السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون

باب ذكر المشاهير من مواليه صلى الله عليه وسلم الذين أعتقهم
فمن الرجال زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما، كما تقدم أن خديجة رضي الله تعالى عنها وهبته له صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، فتبناه صلى الله عليه وسلم. وكان يقال له ابن محمد، فلما نزل: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [الأحزاب: الآية 5] أي وقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب: الآية 40] الآية قيل له زيد بن حارثة كما تقدم. وكان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه أسامة وأخو أسامة لأمه أيمن ابن أم أيمن بركة الحبشية رضي الله تعالى عنهم.
وأبو رافع كان قبطيا، وكان للعباس رضي الله تعالى عنهما فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولما أسلم العباس وبشر أبو رافع رضي الله تعالى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام العباس أعتقه.
وشقران كان حبشيا، وقيل فارسيا، وكان لعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم.
وثوبان. وأنجشة، اشتراه صلى الله عليه وسلم منصرفه من الحديبية وأعتقه. وكان رضي الله تعالى عنه يحدو بالنساء، قال له صلى الله عليه وسلم وقد حدا بهن: رويدا يا أنجشة، رفقا بالقوارير، يعني النساء، لأن الحداء إذا سمعته الإبل أسرعت في المشي فتزعج الراكب والنساء يضعفن من شدة الحركة، وشبههن صلى الله عليه وسلم في ضعفهن بالقوارير وهي الأواني من الزجاج.
ورباح كان أسود ويسار كان نوبيا على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قتله العرنيون. وقد تقدم أن هذا غير يسار الذي كان دليلا لسرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة.
وسفينة وكان أسود، وكان لأم سلمة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقته، واشترطت عليه أن يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عاش. وكان اسمه بهران. وقيل رومان وقيل غير ذلك، وإنما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة لأنه حمل أمتعة للصحابة رضي الله تعالى عنهم ثقلت عليهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: احمل فإنما أنت سفينة،

(3/456)


قال رضي الله تعالى عنه: فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين إلى أن عدّ سبعة ما ثقل عليّ. وقيل لأنه انكسرت به السفينة في البحر فركب لوحا من ألواحها فنجا.
وذكر أن البحر ألقاه على أجمة سبع فأقبل نحوه، فقال له: أبا الحارث أنا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إليّ وضربني بمنكبيه ثم مشى أمامي حتى أقامني على الطريق ثم همهم وضربني بذنبه فرأيت أنه يودعني. وقيل إنما وقع له ذلك لما أضل الجيش الذي كان فيه بأرض الروم.
وسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، أي لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أدى عنه نجوم كتابته، وفي كونه رقيقا ما تقدم.
أي والخصي الذي أهداه له المقوقس الذي هو مأبور المتقدم ذكره. وآخر يقال له سندر.
وفي كلام بعضهم أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه أربعين رقبة. ومن النساء أم أيمن وأميمة وسيرين التي أهديت له صلى الله عليه وسلم مع مارية، أي وتقدم أنها أختها.
وذكر بعضهم أن سيرين هذه وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه. وتقدم أن المقوقس أهدى معهما قنسر وأنها أخت مارية وسيرين فهن الثلاث أخوات، وتقدم أنه أهدى إليه صلى الله عليه وسلم رابعة.