إعلام
السائلين عن كتب سيد المرسلين لابن طولون الخَامسِ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الُمقَوْقِسِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ النُّعْمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَمَاعَةٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِِ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى المُقَوْقِسِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظيمِ القِبْطِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ
الْهُدَى.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أدْعُوكَ بدِعايَةِ الإِسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ،
وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوِلَّيْتَ
فَإِنَّ عَلَيْكَ إثْمَ القِبْطِ، {يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى
كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ
وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا
مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا
(1/81)
فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}
[آل عمران: 64] , وَخَتَمَ الْكِتَابَ، فَخَرَجَ بِهِ حَاطِبُ حَتَّى
قَدِمَ عَلَيْهِ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَانْتَهَى إِلَى حَاجِبِهِ فَلَمْ
يُلْبِثْهُ أَنْ أَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ حَاطِبٌ لِلْمُقَوْقِسِ لَمَّا لَقِيَهُ
إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الأَعْلَى
فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى، فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمَّ
انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاعْتَبِرْ بِغَيْرِكَ وَلا يَعْتَبِرُ غَيْرُكَ بِكَ،
قَالَ: هَاتِ، قَالَ: إِنَّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إِلا لِمَا هُوَ
خَيْرٌ مِنْهُ وَهُوَ الإِسْلامُ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ مَا سِوَاهُ،
إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
دَعَا النَّاسَ فَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ وَأَعْدَاهُمْ لَهُ
الْيَهُودُ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النَّصَارَى، وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ
مُوسَى بِعِيسَى، إِلا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا دُعَاؤُنَا إِيَّاكَ إِلَى الْقُرْآنِ إِلا
كَدُعَائِكَ أَهَلَ التَّوْارَةِ إِلَى الإِنْجِيلِ، وَكُلُّ نَبِيٍّ
أَدَرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ، فَالْحَقُّ عَلَيْهِم أَنْ
(1/82)
يُطِيعُوهُ، فَأَنْتَ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ
هَذَا النَّبِيُّ، وَلَسْنَا نَنْهَاكَ عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ، وَلَكِنَّا
نَأْمُرُكَ بِهِ، فَقَالَ الْمُقَوْقِسُ: إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ
هَذَا النَّبِيِّ فَوَجَدْتُهُ لا يَأَمْرُ بِمَزْهُودٍ فِيهِ، وَلا
يَنْهَى، عَنْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسَّاحِرِ الضَّالِ،
وَلا بِالْكَاهِنِ الْكَاذِبِ، وَوَجَدْتُ مَعَهُ آَيَةَ النُّبُوَّةِ
بِإِخْرَاجِ الْخِبْءِ وَالإِخْبَارِ بالنَّجْوَى، وَسَأَنْظُرُ، وَأَخَذَ
كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ فِي
حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ،
ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَكَتَبَ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ
الرَّحِيمِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ , مِنَ الْمُقَوْقِسِ
عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَرَأْتُ
كِتَابَكَ، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ، قَدْ
عَلِمْتَ أَنْ نَبِيًا بَقِيَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ
بِالشَّامِ، وَقَدْ أَكْرَمْتَ رُسُولَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ
بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ، وَكِسْوَةٍ،
وَأَهْدَيْتُ إِلَيْكَ بَغْلَةً لِتَرْكَبَهَا، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ.
وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَلَمْ
(1/83)
يُسْلِمْ، وَالْجَارِيَتَانِ مَارِيَةُ
وَسِيرِينُ، وَالْبَغْلَةُ دُلْدُلُ بَقِيَتْ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ
رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَتْ شَهْبَاءُ وَلَمَّا خَتَمَ الْكِتَابَ
دَفَعَهُ إِلَى حَاطِبِ وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ
أَثْوَابٍ، وَقَالَ لَهُ: ارْجَعْ إِلَى صَاحِبِكَ وَلا تَسْمَعْ مِنْكَ
الْقِبْطُ حَرْفًا وَاحِدًا، فَإِنَّ الْقِبْطَ لا يُطَاوِعُونَ فِي
اتِّبَاعِهِ، وَأَنَا أَضِنُّ بِمُلْكِي أَنْ أُفَارِقَهُ، وَسَيَظْهَرُ
صَاحِبُكَ عَلَى الْبِلادِ وَيَنْزِلُ بِسَاحَتِنَا هَذِهِ أَصْحَابُهُ
مِنْ بَعْدِهِ، فَارْحَلْ مِنْ عِنْدِي، قَالَ: فَرَحَلْتُ مِنْ عِنْدِهِ
وَلَمْ أَقُمْ عِنْدَهُ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَلَّمَا قَدِمْتُ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُ لَهُ مَا
قَالَ لِي، فَقَالَ: ضَنَّ الخَبِيثُ بُملْكِهِ وَلا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ ".
(1/84)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اسْمُهُ جُرَيْجُ
بْنُ مِينَا، أَثْبَتَهُ أَبُو عُمَرَ فِي الصَّحَابَةِ، ثُمَّ ضَرَبَ
عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ،
كَانَتْ شُبْهَتُهُ فِِي إِثْبَاتِهِ إِيَّاهُ فِِي الصَّحَابَةِ رِوَايَةً
رَوَاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُقَوْقِسُ:
«أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ وَكَانَ يَشْرَبُ فِيهِ»
، قَالَ الزيلعي: عده ابْن قانع فِي الصَّحَابَة، وَرَوَى لَهُ الْحَدِيث
المذكور، فَقَالَ أَخْبَرَنَا قاسم بْن زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن
عبدة، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، حَدَّثَنَا مندل، عَنْ مُحَمَّد
بْن إِسْحَاق بِهِ سندًا ومتنًا، وَقَالَ النووي فِي «تهذيب الأسماء
واللغات» : وعده أَبُو نعيم، وابن منده فِي الصَّحَابَة وغلط فِيهِ،
والصحيح أَنَّهُ مَاتَ نصرانيًا انتهى وَهَذَا الاختلاف كاخْتِلاف
الْعُلَمَاء فِي إسلام قَيْصَر، والصحيح أَنَّهُ مَاتَ كافرًا وَلَمْ يسلم
(1/85)
السَادِسُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جُهَيُنَة
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الصِّدْقِ
الْعَدَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
يُوسُفَ بْنِ قُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا الصَّلاحُ بْنُ أَبِي عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا الْفَخْرُ بْنُ الْبُخَارِيِّ، أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ،
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذَهَّبِ،
أَخْبَرَنَا الْقُطَيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ الإِمَامِ
أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ، قَالا:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى، وَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ
جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلامٌ شَابٌ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ
بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ»
(1/86)
وَبِهِ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ
خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ:
«كَتَبَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ
وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لا تَنْتَفِعوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا
عَصَبٍ»
وَبِهِ إِلَيْهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ،
حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ،
قَالَ: " جَاءَنَا، أَوْ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ
بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ "
وَبِهِ إِلَيْهِ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ
يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَكَمِ
بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ
عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: " أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلامٌ شَابٌ
قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ
الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ "
وَبِهِ إِلَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: " قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا
غُلامٌ شَابٌ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا
عَصَبٍ «
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةُ مِنْ
حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،» أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ
بِشَهْرٍ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ "،
وَقَالَ: الترمذي: حَدِيث حَسَن، ورواه ابْن حبان فِي صحيحه وغيره
(1/87)
|