السيرة النبوية لابن كثير

ذِكْرُ نَعْلِهِ الَّتِي كَانَ يمشى فِيهَا عَلَيْهِ السَّلَام
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السَّبْتِيَّةَ (1) ، وَهِيَ الَّتِي لَا شَعْرَ عَلَيْهَا.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، يعْنى ابْن الْمُبَارك، أَنبأَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بن مَالك نَعْلَيْنِ لَهما قبالان، فَقَالَ يَا ثَابت: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، عَن عِيسَى ابْن طَهْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ.
فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
__________
(1) السبتية: المتخذة من جُلُود الْبَقر.
(*)

(4/709)


وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ بِهِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَالَانِ مُثَنًّى شِرَاكُهُمَا.
وَقَالَ أَيْضًا: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قبالان.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق أَبُو عبد الله، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن قيس أَبُو مُعَاوِيَة، حَدثنَا هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَالَانِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَوَّلُ مَنْ عقد عقدا وَاحِدًا عُثْمَان.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قِبَالُ النَّعْلِ بِالْكَسْرِ: الزِّمَامُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا.
قُلْتُ: وَاشْتُهِرَ فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتِّمِائَةٍ وَمَا بَعْدَهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ التُّجَّارِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ أَبِي الْحَدْرَدِ نَعْلٌ مُفْرَدَةٌ ذَكَرَ أَنَّهَا نَعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَامَهَا الْمَلِكُ الاشرف مُوسَى ابْن الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ مِنْهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهَا، فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بَعْدَ حِينٍ فَصَارَتْ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ الْمَذْكُورِ، فَأَخَذَهَا إِلَيْهِ وَعَظَّمَهَا، ثُمَّ لَمَّا بَنَى دَارَ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةَ إِلَى جَانِبِ الْقَلْعَةِ، جَعَلَهَا فِي خِزَانَةٍ مِنْهَا، وَجَعَلَ لَهَا خَادِمًا، وَقَرَّرَ لَهُ من الْمَعْلُوم كل شهر أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ إِلَى الْآنَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَة.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافع وَغير وَاحِد قَالُوا: حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، حَدثنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلة (1) يتطيب مِنْهَا.
__________
(1) السلَّة: الجونة (*)

(4/710)


صِفَةُ قَدَحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ أَنَسٍ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ضَبَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبرنِي أَحْمد بن مُحَمَّد النسوي، حَدثنَا حَمَّاد بن شَاكر، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل هُوَ البُخَارِيّ، حَدثنَا الْحسن ابْن مدرك، حَدَّثَنى يحيى بن حَمَّاد، أخبرنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ.
قَالَ: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ (1) .
قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَتَرَكَهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ ثَلَاثُ ضَبَّاتِ حَدِيدٍ وَحَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأُخْرِجَ مِنْ غِلَافٍ أَسْوَدَ وَهُوَ دُونَ الرُّبُعِ وَفَوْقَ نِصْفِ الرُّبُعِ، وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَجُعِلَ لَنَا فِيهِ مَاءٌ فَأُتِينَا بِهِ فشربنا وصببنا على رؤوسنا وَوُجُوهِنَا وَصَلَّيْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.