الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل السّادس عشر في كلام الشجر وانقيادها
في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته صلّى الله عليه وسلم
عَنِ «1» ابْنِ عُمَرَ «2» قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلّى الله عليه
وسلم في سفر. فَدَنَا مِنْهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ..
أَيْنَ تُرِيدُ؟ .. قَالَ: إِلَى أَهْلِي..
قَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ؟ .. قَالَ: وَمَا هُوَ؟؟. قَالَ: تَشْهَدُ
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.. وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ..
قَالَ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ: هذه الشجرة السّمرة
«3» .
وهي بشاطيء الوادي.. فأقبلت تخدّ «4» الأرض حتى قامت
__________
(1) رواه الدارمي والبيهقي والبزار.
(2) تقدمت ترجمته في ص «182» رقم «1» .
(3) السمرة: بفتح السين المهملة وضم الميم وراء مهملة مفتوحة وهي شجرة
عظيمة ذات شوكة من الطلح.
(4) تخد: بمثناة فوقيه وخاء معجمة مضمومة ودال مهملة مشددة أي تشقها ومنه
الاخدود
(1/573)
بين يديه.. فاستشهدها ثلاثا فشهدت أَنَّهُ
كَمَا قَالَ.. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا.
وَعَنْ «1» بُرَيْدَةَ «2» سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً فَقَالَ لَهُ: قُلْ لِتِلْكَ الشَّجَرَةِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ قَالَ: فَمَالَتِ
الشَّجَرَةُ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا وَبَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا
فَتَقَطَّعَتْ عُرُوقُهَا ثُمَّ جَاءَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ تَجُرُّ
عُرُوقَهَا مُغْبَرَّةً حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.. قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: مُرْهَا
فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَنْبَتِهَا.. فَرَجَعَتْ فَدَلَّتْ عُرُوقَهَا
فَاسْتَوَتْ.. فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ ائْذَنْ لِي أَسْجُدْ لَكَ.. قَالَ:
لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ
تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا.. قَالَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ يَدَيْكَ
وَرِجْلَيْكَ.. فأذن له.
وفي الصحيح «3» حَدِيثِ جَابِرِ «4» بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّوِيلِ ذَهَبَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حاجة فَلَمْ
يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ.. فَإِذَا بِشَجَرَتَيْنِ
__________
(1) رواه البزار عنه.
(2) أبو عبد الله بن الحقيب وهو صحابي أسلم قبلى بدر وشهد الحديبة ومات.
مرو بخراسان غازيا في أيام معاوية أو يزيد سنة 263 هـ.
(3) صحيح مسلم
(4) تقدمت ترجمته في ص «154» رقم «1» .
(1/574)
بشاطيء الْوَادِي. فَانْطَلَقَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى إحداها..
فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ
اللَّهِ.. فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ «1» الَّذِي
يُصَانِعُ قَائِدَهُ.. وَذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَ بِالْأُخْرَى مِثْلَ
ذَلِكَ- حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصِفِ «2» بَيْنَهُمَا قَالَ التئما
عليّ بإذن لله فَالْتَأَمَتَا..
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «3» فَقَالَ: يَا جَابِرُ قُلْ لِهَذِهِ
الشَّجَرَةِ يَقُولُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أجلس خلفكما فزحفت حَتَّى
لَحِقَتْ بِصَاحِبَتِهَا، فَجَلَسَ خَلْفَهُمَا، فَخَرَجْتُ أَحْضِرُ «4»
وجلست أحدث نفسي. فالتفت فإذا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُقْبِلًا وَالشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا يَمِينًا
وَشِمَالًا. وروي «5» أسامه «6» بن زيد
__________
(1) المخشوش: بخاء وشينين معجمئين الذي جعل في أنفه عود يربط علية حبل ويشد
به الزمام لينقاد.
(2) المنصف: بفتح الميم وسكون النون وفتح الصاد المهملة أي حل وسط المكان.
(3) لمسلم وغيره.
(4) أحضر: بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة والراء
المهملة أي أسرع في العدو من الحضر بالضم والسكون وهو العدو. وانما فعل ذلك
حتى لا يتأذى من قربه رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
(5) رواه البيهقي وأبو يعلى بسند حسن عنه.
(6) تقدمت ترجمته في ص «412» رقم «3» .
(1/575)
نحوه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في بعض مغازيه هل؟ - يعني مَكَانًا لِحَاجَةِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ
الْوَادِيَ مَا فِيهِ مَوْضِعٌ بِالنَّاسِ. فَقَالَ: هَلْ تَرَى مِنْ
نَخْلٍ أَوْ حِجَارَةٍ؟. قُلْتُ: أَرَى نَخَلَاتٍ مُتَقَارِبَاتٍ. قَالَ:
انْطَلِقْ.. وَقُلْ لَهُنَّ.. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُنَّ أَنْ تَأْتِينَ لِمَخْرَجِ رَسُولِ صلّى
الله عليه وسلم.. وقل للجحا مثل ذلك. فقلت ذلك لهن. فو الذي بَعَثَهُ
بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّخَلَاتِ يَتَقَارَبْنَ حَتَّى
اجْتَمَعْنَ، وَالْحِجَارَةَ يَتَعَاقَدْنَ حَتَّى صِرْنَ رُكَامًا
خَلْفَهُنَّ.. فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ قَالَ لِي: قُلْ لَهُنَّ يفترقن..
فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَرَأَيْتُهُنَّ وَالْحِجَارَةَ يَفْتَرِقْنَ
حَتَّى عُدْنَ إلى مواضعهن وقال «1» يعلى «2» بن سيّابة كُنْتُ مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ وَذَكَرَ
نَحْوًا مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ. وَذَكَرَ فَأَمَرَ وَدِيَّتَيْنِ
«3» فَانْضَمَّتَا..
وَفِي رِوَايَةٍ أَشَاءَتَيْنِ «4» .. وعن غيلان «5» بن سلمة الثقفي مثله
__________
(1) رواه أحمد والبيهقي والطبراني بسند صحيح عنه.
(2) يعلى بن مرة والده اسمه مرة ووالدته اسمها سيابة وهذان المذكوران واحدا
لا اثنان
(3) وديتين: تثنية ودية بفتح الواو وكسر الدال المهملة والمثناة المشددة
قبل الهاء وهي صغار النخل التي تخرج من أصول كبارها فتنقل وتغرس وتسمى
فسيلا وفراخا.
(4) أشاءتين: بفتح الهمزة وكسرها في بعض النسخ خطأ وشين معجمة والف ممدودة
وهمزة وتاء تأنيث مثنى أشاءة وهي من صغار النخل أيضا ولكنها أكبر من الودية
(5) غيلان بن سلمة الثقفي أسلم بعد الطائف وكان شاعرا وتوفي في آخر خلافة
عمر بن الخطاب.
(1/576)
فِي شَجَرَتَيْنِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
«1» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي
غَزَاةِ حُنَيْنٍ
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ «2» وَهُوَ ابْنُ سيابة أَيْضًا وَذَكَرَ
أَشْيَاءَ رَآهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَذَكَرَ أَنَّ طَلْحَةَ أَوْ سَمُرَةَ جَاءَتْ فَأَطَافَتْ بِهِ ثُمَّ
رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا اسْتَأْذَنَتْ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيَّ. وَفِي
حَدِيثِ «3» عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آذَنَتِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ
اسْتَمَعُوا لَهُ شَجَرَةٌ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ «4» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «5» أَنَّ
الْجِنَّ قَالُوا: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ .. قَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ..
تَعَالِي يَا شَجَرَةُ..
فَجَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقَهَا.. لَهَا قَعَاقِعُ «6» .. وَذَكَرَ مِثْلَ
الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوَهُ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ: فَهَذَا ابن عمر «7» وبريدة «8» وجابر
«9»
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «214» رقم «2»
(2) تقدمت ترجمته آنفا.
(3) في الصحيحين.
(4) تقدمت ترجمته في ص «70» رقم «1» .
(5) الذي رواه الشيخان وقد نقل الحافظ العلاء عن أبي زرعة أنه مرسل ولا
مضرة فانه عند الجمهور حجه.
(6) قعاقع: أي صوت قوي كصوت الرحا وهو جمع قعقعة وهي حكاية صوت الحركة من
الاجرام الصلبة.
(7) تقدمت ترجمته في ص «182» رقم «1» .
(8) بريدة بن الحصيب بن عبد الله أسلم حين مر به النبي صلّى الله عليه وسلم
مهاجرا وفي الصحيحين أنه غزا مع النبي صلّى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة
تحول الى مرو فمات فيها سنة 63 هـ.
(9) تقدمت ترجمته في ص «154» رقم «1» .
(1/577)
وَابْنُ مَسْعُودٍ «1» وَيَعْلَى «2» بْنُ
مُرَّةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ «3» وَأَنَسُ «4» بْنُ مَالِكٍ وَعَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ «5» وَابْنُ عَبَّاسٍ «6» وَغَيْرُهُمْ.. قَدِ
اتَّفَقُوا عَلَى هذه القصة نفسها أو معناها.. ورواها عَنْهُمْ مِنَ
التَّابِعِينَ أَضْعَافُهُمْ، فَصَارَتْ فِي انْتِشَارِهَا مِنَ الْقُوَّةِ
حَيْثُ هِيَ.
وَذَكَرَ ابْنُ فَوْرَكٍ «7» : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سَارَ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ لَيْلًا وَهُوَ وَسِنٌ «8» ،
فَاعْتَرَضَتْهُ سِدْرَةٌ فَانْفَرَجَتْ لَهُ نِصْفَيْنِ حَتَّى جَازَ
بَيْنَهُمَا..
وَبَقِيَتْ على ساقين إلى وقتنا.. وَهِيَ هُنَاكَ مَعْرُوفَةٌ
مُعَظَّمَةٌ..
وَمِنْ «9» ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ جِبْرِيلَ
عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَآهُ حَزِينًا أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ نَعَمْ فَنَظَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ
وَرَاءِ الْوَادِي فَقَالَ: أدع تلك الشجرة.. فجاءت تمشي حتى
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «214» رقم «2» .
(2) تقدمت ترجمته في ص «576» رقم «2» .
(3) تقدمت ترجمته في ص «412» رقم «2» .
(4) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(5) تقدمت ترجمته في ص (54) رقم (4) .
(6) تقدمت ترجمته في ص (52) رقم (6) .
(7) تقدمت ترجمته في ص (119) رقم (4) .
(8) وسن: بزنة حذر والوسن قريب من النعاس وفي فقه اللغة في مراتب النوم
أوله النعاس ثم الوسن ثم الترنيق ثم الكرى والغمض ثم التعفيف ثم الاغضاء ثم
التهريم ثم الضرار ثم التهجاج وهو الهجوج. يعني أنه صلّى الله عليه وسلم
نعس وهو سائر على دابته بحيث لا يرى ما في طريقه.
(9) رواه ابن ماجه والدارمي والبيهقي عنه.
(1/578)
قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: مُرْهَا
فَلْتَرْجِعْ.. فَعَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا.
وَعَنْ «1» عَلِيٍّ نَحْوَ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا جِبْرِيلَ. قَالَ:
اللَّهُمَّ أَرِنِي آيَةً لَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا فَدَعَا
شَجَرَةً وَذَكَرَ مِثْلَهُ..
- وَحُزْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَكْذِيبِ قَوْمِهِ.
وَطَلَبُهُ الْآيَةَ لَهُمْ لَا لَهُ.
وذكر «2» ابن إسحق «3» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَرَى رُكَانَةَ «4» مِثْلَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي شَجَرَةٍ دَعَاهَا
فَأَتَتْ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ارْجِعِي
فَرَجَعَتْ.. وَعَنِ «5» الْحَسَنِ «6» : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
شكى إِلَى رَبِّهِ مِنْ قَوْمِهِ وَأَنَّهُمْ يُخَوِّفُونَهُ، وَسَأَلَهُ
آية يعلم بها أن لا مخافة عليه، فأوحي إليه:
أن ائْتِ وَادِيَ كَذَا فِيهِ شَجَرَةٌ، فَادْعُ غُصْنًا مِنْهَا يَأْتِكَ،
فَفَعَلَ فَجَاءَ يَخُطُّ الْأَرْضَ خَطًّا حَتَّى انْتَصَبَ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَحَبَسَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ارْجِعْ كَمَا
جِئْتَ فَرَجَعَ.. فَقَالَ: يَا رَبِّ عَلِمْتُ أَنْ لَا مخافة علي.
__________
(1) قال السيوطي لم أجده عن علي وانما هو عن جابر رضي الله تعالى عنه.
(2) مما رواه في سيره ورواه أبو نعيم والبيهقي عن أبي أمامة بسند من طريقين
مرفوعا ومرسلا.
(3) تقدمت ترجمته في ص (73) رقم (7) .
(4) ركانه بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المكي الصحابي
الذي أسلم عام الفتح وتوفي بالمدينة في خلافة معاوية رضي الله عنه سنة
اثنين وأربعين وكان شديد البأس قويا حسيما معروفا بالقوة في المصارعة بحيث
إنه لم يصرعه أحد قط ولم يمس جنبه الأرض مقلوبا قط وقد صح انه صلّى الله
عليه وسلم صارعه فصرعه.
(5) في حديث رواه البيهقي مرسلا.
(6) تقدمت ترجمته في ص «192» رقم «2» .
(1/579)
وَنَحْوٌ «1» مِنْهُ عَنْ عُمَرَ «2»
وَقَالَ فِيهِ: أَرِنِي آية لا أبالي من كذبتي بَعْدَهَا، وَذَكَرَ
نَحْوَهُ. وَعَنِ «3» ابْنِ عَبَّاسٍ «4» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَعْرَابِيٍّ: «أَرَأَيْتَ إِنْ
دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ «5» مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَتَشْهَدُ أَنِّي
رَسُولُ اللَّهِ؟ ... قال: نعم.. فدعاه فجعل ينقز «6» حَتَّى أَتَاهُ
فَقَالَ: ارْجِعْ.. فَعَادَ إِلَى مَكَانِهِ.. خرّجه الترمذي وقال:
هذا حديث صحيح «7» .
__________
(1) أي من مروي الحسن كما رواه البزار وأبو يعلى والبيهقي بسند حسن.
(2) تقدمت ترجمته في ص «113» رقم «4» .
(3) رواه البخاري في تاريخه والدارمي والبيهقي مسندا.
(4) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(5) العذق: بكسر العين المهملة وسكون الذال المعجمة والقاف وهو العرجون من
النخلة بما فيه من الشماريخ والعرجون عود العذق الذي تركبه الشماريخ وهي
العيدان التي عليها البسر والعذق بالفتح النخلة كلها.
(6) ينقز: بفتح المثناة التحتية وسكون النون وضم القاف وكسرها وآخره زاي
معجمة ومعناه يثب صعدا.
(7) وقع في أصل الدلجي وغيره حسن صحيح فقيا جمع بينهما لروايته من طريقين
إحداهما نقتضي صحته والأخرى حسنة او حسن لذاته صحيح لغيره باعتبار تعاضد
وآية، أو حسن لغة صحيح حجة.
(1/580)
|