الروض الأنف ت الوكيل

[سَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى الْقَرَدَةِ]
[إصَابَةُ زَيْدٍ لِلْعِيرِ وَإِفْلَاتُ الرّجَالِ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَسَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الّتِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، حَيْنَ أَصَابَ عِيرَ قُرَيْشٍ، وَفِيهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، عَلَى الْقَرَدَةِ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ. وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا: أَنّ قُرَيْشًا خَافُوا طَرِيقَهُمْ الّذِي كَانُوا يَسْلُكُونَ إلَى الشّأْمِ، حِينَ كَانَ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ مَا كَانَ، فَسَلَكُوا طَرِيقَ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ تُجّارٌ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَمَعَهُ فِضّةٌ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ عُظْمُ تِجَارَتِهِمْ، وَاسْتَأْجَرُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرِ بن وائل، يقال له: فرات ابن حَيّانَ يَدُلّهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى الطّرِيقِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فُرَاتُ بْنُ حَيّانَ، مِنْ بَنِي عِجْلٍ، حَلِيفٌ لِبَنِي سَهْمٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَبُعِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(5/395)


فَلَقِيَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ، فَأَصَابَ تِلْكَ الْعِيرَ وَمَا فِيهَا، وَأَعْجَزَهُ الرّجَالُ، فَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[شِعْرُ حَسّانَ فِي تَأْنِيبِ قُرَيْشٍ]
فَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ بَعْدَ أُحُدٍ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الآخرة يؤنب قريشا لأخذهم تلك الطريق:
دَعُوا فَلَجَاتِ الشّامِ قَدْ حَالَ دُونَهَا ... جَلّادٌ كَأَفْوَاهِ الْمَخَاضِ الْأَوَارِكِ
بِأَيْدِي رِجَالٍ هَاجَرُوا نَحْوَ ربهم ... وأنصاره حقا وأيدي الملائك
إذا سلكت لِلْغَوْرِ مِنْ بَطْنِ عَالِجٍ ... فَقُولَا لَهَا لَيْسَ الطّرِيقُ هُنَالِكَ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي أَبْيَاتٍ لِحَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ، نَقَضَهَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَسَنَذْكُرُهَا وَنَقِيضَتُهَا إنْ شَاءَ اللهُ (فِي) مَوْضِعِهَا.