شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

النسب

  

تعريف النسب

حذف الياء المشددة من آخر الاسم المنسوب

حكم تاء التأنيث وألفه في آخر الاسم المنسوب

حكم ألف الإلحاق في الاسم المنسوب

حكم ياء المنقوص في الاسم المنسوب

النسبة إلى الثلاثي المكسور العين

النسبة إلى ما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد

النسبة إلى ما آخره علامة تثنية أو جمع

النسبة إلى نحو طيب

النسبة إلى فَعيلة وفُعيلة

النسبة إلى معتل العين ومضعفها

النسبة إلى ما آخره همزة مد

النسبة إلى المركب

النسبة إلى الثلاثي المحذوف اللام

النسبة إلى الثنائي الذي ثانيه حرف لين

النسبة إلى الثلاثي المحذوف الفاء

النسبة إلى الجمع

الاستغناء عن ياء النسب

 

تعريف النسب

  

قال المصنف رحمه الله تعالى: [النسب ياء كيا الكرسي زادوا للنسب وكل ما تليه كسره وجب]. قوله: (النسب) ويقال: النسبة، ويقال: الإضافة، ومعناه: أن تنسب الشيء إلى الشيء، إما باعتبار القبيلة، وإما باعتبار البلد، وإما باعتبار العلم، وإما باعتبار الصنعة والمهنة، وما أشبه ذلك. فقولنا: مكِّي، نسبة إلى البلد، وقرشي إلى القبيلة، ونحوي إلى العلم. وحرفي إلى الحرفة والصناعة، وعلى هذا فقس. المهم أنه إضافة شيء إلى شيء لينسب إليه، سواء كان ذلك قبيلة أو بلداً أو ما أشبه ذلك. وله صيغتان: الصيغة الأولى: أن تحوله إلى ما يشبه صيغة المبالغة، كنجار، وحداد، وما أشبه ذلك، وهذا في المنسوب إلى الحِرَف كما قال الحريري في ملحة الإعراب: وانسب أخا الحرفة كالبقال ومن يضاهيه إلى فَعَّال الصيغة الثانية: أن تزيد ياءً في آخره، وهذه الياء يتعلق بها أحكام كما سيأتي. قوله: (ياءً كيا الكرسي زادوا للنسب): زادوا: فعل وفاعل. ياءً: مفعول مقدم. والفاعل في قوله: (زادوا) يعود إلى أهل اللغة؛ لأن النحويين ليس لهم حق في صياغة الألفاظ وإنما الحق لأهل اللغة. وقوله: (للنسب) اللام للتعريف، أي: لأجل أن ينسب المضاف إلى ما اشتق منه المنسوب إليه. وأشار المؤلف بقوله: (كيا الكرسي) إلى أن ياء الكرسي ليست للنسب، وهو كذلك؛ لأن ياء النسب إذا حذفتها فإن المنسوب إليه يكون له معنىً قائم بنفسه، فمثلاً: مكِّي، إذا حذفنا ياء النسب، قلنا: مكة، فله معنىً قائم بنفسه، وكذلك قرشي، إذا حذفنا ياء النسب قلنا: قريش، لكن كرسي إذا حذفنا الياء قلنا: كُرس، فليس له علاقة بكرسي، فإن (كرسي) كلمة وضعت لما يجلس عليه. وقوله: (كيا الكرسيّ) وجه المشابهة بينهما أن كلاً منهما ياءٌ مشددة تظهر عليها علامة الإعراب. قال: (وكل ما تليه كسره وجب) هذا من الأحكام التي تحدث بعد النسبة، أن كل ما تليه يجب كسره، مثال ذلك: إذا قلت: تميم، الميم الأخيرة في تميم غير مكسورة، لكن إذا نسبت إلى تميم وجب فيها الكسر، فتقول: تميميٌ، وتقول: نحويٌ، وتقول: مكيٌ، وعلى هذا فقس. كذلك من الأحكام: أن الإعراب ينتقل عما قبلها إليها، فبدلاً من أن يكون الإعراب على آخر المنسوب إليه يكون الإعراب على ياء النسبة، كأن تقول: جاء تميمٌ، ورأيت تميماً، ومررت بتميمٍ، لكن إذا نسبت انتقل الإعراب إلى ياء النسبة، فنقول: جاء تميميٌ، ورأيت تميمياً، ومررت بتميميٍ.

 

 

 

 

حذف الياء المشددة من آخر الاسم المنسوب

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومثله مما حواه احذف وتا تأنيث او مدته لا تثبتا]. قوله: (مثله) أي: مثل ياء الكرسي (مما حواه احذف) أي: إذا حوى المنسوب إليه ياءً كياء الكرسي وجب حذفها حتى لا تجتمع ياءان شبيهتان أو مِثلان في كلمة واحدة، مثاله: الشافعي ، اسمه محمد بن إدريس الشافعي ، نسبة إلى شافع، عندما تنسب رجلاً من أهل العلم إلى مذهب الشافعي تقول: الشافعيّ، فالياء التي في المنسوب الشافعي ليست هي الياء في المنسوب إليه، بل الياء في المنسوب إليه حذفت، فإذا قلت: أحمد بن علي بن حجر الشافعي، فالياء في الشافعي ليست هي الياء التي في قولك: محمد بن إدريس الشافعي؛ لأن الياء التي كانت في المنسوب إليه حذفت، وحلت ياء النسب محلها.

 

 

 

 

حكم تاء التأنيث وألفه في آخر الاسم المنسوب

  

 

قوله: (وتا تأنيث او مدته لا تثبتا) مما يحذف تاء التأنيث، فيجب حذفها عند النسبة فمكة نقول فيها: مكي، ونحذف التاء، وفي تجارة نقول: تجاري، وفي وردة: وردي. إذاً: تاء التأنيث تحذف، سواء كانت رابعة أو أكثر. قوله: (أو مدته) أي: مدة التأنيث، وهي ألف التأنيث المقصورة فتحذف كذلك، ولهذا قال: (لا تثبتا)، فعند النسبة إلى سلمى نقول فيها: سلمي، ونحذف الألف. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن تكن تربع ذا ثان سكن فقلبها واواً وحذفها حسن]. قوله: (وإن تكن) الضمير يعود إلى ألف التأنيث لا إلى تاء التأنيث، (تربع) أي: إذا جاءت رابعة، لكن النظم يضيق على الإنسان فقد يعبر الناظم بشيء خفي عادلاً عما هو واضح من أجل الضرورة. (ذا ثان سكن) أي: ما ثانيه ساكن، (فقلبها واواً وحذفها حسن). مثاله: حبلى، الألف فيها رابعة، والحرف الثاني منه ساكن، إذاً تنطبق على قوله: (وإن تكن تربع ذا ثان سكن) يقول المؤلف: (فقلبها واواً وحذفها حسن) فتقول في النسبة إلى حُبلى: حبلويٌّ، فهذا قلبها واواً، وتقول: حُبْليٌّ، وهذا حذفها. إذاً: إذا كانت ألف التأنيث رابعة فيما ثانيه ساكن جاز فيها وجهان: قلبها واواً، وحذفها، والأصل الذي يبنى على القاعدة هو الحذف؛ لأن المؤلف قال فيما سبق: (أو مدته لا تثبتا).

 

 

 

 

حكم ألف الإلحاق في الاسم المنسوب

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [لشبهها الملحق والأصلي ما لها وللأصلي قلب يعتمى]. قوله: (لشبهها) أي: شبه ألف التأنيث، (الملحق) أي: الذي يلحق بألف التأنيث، وهي ألف يسمونها ألف الإلحاق، فليست ألف التأنيث وليست أصلية، مثل: علقى، الألف فيها للإلحاق. فالألف التي للإلحاق يقولون إنه يثبت لها حكم ألف التأنيث، ولهذا قال: (ما لها وللأصلي قلب يُعتمى) أي: الألف الأصلية التي هي رابعة فأكثر فيما ثانيه ساكن يجوز فيها وجهان كما سبق، لكن القلب في الأصل يعتمى، أي: يختار، والأمثلة ستكون في الشرح. أفادنا المؤلف الآن أن الألف المقصورة تكون على ثلاثة أوجه: للتأنيث، وللإلحاق، وأصلية. فألف التأنيث الأصل فيها الحذف، ويجوز فيما كانت فيه رابعة مما ثانيه ساكن وجهان: الحذف والقلب. وألف الإلحاق حكمها حكم ألف التأنيث، فتحذف إلا إذا كانت رابعة فيما ثانيه ساكن فيجوز فيها وجهان. والألف الأصلية نقول فيها ما نقول في ألف التأنيث، إلا أن المؤلف يقول: إن القلب هو الذي يختار. ثم قال رحمه الله تعالى: [والألف الجائز أربعاً أزل كذاك يا المنقوص خامساً عزل]. قوله: (والألف) مفعول مقدم لقوله: أزل، (الجائز) صفته، ومعنى (الجائز أربعاً) أي: الذي تجاوز أربعة أحرف، فالألف إذا تجاوز أربعة أحرف فإنه يحذف بكل حال، سواء كان للتأنيث، أو أصلياً، أو للإلحاق، فنقول مثلاً في مصطفى: مصطفِيٌّ؛ لأنه ألف جاوز أربعة.

 

 

 

 

حكم ياء المنقوص في الاسم المنسوب

  

 

قوله: (كذاك يا المنقوص خامساً عُزل). ياء المنقوص إذا كان خامساً فأكثر فإنه يُعزل، أي: يحذف، وانظر إلى المؤلف رحمه الله من أجل ضيق النظم يعبر بتعبيرات مختلفة، ولو جاء بهذه كلها في عبارة واحد وقال: تحذف، لكان أسهل، لكن مشكلة النظم هي التي تلجئه إلى مثل ذلك. فكلمة (أزل) وكلمة (عُزل) وكلمة (لا تثبتا) كلها معناها: احذفها، لكن نظراً لضيق النظم عبر بهذه الألفاظ. فالمنقوص إذا كان ياؤه خامساً فإنه يحذف، مثاله: مهتدِ، الياء كانت خامسة، فإذا نسبت إلى مهتدٍ تقول: مهتديّ، بالياء المشددة، وهذا مهتديُّ القومِ؛ مثلاً. إذاً: الذي يحذف: الياء التي تشبه ياء النسب، وتاء التأنيث مطلقاً، ومدة التأنيث، إلا إذا كانت رابعة فيما ثانيه ساكن فيجوز الوجهان، ومدة الإلحاق والمدة الأصلية حكمها حكم مدة التأنيث، إلا أن الأولى في الأصلية القلب فيما تجاوز أربعة فأكثر. وياء المنقوص إذا كانت خامسة فأكثر فإنها تحذف، فنقول في مهتدٍ: مهتديّ، لكن فرق بين مهتدٍ ومهتديّ، فنقول: جاء مهتديٌّ، وجاء مهتدٍ، فقط؛ لأنها منقوصة. قال رحمه الله تعالى: [والحذف في اليا رابعاً أحق من قلب وحتم قلب ثالث يعن]. إذا كانت الياء رابعة فحذفها أحق من قلبها واواً، فتقول في قاض: قاضيّ، وقد تقلب واواً فتقول: قاضوي. وإن كانت الباء ثالثة قلبت واواً وفتح ما قبلها، فتقول في شجٍ: شجَوي.

 

 

 

 

النسبة إلى الثلاثي المكسور العين

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأول ذا القلب انفتاحاً وفعِلْ وفُعِلٌ عينهما افتح وفِعِلْ]. قوله: (وأول ذا القلب) (ذا) قد تكون اسم إشارة، وقد تكون بمعنى صاحب، أي: صاحب القلب، (انفتاحاً) أي: اجعل ما قبله مفتوحاً، وعلى هذا فنقول: أول: فعل أمر، والفاعل: مستتر وجوباً. ذا: مفعول به مبني على السكون في محل نصب، إذا قلنا إنه اسم إشارة، وإن المعنى: وأول هذا القلب. وإن جعلنا (ذا) بمعنى صاحب فنقول: مفعول به منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، لأنه من الأسماء الخمسة. انفتاحاً: المفعول الثاني لأولِ. وإذا كانت ذا اسم إشارة فالقلب بدل، وإن كانت بمعنى صاحب فهي مجرورة بالإضافة. وانفتاحاً: مفعول ثان، ومعنى (أوله انفتاحاً) أي: اجعله يلي انفتاحاً. أي: أن ما قبله يجب أن يكون مفتوحاً، فإذا قلبنا وجب أن نفتح ما قبله بكل حال، فنقول في: شجي -شين جيم ياء- نقول في النسبة إليها: شجوي، فنحن الآن قلبنا الياء واواً؛ لأنها ثابتة، ويجب أن نفتح ما قبلها ولو كان مكسوراً، فنقول: شجَوي، هذا معنى قوله: (وأولِ ذا القلب انفتاحاً)، وعلى هذا فمتى قلب حرف العلة واواً وجب فتح ما قبله بناء على هذه القاعدة. قوله: (وفَعِلْ وفُعِل عينهما افتح وفِعِل) يقول المؤلف: فَعِل، وفُعِل، وفِعِل، هذه ثلاث كلمات كل منها على ثلاثة أحرف، لكن الأولى مفتوحة الفاء، والثانية مضمومة الفاء، والثالثة مكسورة الفاء، إذا نسبت إلى هذه الثلاثة يقول: (عينهما افتح) وفاؤهما تبقى على ما هي عليه، إن كانت مضمومة فهي مضمومة، وإن كانت مكسورة فهي مكسورة، وإن كانت مفتوحة فهي مفتوحة، لكن عينهما افتح. عين: مفعول مقدم لـ (ا فتح) فقوله: (وفَعِل) إذا نسبت إليها تقول: فَعَلي، مثاله: نَمِر، فالنون مفتوحة والميم مكسورة، عندما ننسب إليها نقول: نَمَري. و(فُعِل) مثاله: دئل، نقول: دؤلي، ومنه أبو الأسود الدؤلي . لأن المؤلف يقول: إذا نسبت إلى فُعِل فافتح العين. (وفِعِل) مثاله: إبل، إذا أردنا أن ننسب شخصاً إلى الإبل نقول: إبلي. إذاً: في كل من (فَعِل، وفُعِل، وفِعِل) نفتح العين، وأما الفاء فتبقى على ما هي عليه، وأما اللام فقد تقدم أن ما قبل ياء النسبة يجب أن يكون مكسوراً. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقيل في المرمي مرموي واختير في استعمالهم مرمي]. سبق لنا أن المنسوب إلى الياء المشددة تحذف منه الياء الأولى ويؤتى بدلها بياء النسبة جديدة، كالنسبة إلى الشافعي، وهكذا (مرمي) النسبة إليه: مرميّ، هذه القاعدة، لكن مع ذلك جاء عن العرب أنهم قالوا في المرمي: مرموي، لكن انظر إلى قوله: (قيل في المرمي)، فهو يدل على التضعيف، ولهذا قال: (واختير في استعمالهم مرمي) فتقول: جاء المرموي، وتقول: جاء المرمي، نسبة إلى مرمي.

 

 

 

 

النسبة إلى ما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ونحو حي فتح ثانيه يجـب واردده واواً إن يكن عنه قلب]. كلمة (حي) الياء الأولى، لا تحذف بل تبقى، لكن تقلب الثانية واواً، فيقال في حي: حيوي، أما الياء الثانية فقد قلبت إلى واو على القاعدة السابقة؛ لأنها ثالثة، أما الياء الأولى فقد حصل فيها تغيير وهو الفتح، فقد كانت ساكنة، لكن لما نسبنا يقول: (ونحو حي فتح ثانيه يجب) فتقول: حَيَوي. قوله: (واردده ياء إن يكن عنه قلب) أما إذا كان ياء وأصله الياء فيبقى على حاله، ولا يرد إلى الواو، وكلمة (حي) مأخوذة من الحياة، فالياء الثانية فيه أصلية تقول: حيي زيد، ولا تقول: حوي زيد، وتقول: حيي الشجر، ولا تقول: حوي الشجر، إذاً الياء أصلية، فتبقى الأولى على أصلها، والثانية تقلب واواً كما سبق، فنقول: حيوي. فقول المؤلف: (واردده واواً إن يكن عنه قلب) أي: إن كانت الياء الأولى في نحو حي قد قلبت عن واو فإنها ترد إلى أصلها، مثل: طي، فيه ياء مشددة بعد الحرف الأول وهي مثل حي، لكن الياء الأولى في طي منقلبة عن واو، فعندما ننسب إلى طي نقول: طووي، فعندنا الآن واوان: الأولى: رددناها إلى أصلها، والياء الثانية من الأصل تقلب واواً عند النسب. وإذا نسبنا إلى (لي) نقول: لووي، لأن (لي) أصله من لوى يلوي لياً. وإذا نسبنا إلى (شي) من شي اللحم نقول: شووي؛ لأنها من شوى يشوي، فأصل الياء الأولى واو. كذلك نوى اسم لبلد، نقول في النسبة إليها: نووي، وإذا نسبنا إلى نواة التمر، كواحد يبيع نوى التمر، فنقول: نووي.

 

 

 

 

النسبة إلى ما آخره علامة تثنية أو جمع

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعلم التثنية احذف للنسب ومثل ذا في جمع تصحيح وجب]. قوله: (علم التثنية) بمعنى: علامة التثنية. (احذف للنسب) أي: إذا نسبت. فإذا نسبت إلى مثنى وجب أن تحذف علامة التثنية، فتقول في النسبة إلى زيدان: زيدي، وتحذف الألف والنون، وفي النسبة إلى البحرين: بحري، ولا تقول: بحريني بحراني. والمسألة فيها خلاف، فهناك من يرى أنك تبقيها، وتقول: بحراني، وبحريني إذا نسبت إلى المنصوب. قوله: (ومثل ذا في جمع تصحيح وجب) أي: حذف العلامة في جمع التصحيح واجب، مثلاً: المسلمون، ننسب إليها ونقول مسلمي، ولا نقول مسلموني، وفي مسلمات: مسلمي، وشجرات: شجري، وهكذا. إذاً: علامة الجمع وعلامة التثنية يجب أن تحذف؛ لأنها على تقدير الانفصال؛ إذ هي علامة زائدة على بنية الكلمة فوجب أن تحذف. وبالنسبة للبحرين، هناك من يقول إنه لا يعرب إعراب المثنى، وإنما يعرب بالحركات على النون، وعلى هذا الرأي لا نحذف العلامة، فمثلاً يقولون: سكنت البحرينَ، وسافرت إلى البحرينِ، وسار في البحرينِ، فيعربون بالحركات، وعلى هذا الرأي ننسب إليها بدون حذف فنقول: بحريني؛ لأننا جعلنا النون كأنها أصلية حيث جعلناها تعرب بالحركات.

 

 

 

 

النسبة إلى نحو طيب

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وثالث من نحو طيب حذف وشذ طائي مقولاً بالألف] قوله: (وثالث من نحو طيب حذف). ثالث: مبتدأ، وهو نكرة، لكن سوغ الابتداء بالنكرة أنه موصوف بقوله: (من نحو طيب)، وجملة (حذف): خبر المبتدأ. وقوله: (حذف) الذي حذفه هم أهل اللغة. وكلمة (طيب) مكونة من أربعة أحرف، الثالث منها ياء مكسورة أدغمت فيها ياء قبلها، فيجب أن تحذف الياء الثانية، وهي ثالثة الحروف، فبالنسبة للكلمة ككل هي الثالثة، فتقول في طيب: طَيِْبي، وتقول في جيد: جَيْدِي، وعلى هذا فقس، كلما أتت الياء مشددة ثانية، فإنها تحذف الياء الثانية من هذه المشددة. وعلى هذا نقول في طيء: طيئي، لكن أهل اللغة يحكمون ولا يحكم عليهم، وهم يقولون: فلان الطائي، ولا يقولون فلان الطيئي، فيجعلون الياء ألفاً، فإن أحد من العرب جاء وقال: فلان الطائي، فلا نخطئه؛ بل: نقول: هو الحاكم علينا، لكن كيف قال: (وشذ طائي)؟ ولابد أن نعرف الفرق بين ندر وبين شذ: فشذ باعتبار القواعد، وندر باعتبار استعمال العرب، فاللغة القليلة يقال فيها ندر، واللغة المشهورة الكثيرة لكنها خارجة عن قواعد النحو يقال: شاذ؛ لأنه فرض نفسه باستعمال العرب له، لكن خالف القواعد فيكون شاذاً، فهو شاذ يعمل به ولا يقاس عليه، والشاذ في الحديث لا يعمل به؛ لأنه ضعيف، لكن الشاذ في اللغة العربية يعمل به، ولا يقاس عليه. إذاً: القاعدة من هذا البيت: كل اسم رباعي ثانيه ياء مشددة نحذف الياء الثالثة عند النسبة. فإذا قال إنسان: ما تقولون في قول العرب: طائي؟ نقول: هذا شاذ وخارج عن القياس.

 

 

 

 

النسبة إلى فَعيلة وفُعيلة

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وفَعلي في فَعلية التزم وفُعلي في فُعيلةٍ حتم]. قوله: (وفعلي في فعيلة التزم) الأصل أن النسبة إلى فعيلة: فعلي، مثل: جريدة: جردي، صحيفة: صحفي، ما الذي حصل؟ لو أننا أبقينا حروف المنسوب إليه على ما هي عليه فسنقول في النسبة إلى صحيفة: صحيفي، وفي جريدة: جريدي، وفي غريسة: غريسي، وفي غليظة: غليظي. إذاً: غليظي غلط، والصواب: غلظي، وفي عقيدة نقول: عقدي، ولا نقول: عقيدي؛ لأن فعيلة تحذف ياؤها، وتحذف عينها، فنقول كلما نسبنا إلى فعيلة: فعلي، ولهذا قال: (فعلي في فعيلة التزم) أي: التزم لغة لا شرعاً. قوله: (وفُعَلي في فُعيلة حتم) إذا جاءت كلمة على وزن (فُعيلة) ونسب إليها فلابد أن تحذف الياء مثل ما قلنا في عنيزة: عنزي، وفي بريدة: بردي، وفي جهينة، جهني، وعلى هذا فقس. قال المؤلف رحمه الله: [وألحقوا معل لام عريا من المثالين بما التا أوليا]. المثالان هما: فَعيلة وفُعيلة، قوله: (وألحقوا معل لام) (معل لام) أي: الذي آخره حرف علة (عريا) أي: ليس في آخره تاء؛ لأن فَعِيْلة فيها تاء، وفُعَيلة فيها تاء. (ألحقوا بما التا أوليا) أي: ألحقوا بما فيه التاء، فالمعلل اللام إذا عري من التاء فإنه يلحق بما فيه التاء، وينسب إليه على فَعلي، أو فُعلي، مثاله: تقول في عدي: عدوي، ولو أبقيناها على أصلها لقلنا: عديوي، ولكن ما نسب إليه يكون كفعلي، وتقول في قصي: قُصوي، كفُعلي. فأفادنا المؤلف رحمه الله أن ما خلي من التاء -أي: ما كان على وزن فَعيل أو فُعيل- وكان معتل اللام فحكمه حكم ما فيه التاء، أي أنه ينسب على فَعلي أو على فُعلي. ويؤخذ من قوله: (معل لام) أنه إذا كانت لامه صحيحة ونسب إليه على فعلي فإنه يكون شاذاً، فمثلاً: قريش، نقول: قرشي، وهذا استعمال العرب لها، لكنه على قاعدته شاذ. كذلك في ثقيف نقول: ثقفي، واللام في ثقيف صحيحة، ومع ذلك العرب يقولون: ثقفي، ومقتضى ما قعده ابن مالك لذلك أن نقول: ثقيفي، إذاً يكون قولنا في النسبة إلى ثقيف: ثقفي، شاذاً، وإلى قريش: قرشي كذلك يكون شاذاً، وهذا رأي سيبويه قال: إن هذا شاذ، فيحفظ ولا يقاس عليه. وفي صهيب نقول: صهيبي، ولا نقول: صهبي؛ لأنه ما سمع، فما دام أنه لم يسمع نمشي على القاعدة، ولكن بعض النحويين قال: إن (قريش وثقيف)، وما أشبهها مما كان العرب ينسبون إليه على فَعلي أو فُعلي يدل على أن هذا قياس وليس سماعاً، وعلى هذا فيكون مطرداً لا شاذاً، فيجوز لي أن أنسب إلى صهيب بصهيبي وصهبي؛ لأن العرب قالوا في قريش: قرشي، وهذا مطرد عنهم.


 

شرح ألفية ابن مالك [67]

 

بين العلماء كيفية النسب إلى ما آخره همزة مد، وكيفية النسب إلى الأسماء المركبة، وكذلك الأسماء التي حذفت منها بعض حروفها. وقد يستغنى في باب النسب ببعض الصيغ عن ياء النسب كما في النسبة إلى الحرف والصناعات.

 

تابع النسب

  

 

 

 

النسبة إلى معتل العين ومضعفها

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وتمموا ما كان كالطويلـة وهكذا ما كان كالجليلة]. طويلة على وزن فعيلة، ومقتضى القاعدة في النسبة إلى طويلة أن نقول: طَوَلي، بحذف الياء، لكن يقول هنا (وتمموا) أي: بدون حذف، فينسب على لفظه، فنقول في النسبة إلى طويلة: طويلي. إذاً: فهذا استثناء من قوله: (وفعلي في فعلية التزم) أي: ما لم يكن كالطويلة. ومثله: حويلة، نقول فيها: حويلي، وفي عليلة: عليلي. إذاً: ما كان كطويلة يبقى كما هو في النسبة إليه، والسبب: أن عينها معتلة فهي تحتاج إلى علاج، وحيث إن عينها معتلة أبقيناها على ما هي عليه. إذاً: كل فعيلة معتلة العين تبقى على حالها. قوله: (وهكذا ما كان كالجليلة) أيضاً نبقيها على لفظها، فنقول في النسبة إلى جليلة: جليلي، ونقول في النسبة إلى جميلة: جميلي، وفي قليلة: قليلي، وفي عزيزة: عزيزي، وفي شديدة: شديدي. فهنا لم نحذف الياء لأنه مضاعف العين. الخلاصة: كلما نسبنا إلى فعيلة فنحذف الياء في النسب، إلا إذا كانت معتلة العين أو مضعفة العين فإنها تبقى على لفظها، وما لم يكن فيه التاء من فعيل أو فعيلة، فإن كان معتل اللام ألحق بها، وإن كان صحيح اللام لم يلحق، وما ورد عن العرب فهو شاذ كقرشي وفقهي.

 

 

 

 

النسبة إلى ما آخره همزة مد

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وهمز ذي مد ينال في النسب ما كان في تثنية له انتسب]. أي: أن الممدود يعامل إذا نسب إليه معاملته إذا ثني، وابن مالك يقول في المثنى: وما كصحراء بواو ثنيا ونحو علباء كساء وحيا بواو او همر وغير ما ذكر صحح وما شذ على نحو قصر إذاً: معناه لازم أن نرجع إلى كيفية الممدود، (وما كصحراء) صحراء الألف فيها ممدودة للتأنيث، فعند التثنية يقول ابن مالك : (بواو ثنيا)، فنقول: صحراوان، وفي النسبة نقول: صحراوي؛ لأن صحراء إذا ثنيت وجب قلب همزتها واواً، فإذا نسب إليها يجب أن تقلب همزتها واواً فنقول في صحراء: صحراوي. قوله: (ونحو علباء كساء وحيا بواو او همز) علباء الهمزة فيها زائدة للإلحاق، وكساء الهمزة فيها أصلية، فإذا كانت الهمزة للإلحاق كعلباء أو كانت الهمزة أصلية ككساء ورداء وما أشبهه، فإنه يجوز فيها الوجهان: إبقاؤها على أصلها، وقلبها واواً، فنقول في النسبة إلى علباء: علباوي أو علبائي، ونقول في النسبة إلى كساء: كسائي، وكساوي. كذلك نقول في رداء: ردائي، ورداوي، وفي بناء: بنائي أو بناوي، وعلى هذا فقس. وفي حمراء نقول: حمراوي، وفي سوداء: سوداوي؛ لأن الهمزة زائدة للتأنيث، فتقلب واواً. يقول: (وغير ما ذكر صحح) فمثلاً: قرّاء وضّاء، أي: كثير القراءة، وكثير الوضوء، الهمزة هذه أصلية؛ لأنه من قرأ ومن توضأ، فنقول في النسبة إلى قراء: قرائي، وفي النسبة إلى وضاء: وضائي. إذاً: النسبة إلى ما فيه همزة تكون على ثلاثة أوجه: إما أن تقلب بالهمزة واواً، أو تبقى على ما هي عليه، أو يخير الإنسان بين هذا وهذا إذا كانت الهمزة منقلبة عن أصل، أو كانت للإلحاق.

 

 

 

 

النسبة إلى المركب

  

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وانسب لصدر جملة وصدر ما ركب مزجاً ولثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو اب أو ماله التعريف بالثاني وجب فيما سوى هذا انسبن للأول ما لم يخف لبس كعبد الأشهل] هذه الأبيات الثلاثة في النسبة إلى المركب، فهناك بعض الأعلام تكون جملة، مثل ما يقولون: تأبط شراً ، أو الشنفري ، أصله: الشن فري، أو شاب قرناها. فإذا أردنا أن ننسب إلى هذه الجملة ننسب إلى صدرها، فنقول في تأبط شراً إذا أردنا أن ننسب إليه: تأبطي، جاء عبد الله التأبطي، أي: المنسوب إلى تأبط شراً، ونقول في الشنفري : جاء عبد الله الشني. ويؤخذ من كلام ابن مالك أنه لا يجوز أن ينسب إلى عجزها، فلا نقول في تأبط شراً: جاء الشري، أو في شاب قرناها: جاء القرني. قوله: (وصدر ما ركب مزجاً). المركب تركيباً مزجياً هو علم ضم فيه كلمتان إحداهما إلى الأخرى لا على سبيل النسبة، لأنه لو كان على سبيل النسبة لكان مركباً إضافياً ولكنه على سبيل الخلط، ولهذا سمي مزجياً، والمزج هو الخلط، فكأننا مزجنا هاتين الكلمتين حتى صارتا كلمة واحدة، ولهذا يكون إعرابها على الآخر، مثل: حضرموت، أصله: حضر موت، ثم ركبت الكلمة الأولى مع الثانية وجعلا علماً لواحد، فعندما ننسب إلى حضرموت المقتضى أن نقول: حضري، لكنهم أدخلوا الميم مع الكلمة الأولى وكانوا يقولون: حضرمي. وفي بعلبك نقول: بعلي؛ لأن المؤلف يقول: (وصدر ما ركب مزجاً) ولا نقول: بعلبكي. قوله: (ولثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو أب) (ولثان) أي: وانسب للثاني إذا تمم إضافة مبدوءة بابن أو أب، فالمركب تركيباً إضافياً مبدوءاً بابن أو أب ننسب فيه إلى الثاني، مثاله: ابن مالك ، لا نقول: هذا ابني مالكي ولا نقول: هذا ابني، ولكن نقول: هذا مالكي، ولكن مشكلتنا إذا قلنا: هذا مالكي أن يظن المخاطب أنه نسبة إلى مالك، وليس إلى ابن مالك، فما هو الجواب عن هذا الإشكال؟ الجواب: أن السياق يعين المراد. مثال آخر: ابن الزبير ، إذا نسبنا إليه نقول: زبيري، ويرد علينا الإشكال السابق وهو أنه نسبة إلى الزبير، لكن هذا الإشكال يزول بالسياق، فالسياق هو الذي يبين المراد. وقوله: (أو اب) أصله: أو أب، لكن لضرورة الشعر نقل الفتحة من الهمزة إلى الواو، فتحركت الواو وبقيت الهمزة ساكنة. مثاله: أبو بكر نقول في النسبة إليه: بكري، وهل يجري ذلك المنسوب إلى (أم)؟ نقول: المؤلف ما ذكره، لكن هو مثله، فكل علم به كنية فإنه ينسب إلى عجزه، وقد مر علينا أن العلم يأتي بصورة اسم أو لقب أو كنية، فالكنية ما قدم بأب أو بأم أو بابن، وعلى هذا فما أضيف إلى أم ينسب أيضاً إلى عجزه، أي: الثاني، فتقول في النسبة إلى أم سلمة: سلمي، ولا نقول: أمي، أو أمي سلمي. يقول: (أو ما له التعريف بالثاني وجب) أي: ينسب للثاني، وهو ما اكتسب التعريف بسبب الإضافة، مثل: غلام زيد، إذا أردنا أن ننسب إليه نقول: زيدي، لكن أصل غلام زيد ليست علماً، إلا أن يكون علماً بالغلبة، يعني: هذه النسبة لا تكون على إطلاق فليس كل غلام لزيد يسمى هكذا، لكن هذا يختص بما كان علماً بالغلبة بحيث لا يفهم من غلام زيد إلا هذا الرجل المعين، كما لا يفهم من ابن عمر إلا عبد الله بن عمر فهذا أيضاً ينسب إلى عجزه. فنقول بالنسبة إلى غلام زيد: زيدي، ولا نقول: غلامي، أما إذا كان غلام زيد لا ينصرف إلى معين فينسب إلى الأول فيقال: غلامي؛ لأن المقصود نفس الغلام، لا النسبة إلى سيده الذي هو زيد. وإذا لم يتعرف الأول بالثاني، أي: إذا لم نجد له التعريف بالثاني بأن كان الثاني نكرة أيضاً فإنه ينسب إلى الأول، مثاله: غلام رجل، غلام هنا نكرة، وقد أضيف إلى نكرة، والمضاف إلى النكرة نكرة، فعندما ننسب إلى غلام رجل نقول: غلامي؛ لأنه غير معين الآن، لكن عند النسبة إلى غلام الرجل نقول: الرجلي. يقول: (فيما سوى هذا انسبن للأول) لا يعرف السوى إلا إذا عرفنا الأصل، والأصل: أن ما كان مضافاً مبدوءاً بابن أو أب أو أم على قول، وكذلك ما أضيف إلى معرفة؛ ينسب إلى الثاني، وفيما سوى ذلك قال: (انسبن للأول) مثل: غلام رجل، نقول: غلامي. قال: (ما لم يخف لبس كعبد الأشهل) فإن خيف لبس فإنه ينسب للثاني، مثل: عبد الأشهل، لو نسبنا للأول فقلنا: عبدي، فسيكون فيه لبس: هل عبدي منسوبة إلى عبد الله، أم إلى عبد الرحمن، أم عبد الأشهل أو ما أشبه ذلك؟ إذاً: ننسب إلى الثاني فنقول: الأشهلي؛ ونقول في النسبة إلى عبد المطلب: مطلبي؛ وفي عبد الدار: عبدري؛ لأن العرب قالوا: عبدري وهو سماعي، وقالوا في عبد شمس: عبشمي. يقول الشارح: [حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية، فإن كانت زائدة للتأنيث قلبت واواً نحو: حمراوي في حمراء. أو زائدة للإلحاق كعلباء، أو بدلاً من أصل نحو كساء، فوجهان: التصحيح نحو: علبائي وكسائي، والقلب نحو: علباوي وكساوي. أو أصلاً فالتصحيح لا غير نحو: قرائي في قراء]. وقال الشارح: [إذا نسب إلى الاسم المركب؛ فإن كان مركباً تركيب جملة أو تركيب مزج حذف عجزه، وألحق صدره ياء النسب، فتقول في تأبط شراً: تأبطي، وفي بعلبك: بعلي. وإن كان مركباً تركيب إضافة فإن كان صدره ابناً أي: كان معرفاً بعجزه حذف صدره، وألحق عجزه ياء النسب، فتقول في ابن الزبير : زبيرى، وفي أبي بكر : بكري. فإن لم يكن كذلك فإن لم يخف لبس عند حذف عجزه حذف عجزه، ونسب إلى صدره، فتقول في امرىء القيس : امرئي، وإن خيف لبس حذف صدره ونسب إلى عجزه، فتقول في عبد الأشهل وعبد القيس: أشهلى وقيسي].

 

 

 

 

النسبة إلى الثلاثي المحذوف اللام

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [واجبر برد اللام ما منه حذف جوازاً ان لم يك رده ألف في جمعي التصحيح أو في التثنيه وحق مجبور بهذي توفيه]. قوله: (واجبر برد اللام ما منه حذف) المراد باللام لام الابتداء (ما منه حذف) أي: ما حذف منه اللام، أي: اجبر ما حذف منه اللام برد لامه، واللام هي آخر الكلمة؛ لأن الميزان (فعل) وآخره اللام، فإذا وجدنا كلمة حذفت لامها، وجب أن نردها عند النسب، لكن الشرط: (جوازاً ان لم يك رده ألف في جمعي التصحيح أو في التثنية) أي: نرد اللام جوازاً، إلا أن يكون مما ترد لامه بالتثنية أو الجمع فإنه يجب أن نردها. إذاً قوله: (اجبر برد اللام ما منه حذف) معناه: اجبر برد اللام ما منه حذفت اللام، قوله: (ألف) أي: في اللغة العربية (في جمعي التصحيح) المراد بجمعي التصحيح: جمع المؤنث السالم وجمع المذكر السالم. فإن كان قد ألف رد هذا المحذوف فإنه يقول: (وحق مجبور بهذي توفية) الإشارة إلى جمعي التصحيح والتثنية أي: حقها أن يوفى ولا يحذف. وخلاصة هذين البيتين: أن الاسم إذا كان ثلاثياً فحذفت لامه؛ فإن كانت اللام ترد عند التثنية أو جمعي التصحيح وجب ردها، وإن كانت لا ترد بالتصحيح أو التثنية فإنه يجوز لك أن تردها، ويجوز ألا تردها. مثاله: دم، عندما تثنيها تقول: دمان، بدون رد اللام، وعندما تنسب إليها تقول: دموي، ودمي؛ لأنها لا ترد في التثنية، وإذا لم ترد بالتثنية فإنه يجوز في النسب أن أرد اللام وألا أرده. ومثله: أب، في التثنية نقول: أبوان، وعندما ننسب إلى أب نقول: أبوي، ولا نقول: أبي؛ لأن اللام إذا كانت ترد في التثنية وجب ردها في النسب. أيضاً: يد، نقول في تثنيتها: يدان، قال الله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وإذا أردنا أن ننسب نقول: يدوي، أو يدي؛ لأن اللام لا ترد في التثنية، وإذا لم ترد في التثنية فإنه يجوز لنا أن نردها عند النسب وألا نردها. وأخ نثنيها فنقول: أخوان، وننسب إليها فنقول: أخوي، ولا نقول: أخيّ؛ لأن اللام ترد في التثنية، فإذا ردت في التثنية وجب أن ترد في النسب. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبأخ أختاً وبابن بنتا ألحق ويونس أبي حذف التا]. يعني: ألحق أختاً وبنتاً بأخ وابن، فعندما تنسب إلى أخ تقول: أخوي، وعندما تنسب إلى ابن، تقول: ابني، أو إن حذفت الهمزة تقول: بنوي. إذاً: عندما أنسب إلى أخت ألحقها بأخ، فأقول في النسبة إليها: أخوي، وإذا أشكلت علينا النسبة هل هي إلى الأخ أو إلى الأخت فإن ذلك يعرف بالسياق. وبالمثل: ابن وبنت، وعندما نحذف همزة ابن نقول: بنوي. قوله:  وبابن بنتا ألحق ويونس أبى حذف التا يونس قال: لا نحذف التاء من بنت وأخت وإنما ننسب إلى لفظها بدون حذف فنقول في أخت: أختيّ بالتاء. ونقول في بنت: بنتيّ. والأولى بالصواب قول يونس لأننا لو أخذنا به يزول عنا الالتباس. وهناك قول ثالث يقول: انسب إلى اللفظ بحذف التاء. يعني: تقول في أخت: أُخيّ، وفي بنت: بِنيّ، بحذف التاء؛ لأنها عند الجمع تحذف فيقال: بنات، ولا يقال: بنتات، ويقال: أخوات، ولا يقال أختات، فمادامت تحذف عند الجمع فإننا نحذفها عند النسب. فعندنا في بنت وأخت ثلاثة أقوال: الأول: أننا نجري أختاً وبنتاً مجرى أخ وابن. القول الثاني: أننا ننسب إليهما على لفظهما بدون حذف. القول الثالث: أننا ننسب إليهما على لفظهما مع الحذف.

 

 

 

 

النسبة إلى الثنائي الذي ثانيه حرف لين

  

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وضاعف الثاني من ثنائي ثانيه ذو لين كلا ولائي]. فإذا كان المنسوب إليه ثنائياً، وثانيه ذو لين، يعني: أحد حروف اللين وهي: الألف والواو والياء. فإننا نضاعفه، فإذا أردنا أن ننسب إلى (لا) نقول: لائي ولا نقول: لئي، وبما أن آخر الثنائي الألف فلابد أن تقلب همزة عند المضاعفة. مثلاً إذا كان هناك رجل اسمه (لا). ورزقه الله ولداً وسماه عبد الله، وعبد الله هذا رزق ولداً سماه صالحاً فنقول نحن عنه: هو صالح بن عبد الله اللائي.

 

 

 

 

النسبة إلى الثلاثي المحذوف الفاء

  

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن يكن كشية ما الفا عدم فجبره وفتح عينه التزم]. (وإن يكن كشية) يعني: وإن يكن ثلاثياً مثل (شية)، ومعنى ما الفا عدم: ما حذفت فاؤه. نحن نعرف أن كل كلمة لها فاء وعين ولام، وشية محذوفة الفاء، والعين هي حرف الشين، واللام هي حرف الياء. والمحذوف الفاء وأصله واو؛ لأن أصل الكلمة (وشي). قوله: (فجبره وفتح عينه التزم). والجبر في باب النسب أن ترد المحذوف. (وفتح عينه التزم) العين بالنسبة إلى شية هي حرف الشين، وعلى هذا فالنسبة إلى شية هي: وشَويّ. إذاً: إذا حذفت فاؤه فإنه يجب فيه أمران: الأول: رد الفاء، والثاني: فتح العين. كذلك كلمة (عدة) عند النسبة إليها نقول: وعَديّ.

 

 

 

 

النسبة إلى الجمع

  

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والواحد اذكر ناسباً للجمع إن لم يشابه واحداً بالوضع]. قوله: كلمة أنصار جمع لكنها في الواقع تشبه الواحد، فينسب إليها أنصاري، على لفظها، وأما أنمار فإنها ليست جمعاً، فينسب إليها على لفظها، فيقال: أنماري، وأنبار يقال فيها: أنباري، لأنها ليست جمعاً في الأصل، لكن أنصار يدل على جمع، ويشبه الواحد في الوضع.

 

 

 

 

الاستغناء عن ياء النسب

  

 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومع فاعل وفعَّال فعل في نسب أغنى عن اليا فقبل]. قوله: (ومع فاعل وفعَّال فعل) هذه ثلاث صيغ، (في نسب أغنى عن اليا)؛ لأن معناه أنه يصاغ على وزن فاعل، وعلى وزن فعَّال، وعلى وزن فَعَل، للنسبة عوضاً عن الياء، فيقال في الرجل كثير البيع للتمر: تامر، وكذلك الرجل كثير بيع اللبن، أو كثير شرب اللبن، يقال: لابن، ويقال إن رجلاً شكى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قول الحطيئة فيه: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي فدعا عمر رضي الله عنه حسان بن ثابت وقال: ما تقول في قول الحطيئة هذا، هل هجاه أو مدحه؟ قال: يا أمير المؤمنين! إنه قد سلح عليه، أي أنه من أعظم الهجاء. فالطاعم هنا ليس معناه الذي طعم مرة واحدة ولكن معناه أنك ذو إطعام وذو كسوة فهو من باب النسبة على فاعل. والفعال كثير ولاسيما في الحرف، مثل بناء ونجار وحداد وصناع. وأما فَعل فهو قليل، لكنه موجود، قال الشاعر: لست بليلي ولكني نهر لا أدلج بالليل ولكن أبتكر يعني ليس هو ممن يمشي في الليل، ولكنه يمشي بالنهار فهو نهر، نسبة إلى النهار. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وغير ما أسلفته مقرراً على الذي ينقل منه اقتصرا]. يعني ما ذكره رحمه الله هو القواعد، وكان العرب هم الحكام في هذه الأبواب فيقولون: ليس لنا إلا أن نستسلم، فالذي يخالف ما ذكرت من القواعد يقتصر فيه على السماع، ولا يقاس عليه، ولهذا قال: (على الذي ينقل منه اقتصرا) مثل عبد شمس كان المفروض أن نقول: شمسي لكن يقال: عبشمي، وعبد الدار بدلاً من أن نقول داري نقول: عبدري.

  


 

شرح ألفية ابن مالك [68]

 

الأصل في الوقف عند العرب أن يوقف على حرف ساكن، فلا وقف على متحرك ولا ابتداء بساكن، وما كان منوناً منصوباً وقفوا عليه بالألف، وعندهم في الوقف روم وإشمام ونقل وتسكين وتضعيف، وقد يقفون بهاء السكت، ولكل ذلك تفاصيل مذكورة.