم يبن على غيره، أَوَّلاَ يعني سابقاً
ظرف، قام زيد وعمْرو أكرمته، وعمْراً أكرمته؛ يجوز الوجهان: الرفع على
أنه مبتدأ والجملة خبر، وحينئذٍ يكون من عطف جملة على جملة، عطفت جملة:
عمرو أكرمته على جملة: قام زيد، لكن هذا فيه نوع خدش، إذا عطفت الاسمية
على الفعلية مدلول الفعلية مدلول الفعلية مغاير لمدلول الاسمية،
والأولى في التعاطف بين الجمل أن تُعطف الاسمية على الاسمية والفعلية
على الفعلية، وأما الفعلية على الاسمية والعكس، هذا خلاف الأصل، حينئذٍ
إذا رفعت: وعمرو أكرمت عطفت ماذا على ماذا؟ اسمية على فعلية، وهنا
التعاطف بين متناسبين أولى من التخالف، فرجح النصب على الرفع من أجل أن
يعطف جملة فعلية على جملة فعلية، تناسب العطف أولى من التخالف، هذه
ثلاث صور الآن: وجوب النصب، وأشار إليه بقوله: وَالنَّصْبُ حَتْمٌ،
ووجوب الرفع، وأشار إليه بقوله: وَإنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا
بِالِابْتدَا يَخْتَصُّ، وجواز الوجهين مع اختيار النصب: وَاخْتِيرَ
نَصْبُ، رتبها بالتنازل، وجب النصب، ثم الرفع، ثم جوب النصب ثم رجحان
النصب، ثم سيذكر الآن استواء الأمرين من أعلى إلى أسفل، وجوب النصب ثم
رجحان النصب ثم استواء النصب مع غيره، وقيل: فرَّق بين هذه بوجوب الرفع
لما ذكرناه من أجل تتميم القسمة، والصبان يرى أنه ذكره أصالة، وإنما
امتنع النصب لمانع، وهذا لا يُخرج عن باب الاشتغال والأولى ما ذكرناه.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا ... بِهِ عَنِ اسْمٍ
فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا
وَإِنْ: حرف شرط.
تَلاَ: فعل ماضي فعل الشرط.
تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً: فِعْلاً: هذا مفعول به.
مُخْبَرَا: هذا نعت لفعل.
بِهِ عَنِ اسْمٍ: جار ومجرور في الموضعين متعلق بقوله: مُخْبَرَاً،
مخبراً به عن اسم.
فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا: هذه هي الصورة أو القسم الخامس مما يجوز فيه
الوجهان: الرفع والنصب مع استواء الطرفين، يعني لا نقول: هذا أرجح من
ذاك، وهذا ما يعبر عنه بالعطف على جملة ذات وجهين، يعني: كبرى ذات
وجهين، الجملة عند النحاة تنقسم إلى كبرى وصغرى، الكبرى هي التي وقع
الخبر فيها جملة، زيد قام أبوه، زيد: مبتدأ، قام أبوه: فعل وفاعل،
والجملة خبر المبتدأ، كل الجملة نسميها كبرى، كل الجملة من المبتدأ
والخبر نسميها كبرى، جملة قام أبوه من قولك: زيد قام أبوه صغرى؛ لأنها
وقعت خبراً لمبتدأ، قام زيد؟؟؟، زيد قائم لا توصف بكونها صغرى ولا
كبرى، وإنما الجملة المركبة هي التي توصف بكونها كبرى أو صغرى، زيد قام
أبوه، نقول: هذه يعبر عنها بأنها ذات وجهين، بمعنى: أنها اسمية الصدر
فعلية العجز، صدرها وهو المبتدأ اسم، وعجزها الذي هو خبرها فعل، فهذه
ذات وجهين.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ: يعني وقع المعطوف جملة ذات وجهين غير
تعجبية، يعني: اسمية الصدر فعلية العجز.
فِعْلاً مُخْبَرَا بِهِ مع معموله عَنِ
اسْمٍ، إذا قلت مثلاً: زيد قام وعمرو أكرمته، زيد: مبتدأ، وقام: فعل،
والضمير المستتر يعود على زيد، والجملة خبر، وعمرو هنا تلا المعطوف
جملة ذات وجهين، ليس هو كقام زيد السابق وعمرو أكرمته، هنا تلا المعطوف
جملة ذات وجهين، يعني: اسمية الصدر فعلية العجز، وحينئذٍ نقول: هنا
يستوي الأمران: الرفع والنصب؛ لأنك إذا قلت: زيد قام وعمْراً نصبته
–بالنصب- حينئذٍ تكون قد عطفت جملة فعلية على فعلية مراعاة للعجز، وإذا
رفعت: وعمرو أكرمته على أنه مبتدأ؛ حينئذٍ عطفت اسمية على اسمية، فمثل
هذا التركيب نقول: يجوز فيه الوجهان على السواء، ليس أحدهما أرجح من
الآخر، إن رفعت عطفت على الصدر وهو اسم، وإن نصبت حينئذٍ صارت فعلية
عطفت على العجز وهو فعل.
قال ابن عقيل: فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا: الفاء واقعة في جواب الشرط.
فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا
فَاعْطِفَنْ: هذا أمر مؤكد، لكنه مصروف، فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا حال
كونك مخيراً بين الرفع والنصب على السواء، مُخَيَّرَ وهذا معنى الإباحة
استواء الأمرين فعلاً وتركاً، حينئذٍ نقول: استوى عندك الرفع والنصب
وليس لأحدهما مرجح على الآخر.
فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا: في اسم الاشتغال بين الرفع والنصب على السواء،
بشرط: أن يكون في الثانية ضمير الاسم الأول، لا بد أن يرجع إليه؛ لأنها
تعامل معاملة الجملة الخبرية، والجملة الخبرية لا بد من اشتمالها على
ضمير يعود على المبتدأ.
على السواء بشرط: أن يكون في الثانية ضمير الاسم الأول، وهذا الشرط
لجواز نصب الاسم المشغول عنه؛ لأن جملته حينئذٍ تكون معطوفة على الخبر،
معطوفة على العجز وهو فعل، على الخبر، فلا بد فيها من رابط كالخبر، إذا
عطفنا على الخبر حينئذٍ لا بد من رابط؛ لأننا عطفنا على خبر والخبر
يشترط فيه أن يكون مشتملاً على ضمير يعود على المبتدأ.
أو تكون الثانية معطوفة بالفاء، إن لم يكن ضمير في الثانية يعود إلى
الخبر حينئذٍ نقول: لا بد من اشتماله على عاطف وهو الفاء، على خصوص
الفاء دون غيرها، أو تكون الثانية معطوفة بالفاء: زيد قام وعمرو أكرمته
في داره، أو: فعمرو، إما بالواو وإما بالفاء، أو فعمرو أكرمته. زيد قام
وعمرو أكرمته، أكرمته أكرمت من؟ عمْراً، في داره، دار من؟ دار عمرو.
إذاً: اشتمل على ضمير يعود على المبتدأ.
أو فعمرو أكرمته برفع عمرو ونصبه، فالرفع مراعاة للكبرى والنصب مراعاة
للصغرى، إن رفعت راعيت الكبرى وهو زيد قام أبوه، وإن نصبت راعيت العجز،
قام أبوه من قولك: زيد قام أبوه.
ولا ترجيح؛ لأن في كل منهما مشاكلة، بخلاف: ما أحسن زيداً وعمرو
أكرمته؛ فإنه لا أثر للعاطف فيه، ما أحسن زيداً وعمرو أكرمته؛ هنا لا
تأثير، لأننا قلنا: يستثنى (ما) التعجبية، فلا يعطف عليها مراعاة
للوجهين؛ لأن (أحسن) هنا: ما أحسن زيداً، أحسن زيداً، أحسن: فعل ماض،
وما: مبتدأ، إذاً: أحسن زيداً الجملة خبر، فهي جملة اسمية.
فإن لم يكن في الثانية ضمير لاسم الأول ولم
تعطف بالفاء فالأخفش والسيرافي يمنعان النصب، إن لم يكن في الجملة
الثانية المعطوفة على السابقة ضمير يعود على الاسم السابق، أو تكون
معطوفة بالفاء فالأخفش والسيرافي يمنعان النصب، والفارسي والناظم
يجيزانه.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا
تَلاَ: هذا يشترط فيه ما اشترطناه سابقاً، يعني: غير المفصول بـ (أما)،
وأما المفصول بـ (أما) كما ذكرناه سابقاً إن لم يكن خبره مرجحاً للنصب
فالرفع أرجح، قام زيد وأما عمرو أكرمته، قلنا: عمرو هنا بالرفع أجود،
لأن (أما) هذه تفصل ما بعدها عما قبلها، بمعنى: أن الكلام مستأنف
مقطوع، وإذا قيل: وأما عمرو فأكرمه ترجح النصب لوجود مرجح النصب:
وَاخْتِيرَ نَصْبُ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا: إذا بُني الفعل على اسم
غير (ما) التعجبية، وتضمنت الجملة الثانية ضميره، -ضمير الأول- الاسم
الأول- زيد، أو كانت معطوفة بالفاء لحصول المشاركة رفعت أو نصبت على
السواء، زيد قام وعمرو أكرمته؛ فيجوز رفع عمرو مراعاة للصدر، ونصبه
مراعاة للعجز.
وَالرَّفْعُ فِي غَيرِ الَّذي مَرَّ رَجَحْ.
غَيرِ الَّذي مَرَّ: من قوله: وَالنَّصْبُ حَتْمٌ، وَإِنْ تَلاَ
الْمَعْطُوفُ، ثم هنا: وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ، إن لم يكن من هذا
ولا ذاك حينئذٍ الرفع رجح، يجوز الوجهان مع ترجيح الرفع، هذا مثل:
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ، إن لم يوجد ما يقتضي وجوب النصب أو ترجيح النصب
أو ترجيح الرفع أو وجوب الرفع حينئذٍ الرفع أرجح، مثل: زيد ضربته،
ضربته هذا ليس واحداً من المسائل السابقة، الصورة هذه زيد ضربته؛ ليست
واحدة من المسائل السابقة وحينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان، زيداً
ضربته، ضربت زيداً ضربته، وزيدٌ ضربته، زيدٌ: مبتدأ، وضربته: الجملة
خبر، وأي الوجهين أرجح؟ الرفع، لماذا؟ لأن النصب يقتضي التقدير، وعدم
التقدير أولى من التقدير، وحينئذٍ نرجع إلى هذه القاعدة، وهذه القاعدة
ما أكثر ما يستدل بها لكنها ليست مطردة، بل قد يكون التقدير أولى من
عدم التقدير على حسب المعنى والسياق، هذه القواعد كلها ينبغي أن نعلم
أنها محكومة بعلم البيان، فما ترجح هناك من جهة المعنى أنه أولى من
غيره حينئذٍ نقول: التقدير أولى من عدم التقدير، فمثله: زيد ضربته؛ هذا
يكاد يكون اتفاقاً أن الرفع هنا أرجح، لكن لو جاء حينئذٍ النصب:
((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ)) [الإسراء:13] هذا من أي
الأنواع؟ ((وَكُلَّ إِنسَانٍ)) أَلْزَمْنَا: مثل ضرب، ليس بفعل طلب،
ولم يقع ما يغلب إِيلاَؤُهُ الفعل، ولم يكن بالعاطف المذكور: قام زيد
وعمْراً أكرمته، إذاً: لا هذا ولا ذاك، ليس مما يختار فيه النصب، هذه
مسائل محفوظة أمثلة، وما عداها يبقى على الأصل.
إذاً: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ
طَائِرَهُ)) نقول: هذا هل هو خلاف الفصيح؟ لا، إذاً: قد يترجح النصب
باعتبار المعنى، فمثل هذه إذا قال النحاة: يجوز الوجهان على السواء،
نقول: نعم، على العين والرأس، متى؟ إذا لم يترجح مقتضي النصب، فإن جاء
المعنى والسياق ويدل على أن النصب هنا التقدير حينئذٍ نقول: التقدير
أولى من عدم التقدير، وقد يكون العكس على حسب الموضع.
وَالرَّفْعُ فِي غَيرِ الَّذي مَرَّ رَجَحْ
الرَّفْعُ: مبتدأ، وجملة رَجَحْ خبر، رجح على النصب بسلامة الرفع من
الإضمار الذي هو خلاف الأصل.
وَالرَّفْعُ فِي غَيرِ: فِي غَيرِ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: رَجَحْ.
وَالرَّفْعُ رَجَحْ فِي غَيرِ الَّذي مَرَّ: مر أنه يجب معه النصب أو
يمتنع أو يكون راجحاً أو مساوياً، حينئذٍ الرفع مقدم.
فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ: فافعل ما أبيح، وهذا واضح مأخوذ مما سبق؛ لأنه
ما بين لنا وجوب النصب أو اختيار النصب إلا من أجل أن نمتثل، فما خالف
ما سبق حينئذٍ نقول: الأصل أنه يترك وَدَعْ: أي: اترك مَا لَمْ يُبَحْ،
هذا من باب التأكيد فقط، لكن أخذ منه بعض الشراح -أرباب الحواشي-: أنه
أراد دفع إيهام أن المرجوح ليس مقيس؛ لأنه إذا قيل: اختير نصب على
الرفع، قد يرد السؤال: الرفع فيما اختير فيه النصب، فصيح؟ قياسي؟ نقول:
نعم، ولذلك نقول: هذا من باب فصيح وأفصح كما نقول: صحيح وأصح، فكلاهما
لا يخرج عن مطلق الصحة، هنا كذلك كلاهما لا يخرج عن مطلق القياس،
وحينئذٍ نقول: النصب اختير وهو أفصح، والرفع فيه فصيح أيضاً، فلا يتوهم
أنه اختير النصب حينئذٍ الرفع يكون غير مقيس أو غير فصيح، لا، بل هو
مقيس، لك أن تتكلم بالرفع ولا تلام.
إذاً قوله: فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ وَدَعْ مَا لَمْ يُبَحْ؛ دفع به توهم
أن ما خالف المختار من الوجوه السابقة لا يقاس عليه، بل يقتصر فيه على
السماع، وهذا استنباط جيد.
فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ: (مَا) إعرابها: اسم موصول، إذا قيل: إعرابها لا
نقول اسم موصول إلا إذا تريد أن تتمم، يعني جواب السؤال لا يقال: ما
إعراب ما؟ تقول: اسم موصول وتسكت، أنا متى أسكت، ما نوع الكلمة؟ لو
قلت: ما نوع الكلمة؟ تقول: اسم موصول وتسكت، تقول: اسم موصول في محل
نصب لا إشكال، اسم موصول في محل نصب مفعول به، أين العامل؟ افْعَلْ،
إذاً: الفاء هذه للتفريع، يعني: يتفرع عن ذكر المسائل السابقة الخمسة
لا بد من الامتثال، فَافْعَلْ: هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، هذا
الأصل في لسان العرب وفي الشرع، الأمر يقتضي الوجوب.
فَمَا أُبِيحَ: يعني: فافعل ما أبيح لك فيما يرد عليك من الكلام أن
ترده إليه وتخرجه عليه.
وَدَعْ: أي اترك مَا لَمْ يُبَحْ لك فيه ذلك، وحينئذٍ ترجع إلى الأصول.
هذا هو الذي تقدم أنه القسم الرابع، وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار
الرفع، وذلك كل اسم لم يوجد معه ما يوجب نصبه ولا ما يوجب رفعه ولا ما
يرجح نصبه ولا ما يجوِّز فيه الأمرين على السواء، وذلك نحو: زيد ضربته،
فيجوز رفع زيد ونصبه والمختار رفعه؛ لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار.
وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب لما فيه من
كلفة الإضمار، وليس بشيء، وكلفة الإضمار لا تمنع وإنما ترجح فقط، لا
تمنع وليس بشيء فقد نقله سيبويه وغيره من أئمة العربية وهو الكثير،
وأنشد أبو السعادات بن الشجري في أماليه على النصب قوله:
فارِساً ما غادَرُوهُ مُلْحَماً
ومنه قوله تعالى: (جَنَّاتِ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) بكسر تاء جَنَّاتِ،
والسبعة على الرفع، والمشهور: (جَنَّاتُ عَدْنٍ).
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ بِحَرْفِ جَرِّ ... أَوْ بِإِضَافَةٍ كَوَصْلٍ
يَجْرِي
هذا سبق معنا التنبيه على أن الضمير الذي يشتغل به الفعل؛ إما أن يكون
متصلاً به، وإما أن يكون مفصولاً بحرف جر، أو مفصولاً باسم مضاف إلى
الضمير، مراده بهذا البيت: ضربته، مررت به، ضربت أخاه.
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ: فَصْلُ: مبتدأ.
يَجْرِي: في آخر البيت خبر.
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ: يعني فصل ضمير مشغول، مشغول بماذا؟ بعمل العامل
الشاغل.
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ: يعني ضمير مشغول، -ضمير الاسم السابق- بِحَرْفِ
جَرِّ مطلقاً، غير مقيد بحرف جر بخصوصه، لا، لا يختص بمررت به الباء
فقط لا، قد يأتي (على) وقد يأتي (اللام) وقد يأتي (عن) .. إلى آخره، لا
يختص بحرف جر؟؟؟، ولذلك أطلقه الناظم.
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ: الذي هو الضمير العائد على الاسم السابق.
بِحَرْفِ جَرِّ: يفهم منه أن الأصل الاتصال، عدم الفصل؛ لأنه قال:
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ، إذاً الأصل فيه: ضربته؛ لأنه مفعول به:
وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أََنْ يَنْفَصِلا ... وَالأَصْلُ فِي
المَفْعُولِ أنْ يَتَّصِلا
هذا الأصل .. بقلب البيت طبعاً.
وَالأَصْلُ فِي المَفْعُولِ أنْ يَتَّصِلا، فالأصل الاتصال. ضربته: هذا
الأصل.
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ بِحَرْفِ جَرِّ جائز يجري في لسان العرب، فتقول:
زيداً مررت به.
أَوْ بِإِضَافَةٍ: يعني فصل بإضافة، والمراد بالإضافة ليس المعنى
المصدري، المراد المضاف.
بِإِضَافَةٍ: أي بمضاف أو بذي إضافة، إما بمضاف أو بذي إضافة، مثل:
زيداً ضربت أخاه، فصلنا بين ضربت وبين الضمير بالاسم الذي هو المضاف،
فهو عامل فيه حينئذٍ، والتقدير في مثل هذا نقول: أهنت زيداً ضربت أخاه.
أَوْ بِإِضَافَةٍ: يعني بمضاف أو ذي إضافة وإن تتابعت، أو بهما.
كَوَصْلٍ يَجْرِي: يَجْرِي كَوَصْلٍ، يعني: صلة الضمير بالعامل هو
الأصل، وهذا يجري مجراه في كل الأحكام السابقة، فلا خلاف بين الأنواع
الثلاثة، إن اتصل الضمير: زيداً ضربته، زيد ضربته، زيد مررت به، زيداً
ضربت أخاه؛ كلها بمعنىً واحد، وترِد على المسائل كلها السابقة، ما يجب
فيه النصب وما يترجح فيه النصب وما يجوز فيه الوجهان.
كَوَصْلٍ يَجْرِي: يجري في جميع ما تقدم من الأحكام.
قال: يعني أنه لا فرق في الأحوال الخمسة السابقة بين أن يتصل الضمير
بالفعل المشغول به نحو: زيد ضربت، أو ينفصل منه بحرف جر: زيد مررت به،
أو بإضافة: زيد ضربت غلامه أو غلام صاحبه، وإن تتابعت، قلنا هناك: أَوْ
بِإِضَافَةٍ، يعني: بمضاف وإن تتابعت، بمعنى أنه مضاف إلى مضاف إلى
الضمير، وهنا قال: بغلام صاحبه، غلام: مضاف، وصاحب: مضاف إليه، صاحب:
مضاف، والهاء: مضاف إليه.
فيجب النصب في نحو: إنْ زيداً مررتَ به
أكرمك .. إلى آخر ما ذكره من الأمثلة.
وَسَوِّ فِي ذَا الْبَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ ... بِالْفِعْلِ إِنْ
لَمْ يَكُ مَانِعٌ حَصَلْ
هناك قال:
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً شَغَلْ
هل هو خاص بالفعل؟ قلنا: لا، ليس خاصاً بالفعل، وإنما ذكره هناك لأنه
الأصل، إذا ذكر الفعل حينئذٍ لا يلزم منه نفي ما عداه من العوامل، قد
يكون وقد لا يكون، لكن تعليق الحكم بالفعل لا يلزم منه أن الوصف لا
يكون مثله، هذا الأصل، وهنا قال: وَسَوِّ: التسوية بين شيئين: بين عمل
الفعل السابق في الضمير العائد على الاسم المشغول عنه وبين إذا كان
العامل الشاغل للضمير وصفاً، والمراد بالوصف في هذا المقام: اسم الفاعل
واسم المفعول بشرط أن يعملا؛ لأن اسم الفاعل قد يعمل وقد لا يعمل. متى
يعمل؟ إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، وكذلك اسم المفعول، وقلنا:
يشترط في اسم المفعول أن يكون متعدياً لأكثر من اثنين، لأن اسم المفعول
قد لا يَنصب، وهنا يشترط في العامل أن يكون ناصباً، فاسم المفعول الذي
يتعدى إلى واحد نقول: لا ينصب، لا بد أن يكون متعدياً لأكثر من واحد؛
لأن الأول سيبنى نائب فاعل والثاني يبقى، إذاً: قد يتسلط عليه. تنبه
لهذا.
إذاً قوله: لاسم مفعول؛ المراد به ليس كل اسم مفعول -لو عمل-، وإنما
المراد به ما تعدى إلى أكثر من اثنين، اثنين فأكثر.
وَسَوِّ: هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ: ذَا اسم إشارة.
الْبَابِ: دائماً الذي يقع بعد (ذَا) -اسم الإشارة-، بدل أو عطف بيان،
وجوز بعضهم النعت، فيه خلاف، بدل أو عطف بيان.
و (أل) فيه تكون للعهد الحضوري، دائماً تفسر (أل) في الاسم المحلى بـ
(أل) بعد اسم الإشارة بالعهد الحضوري، لماذا؟ لأن الإشارة تقتضي شيئاً
محسوساً مشاراً إليه الآن. ذَا البَابِ: هذا الباب، أي: الباب الحاضر،
ونحن الآن في الباب الحاضر، باب الاشتغال لا في غيره، وابن مالك انتبه
هنا: إذا أراد الحكم الخاص في الباب قيده، هذه قاعدة تجعلها من قواعد
الألفية: إذا أراد الحكم الخاص بباب قال: فِي ذَا البَابِ، ولاَ تُجِزْ
هُنَا يعني: في باب ظن وأخواتها، وسبق معنا، وَشَاعَ فِي ذَا البَابِ
إسْقَاطُ الخَبَرْ؛ يعني: باب (لا) التي لنفي للجنس، هنا قال: وَسَوِّ
في ذَا الْبَابِ؛ لكن هل يلزم منه النفي عما سبق؟ لا، لا يلزم منه
النفي، يعني: في غير هذا الباب لا تسوِّ لا، وإنما المراد أن الأحكام
المتعلقة هنا بهذا الباب لا تقس عليه غيرها، وإنما ينظر أحكام غيرها في
غيرها، يعني في غير هذه الأبواب، فكل مسألة لها حكمها الخاص.
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ وَصْفاً: مفعول لـ: سَوِّ.
ذَا عَمَلْ: وَصْفاً ذَا عَمَلْ، ما إعراب ذَا؟ بمعنى صاحب، نعت لوصف،
والمراد بالوصف هنا اسم الفاعل والمفعول بمعنى الحال أو الاستقبال،
لأنه لا يعمل إلا إذا كان كذلك، حينئذٍ شرط لنا شرطاً أول: وهو أن يكون
وصفاً.
إذاً: إذا كان اسم فعل لا يقع.
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ وَصْفاً
وهناك قال:
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً
إذاً: أخرج اسم الفعل بالقيد هناك وبالقيد
هنا، فاسم الفعل لا يعمل فيما قبله، زيدٌ دَرَاكِهِ، دَرَاكِ: اسم فعل
أمر، وهنا اشتغل بعامل ضمير يعود على الاسم السابق، لا نقول من باب
الاشتغال، لماذا؟ لأنه يشترط في العامل أن يكون فعلاً أو وصفاً، وهذا
دَرَاكِ اسم وليس بفعل وليس بوصف، إذاً: زيداً دَرَاكِهِ نقول: لا
ينصب.
الثاني: أن يكون عاملاً ذَا عَمَلْ.
الثالث: أشار إليه بقوله: إِنْ لَمْ يَكُ مَانعٌ حَصَلْ
إن لم يمنع منه مانع وهو أن يكون اسم الفاعل أو اسم المفعول محلى بـ
(أل)، وإذا حلي بـ (أل)؛ (أل) هذه نوعها اسم موصول، والاسم الموصول لا
يعمل ما بعده في ما قبله، إذاً: حصل مانع، لو حلي بـ (أل) نقول: زيد
الضاربه لا يصح النصب: زيداً الضاربه، لماذا؟ لأن (أل) هذه موصولة ولا
يعمل ما بعدها فيما قبلها، وإنما تقول: زيد أنا ضاربه الآن أو غداً،
زيداً زيدٌ يجوز فيه الوجهان.
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ ... بِالْفِعْلِ في جواز
تفسير ناصب الاسم السابق، نحو: أزيداً أنت ضاربه؟ أزيداً: الهمزة
للاستفهام، زيداً: هذا مفعول به لوصف محذوف وجوباً، يفسره الوصف
المذكور.
أضارب زيداً هذا التقدير، أضارب زيداً، زيداً: هذا مفعول به لوصف محذوف
وجوباً، يفسره الوصف المذكور، تقديره: أضارب زيداً، أزيداً أنت ضاربه،
أنت: هذا مبتدأ، وضاربه؟؟؟ أنت ضاربه، ضارب هل يصح أن نقول: ضارب لا
محل له من الإعراب لأنه مفسر؟ ضاربه مركب تركيب إسنادي، ضاربه مثل
غلامه، غلامه ما نوعه؟ ما نوع التركيب؟ مضاف ومضاف إليه، كل كلمتين
نُزِّلَ ثانيهما مُنَزَّلَةَ التنوين مما قبله، حينئذٍ لا يصح أن يقال:
ضارب هذا لا محل له من الإعراب لأنه مفسر، وإنما العبرة هنا بالجملة:
أنت ضاربه، فالجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب.
أزيداً أنت ضاربه أو مكرم أخاه أو مارٌّ به، زيد أنت مارٌّ به، أو
محبوس عليه، تريد الحال أو الاستقبال، فإن كان الوصف غير عامل لم يجز
أن يفسر عاملاً، فلا يجوز: أزيداً أنت ضاربه أمس، ضاربه أمس نقول: هذا
لا يجوز، لماذا؟ لكونه ليس بمعنى الحال أو الاستقبال.
إذاً: أشار في قوله:
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ ... ... بِالْفِعْلِ
أن الوصف له حكم الفعل من حيث أن يكون الاسم الذي قبله مشتغلاً عنه.
وَسَوِّ في ذَا الْبَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ ... ... بِالْفِعْلِ
لكن قيده بقوله: إِنْ لَمْ يَكُ، وهذا شرط ثالث: إِنْ لَمْ يَكُ
مَانعٌ: يَكُ أصلها: يكن:
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ وَهْوَ حَذْفٌ
مَا الْتُزِمْ
إذاً: يَكُ أصلها يكن، وتامة أو ناقصة هنا؟ تامة، إِنْ يَكُ مَانعٌ،
تامة، يوجد مانع، تنظر في المعنى، إن صح أن تقدر: يوجد أو حصل أو يثبت؛
حينئذٍ (كان) هذه تامة، تعتبر تامة.
إن لَمْ يَكُ: إن لم يوجد مَانعٌ حَصَلْ، حَصَلْ هذه الجملة نعت
لِمَانِعٍ، ثم مانع هذا فاعل، ولو كانت (كان) ناقصة؛ حينئذٍ احتجنا إلى
خبر، ثم هذا الاسم – مَانعٌ- نكرة، وفي الأصل (كان) تدخل على المبتدأ،
أين المخصِّص؟ أين الخبر؟ هذا يحتاج إلى؟؟؟ إذاً: (كان) نقول: هذه
تامة.
إِنْ لَمْ يَكُ مَانعٌ: مَانعٌ هذا فاعل
يَكُ وهي تامة، وحَصَلْ: نعت له، حاصل يمنعه من ذلك، كوقوعه صلة (أل)
لامتناع عمل الصلة فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر عاملاً، فلا يجوز:
زيداً أنا الضارب. إذاً: يشترط في الوصف الذي يلحق بالفعل في هذا الباب
ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون وصفاً، وهذا خاص باسم الفاعل واسم المفعول، هذا الذي
يذكره النحاة بكثرة: اسم الفاعل واسم المفعول، ومحيي الدين زاد الأمثلة
كالمبالغة وينظر فيه.
وخرج به اسم الفعل والمصدر؛ فإن واحداً منهما لا يسمى وصفاً.
الشرط الثاني: أن يكون هذا الوصف عاملاً النصب على المفعولية لاطراد،
فإن لم يكن بهذه المنزلة لم يصح، وذلك كاسم الفاعل لمعنى الماضي والصفة
المشبهة واسم التفضيل، وهذا يأتي في محله إن شاء الله، لكن المراد: أن
اسم الفاعل إنما يعمل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، وإذا اعتمد
على نفي أو شبهه إذا تقدمه، وهنا: أأنت، أنت، أزيداً أنت ضاربه؛ اعتمد
على استفهام، والثاني عندنا ضارب اثنان، أزيداً أنت ضاربه، زيداً قلنا:
اعتمد على استفهام، لأنه لا يكون ناصباً إلا إذا كان معتمداً، أزيداً،
أضارب زيداً، لا إشكال وجود الاستفهام، والثاني لا بد أن يكون معتمداً
على شيء، ضاربه قلنا: عمل في الضمير، اعتمد على أنت وهو مبتدأ، وسيأتي
معنا إن شاء الله.
الثالث: ألا يوجد مانع، فإن وجد ما يمنع من عمل الوصف فيما قبله لم يصح
في الاسم السابق نصبه على الاشتغال.
ومن الموانع: كون الوصف اسم فاعل مقترناً بـ (أل)؛ لأن (أل) الداخلة
على اسم الفاعل موصولة، وقد عرفت أن الموصولات تقطع ما بعدها عما
قبلها، فيكون العامل غير الفعل في هذا الباب منحصراً في اسم الفاعل
واسم المفعول، هذا المشهور عند النحاة.
وَسَوِّ فِي ذَا الْبَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ ... بِالْفِعْلِ إِنْ
لَمْ يَكُ مَانعٌ حَصَلْ
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ ... كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ الاِسْمِ
الْوَاقِعِ
عُلْقَةٌ: المراد به الضمير هنا، عُلْقَةٌ: ضمير حَاصِلَ بِتَابِعِ،
والتابع المراد به التابع الاصطلاحي: النعت وعطف البيان والنسق، بمعنى:
أنه قد لا يكون الضمير متصلاً بالفعل نفسه كضربته ولا تعدى إليه بحرف
الجر: مررت به، ولا مضافاً إلى اسم ظاهر مضاف إلى الضمير، زيداً ضربت
أخاه قد لا يكون، إنما يكون الضمير متصلاً بالنعت أو عطف البيان أو عطف
النسق.
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ: يعني موجودة بِتَابِعِ.
كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ الاِسْمِ الْوَاقِعِ: يعني النعت الواقع شاغلاً،
للفعل بالنصب عن نصب الاسم المتقدم، فإذا قلت مثلاً: زيداً ضربت رجلاً
يحبه، زيداً ضربت رجلاً، إلى هنا الأمثلة السابقة تقف على هذا الحد،
زيداً: هذا اسم متقدم، ضربت: فعل وفاعل، رجلاً: مفعول به لضربت، أين
الضمير؟ لا يوجد، يحبه: الجملة صفة لرجل. إذاً: أين وجد الضمير، في
الاسم الذي اشتغل به العامل أو في التابع للاسم الذي اشتغل به العامل؟
الثاني، مثله؟ مثلة.
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ: يعني وجدت في التابع ولم توجد في
الاسم المعمول للفعل نفسه.
كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ الاِسْمِ الْوَاقِعِ:
شاغلاً للفعل نفسه، فالأصل أن يكون متصلاً برجل، لكن رجل هذا ما اتصل
به الضمير، وإنما اتصل الضمير بنعته وهو يحبه، جملة يحبه في محل نصب
نعت لرجلاً، فالحكم واحد سيان، وحينئذٍ تكون العلقة التي الضمير يحصل
بها الربط بين الاسم المشغول عنه وبين العامل الذي شغل الضمير، يكون
واحد من أربعة أشياء:
أولاً: ضميره المتصل بالعامل؛ زيداً ضربته.
الثاني: ضميره المنفصل من العامل بحرف جر؛ زيداً مررت به.
الثالث: ضميره المنفصل من العامل باسم مضاف؛ زيداً ضربت أخاه. هذه كلها
الأمثلة السابقة على هذا النمط، زاد في هذا البيت:
الرابع: أن يكون الضمير متصلاً باسم أجنبي، أُتبع بتابع مشتمل على ضمير
الاسم، فالنعت هنا (يحبه) اشتمل على ضمير يعود على الاسم المتقدم؛
زيداً ضربت رجلاً يحبه، فنقول: رجلاً هذا الأصل فيه أن يكون معمولاً
لضربت متصلاً به ضمير يعود على الاسم المتقدم، لكنه ما اتصل به، وإنما
اتصل بالنعت، والنعت والمنعوت كالشيء الواحد، وحينئذٍ نُزِّل الثاني
مُنَزَّلَةَ الأول، يعني لما اتصل بالثاني وهو النعت كأنه اتصل
بالمنعوت، فالحكم واحد، زيداً ضربت رجلاً يحبه.
إذاً: أن يتصل باسم أجنبي أتبع بتابع مشتمل على ضمير الاسم، بشرط: أن
يكون نعتاً أو عطفاً بالواو أو عطف بيان، أما البدل فلا يتأتى هنا، لا
يصح أن يقال: زيداً ضربت عمْراً أخاه، أخاه يجوز فيه وجهان: عطف بيان
وبدل كل من كل، عطف بيان لا إشكال داخل فيما سبق، وأما إذا أُعرب بدلاً
خرجت المسألة عن باب الاشتغال، لماذا؟ لأن البدل على نية تكرار العامل،
فهما جملتان، وجملة الاشتغال جملة واحدة. إذا قلت: زيداً ضربت عمْراً
أخاه، أخاه: بدل، كأنك قلت: ضربت أخاه، فالعامل فيه ليس هو عين العامل
في السابق، بخلاف النعت وعطف البيان وواو النسق، فالعامل حينئذٍ يكون
هو الأول السابق، وأما البدل فلا، الصحيح أنه على نية تكرار العامل.
فإن قدرت (الأخ) بدلاً، بطلت المسألة، رفعت أو نصبت، هكذا قال ابن هشام
في التوضيح، إلا إذا قلنا: عامل البدل والمبدل منه واحد صح الوجهان،
وهذا على القول الثاني، إذا قيل: عامل البدل والمبدل منه واحد حينئذٍ
صح، وأما قوله: ِتَابِعِ؛ فهو خاص بالنعت وعطف البيان وعطف النسق وخصه
بعضهم بالـ؟؟؟، كابن هشام في التوضيح، وبعضهم أطلقه.
وَعُلْقَةٌ: هذا مبتدأ.
حَاصِلَةٌ: صفة –نعت-.
بِتَابِعِ: متعلق بحاصل، إذاً: أطلق التابع والمراد به الخصوص ولذلك
اعترض عليه، إطلاقه في التابع يوهم أن ذلك جائز في جميع التوابع وليس
كذلك، لأنه يشمل البدل، بل هو مخصوص بالنعت والبيان والنسق، وأجيب بأنه
أطلقه لصدق التابع للبعض لكونه نكرة في الإثبات فلا تعم، -الجواب ضعيف،
بل الصواب الاعتراض في محله-.
بِتَابِعِ: نقول: التابع هنا الاصطلاحي جنس، يشمل خمسة أنواع، دخل
البدل وحينئذٍ نقول: نحتاج إلى إخراجه، هل ذكر الناظم شيئاً يخرجه؟
نقول: لا، حينئذٍ توجه النقد، وأما كونه أطلقه لصدقه ببعض أفراده نقول:
ما يصح هذا، هذا فيه إيهام.
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ: جار ومجرور متعلق بقوله: حَاصِلَةٌ.
:
هذا خبر المبتدأ، وَعُلْقَةٌ كَعُلْقَةٍ:
اتحد المبتدأ والخبر، يجوز أو لا يجوز؟ هل يصح أن نقول: زيدٌ كزيدٍ؟ لا
يصح، وَعُلْقَةٌ كَعُلْقَةٍ، نقول هنا: ليس علقة كعلقة، وإنما كل منهما
مخصوص بمغاير للآخر، فلو قال: زيد العالم كزيد الكريم وهما شخصان صح،
لكن زيد كزيد لا يصح، رجل كرجل لا يصح.
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ ... كَعُلْقَةٍ: هذا خبر، جار ومجرور
متعلق بمحذوف خبر.
كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ: هذا نعت.
الاِسْمِ: الذي نصبه المشغول السابق.
الْوَاقِعِ: يعني شاغلاً، والمراد هنا أي: وضمير حاصل بتابع كضمير حصل
بعد الفعل المشغول، والمعنى: أن الفعل إذا عمل في اسم وأتبع ذلك الاسم
بتابع مشتمل على ضمير يرجع على الاسم السابق؛ فإنه يجري مجرى الضمير
بالاسم الذي عمل فيه المشهور، لأن الأصل أن الضمير يتصل بالعامل، فإن
لم يتصل يتوسل إليه بحرف الجر أو بمضاف، إن لم يكن هذا ولا ذاك حينئذٍ
يكون الضمير متصلاً بالنعت، والنعت والمنعوت صفة والموصوف كالشيء
الواحد، فما اتصل بالنعت كأنه اتصل بالضمير.
تقدم أنه لا فرق في هذا الباب بين ما اتصل فيه الضمير بالفعل، نحو:
زيداً ضربته، وبين ما انفصل بحرف الجر: زيداً مررت به، أو بإضافة:
زيداً ضربت غلامه، هذا الواصل.
وذكر في هذا البيت: أن الملابسة بالتابع كالملابسة بالسبب، وقلنا:
المراد بالسب هو الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير ذلك الاسم المتقدم، وهو
مثل زيداً ضربت أخاه هذا يسمى سببياً، لفظٌ عمل فيه الفعل وأضيف إلى
ضمير يعود إلى السابق، ومعناه: أنه إذا عمل الفعل في أجنبي، المراد
بالأجنبي هنا أي: لا ارتباط بينه وبين الاسم السابق ولا ضمير فيه يعود
عليه.
زيداً ضربت رجلاً يحبه، ضربت رجلاً، رجلاً؛ هل فيه علاقة بينه وبين
الاسم السابق زيد؟ ليس بينهم علاقة، هو أجنبي عنه، هذا المراد بكونه
أجنبي، فليس بينهما ارتباط، فالرجل وزيد متغايران، كل منهما أجنبي عن
الآخر.
وأتبع بما اشتمل على ضمير الاسم السابق، من نعت؛ زيداً ضربت رجلاً
يحبه، جملة (يحبه) صفة لرجلاً، فاتصل بالضمير كأنه اتصل بالموصوف.
أو عطف بيان: زيداً ضربت عمْراً أباه، أباه الضمير يعود على زيد،
زيداً: هذا مفعول به لفعل محذوف، ضربت عمْراً أباه، عمْراً هذا أجنبي
باعتبار زيد، وأباه: الضمير هذا يعود على زيد.
أو معطوف بالواو خاصة، قيده هنا كما هو الشأن في التوضيح، زيداً ضربت
عمْراً وأخاه، حصلت الملابسة بذلك كما تحصل بنفس السبب، فَيُنَزَّلُ
زيداً ضربت رجلاً يحبه أي: يحب زيداً مُنَزَّلَةَ زيداً ضربت غلامه
وكذلك الباقي.
وحاصله: أن الأجنبي إذا أتبع بما فيه ضمير الاسم السابق جرى مجرى
السبب.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ...
!!!
|