الفعل اللازم وضوابطه
لزوم أفعال السجايا
لزوم ما كان على وزن افعلل وافعنلل وما
اقتضى نظافة أو دنساً
كل فعل دل على عرض أو طاوع المتعدي
لواحد فهو فعل لازم
تعدي الفعل اللازم بحرف الجر
الترتيب بين المفعولين
لزوم أفعال السجايا
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولازم غير المعدى وحتم لزوم أفعال
السجايا كنهم] لازم: خبر مقدم. غير: مبتدأ مؤخر، أي: وغير المعدى
لازم، هذا إعراب. وهناك إعراب آخر أن يقال: لازم: مبتدأ. غير: خبر
المبتدأ. فإن كنت تريد أن تخبر عن حكم المعدى صارت كلمة (لازم)
خبراً مقدماً، وإن كنت تريد أن تعرف اللازم، فتكون (غير المعدى) هي
الخبر. ويرد على هذا التقدير: أن (لازم) نكرة، والابتداء بالنكرة
ممنوع، لكن يجاب عنه: بأن المقام مقام تفصيل وتقسيم، فيجوز أن
يبتدأ بالنكرة، على حد قول الشاعر: فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء
ويوم نسر وقوله: (وحتم) الواو: حرف عطف، والفعل مبني لما لم يسم
فاعله. لزوم: نائب فاعل، وهو مضاف إلى (أفعال)، وأفعال مضاف إلى
(السجايا). كنهم: جار ومجرور. يقول رحمه الله: إن اللازم من
الأفعال هو غير المعدى، فلا ينصب المفعول به. هذا هو اللازم: ما لا
ينصب المفعول به. ثم ذكر رحمه الله ضوابط فقال: (وحتم لزوم أفعال
السجايا). السجايا: جمع سجية وهي الطبيعة، أي: الأفعال الدالة على
الطبيعة والانفعال وما أشبه ذلك، فهذه يلزم فيها أن تكون لازمة؛
لأن طبيعة الإنسان أو طبيعة المضاف إليه الفعل لازمة، فينبغي أن
يكون الفعل أيضاً لازماً، مثل: نَهِم، والنهم هو: الذي لا يشبع،
أي: شديد الحرص على الطعام، يأكل بأصابعه الخمس ولا يشبع، ويتابع
بسرعة، وإذا مدت الأيدي إلى الطعام كان أعجل القوم. فالنهم: صفة
طبيعية في الإنسان، فمن الناس من هو نهم، ومن الناس من هو غير نهم.
إذاً: جميع أفعال الطبائع تعتبر لازمة كنهِم. وإذا قلت: فلان شَرُف
طبعاً، أي: شريف الطبع، فـ(شرف) لازم؛ لأنك جعلت الشرف له طبيعة،
ومثله: كرم، بخل، ظرف.. وغير ذلك.
لزوم ما كان على وزن افعلل وافعنلل وما اقتضى نظافة أو دنساً
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كذا افعلل والمضاهي اقعنسا وما اقتضى
نظافة أو دنسا] قوله: (كذا): جار ومجرور خبر مقدم. افعلل: مبتدأ
مؤخر. والمضاهي: معطوفة عليه، وفيه ضمير مستتر فاعل. اقعنسسا:
مفعول (المضاهي). وما اقتضى: معطوفة على (افعلل)، وما: اسم موصول
مبني السكون في محل رفع، واقتضى: صلة الموصول، والفاعل مستتر.
نظافة: مفعول به. أو دنساً: معطوف عليه. قوله: (كذا افعلل) أي: كل
فعل على وزن افعلل فهو لازم، ولا يمكن أن يتعدى للمفعول به، مثاله:
اقشعرَّ، اطمأنَّ، اَكفهرَّ، ونحو ذلك. قوله: (والمضاهي اقعنسسا)
أي: المشابه له في الوزن، وهو كل ما كان على وزن (افعنلل) نحو: احر
نجم. تقول: اقعنسس البعير، إذا امتنع من الانقياد، فهي تشبه من بعض
الوجوه: تقاعس عن الشيء، أي: لم يمض فيه. فكل ما كان على وزن
(افعنلل) فهو لازم. قال: (وما اقتضى نظافة أو دنساً). هذا باب
واسع، فكل كل ما اقتضى نظافة أو دنساً فهو لازم. تقول: نظف الثوب،
وطهر المكان، فنظف وطهر فعلان لازمان؛ لأنهما يقتضيان نظافة.
وتقول: اتسخ الثوب، فاتسخ فعل لازم لأنه يقتضي دنسا.
كل فعل دل على عرض أو طاوع المتعدي لواحد فهو فعل لازم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أو عرضاً أو طاوع المعدى لواحد كمده
فامتدى] قوله: (أو عرضاً) أو: حرف عطف، عرضاً: معطوف على نظافة،
أي: أو اقتضى عرضاً. أو: حرف عطف. طاوع: فعل ماض، وهو معطوف على
جملة الصلة في قوله: (وما اقتضى نظافة)، أي: وما اقتضى نظافة أو ما
طاوع المعدى لواحد. المعدى: مفعول به. لواحد: متعلق بالمعدى. كمده
فامتد! الكاف: حرف جر، ومده فامتد: اسم مجرور بالكاف؛ لأنه على
تقدير: كهذا المثال، فمنع من ظهور الحركة الحكاية. يقول: كذلك
أيضاً كل ما اقتضى عرضاً، والعرض معناه: الصفة التي تعرض وتزول،
مثل: غضب، حزن، مرض، فرح، رضي، جاع، ضحك، حزن.. ونحو ذلك، فكل ما
كان يعرض ويزول فإنه يكون لازماً. قوله: (أو طاوع المعدى لواحد)
هذا أيضاً من الضوابط: أن يطاوع المعدى لواحد، ومعنى طاوعه: صار
المعدى مؤثراً فيه، أي: ما حصل نتيجة تأثير هذا المطاوع، مثل: مده
فامتد، شده فاشتد، ضربه فانضرب، حده فاتحد، فما كان مطاوعاً
للمتعدي فهو فعل لازم. وإذا طاوع فعلاً يتعدى لاثنين فما الحكم؟
يتعدى لواحد، إذاً: إن طاوع ما يتعدى لواحد فهو لازم، وإن طاوع ما
يتعدى لاثنين نصب مفعولاً واحداً، مثاله: علَّمت الطالبَ النحوَ
فتعلَّمه. فصار الفعل المطاوع لما يتعدى لواحد لازماً، والمطاوع
لما يتعدى لاثنين متعدياً لواحد.
تعدي الفعل اللازم بحرف الجر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعد لازماً بحرف جر وإن حذف فالنصب
للمنجر نقلاً وفي أنَّ وأنْ يطرد مع أمن لبس كعجبت أن يدوا] قوله:
(وعد لازماً بحرف جر) أي: أن الفعل اللازم لا ينصب المفعول بنفسه،
لكن يعدى بحرف جر مناسب، فإذا وجدنا فعلاً لازماً جاز أن نعديه
بحرف الجر، فمثلاً: فرح زيد، (فرح) فعل لازم، إذا أردت أن تعديه
تقول: فرح زيد بالنجاح، فعديته بحرف جر، وهذا كثير. قوله: (فإن حذف
فالنصب للمنجر نقلاً...) إلخ، أي: إذا حذف حرف الجر من الفعل
اللازم فإن المجرور ينصب، لكن هل هو قياسي، بمعنى أنه يجوز لكل
واحد أن يحذف حرف الجر مما تعلق بفعل لازم؟ يقول المؤلف (نقلاً)
أي: أنه سمع من كلام العرب، ونقل من كلامهم أنهم يحذفون حرف الجر
من متعلق الفعل اللازم وينصبونه، ومنه قول الشاعر: تمرون الديار
ولم تعوجوا كلامكم علي إذاً حرام فقال: تمرون الديار، والأصل:
تمرون بالديار، لكنه حذف حرف الجر ونصبه. ونقول في إعرابه: تمرون:
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل. الديار: منصوب بنزع
الخافض، ولا نقول: إن الديار مفعول به؛ لأن هذا الفعل لازم لا ينصب
المفعول به، فيكون الديار هنا منصوبة بنزع الخافض، والأصل: تمرون
بالديار، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. ولا يصح أن يقال:
مررت زيداً، بدل: مررت بزيد، قياساً على ما ورد عن العرب حين
قالوا: تمرون الديار؛ وذلك لأن الشعر يحفظ ولا يقاس عليه، فإن قيل:
لكن لغتنا العرفية تأبى إلا أن تقيس فيقولون: مررت زيداً، مررت
البيت، وما أشبه ذلك. فنقول اللغة العرفية لا تحكم على اللغة
العربية. قوله: (وعد): الواو: حرف عطف وعد: فعل أمر، والفاعل مستتر
وجوباً تقديره أنت. لازماً: مفعول عد. بحرف: جار ومجرور متعلق بعد،
وهو مضاف إلى (جر). وإن حذف: الواو: حرف عطف، إن: شرطية، حذف: فعل
ماض مبني لما لم يسم فاعله، وهو فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير
مستتر فيه تقدير هو. فالنصب: الفاء: رابطة للجواب، والنصب: مبتدأ.
للمنجر: الجار والمجرور خبر المبتدأ، والجملة الخبرية في محل جزم
جواب الشرط. وقوله: (نقلاً) حال، وصاحب الحال هو الضمير المستتر في
متعلق الجار والمجرور، أي: فالنصب كائن للمنجر نقلاً. (وفي أنَّ
وأنْ يطرد) في: حرف جر. أنَّ: مجرور بفي باعتبار اللفظ. وأنْ:
معطوفة عليها، والجار والمجرور متعلق بـ (يطرد). (مع أمن لبس) مع:
ظرف مكان، وهو هنا مبني على السكون من أجل الروي، وهو مضاف إلى
(أمن)، و(أمن) مضاف إلى (لبس). كعجبت أن يدوا: الكاف: حرف جر،
وعجبت أن يدوا: كلها مجرورة بالكاف وعلامة جرها الكسرة المقدرة على
الآخر منع من ظهورها الحكاية. يقول المؤلف رحمه الله: (وفي أن وأن
يطرد) أي: أن حذف حرف الجر في أنَّ وأنْ يطرد، ومعنى قوله: (يطرد):
أنه سمع نقلاً وجاز استعمالاً. (مع أمن لبس) أي: أنه يشترط لجواز
حذف حرف الجر مع أنّ وأنْ: ألا يكون هناك لبس، فإن كان هناك لبس
امتنع حذف حرف الجر لئلا يقع المخاطب في لبس. مثاله: عجبت أن يدوا،
يدوا بمعنى: يعطوا الدية، وأصلها: عجبت من أن يدوا؛ وإعرابها:
عجبت: فعل وفاعل. أن: حرف مصدري ينصب الفعل المضارع. يدوا: فعل
مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعل، وأنْْ وما
دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض، والخافض هنا محذوف
اطراداً. وقول ابن مالك (مع أمن لبس) هذا قيد، فإن خيف اللبس فإنه
لا يجوز حذف حرف الجر، مثل: رغبت أن أجلس إلى زيد، فكلمة (رغبت)
تحتمل: رغبت عن الجلوس إليه، أو رغبت في الجلوس إليه، فأنت إذا
خاطبت أحداً وقلت: رغبت أن أجلس إلى زيد، فإنه لا يدري هل أنت ترغب
في الجلوس إليه، أو ترغب عن الجلوس إليه. فإذا قلت: رغبت أن أجلس
إلى زيد لأنه يلهيني، فهنا يجوز حذف حرف الجر؛ لأنه زال اللبس بهذا
التعليل. فالحاصل: أن الفعل اللازم يتعدى إلى المفعول به بحرف
الجر، فإن حذف حرف الجر وجب نصب المجرور ويقال: إنه منصوب بنزع
الخافض. وحذف حرف الجر ونصب المجرور في أنّ وأنْ مطرد، وفيما سوى
ذلك ليس بمطرد، بل مقصور على السماع.
الترتيب بين المفعولين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعد لازماً بحرف جر وإن حذف فالنصب
للمنجر نقلاً وفي أنَّ وأنْ يطرد مع أمن لبس كعجبت أن يدوا] قوله:
(وعد لازماً بحرف جر) أي: أن الفعل اللازم لا ينصب المفعول بنفسه،
لكن يعدى بحرف جر مناسب، فإذا وجدنا فعلاً لازماً جاز أن نعديه
بحرف الجر، فمثلاً: فرح زيد، (فرح) فعل لازم، إذا أردت أن تعديه
تقول: فرح زيد بالنجاح، فعديته بحرف جر، وهذا كثير. قوله: (فإن حذف
فالنصب للمنجر نقلاً...) إلخ، أي: إذا حذف حرف الجر من الفعل
اللازم فإن المجرور ينصب، لكن هل هو قياسي، بمعنى أنه يجوز لكل
واحد أن يحذف حرف الجر مما تعلق بفعل لازم؟ يقول المؤلف (نقلاً)
أي: أنه سمع من كلام العرب، ونقل من كلامهم أنهم يحذفون حرف الجر
من متعلق الفعل اللازم وينصبونه، ومنه قول الشاعر: تمرون الديار
ولم تعوجوا كلامكم علي إذاً حرام فقال: تمرون الديار، والأصل:
تمرون بالديار، لكنه حذف حرف الجر ونصبه. ونقول في إعرابه: تمرون:
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل. الديار: منصوب بنزع
الخافض، ولا نقول: إن الديار مفعول به؛ لأن هذا الفعل لازم لا ينصب
المفعول به، فيكون الديار هنا منصوبة بنزع الخافض، والأصل: تمرون
بالديار، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. ولا يصح أن يقال:
مررت زيداً، بدل: مررت بزيد، قياساً على ما ورد عن العرب حين
قالوا: تمرون الديار؛ وذلك لأن الشعر يحفظ ولا يقاس عليه، فإن قيل:
لكن لغتنا العرفية تأبى إلا أن تقيس فيقولون: مررت زيداً، مررت
البيت، وما أشبه ذلك. فنقول اللغة العرفية لا تحكم على اللغة
العربية. قوله: (وعد): الواو: حرف عطف وعد: فعل أمر، والفاعل مستتر
وجوباً تقديره أنت. لازماً: مفعول عد. بحرف: جار ومجرور متعلق بعد،
وهو مضاف إلى (جر). وإن حذف: الواو: حرف عطف، إن: شرطية، حذف: فعل
ماض مبني لما لم يسم فاعله، وهو فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير
مستتر فيه تقدير هو. فالنصب: الفاء: رابطة للجواب، والنصب: مبتدأ.
للمنجر: الجار والمجرور خبر المبتدأ، والجملة الخبرية في محل جزم
جواب الشرط. وقوله: (نقلاً) حال، وصاحب الحال هو الضمير المستتر في
متعلق الجار والمجرور، أي: فالنصب كائن للمنجر نقلاً. (وفي أنَّ
وأنْ يطرد) في: حرف جر. أنَّ: مجرور بفي باعتبار اللفظ. وأنْ:
معطوفة عليها، والجار والمجرور متعلق بـ (يطرد). (مع أمن لبس) مع:
ظرف مكان، وهو هنا مبني على السكون من أجل الروي، وهو مضاف إلى
(أمن)، و(أمن) مضاف إلى (لبس). كعجبت أن يدوا: الكاف: حرف جر،
وعجبت أن يدوا: كلها مجرورة بالكاف وعلامة جرها الكسرة المقدرة على
الآخر منع من ظهورها الحكاية. يقول المؤلف رحمه الله: (وفي أن وأن
يطرد) أي: أن حذف حرف الجر في أنَّ وأنْ يطرد، ومعنى قوله: (يطرد):
أنه سمع نقلاً وجاز استعمالاً. (مع أمن لبس) أي: أنه يشترط لجواز
حذف حرف الجر مع أنّ وأنْ: ألا يكون هناك لبس، فإن كان هناك لبس
امتنع حذف حرف الجر لئلا يقع المخاطب في لبس. مثاله: عجبت أن يدوا،
يدوا بمعنى: يعطوا الدية، وأصلها: عجبت من أن يدوا؛ وإعرابها:
عجبت: فعل وفاعل. أن: حرف مصدري ينصب الفعل المضارع. يدوا: فعل
مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعل، وأنْْ وما
دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض، والخافض هنا محذوف
اطراداً. وقول ابن مالك (مع أمن لبس) هذا قيد، فإن خيف اللبس فإنه
لا يجوز حذف حرف الجر، مثل: رغبت أن أجلس إلى زيد، فكلمة (رغبت)
تحتمل: رغبت عن الجلوس إليه، أو رغبت في الجلوس إليه، فأنت إذا
خاطبت أحداً وقلت: رغبت أن أجلس إلى زيد، فإنه لا يدري هل أنت ترغب
في الجلوس إليه، أو ترغب عن الجلوس إليه. فإذا قلت: رغبت أن أجلس
إلى زيد لأنه يلهيني، فهنا يجوز حذف حرف الجر؛ لأنه زال اللبس بهذا
التعليل. فالحاصل: أن الفعل اللازم يتعدى إلى المفعول به بحرف
الجر، فإن حذف حرف الجر وجب نصب المجرور ويقال: إنه منصوب بنزع
الخافض. وحذف حرف الجر ونصب المجرور في أنّ وأنْ مطرد، وفيما سوى
ذلك ليس بمطرد، بل مقصور على السماع.