إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين لابن طولون

الَثالِثَ عَشَرَ فِي كَتابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هوذَة بنّ عَلِي الحَنَفيّ
أَخْبَرَنَا أَبُو اللُّطْفِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الشِّهَابُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ الْحَنَفِيُّ مُشَافَهَةً، أَخْبَرَنَا السِّرَاجُ عُمَرُ بْنُ عَلِي بْنِ الْمُلَقِّنِ أُذُنًا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ مَعَ سَلِيطِ بْنِ عُمَرَ الْعَامِرِيُّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سيَظْهَرُ إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ، فَأَسْلِمْ

(1/109)


تَسْلَمْ، وَأَجْعَلْ لَكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ سَلِيطٌ بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُومًا، أَنْزَلَهُ وَحَيَّاهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَاب، فرَدَّ رَدًّا دُونَ رَدٍّ، وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلُهُ، وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ، وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي، فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الأَمْرِ أَتَّبِعْكَ.
وَأَجَازَ سَلِيطًا بِجَائِزَةٍ وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجْرٍ، فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَهُ، فَقَرَأَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ وَقَالَ: «لَوْ سَأَلَنِي سَيَابَةً مِنَ الأَرْضِ مَا فَعَلْتُ، بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ» ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَتْحِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّ هَوْذَةَ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أمَا إنَّ اليَمَامَةَ

(1/110)


سيَخْرُجُ بِهَا كَذَّابٌ يَتَنَبَّأ يُقْتَلُ بِهَا بَعْدِي» ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ وأَصْحَابُكَ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَرَكُونَ دِمَشْقَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ النَّصَارَى كَانَ عِنْدَهُ هَوْذَةَ، فَسَأَلَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: جَاءَنِي كِتَابَهُ يَدْعُونِي إِلَى الإِسْلامِ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقَالَ الأَرْكُونَ: لِمَ لا تُجِيبُهُ؟ ، قَالَ: ضَنَنْتُ بِدِينِي وَأَنَا مِلِكُ قَوْمِي، وَإِنْ تَبِعْتُهُ لَمْ أَمْلِكْ، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، لِئِنْ تَبِعَتَهُ لَيُمَلِّكَنَّكَ، وَإِنَّ الْخَيْرَ لَكَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَإِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى بْنَ مَرْيمَ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي الإِنْجِيلِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الزَّيْلَعِيُّ إِلَى مَقْتَلِ مُسَيْلِمَةَ

(1/111)


الرابعُ عَشَر فِي كتابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى مُسَيلمَة الكَذَّاب
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ شَيْخَنَا شِهَابُ الدِّينِ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَتْكُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْهَادِي، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ أَسَدُ الدِّينِ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا خَطِيبُ مَرْدا , أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيْدَرَةَ , أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ , أَخْبَرَنَا الْخُلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ زنجَوِيهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ:، قَالَ

(1/112)


ابْنُ إِسْحَاقَ , " وَقَدْ كَانَ مُسَيْلَمَةُ بْنُ حَبِيبٍ، قَدْ كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُشْرِكْتُ مَعَكَ فِي الأَمْرِ، وَإِنَّ لَنَا نِصْفَ الأَرْضِ، وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَ الأَرْضِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ.
فقَدِم عَلَيْهِ رَسُولانِ بِهَذَا الْكِتَابِ "
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَشْجَعَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليُهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَأَ كِتَابَهُ: " فَمَا تَقُولانِ أَنْتُمَا؟ قَالَا: نَقُولُ: كَمَا قَالَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمَا وَاللَّهِ لَوْلا أنَّ الرُّسُلَ لا تُقْتَلُ، لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا , ثُمَّ كَتَبَ إِلَى مُسَيْلَمَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ: السَّلامُ عَلَى مَنِ اتَبَعَ الْهُدَى.

(1/113)


أَمَّا بَعْدُ: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] " وَقَدْ رُوِينَا مِنْ طُرِقٍ عَدِيدَةٍ صَحِيحَةٍ، أَنَّ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةَ فِي نَفَرٍ كَثِيرٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ مُسَيْلَمَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ جَعَلْتَ لِي الأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ تَبِعْتُكَ، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جِرِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتَكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لأُرَاكَ الَّذِي رَأَيْتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّهُ شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخَهُمَا فَطَارَا، قَالَ: «فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي

(1/114)


أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ وَالآخَرُ مُسَيْلَمَةُ صَاحِبُ اليَمَامَةِ» .
فَلَمَّا رَجَعَ مُسَيْلَمَةُ إِلَى الْيَمَامَةِ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ،

(1/115)


أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الأَرْضَ لَنَا وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ

(1/116)